ما يأخذه الصغار يوم العيد من مال وهدايا.
ما يأخذه الصغار يوم العيد من مال وهدايا.
قال: والمُتَعَيِّدُ الغَضْبانُ. وقال أَبو سعيد: تَعَيِّدَ العائنُ على
ما يَتَعَيَّنُ إِذا تَشَهَّقَ عليه وتَشَدَّدَ ليبالغ في إِصابته
بعينه. وحكي عن أَعرابي: هو لا يُتَعَيَّنُ عليه ولا يُتَعَيَّدُ؛ وأَنشد ابن
السكيت:
كأَنها وفَوْقَها المُجَلَّدُ،
وقِرْبَةٌ غَرْفِيَّةٌ ومِزْوَدُ،
غَيْرَى على جاراتِها تَعَيِّدُ
قال: المُجَلَّدُ حِمْل ثقيل فكأَنها، وفوقها هذا الحمل وقربة ومزود،
امرأَة غَيْرَى. تعيد أَي تَنْدَرِئُ بلسانها على ضَرَّاتها وتحرّك
يديها.والعَوْدُ: الجمل المُسِنُّ وفيه بقية؛ وقال الجوهري: هو الذي جاوَزَ في
السنِّ البازِلَ والمُخْلِفَ، والجمع عِوَدَةٌ، قال الأَزهري: ويقال في
لغة عِيَدَةَ وهي قبيحة. وفي المثل: إنّ جَرْجَدَ العَوْدَ فَزِدْه
وقْراً، وفي المثل: زاحِمْ بعَوْد أَو دَعْ أَي استعن على حربك بأَهل السن
والمعرفة، فإِنَّ رأْي الشيخ خير من مَشْهَدِ الغلام، والأُنثى عَوْدَةٌ
والجمع عِيادٌ؛ وقد عادَ عَوْداً وعَوَّدَ وهو مُعَوِّد. قال الأَزهري: وقد
عَوَّدَ البعيرُ تَعْوِيداً إِذا مضت له ثلاث سنين بعد بُزُولِه أَو
أَربعٌ، قال: ولا يقال للناقة عَوْدَةٌ ولا عَوَّدَتْ؛ قال: وسمعت بعض العرب
يقول لفرس له أُنثى عَوْدَةٌ. وفي حديث حسان: قد آن لكم أَنْ تَبْعَثُوا
إِلى هذا العَوْدِ؛ هو الجمل الكبير المُسِنُّ المُدَرَّبُ فشبه نفسه به.
وفي حديث معاوية: سأَله رجل فقال: إِنك لَتَمُتُّ بِرَحِمٍ عَوْدَة،
فقال: بُلَّها بعَطائكَ حتى تَقْرُبَ، أَي برَحِمٍ قديمةٍ بعيدة النسب.
والعَوْد أَيضاً: الشاة المسن، والأُنثى كالأُنثى. وفي الحديث: أَنه، عليه
الصلاة والسلام، دخل على جابر بن عبد الله منزلَهُ قال: فَعَمَدْتُ إِلى
عَنْزٍ لي لأَذْبَحَها فَثَغَتْ، فقال، عليه السلام: يا جابر لا تَقْطَعْ
دَرًّا ولا نَسْلاً، فقلت: يا رسول الله إِنما هي عَوْدَة علفناها البلح
والرُّطَب فسمنت؛ حكاه الهروي في الغريبين. قال ابن الأَثير: وعَوَّدَ
البعيرُ والشاةُ إِذا أَسَنَّا، وبعير عَوْد وشاة عَوْدَةٌ. قال ابن
الأَعرابي: عَوَّدَ الرجلُ تَعْويداً إِذا أَسن؛ وأَنشد:
فَقُلْنَ قد أَقْصَرَ أَو قد عَوّدا
أَي صار عَوْداً كبيراً. قال الأَزهري: ولا يقال عَوْدٌ لبعير أَو شاة،
ويقال للشاة عَوْدة ولا يقال للنعجة عَوْدة. قال: وناقة مُعَوِّد. وقال
الأَصمعي: جمل عَوْدٌ وناقة عَوْدَةٌ وناقتان عَوْدَتان، ثم عِوَدٌ في جمع
العَوْدة مثل هِرَّةٍ وهِرَرٍ وعَوْدٌ وعِوَدَةٌ مثل هِرٍّ وهِرَرَةٍ،
وفي النوادر: عَوْدٌ وعِيدَة؛ وأَما قول أَبي النجم:
حتى إِذا الليلُ تَجَلَّى أَصْحَمُه،
وانْجابَ عن وجْهٍ أَغَرَّ أَدْهَمُه،
وتَبِعَ الأَحْمَرَ عَوْدٌ يَرْجُمُه
فإِنه أَراد بالأَحمر الصبح، وأَراد بالعود الشمس. والعَوْدُ: الطريقُ
القديمُ العادِيُّ؛ قال بشير بن النكث:
عَوْدٌ على عَوْدٍ لأَقْوامٍ أُوَلْ،
يَمُوتُ بالتَّركِ، ويَحْيا بالعَمَلْ
يريد بالعود الأُول الجمل المسنّ، وبالثاني الطريق أَي على طريق قديم،
وهكذا الطريق يموت إِذا تُرِكَ ويَحْيا إِذا سُلِكَ؛ قال ابن بري: وأَما
قول الشاعر:
عَوْدٌ عَلى عَوْدٍ عَلى عَوْدٍ خَلَقْ
فالعَوْدُ الأَول رجل مُسنّ، والعَوْدُ الثاني جمل مسنّ، والعود الثالث
طريق قديم. وسُودَدٌ عَوْدٌ قديمٌ على المثل؛ قال الطرماح:
هَلِ المَجْدُ إِلا السُّودَدُ العَوْدُ والنَّدى،
وَرَأْبُ الثَّأَى، والصَّبْرُ عِنْدَ المَواطِنِ؟
وعادَني أَنْ أَجِيئَك أَي صَرَفَني، مقلوب من عَداني؛ حكاه يعقوب.
وعادَ فِعْلٌ بمنزلة صار؛ وقول ساعدة بن جؤية:
فَقَامَ تَرْعُدُ كَفَّاه بِمِيبَلَة،
قد عادَ رَهْباً رَذِيّاً طائِشَ القَدَمِ
لا يكون عاد هنا إِلا بمعنى صار، وليس يريد أَنه عاود حالاً كان عليها
قبل، وقد جاء عنهم هذا مجيئاً واسعاً؛ أَنشد أَبو علي للعجاج:
وقَصَباً حُنِّيَ حَتَّى كادَا
يَعُودُ، بَعْدَ أَعْظُمٍ، أَعْوادَا
أَي يصير. وعاد: قبيلة. قال ابن سيده: قضينا على أَلفها أَنها واو
للكثرة وأَنه ليس في الكلام «ع ي د» وأَمَّا عِيدٌ وأَعْيادٌ فبد لازم. وأَما
ما حكاه سيبويه من قول بعض العرب من أَهلِ عاد بالإِمالة فلا يدل ذلك أَن
أَلفها من ياء لما قدّمنا، وإِنما أَمالوا لكسرة الدال. قال: ومن العرب
من يدَعُ صَرْفَ عاد؛ وأَنشد:
تَمُدُّ عليهِ، منْ يَمِينٍ وأَشْمُلٍ،
بُحُورٌ له مِنْ عَهْدِ عاد وتُبَّعا
جعلهما اسمين للقبيلتين. وبئر عادِيَّةٌ، والعادِيُّ الشيء القديم نسب
إِلى عاد؛ قال كثير:
وما سالَ وادٍ مِنْ تِهامَةَ طَيِّبٌ،
به قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكُرُورُ
(* قوله «وكرور» كذا بالأصل هنا والذي فيه في مادة ك ر ر وكرار بالالف
وأورد بيتاً قبله على هذا النمط وكذا الجوهري فيها).
وعاد: قبيلة وهم قومُ هودٍ، عليه السلام. قال الليث: وعاد الأُولى هم
عادُ بن عاديا بن سام بن نوح الذين أَهلكهم الله؛ قال زهير:
وأُهْلِكَ لُقْمانُ بنُ عادٍ وعادِيا
وأَما عاد الأَخيرة فهم بنو تميم ينزلون رمالَ عالِجٍ عَصَوُا الله
فَمُسخُوا نَسْناساً، لكل إِنسان منهم يَدٌ ورجل من شِقّ؛ وما أَدْري أَيُّ
عادَ هو، غير مصروف
(* قوله «غير مصروف» كذا بالأصل والصحاح وشرح القاموس
ولو اريد بعاد القبيلة لا يتعين منعه من الصرف ولذا ضبط في القاموس الطبع
بالصرف.) أَي أَيّ خلق هو.
والعِيدُ: شجر جبلي يُنْبِتُ عِيداناً نحو الذراع أَغبر، لا ورق له ولا
نَوْر، كثير اللحاء والعُقَد يُضَمَّدُ بلحائه الجرح الطري فيلتئم،
وإِنما حملنا العيد على الواو لأَن اشتقاق العيد الذي هو الموسم إِنما هو من
الواو فحملنا هذا عليه.
وبنو العِيدِ: حي تنسب إِليه النوق الــعِيدِيَّةُ، والــعيدِيَّة: نجائب
منسوبة معروفة؛ وقيل: الــعِيدية منسوبة إِلى عاد بن عاد، وقيل: إلى عادِيّ
بن عاد إِلا أَنه على هذين الأَخيرين نَسَبٌ شاذٌّ، وقيل: الــعيدية تنسب
إِلى فَحْلٍ مُنْجِب يقال له عِيدٌ كأَنه ضرب في الإِبل مرات؛ قال ابن
سيده: وهذا ليس بقويّ؛ وأَنشد الجوهري لرذاذ الكلبي:
ظَلَّتْ تَجُوبُ بها البُلْدانَ ناجِيَةٌ
عِيدِيَّةٌ، أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانِيرُ
وقال: هي نُوق من كِرام النجائب منسوبة إِلى فحل منجب. قال شمر:
والــعِيدِيَّة ضَرْب من الغنم، وهي الأُنثى من البُرِْقانِ، قال: والذكر خَرُوفٌ
فلا يَزالُ اسمَه حتى يُعَقَّ عَقِيقَتُه؛ قال الأَزهري: لا أَعرف
الــعِيدِيَّة في الغنم وأَعرف جنساً من الإِبل العُقَيْلِيَّة يقال لها
الــعِيدِيَّة، قال: ولا أَدري إِلى أَي شيء نسبت.
وحكى الأَزهري عن الأَصمعي: العَيْدانَةُ النخلة الطويلة، والجمع
العَيْدانُ؛ قال لبيد:
وأَبْيَض العَيْدانِ والجَبَّارِ
قال أَبو عدنان: يقال عَيْدَنَتِ النخلةُ إِذا صارت عَيْدانَةً؛ وقال
المسيب بن علس:
والأُدْمُ كالعَيْدانِ آزَرَها،
تحتَ الأَشاءِ، مُكَمَّمٌ جَعْلُ
قال الأَزهري: من جعل العيدان فَيْعالاً جعل النون أَصلية والياء زائدة،
ودليله على ذلك قولهم عيْدَنَتِ النخلةُ، ومن جعله فَعْلانَ مثل
سَيْحانَ من ساحَ يَسِيحُ جعل الياء أَصلية والنون زائدة. قال الأَصمعي:
العَيْدانَةُ شجرة صُلْبَة قديمة لها عروق نافذة إِلى الماء، قال: ومنه هَيْمانُ
وعَيْلانُ؛ وأَنشد:
تَجاوَبْنَ في عَيْدانَةٍ مُرْجَحِنَّةٍ
مِنَ السِّدْرِ، رَوَّاها، المَصِيفَ، مَسِيلُ
وقال:
بَواسِق النخلِ أَبكاراً وعَيْدانا
قال الجوهري: والعَيدان، بالفتح، الطِّوالُ من النخل، الواحدة
عيْدانَةٌ، هذا إِن كان فَعْلان، فهو من هذا الباب، وإِن كان فَيْعالاً، فهو من
باب النون وسنذكره في موضعه.
والعَوْدُ: اسم فرَس مالك بن جُشَم. والعَوْدُ أَيضاً: فرس أُبَيّ بن
خلَف.
وعادِ ياءُ: اسم رجل؛ قال النمر بن تولب:
هَلاَّ سَأَلْت بِعادياءَ وَبَيْتِه
والخلِّ والخمرِ، الذي لم يُمْنَعِ؟
قال: وإِن كان تقديره فاعلاء، فهو من باب المعتل، يذكر في موضعه.
سعد: السَّعْد: اليُمْن، وهو نقيض النَّحْس، والسُّعودة: خلاف النحوسة،
والسعادة: خلاف الشقاوة. يقال: يوم سَعْد ويوم نحس. وفي المثل: في الباطل
دُهْدُرَّيْنْ سَعْدُ القَيْنْ، ومعناهما عندهم الباطل؛ قال الأَزهري:
لا أَدري ما أَصله؛ قال ابن سيده: كأَنه قال بَطَلَ يعدُ القينُ،
فَدُهْدُرَّيْن اسم لِبَطَلَ وسعد مرتفع به وجمعه سُعود. وفي حديث خلف: أَنه سمع
أَعرابيّاً يقول دهدرّين ساعد القين؛ يريد سعد القين فغيره وجعله
ساعداً.وقد سَعِدَ يَسْعَدُ سَعْداً وسَعادَة، فهو سعيد: نقيض شَقى مثل سَلمِ
فهو سَليم، وسُعْد، بالضم، فهو مسعود، والجمع سُعداء والأُنثى بالهاء. قال
الأَزهري: وجائز أَن يكون سعيد بمعنى مسعود من سَعَده الله، ويجوز أَن
يكون من سَعِد يَسْعَد، فهو سعيد. وقد سعَده الله وأَسعده وسَعِد يَسْعَد،
فهو سعيد. وقد سَعده الله وأَسعده وسَعِد جَدُّه وأَسَعده: أَنماه.
ويومٌ سَعْد وكوكبٌ سعد وُصِفا بالمصدر؛ وحكى ابن جني: يومٌ سَعْد وليلةٌ
سعدة، قال: وليسا من باب الأَسْعد والسُّعْدى، بل من قبيل أَن سَعْداً
وسَعْدَةً صفتان مسوقتان على منهاج واستمرار، فسَعْدٌ من سَعْدَة كجَلْد من
جَلْدة ونَدْب من نَدْبة، أَلا تراك تقول هذا يوم سَعْدٌ وليلة سعدة، كما
تقول هذا شَعر جَعْد وجُمَّة جعدة؟ وتقول: سَعَدَ يومُنا، بالفتح، يَسْعَد
سُعودا. وأَسعده الله فهو مسعود، ولا يقال مُسْعَد كأَنهم استَغْنَوا
عنه بمسعود.
والسُّعُد والسُّعود، الأَخيرة أَشهر وأَقيس: كلاهما سعود النجوم، وهي
الكواكب التي يقال لها لكل واحد منها سَعْدِ كذا، وهي عشرة أَنجم كل واحد
منها سعد: أَربعة منها منازلُ ينزل بها القمر، وهي: سعدُ الذابِح وسعدُ
بُلَع وسعد السُّعود وسعدُ الأَخْبِيَة، وهي في برجي الجدي والدلو، وستة
لا ينزل بها القمر، وهي: سعد ناشِرَة وسعد المَلِك وسعْدُ البِهامِ وسعدُ
الهُمامِ وسعد البارِع وسعد مَطَر، وكل سعد منها كوكبان بين كل كوبين في
رأْي العين قدر ذراع وهي متناسقة؛ قال ابن كناسة: سعد الذابح كوكبان
متقاربان سمي أَحدهما ذابحاً لأَن معه كوكباً صغيراً غامضاً، يكاد يَلْزَقُ
به فكأَنه مُكِبٌّ عليه يذبحه، والذابح أَنور منه قليلاً؛ قال: وسعدُ
بُلَع نجمان معترِضان خفيان. قال أَبو يحيى: وزعمت العرب أَنه طلع حين قال
الله: يا أَرض ابلعي ماءك ويا سماء أَقلعي؛ ويقال إِنما سمي بُلَعاً لأَنه
كان لقرب صاحبه منه يكاد أَن يَبْلَعَه؛ قال: وسعد السعود كوكبان، وهو
أَحمد السعود ولذلك أُضيف إِليها، وهو يشبه سعد الذابح في مَطْلَعِه؛ وقال
الجوهري: هو كوكب نَيِّرٌ منفرد. وسعد الأَخبية ثلاثة كواكب على غير طريق
السعود مائلة عنها وفيها اختلاف، وليست بخفية غامضة ولا مضيئة منيرة،
سميت سعد الأَخبية لأَنها إِذا طلعت خرجت حشَراتُ الأَرض وهوامُّها من
جِحَرتها، جُعِلَتْ جِحَرتُها لها كالأَخبية؛ وفيها يقول الراجز:
قد جاء سعدٌ مُقْبِلاً بِجَرِّه،
واكِدَةً جُنودُه لِشَرِّه
فجعل هوامَّ والأَرض جنوداً لسعد الأَخبية؛ وقيل: سعد الأَخبية ثلاثة
أَنجم كأَنها أَثافٍ ورابع تحت واحد منهن، وهي السعود، كلها ثمانية، وهي من
نجوم الصيف ومنازل القمر تطلع في آخر الربيع وقد سكنت رياح الشتاء ولم
يأْت سلطان رياح الصيف فأَحسن ما تكون الشمس والقمر والنجوم في أَيامها،
لأَنك لا ترى فيها غُبْرة، وقد ذكرها الذبياني فقال:
قامت تَراءَى بين سِجْفَيِ كلَّةٍ،
كالشمسِ يوم طُلوعِها بالأَسعَد
والإِسْعاد: المعونة. والمُساعَدة: المُعاونة.
وساعَدَه مُساعدة وسِعاداً وأَسعده: أَعانه. واستَسْعد الرجلُ برؤية
فلان أَي عدّه سَعْداً.
وسعْدَيك من قوله لَبَّيك وسعديك أَي إِسعاداً لك بعد إِسعادٍ. روي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه كان يقول في افتتاح الصلاة: لبيك وسعديك،
والخير في يديك والشر ليس إِليك؛ قال الأَزهري: وهو خبر صحيح وحاجة أَهل
العلم إِلى معرفة تفسيره ماسة، فأَما لبَّيْك فهو مأخوذ من لبَِّ
بالمكان وأَلبَّ أَي أَقام به لَبّاً وإِلباباً، كأَنه يقول أَنا مقيم على
طاعتك إِقامةً بعد إِقامةٍ ومُجيب لك إِجابة بعد إِجابة؛ وحكي عن ابن السكيت
في قوله لبيك وسعديك تأْويله إِلباباً بك بعد إِلباب أَي لزوماً لطاعتك
بعد لزوم وإِسعاداً لأَمرك بعد إِسعاد؛ قال ابن الأَثير أَي ساعدت طاعتك
مساعدة بعد مساعدة وإِسعاداً بعد إِسعاد ولهذا ثنى، وهو من المصادر
المنصوبة بفعل لا يظهر في الاستعمال؛ قال الجَرْميّ: ولم نَسْمَع لسعديك
مفرداً. قال الفراء: لا واحد للبيك وسعديك على صحة؛ قال ابن الأَنباري: معنى
سعديك أَسعدك الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الفراء: وحنَانَيْك رحِمَك
الله رحمة بعد رحمة، وأَصل الإِسعاد والمساعدة متابعةُ العبد أَمرَ ربه
ورضاه. قال سيبويه: كلام العرب على المساعدة والإِسعاد، غير أَن هذا الحرف
جاء مثنى على سعديك ولا فعل له على سعد، قال الأَزهري: وقد قرئ قوله
تعالى: وأَما الذين سُعدوا؛ وهذا لا يكون إِلا من سعَدَه اللهُ وأَسعَدَه
(*
قوله «الا من سعده الله وأسعده إلخ» كذا بالأصل ولعل الأولى إلاّ من سعده
الله بمعنى أسعده.) أَي أَعانه ووفَّقَه، لا من أَسعده الله، ومنه سمي
الرجل مسعوداً. وقال أَبو طالب النحوي: معنى قوله لبيك وسعديك أَي
أَسعَدَني الله إِسعاداً بعد إِسعاد؛ قال الأَزهري: والقول ما قاله ابن السكيت
وأَبو العباس لأَن العبد يخاطب ربه ويذكر طاعته ولزومه أَمره فيقول سعديك،
كما يقول لبيك أَي مساعدة لأَمرك بعد مساعدة، وإِذا قيل أَسعَدَ الله
العبد وسعَدَه فمعناه وفقه الله لما يرضيه عنه فَيَسْعَد بذلك سعادة.
