Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=76345#c2af07
(الــصرافة) مهنة الصراف
صرف: الصَّرْفُ: رَدُّ الشيء عن وجهه، صَرَفَه يَصْرِفُه صَرْفاً
فانْصَرَفَ. وصارَفَ نفْسَه عن الشيء: صَرفَها عنه. وقوله تعالى: ثم
انْصَرَفوا؛ أَي رَجَعوا عن المكان الذي استمعُوا فيه، وقيل: انْصَرَفُوا عن العمل
بشيء مـما سمعوا. صَرَفَ اللّه قلوبَهم أَي أَضلَّهُم اللّه مُجازاةً على
فعلهم؛ وصَرفْتُ الرجل عني فانْصَرَفَ، والمُنْصَرَفُ: قد يكون مكاناً
وقد يكون مصدراً، وقوله عز وجل: سأَصرفُ عن آياتي؛ أَي أَجْعَلُ جَزاءهم
الإضْلالَ عن هداية آياتي. وقوله عز وجل: فما يَسْتَطِيعُون صَرْفاً ولا
نَصْراً أَي ما يستطيعون أَن يَصْرِفُوا عن أَنفسهم العَذابَ ولا أَن
يَنْصُروا أَنفسَهم. قال يونس: الصَّرْفُ الحِيلةُ، وصَرَفْتُ الصِّبْيان:
قَلَبْتُهم. وصَرَفَ اللّه عنك الأَذى، واسْتَصْرَفْتُ اللّه
المَكارِهَ.والصَّريفُ: اللَّبَنُ الذي يُنْصَرَفُ به عن الضَّرْعِ
حارّاً.والصَّرْفانِ: الليلُ والنهارُ.
والصَّرْفةُ: مَنْزِل من مَنازِلِ القمر نجم واحد نَيِّرٌ تِلْقاء
الزُّبْرةِ، خلْفَ خراتَي الأَسَد. يقال: إنه قلب الأَسد إذا طلع أَمام الفجر
فذلك الخَريفُ، وإِذا غابَ مع طُلُوع الفجر فذلك أَول الربيع، والعرب
تقول: الصَّرْفةُ نابُ الدَّهْرِ لأَنها تفْتَرُّ عن البرد أَو عن الحَرّ في
الحالتين؛ قال ابن كُناسةَ: سميت بذلك لانْصراف البرد وإقبال الحرّ،
وقال ابن بري: صوابه أَن يقال سميت بذلك لانْصراف الحرِّ وإقبال البرد.
والصَّرْفةُ: خرَزةٌ من الخرَز التي تُذْكر في الأُخَذِ، قال ابن سيده:
يُسْتَعْطَفُ بها الرجال يُصْرَفون بها عن مَذاهِبهم ووجوههم؛ عن اللحياني؛
قال ابن جني: وقولُ البغداديين في قولهم: ما تَأْتينا فتُحَدِّثَنا،
تَنْصِبُ الجوابَ على الصَّرْف، كلام فيه إجمال بعضه صحيح وبعضه فاسد، أَما
الصحيح فقولهم الصَّرْفُ أَن يُصْرَف الفِعْلُ الثاني عن معنى الفعل الأَول،
قال: وهذا معنى قولنا إن الفعل الثاني يخالف الأَوّل، وأَما انتصابه
بالصرف فخطأٌ لأَنه لا بدّ له من ناصب مُقْتَض له لأَن المعاني لا تنصب
الأَفعال وإنما ترفعها، قال: والمعنى الذي يرفع الفعل هو وقوع الاسم، وجاز في
الأَفعال أَن يرفعها المعنى كما جاز في الأَسماء أَن يرفعها المعنى
لمُضارعَة الفعل للاسم، وصَرْفُ الكلمة إجْراؤها بالتنوين.
وصَرَّفْنا الآياتِ أَي بيَّنْاها. وتَصْريفُ الآيات تَبْيينُها.
والصَّرْفُ: أَن تَصْرِفَ إنساناً عن وجْهٍ يريده إلى مَصْرِفٍ غير ذلك.
وصَرَّفَ الشيءَ: أَعْمله في غير وجه كأَنه يَصرِفُه عن وجه إلى وجه،
وتَصَرَّفَ هو. وتَصارِيفُ الأُمورِ: تَخالِيفُها، ومنه تَصارِيفُ الرِّياحِ
والسَّحابِ. الليث: تَصْريفُ الرِّياحِ صَرْفُها من جهة إلى جهة، وكذلك تصريفُ
السُّيُولِ والخُيولِ والأُمور والآيات، وتَصْريفُ الرياحِ: جعلُها
جَنُوباً وشَمالاً وصَباً ودَبُوراً فجعلها ضُروباً في أَجْناسِها. وصَرْفُ
الدَّهْرِ: حِدْثانُه ونَوائبُه. والصرْفُ: حِدْثان الدهر، اسم له لأَنه
يَصْرِفُ الأَشياء عن وجُوهها؛ وقول صخر الغَيّ:
عاوَدَني حُبُّها، وقد شَحِطَتْ
صَرْفُ نَواها، فإنَّني كَمِدُ
أَنَّث الصرف لتَعْلِيقه بالنَّوى، وجمعه صُروفٌ. أَبو عمرو: الصَّريف
الفضّةُ؛ وأَنشد:
بَني غُدانةَ، حَقّاً لَسْتُمُ ذَهَباً
ولا صَريفاً، ولكن أَنـْتُمُ خَزَفُ
وهذا البيتُ أَورَدَه الجوهري:
بني غُدانَةَ، ما إن أَنتُمُ ذَهَباً
ولا صَريفاً، ولكن أَنتُمُ خزَفُ
قال ابن بري: صواب إنشاده: ما إِن أَنـْتُمُ ذَهبٌ، لأَن زيادة إنْ
تُبْطِل عمل ما.
والصَّرْفُ: فَضْلُ الدًِّرهم على الدرهم والدينار على الدِّينار لأَنَّ
كلَّ واحد منهما يُصْرَفُ عن قِيمةِ صاحِبه. والصَّرْفُ: بيع الذهب
بالفضة وهو من ذلك لأَنه يُنْصَرَفُ به عن جَوْهر إلى جَوْهر. والتصْريفُ في
جميع البِياعاتِ: إنْفاق الدَّراهم.
والصَّرَّافُ والصَّيْرَفُ والصَّيْرَفيُّ: النقّادُ من المُصارفةِ وهو
التَّصَرُّفِ، والجمع صَيارِفُ وصَيارِفةٌ. والهاء للنسبة، وقد جاء في
الشعر الصَّيارِفُ؛ فأَما قول الفرزدق:
تَنْفِي يَداها الحَصى في كلِّ هاجِرَةٍ،
نَفْيَ الدَّراهِيمِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
فعلى الضرورة لما احتاج إلى تمام الوزن أَشْبع الحركة ضرورةً حتى صارت
حرفاً؛ وبعكسه:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العطامِسا
ويقال: صَرَفْتُ الدَّراهِمَ بالدَّنانِير. وبين الدِّرهمين صَرْفٌ أَي
فَضْلٌ لجَوْدةِ فضة أَحدهما. ورجل صَيْرَفٌ: مُتَصَرِّفٌ في الأُمور؛
قال أُمَيَّة ابن أَبي عائذ الهذلي:
قد كُنْتُ خَرَّاجاً وَلُوجاً صَيْرَفاً،
لم تَلْتَحِصْني حَيْصَ بَيْصَ لَحاصِ
أَبو الهيثم: الصَّيْرفُ والصَّيْرَفيُّ المحتال المُتقلب في أُموره
المُتَصَرِّفُ في الأَُمور المُجَرّب لها؛ قال سويد بن أَبي كاهل
اليَشْكُرِيّ:
ولِساناً صَيْرَفِيّاً صارِماً،
كحُسامِ السَّيْفِ ما مَسَّ قَطَعْ
والصَّرْفُ: التَّقَلُّبُ والحِيلةُ. يقال: فلان يَصْرِف ويَتَصَرَّفُ
ويَصْطَرِفُ لعياله أَي يَكتسب لهم. وقولهم: لا يُقبل له صَرْفٌ ولا
عَدْلٌ؛ الصَّرْفُ: الحِيلة، ومنه التَّصَرُّفُ في الأَمور. يقال: إنه يتصرَّف
في الأَُمور. وصَرَّفْت الرجل في أَمْري تَصْريفاً فتَصَرَّفَ فيه
واصْطَرَفَ في طلَبِ الكسْب؛ قال العجاج:
قد يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي،
بغَيْرِ ما عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ
والعَدْلُ: الفِداء؛ ومنه قوله تعالى: وإن تَعْدِلْ كلَّ عَدْلٍ، وقيل:
الصَّرْفُ التَّطَوُّعُ والعَدْلُ الفَرْضُ، وقيل: الصَّرْفُ التوبةُ
والعدل الفِدْيةُ، وقيل: الصرفُ الوَزْنُ والعَدْلُ الكَيْلُ، وقيل:
الصَّرْفُ القيمةُ والعَدلُ المِثْلُ، وأَصلُه في الفِدية، يقال: لم يقبلوا منهم
صَرفاً ولا عَدلاً أَي لم يأْخذوا منهم دية ولم يقتلوا بقَتيلهم رجلاً
واحداً أَي طلبوا منهم أَكثر من ذلك؛ قال: كانت العرب تقتل الرجلين
والثلاثة بالرجل الواحد، فإذا قتلوا رجلاً برجل فذلك العدل فيهم، وإذا أَخذوا
دية فقد انصرفوا عن الدم إلى غيره فَصَرَفوا ذلك صرْفاً، فالقيمة صَرْف
لأَن الشيء يُقَوّم بغير صِفته ويُعَدَّل بما كان في صفته، قالوا: ثم جُعِل
بعدُ في كل شيء حتى صار مثلاً فيمن لم يؤخذ منه الشيء الذي يجب عليه،
وأُلزِمَ أَكثر منه. وقوله تعالى: ولم يجدوا عنها مَصْرِفاً، أَي
مَعْدِلاً؛ قال:
أَزُهَيْرُ، هلْ عن شَيْبةٍ من مَصْرِفِ؟
أَي مَعْدِل؛ وقال ابن الأَعرابي: الصرف المَيْلُ، والعَدْلُ
الاسْتِقامةُ. وقال ثعلب: الصَّرْفُ ما يُتَصَرَّفُ به والعَدْل الميل، وقيل الصرف
الزِّيادةُ والفضل وليس هذا بشيء. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه
وسلم، ذكر المدينة فقال: من أَحْدثَ فيها حَدَثاً أَو آوَى مُحْدِثاً لا
يُقبل منه صَرْفٌ ولا عَدْلٌ؛ قال مكحول: الصَّرفُ التوبةُ والعدْلُ
الفِدية. قال أَبو عبيد: وقيل الصرف النافلة والعدل الفريضة. وقال يونس:
الصرف الحِيلة، ومنه قيل: فلان يَتَصَرَّفُ أَي يَحْتالُ. قال اللّه تعالى:
لا يَسْتَطِيعُونَ صَرفاً ولا نصْراً. وصَرفُ الحديث: تَزْيِينُه
والزيادةُ فيه. وفي حديث أَبي إدْرِيسَ الخَوْلاني أَنه قال: من طَلَبَ صَرْفَ
الحديثِ يَبْتَغِي به إقبالَ وجوهِ الناسِ إليه؛ أُخِذَ من صَرفِ
الدراهمِ؛ والصرفُ: الفضل، يقال: لهذا صرْفٌ على هذا أَي فضلُ؛ قال ابن الأَثير:
أَراد بصرْفِ الحديث ما يتكلفه الإنسان من الزيادة فيه على قدر الحاجة،
وإنما كره ذلك لما يدخله من الرِّياء والتَّصَنُّع، ولما يُخالِطُه من
الكذب والتَّزَيُّدِ، والحديثُ مرفوع من رواية أَبي هريرة عن النبي، صلى
اللّه عليه وسلم، في سنن أَبي داود. ويقال: فلان لا يُحْسنُ صرْفَ الكلام
أَي فضْلَ بعضِه على بعض، وهو من صَرْفِ الدّراهمِ، وقيل لمن يُمَيِّز:
صَيْرَفٌ وصَيْرَفيٌّ. وصَرَفَ لأَهله يَصْرِفُ واصْطَرَفَ: كَسَبَ وطَلَبَ
واخْتالَ؛ عن اللحياني.
والصَّرافُ: حِرْمةُ كلِّ ذاتِ ظِلْفٍ ومِخْلَبٍ، صَرَفَتْ تَصْرِفُ
صُرُوفاً وصِرافاً، وهي صارفٌ. وكلبةٌ صارِفٌ بيِّنة الصِّرافِ إذا اشتهت
الفحل. ابن الأَعرابي: السباعُ كلها تُجْعِلُ وتَصْرِفُ إذا اشتهت الفحل،
وقد صرَفت صِرافاً، وهي صارِفٌ، وأَكثر ما يقال ذلك كلُّه للكلْبَةِ. وقال
الليث: الصِّرافُ حِرْمةُ الشاء والكلاب والبقَرِ.
والصَّريفُ: صوت الأَنيابِ والأَبوابِ. وصَرَفَ الإنسانُ والبعيرُ نابَه
وبنابِه يَصْرِفُ صَريفاً: حَرَقَه فسمعت له صوتاً، وناقة صَروفٌ
بَيِّنَةُ الصَّرِيفِ. وصَرِيفُ الفحل: تَهَدُّرُه. وما في فمه صارفٌ أَي نابٌ.
وصَريفُ القَعْوِ: صوته. وصَريفُ البكرةِ: صوتها عند الاستقاء. وصريفُ
القلم والباب ونحوهما: صريرهما. ابن خالويه: صريفُ نابِ الناقةِ يدل على
كلالِها ونابِ البعير على قَطَمِه وغُلْمَتِه؛ وقول النابغة:
مَقْذُوفَةٍ بِدَخِيسِ النَّحْضِ بازِلُها،
له صَرِيفٌ صَريفَ القَعْوِ بالمَسَدِ
هو وَصْفٌ لها بالكَلالِ. وفي الحديث: أَنه دخل حائطاً من حَوائطِ
المدينةِ فإذا فيه جَمَلانِ يَصْرفان ويوعِدانِ فَدَنا منهما فوضعا جُرُنَهما؛
قال الأَصمعي: إذا كان الصَّرِيفُ من الفُحولةِ، فهو من النَّشاطِ، وإذا
كان من الإناث، فهو من الإعْياء. وفي حديث عليّ: لا يَرُوعُه منها
(*
قوله «لا يروعه منها» الذي في النهاية: لا يروعهم منه.) إلا صريفُ أَنيابِ
الحِدْثان. وفي الحديث: أَسْمَعُ صَرِيفَ الأَقلامِ أَي صوتَ جَرَيانِها
بما تكتُبه من أَقْضِيةِ اللّه ووَحْيِه، وما يَنْسَخُونه من اللوحِ
المحفوظ. وفي حديث موسى، على نبينا وعليه السلام: أَنه كان يسمع صَريف القَلم
حين كتب اللّه تعالى له التوراة؛ وقول أَبي خِراشٍ:
مُقابَلَتَيْنِ شَدَّهما طُفَيْلٌ
بِصَرّافَينِ، عَقْدُهما جَمِيلُ
عنى بالصَّرَّافَيْنِ شراكَيْنِ لهما صَرِيفٌ.
