من (ط ف ح) السكران ونحوه امتلأ شرابا والفرس عدا وأسرع والإناء أو النهر أو الحوض ونحوه امتلأ حتى فاض الماء من جوانبه.
من (ط ف ح) السكران ونحوه امتلأ شرابا والفرس عدا وأسرع والإناء أو النهر أو الحوض ونحوه امتلأ حتى فاض الماء من جوانبه.
طفح: طَفَحَ الإِناءُ والنهر يَطْفَحُ طَفْحاً وطُفُوحاً: امْتَلأَ
وارتفع حتى يفيض. وطَفَحه طَفْحاً وطَفَّحَه تَطْفِيحاً وأَطْفَحَه: مَلأَه
حتى ارتفع. وطَفَحَ عَقْلُه: ارتفع. ورأَيته طافِحــاً أَي ممتلئاً.
الأَزهري عن أَبي عبيدة: الــطافِحُ والدِّهاقُ والمَلآنُ واحد. قال: والــطافِحُ
الممتلئ المرتفع، ومنه قيل للسكران: طافِحٌ أَي أَن الشراب قد مَلأَه حتى
ارتفع؛ ومنه سَكرانُ طافِحٌ؛ ويقال: طَفَحَ السَّكْرانُ فهو طافِحٌ؛ أَي
مَلأَه الشرابُ؛ الأَزهري: يقال للذي يشرب الخمر حتى يمتلئ سُكْراً:
طافِحٌ.
والطُّفاحَةُ: زَبَدُ القِدْرِ. وكلُّ ما علا: طُفاحةٌ كَزَبَدِ
القِدْرِ وما علا منها. واطَّفَحَ الطُّفاحةَ على وزن افتعل: أَخذها؛
وأَنشد:أَتَتْكُمُ الجَوْفاءُ جَوْعَى تَطَّفِحْ،
طُفاحةَ الإِثْرِ، وطَوْراً تَجْتَدِحْ
وقال غيره: طُفَّاحةُ القوائم
(* قوله «وقال غيره طفاحة القوائم إلخ»
عبارة القاموس وناقة طفاحة القوائم إلخ.) أَي سريعتها؛ وقال ابن أَحمر:
طُفَّاحةُ الرِّجلَين مَيْلَعةٌ،
سُرُحُ المِلاطِ، بعيدةُ القَدْرِ
الأَصمعي: الــطافِحُ الذي يَعْدُو. وقد طَفَحَ يَطْفَحُ إِذا عَدا؛ وقال
المُتَنَخِّلُ يصف المنهزمين:
كانوا نَعائِمَ حَفَّانِ مُنَفَّرةً،
مُعْطَ الحُلُوقِ، إِذا ما أُدْرِكُوا طَفَحُوا
أَي ذهبوا في الأَرض يَعْدُونَ. والريح تَطْفَحُ القُطْنَة: تَسْطَعُ
بها؛ قال أَبو النجم:
مُمَزَّقاً في الرِّيح أَو مَطْفُوحا
واطْفَحْ عَني أَي اذهبْ عني. الأَزهري في ترجمة طحف: وفي الحديث: من
قال كذا وكذا غفر له، وإِن كان عليه طِفاحُ الأَرض ذنوباً؛ وهو أَن تمتلئَ
حتى تَطْفَحَ أَي تَفيض؛ قال: ومنه أُخِذَ طُفاحةُ القِدر. ويقال لما
تؤْخذ به الطُّفاحة: مِطْفَحة، وهو كِفْكِير بالفارسية.
فطح: الفَطَحُ: عِرَضٌ في وسط الرأْس والأَرْنَبةِ حتى تَلْتَزِقَ
بالوجه كالثور الأَفْطَحِ؛ قال أَبو النجم يصف الهامة:
قَبْضاء لم تُفْطَحْ ولم تُكَتَّلِ
ورجل أَفْطَحُ: عريض الرأْس بَيِّنُ الفَطَحِ، والتَّفْطِيحُ مثله.
ورأْس أَفْطَحُ ومُفَطَّحٌ: عَريض، وأَرْنَبَةٌ فَطْحاء. والأَفْطَحُ: الثور،
لذلك، صفة غالبة.
ويقال: فَطَّحْتُ الحديدةَ إِذا عَرَّضْتها وسَوَّيتَها لمِسْحاة أَو
مِعْزَقٍ أَو غيره؛ قال جرير:
هو القَيْنُ وابنُ القَيْنِ، لا قَيْنَ مثلُه
لفَطْحِ المَساحي، أَو لجَدْلِ الأَداهِمِ
الجوهري: فَطَحَه فَطْحاً جعله عريضاً؛ قال الشاعر:
مَفْطُوحةُ السِّيَتَيْنِ تُوبِعَ بَرْيُها،
صَفْراءُ ذاتُ أَسِرَّةِ وسَفاسِقِ
وفَطَحَ العُودَ وغيره يَفْطَحُه فَطْحاً، وفَطَّحَه: بَراه وعَرَّضَه؛
أَنشد ثعلب:
أَلْقَى على فَطْحائها مَفْطُوحا،
غادَرَ جُرْحاً ومَضَى صحِيحا
قال: يعني السهم وقع في الرمية فَجَرَحها ومضى وهو سليم. وعَنى
بالفَطْحاءِ الموضع المنبسط منها كالفَريصة والصُّفْح.
وفَطَحَ ظهره يَفْطَحُه فَطْحاً: ضربه بالعصا.
والأَفْطَحُ: الحِرْباءُ الذي تَصْهَر الشمسُ ظهره ولونَه فيَبْيَضُّ من
حَمْوِها.
وفُطِّحَ النخلُ: لُقِّحَ
(* قوله «وفطح النخل لقح» كذا يضبط بالأصل،
وفي القاموس: وفطح النخل لقح من باب فرح فيهما اهـ. ولا مانع منهما.)؛ عن
كراع.
لخخ: لَخِخَتْ عينه ولَحِحَتْ إِذا التزقت من الرمص.
ولَخَّتْ عينه تَلِخُّ لخّاً ولَخيخاً: كثرت دموعها وغلظت أَجفانها؛
أَنشد ابن دريد:
لا خيرَ في الشيخ إِذا ما اجلَخَّا،
وسال غَرب عينه فَلَخَّا
أَي رَمِصَ. واللَّخَّة: الانف؛ قال:
حتى إِذا قالتْ له: إِيه إِيهْ
وجَعَلَتْ لَخَّتُها تُغَنّيه
تغنيه: أَراد تُغَنِّنُه من الغنة.
وواد لاخٌّ وملْتَخٌّ: كثير الشجر مؤْتَشب. قال الأَزهري: وروينا عن ابن
عباس قصة إسماعيل وأُمِّه هاجر وإِسكان إِبراهيم إِياه في الحرم، قال:
والوادي يومئذ لاحٌّ، قال شمر في كتابه إِنما هو لاخٌ، خفيف، أَي معوجُّ
الفم ذهب به إِلى الإِلخاءِ
(* قوله «إلى الالخاء إلخ» في شرح القاموس:
ذهب في أخذه من الالخى، هكذا عندنا بالنسخة بالالف المقصورة، والذي في
الامهات من الالخاء إلخ اهـ والظاهر أنه بالالف المقصورة على أفعل بدليل
اللخواء ولقوله وهو المعوج إلخ). واللخواء، وهو المعوجُّ الفم؛ قال الأَزهري:
والرواية لاخٌّ، بالتشديد.
روي عن ابن الأَعرابي أَنه قال: جوف لاخ أَي عميق؛ قال: والجوف الوادي،
ومعنى قوله: الوادي لاخّ أَي متضايق متلاخّ لكثرة شجره وقلة عمارته؛ قال
ابن الأَثير: أَثبته ابن معين بالخاءِ المعجمة وقال: من قال غير هذا فقد
صحَّف فإِنه يروى بالحاءِ المهملة. وسكران مُلْتخٌّ ومُلْطخٌّ أَي مختلط
لا يفهم شيئاً لاختلاط عقله؛ ومنه يقال التَخَّ عليهم أَمرُهم أَي اختلط.
فأَما قولهم مُلْطخٌّ فغير مأْخوذ به لأَنه ليس بعربي؛ قال الجوهري:
سكران مُلْتَخٍّ والعامة تقول ملطَخٌّ، ولا يقال سكران مُتَلَطِّخٌ، قال
الأَصمعي: هو مأْخوذ من واد لاخّ إِذا كان ملتفّاً بالشجر.