وساعِدَةُ الساق: شَظِيَّتُها.
والساعد: مُلْتَقى الزَّنْدَين من لدن المِرْفَق إِلى الرُّسْغ.
والساعِدُ: الأَعلى من الزندين في بعض اللغات، والذراع: الأَسفلُ منهما؛ قال
الأَزهري: والساعد ساعد الذراع، وهو ما بين الزندين والمرفق، سمي ساعداً
لمساعدته الكف إِذا بَطَشَت شيئاً أَو تناولته، وجمع الساعد سَواعد.
والساعد: مَجرى المخ في العظام ؛ وقول الأَعلم يصف ظليماً:
على حَتِّ البُرايَةِ زَمْخَرِيِّ السَّـ
واعِدِ، ظَلَّ في شَريٍ طِوالِ
عنى بالسواعد مجرى المخ من العظام، وزعموا أَن النعام والكرى لا مخ
لهما؛ وقال الأَزهري في شرح هذا البيت: سواعد الظليم أَجنحة لأَن جناحيه ليسا
كاليدين. والزَّمْخَرِيُّ في كل شيء: الأَجْوف مثل القصب وعظام النعام
جُوف لا مخ فيها. والحتُّ: السريع. والبُرَايَةُ: البقِية؛ يقول: هو سريع
عند ذهاب برايته أَي عند انحسار لحمه وشحمه.
والسواعد: مجاري الماء إِلى النَّهر أَو البَحْر. والساعدة: خشبة تنصب
لِتُمْسِكَ البَكْرَة، وجمعها السواعد. والساعد: إِحْلِيلُ خِلْف الناقة
وهو الذي يخرج منه اللبن؛ وقيل: السواعد عروق في الضَّرْع يجيء منها اللبن
إِلى الإِحليل؛ وقال الأَصمعي: السواعد قَصَب الضرع؛ وقال أَبو عمرو: هي
العروق التي يجيء منها اللبن شبهت بسواعد البحر وهي مجاريه. وساعد
الدَّرّ: عرق ينزل الدَّرُّ منه إِلى الضرع من الناقة وكذلك العرق الذي يؤدي
الدَّرَّ إِلى ثدي المرأَة يسمى ساعداً؛ ومنه قوله:
أَلم تعلمي أَنَّ الأَحاديثَ في غَدٍ
وبعد غَدٍ يا لُبن، أَلْبُ الطَّرائدِ
وكنتم كأُمٍّ لَبَّةٍ ظعَنَ ابُنها
إِليها، فما دَرَّتْ عليه بساعِدِ
رواه المفضل: ظعن ابنها، بالظاء، أَي شخص برأْسه إِلى ثديها، كما يقال
ظعن هذا الحائط في دار فلان أَي شخص فيها.
وسَعِيدُ المَزْرَعَة: نهرها الذي يسقيها. وفي الحديث: كنا نُزَارِعُ
على السَّعِيدِ.
والساعِدُ: مَسِيلُ الماء لى الوادي والبحر، وقيل: هو مجرى البحر إِلى
الأَنهار. وسواعد البئر: مخارج مائها ومجاري عيونها. والسعيد: النهر الذي
يسقي الأَرض بظواهرها إِذا كان مفرداً لها، وقيل: هو النهر، وقيل: النهر
الصغير، وجمعه سُعُدٌ؛ قال أَوس بن حجر:
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ، مُقَفِّيَةً،
نخلٌ مَواقِرُ بينها السُّعُد
ويروى: حوله. أَبو عمرو: السواعد مجاري البحر التي تصب إِليه الماء،
واحدها ساعد بغير هاء؛ وأَنشد شمر:
تأَبَّدَ لأْيٌ منهمُ فَعُتائِدُه،
فذو سَلَمٍ أَنشاجُه فسواعِدُهْ
والأَنشاجُ أَيضاً: مَجَارِي الماء، واحدها نَشَجٌ. وفي حديث سعد: كنا
نَكْرِي الأَرض بما على السَّواقي وما سَعِدَ من الماء فيها فنهانا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك؛ قوله: ما سعد من الماء أَي ما جاء من
الماء سَيْحاً لا يحتاج إِلى دالية يَجِيئُه الماء سيحاً، لأَن معنى ما
سعد: ما جاء من غير طلب. والسَّعيدة: اللِّبْنَةُ لِبْنةُ القميص.
والسعيدة: بيت كان يَحُجه ربيعة في الجاهلية.
والسَّعْدانة: الحمامة؛ قال:
إِذا سَعْدانَةُ الشَّعَفاتِ ناحت
والسَّعدانة: الثَّنْدُوَة، وهو ما استدار من السواد حول الحَلَمةِ.
وقال بعضهم: سعدانة الثدي ما أَطاف به كالفَلْكَة. والسَّعْدانة: كِرْكِرَةُ
البعير، سميت سعدانه لاستدارتها. والسعدانة: مَدْخل الجُرْدان من
ظَبْيَةِ الفرس. والسَّعْدانة: الاست وما تَقبَّضَ من حَتَارِها. والسعدانة:
عُقْدة الشِّسع مما يلي الأَرض والقِبالَ مثلُ الزِّمام بين الإِصبع الوسطى
والتي تليها. والسعدانة: العقدة في أَسفل كفَّة الميزان وهي السعدانات.
والسَّعْدانُ: شوك النخل؛ عن أَبي حنيفة، وقيل: هو بقلة. والسعدان: نبت
ذو شوك كأَنه فَلْكَةٌ يَسْتَلْقِي فينظر إِلى شوكه كالحاً إِذا يبس،
ومََنْبتُهُ سُهول الأَرض، وهو من أَطيب مراعي الإِبل ما دام رطباً، والعرب
تقول: أَطيب الإِبل لبناً ما أَكلَ السَّعْدانَ والحُرْبُثَ. وقال
الأَزهري في ترجمة صفع: والإِبل تسمن على السعدان وتطيب عليه أَلبانها، واحدته
سَعْدانَة؛ وقيل: هو نبت والنون فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلال
غير خزعال وقَهْقار إِلا من المضاعف، ولهذا النبت شوك يقال له حَسَكَةُ
السعدان ويشبه به حَلَمَةُ الثدي، يقال سعدانة الثُّنْدُوَة. وأَسفلَ
العُجايَة هنَاتٌ بأَنها الأَظفار تسمى: السعدانات. قال أَبو حنيفة: من
الأَحرار السعدان وهي غبراء اللون حلوة يأْكلها كل شيء وليست بكبيرة، ولها إِذا
يبست شوكة مُفَلطَحَة كأَنها درهم، وهو من أَنجع المرعى؛ ولذلك قيل في
المثل: مَرْعًى ولا كالسَّعدان؛ قال النابغة:
الواهِب المائَة الأَبكار، زَيَّنها
سَعدانُ تُوضَح في أَوبارها اللِّبَد
قال: وقال الأَعرابي لأَعرابي أَما تريد البادية؟ فقال: أَما ما دام
السعدان مستلقياً فلا؛ كأَنه قال: لا أُريدها أَبداً. وسئلت امرأَة تزوّجت
عن زوجها الثاني: أَين هو من الأَول؟ فقالت: مرعى ولا كالسعدان، فذهبت
مثلاً، والمراد بهذا المثل أَن السعدان من أَفضل مراعيهم. وخلط الليث في
تفسير السعدان فجعل الحَلَمَة ثمرَ السعدان وجعل له حَسَكاً كالقُطْب؛ وهذا
كله غلط، والقطب شوك غير السعدان يشبه الحسَك؛ وأَما الحَلَمة فهي شجرة
أُخرى وليست من السعدان في شيء. وفي الحديث في صفة من يخرج من النار: يهتز
كأَنه سَعدانة؛ هو نبت ذو شوك. وفي حديث القيامة والصراط: عليها خَطاطيف
وكلاليبُ وحَسَكَةٌ لها شوكة تكون بنجد يقال لها السعدان؛ شَبَّه
الخطاطيف بشوك السعدان.
والسُّعْد، بالضم: من الطيب، والسُّعادى مثله. وقال أَبو حنيفة:
السُّعدة من العروق الطيبة الريح وهي أَرُومَة مُدحرجة سوداء صُلْبَة، كأَنها
عقدة تقع في العِطر وفي الأَدوية، والجمع سُعْد؛ قال: ويقال لنباته
السُّعَادَى والجمع سُعادَيات. قال الأَزهري: السُّعد نبت له أَصل تحت الأَرض
أَسود طيب الريح، والسُّعادى نبت آخر. وقال الليث: السُّعادَى نبت السُّعد.
ويقال: خرج القوم يَتَسَعَّدون أَي يرتادون مرعى السعدان. قال الأَزهري:
والسّعدان بقل له ثمر مستدير مشوك الوجه إِذا يبس سقط على الأَرض
مستلقياً، فإِذا وطئه الماشي عقَر رجله شوْكُه، وهو من خير مراعيهم أَيام
الربيع، وأَلبان الإِبل تحلو إِذا رعت السَّعْدانَ لأَنه ما دام رطباً حُلْوٌ
يتمصصه الإِنسان رطباً ويأْكله.
والسُّعُد: ضرب من التمر؛ قال:
وكأَنَّ ظُعْنَ الحَيِّ، مُدْبِرةً،
نَخْلٌ بِزارَةَ حَمْله السُّعُدُ
وفي خطبة الحجاج: انج سَعْدُ فقد قُتِلَ سُعَيْد؛ هذا مثل سائر وأَصله
أَنه كان لِضَبَّة بن أُدٍّ ابنان: سَعْدٌ وسُعَيْدٌ، فخرجا يطلبان إِبلاً
لهما فرجع سعد ولم يرجع سعيد، فكان ضبةُ إِذا رأَى سواداً تحت الليل قال:
سَعْد أَم سُعَيْد؟ هذا أَصل المثل فأُخذ ذلك اللفظ منه وصار مما
يتشاءَم به، وهو يضرب مثلاً في العناية بذي الرحم ويضرب في الاستخبار عن
الأَمرين الخير والشر أَيهما وقع؛ وقال الجوهري في هذا المكان: وفي المثل:
أَسعد أَم سعيد إِذا سئل عن الشيء أَهو مما يُحَبّ أَو يُكْرَه.
وفي الحديث أَنه قال: لا إِسعادَ ولا عُفْرَ في الإِسلام؛ هو إِسعاد
النساء في المَناحات تقوم المرأَة فتقوم معها أُخرى من جاراتها إِذا أُصيبت
إِحداهنَّ بمصيبة فيمن يَعِزُّ عليها بكت حولاً، وأَسْعَدها على ذلك
جاراتها وذواتُ قراباتها فيجتمعن معها في عِداد النياحة وأََوقاتها
ويُتابِعْنها ويُساعِدْنها ما دامت تنوح عليه وتَبْكيه، فإِذا أُصيبت صواحباتها
بعد ذلك بمصيبة أَسعدتهن فنهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن هذا الإِسعاد.
وقد ورد حديث آخر: قالت له أُم عطية: إِنَّ فلانه أَسْعَدَتْني فأُريد
أُسْعِدُها، فما قال لها النبي، صلى الله عليه وسلم، شيئاً. وفي رواية
قال: فاذْهَبي فأَسْعِدِيها ثم بايعيني؛ قال الخطابي: أَما الإِسعاد فخاص في
هذا المعنى، وأَما المُساعَدَة فعامَّة في كل معونة. يقال إِنما سُمِّيَ
المُساعَدَةَ المُعاونَةُ من وضع الرجل يدَه على ساعد صاحبه، إِذا
تماشيا في حاجة وتعاونا على أَمر.
ويقال: ليس لبني فلان ساعدٌ أَي ليس لهم رئيس يعتمدونه. وساعِدُ القوم:
رئيسهم؛ قال الشاعر:
وما خَيرُ كفٍّ لا تَنُوءُ بساعد
وساعدا الإِنسان: عَضْداه. وساعدا الطائر: جناحاه. وساعِدَةُ: قبيلة.
وساعِدَةُ: من أَسماء الأَسد معرفة لا ينصرف مثل أُسامَةَ.
وسَعِيدٌ وسُعَيْد وسَعْد ومَسْعُود وأَسْعَدُ وساعِدَةُ ومَسْعَدَة
وسَعْدان: أَسماءُ رجال، ومن أَسماءِ النساء مَسْعَدَةُ.
وبنو سَعْد وبنو سَعِيدٍ: بطنان. وبنو سَعْدٍ: قبائل شتى في تميم وقيس
وغيرهما؛ قال طرفة بن العبد:
رأَيتُ سُعوداً من شُعوبٍ كثَيرة،
فلم ترَ عَيْني مثلَ سَعِد بنِ مالك
الجوهري: وفي العرب سعود قبائل شتى منها سَعْدُ تَميم وسَعْد هُذيل وسعد
قَيْس وسَعد بَكر، وأَنشد بيت طرفة؛ قال ابن بري: سعود جمع سُعد اسم
رجل، يقول: لم أَرَ فيمن سمي سعداً أَكرم من سعد بن مالك بن ضَبيعة بن قيَس
بن ثَعْلبة بن عُكابَة، والشُّعوبُ جمع شَعْب وهو أَكبر من القبيلة. قال
الأَزهري: والسعود في قبائل العرب كثير وأَكثرها عدداً سَعْدُ بن زيد
مَناةَ بن تَميم بن ضُبَيعة بن قيس بن ثعلبة، وسَعْدُ بن قيس عَيْلان، وسعدُ
بنُ ذُبْيانَ بن بَغِيضٍ، وسعدُ بن عَدِيِّ بن فَزارةَ، وسعدُ بن بكر بن
هَوازِنَ وهم الذين أَرضعوا النبي، صلى الله عليه وسلم، وسعد بن مالك بن
سعد بن زيد مناة؛ وفي بني أَسد سَعْدُ بن ثعلبة بن دُودان، وسَعْد بن
الحرث بن سعد بن مالك بن ثعلبة بن دُودان؛ قال ثابت: كان بنو سعد بن مالك
لا يُرى مثلُهم في بِرِّهم ووفائهم، وهؤُلاء أَرِبَّاءُ النبي، صلى الله
عليه وسلم، ومنها بنو سعد بن بكر في قيس عيَلان، ومنها بنو سَعْدِ هُذَيم
في قُضاعة، ومنها سعد العشيرة. وفي المثل: في كل واد بنو سعد؛ قاله
الأَضْبطُ بن قُريع السَّعدي لما تحوَّل عن قومه وانتقل في القبائل فلما لم
يُحْمِدهم رجع إِلى قومه وقال: في كل زادٍ بنو سعد، يعني سعد بن زيد مناة
بن تميم. وأَما سعد بكر فهم أَظآر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
قال اللحياني: وجمعُ سَعِيد سَعِيدون وأَساعِدُ. قال ابن سيده: فلا
أَدري أَعَنى له الاسم أَم الصفة غير أَن جمع سعَيدٍ على أَساعد شاذ.
وبنو أَسعَد: بطن من العرب، وهو تذكير سُعْدَى. وسعُادُ: اسم امرأَة،
وكذلك سُعْدى. وأَسعدُ: بطن من العرب وليس هو من سُعْدى كالأَكبر من الكبرى
والأَصغر من الصغرى، وذلك أَن هذا إِنما هو تَقاوُدُ الصفة وأَنت لا
تقول مررت بالمرأَة السعدى ولا بالرجل الأَسعد، فينبغي على هذا أَن يكون
أَسعدُ من سُعْدى كأَسْلَمَ من بُشْرى، وذهب بعضهم إِلى أَن أَسعد مذكر
سعدى؛ قال ابن جني: ولو كان كذلك حَريَ أَن يجيءَ به سماع ولم نسمعهم قط
وصفوا بسعدى، وإِنما هذا تَلاقٍ وقع بين هذين الحرفين المتفي اللفظ كما يقع
هذان المثالان في المُخْتَلِفَيْه نحو أَسلم وبشرى.
وسَعْدٌ: صنم كانت تعبده هذيل في الجاهلية.
وسُعْدٌ: موضع بنجد، وقيل وادٍ، والصحيح الأَول، وجعله أَوْسُ بن حَجَر
اسماً للبقعة، فقال:
تَلَقَّيْنَني يوم العُجَيرِ بِمَنْطِقٍ،
تَرَوَّحَ أَرْطَى سُعْدَ منه، وضَالُها
والسَّعْدِيَّةُ: ماءٌ لعمرو بن سَلَمَة؛ وفي الحديث: أَن عمرو بن
سَلَمَةَ هذا لما وَفَد على النبي، صلى الله عليه وسلم، استقطعه ما بين
السَّعدية والشَّقْراء.
والسَّعْدان: ماء لبني فزارة؛ قال القتال الكلابي:
رَفَعْنَ من السَّعدينِ حتى تفَاضَلَت
قَنابِلُ، من أَولادِ أَعوَجَ، قُرَّحُ
والسَّــعِيدِيَّة: من برود اليمن.
وبنو ساعدَةَ: قوم من الخزرج لهم سقيفة بني ساعدة وهي بمنزلة دار لهم؛
وأَما قول الشاعر:
وهل سَعدُ إِلاَّ صخرةٌ بتَنُوفَةٍ
من الأَرضِ، لا تَدْعُو لِغَيٍّ ولا رُشْدِ؟
فهو اسم صنم كان لبني مِلْكانَ بن كنانة.
وفي حديث البَحِيرة: ساعدُ اللهِ أَشَدُّ ومُِوسَاه أَحدُّ أَي لو أَراد
الله تحريمها بشقِّ آذانها لخلقها كذلك فإِنه يقول لها: كوني فتكون.
