الجذر: ص ع ل ك
مثال: إِنَّه صَعْلُوك
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: للخطأ في ضبط الصاد بالفتح.
المعنى: فقير، متسكّع
الصواب والرتبة: -إِنَّه صُعْلُوك [فصيحة]
التعليق: جاءت الكلمة في المعاجم بضمّ الصاد لا بفتحها.
صعلك: الــصُّعْلُوك: الفقير الذي لا مال له، زاد الأزهري: ولا اعتماد.
وقد تَصَعْلَكَ الرجل إذا كان كذلك؛ قال حاتم طيِّء:
غَنِينَا زَماناً بالتَّصَعْلُكِ والغِنى،
فكُلاًّ سقاناه، بكَأسَيْهما، الدهرُ
فما زادنا بَغْياً على ذي قرابةٍ
غِنانا، ولا أَزْرَى بأَحْسابنا الفَقْرُ
(* رواية ديوان حاتم لهذين البيتين تختلف عن الرواية التي هنا).
أَي عِشنا زماناً. وتَصَعْلَكت الإبل: خرجت أَوبارها وانجردت وطَرحتها.
ورجل مُصَعْلَكُ الرأس: مدوّره. ورجل مُصَعْلَك الرأس: صغيره؛ وأَنشد:
يُخَيِّلُ في المَرْعَى لهنَّ بشخصه،
مُصَعْلَكُ أَعلى قُلَّة الرأسِ نِقْنِقُ
وقال شمر: المُصَعْلَكُ، من الأَسْنمة، الذي كأنما حَدْرَجْتَ أَعلاه
حدْرجةً، كأَنما صَعْلَكْتَ أَسفله بيدك ثم مَطَلْتَه صُعُداً أَي رفعته
على تلك الدَّمْلَكة وتلك الإستدارة؛ وقال الأصمعي في قول أبي دُواد يصف
خيلاً:
قد تَصَعْلَكْن في الربيع، وقد قرْ
رَعَ جَلْدَ الفرائضِ الأَقدامُ
قال: تَصَعْلَكْن دَقَقْن وطار عِفاؤها عنها، والفريضة موضع قدم الفارس.
وقال شمر: تَصَعْلَكَتِ الإبل إذا دَقَّت قوائمها من السِّمن.
وصَعْلَكَها البقلُ وصَعْلَك الثريدةَ: جعل لها رأساً، وقيل: رفع رأسها.
والتَّصَعْلُكُ: وصَعاليكُ العرب: ذُؤبانُها. وكان عُرْوة بن الوَرْد يسمى: عروة
الصعاليك لأنه كان يجمع الفقراء في حظيرة فيَرْزُقُهم مما يَغْنَمُه.
ضرع: ضَرَعَ إِليه يَضْرَعُ ضَرَعاً وضَراعةً: خضع وذلَّ، فهو ضارِعٌ،
من قوم ضَرَعةٍ وضُرُوعٍ. وتضرَّع: تذلَّل وتخشَّع. وقوله عز وجل: فلولا
إِذْ جاءهم بأْسُنا تضَرَّعوا، فمعناه تذلَّلوا وخضَعوا. ويقال: ضرَع فلان
لفلان وضَرِعَ له إِذا ما تخشَّع له وسأَله أَن يُعْطِيَه؛ قال الأعشى:
سائِلْ تَميماً به، أَيّامَ صَفْقَتِهمْ،
لَمّا أَتَوْه أَسارى كلُّهُم ضَرَعا
أَي ضرَع كلُّ واحدٍ منهم له وخضَع. ويقال: ضرَع له واستَضْرَعَ.
والضارِعُ: المتذلِّلُ للغَنِيّ. وتضرَّع إِلى الله أَي ابْتَهَلَ. قال الفواء:
جاء فلان يَتَضَرَّعُ ويَتَعَرَّضُ ويَتَأَرَّضُ ويَتصَدَّى ويَتَأَتَّى
بمعنًى إِذا جاء يَطْلُبُ إِليك الحاجةَ، وأَضرَعَتْه إِليه الحاجةُ
وأَضرَعَه غيره. وفي المثل: الحُمَّى أَضرَعَتْني لَكَ. وخَدٌّ ضارِعٌ وجَنْبٌ
ضارعٌ: مُتَخَشِّعٌ على المثل. والتضرُّعُ: التَّلَوِّي والاستغاثةُ.
وأَضرَعْتُ له مالي أَي بَذَلْتُه له؛ قال الأَسود: وإِذا أَخِلاَّئي
تَنَكَّبَ ودُّهُمْ،
فأَبُو الكُدادةِ مالُه لي مُضْرَعُ
أَي مبذولٌ. والضَّرَعُ، بالتحريك، والضارِعُ: الصغير من كل شيء، وقيل:
الصغير السنّ الضعيف الضاوي النحيفُ. وإِنَّ فلاناً لضارِعُ الجسمِ أَي
نحيف ضعيف. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى ولَدَيْ
جَعْفَرٍ الطَّيَّار فقال: ما لي أَراهُما ضارِعَيْن؟ فقالوا: إِنَّ العَيْنَ
تُسْرِعُ إِليهما: الضَّارِعُ النَّحِيفُ الضَّاوي الجسم. يقال: ضَرِعَ
يَضْرَعُ، فهو ضارِعٌ وضَرَعٌ، بالتحريك. ومنه حديث قيس بن عاصم: إِني
لأُفْقِرُ البَكْرَ الضَّرَعَ والنَّابَ المُدْبِرَ أَي أُعِيرُهُما
للرّكوب، يعني الجمل الضعيف والناقة الهَرِمةَ التي هَرِمَتْ فأَدْبَرَ خيرُها؛
ومنه حديث المِقْداد: وإِذا فيهما فرس آدَمُ ومُهْرٌ ضَرَعٌ، وحديث عمرو
بن العاصِ: لَسْتُ بالضَّرَعِ، ويقال: هو الغُمْرُ الضَّعِيفُ من الرجال؛
وقال الشاعر:
أَناةً وحِلْماً وانْتِظاراً بِهِمْ غَداً،
فَما أَنا بالواني ولا الضَّرَعِ الغُمْرِ
ويقال: جَسَدُك ضارِعٌ وجَنْبُكَ ضارِعٌ؛ وأَنشد:
مِنَ الحُسْنِ إِنْعاماً وجَنْبُكَ ضارِعُ
ويقال: قوم ضَرَعٌ ورجل ضَرَعٌ؛ وأَنشد:
وأَنْتُمُ لا أُشاباتٌ ولا ضَرَعُ
وقد ضَرُعَ ضَراعةً، وأَضْرَعَه الحُبُّ وغيره؛ قال صخر:
ولَما بَقِيتُ لَيَبْقَيَنَّ جَوًى،
بَيْنَ الجَوانِحِ، مُضْرِعٌ جِسْمِي
ورجل ضارعٌ بيِّنُ الضُّرُوعِ والضَّراعةِ: ناحِل ضعيفٌ. والضَّرَعُ:
الجمل الضَّعِيفُ. والضَّرَعُ: الجَبانُ. والضَّرَعُ: المُتهالِكُ مِنَ
الحاجةِ للغنى؛ وقول أَبي زبيد:
مُسْتَضْرِعٌ ما دَنا مِنْهُنَّ مُكْتَنِتٌ
من الضَّرَعِ وهو الخاضِعُ، والضَّارِعُ مثله.
وقوله عزَّ وجل: تدعونه تضرُّعاً وخفية؛ المعنى تدعونه مظهرين الضراعة
وهي شدة القر والحاجة إِلى الله عز وجل، وانتصابهما على الحال، وإِن كانا
مصدرين. وفي حديث الاستسقاء: خرج مُتَبَدِّلاً مُتَضَرِّعاً؛ التضَرُّعُ
الذلُّلُ والمبالغة في السؤَال والرغْبة. يقال: ضَرِعَ يَضْرَعُ، بالكسر
والفتح، وتَضَرَّعَ إِذا خَضَعَ وذلَّ. وفي حديث عمر: فقد ضَرَعَ الكبيرُ ورقَّ
الصغير؛ ومنه حديث علي: أَضْرَعَ اللهُ خُدُودَكم أَي أَذلَّها. ويقال:
لفلان فَرَسٌ قدْ ضَرِعَ به أَي غَلَبَه، وقد ورد في حديث سلمان: قد ضَرِع
به. وضَرَعَتِ الشمسُ وضَرَّعَتْ: غابَتْ أَو دَنَتْ من المَغِيبِ،
وتَضْريعُها: دُنُوُّها للمغيب. وضَرَّعَتِ القِدْرُ تَضْرِيعاً: حان أَنْ
تُدْرِكَ.
والضَّرْعُ لكل ذات ظِلْف أَو خُفّ، وضَرْعُ الشاةِ والناقةِ: مَدَرُّ
لبنها، والجمع ضُرُوعٌ. وأَضْرَعَتِ الشاةُ والناقة وهي مُضْرِعٌ: نَبَتَ
ضَرْعُها أَو عَظُم. والضَّرِيعةُ والضَّرْعاءُ جميعاً: العظيمة
الضَّرْعِ من الشاءِ والإِبل. وشاة ضَرِيعٌ: حَسَنة الضَّرْعِ. وأَضْرَعَتِ
الشاةُ أَي نزل لبنها قبيل لنِّتاجِ. وأَضْرَعَتِ الناقةُ، وهي مُضْرِعٌ: نزل
لبنها من ضَرْعها قُرْب النتاج، وقيل: هو إِذا قرب نتاجها. وما له زرع
ولا ضَرْعٌ: يعني بالضرع الشاة والناقة؛ وقول لبيد:
وخَصْمٍ كبادِي الجِنِّ أَسْقَطْتُ شَأْوَهُم
بِمُسْتَحْوِذٍ ذِي مِرَّة وضُرُوعِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: معناه واسع له مَخارِجُ كمخارج اللبن، ورواه
أَبو عبيد: وصُرُوع، بالصاد المهملة، وهي الضُّروبُ من الشيء، يغني ذي
أَفانِينَ. قال أَبو زيد: الضَّرْعُ جِماع وفيه الأَطْباءُ، وهي الأَخْلافُ،
واحدها طُبْيٌ وخِلْفٌ، وفي الأَطْباءِ الأَحالِيلُ وهي خُروقُ اللبن.
والضُّروعُ: عِنَبٌ أَبيض كبير الحب قليل الماء عظيم العناقيد.
والمُصارِعُ: المُشْبِهُ. والمُضارَعةُ: المشابهة. والمُضارعة للشيء:
أَن يُضارِعه كأَنه مثله أَو شبْهه. وفي حديث عدِيّ، رضي الله عنه: قال له لا
يَخْتَلِجَنَّ في صدرك شيء ضارَعْتَ فيه النصرانية؛ المُضارَعةُ:
المُشابَهةُ والمُقارَبةُ، وذلك أَنه سأَله عن طعام النصارى فكأَنه أَراد لا
يتحرَّكنَّ في قلبك شكّ أَنَّ ما شابَهْتَ فيه النصارى حرام أَو خبيث أَو
مكروه، وذكره الهروي لا يَتَحَلَّجنَّ، ثم قال يعني أَنه نظيف، قال ابن
الأَثير: وسياقُ الحديث لا يناسب هذا التفسير؛ ومنه حديث معمر بن عبد الله: إِني
أَخافُ أَن تُضارِعَ، أَي أَخاف أَن يُشْبِه فعلُك الرِّياء. وفي حديث
معاوية: لستُ بنُكَحةٍ طُلَقةٍ ولا بسُبَبةٍ ضُرَعةٍ، أَي لست بشَتَّام
للرجال المُشابِه لهم والمُساوِي. ويقال: هذا ضِرْعُ هذا وصِرْعُه، بالضاد
والصاد، أَي مِثْله. قال الأَزهري: والنحويون يقولون للفعل المستَقْبَلِ
مُضارِعٌ لمشاكلته الأَسماء فيما يلحقه من الإِعراب. والمُضارِعُ من
الأَفعال: ما أَشبه الأَسماء وهو الفعل الآتي والحاضر؛ والمُضارِعُ في
العَرُوضِ: مفاعيل فاع لاتن مفاعيل فاع لاتن كقوله:
دَعاني إِلى سُعاد
دَواعِي هَوَى سُعاد
سمِّي بذلك لأَنه ضارَعَ المُجْتَثَّ.
والضُّروعُ والصُّروعُ: قُوَى الحبْل، واحدها ضِرْعٌ وصِرْعٌ.
والضَّرِيعُ: نبات أَخضَر مُنْتِنٌ خفيف يَرْمي به البحرُ وله جوْفٌ،
وقيل: هو يَبِيسُ العَرْفَجِ والخُلَّةِ، وقيل: ما دام رطباً فهو ضرِيعٌ،
فإِذا يَبِسَ فهو ضرِيعٌ، فإِذا يَبِسَ فهو الشَّبْرِقُ، وهو مَرْعَى
سَوءٍ لا تَعْقِدُ عليه السائمةُ شَحْماً ولا لحماً، وإِن لم تفارقه إِلى غيره
ساءَت حالها. وفي التنزيل: ليس لهم طعام إِلاَّ من ضريع لا يُسْمِنُ ولا
يُغني من جوع؛ قال الفراء: الضرِيعُ نبت يقال له الشَّبْرِقُ، وأَهل
الحجاز يسمونه الضريع إِذا يبس، وقال ابن الأَعرابي: الضريع العوْسَجُ
الرطْب، فإِذا جَفَّ فهو عَوْسَجٌ، فإِذا زاد جُفوفاً فهو الخَزِيزُ، وجاءَ في
التفسير: أَن الكفار قالوا إِنَّ الضريعَ لتَسْمَنُ عليه إِبلنا، فقال الله
عز وجل: لا يُسْمِنُ ولا يُغْني من جوع. وجاء في حديث أَهل النار:
فيُغاثون بطعام من ضريع؛ قال ابن الأَثير: هو نبت بالحجاز له شوْكٌ كبار يقال له
الشبرق؛ وقال قَيْسُ بن عَيْزارةَ الهذليّ يذكر إِبلاً وسُوءَ مَرْعاها:
وحُبِسْنَ في هَزْمِ الضَّرِيعِ، فكُلُّها
حَدْباءُ دامِيةُ اليَدَيْنِ، حَرُودُ
هَزْمُ الضرِيعِ: ما تَكَسَّر منه، والحَرُودُ: التي لا تكاد تَدِرُّ؛
وصف الإِبل بشدَّة الهُزال؛ وقيل: الضرِيعُ طعام أَهل النار، وهذا لا
يعرفه العرب. والضَّرِيعُ: القِشْرُ الذي على العظم تحت اللحم، وقيل: هو جلد
على الضِّلَعِ.
وتَضْرُوعُ: بلدة؛ قال عامر ابن الطفيل وقد عُقِرَ فرسُه:
ونِعْمَ أَخُو الضُّعْلُوكِ أَمسِ تَرَكْتُه
بِتَضْرُوعَ، يَمْرِي باليَدَيْنِ ويَعْسِفُ
قال ابن برِّي: أَخو الــصُّعْلوك يعني به فرسه، ويَمْرِي بيديه: يحرّكهما
كالعابث، ويَعْسِف: ترجُف حَنْجَرتُه من النَّفَسِ، وهذا المكان وهذا
البيت أَورده الجوهري بتَضْرُع بغير واو؛ قال ابن بري: ورواه ابن دريد
بتَضْرُوعَ مثل تَذْنُوب.
وتُضارُعٌ، بضم التاء والراء: موضع أَو جبل بنجد، وفي التهذيب:
بالعَقِيق. وفي الحديث: إِذا سال تُضارُعٌ فهو عامُ ربِيعٍ، وفيه: إِذا أَخصبت
تُضارُعٌ أَخصبت البلاد؛ قال أَبو ذؤيب:
كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ بَيْنَ تُضارُعٍ
وشابةَ بَرْكٌ من جُذامَ لَبِيجُ
قال ابن بري: صوابه تُضارِع، بكسر الراء، قال: وكذا هو في بيت أَبي ذؤيب،
فأَمّا بضم التاء والراء فهو غلط لأَنه ليس في الكلام تُفاعُل ولا
فُعالُلٌ، قال ابن جني: ينبغي أَن يكون تُضارِعٌ فُعالِلاً بمنزلة عُذافِرٍ،
ولا نحكم على التاء بالزيادة إِلا بدليل، وأَضرُعٌ: موضع؛ وأَما قول
الراعي:فأَبصَرْتُهُمْ حتى تَواراتْ حُمُولُهُم،
بأَنْقاءٍ يَحْمُومٍ، ووَرَّكْنَ أَضْرُعا
فإِنَّ أَضْرُعاً ههنا جبال أَو قاراتٌ صِغار؛ قال خالد ابن جبلة: هي
أُكَيْمات صغار، ولم يذكر لها واحداً.
غنا: في أَسْماء الله عز وجل: الغَنِيُّ. ابن الأثير: هو الذي لا
يَحْتاجُ إلى أَحدٍ في شيءٍ وكلُّ أَحَدٍ مُحْتاجٌ إليه، وهذا هو الغِنى
المُطْلَق ولا يُشارِك الله تعالى فيه غيرُهُ. ومن أَسمائه المُغْني، سبحانه
وتعالى، وهو الذي يُغني من يشاءُ من عِباده. ابن سيده: الغنى، مقصورٌ، ضدُّ
الفَقْر، فإذا فُتِح مُدَّ؛ فأَما قوله:
سَيُغْنِيني الذي أَغْناكَ عني،
فلا فَقْرٌ يدوُمُ ولا غِناءٌ
فإنه: يُروى بالفتح والكسر، فمن رواه بالكسر أَراد مصدَرَ غانَيْت، ومن
رواه بالفتح أَراد الغِنى نَفْسه؛ قال أَبو اسحق: إنما وَجْهُه ولا
غَناء لأَن الغَناء غيرُ خارجٍ عن معنى الغِنى؛ قال: وكذلك أَنشده من يُوثَقُ
بعِلْمِه. وفي الحديث: خيرُ الصَّدَقَةِ ما أَبْقَتْ غِنًى، وفي رواية:
ما كان عن ظَهْرِ غِنًى أَي ما فَضَل عن قُوت العيال وكِفايتِهِمْ، فإذا
أَعْطَيْتَها غَيْرَك أَبْقَيْتَ بعدَها لكَ ولهُم غِنًى، وكانت عن
اسْتِغْناءٍ منكَ ،ومِنْهُم عَنْها، وقيل: خيرُ الصَّدَقَة ما أَغْنَيْتَ به
مَن أَعْطَيْته عن المسأَلة؛ قال: ظاهر هذا الكلامِ أَنه ما أَغْنى عن
المَسْأَلة في وقْتِه أَو يَوْمِه، وأَما أَخْذُه على الإطلاق ففيه مَشقَّة
للعَجْزِ عن ذلك. وفي حديث الخيل: رجلٌ رَبَطها تَغَنِّياً وتَعَفُّفًا
أَي اسْتَغْناءً بها عن الطَّلب من الناس.
وفي حديث الجُمعة: مَن اسْتَغْنى بلَهْوٍ أَو تِجارةٍ اسْتَغْنى الله
عنه، واللهُ غَنِيٌّ حَمِيد، أَي اطَّرَحَه اللهُ ورَمَى به من عَيْنه
فِعْلَ من اسْتَغْنى عن الشيء فلم يَلْتَفِتْ إليه، وقيل: جَزاهُ جَزاءَ
اسْتِغْنائه عنها كقوله تعالى: نَسُوا الله فنَسِيَهُم. وقد غَنِيَ به عنه
غُنْية وأَغْناه الله. وقد غَنِيَ غِنىً واسْتَغْنى واغْتَنى وتَغَانَى
وتَغَنَّى فهو غَنِيٌّ. وفي الحديث: ليس مِنَّا مَنْ لم يَتَغَنَّ بالقرآنِ؛
قال أَبو عبيد: كان سفيانُ بنُ عُيَيْنة يقول ليسَ مِنَّا مَنْ لم
يَسْتَغنِ بالقرآن عن غيرِه ولم يَذْهَبْ به إلى الصوت؛ قال أَبو عبيد: وهذا
جائزٌ فاش في كلام العرب، ويقول: تَغَنَّيْت تَغَنِّياً بمعنى
اسْتَغْنَيْت وتَغانَيْتُ تَغانِياً أَيضاً؛ قال الأعشى:
وكُنْتُ امْرَأً زَمَناً بالعِراق،
عَفِيفَ المُناخِ طَويلَ التَّغَنْ
يريد الاسْتِغْناءَ، وقيل: أَرادَ مَنْ لم يَجْهَر بالقراءة. قال
الأزهري: وأَما الحديث الآخر ما أُذِنَ الله لشيءٍ كأَذَنِه لنَبيٍّ يَتَغَنَّى
بالقرآنِ يَجْهَرُ به، قال: فإنَّ عبدَ الملِك أَخْبرني عن الربيع عن
الشافعي أَنه قال معناه تَحْسِينُ القِراءةِ وتَرْقِيقُها، قال: ومما
يُحَقّقُ ذلك الحديثُ الآخرُ زَيِّنُوا القرآن بأصواتكم، قال: ونحوَ ذلك قال
أبو عبيد؛ وقال أَبو العباس: الذي حَصَّلْناه من حُفَّاظ اللغة في قوله،
صلى الله عليه وسلم: كأَذَنِه لِنَبيٍّ يَتَغَنَّى بالقرآنِ، أَنه على
مَعْنَيَيْنِ: على الاستغناء، وعلى التَّطْرِيبِ؛ قال الأزهري: فمن ذهَب به
إلى الاستغناء فهو من الغِنى، مقصورٌ، ومن ذهَب به إلى التَّطْرِيبِ فهو
من الغِناء الصَّوْتِ، ممدودٌ. الأصمعي في المقصور والممدود: الغِنى من
المال مقصورٌ، ومن السِّماعِ ممدود، وكلُّ مَنْ رَفَع صوتَه ووَالاهُ
فصَوْتُه عند العرب غِناءٌ. والغَناءُ، بالفتح: النَّفْعُ. والغِناء، بالكسر:
من السَّماع. والغِنَى، مقصورٌ: اليَسارُ. قال ابن الأعرابي: كانت العرب
تتَغَنَّى بالرُّكْبانيِّ،
(*قوله «الركباني» في هامش نسخة من النهاية:
هو نشيد بالمد والتمطيط يعني ليس منا من لم يضع القرآن موضع الركباني في
اللهج به والطرب عليه.)
