من (ط ر د) نسبة إلى الــطَّرَد: مزاولة الصيد وفراخ النحل.
من (ط ر د) نسبة إلى الــطَّرَد: مزاولة الصيد وفراخ النحل.
عبد: العبد: الإِنسان، حرّاً كان أَو رقيقاً، يُذْهَبُ بذلك إِلى أَنه
مربوب لباريه، جل وعز. وفي حديث عمر في الفداء: مكانَ عَبْدٍ عَبْدٌ، كان
من مذهب عمر، رضي الله عنه، فيمن سُبيَ من العرب في الجاهلية وأَدركه
الإِسلام، وهو عند من سباه، أَن يُرَدَّ حُرّاً إِلى نسبه وتكون قيمته عليه
يؤَدّيها إِلى من سباه، فَجَعل مكان كل رأْس منهم رأْساً من الرقيق؛
وأَما قوله: وفي ابن الأَمة عَبْدان، فإِنه يريد الرجل العربي يتزوّج أَمة
لقوم فتلد منه ولداً فلا يجعله رقيقاً، ولكنه يُفْدَى بعبدين، وإِلى هذا
ذهب الثوري وابن راهويه، وسائرُ الفقهاء على خلافه. والعَبْدُ: المملوك
خلاف الحرّ؛ قال سيبويه: هو في الأَصل صفة، قالوا: رجل عَبْدٌ، ولكنه
استُعمل استعمال الأَسماء، والجمع أَعْبُد وعَبِيد مثل كَلْبٍ وكَليبٍ، وهو
جَمْع عَزيزٌ، وعِبادٌ وعُبُدٌ مثل سَقْف وسُقُف؛ وأَنشد الأَخفش:
انْسُبِ العَبْدَ إِلى آبائِه،
أَسْوَدَ الجِلْدَةِ من قَوْمٍ عُبُدْ
ومنه قرأَ بعضُهم: وعُبُدَ الطاغوتِ؛ ومن الجمع أَيضاً عِبْدانٌ،
بالكسر، مثل جِحْشانٍ. وفي حديث عليّ: هؤُلاء قد ثارت معهم عِبْدانُكم.
وعُبْدانٌ، بالضم: مثل تَمْرٍ وتُمْرانٍ. وعِبِدَّان، مشدّدة الدال، وأَعابِدُ
جمع أَعْبُدٍ؛ قال أَبو دواد الإِيادي يصف ناراً:
لَهنٌ كَنارِ الرأْسِ، بالْـ
ـعَلْياءِ، تُذْكيها الأَعابِدْ
ويقال: فلان عَبْدٌ بَيِّن العُبُودَة والعُبودِيَّة والعَبْدِيَّةِ؛
وأَصل العُبودِيَّة الخُضوع والتذلُّل. والعِبِدَّى، مقصور، والعبدَّاءُ،
ممدود، والمَعْبوداء، بالمد، والمَعْبَدَة أَسماءُ الجمع. وفي حديث أَبي
هريرة: لا يَقُل أَحدكم لمملوكه عَبْدي وأَمَتي وليقل فتايَ وفتاتي؛ هذا
على نفي الاستكبار عليهم وأَنْ يَنْسُب عبوديتهم إِليه، فإِن المستحق لذلك
الله تعالى هو رب العباد كلهم والعَبيدِ، وجعل بعضهم العِباد لله،
وغيرَه من الجمع لله والمخلوقين، وخص بعضهم بالعِبِدَّى العَبيدَ الذين
وُلِدوا في المِلْك، والأُنثى عَبْدة. قال الأَزهري: اجتمع العامة على تفرقة ما
بين عِباد الله والمماليك فقالوا هذا عَبْد من عِباد الله، وهو لاء
عَبيدٌ مماليك. قال: ولا يقال عَبَدَ يَعْبُدُ عِبادة إِلا لمن يَعْبُد الله،
ومن عبد دونه إِلهاً فهو من الخاسرين. قال: وأَما عَبْدٌ خَدَمَ مولاه
فلا يقال عَبَدَه. قال الليث: ويقال للمشركين هم عَبَدَةُ الطاغوت، ويقال
للمسلمين عِبادُ الله يعبدون الله. والعابد: المُوَحِّدُ. قال الليث:
العِبِدَّى جماعة العَبِيد الذين وُلِدوا في العُبودِيَّة تَعْبِيدَةٌ ابن
تعبيدة أَي في العُبودة إِلى آبائه، قال الأَزهري: هذا غلط، يقال: هؤلاء
عِبِدَّى الله أَي عباده. وفي الحديث الذي جاء في الاستسقاء: هؤلاء
عِبِدَّاكَ بِفِناءِ حَرَمِك؛ العِبِدَّاءُ، بالمد والقصر، جمع العبد. وفي حديث
عامر بن الطفيل: أَنه قال للنبي، صلى الله عليه وسلم: ما هذه العِبِدَّى
حوْلَك يا محمد؟ أَراد فقَراءَ أَهل الصُّفَّة، وكانوا يقولون اتَّبَعَه
الأَرذلون. قال شمر: ويقال للعبيد مَعْبَدَةٌ؛ وأَنشد للفرزدق:
وما كانت فُقَيْمٌ، حيثُ كانت
بِيَثْرِبَ، غيرَ مَعْبَدَةٍ قُعودِ
قال الأَزهري: ومثلُ مَعْبَدة جمع العَبْد مَشْيَخَةٌ جمع الشيْخ،
ومَسْيَفة جمع السَّيْفِ. قال اللحياني: عَبَدْتُ الله عِبادَة ومَعْبَداً.
وقال الزجاج في قوله تعالى: وما خلقتُ الجنّ والإِنس إِلا ليعبدون، المعنى
ما خلقتهم إِلا لأَدعوهم إِلى عبادتي وأَنا مريد للعبادة منهم، وقد علم
الله قبل أن يخلقهم من يعبده ممن يكفر به، ولو كان خلقهم ليجبرهم على
العبادة لكانوا كلهم عُبَّاداً مؤمنين؛ قال الأَزهري: وهذا قول أَهل السنَّة
والجماعة. والَعبْدَلُ: العبدُ، ولامه زائدة.
والتِّعْبِدَةُ: المُعْرِقُ في المِلْكِ، والاسم من كل ذلك العُبودةُ
والعُبودِيَّة ولا فعل له عند أَبي عبيد؛ وحكى اللحياني: عَبُدَ عُبودَة
وعُبودِية. الليث: وأَعْبَدَه عبداً مَلَّكه إِياه؛ قال الأَزهري: والمعروف
عند أَهل اللغة أَعْبَدْتُ فلاناً أَي استَعْبَدْتُه؛ قال: ولست
أُنْكِرُ جواز ما قاله الليث إِن صح لثقة من الأَئمة فإِن السماع في اللغات
أَولى بنا من خَبْطِ العَشْواءِ، والقَوْلِ بالحَدْس وابتداعِ قياساتٍ لا
تَــطَّرِدُ. وتَعَبَّدَ الرجلَ وعَبَّده وأَعْبَدَه: صيَّره كالعَبْد،
وتَعَبَّدَ اللَّهُ العَبْدَ بالطاعة أَي استعبده؛ وقال الشاعر:
حَتَّامَ يُعْبِدُني قَوْمي، وقد كَثُرَت
فيهمْ أَباعِرُ، ما شاؤوا، وعِبْدانُ؟
وعَبَّدَه واعْتَبَده واستعبده؛ اتخذه عَبْداً؛ عن اللحياني؛ قال رؤبة:
يَرْضَوْنَ بالتَّعْبِيدِ والتَّأَمِّي
أَراد: والتَّأْمِيَةِ. يقال: تَعَبَّدْتُ فلاناً أَي اتخذْتُه عَبْداً
مثل عَبَّدْتُه سواء. وتأَمَّيْتُ فلانة أَي اتخذْتُها أَمَة. وفي
الحديث: ثلاثة أَنا خَصْمُهم: رجل اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، وفي رواية: أَعبَدَ
مُحَرَّراً أَي اتخذه عبداً، وهو أَن يُعْتِقَه ثم يكْتمه إِياه، أَو
يَعْتَقِلَه بعد العِتْقِ فَيَسْتَخْدِمَهُ كُرْهاً، أَو يأْخذ حُرًّا
فيدَّعيه عَبداً. وفي التنزيل: وتلك نِعْمَةٌ تَمُنُّها عليّ أَنْ عَبَّدْتَ بني
إِسرائيل؛ قال الأَزهري: وهذه آية مشكلة وسنذكر ما قيل فيها ونخبر
بالأَصح الأَوضح. قال الأَخفش في قوله تعالى: وتلك نعمة، قال: يقال هذا
استفهام كأَنه قال أَو تلك نعمة تمنها عليّ ثم فسر فقال: أَن عَبَّدْتَ بني
إِسرائيل، فجعله بدلاً من النعمة؛ قال أَبو العباس: وهذا غلط لا يجوز أَن
يكون الاستفهام مُلْقًى وهو يُطْلَبُ، فيكون الاستفهام كالخبر؛ وقد
استُقْبِحَ ومعه أَمْ وهي دليل على الاستفهام، استقبحوا قول امرئ
القيس:تروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِرْ
قال بعضهم: هو أَتَروحُ مِنَ الحَيِّ أَم تَبْتَكِر فحذفُ الاستفهام
أَولى والنفي تام؛ وقال أَكثرهم: الأَوّل خبر والثاني استفهام فأَما وليس
معه أَم لم يقله إِنسان. قال أَبو العباس: وقال الفراء: وتلك نعمة تمنها
عليّ، لأَنه قال وأَنت من الكافرين لنعمتي أَي لنعمة تربيتي لك فأَجابه
فقال: نعم هي نعمة عليّ أَن عبَّدْت بني إسرائيل ولم تستعبدني، فيكون موضع
أَن رفعاً ويكون نصباً وخفضاً، من رفع ردّها على النعمة كأَنه قال وتلك
نعمة تمنها عليّ تَعْبِيدُك بني إِسرائيل ولم تُعَبِّدْني، ومن خفض أَو نصب
أَضمر اللام؛ قال الأَزهري: والنصب أَحسن الوجوه؛ المعنى: أَن فرعون لما
قال لموسى: أَلم نُرَبِّك فينا وليداً ولبثت فينا من عُمُرِكَ سنين،
فاعْتَدَّ فرعون على موسى بأَنه ربَّاه وليداً منذُ وُلدَ إِلى أَن كَبِرَ
فكان من جواب موسى له: تلك نعمة تعتدّ بها عليّ لأَنك عبَّدْتَ بني
إِسرائيل، ولو لم تُعَبِّدْهم لكَفَلَني أَهلي ولم يُلْقُوني في اليمّ، فإِنما
صارت نعمة لما أَقدمت عليه مما حظره الله عليك؛ قال أَبو إِسحق: المفسرون
أَخرجوا هذه على جهة الإِنكار أَن تكون تلك نعمة، كأَنه قال: وأَيّ
نعمة لك عليّ في أَن عَبَّدْتَ بني إِسرائيل، واللفظ لفظ خبر؛ قال: والمعنى
يخرج على ما قالوا على أَن لفظه لفظ الخبر وفيه تبكيت المخاطب، كأَنه قال
له: هذه نعمة أَنِ اتَّخَذْتَ بني إِسرائيلَ عَبيداً ولم تتخذني عبداً.
وعَبُدَ الرجلُ عُبودَةً وعُبودِيَّة وعُبِّدَ: مُلِكَ هو وآباؤَه من
قبلُ.
والعِبادُ: قَوْمٌ من قَبَائِلَ شَتَّى من بطونِ العرب اجتمعوا على
النصرانية فأَِنِفُوا أَن يَتَسَمَّوْا بالعَبِيدِ وقالوا: نحن العِبادُ،
والنَّسَبُ إِليه عِبادِيّ كأَنصاِريٍّ، نزلوا بالحِيرَة، وقيل: هم العَباد،
بالفتح، وقيل لِعَبادِيٍّ: أَيُّ حِمَارَيْكَ شَرٌّ؟ فقال: هذا ثم هذا.
