بالفتح ثمّ التشديد، والمدّ: موضع في شعر الحسين بن مطير الأسدي:
ما خفت بينهم حتى غدوا خرقا ... وخدّرت دون من تهوى الهواديج
وأصبحت منهم ضبّاء خالية، ... كما خلت منهم الزّوراء فالعوج
عضب: العَضْبُ: القطع. عَضَبَه يَعْضِـبُه عَضْباً. قَطَعه. وتدعو العربُ على الرجل فتقول: ما له عَضَبَه اللّهُ؟ يَدْعونَ عليه بقَطْعِ يده ورجله. والعَضْبُ: السيفُ القاطع. وسَيْفٌ عَضْبٌ: قاطع؛ وُصِف بالمصدر.
ولسانٌ عَضْبٌ: ذَلِـيقٌ، مَثَلٌ بذلك.
وعَضَبَه بلسانه: تَناوَلَه وشَتمه. ورجل عَضَّابٌ: شَتَّام. وعَضُبَ
لسانُه، بالضم، عُضُوبة: صار عَضْباً أَي حَديداً في الكلام. ويُقال: إِنه لَـمَعْضُوب اللسانِ إِذا كان مَقْطُوعاً، عَيِـيِّاً، فَدْماً.
وفي مَثَل: إِنَّ الحاجةَ ليَعْضِـبُها طَلَبُها قَبْلَ وقْتِها؛ يقول: يَقْطَعُها ويُفْسدها. ويقال: إِنك لتَعْضِـبُني عن حاجتي أَي تَقْطَعُني عنها.
والعَضَبُ في الرُّمْحِ: الكسرُ. ويُقال: عَضَبْتُه بالرُّمْحِ أَيضاً:
وهو أَن تَشْغَلَه عنه. وقال غيره: عَضَبَ عليه أَي رجع عليه؛ وفلان يُعاضِبُ فلاناً أَي يُرادُّه؛ وناقة عَــضْباءُ: مَشْقُوقة الأُذُن، وكذلك الشاة؛ وجَملٌ أَعْضَبُ: كذلك.
والعَــضْباءُ من آذانِ الخَيْل: التي يُجاوز القَطْعُ رُبْعَها. وشاة
عَــضْباءُ: مكسورة القَرْن، والذَّكر أَعْضَبُ. وفي الصحاح: العَــضْباءُ الشاةُ المكسورةُ القَرْنِ الداخلِ، وهو الـمُشاشُ؛ ويقال: هي التي انكسر أَحدُ قَرْنيها، وقد عَضِـبَتْ، بالكسر، عَضَباً وأَعْضَبَها هو. وعَضَبَ القَرْنَ فانْعَضَبَ: قَطَعه فانْقَطَعَ؛ وقيل: العَضَبُ يكون في أَحد القَرْنَينِ. وكَبْشٌ أَعْضَبُ: بَيِّنُ العَضَبِ؛ قال الأَخطل:
إِنَّ السُّيُوفَ، غُدُوَّها ورَوَاحَها، * تَرَكَتْ هَوَازنَ مثلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ
ويُقال: عَضِبَ قَرْنُه عَضَباً. وفي الحديث عن النبـي، صلّى اللّه عليه وسلم: أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بالأَعْضَبِ القَرْنِ والأُذُنِ. قال أَبو عبيد: الأَعْضَبُ المكسورُ القَرْنِ الداخلِ؛ قال: وقد يكون العَضَبُ في الأُذن أَيضاً، فأَما المعروف، ففي القَرْن، وهو فيه أَكثر.
والأَعْضَبُ من الرجال: الذي ليس له أَخٌ، ولا أَحَدٌ؛ وقيل: الأَعْضَبُ الذي مات أَخوه؛ وقيل: الأَعْضَبُ من الرجال: الذي لا ناصِرَ له.
والـمَعضوبُ: الضعِـيفُ؛ تقول منه: عَضَبَه؛ وقال الشافعي في المناسك: وإِذا كان الرجل مَعْضُوباً، لا يَسْتَمْسِكُ على الراحلة، فَحَجَّ عنه رجلٌ في تلك الحالة، فإِنه يُجْزِئه. قال الأَزهري: والـمَعْضُوب في كلام العرب: الـمَخْبُولُ الزَّمِنُ الذي لا حَرَاكَ به؛ يقال: عَضَبَتْهُ الزَّمانةُ تَعْضِـبُه عَضْباً إِذا أَقْعَدَتْه عن الـحَرَكة
وأَزمَنَتْه.وقال أَبو الهيثم: العَضَبُ الشَّللُ والعَرَجُ والخَبَلُ. ويقال: لا يَعْضِبُكَ اللّهُ، ولا يَعْضِبُ اللّهُ فلاناً أَي لا يَخْبِلُه اللّه.
والعَضْبُ: أَن يكون البيتُ، من الوافر، أَخْرَمَ. والأَعْضَب: الجُزءُ الذي لَـحِقَه العَضَبُ، فينقل مفاعلتن إِلى مفتعلن؛ ومنه قولُ الـحُطَيْئَة:
إِن نَزَلَ الشتاءُ بدار قَومٍ، * تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشتاءُ
والعَــضْباءُ: اسم ناقة النبي، صلى اللّه عليه وسلم، اسم، لها، عَلَمٌ، وليس من العَضَب الذي هو الشَّقُّ في الأُذُن. إِنما هو اسم لها سميت به، وقال الجوهري: هو لقبها؛ قال ابن الأَثير: لم تكن مَشْقُوقَة الأُذُن، قال: وقال بعضهم إِنها كانت مشقوقةَ الأُذُن، والأَولُ أَكثر؛ وقال الزمخشري: هو منقول من قولهم: ناقة عَــضْباءُ، وهي القصيرةُ اليَد.
ابن الأَعرابي: يقال للغلام الحادِّ الرأْس الخَفيفِ
الجسم عَضْبٌ ونَدْبٌ وشَطْبٌ وشَهْبٌ وعَصْبٌ وعَكْبٌ وسَكْبٌ.
الأَصمعي: يقال لولد البقرة إِذا طَلَعَ قَرنُه، وذلك بعدما يأْتي عليه
حَولٌ: عَضْبٌ، وذلك قَبْلَ إِجْذاعِه؛ وقال الطائفيُّ: إِذا قُبِضَ على
قَرنه، فهو عَضْبٌ، والأُنثى عَضْبةٌ، ثم جَذَعٌ، ثم ثَنيٌّ، ثم رَباعٌ،
ثم سَدَسٌ، ثم التَّمَمُ والتَّمَمَةُ، فإِذا اسْتَجْمَعَتْ أَسنانُه فهو عَمَمٌ.
قصا: قَصا عنه قَصْواً وقُصُوًّا وقَصاً وقَصاء وقَصِيَ: بَعُدَ. وقَصا
المَكانُ يَقْصُو قُصُوّاً: بَعُدَ. والقَصِيُّ والقاصي: العبد، والجمع
أَقْصاء فيهما كشاهدٍ وأَشْهاد ونصِير وأَنصار؛ قال غَيْلان الرَّبَعِي:
كأَنَّما صَوْتَ حَفِيفِ المَعْزاء،
مَعْزُولِ شَذَّان حَصاها الأَقْصاء،
صَوْتُ نَشِيشِ اللحمِ عند الغَلاَّء
وكلُّ شيء تَنَحَّى عن شيء فقد قَصا يَقْصُو قُصُوًّا، فهو قاصٍ،
والأَرض قاصِيةٌ وقَصِيَّةٌ. وقَصَوْت عن القوم: تباعدت. ويقال: فلان بالمَكان
الأَقْصَى والناحية القُصْوى والقُصْيا، بالضم فيهما. وفي الحديث:
المسلمون تَتَكافَأُ دِماؤهم يَسْعَى بذِمَّتِهِم أَدْناهم ويُرَدُّ عليهم
أقصاهم أَي أَبْعَدُهم، وذلك في الغَزْو إِذا دخل العسكر أَرض الحرب فَوَجَّه
الإِمامُ منه السرايا، فما غَنِمَتْ من شيء أَخذَت منه ما سَمَّى لها،
ورَدَّ ما بقي على العسكر لأَنهم، وإِن لم يشهدوا الغنيمة، رِدْءٌ
للسَّرايا وظهْرٌ يَرْجِعون إِليهم. والقُصْوَى والقُصْيا: الغاية البعيدة، قلبت
فيه الواو ياء لأَن فُعْلَى إِذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبدلت واوه
ياء كما أُبدلت الواو مكان الياء في فَعْلى فأَدخلوها عليها في فُعْلى
ليَتَكافآ في التغيير؛ قال ابن سيده: هذا قول سيبويه، قال: وزدته أَنا
بياناً، قال: وقد قالوا القُصْوَى فأَجروها على الأَصل لأَنها قد تكون صفة
بالأَلف واللام. وفي التنزيل: إِذ أَنتم بالعُدْوَة الدُّنيا وهم بالعُدوة
القصوى؛ قال الفراء: الدنيا مما يَلي المدينة والقُصوى مما يَلي مكة.
قال ابن السكيت: ما كان من النعوت مثل العُلْيا والدُّنيا فإِنه يأْتي بضم
أَوَّله وبالياء لأَنهم يستثقلون الواو مع ضمة أَوّله، فليس فيه اختلاف
إِلا أَن أَهل الحجاز قالوا القُصْوَى، فأَظهروا الواو وهو نادر وأَخرجوه
على القياس، إِذ سكن ما قبل الواو، وتميم وغيرهم يقولون القُصْيا؛ وقال
ثعلب: القُصْوَى والقُصْيا طَرف الوادي، فالقُصْوَى على قول ثعلب من قوله
تعالى بالعُدْوة القُصْوَى، بدل. والقاصِي والقاصِيةُ والقَصِيُّ
والقَصِيَّةُ من الناس والمواضع: المُتَنَحِّي البعيدُ. والقُصْوَى والأَقْصَى
كالأَكْبر والكُبرى. وفي الحديث: أَن الشيطان ذِئبُ الإِنسانِ يأْخُذُ
القاصِيةَ والشَّاذَّةَ، القاصِيَةُ: المُنْفَرِدة عن القطيع البعيدة منه،
يريد أَن الشيطان يتسلط على الخارج من الجماعة وأَهل السَّنة. وأَقْصى
الرجلَ يُقْصِيه: باعَدَه. وهَلُمَّ أُقاصِكَ يعني أَيُّنا أَبْعَدُ من
الشرّ. وقاصَيْتُه فقَصَوته وقاصاني فقَصَوْته.
والقَصا: فِناء الدار، يمد ويقصر. وحُطْني القَصا أَي تباعَدْ عني؛ قال
بشر بن أَبي خازم:
فَحاطُونا القَصا، ولقَدْ رَأَوْنا
قريباً، حيث يُسْتَمَعُ السِّرارُ
والقَصا يمد ويقصر؛ ويروى:
فحاطُونا القَصاءَ وقد رأَوْنا
ومعنى حاطُونا القصاء أَي تباعَدوا عنا وهم حولنا،وما كنا بالبعد منهم
لو أَرادوا أَن يَدْنُوا منَّا، وتوجيه ما ذكره ابن السكيت من كتاب النجو
أَن يكون القَصاء بالمد مصدر قَصا يَقْصو قَصاءً مثل بَدا يَبْدُو
بَداءً، وأَما القصا بالقصر فهو مصدر قصِيَ عن جِوارِنا قَصاً إِذا بعد. ويقال
أَيضاً: قَصِيَ الشيءُ قَصاً وقَصاءً. والقَصا: النسَبُ البعيد، مقصور.
والقَصا: الناحيةُ. والقَصاةُ: البُعْد
(* قوله« والقصاة البعد» كذا في
الأصل، ولم نجده في غيره، ولعله القصاء.) والناحية، وكذلك القَصا. يقال:
قَصِيَ فلان عن جوارنا، بالكسر، يَقْصى قَصاً، وأَقْصَيْته أَنا فهو
مُقْصًى، ولا تقل مَقْصِيٌّ. وقال الكسائي: لأَحُوطَنَّك القَصا ولأَغْزُوَنَّك
القَصا، كلاهما بالقصر، أَي أَدَعُك فلا أَقْرَبُك. التهذيب: يقال
حاطَهم القَصا، مقصور، يعني كان في طُرَّتِهم لا يأْتِيهم. وحاطَهم القَصا أَي
حاطَهم من بعيد وهو يَتَبَصَّرهم ويَتَحَرَّزُ منهم. ويقال: ذهبت قَصا
فلان أَي ناحِيَته، وكنت منه في قاصِيَتِه أَي ناحِيته.
ويقال: هَلُمَّ أُقاصِك أَيُّنا أَبعد من الشرّ. ويقال: نزلنا مَنزلاً
لا تُقْصِيه الإِبل أَي لا تَبْلُغ أَقصاه. وتَقَصَّيت الأَمر
واسْتَقْصَيتُه واسْتَقْصى فلان في المسأَلة وتَقَصَّى بمعنى.
قال اللحياني: وحكى القَناني قَصَّيْت أَظفاري، بالتشديد، بمعنى قَصَصْت
فقال الكسائي أَظنه أَراد أَخَذ من قاصيتها، ولم يحمله الكسائي على
مُحوّل التضعيف كما حمله أَبو عبيد عن ابن قَنان، وقد ذكر في حرف الصاد أَنه
من مُحوّل التضعيف، وقيل: يقال إِن وُلدَ لكِ ابن فقَصِّي أُذنيه أَي
احْذفِي منهما. قال ابن بري: الأَمر من قَصَّى قَصٍّ، وللمؤنث قَصِّي، كما
تقول خَلِّ عنها وخَلِّي. والقَصا: حَذْفٌ في طرَف أُذن الناقة والشاة،
مقصور، يكتب بالأَلف وهو أَن يُقْطع منه شيء قليل، وقدقَصاها قَصْواً
وقَصَّاها. يقال: قَصَوْت البعير فهو مَقْصُوّ إِذا قطَعْت من طرف أُذنه،
وكذلك الشاة؛ عن أَبي زيد. وناقة قَصْواء: مَقْصُوَّة، وكذلك الشاة، ورجل
مَقْصُوّ وأَقْصى، وأَنكر بعضهم أَقصى. وقال اللحياني: بعير أَقْصى
ومُقَصَّى ومَقْصُوّ. وناقة قَصْواء ومُقَصَّاةٌ ومَقْصُوَّةٌ: مقطوعة طرف
الأُذن. وقال الأَحمر: المُقَصَّاة من الإِبل التي شُق من أُذنها شيء ثم ترك
معلقاً. التهذيب: الليث وغيره القَصْوُ قطع أُذن البعير.يقال: ناقة قَصْواء
وبعير مَقْصُوّ، هكذا يتكلمون به، قال: وكان القياس أَن يقولوا بعير
أَقصى فلم يقولوا. قال الجوهري: ولا يقال جمل أَقصى وإِنما يقال مَقْصُوٌّ
ومُقَصًّى، تركوا فيه القياس، ولأَن أَفعل الذي أُنثاه على فَعْلاء إِنما
يكون من باب فَعِلَ يَفْعَل، وهذا إِنما يقال فيه قصَوْت البعير،
وقَصْواء بائنة عن بابه، ومثله امرأَة حَسناء، ولا يقال رجل أَحْسَن؛ قال ابن
بري: قوله تركوا فيها القياس يعني قوله ناقة قَصْواء، وكان القياس
مَقْصُوَّة، وقياس الناقة أَن يقال قَصَوْتها فهي مَقْصُوَّة. ويقال: قَصَوْت
الجمل فهو مَقْصُوّ، وقياس الناقة أَن يقال قصوتها فهي مقصوَّة، وكان لرسول
الله، صلى الله عليه وسلم، ناقة تسمى قَصْواء ولم تكن مقطوعة الأُذن.
