من (ع ج ن) القطعة من العجين والضعيف في بدنه وعقله.
من (ع ج ن) القطعة من العجين والضعيف في بدنه وعقله.
عجن: عَجَنَ الشيءَ يَعْجِنُه عَجْناً، فهو مَعْجُونٌ وعَجِين،
واعْتَجَنه: اعتمد عليه بجُمْعه يَغْمِزُه؛ أَنشد ثعلب:
يَكْفيك من سَوْداءَ واعْتِجانِها،
وكَرِّكَ الطَّرْفَ إلى بَنانِها،
ناتِئةُ الجَبْهةِ في مكانِها،
صَلْعاءُ لو يُطْرَحُ في مِيزانِها
رِطْلُ حديدٍ، شالَ من رُجْحانها.
والعاجِنُ من الرجال: المُعْتَمِدُ على الأَرض بجُمْعه إذا أَراد
النُّهوضَ من كِبَرٍ أَو بُدْنٍ؛ قال كثير:
رأَتْني كأَشْلاءِ اللِّجامِ، وبَعْلُها
من المَلْءِ أَبْزَى عاجنٌ مُتَباطِنُ
ورواه أَبو عبيد:
من القوم أَبْزَى مُنْحَنٍ مُتَباطِنُ. وعَجَنتِ الناقةُ. وناقةٌ
عاجِنٌ: تضْرِبُ بيديها إلى الأَرض في سيرها. ابن الأَعرابي: العُجُنُ أَهل
الرَّخاوة من الرجال والنساء. يقال للرجل عَجِينة وعَجِينٌ، وللمرأَة
عَجِينة لا غير، وهو الضعيف في بدنه وعقله. والعُجُنُ: جمع عاجِنٍ، وهو الذي
أَسَنَّ، فإِذا قام عَجَنَ بيديه. يقال: خَبَز وعَجَنَ وثَنَّى وثَلَّثَ
ووَرَّصَ كله من نعت الكبير. وعَجَنَ وأَعْجَنَ إذا أَسَنَّ فلم يَقُمْ
إلاَّ عاجِناً؛ قال الشاعر:
فأَصْبَحْتُ كُنْتيّاً، وهَيَّجْتُ عاجِناً،
وشَرُّ خِصَالِ المرءِ كُنْتٌ وعاجِنُ
(* قوله «كنت وعاجن» بتنوين كنت بالأصل والصحاح في موضعين، ونونها
الصاغاني مرة وترك التنوين أخرى، والبيت روي بروايات مختلفة). وفي حديث ابن
عمر: أَنه كان يَعْجِنُ في الصلاة فقيل له: ما هذا؟ فقال: رأَيت رسولَ
الله، صلى الله عليه وسلم، يَعْجِنُ في الصلاة أَي يعتمد على يديه إذا قام
كما يفعل الذي يَعْجِنُ العَجينَ. قال الليث: والعَجّانُ الأَحمق، وكذلك
الــعَجِينة. ويقال: إن فلاناً ليَعْجِنُ بمِرْفَقَيْه حُمْقاً. قال
الأَزهري: سمعت أَعرابياً يقول لآخر يا عَجّان إنك لتَعْجِنُه، فقلت له: ما
يَعْجِنُ وَيْحَكَ فقال: سَلْحه، فأَجابه الآخر: أَنا أَعْجِنُه وأَنت
تَلْقَمُه، فأَفْحَمه. وأَعْجَنَ إذا جاء بولدٍ عَجِينةٍ، وهو الأَحمق.
والعَجِينُ: المَجْبُوسُ من الرجال. وعَاجِنةُ المكانِ: وسَطُه؛ وأَنشد الأَخطل:
بعاجنةِ الرَّحُوبِ فلم يَسيروا
(* صدره كما في التكملة: وسير غيرهم عنها فساروا).
وعَجِنَتِ الناقة تَعْجَنُ عَجَناً وهي عَجْناء: كثر لحم ضَرْعها
وسَمِنَتْ، وقيل: هو إذا صَعِدَ نحو حَيائها، وكذلك الشاة والبقرة. والعَجَنُ
أَيضاً: عيب، وهو ورم حياء الناقة من الضَّبَعَة، وقيل: هو ورم يصيبها في
حَيائها ودبرها، وربما اتصلا، وقيل: هو ورم في حيائها كالثُّؤْلول، وهو
شبيه بالعَفَل يمنعها اللِّقاحَ، عَجِنَتْ عَجَناً، فهي عَجِنة وعَجْناء،
وقيل: العَجْناء الناقة الكثيرة لحم الضَّرْع مع قلة لبنها بَيِّنةُ
العَجَن. والعَجْناء أَيضاً: القليلة اللبن. والعَجْناء والمُعْتَجِنةُ:
المُنْتَهيةُ في السِّمَنِ. والمُتَعَجِّنُ: البعيرُ المُكْتَنِزُ سَمناً
كأَنه لحم بلا عظم. وبعير عَجِنٌ: مُكْتَنِز سِمَناً. وأَعْجَنَ الرجلُ إذا
ركب العَجْناء، وهي السمينة، ومن الضُّرُوع الأَعْجَنُ. والعَجَنُ: لحمة
غليظة مثل جُمْع الرجل حِيالَ فِرْقَتَي الضَّرَّة، وهو أَقلها لبَناً
وأَحسنها مَرْآةً. وقال بعضهم: تكون العَجْناء غَزِيرة وتكون بَكيئة.
والعَجْنُ: مصدر عَجَنْتُ العَجينَ. والعجينُ معروف. وقد عَجَنَتِ المرأَةُ،
بالفتح، تَعْجِنُ عَجِيناً واعْتَجَنتْ بمعنى أَي اتخذت عَجِيناً.
والعِجَانُ: الاسْتُ، وقيل: هو القضيب الممدود من الخُصْيَةِ إلى الدبر، وقيل:
هو آخر الذكر ممدود في الجلد، وقيل: هو ما بين الخُصية والفَقْحَة. وفي
الحديث: إن الشيطانَ يأْتي أَحدكم فيَنْقُرُ عند عِجانه؛ العِجان: الدبر،
وقيل: هو ما بين القبل والدبر. وفي حديث علي، رضي الله عنه: أَن أَعجميّاً
عارضه فقال: اسكتْ يا ابنَ حمراء العِجان هو سَبٌّ كان يجري على أَلسنة
العرب؛ قال جرير:
يَمُدُّ الحَبْلَ مُعْتَمِداً عليه،
كأَنَّ عِجَانَه وتَرٌ جَدِيدُ.
والجمع أَعْجِنةٌ وعُجُنٌ. وعَجَنه عَجْناً: ضربَ عِجَانه. وعِجانُ
المرأَة: الوَتَرَةُ التي بين قُبُلِها وثَعْلَبَتِها. وأَعْجَنَ: وَرِمَ
عِجانُه. والعِجان، بلغة أَهل اليمن: العُنق؛ قال شاعرهم يرثي أُمه وأَكلها
الذئبُ:
فلم يبْقَ منها غيرُ نِصْفِ عِجانِها،
وشُنْتُرَةٌ منها، وإحدى الذَّوائبِ.
وقال الشاعر:
يا رُبَّ خَوْدٍ ضَلْعَةِ العِجانِ،
عِجانُها أَطْوَلُ من سِنانِ.
وأُمُّ عَجِينَةَ: الرَّخَمةُ.
خمر: خامَرَ الشيءَ: قاربه وخالطه؛ قال ذو الرمة:
هامَ الفُؤادُ بِذِكْراها وخامَرَهُ
منها، على عُدَواءٍ الدَّارِ. تَسْتقِيمُ
ورجل خَمِرٌ: خالطه داء؛ قال ابن سيده: وأُراه على النسب؛ قال امرؤ
القيس:
أَحارِ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ،
ويَعْدُو على المَرْءِ ما يأْتَمِرْ
ويقال: هو الذي خامره الداء. ابن الأَعرابي: رجل خَمِرٌ أَي مُخامَرٌ؛
وأَنشد أَيضاً:
أَحار بن عمرو كأَني خمر
أَي مُخامَرٌ؛ قال: هكذا قيده شمر بخطه، قال:
وأَما المُخامِرُ فهو المُخالِطُ، مِن خامَرَهُ الداءُ إِذا خالطه؛
وأَنشد:
وإِذا تُباشِرْكَ الهُمُو
مُ، فإِنها داءٌ مُخامِرْ
قال: ونحو ذلك قال الليث في خامَرَهُ الداءُ إِذا خالط جوفه.
والخَمْرُ: ما أَسْكَرَ من عصير العنب لأَنها خامرت العقل.
والتَّخْمِيرُ: التغطية، يقال: خَمَّرَ وجْهَهُ وخَمِّرْ إِناءك. والمُخامَرَةُ:
المخالطة؛ وقال أَبو حنيفة: قد تكون الخَمْرُ من الحبوب فجعل الخمر من
الحبوب؛ قال ابن سيده: وأَظنه تَسَمُّحاً منه لأَن حقيقة الخمر إِنما هي العنب
دون سائر الأَشياء، والأَعْرَفُ في الخَمْرِ التأْنيث؛ يقال: خَمْرَةٌ
صِرْفٌ، وقد يذكَّر، والعرب تسمي العنب خمراً؛ قال: وأَظن ذلك لكونها منه؛
حكاها أَبو حنيفة قال: وهي لغة يمانية. وقال في قوله تعالى: إِني أَراني
أَعْصِرُ خَمْراً؛ إِن الخمر هنا العنب؛ قال: وأُراه سماها باسم ما في
الإِمكان أَن تؤول إِليه، فكأَنه قال: إِني أَعصر عنباً؛ قال الراعي:
يُنازِعُنِي بها نُدْمانُ صِدْقٍ
شِواءَ الطَّيرِ، والعِنَبَ الحَقِينا
يريد الخمر. وقال ابن عرفة: أَعصر خمراً أَي أَستخرج الخمر، وإِذا عصر
العنب فإِنما يستخرج به الخمر، فلذلك قال: أَعصر خمراً. قال أَبو حنيفة:
وزعم بعض الرواة أَنه رأَى يمانيّاً قد حمل عنباً فقال له: ما تحمل؟ فقال:
خمراً، فسمى العنب خمراً، والجمع خُمور، وهي الخَمْرَةُ. قال ابن
الأَعرابي: وسميت الخمر خمراً لأَنها تُرِكَتْ فاخْتَمَرَتْ، واخُتِمارُها
تَغَيُّرُ ريحها؛ ويقال: سميت بذلك لمخامرتها العقل. وروى الأَصمعي عن معمر
بن سليمان قال: لقيت أَعرابياً فقلت: ما معك؟ قال: خمر. والخَمْرُ: ما
خَمَر العَقْلَ، وهو المسكر من الشراب، وهي خَمْرَةٌ وخَمْرٌ وخُمُورٌ مثل
تمرة وتمر وتمور. وفي حديث سَمُرَةَ: أَنه باع خمراً فقال عمر: قاتَلَ
اللهُ سَمُرَةَ قال الخطابي: إِنما باع عصيراً ممن يتخذه خمراً فسماه باسم
ما يؤول إِليه مجازاً، كما قال عز وجل: إِني أَراني أَعصر خمراً، فلهذا
نَقَمَ عمر، رضي الله عنه، عليه لأَنه مكروه؛ وأَما أَن يكون سمرة باع
خمراً فلا لأَنه لا يجهل تحريمه مع اشتهاره. وخَمَر الرجلَ والدابةَ
يَخْمُره خَمْراً: سقاه الخمر، والمُخَمِّرُ: متخذ الخمر، والخَمَّارُ: بائعها.
وعنبٌ خَمْرِيٌّ: يصلح للخمر. ولَوْنٌ خَمْرِيٌّ: يشبه لون الخَمر.
واخْتِمارُ الخَمْرِ: إِدْراكُها وغليانها. وخُمْرَتُها وخُمارُها: ما خالط من
سكرها، وقيل: خْمْرَتُها وخُمارُها ما أَصابك من أَلمها وصداعها
وأَذاها؛ قال الشاعر:
لَذٌّ أَصابَتْ حُمَيَّاها مَقاتِلَهُ،
فلم تَكَدْ تَنْجَلِي عن قلبِهِ الخُمَرُ
وقيل: الخُمارُ بقية السُّكْرِ، تقول منه: رجل خَمِرٌ أَي في عَقِبِ
خُمارٍ؛ وينشد قول امرئ القيس:
أَحار بن عمرو فؤادي خمر
ورجل مَخْمُورٌ: به خُمارٌ، وقد خُمِرَ خَمْراً وخَمِرَ. ورجل
مُخَمَّرٌ: كمَخْمُور. وتَخَمَّرَ بالخَمْرِ: تَسَكَّرَ به، ومُسْتَخْمِرٌ
وخِميِّرٌ: شِرِّيبٌ للخمر دائماً. وما فلانٌ بِخَلٍّ ولا خَمْرٍ أَي لا خير فيه
ولا شر عنده. ويقال أَيضاً: ما عند فلان خل ولا خمر أَي لا خير ولا شر.
والخُمْرَةُ والخَمَرَةُ: ما خامَرَك من الريح، وقد خَمَرَتْهُ؛ وقيل:
الخُمْرَةُ والخَمَرَةُ الرائحة الطيبة؛ يقال: وجدت خَمَرَة الطيب أَي
ريحه، وامرأَة طيبة الخِمْرَةِ بالطِّيبِ؛ عن كراع.
والخَمِيرُ والخَمِيرَةُ: التي تجعل في الطين. وخَمَرَ العجينَ
والطِّيبَ ونحوهما يَخْمُره ويَخْمِرُه خَمْراً، فهو خَمِيرٌ، وخَمَّرَه: ترك
استعماله حتى يَجُودَ، وقيل: جعل فيه الخمير. وخُمْرَةُ العجين: ما يجعل فيه
من الخميرة. الكسائي: يقال خَمَرْتُ العجين ونَظَرْتُه، وهي الخُمْرَةُ
التي تجعل في العجين تسميها الناس الخَمِيرَ، وكذلك خُمْرَةُ النبيذ
والطيب. وخُبْزٌ خَمِيرٌ وخبزة خمير؛ عن اللحياني، كلاهما بغير هاء، وقد
اخْتَمَر الطيبُ والعجين. واسم ما خُمِرَ به: الخُمْرَةُ، يقال: عندي خُبْزٌ
خَمِير وحَبسٌ فَطِير أَي خبز بائت. وخُمْرةُ اللَّبَنِ: رَوْبَتُه التي
تُصَبُّ عليه لِيَرُوبَ سريعاً؛ وقال شمر: الخَمِيرُ الخُبْزُ في قوله:
ولا حِنْطَة الشَّامِ الهَرِيت خَمِيرُها
أَي خبزها الذي خُمِّرَ عجينُه فذهبت فُطُورَتُه؛ وطعام خَمِيرٌ
ومَخْمورٌ في أَطعمة خَمْرَى. والخَمُيرُ والخَمِيرَةُ: الخُمْرَةُ. وخُمْرَةُ
النبيذ والطيب: ما يجعل فيه من الخَمْرِ والدُّرْدِيِّ. وخُمْرَةُ النبيذ:
عَكَرُه، ووجدتُ منه خُمْرَةً طيبة
(* قوله: «خمرة طيبة» خاؤها مثلثة
كالخمرة محركة كما في القاموس). إِذا اخْتَمَرَ الطيِّبُ أَي وجدتُ ريحه.
ووصف أَبو ثَرْوَانَ مأْدُبَةً وبَخُورَ مِجْمَرها قال: فَتَخَمَّرَتْ
أَطْنابُنا أَي طابت روائح أَبداننا بالبَخُور. أَبو زيد: وجدت منه خَمَرَةَ
الطِّيبِ، بفتح الميم، يعني ريحه.
وخامَرَ الرجلُ بيتَه وخَمَّرَهُ: لزمه فلم يَبْرَحْهُ، وكذلك خامَرَ
المكانَ؛ أَنشد ثعلب:
وشاعِرٍ يُقالُ خَمِّرْ في دَعَهْ
ويقال للضَّبُعِ: خامِرِي أُمَّ عامِرٍ أَي اسْتَتِري. أَبو عمرو:
خَمَرْتُ الرجلَ أَخْمُرُه إِذا استحيت منه. ابن الأَعرابي: الخِمْرَةُ
الاستخفاء
(* قوله: «الخمرة الاستخفاء» ومثلها الخمر محركاً خمر خمراً كفرح
توارى واستخفى كما في القاموس). قال ابن أَحمر:
مِنْ طارِقٍ أَتى على خِمْرَةِ،
أَو حِسْبَةٍ تَنْفَعُ مَنْ يَعْتَبِرْ
قال ابن الأَعرابي: على غفلة منك. وخَمَرَ الشيءَ يَخْمُرُه خَمْراً
وأَخْمَرَهُ: سَتَرَهُ. وفي الحديث: لا تَجِدُ المؤمنَ إِلاَّ في إِحدى
ثلاثٍ: في مسجد يَعْمُرُه، أَو بيت يَخْمُرُه، أَو معيشة يُدَبِّرُها؛
يَخْمُره أَي يستره ويصلح من شأْنه. وخَمَرَ فلانٌ شهادته وأَخْمَرَها: كتمها.
وأَخْرَجَ من سِرِّ خَمِيرِهِ سِرّاً أَي باح به. واجْعَلْهُ في سرِّ
خَمِيرِك أَي اكتمه. وأَخْمَرْتُ الشيء: أَضمرته؛ قال لبيد:
أَلِفْتُكِ حتى أَخْمَرَ القومُ ظِنَّةً
عَليَّ، بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَكابِرُ
الأَزهري: وأَخْمَرَ فلانٌ عَليَّ ظِنَّةً أَي أَضمرها، وأَنشد بيت
لبيد.والخَمَرُ، بالتحريك: ما واراك من الشجر والجبال ونحوها. يقال: توارى
الصيدُ عني في خَمَرِ الوادي، وخَمَرُه: ما واراه من جُرُفٍ أَو حَبْلٍ من
حبال الرمل أَو غيره؛ ومنه قولهم: دخل فلان في خُمارِ الناسِ أَي فيما
يواريه ويستره منهم. وفي حديث سهل بن حُنَيْفٍ: انطلقت أَنا وفلان نلتمس
الخَمَر، هو بالتحريك: كل ما سترك من شجر أَو بناءِ أَو غيره؛ ومنه حديث
أَبي قتادة: فابْغِنَا مَكاناً خَمَراً أَي ساتراً بتكاثف شجره؛ ومنه حديث
الدجال: حتى تَنْتَهُوا إِلى جبل الخَمَرِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى
بالفتح، يعني الشجر الملتف، وفسر في الحديث أَنه جبل بيت المقدس لكثرة
شجرة؛ ومنه حديث سلمان: أَنه كتب إِلى أَبي الدرداء: يا أَخي، إِن بَعُدَتِ
الدار من الدار فإِن الرُّوح من الرُّوح قَريبٌ، وطَيْرُ السماءٍ على
أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرض يقع الأَرْفَهُ الأَخصبُ؛ يريد أَن وطنه أَرفق به
وأَرفه له فلا يفارقه، وكان أَبو الدرداء كتب إِليه يدعوه إِلى الأَرض
المقدسة. زوفي حديث أَبي إِدريس الخَوْلانِيِّ قال: دخلت المسجد والناس
أَخْمَرُ ما كانوا أَي أَوْفَرُ. ويقال: دخل في خَمَار الناس
(* قوله: «في
خمار الناس» بضم الخاء وفتحها كما في القاموس). أَي في دهمائهم؛ قال ابن
الأَثير: ويروى بالجيم، ومنه حديث أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ: أَكون في خَمَارِ
الناس أَي في زحمتهم حيث أَخْفَى ولا أُعْرَفُ. وقد خَمِرَ عني يَخْمَرُ
خَمَراً أَي خفي وتوارى، فهو خَمِرٌ. وأَخْمَرَتْه الأَرضُ عني مني
وعَلَيَّ: وارته. وأَخْمَرَ القومُ: تَوارَوْا بالخَمَرِ. ويقال للرجل إِذا
خَتَلَ صاحبه: هو يَدِبُّ
(* قوله: «يدب إلخ» ذكره الميداني في مجمع
الأَمثال وفسر الضراء بالشجر الملتف وبما انخفض من الأَرض، عن ابن الأَعرابي؛
والخمر بما واراك من جرف أو حبل رمل؛ ثم قال: يضرب للرجل يختل صاحبه. وذكر
هذا المثل أَيضاً اللسان والصحاح وغيرهما في ض ر ي وضبطوه بوزن سماء). له
الضَّراءَ ويَمْشِي له الخَمَرَ. ومكان خَمِرٌ: كثير الخَمَرِ، على
النسب؛ حكاه ابن الأَعرابي، وأَنشد لضباب بن واقد الطُّهَوِيِّ:
وجَرَّ المَخاضُ عَثَانِينَها
إِذا بَرَكَتْ بالمكانِ الخَمِرْ
وأَخْمَرَتِ الأَرضُ: كثر خَمَرُها. ومكان خَمِرٌ إِذا كان كثير
الخَمَرِ. والخَمَرُ: وَهْدَةٌ يختفي فيها الذئب؛ وأَنشد:
فقد جاوَزْتُما خَمَرَ الطَّرِيقِ
وقول طرفة:
سَأَحْلُبُ عَنْساً صَحْنَ سَمٍّ فَأَبْتَغِي
به جِيرَتي، إِن لم يُجَلُّوا لِيَ الخَمَرْ
قال ابن سيده: معناه إِن لم يُبَيِّنُوا لِيَ الخبرَ، ويروى يُخَلُّوا،
فإِذا كان كذلك كان الخَمَرُ ههنا الشجر بعينه. يقول: إِن لم يخلوا لي
الشجر أَرعاها بإِبلي هجوتهم فكان هجائي لم سمّاً، ويروى: سأَحلب عَيْساً،
وهو ماء الفحل، ويزعمون أَنه سم؛ ومنه الحديث: مَلِّكْهُ على عُرْبِهِمْ
وخُمُورِهِمْ؛ قال ابن الأَثير: أَي أَهل القرى لأَنهم مغلوبون مغمورون
بما عليهم من الخراج والكُلَفِ والأَثقال، وقال: كذا شرحه أَبو موسى.
