بعد الألف حاء مهملة ثم واو ساكنة، ونون، بلفظ واحدة الطواحين: موضع بالقسطنطينية.
بعد الألف حاء مهملة ثم واو ساكنة، ونون، بلفظ واحدة الطواحين: موضع بالقسطنطينية.
عصر: العَصْر والعِصْر والعُصْر والعُصُر؛ الأَخيرة عن اللحياني: الدهر.
قال الله تعالى: والعَصْرِ إِنّ الإِنسان لفي خُسْرٍ؛ قال الفراء:
العَصْر الدهرُ، أَقسم الله تعالى به؛ وقال ابن عباس: العَصْرُ ما يلي المغرب
من النهار، وقال قتادة: هي ساعة من ساعات النهار؛ وقال امرؤ القيس في
العُصُر:
وهل يَعِمَنْ مَن كان في العُصُر الخالي؟
والجمع أَعْصُرٌ وأَعْصار وعُصْرٌ وعُصورٌ؛ قال العجاج:
والعَصْر قَبْل هذه العُصورِ
مُجَرِّساتٍ غِرّةَ الغَرِيرِ
والعَصْران: الليل والنهار. والعَصْر: الليلة.
والعَصْر: اليوم؛ قال حميد بن ثور:
ولن يَلْبَثَ العَصْرَانِ يومٌ وليلة،
إِذا طَلَبَا أَن يُدْرِكا ما تَيَمَّما
وقال ابن السكيت في باب ما جاء مُثْنى: الليل والنهار، يقال لهما
العَصْران، قال: ويقال العَصْران الغداة والعشيّ؛ وأَنشد:
وأَمْطُلُه العَصْرَينِ حتى يَمَلَّني،
ويَرضى بنِصْفِ الدَّيْنِ، والأَنْفُ راغمُ
يقول: إِذا جاء في أَول النهار وعَدْتُه آخره. وفي الحديث: حافظْ على
العَصْرَيْنِ؛ يريد صلاةَ الفجر وصلاة العصر، سمّاهما العَصْرَينِ لأَنهما
يقعان في طرفي العَصْرَين، وهما الليل والنهار، والأَشْبَهُ أَنه غلَّب
أَحد الاسمين على الآخر كالعُمَرَيْن لأَبي بكر وعمر، والقمرين للشمس
والقمر، وقد جاء تفسيرهما في الحديث، قيل: وما العَصْران؟ قال: صلاةٌ قبل
طلوع الشمس وصلاةٌ قبل غروبها؛ ومنه الحديث: من صلَّى العَصْرَيْنِ دخل
الجنة، ومنه حديث علي رضي الله عنه: ذَكَّرْهم بأَيَّام الله واجْلِسْ لهم
العَصْرَيْن أَي بكرة وعشيّاً. ويقال: لا أَفعل ذلك ما اختلف العَصْران.
والعَصْر: العشي إِلى احمرار الشمس، وصلاة العَصْر مضافة إِلى ذلك الوقت،
وبه سميت؛ قال:
تَرَوَّحْ بنا يا عَمْرو، قد قَصُرَ العَصْرُ،
وفي الرَّوْحةِ الأُولى الغَنيمةُ والأَجْرُ
وقال أَبو العباس: الصلاة الوُسْطى صلاةُ العَصْرِ، وذلك لأَنها بين
صلاتَي النهار وصلاتي الليل، قال: والعَصْرُ الحَبْسُ، وسميت عَصْراً لأَنها
تَعْصِر أَي تَحْبِس عن الأُولى، وقالوا: هذه العَصْر على سَعة الكلام،
يريدون صلاة العَصْر. وأَعْصَرْنا: دخلنا في العَصْر. وأَعْصَرْنا
أَيضاً: كأَقْصَرْنا، وجاء فلانٌ عَصْراً أَي بَطيئاً.
والعِصارُ: الحِينُ؛ يقال: جاء فلان على عِصارٍ من الدهر أَي حين. وقال
أَبو زيد: يقال نام فلانٌ وما نام العُصْرَ أَي وما نام عُصْراً، أَي لم
يكد ينام. وجاء ولم يجئ لِعُصْرٍ أَي لم يجئ حين المجيء؛ وقال ابن
أَحمر:
يَدْعون جارَهُمُ وذِمَّتَه
عَلَهاً، وما يَدْعُون من عُصْر
أَراد من عُصُر، فخفف، وهو الملجأ.
والمُعْصِر: التي بَلَغَتْ عَصْرَ شبابها وأَدركت، وقيل: أَول ما أَدركت
وحاضت، يقال: أَعْصَرَت، كأَنها دخلت عصر شبابها؛ قال منصور بن مرثد
الأَسدي:
جارية بسَفَوانَ دارُها
تَمْشي الهُوَيْنا ساقِطاً خِمارُها،
قد أَعْصَرَت أَو قَدْ دَنا إِعْصارُها
والجمع مَعاصِرُ ومَعاصِيرُ؛ ويقال: هي التي قاربت الحيض لأَنّ
الإِعصارَ في الجارية كالمُراهَقة في الغُلام، روي ذلك عن أَبي الغوت الأَعرابي؛
وقيل: المُعْصِرُ هي التي راهقت العِشْرِين، وقيل: المُعْصِر ساعة
تَطْمِث أَي تحيض لأَنها تحبس في البيت، يجعل لها عَصَراً، وقيل: هي التي قد
ولدت؛ الأَخيرة أَزْديّة، وقد عَصَّرَت وأَعْصَرَت، وقيل: سميت المُعْصِرَ
لانْعِصارِ دم حيضها ونزول ماء تَرِيبَتِها للجماع. ويقال: أَعْصَرَت
الجارية وأَشْهَدَت وتَوضَّأَت إِذا أَدْرَكَت. قال الليث: ويقال للجارية
إِذا حَرُمت عليها الصلاةُ ورأَت في نفسها زيادةَ الشباب قد أَعْصَرت، فهي
مُعْصِرٌ: بلغت عُصْرةَ شبابِها وإِدْراكِها؛ بلغت عَصْرَها وعُصورَها؛
وأَنشد:
وفَنَّقَها المَراضِعُ والعُصورُ
وفي حديث ابن عباس: كان إِذا قَدِمَ دِحْيةُ لم يَبْقَ مُعْصِرٌ إِلا
خرجت تنظر إِليه من حُسْنِه؛ قال ابن الأَثير: المُعْصِرُ الجارية أَول ما
تحيض لانْعِصار رَحِمها، وإِنما خصَّ المُعْصِرَ بالذِّكر للمبالغة في
خروج غيرها من النساء.
وعَصَرَ العِنَبَ ونحوَه مما له دُهْن أَو شراب أَو عسل يَعْصِرُه
عَصْراً، فهو مَعْصُور، وعَصِير، واعْتَصَرَه: استخرج ما فيه، وقيل: عَصَرَه
وَليَ عَصْرَ ذلك بنفسه، واعْتَصَره إِذا عُصِرَ له خاصة، واعْتَصَر
عَصِيراً اتخذه، وقد انْعَصَر وتَعَصَّر، وعُصارةُ الشيء وعُصارهُ وعَصِيرُه:
ما تحلَّب منه إِذا عَصَرْته؛ قال:
فإِن العَذَارى قد خَلَطْنَ لِلِمَّتي
عُصارةَ حِنَّاءٍ معاً وصَبِيب
وقال:
حتى إِذا ما أَنْضَجَتْه شَمْسُه،
وأَنى فليس عُصارهُ كعُصارِ
وقيل: العُصارُ جمع عُصارة، والعُصارةُ: ما سالَ عن العَصْر وما بقي من
الثُّفْل أَيضاً بعد العَصْر؛ وقال الراجز:
عُصارة الخُبْزِ الذي تَحَلَّبا
ويروى: تُحْلِّبا؛ يقال تَحَلَّبت الماشية بقيَّة العشب وتَلَزَّجَته
أَي أَكلته، يعني بقية الرَّطْب في أَجواف حمر الوحش. وكل شيء عُصِرَ ماؤه،
فهو عَصِير؛ وأَنشد قول الراجز:
وصار ما في الخُبْزِ من عَصِيرِه
إِلى سَرَار الأَرض، أَو قُعُورِه
يعني بالعصير الخبزَ وما بقي من الرَّطْب في بطون الأَرض ويَبِسَ ما
سواه.
والمَعْصَرة: التي يُعْصَر فيها العنب. والمَعْصَرة: موضع العَصْر.
والمِعْصارُ: الذي يجعل فيه الشيء ثم يُعْصَر حتى يتحلَّب ماؤه. والعَواصِرُ:
ثلاثة أَحجار يَعْصِرون العنب بها يجعلون بعضها فوق بعض. وقولهم: لا
أَفعله ما
دام للزيت عاصِرٌ، يذهب إِلى الأَبَدِ.