وفي الحديث: أَنه خطب على ناقَتِه القَصْواء، وهو لقب ناقة سيدنا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم. قال: والقَصْواء التي قُطِع طرَف أُذنها. وكل ما
قُطع من الأُذن فهو جَدْعٌ، فإِذا بلغ الرُّبُع فهو قَصْوٌ، فإِذا جاوزه
فهو غَضْبٌ، فإِذا استُؤصِلت فهو صَلْم، ولم تكن ناقة سيدنا رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، قَصْواء وإِنما كان هذا لقباً لها، وقيل: كانت مقطوعة
الأُذن. وقد جاء في الحديث: أَنه كان له ناقة تسمى العَــضْباء وناقة تسمى
الجَدْعاء، وفي حديث آخر: صلماءَ، وفي رواية أُخرى: مخَضْرَمةً؛ هذا كله
في الأُذن، ويحتمل أَن تكون كل واحدة صفة ناقة مفردة، ويحتمل أَن يكون
الجميع صفة ناقة واحدة فسماها كل منهم بما تخيّل فيها، ويؤيد ذلك ما روي في
حديث علي، كرم الله وجهه، حين بعثه رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يبلغ
أَهل مكة سُورة براءة فرواه ابن عباس، رضي الله عنه، أَنه ركب ناقة
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، القَصْواء، وفي رواية جابر العَــضْباء، وفي
رواية غيرهما الجَدْعاء، فهذا يصرح أَن الثلاثة صفة ناقة واحدة لأَن
القضية واحدة، وقد روي عن أَنس أَنه قال: خطبنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، على ناقة جَدْعاء وليست بالعَــضباء، وفي إِسناده مقال. وفي حديث
الهجرة:أَن أَبا بكر، رضي الله عنه، قال: إِن عندي ناقتين، فأَعْطَى رسولَ
الله، صلى الله عليه وسلم، إِحداهما وهي الجَدْعاء. والقَصِيَّةُ من الإِبل:
الكريمة المُوَدَّعة التي لا تُجْهَد في حَلَب ولا حَمْلٍ. والقَصايا:
خِيارُ الإِبل، واحدتها قَصِيَّة ولا تُركب وهي مُتَّدِعة؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
تَذُود القَصايا عن سَراة، كأَنها
جَماهيرُ تَحْتَ المُدْجِناتِ الهَواضِبِ
وإِذا حُمِدت إِبل الرجل قيل فيها قَصايا يثق بها أَي فيها بقية إِذا
اشتدّالدهر، وقيل: القَصِيَّة من الإِبل رُذالتها. وأَقْصى الرجلُ إِذا
اقتنى القَواصي من الإِبل، وهي النهاية في الغَزارة والنَّجابة، ومعناه أَن
صاحب الإِبل إِذا جاء المُصَدِّق أَقصاها ضِنّاً بها. وأَقْصى إِذا حفظ
قصا العسكر وقَصاءه، وهو ما حول العسكر.
وفي حديث وَحْشِيٍّ قاتل حَمْزة، عليه السلام: كنتُ إِذا رأَيته في
الطريق تَقَصَّيْتها أَي صرت في أَقْصاها وهو غايتها.
والقَصْوُ: البعد. والأَقْصى: الأَبعد؛ وقوله:
واخْتَلَس الفَحْلُ منها، وهي قاصِيةٌ،
شيئاً فقد ضَمِنَتْه، وهو مَحْقُورُ
فسره ابن الأَعرابي فقال: معنى قوله قاصية هو أَن يتبعها الفحل فيضربها
فَتَلْقَح في أَوَّل كَوْمة فجعل الكَوْم للإِبل، وإِنما هو للفرس.
وقُصْوانُ: موضع؛ قال جرير:
نُبِّئْتُ غَسَّانَ بنَ واهِصَةِ الخُصَى
بِقُصْوانَ، في مُسْتَكْلِئِينَ بِطانِ
ابن الأَعرابي: يقال للفحل هو يَحْبُو قَصا الإِبل إِذا حَفِظها من
الانتشار. ويقال: تَقَصّاهم أَي طَلَبهم واحداً واحداً. وقُصَيٌّ، مصغر:
اسم رجل، والنسبة إِليه قُصَوي بحذف إِحدى الياءَين، وتقلب الأُخرى
أَلفاً ثم تقلب واواً عما قلبت في عَدَوِيّ وأُمَوِيٍّ.
ضبأ: ضَبَأَ بالأَرض يَضْبَأُ ضَبْأً وضُبُوءاً وضَبَأَ في الأَرض، وهو ضَبِيءٌ: لَطِئَ واخْتَبأَ، والموضع: مَضْبَأٌ. وكذلك الذئب إِذا لَزِقَ بالأَرض أَو بشجرة
أَو استَتَر بالخَمَر لِيَخْتِلَ الصَّيْد. ومنه سُمِّي الرجلُ ضابِئاً، وهو ضابئُ بن الحَرِثِ البُرْجُمِيُّ. وقال الشاعر في الضابِئِ الـمُخْتَبِئِ الصَّيَّادِ:
إِلاّ كُمَيْتاً، كالقَناةِ وضابِئاً * بالفَرْجِ بَيْنَ لَبانِه وَيَدِهْ(1)
(1 قوله «ويده» كذا في النسخ والتهذيب بالإفراد ووقع في شرح القاموس بالتثنية ويناسبه قوله في التفسير بعده ما بين يدي فرسه.)
يَصفُ الصَّيَّادَ أَنه ضَبَأَ في فُروج ما بين يدي فرسه لِيَخْتِلَ به
الوَحْشَ، وكذلك الناقةُ تُعَلَّم ذلك، وأَنشد:
لَـمَّا تَفَلَّقَ عنه قَيْضُ بَيْضَتِه، * آواه في ضِبْنِ مَضْبَإٍ به نَضَبُ
قال: والـمَضْبَأُ: الموضع الذي يكون فيه. يقال للناس: هذا مَضْبَؤُكم أَي مَوْضِعُكم، وجمعه مَضابِئُ.
وضَبَأَ: لَصِقَ بالأَرضِ. وضَبَأْتُ به الأَرضَ، فهو مَضْبوءٌ به، إِذا أَلْزَقه بها. وضَبَأْتُ إِليه: لَجأْت. وأَضْبَأَ على الشيءِ إِــضْبَاءً: سَكَتَ عليه وكَتَمه، فهو مُضْبِئٌ عليه. ويقال: أَضْبَأَ فلان على داهيةٍ مثل أَضَبَّ. وأَضْبَأَ على ما في يَدَيْه: أَمْسَكَ. اللحياني: أَضْبَأَ على ما في يديه، وأَضْبَى، وأَضَبَّ إِذا أَمسك، وأَضْبَأَ القومُ على ما في أَنفُسهم إِذا كتموه.
وضَبَأَ: اسْتَخْفَى. وضَبَأَ منه: اسْتَحْيَا. أَبو عبيد: اضْطَبَأْتُ
منه أَي اسْتَحْيَيْتُ، رواه بالباءِ عن الأُموي. وقال أَبو الهيثم: إِنما
هو اضْطَنَأْتُ بالنون، وهو مذكور في موضعه. وقال الليث: الأَــضْباءُ:
وَعْوعة جَرْوِ الكلب إِذا وَحْوَحَ، وهو بالفارسية فحنحه(2)
( 2 قوله «فحنحه» كذا رسم في بعض النسخ.). قال أَبو منصور: هذا خطأٌ وتصحيف وصوابه:
الأَصْياءُ، بالصاد، من صَأَى يَصْأَى، وهو الصَّئِيُّ.
وروى المنذري بإِسناده عن ابن السكيت عن العُكْليِّ: أَنَّ أَعرابيّاً
أَنشده:
فَهاؤُوا مُضابِئَةً، لَم يَؤُلَّ * بادِئَها البَدْءُ، إِذ تَبْدَؤُهْ
قال ابن السّكيت: الـمُضابِئَةُ: الغِرارةُ الـمُثْقَلَةُ تُضْبِئُ من
يحْمِلُها تحتها أَي تُخْفِيه.
قال: وعنى بها هذه القصيدة المبتورة. وقوله: لم يَؤُلَّ أَي لم
يُضْعِفْ. بادئها: قائِلَها الذي ابْتَدأَها. وهاؤُوا أَي هاتوا.
وضَبَأَتِ المرأَةُ إِذا كَثُرَ ولدها. قال أَبو منصور: هذا تصحيف
والصواب ضَنَأَت المرأَة، بالنون والهمزة، إِذا كثر ولدها.
والضَّابِئُ: الرَّمادُ.
جدع: الجَدْعُ: القَطْعُ، وقيل: هو القطع البائن في الأَنف والأُذن
والشَّفةِ واليد ونحوها، جَدَعَه يَجْدَعُه جَدْعاً، فهو جادِعٌ. وحمار
مُجَدَّع: مَقْطُوع الأُذن؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
أَتانِي كلامُ التَّغْلَبيّ بن دَيْسَقٍ،
ففي أَيِّ هذا، وَيْلَه، يَتَترَّعُ؟
يقول الخَنى، وأَبغَضُ العُجْمِ، ناطِقاً
إِلى ربه، صوتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ
أَراد الذي يُجدَّع فأدخل اللام على الفعل المضارع لمضارعة اللام الذي
كما تقول هو اليَضْرِبُك، وهو من أَبيات الكتاب وقال أَبو بكر بن السراج:
لما احتاج إِلى رفع القافية قلب الاسم فعلاً وهو من أَقبح ضرورات الشعر،
وهذا كما حكاه الفراء من أَن رجلاً أَقبل فقال آخر: هاهوذا، فقال السامع:
نِعْمَ الهاهوذا، فأَدخل اللام على الجملة من المبتدإِ والخبر تشبيهاً له
بالجملة المركبة من الفعل والفاعل؛ قال ابن بري: ليس بيتُ ذي الخِرَق
هذا من أَبيات الكتاب كما ذكر الجوهري وإِنما هو في نوادر أَبي زيد. وقد
جَدِعَ جَدَعاً، وهو أَجْدَعُ بيِّن الجَدَعِ، والأُنثى جَدْعاء؛ قال أَبو
ذؤيب يصف الكلاب والثور:
فانْصاعَ من حَذرٍ وسَدَّ فُروجَه
غُبْرٌ ضَوارٍ: وافِيانِ وأَجْدَعُ
أجْدع أَي مَقْطوع الأُذن. وافيانِ: لم يُقْطع من آذانهما شيء، وقيل: لا
يقال جَدعَ ولكن جُدعَ من المَجْدُوع.
والجَدَعةُ: ما بَقِي منه بعد القَطْع. والجَدَعةُ: موضع الجَدْع، وكذلك
العَرَجةُ من الأَعْرج، والقَطَعة من الأَقْطَع. والجَدْعُ: ما انقطع من
مَقادِيم الأَنف إِلى أَقْصاه، سمي بالمصدر.
وناقة جَدْعاء: قُطِع سُدسُ أُذنها أَو ربعها أَو ما زاد على ذلك إِلى
النصف. والجَدْعاء من المعزَ: المَقْطوع ثلث أُذنها فصاعداً، وعم به ابن
الأَنباري جميع الشاء المُجَدَّع الأُذن. وفي الدعاء على الإِنسان: جَدْعاً
له وعَقْراً؛ نصبوها في حدّ الدعاء على إِضمار الفعل غير المستعمل
إِظهاره، وحكى سيبويه: جَدَّعْتُه تَجْديعاً وعَقَّرْتُه قلت له ذلك، وهو مذكور
في موضعه؛ فأَمّا قوله:
تَراه كأَنَّ اللهَ يَجْدَعُ أَنْفَه
وعَيْنَيْه، إِنْ مَولاه ثابَ له وَفْرُ
فعلى قوله:
يا لَيْتَ بَعْلَكِ قد غَدا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
إِنما أَراد ويفقأُ عينيه؛ واستعار بعضُ الشُّعراء الجَدْعَ والعِرْنينَ
للدّهْر فقال:
وأَصبَح الدهْرُ ذُو العِرْنِينِ قد جُدِعا
والأَعرف:
وأَصبحَ الدهرُ ذو العلاَّتِ قد جُدعا
وجَداعِ: السَّنةُ الشديدة تذهب بكل شيء كأَنها تَجْدَعُه؛ قال أَبو
حَنْبل الطائي:
لقد آليْتُ أَغْدِر في جَداعِ،
وإِنْ مُنِّيتُ، أُمّاتِ الرِّباعِ
وهي الجَداعُ أَيضاً غير مبنية لمكان الأَلف واللام. والجَداعُ: الموت
لذلك أَيضاً. والمُجادعةُ: المُخاصمةُ. وجادَعَه مُجادَعة وجِداعاً:
شاتَمَه وشارَّه كأَنَّ كل واحد منهما جَدَع أَنف صاحبه؛ قال النابغة
الذُّبْياني:
أَقارعُ عَوْفٍ، لا أُحاوِلُ غيرَها،
وجُوهُ قُرودٍ، تَبْتَغِي من تُجادِعُ
وكذلك التّجادُع. ويقال: اجْدَعْهم بالأَمر حتى يَذِلُّوا؛ حكاه ابن
الأَعرابي ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنه على المثل أَي اجدع أُنوفهم.
وحكي عن ثعلب: عام تَجَدَّعُ أَفاعِيه وتجادَعُ أَي يأْكل بعضها بعضاً
لشدّته، وكذلك تركت البلاد تَجَدَّعُ وتَجادَعُ أَفاعيها أَي يأْكل بعضها
بعضاً، قال: وليس هناك أَكل ولكن يريد تقَطَّعُ. وقال أَبو حنيفة:
المُجَدَّعُ من النبات ما قُطع من أَعلاه ونَواحِيه أَو أُكل. ويقال: جَدَّع
النباتَ القَحْطُ إِذا لم يَزْكُ لانْقِطاع الغَيْثِ عنه؛ وقال ابن
مقبل:وغَيْث مَريع لم يُجَدَّعْ نَباتُه
وكَلأٌ جُداعٌ، بالضم، أَي دَوٍ؛ قال رَبيعةُ بن مَقْرُوم الضَّبِّيّ:
وقد أَصِلُ الخَلِيلَ وإِن نآني،
وغِبَّ عَداوتي كَلأٌ جُداعُ
قال ابن بري: قوله كَلأٌ جُداع أي يَجْدَعُ مَن رَعاه؛ يقول: غِبّ
عَداوتي كَلأٌ فيه الجَدْع لمن رعاه، وغب بمعنى بعد. وجَدِعَ الغلامُ يَجْدَعُ
جَدَعاً، فهو جَدِعٌ: ساء غِذاؤه؛ قال أَوْس بن حَجَر:
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،
تُصْمِتُ بالماء تَوْلَباً جَدِعا
وقد صحّف بعض العلماء هذه اللفظة، قال الأَزهري في أَثناء خطبة كتابه:
جمع سليمان بن علي الهاشميّ بالبصرة ين المُفَضَّل الضبّيّ والأَصمعي
فأَنشد المفضَّل: وذات هدم، وقل آخر البيت: جَذَعا، ففَطِن الأَصمعي لخَطئه،
وكان أَحدَثَ سِنّاً منه، فقال له: إِنما هو تولباً جَذَعا، وأَراد تقريره
على الخطاء فلم يَفْطَن المفضل لمراده، فقال: وكذلك أَنشدته، فقال له
الأَصمعي حينئذ: أَخطأْت إِنما هو: تَوْلباً جَدِعا، فقال له المفضل: جذعا
جذعا، ورفع صوته ومدّه، فقال له الأَصمعي: لو نفَخْت في الشَّبُّور ما
نفعك، تكم كلام النمل وأَصبْ، إِنما هو: جَدِعا، فقال سليمان بن علي: من
تَخْتارانِ أَجعله بينكما؟ فاتفقا على غلام من بني أَسد حافظ للشعر
فأُحْضِر، فعرَضا عليه ما اختلفا فيه فصدَّق الأَصمعي وصوّب قوله، فقال له
المفضل: وما الجَدِعُ؟ قال: السيّء الغِذاء. وأَجدَعَه وجَدَّعَه: أَساء غذاءه.