وخَمَرُ الناس وخَمَرَتُهُمْ وخَمَارُهم وخُمَارُهم: جماعتهم وكثرتهم، لغةٌ
في غَمار الناس وغُمارهم أَي في زَحْمتهم؛ يقال: دخلت في خَمْرتهم
وغَمْرتهم أَي في جماعتهم وكثرتهم.
والخِمَارُ للمرأَة، وهو النَّصِيفُ، وقيل: الخمار ما تغطي به المرأَة
رأَْسها، وجمعه أَخْمِرَةٌ وخُمْرٌ وخُمُرٌ. والخِمِرُّ، بكسر الخاء
والميم وتشديد الراء: لغة في الخمار؛ عن ثعلب، وأَنشد:
ثم أَمالَتْ جانِبَ الخِمِرِّ
والخِمْرَةُ: من الخِمار كاللِّحْفَةِ من اللِّحَافِ. يقال: إِنها لحسنة
الخِمْرَةِ. وفي المثل: إِنَّ الْعَوَانَ لا تُعَلَّمُ الخِمْرَةَ أَي
إِن المرأَة المجرّبة لا تُعَلَّمُ كيف تفعل. وتَخَمَّرَتْ بالخِمار
واخْتَمَرَتْ: لَبِسَتْه، وخَمَّرَتْ به رأْسَها: غَطَّتْه. وفي حديث أُم
سلمة: أَنه كان يمسح على الخُفِّ والخِمار؛ أَرادت بالخمار العمامة لأَن
الرجل يغطي بها رأْسه كما أَن المرأَة تغطيه بخمارها، وذلك إِذا كان قد
اعْتَمَّ عِمَّةَ العرب فأَرادها تحت الحنك فلا يستطيع نزعها في كل وقت فتصير
كالخفين،، غير أَنه يحتاج إِلى مسح القليل من الرأْس ثم يمسح على العمامة
بدل الاستيعاب؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، لمعاوية: ما أَشبه عَيْنَك
بِخِمْرَةِ هِنْدٍ؛ الخمرةُ: هيئة الاختمار؛ وكل مغطًّى: مُخَمَّرٌ. وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ؛ قال
أَبو عمرو: التخمير التغطية، وفي رواية: خَمِّرُوا الإِناء وأَوْكُوا
السِّقَاءَ؛ ومنه الحديث: أَنه أُتِيَ بإِناءِ من لَبَنِ فقال: هلاَّ
خَمَّرْتَه ولو بعود تَعْرِضُه عليه.
والمُخَمَّرَةُ من الشياه: البيضاءُ الرأْسِ، وقيل: هي النعجة السوداء
ورأْسها أَبيض مثل الرَّخْماءِ، مشتق من خِمار المرأَة؛ قال أَبو زيد:
إِذا ابيض رأْس النعجة من بين جسدها، فهيمُخَمَّرة ورَخْماءُ؛ وقال الليث:
هي المختمرة من الضأْن والمِعْزَى. وفرس مُخَمَّرٌ: أَبيضٌ الرأْس وسائر
لونه ما كان. ويقال: ما شَمَّ خِمارَكَ أَي ما أَصابَكَ، يقال ذلك للرجل
إِذا تغير عما كان عليه.
وخَمِرَ عليه خَمَراً وأَخْمَرَ: حَقَدَ. وخَمَرَ الرجلَ يَخْمِرُهُ:
استحيا منه. والخَمَرُ: أَن تُخْرَزَ ناحيتا أَديم المَزَادَة ثم تُعَلَّى
بِخَرْزٍ آخَر. والخُمْرَةُ: حصيرة أَو سَجَّادَةٌ صغيرة تنسج من سَعَفِ
النخل وتُرَمَّلُ بالخيوط، وقيل: حصيرة أَصغر من المُصَلَّى، وقيل:
الخُمْرَة الحصير الصغير الذي يسجد عليه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، كان يسجد على الخُمْرَةِ؛ وهو حصير صغير قدر ما يسجد عليه ينسج
من السَّعَفِ؛ قال الزجاج: سميت خُمْرة لأَنها تستر الوجه من الأَرض. وفي
حديث أُم سلمة قال لها وهي حائض: ناوليني الخُمْرَةَ؛ وهي مقدار ما يضع
الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أَو نسيجة خوص ونحوه من النبات؛ قال:
ولا تكون خمرة إِلاَّ في هذا المقدار، وسميت خمرة لأَن خيوطها مستورة
بسعفها؛ قال ابن الأَثير: وقد تكررت في الحديث وهكذا فسرت. وقد جاء في سنن
أَبي داود عن ابن عباس قال: جاءت فأْرة فأَخذت تَجُرُّ الفَتِيلَة فجاءتْ
بها فأَلقتها بين يدي رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، على الخُمْرَةِ التي
كان قاعداً عليها فأَحرقت منها مثل موضع درهم، قال: وهذا صريح في إِطلاق
الخُمْرَةِ على الكبير من نوعها.
قال: وقيل العجين اختمر لأَن فطورته قد غطاها الخَمَرُ، وهو الاختمار.
ويقال: قد خَمَرْتُ العجين وأَخْمَرْته وفَطَرْتُه وأَفْطَرْتُه، قال:
وسمي الخَمْرُ خَمْراً لأَنه يغطي العقل، ويقال لكل ما يستر من شجر أَو
غيره: خَمَرٌ، وما ستره من شجر خاصة، فهو الضَّرَاءُ.
والخُمْرَةُ: الوَرْسُ وأَشياء من الطيب تَطْلي به المرأَة وجهها ليحسن
لونها، وقد تَخَمَّرَتْ، وهي لغة في الغُمْرَةِ. والخُمْرَةُ: بِزْزُ
العَكَابِرِ
(* قوله: «العكابر» كذا بالأَصل ولعله الكعابر). التي تكون في
عيدان الشجر.
واسْتَخْمَر الرجلَ: استعبده؛ ومنه حديث معاذ: من اسْتَخْمَرَ قوماً
أَوَّلُهُمْ أَحْرارٌ وجِيرانٌ مستضعفون فله ما قَصَرَ في بيته. قال أَبو
عبيد: كان ابن المبارك يقول في قوله من استخمر قوماً أَي استعبدهم، بلغة
أَهل اليمن، يقول: أَخذهم قهراً وتملك عليهم، يقول: فما وَهَبَ المَلِكُ من
هؤلاء لرجل فَقَصَرَهُ الرجل في بيته أَي احتبسه واختاره واستجراه في
خدمته حتى جاء الإِسلام وهو عنده عبد فهو له. ابن الأَعرابي: المُخامَرَةُ
أَن يبيع الرجل غلاماً حُرّاً على أَنه عبده؛ قال أَبو منصور: وقول معاذ
من هذا أُخذ، أَراد من استعبد قوماً في الجاهلية ثم جاء الإِسلام، فله ما
حازه في بيته لا يخرج من يده، وقوله: وجيران مستضعفون أَراد ربما استجار
به قوم أَو جاوروه فاستضعفهم واستعبدهم، فلذلك لا يخرجون من يده، وهذا
مبني على إِقرار الناس على ما في أَيديهم.
وأَخْمَرَهُ الشيءَ: أَعطاه إِياه أَو مَلَّكَهُ؛ قال محمد بن كثير: هذا
كلام عندنا معروف باليمن لا يكاد يُتكلم بغيره؛ يقول الرجل: أَخْمِرني
كذا وكذا أَي أَعطنيه هبة لي، ملكني إِياه، ونحو هذا.
وأَخْمَر الشيءَ: أَغفله؛ عن ابن الأَعرابي.
واليَخْمُورُ: الأَجْوَفُ المضطرب من كل شيء.
واليَخْمُورُ أَيضاً: الودع، واحدته يَخْمُورَةٌ.
ومِخْمَرٌ وخُمَيْرٌ: اسمان. وذو الخِمَار: اسم فرس الزبير بن العوّام
شهد عليه يوم الجمل.
وباخَمْرَى: موضع بالبادية، وبها قبر إِبراهيم
(* قوله: «وبها قبر
إِبراهيم إلخ» عبارة القاموس وشرحه: بها قبر إِبراهيم بن عبدالله المحض بن
الحسن المثني بن الحسن السبط الشهيد ابن علي إلخ. ثم قال: خرج أي بالبصرة
سنة ؟؟ وبايعه وجوه الناس، وتلقب بأمير المؤمنين فقلق لذلك أَبو جعفر
المنصور فأرسل إليه عيسى بن موسى لقتاله فاستشهد السيد إبراهيم وحمل رأسه إلى
مصر اهـ. باختصار). بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أَبي طالب، عليهم
السلام.
قرص: القَرْص بالأُصبعين، وقيل: القَرْص التَّجْمِيشُ والغَمْز بالأُصبع
حتى تُؤْلمه، قرَصَه يَقْرُصه، بالضم، قَرْصاً. وقَرْصُ البراغيثِ:
لَسْعُها. ويقال مثلاً: قَرَصَه بلسانه. والقارِصةُ: الكلمةُ المؤْذية؛ قال
الفرزدق:
قوارِصُ تَأْتِيني وتَحْتَقِرونَها،
وقد يَمْلأُ القَطْرُ الإِناءَ فَيُفْعَم
وقال الليث: القَرْصُ باللسان والأُصبع. يقال: لا يزال تَقْرُصُني منه
قارِصةٌ أَي كلمة مؤذية. قال: والقَرْص بالأَصابع قَبْضٌ على الجلد
بأُصبعين حتى يُؤلَم. وفي حديث عليّ: أَنه قَضى في القارِصة والقامِصَة
والواقِصَة بالدِّيَة أَثلاثاً؛ هن ثلاثُ جوارٍ كُنّ يلْعَبْن فتراكَبْنَ،
فقَرَصَت السُّفْلى الوُسْطى فقَمَصَت، فسَقَطت العُلْيا فوَقَصَت عُنُقَها،
فجعلَ ثلثي الدية على الثِّنْثَيْن وأَسْقَطَ ثُلُثَ العُلْيا لأَنها
أَعانَت على نفسِها؛ جعل الزمخشري هذا الحديث مرفوعاً وهو من كلام علي.
القارِصةُ: اسمُ فاعلة من القَرْص بالأَصابع. وشراب قارِصٌ: يَحْذي اللسانَ،
قَرَصَ يَقْرُص قَرْصاً. والقارِصُ: الحامِض من أَلْبان الإِبل خاصة.
والقُمارِصُ: كالقارِص مثاله فُماعِلٌ، هذا فيمن جعل الميم زائدة وقد جعلها
بعضهم أَصلاً وهو مذكور في موضعه، وقيل: القارصُ اللبن الذي يَحْذي اللسان
فأَطلق ولم يخصص الإِبل. وفي المثل: عَدا القارصُ فحَزَر أَي جاوَزَ
الحدَّ إِلى أَن حَمِضَ يعني تفاقَم الأَمْرُ واشتدَّ. وقال الأَصمعي وحده:
إِذا حذى اللبنُ اللسانَ فهو قارِصٌ؛ وأَنشد الأَزهري لبعض العرب:
يا رُبّ شاةٍ شاصِ
في رَبْرَبٍ خِماصِ،
يأْكلْن من قُرَّاصِ
وحَمَصِيصٍ آصِ،
كفِلَق الرَّصاصِ،
يَنْظُرن من خَصاصِ
بأَعْيُنٍ شَواصِ،
يَنْطَحْنَ بالصَّياصي،
عارَضَها قَنَّاصُ
(* في هذا الشطر اقواء.)
بأَكْلُبٍ مِلاصِ
آصِ: متصل مثل واص. شاص: مُنْتصبٍ. والمَقارِصُ: الأَوْعية التي
يُقَرَّصُ فيها اللبن، الواحدة مِقْرَصة؛ قال القتّال الكلابي:
وأَنتم أُناسٌ تُعْجِبُونَ بِرأْيكمْ،
إِذا جَعَلَتْ ما في المَقارِص تَهْدِرُ
وفي حديث ابن عمير: لَقارِصٌ قُمارِصٌ يقطرُ منه البول؛ القُمارص:
الشديد القَرْص، بزيادة الميم؛ أَراد اللبنَ الذي يَقْرُص اللسان من حُموضتِه،
والقُمارِص تأْكيدٌ له، والميم زائدة؛ ومنه رجز ابن الأَكوع:
لكن غَذاها اللبنُ الخَرِيفُ
المَخْضُ والقارِصُ والصَّرِيفُ
قال الخطابي: القُمارِصُ إِتباع وإِشباع؛ أَراد لبناً شديدَ الحموضة
يُقْطِر بَوْلَ شارِبِه لشدة حموضته.
والمُقَرَّصُ: المُقَطَّع المأْخوذ بين شيئين، وقد قَرَصَه وقَرّصَه.
وفي الحديث: أَن امرأَة سأَلَته عن دم الحيضُ يُصِيبُ الثوب، فقال:
قَرِّصِيه بالماء أَي قَطِّعِيه به، ويروى: اقْرُصِيه بماء أَي اغسليه بأَطراف
أَصابعك، وفي حديث آخر: حُتِّيه بضِلَعٍ واقْرُصيه بماء وسدر؛ القَرْصُ:
الدَّلْكُ بأَطراف الأَصابع والأَظفارِ مع صب الماء عليه حتى يذهب أَثره،
والتقْرِيصُ مثله. قال: قَرَصْتُه وقَرّصْتُه وهو أَبلغ في غَسْل الدم من
غسله بجميع اليد.
والقُرْص: من الخبز وما أَشبهه. ويقال للمرأَة: قَرِّصي العجين أَي سويه
قِرَصة. وقَرَّصَ العجين: قطعه ليبسطه قُرْصَةً قُرْصَة، والتشديد
للتكثير. وقد يقولون للصغيرة جدّاً: قُرْصة واحدة، قال: والتذكير أَكثر، قال:
وكلما أَخذت شيئاً بين شيئين أَو قطعته، فقد قَرَّصْته، والقُرْصةُ
والقُرْصُ: القطعة منه، والجمع أَقْراصٌ وقِرَصةٌ وقِراصٌ. وقَرَصَت المرأَة
العَجينَ تَقْرصُهُ قَرْصاً وقَرّصَته تَقْريصاً أَي قَطّعَتْه قُرْصَة
قُرْصة. وفي الحديث: فأُتِيَ بثلاثَة قِرَصَة مِنْ شَعِير؛ القِرصَةُ، بوزن
العِنَبة: جمع قُرْصٍ وهو الرغيف كجُحْر وجِحَرة. وقُرْصُ الشمس:
عَيْنُها وتسمى عينُ الشمس قُرْصةً عند غيبوبتها. والقُرص: عين الشمس على
التشبيه، وقد تسمى به عامةُ الشمس.
وأَحمرُ قُرّاصٌ أَي أَحمر غليظ؛ عن كراع. والقُرّاصُ: نبت ينبت في
السُّهولة والقِيعان والأَوْدية والجَدَدِ وزهرهُ أَصفرُ وهو حارٌّ حامض،
يَقْرُص إِذا أُكِل منه شيء، واحدتُه قُرّاصةٌ. وقال أَبو حنيفة: القُرّاص
ينبت نباتَ الجِرْجِير يطُول ويَسْمُو، وله زهر أَصفر تَجْرُسُه
النَّخْلُ، وله حرارة كحرارة الجِرْجِير وحبٌّ صغار أَحمر والسوامُّ تحبُّه، وقد
قيل: إِن القُرّاصَ البابونَج وهو نَور الأُقْحُوان إِذا يَبِس، واحدتُها
قُرّاصة. والمَقارِصُ: أَرضون تُنْبِتُ القُرّاصَ.
وحَلْيٌ مُقَرَّصٌ: مُرَصّعٌ بالجوهر. والقَرِِيصٌ: ضرب من الأُدْم.
وقُرْصٌ: موضع؛ قال عبيد بن الأَبرص:
ثم عُجْناهُنّ خُوصاً كالقطا الـ
ـقارِبات الماء من أَيْنِ الكَلال
نحوَ قُرْصٍ، ثم جالت جَوْلَة الـ
ـخيلِ قُبّاً، عن يَمينٍ وشِمَال
أَضاف الأَيْنَ إِلى الكَلال وإِن تقارب معناهما، لأَنه أَراد بالأَيْنِ
الفُتور وبالكَلال الإِعْياءَ.
دبق: الدِّبْق: حمل شجر في جَوْفه كالغِراء لازق يَلْزَق بجناح الطائر
فيُصاد به. ودَبَّفْتها تَدْبِيقاً إذا صِدتها به؛ وقيل: كلُّ ما أُلزق به
شيء، فهو دِبْق مثل طِبْق، وسيأتي ذكره. الجوهري: الدِّبق شيء يَلْتَزِق
كالغِراء يصاد به الطير، دبَقَه يَدْبِقُه دَبْقاً ودَبَّقَه.
والدَّبُوقاء: العَذِرة؛ قال رؤبة:
والمِلْغُ يَلْكى بالكَلام الأَمْلَغِ،
لولا دَبُوقاء اسْتِه لم يَبْطَغِ
المِلغ: الخبيث، ويقال النَّذْل الساقِط؛ يلَكى بسَقَط الكلام أَي يجيء
بسقط القول وما لا خير فيه، وجعل ما يَخرج من كلامه وفيه كالعذرة التي
تخرج من استه؛ ويَبْطَغ: يتلطَّخ فكلامه إذا ظهر بمنزلة سَلْحِه إذا
تَلطَّخ به، وقيل كل ما تمَطَّط وتلَزَّج.
وعيش مُدبَّقٌ ليس بتامّ. ودَبَقَ في مَعِيشته، خفيفة؛ عن اللحياني:
لَزِق، لم يفسره بأكثر من هذا.
ودابِقٌ، ودابَقٌ، مصروف: موضع أَو بلد؛ قال غَيْلانُ بن حُريْث، وقال
الجوهري هو للهدار:
ودابِق وأَيْنَ مِنّي دابِق
اسم بلد، والأغلب عليه التذكير والصرف لأَنه في الأصل اسم نهر، وقد يؤنث
ولا يُصرف.
والدَّبُّوق: لُعبة يَلعب بها الصبيان معروفة. والدَّبِيقيُّ: من دِقِّ
ثياب مصر معروفة تنسب إلى دَبِيق.
دبل: دعبَل الشيءَ يَدْبِله ويَدْبُله دَبْلاً: جَمعَه كما تجمع
اللُّقمة بأَصابعك. والتَّدبيل: تعظيمُ اللُّقمة وازْدِرادُها. ودَبَل اللُّقمة
يَدْبُلها ويَدْبِلها دَبْلاً ودَبَّلَها: جَمَعها بأَصابعه وكَبَّرها؛
قال:
دَبِّلْ أَبا الجوزاء أَو تَطِيحا
والدُّبَل: اللُّقَم من الثَّريد، الواحدة دُبْلة. ابن الأعرابي:
الدَّبَال والدَّمَال النَّقَّابات، والدُّبْلة مثل الكُتْلة من الصَّمْغ
وغيره، تقول منه: دَبَّلْت الشيءَ؛ قال مُزَرِّد:
ودَبَّلْت أَمثال الأَثافي كأَنها
رُؤوس نِقَاد قُطِّعَت، يومَ تُجْمَع
وفي حديث عمر: أَنه مَرَّ في الجاهلية على زِنْباغ بن رَوْحٍ وكان
يَعْشُرُ من مَرَّ به ومعه ذَهَبةٌ فجعلها في دَبِيلٍ وأَلْقَمَه شارفاً له؛
الدَّبيل: من دَبَل اللُّقْمَةَ ودَبَّلها إِذا جمعها وعَظَّمها، يريد
أَنه جعل الذهبة في عجين وأَلْقَمه الناقة. والدِّبْل: الثُّكْلُ؛ عن ابن
الأَعرابي؛ قال دكين:
يا دِبْلُ، ما بِتُّ بليل هاجِدا،
ولا خَرَرْت الرَّكعتين ساجدا
(* قوله «يا دبل» عبارة التهذيب: والدبل الثكل، ومنه سميت المرأة دبلة.)
سماها بالثُّكْل؛ وقال غيره: إِنما خاطب بذلك ابنته، وبالَغُوا به
فقالوا: دِبْل دابلٌ ودَبِيل، وربما نصب على معنى الدعاء، يقال: دَبَلَتْه
دَبُول. ويقال: دِبْلٌ دَبِيل أَي ثُكْل ثاكل، ومنه سميت المرأَة
دِبْلة.والدُّبْلة والدُّبَيلة: داء يجتمع في الجوف. وفي حديث عامر بن الطُّفَيل:
فأَخَذَتْه الدُّبَيلة؛ هي خُرَاج ودُمَّل كبير تظهر في الجوف فتقتل
صاحبها غالباً، وهي تصغير دُبْلة. وكُلُّ شيء جُمع فقد دُبِل. والدُّبَيلة:
الداهية، وهي مُصَغَّرة للتكبير، يقال: دَبَلَتْهم الدُّبيلة أَي أَصابتهم
الداهية؛ حكاها الجوهري عن أَبي عبيد. والدِّبْل: الداهية، يقال دِبْلاً
دَبِيلاً كما يقال ثُكْلاً ثاكلاً؛ قال الشاعر:
طِعَانَ الكُمَاة وضَرْبَ الجِيَاد،
وقول الحَواضِن دِبْلاً دَبِيلا
قال ابن بري: ذكر الأُموي أَن اسم هذا الشاعر بَشَامة بن الغَدِير
النَّهْشَلي؛ وأَول القصيد:
نَأَتْك أُمامةُ نَأْياً طويلا،
وحَمَّلك الحُبُّ وِقْراً ثَقِيلا
ويقال: دَبَلَتهم دُبَيْلة أَي هَلَكوا وصَلَّتْهم صالَّة. ودِبْل
دابِلٌ: وهو الهَوَان والخِزْيُ، ويقال: ذِبْل ذَابل، بالذال.
