من (غ ر م) نسبة إلى الــغَامِر بمعنى الذي يعلو الشيء ويستره، او نسبة إلى الــغَامِرِــية: قرية بالعراق.
من (غ ر م) نسبة إلى الــغَامِر بمعنى الذي يعلو الشيء ويستره، او نسبة إلى الــغَامِرِــية: قرية بالعراق.
غمر: الغَمْرُ: الماء الكثير. ابن سيده وغيره: ماء غَمْر كثيرٌ
مُغَرِّقٌ بيّن الغُمورةِ، وجمعه غِمار وغُمور. وفي الحديث: مَثَلُ الصلوات
الخَمْسِ كمَثَلِ نهْرٍ غَمْر؛ الغَمْرُ، بفتح الغين وسكون الميم: الكثيرُ،
أَي يَغْمُر مَنْ دخله ويُغطِّيه. وفي الحديث: أَعوذ بك من مَوْتِ الغَمْر
أَي الغرَق. ورجل غَمْرُ الرِّداء وغَمْرُ الخُلُقِ أَي واسع الخلُق كثير
المعروف سخيّ، وإِن كان رداؤه صغيراً، وهو بيّن الغُمورة من قوم غِمارٍ
وغُمورٍ؛ قال كثيِّر:
غَمْر الرِّداء، إِذا تبَسَّمَ ضاحِكاً
غَلِقَتْ لِضَحْكَتِه رِقابُ المالِ
وكله على المثل، وبَحْر غَمْر. يقال: ما أَشدّ غُمورةَ هذا النهر وبحار
غِمارٌ وغُمورٌ. وغَمْرُ البحر: معظمه، وجمعه غِمارٌ وغُمورٌ؛ وقد
غَمُرَ الماءُ
(* قوله« وقد غمر الماء» ضبط في الأصل بضم الميم وعبارة القاموس
وشرحه «وغمر الماء» يغمر من حد نصر كما في سائر النسخ ووجد في بعض أمهات
اللغة مضبوطاً بضم الميم) .غَمارةً وغُمورةً، وكذلك الخلُق.
وغَمَره الماء يَغْمُرُه غَمْراً واغْتَمَره: عَلاه وغَطّاه؛ ومنه قيل
للرجل: غَمَرَه القومُ يَغْمُرونه إِذا عَلَوْه شرفاً. وجيش يَغْتَمرُ
كلَّ شيء: يُغطِّيه ويستغرقه، على المثل. والمَغْمورُ من الرجال: الذي ليس
بمشهور. ونخل مُغْتَمِر: يشرب في الغَمْرة؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد قول
لبيد في صفة نخل:
يَشْرَبْنَ رِفْهاً عِراكاً غيرَ صادِرةٍ
فكلُّها كارِعٌ، في الماء، مُغْتَمِرُ
وفي حديث معاوية: ولا خُضْتُ برجل غَمْرةً إِلاَّ قَطَعْتُها عَرْضاً؛
الغَمْرة: الماء الكثير؛ فضربه مثلا لقوّة رأْيه عند الشدائد، فإِن من
خاضَ الماءَ فقطَعَه عرضاً ليس كمن ضَعُفَ واتَّبَع الجِرْيةَ حتى يخرج
بعيداً من الموضع الذي دخل فيه. أَبو زيد: يقال للشيء إِذا كثر: هذا كثير
غَميرٌ.
والغَمْرُ: الفرس الجواد. وفرس غَمْرٌ: جواد كثير العَدْو واسع الجَرْي؛
قال العجاج:
غَمْرَ الأَجارِيِّ مِسَحًّا مِهْرَجا
والغَمْرةُ: الشدة. وغَمْرةُ كل شيء: مُنْهَمَكه وشدَّتُه كغَمْرةِ
الهمّ والموت ونحوهما. وغَمَراتُ الحَرْب والموت وغِمارُها: شدائدها؛
قال:وفارِس في غِمارِ المَوْتِ مُنْغَمِس،
إِذا تَأَلَّى على مَكْروهةٍ صَدَقا
وجمع الغَمْرة غُمَرٌ مثل نَوْبة ونُوَب؛ قال القطامي يصف سفينة نوح،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ويذكر قصته مع قومه ويذكر الطوفان:
ونادى صاحبُ التَّنُّورِ نوحٌ،
وصُبَّ عليهمُ منه البَوارُ
وضَجُّوا عند جَيْئَتِه وفَرُّوا،
ولا يُنْجِي من القدَرِ الحِذارُ
وجاشَ الماءُ مُنْهَمِراً إِليهم،
كأَن غُثاءه خِرَقٌ تُسارُ
وعامَتْ، وهي قاصِدةٌ، بإِذْنٍ،
ولولا اللّه جارَ بها الجَوارُ
إِلى الجوديّ حتى صارَ حِجْراً،
وحانَ لِتَالِكَ الغُمَرِ انْحِسارُ
فهذا فيه مَوْعِظةٌ وحكْم،
ولكنِّي امرؤٌ فيَّ افْتِخارُ
الحِجْر: الممنوع الذي له حاجز، قال ابن سيده: وجمع السلامة أَكثر.
وشجاع مُــغامِرٌ: يَغْشَى غَمَراتِ الموت. وهو في غَمْرةٍ من لَهْوٍ وشَبِيبة
وسُكْرٍ، كله على المثل. وقوله تعالى: وذَرْهُم في غَمْرَتِهم حتى حِين؛
قال الفراء أَي في جهلهم. وقال الزجاج: وقرئ في غَمَراتِهم أَي في
عَمايَتِهم وحَيْرتِهم؛ وكذلك قوله تعالى: بل قلوبُهم في غَمْرة مِنْ هذا؛
يقول: بل قلوب هؤلاء في عَمايةٍ من هذا. وقال القتيبي: أَي في غطاء وغفلة.
والغَمْرةُ: حَِيْرةُ الكفّار. وقال الليث: الغَمْرةُ مُنْهَمَك الباطل،
ومُرْتَكضُ الهولِ غَمْرةُ الحَرْب. ويقال: هو يضرب في غَمْرَةِ اللَّهْو
ويَتَسَكَّع في غمرة الفتنة، وغَمْرةُ الموت: شدّة همومِه؛ قال ذو
الرمة:كأَنَّني ضاربٌ في غَمْرةٍ لَعِبُ
أَي سابح في ماء كثير. وفي حديث القيامة: فيقذِفُهم في غَمَراتِ جهنَّم
أَي المواضع التي تكثر فيها النار. وفي حديث أَبي طالب: وجَدْتُه في
غَمَراتٍ من النار، واحدتها غَمْرةٌ. والمُــغامِرُ والمُغَمِّرُ: المُلْقي
بنفسه في الغَمَراتِ. والغَمْرة: الزَّحْمةُ من الناس والماء، والجمع
غِمارٌ. وفي حديث أُويس: أَكُون في غِمارِ الناس أَي جَمْعِهم المتكاثف. وفي
حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: أَمّا صاحِبُكم فقد غامَرَ أَي خاصَم غيرَه،
ومعناه دخل في غَمْرةِ الخصومة وهي معظمها. والمُــغامِرُ: الذي رمى بنفسه
في الأُمور المُهْلكة، وقيل: هو من الغِمْر، بالكسر، وهو الحِقْد، أَي
حاقد غيره؛ وفي حديث خيبر:
شاكي السِّلاحِ بَطَلٌ مُــغامِرُ
أَي مُخاصِمٌ أَو مُحاقِدٌ. وفي حديث الشهادة: ولا ذي غِمْرٍ على أخيه
أَي ضِغْنٍ وحقد.
وغَمْرةُ الناس والماء وغَمْرُهم وغُمارُهم وغِمارهم: جماعتهم ولَفيفُهم
وزحمتهم. ودخلت في غُمارِ الناس وغَمارِهم، يضم ويفتح، وخُمارِهم
وخَمارِهم وغَمَرِهم وخَمَرِهم أَي في زحمتهم وكثرتهم.
واغْتَمَر في الشيء: اغْتَمَس. والاغْتِمارُ: الاغْتِماسُ.
والانْغِمارُ: الانْغِماسُ في الماء. وطعامٌ مُغْتَمِرٌ إِذا كان بقشره.
والغَمِيرُ: شيء يخرج في البُهْمَى في أَول المطر رطباً في يابس، ولا
يعرف الغَميرُ في غير البهمي. قال أَبو حنيفة: الغَميرُ حبُّ البهمى الساقط
من سنبله حين يَيْبَس، وقيل: الغَميرُ ما كان في الأَرض من خُضْرة
قليلاً إِمَّا ريحةً وإِمَّا نباتاً، وقيل: الغَميرُ النبت ينبت في أَصل النبت
حتى يَغْمُره الأَول، وقيل: هو الأَخضر الذي غَمَرَه اليبيس يذهبون إِلى
اشتقاقه، وليس بقويّ، والجمع أَغْمِراء. أَبو عبيدة: الغَميرة الرَّطْبة
والقتُّ اليابس والشعير تعلفه الخيل عند تضميرها. الجوهري: الغَميرُ
نبات قد غَمَره اليَبِيس؛ قال زهير يصف وحشاً:
ثَلاثٌ كأَقْواسِ السَّراءِ وناشِطٌ،
قد اخْضَرَّ من لَسِّ الغَمير جَحافِلُهْ
وفي حديث عمرو بن حُرَيْثٍ: أَصابَنا مطرٌ ظهر منه الغَميرُ، بفتح الغين
وكسر الميم، هو نبت البقل عن المطر بعد اليُبْس، وقيل: هو نبات أَخْضَر
قد غَمَرَ ما قبله من اليَبِيس. وفي حديث قُسٍّ: وغَميرُ حَوْذانٍ، وقيل:
هو المستور بالحَوْذان لكثرة نباته. وتَغَمَّرت الماشيةُ: أَكلت
الغَمير. وغَمَرَه: علاه بفضله وغطّاه. ورجل مَغْمورٌ: خامل. وفي حديث صفته: إذا
جاء مع القوم غَمَرَهم أَي كان فوق كلِّ مَنْ معه؛ وفي حديث حُجَيْر:
إِنِّي لمَغْمورٌ فيهم أَي لست بمشهور كأَنّهم قد غَمَرُوه؛ وفي حديث
الخندق: حتى أَغْمَزَ بَطْنَه أَي وارَى التُّرابُ جِلْدَه وستَره؛ وفي حديث
مَرَضِه: أَنه اشتدّ به حتى غُمِرَ عليه أَي أُغْمِيَ عليه حتى كأَنه
غُطِّي على عقله وسُتِر.
والغِمْرُ، بالكسر: العطش؛ قال العجاج:
حتى إذا ما بَلَّت الأَغْمارا
والغُمَرُ: قَدَحٌ صغير يَتصافَنُ به القومُ في السفر إِذا لم يكن معهم
من الماء إلا يسيرٌ على حصاة يُلْقونها في إِناء ثم يصبّ فيه من الماء
قدر ما يَغْمُر الحصاة فيعطاها كلُّ رجل منهم. وفي الحديث: أَنه كان في
سَفَرٍ فشُكِيَ إِليه العَطَشُ، فقال: أَطْلقوا لي غُمَرِي أَي ائتوني به،
وقيل: الغُمَرُ أَصغر الأَقداح؛ قال أَعشى باهلة يرثي أَخاه المُنتَشِر
بن وهب الباهلي:
يَكْفِيه حُزّةُ فِلْذٍ، إن أَلَمَّ بها،
من الشِّواءِ ، ويُرْوِي شُرْبَه الغُمَرُ
وقيل: الغُمَر القَعْبُ الصغير. وفي الحديث: لا تجعلوني كغُمَرِ الراكب،
صَلُّوا عليَّ أَوّلَ الدعاء وأَوْسَطَه وآخرَه؛ الغُمَرُ، بضم الغين
وفتح الميم: القدح الصغير؛ أَراد أَن الراكب يحمل رَحْلَه وأَزوادَه ويترك
قَعْبَه إلى آخر تَرْحالِه ثم يعلّقه على رحله كالعِلاوة فليس عنده
بمُهمٍّ، فنهاهم أَن يجعلوا الصلاة عليه كالغُمَرِ الذي لا يُقدَّم في
المُهامّ ويجعل تبعاً. ابن شميل: الغُمَرُ يأْخذ كَيْلَجَتيْنِ أَو ثلاثاً،
والقَعْب أَعظمُ منه وهو يُرْوي الرجلَ، وجمع الغُمَرِ أَغْمارٌ. وتَغَمّرْت
أَي شربت قليلاً من الماء؛ قال العجاج:
حتى إذا ما بَلّت الأَغْمارا
رِيٍّا ولمَّا، يَقْصَعِ الاصْرارا
وفي الحديث: أَمَّا الخيلُ فغَمِّروها وأَما الرجالُ فأَرْوُوهم؛ وقال
الكميت:
بها نَقْعُ المُغَمَّرِ والعَذُوبِ
المُغَمَّر: الذي يشرب في الغُمَر إذا ضاق الماء. والتَّغَمُّر الشرب
بالغُمَرِ، وقيل: التَّغَمُّر أَقل الشُّرْب دون الريّ، وهو منه. ويقال:
تَغَمَّرْت، من الغُمَرِ، وهو القَدَح الصغير. وتغَمَّر البعيرُ: لم يَرْوَ
من الماء، وكذلك العَيْر، وقد غَمَّرَه الشُّرْب؛ قال:
ولست بصادِرٍ عن بَيْت جارِي،
صُدورَ العَيْر غَمَّرَه الوُرودُ
قال ابن سيده: وحكى ابن الأَعرابي غَمَّره أَصْحُناً سقاه إِياها،
فعدَّاه إِلى مفعولين.
وقال أَبو حنيفة: الــغامِرةُ النخلُ التي لا تحتاج إِلى السقي، قال: ولم
أَجد هذا القول معروفاً.
وصبيّ غُمْرٌ وغَمْرٌ وغَمَرٌ وغَمِرٌ ومُغَمَّر: لم يُجرِّب الأُمور
بيّنُ الغمارة من قوم أَغْمارٍ، وقد غَمُر، بالضم، يَغْمُر غَمارةً؛ وكذلك
المُغَمَّر من الرجال إِذا استجهله الناس، وقد غُمِّرَ تَغْميراً. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَن اليهود قالوا للنبي، صلى الله عليه
وسلم: لا يَغُرّك أَن قَتَلْتَ نَفَراً من قُريش أَغْماراً؛ الأَغْمارُ جمع
غُمْر، بالضم، وهو الجاهل الغِرُّ الذي لم يُجَرِّب الأُمور؛ قال ابن
سيده: ويُقْتاس من ذلك لكل من لا غَناء عنده ولا رَأْي. ورجل غُمْر وغَمِر:
لا تجربة له بحرب ولا أَمر ولم تحنِّكه التَّجارب؛ وقد روي بيت الشماخ:
لا تَحْسَبَنّي ، وإِن كُنْتُ امْرأً غَمِراً،
كحيّة الماء بين الصَّخْرِ والشِّيدِ
قال ابن سيده: فلا أَدري أَهو إِتباع أَم لغة؛ وهم الأَغمار. وامرأَة
غَمِرَةٌ: غِرٌّ. وغامَرَــه أَي باطَشَه وقاتَلَه ولم يبال الموت. قال أَبو
عمرو:
رجل مُــغامِرٌ إذا كان يقتحم المهالك. والغُمْرة: تَطْلى به العروس يتخذ
من الورس. قال أَبو العميثل: الغُمْرة والغُمْنة واحد. قال أَبو سعيد: هو
تمر ولبن يطلى به وجه المرأَة ويداها حتى ترِقَّ بشرتها، وجمعها الغُمَر
والغُمَنُ؛ وقال ابن سيده في موضع آخر: والغُمْرة والغُمْرُ الزعفران،
وقيل: الورس، وقيل: الجِصّ، وقيل: الكُرْكُم. وثوب مُغَمَّرُ: مصبوغ
بالزعفران. وجارية مُغَمَّرةٌ: مطلية. ومغْتَمِرة ومُتَغَمِّرة: مُتَطلّية.
وقد غَمَّرت المرأَةُ وجهها تَغْمِيراً أَي طلت به وجهها ليَصْفُو لونها،
وتَغَمَّرَت مثله؛ وغَمَّر فلانٌ جاريته.
والغَمَرُ، بالتحريك: السَّهَكُ وريحُ اللحم وما يَعْلَق باليد من
دَسَمِه. وقد غَمِرَت يدُه من اللحم غَمَراً، فهي غَمِرةٌ أَي زَهِمةٌ، كما
تقول من السَّهَك: سَهِكةٌ؛ ومنه منديل الغَمَر، ويقال لمنديل الغَمَرِ:
المَشُوش. وفي الحديث: مَنْ باتَ وفي يده غَمَرٌ؛ هو الدسم، بالتحريك، وهو
الزهومة من اللحم كالوَضَرِ من السَّمْن. والغِمْرُ والغَمَرُ: الحقد
والغلّ، والجمع غُمورٌ. وقد غَمِرَصدرُه عليّ، بالكسر، يَغْمَرُ غِمْراً
وغَمَراً. والــغامر من الأَرض والدور: خلافُ العامِر. وقال أَبو حنيفة:
الــغامِرُ من الأَرض كلِّها ما لم يستخرج حتى يصلح للزرع والغرس، وقيل:
الــغامِرُ من الأَرض ما لم يزرع مما يحتمل الزراعة، وإنما قيل له غامِرٌ لأَن
الماء يبلغه فيَغْمُره، وهو فاعلٌ بمعنى مفعول، كقولهم: سرٌّ كاتمٌ وماءٌ
دافقٌ، وإنما بني على فاعِلٍ ليقاَبل به العامر، وما لا يبلغه الماء من
موات الأَرض لا يقال له غامِرٌ. قال أَبو عبيد: المعروف في الــغامِر المعاشُ
الذي أَهله بخير، قال: والذي يقول الناسُ إِن الــغامِرَ الأَرض التي
تُعْمَر، لا أَدري ما هو، قال: وقد سأَلت عنه فلم يبينه لي أَحد؛ يريد قولهم
العامِر والــغامِر. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه مَسَحَ السَّوادَ
عامِرَه وغامِرَــه، فقيل: إنه أَراد عامِرَه وخرابه. وفي حديث آخر: أَنه جعل
على كلِّ جَرِيبٍ عامِرٍ أَو غامِرٍ دِرْهماً وقفيزاً، وإنما فعل عمر، رضي
ا عنه، ذلك لئلا يُقَصِّرَ الناسُ في المُزارعةِ. قال أَبو منصور: قيل
للخراب غامِرٌ لأَن الماء قد غَمَرَه فلا تمكن زراعتُه أَو كَبَسَه الرمل
والتراب، أَو غَلب عليه النَّزُّ فنبت فيه الأَباءُ والبَرْدِيّ فلا
ينبت شيئاً، وقيل له غامِرٌ لأَنه ذو غَمْرٍ من الماء وغيره للذي غَمَره،
كما يقال: همٌّ ناصبٌ أَي ذو نصَب؛ قال ذو الرمة:
تَرَى قُورَها يَغْرَقْن في الآلِ مَرَّةً،
وآوِنةً يَخْرُجْنَ من غامِرٍ ضَحْلِ
أي من سراب قد غَمَرَها وعلاها.