والتَخَّ العُشب: التَفَّ.
واللَّخْلَخانيَّةُ: العجمة في المنطق؛ رجل لَخْلَخانيٌّ وامرأَة
لخلخانية إِذا كانا لا يفصحان. وفي الحديث: فأَتانا رجل فيه لَخْلَخانيَّة؛ قال
أَبو عبيدة: اللخلخانية العُجمة؛ قال البعيث:
سيترُكُها، إِن سلَّم الله جارَها،
بنو اللَّخْلَخانيَّات، وهْي رُتُوع
وفي حديث معاوية قال: أَيّ الناس أَفصح؟ فقال رجل: قوم ارتفعوا عن
لَخْلَخانيَّة العراق، قال: وهي اللكنة في الكلام والعجمة؛ وقيل: هو منسوب
إِلى لَخْلَخان وهي قبيلة؛ وقيل: موضع؛ ومنه الحديث: كنا بموضع كذا وكذا
فأَتى رجل فيه لَخْلَخانيَّة.
واللَّخْلَخَة: ضرب من الطيب؛ وقد لخلخه.
شيط: شاطَ الشيءُ شَيْطاً وشِياطةً وشَيْطُوطةً: احترق، وخصَّ بعضهم به
الزيتَ والرُّبَّ؛ قال:
كَشائطِ الرُّبِّ عليه الأَشْكَلِ
وأَشاطَه وشَيَّطَه، وشاطَتِ القِدْر شَيْطاً: احتَرقَتْ، وقيل: احترقت
ولَصِقَ بها الشيء، وأَشاطَها هو وأَشَطْتُها إِشاطة؛ ومنه قولهم: شاطَ
دمُ فلان أَي ذهب، وأَشَطْتُ بدَمِه. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه:
القسامةُ تُوجِبُ العَقْلَ ولا تُشِيطُ الدَّمَ أَي تؤخذ بها الدِّيَةُ ولا
يُؤْخَذُ بها القِصاصُ، يعني لا تُهْلِكُ الدم رأْساً بحيث تُهْدِرُه حتى لا
يجب فيه شيء من الديّة. الكلابي: شَوَّط القِدْرَ وشَيَّطَها إِذا
أَغْلاها. وأَشاطَ اللحم: فَرَّقه. وشاطَ السمْنُ والزَّيْتُ: خَثُرَ. وشاطَ
السمنُ إِذا نَضِجَ حتى يَحْتَرِقَ وكذلك الزيت؛ قال نِقادةُ الأَسدي يصف
ماء آجِناً:
أَوْرَدْتُه قَلائصاً أَعْلاطا،
أَصْفَرَ مِثْل الزَّيْتِ، لَمّا شاطا
والتَشْيِيطُ: لحم يُصْلَح للقوم ويُشْوى لهم، اسم كالتَّمْتِين،
والمُشَيَّطُ مِثْلُه، وقال الليث: التشَيُّطُ شَيْطُوطةُ اللحم إِذا مسَّته
النار يَتَشَيَّطُ فيَحْتَرِقُ أَعْلاه، وتَشَيَّطَ الصوفُ. والشِّياطُ:
رِيح قُطنة مُحْتَرِقةٍ. ويقال: شَيَّطْتُ رأْس الغنم وشوَّطْتُه إِذا
أَحْرَقْت صُوفه لتُنظِّفه. يقال: شَيَّطَ فلان اللحم إِذا دَخَّنه ولم
يُنْضِجُه؛ قال الكميت:
لَمّا أَجابَتْ صَفِيراً كان آيَتَها
مِنْ قابِسٍ شَيَّطَ الوَجْعاء بالنارِ
وشَيَّطَ الطَّاهي الرأْس والكُراعَ إِذا أَشْعَل فيهما النار حتى
يَتَشَيَّطَ ما عليهما من الشعرَ والصُّوفِ، ومنهم من يقول شَوّطَ. وفي الحديث
في صفةِ أَهل النار: أَلم يَرَوْا إِلى الرأْسِ إِذا شُيِّطَ؛ من قولهم
شَيَّطَ اللحمَ أَو الشعَرَ أَو الصُّوفَ إِذا أَحرقَ بعضَه. وشاطَ
الرجلُ يَشيطُ: هلَك؛ قال الأَعشى:
قد نَخْضِبُ العَيْرَ في مَكْنُون فائِله،
وقد يَشِيطُ على أَرْماحِنا البَطَلُ
(* في قصيدة الأَعشى: قد نطعنُ العيرَ بدلَ قد نخضِب العير.)
والإِشاطةُ: الإِهْلاكُ. وفي حديث زيد بن حارثة: أَنه قاتلَ بِرايةِ
رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، حتى شاطَ في رِماحِ القوم أَي هلَك؛
ومنه حديث عمر، رضي اللّه عنه: لما شَهِدَ على المُغيرة ثلاثةُ نَفَرٍ
بالزِّنا قال: شاطَ ثلاثةُ أَرباع المُغيرة. وكلُّ ما ذهَب، فقد شاطَ. وشاطَ
دَمُه وأَشاطَ دمَه وبدَمِه: أَذْهَبَه، وقيل: أَشاطَ فلان فلاناً إِذا
أَهْلَكه، وأَصلُ الإِشاطةِ الإِحْراقُ؛ يقال: أَشاط بدَمِه عَمِل في
هَلاكِه، وتَشَيَّطَ دمُه. وأَشاطَ فلان دمَ فلانٍ إِذا عَرَّضه للقتل. ابن
الأَنباري: شاطَ فلانٌ بدم فلانٍ معناه عَرَّضه للهَلاك. ويقال: شاط دمُ
فلان إِذا جُعل الفعل للدّمِ، فإِذا كان للرجلِ قيل: شاط بدمِه وأَشاط
دمَه. وتشيَّطَ الدمُ إِذا عَلا بصاحبه، وشاط دمُه. وشاط فلانٌ الدِّماء أَي
خلَطَها كأَنه سَفَكَ دمَ القاتل على دم المقتول؛ قال المتلَمِّسُ:
أَحارِثُ إِنَّا لو تُشاطُ دِماؤنا،
تَزَيَّلْن حتى ما يَمَسّ دَمٌ دَما
ويروى: تُساطُ، بالسين، والسَّوْطُ: الخَلْط. وشاطَ فلان أَي ذهب دمُه
هَدَراً. ويقال: أَشاطَه وأَشاطَ بدمِه. وشاطَ بمعنى عَجِلَ.
ويقال للغُبار السَّاطِعِ في السماء: شَيْطِيٌّ؛ قال القطامي:
تَعادِي المَراخِي ضُمَّراً في جُنوحِها،
وهُنَّ من الشَّيطِيّ عارٍ ولابِسُ
يصف الخيل وإِثارَتَها الغُبارَ بسنابِكها. وفي الحديث: أَنَّ سَفِينةَ
أَشاطَ دمَ جَزُورٍ بِجِذْلٍ فأَكَله؛ قال الأَصمعي: أَشاطَ دمَ جَزُورٍ
أَي سَفَكَه وأَراقه فشاطَ يَشِيطُ يعني أَنه ذبحه بعُود، والجذل العود.
واشْتاطَ عليه: الْتَهَب. والمُسْتَشِيطُ: السَّمين من الإِبل.
والمِشْياطُ من الإِبل: السريعةُ السِّمَنِ، وكذلك البعير. الأَصمعي:
المَشايِيطُ من الإِبل اللَّواتي يُسْرِعن السِّمَن، يقال: ناقةِ مِشْياطٌ،
وقال أَبو عمرو: هي الإِبل التي تجعل للنَّحْر من قولهم شاطَ دمُه.
غيره: وناقة مِشْياطٌ إِذا طارَ فيها السِّمنُ؛ وقال العجاج:
بوَلْقِ طَعْنٍ كالحَرِيقِ الشّاطي
قال: الشّاطي المُحْتَرِق، أَرادَ طَعْناً كأَنه لَهَبُ النار من
شدَّته؛ قال أَبو منصور: أَراد بالشاطي الشائطَ كما يقال للهائر هارِ. قال
اللّه عزّ وجلّ: هارٍ فانْهارَ به.
ويقال: شاطَ السَّمْنُ يَشِيطُ إِذا نَضِجَ حتى يحترق.