والصِّرْفُ: الخالِصُ من كل شيء. وشَرابٌ صِرْفٌ أَي بَحْتٌ لم
يُمْزَجْ، وقد صَرَفَه صُروفاً؛ قال الهذَلي:
إن يُمْسِ نَشْوانَ بِمَصْرُفَةٍ
منها بريٍّ وعلى مِرْجَلِ
وصَرَّفَه وأَصْرَفَه: كَصَرفَه؛ الأَخيرة عن ثعلب. وصَرِيفون: موضع
بالعراق؛ قال الأعشى:
وَتُجْبَى إليه السَّيْلَحُونَ، ودونَها
صَرِيفُونَ في أَنهارِها والخَوَرْنَقُ
قال: والصَّرِيفيّةُ من الخمر منسوبة إليه. والصَّريفُ: الخمر الطيبةُ؛
وقال في قول الأَعشى:
صَرِيفِيّةٌ طَيِّبٌ طَعْمُها،
لها زبدٌ بَيْنَ كُوبٍ ودَنّ
(* قوله «صريفية إلخ» قبله كما في شرح القاموس:
تعاطي الضجيع إذا أقبلت * بعيد الرقاد وعند
الوسن)
قال بعضهم: جعلها صَرِيفِيّةً لأَنها أُخِذت من الدَّنِّ ساعَتئذٍ
كاللبن الصَّريف، وقيل: نُسِبَ إلى صَريفين وهو نهر يتخلَّجُ من الفُراتِ.
والصَّريفُ: الخمر التي لم تُمْزَجْ بالماء، وكذلك كل شئ لا خِلْطَ فيه؛
وقال الباهليّ في قول المتنخل:
إنْ يُمْسِ نَشْوانَ بِمصْرُوفةٍ
قال: بمصروفة أَي بكأْس شُرِبَتْ صِرْفاً، على مِرْجَلٍ أَي على لحمٍ
طُبخ في مِرجل، وهي القِدْر. وتَصْرِيفُ الخمر: شُرْبُها صِرْفاً.
والصَّريفُ: اللبن الذي ينصرف عن الضَّرْع حارّاً إذا حُلِبَ، فإِذا سكنت
رَغْوَتُه، فهو الصَّريحُ؛ ومنه حديث الغارِ: ويَبيتانِ في رِسْلِها وصَرِيفِها؛
الصَّريفُ: اللبن ساعة يُصْرَفُ عن الضرْع؛ وفي حديث سَلمَة ابن
الأَكوع:لكن غَذاها اللبَنُ الخَريفُ:
أَلمَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ
وحديث عمرو بن معديكَرِبَ: أَشْرَبُ التِّبْنَ من اللبن رَثِيئةً أَو
صَريفاً. والصِّرفُ، بالكسر: شيء يُدْبَغُ به الأَديمُ، وفي الصحاح: صِبْغ
أَحمر تصبغ به شُرُكُ النِّعالِ؛ قال ابن كَلْحَبَةَ اليربوعي، واسمه
هُبَيْرَةُ بن عبد مَناف، ويقال سَلَمة بن خُرْشُبٍ الأَنـْماري، قال ابن
بري: والصحيح أَنه هُبيرة بن عبد مناف، وكلحبة اسم أُمه، فهو ابن كلحبة
أَحدُ بني عُرَيْن بن ثَعْلبة بن يَرْبُوعٍ، ويقال له الكلحبة، وهو لقب له،
فعلى هذا يقال؛ وقال الكلحبة اليربوعي:
كُمَيْتٌ غيرُ مُحْلِفةٍ، ولكنْ
كلَوْنِ الصِّرفِ عُلَّ به الأَدِيمُ
يعني أَنها خالصة الكُّمْتةِ كلونِ الصِّرْفِ، وفي المحكم: خالصةُ
اللونِ لا يُحلف عليها أَنها ليست كذلك. قال: والكُمَيْتُ المُحْلِفُ الأَحَمّ
والأَحْوَى، وهما يشتبهان حتى يَحْلِفَ إنسان أَنه كميت أَحمُّ، ويحلف
الآخر أَنه كُميت أَحْوَى. وفي حديث ابن مسعود، رضي اللّه عنه: أَتَيْتُ
رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وهو نائم في ظلِّ الكَعبة فاسْتَيْقَظ
مُحْمارّاً وجْهُه كأَنه الصِّرْفُ؛ هو بالكسر، شجر أَحمر. ويسمى الدمُ
والشرابُ إذا لم يُمْزَجا صِرْفاً. والصِّرْفُ: الخالِصُ من كل شيء. وفي
حديث جابر، رضي اللّه عنه: تَغَيَّر وجْهُه حتى صارَ كالصِّرْف. وفي حديث
علي، كرَّم اللّه وجهه: لتَعْرُكَنَّكُمْ عَرْكَ الأَديمِ الصِّرْفِ أَي
الأَحمر. والصَّريفُ: السَّعَفُ اليابِسُ، الواحدة صَريفةٌ، حكى ذلك أَبو
حنيفة؛ وقال مرة: هو ما يَبِسَ من الشجر مثل الضَّريع، وقد تقدَّم. ابن
الأَعرابي: أَصْرف الشاعرُ شِعْرَهُ يُصْرِفُه إصرافاً إذا أَقوى فيه
وخالف بين القافِيَتَين؛ يقال: أَصْرَفَ الشاعرُ القافيةَ، قال ابن بري: ولم
يجئ أَصرف غيره؛ وأَنشد:
بغير مُصْرفة القَوافي
(* قوله «بغير مصرفة» كذا بالأصل.)
ابن بزرج: أَكْفأْتُ الشعرَ إذا رفعت قافِيةً وخفضت أُخرى أَو نصبتها،
وقال: أَصْرَفْتُ في الشعر مثل الإكفاء، ويقال: صَرَفْت فلاناً ولا يقال
أَصْرَفْته. وقوله في حديث الشُفعة: إذا صُرِّفَتِ الطُّرُقُ فلا شُفْعةَ
أَي بُيِّنَتْ مَصارِفُها وشوارِعُها كأَنه من التَّصَرُّفِ
والتَّصْريفِ.والصَّرَفانُ: ضربٌ من التمر، واحدته صَرفانَةٌ، وقال أَبو حنيفة:
الصَّرفانةُ تمرة حمراء مثل البَرْنِيّةِ إلا أَنها صُلْبةُ المَمْضَغَةِ
عَلِكةٌ، قال: وهي أَرْزَن التمر كله؛ وأَنشد ابن بري للنّجاشِيّ:
حَسِبْتُمْ قِتالَ الأَشْعَرينَ ومَذْحِجٍ
وكِنْدَةَ أَكْلَ الزُّبْدِ بالصَّرَفانِ
وقال عِمْران الكلبي:
أَكُنْتُمْ حَسِبْتُمْ ضَرْبَنا وجِلادَنا
على الحجْرِ أَكْلَ الزُّبْدِ بالصَّرَفانِ
(* قوله «الحجر» في معجم ياقوت: الحجر، بالكسر وبالفتح وبالضم، أسماء
مواضع.)
وفي حديث وفْد عبد القيس: أَتُسَمُّون هذا الصَّرفان؟ هو ضرب من أَجود
التمر وأَوْزَنه. والصرَفانُ: الرَّصاصُ القَلَعِيُّ؛ والصرَفانُ: الموتُ؛
ومنهما قول الزَّبّاء الملِكة:
ما لِلْجِمالِ مَشْيُها وئيدا؟
أَجَنْدَلاً يَحْمِلْنَ أَم حَديدا؟
أَمْ صَرَفاناً بارِداً شَديدا؟
أَم الرِّجال جُثَّماً قُعُودا؟
قال اَبو عبيد: ولم يكن يهدى لها شيء أَحَبّ إليها من التمر الصرَفان؛
وأَنشد:
ولما أَتَتْها العِيرُ قالت: أَبارِدٌ
من التمرِ أَمْ هذا حَديدٌ وجَنْدَلُ؟
والصَّرَفيُّ: ضَرْب من النَّجائب منسوبة، وقيل بالدال وهو الصحيح، وقد
تقدم.
أخذ: الأَخْذ: خلاف العطاء، وهو أَيضاً التناول. أَخذت الشيء آخُذُه
أَخذاً: تناولته؛ وأَخَذَه يأْخُذه أَخْذاً، والإِخذُ، بالكسر: الاسم. وإِذا
أَمرت قلت: خذْ، وأَصله أُؤْخُذ إِلا أَنهم استثقلوا الهمزتين فحذفوهما
تخفيفاً؛ قال ابن سيده: فلما اجتمعت همزتان وكثر استعمال الكلمة حذفت
الهمزة الأَصلية فزال الساكن فاستغني عن الهمزة الزائدة، وقد جاء على الأَصل
فقيل: أُوخذ؛ وكذلك القول في الأَمر من أَكل وأَمر وأَشباه ذلك؛ ويقال:
خُذِ الخِطامَ وخُذْ بالخِطام بمعنى. والتأْخاذُ: تَفْعال من الأَخذ؛ قال
الأَعشى:
لَيَعُودَنْ لِمَعَدّ عَكْرَةً
دَلَجُ الليلِ وتأْخاذُ المِنَحْ
قال ابن بري: والذي في شعر الأَعشى:
ليُعيدَنْ لمعدٍّ عَكْرَها
دَلَجَ الليلِ وتأْخاذَ المنح
أَي عَطْفَها. يقال: رجع فلان إِلى عَكْرِه أَي إِلى ما كان عليه، وفسر
العكْرَ بقوله: دلجَ الليلِ وتأْخاذَ المنح. والمنَحُ: جمع مِنْحَة، وهي
الناقة يعيرها صاحبها لمن يحلبها وينتفع بها ثم يعيدها. وفي النوادر:
إِخاذةُ الحَجَفَةِ مَقْبِضُها وهي ثقافها.
وفي الحديث: جاءت امرأَة إِلى عائشة، رضي الله عنها، أُقَيّدُ جملي
(*
قوله «جاءت امرأة إلخ» كذا بالأصل والذي في شرح القاموس فقالت أقيد) . وفي
حديث آخر: أُؤْخِّذ جملي. فلم تَفْطُنْ لها حتى فُطِّنَتْ فأَمرتْ
بإِخراجها؛ وفي حديث آخر: قالت لها: أُؤْخِّذُ جملي؟ قالت: نعم. التأْخيذُ:
حَبْسُ السواحر أَزواجَهنَّ عن غيرهنّ من النساء، وكَنَتْ بالجمل عن زوجها
ولم تعلم عائشة، رضي الله عنها، فلذلك أَذِنت لها فيه. والتأْخِيذُ: أَن
تحتالَ المرأَةُ بحيَل في منعِ زوجِها من جِماع غيرها، وذلك نوع من
السحر. يقال: لفلانة أُخْذَةٌ تُؤْخِّذُ بها الرجال عن النساء، وقد أَخَّذَتْه
الساحرة تأَخيذاً؛ ومنه قيل للأَسير: أَخِيذٌ. وقد أُخِذَ فلان إِذا
أُسر؛ ومنه قوله تعالى: اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم وخذوهم. معناه، والله
أَعلم: ائْسِروهم. الفراء: أَكذَبُ من أَخِيذ الجيش، وهو الذي يأْخذُه
أَعداؤه فَيَسْتَدِلُّونه على قومه، فهو يَكْذِبُهم بِجُهْدِه. والأَخيذُ:
المأْخُوذُ. والأَخيذ: الأَسير. والأَخِيذَةُ: المرأَة لِسَبْي. وفي
الحديث: أَنه أَخذ السيفَ وقال مَن يمنعُك مني؟ فقال: كن خير آخِذٍ أَي خيرَ
آسر. والأَخيذَةُ: ما اغْتُصِبَ من شيء فأُخِذَ.
وآخَذَه بذنبه مُؤاخذة: عاقبه. وفي التنزيل العزيز: فكلاًّ أَخذْنا
بذَنْبه. وقوله عز وجل: وكأَيِّنْ من قرية أَمليتُ لها وهي ظالمة ثم
أَخذتُها؛ أَي أَخذتها بالعذاب فاستغنى عنه لتقدّم ذكره في قوله: ويستعجلونك
بالعذاب. وفي الحديث: من أَصاب من ذلك شيئاً أُخِذَ به. يقال: أُخِذَ فلانٌ
بذنبه أَي حُبِسَ وجُوزِيَ عليه وعُوقِب به.
وإِن أَخذوا على أَيديهم نَجَوْا. يقال: أَخذتُ على يد فلان إِذا منعته
عما يريد أَن يفعله كأَنك أَمْسكت على يده. وقوله عز وجل: وهمَّت كلُّ
أُمّة برسولهم ليأْخذوه قال الزجاج: ليتمكنوا منه فيقتلوه. وآخَذَه :
كأَخَذَه. وفي التنزيل العزيز: ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا؛ والعامة تقول
واخَذَه. وأَتى العِراقَ وما أَخذَ إِخْذَه، وذهب الحجازَ وما أَخذ
إِخذه، ووَلي فلان مكةَ وما أَخذَ إِخذَها أَي ما يليها وما هو في ناحِيتها،
واسْتُعْمِلَ فلانٌ على الشام وما أَخَذَ إِخْذَه، بالكسر، أَي لم يأْخذ
ما وجب عليه من حسن السيرة ولا تقل أَخْذَه، وقال الفراء: ما والاه وكان
في ناحيته.
وذهب بنو فلان ومن أَخَذَ إِخْذُهم وأَخْذُهم، يكسرون
(* قوله «إخذهم
وأخذهم يكسرون إلخ» كذا بالأصل وفي القاموس وذهبوا ومن أخذ اخذهم، بكسر
الهمزة وفتحها ورفع الذال ونصبها). الأَلف ويضمون الذال، وإِن شئت فتحت
الأَلف وضممت الذال، أَي ومن سار سيرهم؛ ومن قال: ومن أَخَذَ إِخْذُهم أَي
ومن أَخَذَه إِخْذُهم وسيرتُهم. والعرب تقول: لو كنت منا لأَخَذْتَ
بإِخذنا، بكسر الأَلف، أَي بخلائقنا وزِيِّنا وشكلنا وهدينا؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
فلو كنتمُ منا أَخَذْنا بأَخْذكم،
ولكنها الأَوجاد أَسفل سافل
(* قوله «ولكنها الأوجاد إلخ» كذا بالأصل وفي شرح القاموس الأجساد).
فسره فقال: أَخذنا بأَخْذِكم أَي أَدركنا إِبلَكم فردَدناها عليكم، لم يقل
ذلك غيره. وفي الحديث: قد أَخَذُوا أَخَذاتِهم؛ أَي نزلوا منازِلَهم؛ قال
ابن الأَثير: هو بفتح الهمزة والخاء.
والأُخْذَة، بالضم: رقية تأْخُذُ العينَ ونحوها كالسحر أَو خرزة
يُؤَخِّذُ بها النساءُ الرجال، من التأْخِيذِ. وآخَذَه: رَقاه. وقالت أُخْتُ
صُبْحٍ العاديِّ تبكي أَخاها صبحاً، وقد قتله رجل سِيقَ إِليه على سرير،
لأَنها قد كانت أَخَذَتْ عنه القائمَ والقاعدَ والساعِيَ والماشِيَ
والراكِبَ: أَخَذْتُ عنك الراكِبَ والساعِيَ والماشِيَ والقاعِدَ والقائِمَ، ولم
آخُذْ عنك النائمَ؛ وفي صبح هذا يقول لبيد:
ولقد رأَى صُبْحٌ سوادَ خليلِه،
ما بين قائمِ سَيْفِهِ والمِحْمَلِ
عن بخليله كَبِدَه لأَنه يروى أَن الأَسد بَقَر بطنه، وهو حيٌّ، فنظر
إِلى سوادِ كَبِده.