والغَمْرُ وذات الغَمْر وذو الغَمْر: مواضع، وكذلك الغُمَيرْ؛ قال:
هَجَرْتُك أَيّاماً بذي الغَمْرِ، إنَّني
على هَجْرِ أَيّامٍ بذي الغَمْرِ نادِمُ
وقال امرؤ القيس:
كأَثْلٍ منَ الأَعْراضِ من دون بِئْشةٍ
ودُون الغُمَيرِ عامِدات لِغَضْوَرا
وغَمْرٌ وغُمَيْرٌ وغامِرٌ: أَسماء. وغَمْرة: موضع بطريق مكة؛ قال
الأزهري: هو منزل من مَناهِل طريق مكة، شرفها الله تعالى، وهو فَصْلُ ما بين نجد
وتهامة. وفي الحديث ذكر غَمْر، بفتح الغين وسكون الميم، بئر قديمة بمكة
حفرها بنو سَهْمٍ.
والمَغْمورُ: المقهورُ.والمَغْمورُ: المَمْطورُ. وليل غَمرٌ: شديد
الظلمة؛ قال الراجز يصف إبلاً:
يَجتَبْنَ أَثْناءَ بَهيِمٍ غَمْرِ،
داجي الرِّواقَيْنِ غُدافِ السِّتْرِ
وثوب غَمْرٌ إذا كان ساتراً.
غمم: الغمُّ: واحد الغُمُومِ. والغَمُّ والغُمَّةُ: الكَرْبُ؛ الأخيرة
عن اللحياني؛ قال العجاج:
بَلْ لَوْ شَهِدْتِ النَّاس إذ تُكُمُّوا
بغُمَّةٍ، لوْ لمْ تُفَرَّجْ غُمُّوا
تُكُمُّوا أي غُطُّوا بالغَمِّ؛ وقال الآخر:
لا تَحْسَبَنْ أن يَدِي في غُمَّه،
في قَعْرِ نِحْيٍّ أَسْتَثِيرُ حَمَّه
والغَمْاءُ: كالغَمِّ. وقد غَمَّه الأمرُ يَغُمُّه غَمّاً فاغْتَمَّ
وانْغَمَّ؛ حكاها سيبويه بعد اغْتَمَّ، قال: وهي عربية.
ويقال: ما أَغَمَّك إليَّ وما أَغَمَّكَ لي وما أَغَمَّك عليَّ. وإنه
لَفِي غُمَّةٍ من أمره أي لَبْسٍ ولم يَهْتَدِ له. وأَمْرُهُ عليه غُمَّةٌ
أي لَبْسٌ. وفي التنزيل العزيز: ثم لا يكن أمركم عليكم غُمَّةً؛ قال أَبو
عبيد: مجازها ظُلْمة وضيقٌ وهَمٌّ، وقيل: أي مُغَطّىً مستوراً.
والغُمَّى: الشديدة من شدائد الدهر؛ قال ابن مقبل:
خَروج مِنَ الغُمَّى إذا صُكَّ صَكَّةً
بَدا، والعُيُونُ المُسْتَكِفَّةُ تَلْمَحُ
وأمْرٌ غُمَّةٌ أي مُبْهَمٌ ملتبس؛ قال طرفة:
لَعَمْري وما أَمْرِي عليَّ بِغُمَّةٍ
نَهارِي، وما لَيْلي عليَّ بِسَرْمَدِ
ويقال: إنهم لفي غُمَّى من أمرهم إذا كانوا في أمر ملتبس؛ قال الشاعر:
وأَضْرِبُ في الغُمَّى إذا كَثُرَ الوَغَى،
وأََهْضِمُ إنْ أَضْحى المَراضِيعُ جُوَّعا
قال ابن حمزة: إذا قَصَرْتَ الغُمَّى ضَمَمْتَ أَولها، وإذا فتحْت
أَولها مددت، قال: والأَكثر على أَنه يجوز القصر والمدّ في الأَوَّل
(* قوله
«في الأول» كذا في الأصل، ولعله في الثاني إذ هو الذي يجوز فيه القصر
والمد) قال مغلس:
حُبِسْتُ بِغَمَّى غَمْرةٍ فَتَركْتُها،
وقد أَتْرُك الغَمّى إذا ضاق بابُها
والغُمَّةُ: قَعْرُ النِّحْي وغيره.
وغُمَّ علي الخَبَرُ، على ما لم يسم فاعله، أي اسْتَعجم مثال أُغْمِيَ.
وغُمَّ الهِلال على الناس غَمّاً: سَترَه الغَيمُ وغيره فلم يُرَ.
وليلةُ غَمَّاءَ: آخر ليلة من الشهر، سميت بذلك لأنه غُمَّ عليهم أمرُها
أي سُتِرَ فلم يُدْرَ أَمِن المقبل هي أم من الماضي؛ قال:
ليلةُ ُغُمَّى* طامِسٌ هِلالُها،
(* قوله «ليلة غمى إلخ» أورده الجوهري شاهداً على ما بعده وهو المناسب)
أَوْغَلتُها ومُكْرَةٌ إيغالُها
وهي ليلةُ الغُمَّى. وصُمْنا للغُمَّى وللغَمَّى، بالفتح والضم، إذ
غُمَّ عليهم الهلال في الليلة التي يرون أن فيها استهلاله. وصُمْنا
للغَمَّاء، بالفتح والمد. وصُمْنا للغُمِّيَّة وللغُمَّة كل ذلك إذا صاموا على غير
رؤية. وفي الحديث: أنه قال صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته فإن غُمَّ
عليكم فأَكملوا العدة؛ قال شمر: يقال غُمَّ علينا الهلال غَمّاً فهو مَغْموم
إذا حال دون رؤية الهلال غَيْمٌ رَقِيق، من غَمَمْت الشيء إذا غَطَّيته،
وفي غُمَّ ضمير الهلال، قال: ويجوز أن يكون غُمَّ مسنداً إلى الظرف أي
فإن كنتم مَغْموماً عليكم فأَكملوا، وترك ذكر الهلال للاستغناء عنه. وفي
حديث وائل ابن حجر: ولا غُمَّةَ في فرائض الله أي لا تُسْتَرُ ولا تُخفَى
فرائضه، وإنما تُظْهَر وتُعْلن ويُجْهَر بها؛ وقال أَبو دواد:
ولها قُرْحَةٌ تَلأْلأ كالشِّعْـ
ـرَى، أَضاءَتْ وغُمَّ عنها النُّجومُ
يقول: غَطَّى السحابُ غيرَها من النجوم؛ وقال جرير:
إذا نَجْمٌ تعَقَّبَ لاحَ نَجْمٌ،
ولَيْسَتْ بالمُحاقِ ولا الغُمومِ
قال: والغُمُومُ من النجوم صغارها الخفية. قال الأَزهري: وروي هذا
الحديث فإن غُمِّيَ عليكم وأُغْمِيَ عليكم، وسنذكرهما في المعتل. أَبو عبيد:
ليلةٌ غَمَّى، بالفتح مثال كَسْلى، وليلةٌ غَمَّةٌ إذا كان على السماء
غَمْيٌ مثال رَمْيٍ وغَمٌّ وهو أن يُغَمَّ عليهم الهلال. قال الأزهري: فمعنى
غُمَّ وأُغْمِيَ وغُمِّيَ واحد، والغَمُّ والغَمْيُ بمعنى واحد. وفي
حديث عائشة: لما نُزِلَ برسول الله، صلى الله عليه وسلم، طَفِقَ يطرح
خَمِيصةً على وجهه فإذا اغتَمَّ كشفها أي إذا احتبس نَفَسُه عن الخروج، وهو
افتعل من الغَمِّ التغطية والستر. وغَمَّ القمرُ النجوم: بَهَرَها وكاد يستر
ضوءَها. وغَمَّ يومُنا، بالفتح، يَغُمُّ غَمّاً وغُموماً من الغَمِّ.
ويومٌ غامٌ وغَمٌّ ومِغَمٌّ: ذو غَمّ؛ قال:
في أُخْرَياتِ الغَبَشِ المِغَمِّ
وقيل: هو إذا كان يأْخذ بالنَّفَس من شدة الحر. وأَغَمَّ يومُنا مثله.
وليلة غَمَّة وليل غَمٌّ أي غامَّةٌ، وصف بالمصدر كما تقول ماءٌ غَوْرٌ
وأَمرٌ غامٌّ. ورجل مَغْموم: مُغْتَمٌّ من قولهم غُمَّ علينا الهلالُ، فهو
مَغْموم إذا التبس.
والغِمامةُ، بالكسر: خَريطةٌ يجعل فيها فم البعير يُمْنَعُ بها الطعام،
غَمَّهُ يَغُمُّه غَمّاً، والجمع الغَمائم. والغِمامة: ما تُشَدُّ به
عينا الناقة أو خَطْمُها. أَبو عبيد: الغِمامة ثوب يُشَدُّ به أَنف الناقة
إذا ظُئِرَتْ على حُوار غيرها، وجمعها غَمائم؛ قال القطامي:
إذا رَأْسٌ رأَيْتُ به طِماحاً،
شَدَدْتُ له الغَمائِمَ والصِّقاعا
الليث: الغِمامةُ شِبْه فِدامٍ أو كِعامٍ. ويقال: غَمَمْتُ الحمار
والدَّابة غَمّاً، فهو مَغْمُومٌ إذا أَلقَمْتَ فاه ومنخريه؛ الغِمامة،
بالكسر: وهي كالكِعام، وقال غيره: إذا أَلقمت فاه مخْلاةً أو ما أشبهها يمنعه
من الاعتلاف، واسم ما يُغَمُّ به غِمامة.
التهذيب: شمر الغِمَّةُ، بكسر الغين، اللِّبْسة؛ تقول: اللِّباسُ
والزِّيُّ والقِشْرة والهَيْئة والغِمَّة واحد. والغِمامةُ: القُلْفة، على
التشبيه.
ورُطَبٌ مَغْمومٌ: جعل في الجَرَّة وسُتِر ثم غُطِّي حتى أَرْطَب.
وغَمَّ الشيءَ يَغُمُّه: علاه؛ عن ابن الأعرابي؛ قال النمر بن تولب:
أُنُفٌ يَغُمٌّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
وبحرٌ مُغَنَّمٌ: كثير الماء، وكذلك الرَّكِيَّة؛ قال ابن الأَعرابي: هي
التي تَمْلأُ كلَّ شيء وتُغَرِّقه؛ وأَنشد:
قَرِيحةُ حِسيٍ من شُرَيْح مُغَمِّم
وغَمَمْتُه: غَطَّيته فانغَمَّ؛ قال أَوس يرثي ابنه شريحاً:
وقدْ رامَ بَحْري قَبْلَ ذلك طامِياً،
مِنَ الشُّعَراءِ، كُلٌّ عَوْدٍ ومُفْحِمِ
على حِينَ أَنْ جَدَّ الذَّكاءُ وأَدْرَكتْ
قَريحةُ حِسْيٍ مِن شُرَيْحٍ مُغَمَّم
يريد: رام الشعراء بحري بعدما ذَكِيتُ، والذَّكاء انتهاء السنّ
واستحكامه، وقوله قَريحةُ حِسْيٍ من شريح يريد أَن ابنه شريحاً قد قال الشعر،
وقَريحةُ الماء: أَول خروجه من البئر، والذي في شعره مغمم، بكسر الميم، يريد
الــغامر المغطي؛ شبه شعر ابنه شريح بماء غامر لا ينقطع، ولم يَرْث ابنه
في هذه القصة كما ذكر، وإنما افتخر بنفسه وبولده ونصرة قومه في يوم
السُّوبان. وغَيم مُغَمِّم: كثير الماء.
والغَمامة، بالفتح: السحابة، والجمع غَمام وغَمائم؛ وأَنشد ابن بري
للحطيئة يمدح سعيد بن العاص:
إذا غِبْتَ عَنَّا غابَ عَنَّا رَبيعُنا،
ونُسْقى الغَمامَ الغُرَّ حِينَ تَؤُوبُ
فوصف الغمام بالغُرّ وهو جمع غَرّاء. وقد أَغَمَّتِ السماءُ أي تغيرت.
وحَبُّ الغَمام: البَرَد. وسحاب أَغَمُّ: لا فُرْجة فيه. وقال ابن عرفة في
قوله تعالى: وظللنا عليهم الغمام؛ الغَمام الغَيْم الأبيض وإنما سمي
غماماً لأنه يَغُمُّ السماء أي يسترها، وسمي الغَمّ غَمّاً لاشتماله على
القلب. وقوله عز وجل: فأَثابكم غَمّاً بغَمّ؛ أَراد غمّاً متصلاً، فالغم
الأول الجِراح والقتل، والثاني ما أُلقي إليهم من قبل النبي، صلى الله عليه
وسلم، فأَنساهم الغم الأول. وفي حديث عائشة: عَتَبُوا على عثمان موضع
الغَمامة المُحْماة؛ هي السحابة وجمعها الغَمام، وأرادت بها العُشب والكَلأَ
الذي حماه، فسمته بالغمامة كما يسمى بالسماء، أرادت أَنه حَمى الكَلأَ
وهو حق جميع الناس. والغَمَمُ: أَن يَسيل الشَّعر حتى يضيق الوجه والقفا،
ورجل أَغَمّ وجبهة غَمّاء؛ قال هدبة بن الخشرم:
فلا تَنْكِحي، إنْ فَرَّقَ الدهرُ بيننا،
أَغَمَّ القَفا والوَجْهِ، ليس بأَنْزَعا
ويقال: رجل أَغَمّ الوجه وأَغَمّ القفا. وفي حديث المعراج في رواية ابن
مسعود: كنا نسير في أَرض غُمَّة
(* قوله «في أرض غمة» ضبطت الغمة بضم
الغين وشد الميم كما ترى في غير نسخة من النهاية)؛ الغُمّةُ: الضيقة.
والغَمّاء من النواصي: كالفاشِغة، وتكره الغَمّاء من نواصي الخيل وهي المُفرطة
في كثرة الشعَر.
والغَمِيم: النبات الأخضر تحت اليابس. وفي الصحاح: الغَمِيم الغَمِيس
وهو الكلأُ تحت اليَبِيس. وفي النوادر: اعتَمَّ الكلأُ واغْتَمَّ. وأَرض
مُعِمّة ومُغِمّة ومُعْلَوْلِىة ومُغْلَوْلِيَة، وأَرض عَمْياء وكَمْهاءُ
كل هذا في كثرة النبات والتفافه. والغُمام: الزُّكام. ورجل مَغْموم:
مَزْكوم. والغَمِيمُ: اللبن يسخن حتى يغلظ. والغَمِيم: موضع بالحجاز، ومنه
كُراع الغَمِيم وبُرَق الغَميم؛ قال:
حَوَّزَها مِن بُرَق الغَمِيمِ
أَهْدَأُ، يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ
والغَمْغَمةُ والتَّغَمْغُم: الكلام الذي الذي لا يُبَين، وقيل هما
أَصوات الثيران عند الذُّعْر وأَصوات الأَبطال في الوَغى عند القتال؛ قال
امرؤ القيس:
وظَلَّ لِثيرانِ الصَّرِيم غَماغِمٌ،
يُداعِسُها بالسَّمْهَريِّ المُعَلَّب
وأورد الأَزهري هنا بيتاً نسبه لعلقمة وهو:
وظلَّ لثيرانِ الصَّريمِ غماغِمٌ،
إذا دَعَسُوها بالنَّضِيِّ المُعَلَّب
وقال الراعي:
يَفْلِقْن كلَّ ساعِد وجُمْجُمه
ضَرباً، فلا تَسمع إلا غَمْغَمَه
وفي صفة قريش: ليس فيهم غَمْغمةُ قُضاعة؛ الغَمغمة والتَّغَمْغم: كلام
غير بيِّن؛ قاله رجل من العرب لمعاوية، قال: من هم؟ قال: قومك من قريش؛
وجعله عبد مناف بن ربع الهذلي للقِسِيّ فقال:
وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغمةٌ،
حِسَّ الجَنُوبِ تَسوقُ الماء والبَرَدا
وقال عنترة:
في حَوْمةِ المَوْتِ التي لا تَشْتَكي
غَمَراتِها الأبْطالُ، غيرَ تَغَمْغُمِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إذا المُرْضِعاتُ، بعد أَوّل هَجْعةٍ،
سَمِعْتَ على ثُدِيِّهنّ غَماغِما
فسره فقال: معناه أَن أَلبانهن قليلة، فالرَّضيع يُغَمْغِم ويبكي على
الثَّدي إذا رَضِعه طلباً للبن، فإما أَن تكون الغمغمة في بكاء الأطفال
وتَصويتهم أَصلاً، وإما أَن تكون استعارة.
وتَغَمْغَمَ الغريقُ تحت الماء: صوَّت، وفي التهذيب إذا تداكَأَت فوقه
الأمواج؛ وأَنشد:
من خَرَّ في قَمْقامِنا تَقَمْقَما،
كما هَوَى فِرعونُ، إذْ تَغَمْغَما
تحتَ ظِلال المَوْجِ، إذْ تَدَأّما
أي صار في دَأْماء البحر.
مرغ: المَرْغُ: المُخاطُ، وقيل اللُّعابُ؛ قال الحِرْمازِيّ:
دُونَكِ بَوْغاءَ تُرابَ الدَّفْغِ ،
فأَصْفِغِيه فاكِ أَيَّ صَفْغِ ،
ذلِك خَيْرٌ من حُطامِ الرَّفْغِ
وإنْ تَرَيْ كَفَّكِ ذاتَ نَفْغِ،
شَفَيْتِها بالنَّفْثِ بَعْدَ المَرْغِ
والمَرْغُ: الرِّيقُ، وقيل: المَرْغُ لُعاب الشاء، وهو في الإنسان
مُسْتَعارٌ كقولهم أَحْمَقُ ما يَجْأَى مَرْغَه أَي لا يَسْتر لُعابَه،
وجَأَيْتُ الشيءَ أَي ستَرْتُه، وعَمَّ به بعضهم، وقصره ابن الأَعرابي على
الإِنسان فقال: المَرْغُ للإنسان، والرُّوالُ غير مهموز للخيل، واللُّغامُ
للإِبل. وأَمْرَغَ أَي سالَ لُعابُه. وأَمْرَغَ: نامَ فسالَ مَرْغُه من
ناحيتي فيه. وتَمرَّغَ إِذا رَشَّه من فيه؛ قال الكُمَيْتُ يُعاتِبُ
قُرَيْشاً:
فَلمْ أَرْغُ ممّا كان بَيْني وبَيْنَها ،
ولم أَتمَرَّغْ أَنْ تَجَنَّى غَضُوبُها
قوله فلم أَرْغُ من رُغاء البعير. والأَمْرَغُ: الذي يَسِيل مَرْغُه.
والمَرْغةُ: الروْضةُ. والعرب تقول: تَمَرَّغْنا أَي تَنَزَّهْنا.
