من (ع د د) الماهر في الحساب والإحصاء.
من (ع د د) الماهر في الحساب والإحصاء.
عدا: الــعَدْو: الحُضْر. عَدَا الرجل والفرسُ وغيره يــعدو عدْواً
وعُدُوّــاً وعَدَوانًا وتَعْداءً وعَدَّى: أَحْضَر؛ قال رؤبة:
من طُولِ تَعْداءِ الرَّبيعِ في الأَنَقْ
وحكى سيبويه: أَتيْته عَدْواً، وُضع فيه المصدرُ على غَيْر الفِعْل،
وليس في كلِّ شيءٍ قيل ذلك إنما يُحكى منه ما سُمع. وقالوا: هو مِنِّي
عَدْوةُ الُفَرَس، رفعٌ، تريد أَن تجعل ذلك مسافَة ما بينك وبينه، وقد أَعْداه
إذا حَمَله على الحُضْر. وأَعْدَيْتُ فرسي: اسْتَحضَرته. وأَعْدَيْتَ في
مَنْطِقِكَ أَي جُرت. ويقال للخَيْل المُغِيرة: عادِيَة؛ قال الله
تعالى: والعادِياتِ ضَبْحاً؛ قال ابن عباس: هي الخَيْل؛ وقال علي، رضي الله
عنه: الإِبل ههنا. والــعَدَوانُ والعَدَّاء، كلاهما: الشَّديدُ الــعَدْوِ؛
قال:
ولو أَّنَّ حيًّا فائتُ المَوتِ فاتَه
أَخُو الحَرْبِ فَوقَ القارِحِ الــعَدَوانِ
وأَنشد ابن بري شاهداً عليه قول الشاعر:
وصَخْر بن عَمْرِو بنِ الشَّرِيد، فإِنَّه
أَخُو الحَرْبِ فَوقَ السَّابحِ الــعَدَوانِ
وقال الأَعشى:
والقارِحَ العَدَّا، وكلّ طِمِرَّةٍ
لا تَسْتَطِيعُ يَدُ الطَّويلِ قَذالَها
أَراد العَدَّاءِ، فقَصَر للضرورة، وأَراد نيلَ قَذالها فحَذَف للعلم
بذلك. وقال بعضهم: فَرسٌ عَدَوانٌ إذا كت كثير الــعَدْو، وذئْبٌ عَدَوانٌ
إذا كان يَــعْدُو على الناس والشَّاءِ؛ وأَنشد:
تَذْكُرُ، إذْ أَنْتَ شَديدُ القَفْزِ،
نَهْدُ القُصَيْرى عَدَوانُ الجَمْزِ،
وأَنْتَ تَــعْدُو بِخَرُوف مُبْزِي
والعِداء والعَداءَ: الطَّلَق الواحد، وفي التهذيب: الطَّلَق الواحد
للفرس؛ وأَنشد:
يَصرَعُ الخَمْسَ عَداءً في طَلَقْ
وقال: فمن فَتَحَ العينَ قال جازَ هذا إلى ذاك، ومن كَسَر العِدَاء
فمعناه أَنه يُعادِي الصيدَ، من الــعَدْو وهو الحُضْر، حتى يَلْحقَه.
وتَعادىَ القومُ: تَبارَوْا في الــعَدْو. والعَدِيُّ: جماعةُ القومِ
يَــعْدون لِقِتال ونحوه، وقيل: العَدِيّ أَول من يَحْمل من الرَّجَّالة، وذلك
لأَنهم يُسْرِعُونَ الــعَدْوَ، والعَدِيُّ أَولُ ما يَدْفَع من الغارةِ
وهو منه؛ قال مالك بن خالد الخُناعِي الهُذلي:
لمَّا رأَيتُ عَدِيَّ القَوْمِ يَسْلُبُهم
طَلْحُ الشَّواجِنِ والطَّرْفاءُ والسَّلَمُ
يَسْلُبهم: يعني يتعلق بثيابهم فيُزِيلُها عنهم، وهذا البيت استشهد به
الجوهري على العَدِيِّ الذين يَــعْدون على أَقْدامِهم، قال: وهو جمع عادٍ
مثل غازٍ وغَزِيٍّ؛ وبعده:
كَفَتُّ ثَوْبيَ لا أُلْوي إلى أَحدٍ،
إِني شَنِئتُ الفَتَى كالبَكْر يُخْتَطَم
والشَّواجِنُ: أَوْدية كثيرةُ الشَّجَر الواحدة شاجِنة، يقول: لمَّا
هَرَبوا تَعَلَّقت ثيابُهم بالشَّجَر فَتَرَكُوها. وفي حديث لُقْمان: أَنا
لُقْمانُ بنُ عادٍ لِعاديَةٍ لِعادٍ؛ العاديَة: الخَيْل تَــعْدو، والعادي
الواحدُ أَي أَنا للجمع والواحد، وقد تكون العاديةُ الرجال يَــعْدونَ؛
ومنه حديث خيبر: فَخَرَجَتْ عادِيَتُهم أَي الذين يَــعْدُون على أَرجُلِهِم.
قال ابن سيده: والعاديةُ كالعَدِيِّ، وقيل: هو من الخَيْلِ خاصَّة، وقيل:
العاديةُ أَوَّلُ ما يحمِل من الرجَّالةِ دون الفُرْسان؛ قال أبو ذؤيب:
وعادية تُلْقِي الثِّيابَ كأَنما
تُزَعْزِعُها، تحتَ السَّمامةِ، رِيحُ
ويقال: رأَيْتُ عَدِيَّ القوم مقبلاً أَي مَن حَمَل من الرَّجَّالة دون
الفُرْسان. وقال أَبو عبيد: العَدِيُّ جماعة القَوْم، بلُغةِ هُذَيل.
وقوله تعالى: ولا تَسُبُّوا الذين يَدْعون من دون اللهِ فيَسُبُّوا اللهِ
عَدْواً بغير علم، وقرئ: عُدُوّــاً مثل جُلُوس؛ قال المفسرون: نُهُوا قبل
أَن أَذِن لهم في قتال المشركين أَن يَلْعَنُوا الأَصْنامَ التي عَبَدوها،
وقوله: فيَسُبُّوا الله عَدْواً بغير علم؛ أَي فيسبوا الله عُدْواناً
وظُلْماً، وعَدْواً منصوب على المصدر وعلى إرادة اللام، لأَن المعنى
فيَــعْدُون عَدْواً أَي يظْلِمون ظلماً، ويكون مَفْعولاً له أَي فيسُبُّوا الله
للظلم، ومن قرأَ فيَسُبُّوا الله عُدُوّــاً فهو بمعنى عَدْواً أَيضاً.
يقال في الظُّلْم: قد عَدَا فلان عَدْواً وعُدُوّــاً وعُدْواناً وعَدَاءً أَي
ظلم ظلماً جاوز فيه القَدْر، وقرئ: فيَسُبُّوا الله عَدُوّــاً، بفتح
العين وهو ههنا في معنى جماعة، كأَنه قال فيسُبُّوا الله أَعداء، وعَدُوّــاً
منصوب على الحال في هذا القول؛ وكذلك قوله تعالى: وكذلك جعلنا لكل نبيٍّ
عَدُوّــاً شياطينَ الإِنس والجنّ؛ عَدُوّــاً في معنى أَعداءً، المعنى كما
جعلنا لك ولأُمتك شياطينَ الإنس والجن أَعداء، كذلك جعلنا لمن تَقَدَّمك
من الأَنبياء وأُممهم، وعَدُوّــاً ههنا منصوب لأَنه مفعول به، وشياطينَ
الإِنس منصوب على البدل، ويجوز أَن يكون عَدُوّــاً منصوباً على أَنه مفعول
ثان وشياطين الإنس المفعول الأول. والعادي: الظالم، يقال: لا أَشْمَتَ
اللهُ بك عادِيَكَ أَي عَدُوَّــك الظالم لَكَ. قال أَبو بكر: قولُ العَرَب
فلانٌ عَدوُّ فلانٍ معناه فلان يــعدو على فلان بالمَكْروه ويَظْلِمُه. ويقال:
فلان عَدُوُّــك وهم عَدُوُّــك وهما عَدُوُّــك وفلانةُ عَدُوَّــةُ فلان
وعَدُوُّ فلان، فمن قال فلانة عدُوَّــة فلانٍ قال: هو خبَر المُؤَنَّث، فعلامةُ
التأْنيثِ لازمةٌ له، ومن قال فلانة عدوُّ فلان قال ذكَّرت عدوّــاً لأَنه
بمنزلة قولهم امرأَةٌ ظَلُومٌ وغَضوبٌ وصَبور؛ قال الأَزهري: هذا إِذا
جَعَلْت ذلك كُلَّه في مذهبِ الاسم والمَصْدرِ، فإِذا جَعَلْتَه نعتاً
مَحْضاً قلت هو عدوّــك وهي عدُوَّــتُك وهم أَعداؤك وهُنَّ عَدُوَّــاتُك. وقوله
تعالى: فلا عُدْوان إِلاَّ على الظالمين؛ أَي فلا سَبيل، وكذلك قوله: فلا
عُدْوانَ عليَّ؛ أَي فلا سبيل عليَّ. وقولهم: عَدَا عليه فَضَربه بسيفه،
لا يُرادُ به عَدْوٌ على الرِّجْلين ولكن مِنَ الظُّلْم. وعَدَا
عَدْواً: ظَلَمَ وجار. وفي حديث قتادَةَ بنِ النُّعْمان: أَنه عُدِيَ عليه أَي
سُرِقَ مالُه وظُلِمَ. وفي الحديث: ما ذِئبْان عادِيانِ أَصابا فَرِيقَةَ
غَنَمٍ؛ العادي: الظَّالِمُ، وأَصله من تجاوُزِ الحَدِّ في الشيء. وفي
الحديث: ما يَقْتُلُه المُحْرِمُ كذا وكذا والسَّبُعُ العادِي أَي
الظَّالِمُ الذي يَفْتَرِسُ الناسَ. وفي حديث علي، رضي الله عنه: لا قَطْعَ على
عادِي ظَهْرٍ. وفي حديث ابن عبد العزيز: أُتيَ برَجُل قد اخْتَلَس طَوْقاً
فلم يَرَ قَطْعَه وقال: تِلك عادِيَةُ الظَّهْرِ؛ العادِية: من عَدَا
يَــعْدُو على الشيء إِذا اخْتَلَسه، والظَّهْرُ: ما ظَهَرَ مِنَ الأَشْياء،
ولم يرَ في الطَّوْق قَطعاً لأَنه ظاهِرٌ على المَرْأَة والصَّبيّ. وقوله
تعالى: فمن اضْطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ قال يعقوب: هو فاعِلٌ من عَدَا
يَــعْدُو إذا ظَلَم وجارَ. قال: وقال الحسن أَي غيرَ باغٍ ولا عائِدٍ
فقلب، والاعْتداءُ والتَّعَدِّي والــعُدْوان: الظُّلْم. وقوله تعالى: ولا
تَعاوَنُوا على الإِثم والــعُدْوان؛ يقول: لا تَعاوَنوا على المَعْصية
والظُّلْم. وعَدَا عليه عَدْواً وعَدَاءً وعُدُوّــاً وعُدْواناً وعِدْواناً
وعُدْوَــى وتَعَدَّى واعْتَدَى، كُلُّه: ظَلَمه. وعَدَا بنُو فلان على بني
فلان أَي ظَلَمُوهم. وفي الحديث: كَتَبَ ليَهُود تَيْماءَ أَن لَهُم
الذمَّةَ وعليهم الجِزْيَةَ بلا عَداء؛ العَداءُ، بالفتح والمد: الظُّلْم
وتَجاوُز الحدّ. وقوله تعالى: وقاتِلُوا في سبيل الله الذين يُقاتِلُونَكم ولا
تَعْتَدوا؛ قيل: معناه لا تقاتِلُوا غَيْرَ مَن أُمِرْتُم بقِتالِه ولا
تَقتلوا غَيْرَهُمْ، وقيل: ولا تَعْتَدوا أَي لا تُجاوزوا إِلى قَتْل
النِّساءِ والأَطفال. وعَدَا الأَمرَ يَــعْدُوه وتَعَدَّاه، كلاهما:
تَجاوَزَة. وعَدَا طَوْرَه وقَدْرَهُ: جاوَزَهُ على المَثَل. ويقال: ما يَــعْدُو
فلانٌ أَمْرَك أَي ما يُجاوِزه. والتَّعَدِّي: مُجاوَزَةُ الشيء إِلى
غَيْرِه، يقال: عَدَّيْتُه فتَعَدَّى أَي تَجاوزَ. وقوله: فلا تَعْتَدُوها أَي
لا تَجاوَزُوها إِلى غيرها، وكذلك قوله: ومَنْ يَتَعَدَّ حُدودَ الله؛
أَي يُجاوِزْها. وقوله عز وجل: فمن ابْتَغَى وَرَاء ذلك فأُولئِكَ هم
العادُون؛ أَي المُجاوِذُون ما حُدَّ لهم وأُمِرُوا به، وقوله عز وجل: فمن
اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ أَي غَيْرَ مُجاوِزٍ لما يُبَلِّغه ويُغْنِيه
من الضرورة، وأَصل هذا كله مُجاوَزة الحدّ والقَدْر والحَقّ. يقال:
تَعَدَّيْت الحَقَّ واعْتَدَيْته وعَدَوْــته أَي جاوَزْته. وقد قالت العرب:
اعْتَدى فلانٌ عن الحق واعْتَدى فوقَ الحقِّ، كأَن معناه جاز عن الحق إِلى
الظلم. وعَدَّى عن الأَمر: جازه إِلى غَيْرِه وتَرَكه. وفي الحديث:
المُعْتَدِي في الصَّدَقَةِ كمانِعِها، وفي رواية: في الزَّكاة؛ هُو أَن
يُعْطِيَها غَيْرَ مُسْتَحِقِّها، وقيل: أَرادَ أَنَّ الساعِيَ إِذا أَخذَ
خِيارَ المال رُبَّما منعَه في السَّنة الأُخرى فيكون الساعي سبَبَ ذلك فهما
في الإِثم سواء. وفي الحديث: سَيكُون قومٌ يَعْتَدُون في الدُّعاءِ؛ هو
الخُروج فيه عنِ الوَضْعِ الشَّرْعِيِّ والسُّنَّة المأْثورة. وقوله
تعالى: فمن اعْتَدَى عَلَيكم فاعْتَدُوا عليه بمِثْلِ ما اعْتَدَى عَليكم؛
سَمَّاه اعْتِداء لأَنه مُجازاةُ اعْتِداءٍ بمثْل اسمه، لأَن صورة الفِعْلين
واحدةٌ، وإِن كان أَحدُهما طاعةً والآخر معصية؛ والعرب تقول: ظَلَمني
فلان فظلَمته أَي جازَيْتُه بظُلْمِه لا وَجْه للظُّلْمِ أَكثرُ من هذا،
والأَوَّلُ ظُلْم والثاني جزاءٌ ليس بظلم، وإن وافق اللفظُ اللفظَ مثل
قوله: وجزاءُ سيِّئةٍ سيئةٌ مثلُها؛ السيئة الأُولى سيئة، والثانية مُجازاة
وإن سميت سيئة، ومثل ذلك في كلام العرب كثير. يقال: أَثِمَ الرجلُ
يَأْثَمُ إِثْماً وأَثَمه اللهُ على إِثمه أَي جازاه عليه يَأْثِمُه أَثاماً.
قال الله تعالى: ومن يَفعلْ ذلك يَلْق أَثاماً؛ أَي جزاءً لإِثْمِه. وقوله:
إِنه لا يُحِبُّ المُعْتدين؛ المُعْتَدون: المُجاوِزون ما أُمرُوا به.
والــعَدْوَــى: الفساد، والفعلُ كالفعل. وعَدا عليه اللِّصُّ عَداءً
وعُدْواناً وعَدَواناً: سَرَقَه؛ عن أَبي زيد. وذئبٌ عَدَوانٌ: عادٍ. وذِئْبٌ
عَدَوانٌ: يَــعْدُو على الناسِ؛ ومنه الحديث: السلطانُ ذو عَدَوانٍ وذو
بَدَوانٍ؛ قال ابن الأَثير: أَي سريعُ الانصِرافِ والمَلالِ، من قولك: ما
عَداك أَي ما صَرَفَك. ورجلٌ مَــعْدُوٌّ عليه ومَعْدِيٌّ عليه، على قَلْب
الواوِ ياءً طَلَب الخِّفَّةِ؛ حكاها سيبويه؛ وأَنشد لعبد يَغُوث بن وَقَّاص
الحارثِي:
وقد عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَة أَنَّني
أَنا الليث، مَعْدِيّاً عليه وعادِيا
أُبْدِلَت الياءُ من الواو اسْتِثْقالاً. وعدا عليه: وَثَب؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي عارِمٍ الكلابي:
لقد عَلمَ الذئْب الذي كان عادِياً،
على الناس، أَني مائِرُ السِّهم نازِعُ
وقد يكون العادي هنا من الفساد والظُّلم. وعَداهُ عن الأَمْرِ عَدْواً
وعُدْواناً وعَدّاه، كلاهما: صَرَفَه وشَغَله. والعَداءُ والــعُدَواءُ
والعادية، كلُّه: الشُّغْلُ يَــعْدُوك عن الشيء. قال مُحارب: الــعُدَواءُ عادةُ
الشُّغْل، وعُدَواءُ الشُّغْلِ موانِعُه. ويقال: جِئْتَني وأَنا في
عُدَواءَ عنكَ أَي في شُغْلٍ؛ قال الليث: العادِيةُ شُغْلٌ من أَشْغال الدهر
يَــعْدُوك عن أُمورك أَي يَشْغَلُك، وجمعها عَوَادٍ، وقد عَداني عنك أَمرٌ
فهو يَــعْدُوني أَي صَرَفَني؛ وقول زهير:
وعادَكَ أَن تُلاقِيها العَدَاء
قالوا: معنى عادَكَ عَداكَ فقَلبَه، ويقال: معنى قوله عادَكَ عادَ لك
وعاوَدَك؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابِي:
عَداكَ عن رَيَّا وأُمِّ وهْبِ،
عادِي العَوادِي واختلافُ الشَّعْبِ
فسره فقال: عادي العوادي أَشدُّها أَي أَشدُّ الأَشغالِ، وهذا كقوله
زيدٌ رجُلُ الرجالِ أَي أَشدُّ الرجالِ. والــعُدَواءُ: إِناخةٌ قليلة.
وتعادَى المكانُ: تَفاوَتَ ولم يَسْتوِ. وجَلَس على عُدَواءَ أَي على غير
استقامة. ومَرْكَبٌ ذُو عُدَواءَ أَي ليس بمُطْمَئِنٍّ؛ قال ابن سيده: وفي بعض
نسخ المصنف جئتُ على مركبٍ ذِي عُدَواءٍ مصروف، وهو خطأٌ من أَبي عُبَيد
إِن كان قائله، لأَنَّ فُعَلاء بناءٌ لا ينصرف في معرفة ولا نكرة.
والتَّعادِي: أَمكنةٌ غير مستويةٍ. وفي حديث ابن الزبير وبناء الكعبة:
وكان في المسجد جَراثِيمُ وتَعادٍ أَي أَمكنة مختلفة غير مُستوية؛ وأَما
قول الشاعر:
منها على عُدَواء الدار تَسقِيمُ
(* قوله «منها على عدواء إلخ» هو عجز بيت صدره كما في مادة سقم: هام الفؤاد بذكراها وخامره)
قال الأَصمعي: عُدَواؤه صَرْفُه واختلافه، وقال المؤرّج: عُدَواء على
غير قَصْدٍ، وإذا نام الإنسانُ على مَوْضِعٍ غير مُسْتو فيهِ ارْتفاعٌ
وانْخفاضٌ قال: نِمْتُ على عُدَواءَ. وقال النضر: الــعُدَواءُ من الأَرض
المكان المُشْرِف يَبْرُكُ عليه البعيرُ فيَضْطَجعُ عليه، وإلى جنبه مكانٌ
مطمئنٌ فيميل فيه البعير فيتَوهَّنُ، فالمُشْرِف الــعُدَواءُ، وتَوَهُّنه
أَن يَمُدَّ جسمَه إلى المكان الوَطِئ فتبقى قوائمه على المُشْرِف ولا
يَسْتَطيع أَن يقومَ حتى يموت، فتَوَهُّنه اضطجاعُه. أَبو عمرو: الــعُدَواءُ
المكان الذي بعضه مرتفع وبعضه مُتطأْطِئٌ، وهو المُتَعادِي. ومكانٌ
مُتَعادٍ: بعضُه وبعضُه مُتطامِن ليس بمُسْتوٍ. وأَرضٌ مُتعادِيةٌ: ذاتُ
جِحَرة ولَخاقِيق. والــعُدَواءُ، على وَزْن الغُُلَواءِ: المكان الذي لا
يَطْمَئِنُ مَن قَعَد عليه.