الأَصمعي: شاطَتِ الجَزُور إِذا لم يبق فيها نصيب إِلا قُسم. ابن شميل:
أَشاطَ فلان الجزور إِذا قسَمها بعد التقطيع. قال: والتقطيعُ نفْسه
إِشاطةٌ أَيضاً. ويقال: تَشَيَّطَ فلان من الهِبّةِ أَي نَحِلَ من كثرة
الجماع. وروي عن عمر، رضي اللّه عنه، أَنه قال: إِنَّ أَخْوفَ ما أَخافُ عليكم
أَن يؤخذ الرجلُ المسلمُ البريء فيقالَ عاصٍ وليس بعاص فيُشاطَ لحمُه كما
تُشاطُ الجَزُور؛ قال الكميت:
نُطْعِمُ الجَيْأَلَ اللَّهِيدَ من الكوُ
مِ، ولم نَدْعُ من يُشِيطُ الجَزُورا
قال: وهذا من أَشَطْتُ الجزور إِذا قطَّعْتها وقسَّمت لحمها، وأَشاطَها
فلان، وذلك أَنهم إِذا اقْتَسَمُوها وبقي بينهم سهم فيقال: من يُشِيطُ
الجَزُور أَي من يُنَفِّقُ هذا السهمَ، وأَنشد بيت الكميت، فإِذا لم يبق
منها نصيب قالوا: شاطت الجزور أَي تنَفَّقَتْ.
واسْتَشاطَ الرجلُ من الأَمر إِذا خَفّ له. وغَضِبَ فلان واسْتشاطَ أَي
احْتَدَم كأَنه التهب في غضَبِه؛ قال الأَصمعي: هو من قولهم ناقة مِشْياط
وهي التي يُسْرِع فيها السِّمَن. واسْتَشاطَ البعير أَي سَمِن. واستشاط
فلان أَي احْتَدَّ وخَفّ وتحرّقَ. ويقال: استشاط أَي احتدَّ وأَشرف على
الهَلاكِ من قولك شاطَ فلان أَي هلَك. وفي الحديث: إِذا اسْتَشاطَ
السُّلْطان تَسَلَّطَ الشيطان، يعني إِذا استشاط السلطان أَي تحرَّقَ من شدَّة
الغضَب وتلهَّب وصار كأَنه نار تسلَّط عليه الشيطانُ فأَغْراه بالإِيقاع
بمن غَضب عليه، وهو اسْتَفْعَلَ من شاطَ يَشِيط إِذا كاد يحترق. واستشاط
فلان إِذا اسْتَقْتَل؛ قال:
أَشاطَ دِماء المُسْتَشِيطِين كلِّهم،
وغُلَّ رُؤوسُ القومِ فيهم وسُلْسِلُوا
وروى ابن شميل بإِسناده إِلى النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: ما رؤي
ضاحِكاً مُسْتَشِيطاً، قال: معناه ضاحكاً ضَحِكاً شديداً كالمُتَهالِكِ في
ضَحِكه. واسْتشاطَ الحَمامُ إِذا طارَ وهو نشِيطٌ.
والشيْطان، فَعْلان: من شاطَ يَشِيط. وفي الحديث: أَعُوذ بك من شرِّ
الشيطان وفُتونه وشِيطاه وشجونه، قيل: الصواب وأَشْطانِه أَي حِبالِه التي
يَصِيد بها. والشيطانُ إِذا سمّي به لم ينصرف؛ وعلى ذلك قول طُفيل
الغَنَوي:
وقد مَتَّتِ الخَدْواءُ مَتّاً عليهِمُ،
وشَيْطانُ إِذ يَدْعوهُمُ ويُثَوِّبُ
فلم يصرف شيطانَ وهو شَيْطانُ بن الحكَمِ بن جلهمة، والخَذْواء فرسه.
والشَّيِّطُ: فرس أُنَيْفِ بن جبَلةَ الضّبّي. والشَّيِّطانِ: قاعانِ
بالصَّمّانِ فيهما مساكاتٌ لماء السماء.
رنا: الرُّنُوُّ: إدامة النَّظَر مع سكونِ الطَّرْف. رنَوْتُه
ورَنَوْتُ إليه أَرْنُو رَنْواً ورَنا له: أَدامَ النَّظَرَ. يقال: ظَلَّ
رانِياً، وأَرْناهُ غيرهُ. والرَّنا، بالفتح مقصورٌ: الشيءُ المَنْظُورُ إليه،
وفي المحكم: الذي يُرْنَى إليه من حُسْنهِ، سمَّاه بالمصدر؛ قال جرير:
وقد كان من شَأْنِ الغَوِيِّ ظَعائِنٌ
رَفَعْنَ الرَّنا والعَبْقَرِيَّ المُرَقَّما
وأَرْناني حُسْنُ المَنْظَر ورَنَّاني؛ الجوهري: أَرْناني حسنُ ما
رأَيتُ أَي حَمَلَني على الرُّنُوِّ. والرُّنُوّ: اللَّهْوُ مع شَغْلِ
القَلْبِ والبَصَرِ وغَلَبةِ الهَوَى. وفُلانٌ رَنُوُّ فلانة أَي يَرْنُو إلى
حديثِها ويُعْجبُ به. قال مبتكر الأَعرابي: حدَّثني فلان فَرَنَوْتُ إلى
حديثهِ أَي لَهَوْتُ به، وقال: أَسأَلُ اللهَ أَن يُرْنِيكُم إلى الطاعة
أَي يُصَيِّرَكُمُ إليها حتى تَسْكُنوا وتَدُومُوا عليها. وإنَّه
لَرَنُوُّ الأَمَاني أَي صاحبُ أُمْنِيَّةٍ. والرَّنْوَة: اللَّحمة، وجمعُها
رَنَوات. وكأْسٌ رَنَوْناةٌ: دائمةٌ على الشُّرْبِ ساكِنة، ووزنها
فَعَلْعَلَة؛ قال ابن أَحمر:
مَدَّت عليه المُلكَ أَطنابَها
كأْسٌ رَنَوناةٌ وطِرفٌ طِمِرْ
أَراد: مَدَّتْ كأْسٌ رَنَوْناةٌ عليه أَطْنابَ الملك، فذَكَرَ المُلْكَ
ثمَّ ذكر أَطْنابَه؛ قال ابن سيده: ولم نسمع بالرَّنَوناةِ إلاَّ في
شِعْرِ ابن أَحمر، وجمعها رَنَوْنَيَاتٌ، وروى أَبو العباس عن ابن
الأَعرابي أََنه سَمِعَه رَوَى بيتَ ابنِ أَحمر:
بَنَّتْ عليه الملْكُ أَطْنابَها
أَي المُلْكُ، هي الكَأْسُ، ورَفَعَ المُلْكَ ببَنَّت، ورواه ابن السكيت
بَنَتْ، بتخفيف النون، والمُلْكَ مفعولٌ له، وقال غيره: هو ظرفٌ، وقيل:
حال على تقديره مصدراً مثل أَرْسَلَها العِراك، وتقديره بَنَتْ عليه
كأْسٌ رَنَوْناة أَطْنابَها مُلْكاً أَي في حال كونه ملكاً، والهاء في
أَطنابها في هذه الوجوه كلها عائدة على الكأْس، وقال ابن دريد: أَطنابها بدل
من الملك فتكون الهاء في أَطنابها على هذا عائدة على الملك، وروى بعضهم:
بَنَتْ عليه الملكُ، فرفَعَ الملكَ وأَنَّثَ فعله على معنى المَمْلَكة؛
وقبل البيت:
إنَّ امرَأَ القَيْس على عَهْدِهِ،
في إرْثِ ما كان أَبوه حِجِرْ
يَلْهو بِهِنْدٍ فَوْقَ أَنْماطِها،
وفَرْثَنى يعْدُو إليه وَهِرْ
حتَّى أَتَتْه فَيْلَقٌ طافِحٌ
لا تَتَّقي الزَّجْرَ، ولا تَنْزَجِرْ
لمَّا رأَى يَوْماً، له هَبْوةٌ،
مُرّاً عَبُوساً، شَرُّه مُقْمَطِرْ
أَدَّى إلى هِنْدٍ تَحِيَّاتها،
وقال: هذا من دَواعي دبرْ
إنَّ الفَتى يُقْتِرُ بعدَ الغِنى،
ويَغْتَني مِنْ بَعْدِ ما يَفْتَقِرْ
والحَيُّ كالمَيْتِ ويَبْقى التُّقى،
والعَيْشُ فَنَّانِ: فحُلْوٌ، ومُرْ
ومثله قوله:
فوَرَدَتْ تَقْتَدَ بَرْدَ مائِها
أَراد: وَرَدَتْ بَرْدَ ماءٍ تَقْتَدَ؛ ومثله قول الله عز وجل: أَحْسَنَ
كُلَّ شَيءٍ خَلْقَه؛ أَي أَحْسَنَ خَلْقَ كُلِّ شيءٍ، ويُسَمَّى هذا
البَدَل. وقولهم في الفاجرة: تُرْنى؛ هي تُفْعَلُ من الرُّنُوِّ أَي
يُدامُ النظَرُ إليها لأَنَّها تُزَنُّ بالرِّيبَة. الجوهري: وقولهم يا ابْنَ
تُرْنى كنايةٌ عن اللَّئِيم؛ قال صخر الغي:
فإنَّ ابنَ تُرْنى، إذا زُرْتُكُمْ،
يُدافِعُ عَنِّيَ قَوْلاً عَنِيفا
ويقال: فلان رَنُوُّ فلانة إذا كان يُدِيمُ النَّظَر إليها. ورجل
رَنَّاءٌ،بالتشديد: للَّذي يُدِيمُ النَّظَر إلى النساءِ. وفلان رَنُوُّ
الأَماني أَي صاحِبُ أَمانيَّ يتَوقَّعُها؛ وأَنشد:
يا صاحِبَيَّ، إنَّني أَرْنُوكمُا،
لا تُحْرِماني، إنَّني أَرْجُوكُما
ورَنا إليها يَرْنُو رُنُوّاً ورَناً، مقصور، إذا نظرَ إليْها مُداوَمة؛
وأَنشد:
إذا هُنَّ فَصَّلْنَ الحَدِيث لأَهُلهِ،
وجَدَّ الرَّنا فصَّلْنَه بالتَّهانُف
(* قوله «وجد الرنا إلخ» هو هكذا بالجيم والدال في الأصل وشرح القاموس
أيضاً، وتقدم في مادة هنف بلفظ: حديث الرنا).