والمَرْغُ: الرَّوْضةُ الكثيرة النبات، وقد تَمَرَّغَ المالُ إذا أطال الرَّعْي
فيها. وقال أَبو عمرو: مَرَغَ العَيْرُ في العُشْبِ إذا أَقام فيه
يَرْعَى؛ وأَنشد لرِبْعِيّ الدُّبَيري:
إني رَأَيْتُ العَيْرَ في العُشْبِ مَرَغْ ،
فجِئْتُ أَمْشِي مُسْتَطاراً في الرَّزَغْ
ويقال: تَمَرَّغْتُ على فلان أَي تَلَبَّثْتُ وتمكَّثْتُ. وأَمْرَغَ
إِذا أَكثر الكلامَ في غير صَواب. والمَرْغُ: الإِشْباعُ بالدُّهْن. ورجل
أَمْرَغُ وشعَر مَرِغٌ: ذو قَبُولٍ للدُّهْن. والمُتَمَرِّغُ: الذي
يَصْنَعُ نفسَه بالدِّهانِ والتَّزَلُّقِ. وأَمْرَغَ العَجينَ: أَكثر ماءَه حتى
رَقَّ، لغة في أَمْرَخَه فلم يَقْدِر أَن يُيَبِّسه. ومَرِغَ عِرْضُه:
دَنِسَ، وأَمْرَغَه هو ومَرَّغَه: دَنَّسَه، والمُجاوِزُ من فِعْله
الإِمْراغ. ومَرَّغَه في التراب تمريغاً فتَمرَّغ أَي مَعَّكه فَتَمَعَّك،
ومارَغه، كلاهما: أَلْزَقَه به، والاسم المَراغةُ، والموضع مَتَمَرَّغٌ
ومَراغٌ ومَراغةٌ. وفي صفة الجنة: مَراغُ دَوابِّها المِسْكُ أَي الموضع الذي
يُتَمَرَّغُ فيه من تُرابها. والتمَرُّغُ: التَّقَلُّبُ في التراب. وفي
حديث عَمّار: أَجْنَبْنا في سففَر وليس عندنا ماء فتمَرَّغْنا في التراب؛
ظَنَّ أَنَّ الجُنُبَ يحتاج أَن يُوَصِّلَ الترابَ إِلى جميع جسَده
كالماء. ومَراغةُ الإِبل: مُتَمَرَّغها. والمَرْغُ: المَصِيرُ الذي يجتمع فيه
بَعْرُ الشاة.
والمَراغةُ: الأَتانُ، وقيل: الأَتانُ التي لا تَمْتَنِعُ من الفُحول،
وبذلك لقَّب الأَخطلُ أُمَّ جَريرٍ فسمّاه ابن المَراغةِ أَي يَتَمرَّغ
عليها الرِّجال، وقيل: لأَن كليباً كانت أَصحابَ حُمُرٍ.
والمَرْغُ: أَكلُ السائِمة العُشبَ. ومَرَغَتِ السائمةُ والإبل العُشْبَ
تَمْرَغُه مَرْغاً: أَكلته؛ عن أَبي حنيفة. ومَراغُ الإِبلِ:
مُتَمَرَّغُها؛ قال الشاعر:
يَجْفِلُها كلُّ سَنامٍ مِجْفَلِ ،
لأَياً بِلأْيٍ في المَراغِ المُسْهِلِ
والمِمْرَغةُ: المِعَى الأَعْوَرُ لأَنه يُرْمى به، وسمّي أَعْورَ لأَنه
كالكيس لا مَنْفَذَ له.
بلد: البَلْدَةُ والبَلَدُ: كل موضع أَو قطعة مستحيزة، عامرة كانت أَو
غير عامرة. الأَزهري: البلد كل موضع مستحيز من الأَرض، عامر أَو غير عامر،
خال أَو مسكون، فهو بلد والطائفة منها بَلْدَةٌ.
وفي الحديث: أَعوذ بك من ساكن البَلَدِ؛ البلد من الأَرض: ما كان مأْوى
الحيوان وإِن لم يكن فيه بناء، وأَراد بساكنه الجنّ لأَنهم سكان الأَرض،
والجمع بلاد وبُلْدانٌ؛ والبُلدانٌ: اسم يقع على الُكوَر. قال بعضهم:
البَلَدُ جنسُ المكان كالعراق والشام. والبَلدةُ: الجزءُ المخصصُ منه
كالبصرة ودمَشق. والبلدُ: مكةُ تفخيماً لها كالنجم للثريا، والعودُ للمَنْدَل.
والبَلَدُ والبَلْدةُ: الترابُ. والبلَدُ: ما لم يُحفَر من الأَرض ولم
يوقد فيه؛ قال الراعي:
ومُوقِد النارِ قد بادتْ حمامتُه،
ما إِن تَبَيَّنُه في جُدَّةِ البَلَد
وبيضةُ البلَدِ: الذي لا نظير له في المدح والذم. وبَيْضَةُ البلد:
التُّومَةُ تتركها النعامةُ في الأُدْحِيِّ أَو القَيِّ من الأَرض؛ ويقال
لها: البَلَدِيَّةُ وذاتُ البلدِ. وفي المثل: أَذلُّ من بَيْضةِ البلدِ،
والبلدُ أُدْحِيُّ النعام؛ معناه أَذلُّ من بَيْضةِ البلدِ، والبلدُ
أُدْحِيُّ النعام؛ معناه أَذلُّ من بيضة النعام التي تتركها. والبَلْدَةُ:
الأَرضُ، يقال: هذه بَلدتُنا كما يقال بَحْرَتُنا. والبَلَدُ: المقبرة، وقيل:
هو نفس القبر؛ قال عديّ بن زيد:
مِنْ أُناسٍ كنتُ أَرجو نَفْعَهُمْ،
أَصبحوا قد خَمَدُوا تَحْتَ البَلَدْ
والجمع كالجمع. والبَلَدُ: الدارُ، يمَانيةٌ. قال سيبويه: هذه الدارُ
نعمت البلدُ، فأَنَّثَ حيث كان الدار؛ كما قال الشاعر أَنشده سيبويه:
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ يُعَفِّيها المُورْ؟
الدَّجْنُ يَوْماً والسحابُ المَهْمُورْ،
لكلِّ ريحٍ فيه ذَيلٌ مَسْفُورْ
وبَلدُ الشيءِ: عُنْصُرهُ؛ عن ثعلب.
وبَلَدَ بالمكانِ: أَقام، يَبْلُدُ بُلُوداً اتخذه بَلَداً ولزمه.
وأَبْلَدَهُ إِياه: أَلزمه. أَبو زيد: بَلَدْتُ بالمكان أَبْلُدُ بُلوداً
وأَبَدْتُ به آبُدُ أُبُوداً: أَقمت به.
وفي الحديث: فهي لهم تالِدَةٌ بالِدَةٌ بالِدَةٌ؛ يعني الخلافة
لأَولاده؛ يقال للشيء الدائم الذي لا يزول: تالِدٌ بالِدٌ، فالتالِدُ القديمُ،
والبالِدُ إِتباعٌ له؛ وقول الشاعر أَنشده ابن الأَعرابي يصف حوضاً:
ومُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْماةٍ بِمَهْلَكَةٍ،
جاوزْتُهُ بِعَلاةِ الخَلْقِ، عِلْيانِ
قال: المُبْلِدُ الحوضُ القديمُ ههنا؛ قال: وأَراد مُلْبِد فَقَلَبَ،
وهو اللاصق بالأَرض. ومنه قول عليّ، رضوان الله عليه، لرجلين جاءَا
يسأَلانه: أَلْبِدَا بالأَرض حتى تفهما. وقال غيره: حوضٌ مُبْلِدٌ تُرك ولم
يُستعمل فتداعى، وقد أَبْلَدَ إِبْلاَداً؛ وقال الفرزدقُ يصف إِبلاً سقاها في
حوض داثر:
قَطَعْتُ لأُلْخِيِهنَّ أَعْضادَ مُبْلِدٍ،
يَنِشُّ بِذِي الدَّلْوِ المُحِيلِ جَوانِبُهْ
أَراد: بذي الدلو المحيل الماء الذي قد تغير في الدلو. والمُبالَدَةُ:
المبالَطَةُ بالسيوف والعِصِيِّ إِذا تجالدوا بها.
وبَلِدوا وبَلَّدوا: لَزِموا الأَرضَ يقاتلون عليها؛ ويقال: اشْتُقَّ من
بِلاد الأَرض. وبَلَّدَ تَبْليداً: ضرب بنفسه الأَرض. وأَبْلَدَ: لَصِق
بالأَرض.
والبَلْدَةُ: بَلْدةُ النحر، وهي ثُغرةُ النحر وما حولها، وقيل: وسطها،
وقيل: هي الفَلْكةُ الثالثةُ من فَلْكِ زَوْرِ الفرس وهي ستة؛ وقيل: هو
رحى الزَّوْرِ، وقيل: هو الصدر من الخُفِّ والحافر، قال ذو الرمة:
أُنِيخَتْ فَأَلْقَتْ بَلْدَةً فوق بَلْدَةٍ،
قليلٍ بها الأَصواتُ إِلاَّ بُغامُها
يقول: بركت الناقة وأَلقت صدرَها على الأَرض، وأَراد بالبَلْدَةِ
الأُولى ما يقع على الأَرض من صدرها، وبالثانية الفلاة التي أَناخ ناقَته فيها،
وقوله إِلا بغامها صفة للأَصوات على حدّ قوله تعالى: لو كان فيهما آلهةٌ
إِلا اللَّهُ؛ أَي غير الله. والبُغامُ: صوتُ الناقة، وأَصله للظبي
فاستعاره للناقة. الصحاح: والبَلْدَةُ الصدرُ؛ يقال: فلانٌ واسعُ البلدة أَي
واسع الصدر؛ وأَنشد بيتَ ذي الرمة. وبَلْدَةُ الفَرَسِ: مُنْقَطَعُ
الفَهْدَتين من أَسافِلِهما إِلى عَضُده؛ قال النابغةُ الجعدي:
في مِرْفَقَيْهِ تَقارُبٌ، وله
بَلْدَةُ نَحْرٍ كجَبْأَةِ الخَزَمِ
ويُرْوَى بِرْكَةُ زَوْرٍ، وهو مذكور في موضعه. وهي بلدةُ بيني وبينك:
يعني الفراق. ولقيته بِبَلْدةِ إِصْمِتَ، وهي القَفْرُ التي لا أَحدَ بها؛
وإِعراب إِصْمِتَ مذكور في موضعه.
والأَبْلَدُ من الرجال: الذي ليس بمقرون. والبَلْدةُ والبُلدةُ: ما بين
الحاجبين. والبُلْدةُ: فوق الفُلْجَةِ، وقيل: قَدْرُ البُلْجَةِ، وقيل:
البَلْدَةُ والبُلْدةُ نَقاوةُ ما بين الحاجبين؛ وقيل: البَلدةُ والبُلدةُ
أَن يكون الحاجبان غير مقرونين. ورجل أَبْلَدُ بَيِّنُ البَلَدِ أَي
أَبْلَجُ وهو الذي ليس بمقرون، وقد بَلِدَ بَلَداً.
وحكى الفارسي: تَبَلَّدَ الصبحُ كَتَبَلَّج. وتَبَلَّدتِ الرَّوْضةُ:
نَوَّرَتْ.
والبَلْدةُ: راحةُ الكف. والبَلْدةُ: من منازل القمر بين النعائم
وسَعْدِ الذابح خَلاءٌ إِلا من كواكبَ صغارٍ، وقيل: لا نَجومَ فيها البتةَ؛
التهذيبُ: البَلْدَةُ في السماء موضعٌ لا نجوم فيه ليست فيه كواكبُ عظامٌ،
يكون عَلَماً وهو آخر البروج، سميت بَلدةً، وهي من بُرْج القَوْس؛
الصحاحُ: البَلدةُ من منازل القمر، وهي ستة أَنجم من القوس تنزلها الشمسُ في
أَقصر يوم في السنة.
والبَلَدُ: الأَثر، والجمعُ أَبلادٌ؛ قال القطامي:
ليست تُجَرَّحُ، فُرَّاراً، ظُهورهُمُ،
وفي النُّحورِ كُلومٌ ذاتُ أَبلادِ
وقال ابن الرقاع:
عَرَفَ الدِّيارَ تَوَهُّماً فاعْتادَها،
مِنْ بَعْدِ ما شَمِلَ البِلى أَبْلادَها
اعتادها: أَعاد النظر إِليها مرةً بعد أُخرى لِدُروسها حتى عرفها. وشمل:
عمّ؛ ومما يُستحسن من هذه القصيدة قولُه في صفة أَعلى قَرْنِ ولَدِ
الظبية:
تُزْجِي أَغَنَّ، كَأَنَّ إِبْرَةَ رَوْقِهِ
قَلَمٌ، أَصابَ مِن الدَّواةِ مِدادَها
وبَلِدَ جِلْدُه: صارت فيه أَبْلادٌ. أَبو عبيد: البَلَدُ الأَثَرُ
بالجسد، وجمعه أَبْلادُ.
والبُلْدَةُ والبَلْدَةُ والبَلادَةُ: ضِدُّ النَّفاذِ والذَّكاءِ
والمَضاءِ في الأُمور. ورجلٌ بليدٌ إِذا لم يكن ذكيّاً، وقد بَلُدَ، بالضم،
فهو بليد. وتَبَلَّدَ: تكلف البَلادَةَ؛ وقول أَبي زُبيد:
مِن حَمِيمٍ يُنْسِي الحَياءَ جَلِيدَ الـ
ـقَوْمِ، حتى تَراه كالمَبْلودِ
قال: المَبْلودُ الذي ذهب حياؤه أَو عقلُه، وهو البَليدُ، يقال للرجل
يُصاب في حَمِيمه فيجزع لموته وتنسيه مصيبتُه الحياءَ حتى تراه كالذاهب
العقل. والتَّبَلُّدُ: نقيضُ التَّجَلد، بَلُدَ بَلادَةً فهو بليد، وهو
استكانة وخضوع؛ قال الشاعر:
أَلا لا تَلُمْهُ اليومَ أَنْ يَتَبَلَّدا،
فقد غُلِبَ المَحْزونُ أَنْ يَتَجَلَّدا
وتَبَلَّدَ أَي تردّد متحيراً. وأَبْلَدَ وَتَبَلَّدَ: لحقته حَيْرَةٌ.
والمَبْلُودُ: المتحيرُ لا فِعلَ له؛ وقال الشيباني: هو المعتوه؛ قال
الأَصمعي: هو المُنْقَطَعُ به، وكل هذا راجع إِلى الحَيْرَة، وأَنشد بيت
أَبي زبيد «حتى تراه كالمبلود» والمُتَبَلِّدُ: الذي يَتَرَدَّدُ متحيراً؛
وأَنشد للبيد:
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ في نِهاءِ صَعائِدٍ،
سَبْعاً تُواماً، كامِلاً أَيَّامُها
وقيل للمتحير: مُتَبَلِّدٌ لأَنه شبه بالذي يتحير في فلاة من الأَرض لا
يهتدي فيها، وهي البَلْدَةُ. وكل بلد واسع: بَلْدَةٌ، قال الأَعشى يذكر
الفلاة:
وبَلْدَةٍ مِثْلِ ظَهْرِ التُّرْسِ مُوحِشَةٍ،
للجِنِّ، بِالليلِ في حافاتِها، شُعَلُ
وبَلَّدَ الرجلُ إِذا لم يتجه لشيء. وبَلَّدَ إِذا نَكَّسَ في العمل
وضَعُف حتى في الجَرْيِ؛ قال الشاعر:
جَرَى طَلَقاً حتى إِذا قُلْتُ سابِقٌ،
تَدارَكَهُ أَعْرَاقُ سُوءٍ فَبَلَّدَا
والتَّبَلُّدُ: التصفيقُ. والتَّبَلُّدُ: التلهف؛ قال عديّ بن زيد:
سأَكْسِبُ مالاً، أَو تَقُومَ نَوائِحٌ
عليَّ بِلَيْلٍ، مُبْدِياتِ التَّبَلُّدِ
وتَبَلَّد الرجلُ تَبَلُّداً إِذا نزل ببلد ليس به أَحدٌ يُلَهِّفُ
نفسه. والمُتَبَلِّد: الساقط إِلى الأَرض؛ قال الراعي:
ولِلدَّارِ فِيها مِنْ حَمُولَةِ أَهلِها
عَقِيرٌ، ولِلْبَاكي بها المُتَبلِّدِ
وكله من البَلادة. والبَليدُ من الإِبل: الذي لا ينشّطه تحريك.
وأَبْلَدَ الرجلُ: صارت دوابه بليدةً؛ وقيل: أَبْلَدَ الرجلُ: صارت دوابه بليدةً،
وقيل: أَبْلَدَ إِذا كانت دابته بَليدَةً. وفرس بَليدٌ إِذا تأَخر عن
الخيل السوابق، وقد بَلُدَ بَلادَةً. وبَلَّدَ السحابُ: لم يمطر. وبَلَّدَ
الإِنسانُ: لم يَجُدْ. وبَلَّدَ الفَرَسُ: لم يَسْبِق. ورجلٌ أَبْلَدُ:
غليظ الخَلْقِ. ويقال للجبال إِذا تقاصرت في رأْي العين لظلمة الليل: قد
بَلَّدَتْ؛ ومنه قول الشاعر:
إِذا لم يُنازِعْ جاهِلُ القومِ ذَا النُّهَى
وبَلَّدَتِ الأَعْلامُ بالليلِ كالأَكَمْ
والبَلَنْدَى: العَريضُ. والبَلَنْدَى والمَلَنْدَى: الكثير لحم
الجنبين. والمُبْلَنْدى من الجمال الصلب الشديد: وبَلْدٌ: اسمُ موضع؛ قال الراعي
يصف صقراً:
إِذا ما انْجَلَتْ عنه غَدَاةُ صُبَابَةٍ،
رأَى، وهو في بَلْدٍ، خَرانِقَ مُنْشِدِ
(* قوله «غداة صبابة» كذا في نسخة المؤلف برفع غداة مضافة إلى صبابة،
بضم الصاد المهملة. وكذا هو في شرح القاموس بالصاد مهملة من غير ضبط، وقد
خطر بالبال أنه غداة ضبابة بنصب غداة بالغين المعجمة على الظرفية ورفع
ضبابة بالضاد المعجمة فاعل انجلت).
وفي الحديث ذكرُ بُلَيْدٍ؛ هو بضم الباء وفتح اللام، قرية لآل عليّ بواد
قريب من يَنْبُع.
بند: البَنْدُ: العَلمُ الكبير معروف، فارسي معرّب؛ قال الشاعر:
وأَسيافُنَا، تحتَ البُنُودِ، الصَّواعِقُ
وفي حديث أَشراط الساعةِ: أَنْ تَغْزو الرومُ فتسير بثمانين بَنْداً؛
البَنْدُ: العَلمُ الكبير، وجمعه بُنُود وليس له جمعُ أَدْنى عَدَدٍ.