عود: في صفات الله تعالى: المبدِئُ المعِيدُ؛ قال الأَزهري: بَدَأَ
اللَّهُ الخلقَ إِحياءً ثم يميتُهم ثم يعيدُهم أَحياءً كما كانوا. قال الله،
عز وجل: وهو الذي يبدأُ الخلقَ ثم يُعِيدُه. وقال: إِنه هو يُبْدِئُ
ويُعِيدُ؛ فهو سبحانه وتعالى الذي يُعِيدُ الخلق بعد الحياة إِلى المماتِ
في الدنيا وبعد المماتِ إِلى الحياةِ يوم القيامة. وروي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه قال: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ النَّكَلَ على النَّكَلِ،
قيل: وما النَّكَلُ على النَّكَلِ؟ قال: الرجل القَوِيُّ المُجَرِّبُ
المبدئُ المعيدُ على الفرس القَوِيِّ المُجَرّبِ المبدِئ المعيدِ؛ قال
أَبو عبيد: وقوله المبدئ المعِيدُ هو الذي قد أَبْدَأَ في غَزْوِهِ وأَعاد
أَي غزا مرة بعد مرة، وجرَّب الأُمور طَوْراً بعد طَوْر، وأَعاد فيها
وأَبْدَأَ، والفرسُ المبدئُ المعِيدُ هو الذي قد رِيضَ وأُدِّبَ وذُلِّلَ،
فهو طَوْعُ راكبِهِ وفارِسِه، يُصَرِّفه كيف شاء لِطَواعِيَتِه وذُلِّه،
وأَنه لا يستصعب عليه ولا يمْنَعُه رِكابَه ولا يَجْمَحُ به؛ وقيل: الفرس
المبدئ المعيد الذي قد غزا عليه صاحبه مرة بعد مرة أُخرى، وهذا كقولهم
لَيْلٌ نائِمٌ إِذا نِيمَ فيه وسِرٌّ كاتم قد كتموه. وقال شمر: رجل
مُعِيدٌ أَي حاذق؛ قال كثير:
عَوْمُ المُعِيدِ إِلى الرَّجا قَذَفَتْ به
في اللُّجِّ داوِيَةُ المَكانِ، جَمُومُ
والمُعِيدُ من الرجالِ: العالِمُ بالأُمور الذي ليس بغُمْرٍ؛ وأَنشد:
كما يَتْبَعُ العَوْد المُعِيد السَّلائِب
والعود ثاني البدء؛ قال:
بَدَأْتُمْ فأَحْسَنْتُمْ فأَثْنَيْتُ جاهِداً،
فإِنْ عُدْتُمُ أَثْنَيْتُ، والعَوْدُ أَحْمَدُ
قال الجوهري: وعاد إِليه يَعُودُ عَوْدَةً وعَوْداً: رجع. وفي المثل:
العَوْدُ أَحمدُ؛ وأَنشد لمالك بن نويرة:
جَزَيْنا بني شَيْبانَ أَمْسِ بِقَرْضِهِمْ،
وجِئْنا بِمِثْلِ البَدْءِ، والعَوْدُ أَحمدُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده: وعُدْنا بِمِثْلِ البَدْءِ؛ قال: وكذلك هو
في شعره، أَلا ترى إِلى قوله في آخر البيت: والعود أَحمد؟ وقد عاد له
بعدما كان أَعرَضَ عنه؛ وعاد إِليه وعليه عَوْداً وعِياداً وأَعاده هو، والله
يبدِئُ الخلق ثم يعيدُه، من ذلك. واستعاده إِياه: سأَله إِعادَتَه. قال
سيبويه: وتقول رجع عَوْدُه على بَدْئِه؛ تريد أَنه لم يَقْطَعْ ذَهابَه
حتى وصله برجوعه، إِنما أَردْتَ أَنه رجع في حافِرَتِه أَي نَقَضَ
مَجِيئَه برجوعه، وقد يكون أَن يقطع مجيئه ثم يرجع فتقول: رجَعْتُ عَوْدي على
بَدْئي أَي رجَعْتُ كما جئت، فالمَجِيءُ موصول به الرجوعُ، فهو بَدْءٌ
والرجوعُ عَوْدٌ؛ انتهى كلام سيبويه. وحكى بعضهم: رجع عَوْداً على بدء من
غير إِضافة. ولك العَوْدُ والعَوْدَةُ والعُوادَةُ أَي لك أَن تعودَ في هذا
الأَمر؛ كل هذه الثلاثة عن اللحياني. قال الأَزهري: قال بعضهم: العَوْد
تثنية الأَمر عَوْداً بعد بَدْءٍ. يقال: بَدَأَ ثم عاد، والعَوْدَةُ
عَوْدَةُ مرةٍ واحدةٍ. وقوله تعالى: كما بدأَكم تَعودُون فريقاً هَدى وفريقاً
حقَّ عليهم الضلالةُ؛ يقول: ليس بَعْثُكم بأَشَدَّ من ابِتدائِكم، وقيل:
معناه تَعُودون أَشقِياءَ وسُعداءَ كما ابْتَدأَ فِطْرَتَكُم في سابق
علمه، وحين أَمَرَ بنفْخِ الرُّوحِ فيهم وهم في أَرحام أُمهاتهم. وقوله عز
وجل: والذين يُظاهِرون من نسائهم ثم يَعودُون لما قالوا فَتَحْريرُ
رَقَبَةٍ؛ قال الفراء: يصلح فيها في العربية ثم يعودون إِلى ما قالوا وفيما
قالوا، يريد النكاح وكلٌّ صوابٌ؛ يريد يرجعون عما قالوا، وفي نَقْض ما
قالوا قال: ويجوز في العربية أَن تقول: إِن عاد لما فعل، تريد إِن فعله مرة
أُخرى. ويجوز: إِن عاد لما فعل، إِن نقض ما فعل، وهو كما تقول: حلف أَن
يضربك، فيكون معناه: حلف لا يضربك وحلف ليضربنك؛ وقال الأَخفش في قوله: ثم
يعودون لما قالوا إِنا لا نفعله فيفعلونه يعني الظهار، فإِذا أَعتق رقبة
عاد لهذا المعنى الذي قال إِنه عليّ حرام ففعله. وقال أَبو العباس:
المعنى في قوله: يعودون لما قالوا، لتحليل ما حرّموا فقد عادوا فيه. وروى
الزجاج عن الأَخفش أَنه جعل لما قالوا من صلة فتحرير رقبة، والمعنى عنده
والذين يظاهرون ثم يعودون فتحرير رقبة لما قالوا، قال: وهذا مذهب حسن. وقال
الشافعي في قوله: والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير
رقبة، يقول: إِذا ظاهر منها فهو تحريم كان أَهل الجاهلية يفعلونه وحرّم على
المسلمين تحريم النساء بهذا اللفظ، فإِن أَتْبَعَ المُظاهِرُ الظِّهارَ
طلاقاً، فهو تحريم أَهل الإِسلام وسقطت عنه الكفارة، وإِن لم يُتْبِع
الظهار طلاقاً فقد عاد لما حرم ولزمه الكفارة عقوبة لما قال؛ قال: وكان
تحريمه إِياها بالظهار قولاً فإِذا لم يطلقها فقد عاد لما قال من التحريم؛
وقال بعضهم: إِذا أَراد العود إِليها والإِقامة عليها، مَسَّ أَو لم
يَمَسَّ، كَفَّر.
قال الليث: يقول هذا الأَمر أَعْوَدُ عليك أَي أَرفق بك وأَنفع لأَنه
يعود عليك برفق ويسر. والعائدَةُ: اسم ما عادَ به عليك المفضل من صلة أَو
فضل، وجمعه العوائد. قال ابن سيده: والعائدة المعروفُ والصِّلةُ يعاد به
على الإِنسان والعَطْفُ والمنْفَعَةُ.
والعُوادَةُ، بالضم: ما أُعيد على الرجل من طعام يُخَصُّ به بعدما
يفرُغُ القوم؛ قال الأَزهري: إِذا حذفت الهاء قلت عَوادٌ كما قالوا أَكامٌ
ولمَاظٌ وقَضامٌ؛ قال الجوهري: العُوادُ، بالضم، ما أُعيد من الطعام بعدما
أُكِلَ منه مرة.
وعَوادِ: بمعنى عُدْ مثل نَزالِ وتَراكِ. ويقال أَيضاً: عُدْ إِلينا
فإِن لك عندنا عَواداً حَسَناً، بالفتح، أَي ما تحب، وقيل: أَي برّاً
ولطفاً. وفلان ذو صفح وعائدة أَي ذو عفو وتعطف. والعَوادُ: البِرُّ واللُّطْف.
ويقال للطريق الذي أَعاد فيه السفر وأَبدأَ: معيد؛ ومنه قول ابن مقبل يصف
الإِبل السائرة:
يُصْبِحْنَ بالخَبْتِ، يَجْتَبْنَ النِّعافَ على
أَصْلابِ هادٍ مُعِيدٍ، لابِسِ القَتَمِ
أَراد بالهادي الطريقَ الذي يُهْتَدى إِليه، وبالمُعِيدِ الذي لُحِبَ.
والعادَةُ: الدَّيْدَنُ يُعادُ إِليه، معروفة وجمعها عادٌ وعاداتٌ وعِيدٌ؛
الأَخيرةُ عن كراع، وليس بقوي، إِنما العِيدُ ما عاد إِليك من الشَّوْقِ
والمرض ونحوه وسنذكره.
وتَعَوَّدَ الشيءَ وعادَه وعاوَدَه مُعاوَدَةً وعِواداً واعتادَه
واستعاده وأَعادَه أَي صار عادَةً له؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لم تَزَلْ تِلْكَ عادَةَ اللهِ عِنْدي،
والفَتى آلِفٌ لِما يَسْتَعِيدُ
وقال:
تَعَوَّدْ صالِحَ الأَخْلاقِ، إِني
رأَيتُ المَرْءَ يَأْلَفُ ما اسْتَعادا
وقال أَبو كبير الهذلي يصف الذئاب:
إِلاَّ عَواسِلَ، كالمِراطِ، مُعِيدَةً
باللَّيْلِ مَوْرِدَ أَيِّمٍ مُتَغَضِّفِ
أَي وردت مرات فليس تنكر الورود. وعاوَدَ فلانٌ ما كان فيه، فهو
مُعاوِدٌ. وعاوَدَتْه الحُمَّى وعاوَدَهُ بالمسأَلة أَي سأَله مرة بعد أُخرى،
وعَوَّدَ كلبه الصيْدَ فَتَعَوّده؛ وعوّده الشيءَ: جعله يعتاده.
والمُعاوِدُ: المُواظِبُ، وهو منه. قال الليث: يقال للرجل المواظبِ على أَمْرٍ:
معاوِدٌ. وفي كلام بعضهم: الزموا تُقى اللَّهِ واسْتَعِيدُوها أَي
تَعَوَّدُوها.
واسْتَعَدْتُه الشيء فأَعادَه إِذا سأَلتَه أَن يفعله ثانياً.
والمُعاوَدَةُ: الرجوع إِلى الأَمر الأَول؛ يقال للشجاع: بطَلٌ مُعاوِدٌ لأَنه لا
يَمَلُّ المِراسَ. وتعاوَدَ القومُ في الحرب وغيرها إِذا عاد كل فريق
إِلى صاحبه. وبطل مُعاوِد: عائد.
والمَعادُ: المَصِيرُ والمَرْجِعُ، والآخرة: مَعادُ الخلقِ. قال ابن
سيده: والمعاد الآخرةُ والحج. وقوله تعالى: إِن الذي فرض عليك القرآن لرادّك
إِلى مَعادٍ؛ يعني إِلى مكة، عِدَةٌ للنبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يفتحها له؛ وقال الفراء: إِلى معاد حيث وُلِدْتَ؛ وقال ثعلب: معناه يردّك
إِلى وطنك وبلدك؛ وذكروا أَن جبريل قال: يا محمد، اشْتَقْتَ إِلى مولدك
ووطنك؟ قال: نعم، فقال له: إِن الذي فرض عليك القرآن لرادّك إِلى معاد؛ قال:
والمَعادُ ههنا إِلى عادَتِك حيث وُلِدْتَ وليس من العَوْدِ، وقد يكون
أَن يجعل قوله لرادّك إِلى معادٍ لَمُصَيِّرُكَ إِلى أَن تعود إِلى مكة
مفتوحة لك، فيكون المَعادُ تعجباً إِلى معادٍ أَيِّ معادٍ لما وعده من فتح
مكة. وقال الحسن: معادٍ الآخرةُ، وقال مجاهد: يُحْييه يوم البعث، وقال
ابن عباس: أَي إِلى مَعْدِنِك من الجنة، وقال الليث: المَعادَةُ والمَعاد
كقولك لآل فلان مَعادَةٌ أَي مصيبة يغشاهم الناس في مَناوِحَ أَو غيرها
يتكلم به النساء؛ يقال: خرجت إِلى المَعادةِ والمَعادِ والمأْتم.
والمَعادُ: كل شيء إِليه المصير. قال: والآخرة معاد للناس، وأَكثر التفسير في قوله
«لرادّك إِلى معاد» لباعثك. وعلى هذا كلام الناس: اذْكُرِ المَعادَ أَي
اذكر مبعثك في الآخرة؛ قاله الزجاج. وقال ثعلب: المعاد المولد. قال: وقال
بعضهم: إِلى أَصلك من بني هاشم، وقالت طائفة وعليه العمل: إِلى معاد أَي
إِلى الجنة. وفي الحديث: وأَصْلِحْ لي آخِرتي التي فيها مَعادي أَي ما
يعودُ إِليه يوم القيامة، وهو إِمّا مصدر وإِمّا ظرف. وفي حديث عليّ:
والحَكَمُ اللَّهُ والمَعْوَدُ إِليه يومَ القيامة أَي المَعادُ. قال ابن
الأَثير: هكذا جاء المَعْوَدُ على الأَصل، وهو مَفْعَلٌ من عاد يعود، ومن حق
أَمثاله أَن تقلب واوه أَلفاً كالمَقام والمَراح، ولكنه استعمله على
الأَصل. تقول: عاد الشيءُ يعودُ عَوْداً ومَعاداً أَي رجع، وقد يرد بمعنى
صار؛ ومنه حديث معاذ: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: أَعُدْتَ
فَتَّاناً يا مُعاذُ أَي صِرتَ؛ ومنه حديث خزيمة: عادَ لها النَّقادُ
مُجْرَنْثِماً أَي صار؛ ومنه حديث كعب: وَدِدْتُ أَن هذا اللَّبَنَ يعودُ قَطِراناً
أَي يصير، فقيل له: لِمَ ذلك قال: تَتَبَّعَتْ قُرَيشٌ أَذْنابَ الإِبلِ
وتَرَكُوا الجماعاتِ. والمَعادُ والمَعادة: المأْتَمُ يُعادُ إِليه؛
وأَعاد فلان الصلاةَ يُعِيدها. وقال الليث: رأَيت فلاناً ما يُبْدِيءُ وما
يُعِيدُ أَي ما يتكلم ببادئَة ولا عائِدَة. وفلان ما يُعِيدُ وما يُبدئ
إِذا لم تكن له حيلة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
وكنتُ امْرَأً بالغَورِ مِنِّي ضَمانَةٌ،
وأُخْرى بِنَجْد ما تُعِيدُ وما تُبْدي
يقول: ليس لِما أَنا فيه من الوجد حيلة ولا جهة. والمُعِيدُ: المُطِيقُ
للشيءِ يُعاوِدُه؛ قال:
لا يَسْتَطِيعُ جَرَّهُ الغَوامِضُ
إِلا المُعِيداتُ به النَّواهِضُ
وحكى الأَزهري في تفسيره قال: يعني النوق التي استعادت النهض
بالدَّلْوِ. ويقال: هو مُعِيدٌ لهذا الشيء أَي مُطِيقٌ له لأَنه قد اعْتادَه؛ وأَما
قول الأَخطل:
يَشُولُ ابنُ اللَّبونِ إِذا رآني،
ويَخْشاني الضُّواضِيَةُ المُعِيدُ
قال: أَصل المُعيدِ الجمل الذي ليس بِعَياياءٍ وهو الذي لا يضرب حتى
يخلط له، والمعِيدُ الذي لا يحتاج إِلى ذلك. قال ابن سيده: والمعيد الجمل
الذي قد ضرب في الإِبل مرات كأَنه أَعاد ذلك مرة بعد أُخرى.
وعادني الشيءُ عَوْداً واعتادني، انْتابَني. واعتادني هَمٌّ وحُزْنٌ؛
قال: والاعتِيادُ في معنى التَّعوُّدِ، وهو من العادة. يقال: عَوَّدْتُه
فاعتادَ وتَعَوَّدَ. والعِيدُ: ما يَعتادُ من نَوْبٍ وشَوْقٍ وهَمٍّ ونحوه.
وما اعتادَكَ من الهمِّ وغيره، فهو عِيدٌ؛ قال الشاعر:
والقَلْبُ يَعْتادُه من حُبِّها عِيدُ
وقال يزيد بن الحكم الثقفي سليمان بن عبد الملك:
أَمْسَى بأَسْماءَ هذا القلبُ مَعْمُودَا،
إِذا أَقولُ: صَحا، يَعْتادُه عِيدا
كأَنَّني، يومَ أُمْسِي ما تُكَلِّمُني،
ذُو بُغْيَةٍ يَبْتَغي ما ليسَ مَوْجُوداً
كأَنَّ أَحْوَرَ من غِزْلانِ ذي بَقَرٍ،
أَهْدَى لنا سُنَّةَ العَيْنَيْنِ والجِيدَا
وكان أَبو علي يرويه شبه العينين والجيدا، بالشين المعجمة وبالباء
المعجمة بواحدة من تحتها، أَراد وشبه الجيد فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه
مُقامه؛ وقد قيل إِن أَبا علي صحفه يقول في مدحها:
سُمِّيتَ باسمِ نَبِيٍّ أَنتَ تُشْبِهُه
حِلْماً وعِلْماً، سليمان بنِ داودا
أَحْمِدْ به في الورى الماضِين من مَلِكٍ،
وأَنتَ أَصْبَحتَ في الباقِينَ مَوْجُوداً
لا يُعذَلُ الناسُ في أَن يَشكُروا مَلِكاً
أَوْلاهُمُ، في الأُمُورِ، الحَزْمَ والجُودا
وقال المفضل: عادني عِيدي أَي عادتي؛ وأَنشد:
عادَ قَلْبي من الطويلةِ عِيدُ
أَراد بالطويلة روضة بالصَّمَّانِ تكون ثلاثة أَميال في مثلها؛ وأَما
قول تأَبَّطَ شَرّاً:
يا عيدُ ما لَكَ من شَوْقٍ وإِيراقِ،
ومَرِّ طَيْفٍ، على الأَهوالِ طَرَّاقِ
قال ابن الأَنباري في قوله يا عيد ما لك: العِيدُ ما يَعْتادُه من الحزن
والشَّوْق، وقوله ما لك من شوق أَي ما أَعظمك من شوق، ويروى: يا هَيْدَ
ما لكَ، والمعنى: يا هَيْدَ ما حالُك وما شأْنُك. يقال: أَتى فلان القومَ
فما قالوا له: هَيْدَ مالَك أَي ما سأَلوه عن حاله؛ أَراد: يا أَيها
المعتادُني ما لَك من شَوْقٍ كقولك ما لَكَ من فارس وأَنت تتعجَّب من
فُروسيَّته وتمدحه؛ ومنه قاتله الله من شاعر.
والعِيدُ: كلُّ يوم فيه جَمْعٌ، واشتقاقه من عاد يَعُود كأَنهم عادوا
إِليه؛ وقيل: اشتقاقه من العادة لأَنهم اعتادوه، والجمع أَعياد لزم البدل،
ولو لم يلزم لقيل: أَعواد كرِيحٍ وأَرواحٍ لأَنه من عاد يعود.
وعَيَّدَ المسلمون: شَهِدوا عِيدَهم؛ قال العجاج يصف الثور الوحشي:
واعْتادَ أَرْباضاً لَها آرِيُّ،
كما يَعُودُ العِيدَ نَصْرانيُّ
فجعل العيد من عاد يعود؛ قال: وتحوَّلت الواو في العيد ياء لكسرة العين،
وتصغير عِيد عُيَيْدٌ تركوه على التغيير كما أَنهم جمعوه أَعياداً ولم
يقولوا أَعواداً؛ قال الأَزهري: والعِيدُ عند العرب الوقت الذي يَعُودُ
فيه الفَرَح والحزن، وكان في الأَصل العِوْد فلما سكنت الواو وانكسر ما
قبلها صارت ياء، وقيل: قلبت الواو ياء ليَفْرُقوا بين الاسم الحقيقي وبين
المصدريّ. قال الجوهري: إِنما جُمِعَ أَعيادٌ بالياء للزومها في الواحد،
ويقال للفرق بينه وبين أَعوادِ الخشب. ابن الأَعرابي: سمي العِيدُ عيداً
لأَنه يعود كل سنة بِفَرَحٍ مُجَدَّد.
وعادَ العَلِيلَ يَعُودُه عَوْداً وعِيادة وعِياداً: زاره؛ قال أَبو
ذؤيب:
أَلا لَيْتَ شِعْرِي، هَلْ تَنَظَّرَ خالدٌ
عِيادي على الهِجْرانِ، أَم هوَ يائِسُ؟
قال ابن جني: وقد يجوز أَن يكون أَراد عيادتي فحذف الهاء لأَجل
الإِضافة، كما قالوا: ليت شعري؛ ورجل عائدٌ من قَوْم عَوْدٍ وعُوَّادٍ، ورجلٌ
مَعُودٌ ومَعْوُود، الأَخيرة شاذة، وهي تميمية. وقال اللحياني: العُوادَةُ
من عِيادةِ المريض، لم يزد على ذلك. وقَوْمٌ عُوَّادٌ وعَوْدٌ؛ الأَخيرة
اسم للجمع؛ وقيل: إِنما سمي بالمصدر.
ونِسوةٌ عوائِدُ وعُوَّدٌ: وهنَّ اللاتي يَعُدْنَ المريض، الواحدة
عائِدةٌ. قال الفراء: يقال هؤلاء عَودُ فلان وعُوَّادُه مثل زَوْرِه
وزُوَّاره، وهم الذين يَعُودُونه إِذا اعْتَلَّ. وفي حديث فاطمة بنت قيس: فإِنها
امرأَة يكثُرُ عُوَّادُها أَي زُوَّارُها. وكل من أَتاك مرة بعد أُخرى،
فهو عائد، وإِن اشتهر ذلك في عيادة المريض حتى صار كأَنه مختص به.
قال الليث: العُودُ كل خشبة دَقَّتْ؛ وقيل: العُودُ خَشَبَةُ كلِّ
شجرةٍ، دقّ أَو غَلُظ، وقيل: هو ما جرى فيه الماء من الشجر وهو يكون للرطْب
واليابس، والجمع أَعوادٌ وعِيدانٌ؛ قال الأَعشى:
فَجَرَوْا على ما عُوِّدوا،
ولكلِّ عِيدانٍ عُصارَهْ
وهو من عُودِ صِدْقٍ أَو سَوْءٍ، على المثل، كقولهم من شجرةٍ صالحةٍ.
وفي حديث حُذَيفة: تُعْرَضُ الفِتَنُ على القلوبِ عَرْضَ الحُصْرِ عَوْداً
عَوْداً؛ قال ابن الأَثير: هكذا الرواية، بالفتح، أَي مرة بعد مرةٍ،
ويروى بالضم، وهو واحد العِيدان يعني ما ينسج به الحُصْرُ من طاقاته، ويروى
بالفتح مع ذال معجمة، كأَنه استعاذ من الفتن.
