من (ص ب ح) مؤنث مِصْبَاح.
من (ص ب ح) مؤنث مِصْبَاح.
صبح: الصُّبْحُ: أَوّل النهار. والصُّبْحُ: الفجر. والصَّباحُ: نقيص
المَساء، والجمع أَصْباحٌ، وهو الصَّبيحةُ والصَّباحُ والإِصْباحُ
والمُصْبَحُ؛ قال الله عز وجل: فالِقُ الإِصْباحِ؛ قال الفراء: إِذا قيل
الأَمْسَاء والأَصْباح، فهو جمع المَساء والصُّبْح، قال: ومثله الإِبْكارُ
والأَبْكارُ؛ وقال الشاعر:
أَفْنَى رِياحاً وذَوِي رِياحِ،
تَناسُخُ الإِمْساءِ والإِصْباحِ
يريد به المَساء والصُّبْحَ. وحكى اللحياني: تقول العربُ إِذا
تَطَيَّرُوا من الإِنسان وغيره: صباحُ الله لا صَباحُك قال: وإِن شئت
نصبتَ.وأَصْبَحَ القومُ: دخلوا في الصَّباح، كما يقال: أَمْسَوْا دخلوا في
المساء؛ وفي الحديث: أَصْبِحُوا بالصُّبحِ فإِنه أَعظم للأَجر أَي صلوها عند
طلوع الصُّبْح؛ يقال: أَصْبَحَ الرجل إِذا دخل في الصُّبْح؛ وفي
التنزيل: وإِنكم لَتَمُرُّون عليهم مُصْبِحِينَ وبالليل؛ وقال سيبويه:
أَصْبَحْنا وأَمْسَينا أَي صرنا في حين ذاك، وأَما صَبَّحْنا ومَسَّيْنا فمعناه
أَتيناه صَباحاً ومساء؛ وقال أَبو عدنان: الفرق بين صَبَحْنا وصَبَّحْنا
أَنه يقال صَبَّحْنا بلد كذا وكذا، وصَبَّحْنا فلاناً، فهذه مُشَدَّدة،
وصَبَحْنا أَهلَها خيراً أَو شرّاً؛ وقال النابغة:
وصَبَّحَه فَلْجاً فلا زال كَعْبُه،
عل كلِّ من عادى من الناسِ، عاليا
ويقال: صَبَّحَه بكذا ومسَّاه بكذا؛ كل ذلك جائز؛ ويقال للرجل يُنَبَّه
من سِنَةِ الغَفْلة: أَصْبِحْ أَي انْتَبِهْ وأَبْصِرْ رُشْدَك وما
يُصْلِحُك؛ وقال رؤبة:
أَصْبِحْ فما من بَشَرٍ مَأْرُوشِ
أَي بَشَرٍ مَعِيبٍ. وقول الله، عز من قائل: فأَخذتهم الصَّيْحةُ
مُصْبِحِين أَي أَخذتهم الهَلَكة وقت دخولهم في الصباح. وأَصْبَحَ فلان عالماً
أَي صار. وصَبَّحك الله بخير: دُعاء له.
وصَبَّحْته أَي قلت له: عِمْ صَباحاً؛ وقال الجوهري: ولا يُرادُ
بالتشديد ههنا التكثير. وصَبَّحَ القومَ: أَتاهم غُدْوَةً وأَتيتهم صُبْحَ
خامِسةٍ كما تقول لِمُسْيِ خامسةٍ، وصِبْحِ خامسة، بالكسر، أَي لِصَباحِ خمسة
أَيام.
وحكى سيبويه: أَتيته صَباحَ مَساءَ؛ من العرب من يبنيه كخمسة عشر، ومنهم
من يضيفه إِلا في حَدِّ الحال أَو الظرف، وأَتيته صَباحاً وذا صَباحٍ؛
قال سيبويه: لا يستعمل إِلاَّ ظرفاً، وهو ظرف غير متمكن، قال: وقد جاء في
لغة لِخَثْعَم اسماً؛ قال أَنس ابنُ نُهَيْكٍ:
عَزَمْتُ على إِقامةِ ذي صباحٍ،
لأَمْرٍ ما يُسَوَّدُ ما يَسُودُ
وأَتيته أُصْبُوحةَ كل يوم وأُمْسِيَّةَ كلِّ يوم. قال الأَزهري:
صَبَحْتُ فلاناً أَتيته صباحاً؛ وأَما قول بُجَيْر بن زُهير المزنيِّ، وكان
أَسلم:
صَبَحْناهمْ بأَلفٍ من سُلَيْمٍ،
وسَبْعٍ من بني عُثمانَ وافى
فمعناه أَتيناهم صَباحاً بأَلف رجل من سُليم؛ وقال الراجز:
نحْنُ صَبَحْنا عامراً في دارِها
جُرْداً، تَعادَى طَرَفَيْ نَهارِها
يريد أَتيناها صباحاً بخيل جُرْد؛ وقول الشَّمَّاخ:
وتَشْكُو بعَيْنٍ ما أَكَلَّ رِكابَها،
وقيلَ المُنادِي: أَصْبَحَ القومُ أَدْلِجِي
قال الأَزهري: يسأَل السائل عن هذا البيت فيقول: الإِدلاج سير الليل،
فكيف يقول: أَصبح القوم، وهو يأْمر بالإِدلاج؟ والجواب فيه: أَن العرب إِذا
قربت من المكان تريده، تقول: قد بلغناه، وإِذا قربت للساري طلوعَ الصبح
وإِن كان غير طالع، تقول: أَصْبَحْنا، وأَراد بقوله أَصبح القومُ: دنا
وقتُ دخولهم في الصباح؛ قال: وإِنما فسرته لأَن بعض الناس فسره على غير ما
هو عليه.
والصُّبْحة والصَّبْحة: نوم الغداة. والتَّصَبُّحُ: النوم بالغداة، وقد
كرهه بعضهم؛ وفي الحديث: أَنه نهى عن الصُّبْحة وهي النوم أَوّل النهار
لأَنه وقت الذِّكر، ثم وقت طلب الكسب. وفلان ينام الصُّبْحة والصَّبْحة
أَي ينام حين يُصْبح، تقول منه: تَصَبَّح الرجلُ،؛ وفي حديث أُم زرع أَنها
قالت: وعنده أَقول فلا أُقَبَّح وأَرْقُدُ فأَتَصَبَّحُ؛ أَرادت أَنها
مَكفِيَّة، فهي تنام الصُّبْحة. والصُّبْحة: ما تَعَلَّلْتَ به
غُدْوَةً.والمِصْباحُ من الإِبل: الذي يَبْرُك في مُعَرَّسه فلا يَنْهَض حتى
يُصبح وإِن أُثير، وقيل: المِصْبَحُ والمِصْباحُ من الإِبل التي تُصْبِحُ في
مَبْرَكها لا تَرْعَى حتى يرتفع النهار؛ وهو مما يستحب من الإستبل وذلك
لقوَّتها وسمنها؛ قال مُزَرِّد:
ضَرَبْتُ له بالسيفِ كَوْماءَ مِصْبَحاً،
فشُبَّتْ عليها النارُ، فهي عَقِيرُ
والصَّبُوحُ: كل ما أُكل أَو شرب غُدْوَةً، وهو خلاف الغَبُوقِ.