وقد عادَيْتُ القِدْر: وذلك إذا طامَنْتَ إحدى الأَثافيِّ ورَفَعْت
الأُخْرَيَيْن لتميل القِدْر على النار.وتعادَى ما بينهم: تَباعَدَ؛ قال
الأَعشى يصف ظَبْيَة وغَزالها:
وتعادَى عنه النهارَ، فمَا تَعْـ
ـجُوه إلا عُفافةٌ أَو فُواقُ
يقول: تباعَدُ عن وَلَدها في المَرعى لئلا يَسْتَدِلَّ الذَّئبُ بها على
ولدِها. والــعُدَواءُ: بُعْدُ الدار. والعَداءُ: البُعْد، وكذلك
الــعُدَواءُ. وقومٌ عِدًى: متَابــعدون، وقيل: غُرباءُ، مقصورٌ يكتب بالياء،
والمَعْنيان مُتقارِبانِ، وهُم الأَعْداءُ أَيضآً لأن الغَريبَ بَعِيدٌ؛ قال
الشاعر:
إذا كنتَ في قَوْمٍ عِدًى لستَ منهم،
فكُلْ ما عُلِفْتَ من خَبِيثٍ وطَيِّب
قال ابن بري: هذا البيتُ يُروى لِزُرارة بنِ سُبَيعٍ الأَسَدي، وقيل: هو
لنَضْلة بنِ خالدٍ الأَسَدِي، وقال ابن السيرافي: هو لدُودانَ بنِ
سَعْدٍ الأَسَدِي، قال: ولم يأَتِ فِعَلٌ صفَةً إلا قَوْمٌ عِدًى، ومكانٌ
سِوًى، وماءٌ رِوًى، وماءٌ صِرًى، ومَلامةٌ ثِنًى، ووادٍ طِوًى، وقد جاء
الضمُّ في سُوًى وثُنًى وطُوًى، قال: وجاء على فِعَل من غير المعتلِّ لحمٌ
زِيَمٌ وسَبْيٌ طِيَبَة؛ قال عليّ بنُ حمزة: قومٌ عِدًى أَي غُربَاءُ،
بالكسرة، لا غيرُ، فأما في الأعداءِ فيقال عِدًى وعُُدًى وعُداةٌ. وفي حديث
حبيب بن مسلَمة لما عَزَله عُمر، رضي الله عنه، عن حِمْصَ قال: رَحِمَ
الله عُمَرَ يَنزِعُ قَوْمَه ويَبْعثُ القَوْمَ العِدَىَ
(* في النهاية:
العدى بالكسر الغرباء والاجانب والأعداء، فأما بالضم قهم الأعداء خاصة.) ؛
العِدَى، بالكسر: الغُرَباءَ، أراد أنه يعزل قَوْمه من الولايات ويوَلي
الغُربَاء والأَجانِبَ؛ قال: وقد جاء في الشعر العِدَى بمعنى الأَعْداءِ؛
قال بشر بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأَنصاري:
فأَمَتْنا العُداةَ من كلِّ حَيٍّ
فاسْتَوَى الرَّكْضُ حِينَ ماتَ العِداءُ
قال: وهذا يتوجه على أَنه جمع عادٍ، أَو يكون مَدَّ عِدًى ضرورة؛ وقال
ابن الأعرابي في قول الأَخطل:
أَلا يا اسْلَمِي يا هِنْدُ، هِنْدَ بَني بَدْرِ،
وإنْ كان حَيَّانا عِدًى آخِرَ الدهْرِ
قال: العِدَى التَّباعُد. وقَوْمٌ عِدًى إذا كانوا مُتَباعِدِيِن لا
أَرحامَ بينهم ولا حِلْفَ. وقومٌ عِدًى إذا كانوا حَرْباً، وقد رُوِي هذا
البيتُ بالكسر والضم، مثل سِوًى وسُوًى. الأَصمعي: يقال هؤلاء قومِ عدًى ،
مقصور، يكون للأعداء وللغُرَباء، ولا يقال قوم عُدًى إلا أَن تدخل الهاء
فتقول عُداة في وزن قضاة، قال أَبو زيد: طالتْ عُدَواؤهُمْ أَي تباعُدُهم
وتَفَرُّقُهم.
والــعَدُوُّ: ضِدُّ الصَّدِيق، يكون للواحد والاثنين والجمع والأُنثى
والذكَر بلفظٍ واحد. قال الجوهري: الــعَدُوُّ ضِدُّ الوَلِيِّ، وهو وصْفٌ
ولكِنَّه ضارع الاسم. قال ابن السكيت: فَعُولٌ إذا كان في تأْويل فاعلٍ كان
مُؤَنَّثُه بغير هاء نحو رجلٌ صَبُور وامرأَة صَبور، إلا حرفاً واحداً
جاءَ نادراً قالوا: هذه عَدُوَّــة لله؛ قال الفراء: وإنما أَدخلوا فيها
الهاء تشبيهاً بصَديقةٍ لأَن الشيءَ قد يُبْنى على ضِدِّهِ، ومما وضَع به ابن
سيده من أَبي عبد الله بن الأَعرابي ما ذكره عنه في خُطْبة كتابه المحكم
فقال: وهل أَدَلُّ على قلة التفصيل والبعد عن التحصيل من قولِ أَبي عبدِ
الله بنِ الأَعرابي في كتابه النوادر: الــعَدوّ يكون للذكر والأُنثى بغير
هاء، والجمع أَعداءٌ وأَعادٍ وعُداةٌ وعِدًى وعُدًى، فأَوْهم أَن هذا
كلَّه لشيءٍ واحد؟ وإنما أَعداءٌ جمع عَدُوٍّ أَجروه مُجْرى فَعِيل صِفَةً
كشَرِيفٍ وأَشْرافٍ ونصِيرٍ وأَنصارٍ، لأَن فَعُولاً وفَعِيلاً متساويانِ
في العِدَّةِ والحركة والسكون، وكون حرف اللين ثالثاً فيهما إلا بحسب
اختلاف حَرفَيِ اللَّين، وذلك لا يوجبُ اختلافاً في الحكم في هذا، أَلا
تَراهم سَوَّوْا بين نَوارٍ وصَبورٍ في الجمع فقالوا نُوُرٌ وصُبُرٌ، وقد
كان يجب أَن يكسَّر عَدُوٌّ على ما كُسّرَ عليه صَبُورٌ؟ لكنهم لو فعلوا
ذلك لأَجْحفوا، إذ لو كَسَّروه على فُعُلٍ للزم عُدُوٌ، ثم لزم إسكان الواو
كراهية الحركة عليها، فإذا سَكَنَت وبعدها التنوين التقى ساكناًًً ُ ئُ
آؤآؤ ٍُى
ُْدٌ ، وليس في الكلام اسم آخره واوٌ قبلَها ضمَّة، فإن أَدَّى إلى ذلك
قياس رُفِضَ، فقلبت الضمة كسرة ولزم انقلاب الواو ياء فقيل عُدٍ،
فتَنَكَّبت العرب ذلك في كل معتلِّ اللام على فعول أَو فَعِيل أَو فَعال أَو
فِعالٍ أَو فُعالٍ على ما قد أَحكمته صناعة الإعرابِ، وأَما أَعادٍ فجمعُ
الجمع، كَسَّروا عَدُوّــاً على أَعْداءٍ ثم كَسَّروا أَعْداءً على أَعادٍ
وأَصلُه أَعاديّ كأَنْعامٍ وأَناعيم لأن حرفَ اللَّين إذا ثبَت رابعاً في
الواحدِ ثبتَ في الجمع، واكان ياء، إلا ان يُضْطَرَّ إليه شاعر كقوله
أَنشده سيبويه:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا
ولكنهم قالوا أَعادٍ كراهة الياءَين مع الكسرة كما حكى سيبويه في جمع
مِعْطاءٍ مَعاطٍ، قال: ولا يمتنع أَن يجيء على الأَصل مَعاطِيّ كأَثافيّ،
فكذلك لا يمتنع أَن يقال أَعادِيّ، وأَما عُداةٌ فجمع عادٍ؛ حكى أَبو زيد
عن العرب: أَشْمَتً اللهُ عادِيَكَ أَي عَدُوّــكَ، وهذا مُطَّرِدٌ في باب
فاعلٍ مما لامُهُ حرفُ علَّةٍ، يعني أَن يُكَسَّر على فُعلَةٍ كقاضٍ
وقُضاةٍ ورامٍ ورُماةٍ، وهو قول سيبويه في باب تكسير ما كان من الصفة
عِدَّتُه أَربعةُ أَحرف، وهذا شبيه بلفظِ أَكثرِ الناس في توهُّمِهم أَن كُماةً
جمعُ كَمِيٍّ، وفعيلٌ ليس مما يكسَّر على فُعَلةٍ، وإنما جمعُ سحٍَِمِيٍّ
أَكماءٌ؛ حكاه أَبو زيد، فأَما كُماةٌ فجمع كامٍ من قولهم كَمَى شجاعتَه
وشهادَتَه كتَمها، وأَما عِدًى وعُدًى فاسمان للجمع، لأن فِعَلاً
وفُعَلاً ليسا بصيغتي جمع إلا لِفعْلَةٍ أو فُعْلة وربما كانت لفَعْلة، وذلك
قليل كهَضْبة وهِضَب وبَدْرة وبِدر، والله أَعلم.
والعَداوة: اسمٌ عامٌّ من الــعَدُوِّ، يقا: عَدُوٌّ بَيِّنُ العَداوة،
وفلانٌ يُعادِي بني فلان. قال الله عز وجل: عسَى اللهُ أَن يَجْعلَ بينَكم
وبينَ الذين عادَيْتم منهمْ مَوَدَّة؛ وفي التنزيل العزيز: فإِنَّهم
عَدَوٌّ لي؛ قال سيبويه: عَدُوٌّ وصْفٌ ولكنه ضارَع الاسم، وقد يُثنَّى
ويُجمع ويُؤَنَّث، والجمع أَعْداءٌ، قال سيبويه: ولم يكسرَّ على فُعُلٍ، وإن
كان كصَبُورٍ، كراهية الإِخْلالِ والاعْتلال، ولم يكسَّر على فِعْلانٍ
كراهية الكسرة قبل الواو لأَنَّ الساكن ليس بحاجز حصِين، والأعادِي جمع
الجمع. والعِدَى، بكسر العين، الأَعْداءُ، وهوجمعٌ لا نظير له، وقالوا في
جَمْعِ عَدُوَّــة عدايا لم يُسْمَعْ إلا في الشعر. وقوله تعالى
هُمفاحْذَرْهُم؛ قيل: معناه هم الــعَدُوُّ الأَدْنَى، وقيل: معناه هم الــعَدُوُّ الأَشدّ
لأَنهم كانوا أَعْداء النبي،صلى الله عليه وسلم، ويُظهرون أَنهم معه.
والعادي: الــعَدُوُّ، وجَمْعُه عُداةٌ؛ قالت امرأَة من العرب:
أَشْمَتَ ربُّ العالَمين عادِيَكْ
وقال الخليل في جماعة الــعَدُوِّ عُدًى وعِدًى، قال: وكان حَدُّ الواحد
عَدُو،بسكون الواو، ففخموا آخره بواو وقالوا عَدُوٌّ، لأنهم لم يجدوا في
كلام العرب اسماً في آخره واو ساكنة، قال: ومن العرب من يقول قومٌ عِدًى،
وحكى أَبو العباس: قومٌ عُدًى، بضم العين، إلا أَنه قال: الاخْتِيار إذا
كسرت العين أن لا تأْتيَ بالهاء، والاختيارُ إذا ضَمَمْتَ العينَ أَن
تأْتيَ بالهاء؛ وأَنشد:
مَعاذةَ وجْه اللهِ أَن أُشْمِتَ العِدَى
بلَيلى، وإن لم تَجْزني ما أَدِينُها
وقد عادَاه مُعاداةً وعِداءً، والاسمُ العَداوة، وهو الأَشدُّ عادياً.
قال أَبو العباس: العُدَى جمع عَدوّ، والرُّؤَى جمع رؤيَةٍ، والذُّرَى جمع
ذِرْوَة؛ وقال الكوفيون: إنما هو مثل قُضاة وغُزاة ودُعاة فحذفوا الهاء
فصارت عُدًى، وهو جمع عادٍ. وتَعادَى القومُ: عادَى بعضُهم بعضاً. وقومٌ
عِدًى: يكتب بالياء وإن كان أَصله الواوَ لمكان الكسرة التي في أَوَّله،
وعُدًى مثله، وقيل: العُدَى الأَعْداءُ، والعِدَى الأَعْداءُ الذين لا
قَرابة بينك وبينَهُم، قال: والقول هو الأَوّل. وقولُهم: أَعْدَى من
الذئبِ، قال ثعلب: يكون من الــعَدْوِ ويكون من العَداوَة، وكونُه من الــعَدْوِ
أَكثر، وأُراه إنما ذهب إلى أَنه لا يقال أَفْعَل من فاعَلْت، فلذلك جاز
أَن يكون من الــعَدْوِ لا مِنَ العَداوَة. وتَعادَى ما بينَهم: اخْتَلف.
وعَدِيتُ له: أَبْغَضْتُه؛ عن ابن الأَعرابي. ابن شميل: رَدَدْت عني
عادِيَةَ فلان أَي حِدَّته وغَضبه. ويقال: كُفَّ عنا عادِيَتَك أَي ظُلْمك
وشرّك، وهذا مصدر جاء على فاعلة كالراغِية والثاغية. يقال: سمعت راغِيَةَ
البعير وثاغية الشاة أَي رُغاء البعير وثُغاء الشاة، وكذلك عاديَةُ الرجل
عَدْوُــه عليك بالمكروه.والــعُدَواء: أَرض يابسة صُلْبة ورُبَّما جاءت في
البئر إذا حُفِرَتْ، قال: وقد تَكُون حَجَراً يُحادُ عنه في الحَفْرِ؛ قال
العجاج يصف ثوراً يحفر كناساً:
وإنْ أَصابَ عُدَوَــاءَ احْرَوْرَفا
عَنْها، وَوَلاها الظُّلُوفَ الظُّلَّفا
أَكَّد بالظُّلَّفِ كما يقال نِعافٌ نُعَّف وبِطاحٌ بُطَّحٌ وكأَنه
جَمَعَ ظِلْفاً ظالفاً، وهذا الرجز أَورده الجوهري شاهداً على عُدَواءِ
الشُّغْلِ موانِعِه؛ قال ابن بري: هو للعجاج وهو شاهد على الــعُدَواء الأرضِ
ذات الحجارة لا على الــعُدَواء الشُّغْلِ، وفسره ابن بري أَيضاً قال :
ظُلَّف جمع ظالِف أَي ظُلُوفُهِ تمنع الأَذى عنه؛ قال الأزهري: وهذا من قولهم
أَرض ذاتُ عُدَواءَ إذا لم تكن مستقيمة وَطِيئةً وكانت مُتَعادِيةً. ابن
الأَعرابي: الــعُدَواءُ المكان الغَلِيظ الخَشِن. وقال ابن السكيت: زعم
أَبو عمرو أَن العِدَى الحجارة والصُّخور؛ وأَنشد قول كُثَيَّر:
وحالَ السَّفَى يَيني وبَينَك والعِدَى،
ورهْنُ السَّفَى غَمْرُ النَّقيبة ماجِدُ
أَراد بالسَّفَى ترابَ القبر، وبالعِدَى ما يُطْبَق على اللَّحد من
الصَّفائح.
وأَعْداءُ الوادي وأَعْناؤه: جوانبه؛ قال عمرو بن بَدْرٍ الهُذَلي فمدَّ
العِدَى، وهي الحجارة والصخور:
أَو اسْتَمَرّ لَمسْكَنٍ، أَثْوَى به
بِقَرارِ ملْحَدةِ العِداءِ شَطُونِ
وقال أَبو عمرو: العِداءُ، ممدودٌ، ما عادَيْت على المَيّت حينَ
تَدْفِنُه من لَبِنٍ أَو حجارة أو خشب أَو ما أَشبَهه، الواحدة عِداءة. ويقال
أَيضاً: العِدَى والعِداءُ حجر رقيق يستر به الشيء، ويقال لكلِّ حجر يوضع
على شيء يَسْتُره فهو عِدَاءٌ؛ قال أُسامة الهذلي:
تالله ما حُبِّي عَلِيّاً بشَوى
قد ظَعَنَ الحَيُّ وأَمْسى قدْ ثَوى،
مُغادَراً تحتَ العِداء والثَّرَى
معناه: ما حُبِّي عليّاً بخَطَاٍ. ابن الأعرابي: الأعْداء حِجارَة
المَقابر، قال: والأدْعاء آلام النار
(* قوله «آلام النار» هو هكذا في الأصل
والتهذيب.)
ويقال: جـئْـتُك على فَرَسٍ ذي عُدَواء، غير مُجْرىً إذا لم يكن ذا
طُمَأْنينة وسُهولة.
وعُدَوَــاءُ الشَّوْق: ما بَرَّح بصاحبه.
والمُتَعَدِّي من الأفعال: ما يُجاوزُ صاحبَه إلى غيره. والتَّعَدِّي في
القافِية: حَرَكة الهاء التي للمضمر المذكر الساكنة في الوقف؛
والمُتَعَدِّي الواوُ التي تلحقُه من بعدها كقوله:
تَنْفُشُ منه الخَيْل ما لا يَغْزِ لُهُو
فحَركة الهاء هي التَّعَدِّي والواو بعدها هي المُتَعَدِّي؛ وكذلك قوله:
وامْتَدَّ عُرْشا عُنْقِهِ للمُقْتَهِي
حركة الهاء هي التَّعَدِّي والياء بعدها هي المُتَعَدِّي، وإنما سميت
هاتان الحركتان تَعَدِّياً، والياء والواوُ بعدهما مُتَعَدِّياً لأنه
تَجاوزٌ للحَدّ وخروجٌ عن الواجبِ، ولا يُعْتَدُّ به في الوزن لأنّ الوزنَ قد
تَناهى قبلَه، جعلوا ذلك في آخر البيت بمنزلة الخَزْمِ في أَوَّله.
وعَدَّاه إليه: أَجازَه وأَنْفَذَه.
ورأيتهم عدا أَخاك وما عدَا أَخاكَ أَي ما خَلا، وقد يُخْفَض بها دون ما
، قال الجوهري: وعَدَا فعل يُسْتَثْتى به مع ما وبغير ما ، تقولُ جاءَني
القومُ ما عَدَا زيداً، وجاؤوني عدًا زيداً، تنصبُ ما بعدها بها
والفاعلُ مُضْمَر فيها. قال الأَزهري: من حروف الاستثناء قولهم ما رأَيت أَحداً
ما عَدَا زيداً كقولك ما خلا زيداً، وتَنْصب زيداً في هذَيْن، فإذا
أَخرجتَ ما خَفَضتَ ونَصَبت فقلتَ ما رأيتُ أَحداً عدَا زيداً وعدا زيدٍ وخلا
زَيْداً وخَلا زيدٍ، النصب بمعنى إلاَّوالخفضُ بمعنى سِوى.
وعَدِّ عَنَّا حاجَتَك أَي اطْلُبْها عندَ غيرِنا فإِنَّا لا نَقْدِرُ
لك عليها، هذه عن ابن الأَعرابي. ويقال: تعَدَّ ما أَنت فيه إلى غيره أَي
تجاوَزْه. وعدِّ عما أَنت فيه أَي اصرف هَمَّك وقولَك إلى غيره.
وْعَدَّيْتُ عني الهمَّ أَي نحَّيته. وتقول لمن قَصَدَك: عدِّ عنِّي إلى غيري:
ويقال: عادِ رِجْلَك عن الأَرض أَي جافِها، وما عدا فلانٌ أَن صَنعَ كذا،
وما لي عن فلانٍ مَعْدىً أَي لا تَجاوُزَ لي إلى غيره ولا قُصُور دونه.
وعَدَوْــته عن الأمر: صرَفْته عنه. وعدِّ عما تَرَى أَي اصرف بصَرَك عنه.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه أُتيَ بسَطِيحَتَيْنِ فيهما نبيذٌ
فشَرِبَ من إحداهما وعَدَّى عن الأُخرى أَي تَرَكها لما رابه منها. يقال: عدِّ
عن هذا الأمرِ أَي تجاوَزْه إلى غيره؛ ومنه حديثه الآخرُ: أَنه أُهْدِيَ
له لبن بمكة فعدَّاه أَي صرفه عنه.
والإعْداءُ: إعْداءُ الحرب. وأَعداه الداءُ يُعديه إعداءً: جاوزَ غيره
إليه، وقيل: هو أَن يصيبَه مثلُ ما بصاحبِ الداءِ.