والبَنْدُ: كل عَلَم من الأَعلام. وفي المحكم: من أَعلام الروم يكون للقائد،
يكون تحت كل عَلَمٍ عشرة آلاف رجل أَو أَقل أَو أَكثر. وقال الهجيميّ:
البَنْدُ عَلَمُ الفُرْسانِ؛ وأَنشد للمفضل:
جاؤُوا يَجُرُّون البُنُودَ جَرَّا
قال النضر: سمي العلم الضخم واللواءُ الضخمُ البَنْدَ.
والبَنْدُ: الذي يُسكِر من الماء؛ قال أَبو صخر:
وإِنَّ مَعاجي لِلخِيامِ، ومَوْقِفي
بِرابِيةِ البَنْدَينِ، بالٍ ثُمَامُها
يعني بيوتاً أُلقي عليها ثُمامٌ وشجر ينبت. الليث: البَنْدُ حِيَلٌ
مستعملة؛ يقال: فلان كثير البُنود أَي كثير الحيل. والبَنْدُ: بَيْذَقٌ
مُنْعَقِدٌ بِفِزْزانٍ.
نصف: النِّصْفُ: أَحد شقَّي الشيء. ابن سيده: النِّصْفُ والنُّصف،
بالضم، والنَّصِيفُ والنَّصْفُ؛ الأَخيرة عن ابن جني: أَحد جزأَي الكمال،
وقرأَ زيد بن ثابت: فلها النُّصْف. وفي الحديث: الصبر نِصْف الإيمان؛ قال ابن
الأَثير: أَراد بالصبر الوَرَع لأَن العبادة قِسمان: نُسُك وورَعٌ،
فالنُّسُك ما أَمَرَتْ به الشريعة، والورَعُ ما نَهَت عنه، وإنما يُنْتَهى
عنه بالصبر فكان الصبرُ نِصفَ الإيمانِ، والجمع أَنْصاف. ونصَفَ الشيءَ
يَنْصُفُه نَصْفاً وانتَصَفه وتَنَصَّفَه ونَصَّفه: أَخذ نِصْفَه.
والمُنَصَّفُ من الشراب: الذي يُطبَخ حتى يذهب نِصْفُه. ونصَفَ القَدَحَ يَنْصفُه
نَصْفاً: شرب نِصْفَه. ونصفَ الشيءُ الشيءَ ينصُفُه: بلغ نِصْفَه. ونصَف
النهارُ يَنْصُف وينصِف وانْتَصَف وأَنْصَف: بلغ نِصْفه، وقيل: كلُّ ما
بَلغ نِصْفه في ذاته فقد أَنصَف؛ وكلُّ ما بلغ نصفه في غيره فقد نصَف؛
وقال المسيب بن علس يصف غائصاً في البحر على دُرَّة:
نَصَفَ النهارُ، الماءُ غامِرُــه،
ورَفِيقُه بالغَيْبِ لا يدري
أَراد انتصَف النهارُ والماءُ غامره فانتَصَفَ النهارُ ولم يخرج من
الماء، فحذف واو الحال، ونصَفْت الشيء إذا بلغت نِصْفه؛ تقول: نَصَفْت القرآن
أَي بلغت النصف؛ ونصَفَ عُمُرَه ونصَف الشيبُ رأْسَه. ويقال: قد نصَف
الإزارُ ساقَه يَنْصُفها إذا بلغ نِصفها؛ وأَنشد لأَبي جُنْدَب الهذلي:
وكنتُ، إذا جارِي دَعا لِمَضُوفةٍ،
أُشَمِّر حتى يَنْصُف الساقَ مِئْزَرِي
وقال ابنُ مَيَّادةَ يمدح رجلاً:
ترَى سَيْفَه لا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُه،
أَجَلْ لا، وإن كانت طِوالاً مَحامِلُهْ
اليزيديّ: ونصف الماءُ البئر والحُبَّ والكُوزَ وهو يَنصُفه نَصفاً
ونُصوفاً، وقد أَنصَف الماءُ الحبّ إنْصافاً؛ وكذلك الكوز إذا بلغ نصفه، فإن
كنت أَنت فعَلْت به قلت: أَنصَفْتُ الماءَ الحُبَّ والكوز إنصافاً،
وتقول: أَنصَف الشيبُ رأْسه ونصَّف تَنْصيفاً، وإذا بلغت نصْف السّنّ قلت: قد
أَنصَفْته ونصَّفْته إنصافاً وتنصيفاً وأَنصفْته من نفسي.
وإناء نَصْفان، بالفتح: بلغ الكيلُ أَو الماء نِصْفَه، وجُمْجُمةٌ
نَصْفَى، ولا يقال ذلك في غير النِّصْف من الأَجزاء أَْعني أنه، لا يقال
ثَلْثان ولا رَبْعان ولا غير ذلك من الصفات التي تقتضي هه الأجزاء، وهذا مرويّ
عن ابن الأَعرابي. ونصَّف البُسْرُ: رطَّب نصفُه؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ومَنْصَفُ القَوْسِ والوتَر: موضع النِّصف منهما. ومَنْصَف الشيء:
وسَطُه. والمَنْصَف من الطريق ومن النهار ومن كل شيء: وسطه. والمَنْصَف: نصف
الطريق. وفي الحديث: حتى إذا كان بالمَنصف أَي الموضع الوسَط بين
الموضعين. ومُنْتَصفُ الليل والنهار: وسَطُه. وانتصف النهارُ ونصَفَ، فهو
يَنْصُف. ويقال: أَنصَف النهار أَيضاً أَي انتصف، وكذلك نصَّف؛ قال
الفرزدق:وإنْ نَبَّهَتْهُنَّ الولائدُ بعدما
تصعَّد يومُ الصَّيْف، أَو كاد يَنْصُف
وقال العجاج:
حتى إذا الليلُ التَّمامُ نصَّفا
وكل شيء بلَغ نصف غيره فقد نصَفَه؛ وكل شيء بلغ نِصْف نفْسِه فقد
أَنصَف. ابن السكيت: نصَف النهارُ إذا انتصف؛ وأَنصفَ النهارُ إذا
انتصف.ونصَّفْت الشيء؛ إذا أَخذت نِصفه. وتَنْصِيفُ الشيء: جعله نِصْفَين.
وناصَفْته المال: قاسَمْته على النصف. والنَّصَفُ: الكَهْل كأَنه بلغ نِصف
عُمُره. وقوم أَنصاف ونَصَفُون، والأُنثى نصَف ونَصَفة كذلك أَيضاً:
كأَنَّ نِصفَ عمرها ذهب؛ وقد بيَّن ذلك الشاعر في قوله:
لا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطلَّقةً،
ولا يَسُوقَنَّها في حَبْلِك القَدَرُ
وإن أَتَوْكَ فقالوا: إنها نَصَفٌ،
فإنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيْها الذي غَبَرا
(* في هذا البيت إقواء.)
أَنشده ابن الأَعرابي. ابن شميل: إن فلانة لعلى نَصَفِها أَي نِصْف
شبابها؛ وأَنشد:
إنَّ غُلاماً، غَرَّه جَرْشَبِيَّةٌ
على نَفْسِها من نفْسِه، لَضَعِيف
الجَرْشَبِيّة: العجوز الكبيرة الهَرِمة، وقيل: النَّصَف، بالتحريك،
المرأَة بين الحَدَثة والمُسِنّة، وتصغيرها نُصَيْف بلا هاء لأَنها صفة؛ وفي
قصيدة كعب:
شَدَّ النهارِ ذِراعَيْ عَيْطَلٍ نَصَفٍ
النصف، بالتحريك: التي بين الشابَّة والكهْلة، وقيل: النصَف من النساء
التي قد بلغت خمساً وأَربعين ونحوها، وقيل: التي قد بلغت خمسين، والقياس
الأَول لأَنه يجرّه اشتقاق وهذا لا اشتقاق له، والجمع أَنصاف ونُصُفٌ
ونُصْفٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه، وقد يكون النصَف للجمع كالواحد، وقد نَصَّف.
والنَّصِيف: مِكيال. وقد نصَفَهم: أخذ منهم النِّصف يَنْصُفهم نَصْفاً كما
يقال عشَرَهم يَعْشُرُهم عَشْراً. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم:
لاتسُبُّوا أَصحابي فإن أَحدكم لو أَنفق ما في الأَرض جميعاً ما أَدرك
مُدَّ أَحدِهم ولا نَصِيفَه؛ قال أَبو عبيد: العرب تسمي النِّصف النصيف كما
يقولون في العُشر العَشِير وفي الثُّمن الثَّمِين؛ وأَنشد لسلَمة بن
الأَكوع:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ،
ولاتُمَيْراتٌ ولا تعْجِيفُ
لكنْ غذاها اللَّبَن الخَريفُ:
أَلمَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ
والنصِيف: الخِمار، وقد نَصَّفَتِ المرأَةُ رأْسها بالخمار. وانتَصَفَت
الجارية وتَنَصَّفت أَي اختمرت، ونصَّفْتها أَنا تَنْصيفاً؛ ومنه الحديث
في صفة الحور العين: ولَنَصِيفُ إحداهن على رأْسها خير من الدنيا وما
فيها؛ هو الخِمار، وقيل المِعْجَر؛ ومنه قول النابغة يصف امرأَة:
سقَطَ النَّصِيف، ولم تُرِد إسقاطَه،
فَتناوَلَتْه واتَّقَتْنا باليَدِ
قال أَبو سعيد: النصِيف ثوب تتجلَّل به المرأَة فوق ثيابها كلها، سمي
نصيفاً لأَنه نصَفٌ بين الناس وبينها فحَجز أَبصارهم عنها، قال: والدليل
على صحة ما قاله قول النابغة: سقط النصيف، لأَن النصيف إذا جعل خِماراً
فسقط فليس لستْرِها وجهَها مع كشفِها شعَرها معنًى، وقيل: نَصِيف المرأَة
مِعْجَرُها.
والنَّصَفُ والنَّصَفةُ والإنْصاف: إعطاء الحق، وقد انتصف منه، وأَنصف
الرجلُ صاحبه إنْصافاً، وقد أَعطاه النَّصفَةَ. ابن الأَعرابي: أَنصف إذا
أَخذ الحق وأَعطى الحق. والنصَفة: اسم الإنصاف، وتفسيره أَن تعطيه من
نفسك النصَف أَي تُعْطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك. ويقال: انتصفت من فلان
أَخذْت حقي كَمَلاً حتى صرت أَنا وهو على النَّصَف سَواءً. وتَنَصَّفْت
السلطان أَي سأَلته أَن يُنْصِفَني. والنِّصْفُ: الإنْصافُ؛ قال
الفرزدق:ولكنَّ نِصْفاً، لو سَبَبْتُ وسَبَّني
بنُو عبد شَمسٍ من مَنافٍ وهاشِمِ
وأَنصَف الرجلُ أَي عدل. ويقال: أَنْصفَه من نفْسه وانْتصفْت أَنا منه
وتَناصَفوا أَي أَنصف بعضُهم بعضاً من نفسه؛ وفي حديث عمر مع زِنْباع بن
رَوْح:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بن رَوْحٍ ببلدةٍ،
لي النِّصْفُ منها، يَقْرَع السِّنَّ من نَدَمْ
النصف، بالكسر: الانتصاف، وقد أَنصَفه من خصمه يُنْصِفُه إنْصافاً
ونَصَفه ينْصِفه ويَنْصُفه نَصْفاً ونِصافة ونَصافاً ونِصافاً وأَنصَفَه
وتَنَصَّفَه كلُّه: خدَمه. الجوهري: تنصَّف أَي خَدم؛ قالت الحُرَقة بنت
النعمان بن المنذر:
فبَيْنا نَسُوسُ الناسَ، والأَمْرُ أَمْرُنا،
إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
فأُفٍّ لدُنيا لا يدُوم نَعيمُها؛
تقَلَّبُ تاراتٍ بِنا وتَصَرَّفُ
ويقال: تنصَّفْته بمعنى خدَمْته وعبَدْته؛ وأَنشد ابن بري:
فإنَّ الإلَه تَنَصَّفْته،
بأَنْ لاأَعُقَّ وأَن لا أَحُوبا
قال: وعليه بيت الحُرَقة بنت النعمان بن المنذر:
إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
ونصف القومَ أَيضاً: خدمهم؛ قال لبيد:
لها غَلَلٌ من زازِقيٍّ وكُرْسُفٍ
بأَيْمانِ عُجْمٍ يَنْصُفون المَقاوِلا
قوله لها أَي لظُروف الخمر. والناصِفُ والمِنْصَف، بكسر الميم: الخادم.
ويقال للخادم: مِنْصَف ومَنْصَفٌ. والنَّصِيفُ: الخادم. وفي حديث ابن
عباس، رضي اللّه عنهما: أَنه ذكر داود، عليه السلام، فقال: دخل المِحراب
وأَقعد مِنْصفاً على الباب، يعني خادماً، والجمع مَناصِف؛ قال ابن الأَثير:
المنصف، بكسر الميم، الخادم، وقد تفتح الميم. وفي حديث ابن سَلام، رضي
اللّه عنه: فجاءني مِنصف فرَفع ثيابي من خَلْفي. ويقال: نصَفْت الرجل فأَنا
أَنْصُفُه وأَنْصِفُه نِصافة ونَصافة أَي خدمته. والنَّصَفةُ:
الخُدَّام، واحدهم ناصِفٌ، وفي الصحاح: والنصَف الخدَّام. وتنصَّفه: طلَب
مَعْرُوفه؛ قال:
فإن الإله تَنَصَّفْتُه،
بأَنْ لا أَخُونَ وأَنْ لا أُخانا
وقيل: تَنَصَّفْته أَطعْته وانْقَدْت له؛ وقول ابن هَرْمَةَ:
مَنْ ذا رسولٌ ناصِحٌ فَمُبَلِّغٌ
عنَّي عُلَيَّةَ غَيرَ قِيلِ الكاذِبِ
أَني غَرِضْتُ إلى تَناصُف وجْهِها،
غَرَضَ المُحِبِّ إلى الحبيبِ الغائِبِ
أَي اشْتَقْت، وقيل: معناه خِدْمة وجهها بالنظر إليه، وقيل: إلى محاسنه
التي تقَسَّمت الحسن فتَناصَفَتْه أَي أَنصفَ بعضُها بعضاً فاستوت فيه؛
وقال ابن الأَعرابي: تناصُف وجهِها محاسنها أَنها كلّها حَسَنة يُنْصِفُ
بعضها بعضاً، يريد أَن أَعضاءها متساوية في الجمال والحسن فكأَنَّ بعضها
أَنصف بعضاً فتناصف؛ وقال الجوهري: يعني استواء المحاسن كأَنَّ بعض أَعضاء
الوجه أَنصف بعضاً في أَخذ القِسْط من الجمال؛ ورجل متناصف: مُتساوي
المحاسن، وأَنصف إذا خدم سيده. وأَنصف إذا سار بنصف النهار.
والمَناصِف: أَودية صغار، والنواصِف: صخور في مَناصِف أَسناد الوادي
ونحو ذلك من المَسايِل؛ وفي حديث ابن الصَّبْغاء:
بين القِرانِ السَّوْء والنَّواصِف
جمع ناصفة وهي الصخرة. قال ابن الأَثير: ويروى التَّراصُف. والنواصِفُ:
مجاري الماء في الوادي، واحدتها ناصفة: وأَنشد:
خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِف من دَدِ
والناصفة من الأَرض: رَحَبة بها شجر لا تكون ناصفة إلا ولها شجر.
والناصفة: الأَرض التي تُنبت الثُّمام وغيره. وقال أَبو حنيفة: الناصفة موضع
مِنبات يتَّسع من الوادي؛ قال الأَعشى:
كخَذُولٍ تَرْعى النَّواصِفَ من تَثْـ
ـلِيثَ قَفْراً، خَلا لها الأَسْلاقُ
والناصفة: مجرى الماء، والجمع النواصف، وقيل: النواصف أَماكن بين
الغِلَظ واللَّين؛ وأَنشد قول طرفة:
كأَنَّ حُدُوجَ المالِكِيّةِ، غُدْوةً،
خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِفِ من دَدِ
وقيل: النواصِف رِحاب من الأَرض. وناصفةُ: موضع؛ قال:
بناصِفةِ الجَوَّيْن أَو بمُحَجِّر
غدق: الغَدَق: المطر الكثير العامّ، وقد غَيْدَقَ المطرُ: كثر؛ عن أَبي
العَمَيْثل الأَعرابي. والغَدَق أَيضاً: الماء الكثير وإِن لم يكُ مطراً.
وفي التنزيل: وأَن لو استقاموا على الطريقة لأَسقيناهم ماءً غَدَقاً
لِنَفْتِنَهم فيه؛ قال ثعلب: يعني لو استقاموا على طريقة الكفر لفتحنا عليهم
باب اغْترارٍ، كقوله تعالى: لَجَعَلْنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم
سُقُفاً من فضة. والماءُ الغَدَقُ: الكثير؛ وقال الزجاج: الغَدَقُ المصدر،
والغَدِقُ اسم الفاعل؛ يقال: غَدِقَ يَغْدَقُ غَدَقاً فهو غَدِقٌ إِذا كثر
الندَى في المكان أَو الماءُ، قال: ويقرأُ ماء غَدِقاً؛ قال الليث: وقوله
لأَسقيناهم ماء غَدَقاً أَي لفتحنا عليهم أَبواب المعيشة لنفتنهم بالشكر
والصبر، وقال الفراء مثله يقول: لو استقاموا على طريقة الكفر لزِدْنا في
أَموالهم فتنةً عليهم وبليّة، وقال غيره: وأَن لو استقاموا على طريقة
الهُدَى لأَسقيناهم ماء كثيراً، ودليل هذا قوله تعالى: ولو أَن أَهل القرى
آمنوا واتقَوْا لفتحنا عليهم بركاتٍ من السماء؛ أَراد بالماء الغَدَقِ
الماء الكثير. وأَرض غَدِقةٌ: في غاية الرِّيِّ وهي النَّدِيّة المبتلة
الرُّبى الكثيرة الماء، وعُشْبُها غَدِقٌ وغَدَقُهُ بلَلُه ورِيُّه، وكذلك عشب
غَدِقٌ بيِّن الغَدَق: مبتلٌّ رَيّان؛ رواه أَبو حنيفة وعزاه إِلى
النضر.وغَدِقَتِ الأَرض غَدَقاً وأَغْدقَتْ: أَخصبت. وغَدِقَتِ العين غَدَقاً،
فهي غَدِقة، واغْدَوْدَقَتْ: غَزُرَتْ وعذُبت. وماءٌ مُغْدَوْدِقٌ
وغَيْداقٌ: غزير. ومطر مُغْدَوْدقٌ: كثير. وغَدِقَتْ عين الماء، بالكسر، أَي
غَزُرت. وعام غَيْداقٌ: مُخْصب، وكذلك السنة بغير هاء. أَبو عمرو: غيث
غَيْداق كثير الماء، وعيش غَيْدَق وغَيْداقٌ واسع مخصب، وقيل: الغَيْداقُ
اسم؛ وهم في غَدَقٍ من العيش وغَيْداقٍ. وغَيْدَقَ الرجلُ: كثر لُعابه على
التشبيه. وفي حديث الاستسقاء: اسقنا غَيْثاً غَدَقاً مُغْدِقاً؛ الغَدَق،
بفتح الدال: المطر الكبار القَطْرِ، والمُغْدِقُ مُفْعل منه أَكَّده به؛
وأَغْدَقَ المطرُ يُغْدِق إِغْداقاً، فهو مُغْدِق. وفي الحديث: إِذا
نشأَت السحابة من قِبَل العين فتلك عينٌ غُدَيْقةٌ، وفي رواية: إِذا نشأَت
بحريةً فتشاءمت فتلك عينٌ غُدَيْقةٌ أَي كثيرة الماء؛ هكذا جاءت مصغرةً
وهو من تصغير التعظيم.