ورجل مُؤَخَّذٌ عن النساء: محبوس.
وائْتَخَذْنا في القتال، بهمزتين: أَخَذَ بعضُنا بعضاً. والاتِّخاذ:
افتعال أَيضاً من الأَخذ إِلا أَنه أُدغم بعد تليين الهمزة وإِبدال التاء،
ثم لما كثر استعماله على لفظ الافتعال توهموا أَن التاء أَصلية فبنوا منه
فَعِلَ يَفْعَلُ. قالوا: تَخِذَ يَتْخَذ، وقرئ: لتَخِذْت عليه أَجراً.
وحكى المبرد أَن بعض العرب يقول: اسْتَخَذَ فلان أَرضاً يريد اتَّخَذَ
أَرضاً فتُبْدِلُ من إِحدى التاءين سيناً كما أَبدلوا التاءَ مكان السين في
قولهم ستُّ؛ ويجوز أَن يكون أَراد استفعل من تَخِذَ يَتْخَذ فحذف إِحدى
التاءَين تخفيفاً، كما قالوا: ظَلْتُ من ظَلِلْتُ. قال ابن شميل:
اسْتَخَذْتُ عليهم يداً وعندهم سواءٌ أَي اتَّخَذْتُ.
والإِخاذةُ: الضَّيْعَة يتخذها الإِنسان لنفسه؛ وكذلك الإِخاذُ وهي
أَيضاً أَرض يحوزها الإِنسان لنفسه أَو السلطان. والأَخْذُ: ما حَفَرْتَ
كهيئةِ الحوض لنفسك، والجمع الأُخْذانُ، تُمْسِكُ الماءَ أَياماً . والإِخْذُ
والإِخْذَةُ: ما حفرته كهيئةِ الحوض، والجمع أُخْذٌ وإِخاذ.
والإِخاذُ: الغُدُرُ، وقيل: الإِخاذُ واحد والجمع آخاذ، نادر، وقيل:
الإِخاذُ والإِخاذةُ بمعنى، والإِخاذةُ: شيء كالغدير، والجمع إِخاذ، وجمع
الإِخاذِ أُخُذٌ مثل كتاب وكُتُبٍ، وقد يخفف؛ قال الشاعر:
وغادَرَ الأُخْذَ والأَوجاذَ مُتْرَعَة
تَطْفُو، وأَسْجَل أَنْهاءً وغُدْرانا
وفي حديث مَسْروقِ بنِ الأَجْدَع قال: ما شَبَّهْتُ بأَصحاب محمد، صلى
الله عليه وسلم، إِلا الإِخاذ تكفي الإِخاذةُ الراكب وتكفي الإِخاذَةُ
الراكبَين وتكفي الإِخاذَةُ الفِئامَ من الناسِ؛ وقال أَبو عبيد: هو
الإِخاذُ بغير هاء؛ وهو مجتَمَع الماءِ شبيهٌ بالغدير؛ قال عدِيّ بنُ زيد يصف
مطراً:
فاضَ فيه مِثلُ العُهونِ من الرَّوْ
ضِ، وما ضنَّ بالإِخاذِ غُدُرْ
وجمع الإِخاذِ أُخُذٌ؛ وقال الأَخطل:
فظَلَّ مُرْتَثِئاً، والأُخْذُ قد حُمِيَتْ،
وظَنَّ أَنَّ سَبِيلَ الأُخْذِ مَيْمُونُ
وقاله أَيضاً أَبو عمرو وزاد فيه: وأَما الإِخاذةُ، بالهاء، فإِنها
الأَرض يأْخذها الرجل فيحوزها لنفسه ويتخذها ويحييها، وقيل: الإِخاذُ جمع
الإِخاذةِ وهو مَصنعٌ للماءِ يجتمع فيه، والأَولى أَن يكون جنساً للإِخاذة
لا جمعاً، ووجه التشبيه مذكور في سياق الحديث في قوله تكفي الإِخاذةُ
الراكِبَ، وباقي الحديث يعني أَنَّ فيهم الصغيرَ والكبيرَ والعالم والأَعلم؛
ومنه حديث الحجاج في صفة الغيث: وامتلأَت الإِخاذُ؛ أَبو عدنان: إِخاذٌ
جَمْع إِخاذة وأُخذٌ جمع إِخاذ؛ وقال أَبو عبيدة: الإِخاذةُ والإِخاذ،
بالهاء وغير الهاء، جمع إِخْذٍ، والإِخْذُ صَنَعُ الماء يجتمع فيه. وفي حديث
أَبي موسى عن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: إِنَّ مَثَلَ ما بعَثني
الله به من الههُدَى والعِلْمِ كمثلِ غيثٍ أَصاب أَرضاً، فكانت منها
طائفةٌ طيبةٌ قَبِلتِ الماء فأَنبتت الكلأَ والعشب الكثير، وكانت فيها
إِخاذاتٌ أَمسكتِ الماء فنفع الله بها الناسَ، فشرِبوا منها وسَقَوْا ورَعَوْا،
وأَصابَ طائفةً منها أُخرى إِنما هي قيعان لا تُمسِكُ ماءً ولا تُنبِتُ
كلأً، وكذلك مَثلُ من فقُه في دين الله ونَفَعه ما بعَثني الله به فعلم
وعلَّم، ومَثَلُ من لم يَرْفَعْ بذلك رأْساً ولم يَقْبلْ هُدى الله الذي
أُرْسِلْتُ به؛ الإِخاذاتُ: الغُدرانُ التي تأْخذُ ماءَ السماءِ
فَتَحْبِسهُ على الشاربة، الواحدةُ إِخاذة. والقيعانُ: جمع قاع، وهي أَرض حَرَّة لا
رملَ فيها ولا يَثبتُ عليها الماء لاستوائها، ولا غُدُر فيها تُمسِكُ
الماءَ، فهي لا تنبت الكلأَ ولا تمسك الماء. اهـ.
وأَخَذَ يَفْعَلُ كذا أَي جعل، وهي عند سيبويه من الأَفعال التي لا يوضع
اسمُ الفاعل في موضع الفعلِ الذي هو خبرها. وأَخذ في كذا أَي بدأَ.
ونجوم الأَخْذِ: منازلُ القمر لأَن القمر يأْخذ كل ليلة في منزل منها؛
قال:
وأَخْوَتْ نجومُ الأَخْذِ إِلا أَنِضَّةً،
أَنِضَّةَ مَحْلٍ ليسَ قاطِرُها يُثْري
قوله: يُثْرِي يَبُلُّ الأَرضَ، وهي نجومُ الأَنواءِ، وقيل: إِنما قيل
لها نجومُ الأَخذِ لأَنها تأْخُذُ كل يوم في نَوْءِ ولأَخْذِ القمر في
منازلها كل ليلة في منزل منها، وقيل: نجومُ الأَخْذِ التي يُرمى بها
مُسْتَرِقُ السمع، والأَول أَصح.
وائْتَخذَ القومُ يأْتخذون ائْتِخاذاً، وذلك إِذا تصارعوا فأَخذ كلٌّ
منهم على مُصَارِعِه أُخذَةً يعتقله بها، وجمعها أُخَذٌ؛ ومنه قول
الراجز:وأُخَذٌ وشَغرِبيَّاتٌ أُخَر
الليث: يقال اتخَذَ فلان مالاً يَتَّخِذه اتِّخاذاً، وتَخِذَ يَتْخَذُ
تخَذاً، وتَخِذْتُ مالاً أَي كسَبْتُه، أُلزمَتِ التاءُ الحرفَ كأَنها
أَصلية. قال الله عز وجل: لو شئتَ لَتَخِذْتَ عليه أَجراً؛ قال الفراء: قرأَ
مجاهد لَتَخِذْتَ؛ قال: وأَنشدني العتابي:
تَخِذَها سَرِيَّةً تُقَعِّدُه
قال: وأَصلها افتعلت؛ قال أَبو منصور: وصحت هذه القراءة عن ابن عباس
وبها قرأَ أَبو عمرو بن العلاء، وقرأَ أَبو زيد: لَتَخَذْتَ عليه أَجراً.
قال: وكذلك مكتوب هو في الإِمام وبه يقرأُ القراء؛ ومن قرأَ لاتَّخَذْت،
بفتح الخاء وبالأَلف، فإِنه يخالف الكتاب. وقال الليث: من قرأَ لاتَّخَذْت
فقد أَدغم التاءَ في الياءَ فاجتمعت همزتان فصيرت إِحداهما باء،
وأُدْغِمَت كراهةَ التقائهما.
والأَخِذُ من الإِبل: الذي أَخَذَ فيه السِّمنُ، والجمع أَواخِذُ.
وأَخِذَ الفصيل، بالكسر، يأْخَذُ أَخَذاً، فهو أَخِذ: أَكثر من اللبن حتى
فسَدَ بطنُه وبَشِم واتَّخَم.
أَبو زيد: إِنه لأَكْذَب من الأَخِيذِ الصَّيْحانِ، وروي عن الفراء أَنه
قال: من الأَخِذِ الصَّيْحانِ بلا ياء؛ قال أَبو زيد: هو الفصيل الذي
اتُّخِذَ من اللبن. والأَخَذُ: شبه الجنون، فصيل أَخِذٌ على فَعِل، وأَخِذَ
البعيرُ أَخَذاً، وهو أَخِذٌ: أَخَذَه مثلُ الجنون يعتريه وكذلك الشاة،
وقياسه أَخِذٌ.
والأُخُذُ: الرَّمَد، وقدأَخِذَت عينه أَخَذاً. ورجل أَخِذٌ: بعينه
أُخُذ مثل جُنُب أَي رمد، والقياس أَخِذٌ كالأَوّل. ورجل مُسْتأْخِذٌ:
كأَخِذ؛ قال أَبو ذؤيب:
يرمي الغُيوبَ بِعيْنَيْهِ ومَطْرِفُهُ
مُغْضٍ كما كَسَفَ المستأْخِذُ الرمِدُ
والمستأْخذُ: الذي به أُخُذٌ من الرمد. والمستأْخِذُ: المُطَأْطِئُ
الرأْسِ من رَمَدٍ أَو وجع أَو غيره.
أَبو عمرو: يقال أَصبح فلان مؤتخذاً لمرضه ومستأْخذاً إِذا أَصبحَ
مُسْتَكِيناً.
وقولهم: خُذْ عنك أَي خُذْ ما أَقول ودع عنك الشك والمِراء؛ فقال: خذ
الخطام
(* قوله «فقال خذ الخطام» كذا بالأصل وفيه كشطب كتب موضعه فقال ولا معنى
له.) وقولهم: أَخَذْتُ كذا يُبدلون الذال تاء فيُدْغمونها في التاء،
وبعضهم يُظهرُ الذال، وهو قليل.
خزن: خَزَنَ الشَّيءَ يَخْزُنه خَزْناً واخْتَزَنه: أَحْرَزه وجعله في
خِزانة واختزنه لنفسه. والخِزانةُ: اسم الموضع الذي يُخْزَن فيه الشيء.
وفي التنزيل العزيز: وإنْ من شيء إلا عندنا خَزائنُه. والخِزانةُ: عَملُ
الخازِن. والمَخْزَن، بفتح الزاي: ما يُخْزَن فيه الشيء. والخِزانةُ: واحدة
الخَزائن. وفي التنزيل العزيز: ولا أَقول لكم عندي خَزائن الله؛ قال ابن
الأَنباري: معناه غُيوب علم الله التي لا يعلمها إلا الله، وقيل للغُيوب
خَزائنُ لغموضها على الناس واستتارها عنهم. وخَزَن المالَ إذا غيَّبه.
وقال سفيان بن عيينة: إنما آياتُ القرآن خزائن، فإِذا دخلتَ خزانةً فاجتهد
أَن لا تخرج منها حتى تعرف ما فيها، قال: شبَّه الآية من القرآن بالوعاء
الذي يجمع فيه المال المخزون، وسمي الوعاء خزانة لأَنه من سبب المخزون
فيه. وخِزانة الإنسان: قلبه. وخازِنه وخَزّانه: لسانه، كلاهما على المثل.
وقال لقمان لابنه: إذا كان خازِنك حفيظاً وخِزانتك أَمينةً رَشدْتَ في
أَمرَيْكَ دنياك وآخرتك، يعني اللسان والقلب؛ وقال:
إذا المَرْءُ لم يَخْزُنْ عليه لسانُه،
فليس على شيءٍ سِواه بخازِنِ.
وخَزَنتُ السِّرَّ واختزَنْتُه: كتَمْتُه. وخَزِنَ اللحمُ، بالكسر،
يَخْزَنُ وخَزَنَ يَخْزُن خَزْناً وخُزوناً وخَزُنَ، فهو خَزينٌ: تغير وأَنتن
مثل خَنِزَ مقلوب منه؛ قالَ طرفة:
ثُمَّ لا يَحْزَنُ فينا لَحْمُها،
إنما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِر.
وعمَّ بعضهم به تغير الطعام كله. وقال أَبو حنيفة: الخَزَّانُ الرُّطَب
تسْوَدُّ أَجوافه من آفة تصيبه، اسم كالجَبّان والقَذّاف، واحدته
خَزّانة. واختَزَنتُ الطريقَ واخْتَصرْتُه، وأَخذنا مخازِنَ الطريق ومَخاصِرَها
أَي أَخذنا أَقرَبها.
فرط: الفارِطُ: المتقدّم السابقُ، فرَطَ يَفْرُط فُروطاً. قال أَعرابي
للحسَن: يا أَبا سَعِيدٍ، عَلِّمْني ديناً وَسُوطاً، لا ذاهباً فُروطاً،
ولا ساقِطاً سُقوطاً أَي دِيناً مُتوسِّطاً لا مُتقدِّماً بالغُلُوِّ ولا
متأَخِّراً بالتُّلُوِّ، قال له الحسن: أَحسنت يا أَعرابي خيرُ الأُمورِ
أَوْساطُها. وفرَّطَ غيرَه؛ أَنشد ثعلب:
يُفَرِّطُها عن كُبّةِ الخَيْلِ مَصْدَقٌ
كَرِيمٌ، وشَدٌّ ليس فيه تَخاذُلُ
أَي يُقَدِّمُها. وفرَّطَ إِليه رسولَه: قدَّمه وأَرسله. وفرَّطَه في
الخُصومةِ: جَرَّأَه. وفرَط القومَ يفرطهم فَرْطاً وفَراطاً وفَراطةً:
تقدَّمهم إِلى الوِرْدِ لإِصلاح الأَرْشِيةِ والدِّلاء ومَدْرِ الحِياض
والسَّقْيِ فيها. وفرَطْتُ القومَ أَفْرِطُهم فَرْطاً أَي سبقْتُهم إِلى
الماء، فأَنا فارِطٌ وهم الفرَّاطُ؛ قال القُطامي:
فاسْتَعْجَلُونا وكانوا من صَحابَتِنا،
كما تَقَدَّمَ فُرّاطٌ لِوُرَّادِ
وفي الحديث أَنه قال بطريق مكة: مَن يَسْبِقُنا إِلى الأَثايةِ
فَيَمْدُر حوْضَها ويُفْرِطُ فيه فيَمْلَؤُه حتى نأْتِيَه، أَي يُكْثر من صبّ
الماء فيه. وفي حديث سراقة: الذي يُفْرِطُ في حوْضِه أَي يَمْلَؤُه؛ ومنه
قصيد كعب:
تَنْفي الرِّياحُ القَذَى عنه وأَفْرَطَه
أَي ملأَه، وقيل: أَفْرَطَه ههنا بمعنى تركَه.