والمُعْصِرات: السحاب فيها المطر، وقيل: السحائب تُعْتَصَر بالمطر؛ وفي
التنزيل: وأَنزَلْنا من المُعْصِرات ماءً ثجّاجاً. وأُعْصِرَ الناسُ:
أُمْطِرُوا؛ وبذلك قرأَ بعضهم: فيه يغاث الناس وفيه يُعْصَرُون؛ أَي
يُمْطَرُون، ومن قرأَ: يَعْصِرُون، قال أَبو الغوث: يستغِلُّون، وهو مِن عَصر
العنب والزيت، وقرئ: وفيه تَعْصِرُون، من العَصْر أَيضاً، وقال أَبو
عبيدة: هو من العَصَر وهو المَنْجاة والعُصْرة والمُعْتَصَر والمُعَصَّر؛ قال
لبيد:
وما كان وَقَّافاً بدار مُعَصَّرٍ
وقال أَبو زبيد:
صادِياً يَسْتَغِيثُ غير مُغاثٍ،
ولقد كان عُصْرة المَنْجود
أَي كان ملجأَ المكروب. قال الأَزهري: ما علمت أَحداً من القُرَّاء
المشهورين قرأَ يُعْصَرون، ولا أَدري من أَين جاء به الليث، فإِنه حكاه؛
وقيل: المُعْصِر السحابة التي قد آن لها أَن تصُبّ؛ قال ثعلب: وجارية
مُعْصِرٌ منه، وليس بقويّ. وقال الفراء: السحابة المُعْصِر التي تتحلَّب بالمطر
ولمَّا تجتمع مثل الجارية المُعْصِر قد كادت تحيض ولمّا تَحِضْ، وقال
أَبو حنيفة: وقال قوم: إِن المُعْصِرات الرِّياحُ ذوات الأَعاصِير، وهو
الرَّهَج والغُبار؛ واستشهدوا بقول الشاعر:
وكأَنَّ سُهْلءَ المُعْصِرات كَسَوْتَها
تُرْبَ الفَدافِدِ والبقاع بمُنْخُلِ
وروي عن ابن عباس أَن قال: المُعْصِراتُ الرِّياحُ وزعموا أَن معنى مِن،
من قوله: من المُعْصِرات، معنى الباء الزائدة
(* قوله: «الزائدة» كذا
بالأصل ولعل المراد بالزائدة التي ليست للتعدية وإن كان للسببية). كأَنه
قال: وأَنزلنا بالمُعْصِرات ماءً ثجّاجاً، وقيل: بل المُعْصِراتُ الغُيُومُ
أَنفُسُها؛ وفسر بيت ذي الرمة:
تَبَسَّمَ لَمْحُ البَرْقِ عن مُتَوَضِّحٍ،
كنَوْرِ الأَقاحي، شافَ أَلوانَها العَصْرُ
فقيل: العَصْر المطر من المُعْصِرات، والأَكثر والأَعرف: شافَ أَلوانها
القَطْرُ. قال الأَزهري: وقولُ من فَسَّر المُعْصِرات بالسَّحاب أَشْبَهُ
بما أَراد الله عز وجل لأَن الأَعاصِير من الرياح ليستْ مِن رِياح
المطر، وقد ذكر الله تعالى أَنه يُنْزِل منها ماءً ثجّاجاً. وقال أَبو إِسحق:
المُعْصِرات السحائب لأَنها تُعْصِرُ الماء، وقيل: مُعْصِرات كما يقال
أَجَنَّ الزرعُ إِذا صارَ إِلى أَن يُجنّ، وكذلك صارَ السحابُ إِلى اين
يُمْطِر فيُعْصِر؛ وقال البَعِيث في المُعْصِرات فجعلها سحائب ذوات
المطر:وذي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه
ذِهابُ الصَّبا، والمعْصِراتُ الدَّوالِحُ
والدوالحُ: من نعت السحاب لا من نعت الرياح، وهي التي أَثقلها الماء،
فهي تَدْلَحُ أَي تَمِْشي مَشْيَ المُثْقَل. والذِّهابُ: الأَمْطار، ويقال:
إِن الخير بهذا البلد عَصْرٌ مَصْرٌ أَي يُقَلَّل ويُقطَّع.
والإِعْصارُ: الريح تُثِير السحاب، وقيل: هي التي فيها نارٌ، مُذَكَّر.
وفي التنزيل: فأَصابها إِعْصارٌ فيه نارٌ فاحترقت، والإِعْصارُ: ريح
تُثِير سحاباً ذات رعد وبرق، وقيل: هي التي فيها غبار شديد. وقال الزجاج:
الإِعْصارُ الرياح التي تهب من الأَرض وتُثِير الغبار فترتفع كالعمود إِلى
نحو السماء، وهي التي تُسَمِّيها الناس الزَّوْبَعَة، وهي ريح شديدة لا
يقال لها إِعْصارٌ حتى تَهُبّ كذلك بشدة؛ ومنه قول العرب في أَمثالها: إِن
كنتَ رِيحاً فقد لاقيت إِعْصاراً؛ يضرب مثلاً للرجل يلقى قِرْنه في
النَّجْدة والبسالة. والإِعْصارُ والعِصارُ: أَن تُهَيِّج الريح التراب
فترفعه. والعِصَارُ: الغبار الشديد؛ قال الشماخ:
إِذا ما جَدَّ واسْتَذْكى عليها،
أَثَرْنَ عليه من رَهَجٍ عِصَارَا
وقال أَبو زيد: الإِعْصارُ الريح التي تَسْطَع في السماء؛ وجمع
الإِعْصارِ أَعاصيرُ؛ أَنشد الأَصمعي:
وبينما المرءُ في الأَحْياء مُغْتَبِطٌ،
إِذا هو الرَّمْسُ تَعْفوه الأَعاصِيرُ
والعَصَر والعَصَرةُ: الغُبار. وفي حديث أَبي هريرة، رضي الله عنه: أَنّ
امرأَة مرَّت به مُتَطَيِّبة بذَيْلِها عَصَرَةٌ، وفي رواية: إِعْصار،
فقال: أَينَ تُرِيدين يا أَمَةَ الجَبّارِ؟ فقالت: أُريدُ المَسْجِد؛
أَراد الغُبار أَنه ثارَ من سَحْبِها، وهو الإِعْصار، ويجوز أَن تكون
العَصَرة من فَوْحِ الطِّيب وهَيْجه، فشبّهه بما تُثِير الرياح، وبعض أَهل
الحديث يرويه عُصْرة والعَصْرُ: العَطِيَّة؛ عَصَرَه يَعْصِرُه: أَعطاه؛ قال
طرفة:
لو كان في أَمْلاكنا واحدٌ،
يَعْصِر فينا كالذي تَعْصِرُ
وقال أَبو عبيد: معناه أَي يتخذ فينا الأَيادِيَ، وقال غيره: أَي
يُعْطِينا كالذي تُعْطِينا، وكان أَبو سعيد يرويه: يُعْصَرُ فينا كالذي
يُعْصَرُ أَي يُصابُ منه، وأَنكر تَعْصِر. والاعْتِصَارُ: انْتِجَاعُ العطية.
واعْتَصَرَ من الشيء: أَخَذَ؛ قال ابن أَحمر:
وإِنما العَيْشُ بِرُبَّانِهِ،
وأَنْتَ مِن أَفْنانِه مُعْتَصِرْ
والمُعْتَصِر: الذي يصيب من الشيء ويأْخذ منه. ورجل كَريمُ المُعْتَصَرِ
والمَعْصَرِ والعُصارَةِ أَي جَوَاد عند المسأَلة كريم. والاعْتِصارُ:
أَن تُخْرِجَ من إِنسان مالاً بغُرْم أَو بوجهٍ غيرِه؛ قال:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى ولم يَعْتَصِرْ
وكل شيء منعتَه، فقد عَصَرْتَه. وفي حديث القاسم: أَنه سئل عن
العُصْرَةِ للمرأَة، فقال: لا أَعلم رُخِّصَ فيها إِلا للشيخ المَعْقُوفِ
المُنْحَنِي؛ العُصْرَةُ ههنا: منع النبت من التزويج، وهو من الاعْتِصارِ
المَنْع، أَراد ليس لأَحد منعُ امرأَة من التزويج إِلا شيخ كبير أَعْقَفُ له بنت
وهو مضطر إِلى استخدامها. واعْتَصَرَ عليه: بَخِلَ عليه بما عنده ومنعه.
واعْتَصَر مالَه: استخرجه من يده. وفي حديث عمر بن الخطاب، رضي الله
عنه: أَنه قضى أَن الوالد يَعْتَصِرُ ولَدَه فيما أَعطاه وليس للولَد أَن
يَعتَصِرَ من والده، لفضل الوالد على الولد؛ قوله يَعْتَصِرُ ولده أَي له
أَن يحبسه عن الإِعطاء ويمنعه إِياه. وكل شيء منعته وحبسته فقد
اعْتَصَرْتَه؛ وقيل: يَعْتَصِرُ يَرْتَجِعُ. واعْتَصَرَ العَطِيَّة: ارْتَجعها،
والمعنى أَن الوالد إِذا أَعطى ولده شيئاً فله أَن يأْخذه منه؛ ومنه حديث
الشَّعْبي: يَعْتَصِرُ الوالد على ولده في ماله؛ قال ابن الأَثير: وإِنما
عداه يعلى لأَنه في معنى يَرْجِعُ عليه ويعود عليه. وقال أَبو عبيد:
المُعْتَصِرُ الذي يصيب من الشيء يأْخذ منه ويحبسه؛ قال: ومنه قوله تعالى: فيه
يُغَاثُ الناسُ وفيه يَعْصِرُون. وحكى ابن الأَعرابي في كلام له: قومٌ
يَعْتَصِرُونَ العطاء ويَعِيرون النساء؛ قال: يَعْتَصِرونَه يَسْترجعونه
بثوابه. تقول: أَخذت عُصْرَتَه أَي ثوابه أَو الشيء نَفسَه. قال:
والعاصِرُ والعَصُورُ هو الذي يَعْتَصِرُ ويَعْصِرُ من مال ولده شيئاً بغير
إِذنه. قال العِتريفِيُّ: الاعْتِصَار أَن يأْخذ الرجال مال ولده لنفسه أَو
يبقيه على ولده؛ قال: ولا يقال اعْتَصَرَ فلانٌ مالَ فلان إِلا أَن يكون
قريباً له. قال: ويقال للغلام أَيْضاً اعْتَصَرَ مال أَبيه إِذا أَخذه.