والصَّبُوحُ: ما أَصْبَحَ عندهم من شرابهم فشربوه، وحكى الأَزهري عن الليث:
الصَّبُوحُ الخمر؛ وأَنشد:
ولقد غَدَوْتُ على الصَّبُوحِ، مَعِي
شَرْبٌ كِرامُ من بني رُهْمِ
والصَّبُوحُ من اللبن: ما حُلب بالغداة. والصَّبُوحُ والصَّبُوحةُ:
الناقة المحلوبة بالغداة؛ عن اللحياني. حكي عن العرب: هذه صَبُوحِي
وصَبُوحَتي. والصَّبْحُ: سَقْيُكَ أَخاك صَبُوحاً من لبن. والصَّبُوح: ما شرب
بالغداة فما دون القائلة وفعلُكَ الإِصطباحُ؛ وقال أَبو الهيثم: الصَّبُوح
اللبن يُصْطَبَحُ، والناقة التي تُحْلَبُ في ذلك الوقت: صَبُوح أَيضاً؛
يقال: هذه الناقة صَبُوحِي وغَبُوقِي؛ قال: وأَنشدنا أَبو لَيْلَى
الأَعرابي:ما لِيَ لا أَسْقِي حُبيْباتي
صَبائِحي غَبَائقي قَيْلاتي؟
والقَيْلُ: اللبن الذي يشرب وقت الظهيرة.
واصْطَبَحَ القومُ: شَرِبُوا الصَّبُوحَ.
وصَبَحَه يَصْبَحُه صَبْحاً، وصَبَّحَه: سقاه صَبُوحاً، فهو مُصْطَبحٌ؛
وقال قُرْطُ بن التُّؤْم اليَشكُري:
كان ابنُ أَسماءَ يَعْشُوه ويَصْبَحُه
من هَجْمةٍ، كفَسِيلِ النَّخْل، دُرَّارِ
يَعشون: يطعمه عشاء. والهَجْمة: القطعة من الإِبل. ودُرَّار: من صفتها.
وفي الحديث: وما لنا صَبِيٌّ يَصْطَبِحُ أَي ليس لنا لبن بقدر ما يشربه
الصبي بُكْرَة من الجَدْب والقحط فضلاً عن الكثير، ويقال: صَبَحْتُ
فلاناً أَي ناولته صَبُوحاً من لبن أَو خمر؛ ومنه قول طرفة:
متى تَأْتِنِي أَصبَحْكَ كأْساً رَوِيَّةً
أَي أَسقيك كأْساً؛ وقيل: الصَّبُوحُ ما اصْطُبِحَ بالغداة حارًّا.
ومن أَمثالهم السائرة في وصف الكذاب قولهم: أَكْذَبُ من الآخِذِ
الصَّبْحانِ؛ قال شمر: هكذا قال ابن الأَعرابي، قال: وهو الحُوَارُ الذي قد شرب
فَرَوِيَ، فإِذا أَردت أَن تَسْتَدِرَّ به أُمه لم يشرب لِرِيِّه
دِرَّتها، قال: ويقال أَيضاً: أَكذب من الأَخِيذِ الصَّبْحانِ؛ قال أَبو عدنان:
الأَخِيذُ الأَسيرُ. والصَّبْحانُ: الذي قد اصْطَبَحَ فَرَوِيَ؛ قال ابن
الأَعرابي: هو رجل كان عند قوم فصَبَحُوه حتى نَهَض عنهم شاخصاً، فأَخذه
قوم وقالوا: دُلَّنا على حيث كنت، فقال: إِنما بِتُّ بالقَفْر، فبينما هم
كذلك إِذ قعد يبول، فعلموا أَنه بات قريباً عند قوم، فاستدلوا به عليهم
واسْتَباحوهم، والمصدرُ الصَّبَحُ، بالتحريك.
وفي المثل: أَعن صَبُوحٍ تُرَقِّق؟ يُضْرَبُ مثلاً لمن يُجَمْجِمُ ولا
يُصَرِّح، وقد يضرب أَيضاً لمن يُوَرِّي عن الخَطْب العظيم بكناية عنه،
ولمن يوجب عليك ما لا يجب بكلام يلطفه؛ وأَصله أَن رجلاً من العرب نزل برجل
من العرب عِشاءً فغَبَقَه لَبَناً، فلما رَويَ عَلِقَ يحدّث أُمَّ
مَثْواه بحديث يُرَقِّقه، وقال في خِلال كلامه: إِذا كان غداً اصطحبنا وفعلنا
كذا، فَفَطِنَ له المنزولُ عليه وقال: أَعن صَبُوح تُرَقِّق؟ وروي عن
الشَّعْبيِّ أَنَّ رجلاً سأَله عن رجل قَبَّل أُم امرأَته، فقال له الشعبي:
أَعن صبوح ترقق؟ حرمت عليه امرأَته؛ ظن الشعبي أَنه كنى بتقبيله إِياها
عن جماعها؛ وقد ذكر أَيضاً في رقق.
ورجل صَبْحانُ وامرأَة صَبْحَى: شربا الصَّبُوحَ مثل سكران وسَكْرَى.
وفي الحديث أَنه سئل: متى تحلُّ لنا الميتة؟ فقال: ما لم تَصْطَبِحُوا
أَو تَغْتَبِقُوا أَو تَحْتَفُّوا بَقْلاً فشأْنكم بها؛ قال أَبو عبيج:
معناه إِنما لكم منها الصَّبُوحُ وهو الغداء، والغَبُوقُ وهو العَشاء؛
يقول: فليس لكم أَن تجمعوهما من الميتة؛ قال: ومنه قول سَمُرة لبنيه: يَجْزي
من الضَّارُورةِ صَبُوحٌ أَو غَبُوقٌ؛ قال الأَزهري وقال غير أَبي عبيد:
معناه لما سئل: متى تحل لنا الميتة؟ أَجابهم فقال: إِذا لم تجدوا من
اللبن صَبُوحاً تَتَبَلَّغونَ به ولا غَبُوقاً تَجْتزِئون به، ولم تجدوا مع
عَدَمكم الصَّبُوحَ والغَبُوقَ بَقْلَةً تأْكلونها ويَهْجأُ غَرْثُكم
حلَّت لكم الميتة حينئذ، وكذلك إِذا وجد الرجل غداء أَو عشاء من الطعام لم
تحلَّ له الميتة؛ قال: وهذا التفسير واضح بَيِّنٌ، والله الموفق. وصَبُوحُ
الناقة وصُبْحَتُها: قَدْرُ ما يُحْتَلَب منها صُبْحاً.