قال ابن بري: قال الوزير: جَدِعٌ فَعِلٌ بمعنى مَفْعول، قال: ولا يعرف
مثله. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً: ساء غِذاؤُه. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً:
رُكِب صغيراً فوَهَن. وجَدَعْتُه أَي سجنْتُه وحبستُه، فهو مجُدوع؛
وأَنشد:
كأَنه من طول جَدْعِ العَفْسِ
وبالذال المعجمة أَيضاً، وهو المحفوظ. وجَدَعَ الرجلُ عِيالَه إِذا حَبس
عنهم الخير. قال أَبو الهيثم: الذي عندنا في ذلك أَنهَ الجَدْعَ
والجِذْعَ واحد، وهو حَبْسُ من تَحْبِسه على سُوءِ ولائه وعلى الإِذالةِ منك له؛
قال: والدليل على ذلك بيت أَوس:
تُصْمِت بالماء تَوْلباً جَدِعا
قال: وهو من قولك جَدَعْتُه فجَدِع كما تقول ضرَب الصَّقِيعُ النباتَ
فضَرِبَ، وكذلك صَقَع، وعَقَرْتُه فَعَقِر أَي سقَط؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:حَبَلَّق جَدَّعه الرِّعاء
ويروى: أَجْدَعَه، وهو إِذا حبَسه على مَرْعى سَوْء، وهذا يقوّي قول
أَبي الهيثم.
والجَنادِعُ: الأَحْناشُ، ويقال: هي جَنادِبُ تكون في جِحَرةِ
اليَرابِيعِ والضِّباب يَخرُجْن إِذا دَنا الحافر من قَعْر الجُحْر. قال ابن بري:
قال أَبو حنيفة الجُنْدَب الصغير يقال له جُنْدع، وجمعه جَنادِعُ؛ ومنه
قول الراعي:
بحَيٍّ نُمَيْرِيٍّ عليه مَهابةٌ
بِجَمْع، إِذا كان اللِّئامُ جَنادِعا
ومنه قيل: رأَيت جَنادِعَ الشرِّ أَي أَوائلَه، الواحدة جُنْدُعةٌ، وهو
ما دَبَّ من الشرّ؛ وقال محمد بن عبد الله الأَزْديّ:
لا أَدْفَعُ ابنَ العَمِّ يَمْشِي على شَفاً،
وإِن بَلَغَتْني مِنْ أَذاه الجَنادِعُ
وذاتُ الجَنادِعِ: الداهيةُ. الفرّاء: يقال هو الشيطان والمارِدُ
والمارِجُ والأَجْدَعُ. روي عن مسروق أَنه قال: قدمت على عمر فقال لي: ما
اسمُك؟ فقلت: مَسروقُ بن الأَجْدَع، فقال: أَنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنَّ الأَجدع شيطان، فكان اسمُه في الديوان
مسروق بن عبد الرحمن. وعبد الله بن جُدْعانَ
(* كذا بالأصل، وفي القاموس: وعبد الله بن جدعان جواد معروف.)
وأَجْدَعُ وجُدَيْعٌ: اسمانِ. وبنو جَدْعاءَ: بطن من العرب، وكذلك بنو
جُداع وبنو جُداعةَ.
قصم: القَصْمُ: دَقُّ الشيء. يقال للظالم: قَصَمَ الله ظهره. ابن سيده:
القَصْمُ كسر الشيء الشديد حتى يَبين. قَصمه يَقْصِمه قَصْماً فانْقَصَمَ
وتقَصَّمَ: كسَره كسْراً فيه بَيْنونة. ورجل قَصِمٌ أَي سريع الانْقِصام
هَيَّابٌ ضعيف. وقُصَمُ مثل قُثَم: يَحْطِم ما لقي؛ قال ابن بري: صوابه
قُصَمٌ مثل قُثَمٍ تَصْرِفُهما لأَنهما صِفتانِ، وإِنما العدل يكون في
الأَسماء لا غير. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه قال في أَهل
الجنة يُرْفَعُ أَهلُ
الغُرَفِ إِلى غُرَفِهم في دُرَّة بَيْضاء ليس فيها قَصْمٌ ولا فَصْمٌ؛
أَبو عبيدة: القَصْمُ، بالقاف، هو أَن ينكسر الشيء فيبَين، يقال منه:
قَصَمْت الشيء إِذا كسرتَه حتى يبين، ومنه قيل: فلان أَقْصَمُ الثَّنِيَّة
إذا كان منكسرها، وأَما الفَصْمُ، بالفاء، فهو أَن يَنْصَدِعَ الشيء من
غير أَن يَبِين. وفي الحديث: الفاجرُ كالأَرْزَةِ صمَّاءُ مُعْتدِلة حتى
يَقْصِمها الله. وفي حديث عائشة تصف أَباها، رضي الله عنهما: ولا
قَصَمُوا له قَناة، ويروى بالفاء. وفي حديث كعب: وجدت انْقِصاماً في ظهري، ويروى
بالفاء، وقد تقدما. ورمح قَصِمٌ: منكسر، وقناة قَصِمةٌ كذلك، وقد
قَصِمَ.وقَصِمَتْ سِنُّه قَصَماً وهي قَصْماء: انشقت عَرْضاً ورجل أَقصمُ
الثنية إِذا كان منكسرها من النصف بيّن القَصَمِ، والأَقْصَمُ أَعمُّ وأََعرف
من الأَقصف، وهو الذي انقصمت ثنيته من النصف. يقال: جاءتكمُ القَصْماء،
تذهب به إِلى تأْنيث الثنية. قال بعض الأَعراب لرجل أَقصَمِ الثنيةِ:
جاءتكم القَصْماء، ذهب إِلى سِنِّه فأَنثها. والقَصْماء من المعز: التي انكسر
قرناها من طرفيهما إِلى المُشاشة، وقال ابن دريد: القَصْماء، من المعز
المكسورة القرنِ الخارجِ، والعَــضْباء المكسورة القرن الداخل، وهو
المُشاش.والقَصْمُ في عَروض الوافر: حذف الأَول وإِسكان الخامس، فيبقى الجزء
فاعِيلٌ، فينقل في التقطيع إِلى مَفْعولن، وذلك على التشبيه بقَصْم السن أَو
القَرْن. وقَصْمُ السواكِ وقَصْمَتُه وقِصْمَتُه الكسرة منه، وفي
الحديث: اسْتَغْنُوا عن الناس ولو عن قِصْمةِ السواكِ. والقصمة، بكسر القاف،
أَي الكسرة منه إِذا استيك به، ويروى بالفاء. وقَصَمه يَقْصِمه قَصْماً:
أَهلكه. وقال الزجاج في قوله تعالى: وكم قَصَمْنا من قرية؛ كم في موضع
نصب بقَصَمنا، ومعنى قَصمنا أَهلكنا وأَذهبنا. ويقال: قَصَمَ الله عُمُر
الكافر أَي أَذهبه.
والقاصِمةُ: اسم مدينة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن
سيده: أَرى ذلك لأَنها قَصَمت الكفر أَي أَذْهَبته.
والقَصْمة، بالفتح: مَرْقاة الدرجة مثل القَصْفة. وفي الحديث: إِن الشمس
لتَطْلُعُ من جهنم بين قَرْنَيْ شيطان فما ترتفع في السماء من قَصْمة
إِلا فُتحَ لها باب من النار، فإِذا اشتدَّت الظهيرة فُتحت الأَبواب كلها.
وسميت المرقاة قَصْمة لأَنها كسرة من القصم الكسر. وكلُّ شيء كَسَرْته
فقد قَصَمْته. وأَقْصامُ المَرْعى: أُصُوله ولا يكون إِلا من الطَّريفة،
الواحد قِصْمٌ. والقَصْمُ: العتيق من القطن؛ عن أَبي حنيفة. والقَصِيمة:
ما سهل من الأَرض وكثر شجره.والقَصِيمةُ: مَنْبِت الغَضى والأَرْطَى
والسَّلَم؛ وهي رملة؛ قال لبيد:
وكتِيبة الأَحْلافِ قد لاقَيْتُهمْ،
حيثُ اسْتَفاضَ دَكادِكٌ وقَصِيمُ
وقال بشر في مفرده:
وباكَرَه عِندَ الشُّروقِ مُكَلَّبٌ
أَزَلُّ، كسِرْحانِ القَصِيمةِ ، أَغْبَرُ
قال: وقال أُنَيْف بن جَبَلة:
ولقدْ شَهِدْتُ الخَيْلَ يَحْمِلُ شِكَّتي
عَتِدٌ، كسِرْحانِ القَصِيمة، مُنْهِب
الليث: القَصِيمةُ من الرمل ما أَنبت الغَضَى وهي القَصائِمُ. أَبو
عبيد: القصائمُ من الرمال ما أَنبت العِضاه. قال أَبو منصور: وقول الليث في
القَصِيمة ما يُنبت الغضى هو الصواب. والقَصِيمُ: موضع معروف يَشُقُّه
طَرِيقُ بَطْن فَلْجٍ؛ وأَنشد ابن السكيت:
يا رِيَّها اليومَ على مُبِينِ،
على مُبينٍ جَرِدِ القَصِيمِ
مُبِين: اسم بئر. والقَصِيم: نَبْت. والأَجارِدُ من الأَرض: ما لا
يُنبت؛ وقال:
أَفْرِغْ لِشَوْلٍ وعِشارٍ كُومِ
باتَتْ تُعَشَّى اللَّيلَ بالقَصِيم،
لبَابة من هَمِقٍ عَيْشُوم
الرياشي: أَنشدني الأَصمعي في النون مع الميم:
يَطْْعُنُها بخَنْجَرٍ مِنْ لَحْمِ،
تحْتَ الذُّنابَى في مكانٍ سُخْنِ
قال: ويسمى هذا السناد. قال الفراء: سمي الدال والجيم الإِجادة، رواه عن
الخليل؛ وقال الشاعر يصف صَيّاداً:
وأَشْعَثَ أَعْلى ماله كِفَفٌ له،
بفَرْشِ فَلاة، بَيْنَهُنَّ قَصِيمُ
الفَرْش: مَنابت العُرْفُط. ابن الأَعرابي: فَرْشٌ من عُرفط، وقَصِيمةٌ
من غَضىً، وأَيْكَةٌ
من أَثْل، وغالٌّ من سَلَم، وسَلِيلٌ من سَمُرٍ للجماعة منها. وقال أَبو
حنيفة: القَصِيمُ، بغير هاء، أَجَمة الغضى، وجمعها قَصائم وقُصْم.
والقَصِيمةُ: الغَيْضة.
والقَيْصوم: ما طال من العشب، وهو كالقَيْعُون؛ عن كراع. والقَيْصُوم:
من نبات السهل؛ قال أَبو حنيفة: القَيْصُوم من الذكور ومن الأَمْرار، وهو
طيب الرائحة من رَياحين البر، وورقه هَدَب، وله نَوْرَة صفراء وهي تَنْهض
على ساق وتطول؛ قال جرير:
نَبتَتْ بمَنْبِتِه فطابَ لشمِّها،
ونَأَتْ عن الجَثْجاثِ والقَيْصُوم
وقال الشاعر:
بلادٌ بها القَيْصُومُ والشِّيحُ والغَضَى
أَبو زيد: قَصَم راجعاً وكصَمَ راجعاً إذا رجع من حيث جاء ولم يُتِمَّ
إلى حيث قصَد.
كفح: المُكافَحةُ: مصادفة الوجه بالوجه مفاجأَة.
كَفَحه كَفْحاً وكافَحَه مُكافَحة وكِفاحاً: لقيه مواجهة. ولقيه كَفْحاً
ومكافَحةً وكِفاحاً أَي مواجهة، جاء المصدر فيه على غير لفظ الفعل؛ قال
ابن سيده: وهو موقوف عند سيبويه مطرد عند غيره؛ وأَنشد الأَزهري في
كتابه:أَعاذِل من تُكْتَبْ له النارُ يَلْقَها
كِفاحاً، ومن يُكْتَبْ له الخُلْدُ يَسْعَدِ
والمُكافَحةُ في الحرب: المضاربة تلقاء الوجوه. وفي الحديث أَنه قال
لحسان: لا تزال مُؤَيَّداً بروح القُدُس ما كافَحْتَ عن رسول الله؛
المُكافَحَةُ: المضاربة والمدافعة تلقاء الوجه، ويروى نافَحْتَ، وهو
بمعناه.وكَفَحه بالعصا كَفْحاً: ضربه بها. الفراء: أَكْفَحْته بالعصا أَي
ضربته، بالحاء. وقال شمر: كَفَخْتُه، بالخاء المعجمة. قال الأَزهري: كَفَحْتُه
بالعصا والسيف إِذا ضربته مواجهة، صحيح. وكَفَخْته بالعصا إِذا ضربته لا
غير. وكَفِحَ عنه
(* قوله «وكفح عنه إلخ» بابه سمع كما في القاموس.)
كَفْحاً: جَبُنَ. وأَكْفَحْتُه عني أَي رددتُه وجَنَّبْته عن الإِقدام
عليَّ. الجوهري: كافَحُوهم إِذا استقبلوهم في الحرب بوجوههم ليس دونها تُرْسٌ
ولا غيره.
والكَفِيحُ: الكُفْؤ.
والمُكافِحُ: المباشر بنفسه. وفلان يُكافِحُ الأُمور إِذا باشرها بنفسه.
وفي حديث جابر: إِن الله كَلَّم أَباك كِفاحاً أَي مواجهةً ليس بينهما
حجابٌ ولا رسول.