والعُودُ: الخشبة المُطَرَّاةُ يدخَّن بها ويُسْتَجْمَرُ بها، غَلَبَ
عليها الاسم لكرمه. وفي الحديث: عليكم بالعُودِ الهِندِيّ؛ قيل: هو
القُسْطُ البَحْرِيُّ، وقيل: هو العودُ الذي يتبخر به. والعُودُ ذو الأَوْتارِ
الأَربعة: الذي يضرب به غلب عليه أَيضاً؛ كذلك قال ابن جني، والجمع
عِيدانٌ؛ ومما اتفق لفظه واختلف معناه فلم يكن إِيطاءً قولُ بعض
المولّدين:يا طِيبَ لَذَّةِ أَيامٍ لنا سَلَفَتْ،
وحُسْنَ بَهْجَةِ أَيامِ الصِّبا عُودِي
أَيامَ أَسْحَبُ ذَيْلاً في مَفارِقِها،
إِذا تَرَنَّمَ صَوْتُ النَّايِ والعُودِ
وقهْوَةٍ من سُلافِ الدَّنِّ صافِيَةٍ،
كالمِسْكِ والعَنبَرِ الهِندِيِّ والعُودِ
تستَلُّ رُوحَكَ في بِرٍّ وفي لَطَفٍ،
إِذا جَرَتْ منكَ مجرى الماءِ في العُودِ
قوله أَوَّلَ وهْلَةٍ عُودي: طَلَبٌ لها في العَوْدَةِ، والعُودُ
الثاني: عُودُ الغِناء، والعُودُ الثالث: المَنْدَلُ وهو العُودُ الذي يتطيب
به، والعُودُ الرابع: الشجرة، وهذا من قَعاقعِ ابن سيده؛ والأَمر فيه أَهون
من الاستشهاد به أَو تفسير معانيه وإِنما ذكرناه على ما وجدناه.
والعَوَّادُ: متخذ العِيدانِ.
وأَما ما ورد في حديث شريح: إِنما القضاء جَمْرٌ فادفعِ الجمرَ عنك
بعُودَيْنِ؛ فإِنه أَراد بالعودين الشاهدين، يريد اتق النار بهما واجعلهما
جُنَّتَك كما يدفع المُصْطَلي الجمرَ عن مكانه بعود أَو غيره لئلا يحترق،
فمثَّل الشاهدين بهما لأَنه يدفع بهما الإِثم والوبال عنه، وقيل: أَراد
تثبت في الحكم واجتهد فيما يدفع عنك النار ما استطعت؛ وقال شمر في قول
الفرزدق:
ومَنْ وَرِثَ العُودَيْنِ والخاتَمَ الذي
له المُلْكُ، والأَرضُ الفَضاءُ رَحْيبُها
قال: العودانِ مِنْبَرُ النبي، صلى الله عليه وسلم، وعَصاه؛ وقد ورد ذكر
العودين في الحديث وفُسِّرا بذلك؛ وقول الأَسود
بن يعفر:
ولقد عَلِمْت سوَى الذي نَبَّأْتني:
أَنَّ السَّبِيلَ سَبِيلُ ذي الأَعْوادِ
قال المفضل: سبيل ذي الأَعواد يريد الموت، وعنى بالأَعواد ما يحمل عليه
الميت؛ قال الأَزهري: وذلك إِن البوادي لا جنائز لهم فهم يضمون عُوداً
إِلى عُودٍ ويحملون الميت عليها إِلى القبر. وذو الأَعْواد: الذي قُرِعَتْ
له العَصا، وقيل: هو رجل أَسَنَّ فكان يُحمل في مِحَفَّةٍ من عُودٍ. أَبو
عدنان: هذا أَمر يُعَوِّدُ الناسَ عليَّ أَي يُضَرِّيهم بِظُلْمي. وقال:
أَكْرَهُ تَعَوُّدَ الناسِ عليَّ فَيَضْرَوْا بِظُلْمي أَي يَعْتادُوه.
وقال شمر: المُتَعَيِّدُ الظلوم؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لطرفة:
فقال: أَلا ماذا تَرَوْنَ لِشارِبٍ
شَدِيدٍ علينا سُخطُه مُتَعَيِّدِ؟
(* في ديوان طرفة: شديد علينا بغيُه متعمِّدِ).
أَي ظلوم؛ وقال جرير:
يَرَى المُتَعَيِّدُونَ عليَّ دُوني
أُسُودَ خَفِيَّةَ الغُلْبَ الرِّقابا
وقال غيره: المُتَعَيِّدُ الذي يُتَعَيَّدُ عليه بوعده. وقال أَبو عبد
الرحمن: المُتَعَيِّدُ المُتجَنِّي في بيت جرير؛ وقال ربيعة بن مقروم:
على الجُهَّالِ والمُتَعَيِّدِينا
قال: والمُتَعَيِّدُ الغَضْبانُ. وقال أَبو سعيد: تَعَيِّدَ العائنُ على
ما يَتَعَيَّنُ إِذا تَشَهَّقَ عليه وتَشَدَّدَ ليبالغ في إِصابته
بعينه. وحكي عن أَعرابي: هو لا يُتَعَيَّنُ عليه ولا يُتَعَيَّدُ؛ وأَنشد ابن
السكيت:
كأَنها وفَوْقَها المُجَلَّدُ،
وقِرْبَةٌ غَرْفِيَّةٌ ومِزْوَدُ،
غَيْرَى على جاراتِها تَعَيِّدُ
قال: المُجَلَّدُ حِمْل ثقيل فكأَنها، وفوقها هذا الحمل وقربة ومزود،
امرأَة غَيْرَى. تعيد أَي تَنْدَرِئُ بلسانها على ضَرَّاتها وتحرّك
يديها.والعَوْدُ: الجمل المُسِنُّ وفيه بقية؛ وقال الجوهري: هو الذي جاوَزَ في
السنِّ البازِلَ والمُخْلِفَ، والجمع عِوَدَةٌ، قال الأَزهري: ويقال في
لغة عِيَدَةَ وهي قبيحة. وفي المثل: إنّ جَرْجَدَ العَوْدَ فَزِدْه
وقْراً، وفي المثل: زاحِمْ بعَوْد أَو دَعْ أَي استعن على حربك بأَهل السن
والمعرفة، فإِنَّ رأْي الشيخ خير من مَشْهَدِ الغلام، والأُنثى عَوْدَةٌ
والجمع عِيادٌ؛ وقد عادَ عَوْداً وعَوَّدَ وهو مُعَوِّد. قال الأَزهري: وقد
عَوَّدَ البعيرُ تَعْوِيداً إِذا مضت له ثلاث سنين بعد بُزُولِه أَو
أَربعٌ، قال: ولا يقال للناقة عَوْدَةٌ ولا عَوَّدَتْ؛ قال: وسمعت بعض العرب
يقول لفرس له أُنثى عَوْدَةٌ. وفي حديث حسان: قد آن لكم أَنْ تَبْعَثُوا
إِلى هذا العَوْدِ؛ هو الجمل الكبير المُسِنُّ المُدَرَّبُ فشبه نفسه به.
وفي حديث معاوية: سأَله رجل فقال: إِنك لَتَمُتُّ بِرَحِمٍ عَوْدَة،
فقال: بُلَّها بعَطائكَ حتى تَقْرُبَ، أَي برَحِمٍ قديمةٍ بعيدة النسب.
والعَوْد أَيضاً: الشاة المسن، والأُنثى كالأُنثى. وفي الحديث: أَنه، عليه
الصلاة والسلام، دخل على جابر بن عبد الله منزلَهُ قال: فَعَمَدْتُ إِلى
عَنْزٍ لي لأَذْبَحَها فَثَغَتْ، فقال، عليه السلام: يا جابر لا تَقْطَعْ
دَرًّا ولا نَسْلاً، فقلت: يا رسول الله إِنما هي عَوْدَة علفناها البلح
والرُّطَب فسمنت؛ حكاه الهروي في الغريبين. قال ابن الأَثير: وعَوَّدَ
البعيرُ والشاةُ إِذا أَسَنَّا، وبعير عَوْد وشاة عَوْدَةٌ. قال ابن
الأَعرابي: عَوَّدَ الرجلُ تَعْويداً إِذا أَسن؛ وأَنشد:
فَقُلْنَ قد أَقْصَرَ أَو قد عَوّدا
أَي صار عَوْداً كبيراً. قال الأَزهري: ولا يقال عَوْدٌ لبعير أَو شاة،
ويقال للشاة عَوْدة ولا يقال للنعجة عَوْدة. قال: وناقة مُعَوِّد. وقال
الأَصمعي: جمل عَوْدٌ وناقة عَوْدَةٌ وناقتان عَوْدَتان، ثم عِوَدٌ في جمع
العَوْدة مثل هِرَّةٍ وهِرَرٍ وعَوْدٌ وعِوَدَةٌ مثل هِرٍّ وهِرَرَةٍ،
وفي النوادر: عَوْدٌ وعِيدَة؛ وأَما قول أَبي النجم:
حتى إِذا الليلُ تَجَلَّى أَصْحَمُه،
وانْجابَ عن وجْهٍ أَغَرَّ أَدْهَمُه،
وتَبِعَ الأَحْمَرَ عَوْدٌ يَرْجُمُه
فإِنه أَراد بالأَحمر الصبح، وأَراد بالعود الشمس. والعَوْدُ: الطريقُ
القديمُ العادِيُّ؛ قال بشير بن النكث:
عَوْدٌ على عَوْدٍ لأَقْوامٍ أُوَلْ،
يَمُوتُ بالتَّركِ، ويَحْيا بالعَمَلْ
يريد بالعود الأُول الجمل المسنّ، وبالثاني الطريق أَي على طريق قديم،
وهكذا الطريق يموت إِذا تُرِكَ ويَحْيا إِذا سُلِكَ؛ قال ابن بري: وأَما
قول الشاعر:
عَوْدٌ عَلى عَوْدٍ عَلى عَوْدٍ خَلَقْ
فالعَوْدُ الأَول رجل مُسنّ، والعَوْدُ الثاني جمل مسنّ، والعود الثالث
طريق قديم. وسُودَدٌ عَوْدٌ قديمٌ على المثل؛ قال الطرماح:
هَلِ المَجْدُ إِلا السُّودَدُ العَوْدُ والنَّدى،
وَرَأْبُ الثَّأَى، والصَّبْرُ عِنْدَ المَواطِنِ؟
وعادَني أَنْ أَجِيئَك أَي صَرَفَني، مقلوب من عَداني؛ حكاه يعقوب.
وعادَ فِعْلٌ بمنزلة صار؛ وقول ساعدة بن جؤية:
فَقَامَ تَرْعُدُ كَفَّاه بِمِيبَلَة،
قد عادَ رَهْباً رَذِيّاً طائِشَ القَدَمِ
لا يكون عاد هنا إِلا بمعنى صار، وليس يريد أَنه عاود حالاً كان عليها
قبل، وقد جاء عنهم هذا مجيئاً واسعاً؛ أَنشد أَبو علي للعجاج:
وقَصَباً حُنِّيَ حَتَّى كادَا
يَعُودُ، بَعْدَ أَعْظُمٍ، أَعْوادَا
أَي يصير. وعاد: قبيلة. قال ابن سيده: قضينا على أَلفها أَنها واو
للكثرة وأَنه ليس في الكلام «ع ي د» وأَمَّا عِيدٌ وأَعْيادٌ فبد لازم. وأَما
ما حكاه سيبويه من قول بعض العرب من أَهلِ عاد بالإِمالة فلا يدل ذلك أَن
أَلفها من ياء لما قدّمنا، وإِنما أَمالوا لكسرة الدال. قال: ومن العرب
من يدَعُ صَرْفَ عاد؛ وأَنشد:
تَمُدُّ عليهِ، منْ يَمِينٍ وأَشْمُلٍ،
بُحُورٌ له مِنْ عَهْدِ عاد وتُبَّعا
جعلهما اسمين للقبيلتين. وبئر عادِيَّةٌ، والعادِيُّ الشيء القديم نسب
إِلى عاد؛ قال كثير:
وما سالَ وادٍ مِنْ تِهامَةَ طَيِّبٌ،
به قُلُبٌ عادِيَّةٌ وكُرُورُ
(* قوله «وكرور» كذا بالأصل هنا والذي فيه في مادة ك ر ر وكرار بالالف
وأورد بيتاً قبله على هذا النمط وكذا الجوهري فيها).
وعاد: قبيلة وهم قومُ هودٍ، عليه السلام. قال الليث: وعاد الأُولى هم
عادُ بن عاديا بن سام بن نوح الذين أَهلكهم الله؛ قال زهير:
وأُهْلِكَ لُقْمانُ بنُ عادٍ وعادِيا
وأَما عاد الأَخيرة فهم بنو تميم ينزلون رمالَ عالِجٍ عَصَوُا الله
فَمُسخُوا نَسْناساً، لكل إِنسان منهم يَدٌ ورجل من شِقّ؛ وما أَدْري أَيُّ
عادَ هو، غير مصروف
(* قوله «غير مصروف» كذا بالأصل والصحاح وشرح القاموس
ولو اريد بعاد القبيلة لا يتعين منعه من الصرف ولذا ضبط في القاموس الطبع
بالصرف.) أَي أَيّ خلق هو.
والعِيدُ: شجر جبلي يُنْبِتُ عِيداناً نحو الذراع أَغبر، لا ورق له ولا
نَوْر، كثير اللحاء والعُقَد يُضَمَّدُ بلحائه الجرح الطري فيلتئم،
وإِنما حملنا العيد على الواو لأَن اشتقاق العيد الذي هو الموسم إِنما هو من
الواو فحملنا هذا عليه.
وبنو العِيدِ: حي تنسب إِليه النوق الــعِيدِيَّةُ، والــعيدِيَّة: نجائب
منسوبة معروفة؛ وقيل: الــعِيدية منسوبة إِلى عاد بن عاد، وقيل: إلى عادِيّ
بن عاد إِلا أَنه على هذين الأَخيرين نَسَبٌ شاذٌّ، وقيل: الــعيدية تنسب
إِلى فَحْلٍ مُنْجِب يقال له عِيدٌ كأَنه ضرب في الإِبل مرات؛ قال ابن
سيده: وهذا ليس بقويّ؛ وأَنشد الجوهري لرذاذ الكلبي:
ظَلَّتْ تَجُوبُ بها البُلْدانَ ناجِيَةٌ
عِيدِيَّةٌ، أُرْهِنَتْ فيها الدَّنانِيرُ
وقال: هي نُوق من كِرام النجائب منسوبة إِلى فحل منجب. قال شمر:
والــعِيدِيَّة ضَرْب من الغنم، وهي الأُنثى من البُرِْقانِ، قال: والذكر خَرُوفٌ
فلا يَزالُ اسمَه حتى يُعَقَّ عَقِيقَتُه؛ قال الأَزهري: لا أَعرف
الــعِيدِيَّة في الغنم وأَعرف جنساً من الإِبل العُقَيْلِيَّة يقال لها
الــعِيدِيَّة، قال: ولا أَدري إِلى أَي شيء نسبت.
وحكى الأَزهري عن الأَصمعي: العَيْدانَةُ النخلة الطويلة، والجمع
العَيْدانُ؛ قال لبيد:
وأَبْيَض العَيْدانِ والجَبَّارِ
قال أَبو عدنان: يقال عَيْدَنَتِ النخلةُ إِذا صارت عَيْدانَةً؛ وقال
المسيب بن علس:
والأُدْمُ كالعَيْدانِ آزَرَها،
تحتَ الأَشاءِ، مُكَمَّمٌ جَعْلُ
قال الأَزهري: من جعل العيدان فَيْعالاً جعل النون أَصلية والياء زائدة،
ودليله على ذلك قولهم عيْدَنَتِ النخلةُ، ومن جعله فَعْلانَ مثل
سَيْحانَ من ساحَ يَسِيحُ جعل الياء أَصلية والنون زائدة. قال الأَصمعي:
العَيْدانَةُ شجرة صُلْبَة قديمة لها عروق نافذة إِلى الماء، قال: ومنه هَيْمانُ
وعَيْلانُ؛ وأَنشد:
تَجاوَبْنَ في عَيْدانَةٍ مُرْجَحِنَّةٍ
مِنَ السِّدْرِ، رَوَّاها، المَصِيفَ، مَسِيلُ
وقال:
بَواسِق النخلِ أَبكاراً وعَيْدانا
قال الجوهري: والعَيدان، بالفتح، الطِّوالُ من النخل، الواحدة
عيْدانَةٌ، هذا إِن كان فَعْلان، فهو من هذا الباب، وإِن كان فَيْعالاً، فهو من
باب النون وسنذكره في موضعه.
والعَوْدُ: اسم فرَس مالك بن جُشَم. والعَوْدُ أَيضاً: فرس أُبَيّ بن
خلَف.
وعادِ ياءُ: اسم رجل؛ قال النمر بن تولب:
هَلاَّ سَأَلْت بِعادياءَ وَبَيْتِه
والخلِّ والخمرِ، الذي لم يُمْنَعِ؟
قال: وإِن كان تقديره فاعلاء، فهو من باب المعتل، يذكر في موضعه.
جعد: الجعد من الشعر: خلاف السبط، وقيل هو القصير؛ عن كراع. شعر جعْد:
بَيِّنُ الجُعودة، جَعُد جُعُودة وجَعادة وتَجَعَّد وجَعَّده صاحبه
تجعيداً، ورجل جعد الشعر: من الجعودة، والأُنثى جعْدة، وجمعهما جعاد؛ قال معقل
بن خويلد:
. . . . وسُود جعاد الرقا
بِ، مثْلَهُمُ يرهَبُ الراهِبُ
(* قوله «وسود» كذا في الأصل بحذف بعض الشطر الأول).
عنى من أَسرت هذيل من الحبشة أَصحاب الفيل، وجمع السلامة فيه أَكثر.
والجَعْد من الرجال: المجتمع بعضه إِلى بعض، والسبط: الذي ليس بمجتمع،
وأَنشد:
قالت سليمى: لا أُحب الجَعْدِين،
ولا السٍّباطَ، إِنهم مَناتِين
وأَنشد ابن الأَعرابي لفُرعان التميمي في ابنه مَنازل حين عقه:
وربَّيْتُه حتى إِذا ما تركتُه
أَخا القوم، واستغنى عن المسح شاربُه
وبالمَحْض حتى آضَ جَعْداً عَنَطْنَطاً،
إِذا قام ساوى غاربَ الفَحْل غارِبُه
فجعله جعداً، وهو طويل عنطنط؛ وقيل: الجَعْدُ الخفيف من الرجال، وقيل:
هو المجتمع الشديد؛ وأَنشد بيت طرفة:
أَنا الرجلُ الجَعْدُ الذي تعرفونه
(* في معلقة طرفة: الرجل الضَّرب).
وأَنشد أَبو عبيد:
يا رُبَّ جَعْدٍ فيهمُ، لو تَدْرِينْ،
يَضْرِبُ ضَرْبَ السّبطِ المقادِيمْ
قال الأَزهري: إِذا كان الرجل مداخَلاً مُدْمَج الخلق أَي معصوباً فهو
أَشد لأَسره وأَخف إِلى منازلة الأَقران، وإِذا اضطرب خلقه وأَفرط في طوله
فهو إِلى الاسترخاءِ ما هو. وفي الحديث: على ناقة جَعْدة أَي مجتمعة
الخلق شديدة. والجَعْد إِذا ذهب به مذهب المدح فله معنيان مستحبان: أَحدهما
أَن يكون معصوب الجوارح شديد الأَسر والخلق غير مسترخ ولا مضطرب، والثاني
أَن يكون شعره جعداً غير سبط لأَن سبوطة الشعر هي الغالبة على شعور
العجم من الروم والفرس، وجُعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب، فإِذا مدح
الرجل بالجعد لم يخرج عن هذين المعنيين. وأَما الجعد المذموم فله أَيضاً
معنيان كلاهما منفي عمن يمدح: أَحدهما أَن يقال رجل جعد إِذا كان قصيراً
متردد الخلق، والثاني أَن يقال رجل جعد إِذا كان بخيلاً لئيماً لا
يَبِضُّ حَجَره، وإِذا قالوا رجل جعد السبوطة فهو مدح، إِلاَّ أَن يكون قَطِطاً
مُفَلْفَلاً كشعر الزَّنج والنُّوبة فهو حينئذ ذم ؛ قال الراجز:
قد تَيَّمَتْنِي طَفْلَةٌ أُمْلُودُ
بِفاحِمٍ، زَيَّنَهُ التَّجْعِيدُ
وفي حديث الملاعنة: إِن جاءت به جَعْداً؛ قال ابن الأَثير: الجعد في
صفات الرجال يكون مدحاً وذمّاً، ولم يذكر ما أَراده النبي، صلى الله عليه
وسلم، في حديث الملاعنة هل جاء به على صفة المدح أَو على صفة الذم. وفي
الحديث: أَنه سأَل أَبا رُهْمٍ الغِفاريّ: ما فَعلَ النَّفَرُ السودُ
الجِعاد؟ ويقال للكريم من الرجال: جعد، فأَما إِذا قيل فلان جَعْد اليدين أَو
جعد الأَنامل فهو البخيل، وربما لم يذكروا معه اليد؛ قال الراجز:
لا تَعْذُلِيني بِضُرُبٍّ جَعْد
(* قوله «بضربّ» كذا بالأصل بالضاد المعجمة، وهذا الضبط. ولعل الصواب
بظرب، بالظاء المعجمة، كعتلّ وهو القصير كما في القاموس).