قال: ويقال فلان عاصِرٌ إِذا كان ممسكاً، ويقال: هو عاصر قليل الخير، وقيل:
الاعْتِصَارُ على وجهين: يقال اعْتَصَرْتُ من فلان شيئاً إِذا أَصبتَه
منه، والآخر أَن تقول أَعطيت فلاناً عطية فاعْتَصَرْتُها أَي رجعت فيها؛
وأَنشد:
نَدِمْتُ على شيء مَضَى فَاعْتَصَرْتُه،
وللنَّحْلَةُ الأُولى أَعَفُّ وأَكْرَمُ
فهذا ارتجاع. قال: فأَما الذي يَمْنَعُ فإِنما يقال له تَعَصَّرَ أَي
تَعَسَّر، فجعل مكان السين صاداً. ويقال: ما عَصَرك وثَبَرَكَ وغَصَنَكَ
وشَجَرَكَ أَي ما مَنَعَك. وكتب عمر، رضي الله عنه، إِلى المُغِيرَةِ:
إِنَّ النساء يُعْطِينَ على الرَّغْبة والرَّهْبة، وأَيُّمَا امرأَةٍ
نَحَلَتْ زَوجَها فأَرادت أَن تَعْتَصِرَ فَهُوَ لها أَي ترجع. ويقال: أَعطاهم
شيئاً ثم اعْتَصَره إِذا رجع فيه. والعَصَرُ، بالتحريك، والعُصْرُ
والعُصْرَةُ: المَلْجَأُ والمَنْجَاة. وعَصَرَ بالشيء واعْتَصَرَ به: لجأَ
إِليه. وأَما الذي ورد في الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم، أَمر بلالاً أَن
يؤذن قبل الفجر لِيَعْتَصِرَ مُعْتَصِرُهُمْ؛ فإِنه أَراد الذي يريد أَن
يضرب الغائط، وهو الذي يحتاج إِلى الغائط ليَتَأَهَّبَ للصلاة قبل دخول
وقتها، وهو من العَصْر أَو العَصَر، وهو المَلْجأُ أَو المُسْتَخْفَى، وقد
قيل في قوله تعالى: فيه يُغَاثُ الناس وفيه يَعْصِرُون: إِنه من هذا،
أَي يَنْجُون من البلاء ويَعْتَصِمون بالخِصْب، وهو من العُصْرَة، وهي
المَنْجاة. والاعْتِصَارُ: الالتجاء؛ وقال عَدِي بن زيد:
لو بِغَيْرِ الماءِ حَلْقِي شَرِقٌ،
كنتُ كالغَصَّانِ بالماءِ اعْتِصَارِي
والاعْتِصار: أَن يَغَصَّ الإِنسان بالطعام فَيَعْتَصِر بالماء، وهو أَن
يشربه قليلاً قليلاً، ويُسْتَشْهد عليه بهذا البيت، أَعني بيت عدي بن
زيد.
وعَصَّرَ الزرعُ: نبتت أَكْمامُ سُنْبُلِه، كأَنه مأَخوذ من العَصَر
الذي هو الملجأُ والحِرْز؛ عن أَبي حنيفة، أَي تَحَرَّزَ في غُلُفِه،
وأَوْعِيَةُ السنبل أَخْبِيَتُه ولَفائِفُه وأَغْشِيَتُه وأَكِمَّتُه
وقبائِعُهُ، وقد قَنْبَعَت السُّنبلة وهي ما دامت كذلك صَمْعَاءُ، ثم تَنْفَقِئُ.
وكل حِصْن يُتحصن به، فهو عَصَرٌ. والعَصَّارُ: الملك الملجأُ.
والمُعْتَصَر: العُمْر والهَرَم؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
أَدركتُ مُعْتَصَرِي وأَدْرَكَني
حِلْمِي، ويَسَّرَ قائِدِي نَعْلِي
مُعْتَصَري: عمري وهَرَمي، وقيل: معناه ما كان في الشباب من اللهو
أَدركته ولَهَوْت به، يذهب إِلى الاعْتِصَار الذي هو الإِصابة للشيء والأَخذ
منه، والأَول أَحسن. وعَصْرُ الرجلِ: عَصَبته ورَهْطه. والعُصْرَة:
الدِّنْية، وهم موالينا عُصْرَةً أَي دِنْيَةً دون من سواهم؛ قال الأَزهري:
ويقال قُصْرَة بهذا المعنى، ويقال: فلان كريم العَصِير أَي كريم النسب؛ وقال
الفرزدق:
تَجَرَّدَ منها كلُّ صَهْبَاءَ حُرَّةٍ،
لِعَوْهَجٍ آوِ لِلدَّاعِرِيِّ عَصِيرُها
ويقال: ما بينهما عَصَرٌ ولا يَصَرٌ ولا أَعْصَرُ ولا أَيْصَرُ أَي ما
بينهما مودة ولا قرابة. ويقال: تَوَلَّى عَصْرُك أَي رَهْطك وعَشِيرتك.
والمَعْصُور: اللِّسان اليابس عطشما ً؛ قال الطرماح:
يَبُلُّ بمَعْصُورٍ جَنَاحَيْ ضَئِيلَةٍ
أَفَاوِيق، منها هَلَّةٌ ونُقُوعُ
وقوله أَنشده ثعلب:
أَيام أَعْرَقَ بي عَامُ المَعَاصِيرِ
فسره فقال: بَلَغَ الوسخُ إِلى مَعَاصِمِي، وهذا من الجَدْب؛ قال ابن
سيده: ولا أَدري ما هذا التفسير. والعِصَارُ: الفُسَاء؛ قال الفرزدق:
إِذا تَعَشَّى عَتِيقَ التَّمْرِ، قام له
تَحْتَ الخَمِيلِ عِصَارٌ ذو أَضَامِيمِ
وأَصل العِصَار: ما عَصَرَتْ به الريح من التراب في الهواء. وبنو عَصَر:
حَيّ من عبد القيس، منهم مَرْجُوم العَصَرَيّ. ويَعْصُرُ وأَعْصُرُ:
قبيلة، وقيل: هو اسم رجل لا ينصرف لأَنه مثل يَقْتُل وأَقتل، وهو أَبو قبيلة
منها باهِلَةُ. قال سيبويه: وقالوا باهِلَةُ بن أَعْصُر وإِنما سمي بجمع
عَصْرٍ، وأَما يَعْصُر فعلى بدل الياء من الهمزة، ويشهد بذلك ما ورد به
الخبر من أَنه إِنما سمي بذلك لقوله:
أَبُنَيّ، إِنّ أَباك غَيَّرَ لَوْنَه
كَرُّ الليالي، واخْتِلافُ الأَعْصُرِ
وعَوْصَرة: اسم. وعَصَوْصَرَ وعَصَيْصَر وعَصَنْصَر، كله: موضع؛ وقول
أَبي النجم:
لو عُصْرَ منه البانُ والمِسْكُ انْعَصَرْ
يريد عُصِرَ، فخفف. والعُنْصُرُ والعُنْصَرُ: الأَصل والحسب. وعَصَرٌ:
موضع. وفي حديث خيبر: سَلَكَ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في مَسِيرِه
إِليها على عَصَرٍ؛ هو بفتحتين، جبل بين المدينة ووادي الفُرْع، وعنده
مسجد صلى فيه النبي، صلى الله عليه وسلم.
طحن: الأَزهري: الطِّحْنُ الطَّحِينُ المَطْحُونُ، والطَّحْنُ الفعل،
والطِّحَانةُ فعل الطَّحّانِ. وفي إِسلام عمر، رضي الله عنه: فأَخرَجَنا
رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في صَفَّينِ له كَدِيدٌ ككَدِيدِ
الطَّحِينِ؛ ابن الأَثير: الكَدِيدُ الترابُ الناعم، والطَّحينُ المَطْحُون، فعيل
بمعنى مفعول. ابن سيده: طَحَنَه يَطْحَنُه طَحْناً، فهو مَطْحُون
وطَحِينٌ، وطَحَّنَه؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
عَيْشُها العِلْهزُ المُطَحَّنُ بالفَثْـ
ـثِ، وإيضاعُها القَعُودَ الوَسَاعا
والطِّحْنُ، بالكسر: الدقيق. والــطَّاحُونة والطَّحّانة: التي تدور
بالماء، والجمع الطَّواحِينُ. والطَّحّان: الذي يَلي الطَّحِينَ، وحِرْفته
الطِّحانةُ. الجوهري: طَحَنَتِ الرَّحَى تَطْحَنُ وطَحَنْتُ أَنا البُرَّ،
والطَّحْنُ المصدر، والــطَّاحونة الرَّحَى. وفي المثل: أَسمَعُ جَعْجَعَةً
ولا أَرى طِحْناً. والطَّواحِنُ: الأَضراسُ كلها من الإِنسان وغيره على
التشبيه، واحدتها طاحِنَة. الأَزهري: كل سنٍّ من الأَضراس طاحِنَة.
وكَتِيبة طَحُون: تَطْحَنُ كُلَّ شيء. والطُّحَنُ: على هيئة أُم حُبَيْن، إلا
أَنَّها أَلطف منها، تَشْتَالُ بذَنَبِها كما تَفْعَلُ الخَلِفَة من
الإِبل، يقول لها الصبيان: اطْحَني لنا جِرَابنا، فتَطْحَنُ بنفسها في الأَرض
حتى تغيب فيها في السهل ولا تَراها إلا في بَلُّوقَةٍ من الأَرض.
والطُّحَنُ: لَيْثُ عِفِرِّينَ؛ وقوله:
إذا رآني واحداً، أَو في عَيَنْ
يَعْرِفُني، أَطْرَقَ إِطْراقَ الطُّحَنْ.