وأَكْفَح الدَّابةَ إِكفاحاً: تَلَقَّى فاها باللجام يضربه به ليلتقمه،
وهو من قولهم لقيته كِفاحاً أَي استقبلته كَفَّةَ كَفَّةَ. وكَفَحها
باللجام كَفْحاً: جذبها. وتقول في التقبيل: كافَحها كِفاحاً قَبَّلها
غَفْلَةً وِجاهاً. وكَفَحَ المرأَة يَكْفَحُها وكافَحها: قبلها غفلة. وفي
الحديث: إِني لأَكْفَحُها وأَنا صائم أَي أُواجهها بالقُبْلة. وكافَحَتْه أَي
قَبَّلَتْه؛ قال الأَزهري: وفي حديث أَبي هريرة أَنه سئل: أَتُقَبِّل
وأَنت صائم؟ فقال: نعم وأَكْفَحُها أَي أَتمكن من تقبيلها وأَستوفيه من غير
اختلاس، مِن المُكافَحَة وهي مصادفة الوجه، وبعضهم يَرْويه: وأَقْحَفُها؛
قال أَبو عبيد: فمن رواه وأَكْفَحُها أَراد بالكَفْح اللقاءَ والمباشرة
للجلد، وكلُّ من واجهته ولقيته كَفَّةَ كَفَّةَ، فقد كافَحْتَه كِفاحاً
ومُكافحةً؛ قال ابن الرِّقاع:
يُكافِحُ لَوْحات الهَواجِرِ بالضُّحى،
مكافَحَةً للمَنْخَرَيْنِ، وللفَمِ
قال: ومن رواه: وأَقْحَفُها أَراد شرب الريق مِن قَحَفَ الرجلُ ما في
الإِناء إِذا شرب ما فيه.
وكَفِيحُ المرأَة: زوجُها، وهو من ذلك. وكَفَحْته كَفْحاً:
كَلَوَّحْتُه.وتَكَفَّحَتِ السمائمُ أَنْفُسُها: كَفَحَ بعضها بعضاً؛ قال جَنْدَلُ بن
المُثَنَّى الحارثي:
فَرَّجَ عنها، حَلَقَ الرَّتائِجِ،
تَكَفُّحُ السمائمِ الأَواجِجِ
أَراد الأَواجَّ ففك التضعيف للضرورة؛ وكقوله:
تشْكُو الوَجَى من أَظْلَلٍ وأَظْلَلِ
أَراد من أَظَلَّ وأَظَلَّ. ابن شميل في تفسير قوله: أَعْطَيْتُ محمداً
كِفاحاً أَي كثيراً من الأَشياء في الدنيا والآخرة.
وفي النوادر: كَفْحةٌ من الناس وكَثْحَةٌ أَي جماعة ليست بكثيرة.
وكَفَحَ الشيءَ وكَثَحه: كشف عنه غِطاءه ككَشَحَه. والأَكْفَحُ:
الأَسودُ.
جرس: الجَرْسُ: مصدرٌ، الصوتُ المَجْرُوسُ. والجَرْسُ: الصوتُ نفسه.
والجَرْسُ: الأَصلُ، وقيل: الجَرْسُ والجِرْسُ الصوت الخَفِيُّ. قال ابن
سيده: الجَرْسُ والجِرْسُ والجَرَسُ؛ الأَخيرة عن كراع: الحركةُ والصوتُ من
كل ذي صوت، وقيل: الجَرْس، بالفتح، إِذا أُفرد، فإِذا قالوا: ما سمعت له
حِسّاً ولا جِرْساً، كسروا فأَتبعوا اللفظ اللفظ.
وأَجْرَسَ: علا صوته، وأَجْرَسَ الطائرُ إِذا سمعتَ صوتَ مَرِّه؛ قال
جَنْدَلُ بنُ المُثَّنَّى الحارثي الطُّهَوِيُّ يخاطب امرأَته:
لقد خَشِيتُ أَن يَكُبَّ قابِرِي
ولم تُمارِسْكِ من الضَّرائرِ
شِنْظِيرَةٌ شائِلَةُ الجَمائِرِ،
حتى إِذا أَجْرَسَ كلُّ طائِرِ،
قامتْ تُعَنْظِي بكِ سِمْعَ الحاضِرِ
يقول: لقد خشيت أَن أَموت ولا أَرى لك ضَرَّةً سَلِطَةً تُعَنظِي بكِ
وتُسْمِعُكِ المكروه عند إِجْراس الطائر، وذلك عند الصَّباح. والجمائر: جمع
جَمِيرة، وهي ضفيرة الشعر، وقيل: جَرَسَ الطائرُ وأَجْرَس صَوَّتَ.
ويقال: سمعت جَرْسَ الطيرإِذا سمعت صوت مناقيرها على شيء تأْكله. وفي الحديث:
فتسمعون صوتَ جَرْسِ طَيْرِ الجنة؛ أَي صوتَ أَكلها. قال الأَصْمَعِيُّ:
كنتُ في مجلس شُعْبَةَ قال: فتسمعون جَرْشَ طير الجنة، بالشين، فقلت:
جَرْسَ، فنظر إِليَّ وقال: خذوها عنه فإِنه أَعلم بهذا منا؛ ومنه الحديث:
فأَقبل القوم يَدِبُّونَ ويُخْفُونَ الجَرْسَ؛ أَي الصوت. وفي حديث سعيد
بن جبير، رضي اللَّه عنه، في صفة الصَّلْصالِ قال: أَرض خِصْبَةٌ
جَرِسَةٌ؛ الجَرْسة: التي تصوِّت إِذا حركت وقلبت وأَجْرَسَ الحادي إِذا حدا
للإِبل؛ قال الراجز:
أَجْرِسْ لها يا ابنَ أَبي كِباشِ،
فما لَها الليلةَ من إِنْفاشِ،
غيرَ السُّرَى وسائِقٍ نَجَّاشِ
أَي احْدُ لها لتَسْمَعَ الحُداءَ فتَسِيرَ. قال الجوهري: ورواه ابن
السكيت بالشين وأَلف الوصل، والرواة على خلافه. وجَرَسْتُ وتَجَرَّسْتُ أَي
تكلمت بشيء وتنغمت به. وأَجْرَسَ الحَيُّ: سمعتُ جَرْسه. وفي التهذيب:
أَجْرَسَ الحيُّ إِذا سَمعت صوتَ جَرْسِ شيء. وأَجرَسني السَّبُعُ: سمع
جَرْسِي. وجَرَسَ الكلامَ: تكلم به.
وفلانٌ مَجْرَسٌ لفلان: يأْنس بكلامه وينشرح بالكلام عنده؛ قال:
أَنْتَ لي مَجْرَسٌ، إِذا
ما نَبا كلُّ مَجْرَسِ
وقال أَبو حنيفة: فلان مَجْرَسٌ لفلان أَي مأْكلٌ ومُنتَفَعٌ. وقال مرة:
فلان مَجْرَسٌ لفلان أَي يأْخذ منه ويأْكل من عنده.
والجَرَسُ: الذي يُضْرَبُ به. وأَجْرَسه: ضربه. وروي عن النبي، صلى
اللَّه عليه وسلم، أَنه قال: لا تَصْحَبُ الملائكةُ رُفْقَةً فيها جَرَسٌ؛ هو
الجُلْجُلُ الذي يعلق على الدواب؛ قيل: إِنما كرهه لأَنه يدل على
أَصحابه بصوته؛ وكان، عليه السلام، يحب أَن لا يعلم العدوّ به حتى يأْتيهم
فجأَةً، وقيل الجَرَسُ الذي يُعلق في عنق البعير. وأَجْرَسَ الحَلْيُ: سُمِع
له صوتٌ مثل صوت الجَرَسِ، وهو صوتُ جَرْسِه؛ قال العجاج:
تَسْمَعُ للحَلْيِ إِذا ما وَسْوَسا،
وارْتَجَّ في أَجيادِها وأَجْرَسا،
زَفْزَفَةَ الرِّيحِ الحَصادَ اليَبَسا
وجَرْس الحَرْفِ: نَغْمَتُه. والحروفُ الثلاثة الجُوفُ: وهي الياء
والأَلف والواو، وسائرُ الحروفِ مَجْرُوسَةٌ.
أَبو عبيد: والجَرْسُ الأَكل، وقد جَرَسَ يَجْرُسُ. والجاروسُ: الكثير
الأَكل. وجَرَسَت الماشيةُ الشجرَ والعُشْبَ تَجْرِسُه وتَجْرُسُه
جَرْساً: لَحَسَتْه. وجَرَسَت البقرة ولدها جَرْساً: لحسته، وكذلك النحلُ إِذا
أَكلت الشجر للتَّعْسِيل؛ قال أَبو ذؤيب يصف نحلاً:
جَوارِسُها تَأْوي الشُّعُوفَ دَوائِباً،
وتَنصَبُّ أَلْهاباً مَصِيفاً كِرابُها
وجَرَسَتِ النحلُ العُرْفُطَ تَجْرُِسُ إِذا أَكلته، ومنه قيل للنحل:
جَوارِسُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، دخل بيت بعض نسائه
فسقته عَسَلاً، فَتَواطَأَتْ ثنتان من نسائه أَن تقول أَيَّتُهما دخل
عليها: أَكَلْتَ مَغافِيرَ، فإِن قال: لا، قالت: فَشَرِبْتَ إِذاً عسلاً
جَرَسَتْ نَحْلُه العُرْفُطَ؛ أَي أَكلتْ ورَعَتْ. والعُرْفُطُ: شجر.
ونَحْلٌ جَوارِسُ: تَأْكل ثمر الشجر؛ وقال أَبو ذؤيب الهذلي يصف النحل:
يَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ،
مَراضيعُ صُهْبُ الرّيشِ زُغْبٌ رِقابُها
والثمراء: جبل؛ وقال بعضهم: هو اسم للشجر المُثْمِر. ومراضيع: صغارٌ،
يعني أَن عسل الصِّغار منها أَفضل من عسل الكبار. والصُّهْبَةُ:
الشُّقْرَةُ، يريد أَجنحتها. الليث: النحلُ تَجْرُسُ العسلَ جَرْساً وتجرُسُ
النَّوْرَ، وهو لَحْسُها إِياه، ثم تُعَسَّله. ومرَّ جَرْسٌ من الليل أَي وقتٌ
وطائفة منه. وحكي عن ثعلب فيه: جَرَسٌ، بفتح الراء، قال ابن سيده: ولست
منه على ثقة، وقد يقال بالشين معجمة، والجمع أَجْراسٌ وجُرُوسٌ.
ورجل مُجَرَّسٌ ومُجَرِّسٌ: مُجَرِّبٌ للأُمور؛ وقال اللحياني: هو الذي
أَصابته البلايا، وقيل: رجل مُجَرَّسٌ إِذا جَرَّس الأُمور وعرفها، وقد
جَرَّسَتْه الأُمورُ أَي جَرَّبَتْه وأَحكمته؛ وأَنشد:
مُجَرِّساتٍ غِرَّة الغَرِيرِ
بالزَّجْرِ، والرَّيْمُ على المَزْجُورِ
وأَوَّل هذه القصيدة:
جارِيَ لا تَسْتَنْكِري غَدِيري،
سَيْرِي وإِشفاقي على بعيرِي،
وحَذَرِي ما ليس بالمَحْذُورِ،
وكَثْرَةَ التَحْدِيثِ عن شُقُوري،
وحِفْظَةً أَكَنَّها ضَمِيرِي
أَي لا تنكري حِفظَة أَي غضباً أَغضبه مما لم أَكن أَغضب منه؛ ثم قال:
والعَصْرَ قَبلَ هذه العُصُورِ،
مُجَرِّساتٍ غِرَّةَ الغَرِيرِ
بالزَّجْرِ، والرَّيْمُ على المَزْجُورِ
العصر: الزمن، والدهر. والتجريس: التحكيم والتجربة، فيقول: هذه العصور
قد جَرَّسَت الغِرَّ منا أَي حكمت بالزجر عما لا ينبغي إِتيانه.
والرِّيْمُ: الفضل، فيقول: من زُجِرَ فالفضل عليه لأَنه لا يُزْجَرُ إِلا عن أَمر
قَصَّرَ فيه. وفي حديث ناقة النبي، صلى اللَّه عليه وسلم: وكانت ناقةً
مُجَرَّسَةً أَي مُجَرَّبة مُدَرَّبة في الركوب والسير. والمُجَرَّسُ من
الناس: الذي قد جرَّبَ الأُمور وخَبَرَها؛ ومنه حديث عمر، رضي اللَّه عنه،
قال له طَلحَة: قد جَرّسَتْك الدُّهورُ أَي حَنَّكَتك وأَحكمتك وجعلتك
خبيراً بالأُمور مجرَّباً، ويروى بالشين المعجمة بمعناه. أَبو سعيد:
اجْتَرَسْتُ واجْتَرَشْتُ أَي كَسَبْتُ.
سرح: السَّرْحُ: المالُ السائم. الليث: السَّرْحُ المالُ يُسامُ في
المرعى من الأَنعام.
سَرَحَتِ الماشيةُ تَسْرَحُ سَرْحاً وسُرُوحاً: سامتْ. وسَرَحها هو:
أَسامَها، يَتَعَدَّى ولا يتعدى؛ قال أَبو ذؤَيب:
وكانَ مِثْلَيْنِ: أَن لا يَسْرَحُوا نَعَماً،
حيثُ اسْتراحَتْ مَواشِيهم، وتَسْرِيحُ
تقول: أَرَحْتُ الماشيةَ وأَنْفَشْتُها وأَسَمْتُها وأَهْمَلْتُها
وسَرَحْتُها سَرْحاً، هذه وحدها بلا أَلف. وقال أَبو الهيثم في قوله تعالى:
حين تُرِيحُونَ وحين تَسْرَحُونَ؛ قال: يقال سَرَحْتُ الماشيةَ أَي
أَخرجتها بالغَداةِ إلى المرعى. وسَرَحَ المالُ نَفْسُهُ إِذا رَعَى بالغَداةِ
إِلى الضحى.
والسَّرْحُ: المالُ السارحُ، ولا يسمى من المال سَرْحاً إِلاَّ ما
يُغْدَى به ويُراحُ؛ وقيل: السَّرْحُ من المال ما سَرَحَ عليك.
يقال: سَرَحَتْ بالغداة وراحتْ بالعَشِيِّ، ويقال: سَرَحْتُ أَنا
أَسْرَحُ سُرُوحاً أَي غَدَوْتُ؛ وأَنشد لجرير:
وإِذا غَدَوْتُ فَصَبَّحَتْك تحِيَّةٌ،
سَبَقَتْ سُرُوحَ الشَّاحِجاتِ الحُجَّلِ
قال: والسَّرْحُ المال الراعي. وقول أَبي المُجِيبِ ووصف أَرضاً
جَدْبَةً: وقُضِمَ شَجرُها والتَقى سَرْحاها؛ يقول: انقطع مَرْعاها حتى التقيا
في مكان واحد، والجمع من كل ذلك سُرُوحٌ.