ورجل جَعْد اليدين: بخيل. ورجل جعد الأَصابع: قصيرها؛ قال:
من فائض الكفين غير جعد
وقَدَمٌ جَعْدَةٌ: قصيرة من لؤمها؛ قال العجاج:
لا عاجِز الهَوْءِ ولا جَعْد القَدَمْ
قال الأَصمعي: زعموا أَن الجعد السخي، قال: ولا أَعرف ذلك. والجعد:
البخيل وهو معروف؛ قال كثير في السخاء يمدح بعض الخلفاء:
إِلى الأَبيضِ الجَعْدِ ابن عاتِكةَ الذي
له فَضْلُ مُلْكٍ، في البرية، غالب
قال الأَزهري: وفي شعر الأَنصار ذكر الجعد، وضع موضع المدح، أَبيات
كثيرة، وهم من أَكثر الشعراء مدحاً بالجعد. وتراب جعد نَدٍ، وثَرىً جعد مثل
ثَعْد إِذا كان ليناً. وجَعُدَ الثرى وتجعَّد: تقبض وتعقد.
وزَبَد جعد: متراكب مجتمع وذلك إِذا صار بعضه فوق بعض على خطم البعير
أَو الناقة، يقال: جعد اللُّغام؛ قال ذو الرمة:
تَنْجُوا إِذا جَعَلت تَدْمَى أَخِشَّتُها،
واعْتَمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخراطيمُ
تنجو: تسرع السير. والنجاء: السرعة. وأَخشتها جمع خِشاش، وهي حَلْقة
تكون في أَنف البعير. وحَيس جَعْد ومُجَعَّد: غليظ غير سبط؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
خِذامِيَّةٌ أَدَتْ لها عَجْوَةُ القُرى،
وتَخْلِطُ بالمأْقُوطِ حَيْساً مُجَعَّدا
رماها بالقبيح يقول: هي مخلطة لا تختار من يواصلها؛ وصِلِّيانٌ جَعْدٌ
وبُهْمَى جعدة بالغوا بهما. الصحاح: والجعد نبت على شاطئِ الأَنهار.
والجعدة: حشيشة تنبت على شاطئِ الأَنهار وتجَعَّدُ. وقيل: هي شجرة
خضراء تنبت في شعاب الجبال بنجد، وقيل: في القيعان؛ قال أَبو حنيفة: الجعدة
خضراء وغبراء تنبت في الجبال، لها رعْثَة مثل رعثة الديك طيبة الريح تنبت
في الربيع وتيبس في الشتاء، وهي من البقول يحشى بها المرافق؛ قال
الأَزهري: الجعدة بقلة برية لا تنبت على شطوط الأَنهار وليس لها رعثة؛ قال: وقال
النضر بن شميل هي شجرة طيبة الريح خضراء، لها قضب في أَطرافها ثمر أَبيض
تحشى بها الوسائد لطيب ريحها إِلى المرارة ما هي، وهي جَهيدة يَصْلُح
عليها المال، واحدتها وجماعتها جَعْدة؛ قال: وأَجاد النضر في صفتها؛ وقال
النضر: الجعاديد والصَّعارير أَوَّل ما تنفتح الأَحاليل باللبَإِ، فيخرج
شيء أَصفر غليظ يابس فيه رخاوة وبلل، كأَنه جبن، فَيَنْدَلِصُ من الطُّبْي
مُصَعْرَراً أَي يخرج مدحرجاً، وقيل: يخرج اللبأُ أَول ما يخرج مصمغاً؛
الأَزهري: الجَعْدة ما بين صِمْغَي الجدي من اللبإِ عند الولادة.
والجعودة في الخد: ضد الأَسالة، وهو ذم أَيضاً. وخدٌّ جعد: غير أَسيل.
وبعير جعد: كثير الوبر جعْده. وقد كني بأَبي الجعد والذئب يكنى أَبا
جَعْدة وأَبا جُعادة وليس له بنت تسمى بذلك؛ قال الكميت يصفه:
ومُسْتَطْعِمٍ يُكْنى بغيرِ بناته،
جَعَلْت له حظّاً من الزادِ أَوفرا
وقال عبيد بن الأَبرص:
وقالوا هي الخمر تُكْنى الطلا،
كما الذئبُ يُكْنى أَبا جَعْدَه
أَي كنيته حسنة وعمله منكر. أَبو عبيد يقول: الذئب وإِن كني أَبا جعدة
ونوِّه بهذه الكنية فإِن فعله غير حسن، وكذلك الطلا وإِن كان خاثراً فإِن
فعله فعل الخمر لإِسكاره شاربه، أَو كلام هذا معناه.
وبنو جَعْدة: حيّ من قيس وهو أَبو حيّ من العرب هو جعدة بن كعب بن ربيعة
بن عامر بن صعصعة، منهم النابغة الجعدي.
وجُعادة: قبيلة؛ قال جرير:
فَوارِسُ أَبْلَوْا في جُعادة مَصْدَقاً،
وأَبْكَوْا عُيوناً بالدُّموع السَّواجِمِ
وجُعَيْد: اسم، وقيل: هو الجعيد بالأَلف واللام فعاملوا الصفة
(* قوله
«فعاملوا الصفة» كذا بالأصل والمناسب فعاملوه معاملة الصفة).
جلفع: الجَلَنْفَع: المسنّ، أَكثر ما توصف به الإناث. وخطب رجلٌ امرأَةً
إلى نفسها، وكانت امرأَة بَرْزةً قد انكشفَ وجهُها وراسَلَتْ، فقالت: إن
سأَلت عني بني فلان أُنَبِئْتَ عني بما يسُرُّك، وبنو فلان يُنْبِئُونَك
بما يَزِيدُك فيَّ رَغْبةً، وعند بني فلان مني خُبْر، فقال الرجل: وما
عِلم هؤُلاء بكِ؟ فقالت: في كلٍِّ قد نُكحت، قال: يا ابنة أُمّ، أَراكِ
جَلَنْفَعَةً قد خزَّمَتْها الخَزائِمُ قالت: كلا ولكني جَوّالة بالرجل
عَنْتَرِيسٌ. والجَلَنْفَع من الإِبل: الغليظُ التامُّ الشديد، والأُنثى
بالهاء؛ قال:
أَينَ الشِّظاظانِ وأَين المِرْبَعهْ؟
وأَين وَسْقُ الناقةِ الجَلَنْفَعَهْ؟
على أَن الجَلَنْفَعةَ هنا قد تكون المُسِنَّةَ، وقد قيل: ناقة
جَلَنْفَعٌ، بغير هاء. الأَزهري: ناقة جَلَنْفَعةٌ قد أَسَنَّت وفيها بقية،
واستشهد بهذا الرجز. والجلنفعةُ من النوق: الجسيمة وهي الواسعة الجوف التامة؛
وأَنشد:
جَلَنْفَعة تَشُقُّ على المَطايا،
إذا ما اخْتَبَّ رَقْراقُ السَّرابِ
وقد اجْلَنْفَع أَي غَلُظ. والجَلَنْفَعُ: الضَّخْمُ الواسع؛ قال:
عِيدِيّة، أَمّا القَرَا فَمُضَبَّرٌ
منها ، وأَما دَفُّها فَجَلَنْفَعُ
وقيل: الجَلَنْفَعُ الواسع الجوْفِ التامُّ، وقيل: الجَلَنْفَع الجسيم
الضخم الغليظ، إن كان سمحاً أَو غير سمح. ولِثةٌ جَلَنْفَعة كثيرة اللحم،
وقيل: إِنما هو على التشبيه، وأَرى أَن كراعاً قد حكى القاف مكان الفاء
في الجلنفع، قال ابن سيده: ولست منه على ثقة.
رهن: الرَّهْنُ: معروف. قال ابن سيده: الرَّهْنُ ما وضع عند الإنسان مما
ينوب مناب ما أُخذ منه. يقال: رَهَنْتُ فلاناً داراً رَهْناً وارْتَهنه
إذا أَخذه رَهْناً، والجمع رُهون ورِهان ورُهُنٌ، بضم الهاء؛ قال: وليس
رُهُن جمعَ رِهان لأَن رِهاناً جمع، وليس كل جمع يجمع إلا أَن ينص عليه
بعد أَن لا يحتمل غيرذلك كأَكْلُب وأَكالِب وأَيْدٍ وأَيادٍ وأَسْقِية
وأَساقٍ، وحكى ابن جني في جمعه رَهين كعَبْدٍ وعَبيدٍ، قال الأَخفش في جمعه
على رُهُنٍ قال: وهي قبيحة لأَنه لا يجمع فَعْل على فُعُل إلا قليلاً
شاذّاً، قال: وذكر أَنهم يقولون سَقْفٌ وسُقُفٌ، قال: وقد يكون رُهُنٌ جمعاً
للرهان كأَنه يجمع رَهْن على رِهان، ثم يجمع رِهان على رُهُن مثل فِراشٍ
وفُرُش. والرَّهينة: واحدة الرَّهائن. وفي الحديث: كل غلام رَهينة
بعقيقته؛ الرَّهينة: الرَّهْنُ، والهاء للمبالغة كالشَّتيمة والشَّتْم، ثم
استعملا في معنى المَرْهون فقيل: هو رَهْن بكذا ورَهِينة بكذا، ومعنى قوله
رهينة بعقيقته أَن العقيقة لازمة له لا بد منها، فشبهه في لزومها له وعدم
انفكاكه منها بالرَّهْن في يد المُرْتَهِن. قال الخطابي: تكلم الناس في
هذا وأَجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أَحمد بن حنبل، قال: هذا في الشفاعة،
يريد أَنه إذا لم يُعَقَّ عنه فمات طفلاً
لم يَشْفَعْ في والديه، وقيل: معناه أَنه مرهون بأَذى شَعْره، واستدلوا
بقوله: فأَمِيطُوا عنه الأَذى، وهو ما عَلِقَ به من دم الرحم. ورَهَنَه
الشيءَ يَرْهَنَه رَهْناً ورَهَنَه عنده، كلاهما: جعله عنده رَهْناً. قال
الأَصمعي: ولا يقال أَرْهَنتُه. ورَهَنَه عنه: جعله رَهْناً بدلاً منه؛
قال:
ارْهَنْ بنيك عنهمُ أَرْهَنْ بَني
أَراد أَرْهَن أَنا بني كما فعلت أَنت، وزعم ابن جني أَن هذا الشعر
جاهليّ. وأَرْهَنته الشيء: لغة؛ قال هَمَّام بن مرة، وهو في الصحاح لعبد الله
بن همام السَّلُولي:
فلما خَشِيتُ أَظافيرَهُمْ،
نَجَوْتُ وأَرْهَنْتُهم مالكا
غَريباً مُقِيماً بدار الهَوا
نِ، أَهْونْ علَيَّ به هالِكا
وأَحْضَرتُ عُذْرِي عليه الشُّهُو
دَ، إنْ عاذراً لي، وإن تاركا
وقد شَهِدَ الناسُ، عند الإِما
مِ، أَني عَدُوٌّ لأَعْدَائكا
وأَنكر بعضهم أَرهنته، وروي هذا البيت: وأَرْهَنُهُم مالكا، كما تقول:
قمت وأَصُكُّ عينه؛ قال ثعلب: الرُّواة كلهم على أَرْهَنْتُهم، على أَنه
يجوز رَهَنْتُه وأَرْهَنْته، إلاَّ الأَصمعي فإنه رواه وأَرْهَنُهم مالكا
على أَنه عطف بفعل مستقبل على فعل ماض، وشبهه بقولهم قمتُ وأَصُكُّ
وجهَه، وهو مذهب حسن لأَن الواو واو حال، فيجعل أَصُك حالاً للفعل الأَول على
معنى قمت صاكّاً وجهه أَي تركته مقيماً عندهم، ليس من طرق الرَّهْنِ،
لأَنه لا يقال أَرْهَنْتُ الشيء، وإنما يقال رَهَنْتُه، قال: ومن روى
وأَرهنتهم مالكاً فقد أَخطأَ؛ قال ابن بري: وشاهد رَهَنْته الشيءَ بيت أُحَيْحة
بن الجُلاح:
يُراهِنُني فيَرْهَنُني بنيه،
وأَرْهَنُه بَنِيَّ بما أَقُولُ.
ومثله للأَعشى:
آلَيْتُ لا أُعطيه من أَبنائنا
رُهُناً فيُفْسِدُهم كمن قد أَفْسَدا
حتى يُفِيدَك من بنيه رَهِينةً
نَعْشٌ، ويَرْهَنك السِّماك الفَرْقدا.
وفي هذا البيت شاهد على جمع رَهْنٍ على رُهُنٍ. وأَرْهَنْتُه الثوبَ:
دفعته إليه ليَرْهَنه. قال ابن الأَعرابي: رَهَنْتُه لساني لا غير، وأَما
الثوب فرَهَنْتُه وأَرْهَنْتُه معروفتان. وكل شيء يُحْتَبَس به شيء فهو
رَهِينه ومُرْتَهَنه. وارْتَهَن منه رَهْناً: أَخذه. والرِّهانُ
والمُراهَنة: المُخاطرة، وقد راهَنه وهم يَتَراهنُون، وأَرْهَنُوا بينهم خَطَراً:
بَدَلُوا منه ما يَرْضى به القوم بالغاً ما بلغ، فيكون لهم سَبَقاً.
وراهَنْتُ فلاناً على كذا مُراهنة: خاطرته. التهذيب: وأَرْهَنْتُ ولَدي
إرهاناً أَخطرتهم خَطَراً. وفي التنزيل العزيز: فرِهانٌ مقبوضة؛ قرأَ نافع
وعاصم وأَبو جعفر وشَيْبةُ: فرِهان مقبوضة، وقرأَ أَبو عمرو وابن كثير:
فرُهُنٌ مقبوضة، وكان أَبو عمرو يقول: الرِّهانُ في الخيل؛ قال قَعْنَب:
بانت سُعادُ، وأَمْسَى دُونها عَدَنُ،
وغَلِقَتْ عندَها من قَبْلِكَ الرُّهُنُ. وقال الفراء: من قرأَ فَرُهُن
فهي جمع رِهانٍ مثل ثُمُرٍ جمع ثِمارٍ، والرُّهُنُ في الرَّهْنِ أَكثر،
والرِّهانُ في الخيل أَكثر، وقيل في قوله تعالى: فرِهانٌ مقبوضة؛ قال ابن
عرفة: الرَّهْنُ في كلام العرب هو الشيء الملزم. يقال: هذا راهِنُ لك أَي
دائم محبوس عليك. وقوله تعالى: كلُّ نفْسٍ بما كَسَبَتْ رَهِينَة وكل
امرئٍ بما كَسَبَ رَهِين؛ أَي مُحْتَبَس بعمله، ورَهِينة محبوسة بكسبها.
وقال الفراء: الرَّهْن يجمع رِهاناً مثل نَعْلٍ ونِعال؛ ثم الرِّهانُ يجمع
رُهُناً. وكل شيء ثبت ودام فقد رَهَنَ. والمُراهَنَةُ والرهانُ:
المسابقة على الخيل وغير ذلك. وأَنا لك رَهْنٌ بالرِّيّ وغيره أَي كَفيل؛ قال:
إني ودَلْوَيَّ لها وصاحبِي،
وحَوْضَها الأَفْيَحَ ذا النصائبِ،
رَهْنٌ لها بالرِّيّ غير الكاذِبِ
وأَنشد الأَزهري:
إن كَفِّي لك رَهْنٌ بالرِّضا.
أَي أَنا كفيل لك. ويدي لك رَهْنٌ: يريدون به الكفالة؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
والمَرْءُ مَرْهُونٌ، فمن لا يُخْتَرَمْ
بعاجِلِ الحَتْفِ، يُعاجَلْ بالهَرَمْ
قال: أَرْهَنَ أَدامَ لهم. أَرْهَنْتُ لهم طعامي وأَرْهَيْته أَي أَدمته
لهم. وأَرْهَى لك الأَمر أَي أَمْكنك، وكذلك أَوْهَب. قال: والمَهْوُ
والرَّهْوُ والرخَفُ واحد، وهو اللِّينُ. وقد رَهَنَ في البيع والقرض، بغير
أَلف، وأَرْهَنَ بالسلْعة وفيها: غالَى بها وبذل فيها ماله حتى أَدركها؛
قال: وهو من الغلاء خاصة: قال:
يَطْوي ابنُ سَلْمَى بها من راكبٍ بُعُداً
عِيديَّةً أُرْهِنَتْ فيه الدَّنانيرُ
(* قوله «من راكب» كذا في الأصل، والذي في المحكم: في راكب، وفي
التهذيب: عن).
ويروى صدر البيت:
ظَلَّتْ تَجُوبُ بها البُلْدانَ ناجيةٌ.
والــعِيديّة: إبل منسوبة إلى العيد، والعيدُ: قبيلة من مَهْرة، وإِبلُ
مَهْرة موصوفة بالنجابة؛ وأَورد الأَزهري هذا البيت مستشهداً على قوله
أَرْهَنَ في كذا وكذا يُرْهِنُ إِرْهاناً إذا أَسلف فيه. ويقال: أَرْهَنت في
السلعة بمعنى أَسلفت. والمُرْتَهِنُ: الذي يأْخذ الرَّهْنَ، والشيءِ
مَرْهُونٌ ورهِين، والأُنثى رَهِينة. والراهِنُ: الثابت. وأَرْهَنه للموت:
أَسلمه؛ عن ابن الأَعرابي. وأَرْهَنَ الميتَ قبراً: ضَمَّنه إياه، وإنه
لرَهِينُ قبرٍ وبِلىً، والأُنثى رَهِينة. وكل أَمر يُحْتبس به شيء فهو
رَهِينة ومُرْتَهَنه، كما أَن الإنسان رَهِينُ عمله. ورَهَنَ لك الشيءُ: أَقام
ودام. وطعام راهِنٌ: مقيم؛ قال:
الخُبْزُ واللَّحْمُ لهم راهِنٌ،
وقَهْوَةٌ راوُوقُها ساكِبُ.
وأَرْهَنه لهم ورَهَنه: أَدامه، والأَول أَعلى. التهذيب: أَرْهَنْتُ لهم
الطعام والشرابَ إرهاناً أَي أَدمته. وهو طعام راهِنٌ أَي دائم؛ قاله
أَبو عمرو؛ وأَنشد للأََعشى يصف قوماً يشربون خمراً لا تنقطع:
لا يَسْتَفِيقُونَ منها، وهي راهِنَةٌ،
إلاّ بهاتِ، وإن عَلُّوا وإن نَهِلُوا.
ورَهَنَ الشيءُ رَهْناً: دام وثبت. وراهِنةٌ في البيت: دائمة ثابتة.
وأَرْهَنَ له الشرَّ: أَدامه وأَثبته له حتى كف عنه. وأَرْهَنَ لهم ماله:
أَدامه لهم. وهذا راهنٌ لك أَي مُعَدٌّ. والراهِنُ: المهزول المُعْيي من
الناس والإِبل وجميع الدواب، رَهَنَ يَرْهَنُ رُهُوناً؛ وأَنشد الأُمَوِيّ:
إما تَرَيْ جِسْمِيَ خَلاًّ قد رَهَنْ
هَزْلاً، وما مَجْدُ الرِّجالِ في السِّمَنْ.
ابن شميل: الرَّاهِنُ الأَعْجَفُ من ركوب أَو مرض أَو حَدَث؛ يقال: ركب
حتى رَهَنَ. الأَزهري: رأَيت بخط أَبي بكر الإيادي: جارية أُرْهُونٌ أَي
حائض؛ قال: ولم أَره لغيره. والرَّاهنة من الفرس: السُّرَّة وما حولها.
والرَّاهُونُ: اسم جبل بالهند، وهو الذي هبط عليه آدم، عليه السلام.