وأَعداهُ من علَّته وخُلُقِه وأَعداهُ به: جوّزه إليه، والاسم من كل ذلك
الــعَدْوى. وفي الحديث: لا عَدْوى ولا هامَة ولا صَفَر ولا طيرَةَ ولا
غُولَ أَي لا يُعْدي شيء شيئاً. وقد تكرر ذكر الــعَدْوى في الحديث، وهو اسمٌ
من الإعداء كالرَّعْوى والبَقْوَى من الإرْعاءِ والإبْقاءِ. والــعَدْوى:
أن يكون ببعير جَرَب مثلاً فتُتَّقى مُخالَطَتُه بإبل أُخرى حِذار أَن
يَتعَدى ما به من الجَرَب إليها فيصيبَها ما أَصابَه، فقد أَبطَله
الإِسلامُ لأَنهم كانوا يظُنُّون أَن المرض بنفسه يتَعَدَّى، فأَعْلَمَهم
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن الأَمر ليس كذلك، وإنما الله تعالى هو الذي
يُمرض ويُنْزلُ الداءَ، ولهذا قال في بعض الأَحاديث وقد قيل له، صلى الله
عليه وسلم: إِن النُّقْبة تَبْدُو وبمشْفر البعير فتُعْدي الإِبل كلها،
فقال النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، للذي خاطبه: فمَن الذي أَعدَى البعيرَ
الأَول أَي من أَين صار فيه الجَرَب؟ قال الأَزهري: الــعَدْوَــى أَن يكون
ببعير جَرَبٌ أَو بإنسان جُذام أَو بَرَصٌ فتَتَّقيَ مخالطتَه أَو مؤاكلته
حِذار أَن يَــعْدُوَــه ما به إِليك أَي يُجاوِزه فيُصيبك مثلُ ما أَصابه.
ويقال: إِنَّ الجَرَب ليُعْدي أَي يجاوز ذا الجَرَب إلى مَنْ قاربه حتى
يَجْرَبَ، وقد نَهى النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، مع إنكاره الــعَدْوى، أَن
يُورِدَ مُصِحٌّ على مُجْرِب لئلا يصيب الصِّحاحَ الجَرَبُ فيحقق صاحبُها
الــعَدْوَــى. والــعَدْوَــى: اسمٌ من أَعْدَى يُعْدِي، فهو مُعْدٍ، ومعنى
أَعْدَى أَي أَجاز الجَرَبَ الذي به إِلى غيره، أَو أَجاز جَرَباً بغيره
إِليه، وأَصله مِنْ عَدا يَــعْدُو إِذا جاوز الحدَّ. وتعادَى القومُ أَي
أَصاب هذا مثلُ داء هذا. والــعَدْوَــى: طَلَبُك إِلى والٍ ليُعْدِيَكَ على منْ
ظَلَمك أَي يَنْتَقِم منه. قال ابن سيده: الــعَدْوَــى النُّصْرَة
والمَعُونَة. وأَعْداهُ عليه: نَصَره وأَعانه. واسْتَعْداهُ: اسْتَنْصَره
واستعانه. واسْتَعْدَى عليه السلطانَ أَي اسْتَعانَ به فأَنْصَفه منه. وأَعْداهُ
عليه: قَوَّاه وأَعانه عليه؛ قال يزيد ابن حذاق:
ولقد أَضاءَ لك الطَّريقُ، وأَنْهَجَتْ
سُبُلُ المكارِمِ، والهُدَى يُعْدي
أَي إِبْصارُكَ الطَّريقَ يقوِّيك على الطَّريقِ ويُعينُك؛
وقال آخر:
وأَنتَ امرؤٌ لا الجُودُ منكَ سَجيَّةٌ
فتُعْطِي، وقد يُعْدِي على النَّائِلِ الوُجْدُ
ويقال: اسْتَأْداه، بالهمزة، فآداه أَي أَعانَه وقَوَّاه، وبعضُ أَهل
اللغة يجعل الهمزة في هذا أَصلاً ويجعل العين بدلاً منها. ويقال: آدَيْتُك
وأَعْدَيْتُك من الــعَدْوَــى، وهي المَعونة. وعادى بين اثنين فصاعِداً
مُعاداةً وعِداءً: وإلي؛ قال امرؤ القيس:
فعادَى عِداءً بين ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ،
وبين شَبُوبٍ كالقَضِيمَةِ قَرْهَبِ
ويقال: عادى الفارِسُ بين صَيْدَيْن وبين رَجُلَين إِذا طَعَنهما طعنتين
مُتَوالِيَتَيْن. والعِدَاء، بالكسر، والمُعاداة: المُوالاة والمتابَعة
بين الاثنين يُصرَعُ أَحدهما على إِثر الآخر في طَلَقٍ واحد؛ وأَنشد
لامرئ القيس:
فعادَى عِدَاءً بين ثَوْرٍ ونَعْجةٍ
دِراكاً، ولم يُنْضَحْ بماءٍ فيُغْسَلِ
يقال: عادَى بين عَشَرة من الصَّيْد أَي والى بينها قَتْلاً ورَمْياً.
وتعادَى القومُ على نصرهم أَي تَوالَوْا وتَتابَعوا. وعِداءُ كلِّ شيءٍ
وعَدَاؤُه وعِدْوَــتُه وعُدْوَــتُه وعِدْوُــه: طَوَارُه، وهو ما انْقادَ معه
مِن عَرْضِه وطُولِه؛ قال ابن بري: شاهده ما أَنشده أَبو عمرو بن
العلاء:بَكَتْ عَيْني، وحَقَّ لها البُكاءُ،
وأَحْرَقَها المَحابِشُ والعَدَاء
(* قوله« المحابش» هكذا في الأصل.)
وقال ابن أَحمر يخاطب ناقته:
خُبِّي، فَلَيْس إِلى عثمانَ مُرْتَجَعٌ
إِلاّ العَداءُ، وإِلا مكنع ضرر
(* قوله« إلا مكنع ضرر» هو هكذا في الأصل.)
ويقال: لَزِمْت عَداءَ النهر وعَدَاءَ الطريق والجبلِ أَي طَوَاره. ابن
شميل: يقال الْزَمْ عَدَاء الطريق، وهو أَن تأْخذَه لا تَظْلِمه. ويقال:
خُذْ عَداءَ الجبل أَي خذ في سَنَدِه تَدورُ فيه حتى تعلُوَه، وإِن
اسْتَقام فيه أَيضاً فقد أَخَذَ عَدَاءَه. وقال ابن بزرج: يقال الْزَمِ عِدْوَ
أَعْدَاءِ الطريقِ
(* قوله« عدو أعداء الطريق» هكذا في الأصل والتهذيب.)
والْزَمْ أَعْدَاء الطريق أَي وَضَحَه. وقال رجل من العرب لآخر:
أَلَبناً نسقيك أَم ماءً؟ فأَجاب: أَيَّهُما كان ولا عَدَاءَ؛ معناه لا بُدَّ من
أَحدهما ولا يكونن ثالث.
ويقال: الأَكْحَل عِرْقٌ عَداءَ الساعِدِ.
قال الأَزهري: والتَّعْداءُ التَّفْعال من كل ما مَرَّ جائز.
والعِدَى والعَدَا: الناحية؛ الأَخيرة عن كراع، والجمع أَعْداءٌ.
والــعُدْوةُ: المكانُ المُتَباعِدُ؛ عن كراع. والعِدَى والــعُدْوةُ والــعِدْوةُ
والــعَدْوَــة، كلُّه: شاطئُ الوادي؛ حكى اللحياني هذه الأَخيرةَ عن يونس.
والــعُدْوة: سنَدُ الوادي، قال: ومن الشاذِّ قراءة قَتادة: إِذ أَنتم
بالــعَدْوةِ الدنيا.والــعِدْوة والــعُدْوة أَيضاً: المكان المرتفع. قال الليث:
الــعُدْوة صَلابة من شاطئِ الوادي، ويقال عِدْوة. وفي التنزيل: إِذ أَنتم
بالــعُدْوة الدنيا وهم بالــعُدْوة القُصْوى؛ قال الفراء: الــعُدْوة شاطئُ
الوادي، الدنيا مما يَلي المدينة، والقُصْوَى مما يلي مكة، قال ابن السكيت:
عُدْوةُ الوادي وعِدْوتُه جانبُه وحافَتُه، والجمع عِدًى وعُدًى؛ قال
الجوهري: والجمع عِداءٌ مثلُ بُرْمَةٍ وبِرامٍ ورِهْمَةٍ ورِهامٍ وعِدَياتٌ؛
قال ابن بري: قال الجوهري الجمع عِدَياتٌ، قال: وصوابه عِدَاواتٌ ولا
يجوز عِدِواتٌ على حدّ كِسِراتٍ. قال سيبويه: لا يقولون في جمع جِرْوةٍ
جِرِياتٌ، كراهة قلْب الواو ياءً، فعلى هذا يقال جِرْوات وكُلْياتٌ
بالإِسكان لا غيرُ. وفي حديث الطاعون: لو كانت لك إِبلٌ فَهَبَطت وادياً له
عُدْوتانِ؛ الــعدوة، بالضم والكسر: جانبُ الوادي، وقيل: الــعُدوة المكان المرتفع
شيئاً على ما هو منه. وعَداءُ الخَنْدَقِ وعَداء الوادي: بطنُه وعادَى
شعرَه: أَخَذَ منه. وفي حديث حُذَيْفَة: أَنه خرج وقد طَمَّ رأْسَه فقال:
إِنَّ تحت كل شَعْرةٍ لا يُصيبُها الماء جَنابةً، فمن ثَمَّ عاديتُ رأْسي
كما تَرَوْنَ؛ التفسير لشمر: معناه أَنه طَمّه واسْتَأْصله ليَصِلَ
الماءُ إِلى أُصولِ الشَّعَر، وقال غيره: عادَيْتُ رأْسِي أَي جَفَوْت شعرَه
ولم أَدْهُنْه، وقيل: عادَيْتُ رأْسي أَي عاوَدْتُه بوضْوء وغُسْلٍ.
ورَوَى أَبو عَدْنانَ عن أَبي عبيدة: عادَى شعره رَفَعَه، حكاه الهَرَويّ في
الغريبين، وفي التهذيب: رَفَعَه عند الغسلِ. وعادَيْت الوسادةَ أَي
ثَنَيْتُها. وعادَيْتُ الشيءَ: باعَدْته. وتَعادَيْتُ عنه أَي تَجَافَيْت. وفي
النوادر: فلان ما يُعادِيني ولا يُواديني؛ قال: لا يُعاديني أَي لا
يُجافِيني، ولا يُواديني أَي لا يُواتيني.
والــعَدَوِــيَّة: الشجر يَخْضَرُّ بعدَ ذهاب الربيع.قال أَبو حنيفة: قال
أَبو زِيادٍ الــعَدَوِــيَّة الرَّبْل، يقال: أَصاب المالُ عَدَويَّةً، وقال
أَبو حنيفة: لم أَسمَعْ هذا من غير أَبي زِيادٍ. الليث: الــعَدَوِــيَّة من
نبات الصيف بعد ذهاب الربيع أَن تَخْضَرَّ صغار الشجر فتَرْعاه الإِبل،
تقول: أَصابت الإِبلُ عَدَويَّةً؛ قال الأَزهري: الــعَدَويَّة الإِبل التي
تَرْعى الــعُدْوة، وهي الخُلَّة، ولم يضبط الليث تفسير الــعَدَويَّة فجعله
نَباتاً، وهو غلط، ثم خَلَّط فقال: والــعَدَويَّة أَيضاً سِخالُ الغنم،
يقال: هي بنات أَربعين يوماً، فإِذا جُزَّت عنها عَقِيقتُها ذهب عنها هذا
الاسم؛ قال الأَزهري: وهذا غلط بل تصحيف منكر، والصواب في ذلك
الغَدَويَّة، بالغين، أَو الغَذَويَّة، بالذال، والغِذاء: صغار الغنم، واحدها
غَذِيٌّ؛ قال الأَزهري: وهي كلها مفسرة في معتل الغين، ومن قال الــعَدَويةُ
سِخال الغنم فقد أَبْطَل وصحَّف، وقد ذكره ابن سيده في مُحكَمِه أَيضاً فقال:
والــعَدَويَّة صِغارُ الغنمِ، وقيل: هي بناتُ أَربعين يوماً.
أَبو عبيد عن أَصحابه: تَقادَعَ القومُ تَقادُعاً وتَعادَوْا تَعادِياً
وهو أَن يَمُوتَ بعضهم في إِثْر بعض. قال ابن سيده: وتَعادَى القومُ
وتَعادَتِ الإِبلُ جميعاً أَي مَوَّتَتْ، وقد تَعادَتْ بالقَرْحة. وتَعادَى
القوم: ماتَ بعضهم إِثْرَ بعَضٍ في شَهْرٍ واحدٍ وعامٍ واحد؛ قال:
فَما لَكِ منْ أَرْوَى تَعادَيْت بالعَمى،
ولاقَيْتِ كَلاّباً مُطِّلاً وراميا
يدعُو عليها بالهلاكِ.
والــعُدْوة: الخُلَّة من النَّبَات، فإِذا نُسِبَ إِليها أَو رَعَتْها
الإِبلُ قيل إِبل عُدْويَّةٌ على القِياسِ، وإِبلٌ عَدَويَّة على غَيْرِ
القِياسِ، وعَوادٍ على النَّسَبِ بغير ياء النَّسَبِ؛ كلّ ذلك عن ابن
الأَعرابي. وإِبلٌ عادِيَةٌ وعَوادٍ: تَرْعى الحَمْضَ قال كُثَيِّر:
وإِنَّ الذي يَنْوي منَ المالِ أَهلُها
أَوارِكُ، لمَّا تَأْتَلِفْ، وعَوادِي
ويُرْوى: يَبْغِي؛ ذكَرَ امرأَةً وأَن أَهلَها يطلبُون في مَهْرِها من
المالِ ما لا يُمْكن ولا يكون كما لا تَأْتَلِفُ هذه الأَوارِكُ
والعَوادي، فكأَن هذا ضِدَّ لأَنَّ العَوادِيَ على هذَيْن القولين هي التي تَرْعى
الخُلَّةَ والتي تَرْعَى الحَمْضَ، وهما مُخْتَلِفا الطَّعْمَيْن لأَن
الخُلَّة ما حَلا من المَرْعى، والحَمْض منه ما كانت فيه مُلُوحَةٌ،
والأَوارك التي ترعى الأَراك وليسَ بحَمْضٍ ولا خُلَّة، إِنما هو شجر عِظامٌ.
وحكى الأَزهري عن ابن السكيت: وإِبلٌ عادِيَةٌ تَرْعَى الخُلَّة ولا
تَرْعَى الحَمْضَ، وإِبلٌ آركة وأَوَارِكُ مقيمة في الحَمْضِ؛ وأَنشد بيت كثير
أَيضاً وقال: وكذلك العادِيات؛ وقال:
رأَى صاحِبي في العادِياتِ نَجِيبةً،
وأَمْثالها في الواضِعاتِ القَوامِسِ
قال: ورَوَى الرَّبيعُ عن الشافعي في باب السَّلَم أَلْبان إِبلٍ عَوادٍ
وأَوارِكَ، قال: والفرق بينهما ما ذكر. وفي حديث أَبي ذرّ: فقَرَّبوها
إِلى الغابة تُصيبُ مِن أَثْلها وتَــعْدُو في الشَّجَر؛ يعني الإِبلَ أَي
تَرْعى الــعُدْوَــةَ، وهي الخُلَّة ضربٌ من المَرْعَى مَحبوبٌ إِلى الإِبل.
قال الجوهري: والعادِيةُ من الإِبل المُقِيمة في العِضاهِ لا تُفارِقُها
وليست تَرْعَى الحَمْضَ، وأَما الذي في حديث قُسٍّ: فإذا شَجَرة
عادِيَّةٌ أَي قَدِيمة كأَنها نُسِبَت إِلى عادٍ، وهمْ قومُ هودٍ النبيِّ، صلى
الله عليه وعلى نَبيِّنا وسلم، وكلّ قديمٍ يَنْسُبُونه إِلى عادٍ وإِن لم
يُدْرِكْهُم. وفي كتاب عليٍّ إِلى مُعاوية: لم يَمْنَعْنا قَدِيمُ عِزِّنا
وعادِيُّ طَوْلِنا على قَوْمِك أَنْ خَلَطْناكُم بأَنْفُسِنا.
وتَعدَّى القَوْمُ: وجَدُوا لَبَناً يَشْرَبونَه فأَغْناهُمْ عن
اشْتِراء اللَّحْمِ، وتَــعَدَّوْــا أَيضاً: وجَدُوا مَراعِيَ لمَواشيهِمْ
فأَغْناهُم ذلك عن اشْتِراءِ العَلَف لهَا؛ وقول سَلامَة بن جَنْدَل:
يَكُونُ مَحْبِسُها أَدْنَى لمَرْتَعِها،
ولَوْ تَعادَى ببكْءٍ كلُّ مَحْلُوب
معناه لَوْ ذَهَبَتْ أَلْبانُها كلُّها؛ وقول الكميت:
يَرْمِي بعَيْنَيْهِ عَدْوَــةَ الأَمدِ الـ
أَبعدِ، هَلْ في مطافِهِ رِيَب؟
قال: عَدْوة الأَمد مَدُّ بصَره ينظُر هل يَرى رِيبةً تَريبهُ. وقال
الأَصمعي: عداني منه شر أَي بَلَغني، وعداني فلان مِنْ شَرِّه بشَرّ
يَــعْدُوني عَدْواً؛ وفلان قد أَعْدَى الناس بشَرٍّ أَي أَلْزَقَ بهم منه شَرّاً،
وقد جلَسْتُ إِليه فأَعْداني شرًّا أَي أَصابني بشرِّه. وفي حديث عليّ،
رضي الله عنه، أَنه قال لطَلْحَة يومَ الجَمَل: عرَفْتَني بالحجاز
وأَنْكَرْتني بالعراق فما عَدَا مِمَّا بَدَا؟ وذلك أَنه كان بايَعه بالمَدِينة
وجاءَ يقاتله بالبَصْرة، أَي ما الذي صَرَفَك ومَنَعك وحملك على
التَّخَلّف، بعدَ ما ظهر منك من التَّقَدّم في الطاعة والمتابعة، وقيل: معناه ما
بَدَا لكَ مِنِّي فصَرَفَك عَنِّي، وقيل: معنى قوله ما عَدَا مِمَّا
بدَا أَي ما عَداك مما كان بَدَا لنا من نصرِك أَي ما شَغَلك؛ وأَنشد:
عداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمِي
عَجايا كلُّها، إِلاَّ قَلِيلاَ
وقال الأَصمعي في قول العامة: ما عدَا مَنْ بَدَا،
هذا خطأٌ والصواب أَمَا عَدَا مَنْ بَدَا، على الاستفهام؛ يقول: أَلمْ
يَعْدُ الحقَّ مَنْ بدأَ بالظلم، ولو أَراد الإِخبار قال: قد عَدَا منْ
بَدانا بالظلم أَي قد اعْتَدَى، أَو إنما عَدَا مَنْ بَدَا. قال أَبو
العباس: ويقال فَعَلَ فلان ذلك الأَمرَ عَدْواً بَدْواً أَي ظاهراً
جِهاراً.وعَوادي الدَّهْر: عَواقِبُه؛ قال الشاعر:
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ من يتَجَنَّبُ،
وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيك تَشْعَبُ
وقال المازني: عَدَا الماءُ يَــعْدُو إِذا جَرَى؛ وأَنشد:
وما شَعَرْتُ أَنَّ ظَهْري ابتلاَّ،
حتى رأَيْتُ الماءَ يَــعْدُو شَلاَّ
وعَدِيٌّ: قَبيلَةٌ. قال الجوهري: وعَدِيٌّ من قُرَيش رهطُ عُمر بن
الخطاب، رضي الله عنه، وهو عَدِيُ بن كَعْب بن لُؤَيِّ بنِ غالبِ بنِ فهْرِ
بن مالكِ بنِ النَّضْرِ، والنسبة إِليه عَدَوِــيٌّ وَعَدَيِيٌّ، وحُجَّة
مَن أَجازَ ذلك أَن الياءَ في عَدِيٍّ لمَّا جَرَتْ مَجْرى الصحيح في
اعْتقابِ حَرَكات الإِعراب عليها فقالوا عَدِيٌّ وعَدِيّاً وعَدِيٍّ، جَرَى
مَجْرَى حَنِيفٍ فقالوا عَدَيِيٌّ كما قالوا حَنَفِيٌّ، فِيمَن نُسِب إِلى
حَنِيفٍ. وعَدِيُّ بن عبد مَناة: من الرِّباب رَهْطِ ذي الرُّمَّة،
والنسبة إِليهم أَيضاً عَدَوِــيّ، وعَدِيٌّ في بني حَنيفة، وعَدِيٌّ في فَزارة.