والمَسْرَحُ، بفتح الميم: مَرْعَى السَّرْح، وجمعه المَسارِحُ؛ ومنه
قوله:
إِذا عاد المَسارِحُ كالسِّباحِ
وفي حديث أُم زرع: له إِبلٌ قليلاتُ المسارِحِ؛ هو جمع مَسْرَح، وهو
الموضع الذي تَسْرَحُ إِليه الماشيةُ بالغَداة للرَّعْيِ؛ قيل: تصفه بكثرة
الإِطْعامِ وسَقْيِ الأَلبان أَي أَن إِبله على كثرتها لا تغيب عن الحيِّ
ولا تَسْرَحُ في المراعي البعيدة، ولكنها باركة بفِنائه ليُقَرِّب
للضِّيفان من لبنها ولحمها، خوفاً من أَن ينزل به ضيفٌ، وهي بعيدة عازبة؛ وقيل:
معناه أَن إَبله كثيرة في حال بروكها، فإِذا سَرَحت كانت قليلة لكثرة ما
نُحِرَ منها في مَباركها للأَضياف؛ ومنه حديث جرير: لا يَعْزُب سارِحُها
أَي لا يَبْعُدُ ما يَسْرَحُ منها إِذا غَدَت للمرعى. والسارحُ: يكون
اسماً للراعي الذي يَسْرَحُ الإِبل، ويكون اسماً للقوم الذين لهم السَّرْحُ
كالحاضِرِ والسَّامِر وهما جميعٌ. وما له سارحةٌ ولا رائحة أَي ما له
شيءٌ يَرُوحُ ولا يَسْرَحُ؛ قال اللحياني: وقد يكون في معنى ما له قومٌ.
وفي كتاب كتبه رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لأُكَيْدِر دُومةِ
الجَنْدَلِ: لا تُعْدَلُ سارِحَتُم ولا تُعَدُّ فارِدَتُكم. قال أَبو عبيد: أَراد
أَن ماشيتهم لا تُصْرَفُ عن مَرْعًى تريده. يقال عَدَلْتُه أَي صرفته،
فَعَدَلَ أَي انصرف. والسارحة: هي الماشية التي تَسْرَحُ بالغداة إِلى
مراعيها.
وفي الحديث الآخر: ولا يُمْنَعُ سَرْحُكم؛ السَّرْحُ والسارحُ والسارحة
سواء: الماشية؛ قال خالد بن جَنْبَةَ: السارحة الإِبل والغنم. قال:
والسارحة الدابة الواحدة، قال: وهي أَيضاً الجماعة. والسَّرْحُ: انفجار البول
بعد احتباسه.
وسَرَّحَ عنه فانْسَرَحَ وتَسَرَّحَ: فَرَّجَ. وإِذا ضاق شيءٌ
فَفَرَّجْتَ عنه، قلت: سَرَّحْتُ عنه تسريحاً؛ قال العجاج:
وسَرَّحَتْ عنه، إِذا تَحَوَّبا،
رَواجِبُ الجَوْفِ الصَّهِيلَ الصُّلَّبا
ووَلَدَتْه سُرُحاً أَي في سُهولة. وفي الدعاء: اللهم اجعَلْه سهلاً
سُرُحاً. وفي حديث الفارعة: أَنها رأَت إِبليس ساجداً تسيل دموعه كسُرُحِ
الجَنِينِ؛ السُّرُحُ: السهل. وإِذا سَهُلت ولادة المرأَة، قيل: وَلَدَتْ
سُرُحاً. والسُّرُحُ والسَّرِيحُ: إِدْرارُ البول بعد احتباسه؛ ومنه حديث
الحسن: يا لها نِعْمَةً، يعني الشَّرْبة من الماء، تُشْرَبُ لذةً وتخرج
سُرُحاً أَي سهلاً سريعاً.
والتسريحُ: التسهيل. وشيءٌ سريح: سهل.
وافْعَل ذلك في سَراحٍ وَرواحٍ أَي في سهولة.
ولا يكون ذلك إِلاَّ في سَريح أَي في عَجَلة. وأَمرٌ سَرِيحٌ: مُعَجَّلٌ
والاسم منه السَّراحُ، والعرب تقول: إِن خَيْرَك لفي سَرِيح، وإِن
خَيْرَك لَسَريحٌ؛ وهو ضد البطيء.
ويقال: تَسَرَّحَ فلانٌ من هذا الكان إِذا ذهب وخرج. وسَرَحْتُ ما في
صدري سَرْحاً أَي أَخرجته. وسمي السَّرْحُ سَرْحاً لأَنه يُسَْحُ فيخرُجُ؛
وأَنشد:
وسَرَحْنا كلَّ ضَبٍّ مُكْتَمِنْ
والتسريحُ: إِرسالك رسولاً في حاجة سَراحاً. وسَرَّحْتُ فلاناً إِلى
موضع كذا إِذا أَرْسلته. وتَسْرِيحُ المرأَة: تطليقُها. والاسم السِّراحُ،
مثل التبليغ والبلاغ. وتَسْرِيحُ دَمِ العِرْقِ المفصود: إِرساله بعدما
يسيل منه حين يُفْصَد مرة ثانية. وسمى الله، عز وجل، الطلاق سَراحاً، فقال:
وسَرِّحُوهنّ سَراحاً جميلاً؛ كما سماه طلاقاً من طَلَّقَ المرأَة،
وسماه الفِرَاقَ، فهذه ثلاثة أَلفاظ تجمع صريح الطلاق الذي لا يُدَيَّنُ فيها
المُطَلِّقُ بها إِذا أَنكر أَن يكون عنى بها طلاقاً، وأَما الكنايات
عنها بغيرها مثل البائنة والبتَّةِ والحرام وما أَشبهها، فإِنه يُصَدَّق
فيها مع اليمين أَنه لم يرد بها طلاقاً. وفي المثل: السَّراحُ من النَّجاح؛
إِذا لم تَقْدِرْ على قضاء حاجة الرجل فأَيِّسْه فإِن ذلك عنده بمنزلة
الإِسعاف. وتَسْرِيحُ الشَّعر: إِرساله قبل المَشْطِ؛ قال الأَزهري:
تَسْرِيحُ الشعر ترجيله وتخليص بعضه من بعض بالمشط؛ والمشط يقال له: المِرجل
والمِسرح، بكسر الميم. والمَسْرَحُ، بفتح الميم: المرعى الذي تَسْرَحُ فيه
الدواب للرّعي. وفرسٌ سَريح أَي عُرْيٌ، وخيل سُرُحٌ وناقةٌ سُرُحٌ
ومُنْسَرِحة في سيرها أَي سريعة؛ قال الأَعشى:
بجُلالةٍ سُرُحٍ، كأَنَّ بغَرْزِها
هِرّاً، إِذا انتَعَل المَطِيُّ ظِلالَها
ومِشْيَةٌ سُرُحُ مثل سُجُح أَي سهلة.
وانْسَرَحَ الرجلُ إِذا استلقى وفَرَّجَ بين رجليه: وأَما قول حُمَيْد
بن ثور:
أَبى اللهُ إِلاَّ أَنَّ سَرْحَةَ مالكٍ،
على كلِّ أَفْنانِ العِضاهِ، تَرُوقُ
فإِنما كنى بها عن امرأَة. قال الأَزهري: العرب تكني عن المرأَة
بالسَّرْحةِ النابتة على الماء؛ ومنه قوله:
يا سَرْحةَ الماءِ قد سُدَّتْ موارِدُه،
أَما إِليكِ طريقٌ غيرُ مسْدُودِ
لحائمٍ حامَ حتى لا حَراكَ به،
مُحَّلإٍ عن طريقِ الوِرْدِ، مَرْدودِ
كنى بالسَّرْحةِ النابتة على الماء عن المرأَة لأَنها حينئذٍ أَحسن ما
تكن؛ وسَرْحةٌ في قول لبيد:
لمن طَلَلٌ تَضَّمَنهُ أُثالُ،
فَسَرْحةُ فالمَرانَةُ فالخَيالُ؟
هو اسم موضع
(* قوله «هو اسم موضع» مثله في الجوهري وياقوت. وقال المجد:
الصواب شرجة، بالشين والجيم المعجمتين. والحِمال، بكسر الحاء المهملة
والباء الموحدة.).
والسَّرُوحُ والسُّرُحُ من الإِبل: السريعةُ المشي.
ورجل مُنْسَرِحٌ: متجرِّد؛ وقيل: قليل الثياب خفيف فيها، وهو الخارج من
ثيابه؛ قال رؤبة:
مُنْسَرِحٌ إِلاَّ ذَعاليب الخِرَقْ
والمُنْسَرِحُ: الذي انْسَرَحَ عنه وَبَرُه. والمُنْسَرِحُ: ضربٌ من
الشِّعْر لخفته، وهو جنس من العروض تفعيله: مستفعلن مفعولات مستفعلن ست
مرات. ومِلاطٌ سُرُحُ الجَنْبِ: مُنْسَرِحٌ للذهاب والمجيء؛ يعني بالملاط
الكَتِفَ، وفي التهذيب: العَضُد؛ وقال كراع: هو الطين؛ قال ابن سيده: ولا
أَدري ما هذا. ابن شميل: ابنا مِلاطَي البعير هما العَضُدانِ، قال:
والملاطان ما عن يمين الكِرْكِرَةِ وشمالها.
والمِسْرَحةُ: ما يُسَرَّحُ به الشعَر والكَتَّان ونحوهما. وكل قطعة من
خرقة متمزقة أَو دم سائل مستطيل يابس، فهو ما أَشبهه سَرِيحة، والجمع
سَرِيحٌ وسَرائِحُ. والسَّريحة: الطريقة من الدم إِذا كانت مستطيلة؛ وقال
لبيد:
بلَبَّته سَرائِحُ كالعَصيمِ
قال: والسَّريحُ السيرُ الذي تُشَدُّ به الخَدَمَةُ فوق الرُّسْغ.
والسَّرائح والسُّرُح: نِعالُ الإِبل؛ وقيل: سِيُورُ نِعالها، كلُّ سَيرٍ منها
سَريحة؛ وقيل: السيور التي يُخْصَفُ بها، واحدتها سَرِيحة، والخِدامُ
سُيُورٌ تُشَدُّ في الأَرْساغ، والسَّرائِحُ: تُشَدُّ إِلى الخَدَم.
والسَّرْحُ: فِناءُ الباب. والسَّرْحُ: كل شجر لا شوك فيه، والواحدة سَرْحة؛
وقيل: السَّرْحُ كلُّ شجر طال.
وقال أَبو حنيفة: السَّرْحةُ دَوْحة مِحْلالٌ واسِعةٌ يَحُلُّ تحتها
الناسُ في الصيف، ويَبْتَنُون تحتها البيوت، وظلها صالح؛ قال الشاعر:
فيا سَرْحةَ الرُّكْبانِ، ظِلُّك بارِدٌ،
وماؤُكِ عَذْب، لا يَحِلُّ لوارِدِ
(* قوله «لا يحل لوارد» هكذا في الأَصل بهذا الضبط وشرح القاموس وانظره
فلعله لا يمل لوارد.)
والسَّرْحُ: شجر كبار عظام طِوالٌ لا يُرْعَى وإِنما يستظل فيه. وينبت
بنَجدٍ في السَّهْل والغَلْظ، ولا ينبت في رمل ولا جبل، ولا يأْكله المالُ
إِلاَّ قليلاً، له ثمر أَصفر، واحدته سَرْحة، ويقال: هو الآءُ، على وزن
العاعِ، يشبه الزيتون، والآءُ ثمرةُ السَّرْح؛ قال: وأَخبرني أَعرابي
قال: في السَّرْحة غُبْرَةٌ وهي دون الأَثْلِ في الطول، ووَرَقُها صغار، وهي
سَبْطَة الأَفْنان. قال: وهي مائلة النِّبتة أَبداً ومَيلُها من بين
جميع الشجر في شِقّ اليمين، قال: ولم أَبْلُ على هذا الأَعرابي كذباً.
الأَزهري عن الليث: السَّرْحُ شجر له حَمْل وهي الأَلاءَة، والواحدة سرحة؛ قال
الأَزهري: هذا غلط ليس السرح من الأَلاءَة في شيء. قال أَبو عبيد:
السَّرْحة ضرب من الشجر، معروفة؛ وأَنشد قول عنترة:
بَطَلٌ، كأَنَّ ثِيابَه في سَرْحةٍ،
يُحْذَى نِعالَ السِّبْتِ، ليس بتَؤْأَمِ
يصفه بطول القامة، فقد بيَّن لك أَن السَّرْحَة من كبار الشجر، أَلا ترى
أَنه شبه به الرجل لطوله، والأَلاء لا ساق له ولا طول؟ وفي حديث ابن عمر
أَنه قال: إِنَّ بمكان كذا وكذا سَرْحةً لم تُجْرَدْ ولم تُعْبَلْ،
سُرَّ تحتها سبعون نبيّاً؛ وهذا يدل على أَن السَّرْحةَ من عظام الشجر؛ ورواه
ابن الأَثير: لم تُجْرَدْ ولم تُسْرَحْ، قال: ولم تُسْرَحْ لم يصبها
السَّرْحُ فيأْكل أَغصانها وورقها، قال: وقيل هو مأْخوذ من لفظ السَّرْحة،
أَراد: لم يؤْخذ منها شيء، كما يقال: شَجَرْتُ الشجرةَ إِذا أَخذتُ
بعضَها. وفي حديث ظَبْيانَ: يأْكلون مُلاَّحها ويَرْعَوْنَ سِراحَها. ابن
الأَعرابي: السَّرْحُ كِبارُ الذَّكْوانِ، والذَّكْوانُ شجرٌ حَسَنُ
العَساليح. أَبو سعيد: سَرَحَ السيلُ يَسْرَحُ سُرُوحاً وسَرْحاً إِذا جرى جرياً
سهلاً، فهو سيلٌ سارحٌ؛ وأَنشد:
ورُبَّ كلِّ شَوْذَبِيٍّ مُنْسَرِحْ،
من اللباسِ، غيرَ جَرْدٍ ما نُصِحْ
(* قوله «وأَنشد ورب كل إلخ» حق هذا البيت أَن ينشد عند قوله فيما مر
ورجل منسرح متجرد كما استشهد به في الأَساس على ذلك وهو واضح.)
والجَرْدُ: الخَلَقُ من الثياب. وما نُصِحَ أَي ما خيط.
والسَّرِيحةُ من الأَرض: الطريقة الظاهرة المستوية في الأَرض ضَيِّقةً؛
قال الأَزهري: وهي أَكثر نبْتاً وشجراً مما حولها وهي مُشرفة على ما
حولها، والجمع السَّرائح، فتراها مستطيلة شَجِيرة وما حولها قليل الشجر،
وربما كانت عَقَبة. وسَرائحُ السهم: العَقَبُ الذي عُقِبَ به؛ وقال أَبو
حنيفة: هي العَقَبُ الذي يُدْرَجُ على اللِّيطِ، واحدته سَرِيحة. والسَّرائحُ
أَيضاً: آثار فيه كآثار النار.
وسُرُحٌ: ماءٌ لبني عَجْلاَنَ ذكره ابن مقبل فقال:
قالت سُلَيْمَى ببَطْن القاعِ من سُرُحٍ
وسَرَحَه اللهُ وسَرَّحه أَي وَفَّقه الله؛ قال الأَزهري: هذا حرف غريب
سمعته بالحاء في المؤلف عن الإِيادي. والمَسْرَحانِ: خشبتانِ تُشَدَّانِ
في عُنُق الثور الذي يحرث به؛ عن أَبي حنيفة.
وسَرْحٌ: اسمٌ؛ قال الراعي:
فلو أَنَّ حَقَّ اليوم منكم أَقامَه،
وإِن كان سَرْحٌ قد مَضَى فَتَسَرَّعا
ومَسْرُوحٌ: قبيلة. والمَسْرُوحُ: الشرابُ، حكي عن ثعلب وليس منه على
ثقة.