إذا رَكِبَت الإبلَ، وإذا جَلَست في الأفْنِية وعلى أَكثر أَحوالها،
فلمَّا نَزَلَ القرآنُ أَحبَّ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن يكون
هِجِّيرَاهُم بالقرآن مكانَ التَّغَنِّي بالرُّكْبانيِّ، وأَوْلُ مَن قرَأَ
بالأَلحانِ عُبَيْدُ اللهِ بنُ أبي بَكْرة، فَوَرِثَه عنه عَبَيْدُ الله بنُ
عُمر، ولذلك يقال قرأْتُ العُمَرِيَّ، وأَخَذ ذلك عنه سعيدٌ العَلاَّفُ
الإباضيُّ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وعندي جارِيتان تُغَنِّيانِ
بغِناءِ بُعاثَ أَي تُنْشِدانِ الأشعارَ التي قيلَتْ يومَ بُعاث، وهو
حربٌ كانت بين الأنصار، ولم تُرِدِ الغِناء المعروفَ بين أَهلِ اللَّهْوِ
واللَّعِبِ، وقد رَخَّصَ عمر، رضي الله عنه، في غناءِ الأعرابِ وهو صوتٌ
كالحُداءِ.
واسْتَغْنَى اللهَ: سأَله أَن يُغْنِيهَ؛ عن الهَجَري، قال: وفي الدعاء
اللهمَّ إني أَسْتَغْنِيكَ عن كلِّ حازِمٍ، وأَسْتَعِينُك على كلِّ
ظالِمٍ. وأَغْناهُ اللهُ وغَنَّاه، وقيل: غَنَّاه في الدعاء وأَغْناه في
الخبر، والاسم من الاستغناء عن الشيء الغُنْيَة والغُنْوة والغِنْية
والغُنْيانُ.
وتَغانُوا أَي استغنى بعضهم عن بعض؛ قال المُغيرة ابن حَبْناء
التَّميمي.كِلانا غَنِيٌّ عن أَخِيه حَياتَه،
ونَحْنُ إذا مُتْنا أَشَدُّ تَغانِيَا
واستغنى الرجلُ: أَصابَ غِنًى. أَبو عبيد: أَغْنَى اللهُ الرجلَ حتى
غَنِيَ غِنًى أَي صار له مالٌ، وأًقناه اللهُ حتى قَنِيَ قِنًى وهو أَن
يَصيرَ له قِنيةٌ من المال. قال الله عز وجل: وأَنّهُ هو أَغْنَى وأَقْنى.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنَّ غُلاماً لأَناسٍ فُقِراء قَطَع أُذُنَ
غُلامٍ لأَغْنِياءَ، فأَتَى أَهلُه النبي، صلى الله عليه وسلم، فلم
يَجْعَلْ عليه شيئاً. قال ابن الأثير: قال الخطَّابي كانَ الغلامُ الجاني
حُرًّا وكانت جِنايتُه خَطَأَ وكانت عاقِلَتُه فقراءَ فلا شيء عليهم
لفَقْرِهم. قال: ويُشْبِه أَن يكون الغلامُ المَجْنيّ عليه حُرًّا أَيضاً، لأنه
لو كان عبداً لم يكن لاعتذارِ أَهلِ الجاني بالفَقْرِ معنًى، لأن العاقلة
لا تَحْمِلُ عبداً كما لا تحْمِلُ عَمْداً ولا اعترافاً، فأمّا المَمْلوك
إذا جنَى على عَبْدٍ أو حُرٍّ فجنايَتُه في رَقَبَتِه، وللفُقهاء في
اسْتِيفائها منه خلافٌ؛ وقول أبي المُثَلّم:
لَعَمْرُكَ والمَنايا غالِياتٌ، * وما تُغْني التَّمِيماتُ الحِمامَا
(* قوله «غاليات» هو هكذا في المحكم بالمثناة.)
أراد من الحِمامِ، فحذَفَ وعَدَّى. قال ابن سيده: فأَما ما أُثِرَ من
أَنه قيلَ لابْنةِ الخُسِّ ما مِائةٌ من الضأْنِ فقالت غِني، فرُوِي أَن
بعضَهم قال: الغِنَى اسمُ المِائةِ من الغَنمِ، قال: وهذا غيرُ معروفٍ في
موضوعِ اللغةِ، وإنما أَرادَتْ أَن ذلك العدَدَ غِنًى لمالِكِه كما قيل
لها عند ذلك وما مِائةٌ من الإبلِ فقالت مُنى، فقيل لها: وما مِائة من
الخيل؟ فقالت: لا تُرَى؛ فمُنى ولا تُرَى ليسا باسمَين للمائة من الإبلِ
والمِائةِ من الخَيْلِ، وكتَسْمِية أبي النَّجْم في بعضِ شعْره الحِرْباء
بالشقِيِّ، وليس الشَّقِيُّ باسمٍ للحِرْباء، وإنما سمَّاه به
لمكابَدَتِه للشمسِ واستِقبالِه لها، وهذا النحوُ كثيرٌ. والغَنِيُّ والغاني: ذُو
الوَفْرِ؛ أَنشد ابن الأعرابي لعَقِيل بن عُلَّفة قال:
أَرى المالَ يَغْشَى ذا الوُصُومِ فلا تُرى،
ويُدْعى من الأشرافِ مَن كان غانِيا
وقال طرفة:
وإن كنتَ عنها غانياً فاغْنَ وازْدَدِ
ورجل غانٍ عن كذا أَي مُسْتَغْنٍ، وقد غَنِيَ عنه. وما لَك عنه غِنًى
ولا غُنْيَةٌ ولا غُنْيانٌ ولا مَغْنًى أَي ما لك عنهُ بُدٌّ. ويقال: ما
يُغْني عنك هذا أي
ما يُجْزِئُ عنك وما يَنْفَعُك. وقال في معتل الألف: عنه غُنْوَةٌ أَي
غِنًى؛ حكاه اللحياني عن الكسائي، والمعروف غُنية. والغانيَةُ من
النساء: التي غَنِيَتْ بالزَّوْج؛ وقال جميل:
أُحبُّ الأيامى: إذْ بُثَيْنَةُ أَيِّمٌ،
وأَحْبَبْتُ لمَّا أَن غَنِيتِ الغَوانيا
وغَنِيَت المرأةُ بزَوْجِها غُنْياناً أَي اسْتَغْنَتْ، قال قَيْسُ بنُ
الخَطيم:
أَجَدَّ بعَمْرة غُنْيانُها،
فتَهْجُرَ أَمْ شانُنا شانُها؟
والغانِيَةُ من النساء: الشابَّة المُتَزَوّجة، وجمعُها غَوانٍ؛ وأَنشد
ابن بري لنُصَيْب:
فهَل تَعُودَنْ لَيالينا بذي سَلمٍ،
كما بَدَأْنَ، وأَيّامي بها الأُوَلُ
أَيّامُ لَيلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ،
وأَنتَ أَمْرَدُ معروفٌ لَك الغَزَلُ
والغانية: التي غَنِيَتْ بحُسْنِها وجمالها عن الحَلْي، وقيل: هي التي
تُطْلَب ولا تَطْلُب، وقيل: هي التي غَنِيَتْ ببَيْتِ أَبَويْها ولم
يَقَعْ عليها سِباءٌ. قال ابن سيده: وهذه أَعْزَبُها؛ وهي عن ابن جني، وقيل:
هي الشابَّة العَفيفة، كان لها زَوْجٌ أَو لم يكُنْ. الفراء: الأَغْناءُ
إملاكاتُ العَرائسِ. وقال ابن الأعرابي: الغِنى التَّزْويجُ، والعَرَبُ
تقول: الغِنى حِصْنُ العَزَب أَي التَّزْويجُ. أَبو عبيدة: الغَواني
ذواتُ الأزْواج؛ وأَنشد:
أَزْمانُ ليلى كعابٌ غيرُ غانِيَةٍ
وقال ابن السكيت عن عمارة: الغَواني الشَّوابُّ اللَّواتي يُعْجِبْنَ
الرجالَ ويُعْجِبُهُنَّ الشُّبَّانُ. وقال غيره: الغانية الجاريَةُ
الحَسْناءُ، ذاتَ زوْج كانت أَو غيرَ ذاتِ زَوْج، سميِّتْ غانِيَة لأنها
غَنِيَتْ بحُسْنِها عن الزينَة. وقال ابن شميل: كلُّ امْرأَة غانِيَةٌ، وجمعها
الغَواني؛ وأَما قول ابنِ قيس الرُّقَيَّات:
لا بارَكَ اللهُ في الغَوانِي، هَلْ
يُصْبِحْنَ إلاَّ لَهُنَّ مُطَّلَب؟
فإنما حرَّك الياءَ بالكَسْرة للضَّرُُورة ورَدَّه إلى أَصْله، وجائزٌ
في الشعر أَن يُرَدَّ الشيءُ إلى أَصْله
وأَخُو الغَوَانِ متى يَشأْ يَصْرِمْنَهُ،
ويَعُدْنَ أَعْداءً بُعَيْدَ ودادِ
إنما أَراد الغَواني، فحذَف الياء تشبيهاً لِلام المَعْرفة بالتنوين من
حيث كانت هذه الأشياءُ من خَواصِّ الأَسماء، فحذَفَ الياءَ لأَجل اللام
كما تحذِفها لأجل التنوين؛ وقول المثَقّب العَبْدي:
هَلْ عندَ غانٍ لفُؤادٍ صَدِ،
مِنْ نَهْلَةٍ في اليَوْمِ أَوْ في غَدِ؟
إنما أَراد غانِيَةِ فذَكّرَ على إرادة الشخص، وقد غَنِيَتْ غِنًى.
وأَغْنى عنه غَناء فلانٍ ومَغْناه ومَغْناتَه ومُغْناهُ ومُغْناتَه:
نابَ عنه وأَجْزَأَ عنه مُجْزَأَه. والغَناءُ، بالفتح: النَّفْعُ.
والغَناءُ، بفتح الغين ممدودٌ: الإجْزاءُ والكفايَة. يقال: رَجُلٌ مُغْنٍ أَي
مُجْزئٌ كافٍ؛ قال ابن بري: الغَناءُ مصدرُ أَغْنى عنْكَ أَي كَفاكَ على
حَذْفِ الزّوائد مثل قوله:
وبعْدَ عَطائِك المائَةَ الرِّتاعا
وفي حديث عثمان: أَنّ عَلِيًّا ، رضي الله عنهُما، بَعث إليه بصَحيفة
فقال للرّسول أَغْنِها عَنَّا أَي اصْرفْها وكُفَّها، كقوله تعالى: لكلِّ
امْرِئٍ منهم يومئذ شأْنٌ يُغْنِيه؛ أَي يَكُفُّه ويَكْفِيه. يقال:
أَغْنِ عَني شَرَّكَ أَي اصْرِفْه وكُفَّهُ؛ ومنه قوله تعالى: لَنْ يُغْنُوا
عَنْكَ من الله شيئاً؛ وحديث ابن مسعود: وأَنا لا أُغْني لو كانت
مَنَعَة أَي لو كان مَعِي مَنْ يَمْنَعُني لكَفَيْت شَرَّهم وصَرَفْتُهم. وما
فيه غَناءُ ذلك أَي إقامَتُه والاضْطلاعُ به .
عطف: عَطَفَ يَعْطِفُ عَطْفاً: انصرفَ. ورجل عَطوف وعَطَّاف: يَحْمِي
المُنْهَزِمين. وعطَف عليه يَعْطِفُ عَطفاً: رجع عليه بما يكره أَو له بما
يريد. وتعطَّف عليه: وصَلَه وبرَّه. وتعطَّف على رَحِمه: رَقَّ لها.
والعاطِفةُ: الرَّحِم، صفة غالبة. ورجل عاطِف وعَطُوف: عائد بفضله حَسَنُ
الخُلُق. قال الليث: العطَّاف الرجل الحسَن الخُلُق العطوف على الناس بفضله؛
وقول مُزاحم العُقَيْلي أَنشده ابن الأَعرابي:
وجْدِي به وجْد المُضِلِّ قَلُوصَه
بنَخَلةَ، لم تَعْطِفْ عليه العواطِفُ
لم يفسر العواطف، وعندي أَنه يريد الأَقْدار العَواطِفَ على الإنسان بما
يُحِبُّ. وعَطَفْت عليه: أَشْفَقْت. يقال: ما يَثْنيني عليك عاطِفةٌ من
رَحِم ولا قَرابة. وتعطَّف عليه: أَشْفَقَ. وتعاطَفُوا أَي عطَف بعضهم
على بعض. واسْتَعطَفَه فعطَف. وعَطف الشيءَ يَعْطِفُه عَطْفاً وعُطُوفاً
فانعطَفَ وعطَّفه فتعطَّف: حَناه وأَمالَه، شدِّد للكثرة. ويقال: عطفْت
رأْس الخشَبة فانْعطفَ أَي حَنَيْتُه فانْحنى. وعطفْت أَي مِلْت.
والعَطائف: القِسِيُّ، واحدتها عَطِيفةٌ كما سَمَّوْها حَنِيّة. وجمعها
حَنيٌّ. وقوس عَطوفٌ ومُعطَّفةٌ: مَعْطوفةُ إحدى السِّيَتَين على
الأُخرى. والعطيفةُ والعِطافةُ: القوس؛ قال ذو الرمة في العَطائف:
وأَشْقَرَ بَلَّى وَشْيَه خَفَقانُه،
على البِيضِ في أَغمادِها والعَطائِفِ
يعني بُرْداً يُظَلَّل به، والبيضُ: السُّيوف، وقد عَطَفَها يَعْطِفُها.
وقوس عَطْفَى: مَعْطوفة؛ قال أُسامةُ الهذلي:
فَمَدَّ ذِراعَيْه وأَجْنَأَ صُلْبَه،
وفَرَّجَها عَطْفَى مَرِيرٌ مُلاكِمدُ
(* قوله «مرير إلخ» أنشده المؤلف في مادة لكد ممرّ وضبطناه وما بعده
هناك بالجر والصواب رفعهما.)
وكل ذلك لتَعَطُّفِها وانحِنائها، وقِسِيٌّ مُعطَّفة ولفاح مُعطَّفة،
وربما عَطَفُوا عِدَّة ذود على فصيل واحد فاحْتَلَبُوا أَلْبانهن على ذلك
ليَدْرِرْن. قال الجوهري: والقوس المعْطوفة هي هذه العربية.
ومُنْعَطَفُ الوادي: مُنْعَرَجُه ومُنْحَناه؛ وقول ساعدة بن جؤية:
من كلِّ مُعْنِقةٍ وكلِّ عِطافةٍ
مِنها، يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَزْعَب
يعني بعِطافة هنا مُنْحَنًى، يصف صخرة طويلة فيها نحْل. وشاة عاطفة
بيِّنةُ العُطوف والعَطْف: تَثني عُنقها لغير علة. وفي حديث الزكاة: ليس فيها
عَطْفاء أَي مُلْتَوِيةُ القرن وهي نحو العَقْصاء. وظَبْية عاطِفٌ:
تَعْطِفُ عنقها إذا رَبَضَت، وكذلك الحاقِفُ من الظِّباء. وتعاطَف في مَشْيه:
تَثنَّى. يقال: فلان يتَعاطفُ في مِشْيته بمنزلة يتَهادى ويَتمايلُ من
الخُيلاء والتبَخْتُر.
والعَطَفُ: انثِناء الأَشْفار؛ عن كراع، والغين المعجمة أَعلى. وفي حديث
أُمّ مَعْبَد: وفي أَشفاره عَطَفٌ أَي طول كأَنه طال وانعطَف، وروي
الحديث أَيضاً بالغين المعجمة. وعطَف الناقةَ على الحُوار والبوّ: ظأَرَها.
وناقة عطوفٌ: عاطِفةٌ، والجمع عُطُفٌ. قال الأَزهري: ناقة عَطُوف إذا
عُطِفَت على بَوٍّ فرَئمَتْه. والعَطُوف: المُحِبَّة لزوجها. وامرأَة
عَطِيفٌ: هَيِّنة ليّنة ذَلول مِطْواع لا كِبر لها، وإذا قلت امرأَة عَطُوف، فهي
الحانيةُ على ولدها، وكذلك رجل عَطوف. ويقال: عَطَفَ فلان إلى ناحية كذا
يَعْطِفُ عَطْفاً إذا مال إليه وانعطف نحوه. وعَطف رأْسَ بعيره إليه إذا
عاجَه عَطْفاً. وعَطفَ اللّه تعالى بقلب السلطان على رَعِيّته إذا جعله
عاطفاً رَحِيماً. وعطَف الرجل وِساده إذا ثناه ليرْتَفِقَ عليه
ويَتّكِئ؛ قال لبيد:
ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرَى،
عاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
والعَطُوفُ والعاطُوفُ وبعض يقول العأْطُوف: مِصْيَدةٌ فيها خشبة
مَعطوفة الرأْس، سميت بذلك لانعطاف خشبتها. والعَطْفةُ: خَرَزَة يُعَطِّفُ بها
النساء الرجالَ، وأَرى اللحياني حكى العِطْفة، بالكسر. والعِطْفُ:
المَنْكِب. قال الأَزهري: مَنكِب الرجل عِطْفه، وإبْطُه عِطْفُه. والعُطوف:
الآباطُ. وعِطْفا الرجل والدابة: جانباه عن يمين وشمال وشِقَّاه من لَدُنْ
رأْسه وَرِكه، والجمع أَعْطاف وعِطاف وعُطُوف. وعِطْفا كل شيء: جانباه.
وعطَف عليه أَي كَرَّ؛ وأَنشد الجوهري لأَبي وجزة:
العاطِفُون، تَحِينَ ما من عاطِفٍ،
والمُطْعِمُون، زَمان أََيْنَ المُطْعِمُ؟
قال ابن بري: ترتيب إنشاد هذا الشعر:
العاطفون، تَحِينَ ما من عاطِفٍ،
والمُنْعِمُون يداً، إذا ما أَنْعَمُوا
واللاَّحِقُون جِفانَهم قَمعَ الذُّرَى،
والمُطْعِمُون، زمان أَينَ المُطعِمُ؟
وثنَى عِطْفَه: أَعْرض. ومرَّ ثاني عِطْفِه أَي رَخيَّ البالِ. وفي
التنزيل: ثاني عِطْفِه ليُضِلَّ عن سبيل اللّه؛ قال الأَزهري: جاء في التفسير
أَن معناه لاوِياً عُنقَه، وهذا يوصف به المتكبِّر، فالمعنى ومِن الناس
من يُجادِل في اللّه بغير علم ثانياً عِطفَه أَي متكبراً، ونَصْبُ ثانيَ
عطفه على الحال، ومعناه التنوين كقوله تعالى: هَدْياً بالِغَ الكعْبةِ؛
أَي بالِغاً الكعبةَ؛ وقال أَبو سهم الهذلي يصف حِماراً:
يُعالِج بالعِطْفَينِ شَأْواً كأَنه
حَريقٌ، أُّشِيعَتْه الأَباءَةُ حاصِدُ
أَراد أُشِيعَ في الأَباءة فحذف الحرف وقلَب. وحاصِدٌ أَي يَحْصُِدُ
الأَباءة بإِحْراقه إياها. ومرَّ ينظُر في عِطفَيْه إذا مرَّ مُعجَباً.
