وَــصَوَّحَ الْبَقْلَ نَآجٌ تَجِيءُ [بِهِ] ... هَيْفٌ يَمَانِيَةٌ فِي مَرِّهَا نَكْبُ
وَنَأَجَ الثَّوْرُ: صَاحَ. وَفِي الْحَدِيثِ: " ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِأَنْأَجِ مَا تَقْدِرُ "، أَيْ بِأَضْرَعِ مَا يُمَكِنُ مِنَ الدُّعَاءِ.
نأج: نائِجاتُ الهامِ: صوائحُها.
والنَّئِيج: الصَّوت.
ونأَجَ البُومُ يَنْأَجُ نأْجاً: صاح، وكذلك الإِنسان؛ وهو أَحْزَنُ ما
يكون من الدُّعاء وأَضْرَعُه وأَخْشَعُه. ورجلٌ نَأْآجٌ: رفيع الصوت.
ونَأَجَ الثَّورُ يَنْئِج ويَنْأَجُ نأْجاً ونُؤَاجاً: صاحَ. وثور نَأْآجٌ:
كثير النَّأْجِ.
والنَّأْجُ والنَّئِيجُ: السُّرعة. والنَّأْآج: السريع. وريحٌ نَؤُوجٌ:
شديدة المَرِّ. ورجل نَأْآج إِذا تضرع في دعائه. ونأَجَ إِلى الله
يَنْأَجُ أَي تضرَّعَ في الدعاء؛ وأَنشد:
ولا يَغُرَّنَّكَ قَوْلُ النُّؤَّجِ،
الخالجِينَ القَوْلَ كلَّ مَخْلَجِ
وقال العجاج في الهام:
واتَّخَذَتْهُ النَّائجاتُ مَنْأَجَا
والنائجات: الرِّياح الشَّديدة الهُبُوب. وفي الحديث: ادعُ ربك
بأَنْأَجِ ما تَقْدِرُ عليه؛ أَي بأَبلَغ ما يكون من الدُّعاء واضْرَعْ. ونَأَجَت
الريحُ تَنأَج نَئيجاً: تَحَرّكَتْ، فهي نَؤُوج، ولها نئِيجٌ أَي مَرٌّ
سريعٌ مع صَوْت، وتقول منه: نُئِجَ القومُ؛ قال الشاعر:
وتُنْأَجُ الرُّكْعبانُ كلَّ منْأَجِ،
به نَئِيجُ كلِّ ريحٍ سَيْهَجِ
ونَأَجَتِ الرِّيحُ الموضعَ: مَرَّتْ عليه مَرًّا شديداً؛ قال أَبو
حيَّة النميري:
إِلاّ خوالِدَ أَشْباهاً، بَقِينَ على
رَيبِ الحَوادِثِ، في مَرْكُوَّة جَدَدِ
(* قوله «الا خوالد إلخ» كذا بالأصل، ولا شاهد فيه.)
ونَأَجَ في الأَرض يَنْأَجُ نُؤُوجاً إِذا ذهب، وفي التهذيب: ونَأَجَ
الخبر أَي ذهب في الأَرض. ونَأَج الأَمرَ: أَخَّرَه، ونأَجَت الإِبِلُ في
سيرها؛ وأَنشد ابن السكيت:
قد عَلِم الأَحْماءُ والأَزاوِيجْ
أَنْ ليس عنْهُنَّ حديثٌ مَنْؤُوجْ
قال: المَنْؤُوجُ المعطوف.
رهف: الرَّهَفُ: مصدر الشيء الرُّهِيف وهو اللَّطيف الرقيق. ابن سيده:
الرَّهْفُ والرَّهَفُ الرّقَّةُ واللطف؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
حَوْراءُ، في أُسْكُفِّ عَيْنَيْها وطَفْ،
وفي الثَّنايا البِيضِ مِنْ فِيها رَهَفْ
أُسْكُفُّ عينيها: هُدْبُهما؛ وقد رَهُفَ يَرْهُفُ رَهافةً فهو رَهِيفٌ؛
قال الأَزهري: وقلما يُسْتعمل إلا مُرْهَفاً. ورَهَفَه وأَرْهَفَه، ورجل
مُرْهَفٌ: رقيق. وفي حديث ابن عباس: كان عامر بن الطفيل مرهوفَ البَدَنِ
أَي لَطِيفَ الجسم دَقيقَه. يقال: رُهِفَ فهو مَرْهُوفٌ، وأَكثر ما يقال
مُرْهَفُ الجسم. وأَرْهَفْتُ سيفي أَي رَقَّقْتُه، فهو مُرْهَف. وسَهْم
مُرْهَفٌ وسيف مُرْهَفٌ ورَهِيف وقد رَهَفْتُه وأَرْهَفْتُه، فهو مَرْهوف
ومُرْهف أَي رقّت حَواشِيه، وأَكثر ما يقال مُرهف. وفي حديث ابن عمر:
أَمرني رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَن آتِيَه بمُدْية فأَتَيْتُه
بها فأَرْسَلَ بها فأُرْهِفَتْ أَي سُنَّتْ وأُخْرج حَدَّاها. وفي حديث
صَعْصَعَةَ بن صُوحــانَ: إني لأَتْرُكُ الكلام فما أُرْهِفُ به أَي لا
أَرْكَبُ البَديهةَ ولا أَقْطَعُ القول بشيء قبل أَن أَتَأَمَّله وأُرَوِّيَ
فيه، ويروى بالزاي من الإزهاف الاستِقْدام. وفرس مُرْهَفٌ: لاحِقُ البطن
خَمِيصُه متقارب الضلوع وهو عيب. وأُذن مُرْهَفةٌ: دَقِيقةٌ. والرُّهافةُ:
موضع.
رفف: رَفَّ لونُه يَرِفُّ، بالكسر، رَفّاً ورَفيفاً: بَرَقَ وتَلأْلأَ،
وكذلك رَفَّتْ أَسنانه. وفي الحديث: أَن النابغة الجَعْديَّ لما أَنشد
سيدنا رسولَ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم:
ولا خَيْرَ في حِلْمٍ، إذا لم تكن له
بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَه أَن يُكَدَّرا
ولا خَيْرَ في جَهْلٍ، إذا لم يكن له
حَلِيمٌ، إذا ما أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرا
فقال له رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: لا يَفْضُضِ اللّه فاك قال:
فبَقِيَتْ أَسْنانُه ترِفُّ حتى مات، وفي النهاية: وكأَنَّ فاه البَرَدُ،
تَرِفُّ أَسنانُه أَي تَبْرُق أَسنانُه، من رَفَّ البرقُ يَرِفُّ إذا
تلأْلأَ. والرَّفَّةُ: البَرْقةُ. ومنه الحديث الآخر: تَرفُّ غُروبُه، هي
الأَسنان. ورفَّ يَرِفُّ: بَرِحَ وتَخَيَّلَ؛ قال:
وأُمُّ عَمّارٍ على القِرْد تَرِفْ
ورَفَّ النباتُ يَرِفُّ رَفيفاً إذا اهتز وتَنَعَّمَ؛ قال أَبو حنيفة:
هو أَن يَتَلأْلأَ ويُشْرِقَ ماؤه.
وثوب رَفِيفٌ وشجر رَفيفٌ إذا تَنَدَّى.
والرَّفَّةُ: الاخْتِلاجةُ. وفي حديث ابن زِمْلٍ: لم تَرَ عَيْني مِثلَه
قَطُّ يَرِفُّ رَفِيفاً يَقْطُرُ نداه. يقال للشيء إذا كثر ماؤه من
النَّعْمةِ والغَضاضةِ حتى يكاد يَهْتَزُّ: رَفَّ يَرِفُّ رَفيفاً. وفي حديث
معاوية، رضي اللّه عنه، قالت له امرأَة: أُعِيذُك باللّه أَن تنزل وادياً
فَتَدَعَ أَوَّلَه يَرِفُّ وآخِرَه يَقِفُّ. ورَفَّت عينُه تَرُفُّ
وتَرِفُّ رَفّاً: اخْتَلَجَتْ، وكذلك سائر الأَعْضاء؛ قال أَنشد أَبو
العلاء:لم أَدْرِ إلا الظَّنَّ ظَنَّ الغائِبِ،
أَبِكِ أَم بالغَيْبِ رَفُّ حاجِبي
وكذلك البَرْقُ إذا لَمَعَ. ورَفُّ البَرْقِ: ومِيضُه. ورَفَّتْ عليه
النِّعْمة: ضَفَتْ. ورَفَّ الشيءَ يَرُفُّه رَفّاً ورَفِيفاً: مَصَّه، وقيل
أَكلَه. والرَّفَّةُ: المَصّةُ. والرَّفُّ: المَّصُّ والتَّرَشُّفُ، وقد
رَفَفْتُ أَرُفُّ، بالضم؛ وأَنشد ابن بري:
واللّهِ لولا رَهْبَتي أَباكِ،
إذاً لَزَفَّتْ شَفَتايَ فاكِ،
رَفَّ الغَزالِ ورَقَ الأَراكِ
ومنه حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، وقد سُئِلَ عن القُبْلةِ للصائم
فقال: إني لأَرُفُّ شَفَتَيْها وأَنا صائم؛ قال أَبو عبيد: وهو من شُرْب
الرِّيق وتَرَشُّفه، وقيل: هو الرَّفُّ نَفْسُه
(* قوله «هو الرف نفسه»
كذا بالأصل.)، وقوله أَرُفُّ شَفَتَيْها أَي أَمَصُّ وأَتَرَشَّفُ. وفي
حديث عَبيدة السَّلْماني: قال له ابن سِيرينَ: ما يُوجِبُ الجَنابةَ؟ قال:
الرَّفُ والاسْتِمْلاقُ يعني المَصَّ والجِماعَ لأَنه من مقدماته. وقال
أَبو عبيدة في قوله أَرُفُّ: الرَّفُّ هو مثل المَصِّ والرَّشْفِ ونحوه،
يقال منه: رَفَفْتُ أَرُفُّ رَفّاً، وأَما رَفَّ يَرِفُّ، بالكسر، فهو من
غير هذا، رَفَّ يَرِفُّ إذا بَرَقَ لونُه وتلأْلأَ؛ قال الأَعشى يذكر
ثَغْرَ امْرأَةٍ:
ومَهاً تَرِفُّ غُرُوبُه،
تَسْقي المُتَيَّمَ ذا الحراره
قال ابن بري: ومثله لبِشرٍ:
يَرِفُّ كأَنه وهْناً مُدامُ
والرَّفَّةُ: الأَكْلَةُ المُحْكَمةُ. قال أَبو حنيفة: رَفَّتِ الإبِلُ
تَرُفُّ وتَرِفُّ رَفّاً أَكلَتْ، ورَفَّ المرأَةَ يَرُفُّها قَبَّلَها
بأَطراف شَفَتَيْه. وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: زَوْجي إنْ أَكلَ رَفَّ؛ ابن
الأَثير: وهو الإكْثارُ من الأَكل.
والرَّفْرَفةُ: تحريكُ الطائر جَناحَيهِ وهو في الهواء فلا يَبْرحُ
مكانه. ابن سيده: رَفَّ الطائر ورَفْرَف حَرَّك جناحَيْه في الهواء.
والرَّفْرافُ: الظَّلِيمُ يُرَفْرِفُ بجناحيه ثم يَعْدو. والرَّفْرافُ:
الجناح منه ومن الطائر. ورَفْرَف الطائر إذا حرَّك جناحيه حول الشيء يريد
أَن يقع عليه. والرَّفرافُ: طائر وهو خاطِفُ ظِلِّه؛ عن أَبي سلمة، قال:
وربما سموا الظَّليمَ بذلك لأَنه يُرفْرِفُ بِجناحَيْه ثم يَعْدُو. وفي
الحديث: رَفْرَفَتِ الرحمةُ فوق رأْسه. يقال: رَفْرَفَ الطائر بجناحيه
إذا بسطهما عند السقوط على شيء يحوم عليه ليقع عليه. وفي حديث أُمّ السائب:
أَنه مرَّ بها وهي تُرَفرِف من الحُمّى، قال: ما لَكِ تُرفرِفِين؟ أَي
تَرْتَعِدُ، ويروى بالزاي، وسنذكره.
والرَّفْرَفُ: كِسْرُ الخِباء ونحوه وجوانبُ الدِّرْعِ وما تَدَلَّى
منها، الواحدة رَفْرَفَة، وهو أَيضاً خِرْقَةٌ تُخاط في أَسْفل السُّرادِق
والفُسْطاط ونحوه، وكذلك الرَّفُّ رَفُّ البيت، وجمعه رُفُوفٌ. ورَفَّ
البيتَ: عَمِلَ له رَفّاً. وفي الحديث: أَن امرأَة قالت لزوجها أَحِجَّني،
قال: ما عندي شيء، قالت: بِعْ تَمر رَفِّكَ؛ الرَّفُّ، بالفتح خشب يرفع عن
الأَرض إلى جَنْب الجِدارِ يُوقَى به ما يُوضَع عليه، وجمعه رُفُوفٌ
ورِفافٌ. وفي حديث كعب بن الأَشرف: إنَّ رِفافي تَقَصَّفُ تمراً من عجوة
يغيب فيها الضِّرسُ. والرَّفُّ: شبه الطاقِ، والجمع رُفُوفٌ. قال ابن بري:
قال ابن حمزةَ الرَّفُّ له عشرة معانٍ ذكر منها رَفَّ يَرُفُّ، بالضم، إذا
مَصَّ، وكذلك البعير يَرُفُّ البقلَ إذا أَكله ولم يملأْ به فاه، وكذلك
هو يَرُفُّ له أَي يَكْسِب. ورفَّ يَرِفُّ، بالكسر، إذا بَرَقَ لونه. ابن
سيده: ورَفِيفُ الفُسْطاط سَقْفُه. وفي الحديث: قال أَتيت عثمان وهو
نازل بالأَبطح فإذا فُسْطاطٌ مضروب وإذا سيفٌ مُعَلَّقٌ على رَفِيف
(* قوله
«على رفيف» في النهاية: في رفيف.) الفسطاط؛ الفسطاط الخَيْمة؛ قال شمر:
ورَفِيفُه سَقْفُه، وقيل: هو ما تدَلَّى منه. وفي حديث وفاة سيدنا رسول
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يرويه أَنس قال: فَرَفَعَ الرَّفرَفَ فرأَينا
وجْهَه كأَنه ورقة تَخَشْخِشُ؛ قال ابن الأَعرابي: الرَّفْرَفُ ههنا
طَرَفُ الفُسْطاط، قال: والرَّفْرَفُ في حديث المِعراج البِساطُ. ابن
الأَثير: الرَّفْرَفُ البِساطُ أَو السِّتر، وقوله: فَرَفَعَ الرَّفْرَفَ أَراد
شيئاً كان يَحْجُبُ بينهم وبينه. وكلُّ ما فَضَلَ من شيء وثُنِيَ
وعُطِفَ، فهو رَفْرَفٌ. قال: والرَّفْرَفُ في غير هذا الرَّفُّ يُجْعَل عليه
طَرائفُ البيت. وذكر ابن الأَثير عن ابن مسعود في قوله تعالى: لقد رأَى من
آيات ربه الكبرى، قال: رأَى رَفْرَفاً أَخضر سَدَّ الأُفق أَي بِساطاً،
وقيل فِراشاً، قال: ومنهم من يجعل الرَّفْرَف جمعاً، واحده رَفْرَفَةٌ،
وجمع الرفْرفِ رَفارِفُ، وقيل: الرفرف في الأَصل ما كان من الديباج وغيره
رَقيقاً حَسَن الصنْعة، ثم اتُّسِع به. والرَّفْرَفُ: الرَّوْشَنُ.