وسِرْحانُ الحَوْضِ: وَسَطُه. والسِّرْحانُ: الذِّئبُ، والجمع سَراحٍ
(*
قوله «والجمع سراح» كثمان فيعرب منقوصاً كأنهم حذفوا آخره.) وسَراحِينُ
وسَراحِي، بغير نونٍ، كما يقالُ: ثَعَالِبٌ وثَعَالِي. قال الأَزهري:
وأَما السِّراحُ في جمع السِّرْحان فغير محفوظ عندي. وسِرْحانٌ: مُجْرًى من
أَسماء الذئب؛ ومنه قوله:
وغارةُ سِرْحانٍ وتقريبُ تَتْفُلِ
والأُنثى بالهاء والجمع كالجمع، وقد تجمع هذه بالأَلف والتاء.
والسِّرْحانُ والسِّيدُ الأَسدُ بلغة هذيل؛ قال أَبو المُثَلَّمِ يَرْثي صَخْر
الغَيّ:
هَبَّاطُ أَوْدِيَةٍ، حَمَّالُ أَلْوِيَةٍ،
شَهَّادُ أَنْدِيَةٍ، سِرْحانُ فِتْيانِ
والجمع كالجمع؛ وأَنشد أَبو الهيثم لطُفَيْلٍ:
وخَيْلٍ كأَمْثَالِ السِّراحِ مَصُونَةٍ،
ذَخائِرَ ما أَبقى الغُرابُ ومُذْهَبُ
قال أَبو منصور: وقد جاء في شعر مالك بن الحرث الكاهلي:
ويوماً نَقْتُلُ الآثارَ شَفْعاً،
فنَتْرُكُهمْ تَنُوبُهمُ السِّراحُ
شَفْعاً أَي ضِعف ما قتلوا وقِيسَ على ضِبْعانٍ وضِباعٍ؛ قال الأَزهري:
ولا أَعرف لهما نظيراً. والسِّرْحانُ: فِعْلانٌ من سَرَحَ يَسْرَحُ؛ وفي
حديث الفجر الأَول: كأَنه ذَنَبُ السِّرْحانِ؛ وهو الذئب، وقيل: الأَسد.
وفي المثل: سَقَط العَشاءُ
(* قوله «وفي المثل سقط العشاء إلخ» قال أَبو
عبيد أصله أن رجلاً خرج يلتمس العشاء فوقع على ذئب فأكله اهـ. من
الميداني.) به على سِرْحانٍ؛ قال سيبويه: النون زائدة، وهو فِعْلانٌ والجمع
سَراحينُ؛ قال الكسائي: الأُنثى سِرْحانة. والسِّرْحالُ: السِّرْحانُ، على
البدل عند يعقوب؛ وأَنشد:
تَرَى رَذايا الكُومُ فوقَ الخالِ
عِيداً لكلِّ شَيْهمٍ طِمْلالِ،
والأَعْوَرِ العينِ مع السِّرحالِ
وفرس سِرْياحٌ: سريع: قال ابن مُقْبل يصف الخيل:
من كلِّ أَهْوَجَ سِرْياحٍ ومُقْرَبةٍ،
نفات يوم لكال الورْدِ في الغُمَرِ
(* يحرر هذا الشطر والبيت الذي بعده فلم نقف عليهما.)
قالوا: وإِنما خص الغُمَرَ وسَقْيَها فيه لأَنه وصفها بالعِتْق وسُبُوطة
الخَدِّ ولطافة الأَفواه، كما قال:
وتَشْرَبُ في القَعْب الصغير، وإِن فُقِدْ،
لمِشْفَرِها يوماً إِلى الماء تنقد
(* هكذا في الأصل ولعله: وان تُقد بمشفرها تَنقد.)
والسِّرْياحُ من الرجال: الطويلُ. والسِّرياح: الجرادُ. وأُم سِرْياحٍ:
امرأَةٌ، مشتق منه؛ قال بعض أُمراء مكة، وقيل هو لدرَّاج بن زُرْعة:
إِذا أُمُّ سِرياحٍ غَدَتْ في ظَعائِنٍ
جَوَالِسَ نَجْداً، فاضتِ العينُ تَدْمَعُ
قال ابن بري: وذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم سِرْياح في غير هذا الموضع
كنية الجرادة. والسِّرياحُ: اسم الجراد. والجالسُ: الآتي نَجْداً.
ضبب: الضَّبُّ: دُوَيْبَّة من الحشرات معروف، وهو يشبه الوَرَلَ؛ والجمع أَضُبٌّ مثل كَفٍّ وأَكُفٍّ، وضِـبابٌ وضُبَّانٌ، الأَخيرة عن اللحياني. قال: وذلك إِذا كَثُرَتْ جِدّاً؛ قال ابن سيده: ولا أَدري ما هذا الفرق، لأَنَّ فِعَالاً وفُعْلاناً سواء في أَنهما بناءَان من أَبنية الكثرة، والأُنثى: ضَبَّة. وأَرض مَضَبَّةٌ وضَبِـبَةٌ: كثيرةُ الضِّباب. التهذيب: أَرضٌ ضَبِـبَةٌ؛ أَحدُ ما جاءَ على أَصله. قال أَبو منصور: الوَرَلُ سَبْطُ الخَلْق،طويلُ
الذَّنَب، كأَنَّ ذَنبه ذنبُ حَيَّة؛ ورُبَّ وَرَلٍ يُرْبي طُولُه على ذراعين. وذَنَبُ الضَّبِّ ذو عُقَد، وأَطولُه يكون قَدْرَ شِبْر. والعرب تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وتستقذره ولا تأْكله، وأَما الضَّبُّ فإِنهم يَحْرِصُون على صَيْده وأَكله؛ والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَب، خَشِنُه، مُفَقَّرُه، ولونُه إِلى الصُّحْمَةِ، وهي غُبْرَة مُشْرَبةٌ سَواداً؛ وإِذا سَمِنَ اصْفَرَّ صَدْرُه، ولا يأْكل إِلاَّ الجَنادِبَ والدَّبـى والعُشْبَ، ولا يأْكل الـهَوامَّ؛ وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العقارب، والحيات، والـحَرابِـيَّ، والخنافس، ولحمه دُرْياق، والنساء يَتَسَمَّنَّ بلحمه.
وضَبِـبَ البلدُ ، (1)
(1 قوله «وضبب البلد» كفرح وكرم اهـ القاموس.)
وأَضَبَّ: كثُرَت ضِـبابُه؛ وهو أَحدُ ما جاءَ على الأَصْل من هذا
الضرب.ويقال: أَضَبَّتْ أَرضُ بني فلانٍ إِذا كثر ضِـبَابُها.
وأَرضٌ مُضِـبَّةٌ ومُرْبِعةٌ: ذات ضِـبابٍ ويَرابِـيعَ. ابن السكيت:
ضَبِـبَ البلدُ كثُرَتْ ضِـبابُه؛ ذكره في حروف أَظهر فيها التضعيف، وهي متحركة، مثل قَطِطَ شعرُه ومَشِشَتِ الدابةُ وأَلِلَ السِّقاءُ. وفي الحديث: أَن أَعرابيّاً أَتى النبـيَّ، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إِني في غَائطٍ مُضِـبَّةٍ. قال ابن الأَثير: هكذا جاءَ في
الرواية، بضم الميم وكسر الضاد، والمعروف بفتحهما، وهي أَرْضٌ مَضَبَّة مثل مَـأْسَدَة ومَذْأَبة ومَرْبَعَة أَي ذات أُسود وذِئاب ويَرابِـيعَ؛ وجمع الـمَضَبَّة مَضَابُّ. فأَما مُضِـبَّة: فهو اسم فاعل من أَضَبَّ، كأَغَدَّتْ، فهي مُغِدَّة. فإِن صحت الرواية فهي بمعناها. قال: ونحوُ هذا البناء الحديثُ الآخر: لم أَزَلْ مُضِـبّاً بَعْدُ؛ هو من الضَّبِّ: الغَضَب والـحِقْد أَي لم أَزل ذا ضَبٍّ.
ووقعنا في مَضابَّ مُنْكَرةٍ: وهي قِطَع من الأَرض كثيرةُ الضِّباب، الواحدة مَضَبَّة. قال الأَصمعي: سمعت غيرَ واحدٍ من العربِ يقول: خرجنا نصطاد الـمَضَبَّة أَي نَصيدُ الضِّبابَ، جمعوها على مَفْعَلة، كما يقال للشُّيوخ مَشْيَخة، وللسُّيوف مَسْيَفَةٌ.
والـمُضَبِّبُ: الحارِشُ الذي يَصُبُّ الماء في جُحْرِه حتى يَخرُجَ
ليأْخذَه.
والـمُضَبِّبُ: الذي يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرة الضِّبَاب حتى يُذْلِقَها فَتَبرُزَ فيَصِـيدَها؛ قال الكميت:
بغَبْيَةِ صَيْفٍ لا يُؤَتِّي نِطافَها * لِـيَبْلُغَها، ما أَخْطَـأَتْهُ، الـمُضَبِّبُ
يقول: لا يحتاج الـمُضَبِّبُ أَن يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرتها حتى يستخرج الضِّبابَ ويَصِـيدَها، لأَن الماءَ قد كثر، والسيلُ قد عَلاَ الزُّبى، فكفاه ذلك.
وضَبَّبْتُ على الضَّبِّ إِذا حَرَشْتَه، فخرَجَ إِليك مُذَنِّباً، فأَخَذْتَ بذَنَبه.
والضَّبَّةُ: مَسْكُ الضَّبِّ يُدْبَغُ فيُجْعَلُ فيه السَّمْن. وفي المثل: أَعَقُّ من ضَبٍّ، لأَنه ربما أَكل حُسُولَه.
وقولهم: لا أَفْعَلُه حتى يَحنَّ الضَّبُّ في أَثَر الإِبل الصَّادِرَة، ولا أَفْعَلُه حتى يَرِدَ الضَّبُّ الماءَ؛ لأَن الضبَّ لا يَشْرَبُ الماءَ. ومن كلامهم الذي يَضَعُونه على أَلسنة البهائم، قالت السمكةُ:
وِرْداً يا ضَبُّ؛ فقال:
أَصْبَحَ قلبي صَرِدا، * لا يَشْتَهِـي أَن يَرِدَا،
إِلاَّ عَراداً عَرِدا، * وصِلِّيانـــــــاً بــــــَرِدَا، (2)
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا
(2 قوله «وصلياناً بردا» قال في التكملة تصحيف من القدماء فتبعهم الخلف. والرواية زرداً أي بوزن كتف وهو السريع الازدراد.)
والضَّبُّ يكنى أَبا حِسْلٍ؛ والعرب تُشَبِّه كَفَّ
البخيل إِذا قَصَّرَ عن العطاءِ بكفِّ الضَّبِّ؛ ومنه قول الشاعر:
مَناتِـينُ، أَبْرامٌ، كأَنَّ أَكُفَّهُم * أَكُفُّ ضِـبابٍ أُنْشِقَتْ في الـحَبائِلِ
وفي حديث أَنس: أَن الضَّبَّ لَـيَموتُ هُزالاً في جُحْرِه بذَنْبِ ابن
آدم أَي يُحْبَسُ المطر عنه بشُـؤْم ذنوبهم. وإِنما خص الضَّبَّ،
لأَنـَّه أَطْوَلُ الحيوان نَفَساً وأَصْبَرُها على الجُوع. ويروى: أَن
الـحُبارَى بَدَل الضَّب لأَنها أَبعدُ الطير نَجْعَـةً.
ورجل خَبٌّ ضَبٌّ: مُنْكَرٌ مُراوِغٌ حَرِبٌ. والضَّبُّ والضِّبُّ: الغَيْظُ والـحِقْدُ؛ وقيل: هو الضِّغْن والعَداوة، وجَمْعه ضِـباب؛قال الشاعر:
فما زالتْ رُقاكَ تَسُلُّ ضِغْني، * وتُخْرِجُ، من مَكامِنها، ضِبابي
وتقول: أَضَبَّ فلانٌ على غِلٍّ في قلبه أَي أَضْمره. وأَضَبَّ الرجلُ على حِقْدٍ في القلب، وهو يُضِبُّ إِضْباباً.
ويقال للرجل إِذا كان خَبّاً مَنُوعاً: إِنه لَخَبٌّ ضَبٌّ. قال: والضَّبُّ الـحِقْد في الصَّدْر. أَبو عمرو: ضَبَّ إِذا حَقَد. وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه: كلٌّ منهما حاملُ ضَبٍّ لصاحبه. وفي حديث
عائشة، رضي اللّه عنها: فغَضِبَ القاسمُ وأَضَبَّ عليها.
وضَبَّ ضَبّاً، وأَضَبَّ به: سَكَتَ مثلُ أَضْـبَـأَ، وأَضَبَّ على
الشيءِ، وضَبَّ: سكت عليه.
وقال أَبو زيد: أَضَبَّ إِذا تكلم، وضَبَّ على الشيءِ وأَضَبَّ
وضَبَّبَ: احْتواه. وأَضَبَّ الشيءَ: أَخفاه. وأَضَبَّ على ما في يديه: أَمسكه. وأَضَبَّ القومُ: صاحوا وجَلَّبُوا؛ وقيل: تكلموا أَو كَلَّم بعضُهم بعضاً. وأَضَبُّوا في الغارة: نَهَدوا واسْتَغارُوا. وأَضَبُّوا عليه إِذا أَكثروا عليه؛ وفي الحديث: فلما أَضَبُّوا عليه أَي أَكثروا. ويقال: أَضَبُّوا إِذا تكلموا متتابعاً، وإِذا نَهَضُوا في الأَمر جميعاً. وأَضَبَّ فُلانٌ على ما في نفسه أَي سكت.الأَصمعي: أَضَبَّ فلانٌ على ما في نفسه أَي أَخرجه. قال أَبو حاتم: أَضَبَّ القومُ إِذا سكتوا وأَمسكوا عن الحديث، وأَضَبُّوا إِذا تَكَلَّموا وأَفاضُوا في الحديث؛ وزعموا أَنه من الأَضداد.
وقال أَبو زيد: أَضَبَّ الرَّجلُ إِذا تكلم، ومنه يقال: ضَبَّتْ لِثَتُه دماً إِذا سالتْ، وأَضْبَبْتُها أَنا إِذا أَسَلْتُ منها الدم، فكأَنه أَضَبَّ الكلام
أَي أَخرجه كما يُخْرجُ الدَّمَ. وأَضَبَّ النَّعَمُ: أَقبلَ وفيه تَفَرُّقٌ.
والضَّبُّ والتَّضْبيبُ: تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض.
والضَّبابُ: نَـدًى كالغيم.
وقيل: الضَّبابةُ سَحابة تُغَشِّي الأَرضَ كالدخان، والجمع: الضَّبابُ.
وقيل: الضَّبابُ والضَّبابةُ نَـدًى كالغُبار يُغشِّي الأَرضَ
بالغَدَواتِ. ويقال: أَضَبَّ يَومُنا، وسماءٌ مُضِـبَّةٌ. وفي الحديث: كنتُ مع النبي، صلى اللّه عليه وسلم، في طريق مكة، فأَصابَتْنا ضَبابة فَرَّقت بين الناس؛ هي البُخار الـمُتَصاعِدُ من الأَرض في يوم الدَّجْنِ، يصير كالظُّلَّة تَحْجُبُ الأَبْصارَ لظلمتها. وقيل: الضَّبابُ هو السحاب الرقيق؛ سمي بذلك لِتَغْطيته الأُفُق، واحدتُه ضَبابة.