والدَّبْل: الطاعون؛ عن ثعلب. ودَبْلُ الأَرض: إِصلاحها بالسِّرجين
ونحوه. والدَّبَال: السِّرْجينُ ونحوه. ودَبَل الأَرضَ يَدْبُلها دَبْلاً
ودُبولاً: أَصلحها بالسِّرجين ونحوه لتَجُود. وأَرض مَدْبولة: أُصْلِحت
بالسرجين. وكل شيء أَصلحته فقد دَبَلْته ودَمَلْته؛ ومنه سميت الجَداول
الدُّبول لأَنها تُدْبَل أَي تُنَقَّى وتُصْلَح. ودَبِل البعيرُ دَبَلاً، فهو
دَبِلٌ، إِذا امتلأَ لحماً وشحماً؛ قال الراعي:
تَدَارَكَ الغَضُّ منها والعَتِيق، فقد
لاقى المَرافقَ منها واردٌ دَبِلُ
أَراد بالوارد لحماً اسْتَرْخَى على مَرافقها أَي امتلأَت به المَرَافق،
والدَّبْل: الجَدْوَل، وهو من ذلك لأَنه يُصْلَح ويُجَهَّز، والجمع
دُبُول لأَنها تُدْبَل أَي تُصْلَح وتُنَقَّى وتُجَهَّز. وفي حديث خيبر:
دَلَّة اللهُ على دُبول أَي جَداول ماء، قال
(* قوله «قال» أي ابن الاثير) :
إِن النبي، صلى الله عليه وسلم، لما غدا إِلى النَّطاة دلَّه اللهُ على
دُبول كانوا يَتَرَوَّوْن منها فقَطَعها عنهم حتى أَعْطَوْا بأَيديهم.
والدَّوْبَل: ولد الحمار، وفي الصحاح: الدَّوْبَل الحِمَار الصغير لا
يَكْبَرُ. وكتب معاوية إِلى ملك الروم: لأَرُدَّنَّك إِرِّيساً من
الأَرَارِسة تَرْعَى الدَّوَابل هي جمع دَوْبَل، وهو ولد الخنزير والحمار،
وإِنما خَصَّ الصِّغَار لأَن راعيها أَوضع من راعي الكبار، والواو زائدة.
ودَوْبَل: لقب الأَخْطَل، ومن ذلك؛ قال جرير:
بَكَى دَوْبَلٌ، لا يُرْقِئُ اللهُ دَمْعَه،
أَلا إِنَّما يَبْكي من الذُّلِّ دَوْبَل
والدَّوْبَل: الذِّئب العَرِم. والدَّوْبَل: ذَكَر الخَنَازِير، وهو
الرّتُّ. الليث: الدُّبْلة كُتْلة من ناطِف أَو حَيْس أَو شيء معجون أَو نحو
ذلك. وقد دَبَّلْت الحَيْس تدبيلاً أَي جعلته دُبَلاً.
والدَّبِيل: الغَضَا يكثر بالمكان. والدَّبِيل أَيضاً: ما انْتَثَر من
وَرَق الأَرْطَى، وجَمْعها دُبُل. ودَبِيل: موضع، وهي الدُّبُل؛ قال
العجاج:
جَادَ لها بالدُّبُل الوَسْمِيُّ
ودَبِيل ودُبَيْل: مدينة من مدائن الشام، قال الفارسي: دَبِيل بالشام
ودَيْبُل مدينة من مدائن السند؛ وأَنشد سيبويه:
سَيُصْبِح فوقي أَقْتَمُ الرِّيش واقعاً،
بقَالِيقَلا أَو من وراء دَبِيل
قال: فلم يَلْبَث هذا الشاعر أَن صُلِب بها. ودَبِيل: موضع يلي اليمامة؛
عن كراع. التهذيب: والدَّبِيل موضع يُتَاخِم أَعراض اليمامة؛ وأَنشد:
لولا رجاؤك ما تَخَطَّتْ ناقتي
عَرْضَ الدَّبِيل، ولا قُرى نجْران
ويجمع دُبُلاً؛ وأَنشد بيت العجاج:
جاد له بالدُّبُل الوَسْمِيُّ
كفأ: كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً: جازاه. تقول: ما لي بهِ
قِبَلٌ ولا كِفاءٌ أَي ما لي به طاقةٌ على أَن أُكافِئَه. وقول حَسَّانَ بن
ثابت:
وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
أَي جبريلُ، عليه السلام، ليس له نَظِير ولا مَثيل.
وفي الحديث: فَنَظَر اليهم فقال: مَن يُكافِئُ هؤُلاء. وفي حديث
الأَحنف: لا أُقاوِمُ مَن لا كِفَاء له، يعني الشيطانَ. ويروى: لا
أُقاوِلُ.والكَفِيءُ: النَّظِيرُ، وكذلك الكُفْءُ والكُفُوءُ، على فُعْلٍ
وفُعُولٍ. والمصدر الكَفَاءةُ، بالفتح والمدّ.
وتقول: لا كِفَاء له، بالكسر، وهو في الأَصل مصدر، أَي لا نظير له.
والكُفْءُ: النظير والمُساوِي. ومنه الكفَاءةُ في النِّكاح، وهو أَن
يكون الزوج مُساوِياً للمرأَة في حَسَبِها ودِينِها ونَسَبِها وبَيْتِها وغير ذلك.
وتَكافَأَ الشَّيْئانِ: تَماثَلا.
وَكافَأَه مُكافَأَةً وكِفَاءً: ماثَلَه. ومن كلامهم: الحمدُ للّه كِفاءَ
الواجب أَي قَدْرَ ما يكون مُكافِئاً له. والاسم: الكَفاءة والكَفَاءُ. قال:
فَأَنْكَحَها، لا في كَفَاءٍ ولا غِنىً، * زِيادٌ، أَضَلَّ اللّهُ سَعْيَ زِيادِ
وهذا كِفَاءُ هذا وكِفْأَتُه وكَفِيئُه وكُفْؤُه وكُفُؤُه وكَفْؤُه، بالفتح عن كراع، أَي مثله، يكون هذا في كل شيء. قال أَبو زيد: سمعت امرأَة من عُقَيْل وزَوجَها يَقْرآن: لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كُفىً
أَحَدٌ، فأَلقى الهمزة وحَوَّل حركتها على الفاء. وقال الزجاج: في قوله تعالى: ولم يَكُنْ له كُفُؤاً أَحَدٌ؛ أَربعةُ أَوجه القراءة، منها ثلاثة: كُفُؤاً، بضم الكاف والفاء، وكُفْأً، بضم الكاف وإِسكان الفاء، وكِفْأً، بكسر الكاف وسكون الفاء، وقد قُرئ بها، وكِفاءً، بكسر الكاف والمدّ، ولم يُقْرَأْ بها. ومعناه: لم يكن أَحَدٌ مِثْلاً للّه، تعالى ذِكْرُه. ويقال: فلان كَفِيءُ فلان وكُفُؤُ فلان.
وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر والكسائي وعاصم كُفُؤاً، مثقلاً مهموزاً. وقرأَ حمزة كُفْأً، بسكون الفاء مهموزاً، وإِذا وقف قرأَ كُفَا، بغير همز. واختلف عن نافع فروي عنه: كُفُؤاً، مثل أَبي عَمْرو، وروي: كُفْأً، مثل حمزة.
والتَّكافُؤُ: الاسْتِواء.
وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: الـمُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ
دِماؤُهم. قال أَبو عبيد: يريد تَتساوَى في الدِّياتِ والقِصاصِ، فليس لشَرِيف على وَضِيعٍ فَضْلٌ في ذلك.
وفلان كُفْءُ فلانةَ إِذا كان يَصْلُح لها بَعْلاً، والجمع من كل ذلك:
أَكْفَاء.
قال ابن سيده: ولا أَعرف للكَفْءِ جمعاً على أَفْعُلٍ ولا فُعُولٍ.
وحَرِيٌّ أَن يَسَعَه ذلك، أَعني أَن يكون أَكْفَاء جمعَ كَفْءٍ، المفتوحِ
الأَول أَيضاً.
وشاتان مُكافَأَتانِ: مُشْتَبِهتانِ، عن ابن الأَعرابي. وفي حديث
العَقِيقةِ عن الغلام: شاتانِ مُكافِئَتانِ أَي مُتَساوِيَتانِ في السِّنِّ أَي
لا يُعَقُّ عنه إِلاّ بمُسِنَّةٍ، وأَقلُّه أَن يكون جَذَعاً، كما يُجْزِئُ في الضَّحايا. وقيل: مُكافِئَتانِ أَي مُسْتوِيتانِ أَو مُتقارِبتانِ.
واختار الخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ، قال: واللفظة مُكافِئَتانِ، بكسر الفاء، يقال: كافَأَه يُكافِئهُ فهو مُكافِئهُ أَي مُساوِيه.
قال: والمحدِّثون يقولون مُكافَأَتَانِ، بالفتح. قال: وأَرى الفتح أَولى
لإِنه يريد شاتين قد سُوِّيَ بينهما أَي مُساوًى بينهما. قال: وأَما
بالكسر فمعناه أَنهما مُساوِيتَان، فيُحتاجُ أَن يذكر أَيَّ شيء ساوَيَا،
وإِنما لو قال مُتكافِئتان كان الكسر أَولى.
وقال الزمخشري: لا فَرْق بين المكافِئَتيْنِ والمُكافَأَتَيْنِ، لأَن كل
واحدة إِذا كافَأَتْ أُختَها فقد كُوفِئَتْ، فهي مُكافِئة ومُكافَأَة، أَو يكون معناه: مُعَادَلَتانِ، لِما يجب في الزكاة والأُضْحِيَّة من
الأَسنان. قال: ويحتمل مع الفتح أَن يراد مَذْبُوحَتان، من كافَأَ الرجلُ بين البعيرين إِذا نحر هذا ثم هذا مَعاً من غير تَفْريق؛ كأَنه يريد شاتين يَذْبحهما في وقت واحد. وقيل: تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلة الأُخرى، وكلُّ شيءٍ ساوَى شيئاً، حتى يكون مثله، فهو مُكافِئٌ له. والمكافَأَةُ بين الناس من هذا.
يقال: كافَأْتُ الرجلَ أَي فَعَلْتُ به مثلَ ما فَعَلَ بي. ومنه الكُفْءُ من الرِّجال للمرأَة، تقول: إِنه مثلها في حَسَبها.
وأَما قوله، صلى اللّه عليه وسلم: لا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَ أُختها
لتَكْتَفِئَ ما في صَحْفَتها فإِنما لها ما كُتِبَ لها. فإِن معنى قوله
لِتَكْتَفِئَ: تَفتَعِلُ، من كَفَأْتُ القِدْرَ وغيرها إِذا كَبَبْتها لتُفْرِغَ ما فيها؛ والصَّحْفةُ: القَصْعةُ. وهذا مثل لإِمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتها من زوجها إِلى نَفْسِها إِذا سأَلت طلاقَها ليَصِير حَقُّ الأُخرى كلُّه من زوجِها لها. ويقال: كافَأَ الرجلُ بين فارسين برُمْحِه إِذا والَى بينهما فَطَعنَ هذا ثم هذا. قال الكميت:
نَحْر الـمُكافِئِ، والـمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ
والـمَكْثُورُ: الذي غَلَبه الأََقْرانُ بكثرتهم. يهْتَبلُ: يَحْتالُ للخلاص. ويقال: بَنَى فلان ظُلَّةً يُكافِئُ بها عينَ الشمسِ ليَتَّقيَ حَرَّها.
قال أَبو ذرّ، رضي اللّه عنه، في حديثه: ولنا عَباءَتانِ نُكافِئُ بهما عَنَّا عَيْنَ الشمسِ أَي نُقابِلُ بهما الشمسَ ونُدافِعُ، من
الـمُكافَأَة: الـمُقاوَمة، وإِنِّي لأَخْشَى فَضْلَ الحِساب.
وكَفَأَ الشيءَ والإِنَاءَ يَكْفَؤُه كَفْأً وكَفَّأَهُ فَتَكَفَّأَ، وهو مَكْفُوءٌ، واكْتَفَأَه مثل كَفَأَه: قَلَبَه. قال بشر بن أَبي خازم:
وكأَنَّ ظُعْنَهُم، غَداةَ تَحَمَّلُوا، * سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَلِيجٍ مُغْرَبِ
وهذا البيت بعينه استشهد به الجوهري على تَكَفَّأَتِ المرأَةُ في
مِشْيَتِها: تَرَهْيَأَتْ ومادَتْ، كما تَتَكَفَّأُ النخلة العَيْدانَةُ.
الكسائي: كَفَأْتُ الإِناءَ إِذا كَبَبْتَه، وأَكْفَأَ الشيءَ: أَمَاله، لُغَيّة، وأَباها الأَصمعي.
ومُكْفِئُ الظُّعْنِ: آخِرُ أَيام العَجُوزِ.
والكَفَأُ: أَيْسَرُ المَيَلِ في السَّنام ونحوه؛ جملٌ أَكْفَأُ وناقة كَفْآءُ. ابن شميل: سَنامٌ أَكْفَأُ وهو الذي مالَ على أَحَدِ جَنْبَي البَعِير، وناقة كَفْآءُ وجَمَل أَكْفَأُ، وهو من أَهْوَنِ عُيوب البعير، لأَنه إِذا سَمِنَ اسْتَقامَ سَنامُه. وكَفَأْتُ الإِناءَ: كَبَبْته. وأَكْفَأَ الشيءَ: أَمالَه، ولهذا قيل: أَكْفَأْتُ القَوْسَ إِذا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْها نَصْباً حتى تَرْمِيَ عنها. غيره: وأَكْفَأَ القَوْسَ : أَمَالَ رأْسَها ولم يَنْصِبْها نَصْباً حين يَرْمِي عليها(1)
(1 قوله «حين يرمي عليها» هذه عبارة المحكم وعبارة الصحاح حين يرمي عنها.). قال ذو الرمة:
قَطَعْتُ بها أَرْضاً، تَرَى وَجْهَ رَكْبِها، * إِذا ما عَلَوْها، مُكْفَأً، غيرَ ساجِعِ
أَي مُمالاً غيرَ مُستَقِيمٍ. والساجِعُ: القاصِدُ الـمُسْتَوِي الـمُسْتَقِيمُ. والـمُكْفَأُ: الجائر، يعني جائراً غير قاصِدٍ؛ ومنه السَّجْعُ في القول.
وفي حديث الهِرّة: أَنه كان يُكْفِئُ لها الإِناءَ أَي يُمِيلُه لتَشْرَب منه بسُهولة.
وفي حديث الفَرَعَة: خيرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بوَبَرِه،
وتُكْفِئُ إِناءَك، وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَكُبُّ إِناءَكَ لأَنه لا يَبْقَى لك لَبن تحْلُبه فيه. وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَجْعَلُها والِهَةً بِذبْحِك ولَدَها.
وفي حديث الصراط: آخِرُ مَن يَمرُّ رجلٌ يَتَكَفَّأُ به الصراطُ، أَي
يَتَميَّل ويَتَقَلَّبُ.
وفي حديث دُعاء الطّعام: غيرَ مُكْفَإٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً
عنه رَبَّنا، أَي غير مردود ولا مقلوب، والضمير راجع إِلى الطعام. وفي رواية غيرَ مَكْفِيٍّ، من الكفاية، فيكون من المعتلِّ. يعني: أنَّ اللّه تعالى هو الـمُطْعِم والكافي، وهو غير مُطْعَم ولا مَكْفِيٍّ، فيكون الضمير راجعاً إِلى اللّه عز وجل. وقوله: ولا مُوَدَّعٍ أَي غيرَ متروك الطلب إِليه والرَّغْبةِ فيما عنده. وأَما قوله: رَبَّنا، فيكون على الأَول منصوباً على النداء المضاف بحذف حرف النداء، وعلى الثاني مرفوعاً على الابتداءِ المؤَخَّر أَي ربُّنا غيرُ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ، ويجوز أَن يكون الكلام راجعاً إِلى الحمد كأَنه قال: حمداً كثيراً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مُودَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه أَي عن الحمد.
وفي حديث الضحية: ثم انْكَفَأَ إِلى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فذبحهما،
أَي مالَ ورجع.
وفي الحديث: فأَضَعُ السيفَ في بطنِه ثم أَنْكَفِئُ عليه. وفي حديث
القيامة: وتكون الأَرضُ خُبْزةً واحدة يَكْفَؤُها الجَبَّار بيده كما يَكْفَأُ أَحدُكم خُبْزَته في السَّفَر. وفي رواية: يَتَكَفَّؤُها، يريد الخُبْزة التي يَصْنَعُها الـمُسافِر ويَضَعُها في الـمَلَّة، فإِنها لا تُبْسَط كالرُّقاقة، وإِنما تُقَلَّب على الأَيدي حتى تَسْتَوِيَ.
وفي حديث صفة النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان إِذا مشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً. التَّكَفِّي: التَّمايُلُ إِلى قُدَّام
كما تَتَكَفَّأُ السَّفِينةُ في جَرْيها. قال ابن الأَثير: روي مهموزاً وغير مهموز. قال: والأَصل الهمز لأَن مصدر تَفَعَّلَ من الصحيح تَفَعُّلٌ كَتَقَدَّمَ تَقَدُّماً، وتَكَفَّأَ تَكَفُّؤاً، والهمزة حرف صحيح، فأَما إِذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تَحَفَّى تَحَفِّياً، وتَسَمَّى تَسَمِّياً، فإِذا خُفِّفت الهمزةُ التحقت بالمعتل وصار تَكَفِّياً بالكسر. وكلُّ شيءٍ أَمَلْته فقد كَفَأْتَه، وهذا كما جاءَ أَيضاً أَنه كان إِذا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَبٍ. وكذلك قوله: إِذا مَشَى تَقَلَّع، وبعضُه مُوافِقٌ بعضاً ومفسره. وقال ثعلب في تفسير قوله: كأَنما يَنْحَطُّ في صَبَبٍ: أَراد أَنه قَوِيُّ البَدَن، فإِذا مَشَى فكأَنما يَمْشِي على صُدُور قَدَمَيْه من القوَّة، وأَنشد:
الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهِمْ، * يَمْشُونَ في الدَّفَئِيِّ والأَبْرادِ
والتَّكَفِّي في الأَصل مهموز فتُرِك همزه، ولذلك جُعِل المصدر
تَكَفِّياً. وأَكْفَأَ في سَيره: جارَ عن القَصْدِ. وأَكْفَأَ في الشعر: خالَف
بين ضُروبِ إِعْرابِ قَوافِيه، وقيل: هي الـمُخالَفةُ بين هِجاءِ
قَوافِيهِ، إِذا تَقارَبَتْ مَخارِجُ الحُروفِ أَو تَباعَدَتْ. وقال بعضهم:
الإِكْفَاءُ في الشعر هو الـمُعاقَبَةُ بين الراء واللام، والنون والميم. قال الأَخفش: زعم الخليل أَنَّ الإِكْفَاءَ هو الإِقْواءُ، وسمعته من غيره من أَهل العلم.