والرَّفِيفُ: الروشن. ورَفْرَفُ الدِّرْعِ: زَرَدٌ يشد بالبيضة يطرحه الرجل عى
ظهره. غيره: ورَفْرَفُ الدِّرْعِ ما فضلَ من ذَيْلِها، ورَفْرَفُ الأَيكةِ
ما تَهَدَّلَ من غُصونها؛ وقال المُعَطَّلُ الهُذَليُّ يصف الأَسد:
له أَيْكَةٌ لا يَأْمَنُ الناسُ غَيْبَها،
حَمَى رَفْرَفاً منها سِباطاً وخِرْوَعا
قال الأَصمعي: حمى رَفْرَفاً، قال: الرَّفْرَفُ شجر مُسْترْسِلٌ ينبت
باليمن.
ورَفَّ الثوبُ رَفَفاً: رَقَّ، وليس بثبت. ابن بري: رَفَّ الثوبُ
رَفَفاً، فهو رَفِيفٌ، وأَصله فَعِلَ، والرَّفرَفُ: الرَّقِيقُ من الدِّيباج،
والرَّفرَفُ: ثياب خُضْرٌ يُتَّخذ منها للمجالس، وفي المحكم: تُبْسَطُ،
واحدته رَفْرَفَةٌ. وفي التنزيل العزيز: متكئين على رَفرَفٍ خُضْر، وقرئ:
على رَفارِفَ. وقال الفراء في قوله متكئين على رفرف خضر قال: ذكروا أَنها
رِياضُ الجنة، وقال بعضهم الفُرُشُ والبُسُطُ، وجمعه رفارِفُ، وقد قرئ
بهما: متكئين على رَفارِف خُضْرٍ. والرَّفرَفُ: الشجر الناعم المسترسل؛
وأَنشد بيت الهذلي يصف الأَسد:
حَمَى رَفْرَفاً منها سِباطاً وخِرْوَعا
والرَّفيفُ والوَرِيفُ لغتان، يقال للنبات الذي يهْتزُّ خُضْرَةً
وتَلأْلُؤاً: قد رَفَّ يَرِفُّ رَفيفاً؛ وقول الأَعْشى: بالشام ذات الرَّفِيف؛
قال: أَراد البساتين التي تَرِفُّ من نَضارتها واهتزازها، وقيل: ذاتُ
الرَّفِيف سُفُنٌ كان يُعْبَر عليها، وهو أَن تُشَدَّ سَفِينتانِ أَو ثلاث
للملِك، قال: وكلُّ مُستَرِقٍّ من الرمل رَفٌّ. والرَّفْرَفُ: ضَرْب من
سَمَكِ البحر. والرَّفرفُ: البَظْرُ؛ عن اللحياني. ورَفرف على القوم:
تَحَدَّب.
والرُّفَةُ: التِّبْنُ وحُطامُه. ورَفُّه: عَلَفَه رُفَّة. والرُّفافُ:
ما انْتُحِتَ من التبن ويَبِيس السَّمر؛ عن ابن الأَعرابي. ورَفَّ الرجلَ
يَرُفُّه رَفّاً: أَحْسَنَ إليه وأَسْدَى إليه يداً. وفي المثل: من
حَفَّنا أَو رَفّنا فَلْيَتَّرِكْ، وفي الصحاح: فَليَقْتصد، أَراد المدْح
والإطْراء. يقال: فلان يَرُفُّنا أَي يَحُوطُنا ويَعْطِفُ علينا، وما له
حافٌّ ولا رافٌّ. وفلان يَحُفُّنا ويَرُفُّنا أَي يُعْطِينا ويَميرُنا، وفي
التهذيب: أَي يُؤوِينا ويُطْعِمُنا، وأَما أَبو عبيد فجعله إتباعاً،
والأَوّل أَعْرَف. الأَصمعي: هو يَحِفُّ ويَرِفُّ أَي هو يقوم له ويَقْعُد
ويَنْصَح ويُشْفِقُ؛ أَراد بيَحِفُّ تسمع له حفيفاً. ورجل يَرِفُّ إذا كان
(* كذا بياض بالأصل.) . . . . . . كالاهْتِزاز من النَّضارةِ؛ قال ثعلب:
يقال رَفَّ يَرُفُّ إذا أَكل، ورَفَّ يَرِفُّ إذا بَرَقَ، ووَرَفَ يَرِفُ
إذا اتَّسَعَ.
وقال الفراء: هذا رفٌّ من الناس. والرَّفُّ: المِيرةُ. والرَّفُّ:
القطعة العظيمة من الإبل، وعمَّ اللحياني به الغنم فقال: الرَّفُّ القطِيعُ من
الغنم لم يخص معَزاً من ضأْن ولا ضأْناً من مَعَز. والرَّفُّ: الجماعة
من الضأْن؛ يقال: هذا رَفّ من الضأْن أَي جماعة منها. والرفُّ: حَظِيرةُ
الشاء.
وفي الحديث: بعد الرِّفِّ والوَقِيرِ؛ الرَّفُّ، بالكسر: الإبل العظيمة،
والوَقِيرُ: الغنمُ الكثيرةُ، أَي بعدَ الغِنى واليَسار.
ودارةُ رَفْرَفٍ: موضع.
رضع: رَضَع الصبيُّ وغيره يَرْضِع مثال ضرب يضْرِب، لغة نجدية، ورَضِعَ
مثال سَمِع يَرْضَع رَضْعاً ورَضَعاً ورَضِعاً ورَضاعاً ورِضاعاً
ورَضاعةً ورِضاعة، فهو راضِعٌ، والجمع رُضَّع، وجمع السلامة في الأَخيرة أَكثر
على ما ذهب إِليه سيبويه في هذا البناء من الصفة؛ قال الأَصمعي: أَخبرني
عيسى بن عمر أَنه سمع العرب تنشد هذا البيت لابن همام السَّلُولي على هذه
اللغة
(*قوله «على هذه اللغة» يعني النجدية كما يفيده الصحاح.):
وذَمُّوا لنا الدُّنيا، وهم يَرْضِعُونها
أَفاوِيقَ حتّى ما يَدِرُّ لَها ثُعْلُ
وارتَضَع: كَرضِع؛ قال ابن أَحمر:
إِني رَأَيْتُ بَني سَهْمٍ وعِزَّهُمُ،
كالعَنْزِ تَعْطِفُ رَوْقَيها فَتَرْتَضِعُ
يريد تَرْضَع نفسها؛ يصِفهم باللُّؤْم والعنز تَفعل ذلك. تقول منه:
ارتضعتِ العنزُ أَي شربتْ لبن نفْسها. وفي التنزيل: والوالِداتُ يُرْضِعْن
أَولادهن حولين كاملين؛ اللفظ لفظ الخبر والمعنى معنى الأَمر كما تقول:
حسبُك درهم، ولفظه الخبر ومعناه معنى الأَمر كما تقول: اكْتفِ بدرهم، وكذلك
معنى الآية: لتُرْضِع الوالداتُ. وقوله: ولا جُناح عليكم أَن تسترضِعُوا
أَولادكم، أَي تطلبوا مُرْضِعة لأَولادكم. وفي الحديث حين ذكر الإِمارة
فقال: نِعمت المُرْضِعة وبِئست الفاطِمةُ، ضرب المُرْضعة مثلاً للإِمارة
وما تُوَصِّله إِلى صاحبها من الأَجْلاب يعني المنافع، والفاطمةَ مثلاً
للموت الذي يَهْدِم عليه لَذَّاتِه ويقطع مَنافِعها، قال ابن بري: وتقول
استرْضَعْتُ المرأَةَ ولدي أَي طلبت منها أَن تُرْضِعه؛ قال الله تعالى:
أَن تسترضِعُوا أَولادكم، والمفعول الثاني محذوف أَن تَسْتَرْضِعُوا
أَولادَكم مَراضِعَ، والمحذوف على الحقيقة المفعول الأَول لأَن المرضعة هي
الفاعلة بالولد، ومنه: فلان المُسْتَرْضِعُ في بني تميم، وحكى الحوفي في
البرهان في أَحد القولين أَنه متعد إِلى مفعولين، والقول الآخر أَن يكون على
حذف اللام أَي لأَولادكم. وفي حديث سويد بن غَفَلَةَ: فإِذا في عَهْد
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن لا يأْخذ من راضِعِ لبنٍ، أَراد بالراضع
ذاتَ الدَّرِّ واللبنِ، وفي الكلام مضاف محذوف تقديره ذات راضع، فأَمّا
من غير حذف فالراضع الصغير الذي هو بعدُ يَرْتَضِع، ونَهْيُه عن أَخذها
لأَنها خِيار المال، ومن زائدة كما تقول لا تأْكل من الحرام، وقيل: هو أَن
يكون عند الرجل الشاة الواحدة أَو اللِّقْحة قد اتخذها للدَّرِّ فلا
يؤْخذ منها شيء.
وتقول: هذا أَخي من الرَّضاعة، بالفتح، وهذا رَضِيعي كما تقول هذا
أَكِيلي ورَسِيلي. وفي الحديث: أَنّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: انظرن ما
إِخوانكن فإِنما الرضاعة من المَجاعَةِ؛ الرضاعة، بالفتح والكسر: الاسم
من الإِرْضاع، فأَمّا من الرَّضاعة اللُّؤْم، فالفتح لا غير؛ وتفسير
الحديث أَن الرَّضاع الذي يحرِّم النكاح إِنما هو في الصِّغَر عند جُوع
الطِّفْل، فأَما في حال الكِبَر فلا يريد أَنّ رَضاع الكبير لا يُحرِّم. قال
الأَزهري: الرَّضاع الذي يحرِّم رَضاعُ الصبي لأَنه يُشْبعه ويَغْذُوه
ويُسكن جَوْعَتَه، فأَما الكبير فرَضاعه لا يُحَرِّمُ لأَنه لا ينفعه من
جُوع ولا يُغنيه من طعام ولا يَغْذوه اللبنُ كما يَغذُو الصغير الذي حياته
به.
قال الأَزهري: وقرأْت بخط شمر رُبّ غُلام يُراضَع، قال: والمُراضَعةُ
أَن يَرضع الطفل أُمه وفي بطنها ولد. قال: ويقال لذلك الولد الذي في بطنها
مُراضَع ويجيء نَحِيلاً ضاوياً سَيِّء الغِذاء. وراضَع فلان ابنه أَي
دَفَعه إِلى الظِّئر؛ قال رؤبة:
إِنَّ تَمِيماً لم يُراضَعْ مُسْبَعا،
ولم تَلِدْهُ أُمُّه مُقَنَّعا
أَي ولدته مَكْشُوف الأَمر ليس عليه غِطاء، وأَرضعته أُمه. والرَّضِيعُ:
المُرْضَع. وراضَعه مُراضَعة ورِضاعاً: رَضَع معه. والرَّضِيعُ:
المُراضِع، والجمع رُضَعاء. وامرأَة مُرْضِع: ذاتُ رَضِيع أَو لبنِ رَضاعٍ؛ قال
امرؤ القيس:
فَمِثْلِكِ حُبْلَى، قد طَرَقْتُ، ومُرْضِعٍ،
فأَلْهَيْتُها عَنْ ذِي تَمَائِمَ مُغْيِلِ
والجمع مَراضِيع على ما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو. وقال ثعلب:
المُرْضِعة التي تُرْضِع، وإِن لم يكن لها ولد أَو كان لها ولد. والمُرْضِع:
التي ليس معها ولد وقد يكون معها ولد. وقال مرة: إِذا أَدخل الهاء أَراد
الفعل وجعله نعتاً، وإِذا لم يدخل الهاء أَراد الاسم؛ واستعار أَبو ذؤَيب
المَراضيع للنحل فقال:
تَظَلُّ على الثَّمْراء منها جَوارِسٌ،
مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيشِ، زُغْبٌ رِقابُها
والرَّضَعُ: صِغارُ النحل، واحدتها رَضَعة. وفي التنزيل: يوم تَرَوْنها
تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعةٍ عما أَرْضَعَت؛ اختلف النحويون في دخول الهاء
في المُرْضِعة فقال الفراء: المُرْضِعة والمُرْضِعُ التي معها صبيٌّ
تُرْضِعه، قال: ولو قيل في الأُم مُرْضِع لأَن الرَّضاع لا يكون إِلا من
الإِناث كما قالوا امرأَة حائض وطامث كان وجهاً، قال: ولو قيل في التي معها
صبي مُرضعة كان صواباً؛ وقال الأَخفش: أَدخل الهاء في المُرْضِعة لأَنه
أَراد، والله أَعلم، الفِعْل ولو أَراد الصفة لقال مرضع؛ وقال أَبو زيد:
المرضعة التي تُرْضِع وثَدْيُها في ولدها، وعليه قوله: تذهل كلّ مرضعة، قال:
وكلُّ مرضعة كلُّ أُم. قال: والمرضع التي دنا لها أَن تُرْضِع ولم
تُرْضِع بعد. والمُرْضِع: التي معها الصبي الرضيع. وقال الخليل: امرأَة
مُرْضِعٌ ذات رَضِيع كما يقال امرأَة مُطْفِلٌ ذات طِفْل، بلا هاء، لأَنك تصفها
بفعل منها واقع أَو لازم، فإِذا وصفتها بفعل هي تفعله قلت مُفْعِلة
كقوله تعالى: تذهل كل مرضعة عما أَرضعت، وصفها بالفعل فأَدخل الهاء في
نَعْتِها، ولو وصفها بأَن معها رضيعاً قال: كل مُرْضِع. قال ابن بري: أَما
مرضِع فهو على النسب أَي ذات رَضِيع كما تقول ظَبْيَةٌ مُشْدِنٌ أَي ذات
شادِن؛ وعليه قول امرئ القيس:
فمثْلِكِ حُبْلى، قد طَرَقْتُ، ومُرْضِعٍ
فهذا على النسب وليس جارياً على الفعل كما تقول: رجل دَارِعٌ وتارِسٌ،
معه دِرْع وتُرْسٌ، ولا يقال منه دَرِعٌ ولا تَرِسٌ، فلذلك يقدر في مرضع
أَنه ليس بجار على الفعل وإِن كان قد استعمل منه الفعل، وقد يجيءُ مُرْضِع
على معنى ذات إِرضاع أَي لها لبن وإِن لم يكن لها رَضِيع، وجمع
المُرْضِع مَراضِعُ؛ قال سبحانه: وحرَّمْنا عليه المَراضِعَ من قَبْلُ؛ وقال
الهذلي:
ويأْوي إِلى نِسْوةٍ عُطُلٍ،
وشُعْثٍ مَراضيعَ مِثلِ السَّعالي
والرَّضُوعةُ: التي تُرْضِع ولدها، وخصّ أَبو عبيد به الشاة.