والفارِطُ والفَرَطُ، بالتحريك: المتقدِّم إِلى الماء يتقدَّمُ
الوارِدةَ فُيهَيِّء لهم الأَرْسانَ والدِّلاءَ ويملأُ الحِياضَ ويستقي لهم، وهو
فَعَلٌ بمعنى فاعِلٍ مثل تَبَعٍ بمعنى تابِعٍ؛ ومنه قول النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم: أَنا فرَطُكم على الحوْضِ أَي أَنا متقدِّمُكم إِليه؛ رجل
فرَطٌ وقوم فرَطٌ ورجل فارِطٌ وقوم فُرَّاطٌ؛ قال:
فأَثارَ فارِطُهم غَطاطاً حُثَّماً،
أَصْواتُها كتَراطُنٍ الفُرْسِ
ويقال: فرَطْتُ القومَ وأَنا أَفرُطُهم فُروطاً إِذا تقدَّمْتَهم،
وفرَّطْت غيري: قدَّمْتُه، والفَرَطُ: اسم للجمع. وفي الحديث: أَنا والنبيّون
فُرَّاطٌ لقاصِفينَ، جمع فارِطٍ، أَي متقدّمون إِلى الشَّفاعةِ، وقيل:
إِلى الحوْضِ، والقاصِفونَ: المُزْدَحِمون.
وفي حديث ابن عباس قال لعائشة، رضي اللّه عنهم: تَقْدَمِينَ على فَرَطِ
صِدْقٍ، يعني رسولَ اللّه، صلّى الله عليه وسلّم، وأَبا بكر، رضي اللّه
عنه، وأَضافهما إِلى صِدْقٍ وصفاً لهما ومَدْحاً؛ وقوله:
إِنَّ لها فَوارِساً وفَرَطا
يجوز أَن يكون من الفَرَط الذي يقع على الواحد والجمع، وأَن يكون من
الفَرط الذي هو اسم لجمع فارِطٍ، وهذا أَحسن لأَن قبله فوارساً فَمُقابلة
الجمع باسم الجمع أَوْلى في قوة الجمع. والفَرَطُ: الماء المتقدّمُ لغيره
من الأَمْواه.
والفُراطةُ: الماء يكون شَرَعاً بين عدَّةِ أَحْياء مَن سبَق إِليه فهو
له، وبئر فُراطةٌ كذلك. ابن الأَعرابي: الماء بينهم فُراطةٌ أَي
مُسابَقة. وهذا ماء فُراطة بين بني فلان وبني فلان، ومعناه أَيُّهم سبَق إِليه
سَقى ولم يُزاحِمْه الآخَرُون. الصحاح: الماء الفِراطُ الذي يكون لمن سبق
إِليه من الأَحْياء.
وفُرَّاطُ القَطا: متقدِّماتُها إِلى الوادي والماء؛ قال نِقادَةُ
الأَسدي:
ومَنْهَلٍ ورَدْتُه التِقاطا،
لم أَرَ، غِذْ ورَدْتُه، فُرّاطا
إِلاَّ الحَمام الوُرْقَ والغَطاطا
وفرَطْت البئرَ إِذا تركتَها حتى يَثوب ماؤها؛ قال ذلك شمر وأَنشد في
صفة بئر:
وهْيَ، إِذا ما فُرِطَتْ عَقْدَ الوَذَمْ،
ذاتُ عِقابٍ همشٍ، وذاتُ طَمْ،
يقول: إِذا أُجِمَّتْ هذه البئرُ قَدْرَ ما يُعْقَدُ وذَمُ الدلْوِ ثابت
بماء كثير. والعِقابُ: ما يَثوب لها من الماء، جمع عَقبٍ؛ وأَما قول
عمْرو بن معديكرب:
أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إِذا ما
قَتَلْتُ سَراتَهم، كانت قَطاطِ
أَي أَطَلْت إِمْهالَهم والتَّأَني بهم إِلى أَن قتلتُهم. والفرَطُ: ما
تقدَّمك من أَجْرٍ وعَمَل. وفرَطُ الولد: صِغاره ما لم يُدْرِكوا، وجمعُه
أَفراط، وقيل: الفرَطُ يكون واحداً وجمعاً. وفي الدعاء للطِّفل الميت:
اللهم اجعله لنا فَرَطاً أَي أَجراً يتقدَّمُنا حتى نَرِدَ عليه. وفرَطَ
فلانٌ وُلْداً وافْتَرطَهم: ماتوا صِغاراً. وافْتُرِطَ الوَلدُ: عُجِّلَ
موتُه؛ عن ثعلب. وأَفرطَتِ المرأَةُ أَولاداً: قدَّمتهم. قال شمر: سمعتُ
أَعرابية فصيحة تقول: افْتَرَطْتُ ابنينِ. وافترَط فلان فرَطاً له أَي
أَولاداً لم يبلغوا الحُلُم. وأَفْرَطَ فلان ولداً إِذا مات له ولد صغير قبل
أَن يبلغُ الحُلُم. وافترط فلان أَولاداً أَي قدَّمهم.
والإِفْراط: أَن تَبعث رسولاً مجرَّداً خاصّاً في حوائجك.
وفارَطْتُ القومَ مُفَارَطة وفِرطاً أَي سابقتُهم وهم يتَفارَطون؛ قال
بشر:
إِذا خَرَجَتْ أَوائلُهُنَّ شُعْثاً
مُجَلِّحةً، نَواصيها قتامُ
يُنازِعْنَ الأَعِنَّةَ مُصْغِياتٍ،
كما يتَفارَطُ الثَّمْدَ الحَمامُ
ويُروى: الحِيامُ. وفلانٌ لا يُفْتَرَطُ إِحسانه وبِرُّه أَي لا
يُفْتَرص ولا يُخاف فَوْتُه؛ وقول أَبي ذؤيب:
وقد أَرْسَلُوا فُرَّاطَهم فتَأَثَّلُوا
قَلِيباً سَفاهاً، كالإِماءِ القَواعِدِ
يعني بالفُرَّاط المتقدِّمين لحفر القَبْرِ، وكله من التقدُّم والسبقِ.
وفرَط إِليه مِنِّي كلامٌ وقولٌ: سبَق؛ وفي الدعاء: على ما فرَط مِنِّي
أَي سبق وتقدَّم. وتكلم فلانٌ فِراطاً أَي سبقت منه كلمة. وفَرَّطْته:
تركتُه وتقدّمته؛ وقول ساعدة بن جؤية:
معه سِقاءٌ لا يُفَرِّط حَمْلَه
صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ
أَي لا يترك حملَه ولا يُفارقه. وفرَط عليه في القول يَفْرُط: أَسرف
وتقدَّم. وفي التنزيل العزيز: إِنّا نَخاف أَن يفرُط علينا أَو أَن يَطْغَى؛
والفُرُطُ: الظُّلْم والاعتداء.
قال اللّه تعالى: وكان أَمْرُهُ فُرُطاً. وأَمره فُرُطٌ أَي مَتْروك.
وقوله تعالى: وكان أَمرُه فُرُطاً، أَي متروكاً تَرَك فيه الطاعة وغَفَل
عنها، ويقال: إِيّاك والفُرُطَ؛ وفي حديث سَطيح:
إِنْ يُمْسِ مُلْكُ بَنِي ساسانَ أَفْرَطَهم
أَي تَرَكهم وزال عنهم. وقال أَبو الهيثم: أَمرٌ فُرُطٌ أَي متهاوَنٌ به
مضيَّع؛ وقال الزجاج: وكان أَمرُه فُرُطاً، أَي كان أَمرُه التفريطَ وهو
تقديم العَجْز، وقال غيره: وكان أَمرُه فُرطاً أَي نَدَماً ويقال
سَرَفاً.
وفي حديث علي، رضوان اللّه عليه: لا يُرى الجاهلُ إِلا مُفْرِطاً أَو
مُفَرِّطاً؛ هو بالتخفيف المُسرف في العمل، وبالتشديد المقصِّر فيه؛ ومنه
الحديث: أَنه نام عن العشاء حتى تفرّطت أَي فات وقتُها قبل أَدائها. وفي
حديث توبةِ كعبٍ: حتى أَسرعوا وتَفارَطَ الغَزْوُ أَي فات وقتُه. وأَمر
فُرُط أَي مجاوَزٌ فيه الحدّ؛ ومنه قوله تعالى: وكان أَمرُه فُرُطاً.
وفَرَط في الأَمر يَفْرُط فَرْطاً أَي قصَّر فيه وضيَّعه حتى فات، وكذلك
التفريطُ. والفُرُط: الفرَس السريعة التي تَتَفَرَّط الخيلَ أيُ تتقدَّمُها.
وفرس فُرُط: سريعة سابقة؛ قال لبيد:
ولقد حَمَيْتُ الحيَّ تحمِل شِكَّتي
فُرُطٌ وِشاحي، إِذ غدوتُ، لجامُها
وافترَط إِليه في هذا الأَمر: تقدّم وسبَق.
والفُرْطة، بالضم: اسمٌ للخروج والتقدّم، والفَرْطة، بالفتح: المرّة
الواحدة منه مثل غُرْفة وغَرْفة وحُسْوة وحَسْوة؛ ومنه قولُ أُمّ سلمة
لعائشة: إِن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نهاكِ عن الفُرْطة في
البِلاد. غيره: وفي حديث أُم سلمة قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: إِن رسول
اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، نهاكِ عن الفُرْطة في الدِّين يعني السبْق
والتقدّم ومجاوزة الحدّ.
وفلان مُفْتَرِط السِّجال إِلى العُلى أَي له فيه قُدْمة؛ وأَنشد:
ما زِلْت مُفْتَرِطَ السِّجال إِلى العُلى،
في حَوْضِ أَبْلَجَ، تَمْدُرُ التُّرْنُوقا
ومَفارِطُ البلد: أَطرافه؛ وقال أَبو زبيد:
وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّمِّ
لعَمْياءَ في مَفارِط بيدِ
وفلان ذو فُرْطة في البلاد إِذا كان صاحبَ أَسفار كثيرة. ابن الأَعرابي:
يقال أَلْقاه وصادَفه وفارَطَه وفالَطَه ولاقَطَه كله بمعنى واحد. وقال
بعض الأَعراب: فلان لا يُفْتَرَط إِحسانه وبرُّهُ أَي لا يُفْتَرص ولا
يُخاف فَوْتُه.
والفارِطان: كَوْكَبان مُتباينان أَمام سَرِير بَنات نَعْشٍ
يتقدَّمانها.وأَفراطُ الصَّباح: أَولُ تَباشيره لتقدّمها وإِنذارها بالصبح، واحدها
فُرْطٌ؛ وأَنشد لرؤبة:
باكَرْتُه قبل الغَطاط اللُّغَّطِ،
وقبل أَفْراط الصَّباح الفُرَّطِ
والإِفراطُ: الإِعجال والتقدُّم. وأَفْرَطَ في الأَمر: أَسرف وتقدَّم.
والفُرُط: الأَمر يُفْرَط فيه، وقيل: هو الإِعجال، وقيل: النَّدَم. وفرَط
عليه يَفْرُط: عَجِل عليه وعَدا وآذاه. وفرط: تَوانَى ونَسِيَ.
والفَرَطُ: العَجلة. وقال الفراء في قوله تعالى: إِنّا نَخاف أَن يَفْرُط علينا،
قال: يَعْجَل إِلى عُقوبتنا. والعرب تقول: فَرَط منه أَي بَدَر وسبَق.
والإِفْراط: إِعجالُ الشيء في الأَمر قبل التثبُّت. يقال: أَفْرَط فلان في
أَمره أَي عَجِل فيه، وأَفْرَطه أَي أَعجله، وأَفرطت السِّقاءَ ملأْته،
والسحابةُ تُفْرط الماء في أَول الوَسْمِيّ أَي تُعجله وتُقدِّمه.
وأَفْرَطت السحابة بالوسمي: عَجَّلت به، قال سيبويه: وقالوا فَرّطْت إِذا كنت
تُحذّره من بين يديه شيئاً أَو تأْمره أَن يتقدَّم، وهي من أَسماء الفعل
الذي لا يتعدّى.
وفَرْطُ الشهوة والحزن: غلبتهما. وأَفْرط عليه: حَمَّله فوق ما يُطيق.
وكلُّ شيء جاوز قَدْرَه، فهو مُفْرِط. يقال: طول مُفْرِط وقِصَر مُفْرِط.
والإِفراط: الزيادة على ما أُمرت. وأَفرطْت المَزادةَ: ملأْتها. ويقال:
غَدِير مُفْرَط أَي ملآن؛ وأَنشد ابن بري:
يَرَجِّعُ بين خُرْمٍ مُفْرَطاتٍ
صَوافٍ، لم يُكدِّرْها الدِّلاء
وأَفرط الحوضَ والإِناءَ: ملأَه حتى فاض؛ قال ساعدة بن جؤية:
فأَزال ناصِحَها بأَبْيَض مُفْرطٍ،
من ماء أَلْهابٍ بهِنَّ التَّأْلَبُ
أَي مزَجها بماء غَدِير مملوءٍ؛ وقول أَبي وجزة:
لاعٍ يكادُ خَفِيُّ الزَّجْرِ يُفْرِطُه،
مُسْتَرْفِع لِسُرَى المَوْماة هَيَّاج
(* قوله «مسترفع لسرى» أورده في مادة ربع مستربع بسرى وفسره هناك.)
يُفْرِطُه: يملؤه رَوْعاً حتى يذهَب به.
والفَرْطُ، بفتح الفاء: الجبل الصغير، وجمعه فُرُط؛ عن كراع. الجوهري:
والفُرُط واحد الأَفْراط وهي آكام شبيهات بالجبال. يقال: البُوم تَنوح على
الأَفْراط؛ عن أَبي نصر؛ وقال وعْلَة الجَرْمي:
سائلْ مُجاوِرَ جَرْمٍ: هل جَنَيْتُ لهم؟
حَرْ بأَتُفَرِّقُ بين الجِيرةِ الخُلُطِ؟
وهل سَمَوْتُ بجرّارٍ له لَجَبٌ،
جَمِّ الصَّواهِلِ، بين السَّهْلِ والفُرُطِ؟
والفُرْط: سَفْحُ الجبال وهو الجَرُّ؛ عن اليزيدي؛ قال حسان:
ضاقَ عَنّا الشِّعْبُ إِذ نَجْزَعُه،
ومَلأْنا الفُرْطَ منكم والرِّجَلْ
وجمعه أَفراط؛ قال امرؤ القيس:
وقد أُلْبِسَت أَفْراطها ثِنْيَ غَيْهَب
والفَرْط: العَلَم المستقيم يُهتدى به. والفَرْط: رأْس الأَكَمَة
وشخصها، وجمعه أَفْراط وأَفْرُط؛ قال ابن بَرّاقة:
إِذا الليلُ أَدْجَى واكْفَهَرَّت نُجومُه،
وصاح من الأَفْراط بُومٌ جواثِمُ
وقيل: الأَفْراط ههنا تَباشير الصبح لأَن الهامَ تَزْقو عند ذلك، قال:
والأَول أَولى، ونسَب ابن بري هذا البيت للأَجدع الهمداني وقال: أَراد
كأَن الهامَ لما أَحسَّت بالصباح صَرَخت.