إنما عنى إحدى هاتين الحشرتين؛ قال ابن بري: الرجز لجَندَلِ بن
المُثَنَّى الطُّهَوِيِّ. الأَزهري: الطُّحَنة دُويبة كالجُعَل، والجمع
الطُّحَنُ. قال: والطُّحَنُ يكون في الرمل، ويقال إنه الحُلَكُ ولا يُشْبِهُ
الجُعَلَ، وقال: قال أَبو خيرة الطُّحَنُ هو لَيْثُ عِفِرِّين مثل الفُستُقة،
لونه لون التراب يَندَسُّ في التراب؛ وقال غيره: هو على هيئة العِظَاية
يَشتالُ بذنبه كما تفعلُ الخَلِفَة من الإِبل، وحكى الأَزهري عن الأَصمعي
قال: الطُّحَنة دابة دون القُنفُذ، تكون في الرمل تظهر أَحياناً وتدور
كأَنها تَطْحَنُ، ثم تَغُوص، وتجتمع صبيان الأَعراب لها إذا ظهرت فيصيحون
بها: اطْحَني جِراباً
أَو جِرابَين. ابن سيده: والطُّحَنَة دويبة صُفيراءُ طرفِ الذنب
حَمراءِ، ليست بخالصة اللون، أَصغر رأْساً وجَسَداً من الحِرْباءِ، ذنبها طُول
إصبع، لا تَعَضُّ. وطَحَنَتِ الأَفْعَى الرملَ إذا رَقَّقَته ودخلت فيه
فغيبت نفسها وأَخرجت عينها، وتسمَّعى الطَّحُون. والطّاحِنُ: الثور القليل
الدَّوَران الذي في وَسَطِ الكُدْسِ. والطَّحّانةُ والطَّحُونُ: الإبل
إذا كانت رِفاقاً ومعها أَهلها؛ قال اللحياني: الطَّحُون من الغنم ثلثمائة؛
قال ابن سيده: ولا أَعلم أَحداً حكى الطَّحُونَ في الغنم غيره. الجوهري:
الطَّحَّانة والطَّحُون الإبل الكثيرة. والطُّحَنَةُ: القصير فيه لُوثة؛
عن الزجاجي. الأَزهري عن ابن الأَعرابي: إذا كان الرجل نهاية في
القِصَرِ فهو الطُّحَنة؛ قال ابن بري: وأَما الطويل الذي فيه لُوثَةٌ فيقال له
عُسْقُدٌ. قال: وقال ابن خالويه أَقْصَرُ القِصَارِ الطُّحَنَةُ، وأَطول
الطِّوالِ السَّمَرْ طُولُ. وحرب طَحُونٌ: تَطْحَنُ كل شيء. الأَزهري:
والطَّحُون اسم للحرب، وقيل: هي الكتيبة من كتائب الخيل إذا كانت ذات شوكة
وكثرة؛ قال الراجز:
حَواه حاوٍ، طالَ ما استباثا
ذُكورَها والطُّحَّنَ الإِناثا
(* قوله «والطحن الإناثا» كذا بالأصل مضبوطاً، ولم نجد الرجز في عبارة
الأزهري ولذلك لم ينطبق الشاهد على ما قبله). الجوهري: الطَّحُون الكتيبة
تَطْحَنُ ما لَقِيَتْ، قال: وحكى النضر عن الجَعْدِي قال: الطاحِنُ هو
الراكِسُ من الدَّقُوقَة التي تقوم في وَسَطِ الكُدْسِ. الجوهري: طَحَنَتِ
الأَفْعَى تَرَحَّتْ واستدارت، فهي مِطْحانٌ؛ قال الشاعر:
بخَرْشاءَ مِطْحانٍ كأَنَّ فَحِيحَها،
إذا فَزِعَتْ، ماءٌ هَرِيقَ على جَمْرِ.
والطَّحَّانُ إن جعلته من الطَّحْن أَجريته، وإن جعلته من الطَّحِّ أَو
الطَّحاءِ، وهو المنبسط من الأَرض، لم تُجْره؛ قال ابن بري: لا يكون
الطَّحَّان مصروفاً إلا من الطَّحْنِ، ووزنه فَعَّال، ولو جعلته من الطَّحاءِ
لكان قياسُه طَحْوان لا طَحَّان، فإِن جعلته من الطَّحِّ كان وزنه
فَعْلان لا فَعَّال.
قدس: التَّقْدِيسُ: تنزيه اللَّه عز وجل. وفي التهذيب: القُدْسُ تنزيه
اللَّه تعالى، وهو المتَقَدَّس القُدُّوس المُقَدَّس. ويقال: القُدُّوس
فَعُّول من القُدْس، وهو الطهارة، وكان سيبويه يقول: سَبُّوح وقَدُّوس،
بفتح أََوائلهما؛ قال اللحياني: المجتمع عليه في شُبُّوح وقُدُّوس الضم،
قال: وإِن فتحته جاز، قال: ولا أَدري كيف ذلك؛ قال ثعلب: كل اسم على
فَعُّول، فهو مفتوح الأَول مثل سَفُّود وكَلُّوب وسَمُّور وتَنُّور إِلا
السُّبُّوح والقُدُّوس، فإِن الضم فيهما الأَكثر، وقد يفتحان، وكذلك الذُّرُّوح،
بالضم، وقد يفتح. قال الأَزهري: لم يجئ في صفات اللَّه تعالى غير
القُدُّوس، وهو الطاهر المُنَزَّه عن العُيوب والنَّقائص، وفُعُّول بالضم من
أَبنية المبالغة، وقد تفتح القاف وليس بالكثير.
وفي حديث بلال بن الحرث: أَنه أَقْطَعَه حَيث يَصْلُح للزرع من قُدْس
ولم يُعْطِه حَقَّ مُسْلِمٍ؛ هو، بضم القاف وسكون الدال، جبل معروف، وقيل:
هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزِّراعة. وفي كتاب الأَمكنة أَنه قَرِيس؛
قيل: قَريس وقَرْس جَبَلان قُرْب المدينة والمشهورُ المَرْوِيّ في الحديث
الأَوّل، وأَما قَدَس، بفتح القاف والدال، فموضع بالشام من فتوح
شُرَحْبيل بن حَسَنة. والقُدُس والقُدْس، بضم الدال وسكونها، اسم ومصدر، ومنه
قيل للجنَّة: حَضِيرة القُدْس.
والتَقْدِيس: التَّطْهِير والتَّبْريك. وتَقَدَّس أَي تطهَّر. وفي
التنزيل: ونحن نُسَبِّحُ بحمدك ونُقَدِّس لك؛ الزجاج: معنى نُقدس لك أَي
نُطهِّر أَنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أَطاعك نُقَدِّسه أَي نطهِّره. ومن هذا
قيل للسَّطْل القَدَس لأَنه يُتَقدَّس منه أَي يُتَطَّهر. والقَدَس،
بالتحريك: السَّطْل بلغة أَهل الحجاز لأَنه يتطهر فيه. قال: ومن هذا بيت
المَقْدِس أَي البيت المُطَّهَّر أَي المكان الذي يُتطهَّر به من الذنوب. ابن
الكلبي: القُدُّوس الطاهر، وقوله تعالى: الملك القُدُّوس الطَّاهِر في صفة
اللَّه عز وجل، وقيل قَدُّوس، بفتح القاف، قال: وجاءَ في التفسير أَنه
المبارك. والقُدُّوس: هو اللَّه عز وجل. والقُدْسُ: البركة. والأَرض
المُقَدَّسة: الشام، منه، وبيت المَقْدِس من ذلك أَيضاً، فإِمّا أَن يكون على
حذف الزائد، وإِمّا أَن يكون اسماً ليس على الفِعْل كما ذهب إِليه سيبويه
في المَنْكِب، وهو يُخفَّف ويُثقَّل، والنسبة إِليه مَقْدِسِيّ مثال
مَجْلِسِيّ ومُقَدَّسِيٌّ؛ قال امرؤ القيس:
فأَدْرَكْنَه يأْخُذْنَ بالسَّاق والنَّسا،
كما شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوْبَ المُقَدِّسِي
والهاء في أَدْرَكْنَه ضميرُ الثَّور الوَحْشِيّ، والنون في أَدركنه
ضمير الكلاب، أَي أَدركتِ الكلاب الثورَ فأَخذن بساقه ونَساه وشَبْرَقَتْ
جلده كما شَبْرَقَ وِلْدان النَّصارى ثوبَ الرَّاهب المُقَدِّسِي، وهو الذي
جاء من بيت المَقْدِس فقطَّعوا ثيابه تبرُّكاً بها؛ والشَّبْرَقة:
تقطيعُ الثوب وغيره، وقيل: يعني بهذا البيت يهوديّاً.
ويقال للراهب مُقَدَّسٌ، وأَراد في هذا البيت بالمُقَدَّسِي الرَّاهِبَ،
وصبيانُ النصارى يتبرَّكون به وبِمَسْحِ مِسْحِه الذي هو لابِسُه، وأَخذ
خُيُوطِه منه حتى يَتَمَزَّقَ عنه ثوبه. والمُقَدِّس: الحَبْر ُ؛ وحكى
ابن الأَعرابي: لا قَدَّسه اللَّه أَي لا بارك عليه. قال: والمُقَدَّس
المُبارَك. والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة. وقال الفرَّاء: الأَرض
المقدَّسة الطاهرة، وهي دِمَشْق وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ. ويقال: أَرض مقدَّسة
أَي مباركة، وهو قول قتادة، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي؛ وقول العجاج:
قد عَلِمَ القُدُّوس، مَوْلى القُدْسِ،
أَنَّ أَبا العَبَّاس أَوْلى نَفْسِ
بِمَعْدن المُلْك القَديم الكِرْسِ
أَراد أَنه أَحقُّ نفسٍ بالخِلافة.