وبَنُو الــعَدَوِــيَّة: قومٌ من حَنْظلة وتَمِيمٍ.وعَدْوانُ، بالتسكين:
قَبيلَةٌ، وهو عَدْوانُ بن عَمْرو بن قَيْس عَيْلانَ؛ قال الشاعر:
عَذِيرَ الحَيِّ مِنْ عَدْوا
نَ، كانوا حيَّةَ الأَرضِ
أَراد: كانوا حَيَّاتِ الأَرْضِ، فوضَع الواحدَ موضع الجمع. وبَنُو
عِدًى: حَيٌّ من بني مُزَيْنَة، النَسَبَ إِليه عِداويٌّ نادرٌ؛ قال:
عِداوِيَّةٌ، هيهاتَ منكَ محلُّها
إِذا ما هي احْتَلَّتْ بقُدْسٍ وآرَةِ
ويروى: بقدس أُوارَةِ. ومَعْدِ يكرَبَ: من جَعله مَفْعِلاً كان له
مَخْرَج من الياء والواو، قال الأَزهري: مَعْدِيكرَب اسمان جُعِلا اسماً
واحداً فأُعْطِيا إِعراباً واحداً، وهو الفتح. وبنو عِداءٍ
(* قوله« وبنو عداء
إلخ» ضبط في المحكم بكسر العين وتخفيف الدال والمدّ في الموضعين، وفي
القاموس: وبنو عداء، مضبوطاً بفتح العين والتشديد والمدّ.): قبيلة؛ هن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلمْ تَرَ أَنَّنا، وبَني عِداءٍ،
توارَثْنا من الآباء داءَ؟
وهم غيرُ بني عِدًى من مُزينة. وسَمَوْأَلُ بنُ عادِياءَ، ممدودٌ؛ قال
النَّمِر بن تَوْلب:
هَلاَّ سأَلْت بِعادِياءَ وبَيْتِه،
والخَلِّ والخَمْرِ التي لم تُمْنَع
وقد قصَره المُرادِي في شِعْره فقال:
بَنَى لي عادِيَا حِصْناً حَصِيناً،
إِذا ما سامَني ضَيْمٌ أَبَيْتُ
عدل: العَدْل: ما قام في النفوس أَنه مُسْتقيم، وهو ضِدُّ الجَوْر.
عَدَل الحاكِمُ في الحكم يَعْدِلُ عَدْلاً وهو عادِلٌ من قوم عُدُولٍ
وعَدْلٍ؛ الأَخيرة اسم للجمع كتَجْرِ وشَرْبٍ، وعَدَل عليه في القضيَّة، فهو
عادِلٌ، وبَسَطَ الوالي عَدْلَه ومَعْدِلَته. وفي أَسماء الله سبحانه:
العَدْل، هو الذي لا يَمِيلُ به الهوى فيَجورَ في الحكم، وهو في الأَصل مصدر
سُمِّي به فوُضِعَ مَوْضِعَ العادِلِ، وهو أَبلغ منه لأَنه جُعِلَ
المُسَمَّى نفسُه عَدْلاً، وفلان من أَهل المَعْدِلة أَي من أَهل العَدْلِ.
والعَدْلُ: الحُكْم بالحق، يقال: هو يَقْضي بالحق ويَعْدِلُ. وهو حَكَمٌ
عادِلٌ: ذو مَعْدَلة في حكمه. والعَدْلُ من الناس: المَرْضِيُّ قولُه
وحُكْمُه. وقال الباهلي: رجل عَدْلٌ وعادِلٌ جائز الشهادة. ورَجُلٌ عَدْلٌ:
رِضاً ومَقْنَعٌ في الشهادة؛ قال ابن بري ومنه قول كثير:
وبايَعْتُ لَيْلى في الخَلاء، ولم يَكُنْ
شُهودٌ على لَيْلى عُدُولٌ مَقَانِعُ
ورَجُلٌ عَدْلٌ بيِّن العَدْلِ والعَدَالة: وُصِف بالمصدر، معناه ذو
عَدْلٍ. قال في موضعين: وأَشْهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم، وقال: يَحْكُم به
ذَوَا عَدْلٍ منكم؛ ويقال: رجل عَدْلٌ ورَجُلانِ عَدْلٌ ورِجالٌ عَدْلٌ
وامرأَة عَدْلٌ ونِسْوةٌ عَدْلٌ، كلُّ ذلك على معنى رجالٌ ذَوُو عَدْلٍ
ونِسوةٌ ذوات عَدْلٍ، فهو لا يُثَنَّى ولا يجمع ولا يُؤَنَّث، فإِن رأَيته
مجموعاً أَو مثنى أَو مؤَنثاً فعلى أَنه قد أُجْرِي مُجْرى الوصف الذي ليس
بمصدر، وقد حكى ابن جني: امرأَة عَدْلة، أَنَّثوا المصدر لما جرى وصفاً
على المؤنث وإِن لم يكن على صورة اسم الفاعل، ولا هو الفاعل في الحقيقة،
وإِنما اسْتَهْواه لذلك جَرْيُها وصفاً على المؤنث؛ وقال ابن جني: قولهم
رجل عَدْلٌ وامرأَة عَدْل إِنما اجتمعا في الصفة المُذَكَّرة لأَن التذكير
إِنما أَتاها من قِبَل المصدرية، فإِذا قيل رجل عَدْلٌ فكأَنه وصف بجميع
الجنس مبالغةً كما تقول: استَوْلى على الفَضْل وحاز جميعَ الرِّياسة
والنُّبْل ونحو ذلك، فوُصِف بالجنس أَجمع تمكيناً لهذا الموضع وتوكيداً،
وجُعِل الإِفراد والتذكير أَمارةً للمصدر المذكور، وكذلك القول في خَصْمٍ
ونحوه مما وُصِف به من المصادر، قال: فإِن قلت فإِن لفظ المصدر قد جاء
مؤنثاً نحو الزِّيادة والعِيادة والضُّؤُولة والجُهومة والمَحْمِيَة
والمَوْجِدة والطَّلاقة والسَّباطة ونحو ذلك، فإِذا كان نفس المصدر قد جاء
مؤَنثاً فما هو في معناه ومحمول بالتأْويل عليه أَحْجى بتأْنيثه، قيل: الأَصل
لقُوَّته أَحْمَلُ لهذا المعنى من الفرع لضعفه، وذلك أَن الزِّيادة
والعيادة والجُهومة والطَّلاقة ونحو ذلك مصادر غير مشكوك فيها، فلحاقُ التاء
لها لا يُخْرِجها عما ثبت في النفس من مَصدَرِيَّتها، وليس كذلك الصفة
لأَنها ليست في الحقيقة مصدراً، وإِنما هي مُتَأَوَّلة عليه ومردودة
بالصَّنْعة إِليه، ولو قيل رجُلٌ عَدْلٌ وامرأَة عَدْلة وقد جَرَت صفة كما ترى لم
يُؤْمَنْ أَن يُظَنَّ بها أَنها صفة حقيقية كصَعْبة من صَعْبٍ، ونَدْبة
من نَدْبٍ، وفَخْمة من فَخْمٍ، فلم يكن فيها من قُوَّة الدلالة على
المصدرية ما في نفس المصدر نحو الجُهومة والشُّهومة والخَلاقة، فالأُصول
لقُوَّتها يُتَصَرَّف فيها والفروع لضعفها يُتَوَقَّف بها، ويُقْتَصر على بعض
ما تُسَوِّغه القُوَّةُ لأُصولها، فإِن قيل: فقد قالوا رجل عَدْل وامرأَة
عَدْلة وفرسٌ طَوْعة القِياد؛ وقول أُميَّة:
والحَيَّةُ الحَتْفَةُ الرَّقْشاءُ أَخْرَجَهَا،
من بيتِها، آمِناتُ اللهِ والكَلِمُ
قيل: هذا قد خَرَجَ على صورة الصفة لأَنهم لم يُؤْثِروا أَن يَبْــعُدوا
كلَّ البُعْد عن أَصل الوصف الذي بابه أَن يَقع الفَرْقُ فيه بين مُذَكره
ومؤَنَّثه، فجرى هذا في حفظ الأُصول والتَّلَفُّت إِليها للمُباقاة لها
والتنبيه عليها مَجْرى إِخراج بعض المُعْتَلِّ على أَصله، نحو استَحْوَذَ
وضَنِنُوا، ومَجرى إِعمال صُغْتُه وعُدْتُه، وإِن كان قد نُقِل إِلى
فَعُلْت لما كان أَصله فَعَلْت؛ وعلى ذلك أَنَّث بعضُهم فقال خَصْمة وضَيْفة،
وجَمَع فقال:
يا عَيْنُ، هَلاَّ بَكَيْتِ أَرْبَدَ، إِذ
قُمْنا، وقامَ الخُصومُ في كَبَد؟
وعليه قول الآخر:
إِذا نزَلَ الأَضْيافُ، كان عَذَوَّراً،
على الحَيِّ، حتى تَسْتَقِلَّ مَراجِلُه
والعَدالة والــعُدولة والمَعْدِلةُ والمَعْدَلةُ، كلُّه: العَدْل. وتعديل
الشهود: أَن تقول إِنهم عُدُولٌ. وعَدَّلَ الحُكْمَ: أَقامه. وعَدَّلَ
الرجلَ: زَكَّاه. والعَدَلةُ والعُدَلةُ: المُزَكُّون؛ الأَخيرة عن ابن
الأَعرابي. قال القُرْمُليُّ: سأَلت عن فلان العُدَلة أَي الذين
يُعَدِّلونه. وقال أَبو زيد: يقال رجل عُدَلة وقوم عُدَلة أَيضاً، وهم الذين
يُزَكُّون الشهودَ وهم عُدُولٌ، وقد عَدُلَ الرجلُ، بالضم، عَدالةً. وقوله
تعالى: وأَشهِدوا ذَوَيْ عَدْلٍ منكم؛ قال سعيد بن المسيب: ذَوَيْ عَقْل،
وقال إِبراهيم: العَدْلُ الذي لم تَظْهَر منه رِيبةٌ. وكَتَب عبدُ الملك
إِلى سعيد بن جُبَير يسأَله عن العَدْل فأَجابه: إِنَّ العَدْلَ على أَربعة
أَنحاء: العَدْل في الحكم، قال الله تعالى: وإِن حَكَمْتَ
(* قوله «قال
الله تعالى وان حكمت إلخ» هكذا في الأصل ومثله في التهذيب والتلاوة
بالقسط) فاحْكُمْ بينهم بالعَدْل. والعَدْلُ في القول، قال الله تعالى: وإِذا
قُلْتُم فاعْدِلوا: والعَدْل: الفِدْية، قال الله عز وجل: لا يُقْبَل منها
عَدْلٌ. والعَدْل في الإِشْراك، قال الله عز وجل: ثم الذين كفروا
برَبِّهم يَعْدِلون؛ أَي يُشْرِكون. وأَما قوله تعالى: ولن تَسْتَطِيعوا أَن
تَعْدِلوا بين النساء ولو حَرَصْتُم؛ قال عبيدة السَّلماني والضَّحَّاك: في
الحُبِّ والجِماع. وفلان يَعْدِل فلاناً أَي يُساوِيه. ويقال: ما
يَعْدِلك عندنا شيءٌ أَي ما يقَع عندنا شيءٌ مَوْقِعَك.
وعَدَّلَ المَوازِينَ والمَكاييلَ: سَوَّاها. وعَدَلَ الشيءَ يَعْدِلُه
عَدْلاً وعادَله: وازَنَه. وعادَلْتُ بين الشيئين، وعَدَلْت فلاناً بفلان
إِذا سَوَّيْت بينهما. وتَعْدِيلُ الشيء: تقويمُه، وقيل: العَدْلُ
تَقويمُك الشيءَ بالشيءِ من غير جنسه حتى تجعله له مِثْلاً. والعَدْلُ
والعِدْلُ والعَدِيلُ سَواءٌ أَي النَّظِير والمَثِيل، وقيل: هو المِثْلُ وليس
بالنَّظِير عَيْنه، وفي التنزيل: أَو عَدْلُ ذلك صِياماً؛ قال
مُهَلْهِل:على أَنْ ليْسَ عِدْلاً من كُلَيْبٍ،
إِذا بَرَزَتْ مُخَبَّأَةُ الخُدُور
والعَدْلُ، بالفتح: أَصله مصدر قولك عَدَلْت بهذا عَدْلاً حَسَنًا،
تجعله اسماً للمِثْل لِتَفْرُق بينه وبين عِدْل المَتاع، كما قالوا امرأَة
رَزانٌ وعَجُزٌ رَزِينٌ للفَرْق. والعَدِيلُ: الذي يُعادِلك في الوَزْن
والقَدر؛ قال ابن بري: لم يشترط الجوهري في العَدِيل أَن يكون إِنساناً
مثله، وفَرَق سيبويه بين العَدِيل والعِدْل فقال: العَدِيلُ من عادَلَك من
الناس، والعِدْلُ لا يكون إِلاَّ للمتاع خاصَّة، فبَيَّن أَنَّ عَدِيل
الإِنسان لا يكون إِلاَّ إِنساناً مثله، وأَنَّ العِدْل لا يكون إِلاَّ
للمتاع، وأَجاز غيرُه أَن يقال عندي عِدْلُ غُلامِك أَي مِثْله، وعَدْلُه،
بالفتح لا غير، قيمتُه. وفي حديث قارئ القرآن
(* قوله «وفي حديث قارئ
القرآن إلخ» صدره كما في هامش النهاية: فقال رجل يا رسول الله أرأيتك النجدة
تكون في الرجل؟ فقال: ليست إلخ. وبهذا يعلم مرجع الضمير في ليست. وقوله:
قال ابن الاثير إلخ عبارته في النهاية: قد تكرر ذكر العدل والعدل بالكسر
والفتح في الحديث وهما بمعنى المثل وقيل هو بالفتح الى آخر ما هنا).
وصاحب الصَّدَقة: فقال ليْسَتْ لهما بعَدْل؛ هو المِثْل؛ قال ابن الأَثير: هو
بالفتح، ما عادَله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس؛ وقول
الأَعلم:
مَتى ما تَلْقَني ومَعي سِلاحِي،
تُلاقِ المَوْتَ لَيْس له عَدِيلُ
يقول: كأَنَّ عَدِيلَ الموت فَجْأَتُه؛ يريد لا مَنْجَى منه، والجمع
أَعْدالٌ وعُدَلاءُ. وعَدَل الرجلَ في المَحْمِل وعَادَلَهُ: رَكِب معه. وفي
حديث جابر: إِذا جاءت عَمَّتي بأَبي وخالي مَقْتولَيْنِ عادَلْتُهما على
ناضِحٍ أَي شَدَدْتُهما على جَنْبَي البَعير كالعِدْلَيْن. وعَدِيلُك:
المُعادِلُ لك.
والعِدْل: نِصْف الحِمْل يكون على أَحد جنبي البعير، وقال الأَزهري:
العِدْل اسم حِمْل مَــعْدُولٍ بحِمْلٍ أَي مُسَوًّى به، والجمع أَعْدالٌ
وعُدُولٌ؛ عن سيبويه. وقال الفراء في قوله تعالى: أَو عَدْل ذلك صياماً، قال:
العَدْلُ ما عادَلَ الشيءَ من غير جنسه، ومعناه أَي فِداءُ ذلك.
والعِدْلُ: المِثْل مِثْل الحِمْل، وذلك أَن تقول عندي عِدْلُ غُلامِك وعِدْلُ
شاتك إِذا كانت شاةٌ تَعْدِل شاةً أَو غلامٌ يَعْدِل غلاماً، فإِذا أَردت
قيمته من غير جنسه نَصَبْت العَيْن فقلت عَدْل، وربما كَسَرها بعضُ
العرب، قال بعض العرب عِدْله، وكأَنَّه منهم غلطٌ لتَقارُب معنى العَدْل من
العِدْل، وقد أَجمعوا على أَن واحد الأَعدال عِدْل؛ قال: ونُصِب قوله
صياماً على التفسير كأَنَّه عَدْلُ ذلك من الصِّيام، وكذلك قوله: مِلْء
الأَرضِ ذَهباً؛ وقال الزجاج: العَدْلُ والعِدْلُ واحد في معنى المِثْل، قال:
والمعنى واحد، كان المِثْلُ من الجنس أَو من غير الجنس. قال أَبو إِسحق:
ولم يقولوا إِن العرب غَلِطَت وليس إِذا أَخطأَ مُخْطِئٌ وجَب أَن يقول
إِنَّ بعض العرب غَلِط. وقرأَ ابن عامر: أَو عِدْلُ ذلك صِياماً، بكسر
العين، وقرأَها الكسائي وأَهل المدينة بالفتح. وشَرِبَ حتى عَدَّل أَي صار
بطنه كالعِدْل وامْتَلأ؛ قال الأَزهري: وكذلك عَدَّنَ وأَوَّنَ بمعناه.
ووقع المُصْطَرِعانِ عِدْلَيْ بعيرٍ أَي وَقَعا مَعاً ولم يَصْرَع
أَحدُهما الآخر.
والعَدِيلتان: الغِرَارتانِ لأَن كل واحدة منهما تُعادِل صاحبتَها.
الأَصمعي: يقال عَدَلْت الجُوالِقَ على البعير أَعْدِله عَدْلاً؛ يُحْمَل على
جَنْب البعير ويُعْدَل بآخر.
ابن الأَعرابي: العَدَلُ، محرّكٌ، تسوية الأَوْنَيْن وهما العِدْلانِ.
ويقال: عَدَلْت أَمتعةَ البيت إِذا جَعَلْتها أَعدالاً مستوية للاعْتِكام
يومَ الظَّعْن. والعدِيل: الذي يُعادِلُك في المَحْمِل.
والاعْتِدالُ: تَوَسُّطُ حالٍ بين حالَيْن في كَمٍّ أَو كَيْفٍ، كقولهم
جِسْمٌ مُعْتَدِلٌ بين الطُّول والقِصَر، وماء مُعْتَدِلٌ بين البارد
والحارِّ، ويوم مُعْتَدِلٌ طيِّب الهواء ضدُّ مُعْتَذِل، بالذال المعجمة.
وكلُّ ما تَناسَبَ فقد اعْتَدَل؛ وكلُّ ما أَقَمْته فقد عَدَلْته. وزعموا
أَن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال: الحمد لله الذي جَعَلَني في قَوْمٍ
إِذا مِلْتُ عَدَلُوني كما يُعْدَل السَّهْم في الثِّقافِ، أَي
قَوَّمُوني؛ قال:
صَبَحْتُ بها القَوْمَ حتى امْتَسَكْـ
ـتُ بالأَرض، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا
وعَدَّلَه: كعَدَلَه. وإِذا مالَ شيءٌ قلت عَدَلته أَي أَقمته فاعْتَدَل
أَي استقام. ومن قرأَ قول الله، عز وجل: خَلَقَكَ فَسوّاك فَعَدَلك،
بالتخفيف، في أَيِّ صورةٍ ما شاء؛ قال الفراءُ: من خَفَّف فَوجْهُه، والله
أَعلم، فَصَرَفك إِلى أَيِّ صورة ما شاء: إِمَّا حَسَنٍ وإِمَّا قبيح،
وإِمَّا طَويل وإِمَّا قَصير، وهي قراءة عاصم والأَخفش؛ وقيل أَراد عَدَلك
من الكفر إِلى الإِيمان وهي نِعْمة
(* قوله «وهي نعمة» كذا في الأصل،
وعبارة التهذيب: وهما نعمتان) ومن قرأَ فعَدَّلك فشَدَّد، قال الأَزهري: وهو
أَعجبُ الوجهين إِلى الفراء وأَجودُهما في العربية، فمعناه قَوَّمك
وجَعَلَك مُعْتدلاً مُعَدَّل الخَلْق، وهي قراءة نافع وأَهل الحجاز، قال:
واخْتَرْت عَدَّلك لأَنَّ المطلوب الإثنتين التركيب أَقوى في العربية من أَن
تكون في العَدْل، لأَنك تقول عَدَلْتك إِلى كذا وصَرَفتك إِلى كذا، وهذا
أَجودُ في العربية من أَن تقول عَدَلْتك فيه وصَرَفْتك فيه، وقد قال غير
الفراء في قراءة من قرأَ فَعَدَلك، بالتخفيف: إِنه بمعنى فَسَوّاك
وقَوَّمك، من قولك عَدَلْت الشيء فاعْتَدل أَي سَوّيْته فاسْتَوَى؛ ومنه
قوله:وعَدَلْنا مَيْلَ بَدْر فاعْتَدَل
أَي قَوَّمْناه فاستقام، وكلُّ مُثَقَّفٍ مُعْتَدِلٌ. وعَدَلْت الشيءَ
بالشيء أَعْدِلُه عُدولاً إِذا ساويته به؛ قال شَمِر: وأَما قول الشاعر:
أَفَذاكَ أَمْ هِي في النَّجا
ءِ، لِمَنْ يُقارِبُ أَو يُعادِل؟
يعني يُعادِلُ بي ناقته والثَّوْر. واعْتَدَل الشِّعْرُ: اتَّزَنَ
واستقام، وعَدَّلْته أَنا. ومنه قول أَبي علي الفارسي: لأَن المُرَاعى في
الشِّعْر إِنما هو تعديل الأَجزاء. وعَدَّل القَسَّامُ الأَنْصِباءَ للقَسْمِ
بين الشُّركاء إِذا سَوّاها على القِيَم.