قال: وسَأَلتُ العَربَ الفُصَحاءَ عن الإِكْفَاءِ، فإِذا هم يجعلونه الفَسادَ في آخِر البيت والاخْتِلافَ من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً، إِلاَّ أَني رأَيت بعضهم يجعله اختلاف الحُروف، فأَنشدته:
كأَنَّ فا قارُورةٍ لم تُعْفَصِ،
منها، حِجاجا مُقْلةٍ لم تُلْخَصِ،
كأَنَّ صِيرانَ الـمَها الـمُنَقِّزِ
فقال: هذا هو الإِكْفَاءُ. قال: وأَنشد آخَرُ قوافِيَ على حروف مختلفة، فعابَه، ولا أَعلمه إِلاَّ قال له: قد أَكْفَأْتَ. وحكى الجوهريّ عن الفرَّاءِ: أَكْفَأَ الشاعر إِذا خالَف بين حَركات الرَّوِيّ، وهو مثل الإِقْواءِ. قال ابن جني: إِذا كان الإِكْفَاءُ في الشِّعْر مَحْمُولاً على الإِكْفاءِ في غيره، وكان وَضْعُ الإِكْفَاءِ إِنما هو للخلافِ ووقُوعِ الشيءِ على غير وجهه، لم يُنْكَر أَن يسموا به الإِقْواءَ في اخْتلاف حُروف الرَّوِيِّ جميعاً، لأَنَّ كلَّ واحد منهما واقِعٌ على غير اسْتِواءٍ. قال الأَخفش: إِلا أَنِّي رأَيتهم، إِذا قَرُبت مَخارِجُ الحُروف، أَو كانت من مَخْرَج واحد، ثم اشْتَدَّ تَشابُهُها، لم تَفْطُنْ لها عامَّتُهم، يعني عامَّةَ العرب. وقد عاب الشيخ أَبو محمد بن بري على الجوهريّ قوله: الإِكْفَاءُ في الشعر أَن يُخالَف بين قَوافِيه، فيُجْعَلَ بعضُها ميماً وبعضها
طاءً، فقال: صواب هذا أَن يقول وبعضها نوناً لأَن الإِكْفَاءَ إِنما يكون في الحروف الـمُتقارِبة في المخرج، وأَما الطاء فليست من مخرج الميم. والـمُكْفَأُ في كلام العرب هو الـمَقْلُوب، وإِلى هذا يذهبون. قال الشاعر:
ولَمَّا أَصابَتْنِي، مِنَ الدَّهْرِ، نَزْلةٌ، * شُغِلْتُ، وأَلْهَى الناسَ عَنِّي شُؤُونُها
إِذا الفارِغَ الـمَكْفِيَّ مِنهم دَعَوْتُه، * أَبَرَّ، وكانَتْ دَعْوةً يَسْتَدِيمُها
فَجَمَعَ الميم مع النون لشبهها بها لأَنهما يخرجان من الخَياشِيم. قال وأَخبرني من أَثق به من أَهل العلم أَن ابنة أَبِي مُسافِعٍ قالت تَرْثِي أَباها، وقُتِلَ،
وهو يَحْمِي جِيفةَ أَبي جَهْل بن هِشام:
وما لَيْثُ غَرِيفٍ، ذُو * أَظافِيرَ، وإِقْدامْ
كَحِبِّي، إِذْ تَلاَقَوْا، و * وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرانْ
وأَنتَ الطَّاعِنُ النَّجلا * ءَ، مِنْها مُزْبِدٌ آنْ
وبالكَفِّ حُسامٌ صا * رِمٌ، أَبْيَضُ، خَدّامْ
وقَدْ تَرْحَلُ بالرَّكْبِ، * فما تُخْنِي بِصُحْبانْ
قال: جمعوا بين الميم والنون لقُرْبهما، وهو كثير. قال: وقد سمعت من العرب مثلَ هذا ما لا أُحْصِي.
قال الأَخفش: وبالجملة فإِنَّ الإِكْفاءَ الـمُخالَفةُ. وقال في قوله:
مُكْفَأً غير ساجِعِ: الـمُكْفَأُ ههنا: الذي ليس بِمُوافِقٍ. وفي حديث
النابغة أَنه كان يُكْفِئُ في شِعْرِه: هو أَن يُخالَفَ بين حركات الرَّويّ رَفْعاً ونَصباً وجرّاً. قال: وهو كالإِقْواء، وقيل: هو أَن يُخالَف بين قَوافِيه، فلا يلزم حرفاً واحداً.
وكَفَأَ القومُ: انْصَرَفُوا عن الشيءِ. وكَفَأَهُم عنه كَفْأً: صَرَفَهم. وقيل: كَفَأْتُهُم كَفْأً إِذا أَرادوا وجهاً فَصَرَفْتَهم عنه إِلى غيره، فانْكَفَؤُوا أَي رَجَعُوا.
ويقال: كان الناسُ مُجْتَمِعِينَ فانْكَفَؤُوا وانْكَفَتُوا، إِذا
انهزموا. وانْكَفَأَ القومُ: انْهَزَمُوا.
(يتبع...)
(تابع... 1): كفأ: كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً: جازاه. تقول: ما لي بهِ... ...
وكَفَأَ الإِبلَ: طَرَدَها. واكْتَفَأَها: أَغارَ عليها، فذهب بها.
وفي حديث السُّلَيْكِ بن السُّلَكةِ: أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم، فاكْتَفَأَها.
والكَفْأَةُ والكُفْأَةُ في النَّخل: حَمْل سَنَتِها، وهو في الأَرض زِراعةُ سنةٍ. قال:
غُلْبٌ، مَجالِيحُ، عنْدَ الـمَحْلِ كُفْأَتُها، * أَشْطانُها، في عِذابِ البَحْرِ، تَسْتَبِقُ (1)
(1 قوله «عذاب» هو في غير نسخة من المحكم بالذال المعجمة مضبوطاً كما ترى وهو في التهذيب بالدال المهملة مع فتح العين.)
أَراد به النخيلَ، وأَرادَ بأَشْطانِها عُرُوقَها؛ والبحرُ ههنا: الماءُ
الكَثِير، لأَن النخيل لا تشرب في البحر.
أَبو زيد يقال: اسْتَكْفَأْتُ فلاناً نخلةً إِذا سأَلته ثمرها سنةً، فجعل
للنخل كَفْأَةً، وهو ثَمَرُ سَنَتِها، شُبِّهت بكَفْأَةِ الإِبل.
واسْتَكْفَأْتُ فلاناً إِبِلَه أَي سأَلتُه نِتاجَ إِبِلِه سَنةً، فَأَكْفَأَنِيها أَي أَعْطاني لَبَنها ووبرَها وأَولادَها منه. والاسم: الكَفْأَة والكُفْأَة، تضم وتفتح. تقول: أَعْطِني كَفْأَةَ ناقَتِك وكُفْأَةَ ناقَتِك.
غيره: كَفْأَةُ الإِبل وكُفْأَتُها: نِتاجُ عامٍ.
ونَتَجَ الإِبلَ كُفْأَتَيْنِ. وأَكْفأَها إِذا جَعَلَها كَفْأَتين، وهو أَن يَجْعَلَها نصفين يَنْتِجُ كل عام نصفاً، ويَدَعُ نصفاً، كما يَصْنَعُ بالأَرض بالزراعة، فإِذا كان العام الـمُقْبِل أَرْسَلَ الفحْلَ في النصف الذي لم يُرْسِله فيه من العامِ الفارِطِ، لأَنَّ أَجْوَدَ الأَوقاتِ، عند العرب في نِتاجِ الإِبل، أَن تُتْرَكَ الناقةُ بعد نِتاجِها سنة لا يُحْمَل عليها الفَحْل ثم تُضْرَبُ إِذا أَرادت الفحل. وفي الصحاح: لأَنّ أَفضل النِّتاج أن تُحْمَلَ على الإِبل الفُحولةُ عاماً،
وتُتْرَكَ عاماً، كما يُصْنَع بالأَرض في الزّراعة، وأَنشد قول ذي الرمة:
تَرَى كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ، ولَم يَجِدْ * لَها ثِيلَ سَقْبٍ، في النِّتاجَيْنِ، لامِسُ
وفي الصحاح: كِلا كَفْأَتَيْها، يعني: أَنها نُتِجَتْ كلها إِناثاً، وهو
محمود عندهم. وقال كعب بن زهير:
إِذا ما نَتَجْنا أَرْبَعاً، عامَ كُفْأَةٍ، * بَغاها خَناسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا
الخَناسِيرُ: الهَلاكُ. وقيل: الكَفْأَةُ والكُفْأَةُ: نِتاجُ الإِبل بعد حِيالِ سَنةٍ. وقيل: بعدَ حِيالِ سنةٍ وأَكثرَ. يقال من ذلك: نَتَجَ فلان إِبله كَفْأَةً وكُفْأَةً، وأَكْفَأْتُ في الشاءِ: مِثلُه في الإِبل.
وأَكْفَأَتِ الإِبل: كَثُر نِتاجُها. وأَكْفَأَ إِبلَه وغَنَمَهُ فلاناً: جَعل له أَوبارَها وأصْوافَها وأَشْعارَها وأَلْبانَها وأَوْلادَها.
وقال بعضهم: مَنَحَه كَفْأَةَ غَنَمِه وكُفْأَتَها: وَهَب له أَلبانَها
وأَولادها وأصوافَها سنةً ورَدَّ عليه الأُمَّهاتِ. ووَهَبْتُ له كَفْأَةَ
ناقتِي وكُفْأَتها، تضم وتفتح، إِذا وهبت له ولدَهَا ولبنَها ووبرها سنة.
واسْتَكْفَأَه، فأَكْفَأَه: سَأَلَه أَن يجعل له ذلك. أَبو زيد: اسْتَكْفَأَ زيدٌ عَمراً ناقَتَه إِذا سأَله أَن يَهَبَها له وولدها ووبرها سنةً. وروي عن الحرث بن أَبي الحَرِث الأَزْدِيِّ من أَهل نَصِيبِينَ: أَن أَباه اشْتَرَى مَعْدِناً بمائةِ شاة مُتْبِع، فأَتَى أُمَّه، فاسْتَأْمَرها، فقالت: إِنك اشتريته بثلثمائة شاة: أُمُّها مائةٌ، وأَولادُها مائة شاة، وكُفْأَتُها مائة شاة، فَنَدِمَ، فاسْتَقالَ صاحِبَه، فأَبَى أنْ يُقِيلَه، فَقَبَضَ الـمَعْدِنَ، فأَذابَه وأَخرج منه ثَمَنَ ألف شاةٍ، فأَثَى به صاحِبُه إِلى عليّ، كَرُّم اللّه وجهه، فقال: إِنَّ أَبا الحرث أَصابَ رِكازاً؛ فسأَله عليّ، كرّم اللّه وجهه، فأَخبره أَنه اشتراه بمائة شاة مُتْبِع. فقال عليّ: ما أَرَى الخُمُسَ إِلاّ على البائِعِ، فأَخذَ الخُمُس من الغنم؛ أَراد بالـمُتْبِع: التي يَتْبَعُها أَولادُها. وقوله أَثَى به أَي وَشَى به وسَعَى به، يَأْثُوا أَثْواً.
والكُفْأَةُ أَصلها في الإِبل: وهو أَن تُجْعَلَ الإِبل قَطْعَتَيْن يُراوَحُ بينهما في النِّتاجِ، وأَنشد شمر:
قَطَعْتُ إِبْلي كُفْأَتَيْنِ ثِنْتَيْن، * قَسَمْتُها بقِطْعَتَيْنِ نِصْفَيْن
أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهِما في عامَيْن، * أَنْتِجُ عاماً ذِي، وهذِي يُعْفَيْن
وأَنْتِجُ الـمُعْفَى مِنَ القَطِيعَيْن، * مِنْ عامِنا الجَائي، وتِيكَ يَبْقَيْن
قال أَبو منصور: لمْ يزد شمر على هذا التفسير. والمعنى: أَنَّ أُمَّ
الرجل جعلَت كُفْأَةَ مائةِ شاةٍ في كل نِتاجٍ مائةً. ولو كانت إِبلاً كان كُفْأَةُ مائةٍ من الإِبلِ خَمْسين، لأَن الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فيها
وقت ضِرابِها أَجْمَعَ، وتَحْمِلُ أَجْمَع، وليستْ مِثلَ الإِبلِ يُحْمَلُ
عليها سَنةً، وسنةً لا يُحْمَلُ عليها. وأَرادتْ أُمُّ الرجل تَكْثِيرَ
ما اشْتَرى به ابنُها، وإعلامَه أَنه غُبِنَ فيما ابْتاعَ، فَفَطَّنَتْه أَنه كأَنه اشْتَرَى الـمَعْدِنَ بِثلثمائة شاةٍ، فَنَدِمَ الابنُ واسْتَقالَ بائعَه، فأَبَى، وبارَكَ اللّهُ له في الـمَعْدِن، فَحَسَده البائع على كثرة الرِّبح، وسَعَى به إِلى عَليٍّ، رضي اللّه عنه، ليأْخذ منه الخمس، فَأَلْزَمَ الخُمُسَ البائِعَ، وأَضرَّ السَّاعِي بِنَفْسِه في
سِعايَته بصاحِبِه إليه.
والكِفاءُ، بالكسر والمَدّ: سُتْرةٌ في البيت مِنْ أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه من مُؤَخَّرِه. وقيل: الكِفاءُ الشُّقَّة التي تكون في مُؤَخَّرِ الخِبَاءِ. وقيل: هو شُقَّةٌ أَو شُقَّتان يُنْصَحُ إحداهما بالأُخرى ثم يُحْمَلُ به مُؤَخَّر الخبَاءِ. وقيل: هو كِساءٌ يُلْقَى على الخِبَاءِ كالإِزارِ حتى يَبْلُغَ الأَرضَ. وقد أَكْفَأَ البيتَ إِكْفاءً، وهو مُكْفَأٌ، إِذا عَمِلْتَ له كِفَاءً. وكِفَاءُ البيتِ: مؤَخَّرُه. وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ: رأَى شاةً في كِفَاءِ البيت، هو من ذلك، والجمعُ أَكْفِئةٌ، كَحِمارٍ وأَحْمِرةٍ.
ورجُلٌ مُكْفَأُ الوجهِ: مُتَغَيِّرُه ساهِمُه. ورأَيت فلاناً مُكْفَأَ الوَجْهِ إِذا رأَيتَه كاسِفَ اللَّوْنِ ساهِماً. ويقال: رأَيته مُتَكَفِّئَ اللَّوْنِ ومُنْكَفِتَ اللّوْنِ(1)
(1 قوله «متكفّئ اللون ومنكفت اللون» الأول من التفعل والثاني من الأنفعال كما يفيده ضبط غير نسخة من التهذيب.)
أَي مُتَغَيِّرَ اللّوْنِ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه انْكَفَأَ لونُه عامَ الرَّمادة أَي تَغَيّر لونُه عن حاله. ويقال: أَصْبَحَ فلان كَفِيءَ اللّونِ مُتَغَيِّرَه، كأَنه كُفِئَ، فهو مَكْفُوءٌ وكَفِيءٌ. قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة:
وأَسْمَرَ، من قِداحِ النَّبْعِ، فَرْعٍ، * كَفِيءِ اللّوْنِ من مَسٍّ وضَرْسِ
أَي مُتَغَيِّرِ اللونِ من كثرة ما مُسِحَ وعُضَّ. وفي حديث
الأَنصاريِّ: ما لي أَرى لَوْنَك مُنْكَفِئاً؟ قال: من الجُوعِ. وقوله في الحديث:
كان لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا من مُكافِئٍ. قال القتيبي: معناه إِذا أَنْعَمَ على رجل نِعْمةً فكافَأَه بالثَّنَاءِ عليه قَبِلَ ثَنَاءَه، وإِذا أَثْنَى قَبْلَ أَن يُنْعِمَ عليه لم يَقْبَلْها. قال ابن الأَثير، وقال ابن الأَنباري: هذا غلط، إِذ كان أَحد لا يَنْفَكُّ من إِنْعام النبيِّ، صلى اللّه عليه وسلم، لأَنَّ اللّه، عز وجل، بَعَثَه رَحْمةً للناس كافَّةً، فلا يَخرج منها مُكافِئٌ ولا غير مُكافِئٍ، والثَّنَاءُ عليه فَرْضٌ لا يَتِمُّ الإِسلام إِلا به. وإنما المعنى: أَنه لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عليه إِلا من رجل يعرف حقيقة إِسلامه، ولا يدخل عنده في جُمْلة الـمُنافِقين الذين يَقولون بأَلسنتهم ما ليس في قلوبهم.
قال: وقال الأَزهريّ: وفيه قول ثالث: إِلاّ من مُكافِئٍ أَي مُقارِبٍ
غير مُجاوِزٍ حَدَّ مثلِه، ولا مُقصِّر عما رَفَعَه اللّه إليه.
كيك: ابن سيده: الكَيْكَة البيضة، وجمعها كَياكي؛ وقال الفراء: أَصلها
كَيْكِيَةٌ مثل اللَّيْلَةِ أَصلها لَيْلِيَة، ولذلك جُمِعتا كَياكِيَ
ولَيالِيَ. ابن شميل: الكَيْكاء والكَوْكى هما السَّرَطانُ أَي من لا خير
فيه من الرجال.
فدش: فَدَشه يَفْدِشُه فَدْشاً: دفعه. وفَدَشَ الشيءَ فَدْشاً: شدَخَه.
وامرأَة فَدْشاءُ، كمَدْشاء: لا لحم على يديها. ورجل فَدِشٌ: أَخْرَقُ؛
عن ابن الأَعرابي. والفَدْش: أُنثى العَناكب؛ عن كراع.
نبق: النَّبِق: ثمر السِّدْر. والنَّبِقُ والنِّبَق والنِّبْق
والنَّبْقُ، مخفف: حمل السِّدْر، الواحدة من جميع ذلك بالهاء. الجوهري: نَبِقة
ونَبِق ونَبِقات مثل كَلِمة وكَلِم وكَلِمات. وفي حديث سِدْرة المُنْتَهى:
فإذا نَبِقُها أمثال القِلال. ونَبَّق النخلُ: فسد وصار تمره صغيراً مثل
النَّبَقِ، وقيل: نَبَّق أَزْهى. ونخل مُنَبَّق، بالفتح، ومُنَبَّق:
مُصْطفّ على سطر مستو، وكذلك كل شيء مستوٍ مُهَذَّب؛ قال امرؤ القيس:
وحَدِّثْ بأَن زالت بليْلٍ حُمُولُهم،
كنَخْلٍ من الأعراض غيرِ مُنَبَّقِ
ويروى غير مُنَبِّق. المفضل في قوله غير مُنَبِّق: غير بالغ؛ وأنشد ابن
بري للمتلمس:
والبيتُ ذو الشُّرُفاتِ من
سِنْدادَ، والنخلُ المُنَبِّقْ
والنَّبْقُ مثل النَّمْقِ: الكتابة. ونَبَّقَ الكتاب: سَطره وكتبه. ابن
الأعرابي: أَنْبَقَ ونَبَقَ ونَبَّقَ كله إذا غرس شِراكاً واحداً من
الوادي. أبو عمرو: النَّبْقُ دقيق يخرج من لُبّ جِذْع النخلة حُلو يُقَوَّى
بالصَّفْر يُنْبَذُ فيكون نهاية في الجَودْة، ويقال لنبيذه الضَّرِيّ.
أبو زيد: إذا كانت الضرطة ليست بشديدة قيل أَنْبَق بها إنْباقاً، وكذلك
نَبّق بها أَي حَبَق حَبْقاً غير شديد. يقال: أَنبق إذا حَبَق بصوت،
وطَحْرَب بغير صوت، وإذا عظم الصوت قيل رَدَمَ.
الفراء: النُّباقِيّ مأْخوذ من النُّبَاقِ وهو الحُصاص الضعيف.
أبو زائدة وخترش: هو يَنْتَبقُ للكلام انْتباقاً ويَنْتَبِطُه أي
يستخرجه. الجوهري: ويقال انْباقَ علينا بالكلام أَي انبعث مثل انْباع؛ قال ابن
بري: صواب انْباقَ علينا أَن يذكر في فصل بوق كما ذكر فيه انْباقَتْ
عليهم بائِقةُ شرٍّ.
وبنو أبي نَبْقة: بُطين من بني الحرث. وذو نَبعقٍ: اسم موضع؛ قال
الراعي:تَبَيَّنْ خليلي، هل ترى من ظَعائنٍ
بذي نَبَقٍ، زالت بهنَّ الأَباعِرُ؟
قطف: قطَف الشيءَ يَقْطِفُه قَطْفاً وقَطفاناً وقَطافاً وقِطافاً؛ عن
اللحياني: قَطعه. والقِطْف: ما قُطِف من الثمر، وهو أَيضاً العُنْقود ساعة
يُقْطَف. والقِطْف: اسم الثمار المقطوفة، والجمع قُطوف، والقِطف، بالكسر:
العُنْقود، وبجمعه جاء في القرآن العزيز قال سبحانه: قُطوفُها دانِية؛
أَي ثمارها قريبة التناول يَقْطِفها القاعد والقائم. وفي الحديث: يجتمع
النفَر على القِطف فيُشبِعهم؛ القِطف، بالكسر: العنقود، وهو اسم لكل ما
يُقْطَف كالذِّبْح والطِّحْن ويجمع على قِطاف وقُطوف، وأَكثر المحدثين
يروونه بفتح القاف، وإنما هو بالكسر.
والقَطاف والقِطاف: أَوانُ قَطْفِ الثمر، التهذيب: القِطافُ اسم وقت
القَطْف. قال الحجاج على المنبر: أَرى رؤوساً قد أَينعت وحان قِطافها؛ قال
الأَزهري: القِطاف اسم وقت القَطف، قال: والقَطاف، بالفتح، جائز عند
الكسائي أَيضاً، وقال: ويجوز أَن يكون القِطاف مصدراً.
وأَقْطَفَ العِنْبُ: حان أَن يُقْطَف. وأَقطفَ القوم: آن قِطافُ
كُرومهم، وأَجْززوا من الجَزاز في النخل إذا أَصْرَمُوا. وأَقْطَفَ الكَرْمُ:
دَنا قِطافه. التهذيب: القَطْف قَطعُك العِنب، وكلُّ شيء تَقطعه عن شيء،
فقد قطَفْته حتى الجراد تقطِف رؤوسها.
والمِقْطَف: المِنْجَل الذي يُقْطف به. والمِقْطفُ: أَصل العُنقود.
وقُطافة الشجر: ما قُطِفَ منه: والقُطافة، بالضم: ما يسقط من العنب إذا
قُطِف كالجُرامة من التمر. ابن الأَثير: وفي الحديث: يَقْذِفون فيه من
القَطيف، وفي رواية: يَديفون القَطيف: المَقطوف من الثمر، فعيل بمعنى
مفعول.والقَطفُ في الوافر: حذف حرفين من آخر الجُزْء وتسكين ما قبلها كحذفك
تُن من مفاعلتن وتسكين اللام فيبقى مفاعل فينقل في التقطيع إلى فعولن، ولا
يكون إلا في عروض أَو ضرب، وليس هذا بحادث للزّحاف، إنما هو المستعمل في
عروض الوافر وضربه، وإنما سمي مقطوفاً لأَنك قطفت الحرفين ومعهما حركة
قبلهما، فصار نحو الثمرة التي تقطعها فيَعْلق بها شيء من الشجرة.