وشابٌّ غَيْدَقٌ وغَيْداقٌ أَي ناعم. والغَيْداقُ: الكريم الجواد الواسع
الخلق الكثير العطية، وقيل: هو الكثير الواسع من كل شيء، وإِنه لغَيْداق
الجري والعَدْوِ؛ قال تأَبَّط شرّاً:
حتى نجَوْتُ، ولمّا يَنزِعُوا سَلَبي،
بوالهٍ من قَنِيصِ الشَّدِّ غَيْداقِ
وشدّ غَيْداق: وهو الحُضْر الشديد. والغَيْداق: الطويل من الخيل؛ عن
السيرافي. والغَيْدَقُ والغَيْداق والغَيْدَقانُ: الرخص الناعم؛ قال
الشاعر:بعد النَّصابي والشَّبابِ الغَيْدَقِ
وقال آخر:
رب خليلٍ ليَ غَيْداقٍ رَفِلْ
وقال آخر:
جَعْد العَناصي غَيْدَقاناً أَغْيَدَا
والغَيْدَاق من الغلمان: الذي لم يبلغ، وقيل: هو ذو الرَّخاصة
والنَّعْمة. والغَيْداقُ من الضِّباب: الرخص السمين، وقيل هو من ولد الضِّباب فوق
المُطَبِّخِ، وقيل: هو دون المُطَبِّخِ وفوق الحِسْلِ، وقيل: هو الضب بين
الضبين، وقيل: هو الضَّبُّ المسن العظيم. أَبو زيد: يقال لولد الضَّبِّ
حِسْل ثم يصير غَيْدَاقاً ثم يصير مُطَبِّخاً ثم يكون ضَبّاً مُدْركاً،
ولم يذكر الخُضَرِمَ بعد المُطَبِّخ، وذكره خلف الأَحمر.
والغَياديقُ: الحيّات. وفي الحديث ذكر بئر غَدَق، بفتحتين، بئر معروفة
بالمدينة، والله أعلم.
أتن: الأَتانُ: الحِمارةُ، والجمع آتُنٌ مثل عَناقٍ وأَعْنُقٍ وأُتْنٌ
وأُتُنٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وما أُبَيِّنُ منهمُ، غيرَ أَنَّهمُ
هُمُ الذين غَذَتْ من خَلْفِها الأُتُنُ
وإنما قال غَذَت من خَلْفِها الأُتُن لأَن ولدَ الأَتانِ إنما يَرْضَع
من خَلْف. والمَأْتوناءُ: الأُتُنُ اسمٌ للجمع مثل المَعْيوراء. وفي حديث
ابن عباس: جئتُ على حمارٍ أَتانٍ؛ الحمارُ يقع على الذكر والأُنثى،
والأَتانُ والحِمارةُ الأُنثى خاصة، وإنما اسْتَدْرَكَ الحمارَ بالأَتانِ
ليُعلَم أَن الأُنثَى من الحُمُرِ لا تقطع الصلاة، فكذلك لا تقطعُها المرأَة،
ولا يقال فيها أَتانة. قال ابن الأَثير: وقد جاء في بعض الحديث
واسْتَأْتَنَ الرجلُ اشْتَرى أَتاناً واتَّخَذَها لنفسه؛ وأَنشد ابن بري:
بَسَأْتَ، يا عَمْرُو، بأَمرٍ مؤتِنِ
واسْتَأْتَنَ الناسُ ولَمْ تَسْتَأْتِنِ
واسْتَأْتَنَ الحمارُ: صارَ أَتاناً. وقولهم: كان حماراً فاسْتَأْتَنَ
أَي صارَ أَتاناً؛ يضرب للرجل يَهُون بعد العِزِّ. ابن شميل: الأَتان
قاعدةُ الفَوْدَجِ، قال أَبو وهب
(* قوله «قال أبو وهب» كذا في الأصل
والتهذيب. وفي الصاغاني: أبو مرهب بدل أبو وهب).: الحَمَائِرُ هي القواعدُ
والأُتن، الواحدةُ حِمارةٌ وأَتانٌ. والأَتانُ: المرأَةُ الرَّعناء، على
التشبيه بالأَتانِ، وقيل لِفَقيه العربِ: هل يجوزُ للرجل أَنْ يتزوَّج بأَتان؟
قال: نعم؛ حكاه الفارسي في التذكرة. والأَتانُ: الصخرةُ تكون في الماء؛
قال الأَعشى:
بِناجيةٍ، كأَتانِ الثَّميل،
تُقَضِّي السُّرَى بَعْدَ أَيْنٍ عَسِيرَا أَي تُصْبِحُ عاسِراً
بذَنَبِها تَخْطُرُ به مِراحاً ونشاطاً. وقال ابن شميل: أَتانُ الثَّميل الصخرةُ
في باطن المَسيلِ الضَّخْمةُ التي لا يرفعُها شيءٌ ولا يُحرّكُها ولا
يأْخذُ فيها، طولُها قامةٌ في عَرْضِ مثْلِه. أَبو الدُّقَيْش: القواعِدُ
والأُتُنُ المرتفعةُ من الأَرض. وأَتانُ الضَّحْلِ: الصخرة العظيمةُ تكون
في الماء، وقيل: هي الصخرةُ التي بين أَسْفلِ طيِّ البئرِ، فهي تلي
الماءَ. والأَتانُ: الصخرةُ الضخمةُ المُلَمْلَمةُ، فإذا كانت في الماء
الضَّحْضاحِ قيل: أَتانُ الضَّحْلِ، وتُشَبَّه بها الناقةُ في صَلاَبَتِها؛
وقال كعب بن زهير:
عَيْرانةٌ كأَتان الضَّحل ناجِيةٌ،
إذا ترَقَّصَ بالقُورِ العَساقِيلُ
وقال الأخطل:
بِحُرّةٍ، كأَتانِ الضَّحْلِ، أَضْمَرَها،
بعد الرَّبالةِ، تَرْحالي وتَسْياري. وقال أَوس:
عَيرانةٌ، كأَتانِ الضَّحْلِ، صَلَّبها
أَكلُ السَّواديّ رَضُّوهُ بِمِرْضاح.
ابن سيده: وأَتانُ الضَّحلِ صخرةٌ تكون على فَمِ الرَّكِيِّ، فيركبُها
الطُّحْلُبُ حتى تَمْلاسَّ فتكون أَشَدَّ ملاسةً من غيرها، وقيل: هي
الصخرةُ بعضُها غامِرٌ وبعضُها ظاهِرٌ. والأَتانُ: مقامُ المُسْتَقي على فَمِ
البئر، وهو صخرةٌ. والأَتانُ والإتانُ: مقامُ الرَّكيّة. وأَتَنَ
يأْتِنُ أَتْناً: خَطَبَ في غَضَب. وأَتَنَ الرجلُ يأْتِنُ أَتَناناً إذا
قارَبَ الخَطْوَ في غَضَب، وأَتَلَ كذلك، وقال في مصدره: الأَتَنانُ
والأَتَلانُ. وأَتَنَ بالمكانِ يأْتِنُ أَتْناً وأُتوناً: ثَبَتَ وأَقامَ به؛ قال
أَباقٌ الدُّبَيريّ:
أَتَنْتُ لها ولم أَزَلْ في خِبائها
مُقيماً، إلى أَنْ أَنْجَزَت خُلّتي وَعْدي.
والأَتْنُ: أَنْ تخْرجَ رجْلا الصبيّ قَبْل رأْسِه، لغة في اليَتْنِ؛
حكاه ابن الأَعرابي، وقيل: هو الذي يُولَدُ مَنْكوساً، فهو مرةً اسمٌ
للوِلادِ، ومرّةً اسمٌ للولَدِ. والمُوتَنُ: المنكوسُ، من اليَتْنِ.
والأَتُّونُ، بالتشديد: المَوْقِدُ، والعامّة تخفِّفه، والجمع الأَتاتين، ويقال:
هو مُولَّد؛ قال ابن خالويه: الأَتُونُ، مخفف من الأَتُّون، والأَتُّونُ:
أُخْدُودُ الجَبّارِ والجصَّاص، وأَتُون الحمّامِ، قال: ولا أَحسبه
عربيّاً. وجمعه أُتُنٌ. قال الفراء: هي الأَتاتينُ؛ قال ابن جني: كأَنه زاد
على عين أَتُونٍ عيناً أُخرى، فصار فعُول مخفف العين إلى فعّول مشدّد العين
فيُصوّره حينئذ على أَتّونٍ فقال فيه أَتانين كسَفّودٍ وسَفافيد وكَلّوب
وكَلاليبَ؛ قال الفراء: وهذا كما جمعوا قُسَّاً قَساوِسةً، أَرادوا أَن
يجمعوه على مثال مهالِبة، فكثرت السِّينات وأَبدلوا إحداهنَّ واواً، قال:
وربما شدّدوا الجمعَ ولم يُشدِّدوا واحدَه مثل أَتُونٍ وأَتاتِينَ.
بخت: البُخْت والبُخْتِيَّة: دَخِيل في العربية، أَعجمي مُعَرَّبٌ، وهي
الإِبل الخُراسانِيَّة، تُنْتَجُ من بين عربيةٍ وفالِجٍ؛ وبعضهم يقول:
إِن البُخْتَ عَرَبيّ؛ ويُنْشِدُ لابنِ قَيس الرُّقَيَّات:
لبَنُ البُخْتِ في قِصاعِ الخَلَنْجِ
قال ابن بري: صواب إِنشاده لبنَ البُخْتِ، بنصب النون؛ والأَبياتُ
يَمدَحُ بها مُصْعَبَ بن الزبير:
إِنْ يَعِشْ مُصْعَبٌ، فإِنَّا بخَيرٍ،
قَدْ أَتَانا مِن عَيْشِنا ما نُرَجِّي
يَهَبُ الأَلْفَ والخُيُولَ، ويَسْقِي
لَبنَ البُخْتِ، في قِصاع الخَلَنْجِ
الواحد: بُخْتيٌّ، وناقة بُخْتِيَّة. وفي الحديث: فأُتيَ بسارقٍ قد
سَرَقَ بُخْتِيَّةً؛ البُخْتيَّةُ: الأُنثى من الجمال البُخْتِ، وهي جمالٌ
طوالُ الأَعْناق، ويُجْمَع على بُختٍ وبَخَاتٍ؛ وقيل: الجمع بَخاتيُّ، غير
مصروف؛ ولك أَن تخفف الياءَ، فتقول البَخَاتي، والأَثافي،والمَهارِي
وأَما مَساجِدِيٌّ ومَدائِنيٌّ، فمصروفان، لأَِن الياءَ فيهما غير ثابتة في
الواحد، كما تَصْرِفُ المَهالبةَ والمَسامِعَة إِذا أَدخلت عليها هاءَ
النسب؛ ويقال للذي يقتنيها ويستعملها: البَخَّاتُ؛ وقيل في جمعها: بَخَاتي
وبَخَاتٍ. والبَخْتُ: الجَدُّ، معروف، فارسيٌّ، وقد تكلمت به العرب؛ قال
الأَزهري: لا أَدري أَعربيّ هو أَم لا؟
ورجل بخيتٌ: ذو جَدٍّ؛ قال ابن دريد: ولا أَحسبها فصيحة.
والمَبْخُوتُ: المَجْدُودُ.
حمل: حَمَل الشيءَ يَحْمِله حَمْلاً وحُمْلاناً فهو مَحْمول وحَمِيل،
واحْتَمَله؛ وقول النابغة:
فَحَمَلْتُ بَرَّة واحْتَمَلْتَ فَجَارِ
عَبَّر عن البَرَّة بالحَمْل، وعن الفَجْرة بالاحتمال، لأَن حَمْل
البَرَّة بالإِضافة إِلى احتمال الفَجْرَة أَمر يسير ومُسْتَصْغَر؛ ومثله قول
الله عز اسمه: لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت، وهو مذكور في موضعه؛ وقول
أَبي ذؤيب:
ما حُمِّل البُخْتِيُّ عام غِيَاره،
عليه الوسوقُ: بُرُّها وشَعِيرُها
قال ابن سيده: إِنما حُمِّل في معنى ثُقِّل، ولذلك عَدَّاه بالباء؛ أَلا
تراه قال بعد هذا:
بأَثْقَل مما كُنْت حَمَّلت خالدا
وفي الحديث: من حَمَل علينا السِّلاح فليس مِنَّا أَي من حَمَل السلاح
على المسلمين لكونهم مسلمين فليس بمسلم، فإِن لم يحمله عليهم لإِجل كونهم
مسلمين فقد اخْتُلِف فيه، فقيل: معناه ليس منا أَي ليس مثلنا، وقيل: ليس
مُتَخَلِّقاً بأَخلاقنا ولا عاملاً بِسُنَّتِنا، وقوله عز وجل: وكأَيِّن
من دابة لا تَحْمِل رزقَها؛ قال: معناه وكم من دابة لا تَدَّخِر رزقها
إِنما تُصْبح فيرزقها الله. والحِمْل: ما حُمِل، والجمع أَحمال، وحَمَله
على الدابة يَحْمِله حَمْلاً. والحُمْلان: ما يُحْمَل عليه من الدَّواب في
الهِبَة خاصة. الأَزهري: ويكون الحُمْلان أَجْراً لما يُحْمَل. وحَمَلْت
الشيء على ظهري أَحْمِله حَمْلاً. وفي التنزيل العزيز: فإِنه يَحْمِل يوم
القيامة وِزْراً خالدين فيه وساءلهم يوم القيامة حِمْلاً؛ أَي وِزْراً.
وحَمَله على الأَمر يَحْمِله حَمْلاً فانْحمل: أَغْراه به؛ وحَمَّله على
الأَمر تَحْمِيلاً وحِمَّالاً فَتَحَمَّله تَحَمُّلاً وتِحِمَّالاً؛ قال
سيبويه: أَرادوا في الفِعَّال أَن يَجِيئُوا به على الإِفْعال فكسروا
أَوله وأَلحقوا الأَلف قبل آخر حرف فيه، ولم يريدوا أَن يُبْدِلوا حرفاً
مكان حرف كما كان ذلك في أَفْعَل واسْتَفْعَل. وفي حديث عبد الملك في هَدْم
الكعبة وما بنى ابنُ الزُّبَيْر منها: وَدِدت أَني تَرَكْتُه وما
تَحَمَّل من الإِثم في هَدْم الكعبة وبنائها. وقوله عز وجل: إِنا عَرَضْنا
الأَمانة على السموات والأَرض والجبال فأَبَيْن أَن يَحْمِلْنها وأَشْفَقْن
منها وحَمَلها الإِنسان، قال الزجاج: معنى يَحْمِلْنها يَخُنَّها،
والأَمانة هنا: الفرائض التي افترضها الله على آدم والطاعة والمعصية، وكذا جاء في
التفسير والإِنسان هنا الكافر والمنافق، وقال أَبو إِسحق في الآية: إِن
حقيقتها، والله أَعلم، أَن الله تعالى ائْتَمَن بني آدم على ما افترضه
عليهم من طاعته وأْتَمَنَ السموات والأَرض والجبال بقوله: ائْتِيا طَوْعاً
أَو كَرْهاً قالتا أَتَيْنا طائعين؛ فَعَرَّفنا الله تعالى أَن السموات
والأَرض لمَ تَحْمِ الأَمانة أَي أَدَّتْها؛ وكل من خان الأَمانة فقد
حَمَلها، وكذلك كل من أَثم فقد حَمَل الإِثْم؛ ومنه قوله تعالى:
ولَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهم، الآية، فأَعْلم اللهُ تعالى أَن من باء بالإِثْم يسمى
حَامِلاً للإِثم والسمواتُ والأَرض أَبَيْن أَن يَحْمِلْنها، يعني الأَمانة.
وأَدَّيْنَها، وأَداؤها طاعةُ الله فيما أَمرها به والعملُ به وتركُ
المعصية، وحَمَلها الإِنسان، قال الحسن: أَراد الكافر والمنافق حَمَلا
الأَمانة أَي خانا ولم يُطِيعا، قال: فهذا المعنى، والله أَعلم، صحيح ومن
أَطاع الله من الأَنبياء والصِّدِّيقين والمؤمنين فلا يقال كان ظَلُوماً
جَهُولاً، قال: وتصديق ذلك ما يتلو هذا من قوله: ليعذب الله المنافقين
والمنافقات، إِلى آخرها؛ قال أَبو منصور: وما علمت أَحداً شَرَح من تفسير هذه
الآية ماشرحه أَبو إِسحق؛ قال: ومما يؤيد قوله في حَمْل الأَمانة إِنه
خِيَانَتُها وترك أَدائها قول الشاعر:
إِذا أَنت لم تَبْرَح تُؤَدِّي أَمانة،
وتَحْمِل أُخْرَى، أَفْرَحَتْك الودائعُ
أَراد بقوله وتَحْمل أُخرى أَي تَخُونها ولا تؤَدِّيها، يدل على ذلك
قوله أَفْرَحَتْك الودائع أَي أَثْقَلَتْك الأَمانات التي تخونها ولا
تُؤَدِّيها. وقوله تعالى: فإِنَّما عليه ما حُمِّل وعليكم ما حُمِّلْتم؛ فسره
ثعلب فقال: على النبي، صلى الله عليه وسلم، ما أُحيَ إِليه وكُلِّف أَن
يُنَبِّه عليه، وعليكم أَنتم الاتِّباع. وفي حديث عليّ: لا تُنَاظِروهم
بالقرآن فإِن القرآن حَمَّال ذو وُجُوه أَي يُحْمَل عليه كُلُّ تأْويل
فيحْتَمِله، وذو وجوه أَي ذو مَعَانٍ مختلفة. الأَزهري: وسمى الله عز وجل
الإِثْم حِمْلاً فقال: وإِنْ تَدْعُ مُثْقَلةٌ إِلى حِمْلِها لا يُحْمَلْ منه
شيء ولو كان ذا قُرْبَى؛ يقول: وإِن تَدْعٌ نفس مُثْقَلة بأَوزارها ذا
قَرابة لها إِلى أَن يَحْمِل من أَوزارها شيئاً لم يَحْمِل من أَوزارها
شيئاً. وفي حديث الطهارة: إِذا كان الماء قُلَّتَيْن لم يَحْمِل الخَبَث
أَي لم يظهره ولم يَغْلب الخَبَثُ عليه، من قولهم فلان يَحْمِل غَضَبه
(*
قوله «فلان يحمل غضبه إلخ» هكذا في الأصل ومثله في النهاية، ولعل المناسب
لا يحمل أو يظهر، باسقاط لا) أَي لا يُظْهِره؛ قال ابن الأَثير: والمعنى
أَن الماء لا ينجس بوقوع الخبث فيه إِذا كان قُلَّتَين، وقيل: معنى لم
يَحْمل خبثاً أَنه يدفعه عن نفسه، كما يقال فلان لا يَحْمِل الضَّيْم إِذا
كان يأْباه ويدفعه عن نفسه، وقيل: معناه أَنه إِذا كان قُلَّتَين لم
يَحْتَمِل أَن يقع فيه نجاسة لأَنه ينجس بوقوع الخبث فيه، فيكون على الأَول
قد قصد أَوَّل مقادير المياه التي لا تنجس بوقوع النجاسة فيها، وهو ما بلغ
القُلَّتين فصاعداً، وعلى الثاني قصد آخر المياه التي تنجس بوقوع
النجاسة فيها، وهو ما انتهى في القلَّة إِلى القُلَّتَين، قال: والأَول هو
القول، وبه قال من ذهب إِلى تحديد الماء بالقُلَّتَيْن، فأَما الثاني فلا.