وفي الحديث: العِلْم ثلاثة منها فَرِيضةٌ عادِلَةٌ، أَراد العَدْل في
القِسْمة أَي مُعَدَّلة على السِّهام المذكورة في الكتاب والسُّنَّة من غير
جَوْر، ويحتمل أَن يريد أَنها مُسْتَنْبَطة من الكتاب والسُّنَّة، فتكون
هذه الفَريضة تُعْدَل بما أُخِذ عنهما.
وقولهم: لا يُقْبَل له صَرْفٌ ولا عَدْلٌ، قيل: العَدْل الفِداء؛ ومنه
قوله تعالى: وإِنْ تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ لا يؤخَذْ منها؛ أَي تَفْدِ كُلَّ
فِداء. وكان أَبو عبيدة يقول: وإِنْ تُقْسِطْ كلَّ إِقْساط لا يُقْبَلْ
منها؛ قال الأَزهري: وهذا غلط فاحش وإِقدام من أَبي عبيدة على كتاب الله
تعالى، والمعنى فيه لو تَفْتدي بكل فداء لا يُقْبَل منها الفِداءُ يومئذ.
ومثله قوله تعالى: يَوَدُّ المُجْرِمُ لو يَفْتَدي من عذاب يَوْمئذٍ
ببَنِيه (الآية) أَي لا يُقْبَل ذلك منه ولا يُنْجيه. وقيل: العَدْل
الكَيْل، وقيل: العَدْل المِثْل، وأَصله في الدِّية؛ يقال: لم يَقْبَلوا منهم
عَدْلاً ولا صَرْفاً أَي لم يأْخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقتيلهم رجلاً
واحداً أَي طلبوا منهم أَكثر من ذلك، وقيل: العَدْل الجزاء، وقيل الفريضة،
وقيل النافلة؛ وقال ابن الأَعرابي: العَدْل الاستقامة، وسيذكر الصَّرْف في
موضعه. وفي الحديث: من شَرِبَ الخَمْر لم يَقْبَل اللهُ منه صَرْفاً ولا
عَدْلاً أَربعين ليلة؛ قيل: الصَّرْف الحِيلة، والعَدْل الفدْية، وقيل:
الصَّرْف الدِّية والعَدْلُ السَّوِيَّة، وقيل: العَدْل الفريضة،
والصَّرْف التطَوُّع؛ وروى أَبو عبيد عن النبي، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر
المدينة فقال: من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً أَو آوى مُحْدِثاً لم يقبلِ الله
منه صَرْفاً ولا عَدْلاً؛ روي عن مكحول أَنه قال: الصَّرْف التَّوبة
والعَدْل الفِدْية؛ قال أَبو عبيد: وقوله من أَحْدَثَ فيها حَدَثاً؛ الحَدَثُ
كلُّ حَدٍّ يجب لله على صاحبه أَن يقام عليه، والعَدْل القِيمة؛ يقال:
خُذْ عَدْلَه منه كذا وكذا أَي قيمتَه. ويقال لكل من لم يكن مستقيماً حَدَل،
وضِدُّه عَدَل، يقال: هذا قضاءٌ حَدْلٌ غير عَدْلٍ. وعَدَلَ عن الشيء
يَعْدِلُ عَدْلاً وعُدولاً: حاد، وعن الطريق: جار، وعَدَلَ إِليه عُدُولاً:
رجع. وما لَه مَعْدِلٌ ولا مَــعْدولٌ أَي مَصْرِفٌ. وعَدَلَ الطريقُ:
مال.ويقال: أَخَذَ الرجلُ في مَعْدِل الحق ومَعْدِل الباطل أَي في طريقه
ومَذْهَبه.
ويقال: انْظُروا إِلى سُوء مَعادِله ومذموم مَداخِله أَي إِلى سوء
مَذَاهِبه ومَسالِكه؛ وقال زهير:
وأَقْصرت عمَّا تَعلمينَ، وسُدِّدَتْ
عليَّ، سِوى قَصْدِ الطّريق، مَعادِلُه
وفي الحديث: لا تُعْدَل سارِحتُكم أَي لا تُصْرَف ماشيتكم وتُمال عن
المَرْعى ولا تُمنَع؛ وقول أَبي خِراش:
على أَنَّني، إِذا ذَكَرْتُ فِراقَهُم،
تَضِيقُ عليَّ الأَرضُ ذاتُ المَعادِل
أَراد ذاتَ السَّعة يُعْدَل فيها يميناً وشمالاً من سَعَتها. والعَدْل:
أَن تَعْدِل الشيءَ عن وجهه، تقول: عَدَلْت فلاناً عن طريقه وعَدَلْتُ
الدابَّةَ إِلى موضع كذا، فإِذا أَراد الاعْوِجاجَ نفسَه قيل: هو يَنْعَدِل
أَي يَعْوَجُّ. وانْعَدَل عنه وعادَلَ: اعْوَجَّ؛ قال ذو الرُّمة:
وإِني لأُنْحي الطَّرْفَ من نَحْوِ غَيْرِها
حَياءً، ولو طاوَعْتُه لم يُعادِل
(* قوله «واني لانحي» كذا ضبط في المحكم، بضم الهمزة وكسر الحاء، وفي
القاموس: وأنحاء عنه: عدله).
قال: معناه لم يَنْعَدِلْ، وقيل: معنى قوله لم يُعادِل أَي لم يَعْدِل
بنحو أَرضها أَي بقَصْدِها نحواً، قال: ولا يكون يُعادِل بمعنى
يَنْعَدِل.والعِدال: أَن يَعْرِض لك أَمْرانِ فلا تَدْرِي إِلى أَيِّهما تَصيرُ
فأَنت تَرَوَّى في ذلك؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
وذُو الهَمِّ تُعْدِيه صَرِيمةُ أَمْرِه،
إِذا لم تُميِّتْه الرُّقى، ويُعَادِلُ
يقول: يُعادِل بين الأَمرين أَيَّهما يَرْكَب. تُميِّتْه: تُذَلِّله
المَشورات وقولُ الناس أَين تَذْهَب.
والمُعادَلَةُ: الشَّكُّ في أَمرين، يقال: أَنا في عِدالٍ من هذا الأَمر
أَي في شكٍّ منه: أَأَمضي عليه أَم أَتركه. وقد عادلْت بين أَمرين
أَيَّهما آتي أَي مَيَّلْت؛ وقول ذي الرمة:
إِلى ابن العامِرِيِّ إِلى بِلالٍ،
قَطَعْتُ بنَعْفِ مَعْقُلَة العِدالا
قال الأَزهري: العرب تقول قَطَعْتُ العِدالَ في أَمري ومَضَبْت على
عَزْمي، وذلك إِذا مَيَّلَ بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي ثم استقام له الرأْيُ
فعَزَم على أَوْلاهما عنده. وفي حديث المعراج: أُتِيتُ بإِناءَيْن
فَعَدَّلْتُ بينهما؛ يقال: هو يُعَدِّل أَمرَه ويُعادِلهُ إِذا تَوَقَّف بين
أَمرين أَيَّهُما يأْتي، يريد أَنهما كانا عنده مستويَيْنِ لا يقدر على
اختيار أَحدهما ولا يترجح عنده، وهو من قولهم: عَدَل عنه يَعْدِلُ عُدولاً
إِذا مال كأَنه يميل من الواحد إِلى الآخر؛ وقال المَرَّار:
فلما أَن صَرَمْتُ، وكان أَمْري
قَوِيماً لا يَمِيلُ به الــعُدولُ
قال: عَدَلَ عَنِّي يَعْدِلُ عُدُولاً لا يميل به عن طريقه المَيْلُ؛
وقال الآخر:
إِذا الهَمُّ أَمْسى وهو داءٌ فأَمْضِه،
ولَسْتَ بمُمْضيه، وأَنْتَ تُعادِلُه
قال: معناه وأَنتَ تَشُكُّ فيه. ويقال: فلان يعادِل أَمرَه عِدالاً
ويُقَسِّمُه أَي يَميل بين أَمرين أَيَّهُما يأْتي؛ قال ابن الرِّقاع:
فإِن يَكُ في مَناسِمها رَجاءٌ،
فقد لَقِيَتْ مناسِمُها العِدالا
أَتَتْ عَمْراً فلاقَتْ من نَداه
سِجالَ الخير؛ إِنَّ له سِجالا
والعِدالُ: أَن يقول واحدٌ فيها بقيةٌ، ويقولَ آخرُ ليس فيها بقيةٌ.
وفرسٌ مُعْتَدِلُ الغُرَّةِ إِذا توَسَّطَتْ غُرَّتُه جبهتَهُ فلم تُصِب
واحدةً من العينين ولم تَمِلْ على واحدٍ من الخدَّين، قاله أَبو عبيدة.
وعَدَلَ الفحلَ عن الضِّراب فانْعَدَلَ: نحَّاه فتنحَّى؛ قال أَبو
النجم:وانْعَدلَ الفحلُ ولَمَّا يُعْدَل
وعَدَلَ الفحلُ عن الإِبل إِذا تَرَك الضِّراب. وعَدَلَ بالله يَعْدِلْ:
أَشْرَك. والعادل: المُشْرِكُ الذي يَعْدِلُ بربِّه؛ ومنه قول المرأَة
للحَجَّاج: إِنك لقاسطٌ عادِلٌ؛ قال الأَحمر: عَدَلَ الكافرُ بربِّه
عَدْلاً وعُدُولاً إِذا سَوَّى به غيرَه فعبَدَهُ؛ ومنه حديثُ ابن عباس، رضي
الله عنه: قالوا ما يُغْني عنا الإِسلامُ وقد عَدَلْنا بالله أَي
أَشْرَكْنا به وجَعَلْنا له مِثْلاً؛ ومنه حديث عليّ، رضي الله عنه: كَذَبَ
العادِلون بك إِذ شَبَّهوك بأَصنامهم.
وقولُهم للشيء إِذا يُئِسَ منه: وُضِعَ على يَدَيْ عَدْلٍ؛ هو العَدْلُ
بنُ جَزْء بن سَعْدِ العَشِيرة وكان وَليَ شُرَطَ تُبَّع فكان تُبَّعٌ
إِذا أَراد قتل رجل دفَعَه إِليه، فقال الناس: وُضِعَ على يَدَي عَدْلٍ، ثم
قيل ذلك لكل شيء يُئِسَ منه.
وعَدَوْــلى: قريةٌ بالبحرين، وقد نَفَى سيبويه فَعَولى فاحتُجَّ عليه
بــعَدَوْــلى فقال الفارسي: أَصلها عَدَوْــلاً، وإِنما تُرك صرفُه لأَنه جُعل
اسماً للبُقْعة ولم نسمع نحن في أَشعارهم عَدَوْــلاً مصروفاً.
والــعَدَوْــلِيَّةُ في شعر طَرَفَةَ: سُفُنٌ منسوبة إِلى عَدَوْــلى؛ فأَما
قول نَهْشَل بن حَرِّيّ:
فلا تأْمَنِ النَّوْكَى، وإِن كان دارهُمُ
وراءَ عَدَوْــلاتٍ، وكُنْتَ بقَيْصَرا
فزعم بعضهم أَنه بالهاء ضرورة، وهذا يُؤَنِّس بقول الفارسي، وأَما ابن
الأَعرابي فقال: هي موضع وذهب إِلى أَن الهاء فيها وضْعٌ، لا أَنه أَراد
عَدَوْــلى، ونظيره قولهم قَهَوْباةُ للنَّصْل العريض. قال الأَصمعي:
الــعَدَوْــلِيُّ من السُّفُن منسوب إِلى قرية بالبحرين يقال لها عَدَوْــلى، قال:
والخُلُجُ سُفُنٌ دون الــعَدَوْــلِيَّة؛ وقال ابن الأَعرابي في قول
طَرَفة:عَدَوْــلِيَّة أَو من سَفين ابن نَبْتَل
(* قوله «نبتل» كذا في الأصل والتهذيب، والذي في التكملة: يا من؛
وتمامه:يجوز بها الملاح طورا ويهتدي).
قال: نسبها إِلى ضِخَم وقِدَم، يقول هي قديمة أَو ضَخْمة، وقيل:
الــعَدَوْــليَّة نُسبَتْ إِلى موضع كان يسمى عَدَوْــلاة وهي بوزن فَعَوْلاة، وذكر
عن ابن الكلبي أَنه قال: عَدَوْــلى ليسوا من ربيعةَ ولا مُضر ولا ممن
يُعْرَفُ من اليمن إِنما هم أُمَّةٌ على حِدَة؛ قال الأَزهري: والقولُ في
الــعَدَوْــليَّ ما قاله الأَصمعي. وشجر عَدَوْــلِيٌّ: قديمٌ، واحدته
عَدَوْــلِيَّة؛ قال أَبو حنيفة: الــعَدَوْــليُّ القديمُ من كل شيء؛ وأَنشد
غيره:عليها عَدَوْــلِيُّ الهَشِيم وصامِلُه
ويروى: عَدامِيل الهَشيم يعني القديمَ أَيضاً. وفي خبر أَبي العارم:
فآخُذُ في أَرْطًى عَدَوْــلِيٍّ عُدْمُلِيٍّ. والــعَدَوْــلِيُّ: المَلاَّح. ابن
الأَعرابي: يقال لزوايا البيت المُعَدَّلات والدَّراقِيع والمُرَوَّيات
والأَخْصام والثَّفِنات، وروى الأَزهري عن الليث: المُعْتَدِلةُ من النوق
الحَسَنة المُثَقَّفَة الأَعضاء بعضها ببعض، قال: وروى شَمِر عن مُحارِب
قال: المُعْتَدِلة مِن النوق، وجَعَله رُباعيّاً من باب عَندَل، قال
الأَزهري: والصواب المعتدلة، بالتاء، وروى شمر عن أَبي عدنانَ الكناني
أَنشده:
وعَدَلَ الفحلُ، وإِن لم يُعْدَلِ،
واعْتَدَلَتْ ذاتُ السَّنام الأَمْيَلِ
قال: اعتدالُ ذات السَّنامِ الأَمْيلِ استقامةُ سَنامها من السِّمَن
بعدما كان مائلاً؛ قال الأَزهري: وهذا يدل على أَن الحرف الذي رواه شمر عن
محارب في المُعَنْدِلة غيرُ صحيح، وأَن الصوابَ المُعْتَدِلة لأَن الناقة
إِذا سَمِنَت اعْتَدَلَتْ أَعضاؤها كلُّها من السَّنام وغيره،
ومُعَنْدِلة من العَنْدَل وهو الصُّلْبُ الرأْس، وسيأْتي ذكره في موضعه، لأَن
عَنْدَل رُباعيٌّ خالص.
ربأ: رَبَأَ القومَ يَرْبَؤُهم رَبْأً، وربَأَ لَهم: اطَّلَعَ لهم على شَرَفٍ. ورَبأْتُهم وارْتَبأْتُهم أَي رَقَبْتُهم، وذلك إِذا كنت لهم طَلِيعةً فوق شَرَفٍ. يقال: رَبَأَ لنا فلان وارْتبأَ إِذا اعْتانَ.
والرَّبِيئةُ: الطَّلِيعةُ، وإِنما أَنَّثوه لأَن الطَّلِيعةَ يقال له العين إِذ بعَيْنهِ ينْظُرُ والعين مؤنثة. وإِنما قيل له عَيْن لأَنه يَرْعَى أُمُورهم ويَحْرُسُهم.
وحكى سيبويه في العين الذي هو الطَّلِيعة: أَنه يذكَّر ويؤَنث، فيقال رَبِيءٌ ورَبِيئةٌ. فمن أَنَّث فعلى الأَصل، ومن ذكَّر فعلى أَنه قد نقل من الجزءِ إِلى الكل، والجمعُ: الرَّبايا.
وفي الحديث: مَثَلِي ومَثَلُكُم كرجلٍ ذَهب يَرْبَأُ أَهلَه أَي يَحْفَظُهم من عَدُوِّــهم.
والاسم: الرَّبِيئةُ، وهو العين، والطَّلِيعةُ الذي ينظر للقوم لئلا
يَدْهَمَهُم عدُوّ، ولا يكون إِلاّ على جبل أَو شَرَف ينظر منه.
وارْتَبَأْتُ الجبلَ: صَعِدْتُه.
والمِرْبَأُ والـمَرْبَأُ، موضع الرَّبِيئةِ. التهذيب: الرَّبيئةُ: عَين
القوم الذي يَربَأُ لهم فوقِ مِرْبَإٍ من الأرَض، ويَرْتَبِئُ أَي يقُوم
هنالك. الـمَرْباءُ: الـمَرْقاة. عن ابن الأَعرابي، هكذا حكاه بالمدّ وفتح أَوله، وأَنشد:
كأَنَّها صَقْعاءُ في مَرْبائِها
قال ثعلب: كسرُ مرباءَ أَجود وفَتحُه لم يأْت مِثْله. ورَبَأَ
وارْتَبَأَ: أَشرف. وقال غَيْلانُ الرَّبعي:
قد أَغْتَدِي، والطيرُ فَوْقَ الأَصْواءْ، * مُرْتَبِئاتٍ، فَوْقَ أَعْلَى العَلْياءْ
ومَرْبأَةُ البازِي: مَنارةٌ يَرْبَأُ عليها، وقد خفف الراجز همزها
فقال:
باتَ، عَلَى مَرْباتِه، مُقَيَّدا
ومَرْبأَةُ البازي: الموضِعُ الذي يُشرِفُ عليه. ورَابَأَهم: حارَسَهم.
ورَابَأْتُ فلاناً إِذا حارَسْتَه وحارَسَكَ.
ورَابأَ الشيءَ: راقَبَه.
والـمَرْبَأَةُ: الـمَرْقَبَةُ، وكذلك الـمَرْبَأُ والـمُرْتَبَأُ. ومنه قيل لمكان البازي الذي يَقِفُ فيه: مَرْبأٌ. ويقال: أَرض لا رِباءَ فيها ولا وِطاءَ، مـمدودان.
ورَبَأْتُ المرأَةَ وارْتَبَأْتُها أَي عَلَوْتُها. وَرَبَأْتُ بِكَ عن كذا وكذا أَرْبَأُ رَبْأً: رَفَعْتُكَ. ورَبَأْتُ بك أَرْفَعَ الأَمرِ: رَفَعْتك، هذه عن ابن جني ويقال: إِنِّي لأَرْبَأُ بك عن ذلك الأَمْرِ أَي أَرْفَعُكَ عنه. ويقال: ما عَرَفْتُ فلاناً حتى أَرْبَأَ لِي أَي أَشْرَفَ لي.
ورابَأْتُ الشيءَ ورَابَأْتُ فلاناً: حَذِرْته واتَّقَيْتُه. ورابَأَ الرجلَ: اتَّقاه، وقال البَعِيثُ:
فَرَابَأْتُ، واسْتتْمَمْتُ حَبْلاً عَقَدْته * إِلى عَظَماتٍ، مَنْعُها الجارَ مُحْكَمُ
ورَبَأَتِ الأَرضُ رَباءً: زكَتْ وارْتَفَعَتْ. وقُرئَ: فإِذا أَنْزَلْنا عَلَيها الماءَ اهْتَزَّتْ ورَبَأَتْ أَي ارْتَفَعَتْ.
وقال الزجاج: ذلك لأَنَّ النَّبْت إِذا هَمَّ أَن يَظْهَرَ ارْتَفَعَتْ له الأَرضُ. وفَعَلَ به فِعْلاً ما رَبَأَ رَبْأَه أَي ما علم ولا شَعَرَ به ولا تَهيَّأَ له ولا أَخَذَ أُهْبَته ولا أَبَهَ لَه ولا اكْتَرَثَ له. ويقال: ما رَبَأْتُ رَبْأَه وما مَأَنْتُ مَأْنَه أَي لم أُبالِ به ولم أَحتَفِل له.
وربَؤُوا له: جَمَعوا له من كل طعام، لبنٍ وتَمْرٍ وغيره.
وجاءَ يَرْبَأُ في مِشْيَته أَي يَتَثاقَل.
قدر: القَدِيرُ والقادِرُ: من صفات الله عز وجل يكونان من القُدْرَة
ويكونان من التقدير. وقوله تعالى: إِن الله على كل شيء قدير؛ من القُدْرة، فالله
عز وجل على كل شيء قدير، والله سبحانه مُقَدِّرُ كُلِّ شيء وقاضيه. ابن
الأَثير: في أَسماء الله تعالى القادِرُ والمُقْتَدِرُ والقَدِيرُ، فالقادر اسم
فاعل من قَدَرَ يَقْدِرُ، والقَدِير فعيل منه، وهو للمبالغة، والمقتدر
مُفْتَعِلٌ من اقْتَدَرَ، وهو أَبلغ.