وذكره الجوهري: العَبادي، بفتح العين؛ قال ابن بري: هذا غلط بل مكسور
العين؛ كذا قال ابن دريد وغيره؛ ومنه عَدِيُّ بن زيد العِبادي، بكسر العين،
وكذا وجد بخط الأَزهري.
وعَبَدَ اللَّهَ يَعْبُدُه عِبادَةً ومَعْبَداً ومَعْبَدَةً: تأَلَّه
له؛ ورجل عابد من قوم عَبَدَةٍ وعُبُدٍ وعُبَّدٍ وعُبَّادٍ.
والتَّعَبُّدُ: التَّنَسُّكُ.
والعِبادَةُ: الطاعة.
وقوله تعالى: قل هل أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ من ذلك مَثُوبَةً عند الله من
لعنه الله وغَضِبَ عليه وجعل منهم القِرَدَة والخنازير وعبَدَ الطاغوتَ؛
قرأَ أَبو جعفر وشيبة ونافع وعاصم وأَبو عمرو والكسائي وعَبَدَ الطاغوتَ،
قال الفراء: وهو معطوف على قوله عز وجل: وجعل منهم القِرَدَةَ والخنازير
ومَن عَبَدَ الطاغوتَ؛ وقال الزجاج: قوله: وعَبدَ الطاغوتَ، نسق على مَن
لعنه الله؛ المعنى من لعنه الله ومن عبَدَ الطاغوتَ من دون الله عز وجل،
قال وتأْويلُ عبدَ الطاغوتَ أَي أَطاعه يعني الشيطانَ فيما سَوّلَ له
وأَغواه؛ قال: والطاغوتُ هو الشيطان. وقال في قوله تعالى: إِياك نعبد؛ أَي
نُطِيعُ الطاعةَ التي يُخْضَعُ معها، وقيل: إِياك نُوَحِّد، قال: ومعنى
العبادةِ في اللغة الطاعةُ مع الخُضُوعِ، ومنه طريقٌ مُعَبَّدٌ إِذا كان
مذللاً بكثرة الوطءِ. وقرأَ يحيى بن وَثَّاب والأَعمش وحمزة: وعَبُدَ
الطاغوتِ، قال الفراء: ولا أَعلم له وجهاً إِلا أَن يكون عَبُدَ بمنزلة
حَذُرٍ وعَجُلٍ. وقال نصر الرازي: عَبُدَ وَهِمَ مَنْ قرأَه ولسنا نعرف ذلك في
العربية. قال الليث: وعَبُدَ الطاغوتُ معناه صار الطاغوتُ يُعْبَدُ كما
يقال ظَرُفَ الرجل وفَقُه؛ قال الأَزهري: غلط الليث في القراءة والتفسير،
ما قرأَ أَحد من قرَّاء الأَمصار وغيرهم وعَبُدَ الطاغوتُ، برفع
الطاغوت، إِنما قرأَ حمزة وعَبُدَ الطاغوتِ وأَضافه؛ قال: والمعنى فيما يقال
خَدَمُ الطاغوتِ، قال: وليس هذا بجمع لأَن فَعْلاً لا يُجْمَعُ على فَعُلٍ
مثل حَذُرٍ ونَدُسٍ، فيكون المعنى وخادِمَ الطاغوتِ؛ قال الأَزهري: وذكر
الليث أَيضاً قراءة أُخرى ما قرأَ بها أَحد قال وهي: وعابدو الطاغوتِ
جماعة؛ قال: وكان رحمه الله قليل المعرفة بالقراآت، وكان نَوْلُه أَن لا
يَحكي القراآتِ الشاذَّةَ وهو لا يحفظها، والقارئ إِذا قرأَ بها جاهل، وهذا
دليل أَن إِضافته كتابه إِلى الخليل بن أَحمد غير صحيح، لأَن الخليل كان
أَعقل من أَن يسمي مثل هذه الحروف قراآت في القرآن ولا تكون محفوظة
لقارئ مشهور من قراء الأَمصار، ونسأَل الله العصمة والتوفيق للصواب؛ قال ابن
سيده: وقُرِئَ وعُبُدَ الطاغوتِ جماعةُ عابِدٍ؛ قال الزجاج: هو جمع
عَبيدٍ كرغيف ورُغُف؛ وروي عن النخعي أَنه قرأَ: وعُبْدَ الطاغوتِ، بإِسكان
الباء وفتح الدال، وقرئ وعَبْدَ الطاغوتِ وفيه وجهان: أَحدهما أَن يكون
مخففاً من عَبُدٍ كما يقال في عَضُدٍ عَضْدٌ، وجائز أَن يكون عَبْدَ اسم
الواحد يدل على الجنس ويجوز في عبد النصب والرفع، وذكر الفراء أَن
أُبَيًّا وعبد الله قرآ: وعَبَدوا الطاغوتَ؛ وروي عن بعضهم أَنه قرأَ:
وعُبَّادَ الطاغوتِ، وبعضهم: وعابِدَ الطاغوتِ؛ قال الأَزهري: وروي عن ابن عباس:
وعُبِّدَ الطاغوتُ، وروي عنه أَيضاً: وعُبَّدَ الطاغوتِ، ومعناه عُبَّاد
الطاغوتِ؛ وقرئ: وعَبَدَ الطاغوتِ، وقرئ: وعَبُدَ الطاغوتِ. قال
الأَزهري: والقراءة الجيدة التي لا يجوز عندي غيرها هي قراءة العامّة التي بها
قرأَ القرّاء المشهورون، وعَبَدَ الطاغوتَ على التفسير الذي بينته
أَوّلاً؛ وأَما قَوْلُ أَوْسِ بن حَجَر:
أَبَنِي لُبَيْنَى، لَسْتُ مُعْتَرِفاً،
لِيَكُونَ أَلأَمَ مِنْكُمُ أَحَدُ
أَبَني لُبَيْنى، إِنَّ أُمَّكُمُ
أَمَةٌ، وإِنَّ أَباكُمُ عَبُدُ
فإِنه أَراد وإِن أَباكم عَبْد فَثَقَّل للضرورة، فقال عَبُدُ لأَن
القصيدة من الكامل وهي حَذَّاء. وقول الله تعالى: وقومهما لنا عابدون؛ أَي
دائنون. وكلُّ من دانَ لملك فهو عابد له. وقال ابن الأَنباري: فلان عابد
وهو الخاضع لربه المستسلم المُنْقاد لأَمره. وقوله عز وجل: اعبدوا ربكم؛
أَي أَطيعوا ربكم. والمتعبد: المنفرد بالعبادة. والمُعَبَّد: المُكَرَّم
المُعَظَّم كأَنه يُعْبَد؛ قال:
تقولُ: أَلا تُمْسِكْ عليكَ، فإِنَّني
أَرى المالَ عندَ الباخِلِينَ مُعَبَّدَا؟
سَكَّنَ آخِرَ تُمْسِكْ لأَنه تَوَهَّمَ سِكُعَ
(* هكذا في الأصل.) مَنْ
تُمْسِكُ عليكَ بِناءً فيه ضمة بعد كسرة، وذلك مستثقل فسكن، كقول جرير:
سِيروا بَني العَمِّ، فالأَهْوازُ مَنْزِلُكم
ونَهْرُ تِيرَى، ولا تَعْرِفْكُمُ العَربُ
والمُعَبَّد: المُكَرَّم في بيت حاتم حيث يقول:
تقولُ: أَلا تُبْقِي عليك، فإِنَّني
أَرى المالَ عند المُمْسِكينَ مُعَبَّدا؟
أَي مُعَظَّماً مخدوماً. وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُكَرَّم.
والعَبَدُ: الجَرَبُ، وقيل: الجربُ الذي لا ينفعه دواء؛ وقد عَبِدَ
عَبَداً.
وبعير مُعَبَّد: أَصابه ذلك الجربُ؛ عن كراع.
وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مهنوء بالقَطِران؛ قال طرفة:
إِلى أَن تَحامَتْني العَشِيرَةُ كُلُّها،
وأُفْرِدْتُ إِفْرادَ البعيرِ المُعَبَّدِ
قال شمر: المُعَبَّد من الإِبل الذي قد عُمَّ جِلدُه كلُّه بالقَطِران؛
ويقال: المُعَبَّدُ الأَجْرَبُ الذي قد تساقط وَبَرهُ فأُفْرِدَ عن
الإِبل لِيُهْنَأَ، ويقال: هو الذي عَبَّدَه الجَرَبُ أَي ذَلَّلَهُ؛ وقال ابن
مقبل:
وضَمَّنْتُ أَرْسانَ الجِيادِ مُعَبَّداً،
إِذا ما ضَرَبْنا رأْسَه لا يُرَنِّحُ
قال: المُعَبَّد ههنا الوَتِدُ. قال شمر: قيل للبعير إِذا هُنِئَ
بالقَطِرانِ مُعَبَّدٌ لأَنه يتذلل لِشَهْوَتِه القَطِرانَ وغيره فلا يمتنع.
وقال أَبو عدنان: سمعت الكلابيين يقولون: بعير مُتَعَبِّدٌ ومُتَأَبِّدٌ
إِذا امتنع على الناس صعوبة وصار كآبِدَةِ الوحش. والمُعَبَّدُ: المذلل.
والتعبد: التذلل، ويقال: هو الذي يُترَك ولا يركب. والتعبيد: التذليل.
وبعيرٌ مُعَبَّدٌ: مُذَلَّلٌ. وطريق مُعَبَّد: مسلوك مذلل، وقيل: هو الذي
تَكْثُرُ فيه المختلفة؛ قال الأَزهري: والمعبَّد الطريق الموطوء في
قوله:وَظِيفاً وَظِيفاً فَوْقَ مَوْرٍ مُعَبَّدِ
وأَنشد شمر:
وبَلَدٍ نائي الصُّوَى مُعَبَّدِ،
قَطَعْتُه بِذاتِ لَوْثٍ جَلْعَدِ
قال: أَنشدنيه أَبو عدنانَ وذكر أَن الكلابية أَنشدته وقالت: المعبَّد
الذي ليس فيه أَثر ولا علَم ولا ماء والمُعَبَّدة: السفينة المُقَيَّرة؛
قال بشر في سفينة ركبها:
مُعَبَّدَةُ السَّقائِفِ ذاتُ دُسْرٍ،
مُضَبَّرَةٌ جَوانِبُها رَداحُ
قال أَبو عبيدة: المُعَبَّدةُ المَطْلِيَّة بالشحم أَو الدهن أَو القار؛
وقول بشر:
تَرى الطَّرَقَ المُعَبَّدَ مِن يَدَيها،
لِكَذَّانِ الإِكامِ به انْتِضالُ
الطَّرَقُ: اللِّينُ في اليَدَينِ. وعنى بالمعبَّد الطرََق الذي لا
يُبْس يحدث عنه ولا جُسُوءَ فكأَنه طريق مُعَبَّد قد سُهِّلَ وذُلِّلَ.
والتَّعْبِيدُ: الاسْتِعْبَادُ وهو أَن يَتَّخِذَه عَبْداً وكذلك
الاعْتِبادُ. وفي الحديث: ورجلٌ اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، والإِعبادُ مِثْلُه
وكذلك التَّعَبُّد؛ وقال:
تَعَبَّدَني نِمْرُ بن سَعْدٍ، وقد أُرَى
ونِمْرُ بن سَعْدٍ لي مُطيعٌ ومُهْطِعُ
وعَبِدَ عليه عَبَداً وعَبَدَةً فهو عابِدٌ وعَبدٌ: غَضِب؛ وعدّاه
الفرزدق بغير حرف فقال:
علام يَعْبَدُني قَوْمي، وقد كَثُرَتْ
فيهم أَباعِرُ، ما شاؤوا، وعُبِدانُ؟
أَنشده يعقوب وقد تقدّمت رواية من روى يُعْبِدُني؛ وقيل: عَبِدَ عَبَداً
فهو عَبِدٌ وعابِدٌ: غَضِبَ وأَنِفَ، والاسم العَبَدَةُ. والعَبَدُ: طول
الغضب؛ قال الفراء: عَبِد عليه وأَحِنَ عليه وأَمِدَ وأَبِدَ أَي
غَضِبَ. وقال الغَنَوِيُّ: العَبَدُ الحُزْن والوَجْدُ؛ وقيل في قول
الفرزدق:أُولئِكَ قَوْمٌ إِنْ هَجَوني هَجَوتُهم،
وأَعْبَدُ أَن أَهْجُو كُلَيْباً بِدارِمِ
أَعبَدُ أَي آنَفُ؛ وقال ابن أَحمر يصف الغَوَّاص:
فأَرْسَلَ نَفْسَهُ عَبَداً عَلَيها،
وكان بنَفْسِه أَرِباً ضَنِينا
قيل: معنى قوله عَبَداً أَي أَنَفاً. يقول: أَنِفَ أَن تفوته الدُّرَّة.