والعِطافُ: الإزار. والعِطافُ: الرِّداء، والجمع عُطُفٌ وأَعْطِفة،
وكذلك المِعْطَفُ وهو مثل مئْزر وإزار وملِحَف ولِحاف ومِسْرَد وسِرادٍ،
وكذلك مِعْطف وعِطافٌ، وقيل: المَعاطِفُ الأَرْدِيةُ لا واحد لها، واعْتَطَفَ
بها وتعطَّف: ارْتدى. وسمي الرِّداء عِطافاً لوقُوعه على عِطْفَي
الرّجل، وهما ناحيتا عنقه. وفي الحديث: سُبحان مَن تعطَّف بالعِزِّ وقال به،
ومعناه سبحان من تَرَدَّى بالعز؛ والتعطُّف في حقِّ اللّه مَجازٌ يُراد به
الاتّصاف كأَنَّ العز شَمِله شُمولَ الرِّداء؛ هذا قول ابن الأَثير، ولا
يعجبني قوله كأَنّ العز شَمله شمولَ الرِّداء، واللّه تعالى يشمل كل شيء؛
وقال الأَزهري: المراد به عز اللّه وجَماله وجَلاله، والعرب تضع
الرِّداء موضع البَهْجة والحُسن وتَضَعُه موضع النَّعْمة والبهاء. والعُطوفُ:
الأَرْدِيةُ. وفي حديث الاستسقاء: حَوَّل رِداءه وجعل عِطافَه الأَيمنَ على
عاتقه الأَيسر؛ قال ابن الأَثير: إنما أَضاف العِطاف إلى الرِّداء لأنه
أَراد أَحد شِقّي العِطاف، فالهاء ضمير الرداء، ويجوز أَن يكون للرجل،
ويريد بالعِطافِ جانبَ ردائه الأَيمن؛ ومنه حديث ابن عمر، رضي اللّه عنهما:
خرج مُتَلَفِّعاً بعِطاف. وفي حديث عائشة: فناولتها عِطافاً كان عليَّ
فرأَت فيه تَصْلِيباً فقالت: نَحِّيه عنّي. والعِطاف: السيف لأَن العرب
تسميه رداء؛ قال:
ولا مالَ لي إلا عِطافٌ ومِدْرَعٌ،
لكم طَرَفٌ منه حَديدٌ، ولي طَرَفْ
الطَّرَفْ الأَوَّلُ: حَدُّه الذي يُضرب به، والطرَف الثاني: مَقْبِضُه؛
وقال آخر:
لا مالَ إلا العِطافُ، تُؤْزِرهُ
أُمُّ ثلاثين وابنةُ الجَبَلِ
لا يَرْتَقي النَّزُّ في ذَلاذِلِه،
ولا يُعَدِّي نَعْلَيْه مِنْ بَلَلِ
عُصْرَتُه نُطْفةٌ، تَضَمَّنَها
لِصْبٌ تَلَقَّى مَواقِعَ السَّبَلِ
أَو وَجْبةٌ مِن جَناةِ أَشْكَلةٍ،
إن لم يُرِعْها بالماء لم تُنَلِ
قال ثعلب: هذا وصَف صُعْلوكــاً فقال لا مالَ له إلا العِطافُ، وهو السيف،
وأُم ثلاثين: كنانة فيها ثلاثون سهماً، وابنةُ الجبل: قَوسُ نَبْعةٍ في
جبل وهو أَصْلَبُ لعُودها ولا يناله نزٌّ لأَنه يأْوي الجبال، والعُصرة:
المَلْجأُ، والنُّطفة: الماء، واللِّصْب: شَقُّ الجبل، والوَجْبة:
الأَكْلة في اليوم، والأَشْكَلة: شجرة. واعْتَطَفَ الرِّداءَ والسيفَ والقوس؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ومَن يَعْتَطِفْه على مِئْزرِ،
فنِعْم الرِّداء على المئْزرِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
لَبِسْتَ عليكَ عِطافَ الحَياء،
وجَلَّلَكَ المَجْدُ ثِنْيَ العَلاء
إنما عنى به رداء الحَياء أَو حُلَّته استِعارةً. ابن شميل: العِطاف
تَرَدِّيك بالثوب على مَنكِبيك كالذي يفعل الناس في الحرِّ، وقد تعطَّف
بردائه. والعِطافُ: الرِّداء والطَّيْلَسان؛ وكل ثوب تعَطَّفَه أَي تَردَّى
به، فهو عِطاف.
والعَطْفُ: عَطْفُ أَطراف الذَّيْل من الظِّهارة على البطانة.
والعَطَّاف: في صفة قِداح المَيْسِر، ويقال العَطوف، وهو الذي يَعْطِفُ
على القداح فيخرج فائزاً؛ قال الهذلي:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنيَ في جَمِّه،
خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا
وقال القُتيبي في كتاب المَيْسِر: العَطوف القِدْح الذي لا غُرْم فيه
ولا غُنْم له، وهو واحد الأَغْفال الثلاثة في قِداح الميسر، سمي عَطُوفاً
لأنه في كل رِبابة يُضرب بها، قال: وقوله قِدحاً واحد في معنى جميع؛ ومنه
قَوله:
حتى تَخَضْخَض بالصُّفْنِ السَّبيخ، كما
خاضَ القِداحَ قَمِيرٌ طامِع خَصِلُ
السَّبِيخُ: ما نَسَل من ريش الطير التي ترد الماء، والقَمِيرُ:
المَقْمُور، والطامِعُ: الذي يطمع أَن يَعُود إليه ما قُمِر. ويقال: إنه ليس
يكون أَحد أَطمع من مَقْمُور، وخَصِلٌ: كثر خِصال قَمْرِه؛ وأَما قول ابن
مقبل:
وأَصْفَرَ عطَّافٍ إذا راحَ رَبُّه،
غدا ابْنا عِيانٍ بالشِّواء المُضَهَّبِ
فإنه أَراد بالعَطَّاف قِدْحاً يَعْطِف عن مآخِذِ القِداح وينفرد، وروي
عن المؤرّج أَنه قال في حَلْبة الخيل إذا سُوبق بينها، وفي أَساميها: هو
السابِقُ والمُصَلِّي والمُسَلِّي والمُجَلِّي والتالي والعاطِفُ
والحَظِيُّ والمؤَمَّلُّ واللَّطِيمُ والسِّكِّيتُ. قال أَبو عبيد: لا يُعرف
منها إلا السابق والمصلِّي ثم الثالث والرابع إلى العاشر، وآخرها السكِّيت
والفُِسْكل؛ قال الأَزهري: ولم أَجد الرواية ثابتة عن المؤرّج من جهة من
يوثق به، قال: فإن صحت الرواية عنه فهو ثقة.
والعِطْفة: شجرة يقال لها العَصْبةُ وقد ذكرت؛ قال الشاعر:
تَلَبَّسَ حُبُّها بدَمي ولَحْمِي،
تَلَبُّسَ عِطْفة بفُروع ضالِ
وقال مرة: العَطَف، بفتح العين والطاء، نبت يَتَلَوَّى على الشجر لا ورق
له ولا أَفنان، ترعاه البقر خاصة، وهو مُضِرّ بها، ويزعمون أَن بعض
عروقه يؤخذ ويُلْوى ويُرْقى ويُطْرَح على المرأَة الفارك فتُِحب زوجها. قال
ابن بري: العَطَفةُ اللبلاب، سمي بذلك لتلويه على الشجر. قال الأَزهري:
العِطْفَةُ والعَطْفَة هي التي تَعَلَّقُ الحَبَلَةُ بها من الشجر، وأَنشد
البيت المذكور وقال: قال النضر إنما هي عَطَفةٌ فخففها ليستقيم له الشعر.
أَبو عمرو: من غريب شجر البر العَطَف، واحدتها عَطَفة.
ابن الأَعرابي: يقال تَنَحَّ عن عِطْفِ الطَّريق وعَطْفِه وعَلْبِه
ودَعْسِه وقَرْيِه وقارِعَتِه:
وعَطَّافٌ وعُطَيْفٌ: اسمان، والأَعرف غُطَيْف، بالغين المعجمة؛ عن ابن
سيده.
بأس: الليث: والبَأْساءُ اسم الحرب والمشقة والضرب. والبَأْسُ: العذاب.
والبأْسُ: الشدة في الحرب. وفي حديث علي، رضوان اللَّه عليه: كنا إِذا
اشتدَّ البأْسُ اتَّقَيْنا برسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم؛ يريد الخوف
ولا يكون إِلا مع الشدَّة. ابن الأَعرابي: البأْسُ والبَئِسُ، على مثال
فَعِلٍ، العذاب الشديد. ابن سيده: البأْس الحرب ثم كثر حتى قيل لا بَأْسَ
عليك، ولا بَأْسَ أَي لا خوف؛ قال قَيْسُ بنُ الخطِيمِ:
يقولُ ليَ الحَدَّادُ، وهو يَقُودُني
إِلى السِّجْنِ: لا تَجْزَعْ فما بكَ من باسِ
أَراد فما بك من بأْس، فخفف تخفيفاً قياسياً لا بدلياً، أَلا ترى أَن
فيها:
وتَتْرُكُ عُذْري وهو أَضْحَى من الشَّمْسِ
فلولا أَن قوله من باس في حكم قوله من بأْس، مهموزاً، لما جاز أَن يجمع
بين بأْس، ههنا مخففاً، وبين قوله ن الشمس لأَنه كان يكون أَحد الضربين
مردفاً والثاني غير مردف. والبَئِسُ: كالبَأْسِ.وإِذا قال الرجل لعدوّه:
لا بأْس عليك فقد أَمَّنه لأَنه نفى البأْس عنه، وهو في لغة حِمير لَبَاتِ
أَي لا بأْس عليك، قال شاعرهم:
شَرَيْنَا النَّوْمَ، إِذ غَضِبَتْت غَلاب،
تَنَادَوْا عند غَدْرِهِمُ: لَبَاتِ
وقد بَرَدَتْ مَعَاذِرُ ذي رُعَيْنِ
ولَبَاتِ بلغتهم: لا بأْس؛ قال الأَزهري: كذا وجدته في كتاب شمر.
وفي الحديث: نهى عن كسر السِّكَةِ الجائزة بين المسلمين إِلا من بأْس،
يعني الدنانير والدراهم المضروبة، أَي لا تكسر إِلا من أَمر يقتضي كسرها،
إِما لرداءتها أَو شكٍّ في صحة نقدها، وكره ذلك لما فيها من اسم اللَّه
تعالى، وقيل: لأَن فيه إِضاعة المال، وقيل: إِنما نهى عن كسرها على أَن
تعاد تبراً، فأَما للنفقة فلا، وقيل: كانت المعاملة بها في صدر الإِسلام
عدداً لا وزناً، وكان بعضهم يقص أَطرافها فنُهوا عنه.
ورجلٌ بَئِسٌ: شجاع، بَئِسَ بَأْساً وبَؤُسَ بَأْسَةً. أَبو زيد: بَؤُسَ
الرجل يَبْؤُسُ بَأْساً إِذا كان شديد البَأْسِ شجاعاً؛ حكاه أَبو زيد
في كتاب الهمز، فهو بَئِيسٌ، على فَعِيل، أَي شجاع. وقوله عز وجل:
سَتُدعَوْنَ إِلى قوم أُولي بَأْسِ شديد؛ قيل: هم بنو حنيفة قاتلهم أَبو بكر،
رضي اللَّه عنه، في أَيام مُسَيْلمة، وقيل: هم هَوازِنُ، وقيل: هم فارس
والروم.
والبُؤْسُ: الشدة والفقر. وبَئِسَ الرجل يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً
وبَئِيساً إِذا افتقر واشتدت حاجته، فهو بائِسٌ أَي فقير؛ وأَنشد أَبو
عمرو:وبيضاء من أَهلِ المَدينةِ لم تَذُقْ
بَئِيساً، ولم تَتْبَعْ حَمُولَةَ مُجْحِدِ
قال: وهو اسم وضع موضع المصدر؛ قال ابن بري: البيت للفرزدق، وصواب
إِنشاده لبيضاء من أَهل المدينة؛ وقبله:
إِذا شِئتُ غَنَّاني من العاجِ قاصِفٌ،
على مِعْصَمٍ رَيَّانَ لم يَتَخَدَّدِ
وفي حديث الصلاة: تُقْنِعُ يَدَيكَ وتَبْأَسُ؛ هو من البُؤْسِ الخضوع
والفقر، ويجوز أَن يكون أَمراً وخبراً؛ ومنه حديث عَمَّار: بُؤْسَ ابنِ
سُمَيَّةَ كأَنه ترحم له من الشدة التي يقع فيها؛ ومنه الحديث: كان يكره
البُؤْسَ والتَّباؤُسَ؛ يعني عند الناس، ويجوز التَبَؤُسُ بالقصر والتشديد.
قال سيبويه: وقالوا بُؤساً له في حد الدعاء، وهو مما انتصب على إِضمار
الفعل غير المستعمل إِظهاره. والبَأْسَاءُ والمَبْأَسَة: كالبُؤس؛ قال
بِشْرُ بن أَبي خازِم:
فأَصْبَحُوا بعد نُعْماهُمْ بِمَبْأَسَةٍ،
والدَّهْرُ يَخْدَعُ أَحْياناً فَيَنْصَرِفُ
وقوله تعالى: أَخَذناهم بالبَأْساءِ والضَّرَّاءِ؛ قال الزجاج: البأْساء
الجوع والضراء في الأَموال والأَنفس. وبَئِسَ يَبْأَسُ ويَبْئِسُ؛
الأخيرة نادرة، قال ابن جني: هو...
(* كذا بياض بالأصل.) كرم يكرم على ما قلناه
في نعم ينعم. وأَبْأَسَ الرجلُ: حلت به البَأْساءُ؛ عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:
تَبُزُّ عَضارِيطُ الخَمِيسِ ثِيابَها
فأَبْأَسْت ...* يومَ ذلك وابْنَما،
(* كذا بياض بالأصل ولعل موضعه بنتاً.)
والبائِسُ: المُبْتَلى؛ قال سيبويه: البائس من الأَلفاظ المترحم بها
كالمِسْكين، قال: وليس كل صفة يترحم بها وإِن كان فيها معنى البائس
والمسكين، وقد بَؤُسَ بَأْسَةٌ وبئِيساً، والاسم البُؤْسى؛ وقول تأَبط
شرّاً:قد ضِقْتُ من حُبِّها ما لا يُضَيِّقُني،
حتى عُدِدْتُ من البُوسِ المساكينِ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون عنى به جمع البائس، ويجوز أَن يكون من ذوي
البُؤْسِ، فحذف المضاف وأَقام المضاف إِليه مقامه. والبائس: الرجل النازل
به بلية أَو عُدْمٌ يرحم لما به. ابن الأَعرابي: يقال بُوْساً وتُوساً
وجُوْساً له بمعنى واحد. والبأْساء: الشدة؛ قال الأَخفش: بني على فَعْلاءَ
وليس له أَفْعَلُ لأَنه اسم كما قد يجيء أَفْعَلُ في الأَسماء ليس معه
فَعْلاء نحو أَحمد. والبُؤْسَى: خلاف النُّعْمَى؛ الزجاج: البأْساءُ
والبُؤْسى من البُؤْس، قال ذلك ابن دريد، وقال غيره: هي البُؤْسى والبأْساءُ
ضد النُّعْمى والنَّعْماء، وأَما في الشجاعة والشدة فيقال البَأْسُ.
وابْتَأَسَ الرجل، فهو مُبْتَئِس. ولا تَبْتَئِسْ أَي لا تحزن ولا تَشْتَكِ.
والمُبْتَئِسُ: الكاره والحزين؛ قال حسان بن ثابت:
ما يَقْسِمُ اللَّهُ أَقْبَلْ غَيْرَ مُبتِئِسٍ
منه، وأَقْعُدْ كريماً ناعِمَ البالِ
أَي غير حزين ولا كاره. قال ابن بري: الأَحسن فيه عندي قول من قال: إن
مُبتَئِساً مُفْتَعِلٌ من البأْسِ الذي هو الشدة، ومنه قوله سبحانه: فلا
تَبْتَئِسْ بما كانوا يفعلون؛ أَي فلا يشتدّ عليك أَمْرُهم، فهذا أَصله
لأَنه لا يقال ابْتَأَسَ بمعنى كره، وإِنما الكراهة تفسير معنوي لأَن
الإِنسان إِذا اشتد به أَمرٌ كرهه، وليس اشتدّ بمعنى كره. ومعنى بيت حسان أَنه
يقول: ما يرزق اللَّه تعالى من فضله أَقبله راضياً به وشاكراً له عليه
غير مُتَسَخِّطٍ منه، ويجوز في منه أَن تكون متعلقة بأَقبل أَي أَقبله منه
غير متسخط ولا مُشتَدٍّ أَمره عليّ؛ وبعده:
لقد عَلِمْتُ بأَني غالي خُلُقي
على السَّماحَةِ، صُعْلوكــاً وذا مالِ
والمالُ يَغْشَى أُناساً لا طَباخَ بِهِمْ،
كالسِّلِّ يَغْشى أُصُولَ الدِّنْدِنِ البالي
والطبَّاخُ: القوّة والسِّمَنُ. والدِّنْدنُ: ما بَليَ وعَفِنَ من أُصول
الشجر. وقال الزجاج: المُبْتَئِسُ المسكين الحزين، وبه فسر قوله تعالى:
فلا تَبْتَئِسْ بما كانوا يَعْمَلون؛ أَي لا تَحْزَن ولا تَسْتَكِنْ.
أَبو زيد: وابْتَأَسَ الرجل إِذا بلغه شيء يكرهه؛ قال لبيد:
في رَبْرَبٍ كَنِعاج صا
رَةَ يَبْتَئِسْنَ بما لَقِينا
وفي الحديث في صفة أَهل الجنة: إِنَّ لكم أَن تَنْعَموا فلا تَبْؤُسوا؛
بَؤُس يَبْؤُس، بالضم فيهما، بأْساً إِذا اشتد. والمُبْتَئِسُ: الكاره
والحزين. والبَؤُوس: الظاهر البُؤْسِ.
وبِئْسَ: نَقيضُ نِعْمَ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إِذا فَرَغَتْ من ظَهْرِه بَطَّنَتْ له
أَنامِلُ لم يُبْأَسْ عليها دُؤُوبُها
فسره فقال: يصف زِماماً، وبئسما دأَبت
(* قوله «وبئسما دأبت» كذا بالأصل
ولعله مرتبط بكلام سقط من الناسخ.) أَي لم يُقَلْ لها بِئْسَما عَمِلْتِ
لأَنها عملت فأَحسنت، قال لم يسمع إِلا في هذا البيت. وبئس: كلمة ذم،
ونِعْمَ: كلمة مدح. تقول: بئس الرجلُ زَيدٌ وبئست المرأَة هِنْدٌ، وهما
فعلان ماضيان لا يتصرفان لأَنهما أُزيلا عن موضعهما، فنِعْمَ منقول من قولك
نَعِمَ فلان إِذا أَصاب نِعْمَةً، وبِئْسَ منقول من بَئِسَ فلان إِذا
أَصاب بؤْساً، فنقلا إِلى المدح والذم فشابها الحروف فلم يتصرفا، وفيهما لغات
تذكر في ترجمة نعم، إِن شاء اللَّه تعالى. وفي حديث عائشة، رضي اللَّه
عنها: بِئْسَ أَخو العَشِيرةِ؛ بئس مهموز فعل جامع لأَنواع الذم، وهو ضد
نعم في المدح، قال الزجاج: بئس ونعم هما حرفان لا يعملان في اسم علم،
إِنما يعملان في اسم منكور دالٍّ على جنس، وإِنما كانتا كذلك لآن نعم مستوفية
لجميع المدح، وبئس مستوفية لجميعي الذم، فإِذا قلت بئس الرجل دللت على
أَنه قد استوفى الذم الذي يكون في سائر جنسه، وإِذا كان معهما اسم جنس
بغير أَلف ولام فهو نصب أَبداً، فإِذا كانت فيه الأَلف واللام فهو رفع
أَبداً، وذلك قولك نعم رجلاً زيد ونعم الرجل زيد وبئس رجلاً زيد وبئس الرجل
زيد، والقصد في بئس ونعم أَن يليهما اسم منكور أَو اسم جنس، وهذا قول
الخليل، ومن العرب من يصل بئس بما قال اللَّه عز وجل: ولبئسما شَرَوْا به
أَنفسهم. وروي عن النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، أَنه قال: بئسما لأَحدكم أَن
يقول نَسِيتُ أَنه كَيْتَ وكَيْتَ، أَمَا إِنه ما نَسِيَ ولكنه أُنْسِيَ.
والعرب تقول: بئسما لك أَن تفعل كذا وكذا، إِذا أَدخلت ما في بئس أَدخلت
بعد ما أَن مع الفعل: بئسما لك أَن تَهْجُرَ أَخاك وبئسما لك أَن تشتم
الناس؛ وروى جميع النحويين: بئسما تزويجٌ ولا مَهْر، والمعنى فيه: بئس
تزويج ولا مهر؛ قال الزجاج: بئس إِذا وقعت على ما جعلت ما معها بمنزلة اسم
منكور لأَن بئس ونعم لا يعملان في اسم علم إِنما يعملان في اسم منكور
دالٍّ على جنس. وفي التنزيل العزيز: بعَذابٍ بَئِيسٍ بما كانوا يَفْسُقُون؛
قرأَ أَبو عمرو وعاصم والكسائي وحمزة: بعذابٍ بَئِيسٍ، علة فَعِيلٍ، وقرأَ
ابن كثير: بِئِيس، على فِعِيلٍ، وكذلك قرأَها شِبْل وأَهلُ مكة وقرأَ
ابن عامر: بِئْسٍ، علة فِعْلٍ، بهمزة وقرأَها نافع وأَهل مكة: بِيْسٍ، بغير
همز. قال ابن سيده: عذاب بِئْسٌ وبِيسٌ وبَئِيسٌ أَي شديد، وأَما قراءَة
من قرأَ بعذاب بَيْئِسٍ فبنى الكلمة مع الهمزة على مثال فَيْعِلٍ، وإِن
لم يكن ذلك إِلا في المعتل نحو سَيِّدٍ ومَيِّتٍ، وبابهما يوجهان العلة
(* قوله «يوجهان العلة إلخ» كذا بالأصل.) وإِن لم تكن حرف علة فإِنها
معرضة للعلة وكثيرة الانقلاب عن حرف العلة، فأُجريت مجرى التعرية في باب
الحذف والعوض. وبيس كخِيس: يجعلها بين بين من بِئْسَ ثم يحولها بعد ذلك، وليس
بشيء. وبَيِّسٍ على مثال سَيِّدٍ وهذا بعد بدل الهمزة في بَيْئِسٍ.