ابن بري: قال أَبو علي رَنَوْناةٌ فعَوْعَلة أَو فعَلْعَلة من الرَّنا
في قول الشاعر:
حديثَ الرَّنا فصَّلْنَه بالتَّهانُفِ
ابن الأَعرابي: تَرَنَّى فلان أَدام النَّظر إلى من يُحِبُّ.
وتُرْنى وتَرْنى: اسم رملة، قال: وقَضَينا على أَلِفِها بالواو وإن كانت
لاماً لوجودنا رنوت.
والرُّناءُ: الصَّوْتُ والطَّرَب. والرُّناءُ: الصوتُ، وجمعه
أَرْنِيَةٌ. وقد رنَوتُ أَي طَرِبْتُ.
ورنَّيْتُ غيري: طرَّبْتُه، قال شمر: سأَلت الرياشي عن الرُّناءِ الصوت،
بضم الراء، فلم يَعْرفْه، وقال: الرَّناء، بالفتح، الجمال؛ عن أَبي
زيد؛ وقال المنذري: سأَلت أَبا الهيثم عن الرُّناءِ والرَّناء بالمعنيين
اللذين تقدما فلم يحفظ واحداً منهما؛ قال أَبو منصور: والرُّناءُ بمعنى
الصوت ممدود صحيح.
قال ابن الأَنباري: أخبرني أَبي عن بعض شيوخه قال كانت العرب تسمي جمادى
الآخرة رُنَّى، وذا القَعدة رُنَة، وذا الحجة بُرَكَ. قال ابن خالويه:
رُنَةُ اسم جمادى الآخرة؛ وأَنشد:
يا آَل زَيدٍ، احْذَرُوا هذي السَّنَهْ،
مِنْ رُنَةٍ حتى يُوافيها رُنَهْ
قال: ويروى:
من أَنةٍ حتى يوافيها أَنَه
(* قوله «من أنة إلخ» هكذا في الأصل).
ويقال أَيضاً رُنَّى، وقال ابن الأَنباري: هي بالباء، وقال أَبو عمر
الزاهد: هو تصحيف وإنما هو بالنون. والرُّبَّى، بالباء: الشاةُ النُّفَساء،
وقال قطرب وابن الأَنباري وأَبو الطيب عبد الواحد وأَبو القاسم الزجاجي:
هو بالباء لا غيرُ، قال أَبو القاسم الزجّاجي: لأَن فيه يُعْلَم ما
نُتِجَتْ حُروبُهم أَي ما انْجَلَتْ عليه أَو عنه، مأْخوذ من الشاة الرُّبَّى؛
وأَنشد أَبو الطيب:
أَتَيْتُك في الحنِين فقُلْتَ: رُبَّى،
وماذا بينَ رُبَّى والحَنِينِ؟
قال: وأَصل رُنة رُونَة، وهي محذوفة العين. ورُونَة الشيء: غايتُه في
حَرٍّ أَو بَرْدٍ أَو غيره، فسمِّي به جُمادى لشِدة بَرْدِه. ويقال: إنهم
حين سمَّوا الشهور وافق هذا الشهر شدَّةَ البَرْدِ فسَمُّوْه بذلك.
رخخ: رَخَّة الشيءُ رَخّاً: شَدَخَه وأَرْخاه؛ قال ابن مقبل:
فَلَبَّدَه مَسُّ القِطارِ، ورَخَّه
نِعاجُ رُوءافٍ، قبل أَن يَتَشَدَّدا
(* قوله «فلبده مس» الذي في ياقوت: مرّ، بالراء يدل مس، ورؤاف، بضم
الراء: جبل).
وروي: ورَجَّه، بالجيم، والأَوّل أَكثر. وفي التهذيب: رَخَّه ووَطِئَه
فأْرْخاه. ورخَّ العجينُ يَرِخُّ رَخّاً: كثر ماؤُه؛ وأَرَخَّه هو.
ابن الأَعرابي: ارْتَخَّ رأْيه إِذا اضطرب. وسكران مُرْتَخٌّ ومُلْتخٌّ،
بالراء واللام.
ورَخَخْتُ الشرابَ: مَزَجْتُه.
والرَّخَخُ: السهولة واللين. وأَرضٌ رَخَّاءُ: منتفخة تُكْسَرُ تحت
الوَطء، والجمع رَخاخِيُّ، والنَّفْخاءُ مثلها؛ وهي الرَّخَّاءُ والسَّخَّاء
والمَسْوَخةُ والسُّوَّاخَى. أَبو عمرو: الرَّخاخُ هو الرِّخْوُ من
الأَرض؛ ابن الأَعرابي: أَرض رَخَّاء رِخْوَة لينة، وأَرض رَخاخٌ: لينة واسعة؛
وقيل: هي الرِّخْوَةُ. ورَخاخُ الثَّرى: ما لانَ منه؛ قال ابن مقبل:
رَبِيبَةُ حُرٍّ دافعتْ، في حُقُوفِها،
رَخاخَ الثَّرَى والأُقْحُوانَ المُدَيَّما
(* قوله «ربيبة حر إلخ» كذا بالأصل هنا وأنشده في دوم كشارح القاموس
ربيبة رمل دافعت في حقوقها إلخ. وقوله ربيبة لعوة كذا بالأصل).
أَي أَنه لم يصبها من الرَّخاخِ شيء. وربيبة: لعوِة. وقوله
والأُقْحُوانَ أَي وثَغْراً كالأُقحوان.
ورَخاخُ العيش: خَفْضُه ورَغَدُه وسعَتُه ويوصف به فيقال: عَيْشٌ رَخاخٌ
أَي واسع ناعم؛ وفي الحديث: يأْتي على الناس زمان أَفضلُهم رَخَاخاً
أَقصدُهم عيشاً؛ قال: الرَّخَاخُ لينُ العَيْشِ؛ ابن شميل: رَخَاخُ الأَرض
ما اتسع منها ولانَ ولا يضرك أَسْتَوى أَو لم يَسْتَوِ.
وطينٌ رَخْرَخٌ: رقيق.
والرَّخَاخُ: نبات لَيِّن هَشٌّ؛ قال ابن سيده: وأَحسب الرُّخَّ لغة
فيه؛ وقال أَبو حنيفة: الرُّخُّ، بالضم، نبات هَشّ، والرُّخُّ من أَداة
الشطرنج والجمع رِخاخ؛ الليث: الرُّخّ معرب من كلام العجم من أَدوات لُعْبَة
لهم.