وفي التنزيل: قل إِن كان للرحمن ولدٌ فأَنا أَول العابدين، ويُقْرأُ:
العَبِدينَ؛ قال الليث: العَبَدُ، بالتحريك، الأَنَفُ والغَضَبُ
والحَمِيَّةُ من قَوْلٍ يُسْتَحْيا منه ويُسْتَنْكَف، ومن قرأَ العَبِدِينَ فهو
مَقْصُورٌ من عَبِدَ يَعْبَدُ فهو عَبِدٌ؛ وقال الأَزهري: هذه آية مشكلة
وأَنا ذاكر أَقوال السلف فيها ثم أُتْبِعُها بالذي قال أَهل اللغة وأُخبر
بأَصحها عندي؛ أَما القول الذي قاله الليث في قراءَة العبدين، فهو قول أَبي
عبيدة على أَني ما علمت أَحداً قرأَ فأَنا أَول العَبِدين، ولو قرئَ
مقصوراً كان ما قاله أَبو عبيدة محتملاً، وإِذ لم يقرأْ به قارئ مشهور لم
نعبأْ به، والقول الثاني ما روي عن ابن عيينة أَنه سئل عن هذه الآية
فقال: معناه إِن كان للرحمن ولد فأَنا أَوّل العابدين، يقول: فكما أَني لست
أَول من عبد الله فكذلك ليس لله ولد؛ وقال السدي: قال الله لمحمد: قل إِن
كان على الشرط للرحمن ولد كما تقولون لكنت أَوّل من يطيعه ويعبده؛ وقال
الكلبي: إِن كان ما كان وقال الحسن وقتادة إِن كان للرحمن ولد على معنى ما
كان، فأَنا أَوّل العابدين أَوّل من عبد الله من هذه الأُمة؛ قال
الكسائي: قال بعضهم إِن كان أَي ما كان للرحمن فأَنا أَول العابدين أَي
الآنفين، رجل عابدٌ وعَبِدٌ وآنِف وأَنِفٌ أَي الغِضاب الآنفين من هذا القول،
وقال فأَنا أَول الجاحدين لما تقولون، ويقال أَنا أَوَّل من تَعبَّده على
الوحدانية مُخالَفَةً لكم. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه، وقيل له: أَنت
أَمرت بقتل عثمان أَو أَعَنْتَ على قتله فَعَبِدَ وضَمِدَ أَي غَضِبَ
غَضَبَ أَنَفَةٍ؛ عَبِدَ، بالكسر، يَعْبَدُ عَبَداً، بالتحريك، فهو عابِدٌ
وعَبِدٌ؛ وفي رواية أُخرى عن علي، كرم الله وجهه، أَنه قال: عَبِدْتُ
فصَمَتُّ أَي أَنِفْتُ فسَكَتُّ؛ وقال ابن الأَنباري: ما كان للرحمن ولد،
والوقف على الولد ثم يبتدئ: فأَنا أَوّل العابدين له، على أَنه ولد له والوقف
على العابدين تامّ. قال الأَزهري: قد ذكرت الأَقوال وفيه قول أَحْسَنُ
من جميع ما قالوا وأَسْوَغُ في اللغة وأَبْعَدُ من الاستكراه وأَسرع إِلى
الفهم. روي عن مجاهد فيه أَنه يقول: إِن كان لله ولد في قولكم فأَنا
أَوّل من عبد الله وحده وكذبكم بما تقولون؛ قال الأَزهري: وهذا واضح، ومما
يزيده وضوحاً أَن الله عز وجل قال لنبيِّه: قل يا محمد للكفار إِن كان
للرحمن ولد في زعمكم فأَنا أَوّل العابدين إِلهَ الخَلْق أَجمعين الذي لم يلد
ولم يولد، وأَوّل المُوَحِّدِين للرب الخاضعين المطيعين له وحده لأَن من
عبد الله واعترف بأَنه معبوده وحده لا شريك له فقد دفع أَن يكون له ولد
في دعواكم، والله عز وجل واحد لا شريك له، وهو معبودي الذي لا ولَدَ له
ولا والِدَ؛ قال الأَزهري: وإِلى هذا ذهب إِبراهيم بن السريِّ وجماعة من
ذوي المعرفة؛ قال: وهو الذي لا يجوز عندي غيره.
وتَعَبَّدَ كَعَبِدَ؛ قال جرير:
يَرَى المُتَعَبَّدُونَ عليَّ دُوني
حِياضَ المَوْتِ، واللُّجَجَ الغِمارا
وأَعْبَدُوا به: اجتمعوا عليه يضربونه. وأُعْبِدَ بِفُلانٍ: ماتَتْ
راحِلَتُه أَو اعْتَلَّت أَو ذهَبَتْ فانْقُطِعَ به، وكذلك أُبْدِعَ به.
وعَبَّدَ الرجلُ: أَسْرعَ. وما عَبَدَك عَنِّي أَي ما حَبَسَك؛ حكاه ابن
الأَعرابي. وعَبِدَ به: لَزِمَه فلم يُفارِقْه؛ عنه أَيضاً. والعَبَدَةُ:
البَقاءُ؛ يقال: ليس لِثَوبِك عَبَدَةٌ أَي بَقاءٌ وقوّة؛ عن اللحياني.
والعَبَدَةُ: صَلاءَةُ الطيِّب. ابن الأَعرابي: العَبْدُ نَبات طَيِّبُ
الرائحة؛ وأَنشد:
حَرَّقَها العَبْدُ بِعُنْظُوانِ،
فاليَوْمُ منها يومُ أَرْوَنانِ
قال: والعَبْدُ تُكلَفُ به الإِبلُ لأَنه مَلْبَنَة مَسْمَنَةٌ، وهو
حارُّ المِزاجِ إِذا رَعَتْهُ الإِبِلُ عَطِشَتْ فطلَبَت الماء.
والعَبَدَةُ: الناقة الشديدة؛ قال معن بن أَوس:
تَرَى عَبَداتِهِنَّ يَعُدْنَ حُدْباً،
تُناوِلُهَا الفَلاةُ إِلى الفلاةِ
وناقةٌ ذاتُ عَبَدَةٍ أَي ذاتُ قوَّةٍ شديدةٍ وسِمَنٍ؛ وقال أَبو دُوادٍ
الإِيادِيُّ:
إِن تَبْتَذِلْ تَبْتَذِلْ مِنْ جَنْدَلٍ خَرِسٍ
صَلابَةً ذاتَ أَسْدارٍ، لهَا عَبَدَه
والدراهمُ العَبْدِيَّة: كانت دراهمَ أَفضل من هذه الدراهم وأَكثر
وزناً. ويقال: عَبِدَ فلان إِذا نَدِمَ على شيء يفوته يلوم نفسه على تقصير ما
كان منه.
والمِعْبَدُ: المِسْحاةُ. ابن الأَعرابي: المَعَابِدُ المَساحي
والمُرورُ؛ قال عَدِيّ بن زيد العِبَادِي:
إِذ يَحْرُثْنَه بالمَعَابِدِ
(* قوله «إذ يحرثنه إلخ» في شرح القاموس:
وملك سليمان بن داود زلزلت * دريدان إذ يحرثنه
بالمعابد)
وقال أَبو نصر: المَعَابِدُ العَبيدُ.
وتَفَرَّقَ القومُ عَبادِيدَ وعَبابيدَ؛ والعَباديدُ والعَبابيدُ: الخيل
المتفرقة في ذهابها ومجيئها ولا واحد له في ذلك كله، ولا يقع إِلا في
جماعة ولا يقال للواحد عبْدِيدٌ. الفراء: العباديدُ والشَّماطِيطُ لا
يُفْرَد له واحدٌ؛ وقال غيره: ولا يُتكلم بهما في الإِقبال إِنما يتكلم بهما
في التَّفَرُّق والذهاب. الأَصمعيُّ: يقال صاروا عَبادِيدَ وعَبابيدَ أَي
مُتَفَرِّقِين؛ وذهبوا عَباديدَ كذلك إِذا ذهبوا متفرقين. ولا يقال
أَقبلوا عَبادِيدَ. قالوا: والنسبة إِليهم عَبَادِيدِيُّ؛ قال أَبو الحسن
ذهَبَ إِلى أَنه لو كان له واحدٌ لَرُدَّ في النسب إِليه. والعبادِيدُ:
الآكامُ. والعَبادِيدُ: الأَطرافُ البعيدة؛ قال الشماخ:
والقَوْمُ آتَوْكَ بَهْزٌ دونَ إِخْوَتِهِم،
كالسَّيْلِ يَرْكَبُ أَطرافَ العَبَادِيدِ
وبَهْزٌ: حيٌّ من سُلَيمٍ. قال: هي الأَطرافُ البعيدة والأَشياء
المتفَرِّقةُ. قال الأَصمعي: العَبابيدُ الطُّرُقُ المختلفة.
والتَّعْبيدُ: من قولك ما عَبَّدَ أَن فعَلَ ذلك أَي ما لَبِثَ؛ وما
عَتَّمَ وما كَذَّبَ كُلُّه: ما لَبِثَ. ويقال انثَلَّ يَعْدُو وانْكَدَرَ
يَعْدُو وعَبَّدَ يَعْدُو إِذا أَسْرَع بعضَ الإِسْراعِ.
والعَبْدُ: واد معروف في جبال طيء.
وعَبُّودٌ: اسم رجل ضُرِبَ به المَثَلُ فقيل: نامَ نَوْمَةَ عَبُّودٍ،
وكان رجلاً تَماوَتَ على أَهله وقال: انْدُبِيني لأَعلم كيف تَنْدبينني،
فندبته فمات على تلك الحال؛ قال المفضل بن سلمة: كان عَبُّودٌ عَبْداً
أَسْوَدَ حَطَّاباً فَغَبَر في مُحْتَطَبِه أُسبوعاً لم ينم، ثم انصرف وبقي
أُسبوعاً نائماً، فضرب به المثل وقيل: نام نومةَ عَبُّودٍ.
وأَعْبُدٌ ومَعْبَدٌ وعُبَيْدَةُ وعَبَّادٌ وعَبْدٌ وعُبادَةُ وعابِدٌ
وعُبَيْدٌ وعِبْدِيدٌ وعَبْدانُ وعُبَيْدانُ، تصغيرُ عَبْدانَ، وعَبِدَةُ
وعَبَدَةُ: أَسماءٌ. ومنه علقمةُ بن عَبَدَة، بالتحريك، فإِما أَن يكون
من العَبَدَةِ التي هي البَقاءُ، وإِما أَن يكون سمي بالعَبَدَة التي هي
صَلاءَةُ الطِّيبِ، وعَبْدة بن الطَّبيب، بالتسكين. قال سيبويه: النَّسب
إِلى عَبْدِ القيس عَبْدِيٌّ، وهو من القسم الذي أُضيف فيه إِلى الأَول
لأَنهم لو قالوا قيسي، لالتبس بالمضاف إِلى قَيْس عَيْلانَ ونحوه، وربما
قالوا عَبْقَسِيٌّ؛ قال سويد بن أَبي كاهل:
وهْمْ صَلَبُوا العَبْدِيَّ في جِذْعِ نَخْلَةٍ،
فلا عَطَسَتْ شَيْبانُ إِلاَّ بِأَجْدَعَا
قال ابن بري: قوله بِأَجْدَعَا أَي بأَنْفٍ أَجْدَعَ فحَذَفَ الموصوف
وأَقام صفته مكانه.