ورُوحُ القُدُس: جبريل، عليه السلام. وفي الحديث: إِن رُوحَ القُدُس
نَفَث في رُوعِي، يعني جبريل، عليه السلام، لأَنه خُلِق من طهارة. وقال
اللَّه عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وأَيَّدْناه
بِرُوحِ القُدُسِ؛ هو جبريل معناه رُوحُ الطهارة أَي خُلِق من طهارة؛ وقول
الشاعر:
لا نَومَ حتى تَهْبِطِي أَرضَ العُدُسْ،
وتَشْرَبي من خير ماءٍ بِقُدُسْ
أَراد الأَرض المقدَّسة. وفي الحديث: لا قُدِّستْ أُمَّة لا يُؤْخَذ
لضَعِيفها من قَوِيِّها أَي لا طُهِّرت. والقادِسُ والقَدَّاس: حصاة توضع في
الماء قَدْراً لِرِيِّ الإِبل، وهي نحو المُقْلَة للإِنسان، وقيل: هي
حَصاة يُقْسَمُ بها الماء في المفاوز اسم كالحَبَّان. غيره: القُدَاس الحجر
الذي يُنْصَبُ على مَصَبِّ الماء في الحَوْض وغيره. والقَدَّاس: الحجر
يُنْصَب في وسَط الحوض إِذا غَمَره الماء رَوِيَتِ الإِبل؛ وأَنشد أَبو
عمرو:
لا رِيَّ حتى يَتَوارى قَدَّاسُ،
ذاك الحُجَيْرُ بالإِزاء الخنَّاسْ
وقال:
نَئِفَتْ به، ولقَدْ أَرى قَدّاسَه
ما إِنْ يُوارى ثم جاء الهَيْثَمُ
نَئِفَ إِذا ارْتَوى. والقُداس، بالضم: شيء يعمل كالجُمان من فِضَّة؛
قال يصف الدُّمُوع:
تَجَدَّرَ دمعُ العَيْنِ منها، فَخِلْتُه
كَنَظْمِ قُداسٍ، سِلْكُه. مُتَقَطِّعُ
شبَّه تَحَدُّرَ دمعه بنظم القُداس إِذا انقطع سِلْكُه. والقَديسُ:
الدُّرُّ؛ يمانية.
والقادِس: السفينة، وقيل: السفينة العظيمة، وقيل: هو صِنْف من المراكب
معروف، وقيل: لَوْحٌ من أَلواحها؛ قال الهذلي:
وتَهْفُو بِهادٍ لَها مَيْلَعٍ،
كما أَقْحَم القادِسَ الأَرْدَمونا
وفي المحكم:
كما حَرَّك القادِسَ الأَرْدَمُونا
يعني المَلاَّحين. وتَهْفُو: تَمِيل يعني الناقةَ. والمَيْلَعُ: الذي
يتحرك هكذا وهكذا. والأَرْدَمُ: المَلاَّح الحاذِق. والقَوادِس: السُّفُن
الكِبار.
والقادس: البيتُ الحرام. وقادِسُ: بلدة بخُراسان، أَعجمي. والقادِسيَّة:
من بلاد العرب؛ قيل إِنما سميت بذلك لأَنها نزل بها قوم من أَهل قادس من
أَهل خُراسان، ويقال: إِن القادسيَّة دَعا لها إِبراهيم، على نبينا
وعليه الصلاة والسلام، بالقُدْسِ وأَن تكون مَحَلَّة الحاجِّ، وقيل:
القادسيَّة قرية بين الكوفة وعُذَيب. وقُدْس، بالتسكين: جبل، وقيل: جبل عظيم في
نَجْدٍ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإَنك حقًّا أَيَّ نَظْرة عاشِقٍ
نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دونها وَوَقيرُ
وقُدْسُ أَوارَة: جَبَلٌ أَيضا. غيره: قُدْس وآرةُ جبَلان في بلاد
مُزَيْنة معروفان بِحِذاء سُقْيا مزينة.
لولب: التهذيب في الثنائي في آخر ترجمة لبب: ويقال للماءِ الكثير يَحْمِلُ منه الـمِفْتَحُ ما يَسَعُه، فيَضِـيقُ صُنْبُورُه عنه من كثرته، فيستدير الماءُ عند فمه، ويصير كأَنه بُلْبُلُ آنِـيةٍ: لَولَبٌ؛ قال أَبو منصور: ولا أَدري أَعربي، أَم مُعَرَّب، غير أَن أَهل العراقِ وَلِعُوا باستعمال اللَّوْلَبِ. وقال الجوهري في ترجمة لوب: وأَما الـمِروَدُ ونحوُه فهو الـمُلَولَبُ، على مُفَوْعَل، وقال في ترجمة فولف: ومما جاءَ على بناءِ
فَوْلَفٍ: لَوْلَبُ الماءِ.
شطح: الشرنفح ! شطح ! المشفح
(* زاد في القاموس، والشرداح، بكسر فسكون:
الرجل اللحيم الرخو، والطويل العظيم من الإبل والنساء اهـ. قال الشارح:
ومثله السرداح، بالسين المهملة، كما تقدم. وزاد المجد أيضاً الشرنفح، أي
بفتح الشين والراء وسكون النون وفتح الفاء: الخفيف القدمين. وزاد أيضاً
شطح، بكسر أوله وثانيه المشدد: زجر للعريض من أولاد المعز؛ وزاد أيضاً
المشفح كمعظم: المحروم الذي لا يصيب شيئاً.)
رهك: رَهَكه يَرْهَكه رَهْكاً: جَشَّهُ بين حجرين. والرَّهْكة: الضعف.
يقال: أَرى فيه رَهْكةً أَي ضعفاً. ورجل رِهَكَةٌ ورَهَكَةٌ: ضعيف لا خير
فيه. وناقة رَهَكة: ضعيفة ليست بنجيبة. والإرْتِهَاكُ: استرخاء المفاصل
في المشي؛ قال:
حُيِّيتِ من هِرْكَوْلة ضِنَاكِ،
قامت تَهُزّ المشي في ارْتِهاكِ
الارْتِهاك: الضعف في المشي؛ وفلان يَرْتَهك في مشيته ويمشي في
ارْتِهَاكٍ. والرَّهْوَكةُ: كالارْتِهاكِ. والتَّرَهْوُك: مشيُ الذي كأنه يموج في
مشيته، وقد ترَهْوَك. ويقال: مرَّ الرجل يَتَرَهْوَكُ كأنه يموج في
مشيته، وفي حديث المتشاحنين: ارْهَكْ هذين حتى يصطلحا أي كَلِّفْهما
وأَلزِمْهما، من رَهَكْتُ الدابة إذا حملت عليها في السير وجهدتها. وفي النوادر:
أَرض رَهَكَة وهَيْلَة وهيْلاء وهارَةٌ وهَوْرةٌ وهَمِرَة وهَكَّة إذا
كانت لينةً خَبَاراً.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والثاني
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
بدس: بَدَسَه بِكَلِمَةٍ بَدْساً: رماه بها؛ عن كراع.
دلم: الأَدلَمُ: الشديد السواد من الرجال والأُسْدِ والحمير والجبال
والصَّخرِ في ملوسة، وقيل: هو الآدَمُ، وقد دَلِمَ دَلَماً. التهذيب:
الأَدْلَمُ من الرجال الطويلُ الأَسْودُ، ومن الجبل كذلك في مُلُوسَةِ الصَّخْر
غير جِدّ شديد السواد؛ قال رؤبة يصف فيلاً:
كان دَمْخاً ذا الهِضابِ الأَدْلَمَا
وقال ابن الأَعرابي: الأَدْلَمُ من الألوان الأَدْغَمُ. وقال شمر: رجل
أَدْلَمُ وجبل أَدْلَمُ، وقد دَلِمَ دَلَماً، وقد ادْلامَّ الرجلُ والحمار
ادْلِيماماً؛ وقول عنترة:
ولقد هَمَمْتُ بِغارةٍ في ليلةٍ
سَوْداءَ حالِكةٍ، كلَوْنِ الأَدْلَمِ
قالوا: الأَدْلَمُِ ههنا الأَرَنْدَجُ. ويقال للحية الأسود: أَدْلَمُ.
ويقال: الأَدْلامُ أَولاد الحيّات، واحدها دُلْمٌ. ومن أَمثالهم: أشدُّ من
دَلَمٍ؛ يقال: إنه يشبه الحيَّة يكون بناحية الحجاز؛ الدَّلَمُ يشبه
الطَّبُّوعَ وليس بالحية.
والدَّلْماءُ: ليلة ثلاثين من الشهر لسوادها.
والدَّلامُ: السواد؛ عن السيرافي. والدَّلامُ: الأسود؛ قال: وإياه عنى
سيبويه بقوله: انْعَتْ دَلاماً.
جرن: الجِرانُ: باطن العُنُق، وقيل: مُقدَّم العنق من مذبح البعير إلى
منحره، فإذا برَك البعيرُ ومدّ عنُقَه على الأَرض قيل: أَلقى جِرانَه
بالأَرض. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: حتى ضرَب الحقُّ بجِرانِه، أَرادت
أَن الحقَّ استقام وقَرَّ في قَراره، كما أَن البعير إذا بَرَك واستراح
مدّ جِرانَه على الأَرض أَي عُنُقَه. الجوهري: جِرانُ البعير مقدَّم عُنقه
من مذبحه إلى منحره، والجمع جُرُنٌ، وكذلك من الفرس. وفي الحديث: أَن
ناقتَه، عليه السلام، تَلَحْلحَتْ عند بيت أَبي أَيوب وأَرْزَمتْ ووَضَعتْ
جِرانَها؛ الجِران: باطن العُنق. اللحياني: أَلقى فلانٌ على فلان أَجْرانه
وأَجرامَه وشَراشِره، الواحد جِرْمٌ
وجِرْنٌ، إنما سمعتُ في الكلام أَلقى عليه جِرانَه، وهو باطن العُنق،
وقيل: الجِران هي جلدة تَضْطرب على باطِن العنق من ثُغْرة النحر إلى منتهى
العُنق في الرأْس؛ قال:
فَقَدَّ سَراتَها والبَرْكَ منها،
فخَرَّتْ لليَدَيْنِ وللجِرانِ.