ورضُعَ الرجل يَرْضُع رَضاعة، فهو رَضِيعٌ راضع أَي لئيم، والجمع
الرّاضِعون. ولئيمٌ راضع: يَرْضع الإِبل والغنم من ضروعها بغير إِناء من لؤْمه
إِذا نزل به ضيف، لئلا يسمع صوت الشُّخْب فيطلب اللبن، وقيل: هو الذي
رَضَع اللُّؤْم من ثَدْي أُمه، يريد أَنه وُلد في اللؤْم، وقيل: هو الذي
يأْكل خُلالته شَرَهاً من لؤْمه حتى لا يفوته شيء. ابن الأَعرابي: الراضع
والرَّضيع الخَسيس من الأَعراب الذي إِذا نزل به الضيف رَضَع بفيه شاته
لئلا يسمعه الضيف، يقال منه: رَضُع يَرْضُع رَضاعةً، وقيل ذلك لكل لئيم إِذا
أَرادوا توكيد لؤْمه والمبالغة في ذمِّه كأَنه كالشيء يُطْبَع عليه،
والاسم الرَّضَع والرضِعُ، وقيل: الراضع الذي يَرْضَع الشاة أَو الناقة قبل
أَن يَحْلُبَها من جَشَعِه، وقيل: الراضع الذي لا يُمْسِك معه مِحْلَباً،
فإِذا سُئل اللبنَ اعتلَّ بأَنه لا مِحْلب له، وإِذا أَراد الشرب رضع
حَلوبته. وفي حديث أَبي مَيْسَرةَ، رضي الله عنه: لو رأَيت رجلاً يَرْضَع
فَسَخِرت منه خَشِيت أَن أَكون مثله، أَي يَرْضَع الغنم من ضُروعها ولا
يَحْلُب اللبن في الإِناء لِلُؤْمه أَي لو عَيَّرْتُه بهذا لخشيت أَن
أُبْتَلَى به. وفي حديث ثَقِيف: أَسْلَمها الرُّضّاع وتركوا المِصاع؛ قال ابن
الأَثير: الرُّضّاع جمع راضع وهو اللئيم، سمي به لأَنه للؤْمه يَرْضَع
إِبله أَو غنَمه لئلا يُسْمع صوتُ حَلبه، وقيل: لأَنه يَرْضَع الناسَ أَي
يسأَلهم. والمِصاعُ: المُضاربة بالسيف؛ ومنه حديث سلَمة، رضي الله عنه:
خُذْها، وأَنا ابنُ الأَكْوع،
واليَومُ يَوْمُ الرُّضَّع
جمع راضع كشاهد وشُهَّد، أَي خذ الرَّمْيةَ مني واليومُ يومُ هَلاك
اللِّئام؛ ومنه رجز يروى لفاطمة، رضي الله عنها:
ما بيَ من لُؤْمٍ ولا رَضاعه
والفعل منه رَضُع، بالضم، وأَما الذي في حديث قُسٍّ: رَضيع أَيْهُقانٍ،
قال ابن الأَثير: فَعِيل بمعنى مفعول، يعني أَن النعام في ذلك المكان
تَرْتَع هذا النبت وتَمَصُّه بمنزلة اللبن لشدة نعومته وكثرة مائه، ويروى
بالصاد المهملة وقد تقدم.
والراضِعتان: الثَّنِيَّتان المتقدمتان اللتان يُشرب عليهما اللبن،
وقيل: الرَّواضِعُ ما نبت من أَسنان الصبي ثم سقط في عهد الرضاع، يقال منه:
سقطت رواضعه، وقيل: الرواضع ست من أَعلى الفم وست من أَسفله. والراضعةُ:
كلُّ سِنٍّ تُثْغَر.
والرَّضُوعةُ من الغنم: التي تُرضِع؛ وقول جرير:
ويَرْضَعُ مَن لاقَى، وإِن يَرَ مُقْعَداً
يَقُود بأَعْمَى، فالفَرَزْدَقُ سائِلُهْ
(* رواية ديوان جرير: وإِن يلقَ مقعداً.)
فسره ابن الأَعرابي أَن معناه يَسْتَعْطِيه ويطلبُ منه أَي لو رأَى هذا
لَسَأَلَهُ، وهذا لا يكون لأَن المُقعد لا يقدر أَن يقوم فيَقودَ
الأَعمى.والرَّضَعُ: سِفاد الطائر؛ عن كراع، والمعروف بالصاد المهملة.
رمس: الرَّمْسُ: الصوت الخَفِيُّ. ورَمَسَ الشيءَ يَرْمُسُه رَمْساً:
طَمَسَ أَثَرَه. ورَمَسه يَرْمُسُه ويَرْمِسُه رَمْساً، فهو مَرْموس
ورَمِيسٌ: دفنه وسَوًى عليه الأَرضَ. وكلُّ ما هِيلَ عليه التراب، فقد رُمِسَ؛
وكلُّ شيءٍ نُثِرَ عليه الترابُ، فهو مَرْمُوس؛ قال لقِيطُ بنُ
زُرارَةَ:يا ليتَ شِعْري اليومَ دَخْتَنُوسُ،
إِذا أَتاها الخَبَرُ المَرْمُوسُ،
أَتَحْلِقُ القُرُونَ أَم تَمِيسُ؟
لا بَلْ تَمِيسُ، إِنها عَرُوسُ
وأَما قول البُرَيْقِ:
ذَهَبْتُ أَعُورُه فَوَجدْتُ فيه
أَوَارِيّاً رَوامِسَ والغُبارا
قد يكون على النسب وقد يكون على وضع فاعل مكان مفعول إِذ لا يُعرف
رَمَسَ الشيءُ نَفْسُه.
ابن شُمَيْل: الرَّوامِسُ الطير الذي يطير بالليل، قال: وكل دابة تخرج
بالليل، فهي رَامِسٌ تَرْمُس: تَدْفِنُ الآثارَ كما يُرْمَسُ الميت، قال؛
إِذا كان القبر مُدَرَّماً مع الأَرض، فهو رَمْس، أَي مستوياً مع وجه
الأَرض، وإِذا رفع القبر في السماء عن وجه الأَرض لا يقال له رَمْسٌ. وفي
حديث ابن مغَفَّل: ارْمُسُوا قبري رَمْساً أَي سَوُّوه بالأَرض ولا تجعلوه
مُسَنَّماً مرتفعاً. وأَصلُ الرَّمْسِ: الستر والتغطية. ويقال لما
يُحْثَى من التراب على القبر: رَمْسٌ. والقبر نفسُه: رَمْسٌ؛ قال:
وبينما المرءُ في الأَحياءِ مُغْتَبِطٌ،
إِذا هو الرَّمْسُ تَعْفُوه الأَعاصِيرُ
أَراد: إِذا هو تراب قد دُفِنَ فيه والرياح تُطَيِّره. وروى عن الشعبي
في حديث أَنه قال: إِذا ارْتَمَسَ الجُنُبُ في الماء أَجزأَه ذلك من غسل
الجنابة؛ قال شمر: ارْتَمس في الماء إِذا انغمس فيه حتى يغيب رأْسه وجميعُ
جسده فيه. وفي حديث ابن عباس: أَنه رامَسَ عُمَرَ بالجُحْفَة وهما
مُحْرِمان أَي أَدخلا رؤوسهما في الماء حتى يغطيهما، وهو كالغَمْس، بالغين،
وقيل: هو بالراء أَن لا يطيل اللبث في الماء، وبالغين أَن يطيله. ومنه
الحديث: الصائم يَرْتَمِس ولا يَغْتَمِسُ.
ابن سيده: الرَّمْسُ القبر، والجمع أَرْماسٌ ورُمُوس؛ قال الحُطَيْئَةُ:
جارٌ لقَوْمٍ أَطالوا هُونَ مَنْزِله،
وغادَرُوه مُقِيماً بين أَرْماسِ
وأَنشد ابن الأَعرابي لعُقَيْل بن عُلَّفَةَ:
وأَعِيشُ بالبَلَلِ القَلِيلٍ، وقد أَرى
أَنَّ الرُّمُوسَ مَصارِعُ الفِتْيانِ
ابن الأَعرابي: الرَّامُوسُ القبر، والمَرْمَسُ: موضع القبر؛ قال
الشاعر:بِخَفْضٍ مَرْمَسي، أَو في يَفاعٍ،
تُصَوِّتُ هامَتي في رَأْسِ قَبْري
ورَمَسْناه بالتُّرْب: كَبَسْناه. والرَّمْسُ: التُّرْبُ تَرْمُس به
الريحُ الأَثَر. ورَمْسُ القبر: ما حُثِيَ عليه. وقد رَمَسْناه بالتراب.
والرَّمْسُ تحمله الريح فَتَرْمُس به الآثار أَي تُعَفِّيها. ورمَسْتُ الميت
وأَرْمَسْته: دفنته. ورَمَسُوا قبر فلان إِذا كتموه وسَوَّوْه مع
الأَرض. والرَّمْسُ: تراب القبر، وهو في الأَصل مصدر.
وقال أَبو حنيفة: الرَّوامِسُ والرَّامِساتُ الرياح الزَّافِياتُ التي
تنقل التراب من بلد إِلى آخر وبينها الأَيام، وربما غَشَّتْ وجْه الأَرض
كُلَّه بتراب أَرض أُخرى. والرَّوامِسُ الرياح لتي تثير التراب وتدفن
الآثار.
ورَمَسَ عليه الخبرَ رَمْساً: لواه وكتمه. الأَصمعي: إِذا كتم الرجلُ
الخَبَرَ القومَ قال: دَمَسْتُ عليهم الأَمرَ ورَمَسْته. ورَمَسْتُ
الحديثَ: أَخفيته وكتمته. ووقعوا في مَرْمُوسة من أَمرهم أَي اختلاط؛ عن ابن
الأَعرابي. وفي الحديث ذكر رامِس، بكسر الميم، موضع في ديار محارب كتب به
رسولُ اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، لعُظَيْمِ بنِ الحَرث المُحاربيّ.
رثث: الرَّثُّ والرِّثَّةُ والرَّثيثُ: الخَلَق الخَسيسُ البالي من كل
شيء. تقول: ثوبٌ رَثٌّ، وحَبْلٌ رَثٌّ، ورجل رَثُّ الهيئةِ في لُبْسه؛
وأَكثر ما يُستعمل فيما يُلبس، والجمع رِثاثٌ. وفي حديث ابن نَهيكٍ: أَنه
دَخلَ على سَعْدٍ، وعنده متاع رَثٌّ أَي خَلَقٌ بالٍ. وقد رَثَّ الحبلُ
وغيره يَرِثُّ ويَرُثُّ رثاثَة ورُثُوثة، وأَرَثَّ، وأَرثَّه البِلى، عن
ثعلب. وأَرثَّ الثوبُ أَي أَخْلَق؛ قال ابن دريد: أَجاز أَبو زيد: رَثَّ
وأَرَثَّ، وقال الأَصمعي: رَثَّ بغير أَلف؛ قال أَبو حاتم: ثم رجع بعد ذلك
وأَجاز رَثَّ وأَرَثَّ؛ وقول دُرَيد بن الصِّمَّة:
أَرَثَّ جديدُ الحَبْلِ من أُمِّ مَعْبدِ
بعاقبةٍ، وأَخْلَفَتْ كلَّ مَوْعِدِ
يجوز أَن يكون على هذه اللغة، ويجوز أَن تكون الهمزة في الاستفهام دخلت
على رَثَّ. وأَرَثَّ الرجلُ: رًثَّ حَبْلُه، والاسم من كل ذلك
الرِّثَّةُ. ورجل رَثُّ الهَيئة: خَلَقُها باذُّها. وفي خَلْقه رَثاثةٌ أَي
بَذاذَة. وقد رَثَّ يَرُثُّ رَثاثةً، ويرِثُّ رُثوثةً.
والرَّثُّ والرِّثَّةُ جميعاً: رَديءُ المتاع، وأَسْقاطُ البَيْت من
الخُلْقانِ.
وارْتَثَثْنا رِثَّةَ القوم، وارْتَثُّوا رِثَّةَ القوم: جَمَعُوها أَو
اشترَوها. وتُجْمَع الرِّثَّةُ رِثاثاً. والرِّثَّة: خُشارة الناس
وضُعَفاؤُهم، شُبِّهُوا بالمتاع الرديء. وروى عَرْفجةُ عن أَبيه قال: عَرَّفَ
عَلِيٌّ رِثَّةَ أَهلِ النَّهْر، قال: فكان آخِرُ ما بَقِيَ قِدْرٌ، قال:
فلقد رأَيتُها في الرَّحَبة، وما يَغْتَرفُها أَحدٌ. والرِّثَّة: المتاعُ
وخُلْقانُ البيتِ، والله أَعلم. والرِّثَّة: السَّقَطُ من متاع البيت من
الخُلْقان، والجمع رِثَثٌ، مثل قِرْبةٍ وقِرَبٍ، ورِثاثٌ مثلُ رِهْمةٍ
ورِهام. وفي الحديث: عَفَوْتُ لكم عن الرِّثَّة؛ هي متاعُ البيت الدُّونُ؛
قال ابن الأَثير: وبعضهم يرويه الرِّثْية، والصوابُ الرِّثَّة، بوزن
الهِرَّة. وفي حديث النُّعْمان بن مُقَرِّنٍ يومَ نَهاوَنْد: أَلا إِن
هؤٌلاء قد أَخْطَرُوا لم رِثَّة، وأَخْطَرْتم لهم الإِسلامَ؛ وجمعُ الرِّثَّة
رِثاثٌ. وفي الحديث: فجَمَعْتُ الرِّثاثَ إِلى السائب.
والمُرْتَثُّ: الصَّريعُ الذي يُثْخَنُ في الحَرْب ويُحْمَلُ حَيّاً ثم
يموت؛ وقال ثعلب: هو الذي يُحْمَلُ من المَعْرَكة وبه رَمَق، فإِن كان
قتيلاً، فليس بمُرْتَثٍّ. التهذيب: يقال للرجل إِذا ضُربَ في الحَرْبِ
فأُثْخِنَ، وحُمِلَ وبه رَمَق ثم ماتَ: قد ارْتُثَّ فلانٌ، وهو افْتُعِلَ،
على ما لم يُسَمَّ فاعله، أَي حُمِلَ من المعركة رَثيثاً أَي جَريحاً وبه
رَمَقٌ؛ ومنه قولُ خَنْساءَ حين خَطَبَها دريدُ ابن الصِّمَّة، على كِبَرِ
سِنِّه: أَتَرَوْنَني تاركةً بني عَمِّي، كأَنهم عَوالي الرِّماحِ،
ومُرْتَثَّةً شيخَ بني جُشَمٍ؟ أَرادت: أَنه مذ أَسَنَّ وقَرُبَ من الموت
وضَعُف، فهو بمنزلة مَن ؛حُمِلَ من المَعْركة، وقد أَثْبَتَتْه الجراحُ
لضَعْفِه.