والعَبيدتانِ: عَبيدَةُ بنُ معاوية وعَبيدَةُ بن عمرو. وبنو عَبيدَة:
حيٌّ، النسب إِليه عُبَدِيٌّ، وهو من نادر معدول النسب. والعُبَيْدُ،
مُصَغَّرٌ: اسم فرس العباس بن مِرْداسٍ؛ وقال:
أَتَجْعَلُ نَهْبي ونَهْبَ العُبَيْـ
ـدِ بَيْنَ عُيَيْنَةَ والأَقْرَعِ؟
وعابِدٌ: موضع. وعَبُّودٌّ: موضع أَو جبلُ. وعُبَيْدانُ: موضع.
وعُبَيْدانُ: ماءٌ منقطع بأَرض اليمن لا يَقْرَبُه أَنِيسٌ ولا وَحْشٌ؛ قال
النابغة:
فهَلْ كنتُ إِلاَّ نائياً إِذْ دَعَوْتَني،
مُنادَى عُبَيْدانَ المُحَلاَّءِ باقِرُهْ
وقيل: عُبَيْدانُ في البيت رجل كان راعياً لرجل من عاد ثم أَحد بني
سُوَيْدٍ وله خبر طويل؛ قال الجوهري: وعُبَيْدانُ اسم واد يقال إِن فيه حيَّة
قد مَنَعَتْه فلا يُرْعَى ولا يؤتى؛ قال النابغة:
لِيَهْنَأْ لكم أَنْ قد نَفَيْتُمْ بُيوتَنا،
مُنَدَّى عُبَيْدانَ المُحَلاَّءِ باقِرُهْ
يقول: نفيتم بيوتنا إِلى بُعْدٍ كبُعْدِ عُبَيْدانَ؛ وقيل: عبيدان هنا
الفلاة. وقال أَبو عمرو: عبيدان اسم وادي الحية؛ قال ابن بري: صواب
إِنشاده: المُحَلِّئِ باقِرَه، بكسر اللام من المُحَلِّئِ وفتح الراء من
باقِرَه، وأَوّل القصيدة:
أَلا أَبْلِغَا ذُبيانَ عَنِّي رسالة،
فقد أَصْبَحَتْ عن مَنْهَجِ الحَقِّ جائِرَهْ
وقال: قال ابن الكلبي: عُبَيْدانُ راع لرجل من بني سُوَيْدِ بن عاد وكان
آخر عاد، فإِذا حضر عبيدان الماء سَقَى ماشيته أَوّل الناس وتأَخر الناس
كلهم حتى يسقي فلا يزاحمه على الماء أَحد، فلما أَدرك لقمان بن عاد
واشتدّ أَمره أَغار على قوم عبيدان فقتل منهم حتى ذلوا، فكان لقمان يورد
إِبلهُ فَيَسْقِي ويَسْقِي عُبَيْدانُ ماشيته بعد أَن يَسْقِيَ لقمان فضربه
الناس مثلاً. والمُنَدَّى: المَرْعَى يكون قريباً من الماء يكون فيه
الحَمْضُ، فإِذا شربت الإِبلُ أَوّل شربة نُخِّيَتْ إِلى المُنَدَّى لترعى
فيه، ثم تعاد إِلى الشرب فتشرب حتى تَرْوَى وذلك أَبقى للماءِ في أَجوافها.
والباقِرُ: جماعة البَقَر. والمُحَلِّئُ: المانع. الفرَّاء: يقال صُكَّ
به في أُمِّ عُبَيْدٍ، وهي الفلاةُ، وهي الرقَّاصَةُ. قال: وقلت للعتابي:
ما عُبَيْدٌ؟ فقال: ابن الفلاة؛ وعُبَيْدٌ في قول الأَعشى:
لم تُعَطَّفْ على حُوارٍ، ولم يَقْـ
ـطَعْ عُبَيْدٌ عُرُوقَهَا مِن خُمالِ
اسم بَيْطارٍ. وقوله عز وجل: فادْخُلِي في عِبادي وادْخُلي جَنَّتي؛ أَي
في حِزْبي. والعُبَدِيُّ: منسوب إِلى بَطْنٍ من بني عَدِيِّ بن جَنابٍ
من قُضاعَةَ يقال لهم بنو العُبَيْدِ، كما قالوا في النسبة إِلى بني
الهُذَيْل هُذَلِيٌّ، وهم الذين عناهم الأَعشى بقوله:
بَنُو الشَّهْرِ الحَرامِ فَلَسْتَ منهم،
ولَسْتَ من الكِرامِ بَني العُبَيْدِ
قال ابن بَرِّيٍّ: سَبَبُ هذا الشعر أَن عَمْرو بنَ ثعلبةَ بنِ الحَرِث
بنِ حضْرِ بنِ ضَمْضَم بن عَدِيِّ بن جنابٍ كان راجعاً من غَزاةٍ، ومعه
أُسارى، وكان قد لقي الأَعشى فأَخذه في جملة الأُسارى، ثم سار عمرو حتى
نزل عند شُرَيْحِ بنِ حصْنِ بن عمران بن السَّمَوْأَل بن عادياء فأَحسن
نزله، فسأَل الأَعشى عن الذي أَنزله، فقيل له هو شريح بن حِصْنٍ، فقال:
والله لقد امْتَدَحْتُ أَباه السَّمَوْأَل وبيني وبينه خلَّةٌ، فأَرسل
الأَعشى إِلى شريح يخبره بما كان بينه وبين أَبيه، ومضى شريح إِلى عمرو بن
ثعلبة فقال: إِني أُريد أَنْ تَهَبَنِي بعضَ أُساراكَ هؤلاء، فقال: خذ منهم
مَنْ شِئتَ، فقال: أَعطني هذا الأَعمى، فقال: وما تصنع بهذا الزَّمِنِ؟ خذ
أْسيراً فِداؤُه مائةٌ أَو مائتان من الإِبل، فقال: ما أُريدُ إِلا هذا
الأَعمى فإِني قد رحمته، فوهبه له، ثم إِنَّ الأَعشى هجا عمرو بن ثعلبة
ببيتين وهما هذا البيت «بنو الشهر الحرام» وبعده:
ولا مِنْ رَهْطِ جَبَّارِ بنِ قُرْطٍ،
ولا مِن رَهْطِ حارثَةَ بنِ زَيْدِ
فبلغ ذلك عمرو بن ثعلبة فأَنْفَذ إِلى شريح أَنْ رُدَّ عليَّ هِبَتي،
فقال له شريح: ما إِلى ذلك سبيل، فقال: إِنه هجاني، فقال شُرَيْحٌ: لا
يهجوك بعدها أَبداً؛ فقال الأَعشى يمدح شريحاً:
شُرَيْحُ، لا تَتْرُكَنِّي بعدما عَلِقَتْ،
حِبالَكَ اليومَ بعد القِدِّ، أَظْفارِي
يقول فيها:
كُنْ كالسَّمَوْأَلِ إِذْ طافَ الهُمامُ به
في جَحْفَلٍ، كَسَوادِ الليلِ، جَرَّارِ
بالأَبْلَقِ الفَرْدِ مِن تَيْماءَ مَنْزِلهُ،
حِصْنٌ حَصِينٌ، وجارٌ غيرُ غدَّارِ
خَيَّرَه خُطَّتَيْ خَسْفٍ، فقال له:
مَهْمَا تَقُلْه فإِني سامِعٌ حارِي
فقال: ثُكْلٌ وغَدْرٌ أَنتَ بينهما،
فاخْتَرْ، وما فيهما حَظٌّ لمُخْتارِ
فَشَكَّ غيرَ طويلٍ ثم قال له:
أُقْتُلْ أَسِيرَكَ إِني مانِعٌ جاري
وبهذا ضُرِبَ المثلُ في الوفاء بالسَّمَوْأَلِ فقيل: أَوفى مِنَ
السَّمَوْأَل. وكان الحرث الأَعرج الغساني قد نزل على السموأَل، وهو في حصنه،
وكان ولده خارج الحصن فأَسره الغساني وقال للسموأَل: اختر إِمّا أَن
تُعْطِيَني السِّلاحَ الذي أَوْدَعك إِياه امرُؤُ القيس، وإِمّا أَن أَقتل
ولدك؛ فأَبى أَن يعطيه فقتل ولده.
والعَبْدانِ في بني قُشَيْرٍ: عبد الله بن قشير، وهو الأَعور، وهو ابن
لُبَيْنى، وعبد الله بن سَلَمَةَ بن قُشَير، وهو سَلَمَةُ الخير.
والعَبيدَتانِ: عَبيدَةُ ابن معاويةَ بن قُشَيْر، وعَبيدَةُ بن عمرو بن معاوية.
والعَبادِلَةُ: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر، وعبدالله بن عمرو بن
العاص.طرد: الــطَّرْدُ: الشَّلُّ؛ طَرَدَــه يَــطْرُدُــه طَرْداً وطَرَداً
وطَرَّده؛ قال:
فأُقْسِمُ لولا أَنَّ حُدْباً تَتابَعَتْ
عليَّ، ولم أَبْرَحْ بِدَيْنٍ مُــطَرَّدا
حُدْباً: يعني دَواهِيَ، وكذلك اطَّرَدَــه؛ قال طريح:
أَمْسَتْ تُصَفِّقُها الجَنُوب، وأَصْبَحَتْ
زَرْقاءَ تَــطَّرِدُ القَذَى بِحِباب
والطَّرِيدُ: المَطْرُودُ من الناس، وفي المحكم المَطْرُود، والأُنثى
طَريدٌ وطَريدة؛ وجمعهما مَعاً طَرائِدُ. وناقة طَريدٌ، بغير هاء: طُرِدَــتْ
فَذُهِبَ بها كذلك، وجمعها طَرائِدُ. ويقال: طَردْــتُ فلاناً فَذَهَبَ،
ولا يقال فاطَّرَدَ. قال الجوهري: لا يُقالُ مِن هذا انْفَعَلَ ولا
افْتَعَلَ إِلا في لغة رديئة.
والــطَّرْدُ: الإِبْعَادُ، وكذلك الــطَّرَدُ، بالتحريك. والرجل مَطْرُودٌ
وطَريدٌ. ومرَّ فُلانٌ يَــطْرُدُــهم أَي يَشُلُّهم ويَكْسَو هُمْ.
وطَرَدْــتُ الإِبِلَ طَرْداً وطَرَداً أَي ضَمَمْتُها من نواحيها، وأَــطْرَدْــتُها
أَي أَمرتُ بِــطَرْدِــها.
وفلانٌ أَــطْرَدَــه السلطان إِذا أَمر بإِخْراجه عن بَلَده. قال ابن
السكيت: أَــطْرَدْــتُه إِذا صَيَّرْتَه طريداً، وطَرَدْــتُه إِذا نَفَيْتَه عنك
وقلتَ له: اذهب عنا. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَــطْرَدْــنا
المُعْتَرفِينَ. يقال: أَــطْرَدَــه السلطانُ وطَرَدَــه أَخرجه عن بَلدِه، وحَقِيقَتُه
أَنه صيَّره طريداً. وطَرَدْــتُ الرجل طَرْداً إِذا أَبْعَدته، وطَرَدْــتُ
القومَ إِذا أَتَيْتَ عليهم وجُزْتَهُم. وفي حديث قيام الليل: هو قُرْبَةٌ
إِلى الله تعالى ومَــطْرَدَــةُ الداء عن الجَسَد أَي أَنها حالةٌ من شأْنها
إِبْعادُ الداء أَو مكانٌ يَخْتَصُّ به ويُعْرَفُ، وهي مَفْعَلة من
الــطَّرْدِ. والطَّريدُ: الرجل يُولَدُ بعدَ أَخيه فالثاني طَريدُ الأَول؛
يقال: هو طريدُه. والليل والنهار طَريدان، كلُّ واحد منهما طريد صاحبه؛ قال
الشاعر:
يُعيدانِ لي ما أَمضيا، وهما معاً
طَريدانِ لاَ يَسْتَلْهِيان قَرارِي
وبَعِيرٌ مُــطَّرِدٌ: وهو المتتابع في سيره ولا يَكْبو؛ قال أَبو النجم:
فَعُجْتُ مِنْ مُــطَّرِدٍ مَهْديّ
وطَرَدْــتُ الرجل إِذا نَحَّيْتَهُ. وأَــطْرَدَ الرجلَ: جعله طَريداً
ونفاه. ابن شميل: أَــطرَدْــتُ الرجل جعلته طريداً لا يأْمن. وطَرَدْــتُه:
نَحَّيْتُه ثم يَأْمَنُ. وطَرَدَــتِ الكِلابُ الصَّيْدَ طَرْداً: نَحَّتْه
وأَرهَقَتْه. قال سيبويه: يقال طَرَدْــتُه فذهب، لا مضارع له من لفظه.