التهذيب: الليث: القَدَرُ القَضاء المُوَفَّقُ. يقال: قَدَّرَ الإِله
كذا تقديراً، وإِذا وافق الشيءُ الشيءَ قلت: جاءه قَدَرُه. ابن سيده:
القَدْرُ والقَدَرُ القضاء والحُكْم، وهو ما يُقَدِّره الله عز وجل من القضاء
ويحكم به من الأُمور. قال الله عز وجل: إِنا أَنزلناه في ليلة القَدْرِ؛ أَي
الحُكْمِ، كما قال تعالى: فيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمر حكيم؛ وأَنشد الأَخفش
لهُدْبَة بنِ خَشْرَمٍ:
أَلا يا لَقَوْمي للنوائبِ والقَدْرِ
وللأَمْرِ يأْتي المَرءَ من حيثُ لا يَدْري
وللأَرْض كم من صالح قد تَوَدَّأَتْ
عليه، فَوَارَتْهُ بلَمَّاعَةٍ قَفْرِ
فلا ذَا جَلالٍ هِبْنَهُ لجَلالِه،
ولا ذا ضَياعٍ هُنَّ يَتْرُكْنَ للفَقْرِ
تودّأَت عليه أَي استوت عليه. واللماعة: الأَرض التي يَلْمع فيها
السَّرابُ. وقوله: فلا ذا جَلال انتصب ذا بإِضمار فعل يفسره ما بعده أَي فلا
هِبْنَ ذا جَلال، وقوله: ولا ذا ضَياع منصوب بقوله يتركن. والضَّياعُ، بفتح
الضاد: الضَّيْعَةُ، والمعنى أَن المنايا لا تَغْفُلُ عن أَحد، غنيّاً
كان أَو فقيراً، جَليلَ القَدْر كان أَو وضيعاً. وقوله تعالى: ليلةُ القدر
خير من أَلف شهر؛ أَي أَلف شهر ليس فيها ليلة القدر؛ وقال الفرزدق:
وما صَبَّ رِجْلي في حديدِ مُجاشِعٍ،
مَعَ القَدْرِ، إِلا حاجَةٌ لي أُرِيدُها
والقَدَرُ: كالقَدْرِ، وجَمْعُهما جميعاً أَقْدار. وقال اللحياني:
القَدَرُ الاسم، والقَدْرُ المصدر؛ وأَنشد
كُلُّ شيء حتى أَخِيكَ مَتاعُ؛
وبِقَدْرٍ تَفَرُّقٌ واجْتِماعُ
وأَنشد في المفتوح:
قَدَرٌ أَحَلَّكَ ذا النخيلِ، وقد أَرى،
وأَبيكَ، ما لَكَ، ذُو النَّخيلِ بدارِ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده بالفتح والوزن يقبل الحركة والسكون. وفي
الحديث ذكر ليلة القدر، وهي الليلة التي تُقَدَّر فيها الأَرزاقُ وتُقْضى.
والقَدَرِيَّةُ: قوم يَجْحَدُون القَدَرَ، مُوَلَّدةٌ. التهذيب:
والقَدَرِيَّة قوم ينسبون إِلى التكذيب بما قَدَّرَ اللهُ من الأَشياء، وقال بعض
متكلميهم: لا يلزمنا هذا اللَّقَبُ لأَنا ننفي القَدَرَ عن الله عز وجل
ومن أَثبته فهو أَولى به، قال: وهذا تمويه منهم لأَنهم يثبتون القَدَرَ
لأَنفسهم ولذلك سموا؛ وقول أَهل السنَّة إِن علم الله سبق في البشر
فَعَلِم كفْرَ مَن كَفَر منهم كما عَلِم إِيمان مَن آمن، فأَثبت علمه السابق في
الخلق وكتبه، وكلُّ ميسر لما خلق له وكتب عليه. قال أَبو منصور: وتقدير
الله الخلق تيسيره كلاًّ منهم لما علم أَنهم صائرون إِليه من السعادة
والشقاء، وذلك أَنه علم منهم قبل خلقه إِياهم، فكتب علمه الأَزليّ السابق
فيهم وقَدَّره تقديراً؛ وقَدَرَ الله عليه ذلك يَقْدُرُه ويَقْدِرُه
قَدْراً وقَدَراً، وقَدَّره عليه وله؛ وقوله:
من أَيّ يَوْمَيَّ من الموتِ أَفِرّ:
أَيَومَ لم يُقْدَرَ أَمْ يومَ قُدِرْ؟
فإِنه أَراد النون الخفيفة ثم حذفها ضرورة فبقيت الراء مفتوحة كأَنه
أَراد: يُقْدَرَنْ، وأَنكر بعضهم هذا فقال: هذه النون لا تحذف إِلا لسكون ما
بعدها ولا سكون ههنا بعدها؛ قال ابن جني: والذي أَراه أَنا في هذا وما
علمت أَن أَحداً من أَصحابنا ولا غيرهم ذكره، ويشبه أَن يكونوا لم يذكروه
للُطْفِه، هو أَنْ يكون أَصله أَيوم لم يُقْدَرْ أَم بسكون الراء للجزم،
ثم أَنها جاوَرَتِ الهمزة المفتوحة وهي ساكنة، وقد أَجرت العرب الحرف
الساكن إِذا جاور الحرف المتحرّك مجرى المتحرك، وذلك قولهم فيما حكاه سيبويه
من قول بعض العرب: الكَماةُ والمَراة، يريدون الكَمْأَةَ والمَرْأَةَ
ولكن الميم والراء لما كانتا ساكنتين، والهمزتان بعدهما مفتوحتان، صارت
الفتحتان اللتان في الهمزتين كأَنهما في الراء والميم، وصارت الميم والراء
كأَنهما مفتوحتان، وصارت الهمزتان لما قدّرت حركاتهما في غيرهما كأَنهما
ساكنتان، فصار التقدير فيهما مَرَأْةٌ وكَمَأْةٌ، ثم خففتا فأُبدلت
الهمزتان أَلفين لسكونهما وانفتاح ما قبلهما، فقالوا: مَرَاةٌ وكَماةٌ، كما
قالوا في رأْس وفأْس لما خففتا: راس وفاس، وعلى هذا حمل أَبو علي قول عبد
يَغُوثَ:
وتَضْحَكُ مِنّي شَيْخَةٌ عَبْشَمِيَّةٌ،
كَأَنْ لم تَرَا قَبْلي أَسيراً يمَانِيا
قال: جاء به على أَن تقديره مخففاً كأَن لم تَرْأَ، ثم إِن الراء
الساكنة لما جاورت الهمزة والهمزة متحرّكة صارت الحركة كأَنها في التقدير قبل
الهمزة واللفظُ بها لم تَرَأْ، ثم أَبدل الهمزة أَلفاً لسكونها وانفتاح ما
قبلها فصارت تَرا، فالأَلف على هذا التقدير بدل من الهمزة التي هي عين
الفعل، واللام محذوفة للجزم على مذهب التحقيق، وقَوْلِ من قال: رَأَى
يَرْأَى، وقد قيل: إِن قوله ترا، على الخفيف السائغ، إِلا أَنه أَثبت الأَلف
في موضع الجزم تشبيهاً بالياء في قول الآخر:
أَلم يأْتيك، والأَنباءُ تَنْمِي،
بما لاقَتْ لَبُونُ بني زِيادِ؟
ورواه بعضهم أَلم يأْتك على ظاهر الجزْم؛ وأَنشده أَبو العباس عن أَبي
عثمان عن الأَصمعي:
أَلا هلَ تاكَ والأَنباءُ تَنْمِي
وقوله تعالى: إِلا امرأَته قَدَّرْنا أَنها لمن الغابرين؛ قال الزجاج:
المعنى علمنا أَنها لمن الغابرين، وقيل: دَبَّرنا أنها لمن الغابرين أَي
الباقين في العذاب. ويقال: اسْتَقْدِرِ اللهَ خيراً، واسْتَقْدَرَ اللهَ
خَيْراً سأَله أَن يَقْدُرَ له به؛ قال:
فاسْتَقْدِرِ اللهَ خيراً وارضَيَنَّ به،
فبَيْنَما العُسْرُ إِذ دارتْ مَياسِيرُ
وفي حديث الاستخارة: اللهم إِني أَسْتَقْدِرُكَ بقُدْرَتك أَي أَطلب منك
أَن تجعل لي عليه قُدْرَةً.
وقَدَرَ الرزقَ يَقْدِرُهُ: قَسَمه. والقَدْرُ والقُدْرَةُ
(* قوله«
والقدر والقدرة إلخ» عبارة القاموس: والقدر الغنى واليسار والقوة كالقدرة
والمقدرة مثلثة الدال والمقدار والقدارة والقدورة والقدور بضمهما والقدران
بالكسر والقدار ويكسر والاقتدار والفعل كضرب ونصر وفرح.) والمِقْدارُ:
القُوَّةُ؛ وقَدَرَ عليه يَقْدِرُ ويَقْدُرُ وقَدِرَ، بالكسر، قُدْرَةً
وقَدارَةً وقُدُورَةً وقُدُوراً وقِدْراناً وقِداراً؛ هذه عن اللحياني، وفي
التهذيب: قَدَراناً، واقْتَدَرَ وهو قادِرٌ وقَدِيرٌ وأَقْدَرَه اللهُ
عليه، والاسم من كل ذلك المَقْدَرَة والمَقْدُرَة والمَقْدِرَةُ. ويقال: ما
لي عليك مَقْدُرَة ومَقْدَرَة ومَقْدِرَة أَي قُدْرَة. وفي حديث عثمان،
رضي الله عنه: إِنَّ الذَّكاة في الحَلْقِ واللَّبَّة لمن قَدَرَ
(*
قوله« لمن قدر» أي لمن كانت الذبيحة في يده مقدر على ايقاع الذكاة بهذين
الموضعين، فاما إذا ندت البهيمة فحكمها حكم الصيد في أن مذبحه الموضع الذي
أصاب السهم او السيف، كذا بهامش النهاية.) أَي لمن أَمكنه الذبْحُ فيهما،
فأَما النَّادُّ والمُتَرَدِّي فأَيْنَ اتَّفَقَ من جسمهما؛ ومنه قولهم:
المَقْدُِرَةُ تُذْهِبُ الحَفِيظَةَ. والاقتدارُ على الشيء: القُدْرَةُ
عليه، والقُدْرَةُ مصدر قولك قَدَرَ على الشيء قُدْرَة أَي مَلَكه، فهو
قادِرٌ وقَدِيرٌ. واقْتَدَرَ الشيءَ: جعله قَدْراً. وقوله: عند مَلِيكٍ
مُقْتَدِرٍ؛ أَي قادِرٍ. والقَدْرُ: الغِنى واليَسارُ، وهو من ذلك لأَنه
كُلَّه قُوَّةٌ.
وبنو قَدْراء: المَياسيرُ. ورجل ذو قُدْرَةٍ أَي ذو يَسارٍ. ورجل ذو
مَقْدُِرَة أَي ذو يسار أَيضاً؛ وأَما من القَضاء والقَدَرِ فالمَقدَرَةُ،
بالفتح، لا غير؛ قال الهُذَليّ:
وما يَبْقَى على الأَيّامِ شَيءٌ،
فيا عَجَباً لمَقْدَرَةِ الكتابِ
وقدْرُ كل شيء ومِقْدارُه: مِقْياسُه. وقَدَرَ الشيءَ بالشيء يَقْدُرُه
قَدْراً وقَدَّرَه: قاسَه. وقادَرْتُ الرجل مُقادَرَةً إِذا قايسته وفعلت
مثل فعله. التهذيب: والتقدير على وجوه من المعاني: أَحدها التروية
والتفكير في تسوية أَمر وتهيئته، والثاني تقديره بعلامات يقطعه عليها، والثالث
أَن تَنْوِيَ أَمراً بِعَقْدِك تقول: قَدَّرْتُ أَمر كذا وكذا أَي
نويتُه وعَقَدْتُ عليه. ويقال: قَدَرْتُ لأَمْرِ كذا أَقْدِرُ له وأَقْدُرُ
قَدْراً إِذا نظرت فيه ودَبَّرْتَه وقايسته؛ ومنه قول عائشة، رضوان الله
عليها: فاقْدُرُوا قَدْرَ الجاريةِ الحديثة السِّنِّ المستهيئة للنظر أَي
قَدِّرُوا وقايسوا وانظروه وافْكِرُوا فيه. شمر: يقال قَدَرْتُ أَي هيأْت
وقَدَرْتُ أَي أَطَقْتُ وقَدَرْتُ أَي مَلَكْتُ وقَدَرْتُ أَي وَقَّتُّ؛
قال لبيد:
فَقَدَرْتُ للوِرْدِ المُغَلِّسَ غُدْوَةً،
فَوَرَدْتُ قبل تَبَيُّنِ الأَلْوانِ
وقال الأَعشى:
فاقْدُرْ بذَرْعِكَ ببنَنا،
إِن كنتَ بَوَّأْتَ القَدارَهْ
بَوَّأْتَ: هَيَّأْتَ. قال أَبو عبيدة: اقْدُر بذَرْعِك بيننا أَي
أَبْصِرْ واعْرِفْ قَدْرَك. وقوله عز وجل: ثم جئتَ على قَدَرٍ يا موسى؛ قيل في
التفسير: على مَوْعدٍ، وقيل: على قَدَرٍ من تكليمي إِياك؛ هذا عن
الزجاج. وقَدَرَ الشيءَ: دَنا له؛ قال لبيد:
قلتُ: هَجِّدْنا، فقد طال السُّرَى،
وقَدَرْنا إِنْ خَنى الليل غَفَلْ
وقَدَر القومُ أَمرهم يَقْدِرُونه قَدْراً: دَبَّروه وقَدَرْتُ عليه
الثوبَ قدراً فانْقَدَر أَي جاءَ على المِقْدار. ويقال: بين أَرضك وأَرض
فلان ليلة قادرة إِذا كانت لينة السير مثل قاصدةٍ ورافِهةٍ؛ عن يعقوب.
وقَدَرَ عليه الشيءَ يَقْدِرُه ويَقْدُره قَدْراً وقَدَراً وقَدَّرَه:
ضَيَّقه؛ عن اللحياني. وفي التنزيل العزيز: على المُوسِعِ قَدَرُه وعلى
المُقْتِرِ قَدَرُه؛ قال الفراء: قرئ قَدَرُه وقَدْرُه، قال: ولو نصب كان صواباً
على تكرر الفعل في النية، أَي ليُعْطِ المُوسِعُ قَدْرَه والمُقْتِرُ
قَدْرَه؛ وقال الأخفش: على الموسع قدره أَي طاقته؛ قال الأَزهري: وأَخبرني
المنذري عن أَبي العباس في وقوله على المُقْتِر قَدَرُه وقَدْرُه، قال:
التثقيل أَعلى اللغتين وأَكثر، ولذلك اختير؛ قال: واختار الأَخفش التسكين،
قال: وإِنما اخترنا التثقيل لأَنه اسم، وقال الكسائي: يقرأُ بالتخفيف
والتثقيل وكلٌّ صواب، وقال: قَدَرَ وهو يَقْدِر مَقْدِرة ومَقْدُرة
ومَقْدَرَة وقِدْراناً وقَدَاراً وقُدْرةً، قال: كل هذا سمعناه من العرب، قال:
ويَقْدُر لغة أُخرى لقوم يضمون الدال فيها، قال: وأَما قَدَرْتُ الشيء
فأَنا أَقْدِرُه، خفيف، فلم أَسمعه إِلا مكسوراً، قال: وقوله: وما قَدَروا
اللهَ حَقَّ قَدْرِه؛ خفيفٌ ولو ثُقِّلَ كان صواباً، وقوله: إِنَّا كلَّ
شيء خلقناه بِقَدَرٍ، مُثَقَّلٌ، وقوله: فسالتْ أَوديةٌ بقدَرها؛
مُثَقَّلٌ ولو خفف كان صواباً؛ وأَنشد بيت الفرزدق أَيضاً:
وما صَبَّ رِجْلِي في حَدِيدِ مُجاشِعٍ،
مع القَدْر، إِلا حاجةٌ لي أُرِيدُها
وقوله تعالى: فَظَنَّ أَن لن نَقْدِرَ عليه؛ يفسر بالقُدرة ويفسر
بالضِّيق، قال الفراء في قوله عز وجل: وذا النُّون إِذ ذهب مُغاضِباً فظنَّ أَن
لن نَقْدِرَ عليه؛ قال الفراء: المعنى فظن أَن لن نَقْدِرَ عليه من
العقوبة ما قَدَرْنا. وقال أَبو الهيثم: روي أَنه ذهب مغاضباً لقومه، وروي
أَنه ذهب مغاضباً لربه، فأَما من اعتقد أَن يونس، عليه السلام، ظن أَن لن
يقدر الله عليه فهو كافر لأَن من ظن ذلك غير مؤمن، ويونس، عليه السلام،
رسول لا يجوز ذلك الظن عليه. فآل المعنى: فظن أَن لن نَقْدِرَ عليه
العقوبة، قال: ويحتمل أَن يكون تفسيره: فظن أَن لن نُضَيِّقَ عليه، من قوله
تعالى: ومن قُدِرَ عليه رزقَه؛ أَي ضُيِّقَ عليه، قال: وكذلك قوله: وأَما
إِذا ما ابتلاه فَقَدَر عليه رزقه؛ معنى فَقَدَر عليه فَضَيَّقَ عليه، وقد
ضيق الله على يونس، عليه السلام، أَشدَّ تَضْيِيق ضَيَّقَه على مُعَذَّب
في الدنيا لأَنه سجنه في بطن حوت فصار مَكْظُوماً أُخِذَ في بَطْنِه
بكَظَمِهِ؛ وقال الزجاج في قوله: فظن أَن لن نُقْدِرَ عليه؛ أَي لن نُقَدِّرَ
عليه ما قَدَّرنا من كونه في بطن الحوت، قال: ونَقْدِرُ بمعنى
نُقَدِّرُ، قال: وقد جاء هذا في التفسير؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو إِسحق
صحيح، والمعنى ما قَدَّرَه الله عليه من التضييق في بطن الحوت، ويجوز
أَن يكون المعنى لن نُضَيِّق عليه؛ قال: وكل ذلك شائع في اللغة، والله
أَعلم بما أَراد. فأَما أَن يكون قوله أَن لن نَقْدِرَ عليه من القدرة فلا
يجوز، لأَن من ظن هذا كفر، والظن شك والشك في قدرة الله تعالى كفر، وقد عصم
الله أَنبياءه عن مثل ما ذهب إِليه هذا المُتَأَوِّلُ، ولا يَتَأَوَّلُ
مثلَه إِلا الجاهلُ بكلام العرب ولغاتها؛ قال الأَزهري: سمعت
المُنْذِرِيَّ يقول: أَفادني ابن اليَزيديّ عن أَبي حاتم في قوله تعالى: فظن أَن لن
نقدر عليه؛ أَي لن نضيق عليه، قال: ولم يدر الأَخفش ما معنى نَقْدِر وذهب
إِلى موضع القدرة إِلى معنى فظن أَن يَفُوتَنَا ولم يعلم كلام العرب حتى
قال: إِن بعض المفسرين قال أَراد الاستفهام، أَفَظَنَّ أَن لن نَقْدِرَ
عليه، ولو علم أَن معنى نَقْدِر نُضَيِّق لم يخبط هذا الخبط، قال: ولم
يكن عالماً بكلام العرب، وكان عالماً بقياس النحو؛ قال: وقوله: من قُدِرَ
عليه رِزْقُه؛ أَي ضُيِّقَ عليه عِلْمُه، وكذلك قوله: وأَما إِذا ما
ابتلاه فَقَدَرَ عليه رِزْقَه؛ أَي ضَيَّقَ. وأَما قوله تعالى: فَقَدَرْنا
فنِعْمَ القادِرُون، فإِن الفراء قال: قرأَها عليّ، كرم الله وجهه،
فَقَدَّرْنا، وخففها عاصم، قال: ولا يبعد أَن يكون المعنى في التخفيف والتشديد
واحداً لأَن العرب تقول: قُدِّرَ عليه الموتُ وقُدِرَ عليه الموتُ، وقُدِّر
عليه وقُدِرَ، واحتج الذين خففوا فقالوا: لو كانت كذلك لقال: فنعم
المُقَدِّرون، وقد تجمع العربُ بين اللغتين. قال الله تعالى: فَمَهِّلِ
الكافرين أَمْهِلْهُم رُوَيْداً. وقَدَرَ على عياله قَدْراً: مثل قَتَرَ.