وفي حديث كعب بن مالك: أَنه ارْتُثَّ يومَ أُحُدٍ، فجاءَ به الزبيرُ
يَقُود بزِمام راحلته؛ الارْتثاثُ: أَن يُحْمَلَ الجريحُ من المَعْركة، وهو
ضعيف قد أَثْخَنَتْه الجِراح.
والرَّثِيث أَيضاً: الجريح، كالمُرْتَثِّ. وفي حديث زيد بن صُوحــانَ:
أَنه ارْتُثَّ يوم الجَمل، وبه رَمَقٌ. وفي حديث أُم سلمة: فرآني
مُرْتَثَّةً أَي ساقطةً ضعيفة؛ وأَصلُ اللفظة من الرَّثِّ: الثوب الخَلَق.
والمُرْتَثُّ، مُفْتَعِل، منه. وارْتَثَّ بنو فلانٍ ناقةً لهم أَو شاةً: نَحَروها
من الهُزال.
والرِّثَّة: المرأَة الحَمقاءُ.
نخج: نخج السيلُ في سَنَدِ الوادي يَنْخِج نَخْجاً: صدَمه. ونَخَجَ
الرجلُ المرأَة ينخُجُها
(* قوله «ينخجها» ضبط في الأصل كما ترى وهو مقتضى
صنيع المجد. وأما نخج السيل، فضبط فيه المضارع، بالكسر، وصرح به شارح
القاموس وقد سوى بينهما المجد في الإطلاق.) نَخْجاً: نكحها.
والنَّخَّاجةُ: الرشّاحةُ.
والنَّخْج: أَن تَضَع المرأَةُ السِّقاءَ على رُكْبَتَيها ثم تَمْخُضه؛
وقيل: النَّخْج أَن تأْخذَ اللبنَ وقد رابَ، فتَصُبَّ لبناً حليباً،
فتخرُجَ الزُّبْدة فَشْفاشةً ليست لها صلابةٌ.
ابن السكيت: والنَّخِيجَةُ زُبْدٌ رَقيقٌ يَخرُجُ من السِّقاء إِذا
حُمِل على بَعير بعدما نُزِعَ زُبْدُه الأَول، فيُمْخَض فيخرُجُ منه زُبْدٌ
رقيق.
وقال غيره: هو النَّخيجُ، بغير هاءٍ. وفُلانٌ ميمونُ العريكة والنخيجةِ
والطبيعة، بمعنًى واحد. ويقال: النخجة، بتقديم الجيم، قال الجوهري: ولا
أَدري ما صحته.
ونَخَجَ الدَّلوَ في البئر نَخْجاً ونَخَجَ بها: حَرَّكَها في الماء
لِتَمْتلئَ، لغة في مَخَجَهَا، إِذا خَضْخَضَها، وزعم يعقوب أَن نونَ نخج
بدل من ميم مخج.
جدث: الجَدَثُ: القَبْر. وفي حديث علي، كرّم الله وجهه: في جَدَثٍ
يَنْقَطِعُ في ظُلْمته آثارُها أَي في قبر، والجمع أَجْداثٌ. وفي الحديث:
نُبَوِّئهم أَجْداثَهم أَي نُنْزِلُهم قبورَهم؛ وقد قالوا: جَدَفٌ، فالفاء
بدل من الثاء، لأَنهم قد أَجمعوا في الجمع على أَجْداثٍ، ولم يقولوا
أَجْداف.
وأَجْدُثٌ: موضِع؛ قال المُتَنَخِّلُ الهذَليُّ:
عَرَفْتُ بأَجْدُثٍ، فِنعافِ عِرْقٍ،
علاماتٍ، كتَحْبير النِّماطِ
ابن سيده: وقد نَفَى سيبويه أَن يكون أَفْعُلٌ من أَبنية الواحد، فيجب
أَن يُعَدَّ هذا فيما فاته من أَبنية كلام العرب، إِلا أَن يكون جَمَعَ
الجَدَثَ الذي هو القبر على أَجْدُثٍ، ثم سَمَّى به الموضع. ويروى:
أَجْدُف، بالفاء. وحكى الجوهري في جمع الجَدَث القبرِ: أَجْدُث. وأَنشد بين
المتنخل شاهداً عليه.
واجْتَدَثَ: اتخذ جَدَثاً.
شطأ: الشَّطْءُ: فَرْخُ الزَّرْع والنخل. وقيل: هو ورق الزَّرْع. وفي التنزيل: كزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ؛ أَي طَرَفَه وجمعه شُطُوءٌ. وقال الفرّاءُ: شَطْؤُه السُّنْبُل تُّنْبِت الحَبَّةُ عَشْراً وثمانياً وسَبْعاً،
فيَقْوَى بعضُه ببعض، فذلك قوله تعالى: فآزَرَه أَي فأَعانَه. وقال
الزجاج: أَخْرَج شَطْأَه أَخرج نباتَه. وقال ابن الأَعرابي: شَطْأَه:
فِراخَه. الجوهري: شَطْءُ الزَّرْعِ والنَّباتِ: فِراخُه. وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه في قوله تعالى: أَخرج شَطْأَه فآزَرَه. شَطْؤُهُ: نباتُه وفِراخُه. يقال: أَشْطَأَ الزَّرْعُ، فهو مُشْطِئٌ، إِذا فَرَّخَ.
وشاطِئُ النَّهرِ: جانِبُه وطَرَفُه.
وشَطَأَ الزَّرْعُ والنخلُ يَشْطَأُ شَطْأً وشُطُوءاً: أَخرج شَطْأَه.
وشَطْءُ الشجرِ: ما خَرج حول أَصله، والجمع أَشْطاءٌ. وأَشْطَأَ الشجرُ بغُصونه: أَخرجها. وأَشْطَأَتِ الشجرةُ بغُصونها إِذا أَخرجت غُصونَها. وأَشْطَأَ الزرعُ إِذا فَرَّخ.
وأَشطأَ الزرعُ: خَرجَ شَطْؤُه، وأَشْطَأَ الرجلُ: بَلغ ولَدُه مَبْلَغَ
الرِّجالِ فصار مثله.
وشَطْءُ الوادي والنَّهَر: شِقَّته، وقيل: جانبُه، والجمع شُطُوءٌ.
وشاطِئُه كشَطْئِه، والجمع شُطوءٌ وشَواطِئُ وشُطْآنٌ ،على أَن شُطْآناً قد يكون جمع شَطْءٍ. قال:
وتَــصَوَّحَ الوَسْمِيُّ مِنْ شُطْآنِه، * بَقْلٌ بِظاهِرِه، وبَقْلُ مِتانِه
وشاطِئُ البحر: ساحِلُه. وفي الصحاح: وشاطِئُ الوادي: شَطُّه وجانِبُه، وتقول: شاطِئُ الأَوْدِيةِ، ولا يُجمَعُ.
وشَطَأَ مَشَى على شاطِئِ النَّهرِ.
وشاطأْتُ الرَّجُل إِذا مَشَيْتَ على شاطئٍ ومَشَى هو على الشاطِئِ
الآخَر.
ووادٍ مُشْطِئٌ: سالَ شاطِئَاه. ومنه قول بعض العرب: مِلْنا لِوادِي
كذا وكذا، فوَجَدْناه مُشْطِئاً.
وشَطَأَ المرأَةَ يَشْطَؤُها شَطْأً: نَكَحَها. وشَطَأَ الرجلَ شَطْأً:
قَهَرَه. وشَطَأَ الناقةَ يَشْطَؤُها شَطْأً: شَدَّ عليها الرَّحْلَ.
وشَطَأَه بالحِمْلِ شَطْأً: أَثْقَلَه.
وشَطْيَأَ الرَّجُلُ في رَأْيِهِ وأَمرِهِ كَرَهْيَأَ.
ويقال: لَعَنَ اللّهُ أُمّاً شَطَأَتْ به وفَطَأَتْ به أَي طَرَحَتْه.
ابن اسكيت: شَطَأْتُ بالحِمْلِ أَي قَوِيتُ عليه، وأَنشد:
كشَطْئِكَ بالعِبْءِ ما تَشْطَؤُهْ
ابن الأَعرابي: الشُّطْأَةُ(1)
(1 قوله «الشطأة إلخ» كذا هو في النسخ هنا بتقديم الشين على الطاء والذي في نسخة التهذيب عن ابن الأعرابي بتقديم الطاء في الكلمات الأربع وذكر نحوه المجد في فصل الطاء ولم نرَ أَحداً ذكره بتقديم الشين، ولمجاورة شطأ طشأ طغا قلم المؤلف فكتب ما كتب.)
: الزُّكامُ، وقد شُطِئَ إِذا زُكِمَ، وأَشْطَأَ إِذا أَخَذَتْه الشُّطْأَةُ.
هيف: هافَ ورَقُ الشجر يَهِيف: سقط. والهَيْفُ والهُوف: ريح حارَّة
تأْتي من قِبَل اليمن، وهي النَّكْباء التي تجري بين الجَنُوب والدَّبُور من
تحت مَجْرَى سُهَيْل يَهيف منها ورق الشجر. ابن الأَعرابي: نَكْباء
الصَّبا والجَنوب مِهْيافٌ مِلْواحٌ مِيباسٌ للبقل، وهي التي تجيء بين
الرِّيحين، وقال الأَصمعي: الهَيْف الجنوب إِذا هَبَّت بحرّ، وقيل: الهيف ريح
باردة تجيء من قبل مَهَبِّ الجنوب، قال: وهذا لا يوافق الاشتقاق؛ قال
الأَزهري: الذي قاله الليث إن الهيْف ريح باردة لم يقله أَحد، والهيف لا تكون
إلا حارّة. ابن سيده: وقيل الهيف كل ريح ذاتِ سَمُوم تُعَطِّش المال
وتُيَبِّس الرّطْب؛ قال ذو الرمة:
وصَوَّحَ البَقْلَ نأْآجُ تَجِيء به
هَيْفٌ يَمانِيةٌ، في مَرِّها نَكَبُ
وفي المثل: ذَهَبَتْ هَيف لأَديانها أَي لعاداتها لأَنها تُجَفِّف كل
شيء وتُيَبِّسه وتَهَيَّفَ الرجل من الهَيْف كما يقال تَشتَّى من الشِّتاء.
والهُوف من قول أُم تأَبَّط شرّاً: تَلُفُّه هُوف، إنما بنته على فُعْل
لِما قبله من قولها: ليس بعُلْفُوف، وما بعده من قولها: حَشِيّ من صوف،
وقيل: هي لغة في الهَيْف. وهافَ واسْتهافَ: أَصابته الهَيْفُ فَعَطِش؛
أَنشد ثعلب:
تَقَدَّمْتهنّ على مِرْجَمٍ
يلُوكُ اللِّجامَ، إذا ما اسْتَهافا ورجل هَيُوف ومِهْيافٌ وهافٌ؛
الأَخيرة عن اللحياني: لا يصبر على العطش. ويقال للعطشان: إنه لهافٌ، والأُنثى
هائفة. وناقة مِهْيافٌ وهافةٌ وإبل هافة، كذلك: تعطَش سريعاً. واهْتافَ
أَي عَطِش. قال الأَصمعي: رجل هَيْفان. والمِهْياف: السريع العطَشِ، وقد
هافَ يَهاف هِيافاً، وهافت الإبل تَهافُ هِيافاً وهُيافاً إذا اشتدَّت
الهيْفُ من الجَنوب واستقبلَتْها بوجوهها فاتحةً أَفواهَها من شدة العطش.
وأَهافَ الرجلُ: عَطِشت إبله؛ قال:
فقد أَهافُوا، زعموا، وأَنْزَعُوا
الأَصمعي: الهافة الناقة السريعة العطش، وهو من ذوات الياء، وهي
الهِيْاف والمِهْيامُ. والهِيفُ: جمع أَهْيَف وهَيْفاء، وهو الضامر البطن.
الأَزهري في ترجمة فوه: فاهاهُ إذا فاخَره وناطَقَه، وهافاه إذا مايَله إلى
هَواه. والهَيَفُ، بالتحريك: رقَّة الخصر وضُمور البطن، هَيِفَ هَيَفاً
وهافَ هَيْفاً، فهو أَهيف، ولغة تميم: هاف يَهافُ هَيْفاً، وامرأَة هَيْفاء
وقوم هِيف. وفرس هَيْفاء: ضامرة. وهَيْفاء: فرس طارق بن حَصَبةَ.
هدد: الهَدُّ: الهَدْمُ الشديد والكسر كحائِط يُهَدُّ بمرَّة
فَيَنْهَدِم؛ هَدَّه يَهُدُّه هَدًّا وهُدُودا؛ قال كثير عزة:
فَلَوْ كان ما بي بالجِبال لَهَدَّها،
وإِن كان في الدُّنيا شَدِيداً هدُوُدُها
الأَصمعي: هَدَّ البِناءَ يَهُدُّه هَدًّا إِذا كسره وضَعْضَعَه. قال:
وسمعت هادًّا أَي سمعت صوت هَدِّهِ. وانهدَّ الحبَلُ أَي انكسر. وهَدَّني
الأَمرُ وهدَّ رُكْني إِذا بلغ منه وكسَره؛ وقول أَبي ذؤيب:
يَقولوا قَدْ رأَيْنا خَيْرَ طِرْفٍ
بِزَقْيَةَ لا يُهَدُّ ولا يَخِيبُ
قال ابن سيده: هو من هذا. وروي عن بعضهم أَنه قال: ما هَدَّني موتُ أَحد
ما هدَّني موتُ الأَقْران. وقولهم: ما هدَّه كذا أَي ما كَسَره كذا.
وهدَّته المصيبةُ أَي أَوهَنَت رُكْنه.
والهَدّة: صوت شديد تسمعه من سقوط ركن أَو حائط أَو ناحية جبل، تقول
منه: هَدَّ يَهِدُّ، بالكسر، هديداً؛ وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه كان يقول: اللهم إني أَعوذ بك من الهَدِّ والهِدَّة؛ قال أَحمد
بن غياث المروزي: الهَدُّ الهَدْمُ والهَدءة الخُسوف. وفي حديث
الاستسقاء: ثم هَدّتْ ودَرَّتْ؛ الهَدَّةُ صوت ما يقع من السماء، ويروى: هَدَأَتْ
أَي سكنت. وهَدُّ البعير: هَدِيرُه؛ عن اللحياني. والهَدُّ والهَدَدُ:
الصوت الغليظ، والهادُّ: صوت يسمعه أَهل السواحل يأْتيهم من قِبَلِ البحر
له دَوِيٌّ في الأَرض وربما كانت منه الزَّلْزَلةُ، وهَدِيدُه دَوِيُّه؛
وفي التهذيب: ودَوِيُّه هَدِيدُه؛ وأَنشد:
داعٍ شَدِيدُ الصَّوْتُ ذُو هَدِيدِ
وقد هَدَّ يَهِدُّ. وما سمعنا العامَ هادّةً أَي رَعْداً. والهَدُّ من
الرجال: الضعيف البدن، والجمع هَدُّونَ ولا يُكْسَرُ؛ قال العباس بن عبد
المطلب:
ليسوا بِهَدِّينَ في الحُروبِ، إِذا
تُعْقَدُ فَوْقَ الْحراقِفِ النُّطُقُ
وقد هدَّ يَهَدُّ ويَهِدُّ هَدًّا. والأَهَدُّ: الجبان. ويقول الرجل
للرجل إِذا أَوعده: إِني لغيرُ هَدٍّ أَي غيرُ ضعيف. وقال ابن الأَعرابي:
الهَدُّ من الرجال الجَوادُ الكريم، وأَما الجبان الضعيف، فهو الهِدّ،
بالكسر. ابن الأَعرابي: الهَدّ، بفتح الهاء، الرجل القَويّ، قال: وإِذا أَردت
الذم يالضعف قلت: الهِدُّب بالكسر. وقال الأَصمعي: الهَدُّ من الرجال
الضعيف؛ وأَباها ابن الأَعرابي بالفتح. شمر: يقال رجل هدٌّ وهَدادةٌ وقوم
هَدادٌ أَي جُبناء؛ وأَنشد قول أُمية:
فأَدْخَلَهُم على رَبِذٍ يداهُ
بِفعْلِ الخَيْرِ لَيْسَ من الهَدادِ
والهَدِيدُ والفَدِيدُ: الصوتُ.