رشح: الرَّشْحُ: نَدَى العَرَقِ على الجَسَدِ.
يقال: رَشَحَ فلانٌ عَرَقاً؛ قال الفراء: يقال أَرْشَحَ عَرَقاً
وتَرَشَّحَ عَرَقاً، بمعنى واحد. وقد رَشَحَ يَرْشَحُ رَشْحاً ورَشَحاناً:
نَدِيَ بالعَرَق.
والرَّشِيحُ: العَرَق. والرَّشْحُ: العَرَقُ نفسه؛ قال ابن مُقْبِل:
يَخْدِي بِديباجَتَيْهِ الرَّشْحُ مُرْتَدِع
وفي حديث القيامة: حتى يبلغ الرَّشْحُ آذانَهم؛ الرَّشْحُ: العَرَق
لأَنه يخرج من البدن شيئاً فشيئاً كما يَرْشَحُ الإِناءُ المُتَخَلْخِلُ
الأَجزاء.
والمِرْشَحُ والمِرْشَحَة: البطانة التي تحت لِبْدِ السَّرْج، سمِّيت
بذلك لأَنها تُنَشِّفُ الرَّشْح؛ يعني العَرَق؛ وقيل: هي ما تحت
المِيثَرَة.وبئر رَشُوحٌ: قليلة الماء، ورَشَحَ النِّحْيُ بما فيه كذلك.
ورَشَّحَتِ الأُمُّ ولدها باللبن القليل إِذا جعلته في فيه شيئاً بعد
شيء حتى يقوى على المَصِّ، وهو الرَّشِيحُ. ورَشَحَتِ الناقةُ وَلَدَها
ورَشَّحَتْه وأَرْشَحَتْهُ: وهو أَن تحك أَصل ذنبه وتدفعه برأْسها
وتُقَدِّمه وتَقِفَ عليه حتى يلحقها وتُزَجِّيه أَحياناً أَي تُقَدِّمه وتتبعه،
وهي راشِحٌ ومُرْشِحٌ ومُرَشِّحٌ، كل ذلك على النَّسَبِ.
وتَرَشَّحَ هو إِذا قَوِيَ على المشي مع أُمه. وأَرْشَحَتِ الناقةُ
والمرأَة، وهي مُرْشِحٌ إِذا خالطها ولدها ومشى معها وسعى خلفها ولم
يُعَنِّها؛ وقيل: إِذا قَوِيَ ولد الناقة، فهي مُرْشِحٌ وولدها راشِحٌ، وقد رَشَح
رُشُوحاً؛ قال أَبو ذؤَيب، واستعاره لصغار السحاب:
ثلاثاً، فلما اسْتُحِيلَ الجَها
مُ، واسْتَجْمَعَ الطِّفْلُ فيه رُشوحا
والجمع رُشَّحٌ؛ قال:
فلما انْتَهى نِيُّ المَرابيعِ، أَزْمَعَتْ
جُفُوفاً، وأَولادُ المَصاييفِ رُشَّحُ
وكل ما دَبَّ على الأَرض من خَشاشها: راشِحٌ. قال الأَصمعي: إِذا وضعت
الناقة ولدها، فهو شَليل، فإِذا قَوِيَ ومَشَى، فهو راشح وأُمه مُرْشِحٌ،
فإِذا ارتفع عن الرَّاشِح، فهو خالٌ.
والتَّرَشُّحُ والتَّرْشِيحُ: لَحْسُ الأُمِّ ما على طِفْلها من
النُّدُوَّةِ حين تَلِدُه؛ قال:
أُمُّ الظِّبا تُرَشِّحُ الأَطفالا
والتَّرْشِيحُ أَيضاً: التربية والتهيئة للشيء. ورُشِّحَ للأَمر:
رُبِّيَ له وأُهِّل؛ ويقال: فلان يُرَشَّح للخلافة إِذا جُعِل وليّ العهد. وفي
حديث خالد بن الوليد: أَنه رَشَّحَ وَلده لولاية العهد أَي أَهَّله لها.
وفلان يُرَشَّحُ للوزارة أَي يُرَبَّى ويُؤَهَّل لها. ورَشَّحَ الغيثُ
النباتَ: رَبَّاه؛ قال كثير:
يُرَشِّحُ نَبْتاً ناعِماً، ويُزينُه
نَدًى، ولَيالٍ بعدَ ذاكَ طَوالِقُ
والاسْتِرْشاحُ كذلك؛ قال ذو الرمة:
يُقَلِّبُ أَشْباهاً كأَنَّ ظُهورَها،
بمُسْتَرْشَحِ البُهْمى، من الصَّخْرِ، صَرْدَحُ
أَي بحيث رَشَّحَتِ الأَرضُ البُهْمَة؛ يعني رَبَّتها وبَلَغت بها. وفي
حديث ظَبْيانَ: يأْكلون حَصيدَها ويُرَشِّحُون خَضِيدَها؛ الخضيد:
المقطوع من شجر الثمر. وتَرْشِيحُهم له: قيامُهم عليه وإِصلاحهم له إِلى أَن
تعود ثمرته تَطْلُع كما يُفْعل بشجر الأَعناب والنخيل. والرَّشِيحُ: ما على
وجه الأَرض من النبات.
ويقال: بنو فلان يَسْتَرْشِحُونَ البقلَ أَي ينتظرون أَن يطول
فَيَرعَوْه. ويَسْتَرْشِحُونَ البُهْمَى: يُرَبُّونه ليَكْبُرَ، وذلك الموضع
مُسْتَرْشَح؛ وتقول: لم يَرْشَحْ له بشيء إِذا لم يُعْطِه شيئاً.
والرَّاشِحُ والرَّواشِحُ: جبال تَنْدى فربما اجتمع في أُصولها ماء
قليل، فإِن كثر سمي وَشَلاً، وإِن رأَيته كالعَرَق يجري خِلالَ الحجارة سُمّي
راشِحاً.
نهر: النَّهْرُ والنَّهَرُ: واحد الأَنْهارِ، وفي المحكم: النَّهْرُ
والنَّهَر من مجاري المياه، والجمع أَنْهارٌ ونُهُرٌ ونُهُورٌ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
سُقِيتُنَّ، ما زالَتْ بكِرْمانَ نَخْلَةٌ،
عَوامِرَ تَجْري بينَكُنَّ نُهُورُ
هكذا أَنشده ما زالت، قال: وأُراهُ ما دامت، وقد يتوجه ما زالت على معنى
ما ظهرت وارتفعت؛ قال النابغة:
كأَنَّ رَحْلي، وقد زالَ النَّهارُ بنا
يوم الجَلِيلِ، على مُسْتأْنِسٍ وَحِدِ
وفي لحديث: نَهْرانِ مؤمنان ونَهْرانِ كافران، فالمؤمنان النيل والفرات،
والكافران دجلة ونهر بَلْخٍ. ونَهَرَ الماءُ إِذا جرى في الأَرض وجعل
لنفسه نَهَراً. ونَهَرْتُ النَّهْرَ: حَفَرْتُه. ونَهَرَ النَّهْرَ
يَنْهَرُهُ نَهْراً: أَجراه. واسْتَنْهَرَ النَّهْرَ إِذا أَخذ لِمَجْراهُ
موضعاً مكيناً. والمَنْهَرُ: موضع في النَّهْزِ يَحْتَفِرُه الماءُ، وفي
التهذيب: موضع النَّهْرِ. والمَنْهَرُ: خَرْق في الحِصْنِ نافذٌ يجري منه
الماء، وهو في حديث عبد الله بن أَنس: فأَتَوْا مَنْهَراً فاختَبَؤوا. وحفر
البئر حتى نَهِرَ يَنْهَرُ أَي بلغ الماء، مشتق من النَّهْرِ. التهذيب:
حفرت البئر حتى نَهِرْتُ فأَنا أَنْهَرُ أَي بلغتُ الماء. ونَهَر الماءُ
إِذا جَرى في الأَرض وجعل لنفسه نَهْراً. وكل كثير جرى، فقد نَهَرَ
واسْتَنْهَر. الأَزهري: والعرب تُسَمِّي العَوَّاءَ والسِّماكَ أَنْهَرَيْنِ
لكثرة مائهما. والنَّاهُور: السحاب؛ وأَنشد:
أَو شُقَّة خَرَجَتْ من جَوْفِ ناهُورِ
ونَهْرُ واسع: نَهِرٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
أَقامت به، فابْتَنَتْ خَيْمَةً
على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهِرْ
والقصب: مجاري الماء من العيون، ورواه الأَصمعي: وفُراتٍ نَهَرْ، على
البدل، ومَثَّلَه لأَصحابه فقال: هو كقولك مررت بظَرِيفٍ رجلٍ، وكذلك ما
حكاه ابن الأَعرابي من أَن سايَةَ وادٍ عظِيمٌ فيه أَكثر من سبعين عيناً
نَهْراً تجري، إِنما النهر بدل من العين. وأَنْهَرَ الطَّعْنَةَ: وسَّعها؛
قال قيس بن الخطيم يصف طعنة:
مَلَكْتُ بها كَفِّي فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
يَرى قائمٌ من دونها ما وراءَها
ملكت أَي شددت وقوّيت. ويقال: طعنه طعنة أَنْهَرَ فَتْقَها أَي وسَّعه؛
وأَنشد أَبو عبيد قول أَبي ذؤيب. وأَنْهَرْتُ الدمَ أَي أَسلته. وفي
الحديث: أَنْهِرُوا الدمَ بما شئتم إِلا الظُّفُرَ والسِّنَّ. وفي حديث آخر:
ما أَنْهَرَ الدمَ فَكُلْ؛ الإِنهار الإِسالة والصب بكثرة، شبه خروج الدم
من موضع الذبح يجري الماء في النهر، وإِنما نهى عن السن والظفر لأَن من
تعرّض للذبح بهما خَنَقَ المذبوحَ ولم يَقْطَعْ حَلْقَه.