والأَبْؤُسُ: جمع بَؤُسٍ، من قولهم يومُ بُؤْس ويومُ نُعْمٍ.
والأَبْؤُسُ أَيضاً: الداهية. وفي المثل: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً. وقد أَبْأَسَ
إبْآساً؛ قال الكميت:
قالوا: أَساءَ بنوكُرْزٍ، فقلتُ لهم:
عسى الغُوَيْرُ بإِبْآسٍ وإِغْوارِ
قال ابن بري: الصحيح أَن الأَبْؤُسَ جمع بَأْس، وهو بمعنى الأَبْؤُس
(*
قوله «وهو بمعنى الأبؤس» كذا بالأصل ولعل الأولى بمعنى البؤس.) لأَن باب
فَعْلٍ أَن يُجْمَعَ في القلة على أَفْعُلٍ نحو كَعْبٍ وأَكْعُبٍ وفَلْسٍ
وأَفْلُسٍ ونَسْرٍ وأَنْسُرٍ، وباب فُعْلٍ أَن يُجْمَع في القلة على
أَفْعال نحو قُفْلٍ وبُرْدٍ وأَبْرادٍ وجُنْدٍ وأَجنادٍ. يقال: بَئِسَ
الشيءُ يَبْأَسُ بُؤْساً وبَأْساً إِذا اشتدّ، قال: وأَما قوله والأَبْؤُسُ
الداهية، قال: صوابه أَن يقول الدواهي لأَن الأَبْؤُس جمع لا مفرد، وكذلك
هو في قول الزَّبَّاءِ: عَسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً، هو جمع بأْسٍ على ما
تقدم ذكره، وهو مَثَلٌ أَوَّل من تكلم به الزَّبَّاء. قال ابن الكلبي:
التقدير فيه: عسى الغُوَيْرُ أَن يُحْدِثَ أَبْؤُساً، قال: وهو جمع بَأْسٍ
ولم يقل جمعُ بُؤْسٍ، وذلك أَن الزَّبَّاء لما خافت من قَصِيرٍ قيل لها:
ادخلي الغارَ الذي تحت قصرك، فقالت: عسى الغوير أَبؤُساً أَي إِن فررت من
بأْس واحد فعسى أَن أَقع في أَبْؤُسٍ، وعسى ههنا إِشفاق؛ قال سيبويه: عسى
طمع وإِشفاق، يعني أَنها طمع في مثل قولك: عسى زيد أَن يسلم، وإِشفاق
مثل هذا المثل: عسى الغوير أَبؤُساً، وفي مثل قول بعض أَصحاب النبي؛ صلى
اللَّه عليه وسلم: عسى أَن يَضُرَّني شَبَهُه يا رسول اللَّه، فهذا إِشفاق
لا طمع، ولم يفسر معنى هذا المثل ولم يذكر في أَي معنى يتمثل به؛ قال ابن
الأَعرابي: هذا المثل يضرب للمتهم بالأَمر، ويشهد بصحة قوله قول عمر،
رضي اللَّه عنه، لرجل أَتاه بمَنْبُوذٍ: عسى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً، وذلك
أَنه اتهمه أَن يكون صاحب المَنْبوذَ؛ وقال الأَصمعي: هو مثل لكل شيء يخاف
أَن يَأْتي منه شر؛ قال: وأَصل هذا المثل أَنه كان غارٌ فيه ناس فانْهارَ
عليهم أَو أَتاهم فيه فقتلهم. وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: عسى
الغُوَيْرُ أَبْؤُساً؛ هو جمع بأْس، وانتصب على أَنه خبر عسى. والغُوَيْرُ: ماء
لكَلْبٍ، ومعنى ذلك عسى أَن تكون جئت بأَمر عليك فيه تُهَمَةٌ وشِدَّةٌ.
ضبع: الضَّبْعُ، بسكون الباء: وسَطُ العَضُدِ بلحمه يكون للإِنسان
وغيره، والجمع أَضْباعٌ مثلُ فَرْخٍ وأَفْراخٍ، وقيل: العَضُدُ كلُّها، وقيل:
الإِبْطُ، وقال الجوهري: يقال للإِبْط
(* قوله«يقال للابط إلخ» قال شارح
القاموس: لم أجده للجوهري في الصحاح اهـ. والامر كما قال وإنما هي عبارة
ابن الاثير في نهايته حرفاً حرفاً) الضَّبْعُ لمُجاوَرةِ، وقيل: ما بين
الإِبط إِلى نصف العضد من أَعلاه، تقول: أَخَذ بضَبْعَيْه أَي بعَضُدَيْه. وفي
الحديث: أَنه مَرَّ في حَجِّه على امرأَة معها ابن صغير فأَخَذَتْ
بضَبْعَيْه وقالت: أَلِهذا حَجٌّ ؟ فقال: نعم ولك أَجر. والمَضْبَعةُ: اللحمة
التي تحتَ الإِبط من قُدُمٍ.
واضْطَبَعَ الشيءَ: أَدخَله تحت ضَبْعَيْه. ولاضطِباعُ الذي يُؤْمَر به
الطائفُ بالبيت: أَن تُدْخِلَ الرِّداءَ من تحت إِبْطِك الأَيمَنِ
وتُغَطِّيَ به الأَيسر كالرجل يريد أَن يُعالِجَ أَمْراً فيتهيأَ له. يقال: قد
اضْطَبَعْتُ بثوبي وهو مأْخوذ من الضَّبْع وهو العَضُدُ؛ ومنه الحديث:
إِنه طافَ مُضْطَبِعاً وعليه بُرْد أَخضر؛ قال ابن الأَثير: هو أَن يأْخذ
الإِزارَ أَو البرد فيجعل وسطه تحت إِبطه الأَيمن ويُلْقِيَ طَرَفَيْهِ
على كتفه اليسرى من جهتي صدره وظهره، وسمي بذلك لإِبْداءِ الضبْعَيْنِ، وهو
التأَبط أَيضاً؛ عن الأَصمعي وضَبَعَ البعيرُ البعيرَ إِذا أَخذ بضبْعيه
فصَرَعَه. وضَبَعَ الفرسُ يَضْبَعُ ضَبْعاً: لَوى حافِرَه إِلى ضَبْعِه؛
قال الأَصمعي: إِذا لَوى الفرسُ حافِرَه إِلى عضُده فذلك الضبْعُ، فإِذا
هَوى بحافره إِلى وَحْشِيَّة فذلك الخِنافُ. قال لأَصمعي: مرت النّجائِبُ
ضَوابِعَ، وضَبْعُها: أَن تَهْوِي بِأَخْفافِها إِلى العَضُدِ إِذا سارَتْ.
والضَّبْعُ والضِّباعُ: رفعُ اليدين في الدعاء. وضَبَعَ يَضْبَعُ على
فلان ضَبْعاً إِذا مدَّ ضَبْعَيْه فَدَعا. وضَبَعَ يده إِليه بالسيف
يَضْبَعُها: مدّها به؛ قال رؤْبة:
وما تَني أَيْدٍ عَلَيْنا تَضْبَعُ
بما أَصَبْناها، وأُخْرَى تَطْمَعُ
معناه تَمُدُّ أَضْباعَها بالدعاء علينا. وضضبَعَتِ الخيلُ والإِبل
تَضْبَعُ ضَبْعاً إِذا مدّت أَضْباعَها في سيرها، وهي أَعْضادُها، والناقةُ
ضابِعٌ. وضَبَعتِ الناقةُ تَضْبَعُ ضَبْعاً وضُبُوعاً وضَبَعاناً
وضَبَّعَتْ تَضْبيعاً: مدّتْ ضَبْعَيها في سيرها واهتزت. وضَبَعَتْ أَيضاً:
أَسْرَعَتْ. وفرس ضابِعٌ: شديدُ الجَرْيِ، وجمعه ضَوابِعُ. وضَبَعَتِ الخيلُ
كََضَبَحَتْ. وضَبَعْتُ الرجلَ: مَدَدْتُ إِليه ضَبْعِي للضَّرْبِ. وضَبَعَ
القومُ للصُّلْحِ ضَبْعاً: مالُوا إِليه وأَرادوه يقال: ضابَعْناهم
بالسُّيوفِ أَي مَدَدْنا أَيْدِيَنا إِليهم بالسُّيوفِ ومَدُّوها إِلينا، وهذا
القول من نوادر أَبي عمرو؛ قل عمرو بن شاس:
نَذُودُ المُلُوكَ عَنْكُمُ وتَذُودُنا،
ولا صُلْحَ حَتَّى تَضْبَعُونا ونَضْبَعا
نَذُودُ المُلُوكَ عَنْكُمُ وتَذُودُنا
إِلى المَوْتِ، حتى تَضْبَعُوا ثُمَّ نَضْبَعا
أَي تمدّون أَضباعكم إِلينا بالسيوف ونَمُدّ أَضْباعنا إِليكم. وقال
أَبو عمرو: أَي تَضْبَعُون للصلح والمُصافَحة. وضَبَعُوا لنا من الشيء ومن
الطريق وغيره يَضْبَعُونَ ضَبْعاً: أَسْهَموا لنا فيه وجعلوا لنا قسماً
كما تقول ذَرَعُوا لنا طريقاً. والضَّبْعُ: الجَوْرُ. وفلان يَضْبَعُ أَي
يجور.
والضَّبَعُ، بالتحريك، والضَّبَعةُ: شِدّة شَهْوة الفحلِ الناقةَ.
وضَبِعَتِ الناقةُ، بالكسر، تَضْبَعُ ضَبْعاً وضَبَعةً وضَبَعَتْ وأَضْبَعَتْ،
بالأَلف، واسْتَضْبَعَتْ وهي مُضْبِعةٌ: اشْتَهَتِ الفَحْلَ، والجمع
ضِباعَى وضَباعى، وقد اسْتُعْمِلَت الضَّبَعةُ في النِّساءِ، قال ابن
الأَعرابي: قيل لأَعرابي أَبامْرأَتِك حَمْلٌ ؟قال: ما يُدْرِيني والله ما لَها
ذَنَب فَتَشُول به، ولا آتيها إِلاَّ على ضَبَعَةٍ.
والضَّبُعُ والضَّبْعُ: ضَرْبٌ من السِّباعِ، إُنثى، والجمع أَضْبُعٌ
وضِباعٌ وضُبُعٌ وضُبْعٌ وضَبُعاتٌ ومَضْبَعةٌ؛ قال جرير:
مِثْل الوِجَار أَوَتْ إِلَيْهِ الأَضْبُعُ
والضِّبْعانةُ: الضَّبُع، والذكر ضِبْعانٌ. وفي قصة إِبراهيم، عليه
السلام، وشفاعته في أَبيه: فَيَمْسَخُه الله ضِبْعاناً أَمْدَر؛ الضِّبْعانُ: ذكر
الضِّباع، لا يكون بالنون والأَلف إِلا للمذكر؛ قال ابن بري: وأَما
ضِبْعانةٌ فليس بمعروف، والجمع ضِبْعاناتٌ وضَباعِينُ وضِباعٌ، وهذا الجمع
للذكر والأُنثى مثل سَبُعٍ وسِباعٍ؛ وقال:
وبُهْلُولٌ وشِيعَتُه تَرَكْنا
لِضِبْعاناتِ مَعْقُلةٍ مَنابا
جمع بالتاء كما يقال فلان من رِجالاتِ العَرَب، وقالوا: جِمالاتٌ
صُفْرٌ. ويقال للذكر والأُنثى ضَبْعَانث، يُغلِّبون التأْنيث لخفته هنا، ولا
تَقُلْ ضَبُعةً؛ وقوله:
يا ضَبُعاً أَكَلَتْ آيارَ أَحْمِرةٍ
فَفي البُطُونِ، وقَدْ راحَتْ، قَراقِيرُ
هَلْ غَيْرُ هَمْزٍ ولَمْزٍ للصَّدِيقِ، ولا
يُنْكِي عَدُوَّكُمُ مِنْكُمْ أَظافِيرُ؟
حمله على الجنس فأَفْرَدَه، ويروى: يا أَضْبُعاً، ورواه أَبو زيد: يا
ضُبُعاً أَكَلَتْ؛ الفارسي: كأَنه جمع ضَبْعاً على ضِباعٍ ثم جمع ضِباعاً
على ضُبُعٍ، قال الأَزهري: الضَّبُعُ الأُنثى من الضِّباع، ويقال للذكر.
وجارُّ الضَّبُعِ: المطَرُ الشديد لأَن سَيْلَه يُخْرِج الضِّباعَ من
وُجُرِها. وقولهم: ما يخفى ذلك على الضَّبُع، يذهبون إِلى اسْتِحْماقِها.
والضَّبُعُ: السَّنةُ الشديدة المُهْلِكة المُجْدبة، مؤنث؛ قال عباس بن
مرداس:أَبا خُراشةَ أَمَّا أَنْتَ ذا نَفَرٍ،
فإِنَّ قَوْمِي لَمْ تَأْكُلْهُمُ الضَّبُعُ
قال الأَزهري: الكلام الفصيح في إِمّا وأَما أَنه بكسر الأَلف من إِمّا
إِذا كان ما بعده فعلاً، كقولك إِما أَن تمشي وإِما أَن تركب، وإِن كان ما
بعده اسماً فإِنك تفتح الأَلف من أَما، كقولك أَما زيد فَحَصيفٌ وأَما
عمرو فأَحْمَقُ، ورواه سيبويه بفتح الهمزة، ومعناه أَن قَوْمِي ليسوا
بِأَذلاَّءَ فتأْكلهم الضَّبُع ويَعْدُو عليهم السبُع، وقد روي هذا البيت
لمالك ابن ربيعة العامري، ورُوِيَ أَبا خُباشةَ، يقوله لأَبي خُباشة عامر بن
كعب بن عبد الله بن أَبي بكر ابن كلاب. قال ثعلب: جاء أَعرابي إِلى رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله أَكلتنا الضبع، فدعا لهم؛ قال
ابن الأَثير: هو في الأَصل الحيوان المعروف والعرب تكني به عن سَنة الجَدْب؛
ومنه حديث عمر، رضي الله عنه: خَشِيتُ أَن تأْكلهم الضَّبُعُ. والضبع:
الشرّ؛ قال ابن الأَعرابي: قالت العُقَيْلِيّة كان الرجل إِذا خفنا شره
فتحوّل عنا أَوْقَدْنا ناراً خلفه، قال: فقيل لها ولم ذلك ؟قالت:
لتَتَحَوَّلَ ضَبُعُه معه أَي ليذهب شره معه. وضَبُعٌ: اسم رجل وهو والد الربيع بن
ضبع الفَزاريّ. وضَبُعٌ: اسم مكان؛ أَنشد أَبو حنيفة:
حَوَّزَها مِنْ عَقبٍ إِلى ضَبُعْ،
في ذَنَبانٍ ويَبِيسٍ مُنْقَفِعْ
وضُباعة: اسم امرأَة؛ قال القطامي:
قِفي قَبْلَ التَّفَرُّق يا ضُباعا،
ولا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْكِ الوَداعا
وضُبَيْعةُ: قبيلة وهو أَبو حيّ من بكر، وهو ضُبَيْعةُ بن قيس بن ثعلبة
بن عُكابةَ بن صَعْب بن بكر بن وائل، وهم رهط الأَعشى ميمون بن قيس؛ قال
الأَزهري: وضُبَيْعةُ قبيلة في ربيعة. والضَّبْعانِ: موضع؛ وقوله أَنشده
ثعلب:
كساقِطةٍ إِحْدَى يَدَيْهِ، فَجانِبٌ
يُعاشُ به مِنْه، وآخَرُ أَضْبَعُ
إِنما أَراد أَعْضَب فقلب، وبهذا فسره.
والضُّبْعُ: فِناءُ الإِنسان. وكُنّا في ضُبْعِ فلان، بالضم، أَي في
كَنَفِه وناحيته وفِنائهِ.
وضِبْعانٌ أَمْدَرُ أَي منتفخ الجنبين عظيم البطن، ويقال: هو الذي
تَتَرَّبَ جنباه كأَنه من المدَارِ والتراب. ابن الأَعرابي: الضَّبْعُ من
الأَرض أَكَمَةٌ سَوداءُ مستطيلة قليلاً.
وفي نوادر الأَعراب: حِمارٌ مَضْبُوعٌ ومَخْنُوقٌ ومَذْؤُوبٌ أَي بها
خناقة
(* قوله« أي بها خناقة» كذا بالأصل بلا ضبط وبضمير المؤنث. وفي القاموس
في ماة خنق: وكغراب داء يمتنع معه نفوذ النفس إلى الرئة والقلب، ثم قال:
والخناقية داء في حلوق الطير والفرس، وضبطت الخناقية فيه ضبط القلم بضم
الخاء وكسر القاف وتشد الياء مخففة النون.) وذِئْبةٌ، وهما داءَانِ، ومعنى
المَضْبوعِ دعاءٌ عليه أَن تأْكلَه الضَّبُع؛ قال ابن بري: وأَما قوله
الشاعر وهو مما يُسْأَلُ عنه:
تَفَرَّقَتْ غَنَمِي يَوْماً فَقُلْتُ لَها:
يا رَبِّ سَلِّطْ عَلَيْها الذِّئْبَ والضَّبُعا
فقيل: في معناه وجهان: أَحدهما أَنه دعا عليها بأَن يقتل الذئب أَحياءها
وتأْكل الضبع موتاها، وقيل: بل دعا لها بالسلامة لأَنهما إِذا وقعا في
الغنم اشتغل كل واحد منهما بصاحبه فتسلم الغنم؛ وعلى هذا قولهم: اللهم
ضَبْعاً وذِئْباً، فدعا بأَن يكونا مجتمعين لتسلم الغنم، ووجه الدعاء لها بعيد
عندي لأَنها أَغضبته وأَحْرَجَتْه بتفرقها وأَتعبته فدعا عليها. وفي قوله
أَيضاً: سلط عليها، إِشعار بالدعاء عليها لأَن من طلب السلامة بشيء لا
يدعو بالتسليط عليه، وليس هذا من جنس قوله اللهم ضَبُعاً وذئباً، فإِن ذلك
يؤذن بالسلامة لاشتغال أَحدهما بالآخر، وأَما هذا فإِن الضَّبُع والذئب
مُسَلَّطانِ على الغنم، والله اعلم.
جرم: الجَرْمُ: القَطْعُ. جَرَمَه يَجْرِمُه جَرْماً: قطعه. وشجرة
جَرِيمَةٌ: مقطوعة. وجَرَمَ النَّخْلَ والتَّمْرَ يَجْرِمه جَرْماً وجِراماً
وجَراماً واجْتَرَمه: صَرَمَه: عن اللحياني، فهو جارمٌ، وقوم جُرَّمٌ
وجُرَّام، وتمر جَرِيم: مَجْرُوم. وأَجْرَمَ: حان جِرامُه؛ وقول ساعدة بن
جؤية:
(* قوله «وقول ساعدة بن جؤية» أي يصف سحاباً كما في ياقوت وقبله:
أفعنك لا برق كأنّ وميضه * غاب تشيمه ضرام مثقب
قال الأزهري: ساد أي مهمل، وقال أَبو عمرو: السادي الذي يبيت حيث يمسي.
وتجرم أي قطع ثمانياً في البضيع وهي جزيرة بالبحر. يلوي بماء البحر: أي
يحمله ليمطره ببلده).
سَادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيع ثمانِياً،
يَلْوِي بعَيْقاتِ البحار ويَجْنُبُ
يقول: قطع ثماني ليال مقيماً في البضيع يشرب الماء؛ والجَرِيم:
النَّوَى، واحدته جَرِيمة، وهو الجَرامُ أَيضاً؛ قال ابن سيده: ولم أَسمع للجَرام
بواحد، وقيل: الجَرِيمُ والجَرامُ، بالفتح، التمر اليابس؛ قال:
يَرَى مَجْداً ومَكْرُمَةً وعِزّاً،
إذا عَشَّى الصَّديِقَ جَرِيمَ تمرِ
والجُرامَة: التمر المَجْرُوم، وقيل: هو ما يُجْرَمُ منه بعدما يُصْرَمُ
يُلْقَطُ من الكَرَب؛ وقال الشماخ:
مُفِجُّ الحَوامِي عن نُسُورٍ، كأَنَّها
نَوَى القَسْبِ تَرَّتْ عن جَرِيم مُلَجْلَجِ
(* قوله «عن نسور» الذي في نسخة التهذيب: من، بالميم).
أَراد النوى؛ وقيل: الجَرِيم البُؤْرَةُ التي يُرْضَحُ فيها النَّوَى.
أَبو عمرو: الجَرام، بالفتح، والجَرِيمُ هما النوى وهما أَيضاً التمر
اليابس؛ ذكرهما ابن السكيت في باب فَعِيل وفَعالٍ مثل شَحاجٍ وشَحيج وكَهامٍ
وكَهِيم وعَقامٍ وعَقِيمٍ وبَجَالٍ وبَجِيل وصَحاحِ الأَدِيم وصَحِيح.