واسْتَهْدَدْتُ فلاناً أَي اسْتَضْعَفْتُه؛ وقال عدي بن زيد:
لم أَطْلُبِ الخُطَّةَ النَّبِيلَة بالْـ
ـقُوَّةِ، إن يُسْتَهَدَّ طالِبُها
وقال الأَصمعي: يقال للوعيدِ: من ورَاءُ ورَاءُ الفَدِيدُ والهَدِيدُ.
وأَكَمَةٌ هَدُودٌ: صَعْبَةُ المُنْحَدَر. والهَدُودُ: العَقَبةُ
الشاقَّةُ.
والهَدِيدُ: الرجل الطويلُ.
ومررت برجل هَدَّكَ من رجل أَي حَسْبُك، وهو مدح؛ وقيل: معناه
أَثْقَلَكَ وصْف محاسنِه، وفيه لغتان: منهم مَنْ يُجْرِيه مُجْرى المصدر فلا يؤنثه
ولا يثنيه ولا يجمعه، ومنهم من يجعله فِعْلاً فيثنى ويجمع، فيقال: مررت
برجل هَدّكَ من رجل، وبامرأَة هَدَّتْكَ من امرأَة، كقولك كفَاكَ
وكفَتْك؛ وبرجلين هدّاك وبرجال هَدُّوك، وبامرأَتين هَدَّتاك وبِنسوةٍ
هَدَّتَاك؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
ولي صاحبٌ في الغارِ هَدَّكَ صاحِباً
قال: هَدّك صاحباً أَي ما أَجَلَّه ما أَنْبَلَهُ ما أَعلمه، يَصِفُ
ذِئْباً. وفي الحديث: أَن أَبا لهب قال: لَهَدَّ ما يَحَرَكم صاحِبُكُم؛
قال: لَهَدَّ كلمة يتعجب بها؛ يقال: لَهَدَّ الرجلُ أَي ما أَجْلَدَه. غيره:
وفلان يُهَدُّ، على ما لم يُسمّ فاعله، إِذا أُثْنِيَ عَلَيْه بالجَلَد
والقُوّة. ويقال: إِنه لهَدّ الرَّجلُ أَي لَنِعْمَ الرجلُ وذلك إِذا
أُثني عليه بِجَلَدٍ وشدّة، واللام للتأْكيد. ابن سيده: هَدَّ الرجلُ كما
تقول: نِعمَ الرجل.
ومَهْلاً هَدادَيْك أَي تَمَهَّلْ يَكْفِكَ.
والتَّهَدُّدُ والتهْديدُ والتَّهْدادُ: من الوعيد والتخوف. وهُدَدُ:
اسم لملك من ملوكِ حِمْيَر وهو هُدَدُ بن هَمَّال
(* قوله «هدد بن همال»
الذي اقتصر عليه البخاري في التفسير من صحيحه وصاحب القاموس هدد بن بدد.
راجع القسطلاني تقف على الخلاف في ضبط هدد وبدد).
ويروى أَن سليمان بن داود، عليهما السلام، زَوَّجَه بَلْقَه وهي بلقيس
بنت بَلْبَشْرَح
(* قوله «بنت بلبشرح» كذا في الأصل مضبوطاً والذي في
البيضاوي والخطيب بنت شراحيل ولعل في اسمه خلافاً أو أحدهما لقب.) ؛ وقول
العجاج:
سَيْباً ونُعْمى من إِلهٍ في دِرَرْ،
لا عَصْفَ جارٍ هَدَّ جارُ المُعْتَصَرْ
قوله: لا عَصْف جارٍ أَي ليسَ من كسْب جارٍ إنما الله تعالى، ثم قال:
هَدَّ جارُ المعتَصرْ كقولك هَدَّ الرجلُ جَلُدَ الرجل جارُ المُعْتَصَرِ
أَي نِعْم جارُ الملتَجَإِ.
وفي النوادر: يُهَدْهَدُ إِليَّ كذا ويُهَدَّى إِليَّ كذا ويُسَوَّلُ
إِليَّ كذا ويُهَدى لي كذا ويُهَوَّلُ إِليَّ كذا ولي ويُوَسْوَسُ إِليَّ
كذا ويُخَيَّلُ إِليَّ ولي ويُخالُ لي كذا: تفسيره إِذا شَبَّه الإِنسان
في نفسه بالظن ما لم يُثْبِتْه ولم يَعْقِد عليه إِلا التشبيه. وهَدْهَدَ
الطائرُ: قَرْقَر. وكلُّ ما قَرْقَرَ من الطير: هُدْهُدٌ وهُداهِدٌ؛ قالل
الأَزهري: والهُداهِدُ طائر يشبه الخَمان؛ قال الراعي:
كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جَناحَه،
يَدْعُو بقارِعةِ الطَّريقِ هَدِيلا
والجمع هَداهِدُ، بالفتح، وهَداهِيدُ؛ الأَخيرة عن كراع؛ قال ابن سيده:
ولا أَعرف لها وجهاً إِلا أَن يكون الواحد هَدْهاداً. وقال الأَصمعي:
الهُداهِد يعْني به الفاخِتَةُ أَو الدُّبْسِيُّ أَو الوَرَشانُ أَو
الهُدْهُدُ أَو الدُّخَّلُ أَو الأَيْكُ؛ وقال اللحياني: قال الكسائي: إِنما
أَراد الراعي في شعره بِهُداهِدٍ تصغير هُدْهُد فأَنكر الأَصمعي ذلك، قال:
ولا أَعرفه تصغيراً، قال: وإِنما يقال ذلك في كل ما هَدَلَ وهَدَرَ؛ قال
ابن سيده: وهو الصحيح لأَنه ليس فيه ياء تصغير إِلا أَنَّ من العرب من
يقول دُوابَّة وشُوابَّة في دُوَيْبّة وشُوَيْبّة، قال: فعلى هذا إِنما هو
هُدَيْهِدٌ ثم أَبدل الأَلف مكان الياء على ذلك الحدّ، غير أَن الذين
يقولون دُوابَّة لا يجاوزون بناء المدغم. وقال أَبو حنيفة: الهُدهُدُ
والهُداهِد الكثيرُ الهَديرِ من الحمام. وفَحْلٌ هُداهدٌ: كثير الهَدْهَدَةِ
يَهْدِرُ في الإِبل ولا يَقْرَعُها؛ قال:
فَحَسْبُكَ مِنْ هُداهِدَةٍ وزَغْدِ
جعله اسماً للمصدر وقد يكون على الحذف أَي من هَدِيد هُداهِد أَوْ
هَدْهَدَةِ هُداهِدٍ.
الجوهري: وهَدْهَدَةُ الحَمامِ إِذا سمعت دَوِيَّ هَدِيرِه، والفحل
يُهَدْهِدُ في هَدِيرِه هَدْهَدة، وجمع الهَدْهَدَةِ هَداهِدُ؛ قال
الشاعر:يَتْبَعْنَ ذا هَداهِدٍ عَجَنَّسا
مُواصِلا قُفّاً، ورَمْلا أَدْهَسَا
والهُدْهُدُ: طائر معروف، وهو مما يُقَرْقِرُ، وهَدْهَدَتُه: صوته،
والهُداهِدُ مثله؛ وأَنشد بيت الراعي أَيضاً:
كَهُداهِدٍ كَسَرَ الرُّماةُ جنَاحَه،
يَدْعُو بقارعةِ الطَّرِيقِ هَدِيلا
قال ابن بري: الهَدِيل صوته، وانتصابه على المصدر على تقدير يَهْدِلِ
هَديلاً لأَنَّ يَدْعو يدل عليه، والمُشَيَّهُ بالهدهد الذي كُسِرَ
جَناحُه، هو رجل أَخذ المُصَدِّقُ إِبله بدليل قوله في البيت قبله:
أَخَذوا حَمُولَته فأَصبَحَ قاعِداً،
لا يَسْتَطِيعُ عن الدِّيارِ حَوِيلا
يَدْعُو أَميرَ المؤمِنِينَ، ودونَه
خَرْقٌ تَجُرُّ به الرِّياحُ ذُيُولا
قال ابن سيده: وبيت ابن أَحمر:
ثم اقْتَحَمْتُ مُناجِداً ولَزِمْتُه،
وفؤَادُه زَجِل كعَزْفِ الهُدْهُدِ
يروى: كعَزْفِ الهُدْهُد، وكعَزْف الهَدْهَد، فالهُدهُدُ: ما تقدم،
والهَدْهَدُ قيل في تفسيره: أَصواتُ الجنِّ ولا واحد له.
وهَدْهَدَ الشيءَ مِنْ عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ: حَدَرَه. وهَدْهَدَهُ:
حرَّكه كما يُهِدْهَدُ الصبيُّ في المَهْدِ. وهَدْهَدَت المرأَةُ ابنها أَي
حرَّكَتْه لِينام، وهي الهَدْهَدَةُ. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه قال: جاء شيطان فَحَمَلَ بلالاً فجعل يُهَدْهِدُه كما
يُهَدْهَدُ الصبيُّ؛ وذلك حين نام عن إَِيقاظه القَوْمَ للصلاة. والهَدْهَدَةُ:
تحريك الأُم ولدها لينام.
وهُداهِد: حي من اليمن. وهَدْهادٌ: اسم. وهَداد: حَيٌّ من اليمن.
ضيس: ضاسَ النبتُ يَضِيسُ. هاج؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وقال مرة؛ هو أَول
الهَيْج، نَجْدِيَّة.
وضاسٌ: اسم جبل، قال ابن سيده: وإِنما قضينا بأَن أَلفه ياء وإِن كانت
عيناً، والعين واواً أَكثر منها ياء لوجودنا يَضِيسُ وعدمنا هذه المادة من
الواو جملة؛ قال:
تَهَبَّطْنَ من أَكناف ضاسَ وأَيْلَةٍ
إِليها، ولو أَغْرى بهنَّ المُكَلِّبُ
حيق: الليث: الحَيْقُ ما حاقَ بالإِنسان من مَكْر أَو سُوء عمل يعمله
فينزل ذلك به، تقول: أَحاق الله بهم مكرهم. وحاقَ به الشيء يَحِيق حَيْقاً:
نزَل به وأَحاطَ به، وقيل: الحَيْقُ في اللغة هو أَن يشتمل على الإِنسان
عاقبةُ مكروه فعله، وفي التنزيل: وحاقَ بالذين سَخِروا منهم ما كانوا به
يَسْتَهْزِئُون. قال ثعلب: كانوا يقولون لا عَذاب ولا آخِرةَ فحاقَ بهم
العذاب الذي كذَّبوا به، وأَحاقهُ الله به: أَنزله، وقيل: حاقَ بهم
العذابُ أَي أَحاط بهم ونزل كأَنه وجب عليهم، وقال: حاق يَحِيق، فهو حائق.
وقال الزجاج في قوله تعالى: وحاق بهم ما كانوا به يستهزئُون، أَي أَحاط بهم
العذاب الذي هو جزاء ما كانوا يستهزئُون كما تقول أَحاطَ بفلان عمَلُه
وأَهلكَه كَسْبُه أَي أَهلَكه جزاء كَسْبِه؛ قال الأَزهري: جعل أَبو إِسحق
حاقَ بمعنى أَحاطَ، قال: وأَراه أَخذه من الحُوق وهو ما اسْتدارَ
بالكَمَرة، ويجوز أن يكون الحُوق فُعْلاً من حاقَ
يَحِيق، كان في الأَصل حُيْقٌ فقلبت الياء واواً لانضمام الحاء، وقد
تدخل الواو على الياء مثل طَوبي أَصلُه طيْبَى، وقد تدخل الياء على الواو في
حروف كثيرة، يقال: تَــصَوَّح النَّبْتُ وتَصَيَّح وتَوَّهَه وتَيَّهَه
وطَوَّحَه وطَيَّحَه، وقال الفراء في قوله عز وجل: وحاقَ بهم: في كلام
العرب عادَ عليهم ما استهزؤوا به، وجاء في التفسير: أَحاط بهم نزل بهم، قال:
ومنه قوله عز وجل: ولا يَحِيق المَكْرُ السَّيِّء إِلا بأَهله، أَي لا
يَرجِع عاقبةُ مكروهه إِلا عليهم. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه:
أَخرَجني ما أَجِد من حاقِ الجُوع؛ هو من حاقَ يحيقُ حَيْقاً وحاقاً أَي لَزمَه
ووجَب عليه. والحَيْقُ: ما يَشتمل على الإنسان من مكروه، ويروى
بالتشديد. وفي حديث علي: تخَوَّف من الساعةِ
التي مَن سارَ فيها حاقَ به الضُّرُّ. وشيء مَحِيقٌ ومَحْيُوقٌ:
مَدْلوكٌ. وحاق فيه السيفُ حَيْقاً: كحاكَ. وحَيْقٌ: موضع باليمن. ابن بري:
جبَلُ الحَيْقِ جبل قاف.