والقَطِيفةُ: القَرْطفةُ، وجمعها القطائفُ، والقراطِف
(* قوله «وجمعها
القطائف والقراطف إلى قوله وفي الحديث» كذا بالأصل.) فُرش مُخْمَلَة.
والقَطيفة: دِثار مُخْمل، وقيل: كساء له خَمْل، والجمع القَطائفُ، وقُطُف مثل
صَحيفة وصُحف كأَنها جمع قَطيف وصَحِيف. وفي الحديث: تَعِس عبد
القَطيفة؛ هي كساء له خَمْل، أَي الذي يَعمل لها ويَهْتَمّ بتحصيلها؛ ومنه
القَطائف التي تؤكل. التهذيب: القَطائف طعام يُسَوَّى من الدقيق المُرَقِّ
بالماء، شبهت بخَمْل القطائف التي تُفْترش.
والقَطوف من الدَّواب: البطيء. وقال أَبو زيد: هو الضّيِّق المشْي.
وقَطَفَت الدابة تَقْطِف قَطْفاً وتقطُف قِطافاً وقُطوفاً وقَطُفَتْ، وهي
قَطوف: أَساءَتِ السَّيرَ وأَبطأَت، والجمع قُطُفٌ، والاسم القِطاف؛ ومنه
قول زهير:
بآرِزَةِ الفَقارةِ لم يَخُنْها
قِطافٌ في الرّكاب، ولا خِلاء
التهذيب: والقِطافُ مصدر القَطوف من الدوابّ، وهو المتقارِب الخَطو
البطِيء. وفَرس قَطوف: يَقْطِف في عَدْوه، وقد يستعمل في الإنسان؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
أَمْسَى غُلامْي كَسِلاً قَطوفا،
مُوَصَّباً تَحْسَبُه مَجُوفا
وأَقْطَفَ الرجل والقوم إذا كانت دابَّته أَو دوابُّهم قُطُفاً؛ قال ذو
الرمة يصف جراداً:
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ،
إذا تَجاوَبَ من بُرْدَيْه تَر نِيمُ
برداه: جَناحاه؛ يقول: تضرب رِجْلاه جناحَيه فيسمع لهما صويت كأَنه
تَرْنيم. والقَطْفُ: ضرب من مشي الخيل، وفرس قَطوف. وفي حديث جابر: فبينا
أَنا على جملي أَسِير وكان جملي فيه قِطاف، وفي رواية: على جمل لي قَطُوفٍ؛
القِطافُ: تقارُب الخَطْو في سُرْعة من القَطف وهو القَطع؛ ومنه الحديث:
رَكِب على فرس لأَبي طَلحَة تَقْطُف، وفي رواية: قطوف؛ ومنه الحديث:
أَقْطَفُ القومِ دابةً أَمِيرُهم أَي أَنهم يسيرون بسَيْر دابَّته
فيَتَّبعُونه كما يُتَّبع الأَمير. والقَطْف: الخَدْشُ، وجمعه قُطوفٌ. قطَفَه
يَقْطِفه قَطْفاً وقطَّفه: خدَشه؛ قال حاتم:
سِلاحُك مرقى فما أَنت ضائرٌ
عَدُوًّا، ولكنْ وَجْه مولاك تَقطِفُ
(* قوله «مرقى» كذا في الأصل براء، والذي في شرح القاموس بواو، ووقع في
بعض نسخ الصحاح همزها.)
وأَنشد الأَزهري:
وهنَّ إذا أَبْصَرْنه مُتَبَذِّلاً،
خَمَشْنَ وُجُوهاً حُرَّةً لم تُقَطَّفِ
أَي لم تُخَدَّش. وقطَّفَ الماءَ في الخَمْر: قطَّره؛ قال جرانُ
العَوْد:ونِلنا سُقاطاً مِن حَدِيثٍ كأَنه
جَنَى النحلِ، في أَبْكارِ عُودٍ تُقَطَّفُ
والقِطفةُ، بكسر القاف وإسكان الطاء، من السُّطَّاح: وهي بقلة رِبْعِية
تسْلَنْطِح وتَطولُ ولها شوك كالحَسَك، وجَوْفُه أَحْمر وورقه أَغْبر.
والقَطَفُ: بقْلة، واحدتها قَطَفةٌ. والقَطْفُ: نبات رَخْص عَرِيض
الورَق يطبخ، الواحدة قَطفة، يقال له بالفارسية سَرْنك، كذا ذكر الجوهري
القَطْف، بالتسكين؛ قال ابن بري: وصوابه القَطْف، بفتح الطاء، الواحدة
قَطَفَة، وبه سمي الرجل قَطَفَة. والقَطَفُ: ضَرب من العِضاه. وقال أَبو حنيفة:
القطَف من شجر الجبل وهو مثل شجر الإجّاص في القَدْر، ورقته خَضْراء
مُعْرَضَّة حمراء الأَطراف خَشْناء، وخشبه صُلب متين.
وقَطِيفٌ والقَطِيف جميعاً: قرية بالبحرين، وفي الصحاح: القَطِيفُ اسم
موضع.
قرض: القَرْضُ: القَطْعُ. قَرَضه يَقْرِضُه، بالكسر، قَرْضاً وقرَّضَه:
قطَعه.
والمِقْراضانِ: الجَلَمانِ لا يُفْرَدُ لهما واحد، هذا قول أَهل اللغة،
وحكى سيبويه مِقْراضٌ فأَفْرد.
والقُراضةُ: ما سقَط بالقَرْضِ، ومنه قُراضةُ الذَّهب.
والمِقْراضُ: واحد المَقارِيض؛ وأَنشد ابن بري لعدي بن زيد:
كلّ صَعْلٍ، كأَنَّما شَقَّ فِيه
سَعَفَ الشَّرْيِ شَفْرتا مِقْراضِ
وقال ابن مَيّادةَ:
قد جُبْتُها جَوْبَ ذِي المِقْراضِ مِمْطَرةً،
إِذا اسْتَوى مُغْفلاتُ البِيدِ والحدَب
(* قوله «مغفلات» كذا فيما بأَيدينا من النسخ ولعله معقلات جمع معقلة
بفتح فسكون فضم وهي التي تمسك الماء.)
وقال أَبو الشِّيصِ:
وجَناحِ مَقْصُوصٍ، تَحَيَّفَ رِيشَه
رَيْبُ الزَّمان تَحَيُّفَ المِقْراضِ
فقالوا مِقْراضاً فأَفْرَدُوه. قال ابن بري: ومثله المِفْراصُ، بالفاء
والصاد، للحاذِي؛ قال الأَعشى:
لِساناً كَمِفْراصِ الخَفاجِيِّ ملْحبا
وابنُ مِقْرَضٍ: دُوَيْبّة تقتل الحمام يقال لها بالفارسية دَلَّهْ؛
التهذيب: وابنُ مِقْرَض ذو القوائم الأَربع الطويلُ الظهرِ القَتالُ
للحَمام. ابن سيده: ومُقَرِّضاتُ الأَساقي دُويبة تَخْرِقُها
وتَقْطَعُها.والقُراضةُ: فُضالةُ ما يَقْرِضُ الفأْرُ من خبز أَو ثوب أَو غيرهما،
وكذلك قُراضاتُ الثوب التي يَقْطَعُها الخَيّاطُ ويَنْفِيها الجَلَمُ.
والقَرْضُ والقِرْضُ: ما يَتَجازَى به الناسُ بينهم ويَتَقاضَوْنَه،
وجمعه قرُوضٌ، وهو ما أَسْلَفَه من إِحسانٍ ومن إِساءة، وهو على التشبيه؛
قال أُمية ابن أَبي الصلت:
كلُّ امْرِئٍ سَوْفَ يُجْزَى قَرْضَه حَسَناً،
أَو سَيِّئاً، أَو مَدِيناً مِثْلَ ما دانا
وقال تعالى: وأَقْرِضُوا اللّه قَرْضاً حَسَناً. ويقال: أَقْرَضْتُ
فلاناً وهو ما تُعْطِيهِ لِيَقْضِيَكَه. وكلُّ أَمْرٍ يَتَجازَى به الناسُ
فيما بينهم، فهو من القُروضِ. الجوهري: والقَرْضُ ما يُعْطِيه من المالِ
لِيُقْضاه، والقِرْضُ، بالكسر، لغة فيه؛ حكاها الكسائي. وقال ثعلب:
القَرْضُ المصدر، والقِرْضُ الاسم؛ قال ابن سيده: ولا يعجبني، وقد أَقْرَضَه
وقارَضَه مُقارَضةً وقِراضاً. واسْتَقْرَضْتُ من فلان أَي طلبت منه القَرْضَ
فأَقْرَضَني. وأَقْرَضْتُ منه أَي أَخذت منه القَرْض. وقَرَضْته قَرْضاً
وقارَضْتُه أَي جازَيتُه. وقال أَبو إِسحق النحوي في قوله تعالى: مَنْذا
الذي يُقْرِضُ اللّه قَرْضاً حسَناً، قال: معنى القَرْضِ البَلاء
الحسَنُ، تقول العرب: لك عندي قَرْضٌ حَسَنٌ وقَرْضٌ سَيِّء، وأَصل القَرْضِ ما
يُعطيه الرجل أَو يفعله ليُجازَى عليه، واللّه عزّ وجلّ لا يَسْتَقْرِضُ
من عَوَزٍ ولكنه يَبْلُو عباده، فالقَرْضُ كما وصفنا؛ قال لبيد:
وإِذا جُوزِيتَ قَرْضاً فاجْزِه،
إِنما يَجْزِي الفَتَى ليْسَ الجَمَلْ
معناه إِذا أُسْدِيَ إِليكَ مَعْروفٌ فكافِئْ عليه. قال: والقرض في
قوله تعالى: منذا الذي يقرض اللّه قرضاً حسناً، اسم ولو كان مصدراً لكان
إِقْراضاً، ولكن قَرْضاً ههنا اسم لكل ما يُلْتَمَسُ عليه الجزاء. فأَما
قَرَضْتُه أَقْرِضُه قَرْضاً فجازيته، وأَصل القَرْضِ في اللغة القَطْعُ،
والمِقْراضُ من هذا أُخِذ. وأَما أَقْرَضْتُه فَقَطَعْتُ له قِطْعَةً
يُجازِي عليها. وقال الأَخفش في قوله تعالى: يُقْرِضُ، أَي يَفْعَلُ فِعْلاً
حسناً في اتباع أَمر اللّه وطاعته. والعَربُ تقول لكل مَن فعلَ إِلَيه
خَيْراً: قد أَحْسَنْتَ قَرْضِي، وقد أَقْرَضْتَني قَرْضاً حسناً. وفي
الحديث: أَقْرِضْ من عِرْضِكَ ليوم فَقْرِكَ؛ يقول: إِذا نالَ عِرْضَكَ رجل
فلا تُجازِه ولكن اسْتَبْقِ أَجْرَهُ مُوَفَّراً لك قَرْضاً في ذمته
لتأْخذه منه يوم حاجتك إِليْهِ.
والمُقارَضةُ: تكون في العَمَلِ السَّيِّء والقَوْلِ السَّيِّء يَقْصِدُ
الإنسان به صاحِبَه. وفي حديث أَبي الدرداء: وإِن قارَضْتَ الناسَ
قارَضُوك، وإِن تركْتَهم لم يَتْرُكوك؛ ذهَب به إِلى القول فيهم والطَّعْنِ
عليهم وهذا من القَطْعِ، يقول: إِن فَعَلْتَ بهم سُوءاً فعلوا بك مثله،
وإِن تركتهم لم تَسْلَمْ منهم ولم يَدَعُوك، وإِن سَبَبْتَهم سَبُّوكَ
ونِلْتَ منهم ونالُوا منك، وهو فاعَلْت من القَرْضِ. وفي حديث النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَنه حضَرَه الأَعْرابُ وهم يَسْأَلونه عن أَشياء:
أَعَلَيْنا حَرَجٌ في كذا؟ فقال: عبادَ اللّهِ رَفَع اللّهُ عَنّا الحَرَجَ
إِلا مَنِ اقْتَرَضَ امْرَأً مُسْلِماً، وفي رواية: من اقْتَرَضَ عِرْضَ
مُسْلِمٍ؛ أَراد بقوله اقْتَرَضَ امْرَأً مُسْلِماً أَي قطَعَه بالغِيبة
والطّعْنِ عليه ونالَ منه، وأَصله من القَرْض القطع، وهو افْتِعالٌ منه.
التهذيب: القِراضُ في كلام أَهل الحجاز المُضارَبةُ، ومنه حديث الزهري: لا
تَصْلُحُ مُقارَضةُ مَنْ طُعْمَتُه الحَرامُ، يعني القِراضَ؛ قال
الزمخشري: أَصلها من القَرْضِ في الأَرض وهو قَطْعُها بالسيرِ فيها، وكذلك هي
المُضارَبةُ أَيضاً من الضَّرْب في الأَرض. وفي حديث أَبي موسى وابني عمر،
رضي اللّه عنهم: اجعله قِراضاً؛ القِراضُ: المضاربة في لغة أَهل الحجاز.
وأَقْرَضَه المالَ وغيره: أَعْطاه إِيّاهُ قَرْضاً؛ قال:
فَيا لَيْتَني أَقْرَضْتُ جَلْداً صَبابَتي،
وأَقْرَضَني صَبْراً عن الشَّوْقِ مُقْرِضُ
وهم يَتقارضُون الثناء بينهم. ويقال للرجلين: هما يَتقارَضانِ الثناءَ
في الخير والشر أَي يَتَجازَيانِ؛ قال الشاعر:
يتَقارَضُون، إِذا التَقَوْا في مَوْطِنٍ،
نَظَراً يُزِيلُ مَواطِئَ الأَقْدامِ
أَراد نَظَر بعضِهم إِلى بعض بالبَغْضاء والعَداوَةِ؛ قال الكميت:
يُتَقَارَضُ الحَسَنُ الجَمِيـ
ـلُ من التَّآلُفِ والتَّزاوُرْ
أََبو زيد: قَرَّظَ فلانٌ فلاناً، وهما يَتقارَظانِ المَدْحَ إِذا
مَدَحَ كلُّ واحد منهما صاحَبه، ومثله يتَقارَضان، بالضاد، وقد قرَّضَه إِذا
مَدَحَه أَو ذَمَّه، فالتَّقارُظُ في المَدْحِ والخير خاصّةً،
والتَّقارُضُ إِذا مدَحَه أَو ذَمَّه، وهما يتقارضان الخير والشر؛ قال
الشاعر:إِنَّ الغَنِيَّ أَخُو الغَنِيِّ، وإِنما
يَتقارَضانِ، ولا أَخاً للمُقْتِرِ
وقال ابن خالويه: يقال يتَقارَظانِ الخير والشرَّ، بالظاء أَيضاً.
والقِرْنانِ يتقارضان النظر إِذا نظر كلُّ واحد منهما إِلى صاحبه شَزْراً.
والمُقارَضةُ: المُضاربةُ. وقد قارَضْتُ فلاناً قِراضاً أَي دَفَعْتَ إِليه
مالاَ ليتجر فيه، ويكون الرِّبْحُ بينكما على ما تَشْتَرِطانِ
والوَضِيعةُ على المال. واسْتَقْرَضْتُه الشيءَ فأَقْرَضَنِيه: قَضانِيه. وجاء: وقد
قرَضَ رِباطَه وذلك في شِدَّةِ العَطَشِ والجُوعِ. وفي التهذيب: أَبو
زيد جاء فلان وقد قَرَض رِباطَه إِذا جاء مجْهُوداً قد أَشْرَفَ على الموت.
وقرَض رِباطه: مات. وقرَض فلان أَي مات. وقرَضَ فلان الرِّباطَ إِذا
مات. وقَرِضَ الرجلُ إِذا زالَ من شيءٍ إِلى شيء. وانْقَرَضَ القومُ:
دَرَجُوا ولم يَبْقَ منهم أَحد.
والقَرِيضُ: ما يَرُدُّه البعير من جِرَّتِه، وكذلك المَقْرُوضُ، وبعضهم
يَحْمِلُ قولَ عَبيدٍ: حالَ الجَرِيضُ دون القَرِيضِ على هذا. ابن سيده:
قرَض البعيرُ جِرَّتَه يَقْرِضُها وهي قَرِيضٌ: مَضَغَها أَو ردَّها.
وقال كراع: إِنما هي الفَرِيضُ، بالفاء. ومن أَمثال العرب: حالَ الجَرِيضُ
دون القَرِيض؛ قال بعضهم: الجريض الغُصّةُ والقَرِيضُ الجِرَّة لأَنه
إِذا غُصَّ لم يَقْدِرْ على قَرْضِ جِرَّتِه. والقَرِيضُ: الشِّعْر وهو
الاسم كالقَصِيدِ، والتقْرِيضُ صِناعتُه، وقيل في قول عبيد بن الأَبرص حالَ
الجَرِيضُ دون القَرِيض: الجَرِيضُ الغَصَصُ والقَرِيضُ الشِّعْرُ، وهذا
المثل لعَبيد بن الأَبرص قاله للمُنْذِر حين أَراد قتله فقال له: أَنشدني
من قولك، فقال عند ذلك: حال الجريض دون القريض؛ قال أَبو عبيد: القَرْضُ
في أَشياء: فمنها القَطْعُ، ومنها قَرْضُ الفأْر لأَنه قَطْعٌ، وكذلك
السيْرُ في البِلادِ إِذا قطعتها؛ ومنه قوله:
إِلى ظُعُنٍ يَقْرِضْنَ أَجْوازَ مُشْرِف
ومنه قوله عزّ وجلّ: وإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهم ذاتَ الشِّمالِ.
والقَرْضُ: قَرْضُ الشعْر، ومنه سمي القَرِيضُ. والقَرْضُ: أَن يَقْرِضَ الرجُلُ
المالَ. الجوهري: القَرْضُ قولُ الشعْر خاصّةً. يقال: قَرَضْتُ الشعْرَ
أَقْرِضُه إِذا قلته، والشعر قرِيضٌ؛ قال ابن بري: وقد فرق الأَغْلَبُ
العِجْلِيُّ بين الرَّجز والقَرِيضِ بقوله:
أَرَجَزاً تُرِيدُ أَمْ قَرِيضا؟
كِلَيْهِما أَجِدُ مُسْتَرِيضا
وفي حديث الحسن: قيل له: أَكان أَصْحابُ رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، يَمْزَحُون؟ قال: نعم ويَتقارَضُون أَي يقولون القَرِيضَ
ويُنشِدُونَه. والقَرِيضُ: الشِّعْرُ. وقرَضَ في سَيرِه يَقْرِضُ قَرْضاً: عدَل
يَمْنةً ويَسْرَةً؛ ومنه قوله عزّ وجلّ: وإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهم ذاتَ
الشِّمالِ؛ قال أَبو عبيدة: أَي تُخَلِّفُهم شِمالاً وتُجاوِزُهم
وتَقْطَعُهم وتَتْرُكُهم عن شِمالها. ويقول الرجل لصاحبه: هل مررت بمكان كذا وكذا؟
فيقول المسؤول: قرَضْتُه ذاتَ اليَمينِ ليلاً. وقرَضَ المكانَ يَقْرِضُه
قرْضاً: عدَل عنه وتَنَكَّبَه؛ قال ذو الرمة:
إِلى ظُعُنٍ يَقْرِضْن أَجْوازَ مُشْرِفٍ
شِمالاً، وعنْ أَيْمانِهِنَّ الفَوارِسُ
ومُشْرِفٌ والفَوارِسُ: موضعان؛ يقول: نظرت إِلى ظُعُن يَجُزْنَ بين
هذين الموضعين. قال الفراء: العرب تقول قرضْتُه ذاتَ اليمينِ وقرَضْتُه ذاتَ
الشِّمالِ وقُبُلاً ودُبُراً أَي كنت بحِذائِه من كلِّ ناحية، وقرَضْت
مثل حَذَوْت سواء. ويقال: أَخذَ الأَمرَ بِقُراضَتِه أَي بطَراءَتِه
وأَوَّله. التهذيب عن الليث: التَّقْرِيضُ في كل شيء كتَقْرِيض يَدَي الجُعَل؛
وأَنشد:
إِذا طَرَحا شَأْواً بأَرْضٍ، هَوَى له
مُقَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَينِ أَفْلَحُ
قال الأَزهري: هذا تصحيف وإِنما هو التَّفْرِيضُ، بالفاء، من الفَرْض
وهو الحَزُّ، وقوائِمُ الجِعْلانِ مُفَرَّضةٌ كأَنَّ فيها حُزوزاً، وهذا
البيتُ رواه الثِّقاتُ أَيضاً بالفاه: مُفَرَّضُ أَطْرافِ الذِّراعَينِ،
وهو في شِعْر الشمَّاخِ. وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه قال: من أَسماء
الخُنْفُساء المَنْدُوسةُ والفاسِياء، ويقال لذكرها المُقَرَّضُ
والحُوَّازُ والمُدَحْرِجُ والجُعَلُ.
قبط: ابن الأَعرابي: القَبْط الجمع، والبَقْط التَّفْرقة. وقد قَبَط
الشيءَ يَقْبِطه قَبْطاً: جمعه بيده. والقُبّاط والقُبَّيْط والقُبَّيْطى
والقُبَيْطاء: الناطِف، مشتقّ منه، إِذا خففت مددت وإِذا شددت الباء قصرت.