وقُدِرَ على الإِنسان رِزْقُه قَدْراً: مثل قُتِرَ؛ وقَدَّرْتُ الشيء
تَقْدِيراً وقَدَرْتُ الشيء أَقْدُرُه وأَقْدِرُه قَدْراً من التقدير. وفي الحديث
في رؤية الهلال: صوموا لرؤيته وأَفطروا لرؤيته فإِن غُمَّ عليكم
فاقْدُرُوا له، وفي حديث آخر: فإِن غم عليكم فأَكملوا لعِدَّة؛ قوله: فاقْدُرُوا
له أَي قَدِّرُوا له عَدَدَ الشهر حتى تكملوه ثلاثين يوماً، واللفظان
وإن اختلفا يرجعان إِلى معنى واحد؛ وروي عن ابن شريح أَنه فسر قوله
فاقْدُرُوا له أَي قَدِّرُوا له منازلَ القمر فإِنها تدلكم وتبين لكم أَن الشهر
تسع وعشرون أَو ثلاثون، قال: وهذا خطاب لمن خصه الله تعالى بهذا العلم؛
قال: وقوله فأَكْمِلُوا العِدَّة خطاب العامَّة التي لا تحسن تقدير
المنازل، وهذا نظير النازلة تنزل بالعالِمِ الذي أَمر بالاجتهاد فيها وأَن لا
يُقَلِّدَ العلماء أَشكال النازلة به حتى يتبين له الصوب كما بان لهم،
وأَما العامة التي لا اجتهاد لها فلها تقليد أَهل العلم؛ قال: والقول الأَول
أَصح؛ وقال الشاعر إِياس بن مالك بن عبد الله المُعَنَّى:
كِلا ثَقَلَيْنا طامعٌ بغنِيمةٍ،
وقد قَدَر الرحمنُ ما هو قادِرُ
فلم أَرَ يوماً كانَ أَكثَرَ سالِباً
ومُسْتَلَباً سِرْبالَه لا يُناكِرُ
وأَكثَرَ مِنَّا يافِعاً يَبْتَغِي العُلى،
يُضارِبُ قِرْناً دارِعاً، وهو حاسِرُ
قوله: ما هو قادرُ أَي مُقَدِّرٌ، وثَقَلُ الرجل، بالثاء: حَشَمه ومتاع
بيته، وأَراد بالثَّقَل ههنا النساء أَي نساؤنا ونساؤهم طامعات في ظهور
كل واحد من الحَيَّيْنِ على صاحبه والأَمر في ذلك جار على قدر الرحمن.
وقوله: ومُسْتَلَباً سِرْبالَه لا يُناكِرُ أَي يُسْتَلَبُ سِرْبالَه وهو لا
يُنْكِرُ ذلك لأَنه مصروع قد قتل، وانتصب سرباله بأَنه مفعول ثان
لمُسْتَلَب، وفي مُسْتَلَب ضمير مرفوع به، ومن رفع سرباله جعله مرتفعاً به ولم
يجعل فيه ضميراً. واليافع: المُتَرَعْرِعُ الداخلُ في عَصْرِ شبابه.
والدارع: اللابس الدرع. والحاسر: الذي لا درع عليه.
وتَقَدَّر له الشيءُ أَي تهيأَ. وفي حديث الاستخارة: فاقْدُرْه لي
ويَسِّرْه عليّ أَي اقض لي به وهيئه. وقَدَرْتُ الشيء أَي هيأْته.
وقَدْرُ كل شيء ومِقْداره: مَبْلَغُه. وقوله تعالى: وما قَدَرُوا اللهَ
حَقَّ قَدْرِه؛ أَي ما عظموا الله حق تعظيمه، وقال الليث: ما وَصَفوه حق
صِفَتِه، والقَدَرُ والقَدْرُ ههنا بمعنى واحد، وقَدَرُ الله وقَدْرُه
بمعنًى، وهو في الأَصل مصدر.
والمِقْدارُ: الموتُ. قال الليث: المِقْدارُ اسم القَدْر إِذا بلغ
العبدُ المِقْدارَ مات؛ وأَنشد:
لو كان خَلْفَك أَو أَمامَك هائِباً
بَشَراً سِواكَ، لَهابَك المِقْدارُ
يعني الموت. ويقال: إِنما الأَشياء مقاديرُ لكل شيء مِقْدارٌ داخل.
والمِقْدار أَيضاً: هو الهِنْداز، تقول: ينزل المطر بمِقْدار أَي بقَدَرٍ
وقَدْرٍ، وهو مبلغ الشيء. وكل شيء مُقْتَدِرٌ، فهو الوَسَطُ. ابن سيده:
والمُقْتَدِر الوسط من كل شيء. ورجل مُقْتَدِرُ الخَلْق أَي وَسَطُه ليس
بالطويل والقصير، وكذلك الوَعِلُ والظبي ونحوهما. والقَدْرُ: الوسط من الرحال
والسروج ونحوهما؛ تقول: هذا سرجٌ قَدْرٌ، يخفف ويثقل. التهذيب: سَرْجٌ
قادرٌ قاترٌ، وهو الواقي الذي لا يَعْقِرُ، وقيل: هو بين الصغير والكبير.
والقَدَرُ: قِصَرُ العُنُق، قَدِرَ قَدَراً، وهو أَقدرُ؛ والأَقْدَر:
القصير من الرجال؛ قال صَخْرُ الغَيّ يصف صائداً ويذكر وُعُولاً قد وردت
لتشرب الماء:
أَرَى الأَيامَ لا تُبْقِي كريماً،
ولا الوَحْشَ الأَوابِدَ والنَّعاما
ولا عُصْماً أَوابِدَ في صُخُورٍ،
كُسِينَ على فَراسِنِها خِداما
أُتِيحَ لها أُقَيْدِرُ ذو حَشِيفٍ،
إِذا سامتْ على المَلَقاتِ ساما
معنى أُتيح: قُدّر، والضمير في لها يعود على العُصْم. والأُقَيْدِرُ:
أَراد به الصائد. والحَشيف: الثوب الخَلَقُ. وسامت: مَرَّتْ ومضت.
والمُلَقات: جمع مَلَقَةٍ، وهي الصخرة الملساء. والأَوابد: الوحوش التي
تأَبَّدَتْ أَي توحشت. والعُصْمُ: جمع أَعْصَمَ وعَصْماء: الوَعِلُ يكون بذراعيه
بياض. والخِدَام: الخَلاخِيلُ، وأَراد الخطوطَ السُّودَ التي في يديه؛
وقال الشاعر:
رأَوْكَ أُقَيْدِرَ حِنْزَقْرَةً
وقيل: الأَقْدَر من الرجال القصير العنق. والقُدَارُ: الرَّبْعَةُ من
الناس. أَبو عمرو: الأَقْدَرُ من الخَيل الذي إِذا سار وقعت رجلاه مواقع
يديه؛ قال رجل من الأَنصار، وقال ابن بري: هو عَدِيُّ بن خَرَشَةَ
الخَطْمِيُّ:
ويَكْشِفُ نَخْوَةَ المُخْتالِ عَنِّي
جُرَازٌ، كالعَقِيقَةِ، إِن لَقِيتُ
وأَقْدَرُ مُشْرِفُ الصَّهَوَاتِ ساطٍ
كُمَيْتٌ، لا أَحَقُّ ولا شَئِيتُ
النخوة: الكبر. والمختال: ذو الخيلاء. والجراز: السيف الماضي في
الضَّرِيبة؛ شبهه بالعقيقة من البرق في لَمَعانه. والصهوات: جمع صَهْوَة، وهو
موضع اللِّبْدِ من ظهر الفرس. والشئيب: الذي يَقْصُرُ حافرا رجليه عن
حافِرَي يديه بخلاف الأَقْدَرِ. والأَحَقُّ: الذي يُطَبِّقُ حافِرا رجليه
حافِرَيْ يديه، وذكر أَبو عبيد أَن الأَحَقَّ الذي لا يَعْرَقُ، والشَّئيتُ
العَثُور، وقيل: الأَقدر الذي يُجاوِزُ حافرا رجليه مَواقعَ حافِرَيْ
يديه؛ ذكره أَبو عبيد، وقيل: الأَقْدَرُ الذي يضع رجليه حيث ينبغي.
والقِدْرُ: معروفة أُنْثَى وتصغيرها قُدَيْرٌ، بلا هاء على غير قياس.
الأَزهري: القِدْرُ مؤنثة عند جميع العرب، بلا هاء، فإِذا صغرت قلت لها
قُدَيرة وقُدَيْر، بالهاء وغير الهاء، وأَما ما حكاه ثعلب من قول العرب ما
رأَيت قِدْراً غلا أَسْرَعَ منها فإِنه ليس على تذكير القِدْرِ ولكنهم
أَرادوا ما رأَيت شيئاً غلا؛ قال: ونظيره قول الله تعالى: لا يَحِلُّ لك
النساء من بَعْدُ؛ قال: ذكر الفعل لأَن معناه معنى شيء، كأَنه قال: لا يحل
لك شيء من النساء. قال ابن سيده: فأَما قراءة من قرأَ: فناداه الملائكة،
فإِنما بناه على الواحد عندي كقول العرب ما رأَيت قِدْراً غلا أَسْرَعَ
منها، ولا كقوله تعالى: لا يحل لك النساء من بعد، لأَن قوله تعالى: فناداه
الملائكة، ليس بجحد فيكون شيء مُقَدَّر فيه كما قُدِّرَ في ما رأَيت
قِدْراً غَلا أَسْرَعَ، وفي قوله: لا يحل لك النساء، وإِنما استعمل تقدير شيء
في النفي دون الإِيجاب لأَن قولنا شيء عام لجميع المعلومات، وكذلك النفي
في مثل هذا أَعم من الإِيجاب، أَلا ترى أَن قولك: ضربت كل رجل، كذب لا
محالةً وقولك: ما ضربت رجلاً قد يجوز أَن يكون صدقاً وكذباً، فعلى هذا
ونحوه يوجد النفي أَعم من الإِيجاب، ومن النفي قوله تعالى: لن يَنالَ اللهَ
لحومُها ولا دِماؤها، إِنما أَراد لن ينالَ اللهَ شيءٌ من لحومها ولا شيء
من دمائها؛ وجَمْعُ القِدْرِ قُدورٌ، لا يُكَسَّرُ على غير ذلك.
وقَدَرَ القِدْرَ يَقْدِرُها ويَقْدُرُها قَدْراً: طَبَخَها، واقْتَدَر
أَيضاً بمعنى قَدَرَ مثل طَبَخَ واطَّبَخَ. ومَرَقٌ مَقْدُور وقَدِيرُ
أَي مطبوخ. والقَدِيرُ: ما يطبخ في القِدْرِ، والاقتدارُ: الطَّبْخُ فيها،
ويقال: أَتَقْتَدِرُون أَم تَشْتَوُون. الليث: القديرُ ما طُبِخَ من
اللحم بتَوابِلَ، فإِن لم يكن ذا تَوابِلَ فهو طبيخ. واقْتَدَرَ القومُ:
طَبَخوا في قِدْرٍ. والقُدارُ: الطَّبَّاخُ، وقيل: الجَزَّارُ، وقيل
الجَزَّار هو الذي يلي جَزْرَ الجَزُور وطَبْخَها؛ قال مُهَلْهِلٌ:
إِنَّا لنَضْرِبُ بالصَّوارِم هامَها،
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
القُدَّام: جمع قادم، وقيل هو المَلِكُ. وفي حديث عُمَيْر مولى آبي
اللحم: أَمرني مولاي أَن أَقْدُرَ لحماً أَي أَطْبُخَ قِدْراً من لحم.
والقُدارُ: الغلام الخفيف الروح الثَّقِفُ اللَّقِفُ. والقُدارُ: الحية،
كل ذلك بتخفيف الدال. والقُدارُ: الثعبان العظيم.
وفي الحديث: كان يَتَقَدَّرُ في مرضه أَين أَنا اليومَ؛ أَي يُقَدِّرُ
أَيامَ أَزواجه في الدَّوْرِ علهن.
والقَدَرةُ: القارورةُ الصغيرة.
وقُدارُ بن سالِفٍ: الذي يقال له أَحْمَرُ ثمود عاقر ناقة صالح، عليه
السلام؛ قال الأَزهري: وقالت العرب للجَزَّارِ قُدارٌ تشبيهاً به؛ ومنه قول
مُهَلْهِل:
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
اللحياني: يقال أَقمت عنده قَدْرَ أَن يفعل ذلك، قال: ولم أَسمعهم
يطرحون أَن في المواقيت إِلا حرفاً حكاه هو والأَصمعي، وهو قولهم: ما قعدت
عنده الاَّ رَيْثَ أَعْقِد شِسْعي. وقَيْدارٌ: اسم.
نذر: النَّذْرُ: النَّحْبُ، وهو ما يَنْذِرُه الإِنسان فيجعله على نفسه
نَحْباً واجباً، وجمعه نُذُور، والشافعي سَمَّى في كتاب جِراحِ العَمْد
ما يجب في الجِراحات من الدِّيات نَذْراً، قال: ولغة أَهل الحجاز كذلك،
وأَهل العراق يسمونه الأَرْش. وقال أَبو نَهْشَل: النَّذْرُ لا يكون إِلا
في الجِراح صِغارها وكِبارها وهي مَعاقِل تلك الجِراح. يقال: لي قِبَل
فلان نذْر إِذا كان جُرْحاً واحداً له عَقْل؛ وقال أَبو سعيد الضرير: إِنما
قيل له نَذْر لأَنه نُذِرَ فيه أَي أَوجب، من قولك نَذَرتُ على نفسي أَي
أَوجبْت. وفي حديث ابن المسيَّب: أَن عمر وعثمان، رضي الله عنهما، قَضَيا
في المِلْطاة بنصف نَذْرِ المُوضِحَة أَي بنصف ما يجب فيها من الأَرْش
والقِيمة؛ وقد نَذَرَ على نفسه لله كذا يَنْذِرُ ويَنْذُر نَذْراً
ونُذُوراً.
والنَّذِيرة: ما يُعطيه. والنَّذِيرة: الابن يجعله أَبواه قَيِّماً أَو
خادماً للكَنيسة أَو للمتعبَّد من ذكر وأُنثى، وجمعه النَّذَائر، وقد
نَذَرَه.
وفي التنزيل العزيز: إِني نَذَرْتُ لكَ ما في بطني مُحَرَّراً؛ قالته
امرأَة عِمران أُمُّ مريم. قال الأَخفش: تقول العرب نَذَرَ على نفسه
نَذْراً ونذَرتُ مالي فأنا أَنذِرُه نذْراً؛ رواه عن يونس عن العرب. وفي الحديث
ذِكْرُ النَّذْرِ مُكرّراً؛ تقول: نذَرْتُ أَنذِرُ وأَنذُر نذْراً إِذا
أَوجبتَ على نفسِك شيئاً تبرعاً من عبادة أَو صدقة أَو غيرِ ذلك. قال ابن
الأَثير: وقد تكرّر في أَحاديثه ذِكْرُ النهي عنه وهو تأْكيدٌ لأَمرِه
وتحذيرٌ عن التَّهاوُن به بعد إِيجابه؛ قال: ولو كان معناه الزَّجْرُ عنه
حتى لا يُفعلَ لكان في ذلك إِبطالُ حُكمِهِ وإِسقاطُ لُزُومِ الوَفاء به،
إِذْ كان بالنهي يصير معصية فلا يَلزمُ، وإِنما وجهُ الحديث أَنه قد
أَعلمهم أَن ذلك أَمرٌ لا يَجرُّ لهم في العاجل نفعاً ولا يَصرِف عنهم
ضَرًّا ولا يَرُدَ قضاء، فقال: لا تَنْذِرُوا على أَنكم تُدرِكون بالنَّذرِ
شيئاً لم يُقدِّرْه الله لكم أَو تَصرفون به عنكم ما جرى به القضاء عليكم،
فإِذا نذَرْتم ولم تعتقدوا هذا فاخرُجوا عنه بالوَفاء فإِن الذي
نذَرْتُمُوه لازم لكم.
ونَذِرَ بالشيء وبالــعدوّ، بكسر الذال، نذْراً: عَلِمَهُ فحَذِرَه.
وأَنذَرَه بالأَمر
(* قوله «وأنذره بالامر إلخ» هكذا بالأصل مضبوطاً، وعبارة
القاموس مع شرحه: وأَنذره بالأمر انذاراً ونذراً، بالفتح عن كراع
واللحياني ويضم وبضمتين، ونذيراً) إِنْذاراً ونُذْراً؛ عن كراع واللحياني:
أَعلَمَهُ، والصحيح أَن النُّذْر الاسم والإِنذار المصدرُ. وأَنذَره أَيضاً:
خوّفه وحذَّره. وفي التنزيل العزيز: وأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ؛
وكذلك حكى الزجاجي: أَنذَرْتهُ إِنذاراً ونذِيراً، والجيِّد أَن الإِنذار
المصدر، والنذِير الاسم.
وفي التنزيل العزيز: فستعلمون كيف نَذِير. وقوله تعالى: فكيف كان
نَذِيرِ؛معناه فكيف كان إِنذاري. والنذِير: اسمُ الإِنذار. وقوله تعالى:
كَذَّبَتْ ثَمُودُ بالنُّذُرِ؛ قال الزجاج: النُّذُر جمع نَذِير. وقوله عز وجل:
عُذْراً أَو نُذْراً؛ قرئت: عُذُراً أَو نُذُراً، قال: معناهما المصدر
وانتصابُهما على المفعول له، المعنى فالمُلْقِيات ذكراً للإِعذارِ أَو
الإِنذار. ويقال: أَنذَرْتُه إِنذاراً. والنُّذُر: جمع النذِير، وهو الاسم
من الإِنذار. والنذِيرة: الإِنذار. والنذِيرُ: الإِنذار. والنذِير:
المُنْذِر، والجمع نُذُرٌ، وكذلك النذِيرة؛ قال ساعدة بن جُؤيَّة:
وإِذا تُحُومِيَ جانبٌ يَرْعَوْنَه،
وإِذا تَجيء نَذِيرة لم يَهْربوا
وقال أَبو حنيفة: النذيرُ صَوْت القَوْس لأَنه يُنْذِر الرَّمِيَّة؛
وأَنشد لأَوس بن حجر:
وصَفْراء من نَبْعٍ كأَن نذِيرَها،
إِذا لم تُخفِّضه عن الوَحْشِ، أَفْكَلُ
وتَناذَر القوم: أَنذر بعضُهم بعضاً، والاسم النُّذْر. الجوهري. تَناذرَ
القومُ كذا أَي خَوّف بعضُهم بعضاً؛ وقال النابغة الذُّبياني يصف حَيَّة
وقيل يصف أَن النعمان توعَّده فبات كأَنه لديغ يَتململ على فِراشه:
فبِتُّ كأَني ساوَرَتْني ضَئِيلَةٌ
من الرُّقْشِ، في أَنيابِها السُّمُّ ناقِعُ
تَناذَرَها الرَّاقُون من سُوء سَمِّها،
تُطَلّقُه طَوْراً، وطَوْراً تُراجِعُ
ونَذِيرة الجيش: طَلِيعَتُهم الذي يُنْذِرُهم أَمرَ عَدُوّــهم أَي
يُعلمهم؛ وأَما قول ابن أَحمر:
كَم دون لَيْلى من تَنُوفِيَّةٍ
لَمَّاعَةٍ تُنْذَرُ فيها النُّذُرْ
فيقال: إِنه جمع نَذْر مثل رَهْن ورُهُن. ويقال: إِنه جمع نَذِير بمعنى
مَنْذُور مثل قَتيل وجَديد. والإِنذارُ: الإِبلاغ، ولا يكون إِلا في
التخويف، والاسم النُّذُر. ومنه قوله تعالى: فكيف كان عذابي ونُذُرِ أَي
إِنذاري. والنَّذِير: المُحذِّر، فعيل بمعنى مُفْعِل، والجمع نُذُر. وقوله عز
وجل: وجاءكُمُ النَّذِيرُ؛ قال ثعلب: هو الرسول، وقال أَهل التفسير:
يعني النبي، صلى الله عليه وسلم، كما قال عز وجل: إِنا أَرسَلْناك شاهِداً
ومُبَشِّراً ونَذِيراً. وقال بعضهم: النَّذِير ههنا الشَّيْب، قال
الأَزهري: والأَوّل أَشبَه وأَوضح. قال أَبو منصور: والنذِيرُ يكون بمعنى
المُنْذِر وكان الأَصلَ وفعلُه الثُّلاثيُّ أُمِيتَ، ومثله السميعُ بمعنى
المُسمِعِ والبديعُ بمعنى المُبدِعِ. قال ابن عباس: لما أَنزل الله تعالى:
وأَنْذِرْ عَشِيرتَكَ الأَقْرَبِين، أَتى رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
الصَّفا فصعَّد عليه ثم نادى: يا صباحاه فاجتمع إِليه الناسُ بين رجُل
يَجيء ورجُل يَبعثُ رسوله، قال: فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يا بني
عبدِ المطَّلِب، يا بني فلان، لو أَخبرْتُكم أَن خَيْلاً ستَفْتَحُ هذا
الجبَلَ
(* قوله« ستفتح هذا الجبل» هكذا بالأصل؛ والذي في تفسير الخطيب
والكشاف بسفح هذا الجبل) تُريدُ أَن تُغِيرَ عليكم صدّقتُموني؟ قالوا:
نعم. قال: فإِني نَذِيرٌ لكم بين يَدَيْ عذابٍ شديدٍ، فقال أَبو لَهَب:
تَبًّا لكم سائرَ القَومِ أَما آذنْتُمونا إِلا لهذا؟ فأَنزل الله تعالى:
تَبَّتْ يَدَا أَبي لَهَبٍ وتَبَّ. ويقال: أَنذَرْتُ القومَ سَيْرَ الــعدُوّ
إِليهم فنَذِروا أَي أَعلمتُهم ذلك فعَلِموا وتحرّزوا.