والطريدة: ما طَرَدْــتَ من صَيْدٍ وغيره. طَرَّادٌ: واسع يَــطَّرِدُ فيه
السَّرابُ. ومكان طَرَّادٌ أَي واسعٌ. وسَطْحُ طَرَّادٌ: مستو واسع؛ ومنه
قول العجاج:
وكم قَطَعْنا من خِفافٍ حُمْسِ،
غُبْرِ الرِّعانِ ورِمالٍ دُهْسِ،
وصَحْصَحَانٍ قَذَفٍ كالتُّرْسِ،
وعْرٍ، نُسامِيها بِسَيْرٍ وَهْسِ،
والوَعْسِ والطَّرَّادِ بَعْدَ الوَعْسِ
قوله نُسامِيها أَي نُغالبها. بسَيْرٍ وهْسٍ أَي ذي وَطْءٍ شديد. يقال:
وهسه أَي وَطِئَه وَطْأً شديداً يَهِسُه وكذلك وعَسَه؛ وخَرَج فلان
يَــطْرُد حمر الوحش. والريح تَــطْرُد الحصَى والجَوْلانَ على وجْه الأَرض، وهو
عَصْفُها وذَهابُها بِها. والأَرضُ ذاتُ الآلِ تَــطْرُد السَّرابَ طَرْداً؛
قال ذو الرمة:
كأَنه، والرَّهاءُ المَرْتُ يَــطْرُدُــه،
أَغراسُ أَزْهَر تحتَ الريح مَنْتوج
واطَّرَدَ الشيءُ: تَبِعَ بعضُه بعضاً وجرى. واطَّرَدَ الأَمرُ:
استقامَ. واطَّرَدَــتِ الأَشياءُ إِذا تَبِعَ بعضُها بعضاً. واطَّرَدَ الكلامُ
إِذا تتابَع. واطَّرَدَ الماءُ إِذا تتابَع سَيَلانُه؛ قال قيس بن
الخطيم:أَتَعْرِفُ رَسْماً كاطِّرادِ المَذاهِبِ
أَراد بالمَذاهب جلوداً مُذْهَبَةً بخطوط يرى بعضها في إِثر بعض فكأَنها
مُتَتابعَة؛ وقولُ الراعي يصف الإِبل واتِّباعَها مواضع القطر:
سيكفيكَ الإِلهُ ومُسْنَماتٌ،
كَجَنْدَلِ لُبْنَ، تَــطّرِدُ الصِّلالا
أَي تَتَتابَعُ إِلى الارَضِين الممطورة لتشرب منها فهي تُسْرِعُ
وتَسْتَمرُّ إِليها، وحذَفَ فأَوْصَلَ الفعل وأَعْمَلَه.
والماءُ الــطَّرِدُ: الذي تَخُوضه الدوابُّ لأَنها تَــطَّرِدُ فيه وتدفعه
أَي تتتابع. وفي حديث قتادة في الرجل يَتَوَضَّأُ بالماءِ الرَّمَلِ
والماءِ الــطَّرِدِ؛ هو الذي تَخُوضه الدوابُّ.
ورَمْلٌ مُتَطارِد: يَــطْرُدُ بعضُه بعضاً ويتبعه؛ قال كثير عزة:
ذَكَرتُ ابنَ ليْلى والسَّماحَةَ، بعدَما
جَرَى بينَنا مُورُ النَّقَا المُتطَارِد
وجَدْوَلٌ مُــطَّرِدٌ: سريعُ الجَرْيَة. والأَنهارُ تــطَّرِدُ أَي تَجْري.
وفي حديث الإِسراء: وإِذا نَهْران يَــطَّرِدان أَي يَجْرِيان وهما
يَفْتَعِلان. وأَمرٌ مُــطَّردٌ: مستقيم على جهته.
وفلان يَمْشي مَشْياً طِراداً أَي مستقيماً.
والمُطارَدَة في القتال: أَن يَــطْرُدَ بعضُهم بعضاً. والفارس
يَسْتَــطْرِدُ لِيَحْمِلَ عليه قِرْنُه ثم يَكُرُّ عليه، وذلك أَنه يَتَحَيَّزُ في
اسْتِطْرادِه إِلى فئته وهو يَنْتَهِزُ الفُرْصة لمطاردته، وقد
اسْتَــطْرَدَ له وذلك ضَرْب من المَكِيدَة. وفي الحديث: كنت أُطارِدُ حيَّةً أَي
أَخْدَعُها لأَصِيدَها؛ ومنه طِرادُ الصَّيْد. ومُطارَدَة الأَقران
والفُرْسان وطِرادُهم: هو أَن يَحْمِلَ بعضهم على بعض في الحرب وغيرها. يقال: هم
فرسان الطِّرادِ.
والمِــطْرَدُ: رُمْحٌ قصير تُطْعَنُ به حُمُر الوحش؛ وقال ابن سيده:
المِــطْرَد، بالكسر، رمح قصير يُــطْرَد به، وقيل: يُــطْرَد به الوحش.
والطِّرادُ: الرمح القصير لأَن صاحبه يُطارِدُ به. ابن سيده: والمِــطْرَدُ من الرمح
ما بين الجُبَّةِ والعالية.
والطَّرِيدَةُ: ما طَرَدْــتَ من وحش ونحوه. وفي حديث مجاهد: إِذا كان عند
اطِّراد الخيل وعند سَلِّ السيوف أَجزأَ الرجلَ أَن تكون صلاتُهُ
تكبيراً. الاضْطِرادُ: هو الطِّرادُ، وهو افتِعالٌ، من طِرادِ الخَيْل، وهو
عَدْوُها وتتابعها، فقلبت تاء الافتعال طاء ثم قلبت الطاء الأَصلية ضاداً.
والطَّريدة: قَصَبَة فيها حُزَّة تُوضَع على المَغازِلِ والعُودِ والقِداح
فَتُنْحَتُ عليها وتُبْرَى بها؛ قال الشماخُ يصف قوساً:
أَقامَ الثِّقافُ والطَّرِيدَةُ دَرْأَها،
كما قَوَّمَت ضِغْنَ الشَّمُوسِ المَهامِزُ
أَبو الهيثم: الطَّرِيدَةُ السَّفَن وهي قَصَبة تُجَوَّفُ ثم يُغْفَرُ
منها مواضع فَيُتَّبَعُ بها جَذْب السَّهْم. وقال أَبو حنيفة: الطَّرِيدَة
قِطْعَةُ عُودٍ صغيرة في هيئة المِيزابِ كأَنها نصف قَصَبة، سَعَتُها
بقدر ما يَلزمُ القَوْسَ أَو السَّهْمَ. والطَّرِيدَةُ: الخِرْقَة الطويلة
من الحرير. وفي حديث مُعاوية: أَنه صَعِدَ المنبر وبيده طَرِيدَةٌ؛
التفسير لابن الأَعرابي حكاه الهرويّ في الغريبين. أَبو عمرو: الجُبَّةُ
الخِرْقَة المُدَوَّرَة، وإِن كانت طويلة، فهي الطَّرِيدَة. ويقال للخِرْقَة
التي تُبَلُّ ويُمْسَحُ بها التَّنُّورُ: المِــطْرَدَــةُ والطَّرِيدَة.
وثَوْبٌ طَرائد، عن اللحياني، أَي خَلَقٌ. ويوم طَرَّادٌ ومُــطَرَّدٌ: كاملٌ
مُتَمَّم؛ قال:
إِذا القَعُودُ كَرَّ فيها حَفَدَا
يَوْماً، جَديداً كُلَّه، مُــطَرَّدا
ويقال: مَرَّ بنا يومٌ طَرِيدٌ وطَرَّادٌ أَي طويلٌ. ويومٌ مُــطَرَّدٌ
أَي طَرَّادٌ؛ قال الجوهري: وقول الشاعر يصف الفرس:
وكأَنَّ مُــطَّرِدَ النَّسِيم، إِذا جرى
بَعْدَ الكَلالِ، خَلِيَّتَا زُنْبُورِ
يعني به الأَنْفَ.
والــطَّرَدُ: فِراخُ النحلِ، والجمع طُرُود؛ حكاه أَبو حنيفة.
والطَّرِيدَةُ: أَصلُ العِذْق. والطَّرِيدُ: العُرْجُون.
والطَّرِيدَةُ: بُحَيْرَةٌ من الأَرضِ قلِيلَة العَرْضِ إِنما هي
طَريقَة. والطَّرِيدَةُ: شُقَّةٌ من الثَّوب شُقَّتْ طولاً. والطَّرِيدَة:
الوَسيقَة من الإِبل يُغِيرُ عليها قومٌ فَيَــطْرُدُــونها؛ وفي الصحاح: وهو ما
يُسْرَقُ من الإِبل. والطَّرِيدَة: الخُطَّة بين العَجْبِ والكاهِلِ؛ قال
أَبو خراش:
فَهَذَّبَ عنها ما يَلي البَطْنَ، وانْتَحَى
طَرِيدَةَ مَتْنٍ بَيْنَ عَجْبٍ وكاهِلِ
والطَّريدَةُ: لُعْبَةُ الصِّبْيانِ، صِبْيانِ الأَعراب، يقال لها
المَاسَّةُ والمَسَّةُ، وليست بِثَبَت؛ وقال الطِّرِمَّاح يَصِفُ جَواري
أَدرَكْنَ فَتَرَفَّعْن عن لَعِب الصّغار والأَحداث:
قَضَتْ من عَيَافٍ والطَّريدَةِ حاجةً،
فهُنَّ إِلى لَهْوِ الحديث خُضُوعُ
وأَــطْرَدَ المُسابِقُ صاحِبَه: قال له إِن سَبَقْتَني فلك عليّ كذا. وفي
الحديثِ: لا بأْسَ بالسِّباق ما لم تُــطْرِدْــه ويُــطْرِدْــك. قال
الإِطْرادُ أَن تقولَ: إِن سَبَقْتَني فلك عليّ كذا، وإِن سَبَقْتُكَ فلي عليك
كذا. قال ابن بُزُرج: يقال أَــطْرِدْ أَخاك في سَبَقٍ أَو قِمارٍ أَو صِراعٍ
فإِن ظَفِرَ كان قد قضى ما عليه، وإِلا لَزِمَه الأَوَّلُ والآخِرُ.
ابن الأَعرابي: أَــطْرَدْــنا الغَنَم وأَــطْرَدْــتُمْ أَي أَرْسَلْنا
التُّيوس في الغنم. قال الشافعي: وينبغي للحاكم إِذا شَهِدَ الشهودُ لرجل على
آخر أَن يُحْضِرَ الخَصْم، ويَقْرأَ عليه ما شهدوا به عليه، ويُنْسِخَه
أَسماءَهم وأَنسابهم ويُــطْرِدَــه جَرْحَهم فإِن لم يأْتِ به حَكَمَ عليه؛
قال أَبو منصور: معنى قوله يُــطْرِدَــه جرحهم أَن يقول له: قد عُدِّلَ
هؤُلاءِ الشهودُ، فإِن جئتَ بجرحهم وإِلا حَكَمْتُ عليك بما شهدوا به عليك؛
قال: وأَصله من الإِطْرادِ في السِّباق وهو أَن يقول أَحد المتسابقين
لصاحبه: إِن سبقْتني فلك عليّ كذا، وإِن سَبَقْتُ فلي عليك كذا، كأَنَّ الحاكم
يقول له: إِن جئت بجرح الشُّهودِ وإِلا حكمت عليك بشهادتهم.
وبنو طُرُودٍ: بَطْن وقد سَمَّتْ طَرَّاداً ومُــطَرِّداً.