وقَبَّط ما بين عينيه كقَطَّب مقلوب منه؛ حكاه يعقوب.
والقِبْط: جِيل بمصر، وقيل: هم أَهل مصر وبُنْكُها. ورجل قِبْطِيّ.
والقُبْطِيَّة: ثياب كتان بيض رِقاق تعمل بمصر وهي منسوبة إِلى القِبْط على
غير قياس، والجمع قُباطِيٌّ، والقِبْطِيَّة قد تضم لأَنهم يغيّرون في
النسبة كما قالوا سُهِليّ ودُهْريّ؛ قال زهير:
ليَأْتِيَنَّك منِّي منطِقٌ قَذَعٌ
باقٍ، كما دنَّس القُبْطِيَّة الوَدَكُ
قال الليث: لما أُلزِمت الثيابُ هذا الاسم غيروا اللفظ فالإِنسان
قِبْطيّ، بالكسر، والثوب قُبْطيّ، بالضم. شمر: القُباطِيّ ثياب إِلى الدقَّة
والرقَّة والبياض؛ قال الكميت يصف ثوراً:
لِياح كأَنْ بالأَتْحَمِيَّةِ مُسْبَعٌ
إِزاراً، وفي قُبْطِيِّه مُتَجَلْبِبُ
وقيل: القُبْطُرِيّ ثياب بيض، وزعم بعضهم أَن هذا غلط، وقد قيل فيه: إِن
الراء زائدة مثل دَمِثٍ ودِمَثْر؛ وشاهده قول جرير:
قومٌ ترى صَدَأَ الحديد عليهمُ،
والقُبْطُرِيّ من اليَلامِقِ سُودا
وفي حديث أُسامة: كساني رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، قُبْطِيّةً؛
القُبْطِيَّةُ: الثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء وكأَنه منسوب إِلى
القِبْط وهم أَهل مصر. وفي حديث قتل ابن أَبي الحُقَيْقِ: ما دلنا عليه إِلا
بياضه في سواد الليل كأَنه قُبْطِيَّة. وفي الحديث: أَنه كَسا امرأَةً
قُبْطِيَّة فقال: مُرْها فلتتخذ تحتها غلالة لا تصِف حَجْم عظامها، وجمعها
القُباطِيّ؛ ومنه حديث عمر، رضي اللّه عنه: لا تُلْبسوا نِساءكم
القَباطِيَّ فإِنه إِن لا يَشِفَّ فإِنه يَصِفُ. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان
يُجَلِّلُ بُدْنَه القَباطِيَّ والأَنْماطَ.
والقُنَّبِيطُ: معروف؛ قال جندل:
لكن يَرَوْنَ البَصَل الحِرِّيفا،
والقُنَّبِيطَ مُعْجِباً طَرِيفا
ورأَيت حاشية على كتاب أَمالي ابن بري، رحمه اللّه تعالى، صورتها: قال
أَبو بكر الزبيدي في كتابه لحن العامّة: ويقولون لبعض البقول قَنَّبيط،
قال أَبو بكر: والصواب قُنَّبيط، بالضم، واحدته قُنَّبيطة؛ قال: وهذا
البناء ليس من أَمثلة العرب لأَنه ليس في كلامهم فُعَّليل.
بقع: البَقَعُ والبُقْعةُ: تَخالُفُ اللَّوْنِ. وفي حديث أَبي موسى:
فأَمر لنا بذَوْذٍ بُقْعِ الذُّرَى أَي بيض الأَسنمة جمع أَبْقع، وقيل:
الأَبقع ما خالَط بياضَه لونٌ آخر. وغُراب أَبقع: فيه سواد وبياض، ومنهم من
خص فقال: في صدره بياض. وفي الحديث: أَنه أَمر بقتل خمس من الدوابّ وعَدَّ
منها الغُرابَ الأَبْقَعَ، وكَلْب أَبْقَع كذلك. وفي حديث أَبي هريرة،
رضي الله عنه: يُوشِكُ أَن يَعْمَلَ عليكم بُقْعانُ أَهل الشام أَي
خدَمُهم وعَبِيدُهم وممالِيكُهم؛ شبَّههم لبَياضهم وحُمْرتهم أَو سوادهم بالشيء
الأَبْقَع يعني بذلك الرُّوم والسُّودان. وقال: البَقْعاء التي اختلطَ
بياضها وسوادها فلا يُدْرَى أَيُّهما أَكثر، وقيل: سُمُّوا بذلك لاختلاط
أَلوانهم فإِنَّ الغالب عليها البياضُ والصُّفرة؛ وقال أَبو عبيد: أَراد
البياض لأَنَّ خدم الشام إِنما هم الروم والصَّقالِية فسماهم بُقْعاناً
للبياض، ولهذا يقال للغراب أَبْقَعُ إِذا كان فيه بياض، وهو أَخْبَثُ ما
يكون من الغربان، فصار مثلاً لكل خَبِيث؛ وقال غير أَبي عبيد: أَراد
البياض والصفرة، وقيل لهم بُقعان لاختلاف أَلوانهم وتَناسُلِهم من جنسين؛ وقال
القُتَيْبي: البقعان الذين فيهم سواد وبياض، ولا يقال لمن كان أَبيض من
غير سواد يخالطه أَبْقع، فكيف يَجعل الرومَ بقعاناً وهم بَيض خُلَّص؟
قال: وأُرَى أَبا هريرة أَراد أَن العرب تَنْكِحُ إِماءَ الرُّوم فتُستعْمَل
عليكم أَولادُ الإِماء، وهم من بَني العرب وهم سُود ومن بني الروم وهم
بِيض، ولم تكن العرب قبل ذلك تَنكِح الرُّوم إِنما كان إِماؤُها سُوداناً،
والعرب تقول: أَتاني الأَسود والأَحمر؛ يريدون العرب والعجم، ولم يرد
أَنَّ أَولاد الإِماء من العرب بُقْع كبُقْعِ الغِربانِ، وأَراد أَنهم
أَخذوا من سواد الآباء وبياض الأُمَّهات. ابن الأَعرابي يقال للأَبرص الأَبقع
والأَسْلَع والأَقْشَر والأَصْلَخ والأَعْرَم والمُلَمَّعُ والأَذْمَلُ،
والجمع بُقْع.
والبَقَعُ في الطير والكلاب: بمنزلة البَلَقِ في الدوابّ؛ وقول الأَخطل:
كُلُوا الضَّبَّ وابنَ العَيْرِ، والباقِع الذي
يَبِيتُ يَعُسُّ الليلَ بينَ المَقابِرِ
قيل: الباقِعُ الضَّبُع، وقيل الغراب، وقيل كَلب أَبْقع، كلُّ ذلك قد
قيل، وقال ابن بري: الباقِعُ الظَّرِبانُ، وأَورد هذا البيتَ بيتَ الأَخطل،
وقالوا للضبع باقِع، ويقال للغراب أَبْقع، وجمعه بُقْعان لاختلاف لونه.
ويقال: تَشاتَما فتَقاذَفا بما أَبقى ابن بُقَيْعٍ، قال: وابن بُقَيْع
الكلب وما أَبقى من الجِيفة. والأَبقعُ: السَّرابُ لتلَوُّنه؛ قال:
وأَبْقَع قد أَرَغْتُ به لِصَحْبي
مَقِيلاً، والمَطايا في بُراها
وبَقَّع المطرُ في مواضع من الأَرض: لم يَشْمَلْها. وعام أَبْقَع:
بَقَّع فيه المطر. وفي الأَرض بُقَع من نَبْت أَي نُبَذٌ؛ حكاه أَبو حنيفة.
وأَرض بقِعة: فيها بُقَع من الجَراد. وأَرض بَقِعة: نبتها مُتَقطع. وسَنة
بَقْعاء أَي مُجْدِبة، ويقال فيها خِصْب وجَدْب.
وبُقِعَ الرجل: إِذا رُميَ بكلام قَبِيح أَو بُهْتان، وبُقِع بقَبِيح:
فُحِشَ عليه.
ويقال: عليه خُرْءُ بِقاع، وهو العَرَقُ يُصِيب الإِنسانَ فيَبْيَضُّ
على جلده شبه لُمَعٍ. أَبو زيد: أَصابه خُرء بَقاعِ وبِقاعٍ وبِقاعَ يا
فتى، مصروف وغير مصروف، وهو أَن يصيبه غبار وعرَقٌ فيبقى لُمَعٌ من ذلك على
جسده. قال: وأَرادوا ببقاع أَرضاً. وفي حديث أَبي هريرة رضي الله عنه:
أَنه رأَى رجلاً مُبَقَّع الرجلين وقد توَضّأَ؛ يريد به مواضع في رجليه لم
يُصِبها الماء فحالف لونُها لونَ ما أَصابه الماء. وفي حديث عائشة: إِني
لأَرى بُقَعَ الغسل في ثوبه؛ جمع بُقْعة. وإِذا انْتَضح الماء على بدن
المُسْتَقِي من الرَّكيَّةِ على العَلَقِ فابتَلَّ مواضعُ من جسده قيل: قد
بَقَّعَ، ومنه قيل للسُّقاة: بُقْعٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
كُفُوا سَنِتِين بالأَسْيافِ بُقْعاً،
على تِلْكَ الجِفارِ مِنَ النَّفِيِّ
السَّنِتُ: الذي أَصابته السنة، والنَّفِيُّ: الماء الذي يَنْتضِحُ
عليه.البَقْعةُ والبُقْعةُ، والضم أَعْلى: قِطْعة من الأَرض على غير هيئة
التي بجَنبها، والجمع بُقَع وبِقاع.
والبَقيعُ: موضع فيه أَرُوم شجر من ضُروب شَتَّى، وبه سمى بَقِيع
الغَرْقد، وقد ورد في الحديث، وهي مَقْبَرَةٌ بالمدينة، والغَرْقَدُ: شجر له
شوك كان ينبت هناك فذهب وبقي الاسم لازماً للموضع. والبَقِيعُ من الأَرض
المكان المتسع ولا يسمَّى بَقِيعاً إِلا وفيه شجر.
وما أَدري أَين سَقَعَ وبَقَعَ أَي أَين ذهب كأَنه قال إِلى أَي بُقْعة
من البقاع ذهب، لا يُستعمل إِلا في الجَحْد. وانْبَقَع فلان انْبِقاعاً
إِذا ذهب مُسْرِعاً وعَدا، قال ابن أَحمر:
كالثَّعْلَبِ الرَّائحِ المَمْطُورِ صُبْغَتُه،
شَلَّ الحَوامِلُ منه، كيف يَنْبَقِعُ؟
شلّ الحوامل منه دعاء عليه، أَي تَشَلُّ قوائمه.
وتَبِعَتْهم الداهية أَصابَتْهم. والباقِعة: الداهيةُ، والباقعة: الرجل
الداهية. ورجل باقِعةٌ: ذو دَهْيٍ. ويقال: ما فلان إِلاَّ باقِعةٌ من
البَواقِع؛ سمي باقعة لحُلوله بِقاعَ الأَرض وكثرة تَنْقِيبه في البلاد
ومعرفته بها، فشُبِّه الرجل البصير بالأُمور الكثيرُ البحث عنها المُجَرِّبُ
لها به، والهاء دخلت في نعت الرجل للمبالغة في صفته، قالوا: رجل داهيةٌ
وعَلاَّمة ونسَّابة. والباقعة: الطائر الحَذِرُ إِذا شرب الماء نظر
يَمْنَةً ويَسْرَة. قال ابن الأَنباري في قولهم فلان باقِعةٌ: معناه حَذِر
مُحتال حاذق. والباقِعة عند العرب: الطائر الحَذِر المُحْتال الذي يشرب الماء
من البقاع، والبقاع مواضع يَسْتَنْقِعُ فيها الماء، ولا يَرِدُ
المَشارِعَ والمِياهَ المَحْضُورة خوفاً من أَن يُحْتالَ عليه فيُصاد ثم شُبِّه
به كلُّ حَذِرٍ مُحْتال. وفي الحديث: أَن رسول الله، صلى الله عليه
وسلم،قال لأَبي بكر، رضي الله عنه: لقد عَثَرْتَ من الأَعْرابِ على باقِعةٍ؛ هو
من ذلك؛ وذكر الهَروِيّ أَن عليًّا، رضي الله عنه، هو القائل ذلك لأَبي
بكر؛ ومنه الحديث: ففاتَحْتُه فإِذا هو باقِعةٌ أَي ذَكِيٌّ عارِفٌ لا
يَفُوتُه شيء. وجارية بُقَعةٌ: كقُبَعة.
والبَقْعاء من الأَرض: المَعزاء ذاتُ الحَصى الصِّغار. وهارِبةُ
البَقْعاء: بَطن من العرب. وبَقْعاء: موضع مَعرِفة، لا يدخلها الأَلف واللام،
وقيل: بَقْعاء اسم بلد، وفي التهذيب: بَقْعاء قرية من قرى اليمامة؛ ومنه
قوله:
ولكنِّي أَتانِي أَنَّ يَحْيَى
يُقالُ: عليه في بَقْعاء شَرُّ
وكان اتُّهِمَ بامرأَة تسكن هذه القرية. وبَقْعاء المَسالِح: موضع آخر
ذكره ابن مقبل في شعره. وفي الحديث ذكر بُقْعٍ، بضم الباء وسكون القاف:
اسم بئر بالمدينة وموضع بالشام من ديار كَلْب، به استقرّ طلْحةُ
(* قوله
«طلحة» كذا في الأصل هنا والنهاية أيضاً، والذي في معجم ياقوت والقاموس
طليحة بالتصغير، بل ذكره المؤلف كذلك في مادة طلح.) بن خُوَيْلِد
الأَسدِيُّ لما هرَبَ يومَ بُزاخةَ.
وقالوا: يَجْرِي بُقَيْعٌ ويُذَمُّ؛ عن ابن الأَعرابي، والأَعرف
بُلَيْق، يقال هذا للرجل يُعِينُك بقليل ما يقدر عليه وهو على ذلك يُذَمُّ.
وابْتُقِعُ لونُه وانْتُقِع وامْتُقِع بمعنىً واحد.
وفي حديث الحَجاج: رأَيت قوماً بُقْعاً. قيل: ما البُقْع؟ قال: رقَّعُوا
ثيابهم من سوء الحال، شبه الثياب المُرَقَّعة بلَوْن الأَبقع.
شهد: من أَسماء الله عز وجل: الشهيد. قال أَبو إِسحق: الشهيد من أَسماء
الله الأَمين في شهادته. قال: وقيل الشهيدُ الذي لا يَغيب عن عِلْمه شيء.
والشهيد: الحاضر. وفَعِيلٌ من أَبنية المبالغة في فاعل فإِذا اعتبر
العِلم مطلقاً، فهو العليم، وإِذا أُضيف في الأُمور الباطنة، فهو الخبير،
وإِذا أُضيف إِلى الأُمور الظاهرة، فهو الشهيد، وقد يعتبر مع هذا أَن
يَشْهَدَ على الخلق يوم القيامة. ابن سيده: الشاهد العالم الذي يُبَيِّنُ ما
عَلِمَهُ، شَهِدَ شهادة؛ ومنه قوله تعالى: شهادَةُ بينِكم إِذا حضر أَحدَكم
الموتُ حين الوصية اثنان؛ أَي الشهادةُ بينكم شهادَةُ اثنين فحذف المضاف
وأَقام المضاف إِليه مقامه. وقال الفراء: إِن شئت رفعت اثنين بحين
الوصية أَي ليشهد منكم اثنان ذوا عدل أَو آخران من غير دينكم من اليهود
والنصارى، هذا للسفر والضرورة إِذ لا تجوز شهادة كافر على مسلم إِلا في هذا.
ورجل شاهِدٌ، وكذلك الأُنثى لأَنَّ أَعْرَفَ ذلك إِنما هو في المذكر،
والجمع أَشْهاد وشُهود، وشَهيدٌ والجمع شُهَداء. والشَّهْدُ: اسم للجمع عند
سيبويه، وقال الأَخفش: هو جمع. وأَشْهَدْتُهُم عليه. واسْتَشْهَدَه: سأَله
الشهادة. وفي التنزيل: واستشهدوا شَهِيدين.
والشَّهادَة خَبرٌ قاطعٌ تقولُ منه: شَهِدَ الرجلُ على كذا، وربما قالوا
شَهْدَ الرجلُ، بسكون الهاء للتخفيف؛ عن الأخفش. وقولهم: اشْهَدْ بكذا
أَي احْلِف. والتَّشَهُّد في الصلاة: معروف؛ ابن سيده: والتَّشَهُّد
قراءَة التحياتُ للهِ واشتقاقه من «أَشهد أَن لا إِله إِلا الله وأَشهد أَن
محمداً عبده ورسوله» وهو تَفَعُّلٌ من الشهادة. وفي حديث ابن مسعود: كان
يُعَلِّمُنا التَّشَهُّدَ كما يعلمنا السورة من القرآن؛ يريد تشهد الصلاة
التحياتُ. وقال أَبو بكر بن الأَنباري في قول المؤذن أَشهد أَن لا إِله
إِلا الله: أَعْلَمُ أَن لا إِله إِلا الله وأُبَيِّنُ أَن لا إِله إِلا
الله. قال: وقوله أَشهد أَن محمداً رسول الله أَعلم وأُبيِّن أَنَّ محمداً
رسول الله. وقوله عز وجل: شهد الله أَنه لا إِله إِلا هو؛ قال أَبو
عبيدة: معنى شَهِدَ الله قضى الله أَنه لا إِله إِلا هو، وحقيقته عَلِمَ اللهُ
وبَيَّنَ اللهُ لأَن الشاهد هو العالم الذي يبين ما علمه، فالله قد دل
على توحيده بجميع ما خَلَق، فبيَّن أَنه لا يقدر أَحد أَن يُنْشِئَ شيئاً
واحداً مما أَنشأَ، وشَهِدَتِ الملائكةُ لِما عاينت من عظيم قدرته،
وشَهِدَ أُولو العلم بما ثبت عندهم وتَبَيَّنَ من خلقه الذي لا يقدر عليه
غيره. وقال أَبو العباس: شهد الله، بيَّن الله وأَظهر. وشَهِدَ الشاهِدُ عند
الحاكم أَي بين ما يعلمه وأَظهره، يدل على ذلك قوله: شاهدين على أَنفسهم
بالكفر؛ وذلك أَنهم يؤمنون بأَنبياءٍ شعَروا بمحمد وحَثُّوا على اتباعه،
ثم خالَفوهم فَكَذَّبُوه، فبينوا بذلك الكفر على أَنفسهم وإِن لم يقولوا
نحن كفار؛ وقيل: معنى قوله شاهدين على أَنفسهم بالكفر معناه: أَن كل
فِرْقة تُنسب إِلى دين اليهود والنصارى والمجوس سوى مشركي العرب فإِنهم
كانوا لا يمتنعون من هذا الاسم، فَقَبُولهم إِياه شَهادَتهم على أَنفسهم
بالشرك، وكانوا يقولون في تلبيتهم: لبَّيْكَ لا شَريكَ لك إِلاَّ شريكٌ هو
لكَ تَمْلِكُه وما ملك. وسأَل المنذريّ أَحمدَ بن يحيى عن قول الله عز وجل:
شهد الله أَنه لا إِله إِلا هو، فقال: كُلُّ ما كان شهد الله فإِنه
بمعنى علم الله. قال وقال ابن الأَعرابي: معناه قال الله، ويكون معناه علم
الله، ويكون معناه كتب الله؛ وقال ابن الأَنباري: معناه بيَّن الله أَن لا
إِله إِلا هو.
وشَهِدَ فلان على فلان بحق، فهو شاهد وشهيد. واسْتُشِهْدَ فلان، فهو
شَهِيدٌ. والمُشاهَدَةُ: المعاينة. وشَهِدَه شُهوداً أَي حَضَره، فهو شاهدٌ.
وقَوْم شُهُود أَي حُضور، وهو في الأَصل مصدر، وشُهَّدٌ أَيضاً مثل
راكِع ورُكّع. وشَهِدَ له بكذا شَهادةً أَي أَدّى ما عنده من الشَّهادة، فهو
شاهِد، والجمع شَهْدٌ مثل صاحِب وصَحْب وسافر وسَفْرٍ، وبعضهم يُنْكره،
وجمع الشَّهْدِ شُهود وأَشْهاد. والشَّهِيدُ: الشَّاهِدُ، والجمع
الشُّهَداء. وأَشْهَدْتُه على كذا فَشَهِدَ عليه أَي صار شاهداً عليه.
وأَشْهَدْتُ الرجل على إِقرار الغريم واسْتَشْهَدتُه بمعنًى؛ ومنه قوله تعالى:
واسْتَشْهِدُوا شَهيدَيْن من رجالكم؛ أَي أَشْهِدُوا شاهِدَيْن. يقال للشاهد:
شَهيد ويُجمع شُهَداءَ. وأَشْهَدَني إِمْلاكَه: أَحْضَرني.