ورُهْنانُ: موضع. ورُهَيْنٌ والرَّهِينُ: اسمان؛ قال أَبو ذؤيب:
عَرَفْتُ الدِّيارَ لأُمِّ الرَّهِيـ
ـنِ بَيْنَ الظُّباءِ فَوادِي عُشَرْ.
جلل: اللهُ الجَليلُ سبحانه ذو الجَلال والإِكرام، جَلَّ جَلال الله،
وجَلالُ الله: عظمتُه، ولا يقال الجَلال إِلا لله. والجَلِيل: من صفات الله
تقدس وتعالى، وقد يوصف به الأَمر العظيم، والرجل ذو القدر الخَطِير. وفي
الحديث: أَلِظُّوا بيا ذا الجَلال والإِكرام؛ قيل: أَراد عَظِّمُوه،
وجاء تفسيره في بعض اللغات: أَسْلِمُو؛ قال ابن الأَثير: ويروى بالحاء
المهملة وهو من كلام أَبي الدرداء في الأَكثر؛ وهو سبحانه وتعالى الجَلِيلُ
الموصوف بنعوت الجَلال، والحاوي جميعَها، هو الجَلِيلُ المُطْلَق وهو راجع
إِلى كمال الصفات، كما أَن الكبير راجع إِلى كمال الذات، والعظيم راجع
إِلى كمال الذات والصفات. وجَلَّ الشيءُ يَجِلُّ جَلالاً وجَلالةً وهو
جَلٌّ وجَلِيلٌ وجُلال: عَظُم، والأُنثى جَلِيلة وجُلالة. وأَجَلَّه:
عَظَّمه، يقال جَلَّ فلان في عَيني أَي عَظُم، وأَجْلَلته رأَيته جَلِيلاً
نَبيلاً، وأَجْلَلته في المرتبة، وأَجْللته أَي عَظَّمته. وجَلَّ فلان
يَجِلُّ، بالكسرِ، جَلالة أَي عَظُم قَدْرُه فهو جَلِيل؛ وقول لبيد:
غَيْرَ أَن لا تَكْذِبَنْها في التقَى،
واجْزِها بالبِرِّ لله الأَجَلّ
يعني الأَعظم؛ وقول أَبي النجم:
الحمدُ الله العَلِيِّ الأَجْلل،
أَعْطى فلم يَبْخَل ولم يُبَخَّل
يريد الأَجَلَّ فأَظهر التضعيف ضرورة. والتَّجِلَّة: الجَلالة، اسم
كالتَّدْوِرَة والتَّنِهيَة؛ قال بعض الأَغْفال:
ومَعْشَرٍ غِيدٍ ذَوي تَجِلَّه،
تَرى عليهم للندى أَدِلَّه
وأَنشد ابن بري لليلى الأَخْيَلية:
يُشَبَّهون مُلوكاً في تَجِلَّتِهم،
وطُولِ أَنْضِيَةِ الأَعْناقِ واللِّمَم
وجُلُّ الشيءِ وجُلاله: معظمه. وتَجَلَّل الشيءَ: أَخَذ جُلَّه وجُلاله.
ويقال: تَجَلَّلِ الدراهمَ أَي خُذْ جُلالها. وتَجَالَلْت الشيء
تَجَالاً وتَجَلَّلت إِذا أَخذت جُلاله وتداققته إِذا أَخذت دُقاقه؛ وقول ابن
أَحمر:
يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليك بِلادُنا
وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرضك وارْعُدِ
يعني ما أَجَلَّ ما بَعُدت. والتَّجالُّ: التعاظم. يقال: فلان يَتَجالُّ
عن ذلك أَي يترفع عنه. وفي حديث جابر: تزوّجت امرأَة قد تَجالَّتْ؛
تجالَّت أَي أَسَنَّت وكَبِرَتْ. وفي حديث أُم صِبْيَة: كنا نكون في المسجد
نِسْوةً قد تَجالَلن أَي كَبِرْنَ. يقال: جَلَّتْ فهي جَلِيلة، وتَجالَّتْ
فهي مُتَجالَّة، وتَجالَّ عن ذلك تَعاظم. والجُلَّى: الأَمر العظيم؛ قال
طَرَفة:
وإِنْ أُدْعَ للجُلَّى أَكُنْ من حُماتِها،
وإِن تَأْتِك الأَعداء بالجَهْد أَجْهَد
ومنه قول بَشامة بن حَزْن النَّهْشَلي:
وإِنْ دَعَوْتُ إِلى جُلَّى ومَكْرُمَة،
يوماً، كِراماً من الأَقْوامِ، فادْعِينا
قال ابن الأَنباري: من ضَمَّ الجُلَّى قَصَرَه، ومن فتح الجيم مدّه،
فقال الجَلاَّء الخصلة العظيمة؛ وأَنشد:
كَمِيش الإِزارِ خارج نِصْفُ ساقِه،
صَبُور على الجَلاّءِ طَلاَّع أَنْجُد،
وقوم جِلَّة: ذوو أَخطار؛ عن ابن دريد. ومِشْيَخة جِلَّة أَي مَسانٌّ،
والواحد منهم جَلِيل. وجَلَّ الرجل جَلالاً، فهو جَلِيل: أَسَنَّ
واحْتُنِك؛ وأنشد ابن بري:
يا مَنْ لِقَلْبٍ عند جُمْلٍ مُخْتَبَلْ
عُلِّق جُمْلاً، بعدما جَلَّت وجَلٌّ
وفي الحديث: فجاء إِبليس في صورة شيخ جَلِيل أَي مُسنٍّ، والجمع جِلَّة،
والأُنثى جَلِيلة. وجِلَّة الإِبل: مَسَانُّها، وهو جمع جَلِيل مثل
صَبيٍّ وصِبْية؛ قال النمر:
أَزْمانَ لم تأْخذ إِليَّ سِلاحَها
إِبِلي بجِلَّتِها، ولا أَبْكارِها
وجَلَّت الناقةُ إِذا أَسَنَّت. وجَلَّتِ الهاجِنُ عن الولد أَي صغرت.
وفي حديث الضحاك بن سفيان: أَخذت جِلَّة أَموالهم أَي العِظام الكِبار من
الإِبل، وقيل المَسانُّ منها، وقيل هو ما بين الثَّنِيِّ إِلى البازل؛
وجُلُّ كل شيء، بالضم: مُعْظَمه، فيجوز أَن يكون أَراد أَخذت معظم
أَموالهم. قال ابن الأَعرابي: الجِلَّة المَسانُّ من الإِبل، يكون واحداً وجمعاً
ويقع على الذكر والأُنثى؛ بعيرٌ جِلَّةٌ وناقة جِلَّة، وقيل الجِلَّة
الناقة الثَّنِيَّة إِلى أَن تَبْزُل، وقيل الجِلَّة الجَمل إِذا أَثْنى.
وهذه ناقة قد جَلَّت أَي أَسَنَّت. وناقة جُلالة: ضَخْمة. وبَعِير جُلال:
مخرج من جليل. وما له دقيقة ولا جَلِيلة أَي ما له شاة ولا ناقة. وجُلُّ
كل شيء: عُظْمه. ويقال: ما له دِقٌّ ولا جِلٌّ أَي لا دقيق ولا جَلِيل.
وأَتيته فما أَجَلَّني ولا أَحْشاني أَي لم يعطني جَلِيلة ولا حاشية وهي
الصغيرة من الإِبل. وفي المثل: غَلَبَتْ جِلَّتَها حواشيها؛ قال الجوهري:
الجَلِيلة التي نُتِجَتْ بطناً واحداً، والحَواشي صغار الإِبل. ويقال: ما
أَجَلَّني ولا أَدَقَّني أَي ما أَعطاني كثيراً ولا قليلاً؛ وقول
الشاعر:بَكَتْ فأَدَقَّتْ في البُكا وأَجَلَّت
أي أَتت بقليل البكاء وكثيره. وفي حديث الدعاء: اللهم اغفر لي ذنبي
كُلَّه دِقَّه وجِلَّه أَي صغيره وكبيره.
والجَلَل: الشيء العظيم والصغير الهَيِّن، وهو من الأَضداد في كلام
العرب، ويقال للكبير والصغير جَلَل؛ وقال امرؤ القيس لما قُتل أَبوه:
بِقَتْلِ بَنِي أَسَدٍ رَبَّهُم،
أَلا كُلُّ شيء سواه جَلَل
أَي يسيرٌ هين؛ ومثله للبيد:
كُلُّ شيءٍ، ما خلا افيفي َ، جَلَل
والفتى يَسْعى ويُلْهِيه الأَمَل
وقال المثقب العبدي:
كُلُّ يومٍ كان عَنَّا جَلَلاً،
غيرَ يومِ الحِنْو من يقطع قَطَر
وأَنشد ابن دريد:
إِن يُسْرِ عَنْكَ افيفي رُونَتَها،
فعَظِيمُ كلِّ مُصِيبةٍ جَلَلُ
والرُّونة: الشدّة؛ قال: وقال زويهر بن الحرث الضبي:
وكان عَمِيَدنا وبَيْضَةَ بَيتِنا،
فكلُّ الذي لاقَيْت من بعدِه جَلَل
وفي حديث العباس: قال يوم بدر القَتْلى جَلَلٌ ما عدا محمداً أَي
هَيِّنٌ يسير. والجَلَل: من الأَضداد يكون للحقير وللعظيم؛ وأَنشد أَبو زيد
لأَبي الأَخوض الرياحي:
لو أَدْرَكَتْه الخَيْلُ، والخَيْلُ تَدَّعي
بِذِي نَجَبٍ، وما أَقْرَبَتْ وأَجَلَّتِ
أَي دَخَلت في الجَلَل وهو الأَمر الصغير. قال الأَصمعي: يقال هذا
الأَمر جَلَل في جَنْب هذا الأَمر أَي صغير يسير. والجَلَل: الأَمر العظيم؛
قال الحرث ابن وعلة
(* قوله «قال الحرث بن وعلة» هكذا في الأصل، والذي في
الصحاح: وعلة بن الحرث) بن المجالد بن يثربي بن الرباب بن الحرث بن مالك
بن سنان بن ذهل بن ثعلبة:
قَوْمي هُمُ قَتَلوا أُمَيْمَ أَخِي،
فإِذا رَمَيْتُ يُصِيبُني سَهْمي
فلئن عَفَوْتُ لأَعْفُوَنْ جَلَلاً، ولئن سَطَوْتُ لأُوهِنَنْ عَظْمي
وأَما الجَليل فلا يكون إِلا للعظيم. والجُلَّى: الأَمر العظيم، وجمعها
جُلَل مثل كُبْرى وكُبَر. وفي الحديث: يَسْتُر المصلّيَ مِثْلُ مُؤَخِرة
الرَّحْل في مِثْلِ جُلَّة السَّوْط أَي في مثل غِلْظِه. وفي حديث أُبيّ
بن خَلَف: إِن عندي فرساً أُجِلُّها كل يوم فَرَقاً من ذرة أَقْتُلك
عليها، فقال: عليه السلام: بل أَنا أَقْتُلك عليها، إِن شاء افيفي ؛ قال ابن
الأَثير: أَي أَعلفها إِياه فوضع الإِجْلال موضع الإِعطاء وأَصله من الشيء
الجَلِيل؛ وقول أَوس يَرْثي فضالة:
وعَزَّ الجَلُّ والغالي
فسره ابن الأَعرابي بأَن الجلَّ الأَمر الجَلِيل، وقوله والغالي أَي أَن
موته غالٍ علينا من قولك غَلا الأَمر زاد وعَظُم؛ قال ابن سيده: ولم
نسمع الجَلَّ في معنى الجَلِيل إِلاَّ في هذا البيت.
والجُلْجُل: الأَمر العظيم كالجَلَل. والجِلُّ: نقيض الدِّقِّ.
والجُلال: نقيض الدُّقاق. والجُلال، بالضم: العظيم. والجُلالة: الناقة العظيمة.
وكل شيء يَدِقُّ فجُلاله خلاف دُقاقه. ويقال: جِلَّة جَريمة للعِظام
الأَجْرام.
وجَلَّل الشيءُ تجليلاً أَي عَمَّ. والمُجَلِّل: السحاب الذي يُجَلِّل
الأَرض بالمطر أَي يعم. وفي حديث الاستسقاء: وابِلاً مُجَلِّلاً أَي
يُجَلِّل الأَرض بمائه أَو بنباته، ويروى بفتح اللام على المفعول.
والجِلُّ من المتاع: القُطُف والأَكسية والبُسُط ونحوه؛ عن أَبي علي.
والجَلُّ والجِلُّ، بالكسر: قَصَب الزرع وسُوقه إِذا حُصِد عنه السُّنبل.
والجُلَّة: وعاء يتخذ من الخوص يوضع فيه التمر يكنز فيها، عربية معروفة؛
قال الراجز:
إِذا ضَرَبْتَ مُوقَراً فابطُنْ له،
فوق قُصَيراه وتَحْتَ الجُلَّه
يعني جَمَلاً عليه جُلَّة فهو بها مُوقَر، والجمع جِلال وجُلَل؛ قال:
باتوا يُعَشُّون القُطَيْعاء جارهم،
وعندهُمُ البَرْنيُّ في جُلَل دُسْم
وقال:
يَنْضَح بالبول، والغُبار على
فَخْذَيه، نَضْحَ الــعِيديَّة الجُلَلا
وجُلُّ الدابة وجَلُّها: الذي تُلْبَسه لتُصان به؛ الفتح عن ابن دريد،
قال: وهي لغة تميمية معروفة، والجمع جِلال وأَجلال؛ قال كثيِّر:
وترى البرق عارضاً مُسْتَطِيراً،
مَرَحَ البُلْق جُلْنَ في الأَجْلال
وجمع الجِلال أَجِلَّة. وجِلال كل شيء: غِطاؤه نحو الحَجَلة وما
أَشبهها. وتجليل الفرس: أَن تُلْبِسه الجُلَّ، وتَجَلَّله أَي عَلاه. وفي
الحديث: أَنه جَلَّل فرساً له سَبَق بُرْداً عَدَنِيّاً أَي جعل البُرْد له
جُلاًّ. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان يُجَلِّل بُدْنه القَباطِيَّ. وفي حديث
علي: اللهم جَلِّل قَتلة عثمان خِزْياً أَي غَطِّهم به وأَلْبِسْهم إِياه
كما يتجلل الرجل بالثوب. وتجَلَّل الفحل الناقة والفرس الحِجْر: علاها.
وتجَلَّل فلان بعيره إِذا علا ظهره.
والجَلَّة والجِلَّة: البَعَر، وقيل: هو البعر الذي لم ينكسر، وقال ابن
دريد: الجِلَّة البَعَرة فأَوقع الجِلة على الواحدة.
وإِبِل جلاَّلة: تأْكل العَذِرة، وقد نهي عن لحومها وأَلبانها.
والجَلاَّلة: البقرة التي تتبع النجاسات، ونهى النبي، صلى الله عليه وسلم، عن
أَكل الجلاَّلة وركوبها؛ وفي حديث آخر: نهي عن لبن الجلاَّلة؛ والجلاَّلة من
الحيوان: التي تأْكل الجِلَّة والعَذِرة. والجِلَّة: البعر فاستعير ووضع
موضع العَذِرة، يقال: إِن بني فلان وَقودهم الجِلَّة ووقودهم الوَأْلة
وهم يَجْتَلُّون الجِلَّة أَي يلقطون البعر. ويقال: جَلَّت الدابة
الجِلَّة واجْتَلَّتها فهي جالَّة وجَلاَّلة إِذا التقطتها. وفي الحديث: فإِنما
قَذِرَتْ عليكم جالَّة القُرى. وفي الحديث الآخر: فإِنما حَرَّمتها من
أَجل جَوَالِّ القَرْية؛ الجَوَالُّ، بتشديد اللام: جمع جالَّة كسامَّة
وسَوامّ. وفي حديث ابن عمر: قال له رجل إِني أُريد أَن أَصحبك، قال: لا
تصحبني على جَلاَّل، وقد تكرر ذكرها في الحديث، فأَما أَكل الجلاَّلة فحلال
إِن لم يظهر النتن في لحمها، وأَما ركوبها فلعله لما يكثر من أَكلها
العَذِرة والبعر، وتكثر النجاسة على أَجسامها وأَفواهها وتلمس راكبها بفمها
وثوبه بِعَرَقها وفيه أَثر العَذِرة أَو البعر فيتنجس.
وجَلَّ البَعَر يَجُلُّه جَلاًّ: جَمعه والتقطعه بيده. واجتلَّ
اجتلالاً: التقط الجِلَّة للوقود، ومنه سميت الدابة التي تأْكل العذرة
الجَلاَّلة، واجتللت البعر. الأَصمعي: جَلَّ يَجُلُّ جَلاًّ إِذا التقط البعر
واجْتَلَّه مثله؛ قال ابن لجَإٍ يصف إِبلاً يَكْفي بعرُها من وَقود يُسْتَوقد
به من أَغصان الضَّمْران:
يحسب مُجْتَلّ الإِماءِ الحرم،
من هَدَب الضَّمْران، لم يُحَطَّم
(* قوله «يحسب إلخ» كذا في الأصل هنا، وتقدم في ضمر: بحسب بموحدة وفتح
الحاء وسكون السين والخرم بضم المعجمة وتشديد الراء، وقوله لم يحطم سبق
ايضاً في المادة المذكورة لم يحزم.)
ويقال: خرجت الإِماء يَجْتَلِلْن أي يلتقطن البعر. ويقال: جَلَّ الرجلُ
عن وطنه يَجُلُّ ويجِلُّ جُلُولاً
(* قوله «يجل جلولاً» قال شارح
القاموس: من حد ضرب، واقتصر الصاغاني على يجل من حد نصر، وجمع بينهما ابن مالك
وغيره وهو الصواب) وجلا يَجْلو جَلاء وأَجْلى يُجْلي إِجلاء إِذا أَخْلى
موطنِه. وجَلَّ القومُ من البلد يَجُلُّون، بالضم، جُلولاً أَي جَلَوا
وخرجوا إِلى بلد آخر، فهم جالَّة. ابن سيده: وجَلَّ القومُ عن منازلهم
يَجُلُّون جُلولاً جَلَوا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي للعجاج:
كأَنَّما نجومها، إِذ وَلَّتِ،
عُفْرٌ، وصِيرانُ الصَّريم جَلَّتِ
ومنه يقال: اسْتُعْمِل فلان على الجالِيَة والجالَّة، وهم أَهل الذمة،
وإِنما لزمهم هذا الاسم لأَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَجْلى بعض
اليهود من المدينة وأَمر بإِجلاء من بقي منهم بجزيرة العرب، فأَجْلاهم عمر بن
الخطاب فسُمُّوا جالِية للزوم الاسم لهم، وإِن كانوا مقيمين بالبلاد التي
أَوْطَنوها. وهذه ناقة تَجِلُّ عن الكلال: معناه هي أَجَلُّ من أَن
تَكِلّ لصلابتها. وفعلت ذلك من جَرَّاك ومن جُلِّك؛ ابن سيده: فعله من جُلّك
وجَلَلك وجلالك وتَجِلَّتك وإِجلالك ومن أَجْل إِجْلالك أَي من أَجلك؛
قال جميل:
رَسمِ دارٍ وَقَفْتُ في طَلَله،
كِدْتُ أَقْضي الغَداة من جَلَله
أَي من أَجله؛ ويقال: من عِظَمه في عيني؛ قال ابن بري وأَنشده ابن
السكيت:
كدت أَقضي الحياة من جَلَله
قال ابن سيده: أَراد ربَّ رسم دار فأَضمر رب وأَعملها فيما بعدها مضمرة،
وقيل: من جَلَلك أَي من عَظَمتك. التهذيب: يقال فعلت ذلك من جَلل كذا
وكذا أَي من عِظَمه في صدري؛ وأَنشد الكسائي على قولهم فعلته من جَلالك أَي
من أَجلك قول الشاعر:
حَيائيَ من أَسْماءَ، والخَرْقُ بيننا،
وإِكْرامِيَ القومَ العِدى من جَلالها
وأَنت جَلَلْت هذا على نفسك تجُلُّه أَي جَرَرْته يعني جَنَيته؛ هذه عن
اللحياني.