وقد أَضَبَّتِ السَّماءُ إِذا كان لها ضَبَابٌ. وأَضَبَّ الغيمُ: أَطْبَقَ. وأَضَبَّ يومُنا: صار ذا ضَبابٍ. وأَضَبَّتِ الأَرضُ: كثر نباتُها.
ابن بُزُرْج:
أَضَبَّتِ الأَرضُ بالنبات: طَلَعَ نباتُها جميعاً.
وأَضَبَّ القومُ: نَهَضوا في الأَمر جميعاً. وأَضَبَّ الشَّعَرُ: كَثُرَ.
وأَضَبَّ السِّقاءُ: هُريقَ ماؤُه من خَرْزَةٍ فيه، أَو وَهْيَةٍ. وأَضْبَبْتُ
على الشيءِ: أَشْرَفْتُ عليه أَن أَظْفَرَ به. قال أَبو منصور: وهذا من ضَبَـأَ يَضْبَـأُ، وليس من باب المضاعف. وقد جاءَ به الليث في باب المضاعف. قال: والصواب الأَول، وهو مرويّ عن الكسائي. وأَضَبَّ على الشَّيءِ:لَزِمَه فلم يُفارقْه، وأَصلُ الضَّبِّ اللُّصُوق بالأَرض. وضَبَّ النَّاقَةَ يَضُبُّها: جَمَعَ خِلْفَيْها في كَفِّه للـحَلْب؛ قال الشاعر:
جَمَعْتُ له كَفَّـيَّ بالرُّمْحِ طاعِناً، * كما جَمَعَ الخِلْفَينِ، في الضَّبِّ، حالِبُ
ويقال: فلان يَضُبُّ ناقَتَه، بالضم، إِذا حَلبَها بِخَمْسِ أَصابعَ.
والضَّبُّ أَيضاً: الـحَلْبُ بالكَفِّ كلها؛ وقيل: هذا هو الضَّفُّ، فأَما الضَّبُّ فأَن تَجْعَل إِبْهامَكَ على الخِلْفِ، ثم تَرُدَّ أَصابعك على الإِبهام والخِلْفِ جميعاً؛ هذا إِذا طالَ الخِلْفُ، فإِن كان وَسَطاً، فالبَزْمُ بمَفْصِل السبَّابة وطَرَفِ الإِبهام، فإِن كان قَصيراً، فالفَطْرُ بطَرفِ السبَّابة والإِبهام. وقيل: الضَّبُّ أَنْ تَضُمَّ يَدَكَ على الضَّرْع وتُصَيِّر إِبهامَك في وَسَطِ راحتك.
وفي حديث موسى وشُعَيب، عليهما السلام: ليس فيها ضَبُوبٌ ولا ثَعُولٌ. الضَّبُوب: الضَّيِّقَة ثَقْبِ الإِحْليل.والضَّبَّةُ: الـحَلْبُ بِشِدَّةِ العصر.
وقوله في الحديث: إِنما بَقِـيَتْ من الدُّنْيا مِثْلُ ضَبَابةٍ؛ يعني في القِلَّةِ وسُرعَةِ الذهاب. قال أَبو منصور: الذي جاء في الحديث: إِنما بَقِـيَتْ من الدنيا صُبَابةٌ كصُبابة الإِناء، بالصاد غير معجمة، هكذا رواه أَبو عبيد وغيره.
والضَّبُّ: القَبْضُ على الشيء بالكَف. ابن شميل: التَّضْبيب شِدَّةُ القبض على الشيء كيلا يَنْفَلِتَ من يده؛ يقال: ضَبَّـبْتُ عليه تَضبيباً.
والضَّبُّ: داء يأْخذ في الشفة، فترمُ، أَو تَجْسَـأُ، أَو تَسيلُ دماً؛
ويقال تَجْسَـأُ بمعنى تَيْبَسُ وتَصْلُب.
والضَّبِـيبَةُ: سَمْنٌ ورُبٌّ يُجْعَل للصبـي في العُكَّةِ يُطْعَمُه.
وضَبَّـبْتُه وضَبَّـبْتُ له: أَطْعَمْتُه الضَّبيبةَ؛ يقال: ضَبِّـبُوا لصَبيِّكم. وضَبَّـبْتُ الخَشَبَ ونحوه: أَلْبَسْته الـحَديدَ.
والضَّبَّةُ: حديدةٌ عَريضةٌ يُضَبَّبُ بها البابُ والخَشَبُ، والجمع
ضِـبابٌ؛ قال أَبو منصور: يقال لها الضَّبَّةُ والكَتيفةُ، لأَنها عَريضَة كهيئة خَلْقِ الضَّبِّ؛ وسميت كَتيفة لأَنها عُرِّضَتْ على هيئة الكَتِفِ.وضَبَّ الشيءُ ضَبّاً: سالَ كَبَضَّ. وضَبَّتْ شَفَتُه تَضِبُّ ضَبّاً وضُبوباً: سالَ منها الدمُ، وانحلَبَ رِيقُها. وقيل: الضَّبُّ دون السَّيلانِ الشديد.
وضَبَّتْ لثته تَضِبُّ ضَبّاً: انْحَلَبَ رِيقُها؛ قال:
أَبَيْنا، أَبَيْنا أَنْ تَضِبَّ لِثاتُكُمْ، * على خُرَّدٍ مِثْلِ الظِّباءِ، وجامِلِ
وجاء: تَضِبُّ لِثَتُه، بالكسر، يُضْرَبُ ذلك مثلاً للحريص على الأَمر؛ وقال بِشْرُ بن أَبي خازِم:
وبَني تميمٍ، قد لَقِـينا منْهُمُ * خَيْلاً، تَضِبُّ لِثاتُها للمَغْنَمِ
وقال أَبو عبيدة: هو قَلْبُ تَبِضُّ أَي تَسِـيلُ وتَقْطُر. وتَرَكْتُ لِثَتَه تَضِبُّ ضَبِـيباً من الدَّمِ إِذا سالتْ. وفي الحديث: ما زال مُضِـبّاً مُذِ اليومِ أَي إِذا تكلم ضَبَّتْ لِثاتُه دماً.
وضَبَّ فَمُه يَضِبُّ ضَبّاً: سال ريقه. وضَبَّ الماءُ والدَّمُ
يَضِبُّ،بالكسر، ضَبِـيباً: سالَ. وأَضْبَبْتُه أَنا، وجاءَنا فلانٌ تَضِبُّ
لِثَتُه إِذا وُصِفَ بشِدَّةِ النَّهَمِ للأَكل والشَّبَقِ للغُلْمة، أَو الـحِرْصِ على حاجته وقضائها؛ قال الشاعر:
أَبينا، أَبينا أَن تَضِبَّ لِثاتُكم، * على مُرْشِقات، كالظِّباءِ، عَواطِـيا
يُضْرَبُ هذا مثلاً للحريص النَّهِم. وفي حديث ابن عمر: أَنه كان
يُفْضِـي بيديه إِلى الأَرض إِذا سجد، وهما تَضِـبَّانِ دَماً أَي تَسِـيلان؛ قال: والضَّبُّ دون السَّـيَلانِ، يعني أَنه لم يَرَ الدَّمَ القاطرَ ناقِضاً للوضوء.
يقال: ضَبَّتْ لِثاتُه دماً أَي قَطَرَتْ. والضَّبُوبُ من الدَّوابِّ: التي تَبُول وهي تَعْدو؛ قال الأَعشى:
مَتى تَـأْتِنا، تَعْدُو بِسَرجِكَ لَقْوةٌ * ضَبُوبٌ، تُحَيِّـينا، ورأْسُك مائل
وقد ضَبَّتْ تَضِبُّ ضُبوباً. والضَّبُّ: وَرَمٌ في صَدْرِ البعير؛ قال:
وأَبِـيتُ كالسَّـرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها، * فإِذا تَحَزْحَزُ عن عِدَاءٍ، ضَجَّتِ
وقيل: هو أَن يحزَّ مِرْفَقُ البعير في جِلْدِه؛ وقيل: هو أَن يَنْحَرِفَ الـمِرفَقُ حتى يَقع في الجنب فيَخْرِقَه؛ قال:
ليس بِذي عَرْكٍ، ولا ذِي ضَبِّ
والضَّبُّ أَيضاً: وَرَمٌ يكون في خُفِّ البعير، وقيل: في فِرْسِنه؛
تقول منه: ضَبَّ يَضَبُّ؛ بالفتح، فهو بعير أَضَبُّ، وناقة ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ.
والتَّضَبُّب: انْفِتاقٌ من الإِبطِ وكثرةٌ من اللحم؛ تقول: تَضَبَّبَ
الصبـيُّ أَي سَمِنَ، وانْفَتَقَتْ آباطُه وقَصُرَ عُنُقه.
الأُمَوِيُّ: بعير أَضَبُّ وناقة ضَبَّاءُ بَـيِّنةُ الضَّبَبِ، وهو وجَع يأْخذ في الفِرْسِنِ. وقال العَدَبَّسُ الكِنانِـيُّ: الضاغِطُ والضَّبُّ شيءٌ واحد، وهما انْفِتاقٌ من الإِبط وكثرةٌ من اللحم. والتَّضَبُّبُ: السِّمَنُ حين يُقْبِلُ؛ قال أَبو حنيفة يكون في البعير والإِنسان.
وضَبَّبَ الغلامُ: شَبَّ.
والضَّبُّ والضَّبَّةُ: الطَّلْعةُ قبلَ أَن تَنْفَلِقَ عن الغَريضِ، والجمعُ ضِـبابٌ؛ قال البَطِـينُ التَّيْمِـيُّ، وكان وصَّافاً للنَّحل:
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ، كأَنَّ ضِـبابَهُ * بُطُونُ الـمَوالي، يومَ عِـيدٍ، تَغَدَّتِ
يقول: طَلْعُها ضَخْمٌ كأَنه بُطونُ موالٍ تَغَدَّوْا فتَضَلَّعُوا.
وضَبَّةُ: حَيٌّ من العرب.
وضَبَّةُ بنُ أُدٍّ: عَمُّ تَميم بن مُرٍّ.
الأَزهري، في آخر العين مع الجيم: قال مُدرِكٌ الجَعْفَريّ: يقال
فَرِّقُوا لِضَوالِّكُم بُغْياناً يُضِـبُّونَ لها أَي يَشْمَعِطُّونَ؛ فسُئِل عن ذلك، فقال: أَضَبُّوا لفُلانٍ أَي تَفَرَّقُوا في طَلَبه؛ وقد أَضَبَّ القومُ في بُغْيَتِهم أَي في ضالَّتِهم أَي تفَرَّقوا في طلبها.
وضَبٌّ: اسم رجل. وأَبو ضَبٍّ: شاعر من هُذَيْل.
(يتبع...)
(تابع... 1): ضبب: الضَّبُّ: دُوَيْبَّة من الحشرات معروف، وهو يشبه الوَرَلَ؛... ...
والضِّبابُ: اسم رجل، وهو أَبو بطن، سمي بجمع الضَّبِّ؛ قال:
لَعَمْري ! لقَد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوهُ، * وبعضُ البَنِـينَ غُصَّةٌ وسُعالُ
والنَّسَبُ اليه ضِـبابيٌّ، ولا يُرَدُّ في النَّسَب إِلى واحده لأَنه
جُعِل اسماً للواحد كما تقول في النسب إِلى كِلابٍ: كِلابيّ. وضَبابٌ والضَّبابُ: اسم رجل أَيضاً، الأَول عن الأَعرابي؛ وأَنشد:
نَكِدْتَ أَبَا زَبِـينةَ، إِذ سأَلْنا * بحاجَتِنا، ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وروى بيت امرئِ القيس:
وعَلَيْكِ، سَعْدَ بنَ الضَّبابِ، فسَمِّحِي * سَيْراً إِلى سَعْدٍ، عَلَيْكِ بسَعْدِ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده ابن جني، بفتح الضاد. وأَبو ضَبٍّ من كُناهم. والضُّبَيْبُ: فرسٌ معروف من خيل العرب، وله حديث. وضُبَيْبٌ: اسم وادٍ. وامرأةٌ ضِبْضِبٌ: سمينة.
ورجلٌ ضُباضِبٌ، بالضم: غليظ سمين قصيرٌ فَحَّاش جَرِيءٌ. والضُّباضِبُ: الرجلُ الجَلْد الشديد؛ وربما استعمل في البعير. أَبو زيد: رجل ضِبْضِبٌ، وامرأَةٌ ضِبْضِـبةٌ، وهو الجريءُ على ما أَتى؛ وهو الأَبلَخُ أَيضاً، وامرأَة بَلْخاءُ: وهي الجَرِيئَة التي تَفْخَرُ على جيرانها. وضَبٌّ: اسم الجَبَل الذي مسجدُ الخَيْفِ في أَصْلِه، واللّه أَعلم.
دجن: الدَّجْنُ: ظلُّ الغيم في اليوم المَطير. ابن سيده: الدَّجْن
إلباسُ الغَيم الأَرضَ، وقيل: هو إِلْباسُه أَقطارَ السماء، والجمع أَدْجان
ودُجون ودِجان؛ قال أَبو صخر الهذلي:
ولذائذ مَعْسولة في رِيقةٍ،
وصِباً لنا كدِجانِ يومٍ ماطرِ.
وقد أَدْجَن يومُنا وادْجَوْجن، فهو مُدْجن إذا أَضَبَّ فأَظلم.
وأَدْجَنوا: دخلوا في الدَّجْن؛ حكاها الفارسي. ابن الأَعرابي: دَجَن يومُنا
يَدْجُن، بالضم، دَجْناً ودُجوناً
ودَغَن، ويوم ذو دُجُنَّة ودُغُنَّة. ويوم دَجْنٌ إذا كان ذا مطر، ويوم
دَغْنٌ إذا كان ذا غَيم بلا مطر. والدَّجْن: المطر الكثير. وأَدْجَنت
السماء: دام مطرها؛ قال لبيد:
من كلِّ ساريةٍ وغادٍ مُدْجِنٍ،
وعَشِيّةٍ مُتَجاوِبٍ إرْزامُها.
وأَدْجَن المطر: دام فلم يُقْلع أَياماً، وأَدجَنت عليه الحمّى كذلك؛ عن
ابن الأَعرابي. والدُّجُنَّة من الغيم: المُطَبّقُ تطبيقاً، الرَّيان
المُظْلم الذي ليس فيه مطر. يقال: يومُ دَجْنٍ ويومُ دُجُنَّة، بالتشديد،
وكذلك الليلة على وجهين بالوصف والإضافة. والدُّجْنة: الظُّلمة، وجمعها
دُجُن
(* قوله «وجمعها دجن» بضمتين في المحكم، وضبط في الصحاح بضم ففتح،
ونبه عليهما شارح القاموس). مَثّل به سيبويه وفسره السيرافي، وزاد الجوهري
في جمعه دُجُنّات. وفي حديث قُسٍّ: يَجْلو دُجُنَّات الدَّياجي والبُهَم؛
الدُّجُنَّات: جمع دُجُنَّة، وهي الظلمة. والدياجي: الليالي المُظلمة،
والفعل منه ادْجَوْجَن؛ وأَنشد:
لِيَسْقِ ابنةَ العَمْريّ سلمى، وإن نأَت
كِثافُ العُلى داجي الدُّجُنَّةِ رائِحُ
(* قوله «داجي الدجنة» الذي في
التهذيب: واهي الداجنة). والداجنة: المطَرةُ المُطبقة نحو الدّيمة؛ وقد
جاء في الشعر الدُّجُون، قال:
حتى إذا انجَلى دُجى الدُّجونِ.