واسْتَشْهَدْتُ فلاناً على فلان إِذا سأَلته اقامة شهادة احتملها. وفي الحديث: خَيْرُ
الشُّهَداءِ الذي يأْتي بِشهَادَتِه قبل إنْ يُسْأَلَها؛ قال ابن
الأَثير: هو الذي لا يعلم صاحبُ الحق أَنَّ له معه شَهادةً؛ وقيل: هي في
الأَمانة والوَديعَة وما لا يَعْلَمُه غيره؛ وقيل: هو مثَلٌ في سُرْعَةِ إِجابة
الشاهد إِذا اسْتُشْهِدَ أَن لا يُؤَخِّرَها ويَمْنَعَها؛ وأَصل
الشهادة: الإِخْبار بما شاهَدَه. ومنه: يأْتي قوم يَشْهَدون ولا يُسْتَشْهَدون،
هذا عامّ في الذي يُؤدّي الشهادَةَ قبل أَن يَطْلُبها صاحبُ الحق منه
ولا تُقبل شهادَتُه ولا يُعْمَلُ بها، والذي قبله خاص؛ وقيل: معناه هم
الذين يَشْهَدون بالباطل الذي لم يَحْمِلُوا الشهادَةَ عليه ولا كانت عندهم.
وفي الحديث: اللّعَّانون لا يكونون شهداء أَي لا تُسْمَعُ شهادتهم؛ وقيل:
لا يكونون شهداء يوم القيامة على الأُمم الخالية. وفي حديث اللقطة:
فَلْيُشْهِدْ ذا عَدْل؛ الأَمْرُ بالشهادة أَمْرُ تأْديب وإِرْشادٍ لما
يُخافُ من تسويلِ النفس وانْبِعاثِ الرَّغْبة فيها، فيدعوه إِلى الخِيانة بعد
الأَمانة، وربما نزله به حادِثُ الموت فادّعاها ورثَتُه وجعلوها قي جمل
تَرِكَتِه. وفي الحديث: شاهداك أَو يَمِينُه؛ ارتفع شاهداك بفعل مضمر
معناه ما قال شاهِداكَ؛ وحكى اللّحياني: إِنَّ الشَّهادةَ ليَشْهَدونَ بكذا
أَي أَهلَ الشَّهادَة، كما يقال: إِن المجلس لَيَشْهَدُ بكذا أَي أَهلَ
المجلس. ابن بُزرُج: شَهِدْتُ على شَهادَة سَوْءٍ؛ يريد شُهَداءَ سوء.
وكُلاَّ تكون الشَّهادَة كَلاماً يُؤَذَّى وقوماً يَشْهَدُون. والشاهِدُ
والشَّهيد: الحاضر، والجمع شُهَداء وشُهَّدٌ وأَشْهادٌ وشُهودٌ؛ وأَنشد
ثعلب:كأَني، وإِن كانَتْ شُهوداً عَشِيرَتي،
إِذا غِبْتَ عَنّى يا عُثَيْمُ، غَريبُ
أَي إِذا غِبْتَ عني فإِني لا أُكلِّم عشيرتي ولا آنَسُ بهم حجتى كأَني
غريب. الليث: لغة تميمِ شهيد، بكسر الشين، يكسرون فِعِيلاً في كل شيء كان
ثانيه أَحد حروف الحلق، وكذلك سُفْلى مُصغر يقولون فِعِيلاً، قال: ولغة
شَنْعاءُ يكسرون كل فِعِيل، والنصب اللغة العالية.
وشَهدَ الأَمَر والمِصْرَ شَهادَةً، فهو شاهدٌ، من قوْم شُهَّد، حكاه
سيبويه. وقوله تعالى: وذلك يومٌ مَشْهودٌ، أَي محضور يَحضُره أَهل السماءِ
والأَرض. ومثله: إِنَّ قرآن الفجر كان مشهوداً؛ يعني صلاة الفجر
يَحْضُرها ملائكة الليل وملائكة النهار. وقوله تعالى: أَو أَلقى السمع وهو شهيد؛
أَي أَحْضَرَ سمعه وقلبُهُ شاهدٌ لذلك غَيْرُ غائب عنه. وفي حديث عليّ،
عليه السلام: وشَهِيدُكَ على أُمَّتِك يوم القيامة أَي شاهِدُك. وفي
الحديث: سيدُ الأَيام يوم الجمعة هو شاهد أَي يَشْهَدُ لمن حضر صلاتَه. وقوله:
فشهادَةُ أَحدِهم أَربع شهادات بالله؛ الشهادة معناها اليمين ههنا.
وقوله عز وجلّ: إِنا أَرسلناك شاهداً؛ أَي على أُمتك بالإِبْلاغ والرسالة،
وقيل: مُبَيِّناً. وقوله: ونزعنا من كل أُمة شهيداً؛ أَي اخْتَرْنا منها
نبيّاً، وكلُّ نبي شَهِيدُ أُمَّتِه. وقوله، عز وجل: تبغونها عِوَجاً
وأَنْتم شُهَداء؛ أي أَنتم تشهدون وتعلمون أَن نبوة محمد، صلى الله عليه وسلم،
حق لأَن الله، عز وجل، قد بينه في كتابكم. وقوله عز وجل: يوم يقوم
الأَشْهادُ؛ يعني الملائكة، والأَشهادُ: جمع شاهد مثل ناصر وأَنصار وصاحب
وأَصحاب، وقيل: إِن الأَشْهاد هم الأَنبياءُ والمؤمنون يَشْهدُون على
المكذبين بمحمد، صلى الله عليه وسلم، قال مجاهد ويَتْلُوه شاهد منه أَي حافظٌ
مَلَكٌ. وروى شمِر في حديث أَبي أَيوب الأَنصاري: أَنه ذكَرَ صلاة العصر
ثم قال: قلنا لأَبي أَيوب: ما الشَّاهِدُ؟ قال: النَّجمُ كأَنه يَشْهَدُ
في الليل أَي يحْضُرُ ويَظْهَر. وصلاةُ الشاهِدِ: صلاةُ المغرب، وهو
اسمها؛ قال شمر: هو راجع إِلى ما فسره أَبو أَيوب أَنه النجم؛ قال غيره: وتسمى
هذه الصلاةُ صلاةَ البَصَرِ لأَنه تُبْصَرُ في وقته نجوم السماء
فالبَصَرُ يُدْرِكُ رؤْيةَ النجم؛ ولذلك قيل له
(* قوله «قيل له» أي المذكور
صلاة إلخ فالتذكير صحيح وهو الموجود في الأَصل المعول عليه.) صلاةُ البصر،
وقيل في صلاةِ الشاهد: إِنها صلاةُ الفجر لأَنَّ المسافر يصليها كالشاهد
لا يَقْصُرُ منها؛ قال:
فَصَبَّحَتْ قبلَ أَذانِ الأَوَّلِ
تَيْماء، والصُّبْحُ كَسَيْفِ الصَّيْقَل،
قَبْلَ صلاةِ الشاهِدِ المُسْتَعْجل
وروي عن أَبي سعيد الضرير أَنه قال: صلاة المغرب تسمى شاهداً لاستواءِ
المقيم والمسافر فيها وأَنها لا تُقْصَر؛ قال أَبو منصور: والقَوْلُ
الأَوَّل، لأَن صلاة الفجر لا تُقْصَر أَيضاً ويستوي فيها الحاضر والمسافر ولم
تُسَمَّ شاهداً. وقوله عز وجل: فمن شَهِدَ منكم الشهر قليصمه؛ معناه من
شَهْدِ منكم المِصْرَ في الشهر لا يكون إِلا ذلك لأَن الشهر يَشْهَدُهُ
كلُّ حَيٍّ فيه؛ قال الفراء: نَصَبَ الشهر بنزع الصفة ولم ينصبه بوقوع
الفعل عليه؛ المعنى: فمن شَهِدَ منكم في الشهر أَي كان حاضراً غير غائب في
سفره. وشاهَدَ الأَمرَ والمِصر: كَشهِدَه.
وامرأَة مُشْهِدٌ: حاضرة البعل، بغير هاءٍ. وامرأَة مُغِيبَة: غاب عنها
زوجها. وهذه بالهاءِ، هكذا حفظ عن العرب لا على مذهب القياس. وفي حديث
عائشة: قالت لامرأَة عثمان بن مَظْعُون وقد تَرَكَت الخضاب والطِّيبَ:
أَمُشْهِدٌ أَم مُغِيبٌ؟ قالت: مُشْهِدٌ كَمُغِيبٍ؛ يقال: امرأَة مُشْهِدٌ
إِذا كان زوجها حاضراً عندها، ومُغِيبٌ إِذا كان زوجها غائباً عنها. ويقال
فيه: مُغِيبَة ولا يقال مُشْهِدَةٌ؛ أَرادت أَن زوجها حاضر لكنه لا
يَقْرَبُها فهو كالغائب عنها.
والشهادة والمَشْهَدُ: المَجْمَعُ من الناس. والمَشْهَد: مَحْضَرُ
الناس. ومَشاهِدُ مكة: المَواطِنُ التي يجتمعون بها، من هذا. وقوله تعالى:
وشاهدٍ ومشهودٍ؛ الشاهِدُ: النبي، صلى الله عليه وسلم، والمَشْهودُ: يومُ
القيامة. وقال الفراءُ: الشاهِدُ يومُ الجمعة، والمشهود يوم عرفةَ لأَن
الناس يَشْهَدونه ويَحْضُرونه ويجتمعون فيه. قال: ويقال أَيضاً: الشاهد يومُ
القيامة فكأَنه قال: واليَوْمِ الموعودِ والشاهد، فجعل الشاهد من صلة
الموعود يتبعه في خفضه. وفي حديث الصلاة: فإِنها مَشْهودة مكتوبة أَي
تَشْهَدُها الملائكة وتَكتُبُ أَجرها للمصلي. وفي حديث صلاة الفجر: فإِنها
مَشْهودة مَحْضورة يَحْضُرها ملائكة الليل والنهار، هذه صاعِدةٌ وهذه
نازِلَةٌ. قال ابن سيده: والشاهِدُ من الشهادة عند السلطان؛ لم يفسره كراع
بأَكثر من هذا.
والشَّهِيدُ: المقْتول في سبيل الله، والجمع شُهَداء. وفي الحديث:
أَرواحُ الشهَداءِ قي حَواصِل طَيْرٍ خُضْرٍ تَعْلُقُ من وَرَق
(* قوله «تعلق
من ورق إلخ» في المصباح علقت الإبل من الشجر علقاً من باب قتل وعلوقاً:
أكلت منها بأفواهها. وعلقت في الوادي من باب تعب: سرحت. وقوله، عليه
السلام: أرواح الشهداء تعلق من ورق الجنة، قيل: يروى من الأَول، وهو الوجه اذ
لو كان من الثاني لقيل تعلق في ورق ، وقيل من الثاني، قال القرطبي وهو
الأكثر.) الجنة، والإسم الشهادة. واسْتُشْهِدَ: قُتِلَ شهِيداً.
وتَشَهَّدَ: طلب الشهادة. والشَّهِيدُ: الحيُّ؛ عن النصر بن شميل في تفسير الشهيد
الذي يُسْتَشْهَدُ: الحيّ أَي هو عند ربه حيّ. ذكره أَبو داود
(* قوله
«ذكره أبو داود إلى قوله قال أبو منصور» كذا بالأصل المعول عليه ولا يخفى ما
فيه من غموض. وقوله «كأن أرواحهم» كذا به أيضاً ولعله محذوف عن لان
أرواحهم.) أَنه سأَل النضر عن الشهيد فلان شَهِيد يُقال: فلان حيّ أَي هو عند
ربه حيّ؛ قال أَبو منصور: أُراه تأَول قول الله عز وجل: ولا تحسبن الذين
قُتِلوا في سبيل الله أَمواتاً بل أَحياءٌ عند ربهم؛ كأَنَّ أَرواحهم
أُحْضِرَتْ دارَ السلام أَحياءً، وأَرواح غَيْرِهِم أُخِّرَتْ إِلى البعث؛
قال: وهذا قول حسن. وقال ابن الأَنباري: سمي الشهيد شهيداً لأَن اللهَ
وملائكته شُهودٌ له بالجنة؛ وقيل: سُمُّوا شهداء لأَنهم ممن يُسْتَشْهَدُ
يوم القيامة مع النبي، صلى الله عليه وسلم، على الأُمم الخالية. قال الله
عز وجل: لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً؛ وقال أَبو
إِسحق الزجاج: جاءَ في التفسير أَن أُمم الأَنبياء تكَذِّبُ في الآخرة من
أُرْسِلَ إِليهم فيجحدون أَنبياءَهم، هذا فيمن جَحَدَ في الدنيا منهم
أَمْرَ الرسل، فتشهَدُ أُمة محمد، صلى الله عليه وسلم، بصدق الأَنبياء وتشهد
عليهم بتكذيبهم، ويَشْهَدُ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، لهذه بصدقهم.
قال أَبو منصور: والشهادة تكون للأَفضل فالأَفضل من الأُمة، فأَفضلهم من
قُتِلَ في سبيل الله، مُيِّزوا عن الخَلْقِ بالفَضْلِ وبيَّن الله أَنهم
أَحياءٌ عند ربهم يُرْزقون فرحين بما آتاهم الله من فضله؛ ثم يتلوهم في
الفضل من عدّه النبي، صلى الله عليه وسلم، شهيداً فإِنه قال: المَبْطُونُ
شَهيد، والمَطْعُون شَهِيد. قال: ومنهم أَن تَمُوتَ المرأَةُ بِجُمَع. ودل
خبر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه: أَنَّ مَنْ أَنْكَرَ مُنْكَراً وأَقام
حَقّاً ولم يَخَفْ في الله لَومَة لائم أَنه في جملة الشهداء، لقوله،
رضي الله عنه: ما لكم إِذا رأَيتم الرجل يَخْرِقُ أَعْراضَ الناس أَن لا
تَعْزِمُوا عليه؟ قالوا: نَخافُ لسانه، فقال: ذلك أَحْرَى أَن لا تكونوا
شهداء. قال الأَزهري: معناه، والله أَعلم، أَنَّكم إِذا لم تَعْزِموا
وتُقَبِّحوا على من يَقْرِضُ أَعْراضَ المسلمين مخافة لسانه، لم تكونوا في
جملة الشهداء الذين يُسْتَشهَدُون يوم القيامة على الأُمم التي كذبت
أَنبياءَها في الدنيا.
الكسائي: أُشْهِدَ الرجلُ إِذا استُشهد في سبيل الله، فهو مُشْهَدٌ،
بفتح الهاءِ؛ وأَنشد:
أَنا أَقولُ سَأَموتُ مُشْهَداً
وفي الحديث: المبْطُونُ شَهِيدٌ والغَريقُ شَهيدٌ؛ قال: الشهيدُ في
الأَصل من قُتِلَ مجاهداً في سبيل الله، ثم اتُّسِعَ فيه فأُطلق على من سماه
النبي، صلى الله عليه وسلم، من المَبْطُون والغَرِق والحَرِق وصاحب
الهَدْمِ وذات الجَنْب وغيرِهم، وسُمِّيَ شَهيداً لأَن ملائكته شُهُودٌ له
بالجنة؛ وقيل: لأَن ملائكة الرحمة تَشْهَدُه، وقيل: لقيامه بشهادَة الحق في
أَمْرِ الله حتى قُتِلَ، وقيل: لأَنه يَشْهَدُ ما أَعدّ الله له من
الكرامة بالقتل، وقيل غير ذلك، فهو فَعيل بمعنى فاعل وبمعنى مفعول على اختلاف
التأْويل.
والشَّهْدُ والشُّهْد: العَسَل ما دام لم يُعْصَرْ من شمَعِه، واحدته
شَهْدَة وشُهْدَة ويُكَسَّر على الشِّهادِ؛ قال أُمية:
إِلى رُدُحٍ، من الشِّيزى، مِلاءٍ
لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ
(* قوله «ملاء» ككتاب، وروي بدله
عليها.) أَي من لباب البر يعني الفالوذَق. وقيل: الشَّهْدُ والشُّهْدُ
والشَّهْدَة العَسَلُ ما كان.
وأَشْهَدَ الرجُل: بَلَغَ؛ عن ثعلب. وأَشْهَدَ: اشْقَرَّ واخْضَرَّ
مِئْزَرُه. وأَشْهَدَ: أَمْذَى، والمَذْيُ: عُسَيْلَةٌ. أَبو عمرو: أَشْهَدَ
الغلام إِذا أَمْذَى وأَدرَك. وأَشْهَدت الجاريةُ إِذا حاضت وأَدْركتْ؛
وأَنشد:
قامَتْ تُناجِي عامِراً فأَشْهَدا،
فَداسَها لَيْلَتَه حتى اغْتَدَى
والشَّاهِدُ: الذي يَخْرُجُ مع الولد كأَنه مُخاط؛ قال ابن سيده:
والشُّهودُ ما يخرجُ على رأْس الولد، واحِدُها شاهد؛ قال حميد بن ثور
الهلالي:فجاءَتْ بِمثْلِ السَّابِرِيِّ، تَعَجَّبوا
له، والصَّرى ما جَفَّ عنه شُهودُها
ونسبه أَبو عبيد إِلى الهُذَلي وهو تصحيف. وقيل: الشُّهودُ الأَغراس
التي تكون على رأْس الحُوار. وشُهودُ الناقة: آثار موضع مَنْتَجِها من سَلًى
أَو دَمٍ.
والشَّاهِدُ: اللسان من قولهم: لفلان شاهد حسن أَي عبارة جميلة.
والشاهد: المَلَك؛ قال الأَعشى:
فلا تَحْسَبَنِّي كافِراً لك نَعْمَةً
على شاهِدي، يا شاهِدَ اللهِ فاشْهَدِ
وقال أَبو بكر في قولهم ما لفلان رُواءٌ ولا شاهِدٌ: معناه ما له
مَنْظَرٌ ولا لسان، والرُّواءُ المَنظَر، وكذلك الرِّئْيِ. قال الله تعالى:
أَحسنُ أَثاثاً ورِئْياً؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
لله دَرُّ أَبيكَ رَبّ عَمَيْدَرٍ،
حَسَن الرُّواءِ، وقلْبُه مَدْكُوكُ
قال ابن الأَعرابي: أَنشدني أَعرابي في صفة فرس:
له غائِبٌ لم يَبْتَذِلْه وشاهِدُ
قال: الشاهِدُ مِن جَرْيِهِ ما يشهد له على سَبْقِه وجَوْدَتِهِ، وقال
غيره: شاهِدُه بذله جَرْيَه وغائبه مصونُ جَرْيه.
تبل: التَّبْل: العَدَاوة، والجمع تُبُول، وقد تَبَلني يَتْبُلني.
والتَّبْل: الحِقْد. والتَّبْل: عداوة يُطْلَب بها. يقال: قد تَبَلَني فلان
ولي عنده تَبْل، والجمع التُّبُول. الجوهري: يقال تَبَلَهم الدهر وأَتبلهم
أَي أَفناهم، وتَبَلهم الدهر تَبْلاً رَماهم بِصُروفه، ودَهْرٌ تَبْل من
تَبَله. وتَبَلت المرأَة فؤَادَ الرجل تَبْلاً: كأَنما أَصابته بتَبل؛
قال أَيوب بن عَبَاية:
أَجَدَّ بأُمِّ البَنِينَ الرَّحِيل،
فقَلْبُكَ صَبٌّ إِليها تَبِيل
والتَّبْل: أَن يُسْقِم الهوى الإِنسان، رجل مَتْبُولٌ؛ قال الأَعشى:
أَأَنْ رَأْت رَجُلاً أَعْشَى أَضَرَّ به
رَيْبُ المَنُون، ودهْرٌ مُتْبِلٌ خَبِلُ
ويروى: ودَهْرٌ خابِل تَبِلُ أَي مُسْقِم. وفي الصحاح: أَي يَذْهب
بالأَهل والولد. وأَصل التَّبْل التِّرَة والذَّحْلُ، يقال: تَبْلي عند فلان.
ويقال: أُصيب بتَبْل وقد أَتبله إِتبالاً؛ وفي قصيد كعب ابن زهير:
بانَتْ سُعادُ فَقَلْبي اليومَ مَتْبُول
أَي مُصاب بتَبْل، وهو الذَّحْل والعَدَاوة. يقال: قَلْب مَتْبُول إِذا
غَلَبَه الحُبُّ وهَيَّمه. وتَبَله الحُبُّ يتبُله وأَتبله: أَسقمه
وأَفسده، وقيل: تَبَله تَبْلاً ذهب بعقله. والتَّابَل والتَّابِل: الفِحَا.
وتَوْبَلْتَ القِدْر وتَبَلْتها وتَبَّلْتها: فَحَّيتُها، وكان بعضهم يهمز
التَّبل فيقول التأْبل، وكذلك كان يقول تأْبَلْت القِدْر. قال ابن جني:
وهو مما همز من الأَلِفات التي لا حَظَّ لها في الهمز. وتَوابِلُ القِدْر:
أَفْحَاؤها، واحدها تَوْبَل، وقيل للواحد تابَل. قال ابن بري: تَوْبَلْت
القِدْر جعلت فيها التوابل، بُنِي الفعل من لفظ التوابل بزيادته كما
بُنِي تَمْنْطَق من لفظ المَنْطقة بزيادتها.
وتَبُلَ: اسم واد؛ قال لبيد:
كُلَّ يَوْمٍ مَنَعُوا جامِلهم،
ومُرِنّاتٍ كآرامِ تُبَل
وتَبَالة: موضع. وفي المثل: أَهْوَن من تَبَالةَ على الحَجّاج، وكان عبد
الملك وَلاّه إِياها، فلما أَتاها استحقرها فلم يدخلها؛ قال لبيد:
فالضَّيْفُ والجارُ الجَنيبُ، كأَنَّما
هَبَطا تَبَالة مُخْصِباً أَهْضامُها
وتَبَالة: اسم بلد بعينه؛ ومنه المثل السائر: ما حَلَلْتَ تَبَالة
لتَحْرِمَ الأَضْيافَ، وهو بلد مُخْصِبٌ مَرِيعٌ. الجوهري: تبالة بلد باليمن
خَصْبة، بفتح التاء وتخفيف الباء، ورد ذكرها في الحديث.