زجر: الزَّجْرُ: المَنْعُ والنهيُ والانْتِهارُ. زَجَرَهُ يَزْجُرُه
زَجْراً وازْدَجَرَهُ فانْزَجَرَ وازْدَجَرَ. قال الله تعالى: وازْدُجِرَ
فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوب فانْتَصِرْ. قال: يوضع الازْدِجارُ
مَوْضِعَ الانْزِجارِ فيكون لازماً، وازدجر كان في الأَصل ازتجر، فقلبت التاء
دالاً لقرب مخرجيهما واختيرت الدال لأَنها أَليق بالزاي من التاء. وفي حديث
العَزْلِ: كأَنه زَجَرَ؛ أَي نَهَى عنه، وحيث وقع الزَّجْرُ في الحديث
فإِنما يراد به النهي. وزَجَرَ السَّبُعَ والكلبَ وزَجَرَ به: نَهْنَهَهُ.
قال سيبويه: وقالوا هو مِنِّي مَزْجَرَ الكلب أَي بتلك المنزلة فحذف
وأَوصل، وهو من الظروف المختصة التي أُجريت مجرى غير المختصة. قال: ومن
العرب من يرفع بجعل الآخر هو الأَوّل، وقوله:
مَنْ كانَ لا يَزْعُمُ أَنِّي شاعِرُ،
فَلْيَدْنُ منِّي تَنهَهُ المَزاجِرُ
عنى الأَسباب التي من شأْنها أَن تَزْجُرَ، كقولك نَهَتْهُ النَّواهِي،
ويروى:
من كان لا يزعم أَني شاعر،
فيدن مني تنهه المزاجر
أَراد فَلْيَدْنُ فحذف اللام، وذلك أَن الخبن في مثل هذا أَخف على
أَلسنتهم والإِتمام عربيّ. وزَجَرْتُ البعير حتى ثَارَ ومَضَى أَزْجُرُهُ
زَجْراً، وزَجَرْتُ فلاناً عن السُّوءِ فانْزَجَرَ، وهو كالرَّدْع للإِنسان،
وأَما للبعير فهو كالحث بلفظ يكون زَجْراً له. قال الزجاج: الزَّجْرُ
النَّهْرُ، والزَّجْرُ للطير وغيرها التَّيَمُّنُ بِسُنُوحِها والتَّشَاؤُمُ
بِبُروحِها، وإِنما سمي الكاهنُ زَاجِراً لأَنه إِذا رَأَى ما يظن أَنه
يتشاءم به زَجَرَ بالنهي عن المُضِيِّ في تلك الحاجة برفع صوت وشدّة،
وكذلك الزَّجْرُ للدواب والإِبل والسباع. الليث: الزَّجْرُ أَن تَزْجُرَ
طائراً أَو ظَبْياً سانِحاً أَو بارِحاً فَتَطَيَّرَ منه، وقد نُهِيَ عن
الطِّيَرَةِ. والزَّجْرُ: العِيافَةُ، وهو ضرب من التَّكَهُّن؛ تقول:
زَجَرْتُ أَنه يكون كذا وكذا. وفي الحديث: كان شُرَيْحٌ زَاجِراً شاعِراً؛
الزَّجْرُ للطير هو التَّيَّمُّنُ والتَّشَاؤُمَ بها والتَّفَؤُّلُ بطيرانها
كالسَّانِحِ والبارِحِ، وهو نوع من الكَهَانَة والعِيَافَةِ. وزَجَرَ
البعير أَي ساقه. وفي حديث ابن مسعود: من قرأَ القرآن في أَقَلَّ من ثلاثٍ،
فهو زَاجِرٌ؛ من زَجَرَ الإِبلَ يَزْجُرُها إِذا حَثَّها وحَمَلها على
السُّرْعَةِ، والمحفوظ رَاجِزٌ، وسنذكره في موضعه؛ ومنه الحديث: فسمع وراءه
زَجْراً؛ أَي صِياحاً على الإِبل وحَثّاً. قال الأَزهري: وزَجْرُ البعير
أَن يقال له: حَوْبٌ، وللناقة: حَلْ. وأَما البغلُ فَزَجْرُه: عَدَسْ،
مَجْزُومٌ؛ ويُزْجَرُ السبع فيقال له: هَجْ هَجْ وجَهْ جَهْ وجَاه جَاه.
ابن سيده: وزَجَرَ الطائِرَ يَزْجُرُه زَجْراً وازْدَجَرَهُ تفاءل به
وتَطَيَّر فنهاه ونَهَرَهُ؛ قال الفرزدق:
وليس ابنُ حَمْراءِ العِجَانِ بِمُفْلِتِي،
ولم يَزْدَجِرْ طَيْرَ النُّحوسِ الأْشَائم
والزَّجُورُ من الإِبل: التي تَدِرُّ على الفصيل إِذا ضُرِبَتْ، فإِذا
تُرِكَتْ مَنَعَتْهُ، وقيل: هي التي لا تَدِرُّ حتى تُزْجَرَ وتُنْهَرَ.
ابن الأَعرابي: يقال للناقة العَلُوقِ زَجُورٌ؛ قال الأَخطل:
والحَرْبُ لاقِحَةٌ لهُنَّ زَجُورُ
وهي التي تَرْأَمُ بأَنفها وتَمْنَعُ دَرَّها. الجوهري: الزَّجُورُ من
الإِبل التي تَعْرِفُ بعَيْنِها وتُنْكِرُ بأَنفها. وبعير أَزْجَرُ: في
فَقَارِه انْخِزَالٌ من داءٍ أَو دَبَرٍ. وزَجَرَتِ الناقةُ بما في بطنها
زَجْراً رمت به ودفعته.
والزَّجْرُ: ضَرْبٌ من السَّمَكِ عِظامٌ صِغارُ الحَرْشَفِ، والجمع
زُجُورٌ، يتكلم به أَهل العراق؛ قال ابن دُرَيْدٍ: ولا أَحسبه عربيّاً، والله
أَعلم.
ذود: الذَّوْد: السَّوق والــطرد والدفع.
تقول: ذُدْتُه عن كذا، وذاده عن الشيءِ ذَوْداً وذِياداً، ورجل ذائد أَي
حامي الحقيقة دفاع، من قوم ذُوَّذٍ وذُوَّادٍ؛ وزَادَه وأَذاده: أَعانه
على الذَّيادِ. وفي حديث الحوض: إِني لَبِعُقْرِ حوضي أَذُودُ الناس عنه
لأَهل اليمن أَي أَــطردهم وأَدفعهم؛ وفي الحديث: لَيُذادَنَّ رجال عن حوضي
أَي ليُــطْرَدَــنَّ، ويروى فلا تُذادُنَّ أَي لا تفعلوا فعلاً يوجب طردكم
عنه؛ قال ابن أَثير: والأَول أَشبه، وفي الحديث: وأَما إِخواننا بنو
أُمية فقادة ذادَةٌ؛ الذادة جمع ذائد وهو الحامي الدافع؛ قيل: أَراد أَنهم
يذودون عن الحرم.
والمِذْوَدُ: اللسانُ لأَنه يذاد به عن العِرض؛ قال عنترة:
سيأْتيكمُ مني، وإِن كنت نائياً،
دخانُ العَلَنْدى دون بيتي، ومِذودي
قال الأَصمعي: أَراد بمذوده لسانه، وببيته شَرَفَه؛ وقال حسان بن ثابت:
لساني وسيفي صارمان كلاهما،
ويبلغ ما لا يبلغ السيفُ مِذْوَدِي
ومِذْوَدُ الثور: قرنه؛ وقال زهير يذكر بقرة:
ويَذُبُّها عنها بأَسْحَمَ مِذْوَدِ
ويقال: ذِدت فلاناً عن كذا أَذُودُه أَي طردته فأَنا ذائد وهو مَذُود.
ومَعْلَفُ الدابة: مِذْوَدُه؛ قال ابن الأَعرابي: المَذادُ والمَرادخ
المَرْتَع؛ وأَنشد:
لا تَحْبِسا الحَوْساءَ في المَذادِ
وذُدت الإِبل أَذودها ذَوْذاً إِذا طردتها وسقتها، والتذويد مثله،
والمُذِيدُ: المُعِين لك على ما تَذُودُ، وهذا كقولك: أَطلبت الرجل إِذا
أَعنته على ما طلبته، وأَحلبته أَعنته على حلب ناقته؛ قال الشاعر:
ناديتُ في القوم: أَلا مُذِيدا؟
والذَّوْدُ: للقطيع من الإِبل الثلاث إِلى التسع، وقيل: ما بين الثلاث
إِلى العشر؛ قال أَبو منصور: ونحو ذلك حفظته عن العرب، وقيل: من ثلاث إِلى
خمس عشرة، وقيل: إِلى عشرين وفُوَيقَ ذلك، وقيل: ما بين الثلاث إِلى
الثلاثين، وقيل: ما بين الثنتين والتسع، ولا يكون إِلاّ من الإِناث دون
الذكور؛ وقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ليس فيما دون خمس ذَوْدٍ من الإِبل
صدقة، فأَنثها في قوله خمس ذود. قال ابن سيده: الذَّود مؤَنث وتصغيره
بغير هاء على غير قياس توهموا به المصدر؛ قال الشاعر:
ذَوْدُ صَفايا بينها وبيني،
ما بين تسع وإِلى اثنتين،
يُغْنِينَنا من عَيْلة ودَين
وقولهم: الذَّوْدُ إِلى الذَّود إِبل يدل على أَنها في موضع اثنتين لأَن
الثنتين إِلى الثنتين جمع؛ قال: والأَذوادُ جمع ذَوْدٍ، وهي أَكثر من
الذود ثلاث مرات؛ وقال أَبو عبيدة: قد جعل النبي، صلى الله عليه وسلم، في
قوله ليس في أَقل من خمس ذود صدقة، جعل الناقة الواحدة ذوداً؛ ثم قال:
والذود لا يكون أَقل من ناقتين؛ قال: وكان حدّ خمس ذود عشراً من النوق ولكن
هذا مثل ثلاثة فئة يعنون به ثلاثة، وكان حدّ ثلاثة فئة أَن يكون جمعاً
لأَن الفئة جمع؛ قال أَبو منصور: وهو مثل قولهم: رأَيت ثلاثة نفر وتسعة رهط
وما أَشبهه؛ قال أَبو عبيد: والحديث عام لأَن من ملك خمسة من الإِبل
وجبت عليه فيها الزكاة ذكوراً كانت أَو إِناثاً، وقد تكرر ذكر الذود في
الحديث، والجمع أَذواد؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وما أَبْقَت الأَيامُ مِ المالِ عِنْدَنا،
سوى حِذْم أَذواد مُحَذَّفَة النَّسل
معنى محذفة النسل: لا نسل لها يبقى لأَنهم يعقرونها وينحرونها، وقالوا:
ثلاث أَذواد وثلاث ذَوْد، فأَضافوا إِليه جميع أَلفاظ أَدنى العدد جعلوه
بدلاً من أَذواد؛ قال الحطيئة:
ثلاثةُ أَنُفسٍ وثلاثُ ذَوْدٍ،
لقد جار الزمانُ على عيالي
ونظيره: ثلاثة رَحْلَة جعلوه بدلاً من أَرحال؛ قال ابن سيده: هذا كله
قول سيبويه وله نظائر. وقد قالوا: ثلاث ذود يعنون ثلاث أَينق؛ قال
اللغويون: الذود جمع لا واحد له من لفظه كالنعم؛ وقال بعضهم: الذود واحد وجمع.
وفي المثل: الذود إِلى الذود إلى، وقولهم ابلى بمعنى مع أَي القليل يضم
إِلى القليل فيصير كثيراً.
وذَيَّاد وذوّاد: اسمان.
والمَذَاد: موضع بالمدينة.
والذائد: اسم فرس نجيب جدّاً من نَسْلِ الحَرُون؛ قال الأَصمعي: هو
الذائد بن بُطَينِ بن بطان بن الحَرُون.