والمَجَلَّة: صحيفة يكتب فيها. ابن سيده: والمَجَلَّة. الصحيفة فيها
الحكمة؛ كذلك روي بيت النابغة بالجيم:
مَجَلَّتُهم ذاتُ الإِله، ودِيُنهم
قَوِيم فما يَرْجُون غير العواقب
يريد الصحيفة لأَنهم كانوا نصارى فَعَنى الإِنْجيل، ومن روى مَحَلَّتهم
أَراد الأَرض المقدّسة وناحية الشام والبيت المقدَّس، وهناك كان بنو
جَفْنة؛ وقال الجوهري: معناه أَنهم يحُجُّون فَيَحِلُّون مواضع مقدسة؛ قال
أَبو عبيد: كل كتاب عند العرب مَجَلَّة. وفي حديث سويد بن
الصامت: قال لرسول الله، صلى الله عليه وسلم: لعل الذي معك مثل الذي
معي، فقال: وما الذي معك؟ قال: مَجَلَّة لقمان؛ كل كتاب عند العرب مَجَلَّة،
يريد كتاباً فيه حكمة لقمان. ومنه حديث أَنس: أُلقي إِلينا مَجالٌ؛ هي
جمع مَجَلَّة يعني صُحُفاً قيل إِنها معرَّبة من العبرانية، وقيل: هي
عربية، وقيل: مَفْعَلة من الجلال كالمذلة من الذل.
والجَلِيل: الثُّمام، حِجازيَّة، وهو نبت ضعيف يحشى به خَصاص البيوت،
واحدته جَلِيلة؛ أَنشد أَبو حنيفة لبلال:
أَلا ليت شعري هل أَبيتَنَّ ليلة
بفَجٍّ، وحَوْلي إِذْخِر وجَلِيل؟
وهل أَرِدَنْ يوماً مِياه مَجَنَّةٍ؟
وهل يَبْدُوَنْ لي شامَةٌ وطَفِيل؟
وقيل: هو الثُّمام إِذا عظم وجَلَّ، والجمع جَلائل؛ قال الشاعر:
يلوذ بجَنْبَيْ مَرْخَة وجَلائل
وذو الجَلِيل: واد لبني تميم يُنبت الجَلِيل وهو الثمام. والجَلُّ،
بالفتح: شراع السفينة، وجمعه جُلول، قال القطامي:
في ذي جُلول يُقَضِّي الموتَ صاحبُه،
إِذا الصَّرارِيُّ من أَهواله ارتَسما
قال ابن بري: وقد جمع على أَجْلال؛ قال جرير:
رَفَعَ المَطِيّ بها وشِمْت مجاشعاً
والزَّنْبَرِيّ يَعُوم ذو الأَجْلال
(* قوله «والزنبري إلخ» هكذا في الأصل هنا، وتقدم مثل هذا الشطر في
ترجمة زنبر بلفظ كالزنبري يقاد بالاجلال).
وقال شمر في قول العجاج:
ومَدَّه، إِذ عَدَل الجَليُّ،
جَلٌّ وأَشْطانٌ وصَرَّاريُّ
يعني مَدَّ هذا القُرْقورَ أَي زاد في جَرْيه جَلٌّ، وهو الشِّراع،
يقول: مَدَّ في جريه، والصُّرَّاء: جمع صارٍ وهو مَلاَّح مثل غازٍ وغُزَّاء.
وقال شمر: رواه أَبو عدنان الملاح جُلُّ وهو الكساء يُلْبَس السفينة،
قال: ورواه الأَصمعي جَلُّ، وهو لغة بني سعد بفتح الجيم. والجُلُّ:
الياسمين، وقيل: هو الورد أَبيضه وأَحمره وأَصفره، فمنه جَبَليّ ومنه قَرَويّ،
واحدته جُلَّة؛ حكاه أَبو حنيفة قال: وهو كلام فارسي، وقد دخل في العربية؛
والجُلُّ الذي في شعر الأَعشى في قوله:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسميـ
ن والمُسْمِعاتُ بقُصَّابها
هو الورد، فارسي معرّب؛ وقُصَّابها: جمع قاصب وهو الزامر، ويروى
بأَقصابها جمع قُصْب. وجَلُولاء، بالمد: قرية بناحية فارس والنسبة إِليها
جَلُوليٌّ، على غير قياس مثل حَرُورِي في السنة إِلى حَرُوراء.
وجَلٌّ وجَلاَّن: حَيَّان من العرب؛ وأَنشد ابن بري:
إِنا وجدنا بني جَلاَّن كُلَّهمُ،
كساعد الضب لا طُول ولا قِصَر
أَي لا كذي طول ولا قِصَر، على البدل من ساعد؛ قال: كذلك أَنشده أَبو
علي بالخفض. وجَلٌّ: اسم؛ قال:
لقد أَهْدَت حُبابَة بنتُ جَلٍّ،
لأَهل حُباحبٍ، حَبْلاً طويلا
وجَلُّ بن عَدِيّ: رجل من العرب رَهْط ذي الرمة العَدَوي. وقوله في
الحديث: قال له رجل التقطت شبكة على ظَهْر جَلاَّل؛ قال: هو اسم لطريق نجد
إِلى مكة، شرفها الله تعالى.
والتَّجَلْجُل: السُّؤُوخ في الأَرض أَو الحركة والجوَلان. وتَجَلْجَل
في الأَرض أَي ساخ فيها ودخل. يقال: تَجَلْجَلَت قواعدُ البيت أَي تضعضعت.
وفي الحديث: أَن قارون خرج على قومه يتبختر في حُلَّة له فأَمر الله
الأَرض فأَخذته فهو يتجلجل فيها إِلى يوم القيامة. وفي حديث آخر: بينا رجل
يَجُرُّ إزاره من الخُيَلاء خُسِفَ به فهو يتَجَلْجل إلى يوم القيامة؛ قال
ابن شميل: يتجلجل يتحرك فيها أَي يغوص في الأَرض حين يُخسف به.
والجَلْجَلة: الحركة مع الصوت أَي يَسُوخ فيها حين يُخْسف به. وقد
تَجَلْجَل الريحُ تَجَلْجُلاً، والجَلجلة: شدة الصوت وحِدَّته، وقد جَلْجَله؛
قال:
يَجُرُّ ويَسْتأْبي نَشَاصاً كأَنه،
بغَيْفَة لَمّا جَلْجَل الصوتَ، جالب
والجَلْجَلة: صوت الرعد وما أَشبهه. والمُجَلْجِل من السحاب: الذي فيه
صوت الرعد. وسحابٌ مُجَلْجِل: لرعده صوت. وغيث جِلْجال: شديد الصوت، وقد
جَلْجَلَ وجَلْجَلَه: حرّكه. ابن شميل: جَلْجَلْت الشيء جَلْجَلَة إِذا
حركته بيدك حتى يكون لحركته صوت، وكل شيء تحرَّك فقد تَجَلْجَلَ. وسمعنا
جَلْجَلة السَّبُع: وهي حركته. وتَجَلْجَل القومُ للسفر إِذا تحرَّكوا له.
وخَمِيسٌ جَلْجال: شديد. شمر: المُجَلْجَل المنخول المغربل؛ قال أَبو
النجم:
حتى أَجالته حَصىً مُجَلْجَلا
أَي لم تترك فيه إِلا الحصى المُجَلْجَل. وجَلْجَل الفرسُ: صفا صَهِيله
ولم يَرِقَّ وهو أَحسن ما يكون، وقيل: صفا صوته ورَقَّ، وهو أَحسن له.
وحمار جُلاجِل، بالضم: صافي النَّهيق. ورجل مُجَلْجَل: لا يَعْدِله أَحد في
الظَّرْف. التهذيب: المُجَلْجِل السيد القوي وإِن لم يكن له حسب ولا شرف
وهو الجريء الشديد الدافع
(* ترك هنا بياض بأصله، وعبارة القاموس:
والجريء الدفاع المنطيق) . . . واللسان، وقال شمز: هو السيد البعيد الصوت؛
وأَنشد ابن شميل:
جلجل سِنَّك خير الأَسنان،
لا ضَرَع السنّ ولا قَحْمٌ فان
قال أَبو الهيثم: ومن أَمثالهم في الرجل الجريء إِنه ليُعَلِّق
الجُلْجُل؛ قال أَبو النجم:
إِلا امْرأً يَعْقِد خَيْط الجُلْجُل
يريد الجريء يخاطر بنفسه؛ التهذيب: وقوله:
يُرْعد إِن يُرْعد فؤادُ الأَعزل،
إِلاَّ امرأً يَعْقِدُ خيط الجُلْجُل
يعني راعيه الذي قام عليه ورباه وهو صغير يعرفه فلا يؤذيه؛ قال
الأَصمعي: هذا مثل، يقول: فلا يتقدم عليه إِلاَّ شجاع لا يباليه، وهو صعب مشهور،
كما يقال من يُعَلِّق الجُلْجُل في عنقه. ابن الأَعرابي: جَلْجَل الرجلُ
إِذا ذهب وجاء. وغلام جُلْجُل وجُلاجِل: خفيف الروح نَشِيط في عمله.
والمُجَلجَل: الخالص النسب. والجُلْجُل: الجَرَس الصغير، وصوته الجَلْجَلة.
وفي حديث السفر: لا تصحب الملائكةُ رفقة فيها جُلْجُل؛ هو الجرس الصغير
الذي يعلق في أَعناق الدواب وغيرها. والجَلْجَلة: تحريك الجُلْجُل. وإِبل
مُجَلْجَلة: تعلق عليها الأَجراس؛ قال خالد بن قيس التميمي:
أَيا ضَيَاع المائة المُجَلْجَله
والجُلْجُل: الأَمر الصغير والعظيم مثل الجَلَل؛ قال:
وكنت، إِذا ما جُلْجُل القوم لم يَقُم
به أَحد، أَسْمو له وأَسُور
والجُلْجُلان: ثمرة الكُزْبُرة، وقيل حَبُّ السِّمسم. وقال أَبو الغوث:
الجُلْجُلان هو السمسم في قشره قبل أَن يحصد. وفي حديث ابن جريج: وذكر
الصدقة في الجُلْجُلان هو السمسم، وقيل: حب كالكُزْبُرة، وفي حديث ابن عمر:
أَنه كان يَدَّهِن عند إِحرامه بدُهْن جُلْجُلان. ابن الأَعرابي: يقال
لما في جوف التين من الحب الجُلْجُلان؛ وأَنشد غيره لوَضّاح:
ضحِك الناس وقالوا:
شِعْر وضّاح الكباني،
إِنما شِعْرِيَ مِلْح
قد خُلِطْ بجُلْجُلانِ
وجُلْجُلان القلب: حَبَّته ومُنَّته. وعَلِمَ ذلك جُلْجُلان قلبه أَي
عِلْمَ ذلك قلبه. ويقال: أَصبت حبَّة قلبه وجُلْجُلان قلبه وحَمَاطة قلبه.
وجَلْجَل الشيءَ: خلطه.
وجَلاجِل وجُلاجِل ودارة جُلْجُل، كلها: مواضع، وجَلاجل، بالفتح: موضع،
وقيل جبل من جبال الدَّهناء؛ ومنه قول ذي الرمة:
أَيا ظبية الوَعْساء، بين جَلاجِل
وبين النَّقَا، آأَنتِ أَمْ أُمُّ سالم؟
ويروى بالحاء المضمومة؛ قال ابن بري: روت الرواة هذا البيت في كتاب
سيبويه جُلاجل، بضم الجيم لا غير، والله أَعلم.
نضح: النَّضْحُ: الرَّشُّ.
نَضَح عليه الماءَ يَنْضَحُه
(* قوله «نضح عليه الماء ينضحه إلخ» بابه
ضرب ومنع وكذلك نضخ بالخاء المعجمة كما في المصباح.) نَضْحاً إِذا ضربه
بشيء فأَصابه منه رَشاشٌ. ونَضَح عليه الماءُ: ارْتَشَّ. وفي حديث قتادة:
النَّضْحُ من النَّضْحِ؛ يريد من أَصابه نَضْحٌ من البول وهو الشيء اليسير
منه فعليه أَن يَنْضَحَه بالماء وليس عليه غسله؛ قال الزمخشري: هو أَن
يصيبه من البول رَشاشٌ كرؤُوس الإِبَرِ؛ وقال الأَصمعي: نَضَحْتُ عليه
الماءَ نَضْحاً وأَصابه نَضْحٌ من كذا. وقال ابن الأَعرابي: النَّضْح ما كان
على اعتماد وهو ما نَضَحْته بيدك معتمداً، والناقة تَنْضَحُ ببولها.
والنَّضْحُ: ما كان على غير اعتماد، وقيل: هما لغتان بمعنى واحد، وكله رش.
والقربةُ تَنْضَحُ من غير اعتماد . . . فَوطِئَ
(* قوله «اعتماد . . .
فوطئ» هو هكذا مع البياض في الأصل.) على ماء فنَضَح عليه وهو لا يريد ذلك؛
ومنه نَضْحُ البول في حديث إِبراهيم: أَنه لم يكن يرى بنَضْح البول
بأْساً. وحكى الأَزهري عن الليث: النَّضْح كالنَّضْخ ربما اتفقا وربما
اختلفا. ويقولون: النَّضْح ما بقي له أَثر كقولك على ثوبه نَضْحُ دَمٍ، والعين
تَنْضَحُ بالماء نَضْحاً إِذا رأَيتها تفور، وكذلك تَنْضَخُ العين؛ وقال
أَبو زيد: يقال نَضَخَ عليه الماءُ يَنْضَخُ، فهو ناضخٌ؛ وفي الحديث:
يَنْضَخُ البحرُ ساحلَه. وقال الأَصمعي: لا يقال من الخاء فَعَلْتُ، إِنما
يقال أَصابه نَضْخ من كذا؛ وقال أَبو الهيثم: قول أَبي زيد أَصح، والقرآن
يدل عليه، قال الله تعالى: فيهما عينان نَضَّاختان؛ فهذا يشهد به. يقال:
نَضَخَ عليه الماء لأَن العين النَّضَّاخة هي الفَعَّالة، ولا يقال لها:
نَضَّاخة حتى تكون ناضحة؛ قال ابن الفرج: سمعت جماعة من قيس يقولون:
النَّضح والنَّضْخُ واحد؛ وقال أَبو زيد: نَضَحْتُه ونَضَخْته بمعنى واحد؛
قال: وسمعت الغَنَوِيّ يقول: النَّضْح والنَّضْخُ وهو فيما بان أَثره وما
رق بمعنى واحد. قال: وقال الأَصمعي: النَّضْح الذي ليس بينه فُرَجٌ،
والنَّضْخُ أَرَقّ منه؛ وقال أَبو لَيْلى: النَّضْحُ والنَّضْخُ ما رَقَّ
وثَخُن بمعنى واحد.
ونَضَحَ البيتَ يَنْضِحُه، بالكسر، نَضْحاً: رَشَّه؛ وقيل: رشه رشّاً
خفيفاً. وانْتَضَح عليهم الماء أَي تَرَشَّش. وفي الحديث: المدينة كالكِير
تَنْفي خَبَثَها وتَنْضَحُ طِيبَها، روي بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء
المهملة، من النَّضْح وهو رش الماء، وهو مذكور في بضع. ونَضَح الماءُ
العطشَ يَنْضِحُه: رَشَّه فذهب به أَو كاد يذهب به. ونَضَح الماءُ المالَ
يَنْضِحُه: ذهب بعطشه أَو قارب ذلك.
والنَّضَحُ، بفتح الضاد، والنضيح: الحوض لأَنه يَنْضَح العطش أَي
يَبُلُّه؛ وقيل: هما الحوض الصغير، والجمع أَنضاح ونُضُحٌ. وقال الليث: النضيح
من الحياض ما قَرُب من البئر حتى يكون الإِفراغ فيه من الدلو ويكون
عظيماً؛ وقال الأَعشى:
فَغَدَوْنا عليهمُ بُكْرَةَ الوِرْ
دِ، كما تُورِدُ النَّضِيحَ الهِياما
قال ابن الأَعرابي: سمي بذلك لأَنه يَنْضِحُ عطشَ الإِبل أَي يَبُلُّه.
قال أَبو عبيد وقال أَبو عمرو: نَضَحْتُ الرِّيَّ، بالضاد؛ وقال
الأَصمعي: فإِن شرب حتى يَرْوَى قال نَصَحْتُ، بالصاد، نَصْحاً ونَصَعْتُ به
ونَقَعْتُ.
قال: والنَّضْحُ والنَّشْحُ واحد، وهو أَن يشرب دون الرِّيّ.
والنَّضْحُ: سقي الزرع وغيره بالسانية. ونَضَحَ زرعَه: سقاه بالدَّلْو.
والناضحُ: البعير أَو الثور أَو الحمار الذي يستقى عليه الماء، والأُنثى
بالهاء، ناضحة وسانية. وفي الحديث: ما سُقِيَ من الزرع نَضْحاً ففيه نصف
العشر؛ يريد ما سقي بالدِّلاءِ والغُروب والسَّواني ولم يُسْقَ فَتْحاً.
والنواضح من الإِبل: التي يستقى عليها، واحدها ناضح؛ ومنه الحديث: أَتاه
رجل فقال: إِن ناضح بني فلان قد أَبَدَ عليهم. وفي حديث معاوية قال
للأَنصار وقد قعدوا عن تلقيه لما حج: ما فَعَلَتْ نَواضِحُكم؟ كأَنه
يُقَرِّعُهم بذلك لأَنهم كانوا أَهل حَرْثٍ وزَرْعٍ وسَقْيٍ، وقد تكرر ذكره في
الحديث مفرداً ومجموعاً. والنَّضَّاح: الذي يَنْضَحُ على البعير أَي يسوق
السانية ويسقي نخلاً؛ قال أَبو ذؤيب:
هَبَطْنَ بَطْنَ رُهاط واعْتَصَبْنَ، كما
يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ
وهذه نخل تُنْضَحُ أَي تُسْقَى. ويقال: فلان يَسْقي بالنَّضْحِ، وهو
مصدر.
والنَّضْحاتُ: الشيء اليسير المتفرق من المطر. قال شمر: وقد قالوا في
نَضَحَ المطرُ، بالحاء والخاء. والناضحُ: المطر؛ وقد نَضَحَتْنا السماء.
والنَّضْحُ أَمْثَلُ من الطَّلّ: وهو قَطْرٌ بين قَطْرَيْن. قال: ويقال لكل
شيء يَتَحَلَّب من ماء أَو عَرَقٍ أَو بول: يَنْضَحُ: وأَنشد:
يَنْضَحْنَ في حافاته بالأَبْوال
ونَضَحَ الرجلُ بالعَرَق نَضْحاً: فَضَّ به، وكذلك الفرس. والنَّضِيحُ
والتَّنْضاحُ: العرق؛ قال الراجز:
تَنْضَحُ ذِفْراه بماء صَبِّ
والنَّضُوحُ: الوَجُور في أَيّ الفم كان. ونَضَحَتِ العين تَنْضَحُ
نَضْحاً وانْتَضَحَت: فارت بالدمع؛ وعيناه تَنْضَحانِ. والنَّضْحُ يدعوه
الهَمَلانُ: وهو أَن تمتلئ العين دمعاً ثم تَنْفَضِحَ هَمَلاناً لا ينقطع.
ونَضَحَتِ الخابية والجَرَّة تَنْضَحُ إِذا كانت رقيقة فخرج الماء من
الخَزَف ورشَحَتْ؛ وكذلك الجبل الذي يتحلب الماء بين صخوره. ومَزادةٌ نَضُوح:
تَنْضَِح الماءَ؛ ونَضَحَتْ ذِفْرَى البعير بالعَرَق نَضْحاً؛ وقال
القَطامِيّ:
حَرَجاً كأَنَّ، من الكُحَيْلِ، صُبابةً،
نَضَحَتْ مَغابِنُها به نَضَحَانا
قال: ورواه المُؤَرِّجُ نُضِخَتْ.
واسْتَنْضَح الرجلُ وانْتَضَح: نَضَح شيئاً من ماء على فرجه بعد الوضوء؛
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه عَدَّ عَشْرَ خِلالٍ من
السنَّة وذكر فيها الانتضاحَ بالماءِ، وهو أَن يأْخذ ماء قليلاً فيَنْضَحَ به
مذاكيره ومُؤْتَزَرَه بعد فراغه من الوضوء، لينفي بذلك عنه الوَسْواس: وفي
خبر آخر: انْتِفاض الماء، ومعناهما واحد. وفي حديث عطاء: وسئل عن نَضَحِ
الوضوء؛ هو بالتحريك، ما يَتَرَشَّشُ منه عند التَّوَضُّؤ كالنَّشَرِ.
ونَضَح بالبول على فخذيه: أَصابهما به؛ وكذلك نَضَحَ بالغبار.