ورق: الوَرَقُ: وَرَقُ الشجرة والشوك. والوَرَقُ: من أَوْراق الشجر
والكِتاب، الواحدة وَرَقةٌ. ابن سيده: الوَرَقُ من الشجر معروف، وقال أَبو
حنيفة: الوَرَقُ كل ما تَبَسَّطَ تَبَسُّطاً وكان له عَيْرٌ في وسطه تنتشر
عنه حاشيتاه، واحدته وَرَقةٌ.
وقد وَرَّقَت الشجرة تَوْريقاً وأَوْرَقَت إيراقاً: أخرجت وَرَقَها.
وأَوْرَقَ الشجرُ، أي خرج وَرَقُه. وشجرة وارِقةٌ ووَرِيقة ووَرِقةٌ: خضراء
الوَرَق حسنة؛ الأخيرة على النسب لأنه لا فعل له. والوَارِقةُ: الشجرة
الخضراء الوَرَق الحسنة، وقيل: كثيرة الأوراق. وشجرة وَرِقةٌ ووَرِيقة:
كثيرة الوَرَقِ. ووَرَقَ الشجرةَ يَرِقُها وَرْقاً: أخذ وَرَقَها، وقال
اللحياني: وَرَقَت الشجرة، خفيفةً، ألقت وَرَقَها. ويقال: رِقْ لي هذا الشجرة
وَرْقاً أي خُذ وَرَقَها، وقد وَرَقتُها أَرِقُها وَرْقاً، فهي
مَوْروقة.النضر: يقال اوْرَاقَّ العنبُ يَوْراقٌّ ايرِيقاقاً إذا لَوَّنَ فهو
مُورَاقّ. الأَصمعي: يقال وَرَقَ الشجرُ وأَوْرَقَ، وبالألف أكثر، ووَرَّق
تَوْريقاً مثله. والوِراقُ، بالكسر: الوقت الذي يُورِقُ فيه الشجر،
والوَرَاقُ، بالفتح: خضرة الأرض من الحشيش وليس من الوَرَقِ؛ قال أبو حنيفة: هو
أَن تطَّرد الخضرة لعينك؛ قال أَوس بن حَجَر يصف جيشاً بالكثرة ونسبه
الأزهري لأَوس بن زهير:
كأَنّ جِيادهُنَّ، بِرَعْنِ زُمٍّ،
جَرَادٌ قد أَطاعَ له الوَرَاقُ
ويروى: برَعْنِ قُفٍّ. قال ابن سيده: وعندي أن الوَرَاق من الوَرَقِ؛
وأَنشد الأزهري:
قل لنُصَيْبٍ يَحْتَلِبْ نار جَعْفَرٍ،
إذا شَكِرَتْ عند الوَرَاقِ جِلامُها
وقال أَبو حنيفة: ورَقَت الشجرةُ ووَرَّقَتْ وأَوْرَقتْ، كلُّ ذلك، إذا
ظهر وَرَقُها تامّاً. وفي الحديث أَنه قال لعَمَّار: أنت طيّبُ الوَرَق؛
أَراد بالورق نَسْله تشبيهاً بوَرَق الشجر لخروجها منها. ووَرَقُ القوم:
أحداثهم. وما أَحسن وَرَاقُهُ وأَوْرَاقهُ أي لِبْسته وشارتهُ، على
التشبيه بالوَرَقِ. واخْتَبط منه وَرَقاً: أصاب منه خيراً.
والرِّقَةُ: أول خروج الصِّلِّيان والنَّصِيّ والطَّريفة رطباً، يقال:
رعينا رِقَتَهُ. ابن الأعرابي: يقال للنَّصِيّ والصِّلِّيان إذا نبتا
رِقَةٌ، خفيفةً، ما داما رطبين. والرِّقةُ أيضاً: رِقةُ الكَلإِ إذا خرج له
ورق. وتَوَرَّقَت الناقة إذا رعت الرِّقةَ. ابن سمعان وغيره: الرِّقةُ
الأرض التي يصيبها المطر في الصَّفَرِيَّة أو في القيظ فتنبت فتكون خضراء
فيقال: هي رِقة خضراء. والرِّقةُ: رِقةُ النَّصِي والصلّيان إذا اخضرَّا في
الربيع.
أبو عمرو: الوَرِيقةُ الشجرة الحسنة الوَرَقِ. وعام أَوْرَقُ: لا مطر
فيه، والجمع وُرْق. والوَرَقُ: أُدم رقاقٌ، واحدتها وَرَقة، ومنها وَرَقُ
المصحف، ووَرَقُ المصحف وأَوْراقُه: صحفه، الواحد كالواحد، وهو منه.
والوَرَّاقُ: معروف، وحرفته الوِراقةُ. ورجل وَرَّاق: وهو الذي يُوَرِّق
ويكتب. الجوهري: والوَرَقُ المال من دراهم وإبل وغير ذلك. وقال ابن سيده
الوَرَقُ المال من الإبل والغنم؛ قال العجاج:
إياكَ أَدعو، فَتَقَبَّلْ مَلَقِي
اغفِرْ خَطايايَ، وثَمِّرْ ورَقِي
والوَرَقُ من الدم: ما استدار منه على الأرض، وقيل هو الذي يسقط من
الجراحة عَلَقاً قِطعاً؛ قال أَبو عبيدة: أَوّله وَرَق وهو مثل الرَّشِّ،
والبصِيرةُ مثل فِرْسِنِ البعير، والجَدِيَّةُ أَعظم من ذلك، والإسْباءةُ في
طول الرمح، والجمع الأسابي. والوَرَقُ: الدتيا. ووَرَقُ القوم:
أَحداثُهم. ووَرَقُ الشَّباب: نَضْرته وحداثته؛ هذه عن ابن الأَعرابي.
والوَرِقُ والوِرْقُ والوَرْقُ والرِّقَةُ: الدراهم مثل كَبِدٍ وكِبْدٍ
وكَبْدٍ، وكَلِمة وكِلْمة وكَلْمةٍ، لأن فيهم من ينقل كسرة الراء إلى
الواو بعد التخفيف، ومنهم من يتركها على حالها. وفي الصحاح: الوَرِقُ
الدراهم المضروبة وكذلك الرقةُ، والهاء عوض من الواو. وفي الحديث في الزكاة: في
الرِّقِة ربع العشر، وفي حديث آخر: عَفَوْتُ لكم عن صدقة الخيل والرقيق
فهاتوا صدقة الرِّقَةِ؛ يريد الفضة والدراهمَ المضروبة منها، وحكي في جمع
الرِّقة رِقَات؛ قال ابن بري: شاهد الرِّقة قول خالد بن الوليد في يوم
مسيلمة:
إن السِّهام بالرَّدَى مُفَوَّقَه،
والحَرْب وَرْهاء العِقال مُطْلَقة
وخالد من دينه على ثِقَهْ،.
لا ذَهَبٌ يُنْجِيكُمُ ولا رِقَه
والمُسْتَوْرِقُ: الذي يطلب الوَرِقَ؛ قال أَبو النجم:
أَقْبَلْت كالمُنْتَجِع المُسْتَوْرِق
قال ابن سيده: وربما سميت الفضة وَرَقاً. يقال: أَعطاه أَلف درهم رِقَة
لا يخالطها شيءٌ من المال غيرها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه
قال: في الرِّقِة ربع العشر. وقال أَبو الهيثم: الوَرِقُ والرِّقَةُ
الدراهم خاصة. والوَرَّاقُ: الرجل الكثير الوَرِق. والوَرَقُ: المال كله،
وأَنشد رجز العجاج: وثَمِّرْ وَرَقي، أي مالي. وقال أَبو عبيدة: الوَرَقُ
الفضة، كانت مضروبة كدراهم أو لا. شمر: الرِّقةُ العين، يقال: هي من الفضة
خاصةً. ابن سيده: والرِّقَةُ الفضة والمال؛ عن ابن الأعرابي، وقيل:
الذَّهَب والفضة؛ عن ثعلب. وفي حديث عَرْفجة: لما قطع أنفه اتخذ أَنفاً من
وَرِقٍ فأَنتن عليه فاتخذ أَنفاً من ذَهَب؛ الوَرِقُ، بكسر الراء: الفضة؛
وحكي عن الأَصمعي أنه إنما اتخذ أَنفاً من وَرَقٍ، بفتح الراء، أَراد
الرَّقَّ الذي يكتب فيه لأن الفضة لا تنتن؛ قال: وكنت أَحسب أَن قول الأصمعي
إن الفضة لا تنتن صحيحاً حتى أَخبرني بعض أَهل الخبرة أن الذهب لا
يُبْلِيه الثَّرَى ولا يُصْدئه النَّدَى ولا تَنقُصُه الأرض ولا تأْكله النار،
فأَما الفضة فإنها تَبْلى وتَصْدَأُ ويعلوها السواد وتُنْتِنُ، وجمع
الوَرِقِ والوَرْق والوِرْقِ أَوْراق، وجمْع الرِّقَة رِقُونَ.
وفي المثل: إن الرِّقِين تُعَفِّي على أَفْنِ الأَفِينِ. وقال ثعلب:
وِجْدانُ الرِّقِين يغطي أَفْن الأَفِينِ؛ قيل: معناه أَن المال يغطي
العيوب؛ وأَنشد ابن الأعرابي:
فلا تَلْحَيا الدنيا إليَّ، فإنني
أَرى ورق الدُّنْيا تَسُلُّ السَّخائما
ويا رُبَّ مُلْتاثٍ يَجُرُّ كساءَه،
نَفَى عنه وِجْدان الرِّقين العَزائما
يقول: يَنْفِي عنه كثرةُ المال عزائمَ الناس فيه أَنه أَحمق مجنون. قال
الأَزهري: لا تَلْحَيا لا تذمَّا. والمُلْتاث: الأحمق. قال ابن بري:
والشعر لثمامة السَّدوسي. ورجل مُورقٌ ووَرَّاق: صاحب وَرَقٍ؛ قال:
يا رُبَّ بَيْضاءَ من العِرَاقِ،
تأْكل من كِيس امْرئٍ وَرَّاقِ
قال ابن الأَعرابي: أَي كثير الوَرَقِ والمالِ. الجوهري: رجل وَرَّاق
كثير الدراهم.
اللحياني: يقال إن تَتْجُرْ فإنه مَوْرَقةٌ لمالك أي مُكَثِّره. ويقال:
أَوْرَق الرجل كثر ماله. ويقال: أَوْرَقَ الحابلُ يُورِقُ إيراقاً، فهو
مورق إذا لم يقع في حِبالته صيد، وكذلك الغازي إذا لم يَغْنَم فهو مُورِقٌ
ومُخْفِقٌ، وأَوْرَق الصائد إذا لم يَصِدْ. وأَوْرَق الطالب إذا لم
يَنَلْ. ابن سيده: وأَوْرَقَ الصائد أَخطأَ وخاب؛ وقوله أَنشده ثعلب:
إذا كَحَلْنَ عيوناً غيرَ مُورِقةٍ،
رَيَّشْنَ نَبْلاً لأَصحاب الصِّبَا صُيُدا
يعني غير خائة. وأَورَقَ الغازِي: أَخْفَقَ وغَنِمَ، وهو من الأضداد؛
قال:
ألم تَرَ أَنَّ الحَرْب تُعْوِجُ أَهْلَها
مِراراً، وأحياناً تُفِيدُ وتورقُ؟
والأَوْرَقُ من الإبل: الذي في لونه بياض إلى سواد. والوُرْقَةُ: سواد
في غُبْرة، وقيل: سواد وبياض كدخان الرِّمْثِ يكون ذلك في أَنواع البهائم
وأَكثر ذلك في الإبل. قال أَبو عبيد: الأوْرَقُ أطيب الإبل لحماً وأَقلها
شدةً على العمل والسير، وليس بمحمود عندهم في عمله وسيره، قال. وقد يكون
في الإنسان؛ قال:
أَيّامَ أَدعو بأَبِي زِياد
أَوْرَقَ بَوَّالاً على البَِساط
أَراد أَيام أدعو بدعائي أبا زياد رجلاً بَوَّالاً، قال وهذا كقولهم لئن
لقيت فلاناً لتلقيّن منه الأسد، وقد ايرَقَّ
(* قوله «وقد ايرق» كذا هو
بالأصل بدون ألف لينة بين الهاء والقاف). واوْرَاقَّ وهو أَوْرَقُ.
الأصمعي: إذا كان البعير أَسود يخالط سواده بياض كدخان الرِّمْثِ فتلك
الوُرْقَةُ، فإن اشتدَّتُ وُرْقَتهُ حتى يذهب البياض الذي فيه فهو أَدْهَمُ. ابن
الأَعرابي: قال أَبو نصر النعامي: هَجِّرْ بحَمْراء وأَسْرِ بوَرْقاء
وصَبِّح القوم على صهباء؛ قيل له: ولِمَ ذلك؛ قال: لأن الحَمْراءَ أصبر على
الهواجر، والوَرْقاءَ أصبر على طول السُّرَى، والصَّهِباء أَشهر وأَحسن
حين يُنْظَرُ إليها، ومن ذلك قيل للرماد أوْرَقُ، وللحَمامة والذِّئْبة
وَرْقاءُ؛ وقوله، صلى الله عليه وسلم: إن جاءَت به أَوْرَقَ جُمَاليّاً؛
فإنما عنى، صلى الله عليه وسلم، الأُدمة فاستعار لها اسم الوُرْقة، وكذلك
استعار جُمَاليّاً وإنما الجُمالية للناقة، ورواه أَهل الحديث
جَمَاليّاً، من الجَمال، وليس بشيء.
والأَوْرَقُ من الناس: الأَسمر؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في
ولد الملاعنة: إن جاءَت به أُمُّه أَوْرَقَ أَي أَسمر. والسُّمْرة:
الوُرْقَة. والسَّمْرةُ: الأُحْدوثة بالليل. والأَوْرَقُ: الذي لونه بين
السواد والغُبْرَة؛ ومنه قيل للرماد أَوْرَقُ وللحمامة وَرْقاء، وإنما وصفه
بالأُدْمة. وروي في حديث الملاعنة: إن جاءت به أَورق جَعْداً؛ الأَوْرَقُ:
الأَسمر، والوُرْقة السمرة، يقال: جمل أَوْرَقُ وناقة وَرْقاء. وفي حديث
ابن الأكوع: خرجت أنا ورجل من قومي وهو على ناقعة ورقاءَ. وحديث قُسّ:
على جمل أَوْرَقَ. أَبوعبيد: من أَمثالهم: إنه لأَشْأَم من وَرْقاء، وهي
مشؤومة يعني الناقة، وربما نفرت فذهبت في الأَرض. ويقال للحمامة وَرْقاء
للونها.
الأَصمعي: جاء فلان بالرُّبَيْق
(* قوله «جاء فلان بالربيق إلخ» عبارة
القاموس في أرق: جاءنا بأم الربيق على أريق أي بالداهية العظيمة.) على
أُرَيْق إذا جاء بالداهية الكبيرة؛ قال أَبو منصور: أُرَيْقٌ تصغير أَوْرَق،
على الترخيم، كما صغروا أسود سوَيْداً، وأُرَيْق في الأَصل وُرَيق فقلبت
الواو ألفاً للضمة كما قال تعالى: وإذا الرسل أُقِّتَتْ، والأَصل
وقِّتَتْ. الأَصمعي: تزعم العرب أن قولهم «جاءنا بأُم الرُّبَيْق على أُوْرَقَ،
كأنه أَراد وُرَيْقاً تصغير أَرَيْقٍ» من قول رجلٍ رأَى القولَ على
جَملٍ أَوْرَقَ . والأَوْرَقُ من كل شيء: ما كان لونه لون الرماد، وزمان
أَورق أي جدب؛ قال جندل:
إن كان عَمِّي لكَرِيمَ المِصْدَقِ،
عَفّاً هَضُوماً في الزمان الأَوْرَقِ
والأَوْرَقُ: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن؛ قال:
يشْربه مَحْضاً ويَسْقي عيالَهُ
سَجاجاً، كأقْرابِ الثعالب، أَوْرَقا
وكذلك شبهت العرب لون الذئب بلون دخان الرِّمْث لأن الذئب أَوْرَقُ؛ قال
رؤبة:
فلا تَكُوني، يا ابْنَةَ الأَشَمِّ،
وَرْقاءَ دَمَّى ذِئْبَها المُدَمِّي
وقال أَبو زيد: الذي يَضرب لونُه إلى الخضرة. قال: والذِّئابُ إذا رأَت
ذِئباً قد عُقِر دمه أَكَبَّت عليه فقطعته وأُنثاه معها، وقيل: الذئب إذا
دمي أكلته أُنثاه فيقول هذا الرجل لامرأَته: لا تكوني إذا رأَيت الناس
قد ظلموني معهم عليّ فتكوني كذئبة السوء. وقال أَبو حنيفة: نَصْل أَوْرَقُ
بُرِدَ أَو جُلِيَ ثم لُوّح بعد ذلك على الجمر حتى اخضرّ؛ قال العجاج:
عليه وُرْقانُ القِران النُّصَّلِ
والوَرَقة في القوس: مخرج غُصْن، وهو أَقل من الأُبْنة، وحكاه كراع بجزم
الراء وصرح فيه بذلك. ويقال: في القوس وَرْقة، بالتسكين، أَي عيب، وهو
مَخْرج الغُصن إذا كان خفيّاً. ابن الأَعرابي: الوَرْقة العيب في الغصن،
فإذا زادت فهي الأُبْنة، فإذا زادت فيه السحسه
(* قوله «السحسه» هي هكذا
في الأصل بدون نقط). ووَرَقة الوَتَر: جُليدة توضع على حَزِّه؛ عن ابن
الأَعرابي. ورجل وَرَق وامرأة وَرَقة: خسيسان. والوَرَقُ من القوم:
أَحداثهم؛ قال الشاعرهدبة بن الخَشْرم يصف قوماً قطعوا مفازة:
إذا وَرَقُ الفِتْيان صاروا كأنَّهُم
دراهِمُ، منها جائزاتٌ وزُيِّفُ
ورواه يعقوب: وزائف، وهو خطأٌ، وهم الخِساس، وقيل: هم الأَحداث، قال ابن
بري وقبله:
يَظَلُّ بها الهادي يُقَلِّبُ طَرْفه،
يَعَضُّ على إبهامه، وهو واقفُ
قال: وهذا يدل على أَن الرواية الصحيحة وزائف، لأن القصيدة مؤسسة
وأَولها:
أَتُنْكِرُ رَسْم الدار أم أَنتَ عارِفُ
والذي في شعره: منها راكبات وزائف. وقال أَبو سعيد: لنا وَرَقٌ أَي طريف
وفتيان وَرَق، وأَنشد البيت؛ وقال عمرو في ناقته وكان قدم المدينة:
طال الثَّواءُ عليه بالمدينة لا
ترعى، وبِيعَ له البَيْضاء والوَرَقُ
أَراد بالبيضاء الحَليِّ، وبالوَرَق الخَبَط، وبِيعَ اشْتُرِي. ابن
الأَعرابي: الوَرَقةُ الخسيس من الرجال، والوَرَقة الكريم من الرجال،
والوَرَقة مقدار الدرهم من الدم. والوَرَقُ: المال الناطق كله. والوَرَقُ:
الأَحداث من الغلمان. أَبو سعيد: يقال وَرَقاً أَي حيّاً، وكل حيّ وَرَق،
لأنهم يقولون يموت كما يموت الوَرَقُ وييبس كما ييبس الوَرَقُ؛ قال
الطائي:وهَزَّتْ رَأْسَها عَجَباً وقالت:
أَنا العُبْرِي، أَإِيَّانا تُرِيدُ؟
وما يَدْرِي الوَدُودُ، لعلَّ قلبي،
ولو خُبِّرْته وَرَقاً، جَلِيدُ
أَي ولو خُبِّرْته حَيّاً فإنه جَلِيد.
والوَرْقاء: شجيرة معروفة تسمو فوق القامة لها وَرَق مدوّر واسع دقيق
ناعم تأكله الماشية كلها، وهي غبراء الساق خضراء الورق لها زَمَع شُعْر فيه
حب أَغبر مثل الشَّهْدانِج، ترعاه الطير، وهو سُهْليّ ينبت في الأَودية
وفي جَنَباتها وفي القيعان، وهي مَرْعًى.
ومَوْرَقٌ: اسم رجل؛ حكاه سيبويه، شاذ عن القياس على حسب ما يجيء
للأسماء الأَعلام في كثير من أَبواب العربية، وكان القياس مَوْرِقاً،
بكسر الراء. والوَرِيقةُ ورِواقٌ: موضعان؛ قال الزبرقان:
وعَبْد من ذوي قَيْسٍ أتاني،
وأَهلي بالتَّهائم فالوِراق
ووَرِقانُ: جبلَ معروف. وفي الحديث: سِنُّ الكافر في النار كوَرِقان، هو
بوزن قَطِرانٍ، جبل أسود بين العَرْج والرُّوَيْثة على يَمين المار من
المدينة إلى مكة. وفي الحديث: رجلان من مُزَيْنة ينزلان جبلاً من جبال
العرب يقال له فيُحْشَرُ الناسُ ولا يَعْلَمان. ووَرْقاء: اسم رجل، والجمع
وَرَاقٍ ووَراقى مثل صَحارٍ وصَحارى، ونسبوا إليه وَرْقاوِيٌّ فأَبدلوا من
همزة التأنيث واواً. وفلان ابن مَوْرَقٍ، بالفتح، وهو شاذ مثل مَوْحَدٍ.