ولقيته ذاتَ صَبْحة وذا صبُوحٍ أَي حين أَصْبَحَ وحين شرب الصَّبُوحَ؛
ابن الأَعرابي: أَتيته ذاتَ الصَّبُوح وذات الغَبُوق إِذا أَتاه غُدْوَةً
وعَشِيَّةً؛ وذا صَباح وذا مَساءٍ وذاتَ الزُّمَيْنِ وذاتَ العُوَيمِ أَي
مذ ثلاثة أَزمان وأَعوام.
وصَبَحَ القومَ شَرًّا يَصْبَحُهم صَبْحاً: جاءَهم به صَباحاً.
وصَبَحَتهم الخيلُ وصَبَّحَتهم: جاءَتهم صُبْحاً. وفي الحديث: أَنه صَبَّح
خَيْبَر أَي أَتاها صباحاً؛ وفي حديث أَبي بكر:
كلُّ امرئٍ مُصَبَّحٌ في أَهله،
والموتُ أَدْنى من شِراك نَعْلِه
أَي مَأْتيٌّ بالموت صباحاً لكونه فيهم وقتئذ. ويوم الصَّباح: يوم
الغارة؛ قال الأَعشى:
به تُرْعَفُ الأَلْفُ، إِذ أُرْسِلَتْ
غَداةَ الصَّباحِ، إِذا النَّقْعُ ثارا
يقول: بهذا الفرس يتقدَّم صاحبُه الأَلفَ من الخيل يوم الغارة.
والعرب تقول إِذا نَذِرَتْ بغارة من الخيل تَفْجَؤُهم صَباحاً: يا
صَباحاه يُنْذِرونَ الحَيَّ أَجْمَعَ بالنداء العالي. وفي الحديث: لما نزلت.
وأَنْذِرْ عشيرتك الأَقربين؛ صَعَّدَ على الصفا، وقال: يا صباحاه هذه
كلمة تقولها العرب إِذا صاحوا للغارة، لأَنهم أَكثر ما يُغِيرون عند
الصباح، ويُسَمُّونَ يومَ الغارة يوم الصَّباح، فكأَنَّ القائلَ يا صباحاه
يقول: قد غَشِيَنا العدوُّ؛ وقيل: إِن المتقاتلين كانوا إِذا جاءَ الليل
يرجعون عن القتال فإِذا عاد النهار عادوا، فكأَنه يريد بقوله يا صباحاه: قد
جاءَ وقتُ الصباح فتأَهَّبوا للقتال. وفي حديث سَلَمة بن الأَكْوَع: لما
أُخِذَتْ لِقاحُ رسول اًّ، صلى الله عليه وسلم، نادَى: يا صَباحاه
وصَبَح الإِبلَ يَصْبَحُها صَبْحاً: سقاها غُدْوَةً. وصَبَّحَ القومَ الماءَ:
وَرَده بهم صباحاً.
والصَّابِحُ: الذي يَصْبَح إِبلَه الماءَ أَي يسقيها صباحاً؛ ومنه قول
أَبي زُبَيْدٍ:
حِينَ لاحتَ للصَّابِحِ الجَوْزاء
وتلك السَّقْية تسميها العرب الصُّبْحَةَ، وليست بناجعة عند العرب،
ووقتُ الوِرْدِ المحمودِ مع الضَّحاء الأَكبر. وفي حديث جرير: ولا يَحْسِرُ
صابِحُها أَي لا يَكِلُّ ولا يَعْيا، وهو الذي يسقيها صباحاً لأَنه
يوردها ماء ظاهراً على وجه الأَرض.
قال الأَزهري: والتَّصْبِيحُ على وجوه، يقال: صَبَّحْتُ القومَ الماءَ
إِذا سَرَيْتَ بهم حتى توردهم الماءَ صباحاً؛ ومنه قوله:
وصَبَّحْتُهم ماءً بفَيْفاءَ قَفْرَةٍ،
وقد حَلَّقَ النجمُ اليمانيُّ، فاستوى
أَرادَ سَرَيْتُ بهم حتى انتهيتُ بهم إِلى ذلك الماء؛ وتقول: صَبَّحْتُ
القوم تصبيحاً إُذا أَتيتهم مع الصباح؛ ومنه قول عنترة يصف خيلاً:
وغَداةَ صَبَّحْنَ الجِفارَ عَوابِساً،
يَهْدِي أَوائِلَهُنَّ شُعْثٌ شُزَّبُ
أَي أَتينا الجِفارَ صباحاً؛ يعني خيلاً عليها فُرْسانها؛ ويقال
صَبَّحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ.
والتَّصْبيح: الغَداء؛ يقال: قَرِّبْ إِليَّ تَصْبِيحِي؛ وفي حديث
المبعث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يَتِيماً في حجْر أَبي طالب، وكان
يُقَرَّبُ إِلى الصِّبْيان تَصْبِيحُهم فيختلسون ويَكُفّ أَي يُقَرَّبُ
إِليهم غداؤهم؛ وهو اسم بُني على تَفْعِيل مثل التَرْعِيب للسَّنام
المُقَطَّع، والتنبيت اسم لما نَبَتَ من الغِراس، والتنوير اسم لنَوْر
الشجر.والصَّبُوح: الغَداء، والغَبُوق: العَشاء، وأَصلهما في الشرب ثم استعملا
في الأَكل.
وفي الحديث: من تَصَبَّحَ بسبع تَمراتِ عَجْوَة، هو تَفَعَّلَ من
صَبَحْتُ القومَ إِذا سقيتهم الصَّبُوحَ. وصَبَّحْتُ، بالتشديد، لغة
فيه.والصُّبْحةُ والصَّبَحُ: سواد إِلى الحُمْرَة، وقيل: لون قريب إِلى
الشُّهْبَة، وقيل: لون قريب من الصُّهْبَة، الذكَرُ أَصْبَحُ والأُنثى
صَبْحاء، تقول: رجل أَصْبَحُ وأَسَد أَصْبَح بَيِّنُ الصَّبَح. والأَصْبَحُ من
الشَّعَر: الذي يخالطه بياض بحمرة خِلْقَة أَيّاً كانَ؛ وقد اصْباحَّ.