واحْتَمل الصنيعة: تَقَلَّدها وَشَكَرها، وكُلُّه من الحَمْل. وحَمَلَ
فلاناً وتَحَمَّل به وعليه
(* قوله «وتحمل به وعليه» عبارة الأساس: وتحملت
بفلان على فلان أي استشفعت به إِليه) في الشفاعة والحاجة: اعْتَمد.
والمَحْمِل، بفتح الميم: المُعْتَمَد، يقال: ما عليه مَحْمِل، مثل
مَجْلِس، أَي مُعْتَمَد.
وفي حديث قيس: تَحَمَّلْت بعَليّ على عُثْمان في أَمر أَي استشفعت به
إِليه.
وتَحامل في الأَمر وبه: تَكَلَّفه على مشقة وإِعْياءٍ. وتَحامل عليه:
كَلَّفَه ما لا يُطِيق. واسْتَحْمَله نَفْسَه: حَمَّله حوائجه وأُموره؛ قال
زهير:
ومن لا يَزَلْ يَسْتَحْمِلُ الناسَ نَفْسَه،
ولا يُغْنِها يَوْماً من الدَّهْرِ، يُسْأَم
وفي الحديث: كان إِذا أَمَرَنا بالصدقة انطلق أَحَدُنا إِلى السوق
فَتَحامل أَي تَكَلَّف الحَمْل بالأُجْرة ليَكْسِب ما يتصدَّق به. وتَحامَلْت
الشيءَ: تَكَلَّفته على مَشَقَّة. وتَحامَلْت على نفسي إِذا تَكَلَّفت
الشيءَ على مشقة. وفي الحديث الآخر: كُنَّا نُحامِل على ظهورنا أَي نَحْمِل
لمن يَحْمِل لنا، من المُفاعَلَة، أَو هو من التَّحامُل. وفي حديث
الفَرَع والعَتِيرة: إِذا اسْتَحْمَل ذَبَحْته فَتَصَدَّقت به أَي قَوِيَ على
الحَمْل وأَطاقه، وهو اسْتَفْعل من الحَمْل؛ وقول يزيد بن الأَعور
الشَّنِّي:
مُسْتَحْمِلاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
يريد مُسْتَحْمِلاً سَناماً أَعْرَف عَظِيماً. وشهر مُسْتَحْمِل:
يَحْمِل أَهْلَه في مشقة لا يكون كما ينبغي أَن يكون؛ عن ابن الأَ عرابي؛ قال:
والعرب تقول إِذا نَحَر هِلال شَمالاً
(* قوله «نحر هلال شمالاً» عبارة
الأساس: نحر هلالاً شمال) كان شهراً مُسْتَحْمِلاً. وما عليه مَحْمِل أَي
موضع لتحميل الحوائج. وما على البعير مَحْمِل من ثِقَل الحِمْل.
وحَمَل عنه: حَلُم. ورَجُل حَمُول: صاحِب حِلْم. والحَمْل، بالفتح: ما
يُحْمَل في البطن من الأَولاد في جميع الحيوان، والجمع حِمال وأَحمال. وفي
التنزيل العزيز: وأُولات الأَحمال أَجَلُهن. وحَمَلت المرْأَةُ والشجرةُ
تَحْمِل حَمْلاً: عَلِقَت. وفي التنزيل: حَمَلَت حَمْلاً خَفيفاً؛ قال
ابن جني: حَمَلَتْه ولا يقال حَمَلَتْ به إِلاَّ أَنه كثر حَمَلَتِ
المرأَة بولدها؛ وأَنشد لأَبي كبير الهذلي:
حَمَلَتْ به، في ليلة، مَزْؤُودةً
كَرْهاً، وعَقْدُ نِطاقِها لم يُحْلَل
وفي التنزيل العزيز: حَمَلَته أُمُّه كَرْهاً، وكأَنه إِنما جاز
حَمَلَتْ به لما كان في معنى عَلِقَت به، ونظيره قوله تعالى: أُحِلَّ لكم ليلَة
الصيام الرَّفَثُ إِلى نسائكم، لما كان في معنى الإِفضاء عُدِّي بإِلى.
وامرأَة حامِل وحاملة، على النسب وعلى الفعل. الأَزهري: امرأَة حامِل
وحامِلة إِذا كانت حُبْلى. وفي التهذيب: إِذا كان في بطنها ولد؛ وأَنشد لعمرو
بن حسان ويروى لخالد بن حقّ:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيوم
أَنى، ولِكُلِّ حاملة تَمام
فمن قال حامل، بغير هاء، قال هذا نعت لا يكون إِلا للمؤنث، ومن قال
حاملة بناه على حَمَلَت فهي حاملة، فإِذا حَمَلَت المرأَةُ شيئاً على ظهرها
أَو على رأْسها فهي حاملة لا غير، لأَن الهاء إِنما تلحق للفرق فأَما ما
لا يكون للمذكر فقد اسْتُغني فيه عن علامة التأْنيث، فإِن أُتي بها فإِنما
هو على الأَصل، قال: هذا قول أَهل الكوفة، وأَما أَهل البصرة فإِنهم
يقولون هذا غير مستمرّ لأَن العرب قالت رَجُل أَيِّمٌ وامرأَة أَيّم، ورجل
عانس وامرأَة عانس، على الاشتراك، وقالوا امرأَة مُصْبِيَة وكَلْبة
مُجْرِية، مع غير الاشتراك، قالوا: والصواب أَن يقال قولهم حامل وطالق وحائض
وأَشباه ذلك من الصفات التي لا علامة فيها للتأْنيث، فإِنما هي أَوْصاف
مُذَكَّرة وصف بها الإِناث، كما أَن الرَّبْعَة والرَّاوِية والخُجَأَة
أَوصاف مؤنثة وصف بها الذُّكْران؛ وقالوا: حَمَلت الشاةُ والسَّبُعة وذلك في
أَول حَمْلِها، عن ابن الأَعرابي وحده. والحَمْل: ثمر الشجرة، والكسر فيه
لغة، وشَجَر حامِلٌ، وقال بعضهم: ما ظَهضر من ثمر الشجرة فهو حِمْل، وما
بَطَن فهو حَمْل، وفي التهذيب: ما ظهر، ولم يُقَيِّده بقوله من حَمْل
الشجرة ولا غيره. ابن سيده: وقيل الحَمْل ما كان في بَطْنٍ أَو على رأْس
شجرة، وجمعه أَحمال. والحِمْل بالكسر: ما حُمِل على ظهر أَو رأْس، قال:
وهذا هو المعروف في اللغة، وكذلك قال بعض اللغويين ما كان لازماً للشيء فهو
حَمْل، وما كان بائناً فهو حِمْل؛ قال: وجمع الحِمْل أَحمال وحُمُول؛ عن
سيبويه، وجمع الحَمْلِ حِمال. وفي حديث بناء مسجد المدينة: هذا الحِمال
لا حِمال خَيْبَر، يعني ثمر الجنة أَنه لا يَنْفَد. ابن الأَثير: الحِمال،
بالكسر، من الحَمْل، والذي يُحْمَل من خيبر هو التمر أَي أَن هذا في
الآخرة أَفضل من ذاك وأَحمد عاقبة كأَنه جمع حِمْل أَو حَمْل، ويجوز أَن
يكون مصدر حَمَل أَو حامَلَ؛ ومنه حديث عمر: فأَيْنَ الحِمال؟ يريد منفعة
الحَمْل وكِفايته، وفسره بعضهم بالحَمْل الذي هو الضمان. وشجرة حامِلَة:
ذات حَمْل. التهذيب: حَمْل الشجر وحِمْله. وذكر ابن دريد أَن حَمْل الشجر
فيه لغتان: الفتح والكسر؛ قال ابن بري: أَما حَمْل البَطْن فلا خلاف فيه
أَنه بفتح الحاء، وأَما حَمْل الشجر ففيه خلاف، منهم من يفتحه تشبيهاً
بحَمْل البطن، ومنهم من يكسره يشبهه بما يُحْمل على الرأْس، فكلُّ متصل
حَمْل وكلُّ منفصل حِمْل، فحَمْل الشجرة مُشَبَّه بحَمْل المرأَة لاتصاله،
فلهذا فُتِح، وهو يُشْبه حَمْل الشيء على الرأْس لبُروزه وليس مستبِطناً
كَحَمْل المرأَة، قال: وجمع الحَمْل أَحْمال؛ وذكر ابن الأَعرابي أَنه يجمع
أَيضاً على حِمال مثل كلب وكلاب. والحَمَّال: حامِل الأَحْمال، وحِرْفته
الحِمالة. وأَحْمَلتْه أَي أَعَنْته على الحَمل، والحَمَلة جمع الحامِل،
يقال: هم حَمَلة العرش وحَمَلة القرآن. وحَمِيل السَّيْل: ما يَحْمِل من
الغُثاء والطين. وفي حديث القيامة في وصف قوم يخرجون من النار:
فَيُلْقَون في نَهَرٍ في الجنة فَيَنْبُتُون كما تَنْبُت الحِبَّة في حَمِيل
السَّيْل؛ قال ابن الأَثير: هو ما يجيء به السيل، فَعيل بمعنى مفعول، فإِذا
اتفقت فيه حِبَّة واستقرَّت على شَطِّ مجرَى السيل فإِنها تنبت في يوم
وليلة، فشُبِّه بها سرعة عَوْد أَبدانهم وأَجسامهم إِليهم بعد إِحراق النار
لها؛ وفي حديث آخر: كما تنبت الحِبَّة في حَمائل السيل، وهو جمع حَمِيل.
والحَوْمل: السَّيْل الصافي؛ عن الهَجَري؛ وأَنشد:
مُسَلْسَلة المَتْنَيْن ليست بَشَيْنَة،
كأَنَّ حَباب الحَوْمَل الجَوْن ريقُها
وحَميلُ الضَّعَة والثُّمام والوَشِيج والطَّريفة والسَّبَط: الدَّوِيل
الأَسود منه؛ قال أَبو حنيفة: الحَمِيل بَطْن السيل وهو لا يُنْبِت، وكل
مَحْمول فهو حَمِيل. والحَمِيل: الذي يُحْمَل من بلده صَغِيراً ولم
يُولَد في الإِسلام؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، في كتابه إِلى شُرَيْح:
الحَمِيل لا يُوَرَّث إِلا بِبَيِّنة؛ سُمِّي حَميلاً لأَنه يُحْمَل صغيراً
من بلاد العدوّ ولم يولد في الإِسلام، ويقال: بل سُمِّي حَمِيلاً لأَنه
محمول النسب، وذلك أَن يقول الرجل لإِنسان: هذا أَخي أَو ابني، لِيَزْوِي
ميراثَه عن مَوالِيه فلا يُصَدَّق إِلاَّ ببيِّنة. قال ابن سيده:
والحَمِيل الولد في بطن أُمه إِذا أُخِذَت من أَرض الشرك إِلى بلاد الإِسلام فلا
يُوَرَّث إِلا بِبيِّنة. والحَمِيل: المنبوذ يحْمِله قوم فيُرَبُّونه.
والحَمِيل: الدَّعِيُّ؛ قال الكُميت يعاتب قُضاعة في تَحوُّلهم إِلى اليمين
بنسبهم:
عَلامَ نَزَلْتُمُ من غير فَقْر،
ولا ضَرَّاءَ، مَنْزِلَة الحَمِيل؟
والحَمِيل: الغَريب.
والحِمالة، بكسر الحاء، والحَمِيلة: عِلاقة السَّيف وهو المِحْمَل مثل
المِرْجَل، قال:
على النحر حتى بَلَّ دَمْعِيَ مِحْمَلي
وهو السَّيْر الذي يُقَلَّده المُتَقَلِّد؛ وقد سماه
(* قوله: سمَّاه؛
هكذا في الأصل، ولعله اراد سمى به عرقَ الشجر) ذو الرمة عِرْق الشَّجَر
فقال:
تَوَخَّاه بالأَظلاف، حتى كأَنَّما
يُثِرْنَ الكُبَاب الجَعْدَ عن متن مِحْمَل
والجمع الحَمائِل. وقال الأَصمعي: حَمائل السيف لا واحد لها من لفظها
وإِنما واحدها مِحْمَل؛ التهذيب: جمع الحِمالة حَمائل، وجمع المِحْمَل
مَحامل؛ قال الشاعر:
دَرَّتْ دُموعُك فوق ظَهْرِ المِحْمَل
وقال أَبو حنيفة: الحِمالة للقوس بمنزلتها للسيف يُلْقيها المُتَنَكِّب
في مَنْكبِه الأَيمن ويخرج يده اليسرى منها فيكون القوس في ظهره.
والمَحْمِل: واحد مَحامل الحَجَّاج
(* قوله «والمحمل واحد محامل الحجاج»
ضبطه في القاموس كمجلس، وقال شارحه: ضبط في نسخ المحكم كمنبر وعليه
علامة الصحة، وعبارة المصباح: والمحمل وزان مجلس الهودج ويجوز محمل وزان
مقود. وقوله «الحجاج» قال شارح القاموس: ابن يوسف الثقفي اول من اتخذها،
وتمام البيت:
أخزاه ربي عاجلاً وآجلا).
قال الراجز:
أَوَّل عَبْد عَمِل المَحامِلا
والمِحْمَل: الذي يركب عليه، بكسر الميم. قال ابن سيده: المِحْمَل
شِقَّانِ على البعير يُحْمَل فيهما العَدِيلانِ. والمِحْمَل والحاملة:
الزَّبِيل الذي يُحْمَل فيه العِنَب إِلى الجَرين.
واحْتَمَل القومُ وتَحَمَّلوا: ذهبوا وارتحلوا. والحَمُولة، بالفتح:
الإِبل التي تَحْمِل. ابن سيده: الحَمُولة كل ما احْتَمَل عليه الحَيُّ من
بعير أَو حمار أَو غير ذلك، سواء كانت عليها أَثقال أَو لم تكن، وفَعُول
تدخله الهاء إِذا كان بمعنى مفعول به. وفي حديث تحريم الحمر الأَهلية،
قيل: لأَنها حَمولة الناس؛ الحَمُولة، بالفتح، ما يَحْتَمِل عليه الناسُ من
الدواب سواء كانت عليها الأَحمال أَو لم تكن كالرَّكُوبة. وفي حديث
قَطَن: والحَمُولة المائرة لهم لاغِية أَي الإِبل التي تَحْمِل المِيرَة. وفي
التنزيل العزيز: ومن الأَنعام حَمُولة وفَرْشاً؛ يكون ذلك للواحد فما
فوقه. والحُمُول والحُمُولة، بالضم: الأَجمال التي عليها الأَثقال خاصة.
والحُمُولة: الأَحمال
(* قوله «والحمولة الاحمال» قال شارح القاموس: ضبطه
الصاغاني والجوهري بالضم ومثله في المحكم، ومقتضى صنيع القاموس انه بالفتح)
بأَعيانها. الأَزهري: الحُمُولة الأَثقال. والحَمُولة: ما أَطاق العَمل
والحَمْل. والفَرْشُ: الصِّغار. أَبو الهيثم: الحَمُولة من الإِبل التي
تَحْمِل الأَحمال على ظهورها، بفتح الحاء، والحُمُولة، بضم الحاء:
الأَحمال التي تُحْمَل عليها، واحدها حِمْل وأَحمال وحُمول وحُمُولة، قال: فأَما
الحُمُر والبِغال فلا تدخل في الحَمُولة. والحُمُول: الإِبل وما عليها.
وفي الحديث: من كانت له حُمولة يأْوي إِلى شِبَع فليَصُمْ رمضان حيث
أَدركه؛ الحُمولة، بالضم: الأَحمال، يعني أَنه يكون صاحب أَحمال يسافر بها.
والحُمُول، بالضم بلا هاء: الهَوادِج كان فيها النساء أَو لم يكن، واحدها
حِمْل، ولا يقال حُمُول من الإِبل إِلاّ لما عليه الهَوادِج، والحُمُولة
والحُمُول واحد؛ وأَنشد:
أَحَرْقاءُ للبَيْنِ اسْتَقَلَّت حُمُولُها
والحُمول أَيضاً: ما يكون على البعير. الليث: الحَمُولة الإِبل التي
تُحْمَل عليها الأَثقال. والحُمول: الإِبل بأَثقالها؛ وأَنشد للنابغة:
أَصاح تَرَى، وأَنتَ إِذاً بَصِيرٌ،
حُمُولَ الحَيِّ يَرْفَعُها الوَجِينُ
وقال أَيضاً:
تَخالُ به راعي الحَمُولة طائرا
قال ابن بري في الحُمُول التي عليها الهوادج كان فيها نساء أَو لم يكن:
الأَصل فيها الأَحمال ثم يُتَّسَع فيها فتُوقَع على الإِبل التي عليها
الهوادج؛ وعليه قول أَبي ذؤيب:
يا هَلْ أُرِيكَ حُمُول الحَيِّ غادِيَةً،
كالنَّخْل زَيَّنَها يَنْعٌ وإِفْضاخُ
شَبَّه الإِبل بما عليها من الهوادج بالنخل الذي أَزهى؛ وقال ذو الرمة
في الأَحمال وجعلها كالحُمُول:
ما اهْتَجْتُ حَتَّى زُلْنَ بالأَحمال،
مِثْلَ صَوادِي النَّخْل والسَّيَال
وقال المتنخل:
ذلك ما دِينُك إِذ جُنِّبَتْ
أَحمالُها، كالبُكُر المُبْتِل
عِيرٌ عليهن كِنانِيَّةٌ،
جارِية كالرَّشَإِ الأَكْحَل
فأَبدل عِيراً من أَحمالها؛ وقال امرؤ القيس في الحُمُول أَيضاً:
وحَدِّثْ بأَن زالت بَلَيْلٍ حُمُولُهم،
كنَخْل من الأَعْراض غَيْرِ مُنَبَّق
قال: وتنطلق الحُمُول أَيضاً على النساء المُتَحَمِّلات كقول مُعَقِّر:
أَمِنْ آل شَعْثاءَ الحُمُولُ البواكِرُ،
مع الصبح، قد زالت بِهِنَّ الأَباعِرُ؟
وقال آخر:
أَنَّى تُرَدُّ ليَ الحُمُول أَراهُم،
ما أَقْرَبَ المَلْسُوع منه الداء
وقول أَوس:
وكان له العَيْنُ المُتاحُ حُمُولة
فسره ابن الأَعرابي فقال: كأَنَّ إِبله مُوقَرَةٌ من ذلك. وأَحْمَله
الحِمْل: أَعانه عليه، وحَمَّله: فَعَل ذلك به. ويجيء الرجلُ إِلى الرجل
إِذا انْقُطِع به في سفر فيقول له: احْمِلْني فقد أُبْدِع بي أَي أَعْطِني
ظَهْراً أَركبه، وإِذا قال الرجل أَحْمِلْني، بقطع الأَلف، فمعناه أَعنَّي
على حَمْل ما أَحْمِله. وناقة مُحَمَّلة: مُثْقَلة.