والتَّناذُر: أَن يُنْذِر القومُ بعضُهم بعضاً شرًّا مَخُوفاً؛ قال
النابغة:
تَناذَرَها الرَّاقُون من شرِّ سَمِّها
يعني حيَّة إِذا لَدَغَتْ قتلت.
ومن أَمثال العرب: قد أَعذَرَ من أَنذَر أَي من أَعلَمك أَنه يُعاقِبُك
على المكروهِ منك فيما يَستقبِله ثم أَتيتَ المكروه فعاقَبَك فقد جَعَل
لنفسه عُذْراً يكُفُّ به لائِمَةَ الناس عنه. والعرب تقول: عُذْراك لا
نُذراك أَي أَعْذِر ولا تُنْذِر.
والنَّذِيرُ العُرْيانُ: رجُل من خَثْعَمَ حَمَلَ عليه يومَ ذِي
الخَلَصَةِ عَوْفُ بنُ عامر فقطَع يَده ويَدَ امرأَتِه؛ وحكى ابن بَرّي في
أَماليه عن أَبي القاسم الزجاجي في أَماليه عن ابن دريد قال: سأَلت أَبا حاتم
عن قولهم أَنا النَّذِيرُ العُرْيان، فقال: سمعت أَبا عُبيدة يقول: هو
الزبير بن عمرو الخثْعَمي، وكان ناكِحاً في بني زُبَيْد، فأَرادت بنو زبيد
أَن يُغِيروا على خَثْعَمَ فخافوا أَن يُنْذِر قومَه فأَلقَوْا عليه
بَراذِعَ وأَهْداماً واحتَفَظوا به فصادف غِرّة فحاضَرَهم وكان لا يُجارَى
شَدًّا، فأَتى قومَه فقال:
أَنا المُنْذِرُ العُرْيان يَنْبِذ ثَوبَه،
إِذا الصَّدْقُ لا يَنْبِذْ لَكَ الثَّوبَ كاذِبُ
الأَزهري: من أَمثال العرب في الإِنذار: أَنا النَّذِيرُ العُرْيان؛ قال
أَبو طالب: إِنما قالوا أَنا النذِيرُ العريان لأنّ الرجُل إِذا رأَى
الغارة قد فَجِئَتْهُم وأَراد إِنذار قومه تجرّد من ثيابه وأَشار بها
ليُعلم أَن قد فَجِئَتْهُم الغارة، ثم صار مثلاً لكل شيء تخاف مُفاجأَته؛ ومنه
قول خُفاف يصف فرساً:
ثَمِلٌ إِذا صَفَرَ اللِّجامُ كأَنه
رجُل، يُلوِّحُ باليدَيْن، سَلِيبُ
وفي الحديث: كان إِذا خَطَب احْمرَّت عيناه وعلا صَوْتُه واشتدّ غضبُه
كأَنه مُنذِر جَيش يقول صَبَّحَكُم ومَسَّاكم؛ المُنْذِر: المعلِم الذي
يُعْرّف القومَ بما يكون قد دهَمَهم من عَدُوّ أَو غيره، وهو المخوِّف
أَيضاً، وأَصل الإِنذار الإِعلام. يقال: أَنذَرْته أُنْذِرُه إِنْذاراً إِذا
أَعلمته،فأَنا مُنْذِر ونَذير أَي مُعْلِم ومُخوِّف ومُحذِّر. ونَذِرْت
به إِذا عَلِمْت؛ ومنه الحديث: انذَرِ القوم أَي احْذَرْ منهم واستعِدّ
لهم وكُنْ منهم على عِلم وحَذَرٍ.
ومُنذِر ومُناذِر: اسْمان. وبات بليلة ابن المُنذِر يعني النعمان، أَي
بليلة شديدة؛ قال ابن أَحمر:
وبات بنو أُمّي بِليلِ ابنِ مُنذِر،
وأَبناءُ أَعمامي عذُوباً صَوادِيا
عذُوب: وُقُوف لا ماء لهم ولا طعام. ومُناذِر ومحمد بن مَناذِر، بفتح
الميم: اسم، وهُمُ المَناذِرة يريد آل المُنذِر أَو جماعةَ الحيّ مثل
المَهالِبة والمَسامِعة؛ قال الجوهري: ابن مناذِر شاعر، فمن فتح الميم منه لم
يصرفه، ويقول إِنه جمع مُنذِر لأَنه محمد بن مُنذِر بن مُنذِر بن مُنذِر،
ومن ضمها صرَفه.
عدف: العَدْفُ: الأَكل. عَدَفَ يعْدِفُ عدْفاً: أَكل. والــعَدُوفُ:
الذَّواقُ أَعني ما يُذاق؛ قال:
وحَيْفٌ بالقَنِيِّ فهُنَّ خُوصٌ،
وقِلَّةُ ما يَذُقْن من الــعَدُوفِ
عَدُوفٍ من قَضامٍ غير لَوْنٍ،
رَجِيعِ الفَرْتِ أَو لَوْكِ الصَّريفِ
أَراد غير ذي لون أَي غير متلَوّن. ورَجِيع الفرث: بدل من قَضام بدَل
بيان، ولَوْك: في معنى مَلُوك، وما ذاقَ عَدْفاً ولا عَدُوفاً ولا عُدافاً
أَي شيئاً، والذال المعجمة في كل ذلك لغة. ولا عَلُوساً ولا أَلُوساً؛
قال أَبو حسّان: سمعت أَبا عمرو الشيباني يقول ما ذُقْت عَدُوفاً ولا
عَدُوفة؛ قال: وكنت عند يزيدَ بن مِزْيد الشيْباني فأَنشدته بيت قَيْس بن
زهير:ومُجَنَّباتٍ ما يَذُقْن عَدُوفةً،
يَقْذِفْن بالمُهَراتِ والأَمْهارِ
بالدال، فقال لي يزيد: صَحَّفت أَبا عمرو، إنما هي عَذُوفة بالذال، قال:
فقلت له لم أُصحف أَنا ولا أَنت، تقول رَبيعة هذا الحرف بالذال، وسائر
العرب بالدال، وهذا البيت في التهذيب منسوب إلى قيس بن زهير كما أَوردته،
وقد استشهد به ابن بري في أَماليه ونسبه إلى الربيع بن زياد.
والعَدْفُ: نَوْلٌ قليل من إصابة. والعَدْفُ:اليسير من العلَف. وباتت
الدابّةُ على غير عَدُوف أَي على غير علَف؛ هذه لغة مُضر. وفي الحديث: ما
ذُقْت عدُوفاً أَي ذَواقاً. وما عَدَفْنا عندهم عَدُوفاً أَي ما أَكلنا.
والعِدْفةُ والعِدَفَةُ: كالصَّنِفة من الثوب. واعتَدَف الثوبَ: أَخذ منه
عِدَفةً. واعتدَف العِدْفَة: أَخذها. وما عليه عِدْفةٌ أَي خِرْقة، لغة
مرغوب عنها. وعِدْفُ كل شيء وعِدْفتُه: أَصله الذاهبُ في الأَرض؛ قال
الطرمّاح:
حَمّال أَثقالِ دِياتِ الثَّأَى،
عن عِدَفِ الأَصْلِ وكُرّامِها
وفي التهذيب: عِدْفةُ كل شجرة أَصلُها، وجمعها عِدَفٌ. قال: ويقال بل هو
عن عَدَفِ الأَصل اشتِقاقه من العدّفة أَي يَلُمُّ ما تفرّق منه. ابن
الأَعرابي: العَدَفُ والعائرُ والغِضابُ قَذى العينِ.
والعِدْفةُ: ما بين العشرة إلى الخمسين، وخصصه الأَزهري فقال: العِدْفةُ
من الرجال ما بين العَشرة إلى الخمسين، قال ابن سيده: وحكاه كراع في
الماشية ولا أَحقُّها. والعِدْفة: التجمُّع، والجمع عِدْفٌ، بالكسر،
وعِدَفٌ؛ قال: وعندي أَن المعنيّ ههنا بالتجمع الجماعة لأَن التجمِيع عرَض،
وإنما يكون مثل هذا في الجواهر المخلوقة كسِدْرة وسِدَر، وربما كان في
المصنوع، وهو قليل. والعِدْف: القِطْعة من الليل. يقال: مَرَّ عِدْفٌ من الليل
وعِتْفٌ أَي قطعة. والعَدَفُ، بالتحريك: القَذى؛ قال ابن بري: شاهده قول
الراجز يصف حِماراً وأُتُنَه:
أَوْرَدَها أَمِيرُها مع السَّدَفْ،
أَزْرَقَ كالمِرآة طَحَّارَ العَدَفْ
أَي يَطْحَر القَذى ويَدْفَعُه. ويقال: عدَف له عِدْفةً من مال أَي قطَع
له قَطْعة منه، وأَعطاه عدْفةً من مال أَي قِطعة.
نصر: النَّصر: إِعانة المظلوم؛ نصَره على عدوّــه ينصُره ونصَره ينصُره
نصْراً، ورجل ناصِر من قوم نُصَّار ونَصْر مثل صاحب وصحْب وأَنصار؛ قال:
واللهُ سَمَّى نَصْرَك الأَنْصَارَا،
آثَرَكَ اللهُ به إِيْثارا
وفي الحديث: انصُر أَخاك ظالِماً أَو مظلوماً، وتفسيره أَن يمنَعه من
الظلم إِن وجده ظالِماً، وإِن كان مظلوماً أَعانه على ظالمه، والاسم
النُّصْرة؛ ابن سيده: وقول خِدَاش بن زُهَير:
فإِن كنت تشكو من خليل مَخانَةً،
فتلك الحَوارِي عَقُّها ونُصُورُها
يجوز أَن يكون نُصُور جمع ناصِر كشاهد وشُهود، وأن يكون مصدراً كالخُروج
والدُّخول؛ وقول أُمية الهذلي:
أُولئك آبائي، وهُمْ لِيَ ناصرٌ،
وهُمْ لك إِن صانعتَ ذا مَعْقِلُ
(*« أولئك آبائي إلخ» هكذا في الأصل والشطر الثاني منه ناقص.)
أَراد جمع ناصِر كقوله عز وجل: نَحْنُ جميع مُنْتَصِر. والنَّصِير:
النَّاصِر؛ قال الله تعالى: نِعم المولى ونِعم النَّصير، والجمع أَنْصَار مثل
شَرِيف وأَشرافٍ. والأَنصار: أَنصار النبي، صلى الله عليه وسلم، غَلبت
عليهم الصِّفة فجرى مَجْرَى الأَسماء وصار كأَنه اسم الحيّ ولذلك أُضيف
إِليه بلفظ الجمع فقيل أَنصاري. وقالوا: رجل نَصْر وقوم نَصْر فَوصَفوا
بالمصدر كرجل عَدْلٍ وقوم عَدْل؛ عن ابن الأَعرابي.
والنُّصْرة: حُسْن المَعُونة. قال الله عز وجل: من كان يَظُنّ أَن لَنْ
ينصُره الله في الدنيا والآخرة؛ المعنى من ظن من الكفار أَن الله لا
يُظْهِر محمداً، صلى الله عليه وسلم، على مَنْ خالفَه فليَخْتَنِق غَيظاً حتى
يموت كَمَداً، فإِن الله عز وجل يُظهره، ولا يَنفعه غيظه وموته حَنَقاً،
فالهاء في قوله أَن لن يَنْصُرَه للنبيّ محمد، صلى الله عليه وسلم.
وانْتَصَر الرجل إِذا امتَنَع من ظالِمِه. قال الأَزهري: يكون
الانْتصَارَ من الظالم الانْتِصاف والانْتِقام، وانْتَصَر منه: انْتَقَم. قال الله
تعالى مُخْبِراً عن نُوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ودعائِه
إِياه بأَن يَنْصُره على قومه: فانْتَصِرْ ففتحنا، كأَنه قال لِرَبِّه: انتقم
منهم كما قال: رَبِّ لا تَذَرْ على الأَرض من الكافرين دَيَّاراً.
والانتصار: الانتقام. وفي التنزيل العزيز: ولَمَنِ انْتَصَر بعد ظُلْمِه؛
وقوله عز وجل: والذين إِذا أَصابهم البغي هم يَنْتَصِرُون؛ قال ابن سيده: إِن
قال قائل أَهُمْ مَحْمُودون على انتصارهم أَم لاف قيل: من لم يُسرِف ولم
يُجاوِز ما أمر الله به فهو مَحْمُود.
والاسْتِنْصار: اسْتِمْداد النَّصْر. واسْتَنْصَره على عَدُوّــه أَي
سأَله أَن ينصُره عليه. والتَّنَصُّرُ: مُعالَجَة النَّصْر وليس من باب
تَحَلَّم وتَنَوَّر. والتَّناصُر: التَّعاون على النَّصْر. وتَناصَرُوا: نَصَر
بعضُهم بعضاً. وفي الحديث: كلُّ المُسْلِمِ عَنْ مُسْلِمٍ مُحَرَّم
أَخَوانِ نَصِيرانَ أَي هما أَخَوانِ يَتَناصَران ويَتعاضَدان. والنَّصِير
فعيل بمعنى فاعِل أَو مفعول لأَن كل واحد من المتَناصِرَيْن ناصِر
ومَنْصُور. وقد نصره ينصُره نصْراً إِذا أَعانه على عدُوّــه وشَدَّ منه؛ ومنه حديث
الضَّيْفِ المَحْرُوم: فإِنَّ نَصْره حق على كل مُسلم حتى يأْخُذ
بِقِرَى ليلته، قيل: يُشْبه أَن يكون هذا في المُضْطَرّ الذي لا يجد ما يأْكل
ويخاف على نفسه التلف، فله أَن يأْكل من مال أَخيه المسلم بقدر حاجته
الضرورية وعليه الضَّمان. وتَناصَرَتِ الأَخبار: صدَّق بعضُها بعضاً.
والنَّواصِرُ: مَجاري الماء إِلى الأَودية،واحدها ناصِر، والنَّاصِر:
أَعظم من التَّلْعَةِ يكون مِيلاً ونحوَه ثم تمج النَّواصِر في التِّلاع.
أَبو خيرة: النَّواصِر من الشِّعاب ما جاء من مكان بعيد إِلى الوادي
فَنَصَرَ سَيْلَ الوادي، الواحد ناصِر. والنَّواصِر: مَسايِل المِياه، واحدتها
ناصِرة، سميت ناصِرة لأَنها تجيء من مكان بعيد حتى تقع في مُجْتَمع
الماء حيث انتهت، لأَن كل مَسِيل يَضِيع ماؤه فلا يقع في مُجتَمع الماء فهو
ظالم لمائه. وقال أَبو حنيفة: الناصِر والناصِرة ما جاء من مكان بعيد إِلى
الوادي فنَصَر السُّيول. ونصَر البلاد ينصُرها: أَتاها؛ عن ابن
الأَعرابي. ونَصَرْتُ أَرض بني فلان أَي أَتيتها؛ قال الراعي يخاطب
خيلاً:إِذا دخل الشهرُ الحرامُ فَوَدِّعِي
بِلادَ تميم، وانْصُرِي أَرضَ عامِرِ
ونَصر الغيثُ الأَرض نَصْراً: غاثَها وسقاها وأَنبتها؛ قال:
من كان أَخطاه الربيعُ، فإِنما
نصر الحِجاز بِغَيْثِ عبدِ الواحِدِ
ونَصَر الغيثُ البلَد إِذا أَعانه على الخِصْب والنبات. ابن الأَعرابي:
النُّصْرة المَطْرَة التَّامّة؛ وأَرض مَنْصُورة ومَضْبُوطَة. وقال أَبو
عبيد: نُصِرَت البلاد إِذا مُطِرَت، فهي مَنْصُورة أَي مَمْطُورة. ونُصِر
القوم إِذا غِيثُوا. وفي الحديث: إِنَّ هذه السَّحابةَ تَنصُر أَرضَ بني
كَعْب أَي تُمطرهم. والنَّصْر: العَطاء؛ قال رؤبة:
إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا
لَقائِلٌ: يا نَصْرُ نَصْراً نَصْراً
ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: العطايا.
والمُسْتَنْصِر: السَّائل. ووقف أَعرابيّ على قوم فقال: انْصُرُوني نَصَركم الله أَي
أَعطُوني أَعطاكم الله.
ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة
(* قوله« ونصورية» هكذا في
الأصل ومتن القاموس بتشديد الياء، وقال شارحه بتخفيف الياء): قرية بالشام،
والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة، قال:
وهو ضعيف إِلا أَن نادِر النسب يَسَعُه، قال: وأَما سيبويه فقال أَما
نَصارَى فذهب الخليل إِلى أَنه جمع نَصْرِيٍّ ونَصْران، كما قالوا ندْمان
ونَدامى، ولكنهم حذفوا إِحدى الياءَين كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأَبدلوا
مكانها أَلفاً كما قالوا صَحارَى، قال: وأَما الذي نُوَجِّهه نحن عليه جاء
على نَصْران لأَنه قد تكلم به فكأَنك جمعت نَصْراً كما جمعت مَسْمَعاً
والأَشْعَث وقلت نَصارَى كما قلت نَدامى، فهذا أَقيس، والأَول مذهب، وإِنما
كان أَقْيَسَ لأَنا لم نسمعهم قالوا نَصْرِيّ. قال أَبو إِسحق: واحِد
النصارَى في أَحد القولين نَصْرَان كما ترى مثل نَدْمان ونَدامى، والأُنثى
نَصْرانَة مثل نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الحماني يصف ناقتين
طأْطأَتا رؤوسهما من الإِعياء فشبه رأْس الناقة من تطأْطئها برأْس النصوانية
إِذا طأْطأَته في صلاتها:
فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها،
كما أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ
فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، ولكن لم يُستعمل نَصْران إِلا بياءي النسب
لأَنهم قالوا رجل نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قال ابن بري: قوله إِن
النصارى جمع نَصْران ونَصْرانَة إِنما يريد بذلك الأَصل دون الاستعمال،
وإِنما المستعمل في الكلام نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بياءي النسب، وإِنما
جاء نَصْرانَة في البيت على جهة الضرورة؛ غيره: ويجوز أَن يكون واحد
النصارى نَصْرِيّاً مثل بعير مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لغة في
سَجَد. وقال الليث: زعموا أَنهم نُسِبُوا إِلى قرية بالشام اسمها نَصْرُونة.
التهذيب: وقد جاء أَنْصار في جمع النَّصْران؛ قال:
لما رأَيتُ نَبَطاً أَنْصارا
بمعنى النَّصارى. الجوهري: ونَصْرانُ قرية بالشأْم ينسب إِليها
النَّصارى، ويقال: ناصِرَةُ.
والتَّنَصُّرُ: الدخول في النَّصْرانية، وفي المحكَم: الدخول في دين
النصْري
(* قوله« في دين النصري» هكذا بالأصل) . ونَصَّرَه: جعله
نَصْرانِيّاً. وفي الحديث: كلُّ مولود يولد على الفِطْرة حتى يكونَ أَبواه اللذان
يَهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه؛ اللَّذان رفع بالابتداء لأَنه أُضمر في يكون؛
كذلك رواه سيبويه؛ وأَنشد:
إِذا ما المرء كان أَبُوه عَبْسٌ،
فَحَسْبُك ما تُرِيدُ إِلى الكلامِ
أَي كان هو. والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ، وهو من ذلك لأَن النصارى قُلْف.
وفي الحديث: لا يَؤمَّنَّكُم أَنْصَرُ أَي أَقْلَفُ؛ كذا فُسِّر في
الحديث.ونَصَّرُ: صَنَم، وقد نَفَى سيبويه هذا البناء في الأَسماء.
وبُخْتُنَصَّر: معروف، وهو الذي كان خَرَّب بيت المقدس، عَمَّره الله تعالى. قال
الأَصمعي: إِنما هو بُوخَتُنَصَّر فأُعرب، وبُوخَتُ ابنُ، ونَصَّرُ صَنَم،
وكان وُجد عند الصَّنَم ولم يُعرف له أَب فقيل: هو ابن الصنم. ونَصْر
ونُصَيْرٌ وناصِر ومَنْصُور: أَسماء. وبنو ناصِر وبنو نَصْر: بَطْنان.
ونَصْر: أَبو قبيلة من بني أَسد وهو نصر ابن قُعَيْنٍ؛ قال أَوس بن حَجَر يخاطب
رجلاً من بني لُبَيْنى بن سعد الأَسَدِي وكان قد هجاه:
عَدَدْتَ رِجالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً،
فما ابنُ لُبَيْنى والتَّفَجُّسُ والفَخْرُف
شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُها،
وأَنت السَّهُ السُّفْلى، إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ
التَّفَجُّس: التعظُّم والتكبر. وشأَتك: سَبَقَتْك. والسَّه: لغة في
الاسْتِ.