وقال الليث: الصَّبَحُ شدّة الحمرة في الشَّعَر، والأَصْبَحُ قريب من
الأَصْهَب. وروى شمر عن أَبي نصر قال: في الشعَر الصُّبْحَة والمُلْحَة. ورجل
أَصْبَحُ اللحية: للذي تعلو شعرَه حُمْرةٌ، ومن ذلك قيل: دَمٌ صِباحَيُّ
لشدَّة حمرته؛ قال أَبو زُبيد:
عَبِيطٌ صُباحِيٌّ من الجَوْفِ أَشْقَرا
وقال شمر: الأَصْبَحُ الذي يكون في سواد شعره حمرة؛ وفي حديث الملاعنة:
إِن جاءَت به أَصْبَحَ أَصْهَبَ؛ الأَصْبَحُ: الشديد حمرة الشعر، ومنه
صُبْحُ النهار مشتق من الأَصْبَح؛ قال الأَزهري: ولونُ الصُّبْحِ الصادق
يَضْرِب إِلى الحمرة قليلاً كأَنها لون الشفَق الأَوّل في أَوَّل الليل.
والصَّبَحُ: بَريقُ الحديد وغيره.
والمِصْباحُ: السراج، وهو قُرْطُه الذي تراه في القِنديل وغيره،
والقِراطُ لغة، وهو قول الله، عز وجل: المِصْباحُ في زُجاجةٍ الزُّجاجةُ كأَنها
كوكبٌ دُرِّيٌّ. والمِصْبَحُ: المِسْرَجة. واسْتَصْبَح به: اسْتَسْرَجَ.
وفي الحديث: فأَصْبِحي سِراجَك أَي أَصْلِحيها. وفي حديث جابر في شُحوم
الميتة: ويَسْتَصْبِحُ بها الناسُ أَي يُشْعِلونَ بها سُرُجَهم. وفي حديث
يحيى بن زكريا، عليهما السلام: كان يَخْدُم بيتَ المقدِس نهاراً
ويُصْبِحُ فيه ليلاً أَي يُسْرِجُ السِّراح. والمَصْبَح، بالفتح: موضع الإِصْباحِ
ووقتُ الإِصْباح أَيضاً؛ قال الشاعر:
بمَصْبَح الحمدِ وحيثُ يُمْسِي
وهذا مبني على أَصل الفعل قبل أَن يزاد فيه، ولو بُني على أَصْبَح لقيل
مُصْبَح، بضم الميم؛ قال الأَزهري: المُصْبَحُ الموضع الذي يُصْبَحُ فيه،
والمُمْسى المكان الذي يُمْسَى فيه؛ ومنه قوله:
قريبةُ المُصْبَحِ من مُمْساها
والمُصْبَحُ أَيضاً: الإِصباحُ؛ يقال: أَصْبَحْنا إِصباحاً ومُصْبَحاً؛
وقول النمر بن تَوْلَبٍ:
فأَصْبَحْتُ والليلُ مُسمْتَحْكِمٌ،
وأَصْبَحَتِ الأَرضُ بَحْراً طَما
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَصْبَحْتُ من المِصْباحِ؛ وقال غيره: شبه
البَرْقَ بالليل بالمِصْباح، وشدَّ ذلك قولُ أَبي ذؤَيب:
أَمِنْك بَرْقٌ أَبِيتُ الليلَ أَرْقُبُه؟
كأَنه، في عِراصِ الشامِ، مِصْباحُ
فيقول النمر بن تولب: شِمْتُ هذا البرق والليلُ مُسْتَحْكِم، فكأَنَّ
البرقَ مِصْباح إِذ المصابيح إِنما توقد في الظُّلَم، وأَحسن من هذا أَن
يكون البرقُ فَرَّج له الظُّلْمةَ حتى كأَنه صُبْح، فيكون أَصبحت حينئذ من
الصَّباح؛ قال ثعلب: معناه أَصْبَحْتُ فلم أَشْعُر بالصُّبح من شدّة
الغيم؛ والشَّمَعُ مما يُصْطَبَحُ به أَي يُسْرَجُ به. والمِصْبَحُ
والمِصْباحُ: قَدَحٌ كبير؛ عن أَبي حنيفة. والمَصابيح: الأَقْداح التي يُصْطبح
بها؛ وأَنشد:
نُهِلُّ ونَسْعَى بالمَصابِيحِ وَسْطَها،
لها أَمْرُ حَزْمٍ لا يُفَرَّقُ، مُجْمَعُ
ومَصابيحُ النجوم: أَعلام الكواكب، واحدها مِصْباح. والمِصْباح:
السِّنانُ العريضُ. وأَسِنَّةٌ صُباحِيَّةٌ، كذلك؛ قال ابن سيده: لا أَدري
إِلامَ نُسِبَ.
والــصَّباحةُ: الجَمال؛ وقد صَبُحَ، بالضم، يَصْبُح صَباحة. وأَما من
الصَّبَح فيقال صَبِحَ
(* قوله «فيقال صبح إلخ» أي من باب فرح، كما في
القاموس.) يَصْبَحُ صَبَحاً، فهو أَصْبَحُ الشعر.
ورجل صَبِيحٌ وصُباحٌ، بالضم: جميل، والجمع صِباحٌ؛ وافق الذين يقولون
فُعال الذين يقولون فَعِيل لاعتِقابهما كثيراً، والأُنثى فيهما، بالهاء،
والجمع صِباحٌ، وافق مذكره في التكسير لاتفاقهما في الوصفية؛ وقد صَبُحَ
صَباحة؛ وقال الليث: الصَّبِيح الوَضِيءُ الوجه. وذو أَصْبَحَ: مَلِكٌ من
ملوك حِمْيَر
(* قوله «ملك من ملوك حمير» من أَجداد الإمام مالك بن أنس.)
وإِليه تنسب السِّياطُ الأَصْبَحِيَّة. والأَصْبَحِيُّ: السوط.
وصَباحٌ: حيّ من العرب، وقد سَمَّتْ صُبْحاً وصَباحاً وصُبَيْحاً
وصَّبَّاحاً وصَبِيحاً ومَضْبَحاً. وبنو صُباح: بطون، بطن في ضَبَّة وبطن في
عبد القَيْس وبطن في غَنِيٍّ. وصُباحُ: حيّ من عُذْرَة ومن عبد القَيْسِ.
وصُنابِحُ: بطن من مُراد.