والحَمَالة، بالفتح: الدِّيَة والغَرامة التي يَحْمِلها قوم عن قوم، وقد
تطرح منها الهاء. وتَحَمَّل الحَمالة أَي حَمَلَها. الأصمعي:
الحَمَالة الغُرْم تَحْمِله عن القوم ونَحْو ذلك قال الليث، ويقال أَيضاً حَمَال؛
قال الأَعشَى:
فَرْع نَبْعٍ يَهْتَزُّ في غُصُنِ المَجْـ
ـدِ، عظيم النَّدَى، كَثِير الحَمَال
ورجل حَمَّال: يَحْمِل الكَلَّ عن الناس.
الأَزهري: الحَمِيل الكَفِيل. وفي الحديث: الحَمِيل غارِمٌ؛ هو الكفيل
أَي الكَفِيل ضامن. وفي حديث ابن عمر: كان لا يَرى بأْساً في السَّلَم
بالحَمِيل أَي الكفيل. الكسائي: حَمَلْت به حَمَالة كَفَلْت به، وفي الحديث:
لا تَحِلُّ المسأَلة إِلا لثلاثة، ذكر منهم رجل تَحَمَّل حَمالة عن قوم؛
هي بالفتح ما يَتَحَمَّله الإِنسان عن غيره من دِيَة أَو غَرامة مثل أَن
تقع حَرْب بين فَرِيقين تُسْفَك فيها الدماء، فيدخل بينهم رجل
يَتَحَمَّل دِياتِ القَتْلى ليُصْلِح ذاتَ البَيْن، والتَّحَمُّل: أَن يَحْمِلها
عنهم على نفسه ويسأَل الناس فيها. وقَتَادَةُ صاحبُ الحَمالة؛ سُمِّي بذلك
لأَنه تَحَمَّل بحَمالات كثيرة فسأَل فيها وأَدَّاها.
والحَوامِل: الأَرجُل. وحَوامِل القَدَم والذراع: عَصَبُها، واحدتها
حاملة.
ومَحامِل الذكر وحَمائله: العروقُ التي في أَصله وجِلْدُه؛ وبه فعسَّر
الهَرَوي قوله في حديث عذاب القبر: يُضْغَط المؤمن في هذا، يريد القبر،
ضَغْطَة تَزُول منها حَمائِلُه؛ وقيل: هي عروق أُنْثَييه، قال: ويحتمل أَن
يراد موضع حَمَائِل السيف أَي عواتقه وأَضلاعه وصدره. وحَمَل به حمالة:
كَفَل. يقال: حَمَل فلان الحِقْدَ على نفسه إِذا أَكنه في نفسه
واضْطَغَنَه. ويقال للرجل إِذا اسْتَخَفَّه الغضبُ: قد احتُمِل وأُقِلَّ؛ قال
الأَصمَعي في الغضب: غَضِب فلان حتى احتُمِل. ويقال للذي يَحْلُم عمن
يَسُبُّه: قد احْتُمِل، فهو مُحْتَمَل؛ وقال الأَزهري في قول الجَعْدي:
كلبابى حس ما مسه،
وأَفانِين فؤاد مُحْتَمَل
(* قوله «كلبابى إلخ» هكذا في الأصل من غير نقط ولا ضبط).
أَي مُسْتَخَفٍّ من النشاط، وقيل غضبان، وأَفانِينُ فؤاد: ضُروبُ نشاطه.
واحْتُمِل الرجل: غَضِب. الأَزهري عن الفراء: احْتُمِل إِذا غضب، ويكون
بمعنى حَلُم. وحَمَلْت به حَمَالة أَي كَفَلْت، وحَمَلْت إِدْلاله
واحْتَمَلْت بمعنىً؛ قال الشاعر:
أَدَلَّتْ فلم أَحْمِل، وقالت فلم أُجِبْ،
لَعَمْرُ أَبيها إِنَّني لَظَلُوم
والمُحامِل: الذي يَقْدِر على جوابك فَيَدَعُه إِبقاء على مَوَدَّتِك،
والمُجامِل: الذي لا يقدر على جوابك فيتركه ويَحْقِد عليك إِلى وقت مّا.
ويقال: فلان لا يَحْمِل أَي يظهر غضبه.
والمُحْمِل من النساء والإِبل: التي يَنْزِل لبُنها من غير حَبَل، وقد
أَحْمَلَت.
والحَمَل: الخَرُوف، وقيل: هو من ولد الضأْن الجَذَع فما دونه، والجمع
حُمْلان وأَحمال، وبه سُمِّيت الأَحمال، وهي بطون من بني تميم. والحَمَل:
السحاب الكثير الماء. والحَمَل: بُرْج من بُروج السماء، هو أَوَّل البروج
أَوَّلُه الشَّرْطانِ وهما قَرْنا الحَمَل، ثم البُطَين ثلاثة كواكب، ثم
الثُّرَيَّا وهي أَلْيَة الحَمَل، هذه النجوم على هذه الصفة تُسَمَّى
حَمَلاً؛ قلت: وهذه المنازل والبروج قد انتقلت، والحَمَل في عصرنا هذا
أَوَّله من أَثناء الفَرْغ المُؤَخَّر، وليس هذا موضع تحرير دَرَجه ودقائقه.
المحكم: قال ابن سيده قال ابن الأَعرابي يقال هذا حَمَلُ طالعاً،
تَحْذِف منه الأَلف واللام وأَنت تريدها، وتُبْقِي الاسم على تعريفه، وكذلك
جميع أَسماء البروج لك أَن تُثْبِت فيها الأَلف واللام ولك أَن تحذفها وأَنت
تَنْويها، فتُبْقِي الأَسماء على تعريفها الذي كانت عليه. والحَمَل:
النَّوْءُ، قال: وهو الطَّلِيُّ. يقال: مُطِرْنا بنَوْء الحَمَل وبِنَوْء
الطَّلِيِّ؛ وقول المتنخِّل الهذلي:
كالسُّحُل البِيضِ، جَلا لَوْنَها
سَحُّ نِجاءِ الحَمَل الأَسْوَل
فُسَّر بالسحاب الكثير الماء، وفُسِّر بالبروج، وقيل في تفسير النِّجاء:
السحاب الذي نَشَأَ في نَوْءِ الحَمَل، قال: وقيل في الحَمَل إِنه المطر
الذي يكون بنَوْءٍ الحَمَل، وقيل: النِّجاء السحاب الذي هَرَاق ماءه،
واحده نَجْوٌ، شَبَّه البقر في بياضها بالسُّحّل، وهي الثياب البيض، واحدها
سَحْل؛ والأَسْوَل: المُسْتَرْخِي أَسفل البطن، شَبَّه السحاب المسترخي
به؛ وقال الأَصمعي: الحَمَل ههنا السحاب الأَسود ويقوّي قوله كونه وصفه
بالأَسول وهو المسترخي، ولا يوصف النَّجْو بذلك، وإِنما أَضاف النِّجَاء
إِلى الحَمَل، والنِّجاءُ: السحابُ لأَنه نوع منه كما تقول حَشَف التمر
لأَن الحَشَف نوع منه. وحَمَل عليه في الحَرْب حَمْلة، وحَمَل عليه حَمْلة
مُنْكَرة، وشَدَّ شَدَّة مُنكَرة، وحَمَلْت على بني فلان إِذا أَرَّشْتَ
بينهم. وحَمَل على نفسه في السَّيْر أَي جَهَدَها فيه. وحَمَّلْته
الرسالة أَي كلَّفته حَمْلَها. واسْتَحْمَلته: سأَلته أَن يَحْمِلني. وفي حديث
تبوك: قال أَبو موسى أَرسلني أَصحابي إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم،
أَسْأَله الحُمْلان؛ هو مصدر حَمَل يَحْمِل حُمْلاناً، وذلك أَنهم أَنفذوه
يطلبون شيئاً يركبون عليه، ومنه تمام الحديث: قال، صلى الله عليه وسلم:
ما أَنا حَمَلْتُكم ولكن الله حَمَلكم، أَراد إِفْرادَ الله بالمَنِّ
عليهم، وقيل: أَراد لَمَّا ساق الله إِليه هذه الإِبل وقت حاجتهم كان هو
الحامل لهم عليها، وقيل: كان ناسياً ليمينه أَنه لا يَحْمِلْهم فلما أَمَر
لهم بالإِبل قال: ما أَنا حَمَلْتكم ولكن الله حَمَلَكم، كما قال للصائم
الذي أَفطر ناسياً: الله أَطْعَمَك وسَقاك.
وتَحَامَل عليه أَي مال، والمُتَحامَلُ قد يكون موضعاً ومصدراً، تقول في
المكان هذا مُتَحَامَلُنا، وتقول في المصدر ما في فلان مُتَحامَل أَي
تَحامُل؛ والأَحمالُ في قول جرير:
أَبَنِي قُفَيْرَة، من يُوَرِّعُ وِرْدَنا،
أَم من يَقوم لشَدَّة الأَحْمال؟
قومٌ من بني يَرْبُوع هم ثعلبة وعمرو والحرث. يقال: وَرَّعْت الإِبلَ عن
الماء رَدَدْتها، وقُفَيْرة: جَدَّة الفَرَزْدَق
(* قوله «وقفيرة جدّة
الفرزدق» تقدم في ترجمة قفر أنها أُمه) أُمّ صَعْصَعة بن ناجِية بن
عِقَال. وحَمَلٌ: موضع بالشأْم. الأَزهري: حَمَل اسم جَبَل بعينه؛ ومنه قول
الراجز:
أَشْبِه أَبا أُمِّك أَو أَشْبِه حَمَل
قال: حَمل اسم جبل فيه جَبَلان يقال لهما طِمِرَّان؛ وقال:
كأَنَّها، وقَدْ تَدَلَّى النَّسْرَان،
ضَمَّهُمَا من حَمَلٍ طِمِرَّان،
صَعْبان عن شَمائلٍ وأَيمان
قال الأَزهري: ورأَيت بالبادية حَمَلاً ذَلُولاً اسمه حَمال.
وحَوْمَل: موضع؛ قال أُمَيَّة بن
أَبي عائذ الهذلي:
من الطَّاويات، خِلال الغَضَا،
بأَجْماد حَوْمَلَ أَو بالمَطَالي
وقول امريء القيس:
بين الدَّخُول فَحَوْمَلِ
إِنما صَرَفه ضرورة. وحَوْمَل: اسم امرأَة يُضْرب بكَلْبتها المَثَل،
يقال: أَجْوَع من كَلْبة حَوْمَل.
والمَحْمولة: حِنْطة غَبْراء كأَنها حَبُّ القُطْن ليس في الحِنْطة
أَكبر منها حَبًّا ولا أَضخم سُنْبُلاً، وهي كثيرة الرَّيْع غير أَنها لا
تُحْمَد في اللون ولا في الطَّعْم؛ هذه عن أَبي حنيفة. وقد سَمَّتْ حَمَلاً
وحُمَيلاً. وبنو حُمَيْل: بَطْن؛ وقولهم:
ضَحِّ قَلِيلاً يُدْرِكِ الهَيْجَا حَمَل
إِنما يعني به حَمَل بن بَدْر. والحِمَالة: فَرَس طُلَيْحَة ابن
خُوَيلِد الأَسدي؛ وقال يذكرها:
عَوَيْتُ لهم صَدْرَ الحِمَالة، إِنَّها
مُعاوِدَةٌ قِيلَ الكُمَاةِ نَزَالِ
فَيوْماً تَراها في الجِلال مَصُونَةً،
ويَوْماً تراها غيرَ ذاتِ جِلال
قال ابن بري: يقال لها الحِمالة الصُّغْرَى، وأَما الحِمَالة الكبرى فهي
لبني سُلَيْم؛ وفيها يقول عباس بن
مِرْدَاس:
أَما الحِمَالَة والقُرَيْظُ، فقد
أَنْجَبْنَ مِنْ أُمٍّ ومن فَحْل
حبس: حَبَسَه يَحْبِسُه حَبْساً، فهو مَحْبُوس وحَبِيسٌ، واحْتَبَسَه
وحَبَّسَه: أَمسكه عن وجهه. والحَبْسُ: ضدّ التخلية. واحْتَبَسَه
واحْتَبَسَ بنفسه، يتعدّى ولا يتعدّى. وتَحَبَّسَ على كذا أَي حَبَس نفسه على ذلك.
والحُبْسة، بالضم: الاسم من الاحْتِباس. يقال: الصَّمْتُ حُبْسَة.
سيبويه: حَبَسَه ضبطه واحْتَبَسَه اتخذه حَبيساً، وقيل: احْتِباسك إِياه
اختصاصُك نَفْسَكَ به؛ تقول: احْتَبَسْتُ الشيء إِذا اختصصته لنفسك
خاصة.والحَبْسُ والمَحْبَسَةُ والمَحْبِسُ: اسم الموضع. وقال بعضهم:
المَحْبِسُ يكون مصدراً كالحَبْس، ونظيره قوله تعالى: إِلى اللَّه مَرْجِعُكم؛
أَي رُجُوعكم؛ ويسأَلونك عن المَحِيضِ؛ أَي الحَيْضِ؛ ومثله ما أَنشده
سيبويه للراعي:
بُنِيَتْ مَرافِقُهُنَّ فوقَ مَزَلَّةٍ،
لا يَسْتَطِيعُ بها القُرادُ مَقِيلا
أَي قَيْلُولة. قال ابن سيده: وليس هذا بمطرد إنما يقتصر منه على ما
سمع. قال سيبويه: المَحْبِسُ على قياسهم الموضع الذي يُحْبَس فيه،
والمَحْبَس المصدر. الليث: المَحْبِسُ يكون سجناً ويكون فِعْلاً كالحبس. وإِبل
مُحْبَسَة: داجِنَة كأَنها قد حُبِسَتْ عن الرَّعْي. وفي حديث طَهْفَةَ: لا
يُحْبَسُ دَرُّكُم أَي لا تُحْبَسُ ذواتُ الدَّرِّ، وهو اللبن، عن
المَرْعَى بحَشْرِها وسَوْقِها إِلى المُصَدِّقِ ليأْخذ ما عليها من الزكاة لما
في ذلك من الإِضرار بها. وفي حديث الحُدَيبِية: حَبَسها حابِسُ الفيل؛
هو فيل أَبْرَهَةَ الحَبَشِيِّ الذي جاء يقصد خراب الكعبة فَحَبَس اللَّه
الفيلَ فلم يدخل الحرم ورَدَّ رأْسَه راجعاً من حيث جاء، يعني أَن اللَّه
حبس ناقة رسوله لما وصل إِلى الحديبية فلم تتقدم ولم تدخل الحرم لأَنه
أَراد أَن يدخل مكة بالمسلمين. وفي حديث الحجاج: إِن الإِبل ضُمُر حُبْسٌ
ما جُشِّمَتْ جَشِمَتْ؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه الزمخشري وقال:
الحُبُسُ جمع حابس من حَبَسَه إِذا أَخره، أَي أَنها صوابر على العطش تؤخر
الشُّرْبَ، والرواية بالخاء والنون.
والمَِحْبَسُ: مَعْلَفُ الدابة.
والمِحْبَسُ: المِقْرَمَةُ يعني السِّتْرَ، وقد حَبَسَ الفِراشَ
بالمِحْبَس، وهي المِقْرَمَةُ التي تبسط علة وجه الفِراشِ للنوم.
وفي النوادر: جعلني اللَّه رَبيطَةً لكذا وحَبِيسَة أَي تذهب فتفعل
الشيء وأُوخَذُ به. وزِقٌّ حابِسٌ: مُمْسِك للماء، وتسمى مَصْنَعَة الماءِ
حابِساً، والحُبُسُ، بالضم: ما وُقِفَ. وحَبَّسَ الفَرَسَ في سبيل اللَّه
وأَحْبَسَه، فهو مُحَبَّسٌ وحَبيسٌ، والأُنثى حَبِيسَة، والجمع حَبائس؛
قال ذو الرمة:
سِبَحْلاً أَبا شِرْخَيْنِ أَحْيا بَنانِه
مَقالِيتُها، فهي اللُّبابُ الحَبائِسُ
وفي الحديث: ذلك حَبيسٌ في سبيل اللَّه؛ أَي موقوف على الغزاة يركبونه
في الجهاد، والحَبِيسُ فعيل بمعنى مفعول. وكل ما حُبِسَ بوجه من الوجوه
حَبيسٌ. الليث: الحَبيسُ الفرس يجعل حَبِيساً في سبيل اللَّه يُغْزى عليه.
الأَزهري: والحُبُسُ جمع الحَبِيس يقع على كل شيء، وقفه صاحبه وقفاً
محرّماً لا يورث ولا يباع من أَرض ونخل وكرم ومُسْتَغَلٍّ، يُحَبَّسُ أَصله
وقفاً مؤبداً وتُسَبَّلُ ثمرته تقرباً إِلى اللَّه عز وجل، كما قال النبي،
صلى اللَّه عليه وسلم، لعمر في نخل له أَراد أَن يتقرب بصدقته إِلى
اللَّه عز وجل فقال له: حَبِّسِ الأَصلَ وسَبِّل الثمرة؛ أَي اجعله وقفاً
حُبُساً، ومعنى تحبيسه أَن لا يورث ولا يباع ولا يوهب ولكن يترك أَصله ويجعل
ثمره في سُبُلِ الخير، وأَما ما روي عن شُرَيْح أَنه قال: جاءَ محمد،
صلى اللَّه عليه وسلم، بإِطلاق الحُبْس فإِنما أَراد بها الحُبُسُ، هو جمع
حَبِيسٍ، وهو بضم الباء، وأَراد بها ما كان أَهل الجاهلية يَحْبِسُونه من
السوائب والبحائر والحوامي وما أَشبهها، فنزل القرآن بإِحلال ما كانوا
يحرّمون منها وإِطلاق ما حَبَّسوا بغير أَمر اللَّه منها. قال ابن
الأَثير: وهو في كتاب الهروي باسكان الباء لأَنه عطف عليه الحبس الذي هو الوقف،
فإِن صح فيكون قد خفف الضمة، كما قالوا في جمع رغيف رُغْفٌ، بالسكون،
والأَصل الضم، أَو أَنه أَراد به الواحد. قال الأَزهري: وأَما الحُبُسُ التي
وردت السنَّة بتحبيس أَصلها وتسبيل ثمرها فهي جارية على ما سَنَّها
المصطفى، صلى اللَّه عليه وسلم، وعلى ما أَمر به عمر، رضي اللَّه عنه، فيها.