نشش: نَشَّ الماءُ يَنِشُّ نَشًّا ونَشِيشاً ونَشَّشَ: صَوَّتَ عند
الغلَيان أَو الصبِّ، وكذلك كل ما سُمع له كَتِيت كالنَّبِيد وما أَشبهه،
وقيل: النَّشِيش أَولُ أَخْذِ العصير في الغليان، والخَمرُ تَنِشُّ إِذا
أَخذَت في الغليات. وفي الحديث: إِذا نَشَّ فلا تَشرَبُ. ونَشَّ اللحمُ
نَشًّا ونَشِيشاً: سُمع له صوت على المِقْلى أَو في القِدْر. ونَشِيشُ
اللحمِ: صوْتُه إِذا غلى. والقِدرُ تَنِشُّ إِذا أَخذت تَغْلي. ونَشَّ الماءُ
إِذا صبَبْته من صاخِرةٍ طال عهدُها بالماء. والنَّشِيشُ: صوْتُ الماء
وغيرِه إِذا غَلى. وفي حديث النبيذ: إِذا نَشَّ فلا تَشْربْ أَي إِذا غلى؛
يقال: نَشَّت الخمرُ تَنِشُّ نَشِيشاً؛ ومنه حديث الزهري: أَنه كرِه
للمتوفى عنها زوجُها الدُّهْنَ الذي يُنَشُّ بالريْحان أَي يُطيَّب بأَن يُغلى
في القدر مع الريحان حتى يَنِشَّ.
وسَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ ونَشْناشةٌ: لا يَجِفُّ ثَراها ولا ينبت مَرْعاها،
وقد نَشَّت بالنَّزِّ تَنِشُّ. وسَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ: تَنِشُّ من النَّزّ،
وقيل: سَبَخَةٌ نَشَّاشةٌ وهو ما يظهر من ماء السباخ فيَنِشُّ فيها حتى
يعود مِلْحاً؛ ومنه حديث الأَحنف: نَزَلْنا سَبَخَةً نَشَّاشةً، يعني
البَصْرة، أَي نَزَّارةً تَنِزٌّ بالماء لأَن السبَخَةَ يَنِزُّ ماؤُها
فيَنِشُّ ويعود مِلْحاً، وقيل: النَّشَّاشةُ التي لا يجِفُّ تُرْبُها ولا
ينبُت مرعاها.
بعض الكِلابيّين: أَشَّت الشَّجَّةُ ونَشَّت؛ قال: أَشَّت إِذا أَخذت
تَحَلَّبُ، ونَشَّت إِذا قطَرت، ونَشَّ الغَدِيرُ والحَوْضُ يَنِشُّ نَشّاً
ونَشِيشاً: يَبِسَ ماؤُهما ونَضَبَ، وقيل: نَشَّ الماءُ على وجه الأَرض
نَشِفَ وجفَّ، ونَشَّ الرُّطَبُ وذَوِيَ ذهب ماؤُه؛ قال ذو الرمة:
حتى إِذا مَعْمَعانُ الصَّيْفِ هَبَّ له
بأَجَّةٍ، نَشَّ عنها الماءُ والرُّطَبُ
والنَّشُّ: وزنُ نَواة من ذهب، وقيل: هو وزن عشرين درهماً، وقيل: وزن
خمسة دراهم، وقيل: هو ربع أُوقيَّة والأُوقية أَربعون درهماً. ونَشَّ
الشيء: نِصْفُه. وفي الحديث: أشن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، لم يُصْدِق
امرأَةً من نسائه أَكْثرَ من ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّة ونَشٍّ؛
الأُوقِيَّةُ أَربعون والنَّشُّ عشرون فيكون الجميعُ خَمْسَمائة درهم؛ قال
الأَزهري: وتصديقُه ما رُوي عن عبد الرحمن قال: سأَلت عائشة، رضي اللَّه عنها:
كم كان صَداقُ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم؟ قالت: ان صَداقُه اثنتَيْ
عشرة ونَشّاً، قالت: والنَّشُّ نصفُ أُوقية. ابن الأَعرابي: النَّشُّ النصف
من كل شيء؛ وأَنشد:
من نِسوةٍ مُهورُهنَّ النَّشُّ
الجوهري: النَّشُّ عشرون درهماً وهو نصف أُوقية لأَنهم يُسَمُّون
الأَربعين درهماً أُوقيةً، ويسمون العشرين نَشّاً، ويسمون الخمسة
نَواةً.ونَشْنَشَ الطائرُ رِيشَه بمِنْقارِه إِذا أَهْوى له إِهْواءً خفيفاً
فنَتَف منه وطَيَّر به، وقيل: نتَفَه فأَلقاه؛ قال:
رأَيتُ غُراباً واقِعاً فوقَ بانةٍ،
يُنَشْنِشُ أَعلى رِيشِه ويُطايِرهْ
وكذلك وضعْتُ له لَحْماً فنَشْنَشَ منه إِذا أَكل بعَجَلة وسرعة؛ وقال
أَبو الدرداء لبَلْعَنْبر يصف حية نشَطَتْ فِرْسِنَ بَعِير:
فنَشْنَشَ إِحدى فِرْسِنَيْها بِنَشْطةٍ،
رَغَتْ رَغْوَةً منها، وكادَتْ تُقَرْطِبُ
ونَشْنَشُوه: تَعْتَعُوه؛ عن ابن الأَعرابي. وفي حديث عمر، رضي اللَّه
عنه: أَنه كان يَنُشُّ الناس بعد العِشاء بالدِّرَّة أُ يَسُوقُهم إِلى
بيوتهم. والنَّشُّ: السَّوْقُ الرَّفيق، ويروى بالسين، وهو السَّوْق
الشديد؛ قال شمر: صحّ الشين عن شعبة في حديث عمر وما أَراه إِلاَّ صحيحاً؛ وكان
أَبو عبيد يقول: إِنما هو يَنُسُّ أَو يَنُوش. وقال شمر: نَشْنَشَ
الرجلُ الرجلَ إِذا دفعه وحَرَّكه. ونَشْنَش ما في الوِعاء إِذا نَتَرَه
وتناوَلَه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
الأُقْحُوَانةُ إِذ يُثْنىَ بجانِبِها
كالشَّيخ، نَشْنَشَ عنه الفارِسُ السِّلبَا
وقال الكميت:
فغادَرْتُها تَحْبُو عَقِيراً ونَشْنَشُوا
حَقِيبَتها، بين التَّوَزُّع والنَّتْرِ
والنَّشْنَشَةُ: النَّقْض والنَّتْرُ. ونَشْنَشَ الشجرَ: أخذ من لِحائه.
ونَشْنَشَ السَّلَب: أَخذه. ونَشَّشْت الجلد إِذا أَسرعْت سلْخَه
وقطَعْته عن اللحم؛ قال مرة بن مَحْكان:
أَمْطَيْتُ جازِرَها أَعْلة سَناسِنها،
فَخِلْتُ جازِرَنا من فوقِها قَتَبا
يُنَشْنِشُ الجِلْدَ عنها وهي بارِكةٌ،
كما يُنَشْنِشُ كفَّا قاتِلٍ سَلَبا
أَمْطَيْتُه أَي أَمْكَنْتُه من مَطاها وهو ظَهْرُها أَي عَلا عليها
ليَنْتَزِع عنها جلْدَها لمَّا نُحِرَت. والسَّناسِنُ: رؤُوسُ الفَقارٍ،
الواحدُ سِنْسِنٌ. والقتَبُ: رَحْلُ الهَوْدج، ويروى: كفَّا فاتِلٍ سَلَبا،
بالسَّلَبُ على هذا ضرْبٌ من الشجر يُمَدُّ فَيَلِينُ بذلك ثم يُقْتل منه
الحُزُم. ورجل نَشْنَشِيُّ الذِّراعِ: خفيفُها رَحْبُها، وقيل: خفيف في
عمله ومِرَاسِه؛ قال:
فقامَ فَتًى نَشْنَشيُّ الذِّراع،
فلَم يَتَلَبَّثُ ولم يَهْمُمِ
وغلام نَشْنَشٌ: خفيفٌ في السفر. ابن الأَعرابي: النَّشُّ السَوْق
الرفيق، والنَشُّ الخَلْط؛ ومنه زَعْفرانٌ مَنْشُوش. ورَوَى عبدُ الرزاق عن
ابن جريج: قلت لعطاء الفَأْرَةُ تَمُوت في السَّمْنِ الذائبِ أَو الدُّهْن،
قال: أَما الدُّهن فيُنَشُّ ويُدْهَنُ به إِن لم تَقْذَرْه نفسُك؛ قلتُ:
ليس في نفسك من أَن يأْثمَ إِذا نشَّ؟ قال: لا، قال: قلتُ فالسَّمْنُ
يُنَشُّ ثم يؤْكل، قال: ليس ما يؤْكل به كهيئة شيءٍ في الرأْس يُدَّهَنُ
به، وقوله يُنَشُّ ويدهن به إَن لم تَقذَره نفسُك أَي يُخلط ويُداف. ورجل
نَشْناشٌ: وهو الكَمِيشةُ يَداه في عمَله.
ويقال: نَشْنَشَه إِذا عَمِلَ عَملاً فأَسرع فيه. والنَّشْنَشةُ: صوت
حركةِ الدُّرُوع والقرْطاسِ والثوبِ الجديد، والمَشْمَشةُ: تفريقُ
القُمَاش. والنِّشْنِشةُ: لغةٌ في الشِّنْشِنَةِ ما كانت؛ قال الشاعر:
بَاكَ حُيَيٌّ أُمَّه بَوكَ الفَرَسْ،
نَشْنَشَها أَرْبعةً ثم جَلَسْ
رأَيت في حواشي بعض الأُصول: البَوْكُ للحمار والنَّيْك للإِنسان.
ونَشْنَشَ المرأَةَ ومَشْمَشها إِذا نكحَها. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه،
أَنه قال لابن عباس في شيءٍ شاوَرَه فيه فأَعْجَبه كلامُه فقال: نِشْنِشةٌ
أَعرِفُها من أَخْشَن؛ قال أَبو عبيد: هكذا حدَّثَ به سفيان وأَما أَهل
العربية فيقولون غيرَه، قال الأَصمعي إِنما هو:
شِنْشِنةٌ أَعْرِفُها من أَخْزَم
قال: والنِّشْنِشةُ قد تكون كالمُضْغة أَو كالقِطْعة تقطع من اللحم،
وقال أَبو عبيدة: شِنْشِنة ونِشْنشة، قال ابن الأَثير: نِشْنشةٌ من أَخْشَن
أَي حجَرٌ من جبل، ومعناه أَنه شبَّهه بأَبيه العباس في شَهامتِه ورأْيِه
وجُرْأَتِه على القول، وقيل: أَراد أَن كلمته منه حجرٌ من جبل أَي أَن
مثلها يجيءُ من مثله، وقال الحربي: أَراد شِنشِنةٌ أَي غَريزة وطبيعة.
ونَشْنَشَ ونشَّ: ساقَ وطَرَدَ. والنَشْنَشةُ: كالخَشْخَشة؛ قال:
للدِّرْع فوق مَنْكِبيه نَشْنَشَهْ
وروى الأَزهري عن الشافعي قال: الأَدْهان دُهْنانِ: دُهْنٌ طيِّب مثل
الْبانِ المَنْشُوشِ بالطِّيب، ودُهْنٌ ليس بالطَّيِّب مثل سَلِيخة الْبان
غير مَنْشُوشٍ ومثل الشِّبْرِق. قال الأَزهري: المَنْشوشُ المُرَيَّبُ
بالطيْب إِذا رُبِّب بالطِّيب فهو مَنْشُوش، والسَّلِيخةُ ما اعْتُصر من
ثمَر البان ولم يُرَبَّبْ بالطِّيب. قال ابن الأَعرابي: النَّشّ
الخَلْط.ونَشَّةُ ونَشْناشٌ: اسمان. وأَبو النَّشْناش: كنية؛ قال:
ونائِية الأَرْجاءِ طامِية الصُّوى،
خَدَتْ بأَبي النَّشْناشِ فيها ركائبُهْ
والنَّشْناشُ: موضع بعينه؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
بِأَوْدِيَةِ النَّشْناشِ حتى تتابَعَتْ
رِهامُ الحَيا، واعْتَمَّ بالزهَرِ البَقْلُ
عزم: العَزْمُ: الجِدُّ. عَزَمَ على الأَمر يَعْزِمُ عَزْماً ومَعْزَماً
ومَعْزِماً وعُزْماً
وعَزِيماً وعَزِيمةً وعَزْمَةً واعْتَزَمَه واعْتَزمَ عليه: أَراد
فِعْلَه. وقال الليث: العَزْمُ ما عَقَد عليه قَلْبُك من أَمْرٍ أَنَّكَ
فاعِلُه؛ وقول الكميت:
يَرْمي بها فَيُصِيبُ النَّبْلُ حاجَته
طَوْراً، ويُخْطِئُ أَحْياناً فيَعْتَزِمُ
قال: يَعودُ في الرَّمْي فَيَعْتَزِمُ
على الصواب فيَحْتَشِدُ فيه، وإِن شئت قلت يَعْتزِمُ على الخطإِ
فَيَلِجُ فيه إن كان هَجاهُ. وتَعَزَّم: كعَزَم؛ قال أَبو صخر الهذلي:
فأَعْرَضنَ، لَمَّا شِبْتُ، عَني تَعَزُّماً،
وهَلْ لِيَ ذَنْبٌ في اللَّيالي الذُّواهِبِ؟
قال ابن بري: ويقال عَزَمْتُ على الأَمر وعَزَمْتُه؛ قال الأَسْود بن
عُمارة النَّوْفَليُّ.