قال: وأَما الجِرام، بالكسر، فهو جمع جَرِيم مثل كريم وكرام. يقال: جِلَّةٌ
جَرِيمٌ أي عِظامُ الأَجْرام، والجِلَّة: الإبلُ المَسانُّ. وروي عن
أَوْس بن حارثَةَ أنه قال: لا والذي أَخْرَجَ العِذْقَ من الجَريمة والنارَ
من الوثِيمةِ؛ أَراد بالجريمة النواةَ أَخرج الله تعالى منها النخلة.
والوَثِيمةُ: الحجارة المكسورة. والجَريمُ: التمر المَصْرُوم.
والجُرامةُ: قِصَدُ البُرِّ والشعير، وهي أَطرافه تُدَقُّ ثم تُنَقَّى،
والأعرفُ الجُدَامَة، بالدال، وكله من القَطْع.
وجَرَمَ النَّخْلَ جَرْماً واجْتَرَمَه: خَرَصَه وجَرَّه.
والجِرْمةُ: القومُ يَجْتَرِمون النخلَ أي يَصْرِمُون؛ قال امرؤ القيس:
عَلَوْنَ بأَنْطاكِيَّةٍ، فَوْقَ عَقْمَةٍ،
كجِرْمةِ نَخْلٍ أو كجَنَّة يَثْرِبِ
الجِرْمَةُ: ما جُرِمَ وصُرِمَ من البُسْر، شبه ما على الهودج من وَشْيٍ
وعِهْنٍ بالبُسْر الأَحمر والأَصفر، أو بجنة يثرب لأنها كثيرة النخل،
والعَقْمةُ: ضرب من الوَشْيِ.
الأصمعي: الجُرامة، بالضم، ما سقط من التمر إذا جُرِمَ، وقيل: الجُرامة
ما الْتُقِطَ من التمر بعدما يُصْرَمُ يُلْقَط من الكَرَبِ. أَبو عَمْرو:
جَرِمَ الرجل
(* قوله «أبو عمرو جرم الرجل إلخ» عبارة الازهري: عمرو عن
أبيه جرم إلخ) إذا صار يأْكل جُرامة النخل بين السَّعَفِ. ويقال: جاء
زمنُ الجِرامِ والجَرام أي صِرامِ النخل. والجُرَّامُ: الذي يِصْرِمونَ
التمر. وفي الحديث: لا تَذْهَبُ مائةُ سنةٍ وعلى الأرض عَيْنٌ تَطْرِفُ،
يريد تَجَرُّم ذلك القَرْنِ. يقال: نَجَرَّم ذلك القَرْنُ أي انْقَضَى
وانْصَرَم، وأصله من الجَرْم القَطْعِ، ويروى بالخاء المعجمة من الخَرْم، وهو
القطع.
وجَرَمْتُ صُوفَ الشاة أَي جَزَزْته، وقد جَرَمْتُ منه إذا أَخذت منه
مثل جَلَمْتُ.
والجُرْمُ: التَّعدِّي، والجُرْمُ: الذنب، والجمع أَجْرامٌ وجُرُومٌ،
وهو الجَرِيَمةُ، وقد جَرَمَ يَجْرِمُ جَرْماً واجْتَرَمَ وأَجْرَم، فهو
مُجْرِم وجَرِيمٌ. وفي الحديث: أَعظمُ المسلمين في المسلمين جُرْماً من
سأَل عن شيء لم يُجَرَّمْ عليه فَحُرِمَ من أجل مسألته؛ الجُرْم: الذنب.
وقولُه تعالى: حتى يَلِجَ الجَمَلُ في سَمِّ الخياط وكذلك نَجْزي
المُجْرِمين؛ قال الزجاج: المُجْرِمون ههنا، والله أعلم، الكافرون لأن الذي ذكر من
قِصَّتهم التكذيب بآيات الله والاستكبار عنها.
وتَجَرَّم عَليَّ فُلانٌ أي ادَّعَى ذنباً لم أفعله؛ قال الشاعر:
تَعُدُّ عَليَّ الذَّنْبَ، إنْ ظَفِرَتْ به،
وإلاَّ تَجِدْ ذَنْباً عَليَّ تَجَرَّم
ابن سيده: تَجَرَّم ادَّعَى عليه الجُرْمَ وإن لم يُجْرِم؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
قد يُعْتَزَى الهِجْرانُ بالتَّجَرُّم
وقالوا: اجْتَرَم الذنبَ فَعَدَّوْه؛ قال الشاعر أَنشده ثعلب:
وتَرَى اللبيبَ مُحَسَّداً لم يَجْتَرِمْ
عِرْضَ الرجالِ، وعِرْضُه مَشْتُومُ
وجَرَمَ إليهم وعليهم جَرِيمة وأَجْرَم: جَنَى جِناية، وجَرُمَ إذا
عَظُمَ جُرْمُه أي أَذنب. أَبو العباس: فلان يَتَجَرَّمُ علينا أي يَتَجَنَّى
ما لم نَجْنه؛ وأَنشد:
ألا لا تُباتلي حَرْبَ قَومٍ تَجَرَّمُوا
قال: معناه تَجَرَّمُوا الذنوب علينا. والجَرِمَةُ: الجُرْمُ، وكذلك
الجَرِيمَةُ؛ قال الشاعر:
فإنَّ مَوْلايَ ذو يُعَيِّرُني،
لا إحْنَةٌ عِنْدَه ولا جَرِمَهْ
وقوله أَنشده ابن الأعرابي:
ولا مَعْشَرٌ شُوسُ العُيون كأَنَّهم
إليَّ، ولم أجْرِمْ بهم، طالِبُو ذحْلِ
قال: أَراد لم أجْرِم إليهم أَو عليهم فأَبدل الباء مكان إلى أو على.
والجُرْم: مصدر الجارِم الذي يَجْرِم نَفْسَه وقومه شَرّاً. وفلان له
جَرِيمةٌ إليَّ أَي جُرْم. والجارمُ: الجاني. والمُجْرِم: المذنب؛ وقال:
ولا الجَارِمُ الجاني عليهم بمُسْلَم
قال: وقوله عز وجل: ولا يَجْرِمَنَّكم شنَآنُ قوم، قال الفراء:
القُرّاءُ قرؤوا ولا يَجْرِمَنَّكم، وقرأَها يحيى بن وَثَّابٍ والأَعْمَشُ ولا
يُجْرِمَنَّكم، من أَجْرَمْتُ، وكلام العرب بفتح الياء، وجاء في التفسير:
ولا يَحْمِلَنَّكم بُغْضُ قوم أن تَعْتَدُوا، قال: وسمعت العرب يقولون
فلان جَريمَة أَهله أي كاسبهم. وخرج يَجْرِمُ أَهْلَه أي يَكْسبهم، والمعنى
فيهما متقارب لا يَكْسِبَنَّكم بُغْضُ قوم أن تعتدوا. وجَرَمَ يَجْرِمُ
واجْتَرم: كَسَبَ؛ وأنشد أبو عبيدة للهَيْرُدانِ السَّعْدِيِّ أَحدِ لُصوص
بني سَعْد:
طَريدُ عَشِيرةٍ، ورهينُ جُرْمٍ
بما جَرَمَتْ يَدي وجنَى لِساني
وهو يَجْرِمُ لأَهله ويَجْتَرِمُ: يَتَكَسَّبُ ويطلب ويَحْتالُ.
وجَريمةُ القوم: كاسِبُهم. يقال: فلان جارِمُ أَهْلِهِ وجَريمَتُهم أي كاسبهم؛
قال أَبو خِراشٍ الهُذَليُّ يصف عُقاباً تَرْزُق فَرخَها وتَكْسِبُ له:
جَريمَةُ ناهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ،
تَرى لِعظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا
جَريمَةُ: بمعنى كاسبة، وقال في التهذيب عن هذا البيت: قال يصف عُقاباً
تصيد فَرْخَها الناهضَ ما تأْكله من لحم طير أكلته، وبقي عظامه يسيل منها
الودك. قال ابن بري: وحكى ثعلب أن الجَريمة النَّواة. وقال أَبو إسحق:
يقال: أَجْرَمَني كذا وجَرَمَني وجَرَمْتُ وأَجْرَمْت بمعنى واحد، وقيل في
قوله تعالى لا يُجْرِمنَّكم: لا يُدْخِلَنَّكم في الجُرم، كما يقال
آثَمْتُه أي أَدخلته في الإثم. الأَخفش في قوله ولا يَجْرِمَنَّكم شَنآنُ قوم
أي لا يُحِقَّنَّ لكم لأن قوله: لا جَرَمَ أن لهم النار، إنما هو حَقٌّ
أن لهم النار؛ وأَنشد:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدَها أن يَغْضَبوا
يقول: حَقَّ لها. قال أَبو العباس: أما قوله لا يُحِقَّنَّ لكم فإنما
أَحْقَقْتُ الشيءَ إذا لم يكن حَقّاً فجعلته حقّاً، وإنما معنى الآية،
والله أَعلم، في التفسير لا يَحْملَنَّكُم ولا يَكْسبَنَّكم، وقيل في قوله
ولا يَجْرِمَنَّكم قال: لا يَحْمِلَنَّكم
(* قوله «وقيل في قوله ولا
يجرمنكم قال لا يحملنكم»، هذا القول ليونس كما نص عليه الأزهري)، وأنشد بيت أبي
أَسماء.
والجِرْمُ، بالكسر: الجَسَدُ، والجمع القليل أَجرام؛ قال يزيدُ بن
الحَكَمِ الثَّقَفيُّ:
وكم مَوْطِنٍ، لَوْلاي، طِحْتَ كما هَوى
بأَجْرامِه من قُلَّة النِّيقِ مُنْهَوي
وجَمَعَ، كأنه صَيَّر كل جزء من جِرْمه جِرْماً، والكثير جُرُومٌ
وجُرُم؛ قال:
ماذا تقُولُ لأَشْياخ أُولي جُرُمٍ،
سُودِ الوُجوهِ كأمْثالِ المَلاحِيبِ
التهذيب: والجِرْمُ أَلْواحُ الجَسد وجُثْمانه. وأَلقى عليه أَجْرامه؛
عن اللحياني ولم يفسره؛ قال ابن سيده: وعندي أنه يريد ثَقَلَ جِرْمِه،
وجمع على ما تَقَدَّم في بيت يزيد. وفي حديث عليّ: اتّقُوا الصُّبْحة فإنها
مَجْفَرة مَنْتَنَة للجِرْم؛ قال ثعلب: الجِرْمُ البَدَنُ. ورجل جَريمٌ:
عظيم الجِرْم؛ وأَنشد ثعلب:
وقد تَزْذَري العينُ الفَتى، وهو عاقِلٌ،
ويُؤفَنُ بَعْضُ القومِ، وهو جَريمُ
ويروى: وهو حزيم، وسنذكره، والأُنثى جَريمة ذات جِرْم وجِسْم. وإبل
جَريمٌ: عِظامُ الأَجْرام؛ حكى يعقوب عن أَبي عمرو: جِلَّةٌ جَريمٌ، وفسره
فقال: عِظام الأَجْرام يعني الأَجسام. والجِرْم: الحَلْقُ؛ قال مَعْنُ بن
أَوْسٍ:
لأسْتَلّ منه الضِّغْنَ حتى اسْتَلَلْتُه،
وقد كانَ ذا ضِغْنٍ يَضِيقُ به الجِرْمُ
يقول: هو أمر عظيم لا يُسِيغُه الحَلْقُ. والجِرْمُ: الصوت، وقيل:
جَهارَتُه، وكرهها بعضهم. وجِرْمُ الصوت: جَهارته. ويقال: ما عرفته إلا
بِجِرْم صوته. قال أَبو حاتم: قد أُولِعَتِ العامَّةُ بقولهم فلان صافي الجِرْم
أي الصوت أو الحَلْق، وهو خطأٌ. وفي حديث بعضهم: كان حَسَنَ الجِرْم؛
قيل: الجِرْم هنا الصوت، والجِرْمُ البَدَنُ، والجِرْم اللَّوْنُ؛ عن ابن
الأعرابي. وجَرِمَ لونُه
(* قوله «وجرم لونه» وكذلك جرم إذا عظم بدنه،
وبابهما فرح كما ضبط بالأصل والتهذيب والتكملة وصوّبه السيد مرتضى على قول
المجد: وأَجرم عظم لونه وصفا) إذا صفا.
وحَوْلٌ مُجَرَّمٌ: تامٌّ. وسنة مُجَرَّمة: تامَّة، وقد تَجَرَّم. أَبو
زيد: العامُ المُجَرَّمُ الماضي المُكَمَّلُ؛ وأَنشد ابن بري لعمر بن
أَبي ربيعة:
ولكنَّ حُمَّى أَضْرَعَتْني ثلاثَةً
مُجَرَّمةً، ثم اسْتَمَرَّتْ بنا غِبَّا
ابن هانئ: سَنَةٌ مُجَرَّمةٌ وشهر مُجَرَّمٌ وكَريتٌ فيهما، ويوم
مُجَرَّمٌ وكَريتٌ، وهو التام، الليث: جَرَّمْنا هذه السنةَ أي خَرَجْنا منها،
وتَجَرَّمَتِ السنةُ أي انقضت، وتَجَرَّمَ الليلُ ذهب؛ قال لبيد:
دِمَنٌ، تَجَرَّم، بَعدَ عَهْدِ أَنِيسِها،
حِجَجٌ خَلَوْنَ: حَلالُها وحَرامُها
أي تَكَمَّل؛ قال الأَزهري: وهذا كله من القَطْع كأَنّ السنة لما مضت
صارت مقطوعة من السنة المستقبلة. وجَرَّمْنا القومَ: خرجنا عنهم.
ولا جَرَم أي لا بدّ ولا محالة، وقيل: معناه حَقّاً؛ قال أَبو أسماء بن
الضَّريبَةِ:
ولقد طَعَنْتُ أبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةً
جَرَمَتْ فَزارةَ، بعدَها، أن يَغْضَبُوا
أي حَقَّتْ لها الغَضَبَ، وقيل: معناه كسَبَتْها الغَضَبَ. قال سيبويه:
فأما قوله تعالى: لا جَرَمَ أنَّ لهم النارَ، فإن جَرَم عَمِلَتْ لأَنها
فعل، ومعناها لقد حَقَّ أن لهم النار، وقول المفسرين: معناها حَقّاً أن
لهم النارَ يَدُلُّك على أنها بمنزلة هذا الفعل إذا مثَّلْتَ، فَجَرَمَ
عَمِلَتْ بعدُ في أَنّ، والعرب تقول: لا جرم لآتِيَنَّك، لا جَرَم لقد
أَحْسَنْتَ، فتراها بمنزلة اليمين، وكذلك فسرها المفسرون حَقّاً أنهم في
الآخرة هم الأَخْسَرُون، وأصلها من جَرَمْتُ أي كَسَبْتُ الذنبَ؛ وقال
الفراء: وليس قول من قال إن جَرَمْتُ كقولك حُقِقْتُ أو حَقَقْتُ بشيء، وإنما
لَبَّس عليه قولُ الشاعر:
جَرَمَتْ فَزارةُ بعدها أن يَغْضَبُوا
فرفعوا فَزارة وقالوا: نجعل الفعل لفَزارة كأَنها بمنزلة حَقَّ لها أو
حُقَّ لها أن تَغْضَبَ، قال: وفزارة منصوب في البيت، المعنى جَرَمَتْهُم
الطعنةُ الغَضَبَ أي كَسَبَتْهم. وقال غير الفراء: حقيقة معنى لا جَرَم أن
لا نَفْيٌ ههنا لَمَّا ظنوا أنه ينفعهم؛ فرُدَّ ذلك عليهم فقيل: لا
ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال:
جَرَم أنهم في الآخرة هم الأَخْسَرونَ؛ أي كَسَبَ ذلك العملُ لهم
الخُسْرانَ، وكذلك قوله: لا جَرَم أن لهم النارَ وأنهم مُفْرَطُونَ؛ المعنى لا
ينفعهم ذلك، ثم ابتدأ فقال: جَرَم إفْكُهم وكَذِبُهم لهم عذابَ النار أي
كَسَبَ بهم عَذابَها. قال الأزهري: وهذا من أَبْيَن ما قيل فيه. الجوهري:
قال الفراء لا جَرَم كلمةٌ كانت في الأصل بمنزلة لا بد ولا محالة،
فَجَرتْ على ذلك وكثرت حتى تَحَوَّلتْ إلى معنى القَسَم وصارت بمنزلة حقّاً،
فلذلك يجاب عنها باللام كما يجاب بها عن القسم، ألا تراهم يقولون لا جَرَم
لآتينك؟ قال: وليس قول من قال جَرَمْتُ حَقَقْتُ بشيء، وإنما لبس عليه
الشاعر أَبو أَسماء بقوله: جَرَمْتَ فَزارة؛ وقال أَبو عبيدة: أَحَقّت
عليهم الغضَبَ أي أَحَقَّتْ الطعنةُ فزارة أن يغضبوا، وحَقَّتْ أيضاً: من
قولهم لا جَرَمَ لأَفْعَلَنَّ كذا أي حَقّاً؛ قال ابن بري: وهذا القول ردٌّ
على سيبويه والخليل لأنهما قَدَّراه أَحَقَّتْ فزارةَ الغضَبَ أي
بالغَضَبِ فأسقط الباء، قال: وفي قول الفراء لا يحتاج إلى إسقاط حرف الجرّ فيه
لأن تقديره عنده كسَبَتْ فَزارةَ الغضبَ عليك، قال: والبيت لأَبي أَسماء
بن الضَّريبة، ويقال لعَطِية بن عفيف، وصوابه: ولقد طعنتَ أَبا عُيَيْنة،
بفتح التاء، لأَنه يخاطب كُرْزاً العُقَيليَّ ويَرْثيه؛ وقبل البيت:
يا كُرْزُ إنَّك قد قُتِلْتَ بفارسٍ
بَطَلٍ، إذا هابَ الكُماةُ وجَبَّبُوا
وكان كُرْزٌ قد طعن أبا عيينة، وهو حِصْنُ بن حذيفة بن بَدْر الفَزاريّ.
ابن سيده: وزعم الخليل أن جَرَم إنما تكون جواباً لما قبلها من الكلام،
يقول الرجل: كان كذا وكذا وفعلوا كذا فتقول: لا جَرَمَ أنهم سيندمون، أو
أَنه سيكون كذا وكذا. وقال ثعلب: الفراء والكسائي يقولان لا جَرَمَ
تَبْرِئةٌ. ويقال: لا جَرَم
(* قوله «ويقال لا جرم إلخ» زاد الصاغاني: لا جرم
بضم فسكون، ولا جرم بوزن كرم، ومعنى لا ذا جرم ولا أن ذا جرم استغفر
الله، والاجرام: متاع الراعي. والاجرام من السمك: لونان مستدير بلون وأسود له
أجنحة) ولا ذا جَرَم ولا أنْ ذا جَرَم ولا عَنْ ذا جَرَم ولا جَرَ،
حذفوه لكثرة استعمالهم إياه. قال الكسائي: من العرب من يقول لا ذا جرم ولا أن
ذا جرم ولا عن ذا جرم ولا جَرَ، بلا ميم، وذلك أنه كثر في الكلام فحذفت
الميم، كما قالوا حاشَ للهِ وهو في الأصل حاشَى، وكما قالوا أَيْشْ وإنما
هو أيُّ شيء، وكما قالوا سَوْ تَرَى وإنما هو سوفَ تَرَى. قال الأزهري:
وقد قيل لا صلة في جَرَم والمعنى كَسَبَ لهم عَمَلُهم النَّدَم؛ وأَنشد
ثعلب:
يا أُمَّ عَمْرٍو، بَيِّني لا أو نَعَمْ،
إن تَصْرمِي فراحةٌ ممن صَرَمْ،
أو تَصِلِي الحَبْلَ فقد رَثَّ ورَمّ
قُلْتُ لها: بِينِي فقالت: لا جَرَمْ
أنَّ الفِراقَ اليومَ، واليومُ ظُلَمْ
ابن الأعرابي: لا جَرَ لقد كان كذا وكذا أي حقّاً، ولا ذا جَرَ ولا ذا
جَرَم، والعرب تَصِلُ كلامها بذي وذا وذو فتكون حَشْواً ولا يُعْتَدُّ
بها؛ وأَنشد:
إن كِلاباً والِدِي لا ذا جَرَمْ
وفي حديث قَيْس بن عاصم: لا جَرَمَ لأَفُلَّنَّ حَدَّها؛ قال ابن
الأَثير: هذه كلمة تَرِدُ بمعنى تحقيق الشيء، وقد اختلف في تقديرها فقيل أصلها
التبرئة بمعنى لا بُدَّ، وقد استعملت في معنى حقّاً، وقيل: جَرَمَ بمعنى
كَسَب، وقيل: بمعنى وَجَبَ وحَقَّ ولا رَدٌّ لما قبلها من الكلام ثم
يبتدأُ بها كقوله تعالى: لا جَرَم أن لهم النار؛ أي ليس الأْمْرُ كما قالوا،
ثم ابتدأَ وقال: وَجَبَ لهم النار.