ونَضَحَ الجُلَّة يَنْضِحُها نَضْحاً: رَشَّها بالماء ليَتَلازَب
قَمْرُها ويلزم بعضُه بعضاً. ونَضَحَ الجُلَّة أَيضاً: نثر ما فيها؛ وقول
الشاعر:
يَنْضَحُ بالبَوْلِ، والغُبارُ على
فَخْذَيْه، نَضْحَ الــعِيدِيَّةِ الجُلَلا
يفسر بكل واحد من هاتين. ونَضَحَ الرِّيّ نَضْحاً: شَرِبَ دونه؛ وقيل:
هو أَن يشرب حتى يَرْوَى، فهو من الأَضداد؛ وقال شمر: يقال نَضَحْتُ
الأَدِيمَ بللته أَن لا ينكسر؛ قال الكميت:
نَضَحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بيني وبينكم
بِآصِرةِ الأَرْحامِ، لو تَتَبَلَّلُ
نَضَحْتُ أَي وَصَلْتُ. والنَّضُوحُ، بالفتح: ضرب من الطيب؛ وقد
انْتَضَحَ به. والنَّضْحُ: منه ما كان رقيقاً كالماء، والجمع نُضُوح وأَنْضِحَة،
والنَّضْخُ ما كان منه غليظاً كالخَلُوق والغالية. وفي حديث الإِحرام:
ثم أَصبح محرماً يَنْضَحُ طِيباً أَي يفوح. النَّضُوح: ضرب من الطيب تفوح
رائحته، وأَصل النَّضْح الرَّشْح فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح؛ ومنه
حديث عليّ: وجد فاطمة وقد نَضَحَتِ البيتَ بنَضُوح أَي طَيَّبته وهي في
الحج. وأَرض مُنْضِحة: واسعة. ونَضَّحَتِ الغنم: شَبِعَت. ونَضَحْناهم
بالنَّبْل نَضْحاً: رميناهم ورَشَقْناهم. ونَضَحْناهم نَضْحاً: وذلك إِذا
فرَّقوها فيهم. وفي حديث هجاء المشركين: كما تَرْمُون نَضْحَ النَّبْل.
ويقال: انِْضَحْ عَنَّا الخيلَ أَي ارْمِهم. وفي الحديث أَنه قال للرُّماة
يوم أُحُد: انْضَِحوا عنا الخيل لا نُؤْتَى من خَلْفِنا أَي ارموهم
بالنُّشَّاب. ونَضَحَ عنه: ذَبَّ ودفع. ونَضَح الرجل: ردَّ عنه؛ عن كراع.
ونَضَحَ الرجلُ عن نفسه إِذا دفع عنها بحُجَّة. وهو يَنْضَح عن فلان أَي
يَذُبُّ عنه ويدفع. ورأَيته يَتَنَضَّحُ مما قُرِف به أَي ينتفي ويَتَنَصَّل
منه. وقال شُجاعٌ: مَضَحَ عن الرجل ونَضَح عنه وذَبَّ بمعنى واحد.
ويقال: هو يناضِحُ عن قومه ويُنافِحُ عنهم أَي يذب عنهم؛ وأَنشد:
ولو بَلا، في مَحْفِلٍ، نِضاحِي
أَي ذَبِّي ونَضْحِي عنه. وقَوْس نَضُوح: شديدة الدفع والحَفْز للسهم،
حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لأَبي النجم:
أَنْحَى شِمالاً هَمَزَى نَضُوحا
أَي مدَّ شماله في القوس. هَمَزَى يعني القوسَ أَنها شديدة.
والنَّضُوحُ: من أَسماء القوس كما تَنْضَحُ بالنبل.
والنَّضَّاحة: الآلة التي تُسَوَّى من النحاس أَو الصُّفْر للنَّفْطِ
وزَرْقِه؛ ابن الأَعرابي: المِنْضَحَة والمَنْضَحة الزَّرَّاقة؛ قال
الأَزهري: وهي عند عوامِّ الناس النَّضَّاحة ومعناهما واحد.
وقال ابن الفرج: سمعت شُجاعاً السُّلَمِيّ يقول: أَمْضَحْتَ عِرْضِي
وأَنْضَحْتَه إِذا أَفسدته؛ وقال خَليفة: أَنضَحْتُه إِذا أَنْهَبْتَه
الناس.وانْتَضَحَ من الأَمر: أَظهر البراءة منه. والرجل يُرْمَى أَو يُقْرَف
بتُهَمَة فيَنْتَضِح منه أَي يُظْهِرُ التَبَرِّي منه. وإِذا ابتدأَ
الدقيق في حب السُّنْبُل وهو رطب فقد نَضَحَ وأَنْضَح، لغتان؛ قال ابن سيده:
وأَنْضَحَ الدقيقُ بدأَ في حَبِّ السنبل وهو رَطْبٌ. ونَضَح الغَضا
نَضْحاً: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ والنبات وعَمَّ بعضُهم به الشجر؛ قال أَبو طالب
بن عبد المطلب:
بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ، كما بُو
رِكَ نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ
فأَما قول أَبي حنيفة نُضُوح الشجر فلا أَدري أَرآه للعرب أَم هو
أَقْدَمَ فجمع نَضْحَ الشجر على نُضُوح، لأَن بعض المصادر قد يجمع كالمرض
والشُّغْل والعقل، قالوا: أَمراض وأَشغال وعُقُول. ونَضَح الزَّرعُ: غَلُظَت
جثته.
ندغ: النَّدْغُ: شبه النَّخْس. نَدَغَه يَنْدَغُه نَدْغاً: طعَنَه
ونَخَسه بإصْبَعِه؛ ودَغْدَغَه شِبْه المُغازَلةِ وهي المُناذَغةُ؛ قال
رُؤبة:لَذَّتْ أَحادِيثُ الغَوِيِّ المِنْدَغِ
والنَّدْغُ أَيضاً: الطَّعْنُ بالرُّمحِ وبالكلام أَيضاً. وانْتَدَغَ
الرجلُ: أَخْفَى الضَّحْكَ، وهو أَخْفَى ما يكون منه. ونَدَغَه بكلمة
يَنْدَغُه نَدْغاً: سَبَعَه؛ ورجل مِنْدَغٌ؛ قال:
قَوْلاً كتَحْدِيثِ الهَلُوكِ الهَيْنَغِ
مالَتِ لأَقْوالِ الغَوِيّ المِنْدَغِ،
فَهْيَ تُرِي الأَعْلاقَ ذاتَ النُّغْنُغِ
يريد بالأَعلاقِ الحُلِيِّ التي عليها. والنُّغْنُغُ: الحركة.
والمِنْدَغُ، بكسر الميم: الذي من عادته النَّدْغُ. والنِّدْغُ والنَّدْغُ
والنَّدَغُ، بالغين المعجمة كلها؛ قال ابن سيده: والأَخيرة أَراها عن ثعلب ولا
أَحقها، كلُّه: الصَّعْتَرُ البَرّي، وهو مما تَرْعاه النَّحْلُ
وتُعَسِّلُ عليه، وعَسَلُه أَطْيَبُ العَسَلِ، ولَعَسَلِه جَلْوتانِ: جَلْوةُ
الصيف وهي التي تكون في الرَّبِيع وهي أَكثر الشِّيارَيْنِ؛ وجَلوة
الصَّفَرِية وهي دونها. وفي حديث سُلَيْمان بن عبد الملك: دخل الطائفَ فوجد رائحة
الصَّعْتَرِ فقال: بِواديكم هذا نَدْغةٌ. وقال الفراء: النَّدْغُ الصعتر
البَرّيّ، والسِّحاء نَبْت آخر وكلاهما من مَراعي النحل. وكتب الحجاج إلى
عامله بالطائِف أَن يُرْسِلَ إليه بعسل أَخْضَرَ في السِّقاء، أَبيض في
الإناء، من عسل النَّدْغِ والسِّحاء، والأَطبَّاءُ يزْعُمون أَنّ عسل
الصعتر أَمْتَنُ العَسَل وأَشَدُّه لُزُوجةً وحَرارةً، وقيل: النَّدغ شجر
أَخضر له ثمر أَبيض، واحدته ندغة، قال أَبو حنيفة: الندغ مما ينبت في
الجبال وورقه مثل ورق الحَوْكِ ولا يرعاه شيء، وله زهر صغير شديد البياض،
وكذلك عسله أَبيض كأَنه زُبْدُ الضأْن وهو ذَفِرٌ كرِيهُ الريح، واحدته
نَدْغة ونِدْغة. ويقال للبَرْك المِنْدغةُ والمِنْسغةُ.
وعد: وعَدَه الأَمر وبه عِدةً ووَعْداً ومَوْعداً ومَوْعِدةٍ ومَوْعوداً
ومَوْعودةً، وهو من المَصادِرِ التي جاءَت على مَفْعولٍ ومَفْعولةٍ
كالمحلوفِ والمرجوعِ والمصدوقةِ والمكذوبة؛ قال ابن جني: ومما جاء من المصادر
مجموعاً مُعْمَلاً قوله:
مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ أَخاه بِيَثْرِبِ
والوَعْدُ من المصادر المجموعة، قالوا: الوُعودُ؛ حكاه ابن جني. وقوله
تعالى: ويقولون متى هذا الوَعْدُ إِن كنتم صادقين؛ أَي إِنجازُ هذا
الوَعْد أَرُونا ذلك؛ قال الأَزهري: الوَعْدُ والعِدةُ يكونان مصدراً واسماً،
فأَما العِدةُ فتجمع عِدات والوَعْدُ لا يُجْمَعُ. وقال الفرء: وعَدْتُ
عِدةً، ويحذفون الهاء إِذا أَضافوا؛ وأَنشد:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّو البَيْنَ فانجَرَدُوا،
وأَخْلَفُوكَ عِدى الأَمرِ الذي وَعَدُوا
وقال ابن الأَنباري وغيره: الفراء يقول: عِدةً وعِدًى؛ وأَنشد:
وأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمرِ
وقال أَراد عدة الأَمر فحذف الهاء عند الإِضافة، قال: ويكتب بالياء. قال
الجوهري: والعِدةُ الوَعْدُ والهاء عوض من الواو، ويجمع على عِداتٍ ولا
يجمع الوَعْدُ، والنسبة إلى عِدَةٍ عَدِيّ وإِلى زِنةٍ زنيٌّ، فلا تردَّ
الواو كما تردُّها في شية. والفراء يقول: عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كما يقال
شِيَوِيٌّ؛ قال أَبو بكر: العامة تخطئ وتقول أَوعَدَني فلان مَوْعِداً
أَقِفُ عليه. وقوله تعالى: وإِذْ واعدنا موسى أَربعين ليلة، ويقرأُ:
وَعَدْنا. قرأَ أَبو عمرو: وعدنا، بغير أَلف، وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر
وعاصم وحمزة والكسائي واعدنا، باللأَلف؛ قال أَبو إِسحق: اختار جماعة من
أَهل اللغة. وإِذا وعدنا، بغير أَلف، وقالوا: إِنما اخترنا هذا لأَن
المواعدة إِنما تكون من الآدميين فاختاروا وعدنا، وقالوا دليلنا قول الله عز
وجل: إِن الله وعدكم وعد الحق، وما أَشبهه؛ قال: وهذا الذي ذكروه ليس مثل
هذا. وأَما واعدنا فجيد لأَن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة، فهو من
الله وعد، ومن موسى قَبُول واتّباعٌ فجرى مجرى المواعدة قال الأَزهري: من
قرأَ وعدنا، فالفعل لله تعالى، ومن قرأَ واعدنا، فالفعل من الله تعالى
ومن موسى. قال ابن سيده: وفي التنزيل: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة، وقرئ
ووعدنا؛ قال ثعلب: فواعدنا من اثنين ووعدنا من واحد؛ وقال:
فَواعِديهِ سَرْحَتَيْ مالِكٍ،
أَو الرُّبى بينهما أَسْهَلا
قال أَبو معاذ: واعدت زيداً إِذا وعَدَك ووَعَدْته. ووعدت زيداً إِذا
كان الوعد منك خاصة.
والمَوْعِدُ: موضع التواعُدِ، وهو المِيعادُ، ويكون المَوْعِدُ مصدر
وعَدْتُه، ويكون المَوْعِدُ وقتاً للعِدةِ. والمَوْعِدةُ أَيضاً: اسم
للعِدةِ. والميعادُ: لا يكون إِلا وَقْتاً أَو موضعاً. والوَعْدُ: مصدر حقيقي.
والعدة: اسم يوضع موضع المصدر وكذلك المَوْعِدةُ. قال الله عز وجل: إِلا
عن مَوْعِدةٍ وعدها إِياه. والميعادُ والمُواعَدةُ: وقت الوعد وموضعه.
قال الجوهري: وكذلك الموعِدُ لأَن ما كان فاء الفعل منه واواً أَو ياء
سقطتا في المستقبل نحو يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ، فإِن
المَفْعِل منه مكسور في الاسم والمصدر جميعاً، ولا تُبالِ أَمنصوباً كان
يَفْعَلُ منه أَو مكسوراً بعد أَن تكون الواو منه ذاهبة، إِلا أَحْرُفاً جاءَت
نوادر، قالوا: دخلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، وفلان ابن مَوْرَقٍ، ومَوْكلٌ اسم
رجل أَو موضع، ومَوْهَبٌ اسم رجل، ومَوزنٌ موضع؛ هذا سماع والقياس فيه
الكسر فإِن كانت الواو من يَفْعَلُ منه ثانية نحو يَوْجَلُ ويَوْجَعُ
ويَوْسَنُ ففيه الوجهان، فإِن أَردت به المكان والاسم كسرته، وإِن أَردت به
المصدر نصبت قلت مَوْجَلٌ ومَوْجِلٌ مَوْجِعٌ، فإِن كان مع ذلك معتل الآخر
فالفعل منه منصوب ذهبت الواو في يفعل أَو ثبتت كقولك المَوْلى والمَوْفى
والمَوْعَى من يلي ويَفِي ويَعِي. قال ابن بري: قوله في استثنائه إِلا
أَحرفاً جاءَت نوادر، قالوا دخلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، قال: موحد ليس من
هذا الباب وإِنما هو معدول عن واحد فيمتنع من الصرف للعدل والصفة كأُحادَ،
ومثله مَثْنى وثُناءَ ومَثْلَثَ وثُلاثَ ومَرْبَعَ ورباع. قال: وقال
سيبويه: مَوْحَدَ فنحوه لأَنه ليس بمصدر ولا مكان وإِنما هو معدول عن واحد،
كما أَن عُمَرَ معدول عن عامر.
وقد تَواعَدَ القوم واتَّعَدُوا، والاتِّعادُ: قبول الوعد، وأَصله
الاوْتِعادُ قلبوا الواو تاء ثم أَدغموا. وناس يقولون: ائْتَعَدَ يأْتَعِدُ،
فهو مُؤْتَعِدٌ، بالهمز، كما قالوا يأْتَسِرُ في ائْتِسار الجَزُور. قال
ابن بري: ثوابه إِيتَعَد ياتَعِدُ، فهو مُوتَعِدٌ، من غير همز، وكذلك
إِيتَسَر ياتَسِرُ، فهو موتَسِرٌ، بغير همز، وكذلك ذكره سيبويه وأَصحابه
يُعِلُّونه على حركة ما قبل الحرف المعتل فيجعلونه ياء إِن انكسر ما قبلها،
وأَلفاً إِن انفتح ما قبلها، وواواً إِذا انضم ما قبلها؛ قال: ولا يجوز
بالهمز لأَنه أَصل له في باب الوعد واليَسْر؛ وعلى ذلك نص سيبويه وجميعُ
النحويين البصريين. وواعَدَه الوقتَ والموضِعَ وواعَدَه فوعَده: كان أَكبر
وعْداً منه. وقال مجاهد في قوله تعالى: ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ
بِمَلْكِنَا؛ قال: المَوْعِدُ العَهْد؛ وكذلك قوله تعالى: وأَخلفتم مَوْعِدي؛
قال: عَهْدي. وقوله عز وجل: وفي السماءِ رِزْقُكم وما تُوعَدون؛ قال: رزقكم
المطر، وما توعدون: الجنةُ. قال قتادة في قوله تعالى: واليَوْمِ
المَوْعُودِ؛ إِنه يوم القيامة.
وفرس واعِدٌ: يَعِدُك جرياً بعد جري. وأَرض واعِدةٌ: كأَنها تَعِدُ
بالنبات. وسَحاب واعِدٌ: كأَنه يَعِدُ بالمطر. ويوم واعِدٌ: يَعِدُ بالحَرِّ؛
قال الأَصمعي: مررت بأَرض بني فلان غِبَّ مطر وقع بها فرأَيتها واعِدةً
إِذا رجي خيرها وتمام نبتها في أَول ما يظهر النبت؛ قال سويد بن كراع:
رَعَى غيرَ مَذْعُورٍ بِهنَّ وَراقَه
لُعاعٌ، تَهاداهُ الدَّكادِكُ، واعِدُ
ويقال للدابّة والماشية إِذا رُجِيَ خيرها وإِقبالها: واعد؛ وقال
الراجز:كيفَ تَراها واعِداً صِغارُها،
يَسُوءُ شنَّاءَ العِدى كِبارُها؟
ويقال: يَوْمُنا يَعِدِ بَرْداً. ويَوْمٌ واعِدٌ إِذا وَعَدَ أَوَّلُه
بَحَرٍّ أَو بَرْدٍ. وهذا غلام تَعِدُ مَخايِلُه كَرَماً، وشِيَمُه تَهِدُ
جَلْداً وصَرامةً.
والوَعِيدُ والتَّوَعُّدُ: التَّهَدُّدُ، وقد أَوْعدَه وتَوَعَّدَه. قال
الجوهري: الوَعْدُ يستعمل في الخير والشرّ، قال ابن سيده: وفي الخير
الوَعْدُ والعِدةُ، وفي الشر الإِيعادُ والوَعِيدُ، فإِذا قالوا أَوْعَدْتُه
بالشر أَثبتوا الأَلف مع الباء؛ وأَنشد لبعض الرُّجاز:
أَوعَدَني بالسِّجْنِ والأَداهِمِ
رِجْلي، ورِجْلي شثْنةُ المَناسِمِ
قال الجوهري: تقديرهُ أَوعدني بالسجن وأَوعَدَ رجلي بالأَداهم ورجلي
شَثْنة أَي قويّة على القَيْد. قال الأَزهري: كلام العرب وعدْتُ الرجلَ
خَيراً ووعدته شرّاً، وأَوْعَدْتُه خيراً وأَوعَدْتُه شرّاً، فإِذا لم يذكروا
الشر قالوا: وعدته ولم يدخلوا أَلفاً، وإِذا لم يذكروا الشر قالوا:
أَوعدته ولم يسقطوا الأَلف؛ وأَنشد لعامر بن الطفيل:
وإِنّي، إِنْ أَوعَدْتُه، أَو وَعَدْتُه،
لأُخْلِفُ إِيعادِي وأُنْجِزُ مَوْعِدِي
وإِذا أَدخلوا الباء لم يكن إِلا في الشر، كقولك: أَوعَدُتُه بالضرب؛
وقال ابن الأَعرابي: أَوعَدْتُه خيراً، وهو نادر؛ وأَنشد:
يَبْسُطُني مَرَّةً، ويُوعِدُني
فَضْلاً طَرِيفاً إِلى أَيادِيهِ
قال الأَزهري: هو الوَعْدُ والعِدةُ في الخَيْر والشرّ؛ قال القطامي:
أَلا عَلِّلاني، كُلُّ حَيٍّ مُعَلَّلُ،
ولا تَعِداني الخَيْرَ، والشرُّ مُقْبِلُ
وهذا البيت ذكره الجوهري:
ولا تعداني الشرّ، والخير مُقبل
ويقال: اتَّعَدْتُ الرجلَ إِذا أَوْعَدْتَه؛ قال الأَعشى:
فإِنْ تَتَّعِدْني أَتَّعِدْك بِمِثْلها
وقال بعضهم: فلان يَتَّعِدُ إِذا وثقِ بِعِدَتكَ؛ وقال:
إِني ائْتَمَمْتُ أَبا الصَّبّاحِ فاتَّعِدي،
واسْتَبْشِرِي بِنوالٍ غير مَنْزُورِ
أَبو الهيثم: أَوْعَدْتُ الرجل أَتَوَعَّدُه إِيعاداً وتَوَعَّدْتُه
تَوَعُّداً واتَّعَدْتُ اتِّعاداً.
ووَعِيدُ الفحْل: هَديرهُ إِذا هَمَّ أَنْ يَصُولَ. وفي الحديث: دخَلَ
حائِطاً من حيطان المدينة فإِذا فيه جَمَلان يَصْرِفان ويُوعِدانِ؛ وعِيدُ
فَحْلِ الإِبل هَديرُه إِذا أَراد أَنْ يصول؛ وقد أَوْعَد يُوعدُ
إِيعاداً.