وليلة مِدْجانٌ: مُظلِمة. ودَجَن بالمكان يَدْجُن دُجوناً: أَقام به
وأَلِفَه. ابن الأَعرابي: أَدْجَنَ، مثله، أَقام في بيته، ودَجَن في بيته
إذا لَزمِه، وبه سميت دَواجن البُيوت، وهي ما أَلِف البيتَ من الشاءِ
وغيرها، الواحدة داجِنة؛ قال ابن أُمّ قعنب يهجو قوماً:
رأْسُ الخَنا منهُمُ والكفْر خامِسهُمْ،
وحِشْوةٌ منهُمُ في اللُّؤمِ قد دَجَنوا.
والمُداجَنَة: حُسْن المخالطة. وسحابة داجِنة ومدجنة وقد دَجَنتْ
تَدْجُن وأَدجنَت؛ ابن سيده: دَجَنَت الناقةُ والشاةُ تَدْجُن دُجوناً، وهي
داجِن، لزِمتا البُيوت، وجمعها دَواجِن؛ قال الهزلي:
رِجالٌ بَرَتْنا الحرْبُ، حتى كأَننا
جِذالُ حِكاكٍ لوَّحَتْها الدَّواجِن
وذلك لأَن الإبل الجرِبة تُحْبَس في المنزل لئلا تسرَح في الإِبل
فتُعْدِيها، فهي تحْتَكّ بأَصل ينصب لها لتُشْفى به في المَبْرك، وإنما أَرادَ
أَن نار الحرب قد لوَّحَتْنا، فبِنا منها ما بهذا الجِذْل من آثار الإِبل
الجرْبى. وفي الحديث: لعن اللهُ مَن مَثَّل بدواجنه؛ هي جمع داجِن وهي
الشاة التي تَعلِفها الناسُ في منازلهم، والمُثْلة بها أَن يَجْدَعها
ويخصِيَها. والمداجنة: حُسن المخالطة، قال: وقد تقع على غير الشاء من كل ما
يأْلف البيوتَ من الطير وغيرها. وفي حديث الإِفك: تَدخُل الداجنُ فتأْكل
عجينَها. والدَّجون من الشاء: التي لا تمنع ضرْعَها سِخالَ غيرها، وقد
دَجَنتْ على البَهْم تدجُنُ دُجوناً ودِجاناً. وفي حديث عمران بن حُصين:
كانت العَــضْباءُ داجِناً لا تُمْنَع من حَوْض ولا نبت؛ هي ناقة سيدنا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم. وكلب دَجُون: آلِفٌ للبُيوت. الليث: كلب داجِن
قد أَلِف البيتَ. الجوهري: شاةٌ داجن وراجِن إذا أَلِفت البيوت
واستأْنست، قال: ومن العرب من يقولها بالهاء، وكذلك غير الشاة؛ قال لبيد:
حتى إذا يَئِس الرُّماةُ، وأَرسَلوا
غُضُفاً دَواجِنَ قافِلاً أَعصامُها.
أَراد به كلاب الصيد. قال ابن بري: وشاة مِدْجان تأْلف البَهْم
وتحِبُّها. وناقة مَدْجُونة: عُوِّدت السِّناوة أَي دُجِنت للسِّناوة، وجمَل
دَجون وداجن كذلك؛ أَنشد ثعلب لهميان بن قحافة:
يُحْسِنُ في مَنْحاتِه الهَمالِجا،
يُدْعى هَلُمَّ داجِناً مُدامِجا.
والدُّجْنة في أَلوان الإِبل: أَقبَحُ السواد. يقال: بعير أَدْجَنُ
وناقة دَجْناء. والدَّواجن من الحَمام: كالدواجن من الشاء والإِبل.
والدُّجون: الأَلَفانُ. والدَّجَّانة: الإِبل التي تحْمل المتاع، وهو اسم
كالجَبَّانة. الليث: الدَّيْدَجانُ الإِبل تحمل التجارة. والمداجنة: كالمُداهنة.
ودُجَيْنة: اسم امرأَة. وأَبو دُجانة: كنية سِماك ابن خَرَشة الأَنصاريّ،
وفي حديث ابن عباس: إنَّ الله مَسَح ظهرَ آدمَ بدَجْناء
(* قوله
«بدجناء» ضبط في النهاية بفتح فسكون، وفي القاموس: ودجنا، بالضم أو بالكسر وقد
يمدّ، وقوله «ويروى بالحاء» عليه اقتصر ياقوت وضبطه بفتح فسكون كالمحكم
وسيأْتي قريباً). هو بالمد والقصر اسم موضع، ويروى بالحاء المهملة.
عقص: العَقَص: التواءُ القَرْن على الأُذُنين إِلى المؤخّر وانعطافُه،
عَقِصَ عَقَصاً. وتَيْسٌ أَعْقَص، والأُنثى عَقصاء، والعَقْصاءُ من
المِعْزى: التي التَوى قَرْناها على أُذُنيها من خَلْفها، والنَّصْباء:
المنتصبةُ القَرْنين، والدَّفْواءُ: التي انتصب قَرْناها إِلى طرَفَيْ
عِلْباوَيْها، والقَبْلاءُ: التي أَقبَلَ قرناها على وجهها، والقَصْماءُ:
المكسورةُ القَرْن الخارج، والعَــضْباءُ: المكسورة القَرْن الداخلِ، وهو المُشاشُ،
وكل منها مذكور في بابه. والمِعْقاصُ: الشاةُ المُعْوَجَّةُ القرن.
وفي حديث مانع الزكاة: فتَطَؤه بأَظلافها ليس فيها عَقْصاءُ ولا
جَلْحاءُ؛ قال ابن الأَثير: العَقْصاءُ المُلْتَوِيَةُ القَرْنَيْن.
والعَقَصُ في زِحاف الوافر: إِسكان الخامس من «مفاعلتن» فيصير «مفاعلين»
بنقله ثم تحذف النون منه مع الخرم فيصير الجزء مفعول كقوله:
لَوْلا مَلِكٌ رؤوفٌ رَحِيمٌ
تَدارَكَني برَحْمتِه، هَلَكْتُ
سُمِّي أَعْقَصَ لأَنه بمنزلة التَّيْسِ الذي ذهبَ أَحدُ قَرْنَيْه
مائلاً كأَنه عُقِصَ أَي عُطِفَ على التشبيه بالأَوَّل. والعَقَصُ: دخولُ
الثنايا في الفم والتِواؤُها، والفِعْل كالفعل. والعَقِصُ من الرمل:
كالعَقِد. والعَقَصَةُ من الرمل: مثل السِّلْسِلة، وعبر عنها أَبو علي فقال:
العَقِصَة والعَقَصة رملٌ يَلْتَوي بَعضُه على بعض ويَنقادُ كالعَقِدة
والعَقَدة، والعَقِصُ: رمْلٌ مُتَعَقِّد لا طريق فيه؛ قال الراجز:
كيف اهْتَدَتْ، ودُونها الجَزائِرُ،
وعَقِصٌ من عالج تَياهِرُ
والعَقْصُ: أَن تَلْوِيَ الخُصْلة من الشعر ثم تَعْقِدها ثم تُرْسِلَها.
وفي صفته، صلّى اللّه عليه وسلّم: إِن انْفَرَقَتْ عَقِيصتُه فَرَقَ
وإِلا تَرَكها. قال ابن الأَثير: العَقِيصةُ الشعرُ المَعْقوص وهو نحوٌ من
المَضْفور، وأَصل العَقْص اللّيُّ وإِدخالُ أَطراف الشعر في أُصوله، قال:
وهكذا جاء في رواية، والمشهور عَقيقَته لأَنه لم يكن يَعْقِصُ شعرَه،
صلّى اللّه عليه وسلّم، والمعنى إِن انْفَرَقَت من ذات نفسها وإِلا تَرَكَها
على حالها ولم يفْرُقْها. قال الليث: العَقْصُ أَن تأْخذ المرأَة كلَّ
خُصْلة من شعرها فتَلْويها ثم تعقدها حتى يبقى فيها التواء ثم تُرْسلَها،
فكلُّ خُصْلة عَقِيصة؛ قال: والمرأَة ربما اتخذت عَقِيصةً من شعر غيرها.
والعَقِيصةُ: الخُصْلةُ، والجمع عَقائِصُ وعِقاصٌ، وهي العِقْصةُ، ولا
يقال للرجل عِقْصةٌ. والعَقِيصةُ: الضفيرةُ. يقال: لفلان عَقِيصَتان.
وعَقْصُ الشعر: ضَفْرُه ولَيُّه على الرأْس. وذُو العَقِصَتين: رجل معروف
خَصَّلَ شعرَه عَقِيصَتين وأَرْخاهما من جانبيه. وفي حديث ضِمام: إِنْ صَدَقَ
ذُو العَقِيصَتين لَيَدْخُلَنَّ الجنة؛ العَقِيصَتانِ: تثنية العَقِيصة؛
والعِقاصُ المَدارَى في قول امرئ القيس:
غَدائرُه مُسْتَشْزِراتٌ إِلى العُلى،
تَضِلّ العِقاصُ في مُثَنَّىً ومُرْسَلِ
وصَفَها بكثرة الشعر والْتِفافِه. والعَقْصُ والضَّفْر: ثَلاثُ قُوىً
وقُوَّتانِ، والرجل يجعل شعرَه عَقِيصَتَين وضَفيرتين فيرْخِيهما من
جانبيه.وفي حديث عمر بن الخطاب، رضي اللّه عنه: من لَبَّدَ أَو عَقَصَ فعليه
الحَلْقُ، يعني المحرمين بالحج أَو العمرة، وإِنما جعل عليه الحلق لأَن هذه
الأَشياء تَقي الشعر من الشَّعْث، فلما أَرادَ حفظَ شعره وصونَه أَلزمه
حَلْقَه بالكلية، مبالغة في عقوبته. قال أَبو عبيد: العَقْصُ ضَرْبٌ من
الضَّفْر وهو أَن يلوى الشعر على الرأْس، ولهذا تقول النساء: لها عِقْصةٌ،
وجمعها عِقَصٌ وعِقاصٌ وعَقائِصُ، ويقال: هي التي تَتَّخِذ من شعرها
مثلَ الرُّمَّانةِ. وفي حديث ابن عباس: الذي يُصَلِّي ورأْسُه مَعْقُوصٌ
كالذي يُصَلِّي وهو مكْنُوفٌ؛ أَراد أَنه إِذا كان شعرُه منشوراً سقط على
الأَرض عند السجود فيُعْطَى صاحبُه ثوابَ السجودِ به، وإِذا كان معقوصاً
صارَ في معنى ما لم يَسْجد، وشبَّهه بالمكتوف وهو المَشْدُودُ اليدين
لأَنهما لا تَقَعانِ على الأَرض في السجود. وفي حديث حاطب: فأَخْرَجَتِ الكتاب
من عِقاصِها أَي ضَفائرِها. جمع عَقِيصة أَو عِقْصة، وقيل: هو الخيط
الذي تُعْقَصُ به أَطرافُ الذوائب، والأَول الوجه.
والعُقُوصُ: خُيوطٌ تُفْتَل من صُوفٍ وتُصْبَغ بالسواد وتَصِلُ به
المرأَةُ شعرَها؛ يمانية. وعقَصَت شعرَها تَعْقِصُه عَقْصاً: شدَّتْه في
قَفاها.
وفي حديث النخعي: الخُلْعُ تطليقة بائنة وهو ما دُون عِقاص الرأْس؛
يُرِيد أَن المُخْتلعة إِذا افْتَدَت نفسَها من زوجها بجميع ما تملك كان له
أَن يأْخذ ما دون شعرها من جميع مِلْكِها. الأَصمعي: المِعْقَصُ السهمُ
يَنْكَسِرُ نَصْلُه فيبقى سِنْخُه في السهم، فيُخْرَج ويُضْرَب حتى يَطُولَ
ويُرَدَّ إِلى موضعه فلا يَسُدَّ مَسَدَّه لأَنه دُقِّقَ وطُوِّلَ، قال:
ولم يَدْرِ الناسُ ما مَعافِصُ فقالوا مَشاقِصُ للنصال التي ليست
بِعَرِيضَةٍ؛ وأَنشد للأَعشى:
ولو كُنْتُمُ نَخْلاً لكنتمْ جُرامةً،
ولو كنتمُ نَبْلاً لكنتمْ مَعاقِصَا
ورواه غيره: مَشاقِصا. وفي الصحاح: المِعْقَصُ السهمُ المُعْوَجّ؛ قال
الأَعشى: وهو من هذه القصيدة:
لو كنتمُ تمراً لكنتمْ حُسَافةً،
ولو كنتمُ سَهماً لكنتمْ معاقصا
وهذان بيتان على هذه الصورة في شعر الأَعشى. وعَقَصَ أَمرَه إِذا لواه
فلَبَّسه. وفي حديث ابن عباس: ليس مثلَ الحَصِر العقِصِ يعني ابنَ الزبير؛
العَقِصُ: الأَلْوَى الصعبُ الأَخْلاقِ تشبيهاً بالقَرْن المُلْتَوِي.
والعَقصُ والعِقِّيصُ والأَعْقَصُ والعَيْقَصُ، كله: البخيل الكزّ الضيّق،
وقد عَقِصَ، بالكسر، عَقَصاً.
والعِقاصُ: الدُّوّارةُ التي في بطن الشاة، قال: وهي العِقاصُ
والمَرْبِض والمَرْبَضُ والحَوِيّةُ والحاوِيةُ للدُّوَّارة التي في بطن
الشاة.ابن الأَعرابي: المِعقاصُ من الجَوارِي السَّيِّئةُ الخُلُقِ، قال:
والمِعْفاصُ، بالفاء، هي النهايةُ في سُوءِ الخلُق. والعَقِصُ: السيءُ
الخُلُق. وفي النوادر: أَخذتُهُ معاقَصةً ومُقاعَصةً أَي مُعازّةً.
ضيب: الضَّيْبُ: شيء من دوابِّ البَرِّ على خِلْقةِ الكلبِ. وقال الليث: بلغني أَن الضَّيْبَ شيء من دوابِّ البحر، قال: ولسْتُ على يَقِينٍ منه.
وقال أَبو الفرج: سمعت أَبا الـهَمَيْسَع ينشد:
إِنْ تَمْنَعي صَوبَكِ صَوْبَ الـمَدْمَعِ، * يَجْري على الخَدِّ كضَيْبِ الثَّعْثَعِ
قال أَبو منصور: الثَّعثَعُ الصَّدَفة. وضَيْبُه: ما في جوفِه من حَبِّ
اللُّؤْلُؤ، شَبَّه قَطَرات الدَّمْعِ به.