والجَرْمُ: الحَرُّ، فارسي معرَّب. وأَرض جَرْمٌ: حارّة، وقال أَبو
حنيفة: دَفِيئةٌ، والجمع جُرُومٌ، وقال ابن دُرَيْدٍ: أَرْضٌ جَرْمٌ توصف
بالحرِّ، وهو دخيل. الليث: الجَرْمُ نَقِيض الصَّرْد؛ يقال: هذه أَرض جَرْمٌ
وهذه أَرض صَرْدٌ، وهما دخِيلان
(* قوله «وهما دخيلان إلخ» عبارة
التهذيب: دخيلان مستعملان). في الحرِّ والبرد. الجوهري: والجُروُمُ من البلاد
خلافُ الصُّرُودِ. والجَرْمُ: زَورَقٌ من زوارقِ اليَمَن، والجمع من كل
ذلك جُرُومٌ.
والمُدّ يُدْعَى بالحجاز: جَرِيماً. يقال: أَعطيته كذا وكذا جَرِيماً من
الطعام.
وجَرْمٌ: بَطْنانِ بطنٌ في قُضاعة وهو جَرْمُ بنُ زَيَّانَ، والآخر في
طيِّء. وبنو جارِمٍ: بطنانِ بطنٌ في بني ضَبَّة، والآخر في بني سَعْدٍ.
الليث: جَرْمٌ قبيلة من اليمن، وبَنُو جارِمٍ: قومٌ من العرب؛ وقال:
إذا ما رَأَتْ حَرْباً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ
إلى رَمْلِها، والجارمِيُّ عَمِيدُها
(* قوله «إذا ما إلخ» تقدم في عمد: شمساً بدل حرباً والجلهمي بدل
الجارميّ، والذي هناك هو ما في المحكم).
عَبُ الشَّمْس: ضَوْءُها، وقد يثقل، وهو أَيضاً اسم قبيلة.
جعد: الجعد من الشعر: خلاف السبط، وقيل هو القصير؛ عن كراع. شعر جعْد:
بَيِّنُ الجُعودة، جَعُد جُعُودة وجَعادة وتَجَعَّد وجَعَّده صاحبه
تجعيداً، ورجل جعد الشعر: من الجعودة، والأُنثى جعْدة، وجمعهما جعاد؛ قال معقل
بن خويلد:
. . . . وسُود جعاد الرقا
بِ، مثْلَهُمُ يرهَبُ الراهِبُ
(* قوله «وسود» كذا في الأصل بحذف بعض الشطر الأول).
عنى من أَسرت هذيل من الحبشة أَصحاب الفيل، وجمع السلامة فيه أَكثر.
والجَعْد من الرجال: المجتمع بعضه إِلى بعض، والسبط: الذي ليس بمجتمع،
وأَنشد:
قالت سليمى: لا أُحب الجَعْدِين،
ولا السٍّباطَ، إِنهم مَناتِين
وأَنشد ابن الأَعرابي لفُرعان التميمي في ابنه مَنازل حين عقه:
وربَّيْتُه حتى إِذا ما تركتُه
أَخا القوم، واستغنى عن المسح شاربُه
وبالمَحْض حتى آضَ جَعْداً عَنَطْنَطاً،
إِذا قام ساوى غاربَ الفَحْل غارِبُه
فجعله جعداً، وهو طويل عنطنط؛ وقيل: الجَعْدُ الخفيف من الرجال، وقيل:
هو المجتمع الشديد؛ وأَنشد بيت طرفة:
أَنا الرجلُ الجَعْدُ الذي تعرفونه
(* في معلقة طرفة: الرجل الضَّرب).
وأَنشد أَبو عبيد:
يا رُبَّ جَعْدٍ فيهمُ، لو تَدْرِينْ،
يَضْرِبُ ضَرْبَ السّبطِ المقادِيمْ
قال الأَزهري: إِذا كان الرجل مداخَلاً مُدْمَج الخلق أَي معصوباً فهو
أَشد لأَسره وأَخف إِلى منازلة الأَقران، وإِذا اضطرب خلقه وأَفرط في طوله
فهو إِلى الاسترخاءِ ما هو. وفي الحديث: على ناقة جَعْدة أَي مجتمعة
الخلق شديدة. والجَعْد إِذا ذهب به مذهب المدح فله معنيان مستحبان: أَحدهما
أَن يكون معصوب الجوارح شديد الأَسر والخلق غير مسترخ ولا مضطرب، والثاني
أَن يكون شعره جعداً غير سبط لأَن سبوطة الشعر هي الغالبة على شعور
العجم من الروم والفرس، وجُعودة الشعر هي الغالبة على شعور العرب، فإِذا مدح
الرجل بالجعد لم يخرج عن هذين المعنيين. وأَما الجعد المذموم فله أَيضاً
معنيان كلاهما منفي عمن يمدح: أَحدهما أَن يقال رجل جعد إِذا كان قصيراً
متردد الخلق، والثاني أَن يقال رجل جعد إِذا كان بخيلاً لئيماً لا
يَبِضُّ حَجَره، وإِذا قالوا رجل جعد السبوطة فهو مدح، إِلاَّ أَن يكون قَطِطاً
مُفَلْفَلاً كشعر الزَّنج والنُّوبة فهو حينئذ ذم ؛ قال الراجز:
قد تَيَّمَتْنِي طَفْلَةٌ أُمْلُودُ
بِفاحِمٍ، زَيَّنَهُ التَّجْعِيدُ
وفي حديث الملاعنة: إِن جاءت به جَعْداً؛ قال ابن الأَثير: الجعد في
صفات الرجال يكون مدحاً وذمّاً، ولم يذكر ما أَراده النبي، صلى الله عليه
وسلم، في حديث الملاعنة هل جاء به على صفة المدح أَو على صفة الذم. وفي
الحديث: أَنه سأَل أَبا رُهْمٍ الغِفاريّ: ما فَعلَ النَّفَرُ السودُ
الجِعاد؟ ويقال للكريم من الرجال: جعد، فأَما إِذا قيل فلان جَعْد اليدين أَو
جعد الأَنامل فهو البخيل، وربما لم يذكروا معه اليد؛ قال الراجز:
لا تَعْذُلِيني بِضُرُبٍّ جَعْد
(* قوله «بضربّ» كذا بالأصل بالضاد المعجمة، وهذا الضبط. ولعل الصواب
بظرب، بالظاء المعجمة، كعتلّ وهو القصير كما في القاموس).
ورجل جَعْد اليدين: بخيل. ورجل جعد الأَصابع: قصيرها؛ قال:
من فائض الكفين غير جعد
وقَدَمٌ جَعْدَةٌ: قصيرة من لؤمها؛ قال العجاج:
لا عاجِز الهَوْءِ ولا جَعْد القَدَمْ
قال الأَصمعي: زعموا أَن الجعد السخي، قال: ولا أَعرف ذلك. والجعد:
البخيل وهو معروف؛ قال كثير في السخاء يمدح بعض الخلفاء:
إِلى الأَبيضِ الجَعْدِ ابن عاتِكةَ الذي
له فَضْلُ مُلْكٍ، في البرية، غالب
قال الأَزهري: وفي شعر الأَنصار ذكر الجعد، وضع موضع المدح، أَبيات
كثيرة، وهم من أَكثر الشعراء مدحاً بالجعد. وتراب جعد نَدٍ، وثَرىً جعد مثل
ثَعْد إِذا كان ليناً. وجَعُدَ الثرى وتجعَّد: تقبض وتعقد.
وزَبَد جعد: متراكب مجتمع وذلك إِذا صار بعضه فوق بعض على خطم البعير
أَو الناقة، يقال: جعد اللُّغام؛ قال ذو الرمة:
تَنْجُوا إِذا جَعَلت تَدْمَى أَخِشَّتُها،
واعْتَمَّ بالزَّبَدِ الجَعْدِ الخراطيمُ
تنجو: تسرع السير. والنجاء: السرعة. وأَخشتها جمع خِشاش، وهي حَلْقة
تكون في أَنف البعير. وحَيس جَعْد ومُجَعَّد: غليظ غير سبط؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
خِذامِيَّةٌ أَدَتْ لها عَجْوَةُ القُرى،
وتَخْلِطُ بالمأْقُوطِ حَيْساً مُجَعَّدا
رماها بالقبيح يقول: هي مخلطة لا تختار من يواصلها؛ وصِلِّيانٌ جَعْدٌ
وبُهْمَى جعدة بالغوا بهما. الصحاح: والجعد نبت على شاطئِ الأَنهار.
والجعدة: حشيشة تنبت على شاطئِ الأَنهار وتجَعَّدُ. وقيل: هي شجرة
خضراء تنبت في شعاب الجبال بنجد، وقيل: في القيعان؛ قال أَبو حنيفة: الجعدة
خضراء وغبراء تنبت في الجبال، لها رعْثَة مثل رعثة الديك طيبة الريح تنبت
في الربيع وتيبس في الشتاء، وهي من البقول يحشى بها المرافق؛ قال
الأَزهري: الجعدة بقلة برية لا تنبت على شطوط الأَنهار وليس لها رعثة؛ قال: وقال
النضر بن شميل هي شجرة طيبة الريح خضراء، لها قضب في أَطرافها ثمر أَبيض
تحشى بها الوسائد لطيب ريحها إِلى المرارة ما هي، وهي جَهيدة يَصْلُح
عليها المال، واحدتها وجماعتها جَعْدة؛ قال: وأَجاد النضر في صفتها؛ وقال
النضر: الجعاديد والصَّعارير أَوَّل ما تنفتح الأَحاليل باللبَإِ، فيخرج
شيء أَصفر غليظ يابس فيه رخاوة وبلل، كأَنه جبن، فَيَنْدَلِصُ من الطُّبْي
مُصَعْرَراً أَي يخرج مدحرجاً، وقيل: يخرج اللبأُ أَول ما يخرج مصمغاً؛
الأَزهري: الجَعْدة ما بين صِمْغَي الجدي من اللبإِ عند الولادة.
والجعودة في الخد: ضد الأَسالة، وهو ذم أَيضاً. وخدٌّ جعد: غير أَسيل.
وبعير جعد: كثير الوبر جعْده. وقد كني بأَبي الجعد والذئب يكنى أَبا
جَعْدة وأَبا جُعادة وليس له بنت تسمى بذلك؛ قال الكميت يصفه:
ومُسْتَطْعِمٍ يُكْنى بغيرِ بناته،
جَعَلْت له حظّاً من الزادِ أَوفرا
وقال عبيد بن الأَبرص:
وقالوا هي الخمر تُكْنى الطلا،
كما الذئبُ يُكْنى أَبا جَعْدَه
أَي كنيته حسنة وعمله منكر. أَبو عبيد يقول: الذئب وإِن كني أَبا جعدة
ونوِّه بهذه الكنية فإِن فعله غير حسن، وكذلك الطلا وإِن كان خاثراً فإِن
فعله فعل الخمر لإِسكاره شاربه، أَو كلام هذا معناه.
وبنو جَعْدة: حيّ من قيس وهو أَبو حيّ من العرب هو جعدة بن كعب بن ربيعة
بن عامر بن صعصعة، منهم النابغة الجعدي.
وجُعادة: قبيلة؛ قال جرير:
فَوارِسُ أَبْلَوْا في جُعادة مَصْدَقاً،
وأَبْكَوْا عُيوناً بالدُّموع السَّواجِمِ
وجُعَيْد: اسم، وقيل: هو الجعيد بالأَلف واللام فعاملوا الصفة
(* قوله
«فعاملوا الصفة» كذا بالأصل والمناسب فعاملوه معاملة الصفة).
عمرط: العَمَرَّطُ، بتشديد الراء: الشديد الجَسُور. وقيل: الخفيفُ من
الفِتْيانِ، والجمع العَمارِطُ. والعُمْرُوطُ: المارِدُ الــصُّعْلُوكُ الذي
لا يَدَعُ شيئاً إِلا أَخذه، وعمّ بعضهم به اللُّصُوصَ. والعُمْرُوطُ:
اللِّصُّ، والجمع العَمارِيطُ والعَمارِطةُ. وقوم عَمارِطُ: لا شيء لهم،
واحدهم عُمْرُوطٌ.
وعَمْرَطَ الشيءَ: أَخذه.
قرضب: القَرْضبَة: شِدَّة القَطْعِ.
قَرْضَبَ الشيءَ، ولَهْذَمَه: قَطَعه، وبه سمي اللصوص لَهاذِمةً
وقَراضِـبةً، مِن لَهْذَمْتُه وقَرْضَبْتُه إِذا قَطَعْتَه. وسيفٌ قُرْضُوبٌ،
وقِرْضابٌ، ومُقَرْضِبٌ: قَطَّاع. وفي الصحاح: القُرْضُوب والقِرْضابُ:
السيف القاطع يقطع العظام؛ قال لبيد:
ومُدَجَّجِـينَ، تَرَى الـمَعاوِلَ وَسْطَهُم * وذُبابَ كُلّ مُهَنَّدٍ قِرْضابِ
والقُرْضُوبُ والقِرْضابُ: اللِّصُّ، والجمع القَراضِـبةُ. والقُرْضُوبُ والقِرْضابُ أَيضاً: الفقير. والقِرْضابُ: الكثير الأَكل.
والقَراضِـبةُ: الصَّعاليك، واحدُهم قُرْضُوبٌ. والقُرْضُوبُ، والقِرْضابُ، والقِرْضابة، والقُراضِبُ، والـمُقَرْضِبُ: الذي لا يَدَعُ شيئاً إِلاَّ أَكله.
وقيل: القَرْضَبةُ أَن لا يُخَلِّصَ الرَّطْبَ من اليابس، لشدَّةِ نَهَمه.
وقَرْضَبَ الرجلُ إِذا أَكل شيئاً يابساً، فهو قِرْضابٌ؛ حكاه ثعلب،
وأَنشد:
وعامُنا أَعْجَبنا مُقَدَّمُه،
يُدْعى أَبا السَّمْحِ وقِرْضابٌ سُمُه،
مُبْتَرِكاً لكُلِّ عَظْمٍ يَلْحَمُه
وقَرْضَبَ اللحمَ: أَكل جميعَهُ؛ وكذلك قَرْضَبَ الشاةَ الذِّئْبُ.
وقَرْضَبَ اللحمَ في البُرْمة: جَمَعه. وقَرْضَبَ الشيءَ: فَرَّقه، فهو
ضِدٌّ.وقُراضِـبةُ، بضم القاف: موضع؛ قال بشر:
وحَلَّ الـحَيُّ حَيُّ بني سُبَيْعٍ * قُراضِـبةً، ونحن لهم إِطارُ
رفع: في أَسْماء الله تعالى الرافِعُ: هو الذي يَرْفَعُ المؤْمن
بالإِسعاد وأَولياءَه بالتقْرِيب. والرَّفْعُ: ضدّ الوَضْع، رَفَعْته فارْتَفَع
فهو نَقيض الخَفْض في كل شيء، رَفَعه يَرْفَعُه رَفْعاً ورَفُع هو رَفاعة
وارْتَفَع. والمِرْفَع: ما رُفِع به. وقوله تعالى في صفة القيامة:
خافِضةٍ رافِعة؛ قال الزجاج: المعنى أَنها تَخْفِض أَهل المعاصي وتَرْفَع أَهل
الطاعة. وفي الحديث: إِنّ اللهَ تعالى يَرفع العَدْلَ ويَخْفِضُه؛ قال
الأَزهري: معناه أَنه يرفع القِسط وهو العَدل فيُعْلِيه على الجَوْرِ
وأَهله، ومرة يخْفِضه فيُظهر أَهلَ الجور على أَهل العدل ابْتلاءً لخلقه، وهذا
في الدنيا والعاقبةُ للمتقين.
ويقال: ارْتَفَعَ الشيءُ ارْتِفاعاً بنفسه إِذا عَلا. وفي النوادر: يقال
ارتفع الشيءَ بيده ورَفَعَه. قال الأَزهري: المعروف في كلام العرب
رَفَعْت الشيءَ فارتفع، ولم أَسمع ارتفع واقعاً بمعنى رَفَع إِلاَّ ما قرأْته
في نوادر الأعراب.
والرُّفاعة، بالضم، ثوب تَرْفَع به المرأَة الرَّسْحاء عَجِيزتَها
تُعظِّمها به، والجمع الرفائعُ؛ قال الراعي:
عِراضُ القَطا لا يَتَّخِذْن الرَّفائعا
والرفاع: حبل
(* قوله «والرفاع حبل» كذا بالأصل بدون هاء تأنيث وهو عين
ما بعده.) يُشدُّ في القيد يأْخذه المُقَيَّد بيده يَرْفَعُه إِليه.
ورُفاعةُ المُقيد: خيط يرفع به قيدَه إِليه. والرَّافِعُ من الإِبل: التي
رَفَعت اللِّبَأَ في ضَرْعِها؛ قال الأَزهري: يقال للتي رَفَعَت لبنَها فلم
تَدِرَّ رافِعٌ، بالراء، فأَما الدَّافِعُ فهي التي دَفَعت اللبأَ في
ضرعها. والرَّفْع تَقرِيبك الشيء من الشيء. وفي التنزيل: وفُرُشٍ مَرْفوعة؛
أَي مُقَرَّبةٍ لهم، ومن ذلك رَفَعْتُه إِلى السلطان، ومصدره الرُّفعان،
بالضم؛ وقال الفراء: وفرش مرفوعة أَي بعضها فوق بعض. ويقال: نساء
مَرْفُوعات أَي مُكَرَّمات من قولك إِن الله يَرْفَع من يَشاء ويَخْفِضُ.ورفَعَ
السَّرابُ الشخص يَرْفَعُه رَفْعاً: زَهاه. ورُفِعَ لي الشيء: أَبصرته من
بُعْد؛ وقوله:
ما كان أَبْصَرَنِي بِغِرَّاتِ الصِّبا،
فاليَوْمَ قَد رُفِعَتْ ليَ الأَشْباحُ
قيل: بُوعِدت لأَني أَرى القريب بعيداً، ويروى: قد شُفِعت ليَ الأَشْباح
أَي أَرى الشخص اثنين لضَعْف بصري، وهو الأَصح، لأَنه يقول بعد هذا:
ومَشَى بِجَنْبِ الشخْصِ شَخْصٌ مِثْلُه،
والأَرضُ نائِيةُ الشخُوصِ بَراحُ
ورافَعْتُ فلاناً إِلى الحاكم وتَرافَعْنا إِليه ورفَعه إِلى الحَكَمِ
رَفْعاً ورُفْعاناً ورِفْعاناً: قرّبه منه وقَدَّمه إِليه ليُحاكِمَه،
ورَفَعْتُ قِصَّتي: قَدَّمْتُها؛ قال الشاعر:
وهم رَفَعُوا لِلطَّعْن أَبْناء مَذْحِجٍ
أَي قدَّمُوهم للحرب؛ وقول النابغة الذبياني:
ورَفَعَته إِلى السِّجْفَيْنِ فالنَّضَدِ
(* قوله: رفَعَته؛ في ديوان النابغة رفَّعته بتشديد الفاء.)
أَي بَلَغَتْ بالحَفْر وقَدَّمَتْه إِلى موضع السِّجْفَيْنِ، وهما
سِتْرا رُواقِ البيت، وهو من قولك ارْتَفَع الشيء أَي تقدَّم، وليس هو من
الارْتِفاعِ الذي هو بمعنى العُلُوّ، والسيرُ المَرْفُوعُ: دون الحُضْر وفوق
المَوْضُوعِ يكون للخيل والإِبل، يقال: ارْفَعْ من دابَّتك؛ هذا كلام
العرب. قال ابن السكيت: إِذا ارتفع البعير عن الهَمْلَجة فذلك السير
المَرْفُوعُ، والرَّوافِعُ إِذا رفَعُوا في مَسيرهم. قال سيبويه: المَرْفُوعُ
والمَوْضُوعُ من المصادر التي جاءت على مَفْعول كأَنه له ما يَرْفَعُه وله
ما يَضَعُه. ورفَع البعيرُ في السير يَرْفَع، فهو رافعٌ أَي بالَغَ وسارَ
ذلك السيرَ، ورفَعَه ورفَع منه: ساره، كذلك، يَتعدّى ولا يتعدّى؛ وكذلك
رَفَّعْتُه تَرْفِيعاً. ومَرْفُوعها: خلاف مَوْضُوعِها، ويقال: دابة له
مَرْفُوع ودابة ليس له مَرْفُوع، وهو مصدر مثل المَجْلُود والمَعْقُول:
قال طرفة:
مَوْضُوعُها زَوْلٌ، ومَرْفُوعها
كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وسْطَ رِيح
قال ابن بري: صواب إِنشاده:
مرفوعها زول، وموضوعها
كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وسْطَ رِيح
والمرفوعُ: أَرفع السير، والمَوضُوع دونه، أَي أَرْفَعُ سيرها عَجَب لا
يُدْرك وصْفُه وتشبيهُه، وأَمّا موضوعها وهو دون مرفوعها، فيدرك تشبيهه
وهو كمرّ الريح المُصوِّتة، ويروى: كمرّ غَيْثٍ. وفي الحديث: فَرَفَعْتُ
ناقتي أَي كلّفْتها المَرْفُوع من السير، وهو فوق الموضوع ودون العَدْو.
وفي الحديث: فرَفَعْنا مَطِيَّنا ورَفَع رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
مَطِيَّتَه وصَفِيَّةُ خَلْفَه. والحمار يُرَفِّع في عَدْوه تَرْفِيعاً،
ورفَّع الحِمار: عَدا عَدْواً بعضُه أَرْفع من بعض. وكلُّ ما قدَّمْتَه،
فقد رَفَّعْته. قال الأَزهري: وكذلك لو أَخذت شيئاً فرَفَعْتَ الأَوّل،
فالأَوّل رفَّعْته ترفيعاً.