وأَفرطْتُ في القول أَي أَكثرت.
وفرَّط في الشيء وفرَّطه: ضيعه وقدَّم العجز فيه. وفي التنزيل العزيز:
أَن تقولَ نفسٌ يا حَسْرتا على ما فرَّطْت في جنْب اللّه؛ أَي مَخافة أَن
تصيروا إِلى حال الندامة للتفريط في أَمر اللّه، والطريق الذي هو طريق
اللّه الذي دعا إِليه، وهو توحيد اللّه والإِقرار بنبوّة رسوله، صلّى اللّه
عليه وسلّم؛ قال صخر البغيّ:
ذلك بَزِّي، فَلَن أُفَرِّطَه،
أَخافُ أَن يُنْجِزوا الذي وعَدُوا
يقول: لا أُخلّفه فأَتقدّم عنه؛ وقال ابن سيده: يقول لا أُضيّعه، وقيل:
معناه لا أُقدّمه وأَتخلّف عنه. والفَرَطُ: الأَمر الذي يفرِّط فيه صاحبه
أَي يضيّع. وفرَّطَ في جَنْب اللّه: ضيَّع ما عنده فلم يعمل له.
وتفارطَت الصلاة عن وقتها: تأَخرت. وفرَّط اللّه عنه ما يكره أَي نَحّاه،
وقَلّما يستعمل إِلا في الشعر؛ قال مُرَقِّش:
يا صاحبَيَّ، تَلَبَّثا لا تُعْجَلا،
وَقِفا برَبْعِ الدار كَيْما تَسْأَلا
فلَعَلَّ بُطْأَ كما يُفَرِّط سَيِّئاً،
أَو يَسْبِق الإِسراعُ خَيْراً مُقْبِلا
والفَرْط: الحِين: يقال: إِنما آتيه الفَرْطَ وفي الفَرْط، وأَتيته
فَرْط أَشهر أَي بعدها؛ قال لبيد:
هلِ النفْسُ إِلاَّ مُتْعةٌ مُسْتعارةٌ،
تُعارُ، فَتَأْتي رَبَّها فَرْطَ أَشهُر؟
وقيل: الفَرْط أَن تأْتيه في الأَيام ولا تكون أَقلّ من ثلاثة ولا أَكثر
من خمس عشرة ليلة. ابن السكيت: الفَرْط أَن يقال آتيك فَرْط يوم أَو
يومين. والفَرْط: اليوم بعد اليومين. أَبو عبيد: الفَرْط أَن تلقَى الرجل
بعد أَيام. يقال: إِنما تلقاه في الفَرْط، ويقال: لقيته في الفَرْط بعد
الفَرْطِ أَي الحِين بعد الحِين. وفي حديث ضُباعة: كان الناس إِنما يذهبون
فَرْطَ يوم أَو يومين فيَبْعَرُون كما تَبْعَرُ الإِبل أَي بعد يومين.
وقال بعض العرب: مضيت فَرْط ساعة ولم أُومِنْ أَنْ أَنْفَلِت، فقيل لهع: ما
فرْط ساعة؟ فقال: كمُذ أَخذت في الحديث، فأَدخل الكاف على مُذْ، وقوله
ولم أومِن أَي لم أَثِقْ ولم أُصدِّق أَني أَنفلِت. وتفارطَتْه الهموم:
أَتته في الفَرْط: وقيل: تسابقت إِليه.
وفَرَّط: كَفَّ عنه وأَمهلَه. وفرَّطْت الرجل إِذا أَمهلتَه.
والفِراط: التَّرْك. وما أَفرط منهم أَحداً أَي ما ترك. وما أَفْرَطْت
من القوم أَحداً أَي ما تركت. وأَفْرَط الشيءَ: نَسِيه. وفي التنزيل:
وأَنَّهم مُفْرَطون؛ قال الفراء: معناه منسيُّون في النار، وقيل: منسيُّون
مضيَّعون متروكون، قال: والعرب تقول أَفْرَطْت منهم ناساً أَي خَلَّفتهم
ونَسِيتهم، قال: ويُقرأُ مُفْرِطون، يقال: كانوا مُفْرِطِين على أَنفسهم في
الذنوب، ويروى مُفَرِّطون كقوله تعالى: يا حَسْرتا على ما فَرَّطْتُ في
جَنْب اللّه، يقول: فيما ترَكْتُ وضيَّعت.
دمك: يقال للأَرنب السريعة العَدْوِ: دَمُوك، وقد دَمَكَتِ الأَرنب
تعدْمُكُ دُمُوكاً. والدَّمْك: أَسرع ما يكون من عدوها. وبَكْرة دَمُوك:
صلبة؛ قال:
صَرَّافَة القَبِّ دَمُوكاً عاقِرا
عاقر: لا مثل لها ولا شبه، وقيل: بَكْرة دَمُوك ودَمَكوك سريعة المَرّ،
وكذلك كل شيء شريع المر، وقيل: هي البكرة العظيمة يستقى بها على
السَّانية. وفي التهذيب: الدَّمُوك أَعظم من البكرة يستقى بها على السانية، وجمع
الدَّمُوك دُمُك.
ودَمَك الشيءَ يَدْمُكه دَمْكاً: طحنه. ورَحِّى دَمُوك: سريعة الطحن،
وربما قالوا رَحًى دَمَكْمَك أَي شديدة الطحن. ويقال: أَصابتهم دامِكة من
دَوامك الدهر أَي داهية. والدَّامِكة: الداهية.
وشهر دَمِيك: تام كدَكيك؛ كلاهما عن كراع. ويقال: أَقمت عنده شهراً
دَمِيكاً أَي شهراً تامّاً؛ قال كعب:
دابَ شهرين ثم شَهْراً دَميكا
والمِدْماكُ: السافُ من البناء؛ أَنشد ثعلب:
تَدُكّ مِدْماكَ الطَّوِيِّ قَدَمُهْ
يعني ما بني على رأس البئر. الأَصمعي: السافُ في البناء كل صف من
اللبنِ، وأَهل الحجاز يسمونه المِدْماك. وروي عن محمد بن عمير قال: كان بناء
الكعبة في الجاهلية مِدْماك حجارة ومِدْماك عيدان من سفينة انكسرت؛ وأَنشد
الأَصمعي:
ألا يا ناقِضَ الميثا
ق مِدْماكاً فمِدْماكا
وفي حديث إبراهيم وإِسمعيل، عليهما الصلاة والسلام: كانا يبنيان البيت
فيرفعان كل يوم مِدْماكاً؛ قال: الصف من اللبنِ أَو الحجارة في البناء عند
أَهل الحجاز مِدماك، وعند أَهل العِراق سافٌ، وهو من الدَّمْك التوثيق،
والمِدْماك خيط البَنَّناء والنجَّار أَيضاً. وقال شجاع: دَمَكَت الشمسُ
في الجَوِّ ودَلَكتْ إذا ارتفعت.
والدَّمُوك: اسم فرس؛ وقال:
أنا ابن عَمْروٍ، وهي الدَّمُوكُ،
حَمْراء في حارِكها سُمُوكُ،
كأن فاها قَتَبٌ مَفْكُوكُ
ودَمَك الشيءُ يَدْمُك دُموكاً أي صار أَملس. والمِدْمَكُ: المِطْمَلةُ،
وهو ما يوسع به الخبز.
وابن دُماكة: رجل من سودان العرب. والدَّمَكْمَك من الرجال والإِبل:
القوي الشديد. قال ابن بري: وجمع الدَّمَكْمَكِ دَمامِك؛ أَنشد أَبو عليّ عن
أَبي العباس:
رأَيتُكِ لا تُغْنينَ عنِّي فَتْلَةً،
إذا اخْتَلَفَتْ فيّ الهَراوى الدَّمامِكُ
وذكره الأَزهري في الرباعي؛ قال ابن جني: الكاف الأُولى من دَمَكْمَك
زائدة، وذلك أنها فاصلة بين العينين، والعينان متى اجتمعتا في كلمة واحدة
مفصولاً بينهما فلا يكون الحرف الفاصل بينهما إلا زائداً، نحو عَثَوْثَل
وعَقَنْقَل وسُلالِم وخَفَيْدَد، وقد ثبت أَن العين الأُولى هي الزائدة،
فثبت إذاً أَن الميم والكاف الأُوليين هما الزائدتان، وأَن الميم والكاف
الأُخريين هما الأَصلان، فاعرف ذلك. أَبو عمرو: الدَّميك الثلج. ويقال
لزَوْرِ الناقة دامِك؛ قال الأَعشى:
وزَوْراً تَرى في مِرْفَقَيْه تجانُفاً
نبيلاً، كبيت الصَّيْدَنانِيِّ دامِكا
أَبو زيد: دَمَك الرجلُ في مشيه إذا أَسرع، ودَمَكت الإبل ليلتها.
عقر: العَقْرُ والعُقْرُ: العُقْم، وهو اسْتِعقْامُ الرَّحِم، وهو أَن
لا تحمل. وقد عَقُرَت المرأَة عَقَارةً وعِقارةً وعَقَرت تَعْقِرِ عَقْراً
وعُقْراً وعَقِرَت عَقاراً، وهي عاقرٌ. قال ابن جني: ومما عدُّوه شاذّاً
ما ذكروه من فَعُل فهو فاعِلٌ، نحو عَقُرَت المرأَة فهي عاقِرٌ، وشَعُر
فهو شاعرٌ، وحَمُض فهو حامِضٌ، وطَهُرَ فهو طاهِرٌ؛ قال: وأَكثر ذلك
وعامَّتُه إِنما هو لُغات تداخَلَت فَتَركَّبَت، قال: هكذا ينبغي أَن
تعتَقِد، وهو أَشَبهُ بحِكمةِ العرب. وقال مرَّة: ليس عاقرٌ من عَقُرَت بمنزلة
حامِضٍ من حَمُض ولا خاثرٍ من خَثُر ولا طاهِرٍ من طَهُر ولا شاعِرٍ من
شَعُر لأَن كل واحد من هذه اسم الفاعل، وهو جارٍ على فَعَل، فاستغني به عما
يَجْرِي على فَعُل، وهو فَعِيل، ولكنه اسمٌ بمعنى النسب بمنزلة امرأَة
حائضٍ وطالَقٍ، وكذلك الناقة، وجمعها عُقَّر؛ قال:
ولو أَنَّ ما في بَطْنِه بَيْنَ نِسْوَةٍ
حَبِلْنَ، ولو كانت قَواعِدَ عُقّرا
ولقد عَقُرَت، بضم القاف، أَشدَّ العُقْر وأَعْقَر اللهُ رَحِمَها، فهي
مُعْقَرة، وعَقُر الرجلُ مثل المرأَة أَيضاً، ورجال عُقَّرٌ ونساء
عُقَّرٌ. وقالوا: امرأَة عُقَرة، مثل هُمَزة؛ وأَنشد:
سَقَى الكِلابيُّ العُقَيْليَّ العُقُرْ
والعُقُر: كل ما شَرِبه
(*
قوله: «والعقر كل ما شربه إلخ» عبارة شارح القاموس العقر، بضمتين، كل ما
شربه إِنسان فلم يولد له، قال: «سقى الكلابي العقيلي العقر» قال
الصاغاني: وقيل هو العقر بالتخفيف فنقله للقافية). الإِنسان فلم يولد له، فهو
عُقْرٌ له. ويقال: عَقَر وعَقِر إِذا عَقُر فلم يُحْمَل له. وفي الحديث: لا
تَزَوَّجُنَّ عاقِراً فإِني مُكاثِرٌ بكم؛ العاقرُ: التي لا تحمل. وروي
عن الخليل: العُقْرُ اسْتِبْراءُ المرأَة لتُنْظَرَ أَبِكْرٌ أَم غير
بكر، قال: وهذا لا يعرف. ورجل عاقرٌ وعَقِيرٌ: لا يولد له بَيْن العُقْر،
بالضم، ولم نسمع في المرأَة عَقِيراً. وقال ابن الأَعرابي: هو الذي يأْتي
النساء فيُحاضِنُهنّ ويُلامِسهُنّ ولا يولد له.
وعُقْرةُ لعهدهم: النِّسْيانُ: والعُقَرة: خرزة تشدُّها المرأَة على
حَِقْوَيْها لئلا تَحْبَل. قال الأَزهري: ولسنا العرب خرزةٌ يقال لها
العُقَرة يَزْعُمْن أَنها إِذا عُلِّقَت على حِقْوِ المرأَة لم تحمل إِذا
وُطِئت. قال الأَزهري: قال ابن الأَعرابي العُقَرة خرزةٌ تعلَّق على العاقر
لتَلِدَ. وعَقُر الأَمرُ عُقْراً: لم يُنْتِجْ عاقِبةً؛ قال ذر الرمة يمدح
بلال بن أَبي بردة:
أَبوكَ تَلافَى الناسَ والدِّينَ بعدما
تَشاءَوْا، وبَيْتُ الدِّين مُنْقطِع الكَسْر
فشدَّ إِصارَ الدِّينِ أَيَّامَ أَذْرُحٍ
ورَدَّ حُروباً لَقِحْن إِلى عُقْرِ
الضمير في شدَّ عائد على جد الممدوح وهو أَبو موسى الأَشعري.