حسس: الحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ الخَفِيُّ؛ قال اللَّه تعالى: لا
يَسْمَعُون حَسِيسَها. والحِسُّ، بكسر الحاء: من أَحْسَسْتُ بالشيء. حسَّ
بالشيء يَحُسُّ حَسّاً وحِسّاً وحَسِيساً وأَحَسَّ به وأَحَسَّه: شعر به؛
وأَما قولهم أَحَسْتُ بالشيء فعلى الحَذْفِ كراهية التقاء المثلين؛ قال
سيبويه: وكذلك يفعل في كل بناء يُبْنى اللام من الفعل منه على السكون ولا تصل
إِليه الحركة شبهوها بأَقَمْتُ. الأَزهري: ويقال هل أَحَسْتَ بمعنى
أَحْسَسْتَ، ويقال: حَسْتُ بالشيء إِذا علمته وعرفته، قال: ويقال أَحْسَسْتُ
الخبَرَ وأَحَسْتُه وحَسَيتُ وحَسْتُ إِذا عرفت منه طَرَفاً. وتقول: ما
أَحْسَسْتُ بالخبر وما أَحَسْت وما حَسِيتُ ما حِسْتُ أَي لم أَعرف منه
شيئا ً
(* عبارة المصباح: وأحس الرجل الشيء إحساساً علم به، وربما زيدت
الباء فقيل: أحسّ به على معنى شعر به. وحسست به من باب قتل لغة فيه،
والمصدر الحس، بالكسر، ومنهم من يخفف الفعلين بالحذف يقول: أحسته وحست به،
ومنهم من يخفف فيهما بإبدال السين ياء فيقول: حسيت وأَحسيت وحست بالخبر من
باب تعب ويتعدى بنفسه فيقال: حست الخبر، من باب قتل. اهـ. باختصار.). قال
ابن سيده: وقالوا حَسِسْتُ به وحَسَيْتُه وحَسِيت به وأَحْسَيْتُ، وهذا
كله من محوَّل التضعيف، والاسم من كل ذلك الحِسُّ. قال الفراء: تقول من
أَين حَسَيْتَ هذا الخبر؛ يريدون من أَين تَخَبَرْته. وحَسِسْتُ بالخبر
وأَحْسَسْتُ به أَي أَيقنت به. قال: وربما قالوا حَسِيتُ بالخبر وأَحْسَيْتُ
به، يبدلون من السين ياء؛ قال أَبو زُبَيْدٍ:
خَلا أَنَّ العِتاقَ من المَطايا
حَسِينَ به، فهنّ إِليه شُوسُ
قال الجوهري: وأَبو عبيدة يروي بيت أَبي زبيد:
أَحَسْنَ به فهن إليه شُوسُ
وأَصله أَحْسَسْنَ، وقيل أَحْسَسْتُ؛ معناه ظننت ووجدت.
وحِسُّ الحمَّى وحِساسُها: رَسُّها وأَولها عندما تُحَسُّ؛ الأَخيرة عن
اللحياني. الأَزهري: الحِسُّ مس الحُمَّى أَوّلَ ما تَبْدأُ، وقال
الأَصمعي: أَول ما يجد الإِنسان مَسَّ الحمى قبل أَن تأْخذه وتظهر، فذلك
الرَّسُّ، قال: ويقال وَجَدَ حِسّاً من الحمى. وفي الحديث: أَنه قال لرجل متى
أَحْسَسْتَ أُمَّْ مِلْدَمٍ؟ أَي متى وجدت مَسَّ الحمى.
وقال ابن الأَثير: الإِحْساسُ العلم بالحواسِّ، وهي مَشاعِرُ الإِنسان
كالعين والأُذن والأَنف واللسان واليد، وحَواسُّ الإِنسان: المشاعر الخمس
وهي الطعم والشم والبصر والسمع واللمس. وحَواسُّ الأَرض خمس: البَرْدُ
والبَرَدُ والريح والجراد والمواشي.
والحِسُّ: وجع يصيب المرأَة بعد الولادة، وقيل: وجع الولادة عندما
تُحِسُّها، وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه مَرَّ بامرأَة قد ولدت فدعا
لها بشربة من سَوِيقٍ وقال: اشربي هذا فإِنه يقطع الحِسَّ. وتَحَسَّسَ
الخبر: تطلَّبه وتبحَّثه. وفي التنزيل: يا بَنيَّ اذهبوا فَتحَسَّسوا من يوسف
وأَخيه. وقال اللحياني: تَحَسَّسْ فلاناً ومن فلان أَي تَبَحَّثْ،
والجيم لغيره. قال أَبو عبيد: تَحَسَّسْت الخبر وتَحَسَّيته، وقال شمر:
تَنَدَّسْتُه مثله. وقال أَبو معاذ: التَحَسُّسُ شبه التسمع والتبصر؛ قال:
والتَجَسُّسُ، بالجيم، البحث عن العورة، قاله في تفسير قوله تعالى: ولا
تَجَسَّسوا ولا تَحَسَّسُوا. ابن الأَعرابي: تَجَسَّسْتُ الخبر وتَحَسَّسْتُه
بمعنى واحد. وتَحَسَّسْتُ من الشيء أَي تَخَبَّرت خبره. وحَسَّ منه خبراً
وأَحَسَّ، كلاهما: رأَى. وعلى هذا فسر قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى
منهم الكُفْرَ. وحكى اللحياني: ما أَحسَّ منهم أَحداً أَي ما رأَى. وفي
التنزيل العزيز: هل تُحِسُّ منهم من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم
من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم من أَحد، معناه هل تُبْصِرُ هل
تَرى؟ قال الأَزهري: وسمعت العرب يقول ناشِدُهم لِضَوالِّ الإِبل إِذا
وقف على
(* كذا بياض بالأَصل.) ... أَحوالاً وأَحِسُّوا ناقةً صفتها كذا
وكذا؛ ومعناه هل أَحْسَستُم ناقة، فجاؤوا على لفظ الأَمر؛ وقال الفراء في
قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى منهم الكفر، وفي قوله: هل تُحِسُّ منهم من
أَحد، معناه: فلما وَجَد عيسى، قال: والإِحْساسُ الوجود، تقول في الكلام:
هل أَحْسَسْتَ منهم من أَحد؟ وقال الزجاج: معنى أَحَسَّ علم ووجد في
اللغة. ويقال: هل أَحسَست صاحبك أَي هل رأَيته؟ وهل أَحْسَسْت الخبر أَي هل
عرفته وعلمته. وقال الليث في قوله تعالى: فلما أَحس عيسى منهم الكفر؛ أَي
رأَى. يقال: أَحْسَسْتُ من فلان ما ساءني أَي رأَيت. قال: وتقول العرب ما
أَحَسْتُ منهم أَحداً، فيحذفون السين الأُولى، وكذلك في قوله تعالى:
وانظر إِلى إِلهك الذي ظَلْتَ عليه عاكفاً، وقال: فَظَلْتُم تَفَكَّهون،
وقرئ: فَظِلْتُم، أُلقيت اللام المتحركة وكانت فَظَلِلْتُم. وقال ابن
الأَعرابي: سمعت أَبا الحسن يقول: حَسْتُ وحَسِسْتُ ووَدْتُ ووَدِدْتُ وهَمْتُ
وهَمَمْتُ. وفي حديث عوف بن مالك: فهجمت على رجلين فلقت هل حَسْتُما من
شيء؟ قالا: لا. وفي خبر أَبي العارِم: فنظرت هل أُحِسُّ سهمي فلم أَرَ
شيئاً أَي نظرت فلم أَجده.
وقال: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار؛ زعموا أَن رجلين كانا يوقدان
بالطريق ناراً فإِذا مرَّ بهما قوم أَضافاهم، فمرَّ بهما قوم وقد ذهبا،
فقال رجل: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار، وقيل: لا حَسَاسَ من ابني
موقد النار، لا وجود، وهو أَحسن. وقالوا: ذهب فلان فلا حَساسَ به أَي لا
يُحَسُّ به أَو لا يُحَسُّ مكانه. والحِسُّ والحَسِيسُ: الذي نسمعه مما
يمرّ قريباً منك ولا تراه، وهو عامٌّ في الأَشياء كلها؛ وأَنشد في صفة
بازٍ:
تَرَى الطَّيْرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منه
جُنُوحاً، إِن سَمِعْنَ له حَسِيسا
وقوله تعالى: لا يَسْمَعُون حَسِيسَها أَي لا يسمعون حِسَّها وحركة
تَلَهُّبِها. والحَسيسُ والحِسُّ: الحركة. وفي الحديث: أَنه كان في مسجد
الخَيْفِ فسمع حِسَّ حَيَّةٍ؛ أَي حركتها وصوت مشيها؛ ومنه الحديث: إِن
الشيطان حَسَّاس لَحَّاسٌ؛ أَي شديد الحسَّ والإَدراك. وما سمع له حِسّاً ولا
جِرْساً؛ الحِسُّ من الحركة والجِرْس من الصوت، وهو يصلح للإِنسان وغيره؛
قال عَبْدُ مَناف بن رِبْعٍ الهُذَليّ:
وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغَمَةٌ،
حِسَّ الجَنُوبِ تَسُوقُ الماءَ والبَرَدا
والحِسُّ: الرَّنَّةُ. وجاءَ بالمال من حِسَّه وبِسِّه وحَسِّه وبَسِّه،
وفي التهذيب: من حَسِّه وعَسِّه أَي من حيث شاءَ. وجئني من حَسِّك
وبَسِّك؛ معنى هذا كله من حيث كان ولم يكن. وقال الزجاج: تأْويله جئ به من
حيث تُدركه حاسَّةٌ من حواسك أَو يُدركه تَصَرُّفٌ من تَصَرٍّفِك. وفي
الحديث أَن رجلاً قال: كانت لي ابنة عم فطلبتُ نَفْسَها، فقالت: أَو تُعْطيني
مائة دينار؟ فطلبتها من حَِسِّي وبَِسِّي؛ أَي من كل جهة. وحَسَّ، بفتح
الحاء وكسر السين وترك التنوين: كلمة تقال عند الأَلم. ويقال: إِني لأَجد
حِسّاً من وَجَعٍ؛ قال العَجَّاجُ:
فما أَراهم جَزَعاً بِحِسِّ،
عَطْفَ البَلايا المَسَّ بعد المَسِّ
وحَرَكاتِ البَأْسِ بعد البَأْسِ،
أَن يَسْمَهِرُّوا لضِراسِ الضَّرْسِ
يسمهرّوا: يشتدوا. والضِّراس: المُعاضَّة. والضَّرْسُ: العَضُّ. ويقال:
لآخُذَنَّ منك الشيء بِحَسٍّ أَو بِبَسٍّ أَي بمُشادَّة أَو رفق، ومثله:
لآخذنه هَوْناً أَو عَتْرَسَةً. والعرب تقول عند لَذْعة النار والوجع
الحادِّ: حَسِّ بَسِّ، وضُرِبَ فما قال حَسٍّ ولا بَسٍّ، بالجر والتنوين،
ومنهم من يجر ولا ينوَّن، ومنهم من يكسر الحاء والباء فيقول: حِسٍّ ولا
بِسٍّ، ومنهم من يقول حَسّاً ولا بَسّاً، يعني التوجع. ويقال: اقْتُصَّ من
فلان فما تَحَسَّسَ أَي ما تَحَرَّك وما تَضَوَّر. الأَزهري: وبلغنا أَن
بعض الصالحين كان يَمُدُّ إِصْبعه إِلى شُعْلَة نار فإِذا لذعته قال:
حَسِّ حَسِّ كيف صَبْرُكَ على نار جهنم وأَنت تَجْزَعُ من هذا؟ قال
الأَصمعي: ضربه فما قال حَسِّ، قال: وهذه كلمة كانت تكره في الجاهلية، وحَسِّ
مثل أَوَّهْ، قال الأَزهري: وهذا صحيح. وفي الحديث: أَنه وضع يده في
البُرْمَة ليأْكل فاحترقت أَصابعه فقال: حَسِّ؛ هي بكسر السين والتشديد، كلمة
يقولها الإِنسان إِذا أَصابه ما مَضَّه وأَحرقه غفلةً كالجَمْرة
والضَّرْبة ونحوها. وفي حديث طلحة، رضي اللَّه عنه: حين قطعت أَصابعه يوم أُحُدٍ
قال: حَسَّ، فقال رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم: لو قلت بسم اللَّه
لرفعتك الملائكة والناس ينظرون. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، كان ليلة يَسْري في مَسِيره إِلى تَبُوك فسار بجنبه رجل من أَصحابه
ونَعَسا فأَصاب قَدَمُه قَدَمَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فقال:
حَسِّ؛ ومنه قول العجاج، وقد تقدم.
وبات فلانٌ بِحَسَّةٍ سَيِّئة وحَسَّةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوْءٍ وشدّة،
والكسر أَقيس لأَن الأَحوال تأْتي كثيراً على فِعْلَة كالجِيْئَةِ
والتَّلَّةِ والبِيْئَةِ. قال الأَزهري: والذي حفظناه من العرب وأَهل اللغة:
بات فلان بجيئة سوء وتلة سوء وبيئة سوء، قال: ولم أَسمع بحسة سوء لغير
الليث.
وقال اللحياني: مَرَّتْ بالقوم حَواسُّ أَي سِنُونَ شِدادٌ.
والحَسُّ: القتل الذريع. وحَسَسْناهم أَي استَأْصلناهم قَتْلاً.
وحَسَّهم يَحُسُّهم حَسّاً: قتلهم قتلاً ذريعاً مستأْصلاً. وفي التنزيل العزيز:
إِذ تَحُسُّونهم بإِذنه؛ أَي تقتلونهم قتلاً شديداً، والاسم الحُساسُ؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وقال أَبو إِسحق: معناه تستأْصلونهم قتلاً. يقال:
حَسَّهم القائد يَحُسُّهم حَسّاً إِذا قتلهم. وقال الفراء: الحَسُّ القتل
والإِفناء ههنا. والحَسِيسُ؛ القتيل؛ قال صَلاءَةُ بن عمرو الأَفْوَهُ:
إِنَّ بَني أَوْدٍ هُمُ ما هُمُ،
للحَرْبِ أَو للجَدْبِ، عامَ الشُّمُوسْ
يَقُونَ في الجَحْرَةِ جِيرانَهُمْ،
بالمالِ والأَنْفُس من كل بُوسْ
نَفْسِي لهم عند انْكسار القَنا،
وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسِيسْ
الجَحْرَة: السنة الشديدة. وقوله: نفْسي لهم أَي نفسي فداء لهم فحذف
الخبر. وفي الحديث: حُسُّوهم بالسيف حَسّاً؛ أَي استأْصلوهم قتلاً. وفي حديث
علي: لقد شَفى وحاوِح صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال. والحديث الآخر:
كما أَزالوكم حَسّاً بالنصال، ويروى بالشين المعجمة. وجراد محسوسٌ: قتلته
النار. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ بجراد مَحْسوس. وحَسَّهم يَحُسُّهم:
وَطِئَهم وأَهانهم.
وحَسَّان: اسم مشتق من أَحد هذه الأَشياءِ؛ قال الجوهري: إِن جعلته
فَعْلانَ من الحَسِّ لم تُجْره، وإِن جعلته فَعَّالاً من الحُسْنِ أَجريته
لأَن النون حينئذ أَصلية.
والحَسُّ: الجَلَبَةُ. والحَسُّ: إِضْرار البرد بالأَشياء. ويقال:
أَصابتهم حاسَّة من البرد. والحِسُّ: برد يُحْرِق الكلأَ، وهو اسم، وحَسَّ
البَرْدُ. والكلأَ يَحُسُّه حَسّاً، وقد ذكر أَن الصاد لغة؛ عن أَبي حنيفة.
ويقال: إِن البرد مَحَسَّة للنبات والكلإِ، بفتح الجيم، أَي يَحُسُّه
ويحرقه. وأَصابت الأَرضَ حاسَّةٌ أَي بَرْدٌ؛ عن اللحياني، أَنَّته على معنى
المبالغة أَو الجائحة. وأَصابتهم حاسَّةٌ: وذلك إِذا أَضرَّ البردُ أَو
غيره بالكلإِ؛ وقال أَوْسٌ:
فما جَبُنُوا أَنَّا نَشُدُّ عليهمُ،
ولكن لَقُوا ناراً تَحُسُّ وتَسْفَعُ
قال الأَزهري: هكذا رواه شمر عن ابن الأَعرابي وقال: تَحُسُّ أَي
تُحْرِقُ وتُفْني، من الحاسَّة، وهي الآفة التي تصيب الزرع والكلأَ فتحرقه.