وفي حديث الزكاة: أَن خالداً جَعَلَ رَقِيقَه وأَعْتُدَه حُبُساً في سبيل
اللَّه؛ أَي وقفاً على المجاهدين وغيرهم. يقال: حَبَسْتُ أَحْبِسُ
حَبْساً وأَحْبَسْتُ أُحْبِسُ إِحْباساً أَي وقفت، والاسم الحُبس، بالضم؛
والأَعْتُدُ: جمع العَتادِ، وهو ما أَعَدَّه الإِنسان من آلة الحرب، وقد
تقدم. وفي حديث ابن عباس: لما نزلت آية الفرائض قال النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم: لا حُبْسَ بعد سورة النساء، أَي لا يُوقَف مال ولا يُزْوَى عن
وارثه، إِشارة إِلى ما كانوا يفعلونه في الجاهلية من حَبْس مال الميت ونسائه،
كانوا إِذا كرهوا النساء لقبح أَو قلة مال حبسوهن عن الأَزواج لأَن
أَولياء الميت كانوا أَولى بهن عندهم. قال ابن الأَثير: وقوله لا حبس، يجوز
بفتح الحاء على المصدر ويضمها على الاسم.
والحِبْسُ: كلُّ ما سدَّ به مَجْرى الوادي في أَيّ موضع حُبِسَ؛ وقيل:
الحِبْس حجارة أَو خشب تبنى في مجرى الماء لتحبسه كي يشرب القومُ ويَسقوا
أَموالَهُم، والجمع أَحْباس، سمي الماء به حِبْساً كما يقال له نِهْيٌ؛
قال أَبو زرعة التيمي:
من كَعْثَبٍ مُسْتَوْفِز المَجَسِّ،
رَابٍ مُنِيفٍ مثلِ عَرْضِ التُّرْسِ
فَشِمْتُ فيها كعَمُود الحِبْسِ،
أَمْعَسُها يا صاحٍ، أَيَّ مَعْسِ
حتى شَفَيْتُ نَفْسَها من نَفْسي،
تلك سُلَيْمَى، فاعْلَمَنَّ، عِرْسِي
الكَعْثَبُ: الرَّكَبُ. والمَعْسُ: النكاح مثل مَعْسِ الأَديم إِذا دبغ
ودُلِكَ دَلْكاً شديداً فذلك مَعْسُه. وفي الحديث: أَنه سأَل أَين حِبْسُ
سَيَل فإِنه يوشك أَن يخرج منه نار تضيء منها أَعناق الإِبل ببصري؛ هو
من ذلك. وقيل: هو فلُوقٌ في الحَرَّة يجتمع فيها ماء لو وردت عليه أُمَّة
لوسعهم. وحِبْسُ سَيَل: اسم موضع بِحَرَّةِ بني سليم، بينها وبين
السَّوارِقيَّة مسيرة يوم، وقيل: حُبْسُ سَيَل، بضم الحاء، الموضع
المذكور.والحُباسَة والحِباسَة كالحِبْس؛ أَبو عمرو: الحَِبْس مثل المَصْنَعة
يجعل للماء، وجمعه أَحْباسٌ. والحِبْس: الماء المستنقع، قال الليث: شيء
يحبس به الماء نحو الحُِباسِ في المَزْرَفَة يُحْبَس به فُضول الماء،
والحُباسة في كلام العرب: المَزْرَفَة، وهي الحُِباسات في الأَرض قد أَحاطت
بالدَّبْرَةِ، وهي المَشارَةُ يحبس فيها الماء حتى تمتلئَ ثم يُساق الماء
إِلى غيرها. ابن الأَعرابي: الحَبْسُ الشجاعة، والحِبْسُ، بالكسر
(* قوله
«والحبس بالكسر» حكى المجد فتح الحاء أَيضاً)، حجارة تكون في فُوْهَة
النهر تمنع طُغْيانَ الماءِ. والحِبْسُ: نِطاق الهَوْدَج. والحِبْسُ:
المِقْرَمَة. والحِبْسُ: سوار من فضة يجعل في وسط القِرامِ، وهو سِتْرٌ يُجْمَعُ
به ليُضِيء البيت. وكَلأٌ حابسٌ: كثير يَحْبِسُ المالَ.
والحُبْسَة والاحْتِباس في الكلام: التوقف. وتحَبَّسَ في الكلام:
توقَّفَ. قال المبرد في باب علل اللسان: الحُبْسَةُ تعذر الكلام عند إِرادته،
والعُقْلَة التواء اللسان عند إِرادة الكلام. ابن الأَعرابي: يكون الجبل
خَوْعاً أَي أَبيض ويكون فيه بُقْعَة سوداء، ويكون الجبلُ حَبْساً أَي
أَسودَ ويكون فيه بقعة بيضاء. وفي حديث الفتح: أَنه بعث أَبا عبيدة على
الحُبْسِ؛ قال القُتَيبي: هم الرَّجَّالة، سموا بذلك لتحبسهم عن الركبان
وتأَخرهم؛ قال: وأَحْسِبُ الواحد حَبيساً، فعيل بمعنى مفعول، ويجوز أَن يكون
حابساً كأَنه يَحْبِسُ من يسير من الرُّكبان بمسيره. قال ابن الأَثير:
وأَكثر ما يروى الحُبَّس، بتشديد الباء وفتحها، فإِن صحت الرواية فلا يكون
واحدها إِلا حابساً كشاهد وشُهَّد، قال: وأَما حَبيس فلا يعرف في جمع
فَعِيل فُعَّلٌ، وإِنما يعرف فيه فُعُل كنَذِير ونُذُر، وقال الزمخشري:
الحُبُسُ، بضم الباء والتخفيف، الرَّجَّالة، سموا بذلك لحبسهم الخيالة
ببُطْءِ مشيهم، كأَنه جمع حَبُوس، أَو لأَنهم يتخلفون عنهم ويحتبسون عن بلوغهم
كأَنه جمع حَبِيسٍ؛ الأَزهري: وقول العجاج:
حَتْف الحِمام والنُّحُوسَ النُّحْسا
التي لا يدري كيف يتجه لها.
وحابَسَ الناسُ الأُمُورَ الحُبَّسا
أَراد: وحابَسَ الناسَ الحُبَّسُ الأُمورُ، فقلبه ونصبه، ومثله كثير.
وقد سمت حابِساً وحَبِيساً، والحَبْسُ: موضع. وفي الحديث ذكر ذات
حَبِيس، بفتح الحاء وكسر الباء، وهو موضع بمكة. وحَبِيس أَيضاً: موضع
بالرَّقَّة به قبور شهداء صِفِّينَ. وحابِسٌ: اسم أَبي الأَقرع التميمي.
حذر: الحِذْرُ والحَذَرُ: الخيفة. حَذِرَهُ يَحْذَرُهُ حَذَراً
واحْتَذَرَهُ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
قلتُ لقومٍ خَرجُوا هَذالِيلْ:
احْتَذِرُوا لا يَلْقَكُمْ طَمالِيلْ
ورجلُ حَذِرٌ وحَذُرٌ
(* قوله: «وحذر» بفتح الحاء وضم الذال كما هو
مضبوط بالأَصل، وجرى عليه شارح القاموس خلافاً لما في نسخ القاموس من ضبطه
بالشكل بسكون الذال) وحاذُورَةٌ وحِذْرِيانٌ: متيقظ شديد الحَذَرِ
والفَزَعِ، متحرّز؛ وحاذِرٌ: متأَهب مُعِدٌّ كأَنه يَحْذَرُ أَن يفاجَأَ؛ والجمع
حَذِرُونَ وحَذارَى. الجوهري: الحَذَرُ والحِذْرُ التحرّز؛ وأَنشد سيبويه
في تعدِّيه:
حَذِرٌ أُمُوراً لا تُخافُ، وآمِنٌ
ما ليسَ مُنْجِيهِ من الأَقدْارِ
وهذا نادر لأَن النعت إِذا جاء على فَعِلٍ لا يتعدى إِلى مفعول.
والتحذير: التخويف. والحذارُ: المُحاذَرَةُ. وقولهم: إِنه لابْنُ أَحْذارٍ أَي
لابْنُ حَزْمٍ وحَذَرٍ. والمَحْذُورَةُ: الفزع بعينه. وفي التنزيل العزيز:
وإِنا لجميعٌ حاذِرُونَ، وقرئ: حَذِرُونَ وحَذُرونَ أَيضاً، بضم الذال،
حكاه الأَخفش؛ ومعنى حاذرون متأَهبون، ومعنى حذرون خائفون، وقيل: معنى
حذرون مُعِدُّونَ. الأَزهري: الحَذَرُ مصدر قولك حَذِرْتُ أَحْذَرُ
حَذَراً، فَأَنا حاذِرٌ وحَذِرٌ، قال: ومن قرأَ: وإِنا لجميع حاذرون؛ أَي
مستعدون. ومن قرأَ: حذرون، فمعناه إِنا نخاف شرهم. وقال الفرّاء في قوله:
حاذرون، روي عن ابن مسعود أَنه قال مُؤْدُونَ: ذَوُو أَداةٍ من السلاح. قال:
وكأَنَّ الحاذِرَ الذي يَحْذَرُكَ الآن. وكَأَنَّ الحَذِرَ المَخْلُوقُ
حَذِراً لا تلقاه إِلاَّ حَذِراً. وقال الزجاج: الحاذِرُ المستعدُّ،
والحَذِرُ المتيقظ؛ وقال شمر: الحاذِرُ المُؤْدِي الشَّاكُّ في السلاح؛
وأَنشد:وبِزَّةٍ مِن فَوْقِ كُمَّيْ حاذِرِ،
ونَثْرَةٍ سَلَبْتُها عن عامِرِ،
وحَرْبَةٍ مِثْلِ قُدَامَى الطَّائِرِ
ورجل حِذْرِيانٌ إِذا كان حَذِراً، على فِعْليانٍ.
وقوله تعالى: ويُحَذِّرُكم الله نفسه؛ أَي يحذركم إِياه. أَبو زيد: في
العين الحَذَرُ، وهو ثِقَلٌ فيها من قَذىً يصيبها؛ والحَذَلُ باللام، طول
البكاء وأَن لا تجف عين الإِنسان. وقد حَذَّرَهُ الأَمَر وأَنا حَذُيرُكَ
منه مُحَذِّرك منه أُحَذِّرُكَهُ. قال الأَصمعي: لم أَسمع هذا الحرف
لغير الليث، وكأَنه جاء به على لفظ نَذِيرُكَ وعَذِيرُكَ.
وتقول: حَذَارِ يا فلان أَي احْذرْ؛ وأَنشد لأَبي النجم:
حَذارِ مِنْ أَرْماحِنا حَذارِ
أَوْ تَجْعَلُوا دُونَكُمُ وَبارِ
وتقول: سُمِعَتْ حَذارِ في عسكرهم ودُعِيَتْ نَزال بينهم.
والمَحْذُورَةُ: كالحَذَرِ مصدر كالمَصْدُوقَةِ والمَلْزُومَة، وقيل: هي الحرب. ويقال:
حَذارِ مثل قَطامِ لأَأَي احْذرْ، وقد جاء في الشعر حَذار وأَنشد
اللحياني:
حَذارِ حَذارٍ مِنْ فَوارِسِ دارِمٍ،
أَبا خالِدٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَنَدَّما
فنوّن الأَخيرة ولم يكن ينبغي له ذلك غير أَن الشاعر أَراد أَن يتم به
الجزء. وقالوا. حَذارَيْكَ، جعلوه بدلاً من اللفظ بالفعل، ومعنى التثنية
أَنه يريد: ليكن منك حَذَرٌ بعد حَذَرٍ. ومن أَسماء الفعل قولهم: حَذَرَكَ
زَيْداً وحَذارَكَ زيداً إِذا كنت تُحَذِّرُه منه. وحكى اللحياني:
حَذارِك، بكسر الراء، وحُذُرَّى صيغة مبنية من الحَذَرِ؛ وهي اسم حكاها
سيبويه.وأَبو حَذَرٍ: كُنْيَةُ الحِرْباء.
والحِذْرِيَةُ والحِذْرِياءُ: الأَرضُ الخَشِنَةُ؛ ويقال لها حَذارِ اسم
معرفة. النضر: الحِذْرِيَةُ الأَرض الغليظة من القُفِّ الخَشِنَةُ،
والجمع الحَذارَى. وقال أَبو الخَيْرَةِ: أَعلى الجبل إِذا كان صُلْباً
غليظاً مستوياً، فهو حِذْرِيةٌ، والحِذْرِيَةُ على فِعْليَةٍ قطعة من الأَرض
غليظة، والجمع الحَذارَى، وتسمى إِحدى حَرَّتَيْ بني سُلَيْمٍ
الحِذْرِيَةَ.
واحْذَأَرَّ الرجلُ: غَضِبَ فاحرْ نَفْشَ وتَقَبَّضَ.
والإِحْذارُ: الإِنذار. والحُذارِياتُ: المنذورون.
ونَفَشَ الديكُ حِذْرِيَتَهُ أَي عِفْرِيَتَهُ.
وقد سمَّتْ مَحْذُوراً وحُذَيْراً. وأَبو مَحْذُورَةَ: مؤَذن النبي، صلى
الله عليه وسلم، وهو أَوْسُ بن مِعْيَرٍ أَحد بني جُمَحٍ؛ وابنُ
حُِذارٍ: حَكَمُ بن أَسَدٍ، وهو أَحد بني سعد بن ثعلبة بن ذودان يقول فيه
الأَعشى:
وإِذا طَلَبْتَ المَجْدَ أَيْنَ مَحَلُّهُ،
فاعْمِدْ لبيتِ رَبيعَةَ بنِ حُذارِ
قال الأَزهري: وحُِذارُ اسم إِبي ربيعة بن حُذارٍ قاضي العرب في
الجاهلية، وهو من بني أَسد بن خزيمة.
طوح: طاحَ يَطُوحُ ويَطِيحُ طَوْحاً: أَشرف على الهلاك، وقيل: هلك وسقط
أَو ذهب، وكذلك إِذا تاه في الأَرض. والطائح: الهالك المُشْرِفُ على
الهلاك؛ وكل شيء ذَهَبَ وفَنيَ: فقد طاحَ يَطِيحُ طَوْحاً وطَيْحاً، لغتان.
وطَوَّحَه هو وطَوَّحَ به: تَوَّهَه وذهب به ههنا وههنا، فَتَطوَّح في
البلاد إِذا رَمَى بنفسه ههنا وههنا، أَو حَمَلهُ على ركوب مفازة يُخافُ
فيها هلاكُه؛ قال أَبو النجم:
يُطَوِّحُ الهادي به تَطْوِيحا
والطَّيْحُ: الهلاك. والمُطَوَّحُ: الذي طُوِّحَ به في الأَرض أَي
ذُهِبَ به.
وطَوَّحَه: بعث به إِلى أَرض لا يرجع منها؛ قال:
ولكنَّ البُعُوث جَرَتْ علينا،
فَصِرْنا بين تَطْوِيحٍ وغُرْمِ
وتَطَوَّحَ إِذا ذهب وجاء في الهواء؛ قال ذو الرمة يصف رجلاً على
البعير، في النوم يتطوَّح أَي يجيء ويذهب في الهواء:
ونَشْوانَ من كأْسِ النُّعاسِ كأَنه،
بحَبْلَينِ في مَشْطونَةٍ، يَتَطَوَّحُ
قال سيبويه في طاحَ يَطِيحُ: إِنه فَعِل يَفْعِل لأَن فَعَل يَفْعِلُ لا
يكون في بنات الواو، كراهية الالتباس ببنات الياء، كما أَن فَعَلَ
يَفْعُل لا يكون في بنات الياء، كراهية الالتباس ببنات الواو أَيضاً، فلما كان
ذلك عَدَماً البَتَّةَ، ووجدوا فَعِل يَفْعِلُ وفي الصحيح كَحَسِبَ
يَحْسِبُ وأَخواتها، وفي المعتل كَوَلي يَلي وأَخواته حملوا طاح يَطِيحُ على
ذلك، وله نظائر كتاه يَتِيه وماهَ يَمِيهُ، وهذا كله فيمن لم يقل إِلاَّ
طَوَّحه وتَوَّهَه، وماهَتِ الرَّكِيَّة مَوْهاً، وأَما مَن قال طَيَّحَه
وتَيَّهه وماهَتِ الرَّكِيَّةُ مَيْهاً فقد كُفِينا القولَ في لغته،
لأَن طاحَ يَطِيحُ وأَخواته على هذه اللغة من بنات الياء، كبَاع يَبيعُ
ونحوها.
وطَوَّحَ بثوبه: رمى به في مَهْلَكة؛ وطَيَّح به مثله؛ الفراء: يقال
طَيَّحْتُه وطَوَّحْتُه وتَضَوَّعَ رِيحُه وتَضَيَّع، والمَياثِقُ
والمواثِقُ.
وطاحَ به فرسُه إِذا مضى يَطِيحُ طَيْحاً وذلك كذهاب السهم بسرعة.
ويقال: أَين طُيِّحَ بك؟ أَي أَين ذُهب بك؟ قال الجَعْدي يذكر فرساً:
يَطِيحُ بالفارِس المُدَجَّج، ذي الْـ
ـقَوْنَسِ، حتى يَغِيبَ في القَتَمِ
القَتَمُ: الغُبار.
أَبو سعيد: أَصابت الناسَ طَيْحةٌ أَي أُمورٌ فَرَّقت بينهم، وكان ذلك
في زمن الطَّيْحةِ.
ابن الأَعرابي: أَطاحَ مالَه وطَوَّحه أَي أَهلكه. وطَوَّحَ بالشيء:
أَلقاه في الهواء. وفي حديث أَبي هريرة في يوم اليَرْمُوك: فما رُؤِيَ
مَوْطِنٌ أَكثرُ قِحْفاً ساقطاً وكفّاً طائحةً أَي طائرة من مِعْصَمها.
وطوَّحَ نفسَه: تَوَّهها. وتَطاوَح: تَرامَى. وطاوَحه: راماه؛ قال:
فأَمَّا واحدٌ فكفَاكَ مِنِّي،
فمَنْ لِيَدٍ تُطاوِحُها أَيادي؟
تُطاوِحُها أَي ترامي بها. والأَيادي: جمع أَيْدٍ التي هي جمع يَدٍ أَي
أَكفيك واحداً فإِذا كثرت الأَيادِي فلا طاقة لي بها. وتَطاوحت بهم
النَّوَى أَي ترامت. والمَطاوِحُ: المَقاذِفُ. وطَوَّحَتْه الطَّوائِح:
قَذَفَتْه القَواذِفُ. ولا يقال المُطَوِّحاتُ، وهو من النَّوادر كقوله تعالى:
وأَرسلنا الرياحَ لَواقِحَ؛ على أَحد التأْويلين. وطَوَّح الشيءَ
وطَيَّحه: ضيَّعه.