فره: فَرُهَ الشيءُ، بالضم، يَفُرُهُ فَرَاهَةً وفَراهِيَةً وهو فارِهٌ
بيِّنُ الفَراهةِ والفُروهةِ؛ قال:
ضَوْرِيَّةٌ أُولِعْتُ باشتِهارِها،
ناصِلَةُ الحَقْوَينِ من إزارِها
يُطْرِقُ كلْبُ الحَيِّ من حِذارِها،
أَعْطَيْتُ فيها، طائِعاً أَوكارِها،
حَدِيقَةً غَلْباءَ في جِدارِها،
وفَرَساً أُنْثى وعَبْداً فارِها
الجوهري: فارِهٌ نادر مثل حامض، وقياسه فَرِيهٌ وحَمِيضٌ، مثل صَغُر فهو
صَغِير ومَلُحَ فهو مَلِيح. ويقال للبِرْذَوْنِ والبغل والحمار: فارِهٌ
بيِّنُ الفُروهةِ والفَراهِيَة والفَراهَةِ؛ والجمع فُرْهة مثل صاحِبٍ
وصُحْبة، وفُرْهٌ أَيضاً مثل بازل وبُزْلٍ وحائل وحُولٍ. قال ابن سيده:
وأَما فُرْهَة فاسم للجمع، عند سيبويه، وليس بجمع لأَن فاعلاً ليس مما
يكسَّر على فُعْلة، قال: ولا يقال للفرس فارِِهٌ إنما يقال في البغل والحمار
والكلب وغير ذلك. وفي التهذيب: يقال بِرْذَوْنٌ فارِهٌ وحمار فارِهٌ
إذا كانا سَيُورَيْن، ولا يقال للفرس إلا جَوادٌ، ويقال له رائع. وفي حديث
جريج: دابَّةٌ فارِهَة أَي نَشيطة حادَّة قَوِيَّة؛ فأَما قول عديِّ
بن زيد في صفة فرس:
فصافَ يُفَرِّي جُلَّه عَنْ سَراتِه،
يَبُذُّ الجِيادَ فارِهاً مُتَتايعا
فزعم أَبو حاتم أَن عَدِيّاً لم يكن له بَصَرٌ بالخيل، وقد خُطِّئَ
عَديٌّ في ذلك، والأُنثى فارِهَةٌ؛ قال الجوهري: كان الأَصمعي يُخَطِّئ
عديّ بن زيد في قوله:
فنَقَلْنا صَنْعَهُ، حتى شَتا
فارِهَ البالِ لَجُوجاً في السَّنَنْ
قال: لم يكن له عِلْمٌ بالخيل. قال ابن بري: بيتُ عديٍّ الذي كان
الأَصمعي يُخَطِّئه فيه هو قوله:
يَبُذُّ الجِيادَ فارهاً مُتَتايعا
وقول النابغة:
أَعْطى لفارِهةٍ حُلْوٍ توابِعُها
مِنَ المَواهب لا تُعْطى على حَسَد
قال ابن سيده: إنما يعني بالفارهة القَيْنة وما يَتْبعُها من المَواهب،
والجمعُ فَوارِهُ وفُرُهٌ؛ الأَخيرة نادرة لأَن فاعلة ليس مما يُكسَّر
على فُعُلٍ. ويقال: أَفْرَهت فُلانةُ إذا جاءَت بأَوْلادٍ فُرَّهَةٍ أَي
مِلاحٍ. وأَفْرَهَ الرجلُ إذا اتخذ غُلاماً فارِهاً، وقال: فارِهٌ
وفُرْهٌ ميزانه نائبٌ ونُوب. قال الأَزهري: وسمعت غير واحد من العرب يقول:
جاريةٌ فارِهةٌ إذا كانت حَسْناءَ مليحة. وغلامٌ فارِهٌ: حَسَنُ الوجه،
والجمع فُرْه. وقال الشافعي في باب نَفقة المَماليك والجواري: إذا كان لهنَّ
فَراهةُ زِيدَ في كِسْوَتهنَّ ونفقتِهِنَّ؛ يريد بالفَراهة الحُسْنَ
والمَلاحةَ. وأَفْرَهَت الناقةُ، فهي مُفْرِه ومُفْرهة إذا كانت تُنْتَج
الفُرْهَ، ومُفَرِّهة أَيضاً؛ قال مالك بن جعدة الثعلبي:
فإنَّكَ يومَ تَأْتيني حَريباً،
تَحِلُّ عَليَّ يَوْمَئِذٍ نُذورُ
تَحِلُّ على مُفَرِّهَةٍ سِنادٍ،
على أَخفافِها عَلَقٌ يمُورُ
ابن سيده: ناقة مُفْرِهة تَلِد الفُرْهَة؛ قال أَبو ذؤيب:
ومُفْرِهَةٍ عَنْسٍ قَدَرْتُ لِساقِها،
فَخَرَّت كما تَتابَعَ الرِّيحُ بالقَفْلِ
ويروى: كما تَتايَع. والفارِهُ: الحاذِقُ بالشيء. والفُرُوهَةُ
والفَراهةُ والفَراهِيةُ: النَّشاطُ. وفَرِهَ، بالكسر: أَشِرَ وبَطِرَ. ورجل
فَرِهٌ: نَشيطٌ أَشِرٌ. وفي التنزيل العزيز: وتَنْحِتُون من الجبال بيوتاً
فَرِهينَ؛ فمن قرأَه كذلك فهو منْ هذا شَرِهين بَطِرين، ومن قرأَه فارِهينَ
فهو من فَرُه، بالضم؛ قال ابن بري عند هذا الموضع: قال ابن وادع
العَوْفي:
لا أَسْتَكِينُ، إذا ما أَزْمَةٌ أَزَمَتْ،
ولن تَراني بخيرٍ فارهَ الطَّلَبِ
قال الفراء: معنى فارِهِين حاذقِين، قال: والفَرِحُ في كلام العرب،
بالحاء، الأَشِرُ البَطِر. يقال: لا تَفْرحْ أَي لا تَأْشَرْ. قال الله عز
وجل: لا تَفْرَحْ إن الله لا يُحِبُّ الفَرِحينَ؛ فالهاء ههنا كأَنها
أُقِيمت مُقام الحاء. والفَرَهُ: الفَرَحُ. والفَرِهُ: الفَرِحُ. ورجل فارِهٌ:
شديدُ الأَكل؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وقال عبدٌ لرجلٍ أَراد أَن
يَشْتَرِيَه: لا تَشْتَرني، آكُلُ فارِهاً وأَمْشِي كارهاً.
حصب: الحَصْبةُ والحَصَبةُ والحَصِبةُ، بسكون الصاد وفتحها وكسرها: البَثْر الذي يَخْرُج بالبَدَن ويظهر في الجِلْد، تقول منه: حَصِبَ جِلدُه، بالكسر، يَحْصَبُ، وحُصِبَ فهو مَحْصُوبٌ. وفي حديث مَسْرُوقٍ: أَتَيْنا عبدَاللّهِ في مُجَدَّرِينَ ومُحَصَّبِينَ، هم الذين أَصابَهم الجُدَرِيُّ والحَصْبةُ.
والحَصَبُ والحَصْبةُ: الحجارةُ والحصى، واحدته حَصَبةٌ، وهو نادر.
والحَصْباء: الحَصى، واحدته حَصَبة، كقَصَبةٍ وقَصَباءَ؛ وهو عند سيبويه اسم للجمع. وفي حديث الكَوْثَرِ: فأَخرج من حَصْبائه، فإِذا ياقُوتٌ أَحمرُ، أَي حَصاه الذي في قَعْره.