والتَّشائِي: التبايُنُ والتَّفَرُّق. والكَسْرُ؛ جانب البيت. والإِصَارُ: حَبْل
قصير يشدّ به أَسفلُ الخباء إِلى الوتد، وإِنما ضربه مثلاً. وأَذْرُح:
موضع؛ وقوله: وردَّ حُروباً قد لَقِحْنَ إِلى عُقْرِ أَي رَجَعْن إِلى
السكون. ويقال: رَجَعَت الحربُ إِلى عُقْرٍ إِذا فَتَرَتْ. وعَقْرُ النَّوَى:
صَرْفُها حالاً بعد حال. والعاقِرُ من الرمل: ما لا يُنْبِت، يُشَبَّه
بالمرأَة، وقيل: هي الرملة التي تُنْبِت جَنَبَتَاها ولا يُنْبِت وَسَطُها؛
أَنشد ثعلب:
ومِن عاقرٍ يَنْفِي الأَلاءَ سَراتُها،
عِذَارَيْنِ عَنْ جَرْداءَ، وَعْثٍ خُصورُها
وخَصَّ الأَلاء لأَنه من شجر الرمل، وقيل: العاقر رملة معروفة لا تنبت
شيئاً؛ قال:
أَمَّا الفُؤادُ، فلا يَزالُ مُوكَّلاً
بهوى حَمامةَ، أَو بِرَيّا العاقِر
حَمامَةُ: رملة معروفة أَو أَكَمَة، وقيل: العاقِرُ العظيم من الرمل،
وقيل: العظيم من الرمل لا ينبت شيئاً؛ فأَما قوله أَنشده ابن الأَعرابي:
صَرَّافةَ القَبِّ دَموكاً عاقِرا
فإِنه فسره فقال: العاقِرُ التي لا مثل لها. والدَّمُوك هنا: البَكَرة
التي يُسْتقى بها على السانِية، وعَقَرَه أَي جَرَحَه، فهو عَقِيرٌ
وعَقْرَى، مثَّل جريح وجَرْحَى والعَقْرُ: شَبِيهٌ بالحَزِّ؛ عَقَرَه يَعْقِره
عَقْراً وعَقَّره. والعَقِيرُ: المَعْقورُ، والجمع عَقْرَى، الذكر
والأُنثى فيه سواء. وعَقَر الفرسَ والبعيرَ بالسيف عَقْراً: قطع قوائمه؛ وفرس
عَقِيرٌ مَعْقورٌ، وخيل عَقْرى؛ قال:
بسِلَّى وسِلِّبْرَى مَصارعُ فِتْيةٍ
كِرامٍ، وعَقْرَى من كُمَيْتٍ ومن وَرْدِ
وناقةٌ عَقِيرٌ وجمل عَقِير. وفي حديث خديجة، رضي الله تعالى عنها، لما
تزوجت رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، كَسَتْ أَباها حُلَّةً
وخَلَّقَتْه ونَحَرَتْ جزوراً، فقال: ما هذا الحَبِيرُ وهذا العَبِيرُ وهذا
العَقِيرُ؟ أَي الجزور المنحور؛ قيل: كانوا إِذا أَرادوا نَحْرَ البعير عَقَرُوه
أَي قطعوا إِحدى قوائمه ثم نَحرُوه، يفْعل ذلك به كَيْلا يَشْرُد عند
النَّحْر؛ وفي النهاية في هذا المكان: وفي الحديث: أَنه مَرَّ بحِمارٍ
عَقِيرٍ أَي أَصابَه عَقْرٌ ولم يَمُتْ بعد، ولم يفسره ابن الأَثير. وعَقَرَ
الناقة يَعْقِرُها ويَعْقُرها عَقْراً وعَقَّرَها إِذا فعل بها ذلك حتى
تسقط فَنَحَرَها مُسْتمكناً منها، وكذلك كل فَعِيل مصروف عن مفعول به
فإِنه بغير هاء. قال اللحياني: وهو الكلام المجتمع عليه، ومنه ما يقال
بالهاء؛ وقول امرئ القيس:
ويومَ عَقَرْتُ للعَذارَى مَطِيَّتي
فمعناه نحرتها. وعاقَرَ صاحبَه: فاضَلَه في عَقْر الإِبل، كما يقال
كارَمَه وفاخَرَه. وتعاقَر الرجُلان: عَقَرا إِبلِهَما يَتَباريَان بذلك
ليُرَى أَيُّهما أَعْقَرُ لها؛ ولما أَنشد ابن دريد قوله:
فما كان ذَنْبُ بنِي مالك،
بأَنْ سُبَّ منهم غُلامٌ فَسَبَّ
بأَبْيَضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ
يَقُطُّ العِظامَ ويَبْرِي العَصَبْ
فسره فقال: يريد مُعاقرةَ غالب بن صعصعة أَبي الفرزدق وسُحَيم بن وَثِيل
الرياحي لما تَعاقَرَا بِصَوْأَر، فعقر سحيم خمساً ثم بدَا له، وعَقَر
غالبٌ أَبو الفرزدق مائة. وفي حديث ابن عباس: لا تأْكلوا من تَعاقُرِ
الأَعراب فإِني لا آمَنُ أَن يكون مما أْهِلَّ به لغير الله؛ قال ابن
الأَثير: هو عَقْرُهم الإِبل، كان الرجلان يَتَباريانِ في الجود والسخاء
فيَعْقِر هذا وهذا حتى يُعَجِّزَ أَحدُهما الآخر، وكانوا يفعلونه رياءً وسُمْعة
وتفاخُراً ولا يقصدون به وجه الله تعالى، فشبَّهه بما ذُبح لغير الله
تعالى. وفي الحديث: لا عَقْرَ في الإِسلام: قال ابن الأَثير: كانوا
يَعْقِرون الإِبل على قبور المَوْتَى أَي يَنْحَرُونها ويقولون: إِن صاحبَ القبر
كان يَعْقِر للأَضياف أَيام حياته فتُكافِئُه بمثل صَنِيعه بعد وفاته.
وأَصل العَقْرِ ضَرْبُ قوائم البعير أَو الشاة بالسيف، وهو قائم. وفي
الحديث: ولا تَعْقِرنّ شاةً ولا بَعِيراً إِلاَّ لِمَأْكَلة، وإِنما نهى عنه
لأَنه مُثْلة وتعذيبٌ للحيوان؛ ومنه حديث ابن الأَكوع: وما زِلْتُ
أَرْمِيهم وأَعْقِرُ بهم أَي أَقتُلُ مركوبهم؛ يقال: عَقَرْت به إِذا قتلت مر
كوبه وجعلته راجلاً؛ ومنه الحديث: فَعَقَرَ حَنْظَلةُ الراهب بأَبي
سُفْيَان بن حَرْب أَي عَرْقَبَ دَابّته ثم اتُّسِعَ في العَقْر حتى استعمل في
القَتْل والهلاك؛ ومنه الحديث: أَنه قال لمُسَيْلِمةَ الكذّاب: وإِن
أَدْبَرْتَ ليَعْقرَنَّك الله أَي ليُهْلِكَنّك، وقيل: أَصله من عَقْر النخل،
وهو أَن تقطع رؤوسها فتَيْبَس؛ ومنه حديث أُم زرع: وعَقْرُ جارِتها أَي
هلاكُهَا من الحسد والغيظ. وقولهم: عَقَرْتَ بي أَي أَطَلْت جَبْسِي كأَنك
عَقَرْت بَعِيرِي فلا أَقدر على السير، وأَنشد ابن السكيت:
قد عَقَرَتْ بالقومِ أُمُّ خَزْرج
وفي حديث كعب: أَن الشمس والقَمَرَ ثَوْرانِ عَقِيران في النار؛ قيل
لمّا وصَفَهما الله تعالى بالسِّبَاحة في قوله عز وجل: وكلٌّ في فَلَكٍ
يَسْبَحُون، ثم أَخبر أَنه يجعلهما في النار يُعَذِّب بهما أَهْلَها بحيث لا
يَبْرَحانِها صارا كأَنهما زَمِنان عَقِيران. قال ابن الأَثير: حكى ذلك
أَبو موسى، وهو كما تراه. ابن بزرج: يقال قد كانت لي حاجة فعَقَرَني عنها
أَي حَبَسَنِي عنها وعاقَنِي. قال الأَزهري: وعَقْرُ النَّوَى منه
مأْخوذ، والعَقْرُ لا يكون إِلاَّ في القوائم. عَقَرَه إِذا قطع قائِمة من
قوائمه. قال الله تعالى في قضيَّة ثمود: فتاطَى فعَقَرَ؛ أَي تعاطَى الشقِيُّ
عَقْرَ الناقةِ فبلغ ما أَراد، قال الأَزهري: العَقْرُ عند العرب كَشْفُ
عُرْقوب البعير، ثم يُجْعَل النَّحْرُ عَقْراً لأَن ناحِرَ الإِبل
يَعْقِرُها ثم ينحرها. والعَقِيرة: ما عُقِرَ من صيد أَو غيره. وعَقِيرةُ
الرجل: صوتُه إِذا غَنّى أَو قَرَأَ أَو بَكى، وقيل: أَصله أَن رجلاً عُقِرَت
رجلُه فوضع العَقِيرةَ على الصحيحة وبكَى عليها بأَعْلى صوته، فقيل: رفع
عَقِيرَته، ثم كثر ذلك حتى صُيِّر الصوتُ بالغِنَاء عَقِيرة. قال
الجوهري: قيل لكل مَن رفع صوته عَقِيرة ولم يقيّد بالغناء. قال: والعَقِيرة
الساقُ المقطوعة. قال الأَزهري: وقيل فيه هو رجل أُصِيبَ عُضْوٌ من أَعضائه،
وله إِبل اعتادت حُداءَه، فانتشرت عليه إِبلُه فرفع صوتَه بالأَنِينِ
لِمَا أَصابه من العَقْرِ في بدنه فتسمَّعت إِبلُه فحَسِبْنه يَحْدو بها
فاجتمعت إِليه، فقيل لكل من رفع صوته بالغناء: قد رفع عَقِيرته.
والعَقِيرة: متهى الصوت؛ عن يعقوب؛ واسْتَعْقَرَ الذئبُ رَفَع صوتَه بالتطريب في
العُواء؛ عنه أَيضاً؛ وأَنشد:
فلما عَوَى الذئبُ مُسْتَعِقْراً،
أَنِسْنا به والدُّجى أَسْدَفُ
وقيل: معناه يطلب شيئاً يَفْرِسُه وهؤلاء قومٌ لُصوصٌ أَمِنُوا الطلب
حين عَوَى الذئب. والعَقِيرة: الرجل الشريف يُقْتَل. وفي بعض نسخ الإِصلاح:
ما رأَيت كاليوم عَقِيرَةً وَسْطَ قوم. قال الجوهري: يقال ما رأَيت
كاليوم عَقِيرةً وَسْطَ قوم، للرجل الشريف يُقْتَل، ويقال: عَقَرْت ظهر
الدابة إِذا أَدْبَرْته فانْعَقَر واعْتَقَر؛ ومنه قوله:
عَقَرْتَ بَعِيري يا امْرَأَ القَيْسِ فانْزِلِ
والمِعْقَرُ من الرِّحالِ: الذي ليس بِواقٍ. قال أَبو عبيد: لا يقال
مِعْقر إِلاَّ لما كانت تلك عادته، فأَمّا ما عَقَر مرة فلا يكون إِلاَّ
عاقراً؛ أَبو زيد: سَرْجٌ عُقَرٌ؛ وأَنشد للبَعِيث:
أَلَدُّ إِذا لافَيْتُ قَوْماً بِخُطَّةٍ،
أَلَحَّ على أَكتافِهم قَتَبٌ عُقَرْ
وعَقَرَ القَتَبُ والرحل ظهر الناقة، والسرجُ ظهرَ الدابة يَعْقِرُه
عَقْراً: حَزَّه وأََدْبَرَه. واعْتَقَر الظهرُ وانْعَقَرَ: دَبِرَ. وسرجٌ
مِعْقار ومِعْقَر ومُعْقِرٌ وعُقَرَةٌ وعُقَر وعاقورٌ: يَعْقِرُ ظهر
الدابة، وكذلك الرحل؛ وقيل: لا يقال مِعْقَر إِلاَّ لما عادته أَن يَعْقِرِ.
ورجل عُقَرة وعُقَر ومِعْقَر: يَعقِر الإِبل من إِتْعابِه إِيّاها، ولا
يقال عَقُور. وكلب عَقُور، والجمع عُقْر؛ وقيل: العَقُور للحيوان،
والعُقَرَة للمَواتِ. وفي الحديث: خَمْسٌ مَن قَتَلَهُنّ، وهو حَرامٌ، فلا جُناح
عليه. العَقْرب والفأْرة والغُراب والحِدَأُ والكلبُ والعَقُور؛ قال: هو
كل سبع يَعْقِر أَي يجرح ويقتل ويفترس كالأَسد والنمر والذئب والفَهْد
وما أَشبهها، سمّاها كلباً لاشتراكها في السَّبُعِيَّة؛ قال سفيان بن
عيينة: هو كل سبع يَعْقِر، ولم يخص به الكلب. والعَقُور من أَبنية المبالغة
ولا يقال عَقُور إِلاَّ في ذي الروح. قال أَبو عبيد: يقال لكل جارحٍ أَو
عاقرٍ من السباع كلب عَقُور. وكَلأُ أَرضِ كذا عُقَارٌ وعُقَّارٌ: يَعْقِر
الماشية ويَقْتُلُها؛ ومنه سمِّي الخمر عُقَاراً لأَنه يَعْقِرُ
العَقْلَ؛ قاله ابن الأَعرابي. ويقال للمرأَة: عَقْرَى حَلْقى، معناه عَقَرها
الله وحَلَقها أَي حَلَقَ شَعَرها أَو أَصابَها بوجع في حَلْقِها، فعَقْرى
ههنا مَصْدَرٌ كدَعْوى في قول بَشِير بن النَّكْث أَنشده سيبويه:
وَلَّتْ ودَعْلأاها شديدٌ صَخَبُهْ
أَي دعاؤُها؛ وعلى هذا قال: صَخَبُه، فذكّر، وقيل: عَقْرى حَلْقى
تَعِقْرُ قومها وتَحْلِقُهم بشُؤْمِها وتستأْصلهم، وقيل: العَقْرى الحائض. وفي
حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، حين قيل له يوم النَّفْر في صَفِيَّة
إِنها حائضٌ فقال: عَقْرَى حَلقى ما أُراها إِلاَّ حابِسَتَنا؛ قال أَبو
عبيد: قوله عَقْرى عَقَرَها اللهُ؛ وحَلْقى خَلَقَها اللهُ تعالى، فقوله
عَقَرَهَا الله يعني عَقَرَ جسدَها، وحَلْقى أَصابَها الله تعالى بوجعٍ في
حَلْقِها؛ قال: وأَصحاب الحديث يروونه عَقْرى حَلْقِى، وإِنما هو عَقْراً
وحَلْقاً، بالتنوين، لأَنهما مصدرا عَقَرَ وحَلَقَ؛ قال: وهذا على مذهب
العرب في الدعاء على الشيء من غير إِرادة لوقوعه. قال شمر: قلت لأَبي
عبيد لم لا تُجِيزُ عَقْرى؟ فقال: لأَنّ فَعْلى تجيء نعتاً ولم تجئ في
الدعاء. فقلت: روى ابن شميل عن العرب مُطَّيْرى، وعَقْرى أَخَفّ منه، فلم
يُنْكِرْه؛ قال ابن الأَثير: هذا ظاهرُه الدعاء عليها وليس بدعاء في الحقيقة،
وهو في مذهبهم معروف. وقال سيبويه: عَقَّرْته إِذا قلت له عَقْراً وهو
من باب سَقْياً ورَعْياً وجَدْعاً، وقال الزمخشري: هما صِفتان للمرأَة
المشؤومة أَي أَنها تَعْقِرُ قومَها وتَحْلِقُهم أَي تستأْصِلُهم، من شؤمها
عليهم، ومحلُّها الرفع على الخبرية أَي هي عَقْرى وحَلْقى، ويحتمل أَن
يكونا مصدرين على فَعْلى بمعنى العَقْر والحَلْق كالشَّكْوى للشَّكْوِ،
وقيل: الأَلف للتأْنيث مثلها في غَضْبى وسَكْرى؛ وحكى اللحياني: لا تفعل ذلم
أُمُّك عَقْرى، ولم يفسره، غير أَنه ذكره مع قوله أُمك ثاكِلٌ وأُمُّك
هابِلٌ. وحكى سيبويه في الدعاء: جَدْعاً له وعَقْراً، وقال: جَدَّعْتُه
وعَقَّرْته قلت له ذلك؛ والعرب تقول: نَعُوذُ بالله من العَواقِر
والنَّواقِر؛ حكاه ثعلب، قال: والعواقِرُ ما يَعْقِرُ، والنَّواقِرُ السهامُ التي
تُصيب.