والجمع أَجْرِنة وجُرنٌ. وفي الحديث: فإذا جملان يَصْرفان فدَنا منهما
فوَضَعا جُرُنهما على الأَرض؛ واستعار الشاعر الجِران للإنسان؛ أَنشد
سيبويه:
مَتى تَرَ عَيْنَيْ مالكٍ وجِرانَه
وجَنْبَيه، تَعْلمْ أَنه غيرُ ثائرِ.
وقول طرَفة في وصف ناقة:
وأَجرِنةٍ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ.
إنما عظَّم صدرَها فجعل كلَّ جزء منه جِراناً كما حكاه سيبويه من قولهم
للبعير ذو عَثانين. وجِران الذكَر: باطنُه، والجمع أَجرِنةٌ وجُرُنٌ.
وجَرَنَ الثوبُ والأَديمُ يَجْرُن جُروناً، فهو جارِن وجَرين: لان وانسحق،
وكذلك الجلد والدرع والكتاب إذا درَس، وأَدِيم جارِن؛ وقال لبيد يصف
غَرْبَ السانية:
بمُقابَلٍ سَرِبِ المَخارِزِ عِدْلُه،
قَلِقُ المَحالةِ جارِنٌ مَسْلومُ.
قال ابن بري يصف جِلداً عُمل منه دَلوٌ. والجارِنُ: الليِّن،
والمَسْلوم: المدبوغ بالسَّلَم. قال الأَزهري: وكلُّ سِقاءٍ قد أَخلَق أَو ثوب فقد
جَرَن جُروناً، فهو جارِن. وجَرَن فلانٌ على العَذْلِ ومَرَن ومَرَدِ
بمعنى واحد. ويقال للرجل والدابة إذا تعَوَّد الأَمرَ ومَرَن عليه: قد
جَرَنَ يَجْرُن جُروناً؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:
سَلاجِم يَثْرِبَ الأُولى،
عليها بيَثْرِبَ كرَّةٌ بعد الجُرونِ.
أَي بعد المُرون. والجارِنة: الليِّنة من الدروع. أَبو عمرو: الجارِنة
المارِنة. وكلُّ ما مَرَن فقد جَرَن؛ قال لبيد يصف الدروع:
وجَوارِن بيض، وكلّ طِمرَّةٍ
يَعْدُو عليها القَرَّتَيْن غُلام.
يعني دُروعاً ليِّنة. والجارِن: الطريق الدارِس. والجَرَنُ: الأَرض
الغليظة؛ وأَنشد أَبو عمرو لأَبي حبيبة الشيباني:
تَدَكَّلَتْ بَعْدي وأَلْهَتْها الطُّبَنْ،
ونحنُ نَغْدو في الخَبار والجَرَنْ،
ويقال: هو مبدل من الجَرَل. وجَرَنَت يدُه على العمل جُروناً: مرنَت.
والجارِن من المتاع: ما قد اسْتُمْتِع به وبَلْيَ. وسِقاءٌ جارِن: يَبِس
وغلُظ من العمل. وسَوْطٌ مُجَرَّن: قد مَرَن قَدُّه. والجَرين: موضع
البُرّ، وقد يكون للتمر والعنب، والجمع أَجرِنة وجُرُن، بضمتين، وقد أَجرَن
العنبَ. والجَرينُ: بَيْدَر الحَرْث يُجْدَر أَو يُحْظَر عليه. والجُرْنَ
والجَرين: موضع التمر الذي يُجَفَّف فيه. وفي حديث الحدود: لا قَطْعَ في
ثمر حتى يُؤْوِيَهُ الجَرينُ؛ هو موضع تجفيف الثمر، وهو له كالبَيدر
للحنطة، وفي حديث أُبَيّ مع الغول: أَنه كان له جُرُنٌ من تمر. وفي حديث ابن
سيرين في المُحاقَلة: كانوا يشترطُون قُمامةَ الجُرُنِ، وقيل: الجَرينُ
موضع البَيْدر بلغة اليمن. قال: وعامَّتُهم يَكسِر الجيمَ، وجمعه جُرُنٌ.
والجَرينُ: الطِّحْنُ، بلغة هُذيل؛ وقال شاعرهم:
ولِسَوْطِه زَجَلٌ، إذا آنَسْتَه
جَرَّ الرَّحى بجَرينِها المَطْحونِ.
الجَرين: ما طَحَنتَه، وقد جُرِنَ الحبُّ جَرْناً شديداً. والجُرْنُ:
حجر منقورُ يُصبُّ فيه الماء فيُتوضأُ به، وتسميه أَهلُ المدينة المِهْراسَ
الذي يُتَطهَّر منه. والجارِنُ: ولدُ الحية من الأَفاعي. التهذيب:
الجارن ما لانَ من أَولاد الأَفاعي. قال ابن سيده: والجِرْنُ الجسم، لغة في
الجِرْم زعموا؛ قال: وقد تكون نونه بدلاً من ميم جِرْم، والجمع أَجْران،
قال: وهذا مما يقوي أَن النون غير بدل لأَنه لا يكاد يُتصرَّف في البلد هذا
التصرف. وأَلقى عليه أَجرانَه وجِرانه أَي أَثقاله. وجِرانُ العَوْدِ:
لقَب لبعض شعراء العرب؛ قال الجوهري: هو من نُمير واسمه المُسْتورِد
(*
قوله «واسمه المستورد» غلطه الصاغاني حيث قال وإنما اسم جران العود بن
الحرث بن كلفة أي بالضم، وقيل كلفة بالفتح). وإنما لقِّب بذلك لقوله يخاطب
امرأَتيه:
خُذا حَذَراً، يا جارَتَيَّ، فإنَّني
رأَيتُ جِرانَ العَوْدِ قد كاد يَصْلَحُ.
أَراد بِجران العَوْد سوطاً قدَّه من جِران عَوْدٍ نَحَره وهو أَصلب ما
يكون. الأَزهري: ورأَيت العرب تسوَّي سياطها من جُرُن الجِمال البُزْل
لصَلابتِها، وإنما حذَّر امرأَتيه سوطَه لنُشوزهما عليه، وكان قد اتخذ من
جلد البعير سوْطاً ليضرب به نساءَه. وجَيرُون: باب من أَبواب دمشق، صانها
الله عز وجل. والجِرْيانُ: لغة في الجِرْيال، وهو صِبْغ أَحمر. والمجرين
(* قوله «والمجرين» هكذا في الأصل بدون ضبط).: الميت؛ عن كراع. وسفَر
مِجْرَنٌ: بعيد؛ قال رؤبة:
بعد أَطاوِيحِ السِّفار المِجْرن
قال ابن سيده: ولم أَجد له اشتقاقاً.
سرح: السَّرْحُ: المالُ السائم. الليث: السَّرْحُ المالُ يُسامُ في
المرعى من الأَنعام.
سَرَحَتِ الماشيةُ تَسْرَحُ سَرْحاً وسُرُوحاً: سامتْ. وسَرَحها هو:
أَسامَها، يَتَعَدَّى ولا يتعدى؛ قال أَبو ذؤَيب:
وكانَ مِثْلَيْنِ: أَن لا يَسْرَحُوا نَعَماً،
حيثُ اسْتراحَتْ مَواشِيهم، وتَسْرِيحُ
تقول: أَرَحْتُ الماشيةَ وأَنْفَشْتُها وأَسَمْتُها وأَهْمَلْتُها
وسَرَحْتُها سَرْحاً، هذه وحدها بلا أَلف. وقال أَبو الهيثم في قوله تعالى:
حين تُرِيحُونَ وحين تَسْرَحُونَ؛ قال: يقال سَرَحْتُ الماشيةَ أَي
أَخرجتها بالغَداةِ إلى المرعى. وسَرَحَ المالُ نَفْسُهُ إِذا رَعَى بالغَداةِ
إِلى الضحى.
والسَّرْحُ: المالُ السارحُ، ولا يسمى من المال سَرْحاً إِلاَّ ما
يُغْدَى به ويُراحُ؛ وقيل: السَّرْحُ من المال ما سَرَحَ عليك.
يقال: سَرَحَتْ بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ، ويقال: سَرَحْتُ أَنا
أَسْرَحُ سُرُوحاً أَي غَدَوْتُ؛ وأَنشد لجرير:
وإِذا غَدَوْتُ فَصَبَّحَتْك تحِيَّةٌ،
سَبَقَتْ سُرُوحَ الشَّاحِجاتِ الحُجَّلِ
قال: والسَّرْحُ المال الراعي. وقول أَبي المُجِيبِ ووصف أَرضاً
جَدْبَةً: وقُضِمَ شَجرُها والتَقى سَرْحاها؛ يقول: انقطع مَرْعاها حتى التقيا
في مكان واحد، والجمع من كل ذلك سُرُوحٌ.