وأَرضٌ حَصِبةٌ ومَحْصَبةٌ، بالفتح: كثيرة الحَصباءِ. قال الأَزهري: أَرض مَحْصَبةُ: ذاتُ حَصْباء، ومَحْصاةٌ: ذاتُ حَصى. قال أَبو عبيد: وأَرضٌ مَحْصَبةٌ: ذاتُ حَصْبةٍ، ومَجْدَرةٌ: ذاتُ جُدَرِيٍّ، ومكانٌ حاصِبٌ: ذُو حَصْباء. وفي الحديث: أَنه نَهى عن مَسِّ الحَصْباءِ في الصلاةِ،
كانوا يُصَلُون على حَصْباءِ المسجد، ولا حائلَ بين وجوههم وبَيْنَها، فكانوا إِذا سجدوا، سَوَّوْها بأَيديهم، فنُهُوا عن ذلك، لأَنه فِعْلٌ من غير أَفعالِ الصلاة، والعَبَثُ فيها لا يجوز، وتَبْطُلُ به إِذا تكرَّر؛ومنه الحديث: إِن كان لا بدّ من مَسِّ الحَصْباءِ فواحدةً، أَي مَرَّةً واحدة، رُخِّصَ له فيها، لأَنها غير مكرّرة.
ومكانٌ حَصِبٌ: ذُو حَصْباء على النَّسَب، لأَنا لم نَسْمع له فِعْلاً؛
قال أَبو ذُؤَيْب:
فكَرَعْنَ في حَجَراتِ عَذْبٍ بارِدٍ، * حَصِبِ البِطاحِ، تَغِيبُ فيه الأَكْرُعُ
والحَصْبُ: رَمْيُكَ بالحَصْباءِ.
حَصَبَهُ يَحْصِبُه حَصْباً(1)
(1 قوله «حصبه يحصبه» هو من باب ضرب وفي لغة
من باب قتل ا هـ مصباح.): رماه بالحَصْباءِ وتحاصَبُوا: تَرامَوْا بالحَصْباءِ، والحَصْباءُ: صِغارُها وكِبارُها.
وفي الحديث الذي جاءَ في مَقْتَل عثمان، رضي اللّه عنه، قال: إِنهم تَحاصَبُوا في المسجد، حتى ما أُبْصِرَ أَدِيمُ السماءِ، أَي تَرامَوْا بالحَصْباءِ. وفي حديث ابن عمر: أَنه رأَى رَجلين يَتَحدّثان، والإِمامُ يَخْطُب، فَحَصَبَهما أَي رَجَمَهُما بالحَصْباءِ ليُسَكّتَهُما.
والإِحْصابُ: أَن يُثِيرَ الحَصى في عَدْوِه. وقال اللحياني: يكون ذلك في الفَرَس وغيره مـما يَعْدُو؛ تقول منه: أَحْصَبَ الفرسُ وغيره.
وحَصَّبَ الموضعَ: أَلقَى فيه الحَصى الصِّغار، وفَرَشَه بالحَصْباءِ.
وفي الحديث: أَن عُمر، رضي اللّه عنه، أَمَرَ بتَحْصِيبِ المسجد، وذلك أَن يُلقَى فيه الحَصى الصغارُ، ليكون أَوْثرَ للـمُصَلِّي، وأَغْفَرَ لِما يُلْقى فيه من الأَقْشابِ والخَراشِيِّ والأَقْذارِ. والحَصْباءُ: هو الحَصى الصغار؛ ومنه الحديث الآخَرُ: أَنه حَصَّبَ المسجدَ وقال هو أَغْفَرُ للنُّخَامةِ، أَي أَسْتَرُ للبُزاقة، إِذا سقَطَت فيه؛ والأَقْشابُ: ما يَسْقُط من خُيوطِ خِرَقٍ، وأَشياء تُسْتَقْذَر.
والـمُحصَّب: موضع رَمْيِ الجِمار بِمِنىً، وقيل: هو الشِّعْبُ الذي
مَخْرَجُه إِلى الأَبْطَحِ، بين مكة ومِنى، يُنامُ فيه ساعةً من الليل، ثم يُخرج إِلى مكة، سُمّيا بذلك للحَصى الذي فيهما. ويقال لموضع الجمار أَيضاً: حِصاب، بكسر الحاءِ. قال الأَزهري: التَّحْصِيبُ النَّوْمُ بالشِّعْبِ، الذي مَخْرَجُه إِلى الأَبْطَحِ ساعةً مِن الليلِ، ثم يُخْرَجُ إِلى مكةَ، وكان موضعاً نَزَلَ به رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، مِن غير أَن سَنَّه للناسِ، فَمَن شاءَ حَصَّبَ، ومن شاءَ لم يُحَصِّبْ؛ ومنه حديث عائشةَ، رضي اللّه عنها: ليس التَّحْصِيبُ بشيءٍ، أَرادت به النومَ بالـمُحَصَّبِ، عند الخُروجِ من مَكةَ، ساعةً والنُّزُولَ به. ورُوِي عن عمر، رضي
اللّه عنه، أَنه قال: يَنْفِرُ الناسُ كُلُّهم إِلاَّ بَنِي خُزَيْمَةَ، يعني قريشاً لا يَنْفِرُون في النَّفْرِ الأَوّل. قال وقال: يا آلَ خُزَيْمَةَ حَصِّبُوا أَي أَقِيموُا بالـمُحَصَّبِ. قال أَبو عبيد: التَّحْصِيبُ إذا نَفَر الرَّجلُ مِن مِنى إِلى مكة، للتَّوْدِيعِ، أَقامَ بالأَبْطَحِ حتى يَهْجَعَ بها ساعةً مِنَ الليل، ثم يَدْخُل مكة. قال: وهذا شيءٌ كان يُفْعَل، ثم تُرِكَ؛ وخُزَيْمَةُ هم قُرَيْش وكِنانةُ، وليس فيهم أَسَدٌ. وقال القعنبي: التَّحْصِيبُ: نُزولُ الـمُحَصَّب بمكة. وأَنشد:
فَلِلّهَ عَيْنا مَن رَأَى مِنْ تَفَرُّقٍ * أَشَتَّ، وأَنْأَى مِنْ فِراقِ الـمُحَصَّبِ
وقال الأَصمعي: الـمُحَصَّبُ: حيث يُرْمَى الجمارُ؛ وأَنشد:
أَقامَ ثَلاثاً بالـمُحَصَّبِ مِن مِنًى، * ولَـمَّا يَبِنْ، للنَّاعِجاتِ، طَرِيقُ
وقال الراعي:
أَلم تَعْلَمي، يا أَلأَمَ النَّاسِ، أَنَّني * بِمَكَّةَ مَعْرُوفٌ، وعِندَ الـمُحَصَّبِ
يريد موضع الجِمار.