والمَنْهَرُ: خرق في الحِصْنِ نافذٌ يدخل فيه الماء، وهو مَفْعَلٌ من
النَّهر، والميم زائدة. وفي حديث عبد الله بن سهل: أَنه قتل وطرح في
مَنْهَرٍ من مناهير خيبر. وأَما قوله عز وجل: إِن المتقين في جنات ونَهَرٍ، فقد
يجوز أَن يعني به السَّعَةَ والضِّياءَ وأَن يعني به النهر الذي هو مجرى
الماء على وضع الواحد موضع الجميع؛ قال:
لا تُنْكِرُوا القَتْلَ، وقد سُبِينا،
في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقد شُجِينا
وقيل في قوله: جنات ونهر؛ أَي في ضياء وسعة لأَن الجنة ليس فيها ليل
إِنما هو نور يتلألأُ، وقيل: نهر أَي أَنهار. وقال أَحمد بن يحيى: نَهَرٌ
جمع نُهُرٍ، وهو جمع الجمع للنَّهار. ويقال: هو واحد نَهْرٍ كما يقال
شَعَرٌ وشَعْرٌ، ونصب الهاء أَفصح. وقال الفرّاء: في جنات ونَهَرٍ، معناه
أَنهار .
كقوله عز وجل: ويولُّون الدُّبُرَ، أَي الأَدْبارَ، وقال أَبو إِسحق
نحوه وقال: الاسم الواحد يدل على الجميع فيجتزأُ به عن الجميع ويعبر بالواحد
عن الجمع، كما قال تعالى: ويولُّون الدبر. وماء نَهِرٌ: كثير. وناقة
نَهِرَة: كثيرة النَّهر؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
حَنْدَلِسٌ غَلْباءُ مِصْباح البُكَرْ،
نَهِيرَةُ الأَخْلافِ في غيرِ فَخَرْ
حَنْدَلِسٌ: ضخمة عظيمة. والفخر: أَن يعظم الضرع فيقل اللبن. وأَنْهَرَ
العِرْقُ: لم يَرْقَأْ دَمُه. وأَنْهَرَ الدمَ: أَظهره وأَساله.
وأَنْهَرَ دَمَه أَي أَسال دمه. ويقال: أَنْهَرَ بطنُه إِذا جاء بطنُه مثلَ مجيء
النَّهَرِ. وقال أَبو الجَرَّاحِ: أَنْهَرَ بطنُه واسْتَطْلَقَتْ
عُقَدُه. ويقال: أَنْهَرْتُ دَمَه وأَمَرْتُ دَمَه وهَرَقْتُ دَمَه.
والمَنْهَرَةُ: فضاء يكون بين بيوت القوم وأَفْنيتهم يطرحون فيه كُناساتِهم.
وحَفَرُوا بئراً فأَنْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً؛ عن اللحياني.
والنَّهار: ضِياءُ ما بين طلوع الفجر إِلى غروب الشمس، وقيل: من طلوع
الشمس إِلى غروبها، وقال بعضهم: النهار انتشار ضوء البصر واجتماعه، والجمع
أَنْهُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، ونُهُرٌ عن غيره. الجوهري: النهار ضد الليل،
ولا يجمع كما لا يجمع العذاب والسَّرابُ، فإِن جمعت قلت في قليلة:
أَنْهُر، وفي الكثير: نُهُرٌ، مثل سحاب وسُحُب. وأَنْهَرْنا: من النهار؛
وأَنشد ابن سيده:
لولا الثَّرِيدَانِ لَمُتْنا بالضُّمُرْ:
ثَرِيدُ لَيْلٍ وثَرِيدُ بالنُّهُرْ
قال ابن بري: ولا يجمع، وقال في أَثناء الترجمة: النُّهُر جمع نَهار
ههنا. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم قال: النهار اسم وهو ضد الليل، والنهار
اسم لكل يوم، والليل اسم لكل ليلة، لا يقال نهار ونهاران ولا ليل وليلان،
إِنما واحد النهار يوم، وتثنيته يومان، وضد اليوم ليلة، ثم جمعوه
نُهُراً؛ وأَنشد:
ثريد ليل وثريد بالنُّهُر
ورجل نَهِرٌ: صاحب نهار على النسب، كما قالوا عَمِلٌ وطَعِمٌ وسَتِهٌ؛
قال:
لَسْتُ بلَيْلِيٍّ ولكني نَهِرْ
قال سيبويه: قوله بليليٍّ يدل أَن نَهِراً على النسب حتى كأَنه قال
نَهاريٌّ. ورجل نَهِرٌ أَي صاحب نَهارٍ يُغِيرُ فيه؛ قال الأَزهري وسمعت
العرب تنشد:
إِن تَكُ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ،
متى أَتى الصُّبْحُ فلا أَنْتَظِرُ
(* قوله« متى أتى» في نسخ من الصحاح متى أرى.)
قال: ومعنى نَهِر أَي صاحب نهار لست بصاحب ليل؛ وهذا الرجز أَورده
الجوهري:
إِن كنتَ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ
قال ابن بري: البيت مغير، قال: وصوابه على ما أَنشده سيبويه:
لستُ بلَيْلِيٍّ ولكني نَهِرْ،
لا أُدْلِجُ الليلَ، ولكن أَبْتَكِرْ
وجعل نَهِر في نقابلة لَيْلِيٍّ كأَنه قال: لست بليليّ ولكني نهاريّ.