والمَسْرَحُ، بفتح الميم: مَرْعَى السَّرْح، وجمعه المَسارِحُ؛ ومنه
قوله:
إِذا عاد المَسارِحُ كالسِّباحِ
وفي حديث أُم زرع: له إِبلٌ قليلاتُ المسارِحِ؛ هو جمع مَسْرَح، وهو
الموضع الذي تَسْرَحُ إِليه الماشيةُ بالغَداة للرَّعْيِ؛ قيل: تصفه بكثرة
الإِطْعامِ وسَقْيِ الأَلبان أَي أَن إِبله على كثرتها لا تغيب عن الحيِّ
ولا تَسْرَحُ في المراعي البعيدة، ولكنها باركة بفِنائه ليُقَرِّب
للضِّيفان من لبنها ولحمها، خوفاً من أَن ينزل به ضيفٌ، وهي بعيدة عازبة؛ وقيل:
معناه أَن إَبله كثيرة في حال بروكها، فإِذا سَرَحت كانت قليلة لكثرة ما
نُحِرَ منها في مَباركها للأَضياف؛ ومنه حديث جرير: لا يَعْزُب سارِحُها
أَي لا يَبْعُدُ ما يَسْرَحُ منها إِذا غَدَت للمرعى. والسارحُ: يكون
اسماً للراعي الذي يَسْرَحُ الإِبل، ويكون اسماً للقوم الذين لهم السَّرْحُ
كالحاضِرِ والسَّامِر وهما جميعٌ. وما له سارحةٌ ولا رائحة أَي ما له
شيءٌ يَرُوحُ ولا يَسْرَحُ؛ قال اللحياني: وقد يكون في معنى ما له قومٌ.
وفي كتاب كتبه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لأُكَيْدِر دُومةِ
الجَنْدَلِ: لا تُعْدَلُ سارِحَتُم ولا تُعَدُّ فارِدَتُكم. قال أَبو عبيد: أَراد
أَن ماشيتهم لا تُصْرَفُ عن مَرْعًى تريده. يقال عَدَلْتُه أَي صرفته،
فَعَدَلَ أَي انصرف. والسارحة: هي الماشية التي تَسْرَحُ بالغداة إِلى
مراعيها.
وفي الحديث الآخر: ولا يُمْنَعُ سَرْحُكم؛ السَّرْحُ والسارحُ والسارحة
سواء: الماشية؛ قال خالد بن جَنْبَةَ: السارحة الإِبل والغنم. قال:
والسارحة الدابة الواحدة، قال: وهي أَيضاً الجماعة. والسَّرْحُ: انفجار البول
بعد احتباسه.
وسَرَّحَ عنه فانْسَرَحَ وتَسَرَّحَ: فَرَّجَ. وإِذا ضاق شيءٌ
فَفَرَّجْتَ عنه، قلت: سَرَّحْتُ عنه تسريحاً؛ قال العجاج:
وسَرَّحَتْ عنه، إِذا تَحَوَّبا،
رَواجِبُ الجَوْفِ الصَّهِيلَ الصُّلَّبا
ووَلَدَتْه سُرُحاً أَي في سُهولة. وفي الدعاء: اللهم اجعَلْه سهلاً
سُرُحاً. وفي حديث الفارعة: أَنها رأَت إِبليس ساجداً تسيل دموعه كسُرُحِ
الجَنِينِ؛ السُّرُحُ: السهل. وإِذا سَهُلت ولادة المرأَة، قيل: وَلَدَتْ
سُرُحاً. والسُّرُحُ والسَّرِيحُ: إِدْرارُ البول بعد احتباسه؛ ومنه حديث
الحسن: يا لها نِعْمَةً، يعني الشَّرْبة من الماء، تُشْرَبُ لذةً وتخرج
سُرُحاً أَي سهلاً سريعاً.
والتسريحُ: التسهيل. وشيءٌ سريح: سهل.
وافْعَل ذلك في سَراحٍ وَرواحٍ أَي في سهولة.
ولا يكون ذلك إِلاَّ في سَريح أَي في عَجَلة. وأَمرٌ سَرِيحٌ: مُعَجَّلٌ
والاسم منه السَّراحُ، والعرب تقول: إِن خَيْرَك لفي سَرِيح، وإِن
خَيْرَك لَسَريحٌ؛ وهو ضد البطيء.
ويقال: تَسَرَّحَ فلانٌ من هذا الكان إِذا ذهب وخرج. وسَرَحْتُ ما في
صدري سَرْحاً أَي أَخرجته. وسمي السَّرْحُ سَرْحاً لأَنه يُسَْحُ فيخرُجُ؛
وأَنشد:
وسَرَحْنا كلَّ ضَبٍّ مُكْتَمِنْ
والتسريحُ: إِرسالك رسولاً في حاجة سَراحاً. وسَرَّحْتُ فلاناً إِلى
موضع كذا إِذا أَرْسلته. وتَسْرِيحُ المرأَة: تطليقُها. والاسم السِّراحُ،
مثل التبليغ والبلاغ. وتَسْرِيحُ دَمِ العِرْقِ المفصود: إِرساله بعدما
يسيل منه حين يُفْصَد مرة ثانية. وسمى الله، عز وجل، الطلاق سَراحاً، فقال:
وسَرِّحُوهنّ سَراحاً جميلاً؛ كما سماه طلاقاً من طَلَّقَ المرأَة،
وسماه الفِرَاقَ، فهذه ثلاثة أَلفاظ تجمع صريح الطلاق الذي لا يُدَيَّنُ فيها
المُطَلِّقُ بها إِذا أَنكر أَن يكون عنى بها طلاقاً، وأَما الكنايات
عنها بغيرها مثل البائنة والبتَّةِ والحرام وما أَشبهها، فإِنه يُصَدَّق
فيها مع اليمين أَنه لم يرد بها طلاقاً. وفي المثل: السَّراحُ من النَّجاح؛
إِذا لم تَقْدِرْ على قضاء حاجة الرجل فأَيِّسْه فإِن ذلك عنده بمنزلة
الإِسعاف. وتَسْرِيحُ الشَّعر: إِرساله قبل المَشْطِ؛ قال الأَزهري:
تَسْرِيحُ الشعر ترجيله وتخليص بعضه من بعض بالمشط؛ والمشط يقال له: المِرجل
والمِسرح، بكسر الميم. والمَسْرَحُ، بفتح الميم: المرعى الذي تَسْرَحُ فيه
الدواب للرّعي. وفرسٌ سَريح أَي عُرْيٌ، وخيل سُرُحٌ وناقةٌ سُرُحٌ
ومُنْسَرِحة في سيرها أَي سريعة؛ قال الأَعشى:
بجُلالةٍ سُرُحٍ، كأَنَّ بغَرْزِها
هِرّاً، إِذا انتَعَل المَطِيُّ ظِلالَها
ومِشْيَةٌ سُرُحُ مثل سُجُح أَي سهلة.
وانْسَرَحَ الرجلُ إِذا استلقى وفَرَّجَ بين رجليه: وأَما قول حُمَيْد
بن ثور:
أَبى اللهُ إِلاَّ أَنَّ سَرْحَةَ مالكٍ،
على كلِّ أَفْنانِ العِضاهِ، تَرُوقُ
فإِنما كنى بها عن امرأَة. قال الأَزهري: العرب تكني عن المرأَة
بالسَّرْحةِ النابتة على الماء؛ ومنه قوله:
يا سَرْحةَ الماءِ قد سُدَّتْ موارِدُه،
أَما إِليكِ طريقٌ غيرُ مسْدُودِ
لحائمٍ حامَ حتى لا حَراكَ به،
مُحَّلإٍ عن طريقِ الوِرْدِ، مَرْدودِ
كنى بالسَّرْحةِ النابتة على الماء عن المرأَة لأَنها حينئذٍ أَحسن ما
تكن؛ وسَرْحةٌ في قول لبيد:
لمن طَلَلٌ تَضَّمَنهُ أُثالُ،
فَسَرْحةُ فالمَرانَةُ فالخَيالُ؟
هو اسم موضع
(* قوله «هو اسم موضع» مثله في الجوهري وياقوت. وقال المجد:
الصواب شرجة، بالشين والجيم المعجمتين. والحِمال، بكسر الحاء المهملة
والباء الموحدة.).
والسَّرُوحُ والسُّرُحُ من الإِبل: السريعةُ المشي.
ورجل مُنْسَرِحٌ: متجرِّد؛ وقيل: قليل الثياب خفيف فيها، وهو الخارج من
ثيابه؛ قال رؤبة:
مُنْسَرِحٌ إِلاَّ ذَعاليب الخِرَقْ
والمُنْسَرِحُ: الذي انْسَرَحَ عنه وَبَرُه. والمُنْسَرِحُ: ضربٌ من
الشِّعْر لخفته، وهو جنس من العروض تفعيله: مستفعلن مفعولات مستفعلن ست
مرات. ومِلاطٌ سُرُحُ الجَنْبِ: مُنْسَرِحٌ للذهاب والمجيء؛ يعني بالملاط
الكَتِفَ، وفي التهذيب: العَضُد؛ وقال كراع: هو الطين؛ قال ابن سيده: ولا
أَدري ما هذا. ابن شميل: ابنا مِلاطَي البعير هما العَضُدانِ، قال:
والملاطان ما عن يمين الكِرْكِرَةِ وشمالها.
والمِسْرَحةُ: ما يُسَرَّحُ به الشعَر والكَتَّان ونحوهما. وكل قطعة من
خرقة متمزقة أَو دم سائل مستطيل يابس، فهو ما أَشبهه سَرِيحة، والجمع
سَرِيحٌ وسَرائِحُ. والسَّريحة: الطريقة من الدم إِذا كانت مستطيلة؛ وقال
لبيد:
بلَبَّته سَرائِحُ كالعَصيمِ
قال: والسَّريحُ السيرُ الذي تُشَدُّ به الخَدَمَةُ فوق الرُّسْغ.
والسَّرائح والسُّرُح: نِعالُ الإِبل؛ وقيل: سِيُورُ نِعالها، كلُّ سَيرٍ منها
سَريحة؛ وقيل: السيور التي يُخْصَفُ بها، واحدتها سَرِيحة، والخِدامُ
سُيُورٌ تُشَدُّ في الأَرْساغ، والسَّرائِحُ: تُشَدُّ إِلى الخَدَم.
والسَّرْحُ: فِناءُ الباب. والسَّرْحُ: كل شجر لا شوك فيه، والواحدة سَرْحة؛
وقيل: السَّرْحُ كلُّ شجر طال.