والرِّفْعة: نقيض الذِّلّة. والرِّفْعة: خلاف الضّعة، رَفُع يَرْفُع
رَفاعة، فهو رَفيع إِذا شَرُف، والأُنثى بالهاء. قال سيبويه: لا يقال رَفُع
ولكن ارْتَفَع، وقوله تعالى: في بيوت أَذِنَ الله أَن تُرْفَع؛ قال
الزجاج: قال الحسن تأْويل أَن تُرفع أَنْ تُعَظَّم؛ قال: وقيل معناه أَن
تُبْنَى، كذا جاء في التفسير. الأَصمعي: رَفَع القومُ، فهُم رافِعُون إِذا
أَصْعَدُوا في البلاد؛ قال الراعي:
دَعاهُنَّ داعٍ للخَرِيفِ، ولم تَكُنْ
لَهُنَّ بِلاداً، فانْتَجَعْنَ روافِعا
أَي مُصْعِداتٍ؛ يريد لم تكن تلك البلادُ التي دعَتْهن لهُنّ بِلاداً.
والرَّفِيعةُ: ما رُفِعَ به على الرَّجل، ورَفَعَ فلان على العامل
رَفِيعة: وهو ما يَرْفَعُه من قَضِيَّة ويُبَلِّغها. وفي الحديث: كلُّ رافِعةٍ
رَفَعتْ عَلَيْنا من البَلاغِ فقد حَرَّمْتُها أَن تُعْضَد أَو تُخْبَط
إِلاَّ لعُصْفُورِ قَتَبٍ أَو مَسْنَدِ مَحالةٍ، أَي كلُّ نفْس أَو جماعة
مُبلِّغة تُبَلِّغ وتُذِيعُ عنا ما نقوله فَلْتُبَلّغْ ولتَحْك أَنّي قد
حَرَّمْت المدينة أَن يُقْطَع شجرها أَو يُخْبَط ورَقُها، وروي: من
البُلاَّغِ، بالتشديد، بمعنى المُبَلِّغين كالحُدّاثِ بمعنى المُحدِّثِين؛
والرَّفْع هنا من رَفَع فلان على العامل إِذا أَذاع خبره وحكى عنه. ويقال:
هذه أَيامُ رَفاعٍ ورِفاعٍ، قال الكسائي: سمعت الجَرامَ والجِرامَ
وأَخَواتها إِلا الرِّفاع فإِني لم أَسمعها مكسورة، وحكى الأَزهري عن ابن
السكيت قال: يقال جاء زَمَنُ الرَّفاعِ والرِّفاعِ إِذا رُفِعَ الزَّرْعُ،
والرَّفاعُ والرِّفاعُ: اكْتِنازُ الزَّرعِ ورَفْعُه بعد الحَصاد. ورَفَع
الزَّرعَ يَرْفَعُه رَفْعاً ورَفاعة ورَفاعاً: نقله من الموضع الذي
يَحْصِدُهُ فيه إِلى البَيْدر؛ عن اللحياني: وبَرْقٌ رافع: ساطعٌ؛ قال
الأَحوص:أَصاحِ أَلم تَحْزُنْك رِيحٌ مَرِيضةٌ،
وبَرْقٌ تَلالا بالعَقِيقَيْنِ رافِعُ؟
ورجل رَفِيعُ الصوتِ أَي شريف؛ قال أَبو بكر محمد بن السَّرِيّ: ولم
يقولوا منه رَفُع؛ قال ابن بري: هو قول سيبويه، وقالوا رَفِيع ولم نَسمعهم
قالوا رَفُع. وقال غيره: رَفُعَ رِفْعة أَي ارْتَفَعَ قَدْرُه. ورَفاعةُ
الصوت ورُفاعتُه، بالضم والفتح: جَهارَتُه. ورَجل رَفِيعُ الصوت:
جَهِيرُه. وقد رَفُع الرجل: صار رَفِيع الصوتِ. وأَمّا الذي ورد في حديث
الاعتكاف: كان إِذا دخل العَشْرُ أَيْقظَ أَهلَه ورَفَع المِئْزَر، وهو تشميره عن
الإِسبال، فكناية عن الاجْتهاد في العِبادة؛ وقيل: كُنِي به عن اعْتِزال
النساء. وفي حديث ابن سلام: ما هلَكت أُمّة حتى يُرْفَع القُرآنُ على
السلطان أَي يتَأَوَّلونه ويَرَوْن الخروج به عليه.
والرَّفْعُ في الإِعراب: كالضمّ في البِناء وهو من أَوضاع النحويين،
والرَّفعُ في العربية: خلاف الجر والنصب، والمُبْتَدأُ مُرافِع للخبر لأَنَّ
كل واحد منهما يَرْفَع صاحبه.
ورِفاعةُ، بالكسر: اسم رجل. وبنو رِفاعةَ: قبيلة. وبنو رُفَيْع: بطن.
ورافِع: اسم.
سأل: سَأَلَ يَسْأَلُ سُؤَالاً وسَآلَةً ومَسْأَلةً وتَسْآلاً وسَأَلَةً
(* قوله «وسأله» ضبط في الأصل بالتحريك وهو كذلك في القاموس وشرحه؛
وقوله قال أبو ذؤيب: أساءلت، كذا في الأصل، وفي شرح القاموس: وساءله مساءلة،
قال أبو ذؤيب إلخ) قال أَبو ذؤيب:
أَساءَلْتَ رَسْمَ الدَّار، أَم لم تُسائِل
عن السَّكْنِ، أَم عن عَهْده بالأَوائِل؟
وسَأَلْتُ أَسْأَل وسَلْتُ أَسَلُ، والرَّجُلانِ يَتَساءَلانِ
ويَتَسايَلانِ، وجمع المَسْأَلة مَسائِلُ بالهمز، فإِذا حذفوا الهمزة قالوا
مَسَلَةٌ. وتَساءلوا: سَأَل بعضُهم بعضاً. وفي التنزيل العزيز: واتَّقُوا الله
الذي تَسَّاءََلون به والأَرحام، وقرئ: تَساءَلُون به، فمن قرأَ
تَسَّاءَلون فالأَصل تَتَساءَلون قلبت التاء سيناً لقرب هذه من هذه ثم أُذغمت
فيها، قال: ومن قرأَ تَسَاءَلون فأَصله أَيضاً تَتَساءَلون حذفت التاء
الثانية كراهية للإِعادة، ومعناه تَطْلُبون حقوقَكم به. وقوله تعالى: كان على
ربك وَعْداً مَسْؤولاً؛ أَراد قولَ الملائكة: رَبَّنا وأَدْخِلْهُم
جَنَّات عَدْنٍ التي وعَدْتَهم (الآية)؛ وقال ثعلب: معناه وَعْداً مسؤولاً
إِنْجازُه، يقولون ربنا قد وعَدْتَنا فأَنْجِزْ لنا وعدَك. وقوله عز وجل:
وقَدَّر فيها أَقواتَها في أَربعة أَيام سَواءً للسائلين؛ قال الزجاج:
إِنما قال سَواءً للسائلين لأَن كُلاًّ يطلب القُوتَ ويَسْأَله، وقد يجوز
أَن يكون للسائلين لمن سَأَل في كم خُلِقَت السمواتُ والأَرضُ، فقيل خلقت
الأَرض في أَربعة أَيام سواءً لا زيادة ولا نقصان، جواباً لمن سَأَل.
وقوله عز وجل: وسوف تُسأَلون؛ معناه سوف تُسأَلون عن شكر ما خلقه الله لكم من
الشرف والذكر، وهما يَتَساءلان. قال: فأَما ما حكاه أَبو علي عن أَبي
زيد من قولهم اللهم أَعْطنا سَأَلاتِنا، فإِنما ذلك على وَضْع المصدر موضَع
الاسم، ولذلك جُمِع، وقد يخفف على البدل فيقولون سَال يَسال، وهما
يَتَساوَلانِ، وقرأَ نافع وابن عمر سال، غير مَهموز، سائلٌ، وقيل: معناه بغير
همز: سال والدٍ بعذاب واقع، وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو والكوفيون: سَأَل
سائلٌ، مهموز على معنى دَعا داعٍ. الجوهري: سَأَلَ سائِلٌ بعذاب واقع؛
أَي عن عذاب واقع. قال الأَخفش: يقال خَرَجْنا نَسْأَل عن فلان وبفلان، وقد
يخفف فيقال سالَ يَسال؛ قال الشاعر:
ومُرْهَقٍ، سالَ إِمْتاعاً بأُصْدتِه،
لم يَسْتَعِنْ وحَوامي الموتِ تَغْشاهُ
والأَمر منه سَلْ بحركة الحرف الثاني من المستقبل، ومن الأَول اسْأَل؛
قال ابن سيده: والعرب قاطبة تحذف الهمز منه في الأَمر، فإِذا وصلوا بالفاء
أَو الواو هَمَزوا كقولك فاسْأَلْ واسْأَلْ؛ قال: وحكى الفارسي أَن أَبا
عثمان سَمع من يقول إِسَلْ، يريد اسْأَلْ، فيحذف الهمزة ويُلقى حركتها
على ما قبلها، ثم يأْتي بأَلف الوصل لأَن هذه السين وإِن كانت متحرّكة فهي
في نية السكون، وهذا كقول بعض العرب الاحْمَر فيخفف الهمزة بأَن يحذفها
ويلقي حركتها على اللام قبلها؛ فأَما قول بلال بن جرير:
إِذا ضِفْتَهُم أَو سايَلْتَهُمْ،
وجَدْتَ بهم عِلَّةً حاضِرَه
فإِن أَحمد بن يحيى لم يَعْرِفْه، فلما فَهِم قال: هذا جَمْعٌ بين
اللغتين، فالهمزة في هذا هي الأَصل، وهي التي في قولك سأَلْت زيداً، والياء هي
العوض والفرع، وهي التي في قولك سايَلْت زيداً، فقد تراه كيف جمع بينهما
في قوله سايَلْتَهم قال: فوزنه على هذا فَعايَلْتَهم، قال: وهذا مثال لا
يُعْرَف له في اللغة نظير. وقوله عز وجل: وَقِفُوهم إِنهم مسؤولون؛ قال
الزجاج: سُؤَالُهم سُؤَالُ توبيخ وتقرير لإِيجاب الحجة عليهم لأَن الله
جل ثناؤه عالم بأَعمالهم. وقوله: فيومئذ لا يُسْأَل عن ذنبه إِنس ولا
جانٌّ؛ أَي لا يُسْأَل ليُعْلم ذلك منه لأَن الله قد علم أَعمالهم. والسُّول:
ما سأَلَتْه. وفي التنزيل العزيز: قال قد أُوتِيتَ سُؤْلَك يا موسى؛ أَي
أُعْطِيت أُمْنِيَّتك التي سَأَلْتها، قرئ بالهمز وغير الهمز.
وأَسْأَلْته سُولَتَه ومَسْأَلته أَي قَضَيت حاجته؛ والسُّولة: كالسُّول؛ عن ابن
جني، وأَصل السُّول الهمز عند العرب، اسْتَثْقَلوا ضَغْطَة الهمزة فيه
فتكلموا به على تخفيف الهمزة، وسنذكره في سول، وسَأَلْته الشيءَ وسَأَلْته
عن الشيء سُؤالاً ومَسْأَلة؛ قال ابن بري: سَأَلته الشيءَ بمعنى
اسْتَعْطَيته إِياه، قال الله تعالى: ولا يَسْأَلْكم أَمْوالكم. وسأَلْته عن
الشيء: استخبرته، قال: ومن لم يهمز جعله مثل خاف، يقول: سِلْته أَسْالُه فهو
مَسُولٌ مثلِ خِفْتُه أَخافه فهو مَخُوف، قال: وأَصله الواو بدليل قولهم
في هذ اللغة هما يَتَساولان. وفي الحديث: أَعْظَمُ المسلمين في المسلمين
جُرْماً من سَأَلَ عن أَمر لم يُحَرَّم فحُرِّم على الناس من أَجل
مَسْأَلته؛ قال ابن الأَثير: السؤال في كتاب الله والحديث نوعان: أَحدهما ما
كان على وجه التبيين والتعلم مما تَمَسُّ الحاجة إِليه فهو مباح أَو مندوب
أَو مأْمور به، والآخر ما كان على طريق التكلف والتعنُّت فهو مكروه
ومَنْهِيٌّ عنه، فكل ما كان من هذا الوجه ووقع السكوت عن جوابه فإِنما هو
رَدْعٌ وزَجْرٌ للسائل، وإِن وقع الجواب عنه فهو عقوبة وتغليظ. وفي الحديث:
كَرِه المسائلَ وعابَها؛ أَراد المسائل الدقيقة التي لا يُحتاج إِليها.
وفي حديث المُلاعَنة: لما سأَله عاصم عن أَمر من يجد مع أَهله رَجُلاً
فأَظْهَر النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، الكراهة في ذلك إِيثاراً لستر العورة
وكراهة لهَتْك الحُرْمة. وفي الحديث: أَنه نهى عن كثرة السُّؤال؛ قيل: هو
من هذا، وقيل: هو سُؤال الناس أَموالهم من غير حاجة.
ورجُلٌ سُؤَلةٌ: كثير السُّؤال. والفقير يسمى سائلاً، وجَمْعُ السائل
(*
قوله «وجمع السائل إلخ» عبارة شرح القاموس: وجمع السائل سألة ككاتب
وكتبة وسؤال كرمّان) الفقير سُؤّال. وفي الحديث: للسائِل حَقٌّ وإِن جاء على
فَرَس؛ السائل: الطالب، معناه الأَمر بحُسْن الظن بالسائل إِذا تَعَرَّض
لك، وأَن لا تجيبه
(* قوله «وأن لا تجيبه» هكذا في الأصل، وفي النهاية:
وأن لا تجيبه) بالتكذيب والردِّ مع إِمكان الصدق أَي لا تُخَيِّب السائلَ
وإِن رابَك مَنْظَرُه وجاء راكباً على فرس، فإِنه قد يكون له فرس ووراءه
عائلة أَو دَيْن يجوز معه أَخذ الصَّدَقة، أَو يكون من الغُزاة أَو من
الغارمين وله في الصدقة سَهْم.
صقع: صَقَعَه يَصْقَعُه صَقْعاً: ضربه بِبَسْطِ كفِّه. وصَقَع رأْسَه:
علاه بأَيِّ شيءٍ كان؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وعَمْرُو بنُ هَمّامٍ صَقَعْنا جَبينَه
بشَنْعاءَ، تَنْهَى نَخْوَةَ المُتَظَلِّمِ
المُتَظَلِّمُ هنا: الظالِمُ. وفي الحديث: من زَنَى مِنَ امْبِكْر
فاصْقَعُوه مائة أَي اضربوه، هو من ذلك؛ وقوله مِنَ امْبِكْر لغة أَهل اليمن
يُبْدلُون لام التعريف ميماً؛ ومنه الحديث أَيضاً: أَن مُنْقِذاً صُقِعَ
آمّةً في الجاهلية أَي شُجَّ شَجَّةً بلغَتْ أُمَّ رأْسِه. وصُقِعَ الرجل
آمّةً: وهي التي تبلُغ أُمَّ الدِّماغِ، وقد يُسْتَعارُ ذلك للظهر؛ قال
في صفة السيوف:
إِذا اسْتُعِيرَتْ مِنْ جُفُونِ الأَغْماد،
فَقَأْنَ بالصَّقْعِ يَرابِيعَ الصَّاد
أَراد الصيد. وقيل: الصَّقْعُ ضربُ الشيء اليابس المُصْمَتِ بمثله
كالحجر بالحجر ونحوه، وقيل: الصَّقْعُ الضربُ على كل شيء يابس؛ قال
العجاج:صَقْعاً إِذا صابَ اليَآفِيخَ احْتَقَرْ
وصُقِعَ الرجل: كصُعِقَ، والصاقِعةُ كالصاعِقةِ؛ حكاه يعقوب؛ وأَنشد:
يَحْكُونَ، بالمَصْقُولةِ القَواطِعِ،
تَشقُّقَ البَرْقِ عنِ الصَّواقِعِ
ويقال: صَقَعَتْه الصاقِعةُ. قال الفراء: تميم تقول صاقِعةٌ في صاعِقةٍ؛
وأَنشد لابن أَحمر:
أَلم تَرَ أَنَّ المجرمينَ أَصابَهُم
صَواقِعُ، لا بلْ هُنَّ فوقَ الصَّواقِعِ؟
والصقِيعُ: الجلِيدُ؛ قال:
وأَدْرَكَه حُسامٌ كالصَّقِيعِ
وقال:
تَرَى الشَّيبَ، في رأْسِ الفرَزْدَقِ، قد عَلا
لهازِمَ قِرْدٍ رَنَّحَتْه الصَّواقِعُ
وقال الأَخطل:
كأَنَّما كانوا غُراباً واقِعا،
فَطارَ لَمّا أَبْصَرَ الصَّواقِعا
والصقِيعُ: الذي يَسْقُطُ من السماء بالليل شَبيهٌ بالثلج.
وصُقِعَتِ الأَرض وأُصْقِعَتْ فهي مصقوعةٌ: أَصابَها الصقِيعُ. ابن
الأَعرابي: صُقِعَتِ الأَرضُ وأُصْقِعْنا، وأَرضٌ صَقِعةٌ ومَصْقوعةٌ، وكذلك
ضُرِبَتِ الأَرضُوأُضْرِبْنا وجُلِدَت وأُجْلِدَ الناسُ، وقد ضُرِبَ
البَقْلُ وجُلِدَ وصُقِعَ، ويقال: أَصْقَعَ الصقِيعُ الشجرَ، والشجرُ صَقِعٌ
ومُصْقَعٌ. وأَصبحتِ الأَرضُ صَقِعةً وضَرِبةً.
والصَقَعُ: الضلالُ والهلاكُ.
والصِّقِعُ: الغائبُ البعيدُ الذي لا يُدْرَى أَين هو، وقيل: الذي قد
ذهَب فنزل وحده؛ وقوْلُ أَوْس أَنشده ابن الأَعرابي:
أَأَبا دُلَيْجةَ، مَنْ لِحَيٍّ مُفْرَدٍ،
صَقِعٍ من الأَعْداءِ في شَوّالِ؟
صَقِع: مُتَنَحٍّ بعِيد من الأَعداء، وذلك أَن الرجل كان إِذا اشتدَّ
عليه الشتاء تَنَحَّى لئلا ينزل به ضيف. وقوله في شوّال يعني أَن البَرْد
كان في شوّال حين تنحى هذا المُتَنَحِّي. والأَعداءُ: الضَّيفانُ
الغُرَباءُ.
وقد صَقِعَ أَي عَدَلَ عن الطريق. والصاقِعُ: الذي يَصْقَعُ في كل
النواحي.
وصَوْقَعةُ الثرِيد: وَقْبَتُه، وقيل: أَعلاه. وصَقَعَ الثرِيدَ
يَصْقَعُه صَقْعاً: أَكَله من صَوْقَعتِه؛ وصنع رجل لأَعرابيّ ثريدة يأْكلُها ثم
قال: لا تَصْقَعْها ولا تَشْرِمْها ولا تَقْعَرْها، قال: فمن أَين آكُل
لاأَبا لَك تَشْرِمْها تَخْرِقْها، وتَقْعَرْها تأْكل من أَسْفَلها.
وصَوْقَعَ الثريدةَ إِذا سطَحَها، قال: وصَوْمَعَها وصَعْنَبَها إِذا
طَوَّلها.
والصَّوْقَعةُ: ما نَتَأَ من أَعلى رأْسِ الإِنسانِ والجبل.
والصَّوْقَعَةُ: ما بقي الرأْسَ من العِمامةِ والخِمارِ والرِّداءِ. والصَّوْقَعةُ:
خِرْقةٌ تُقْعَدُ في رَأْسِ الهَوّدَجِ يُصَفِّقُها الريحُ. والصَّوْقَعةُ
والصِّقاعُ، جميعاً: خِرْقة تكون على رأْس المرأَة تُوَقِّي بها الخِمار
من الدُّهْنِ، وربما قيل للبرقع صِقاعٌ. والصَّوْقَعةُ من لبُرْقُع:
رأْسُه، ويقال لِكَفِّ عَيْنِ البُرْقُع الضِّرْسُ ولِخَيْطَيْه
لشِّبامانِ.والصِّقاعُ: الذي يَلي رأْسَ الفَرَسِ دون البُرْقُعِ الأَكبر.
والصِّقاعُ: ما يُشَدُّ به أَنف الناقة إِذا أَرادوا أَن تَرْأَمَ ولدها أَو ولد
غيرها؛ قال القطامي:
إِذا رَأْسٌ رَأيْتُ به طِماحاً،
شَدَدْت له الغَمائِمَ والصِّقاعا
قال أَبو عبيد: يقال للخرقة التي تُشَدُّ بها الناقةُ إِذا ظُئِرَتِ
الغِمامةُ، والتي يُشَدُّ بها عيناها الصِّقاعُ، وقد ذكر ذلك في ترجمة درج.