وقالوا: نهارٌ أَنْهَرُ كَلَيْلٍ أَلْيَل ونَهارٌ نَهِرٌ كذلك؛ كلاهما على
المبالغة. واسْتَنْهَرَ الشيءُ أَي اتسع. والنَّهار: فَرْخُ القَطا
والغَطاط، والجمع أَنْهِرَةٌ، وقيل: النَّهار ذكر البُوم، وقيل: هو ولد
الكَرَوانِ، وقيل: هو ذكر الحُبَارَى، والأُنثى لَيْلٌ. الجوهري: والنهار فرخ
الحبارى؛ ذكره الأَصمعي في كتاب الفرق. والليل: فرخ الكروان؛ حكاه ابن
بري عن يونس بن حبيب؛ قال: وحكى التَّوْزِيُّ عن أَبي عبيدة أَن جعفر بن
سليمان قدم من عند المهدي فبعث إِلى يونس بن حبيب فقال إِني وأَمير
المؤْمنين اختلفنا في بيت الفرزدق وهو:
والشَّيْبُ يَنْهَضُ في السَّوادِ كأَنه
ليلٌ، يَصِيح بجانِبيهِ نَهارُ
ما الليل والنهار؟ فقال له: الليل هو الليل المعروف، وكذلك النهار، فقال
جعفر: زعم المهدي أَنَّ الليل فرخ الكَرَوان والنهار فرخُ الحُبارَى،
قال أَبو عبيدة: القول عندي ما قال يونس، وأَما الذي ذكره المهدي فهو معروف
في الغريب ولكن ليس هذا موضعه. قال ابن بري: قد ذكر أَهل المعاني أَن
المعنى على ما قاله يونس، وإِن كان لم يفسره تفسيراً شافياً، وإِنه لما
قال: ليل يصيح بجانبيه نهار، فاستعار للنهار الصياح لأَن النهار لما كان
آخذاً في الإِقبال والإِقدام والليل آخذ في الإِدبار، صار النهار كأَنه
هازم، والليل مهزوم، ومن عادة الهازم أَنه يصيح على المهزوم؛ أَلا ترى إِلى
قول الشَّمَّاخ:
ولاقَتْ بأَرْجاءِ البَسِيطَةِ ساطعاً
من الصُّبح، لمَّا صاح بالليل نَفَّرَا
فقال: صاح بالليل حتى نَفَر وانهزم؛ قال: وقد استعمل هذا المعنى ابن
هانئ في قوله:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا فانْصُراها على الدُّجَى
كتائبَ، حتى يَهْزِمَ الليلَ هازِمُ
وحتى تَرَى الجَوْزاءَ نَنثُر عِقْدَها،
وتَسْقُطَ من كَفِّ الثُّريَّا الخَواتمُ
والنَّهْر: من الانتهار. ونَهَرَ الرجلَ يَنْهَرُه نَهْراً وانْتَهَرَه:
زَجَرَه. وفي التهذيب: نَهَرْتَه وانْتَهرْتُه إِذا استقبلته بكلام
تزجره عن خبر. قال: والنَّهْرُ الدَّغْر وهي الخُلْسَةُ.
ونَهار: اسم رجل. ونهار بن تَوْسِعَةَ: اسم شاعر من تميم.
والنَّهْرَوانُ: موضع، وفي الصحاح: نَهْرَوانُ، بفتح النون والراء، بلدة، والله
أَعلم.
ملأ: مَلأَ الشيءَ يَمْلَؤُه مَلأً، فهو مَمْلُوءٌ، ومَلأَه فامْتَلأَ، وتَمَلأَ، وإنه لَحَسَنُ المِلأَةِ أَي الـمَلْءِ، لا التَّمَلُّؤِ.
وإِناءٌ مَلآنُ، والأُنثى مَلأَى ومَلآنةٌ، والجمع مِلاءٌ؛ والعامة
تقول: إِناءٌ مَلاً. أَبو حاتم يقال: حُبٌّ مَلآنُ، وقِرْبةٌ مَلأَى، وحِبابٌ
مِلاءٌ. قال: وإِن شئت خففت الهمزة، فقلت في المذكر مَلانُ، وفي المؤَنث مَلاً. ودَلْوٌ مَلاً، ومنه قوله:
حَبَّذا دَلْوُك إِذْ جاءَت مَلا
أَراد مَلأَى. ويقال: مَلأْتُه مَلأَ، بوزن مَلْعاً، فإِن خففت قلت:
مَلاً؛ وأَنشد شمر في مَلاً، غير مهموز، بمعنى مَلْءٍ:
وكائِنْ ما تَرَى مِنْ مُهْوَئِنٍّ، * مَلا عَيْنٍ وأَكْثِبةٍ وَقُورِ
أَراد مَلْء عَيْنٍ، فخفف الهمزة.
وقد امْتَلأَ الإِناءُ امْتِلاءً، وامْتَلأَ وتَمَلأَ، بمعنى.
والمِلْءُ، بالكسر: اسم ما يأْخذه الإِناءُ إِذا امْتَلأَ. يقال: أَعْطَى
مِلأَه ومِلأَيْهِ وثلاثةَ أَمْلائه.
وكوزٌ مَلآنُ؛ والعامَّةُ تقول: مَلاً ماءً.
وفي دعاء الصلاة: لكَ الحمدُ مِلْءَ السمواتِ والأَرضِ. هذا تمثيل لأَنّ الكلامَ لا يَسَعُ الأَماكِنَ، والمراد به كثرة العدد. يقول: لو قُدِّر أَن تكون كلماتُ الحَمد أَجْساماً لبلَغت من كثرتها أَن تَمْلأَ السمواتِ والأَرضَ؛ ويجوز أَن يكون المرادُ به تَفْخِيمَ شأْنِ كلمة الحَمد، ويجوز أَن يرادَ به أَجْرُها وثَوابُها. ومنه حديث إِسلام أَبي ذر، رضي اللّه عنه: قال لنا كلِمَةً تَمْلأُ الفمَ أَي إِنها عظيمة شَنِيعةٌ، لا يجوز أَن تُحْكَى وتُقالَ، فكأَنَّ الفَمَ مَلآنُ بها لا يَقْدِرُ على النُّطق. ومنه الحديث: امْلَؤُوا أَفْواهَكم من القُرْآنِ. وفي حديث أُمّ زرع: مِلْءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها؛ أَرادت أَنها سَمِينة، فإِذا تغطَّت بِكسائها مَلأَتْه.
وفي حديث عِمْرانَ ومَزادةِ الماء: إِنه لَيُخَيَّلُ إِلينا أَنها أَشدُّ
مِلأَةً منها حين ابْتُدِئَ فيها، أَي أَشدُّ امْتلاءً.
يقال مَلأْتُ الإِناءَ أَمـْلَؤُه مَلأً،و المِلْءُ الاسم، والمِلأَةُ أَخصُّ منه.
والمُلأَة، بالضم مثال الـمُتْعةِ، والـمُلاءة والـمُلاءُ: الزُّكام يُصيب مِن امْتِلاءِ الـمَعِدة. وقد مَلُؤَ، فهو مَلِيءٌ، ومُلِئَ فلان، وأَمـْلأَه اللّهُ إملاءً أَي أَزْكَمه، فهو مَمْلُوءٌ، على غير قياس، يُحمل على مُلِئَ.
والمِلْءُ: الكِظَّة من كثرة الأَكل. الليث: الـمُلأَةُ
ثِقَلٌ يأْخذ في
الرأْس كالزُّكام من امْتِلاءِ الـمَعِدة. وقد تَمَلأَ من الطعام والشراب
تَمَلُّؤاً، وتَمَلأَ غَيْظاً. ابن السكيت: تَمَلأْتُ من الطعام تَملُّؤاً، وقد تَملَّيْتُ العَيْشَ تَملِّياً إِذا عِشْتَ مَلِيّاً أَي طَويلاً.والمُلأَةُ: رَهَلٌ يُصِيبُ البعيرَ من طُول الحَبْسِ بَعْدَ السَّيْر.ومَلأَ في قَوْسِه: غَرِّقَ النُّشَّابَةَ والسَّهْمَ.
وأَمْلأْتُ النَّزْعَ في القَوْسِ إِذا شَدَدْتَ النَّزْعَ فيها.
التهذيب، يقال: أَمْلأَ فلان في قَوْسِه إِذا أَغْرَقَ في النَّزْعِ، ومَلأَ
فلانٌ فُرُوجَ فَرَسِه إِذا حَمَله على أَشَدِّ الحُضْرِ. ورَجل مَلِيءٌ،
مهموز: كثير المالِ، بَيِّن الـمَلاء، يا هذا، والجمع مِلاءٌ، وأَمْلِئاءُ،
بهمزتين، ومُلآءُ، كلاهما عن اللحياني وحده، ولذلك أُتِيَ بهما آخراً.
وقد مَلُؤَ الرجل يَمْلُؤُ مَلاءة، فهو مَلِيءٌ: صار مَلِيئاً أَي ثِقةً، فهو غَنِيٌّ مَلِيءٌ بَيِّن الـمَلاءِ والمَلاءة، مـمدودان. وفي حديث الدَّيْنِ: إِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على مَلِيءٍ فلْيَتَّبِعْ.
الـمَلِيءٌ، بالهمز: الثِّقةُ الغَنِيُّ، وقد أُولِعَ فيه الناس بترك الهمز وتشديد الياء. وفي حديث عليّ، كرّم اللّه وجهه: لا مَلِئٌ واللّه باصْدارِ ما ورَدَ عليه.
واسْتَمْلأَ في الدَّيْنِ: جَعل دَيْنَه في مُلآءَ. وهذا الأَمر أَمْلأُ بكَ أَي أَمْلَكُ.