والحاصِبُ: رِيحٌ شَدِيدة تَحْمِل التُّرابَ والحَصْباءَ؛ وقيل: هو ما
تَناثَر من دُقاقِ البَرَد والثَّلْجِ. وفي التنزيل: إِنَّا أَرْسَلْنا عليهم حاصِباً؛ وكذلك الحَصِبةُ؛ قال لبيد:
جَرَّتْ عَلَيها، أَنْ خَوَتْ مِنْ أَهْلِها، * أَذْيالَها، كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ(1)
(1 قوله «جرت عليها» كذا هو في بعض نسخ الصحاح أيضاً والذي في التكملة جرت عليه.)
وقوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا عليهم حاصِباً؛ أَي عَذاباً يَحْصِبُهم
أَي يَرْمِيهم بحجارة مِن سِجِّيل؛ وقيل: حاصِباً أَي ريحاً تَقْلَعُ
الحَصْباء لقوّتها، وهي صغارها وكبارها. وفي حديث علي، رضي اللّه عنه، قال للخَوارج: أَصابَكم حاصِبٌ أَي عَذابٌ من اللّه، وأَصله رُميتم بالحَصْباءِ من السماءِ. ويقال للرِّيحِ التي تَحْمِل الترابَ والحَصى: حاصِبٌ، وللسَّحابِ يَرْمِي بالبَرَد والثَّلْج: حاصِبٌ، لأَنه يَرْمِي بهما رَمْياً؛ قال الأَعشى:
لنا حاصِبٌ مِثْلُ رِجْلِ الدَّبَى، * وجَأْواءُ تُبْرقُ عنها الهَيُوبا
أَراد بالحاصِب: الرُّماةَ. وقال الأَزهري: الحاصِبُ: العَدَدُ
الكَثِيرُ من الرَّجَّالةِ، وهو معنى قوله:
لنا حاصِبٌ مِثْلُ رِجْلِ الدَّبَى
ابن الأَعرابي: الحاصِبُ مِن التّراب ما كان فيه الحَصْباء. وقال ابن شميل: الحاصِبُ: الحَصْباء في الرِّيح، كان يَوْمُنا ذا حاصِبٍ. ورِيحٌ حاصِبٌ، وقد حصَبَتْنا تَحْصِبُنا. وريحٌ حَصِبةٌ: فيها حَصباء. قال ذو الرمة:
حَفِيفُ نافِجةٍ، عُثْنُونُها حَصِب
والحَصَبُ: كُلُّ ما أَلقَيْتَه في النَّار من حَطَب وغيره. وفي
التنزيل: إِنَّكم وما تَعْبُدُون مِن دُونِ اللّه حَصَبُ جَهَنَّم. قال
الفرَّاءُ: ذكر أَن الحَصَبَ في لغة أَهل اليمن الحَطَبُ. ورُوِي عن علي، كرّم اللّه وجهه: أَنه قرأَ حَطَبُ جَهَنَّمَ. وكلُّ ما أَلْقَيْتَه في النار، فقد حَصَبْتَها به، ولا يكون الحَصَبُ حَصَباً، حتى يُسْجَر به. وقيل: الحَصَبُ: الحَطَبُ عامّةً.
وحَصَبَ النارَ بالحَصَبِ يَحْصُبها حَصْباً: أَضْرَمَها.
الأَزهري: الحَصَبُ: الحَطَبُ الذي يُلْقَى في تَنُّور، أَو في وَقُودٍ،
فأَمـّا ما دام غير مستعمل للسُّجُورِ، فلا يسمى حَصَباً.
وحَصَبْتُه أَحْصِبُه: رمَيْته بالحَصْباءِ. والحَجرُ الـمَرْمِيُّ به:
حَصَبٌ، كما يقال: نَفَضْتُ الشيءَ نَفْضاً، والمنفوضُ نَفَضٌ، فمعنى قوله حَصَبُ جهنم أَي يُلْقَوْن فيها، كما يُلْقَى الحَطَبُ في النارِ. وقال الفرَّاءُ: الحَصَبُ في لغة أَهل نجد: ما رَمَيْتَ به في النار. وقال عكرمة: حَصَبُ جهنم: هو
حَطَبُ جهنم بالحَبَشية. وقال ابن عرفة: إِن كان أَراد أَن العرب تكملت به فصار عَرَبيةً، وإِلا فليس في القرآن غيرُ العربيةِ. وحَصَبَ في الأَرض: ذَهَبَ فيها. وحَصَبةُ: اسم رجل، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلَسْتَ عَبْدَعامِرِ بنِ حَصَبَهْ
ويَحْصَبُ: قبيلةٌ، وقيل: هي يَحْصُبُ، نقلت من قولك حَصَبَه بالحصى، يَحْصُبُه، وليس بقويّ. وفي الصحاح: ويَحْصِبُ، بالكسر: حَيٌّ من اليمن، وإِذا نسبت إِليه قلت: يَحْصَبِيٌّ، بالفتح، مثل تَغْلِبَ وتَغْلَبِيٍّ.
جمل: الجَمَل: الذَّكَر من الإِبل، قيل: إِنما يكون جَمَلاً إِذا
أَرْبَعَ، وقيل إِذا أَجذع، وقيل إِذا بزَل، وقيل إِذا أَثْنَى؛ قال:
نحن بنو ضَبَّة أَصحابُ الجَمَل،
الموت أَحلى عندنا من العسل
الليث: الجَمَل يستحق هذا الاسم إِذا بَزَل، وقال شمر: البَكْر
والبَكْرة بمنزلة الغلام والجارية، والجَمَل والناقة بمنزلة الرجل والمرأَة. وفي
التنزيل العزيز: حتى يَلِج الجَمَل في سَمِّ الخِياط؛ قال الفراء:
الجَمَل هو زوج الناقة. وقد ذكر عن ابن عباس أَنه قرأَ: الجُمَّل، بتشديد
الميم، يعني الحِبَال المجموعة، وروي عن أَبي طالب أَنه قال: رواه القراء
الجُمَّل، بتشديد الميم، قال: ونحن نظن أَنه أَراد التخفيف؛ قال أَبو طالب:
وهذا لأَن الأَسماء إِنما تأْتي على فَعَل مخفف، والجماعة تجيء على فُعَّل
مثل صُوَّم وقُوَّم. وقال أَبو الهيثم: قرأَ أَبو عمرو والحسن وهي قراءة
ابن مسعود: حتى يلج الجُمَل، مثل النُّغَر في التقدير. وحكي عن ابن
عباس: الجُمَّل، بالتثقيل والتخفيف أَيضاً، فأَما الجُمَل، بالتخفيف، فهو
الحَبْل الغليظ، وكذلك الجُمَّل، مشدد. قال ابن جني: هو الجُمَل على مثال
نُغَر، والجُمْل على مثال قُفْل، والجُمُل على مثال طُنُب، والجَمَل على
مثال مَثَل؛ قال ابن بري: وعليه فسر قوله حتى يلج الجَمَل في سَمِّ الخياط،
فأَما الجُمْل فجمع جَمَل كأَسَد وأُسْد. والجُمُل: الجماعة من الناس.