وأَرض مَحْسوسة: أَصابها الجراد والبرد. وحَسَّ البردُ الجرادَ: قتله. وجراد
مَحْسُوس إِذا مسته النار أَو قتلته. وفي الحديث في الجراد: إِذا حَسَّه
البرد فقتله. وفي حديث عائشة: فبعثت إِليه بجراد مَحْسُوس أَي قتله
البرد، وقيل: هو الذي مسته النار. والحاسَّة: الجراد يَحُسُّ الأَرض أَي
يأْكل نباتها. وقال أَبو حنيفة: الحاسَّة الريح تَحْتِي التراب في الغُدُرِ
فتملؤها فيَيْبَسُ الثَّرَى. وسَنَة حَسُوس إِذا كانت شديدة المَحْل قليلة
الخير. وسنة حَسُوس: تأْكل كل شيء؛ قال:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسا،
تأْكلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسا
أَراد تأْكل بعد الأَخضر اليابس إِذ الخُضرة واليُبْسُ لا يؤكلان
لأَنهما عَرَضانِ. وحَسَّ الرأْسَ يَحُسُّه حَسّاً إِذا جعله في النار فكلما
شِيطَ أَخذه بشَفْرَةٍ. وتَحَسَّسَتْ أَوبارُ الإِبل: تَطَايَرَتْ وتفرّقت.
وانْحَسَّت أَسنانُه: تساقطت وتَحاتَّتْ وتكسرت؛ وأَنشد للعجاج:
في مَعْدِنِ المُلْك الكَريمِ الكِرْسِ،
ليس بمَقْلوع ولا مُنْحَسِّ
قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا الرجز بمعدن الملك؛ وقبله:
إِن أَبا العباس أَولَى نَفْسِ
وأَبو العباس هو الوليد بن عبد الملك، أَي هو أَولى الناس بالخلافة
وأَولى نفس بها، وقوله:
ليس بمقلوع ولا منحس
أَي ليس بمحوّل عنه ولا مُنْقَطِع.
الأَزهري: والحُساسُ مثل الجُذاذ من الشيء، وكُسارَةُ الحجارة الصغار
حُساسٌ؛ قال الراجز يذكر حجارة المنجنيق:
شَظِيَّة من رَفْضَّةِ الحُساسِ،
تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئِم التَّرَّاسِ
والحَسُّ والاحْتِساسُ في كل شيء: أَن لا يترك في المكان شيء. والحُساس:
سمك صِغار بالبحرين يجفف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه، الواحدة حُساسَة.
قال الجوهري: والحُساس، بالضم، الهِفُّ، وهو سمك صغار يجفف. والحُساسُ:
الشُّؤْمُ والنَّكَدُ. والمَحْسوس: المشؤوم؛ عن اللحياني. ابن الأَعرابي:
الحاسُوس المشؤوم من الرجال. ورجل ذو حُساسٍ: ردِيء الخُلُقِ؛ قال:
رُبَّ شَريبٍ لك ذي حُساسِ،
شَرابُه كالحَزِّ بالمَواسِي
فالحُساسُ هنا يكون الشُّؤْمَ ويكون رَداءة الخُلُق. وقال ابن الأَعرابي
وحده: الحُساسُ هنا القتل، والشريب هنا الذي يُوارِدُك على الحوض؛ يقول:
انتظارك إِياه قتل لك ولإِبلك.
والحِسُّ: الشر؛ تقول العرب: أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ؛ الإِسُّ هنا
الأَصل، تقول: أَلحق الشر بأَهله؛ وقال ابن دريد: إِنما هو أَلصِقوا
الحِسَّ بالإِسِّ أَي أَلصقوا الشر بأُصول من عاديتم. قال الجوهري: يقال
أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ، معناه أَلحق الشيء بالشيء أَي إِذا جاءَك شيء من
ناحية فافعل مثله. والحِسُّ: الجَلْدُ.
وحَسَّ الدابة يَحُسُّها حَسّاً: نفض عنها التراب، وذلك إِذا فَرْجَنها
بالمِحَسَّة أَي حَسَّها. والمِحَسَّة، بكسر الميم: الفِرْجَوْنُ؛ ومنه
قول زيد بن صُوحــانَ حين ارْتُثَّ يوم الجمل: ادفنوني في ثيابي ولا
تَحُسُّوا عني تراباً أَي لا تَنْفُضوه، من حَسَّ الدابة، وهو نَفْضُكَ التراب
عنها. وفي حديث يحيى بن عَبَّاد: ما من ليلة أَو قرية إِلا وفيها مَلَكٌ
يَحُسُّ عن ظهور دواب الغزاة الكَلالَ أَي يُذْهب عنها التَّعَب بَحسِّها
وإِسقاط التراب عنها. قال ابن سيده: والمِحَسَّة، مكسورة، ما يُحَسُّ به
لأَنه مما يعتمل به.
وحَسَسْتُ له أَحِسُّ، بالكسر، وحَسِسْتُ حَِسّاً فيهما: رَقَقْتُ له.
تقول العرب: إِن العامِرِيَّ ليَحِسَّ للسَّعْدِي، بالكسر، أَي يَرِقُّ
له، وذلك لما بينهما من الرَّحِم. قال يعقوب: قال أَبو الجَرَّاحِ
العُقَيْلِيُّ ما رأَيت عُقيليّاً إِلا حَسَسْتُ له؛ وحَسِسْتُ أَيضاً، بالكسر:
لغة فيه؛ حكاها يعقوب، والاسم الحَِسُّ؛ قال القُطامِيُّ:
أَخُوكَ الذي تَملِكُ الحِسَّ نَفْسُه،
وتَرْفَضُّ، عند المُحْفِظاتِ، الكتائِفُ
ويروى: عند المخطفات. قال الأَزهري: هكذا روى أَبو عبيد بكسر الحاء،
ومعنى هذا البيت معنى المثل السائر: الحَفائِظُ تُحَلِّلُ الأَحْقادَ، يقول:
إِذا رأَيتُ قريبي يُضام وأَنا عليه واجدٌ أَخرجت ما في قلبي من
السَّخِيمة له ولم أَدَعْ نُضْرَته ومعونته، قال: والكتائف الأَحقاد، واحدتها
كَتِيفَة. وقال أَبو زيد: حَسَسْتُ له وذلك أَن يكون بينهما رَحِمٌ
فَيَرِقَّ له، وقال أَبو مالك: هو أَن يتشكى له ويتوجع، وقال: أَطَّتْ له مني
حاسَّةُ رَحِم. وحَسَِسْتُ له حَِسّاً: رَفَقْتُ؛ قال ابن سيده: هكذا وجدته
في كتاب كراع، والصحيح رَقَقْتُ، على ما تقدم. الأَزهري: الحَسُّ
العَطْفُ والرِّقَّة، بالفتح؛ وأَنشد للكُمَيْت:
هل مَنْ بكى الدَّارَ راجٍ أَن تَحِسَّ له،
أَو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ؟
وفي حديث قتادة، رضي اللَّه عنه: إِن المؤمن ليَحِسُّ للمنافق أَي يأْوي
له ويتوجع. وحَسِسْتُ له، بالفتح والكسر، أُحِسُّ أَي رَقَقْتُ له.
ومَحَسَّةُ المرأَة: دُبُرُها، وقيل: هي لغة في المَحَشَّة.
والحُساسُ: أَن يضع اللحم على الجَمْرِ، وقيل: هو أَن يُنْضِجَ أَعلاه
ويَتْرُكَ داخِله، وقيل: هو أَن يَقْشِرَ عنه الرماد بعد أَن يخرج من
الجمر. وقد حَسَّه وحَسْحَسَه إِذا جعله على الجمر، وحَسْحَسَتُه صوتُ
نَشِيشِه، وقد حَسْحَسَتْه النار، ابن الأَعرابي: يقال حَسْحَسَتْه النارُ
وحَشْحَشَتْه بمعنى. وحَسَسْتُ النار إِذا رددتها بالعصا على خُبْزَة
المَلَّةِ أَو الشِّواءِ من نواحيه ليَنْضَجَ؛ ومن كلامهم: قالت الخُبْزَةُ لولا
الحَسُّ ما باليت بالدَّسِّ.
ابن سيده: ورجل حَسْحاسٌ خفيف الحركة، وبه سمي الرجل. قال الجوهري:
وربما سَمَّوا الرجلَ الجواد حَسْحاساً؛ قال الراجز:
مُحِبَّة الإِبْرام للحَسْحاسِ
وبنو الحَسْحَاسِ: قوم من العرب.
حفر: حَفَرَ الشيءَ يَحْفِرُه حَفْراً واحْتَفَرَهُ: نَقَّاهُ كما
تُحْفَرُ الأَرض بالحديدة، واسم المُحْتَفَرِ الحُفْرَةُ. واسْتَحْفَرَ
النَّهْرُ: حانَ له أَن يُحْفَرَ. والحَفُيرَةُ والحَفَرُ والحَفِيرُ: البئر
المُوَسَّعَةُ فوق قدرها، والحَفَرُ، بالتحريك: التراب المُخْرَجُ من الشيء
المَحْفُور، وهو مثل الهَدَمِ، ويقال: هو المكان الذي حُفِرَ؛ وقال
الشاعر:
قالوا: انْتَهَيْنا، وهذا الخَنْدَقُ الحَفَرُ
والجمع من كل ذلك أَحْفارٌ، وأَحافِيرُ جمع الجمع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
جُوبَ لها من جَبلٍ هِرْشَمِّ،
مُسْقَى الأَحافِيرِ ثَبِيتِ الأُمِّ
وقد تكون الأَحافير جمعَ حَفِيرٍ كقَطِيعٍ وأَقاطيعَ. وفي الأَحاديث:
ذِكْرُ حَفَرِ أَبي موسى، وهو بفتح الحاء والفاء، وهي رَكايا احْتَفَرها
على جادَّةِ الطريق من البَصْرَةِ إِلى مكة، وفيه ذكر الحَفِيرة، بفتح
الحاء وكسر الفاء، نهر بالأُردنِّ نزل عنده النعمان بنُ بَشِير، وأَما بضم
الحاء وفتح الفاء فمنزل بين ذي الحُلَيْفَةِ ومِلْكٍ يَسْلُكُه الحاجُّ.
والمِحْفَرُ والمِحْفَرَةُ والمِحْفَارُ: المِسْحاةُ ونحوها مما يحتفر
به، ورَكِيَّةٌ حَفِيرَةٌ، وحَفَرٌ بديعٌ، وجمع الحَفَرِ أَحفار؛ وأَتى
يَرْبُوعاً مُقَصِّعاً أَو مُرَهَّطاً فَحَفَرَهُ وحَفَرَ عنه
واحْتَفَرَهُ.الأَزهري: قال أَبو حاتم: يقال حافِرٌ مُحافِرَةٌ، وفلان أَرْوَغُ من
يَرْبُوعٍ مُحافِرٍ، وذلك أَن يَحْفِرَ في لُغْزٍ من أَلْغازِهِ فيذهبَ
سُفْلاً ويَحْفِر الإِنسانُ حتى يعيا فلا يقدر عليه ويشتبه عليه الجُحْرُ
فلا يعرفه من غيره فيدعه، فإِذا فعل اليَرْبُوعُ ذلك قيل لمن يطلبه؛ دَعْهُ
فقد حافَرَ فلا يقدر عليه أَحد؛ ويقال إِنه إِذا حافَرَ وأَبى أَن
يَحْفِرَ الترابَ ولا يَنْبُثَه ولا يُذَرِّي وَجْهَ جُحْرِه يقال: قد جَثا
فترى الجُحْرَ مملوءًا تراباً مستوياً مع ما سواه إِذا جَثا، ويسمى ذلك
الجاثِياءَ، ممدوداً؛ يقال: ما أَشدَّ اشتباهَ جَاثِيائِه. وقال ابن شميل:
رجل مُحافِرٌ ليس له شيء؛ وأَنشد:
مُحافِرُ العَيْشِ أَتَى جِوارِي،
ليس له، مما أَفاءَ الشَّارِي،
غَيْرُ مُدًى وبُرْمَةٍ أَعْشَارِ
وكانت سُورَةُ براءة تسمى الحافِرَةَ، وذلك أَنها حَفَرَتْ عن قلوب
المنافقين، وذلك أَنه لما فرض القتال تبين المنافق من غيره ومن يوالي
المؤمنين ممن يوالي أَعداءَهم.
والحَفْرُ والحَفَرُ: سُلاقٌ في أُصول الأَسْنانِ، وقيل: هي صُفْرة تعلو
الأَسنان. الأَزهري: الحَفْرُ والحَفَرُ، جَزْمٌ وفَتْحٌ لغتان، وهو ما
يَلْزَقُ بالأَسنان من ظاهر وباطن، نقول: حَفَرَتْ أَسنانُه تَحْفِرُ
حَفْراً. ويقال: في أَسنانه حَفْرٌ، وبنو أَسد تقول: في أَسنانه حَفَرٌ،
بالتحريك؛ وقد حَفَرَتْ تَحْفِرُ حَفْراً، مثال كَسَرَ يَكْسِرُ كَسْراً:
فسدت أُصولها؛ ويقال أَيضاً: حَفِرَتْ مثال تَعِبَ تَعَباً، قال: وهي
أَرادأُ اللغتين؛ وسئل شمر عن الحَفَرِ في الأَسنان فقال: هو أَن يَحْفِرَ
القَلَحُ أُصولَ الأَسنان بين اللِّثَةِ وأَصلِ السِّنِّ من ظاهر وباطن،
يُلِحُّ على العظم حتى ينقشر العظم إِن لم يُدْرَكْ سَرِيعاً. ويقال: أَخذ
فَمَهُ حَفَرٌ وحَفْرٌ. ويقال: أَصبح فَمُ فلان مَحْفُوراً، وقد حُفِرَ
فُوه، وحَفَرَ يَحْفِرُ حَفْراً، وحَفِرَ حَفَراً فيهما. وأَحْفَرَ الصبي:
سقطت له الثَّنِيَّتانِ العُلْيَيان والسُّفْلَيانِ، فإِذا سقطت
رَواضِعُه قيل: حَفَرَتْ. وأَحْفَرَ المُهْرَ للإِثْناء والإِرْباعِ والقُروحِ:
سقطت ثناياه لذلك. وأَفَرَّتِ الإِبل للإِثناء إِذا ذهبت رَواضِعُها وطلع
غيرها. وقال أَبو عبيدة في كتاب الخيل: يقال أَحْفَرَ المُهْرُ
إِحْفاراً، فهو مُحْفِرٌ، قال: وإِحْفارُهُ أَن تتحرك الثَّنِيَّتانِ
السُّفْلَيانِ والعُلْيَيانِ من رواضعه، فإِذا تحركن قالوا: قد أَحْفَرَتْ ثنايا
رواضعه فسقطن؛ قال: وأَوَّل ما يَحْفِرُ فيما بين ثلاثين شهراً أَدنى ذلك
إِلى ثلاثة أَعوام ثم يسقطن فيقع عليها اسم الإِبداء، ثم تُبْدِي فيخرج له
ثنيتان سفليان وثنيتان علييان مكان ثناياه الرواضع اللواتي سقطن بعد ثلاثة
أَعوام، فهو مُبْدٍ؛ قال: ثم يُثْنِي فلا يزال ثَنِيّاً حتى يُحْفِرَ
إِحْفاراً، وإِحْفارُه أَن تحرَّك له الرَّباعِيَتانِ السفليان والرباعيتان
العلييان من رواضعه، وإِذا تحركن قيل: قد أَحْفَرَتْ رَباعِياتُ رواضعه،
فيسقطن أَول ما يُحْفِرْنَ في استيفائه أَربعة أَعوام ثم يقع عليها اسم
الإِبداء، ثم لا يزال رَباعِياً حتى يُحْفِرَ للقروح وهو أَن يتحرَّك
قارحاه وذلك إِذا استوفى خمسة أَعوام؛ ثم يقع عليه اسم الإِبداء على ما
وصفناه ثم هو قارح. ابن الأَعرابي: إِذا استتم المهر سنتين فهو جَذَغٌ ثم
إِذا استتم الثالثة فهو ثنيّ، فإِذا أَثنى أَلقى رواضعه فيقال: أَثنى
وأَدْرَمَ للإِثناء؛ ثم هو رَباع إِذا استتم الرابعة من السنين يقال: أَهْضَمَ
للإِرباع، وإِذا دخل في الخامسة فهو قارح؛ قال الأَزهري: وصوابه إِذا
استتم الخامسة فيكون موافقاً لقول أَبي عبيدة قال: وكأَنه سقط شيء.