وقال أَبو حنيفة: السَّرْحةُ دَوْحة مِحْلالٌ واسِعةٌ يَحُلُّ تحتها
الناسُ في الصيف، ويَبْتَنُون تحتها البيوت، وظلها صالح؛ قال الشاعر:
فيا سَرْحةَ الرُّكْبانِ، ظِلُّك بارِدٌ،
وماؤُكِ عَذْب، لا يَحِلُّ لوارِدِ
(* قوله «لا يحل لوارد» هكذا في الأَصل بهذا الضبط وشرح القاموس وانظره
فلعله لا يمل لوارد.)
والسَّرْحُ: شجر كبار عظام طِوالٌ لا يُرْعَى وإِنما يستظل فيه. وينبت
بنَجدٍ في السَّهْل والغَلْظ، ولا ينبت في رمل ولا جبل، ولا يأْكله المالُ
إِلاَّ قليلاً، له ثمر أَصفر، واحدته سَرْحة، ويقال: هو الآءُ، على وزن
العاعِ، يشبه الزيتون، والآءُ ثمرةُ السَّرْح؛ قال: وأَخبرني أَعرابي
قال: في السَّرْحة غُبْرَةٌ وهي دون الأَثْلِ في الطول، ووَرَقُها صغار، وهي
سَبْطَة الأَفْنان. قال: وهي مائلة النِّبتة أَبداً ومَيلُها من بين
جميع الشجر في شِقّ اليمين، قال: ولم أَبْلُ على هذا الأَعرابي كذباً.
الأَزهري عن الليث: السَّرْحُ شجر له حَمْل وهي الأَلاءَة، والواحدة سرحة؛ قال
الأَزهري: هذا غلط ليس السرح من الأَلاءَة في شيء. قال أَبو عبيد:
السَّرْحة ضرب من الشجر، معروفة؛ وأَنشد قول عنترة:
بَطَلٌ، كأَنَّ ثِيابَه في سَرْحةٍ،
يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ، ليس بتَؤْأَمِ
يصفه بطول القامة، فقد بيَّن لك أَن السَّرْحَة من كبار الشجر، أَلا ترى
أَنه شبه به الرجل لطوله، والأَلاء لا ساق له ولا طول؟ وفي حديث ابن عمر
أَنه قال: إِنَّ بمكان كذا وكذا سَرْحةً لم تُجْرَدْ ولم تُعْبَلْ،
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً؛ وهذا يدل على أَن السَّرْحةَ من عظام الشجر؛ ورواه
ابن الأَثير: لم تُجْرَدْ ولم تُسْرَحْ، قال: ولم تُسْرَحْ لم يصبها
السَّرْحُ فيأْكل أَغصانها وورقها، قال: وقيل هو مأْخوذ من لفظ السَّرْحة،
أَراد: لم يؤْخذ منها شيء، كما يقال: شَجَرْتُ الشجرةَ إِذا أَخذتُ
بعضَها. وفي حديث ظَبْيانَ: يأْكلون مُلاَّحها ويَرْعَوْنَ سِراحَها. ابن
الأَعرابي: السَّرْحُ كِبارُ الذَّكْوانِ، والذَّكْوانُ شجرٌ حَسَنُ
العَساليح. أَبو سعيد: سَرَحَ السيلُ يَسْرَحُ سُرُوحاً وسَرْحاً إِذا جرى جرياً
سهلاً، فهو سيلٌ سارحٌ؛ وأَنشد:
ورُبَّ كلِّ شَوْذَبِيٍّ مُنْسَرِحْ،
من اللباسِ، غيرَ جَرْدٍ ما نُصِحْ
(* قوله «وأَنشد ورب كل إلخ» حق هذا البيت أَن ينشد عند قوله فيما مر
ورجل منسرح متجرد كما استشهد به في الأَساس على ذلك وهو واضح.)
والجَرْدُ: الخَلَقُ من الثياب. وما نُصِحَ أَي ما خيط.
والسَّرِيحةُ من الأَرض: الطريقة الظاهرة المستوية في الأَرض ضَيِّقةً؛
قال الأَزهري: وهي أَكثر نبْتاً وشجراً مما حولها وهي مُشرفة على ما
حولها، والجمع السَّرائح، فتراها مستطيلة شَجِيرة وما حولها قليل الشجر،
وربما كانت عَقَبة. وسَرائحُ السهم: العَقَبُ الذي عُقِبَ به؛ وقال أَبو
حنيفة: هي العَقَبُ الذي يُدْرَجُ على اللِّيطِ، واحدته سَرِيحة. والسَّرائحُ
أَيضاً: آثار فيه كآثار النار.
وسُرُحٌ: ماءٌ لبني عَجْلاَنَ ذكره ابن مقبل فقال:
قالت سُلَيْمَى ببَطْن القاعِ من سُرُحٍ
وسَرَحَه اللهُ وسَرَّحه أَي وَفَّقه الله؛ قال الأَزهري: هذا حرف غريب
سمعته بالحاء في المؤلف عن الإِيادي. والمَسْرَحانِ: خشبتانِ تُشَدَّانِ
في عُنُق الثور الذي يحرث به؛ عن أَبي حنيفة.
وسَرْحٌ: اسمٌ؛ قال الراعي:
فلو أَنَّ حَقَّ اليوم منكم أَقامَه،
وإِن كان سَرْحٌ قد مَضَى فَتَسَرَّعا
ومَسْرُوحٌ: قبيلة. والمَسْرُوحُ: الشرابُ، حكي عن ثعلب وليس منه على
ثقة.
وسِرْحانُ الحَوْضِ: وَسَطُه. والسِّرْحانُ: الذِّئبُ، والجمع سَراحٍ
(*
قوله «والجمع سراح» كثمان فيعرب منقوصاً كأنهم حذفوا آخره.) وسَراحِينُ
وسَراحِي، بغير نونٍ، كما يقالُ: ثَعَالِبٌ وثَعَالِي. قال الأَزهري:
وأَما السِّراحُ في جمع السِّرْحان فغير محفوظ عندي. وسِرْحانٌ: مُجْرًى من
أَسماء الذئب؛ ومنه قوله:
وغارةُ سِرْحانٍ وتقريبُ تَتْفُلِ
والأُنثى بالهاء والجمع كالجمع، وقد تجمع هذه بالأَلف والتاء.
والسِّرْحانُ والسِّيدُ الأَسدُ بلغة هذيل؛ قال أَبو المُثَلَّمِ يَرْثي صَخْر
الغَيّ:
هَبَّاطُ أَوْدِيَةٍ، حَمَّالُ أَلْوِيَةٍ،
شَهَّادُ أَنْدِيَةٍ، سِرْحانُ فِتْيانِ
والجمع كالجمع؛ وأَنشد أَبو الهيثم لطُفَيْلٍ:
وخَيْلٍ كأَمْثَالِ السِّراحِ مَصُونَةٍ،
ذَخائِرَ ما أَبقى الغُرابُ ومُذْهَبُ
قال أَبو منصور: وقد جاء في شعر مالك بن الحرث الكاهلي:
ويوماً نَقْتُلُ الآثارَ شَفْعاً،
فنَتْرُكُهمْ تَنُوبُهمُ السِّراحُ
شَفْعاً أَي ضِعف ما قتلوا وقِيسَ على ضِبْعانٍ وضِباعٍ؛ قال الأَزهري:
ولا أَعرف لهما نظيراً. والسِّرْحانُ: فِعْلانٌ من سَرَحَ يَسْرَحُ؛ وفي
حديث الفجر الأَول: كأَنه ذَنَبُ السِّرْحانِ؛ وهو الذئب، وقيل: الأَسد.
وفي المثل: سَقَط العَشاءُ
(* قوله «وفي المثل سقط العشاء إلخ» قال أَبو
عبيد أصله أن رجلاً خرج يلتمس العشاء فوقع على ذئب فأكله اهـ. من
الميداني.) به على سِرْحانٍ؛ قال سيبويه: النون زائدة، وهو فِعْلانٌ والجمع
سَراحينُ؛ قال الكسائي: الأُنثى سِرْحانة. والسِّرْحالُ: السِّرْحانُ، على
البدل عند يعقوب؛ وأَنشد:
تَرَى رَذايا الكُومُ فوقَ الخالِ
عِيداً لكلِّ شَيْهمٍ طِمْلالِ،
والأَعْوَرِ العينِ مع السِّرحالِ
وفرس سِرْياحٌ: سريع: قال ابن مُقْبل يصف الخيل:
من كلِّ أَهْوَجَ سِرْياحٍ ومُقْرَبةٍ،
نفات يوم لكال الورْدِ في الغُمَرِ
(* يحرر هذا الشطر والبيت الذي بعده فلم نقف عليهما.)
قالوا: وإِنما خص الغُمَرَ وسَقْيَها فيه لأَنه وصفها بالعِتْق وسُبُوطة
الخَدِّ ولطافة الأَفواه، كما قال:
وتَشْرَبُ في القَعْب الصغير، وإِن فُقِدْ،
لمِشْفَرِها يوماً إِلى الماء تنقد
(* هكذا في الأصل ولعله: وان تُقد بمشفرها تَنقد.)
والسِّرْياحُ من الرجال: الطويلُ. والسِّرياح: الجرادُ. وأُم سِرْياحٍ:
امرأَةٌ، مشتق منه؛ قال بعض أُمراء مكة، وقيل هو لدرَّاج بن زُرْعة:
إِذا أُمُّ سِرياحٍ غَدَتْ في ظَعائِنٍ
جَوَالِسَ نَجْداً، فاضتِ العينُ تَدْمَعُ
قال ابن بري: وذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم سِرْياح في غير هذا الموضع
كنية الجرادة. والسِّرياحُ: اسم الجراد. والجالسُ: الآتي نَجْداً.