وعَقَرَ النخلة عَقْراً وهي عَقِرةٌ: قطع رأْسها فيبست. قال الأَزهري:
وعَقْرُ النَّخْلة أَنُ يُكْشَطَ لِيفُها عن قَلْبها ويؤخذ جَذَبُها فإِذا
فعل ذلك بها يَبِسَتْ وهَمَدت. قال: ويقال عَقَر النخلة قَطَع رأْسَها
كلَّه مع الجُمّار، فهي مَعْقورة وعَقِير، والاسم العَقَار. وفي الحديث:
أَنه مَرَّ بأَرضٍ تسمى عَقِرة فسماها خضِرَة؛ قال ابن الأَثير: كأَنه
كرِه لها اسم العَقْر لأَن العاقِرَ المرأَةُ التي لا تحمل، وشجرة عاقر لا
تحمل، فسماها خَضِرة تفاؤلاً بها؛ ويجوز أَن يكون من قولهم نخلة عَقِرةٌ
إِذا قطع رأْسها فيبست. وطائر عَقِرٌ وعاقِرٌ إِذا أَصاب ريشَه آفةٌ فلم
ينبت؛ وأَما قول لبيد:
لَمَّا رأَى لُبَدُ النُّسورَ تطايَرَتْ،
رَفَعَ القَوادِمَ كالعَقِير الأَعْزلِ
قال: شبَّه النَّسْرَ، لمّا تطاير ريشُه فلم يَطِرْ، بفرس كُشِفَ
عرقوباه فلم يُحْضِرْ. والأَعْزَلُ المائل الذنب.
وفي الحديث فيما روى الشعبي: ليس على زانٍ عُقْرٌ أَي مَهْر وهو
للمُغْتَصَبةِ من الإِماء كمَهْرِ المثل للحُرَّة. وفي الحديث: فأَعْطاهم
عُقْرَها؛ قال: العُقْرُ، بالضم، ما تُعْطاه المرأَة على وطء الشبهة، وأَصله
أَن واطئ البِكْر يَعْقِرها إِذا اقْتَضَّها. فسُمِّيَ ما تُعْطاه
للعَقْرِ عُقْراً ثم صار عامّاً لها وللثيّب، وجمعه الأَعْقارُ. وقال أَحمد بن
حنبل: العُقْرُ المهر. وقال ابن المظفر: عُقْرُ المرأَة دبةُ فرجها إذا
غُصِبَت فَرْجَها. وقال أَبو عبيدة: عُقْرُ المرأَة ثَوابٌ تُثابُه
المرأَةُ من نكاحها، وقيل: هو صداق المرأَة، وقال الجوهري: هو مَهْرُ المرأَة
إِذا وُِطِئت على شبهة فسماه مَهْراً. وبَيْضَةُ العُقْرِ: التي تُمْتحنُ
بها المرأَةُ عند الاقْتِضاض، وقيل: هي أَول بيضة تبَِيضُها الدجاجة
لأَنها تَعْقِرها، وقيل: هي آخر بيضة تبيضها إِذا هَرِمَت، وقيل: هي بيضة
الدِّيك يبيضها في السنة مرة واحدة، وقيل: يبيضها في عمره مرة واحدة إِلى
الطُّول ما هي، سميِّت بذلك لأَن عُذْرةَ الجارية تُخْتَبَرُ بها. وقال
الليث: بَيْضةُ العُقْر بَيْضةُ الدِّيك تُنْسَبُ إِلى العُقْر لأَن الجارية
العذراء يُبْلى ذلك منها بِبَيْضة الدِّيك، فيعلم شأْنها فتُضْرَبُ بيضةُ
الديك مثلاً لكل شيء لا يستطاع مسُّه رَخاوةً وضَعْفاً، ويُضْرَب بذلك
مثلاً للعطية القليلة التي لا يَرُبُّها مُعْطِيها بِبِرّ يتلوها؛ وقال
أَبو عبيد في البخيل يعطي مرة ثم لا يعود: كانت بيْضَة الدِّيك، قال: فإِن
كان يعطي شيئاً ثم يقطعه آخر الدهر قيل للمرة الأَخيرة: كانت بَيْضةَ
العُقْر، وقيل: بيضة العُقْر إِنما هو كقولهم: بَيْض الأَنُوق والأَبْلق
العَقُوق، فهو مثل لما لا يكون. ويقال للذي لا غَنَاء عنده: بَيْضَة العقر،
على التشبيه بذلك. ويقال: كان ذلك بَيْضَة العقر، معناه كان ذلك مرة
واحدة لا ثانية لها. وبَيْضةَ العقر، معناه كان ذلك مرة واحدة لا ثانية لها.
وبَيْضة العُقْر: الأَبْترُ الذي لا ولد له. وعُقْرُ القوم وعَقْرُهم:
مَحَلّتُهم بين الدارِ والحوضِ. وعُقْرُ الحوض وعُقُره، مخففاً ومثقلاً:
مؤخَّرُه، وقيل: مَقامُ الشاربة منه. وفي الحديث: إِني لِبعُقْرِ حَوْضِي
أَذُودُ الناس لأَهل اليَمَنِ؛ قال ابن الأَثير: عُقْرُ الحوض، بالضم،
موضع الشاربة منه، أَي أَطْرُدُهم لأَجل أَن يَرِدَ أَهلُ اليمن. وفي المثل:
إِنما يُهْدَمُ الحَوْضُ من عُقْرِه أَي إِنما يؤتى الأَمرُ من وجهه،
والجمع أَعقار، قال:
يَلِدْنَ بأَعْقارِ الحِياضِ كأَنَّها
نِساءُ النَّصارى، أَصْبَحَتْ وهي كُفَّلُ
ابن الأَعرابي: مَفْرَغُ الدَّلْو من مُؤَخَّرِه عُقْرُه، ومن
مُقَدَّمِه إزاؤه. والعَقِرةُ: الناقةُ التي لا تشرب إِلاَّ من العُقْرِ،
والأَزِيَة: التي لا تَشْرَبُ إِلاَّ من الإِزاءِ؛ ووصف امرؤ القيس صائداً حاذقاً
بالرمي يصيب المَقاتل:
فَرماها في فَرائِصِها
بإِزاءِ الحَوْضِ، أَو عُقُرِهْ
والفرائِصُ: جمع فَرِيصة، وهي اللحمة التي تُرْعَدُ من الدابة عند مرجع
الكتف تتّصل بالفؤاد. وإِزاءُ الحوض: مُهَراقُ الدَّلْوِ ومصبُّها من
الحوض. وناقةٌ عَقِرةٌ: تشرب من عُقْرِ الحوض. وعُقْرُِ البئر: حيث تقع
أَيدي الواردة إِذا شربت، والجمع أَعْقارٌ. وعُقْرُ النار وعُقُرها: أَصلها
الذي تأَجَّجُ منه، وقيل: معظمها ومجتمعها ووسطها؛ قال الهذلي يصف
النصال:وبِيض كالسلاجِم مُرْهَفات،
كأَنَّ ظُباتِها عُقُرٌ بَعِيج
الكاف زائدة. أَراد بيض سَلاجِم أَي طِوَا لٌ.
والعُقْر: الجمر. والجمرة: عُقْرة. وبَعِيجٌ بمعنى مبعوج أَي بُعِج
بِعُودٍ يُثارُ به فشُقَّ عُقْرُ النار وفُتِح؛ قال ابن بري: هذا البيت
أَورده الجوهري وقال: قال الهذلي يصف السيوف، والبيت لعمرو ابن الداخل يصف
سهاماً، وأَراد بالبِيضِ سِهاماً، والمَعْنِيُّ بها النصالُ. والظُّبَةُ:
حدُّ النصل. وعُقْرُ كلِّ شيء: أَصله. وعُقْرُ الدار: أَصلُها، وقيل:
وسطها، وهو مَحلّة للقوم. وفي الحديث: ما غُزِيَ قومٌ في عُقعرِ دارهم إلاَّ
ذَلُّوا؛ عقْر الدار؛ بالفتح والضم: أَصلُها؛ ومنه الحديث: عُقْرُ دارِ
الإِسلام الشامُ أَي أَصله وموضعه، كأَنه أَشار به إِلى وقت الفِتَن أَي
يكون الشأْم يومئذٍ آمِناً منها وأَهلُ الإِسلام به أَسْلَمُ. قال
الأَصمعي: عُقْرُ الدار أَصلُها في لغة الحجاز، فأَما أَهل نجد فيقولون عَقْر،
ومنه قيل: العَقَارُ وهو المنزل والأَرض والضِّيَاع. قال الأَزهري: وقد خلط
الليث في تفسير عُقْر الدار وعُقْر الحوض وخالف فيه الأئمة، فلذلك
أَضربت عن ذكر ما قاله صفحاً. ويقال: عُقِرَت رَكِيّتُهم إِذا هُدِمت. وقالوا:
البُهْمَى عُقْرُ الكلإِ. وعُقَارُ الكلإِ أَي خيارُ ما يُرْعى من نبات
الأَرض ويُعْتَمَد عليه بمنزلة الدار. وهذا البيت عُقْرُ القصيدة أَي
أَحسنُ أَبياتها. وهذه الأَبيات عُقارُ هذه القصيدة أَي خيارُها؛ قال ابن
الأَعرابي: أَنشدني أَبو مَحْضة قصيدة وأَنشدني منها أَبياتاً فقال: هذه
الأَبيات عُقَارُ هذه القصيدة أَي خِيارُها.
وتَعَقَّرَ شحمُ الناقة إِذا اكْتَنَزَ كلُّ موضعٍ منها شَحْماً.
والعَقْرُ: فَرْجُ ما بين كل شيئين، وخص بعضهم به ما بين قوائم المائدة.
قال الخليل: سمعت أَعرابيّاً من أَهل الصَّمّان يقول: كل فُرْجة تكون
بين شيئين فهي عَقْرٌ وعُقْر، لغتان، ووضَعَ يديه على قائمتي المائدة ونحن
نتغدَّى، فقال: ما بنيهما عُقْر.
والعَقْرُ والعَقارُ: المنزل والضَّيْعةُ؛ يقال: ما له دارٌ ولا عَقارٌ،
وخص بعضهم بالعَقار النخلَ. يقال للنخل خاصة من بين المال: عَقارٌ. وفي
الحديث: مَن باع داراً أَو عَقاراً؛ قال: العَقارُ، بالفتح، الضَّيْعة
والنخل والأَرض ونحو ذلك. والمُعْقِرُ: الرجلُ الكثير العَقار، وقد
أَعْقَر. قالت أُم سلمة لعائشة، رضي الله عنها، عند خروجها إِلى البصرة: سَكَّنَ
الله عُقَيْراكِ فلا تُصْحِريها أَي أَسكَنَكِ الله بَيْتَك وعقَارَك
وسَتَرَكِ فيه فلا تُبْرِزيه؛ قال ابن الأَثير: هو اسم مصغَّر مشتق من
عُقْرِ الدار، وقال القتيبي: لم أَسمع بعُقَيْرى إِلاَّ في هذا الحديث؛ قال
الزمخشري: كأَنها تصغير العَقْرى على فَعْلى، من عَقِرَ إِذا بقي مكانه لا
يتقدم ولا يتأَخر فزعاً أَو أَسَفاً أَو خجلاً، وأَصله من عَقَرْت به
إِذا أَطَلْتَ حَبْسَه، كأَنك عَقَرْت راحلته فبقي لا يقدر على البَراحِ،
وأَرادت بها نفسها أَي سكِّني نفْسَك التي حقُّها أَن تلزم مكانها ولا
تَبْرُز إِلى الصحراء، من قوله تعالى: وقَرْنَ في بُيوتِكُنّ ولا تَبَرَّجْن
تَبرُّجَ الجاهلية الأُولى. وعَقَار البيت: متاعُه ونَضَدُه الذي لا
يُبْتَذلُ إِلاَّ في الأَعْيادِ والحقوق الكبار؛ وبيت حَسَنُ الأَهَرةِ
والظَّهَرةِ والعَقارِ، وقيل: عَقارُ المتاع خيارُه وهو نحو ذلك لأَنه لا
يبسط في الأَعْيادِ والحُقوقِ الكبار إِلاَّ خيارُه، وقيل: عَقارُه متاعه
ونَضَدُه إِذا كان حسناً كبيراً. وفي الحديث: بعث رسولُ الله، صلى الله
عليه وسلم، عُيَيْنَةَ بن بدر حين أَسلم الناس ودَجا الإِسلام فهجَمَ على
بني علي بن جُنْدب بذات الشُّقُوق، فأَغارُوا عليهم وأَخذوا أَموالهم حتى
أَحْضَرُوها المدينةَ عند نبي الله، فقالت وفُودُ بني العَنْبرِ: أُخِذْنا
يا رسولُ الله، مُسْلِمين غير مشركين حين خَضْرَمْنا النَّعَمَ، فردّ
النبي، صلى الله عليه وسلم، عليهم ذَرارِيَّهم وعَقَار بُيوتهم؛ قال
الحربيّ: ردّ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، ذَرارِيَّهمْ لأَنه لم يَرَ أَن
يَسْبِيهَم إِلاَّ على أَمر صحيح ووجدهم مُقِرّين بالإِسلام، وأَراد
بعَقارِ بيوتهم أَراضِيهَم، ومنهم مَنْ غلّط مَنْ فسّر عَقارَ بيوتهم
بأَراضيهم، وقال: أَراد أَمْتِعةَ بيوتهم من الثياب والأَدوات. وعَقارُ كل شيء:
خياره. ويقال: في البيت عَقارٌ حسنٌ أَي متاع وأَداة.
وفي الحديث: خيرُ المال العُقْرُ، قال: هو بالضم، أَصل كل شيء، وبالفتح
أَيضاً، وقيل: أَراد أَصل مالٍ له نماءٌ؛ ومنه قيل للبُهْمَى: عُقْرُ
الدار أَي خيرُ ما رَعَت الإِبل؛ وأَما قول طفيل يصف هوادج الظعائن:
عَقَارٌ تَظَلُّ الطَّيرُ تَخْطِفُ زَهْوَه
وعالَيْن أَعْلاقاً على كل مُفْأَم
فإِنَّ الأَصمعي رفع العين من قوله عُقار، وقال: هو متاع البيت، وأَبو
زيد وابن الأَعرابي رَوياه بالفتح، وقد مر ذلك في حديث عيينة بن بدر. وفي
الصحاح والعُقارُ ضَرْبٌ من الثياب أَحمر؛ قال طفيل: عقار تظل الطير
(وأَورد البيت).
ابن الأَعرابي: عُقارُ الكلإِ البُهْمى؛ كلُّ دار لا يكون فيها يُهْمى
فلا خير في رعيها إِلاَّ أَن يكون فيها طَرِيفة، وهي النَّصِيّ
والصَّلِّيان. وقال مرة: العُقارُ جميع اليبيس. ويقال: عُقِرَ كلأُ هذه الأَرض إذا
أُكِلَ. وقد أَعْقَرْتُكَ كلأَ موضعِ كذا فاعْقِرْه أَي كُلْه. وفي
الحديث: أَنه أَقطع حُصَيْنَ بن مُشَمّت ناحية كذا واشترط عليه أَن لا
يَعْقِرَ مرعاها أَي لا يَقْطعَ شجرها.