خَلِيلَيَّ منْ سُعْدَى، أَلِمّاً فسَلِّمَا
على مَرْيَمٍ، لا يُبْعِدُ اللهُ مَرْيَمَا
وقُولا لها: هذا الفراقُ عَزَمْتِه
فهلْ مَوْعِدٌ قَبْل الفِراقِ فيُعْلَما؟
وفي الحديث: قال لأَبي بَكْرٍ مَتى تُوتِرُ؟ فقال: أَوَّلَ الليلِ، وقال
لِعُمَر: متى تُوتِرُ؟ قال: مِن آخرِ
الليلِ، فقال لأَبي بَكرٍ: أَخَذْتَ بالحَزْم، وقال لِعُمَر: أَخَذْتَ
بالعَزْمِ؛ أَراد أَن أَبا بكرٍ حَذِرَ فَوات الوِتْرِ بالنَّوْم فاحْتاطَ
وقدَّمَه، وأَن عُمَر وَثِقَ بالقوّةِ على قيام الليل فأَخَّرَه، ولا
خَيرَ في عَزْمٍ بغير حَزْمٍ، فإِن القُوَّة إِذا لم يكن معها حَذَرٌ
أَوْرَطَتْ صاحبَها. وعَزَمَ الأَمرُ: عُزِمَ عليه. وفي التنزيل: فإِذا عَزَمَ
الأَمرُ؛ وقد يكون أَراد عَزَمَ أَرْبابُ الأَمْرِ؛ قال الأَزهري: هو
فاعل معناه المفعول، وإنما يُعْزَمُ الأَمرُ ولا يَعْزِم، والعَزْمُ
للإنسان لا لِلأمرَِ، وهذا كقولهم هَلكَ الرجلُ، وإنما أُهْلِك. وقال الزجاج في
قوله فإذا عَزَمَ الأَمرُ: فإذا جَدَّ الأَمرُ ولَزِمَ فَرْضُ القتال،
قال: هذا معناه، والعرب تقول عَزَمْتُ الأمرَ وعَزَمْتُ عليه؛ قال الله
تعالى: وإن عَزَموا الطَّلاقَ فإن الله سميع عليم. وتقول: ما لِفلان
عَزِيمةٌ أي لا يَثْبُت على أمرٍ يَعْزِم عليه. وفي الحديث: أنه، صلى الله عليه
وسلم، قال: خَيرُ الأُمُورِ عَوازِمُها أي فَرائِضُها التي عَزَمَ اللهُ
عليك بِفِعْلِها، والمعنى ذواتُ عَزْمِها التي فيه عَزْمٌ، وقيل: معناه
خيرُ الأُمورِ ما وَكَّدْتَ رَأْيَك وعَزْمَك ونِيَّتَك عليه وَوَفَيْتَ
بعهد الله فيه. وروي عن عبد الله بن مسعود أنه قال: إن الله يُحِبُّ أن
تُؤتَى رُخَصُه كما يُحِبُّ أن تُؤتَى عَزائِمُه؛ قال أبو منصور:
عَزائِمُه فَرائِضُه التي أَوْجَبَها الله وأَمَرنا بها. والعَزْمِيُّ من الرجال:
المُوفي بالعهد. وفي حديث الزكاة: عَزْمةٌ مِنْ عَزَماتِ اللهِ أي حَقٌّ
مِنْ حُقوقِ الله وواجبٌ مِنْ واجباته. قال ابن شميل في قوله تعالى:
كُونوا قِرَدَةً؛ هذا أَمرٌ عَزْمٌ، وفي قوله تعالى: كُونوا رَبَّانِيِّينَ؛
هذا فرْضٌ وحُكْمٌ. وفي حديث أُمّ سَلَمة: فَعزَمَ اللهُ لي أي خَلَقَ
لي قُوَّةٌ وصبْراً. وعَزَم عليه ليَفْعَلنَّ: أَقسَمَ. وعَزَمْتُ عليكَ
أي أَمَرْتُك أمراً جِدّاً، وهي العَزْمَةُ. وفي حديث عُمر: اشْتدَّتِ
العزائمُ؛ يريد عَزَماتِ الأُمراء على الناس في الغَزْو إلى الأقطار البعيدة
وأَخْذَهُم بها. والعزائمُ: الرُّقَى. وعَزَمَ الرَّاقي: كأَنه أَقْسَمَ
على الدَّاء. وعَزَمَ الحَوَّاءُ إذا اسْتَخْرَجَ الحيّة كأَنه يُقْسِم
عليها. وعزائمُ السُّجودِ: ما عُزِمَ على قارئ آيات السجود أن يَسْجُدَ
لله فيها. وفي حديث سجود القرآن: ليستْ سَجْدَةُ صادٍ من عزائِمِ
السُّجودِ. وعزائمُ القُرآنِ: الآياتُ التي تُقْرأُ على ذوي الآفاتِ لما يُرْجى
من البُرْءِ بها. والعَزِيمةُ مِنَ الرُّقَى: التي يُعزَمُ بها على
الجِنّ والأَرواحِ. وأُولُو العَزْمِ من الرُّسُلِ: الذينَ عَزَمُوا على أَمرِ
الله فيما عَهِدَ إليهم، وجاء في التفسير: أن أُولي العَزْمِ نُوحٌ
(*
قوله «نوح إلخ» قد اسقط المؤلف من عددهم على هذا القول سيدنا عيسى عليه
الصلاة والسلام كما في شرح القاموس) وإبراهيمُ وموسى، عليهم السلام،
ومحمّدٌ، صلى الله عليه وسلم، مِنْ أُولي العَزْم أَيضاً. وفي التنزيل:
فاصْبِرْ كما صَبَرَ أُولو العَزْمِ، وفي الحديث: ليَعْزِم المَسأَلة أي يَجِدَّ
فيها ويَقْطَعها. والعَزْمُ: الصَّبْرُ. وقوله تعالى في قصة آدمَ:
فنَسِيَ ولم نَجدْ له عَزْماً؛ قيل: العَزْمُ والعَزِيمةُ هنا الصَّبرُ أي لم
نَجِدْ له صَبْراً، وقيل: لم نَجِدْ له صَرِيمةً ولا حَزْماً فيما
فَعَلَ، والصَّرِيمةُ والعَزِيمةُ واحدةٌ، وهي الحاجة التي قد عَزَمْتَ على
فِعْلِها. يقال: طَوَى فلانٌ فُؤادَه على عَزِيمةِ أمرٍ إذا أَسرَّها في
فُؤادِه، والعربُ تقولُ: ما لَه مَعْزِمٌ ولا مَعْزَمٌ ولا عَزِيمةٌ ولا
عَزْمٌ ولا عُزْمانٌ، وقيل في قوله لم نَجِدْ له عَزْماً أي رَأْياً
مَعْزوماً عليه، والعَزِيمُ والعزيمةُ واحدٌ. يقال: إنَّ رأْيَه لَذُو عَزِيمٍ.
والعَزْمُ: الصَّبْرُ في لغة هذيل، يقولون: ما لي عنك عَزْمٌ أي صَبْرٌ.
وفي حديث سَعْدٍ: فلما أصابَنا البَلاءُ اعْتَزَمْنا لذلك أي
احْتَمَلْناه وصبَرْنا عليه، وهو افْتَعَلْنا من العَزْم. والعَزِيمُ: العَدْوُ
الشديد؛ قال ربيعة بن مَقْرُومٍ الضَّبّيُّ:
لولا أُكَفْكِفُه لكادَ، إذا جَرى
منه العَزِيمُ، يَدُّقُّ فَأْسَ المِسْحَلِ
والاعْتِزامُ: لزُومُ القَصدِ في الحُضْر والمَشْي وغيرهما؛ قال رؤبة:
إذا اعْتَزَمْنَ الرَّهْوَ في انْتِهاضِ
والفَرسُ إذا وُصِفَ بالاعْتِزامِ فمعناه تَجْلِيحُه في حُضْرِه غير
مُجِيبٍ لراكبِه إذا كَبَحَه؛ ومنه قول رؤبة:
مُعْتَزِم التَّجْلِيحِ مَلاَّخ المَلَق
واعْتَزَمَ الفَرَسُ في الجَرْيِ: مَرَّ فيه جامِحاً. واعْتَزَمَ الرجلُ
الطريقَ يَعْتَزِمُه: مَضَى فيه ولم يَنْثَنِ؛ قال حُمَيْدٌ الأَرْقَطُ:
مُعْتَزِماً للطُّرُقِ النَّواشِطِ
والنَّظَرِ الباسِطِ بَعْدَ الباسِطِ
وأُمُّ العِزْم وأُمُّ عِزْمَةَ وعِزْمةُ: الاسْتُ. وقال الأَشْعَث
لعَمْرو بن مَعْديكربَ: أمَا واللهِ لئِن دَنَوْتَ لأُضْرِطَنَّكَ قال:
كلاَّ، والله إنها لَعَزُومٌ مُفَزَّعَةٌ؛ أراد بالعَزُومِ اسْته أي صَبُورٌ
مُجِدّةٌ صحيحةُ العَقْدِ، يريد أَنها ذاتُ عَزْمٍ وصرامةٍ وحَزْمٍ
وقُوَّةٍ، ولَيْسَتْ بِواهِيةٍ فتَضْرطَ، وإنما أراد نَفْسَه، وقوله
مُفَزَّعَةٌ بها تَنْزِل الأَفزاعُ فتجْلِيها. ويقال: كَذَبَتْه أُمُّ
عِزْمَة.والعَزُومُ والعَوْزَمُ والعَوْزَمَةُ: الناقةُ المُسِنَّةُ وفيها
بَقِيَّةُ شَبابٍ؛ أَنشد ابن الأعرابي للمَرَّارِ الأَسَدِيِّ:
فأَمَّا كلُّ عَوْزَمةٍ وبَكرٍ،
فمِمَّا يََسْتَعِينُ به السَّبِيلُ
وقيل: ناقة عَوْزَمٌ أَكِلَتْ أَسْنانُها من الكِبَر، وقيل: هي
الهَرِمَةُ الدِّلْقِمُ. وفي حديث أَنجَشةَ: قال له رُوَيْدَكَ سَوْقاً
بالعَوازِمِ؛ العَوازِمُ: جمعُ عَوْزَمٍ وهي الناقةُ المُسِنَّة وفيها بَقِيَّةٌ،
كَنَى بها عن النِّساء كما كَنَى عنهنّ بالقوارير، ويجوز أن يكون أَرادَ
النُّوق نفسَها لضَعفها. والعَوْزَم: العجوز؛ وأَنشد الفراء:
لقدْ غَدَوْتُ خَلَقَ الأثوابِ،
أحمِلُ عِدْلَينِ من التُّرابِ
لعَوْزَمٍ وصِبْيةٍ سِغابِ،
فآكِلٌ ولاحِسٌ وآبِي
والعُزُمُ: العجائز، واحدتهنّ عَزُومٌ. والعَزْمِيُّ: بَيّاع الثَّجير.
والعُزُمُ: ثَجِير الزَّبيب، واحدها عَزْمٌ. وعُزْمةُ الرجل: أُسرَتُه
وقبيلته، وجماعتها العُزَمُ. والعَزَمة: المصحِّحون للموَدَّة.