والـمَلأُ: الرُّؤَساءُ، سُمُّوا بذلك لأَنهم مِلاءٌ بما يُحتاج إليه.
والـمَلأُ، مهموز مقصور: الجماعة، وقيل أَشْرافُ القوم ووجُوهُهم ورؤَساؤهم ومُقَدَّمُوهم، الذين يُرْجَع إِلى قولهم. وفي الحديث: هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتصِمُ الملأُ الأَعْلى؟ يريد الملائكةَ الـمُقَرَّبين. وفي التنزيل العزيز: أَلم تَرَ إِلى الـمَلإِ. وفيه أَيضاً: وقال الـمَلأُ. ويروى أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، سَمِعَ رَجُلاً من الأَنصار وقد رَجَعُوا مَن غَزْوةِ بَدْر يقول: ما قَتَلْنا إِلاَّ عَجائزَ صُلْعاً، فقال عليه السلام: أُولئِكَ الـمَلأَ مِنْ قُرَيْش، لَوْ حَضَرْتَ فِعالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ؛ أَي أَشْرافُ قريش، والجمع أَمْلاء. أَبو الحسن: ليس الـمَلأُ مِن باب رَهْطٍ، وإِن كانا اسمين للجمع، لأَن رَهْطاً لا واحد له من لفظه، والـمَلأُ وإِن كان لم يُكسر مالِئٌ عليه، فإِنَّ مالِئاً من لفظه.
حكى أَحمد بن يحيى: رجل مالِئٌ جليل يَمْلأَ العين بِجُهْرَتِه، فهو
كعَرَبٍ ورَوَحِ. وشابٌّ مالِئُ العين إِذا كان فَخْماً حَسَناً. قال الراجز:
بِهَجْمةٍ تَمْلأُ عَيْنَ الحاسِدِ
ويقال: فلان أَمْلأُ لعيني مِن فلان، أَي أَتَمُّ في كل شيء مَنْظَراً
وحُسْناً. وهو رجل مالِئُ العين إِذا أَعْجبَك حُسْنُه وبَهْجَتُه.
وحَكَى: مَلأَهُ على الأَمْر يَمْلَؤُه ومالأَهُ(1)
(1 قوله «وحكى ملأه على الأمر إلخ» كذا في النسخ والمحكم بدون تعرض لمعنى ذلك وفي القاموس وملأه على الأمر ساعده كمالأه.) ، وكذلك الـمَلأُ إِنما هم القَوْم ذَوُو الشارة والتَّجَمُّع للإِدارة، فَفَارَقَ بابَ رَهْط لذلك، والـمَلأُ على هذا صفة غالبة.
وقد مَالأْتُه على الأَمر مُمالأَةَ: ساعَدْتُه عليه وشايَعْتُه.
وتَمالأْنا عليه: اجْتَمَعْنا، وتَمالَؤُوا عليه: اجْتَمعوا عليه؛ وقول
الشاعر:
وتَحَدَّثُوا مَلأً، لِتُصْبِحَ أُمـّنا * عَذْراءَ، لا كَهْلٌ ولا مَوْلُودُ
أَي تَشَاوَرُوا وتَحَدَّثُوا مُتَمالِئينَ على ذلك ليَقْتُلونا أَجمعين، فتصبح أُمنا كالعَذْراء التي لا وَلَد لها.
قال أَبو عبيد: يقال للقوم إِذا تَتابَعُوا برَأْيِهم على أَمر قد تَمالَؤُوا عليه. ابن الأَعرابي: مالأَه إِذا عاوَنَه، ومَالأَه إِذا صَحِبَه أَشْباهُه. وفي حديث عليّ، رضي اللّه عنه: واللّه ما قَتَلْتُ عُثمانَ، ولا
مالأْت على قتله؛ أَي ما ساعَدْتُ ولا عاوَنْتُ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه قَتَل سبعةَ نَفَرٍ برجل قَتَلُوه غِيلةً، وقال: لَو تَمالأَ عليه أَهلُ صَنْعاء لأَقَدْتُهم به. وفي رواية: لَقَتَلْتُهم. يقول: لو
تضافَرُوا عليه وتَعاوَنُوا وتَساعَدُوا.
والـمَلأُ، مهموز مقصور: الخُلُقُ. وفي التهذيب: الخُلُقُ المَلِيءُ بما يُحْتاجُ إليه. وما أَحسن مَلأَ بني فلان أَي أَخْلاقَهم وعِشْرَتَهم.
قال الجُهَنِيُّ:
تَنادَوْا يا لَبُهْثَةَ، إِذْ رَأَوْنا، * فَقُلْنا: أَحْسِني مَلأً جُهَيْنا
أَي أَحْسِنِي أَخْلاقاً يا جُهَيْنةُ؛ والجمع أَملاء. ويقال: أَراد
أَحْسِنِي ممالأَةً أَي مُعاوَنةً، من قولك مالأْتُ فُلاناً أَي عاوَنْتهُ
وظاهَرْته. والـمَلأُ في كلام العرب: الخُلُقُ، يقال: أَحْسِنُوا
أَمْلاءَكم أَي أَحْسِنُوا أَخْلاقَكم.
وفي حديث أَبي قَتادَة، رضي اللّه عنه: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لما تَكابُّوا على الماء في تلك الغَزاةِ لِعَطَشٍ نالَهم؛ وفي طريق: لَـمَّا ازدَحَمَ الناسُ على المِيضأَةِ، قال لهم رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: أَحْسِنُوا الـمَلأَ، فكلكم سَيَرْوَى. قال ابن الأَثير: وأَكثر قُرّاء الحديث يَقْرَؤُونها أَحْسِنُوا المِلْءَ، بكسر الميم وسكون اللام من مَلْءِ الإِنـاءِ، قال: وليس بشيء. وفي الحديث أَنه قال لأَصحابه حين ضَرَبُوا الأَعْرابيَّ الذي بال في الـمَسجد: أَحسنوا أَمْلاءَكم، أَي أَخْلاقَكم. وفي غريب أَبي عُبيدة: مَلأً أَي غَلَبَةً(1)
(1 قوله «ملأ أي غلبة» كذا هو في غير نسخة من النهاية.). وفي حديث الحسن أَنهم ازْدَحَمُوا عليه فقال: أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَيها الـمَرْؤُون.
والـمَلأَ: العِلْيةُ، والجمع أَمْلاءٌ أَيضاً.
وما كان هذا الأَمرُ عن مَلإٍ منَّا أَي تشاوُرٍ واجتماع. وفي حديث عمر، رَضي اللّه عنه، حِين طُعِنَ: أَكان هذا عن مَلإٍ منكم، أَي مُشاوَرةٍ من أَشرافِكم وجَماعَتِكم. والـمَلأُ: الطَّمَعُ والظَّنُّ، عن ابن الأَعْرابي، وبه فسر قوله وتحَدَّثُوا مَلأً، البيت الذي تَقَدَّم، وبه فسر أَيضاً قوله:
فَقُلْنا أَحْسِنِي مَلأً جُهَيْنا
أَي أَحْسِنِي ظَنّاً.
والمُلاءة، بالضم والمدّ، الرَّيْطة، وهي المِلْحفةُ، والجمع مُلاءٌ.
وفي حديث الاستسقاءِ: فرأَيت السَّحابَ يَتَمَزَّقُ كأَنه المُلاءُ حين
تُطْوَى. الـمُلاءُ، بالضم والمدّ: جمع مُلاءةٍ، وهي الإِزارُ والرَّيْطة.
وقال بعضهم: إِن الجمع مُلأٌ، بغير مد، والواحد مـمدود، والأَول أَثبت.
شبَّه تَفَرُّقَ الغيم واجتماع بعضه إِلى بعض في أَطراف السماء بالإِزار إِذا جُمِعَتْ أَطرافُه وطُوِيَ. ومنه حديث قَيْلةَ: وعليه أَسمالُ مُلَيَّتَيْنِ، هو تصغير مُلاءة مثناة المخففة الهمز، وقول أَبي خِراش:
كأَنَّ الـمُلاءَ الـمَحْضَ، خَلْفَ ذِراعِه، * - صُراحِيّةٌ والآخِنِيُّ الـمُتَحَّمُ
عنى بالـمَحْضِ هنا الغُبارَ الخالِصَ، شبَّهه بالـمُلاءِ من الثياب.