والصِّقاعُ: صِقاعُ الخِباءِ، وهو أَن يُؤْخَذ حَبْل فيُمدّ على أَعلاه
ويُوَتَّرَ ويُشدَّ طرَفاه إِلى وَتِدَيْنِ رُزّا في الأَرض، وذلك إِذا
اشتدَّت الريح فخافوا تَقَوُّضَ الخِباء. والعرب تقول: اصْقَعُوا بيتكم فقد
عَصَفتِ الريحُ، فَيَصْقَعُونه بالحبْل كما وصفته. والصِّقاعُ: حديدة تكون
في موضع الحكَمَةِ من اللِّجامِ؛ قال ربيعة ابن مقروم الضَّبِّي:
وخَصْمٍ يَرْكَبُ العَوْصاءَ طاطٍ
عن المُثْلَى، غُناماهُ القِذاعُ
طَمُوحِ الرأْسِ كُنْتُ له لِجاماً،
يُخَيِّسُه له منه صِقاعُ
ويقال: صَقَعْتُه بِكَيٍّ أَي وسَمْتُه على رأْسه أَو وجهه.
والأَصْقَعُ من الطير والخيل وغيرهما: ما كان على رأْسه بياض؛ قال:
كأَنَّها، حِينَ فاضَ الماءُ واحْتَفَلَتْ
صَقْعاءُ، لاحَ لها بالقَفْرَةِ الذِّيبُ
يعني العُقابَ. وعُقابٌ أَصْقَعُ إِذا كان في رأْسِه بياض؛ قال ذو
الرمة:من الزُّرْقِ أَو صُقْعٍ كأَنَّ رُؤُوسَها،
من القِهْزِ والقُوهِيِّ، بِيضُ المَقانِعِ
وظليم أَصْقَعُ: قد ابْيَضَّ رأْسُه. ونعامة صَقْعاءُ: في وسط رأْسها
بياض على أَيّةِ حالاتِها كانت. والأَصْقَعُ: طائر كالعُصْفور في ريشه ورأْسه
بياض، وقيل: هو كالعصفور في ريشه خُضْرةٌ ورأْسه أَبيض، يكون بِقُرْبِ
الماءِ، إِن شِئت كسَّرته تكسيرَ الأَسماء لأَنه صفة غابة، وإِن شئت كسرته
على الصفة لأَنها أَصله، وقيل: الأَصْقَعُ طائر وهو الصُّفارِيّةُ؛ قاله
قطرب.وقال أَبو حاتم: الصَّقْعاءُ دُخَّلةٌ كَدْراءُ اللَّوْنِ صغيرة
رأْسها أَصفر قصيرةُ الزِّمِكَّى. أَبو الوازع: الصُّقْعَةُ بياض في وسط رأْس
الشاة السوداء ومَوْضِعُها من الرأْس الصَّوْقَعةُ. وصَقَعْتُه: ضربته
على صَوْقَعَتِه؛ قال رؤبة:
بالمَشْرَفِيَّاتِ وطَعْنٍ وَخْزِ،
والصَّقْعِ من خابِطَةٍ وجُرْزِ
وفرسٌ أَصقَعُ: أَبيضُ أَعلى الرأْسِ. والأَصْقَعُ من الفرس: ناصِيَتُه،
وقيل: ناصيته البيضاء.
والصَّقْعُ: رَفْعُ الصوْتِ. وصَقَعَ بصوته يَصْقَعُ صَقْعاً وصُقاعاً:
رفَعه. وصَقْعُ الدِّيكِ: صوْتُه، والصقِيعُ أَيضاً صوتُه. وقد صَقَعَ
الدِّيكُ يَصْقَعُ أَي صاح.
والصُّقْعُ: ناحيةُ الأَرضِ والبيت. وصُقْعُ الرَّكِيّةِ: ما حَوْلَها
وتحتها من نواحيها، والجمع أَصْقاعٌ؛ وقوله:
قُبِّحْتِ من سالِفةٍ ومن صُدُغْ،
كأَنَّها كُشْيَةُ ضَبٍّ في صُقُعْ
إِنما معناه في ناحية، وجمع بين العين والغين لتقارب مخرجيهما، وبعضهم
يرويه في صُقُغ، بالغين؛ قال ابن سيده: فلا أَدْرِي أَهو هَرَبٌ من
الإِكْفاءِ أَم الغين في صُقُغ وضع، وزعم يونس أَن أَبا عمرو بن العلاء رواه كذلك
وقال، أَعني أَبا عمرو: لولا ذلك لم أَروِها، قال ابن جني: فإِذا كان
الأَمر على ما رواه أَبو عمرو فالحال ناطقة بأَن في صُقع لغتين: العين والغين
جميعاً، وأَن يكون إِبدال الحرف للحرف. وفلان من أَهل هذا الصُّقْعِ أَي
من أَهل هذه الناحية.
وخَطِيبٌ مِصْقَعٌ: بَلِيغٌ؛ قال قيس بن عاصم:
خُطَباءُ حِينَ يَقُومُ قائِلُنا،
بِيضُ الوُجُوهِ، مَصاقِعٌ لُسن
قيل: هو من رَفْعِ الصَّوْتِ، وقيل: يذهب في كل صُقْعٍ من الكلام أَي
ناحية، وهو للفارسي. ابن الأَعرابي: الصَّقْعُ البلاغة في الكلام والوُقُوعُ
على المعاني. والصَّقْعُ: رَفْعُ الصَّوْتِ؛ قال الفرزدق:
وعُطارِدٌ وأَبوه مِنْهم حاجِبٌ،
والشَّيْخُ ناجِيةُ الخِضَمُّ المِصْقَعُ
وفي حديث حذيفة بن أُسَيْدٍ: شَرُّ الناسِ في الفِتْنةِ الخطيبُ
المِصْقَعُ أَي البلِيغُ الماهِرُ في خطبته الداعي إِلى الفِتَن الذي يُحرِّضُ الناس
عليها، وهو مِفْعَلٌ من الصَّقْعِ رَفْعِ الصَّوْتِ ومُتابَعَتِه،
ومِفْعَلٌ من أَبنية المبالغة.
والعرب تقول: صَهْ صاقِعُ تَقوله للرجل تَسْمَعُه يَكْذِبُ أَي اسكُتْ
يا كَذَّابُ فقد ضَلَلْتَ عن الحقِّ. والصاقِعُ: الكَذَّابُ. وصَقَع في كل
النَّواحِي يَصْقَعُ: ذَهَبَ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وعَلِمْتُ أَني إِنْ أُخِذْتُ بِحِيلَةٍ،
نَهِشَتْ يَدايَ إِلى وَجَى لَمْ يَصْقَعِ
(* قوله«نهشت يداي إِلى وجى كذا بالأصل ولعله بهشت.)
هو من هذا أَي لم يذهب عن طريق الكلام. ويقال: ما أَدْرِي أَين صَقَعَ
وبَقَعَ أَي ما أَدْرِي أَينَ ذَهَبَ، قَلَّما يُتكلم به إِلاَّ بحرف
النفي. وما أَدري أَين صَقَعَ أَي ما أَدري أَين توجه؛ قال:
و صُعْلُوكٌ تَشَدَّدَ هَمُّه
عليه، وفي الأَرض العَرِيضةِ مَصْقَعُ
أَي مُتَوَجَّه. وصَقَعَ فلانٌ نحو صُقْعِ كذا وكذا أَي قَصَدَه.
وصَقِعَتِ الرَّكيَّةُ تَصْقَعُ صَقَعاً: انهارت كصَعِقَتْ. والصَّقَعُ:
القَزَعُ في الرأْس، وقيل: هو ذَهابُ الشعر، وكل صاد وسين تجيءُ قبل القاف
فللعرب فيها لغتان: منهم من يجعلها سيناً، ومنهم من يجعلها صاداً، لا يبالون
متصلة كانت بالقاف أَو منفصلة، بعد أَن تكونا في كلمة واحدة، إِلاَّ أَنَّ
الصاد في بعض أَحْسَنُ والسين في بعض أَحسن.
والصَّقَعِيُّ: الذي يُولَدُ في الصَّفَرِيَّة. ابن دريد: الصَّقَعِيُّ
الحُوار الذي يُنْتَجُ في الصَّقِيعِ وهو من خير النِّتاجِ؛ قال الراعي:
خَراخِرُ تُحْسِبُ الصَّقَعِيَّ، حتى
يَظَلّ يَقُرّه الرَّاعِي سِجالا
الخَراخِرُ: الغَزِيراتُ، الواحِدةُ خِرْخِرةٌ، يعني أَنَّ اللبن يكثر
حتى يأْخذه الراعي فيصبه في سقائه سجالاً سجالاً. قال: والإِحْسابُ
الإِكْفاءُ. وقال أَبو نصر: الصَّقَعِيُّ أَوَّلُ النِّتاج، وذلك حين تَصْقَعُ
الشمسُ فيه رؤُوسَ البَهْمِ صَقْعاً، قال: وبعض العرب تسميه الشَّمْسِيّ
والقَيْظِيَّ ثم الصَّفَرِيُّ بعد الصَّقَعِيّ، وأَنشد بيت الراعي. قال
أَبو حاتم: سمعت طائِفِيّاً يقول لِزُنْبُورٍ عندهم: الصقيعُ والصَّقِعُ
كالغَمِّ يأْخذ بالنفْس من شدَّة الحر؛ قال سويد بن أَبي كاهل:
في حُرُورٍ يَنْضَجُ اللحمُ بها،
يأْخُذُ السائِرَ فيها كالصَّقَعْ
والصَّقْعاءُ: الشمس. قالت ابنة أَبي الأَسود الدُّؤَليّ لأَبيها في يوم
شديد الحر: يا أَبت ما أَشدُّ الحر؛ قال: إِذا كانت الصَّقْعاءُ من
فوْقِكِ والرَّمْضاءُ من تحتِك، فقالت: أَرَدْتُ أَن الحرَّ شديدٌ، قال: فقولي
ما أَشدَّ الحر فحينئذ وضع باب التعجب.
عسف: العَسْفُ: السَّير بغير هداية والأخْذُ على غير الطريق، وكذلك
التَّعَسُّفُ والاعْتِسافُ، والعَسْف: رُكوب المَفازَةِ وقطْعُها بغير قَصْد
ولا هِداية ولا تَوَخِّي صَوْب ولا طَريق مَسْلوك. يقال: اعْتسف الطريقَ
اعتِسافاً إذا قَطَعَه دون صوْب تَوَخّاه فأَصابه. والتعسِيفُ: السَّيْرُ
على غير عَلَم ولا أَثرٍ. وعَسَفَ المَفازةَ: قَطَعَها كذلك ؛ ومنه قيل:
رجل عَسوفٌ إذا لم يَقْصِد الحقِّ؛ وقول كثيِّر:
عَسُوق بأَجْواز الفَلا حِمْيَريّة
العَسُوف: التي تمرّ على غير هداية فتركب رأْسها في السير ولا يَثْنيها
شيء. والعَسْفُ: ركوب الأَمر بلا تدبير ولا رَويّة، عسَفَه يَعْسِفُه
عَسْفاً وتَعَسَّفَه واعْتَسَفه؛ قال ذو الرمة:
قد أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهُولَ مَعْسِفُه
في ظِلِّ أَغْضَفَ، يَدْعُو هامَه البُومُ
ويروى: في ظل أَخْضَر، وأَنشد ابن الأَعرابي:
وعَسَفَتْ مَعاطِناً لم تَدْثُر
مدح إبلاً فقال: إذا ثبتت ثَفناتُها في الأَرض بَقِيَت آثارُها فيها
ظاهرة لم تدْثُر، قال: وقيل ترد الظِّمء الثاني، وأَثَرُ ثفناتها الأَوَّل
في الأَرض ومَعاطِنُها لم تدْثُر؛ وقال ذو الرمة:
ورَدْتُ اعْتِسافاً، والثُّرَيّا كأَنها،
على هامةِ الرأْس، ابن ماءٍ مُحَلِّقُ
وقال أَيضاً:
يَعْتَسِفانِ الليلَ ذا الحُيودِ
أَمّاً بكلِّ كوْكَبٍ حَريدِ
(* قوله «الحيود» كذا في الأصل هنا، وتقدم للمؤلف في مادة حرد: السدود.)
وعسَف فلان فلاناً عَسْفاً: ظلَمه. وعسَف السلطانُ يَعْسِفُ واعْتَسَف
وتعَسَّفَ: ظلَم، وهو من ذلك. وفي الحديث: لا تبلُغ شفاعتي إماماً
عَسُوفاً أَي جائراً ظلُوماً. والعَسْف في الأَصل: أَن يأْخذ المسافر على غير
طريق ولا جادّة ولا عَلَم فنقل إلى الظُّلم والجَوْر. وتعسَّف فلام فلاناً
إذا ركبه بالظلم ولم يُنْصِفه. ورجل عَسُوف إذا كان ظلوماً. والعَسِيفُ:
الأَجيرُ المُسْتهانُ به. وفي حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه: أَن رجلاً
جاء إلى النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إنَّ ابْني كان عَسِيفاً على
رجل كان معه وإنه زنى بامرأَته، أَي كان أَجيراً. والعُسَفاء:
الأُجَراء، وقيل: العَسِيفُ الممْلوك المُسْتهان به؛ قال نبيه بن
الحجّاج:أَطَعْتُ النفْسَ في الشَّهَواتِ حتى
أَعادَتْني عَسِيفاً، عَبدَ عَبْدِ
ويروى: أَطعت العِرْس، وهو فَعِيل بمعنى مفعول كأَسير أَو بمعنى فاعل
كعليم من العَسْف الجَوْر والكفاية. يقال: هو يَعْسِفُهم أَي يَكْفِيهم.
وكم أَعْسِفُ عليك أَي كم أَعْمَل لك، وقيل: كل خادم عَسِيف. وفي الحديث:
لا تقتلوا عَسِيفاً ولا أَسيفاً. والأَسِيفُ: العَبْدُ، وقيل: الشيخ
الفاني، وقيل: هو الذي تشتريه بمالِه، والجمع عُسَفاء على القياس، وعِسَفةٌ
على غير القياس. وفي الحديث: أَنه بَعث سَرِيّة فنَهى عن قتل العُسَفاء
والوُصَفاء، ويروى الأُسَفاء. واعْتَسَفَه: اتّخَذه عَسِيفاً. وعسَف
البعيرُ يَعْسِفُ عَسْفاً وعُسوفاً: أَشرف على الموت من الغُدّة، فهو عاسِف،
وقيل: العَسْف أَن يَتَنَفّس حتى تَقْمُصَ حَنْجَرتُه أَي تَنْتفخ؛ وأَما
قول أَبي وجْزة السعْديّ:
واسْتَيْقَنَت أَنّ الصَّلِيفَ مُنْعَسِفْ
فهو من عَسْفِ الحَنْجرة إذا قَمَصَت للموت. وأَعْسَف الرجلُ إذا أَخذ
بعيرَه العَسْفُ، وهو نفَسُ الموت؛ وناقة عاسِفٌ، بغير هاء: أَصابها ذلك.
والعُساف للإبل: كالنِّزاع للإنسان. قال الأَصمعي: قلت لرجل من أهل
البادية: ما العُساف؟ قال: حين تَقمُص حَنجرتُه أَي ترجف من النفَس؛ قال عامر
بن الطفيل في قُرْزُل يوم الرَّقَم:
ونِعْم أَخُو الــصُّعْلُوكِ أَمْسِ تَرَكْتُه
بتَضْرُعَ، يَمْري باليدينِ ويَعْسِف
وأَعسَف الرجلُ إذا أَخذ غلامَه بعمَل شديد، وأَعْسفَ إذا سار بالليل
خَبطَ عَشْواء. والعَسْفُ: القَدَحُ الضخْم. والعُسوفُ: الأقْداح
الكِبار.وعُسْفانُ: موضع وقد ذكر في الحديث؛ قال ابن الأَثير: هي قَرْية جامعة
بين مكة والمدينة، وقيل: هي مَنْهلة من مَناهِل الطريق بين الجُحفة ومكة؛
قال الشاعر:
يا خَلِيلَيَّ ارْبَعا واسْـ
ـتَخْبِرا رَسْماً بعُسفانْ
والعَسّاف: اسم رجل.
خسر: خِسِرَ خَسْراً
(* قوله: «خسر خسراً إلخ» ترك مصدرين خسراً، بضم
فسكون، وخسراً، بضمتين كما في القاموس). وخَسَراً وخُسْراناً وخَسَارَةً
وخَسَاراً، فهو خاسِر وخَسِرٌ، كله: ضَلَّ. والخَسَار والخَسارة
والخَيْسَرَى: الضلال والهلاك، والياء فيه زائدة. وفي التنزيل العزيز: والعصرِ إِن
الإِنسان لفي خُسْر؛ الفراء: لفي عقوبة بذنبه وأَن يَخْسَر أَهله ومنزله
في الجنة. وقال عز وجل: خَسِرَ الدنيا والآخرة ذلك هو الخُسْران المبين.
وفي الحديث: ليس من مؤمن ولا كافر إِلا وله منزل في الجنة وأَهل وأَزواج،
فمن أَسلم سَعِدَ وصار إِلى منزله، ومن كفر صار منزله وأَزواجه إِلى من
أَسلم وسعد، وذلك قوله: الذين يرثون الفردوس؛ يقول: يرثون منازل الكفار،
وهو قوله: الذين خسروا أَنفسهم وأَهليهم يوم القيامة؛ يقول: أَهلكوهما؛
الفراء: يقول غَبِنُوهما. ابن الأَعرابي: الخاسر الذي ذهب ماله وعقله أَي
خسرهما. وخَسِرَ التاجر: وُضِعَ في تجارته أَو غَبِنَ، والأَوّل هو
الأَصل. وأَخْسَرَ الرجلُ إِاذ وافق خُسْراً في تجارته. وقوله عز وجل: قل هل
ننبئكم بالأَخْسَرِينَ أَعمالاً؛ قال الأَخفش: واحدهم الأَخْسَرُ مثل
الأَكْبَرِ. وقوله تعالى: فما زادوهم غير تَخْسِيرٍ؛ ابن الأَعرابي: أَي غير
إِبعاد من الخير أَي غير تخسير لكم لا لي.
ورجل خَيْسَرَى: خاسِرٌ، وفي بعض الأَسجاع: بفِيهِ البَرَى، وحُمَّى
خَيْبَرَى، وشَرُّ ما يُرَى، فإِنه خَيْسَرَى؛ وقيل: أَراد خَيْسَرٌ فزاد
للإِتباع؛ وقيل: لا يقال خَيْسَرَى إِلا في هذا السجع؛ وفي حديث عمر ذكر
الخَيْسَرَى، وهو الذي لا يجيب إِلى الطعام لئلا يحتاج إِلى المكافأَة، وهو
من الخَسَارِ. والخَسْرُ والخُسْرانُ: النَّقْصُ، وهو مثل الفَرْقِ
والفُرْقانِ، خَسِرَ يَخْسَرُ
(*
قوله: «خسر يخسر» من باب فرح، وقوله وخسرت الشيء إلخ من باب ضرب، كما في
القاموس). خُسْراناً وخَسَرْتُ الشيءَ، بالفتح، وأَخْسَرْتُه:
نَقَصْتُه. وخَسَرَ الوَزْنَ والكيلَ خَسْراً وأَخْسَرَهُ: نقصه. ويقال: كِلْتُه
ووَزَنْتُه فأَخْسَرْته أَي نقصته. قال الله تعالى: وإِذا كالوهم أَو
وزنوهم يُخْسِرُونَ؛ الزجاج: أَي يَنْقُصُون في الكيل والوزن. قال: ويجوز في
اللغة يَخْسِرُون، تقول: أَخْسَرْتُ الميزانَ وخَسَرْتُه، قال: ولا أَعلم
أَحداً قرأَ يَخْسِرُونَ. أَبو عمرو: الخاسر الذي ينقص المكيال والميزان
إِذا أَعطى، ويستزيد إِذا أَخذ. ابن الأَعرابي: خَسَرَ إِذا نقص ميزاناً
أَو غيره، وخَسِرَ إِذا هلك. أَبو عبيد: خَسَرْتُ الميزان وأَخْسَرْتُه
أَي نقصته. الليث: الخاسِرُ الذي وُضِعَ في تجارته، ومصدره الخَسَارَةُ
والخَسْرُ، ويقال: خَسِرَتْ تجارته أَي خَسِرَ فيها، ورَبِحَتْ أَي ربح
فيها. وصَفْقَةٌ خاسرة: غير رابحة، وكَرَّةٌ خاسرة: غير نافعة. وفي
التهذيب: وصَفَقَ صَفْقَةً خاسِرَةً أَي غير مُرْبِحَةٍ، وكَرَّ كَرَّةً
خاسِرَةً أَي غير نافعة. وفي التنزيل: تلك إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ. وقوله عزل
وجل: وخَسِرَ هنالك المُبْطِلُونَ. وخَسِرَ هنالك الكافرون؛ المعنى: تبين
لهم خُسْرانُهم لما رأَوا العذاب وإِلاَّ فهم كانوا خاسرين في كل وقت.
والتَّخْسِيرُ: الإِهلاك. والخَنَاسِيرُ: الهُلاَّكُ، ولا واحد له؛ قال
كعب بن زهير:
إِذا ما نُتِجْنا أَرْبَعاً عامَ كَفْأَةٍ،
بَغَاها خَنَاسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا
وفي بغاها ضمير من الجَدِّ هو الفاعل، يقول: إِنه شَقِيُّ الجَدِّ إِذا
نُتِجَتْ أَربعٌ من إِبله أَربعَةَ أَولادٍ هلكت من إِبله الكِبار أَربع
غير هذه، فيكون ما هلك أَكثر مما أَصاب.