وأَحْفَرَ المُهْرُ للإِثْنَاءِ والإِرْباعِ والقُروحِ إِذا ذهبت رواضعه وطلع
غيرها.
والْتَقَى القومُ فاقتتلوا عند الحافِرَةِ أَي عند أَوَّل ما
الْتَقَوْا. والعرب تقول: أَتيت فلاناً ثم رجعتُ على حافِرَتِي أَي طريقي الذي
أَصْعَدْتُ فيه خاصةً فإِن رجع على غيره لم يقل ذلك؛ وفي التهذيب: أَي
رَجَعْتُ من حيثُ جئتُ. ورجع على حافرته أَي الطريق الذي جاء منه. والحافِرَةُ:
الخلقة الأُولى. وفي التنزيل العزيز: أَئِنَّا لَمَرْدُودونَ في
الحافِرَةِ؛ أَي في أَول أَمرنا؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
أَحافِرَةً على صَلَعٍ وشَيْبٍ؟
مَعاذَ اللهِ من سَفَهٍ وعارِ
يقول: أَأَرجع إِلى ما كنت عليه في شبابي وأَمري الأَول من الغَزَلِ
والصِّبَا بعدما شِبْتُ وصَلِعْتُ؟ والحافرة: العَوْدَةُ في الشيء حتى
يُرَدَّ آخِره على أَوّله. وفي الحديث: إِن هذا الأَمر لا يُترك على حاله حتى
يُرَدَّ على حافِرَتِه؛ أَي على أَوّل تأْسيسه. وفي حديث سُراقَةَ قال:
يا رسول الله، أَرأَيتَ أَعمالنا التي نَعْمَلُ؟ أَمُؤَاخَذُونَ بها عند
الحافِرَةِ خَيْرٌ فَخَيْرٌ أَو شَرٌّ فَشَرٌّ أَو شيء سبقت به المقادير
وجَفَّت به الأَقلام؟ وقال الفراء في قوله تعالى: في الحافرة: معناه أَئنا
لمردودون إِلى أَمرنا الأَوّل أَي الحياة. وقال ابن الأَعرابي: في
الحافرة، أَي في الدنيا كما كنا؛ وقيل معنى قوله أَئنا لمردودون في الحافرة
أَي في الخلق الأَول بعدما نموت. وقالوا في المثل: النَّقْدُ عند
الحافِرَةِ والحافِرِ أَي عند أَول كلمة؛ وفي التهذيب: معناه إِذا قال قد بعتُك
رجعتَ عليه بالثمن، وهما في المعنى واحد؛ قال: وبعضهم يقول النَّقْدُ عند
الحافِرِ يريد حافر الفرس، وكأَنَّ هذا المثل جرى في الخيل، وقيل:
الحافِرَةُ الأَرضُ التي تُحْفَرُ فيها قبورهم فسماها الحافرة والمعنى يريد
المحفورة كما قال ماء دافق يريد مدفوق؛ وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَنه
قال: هذه كلمة كانوا يتكلمون بها عند السَّبْقِ، قال: والحافرة الأَرض
المحفورة، يقال أَوَّل ما يقع حافر الفرس على الحافرة فقد وجب النَّقْدُ يعني
في الرِّهانِ أَي كما يسبق فيقع حافره؛ يقول: هاتِ النِّقْدَ؛ وقال
الليث: النَّقْدُ عند الحافر معناه إِذا اشتريته لن تبرح حتى تَنْقُدَ. وفي
حديث أُبيّ قال: سأَلت النبي، صلى الله عليه وسلم، عن التوبة النــصوح، قال:
هو الندم على الذنب حين يَفْرُطُ منك وتستغفر الله بندامتك عندَ
الحافِرِ لا تعود إِليه أَبداً؛ قيل: كانوا لنفاسة الفرس عندهم ونفاستهم بها لا
يبيعونها إِلا بالنقد، فقالوا: النقد عند الحافر أَي عند بيع ذات الحافر
وصيروه مثلاً، ومن قال عند الحافرة فإِنه لما جعل الحافرة في معنى الدابة
نفسها وكثر استعماله من غير ذكر الذات، أُلحقت به علامة التأْنيث
إِشعاراً بتسمية الذات بها أَو هي فاعلة من الحَفْرِ، لأَن الفرس بشدّة
دَوْسِها تَحْفِرُ الأَرض؛ قال: هذا هو الأَصل ثم كثر حتى استعمل في كل أَوَّلية
فقيل: رجع إِلى حافِرِه وحافِرَته، وفعل كذا عند الحافِرَة والحافِرِ،
والمعنى يتخير الندامة والاستغفار عند مواقعة الذنب من غير تأْخير لأَن
التأْخير من الإِصرار، والباء في بندامته بمعنى مع أَو للاستعانة أَي تطلب
مغفرة الله بأَن تندم، والواو في وتستغفر للحال أَو للعطف على معنى
الندم. والحافِرُ من الدواب يكون للخيل والبغال والحمير: اسم كالكاهل والغارب،
والجمع حَوافِرُ؛ قال:
أَوْلَى فَأَوْلَى يا امْرَأَ القَيْسِ، بعدما
خَصَفْنَ بآثار المَطِيِّ الحَوافِرَا
أَراد: خصفن بالحوافر آثار المطيّ، يعني آثار أَخفافه فحذف الباء
الموحدة من الحوافر وزاد أُخرى عوضاً منها في آثار المطيّ، هذا على قول من لم
يعتقد القلب، وهو أَمثل، فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه؛ ومن هان قال
بعضهم معنى قولهم النَّقْدُ عند الحافِر أَن الخيل كانت أَعز ما يباع
فكانوا لا يُبارِحُونَ مَنِ اشتراها حتى يَنْقُدَ البائِعَ، وليس ذلك
بقويّ. ويقولون للقَدَمِ حافراً إِذا أَرادوا تقبيحها؛ قال:
أَعُوذُ باللهِ من غُولٍ مُغَوِّلَةٍ
كأَنَّ حافِرَها في... ظُنْبوُبِ
(* كذا بياض بالأصل).
الجوهري: الحافِرُ واحد حَوَافِر الدابة وقد استعاره الشاعر في القدم؛
قال جُبَيْها الأَسدي يصف ضيفاً طارقاً أَسرع إِليه:
فأَبْصَرَ نارِي، وهْيَ شَقْرَاءُ، أُوقِدَتْ
بِلَيْلٍ فَلاَحَتْ للعُيونِ النَّواظِرِ
فما رَقَدَ الوِلْدانُ، حتى رَأَيْتُه
على البَكْرِ يَمْرِيه بساقٍ وحافِرِ
ومعنى يمريه يستخرج ما عنده من الجَرْيِ.
والحُفْرَةُ: واحدة الحُفَرِ. والحُفْرَةُ: ما يُحْفَرُ في الأَرض.
والحَفَرُ: اسم المكان الذي حُفِر كَخَنْدَقٍ أَو بئر.
والحَفْرُ: الهُزال؛ عن كراع. وحَفَرَ الغَرَزُ العَنْزَ يَحْفِرُها
حَفْراً: أَهْزَلَها.
وهذا غيث لا يَحْفِرهُ أَحد لا يعلم أَحد أَين أَقصاه، والحِفْرَى، مثال
الشِّعْرَى: نَبْتٌ، وقيل: هو شجر يَنْبُتُ في الرمل لا يزال أَخضر، وهو
من نبات الربيع، وقال أَبو حنيفة: الحِفْرَى ذاتُ ورَقٍ وشَوْكٍ صغارٍ
لا تكون إِلاَّ في الأَرض الغليظة ولها زهيرة بيضاء، وهي تكون مثلَ
جُثَّةِ الحمامة؛ قال أَبو النجم في وصفها:
يَظَلُّ حِفْراهُ، من التَّهَدُّلِ،
في رَوْضِ ذَفْراءَ ورُعْلٍ مُخْجِلِ
الواحدة من كل ذلك حِفْراةٌ، وناسٌ من أَهل اليمن يسمون الخشبة ذات
الأَصابع التي يُذَرَّى بها الكُدْسُ المَدُوسُ ويُنَقَّى بها البُرُّ من
التِّبْنِ: الحِفراةَ ابن الأَعرابي: أَحْفَرَ الرجلُ إِذا رعَت إِبله
الحِفْرَى، وهو نبت؛ قال الأَزهري: وهو من أَردإِ المراعي. قال: وأَحْفَرَ
إِذا عمل بالحِفْراةِ، وهي الرَّفْشُ الذي يذرَّى به الحنطة وهي الخشبة
المُصْمَتَةُ الرأْس، فأَما المُفَرَّج فهو العَضْمُ، بالضاد، والمِعْزَقَةَ؛
قال: والمِعْزَقَةُ في غير هذا: المَرُّ؛ قال: والرَّفْشُ في غير هذا:
الأَكلُ الكثيرُ. ويقال: حَفَرْتُ ثرَى فلان إِذا فتشت عن أَمره ووقفت
عليه، وقال ابن الأَعرابي: حَفَرَ إِذا جامع، وحَفِرَ إِذا فَسَد.
والحَفِيرُ: القبر.
وحَفَرَهُ حَفْراً: هَزَلَهُ؛ يقال: ما حامل إِلاء والحَمْلُ يَحْفِرُها
إِلاَّ الناقةَ فإِنها تَسْمَنُ عليه.
وحُفْرَةُ وحُفَيْرَةُ، وحُفَيْرٌ، وحَفَرٌ، ويقالان بالأَلف واللام:
مواضع، وكذلك أَحْفارٌ والأَحْفارُ؛ قال الفرزدق:
فيا ليتَ داري بالمدينةِ أَصبَحَتْ
بأَحْفارِ فَلْجٍ، أَو بِسيفِ الكَواظِمِ
وقال ابن جني: أَراد الحَفَرَ وكاظمة فجمعهما ضرورة. الأَزهري: حَفْرٌ
وحَفِيرَةُ اسما موضعين ذكرهما الشعراء القدماء. قال الأَزهري:
والأَحْفارُ المعروفة في بلاد العرب ثلاثة: فمنها حَفَرُ أَبي موسى، وهي وركايا
احتفرها أَبو موسى الأَشعري على جادَّة البصرة، قال: وقد نزلت بها واستقيت
من ركاياها وهي ما بين ماوِيَّةَ والمَنْجَشانِيَّاتِ، وركايا الحَفَرِ
مستوية بعيدة الرِّشاءِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ ضَبَّةَ، وهي ركايا
بناحية الشَّواجِنِ بعيدة القَعْرِ عذبة الماء؛ ومنها حَفَرُ سَعْدِو بن زيد
مَناةَ بن تميم، وهي بحذاء العَرَمَةِ وراء الدَّهْناءِ يُسْتَقَى منها
بالسَّانِيَةِ عند جبل من جبال الدهناء يقال له جبل الحاضر.
رتق: الرَّتْقُ: ضدّ الفَتْق. ابن سيده: الرَّتْقُ إِلحام الفَتْق
وإِصلاحُه. رَتَقَه يَرْتُقُه ويَرْتِقُه رَتْقاً فارْتَتَق أَي التأَم. يقال:
رَتَقْنا فَتْقَهم حتى ارْتَتَق، والرَّتْق: المَرْتوق. وفي التنزيل:
أَوَلم يرَ الذين كفروا أَن السماواتِ والأَرضَ كانتا رَتْقاً ففتَقْناهما؛
قال بعض المفسرين: كانت السموات رتْقاً لا ينزل منها رَجْع، وكانت
الأَرض رتْقاً ليس فيها صَدْع ففتقهما الله تعالى بالماء والنبات رِزْقاً
للعباد. قال الفراء: فُتِقت السماء بالقَطر والأَرض بالنبْت، قال: وقال كانتا
رتقاً ولم يقل رَتْقَيْنِ لأَنه أُخذ من الفعل، وقال الزجاج: قيل رتقاً
لأن الرتق مصدر؛ المعنى كانتا ذواتي رَتْق فجعلتا ذواتي فَتْق. وروى
عكرمة عن ابن عباس أَنه سئل عن الليل: هل كان قبل النهار؟ فتلا أَن السماوات
والأَرضَ كانتا رَتْقاً، قال: والرَّتْق الظُّلمة. وروى أَيضاً عن ابن
عباس قال: خلق الله الليل قبل النهار، وقرأَ: كانتا رتقاً ففتقْناهما، قال:
هل كان إِلاَّ ظُلَّة أَو ظُلْمة؟ والراتق: المُلْتَئم من السحاب؛ وبه
فسر أَبو حنيفة قول أَبي ذؤيب:
يُضِيء سَناه راتِقٌ مُتَكشِّفٌ،
أَغرُّ، كمِصْباحِ اليَهُود، أَجُوجُ
ويروى: دَلوج أَي يَدْلُج بالماء. والرَّتَق، بالتحريك: مصدر قولك
رَتِقَت المرأَة رَتَقاً، وهي رَتْقاء بيِّنة الرَّتَقِ: التصق خِتانُها فلم
تُنَل لارْتِتاق ذلك الموضع منها، فهي لا يُستطاع جِماعها. أبو الهيثم:
الرَّتْقاء المرأَة المُنضَمّة الفرج التي لا يكاد الذكر يجوز فرجَها
لشدَّة انضمامه. وفرجٌ أَرْتَقُ: ملتزِق، وقد يكون الرتَقُ في الإِبل.
والرِّتاقُ: ثوبان يُرْتَقانِ بحواشيهما؛ قال:
جارِية بَيْضاء في رِتاقِ،
تُدِيرُ طَرْفاً أَكْحَلَ المَآقِي
والرُّتْقُ والرَّتَقُ: خَلَلُ ما بين الأَصابع.