وعاقَرَ الشيءَ مُعاقرةً وعِقاراً: لَزِمَه. والعُقَارُ: الخمر، سميت
بذلك لأَنها عاقَرت العَقل وعاقَرت الدَّنّ أَي لَزِمَتْه؛ يقال: عاقَرَه
إِذا لازَمَه وداوم عليه. وأَصله من عُقْر الحوض. والمُعاقَرةُ: الإِدمان.
والمُعاقَرة: إِدْمانُ شرب الخمر. ومُعاقَرةُ الخمر: إِدْمانُ شربها.
وفي الحديث: لا تُعاقرُوا أَي لا تُدْمِنُوا شرب الخمر. وفي الحديث: لا
يدخل الجنةَ مُعاقر خَمْرٍ؛ هو الذي يُدْمِنُ شربها، قيل: هو مأْخوذ من
عُقْر الحوض لأَن الواردة تلازمه، وقيل: سميت عُقَاراً لأَن أَصحابها
يُعاقِرُونها أَي يلازمونها، وقيل: هي التي تَعْقِرُ شارِبَها، وقيل: هي التي لا
تَلْبَثُ أَن تُسكر.، ابن الأَنباري: فلان يُعاقِرُ النبيذَ أَي
يُداوِمهُ، وأَصله مِنْ عُقْر الحوض، وهو أَصله والموضع الذي تقوم فيه الشاربة،
لأَن شاربها يلازمها مُلازمةَ الإِبل الواردةِ عُقْرَ الحوض حتى تَرْوى.
قال أَبو سعيد: مُعاقَرةُ الشراب مُغالبَتُه؛ يقول: أَنا أَقوى على شربه،
فيغالبه فيغلبه، فهذه المُعاقَرةُ.
وعَقِرَ الرجلُ عَقَراً: فجِئَه الرَّوْعُ فدَهشَ فلم يقدر أَن يتقدم
أَو يتأَخر. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
لمَّا مات قرأَ أَبو بكر: رضي الله عنه، حين صَعِدَ إِلى مِنْبره فخطب:
إِنّكَ ميَّتٌ وإِنهم مَيَّتون؛ قال: فعَقِرْت حتى خَرَرتْ إِلى الأَرض؛
وفي المحكم: فعَقِرْت حتى ما أَقْدِرُ على الكلام، وفي النهاية: فَعقِرْت
وأَنا قائم حتى وقعت إلى الأَرض؛ قال أَبو عبيد: يقال عَقِر وبَعِل وهو
مثل الدَّهَشِ، وعَقِرْت أَي دَهِشْت. قال ابن الأَثير: العَقَرُ، بفتحتين،
أَن تُسْلِمَ الرجلَ قَوائِمُه إِلى الخوف فلا يقدر أَن يمشي من الفَرَق
والدَّهَش، وفي الصحاح؛ فلا يستطيع أَن يقاتل. وأَعْقَرَه غيرُه:
أَدْهَشَه. وفي حديث العباس: أَنه عَقِرَ في مجلسه حين أُخْبِر أَن محمداً
قُتِل. وفي حديث ابن عباس: فلما رأَوا النبي، صلى الله عليه وسلم، سَقَطَتْ
أَذْقانُهم على صدورهم وعَقِرُوا في مجالسهم. وظَبْيٌ عَقِيرٌ: دَهِشٌ؛
وروي بعضهم بيت المُنَخَّل اليشكري:
فلَثَمتُها فتنَفَّسَت،
كتنَفُّسِ الظَّبْيِ العَقِيرْ
والعَقْرُ والعُقْر: القَصْرُ؛ الأَخيرة عن كراع، وقيل: القصر المتهدم
بعضه على بعض، وقيل: البنَاء المرتفع. قال الأَزهري: والعَقْرُ القصر الذي
يكون مُعْتَمداً لأَهل القرية؛ قال لبيد بن ربيعة يصف ناقته:
كعَقْر الهاجِرِيّ، إِذا ابْتَناه
بأَشْباهٍ حُذِينَ على مثال
(* قوله: «إِذا ابتناه كذا في الأَصل وياقوت. وفي الصحاح وشارح القاموس
إِذا بناه).
وقيل: العَقْرُ القصر على أَي حال كان. والعَقْرُ: غيْمٌ في عَرْض
السماء. والعَقْرُ: السحاب الأَبيض، وقيل: كل أَبيض عَقْرٌ. قال الليث:
العَقْر غيم ينشأُ من قِبَل العين فيُغَشِّي عين الشمس وما حواليها، وقال
بعضهم: العَقْرُ غيم ينشأَ في عرض السماء ثم يَقْصِد على حِيَالِه من غير أَن
تُبْصِرَه إِذا مرّ بك ولكن تسمع رعده من بعيد؛ وأَنشد لحميد بن ثور يصف
ناقته:
وإِذا احْزَ أَلَّتْ في المُناخِ رأَيْتَها
كالعَقْرِ، أَفْرَدَها العَماءُ المُمْطِرُ
وقال بعضهم: العَقْرُ في هذا البيت القصرُ، أَفرده العماء فلم يُظلِّلْه
وأَضاء لِعَينِ الناظر لإِشراق نُورِ الشمس عليه من خَلَلِ السحاب. وقال
بعضهم: العَقْر القطعة من الغمام، ولكلٍّ مقال لأَن قِطَعَ السحاب
تشبَّه بالقصور. والعَقِيرُ: البَرْق، عن كراع.
والعَقّار والعِقّيرُ: ما يُتَداوى به من النبات والشجر. قال الأَزهري:
العَقاقِير الأَدْوية التي يُسْتَمْشى بها. قال أَبو الهيثم: العَقّارُ
والعَقاقِرُ كل نبت ينبت مما فيه شفاءٌ، قال: ولا يُسمى شيء من العَقاقِير
فُوهاً، يعني جميع أَفواه الطيب، إِلا ما يُشَمُّ وله رائحة.
قال الجوهري: والعَقاقِيرُ أُصول الأَدْوِية.
والعُقّارُ: عُشْبة ترتفع قدر نصف القامة وثمرُه كالبنادق وهو مُمِضٌّ
البتَّة لا يأْكله شيء، حتى إِنك ترى الكلب إِذا لابَسَه يَعْوي، ويسمى
عُقّار ناعِمَةَ؛ وناعِمةُ: امرأَة طبخته رجاء أَن يذهب الطبخ بِغائِلته
فأَكلته فقتلها.
والعَقْر وعَقاراء والعَقاراء، كلها: مواضع؛ قال حميد ابن ثور يصف
الخمر:رَكُودُ الحُمَيّا طَلّةٌ شابَ ماءَها،
بها من عَقاراءِ الكُرومِ، ربِيبُ
أَراد من كُرومِ عَقاراء، فقدّم وأَخّر؛ قال شمر: ويروى لها من عُقارات
الخمور، قال: والعُقارات الخمور. رَبيب: مَن يَرُبُّها فيَمْلِكُها. قال:
والعَقْر موضع بعينه؛ قال الشاعر:
كَرِهْتُ العَقْرِ، عَقْرَ بني شُلَيْلٍ،
إِذا هَبَّتْ لِقارِبها الرِّياح
والعُقُور، مثل السُّدُوس، والعُقَير والعَقْر أَيضاً: مواضع؛ قال:
ومِنَّا حَبِيبُ العَقِر حين يَلُفُّهم،
كما لَفَّ صِرْدانَ الصَّرِيمة أَخْطَبُ
قال: والعُقَيْر قرية على شاطئ البحر بحذاء هجر.
والعَقْر: موضع ببابل قتل به يزيد بن المهلب يوم العَقْر.
والمُعاقَرةُ: المُنافرةُ والسِّبابُ والهِجاء والمُلاعنة، وبه سمَّى
أَبو عبيد كتاب المُعاقرات.
ومُعَقِّر: اسم شاعر، وهو مُعَقِّر بن حمار البارِقيِّ حليف بني نمير.
قال: وقد سمر مُعَقِّراً وعَقّاراً وعُقْرانَ.
عزر: العَزْر: اللَّوْم.
وعَزَرَهُ يَعْزِره عَزْراً وعَزَّرَه: ردَّه. والعَزْرُ والتَّعْزِيرُ:
ضرب دون الحدّ لِمَنْعِه الجانِيَ من المُعاودَة ورَدْعِه عن المعصية؛
قال:
وليس بتعزيرِ الأَميرِ خَزايةٌ عليَّ، إِذا ما كنتُ غَيرَ مُرِيبِ
وقيل: هو أَشدُّ الضرب. وعَزَرَه: ضَربَه ذلك الضَّرْب. والعَزْرُ:
المنع. والعَزْرُ: التوقيف على باب الدِّين.
قال الأَزهري: وحديث سعد يدل على أَن التَّعْزِيرَ هو التوقيف على الدين
لأَنه قال: لقد رأَيْتُني مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما لنا
طعامٌ إِلاَّ الحُبْلَةَ ووَرقَ السَّمُر، ثم أَصبَحتْ بنو سَعْدٍ
تُعَزِّرُني على الإِسلام، لقد ضَلَلْتُ إِذا وخابَ عَمَلي؛ تُعِزِّرُني على
الإِسلام أَي تُوَقِّفُني عليه، وقيل: تُوَبِّخُني على التقصير فيه.
والتَّعْزِيرُ: التوقيفُ على الفرائض والأَحكام. وأَصل التَّعْزير: التأْديب،
ولهذا يسمى الضربُ دون الحد تَعْزيراً إِنما هو أَدَبٌ. يقال: عَزَرْتُه
وعَزَّرْتُه، فهو من الأَضداد، وعَزَّرَه: فخَّمه وعظَّمه، فهو نحْوُ
الضد.والعَزْرُ: النَّصْرُ بالسيف. وعَزَرَه عَزْراً وعَزَّرَه: أَعانَه
وقوَّاه ونصره. قال الله تعالى: لِتُعَزِّرُوه وتُوَقِّرُوه، وقال الله
تعالى: وعَزَّرْتُموهم؛ جاء في التفسير أَي لِتَنْصُروه بالسيف، ومن نصر
النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، فقد نَصَرَ الله عزَّ وجل. وعَزَّرْتُموهم:
عَظَّمْتموهم، وقيل: نصَرْتُموهم؛ قال إِبراهيم بن السَّريّ: وهذا هو الحق،
والله تعالى أَعلم، وذلك أَن العَزْرَ في اللغة الرَّدُّ والمنع، وتأْويل
عَزَرْت فلاناً أَي أَدَّبْتُه إِنما تأْويله فعلت به ما يَرْدَعُه عن
القبيح، كما اين نَكَّلْت به تأْويله فعلت به ما يجب أَن يَنْكَل معه عن
المُعاودة؛ فتأْويل عَزَّرْتُموهم نصَرْتُموهم بأَن تردُّوا عنهم
أَعداءَهم، ولو كان التَّعْزيرُ هو التَّوْقِير لكان الأَجْوَدُ في اللغة
الاستغاءَ به، والنُّصْرةُ إِذا وجبت فالتعظيمُ داخلٌ فيها لأَن نصرة الأَنبياء
هي المدافعة عنهم والذب عن دِينِم وتعظيمُهم وتوقيرُهم؛ قال: ويجوز
تَعْزِرُوه، من عَزَرْتُه عَزْراً بمعنى عَزَّرْته تعزيراً. والتعزير في كلام
العرب: التوقيرُ، والتَّعْزِيرُ: النَّصْرُ باللسان والسيف. وفي حديث
المبعث: قال وَرَقَةُ بن نَوْفَلٍ: إِنْ بُعِثَ وأَنا حيٌّ فسَأُعَزِّرهُ
وأَنْصُرُه؛ التَّعْزيرُ ههنا: الإِعانةُ والتوقيرُ والنصرُ مرة بعد مرة،
وأَصل التعزير: المنعُ والردُّ، فكأَن مَن نصَرْتَه قد رَدَدْتَ عنه
أَعداءَه ومنعتهم من أَذاه، ولهذا قيل للتأْديب الذي هو دون الحدّ: تَعْزير،
لأَنه يمنع الجانيَ أَن يُعاوِدَ الذنب. وعَزَرَ المرأَةَ عَزْراً:
نكَحَها. وعَزَرَه عن الشيء: منَعَه. والعَزْرُ والعَزيرُ: ثمنُ الكلإِ إِذا
حُصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه سَواديّة، والجمع العَزائرُ؛ يقولون: هل أَخذتَ
عَزيرَ هذا الحصيد؟ أَي هل أَخذت ثمن مراعيها، لأَنهم إِذا حصدوا باعوا
مراعِيَها.
والعَزائِرُ والعَيازِرُ: دُونَ العِضَاه وفوق الدِّق كالثُّمام
والصَّفْراء والسَّخْبر، وقيل: أُصول ما يَرْعَوْنَه من سِرّ الكلإِ كالعَرفَج
والثُّمام والضَّعَة والوَشِيج والسَّخْبَر والطريفة والسَّبَطِ، وهو
سِرُّ ما يَرْعَوْنَه.
والعَيزارُ: الصُّلْبُ الشديد من كل شيء؛ عن ابن الأَعرابي. ومَحالةٌ
عَيْزارَةٌ: شديدةُ الأَسْرِ، وقد عَيْزَرَها صاحِبُها؛ وأَنشد:
فابتغ ذاتَ عَجَلٍ عَيَازِرَا،
صَرَّافةَ الصوتِ دَمُوكاً عاقِرَا
والعَزَوَّرُ: السيء الخلُق. والعَيزار: الغلامُ الخفيف الروح النشيطُ،
وهو اللَّقِنُ الثَّقِفُ اللَّقِفُ، وهو الريشة
(* قوله: «وهو الريشة»
كذا بالأصل بهذا الضبط. وفي القاموس: والورش ككتف النشيط الخفيف، والأنثى
وريشة). والمُماحِل والمُماني. والعَيزارُ والعَيزارِيَّةُ: ضَرْبٌ من
أَقداح الزُّجاج. والعَيازِرُ: العِيدانُ؛ عن ابن الأَعرابي: والعَيزارُ:
ضَرْبٌ من الشجر، الواحدة عَيزارةٌ. والعَوْزَرُ: نَصِيُّ الجبل؛ عن أَبي
حنيفة.
وعازَِرٌ وعَزْرة وعَيزارٌ وعَيزارة وعَزْرانُ: أَسماء. والكُرْكيّ
يُكْنَى أَبا العَيزار؛ قال الجوهري: وأَبو العَيزار كنية طائر طويل العنق
تراه أَبداً في الماء الضَّحْضاح يسمى السَّبَيْطَر. وعَزَرْتُ الحِمارَ:
أَوْقَرْته. وعُزَيرٌ: اسم نبي. وعُزَيرٌ: اسم ينصرف لخفته وإِن كان
أَعجميّاً مثل نوح ولوط لأَنه تصغير عَزْر. ابن الأَعرابي: هي العَزْوَرةُ
والحَزْوَرةُ والسَّرْوَعةُ والقائِدةُ: للأَكَمة. وفي الحديث ذكر عَزْوَر،
بفتح العين وسكون الزاي وفتح الواو، ثَنِيَّةُ الجُحْفَة وعليها الطريق
من المدينة إِلى مكة، ويقال فيه عَزُورا.