وحكي عن عبد الله وأُبَيٍّ: حتى يلج الجُمَّل. الأَزهري: وأَما قوله
تعالى: جِمَالات صُفْر، فإِن الفراء قال: قرأَ عبد الله وأَصحابه جِمَالة،
وروي عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أَنه قرأَ: جِمَالات، قال: وهو
أَحَبُّ إِليَّ لأَن الجِمَال أَكثر من الجِمَالة في كلام العرب، وهو يجوز كما
يقال حَجَر وحِجَارة وذَكَر وذِكَارة إِلاّ أَن الأَول أَكثر، فإِذا قلت
جِمالات فواحدها جِمَال مثل ما قالوا رِجَال ورِجَالات وبُيُوت
وبُيُوتات، وقد يجوز أَن يكون واحد الجِمَالات جِمَالة، وقد حكي عن بعض القراء
جُمَالات، برفع الجيم، فقد يكون من الشيء المجمل، ويكون الجُمَالات جمعاً من
جمع الجِمال كما قالوا الرَّخْل والرُّخال؛ قال الأَزهري: وروي عن ابن
عباس أَنه قال الجِمَالات حِبَال السُّفن يجمع بعضها إِلى بعض حتى تكون
كأَوساط الرجال؛ وقال مجاهد: جِمَالات حِبال الجُسور، وقال الزجاج: من
قَرأَ جِمَالات فهو جمع جِمالة، وهو القَلْس من قُلوس سُفُن البحر، أَو
كالقَلْس من قُلوس الجُسور، وقرئت جِمالة صُفْر، على هذا المعنى. وفي حديث
مجاهد: أَنه قرأَ حتى يلج الجُمَّل، بضم الجيم وتشديد الميم، قَلْس السفينة.
قال الأَزهري: كأَن الحَبْل الغليظ سمي جِمَالة لأَنها قُوىً كثيرة
جُمِعت فأُجْمِلَت جُمْلة، ولعل الجُمْلة اشتقت من جُمْلة الحَبْل. ابن
الأَعرابي: الجامِل الجِمَال. غيره: الجامِل قَطِيع من الإِبل معها رُعْيانها
وأَربابها كالبَقَر والباقِر؛ قال الحطيئة:
فإِن تكُ ذا مالٍ كثيرٍ فإِنَّهم
لهم جامِل، ما يَهْدأُ الليلَ سامِرُه
الجامل: جماعة من الإِبل تقع على الذكور والإِناث، فإِذا قلت الجِمَال
والجِمَالة ففي الذكور خاصة، وأَراد بقوله سامره الرِّعاء لا ينامون
لكثرتهم. وفي المثل: اتَّخَذَ الليلَ جَمَلاً، يضرب لمن يعمل بالليل عمله من
قراءة أَو صلاة أَو غير ذلك. وفي حديث ابن الزبير: كان يسير بنا
الأَبْرَدَيْن ويتخذ الليل جَمَلاً، يقال للرجل إِذا سَرَى ليلته جَمْعاء أَو
أَحياها بصلاة أَو غيرها من العبادات: اتَّخَذَ الليل جَمَلاً؛ كأَنه رَكِبه
ولم ينم فيه. وفي حديث عاصم: لقد أَدركت أَقواماً يتخذون هذا الليل
جَمَلاً يشربون النَّبِيذَ ويلبسون المُعَصْفَر، منهم زِرُّ بن حُبَيْش وأَبو
وائل. قال أَبو الهيثم: قال أَعرابي الجامِل الحَيّ العظيم، وأَنكر أَن
يكون الجامل الجِمَال؛ وأَنشد:
وجامل حَوْم يَرُوح عَكَرهُ،
إِذا دنا من جُنْحِ ليل مَقْصِرهُ،
يُقَرْقِر الهَدْرَ ولا يُجَرْجِرُه
قال: ولم يصنع الأَعرابي شيئاً في إِنكاره أَن الجامل الجِمَال؛ قال
الأَزهري: وأَما قول طرفة:
وجاملٍ خَوَّعَ مِن نِيبِه
زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلاً والسَّفيح
فإِنه دل على أَن الجامل يجمع الجِمَال والنُّوق لأَن النِّيب إِناث،
واحدتها ناب. ومن أَمثال العرب: اتَّخَذَ الليل جَمَلاً إِذا سَرَى الليل
كله. واتخذ الليل جَمَلاً إِذا ركبه في حاجته، وهو على المثل؛ وقوله:
إِني لِمَنْ أَنْكَرَني ابنْ اليَثْرِبي،
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي
إِنما أَراد رجلاً كان من أَصحاب عائشة، واَّصل ذلك أَن عائشة غَزَت
عَلِيّاً على جَمَل، فلما هزم أَصحابها ثبت منهم قوم يَحْمُون الجَمَل الذي
كانت عليه. وجَمَل: أَبو حَيٍّ من مَذْحِجٍ، وهو جَمَل بن، سعد العشيرة
منهم هند بن عمرو الجَمَليُّ، وكان مع علي، عليه السلام، فَقُتِل؛ وقال
قاتله:
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي
قال ابن بري: هو لعمرو بن
يثربي الضَّبِّي، وكان فارس بني ضَبَّة يوم الجَمَل، قتله عمار بن ياسر
في ذلك اليوم؛ وتمام رجزه:
قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَمَلِي،
وابْناً لصُوحانَ على دين علي
وحكى ابن بري: والجُمَالة الخيل؛ وأَنشد:
والأُدْم فيه يَعْتَرِكْـ
نَ، بجَوِّه، عَرْكَ الجُمَاله
ابن سيده: وقد أَوقعوا الجَمَل على الناقة فقالوا شربت لبن جَمَلي، وهذا
نادر، قال: ولا أُحِقُّه، والجَمْع أَجْمال وجِمَال وجُمْل وجِمَالات
وجِمالة وجَمَائل؛ قال ذو الرمة:
وقَرَّبْنَ بالزُّرْق الجَمَائل، بعدما
تَقَوَّبَ، عن غِرْبانِ أَوْراكها، الخَطْرُ
وفي الحديث: هَمَّ الناس بنَحْر بعض جَمَائلهم؛ هي جمع جَمَل، وقيل: جمع
جِمَالة، وجِمَالة جمع جَمَل كرِسالة ورَسائل. ابن سيده: وقيل الجَمَالة
الطائفة من الجِمَال، وقيل: هي القطعة من النوق لا جَمَل فيها، وكذلك
الجَمَالة والجُمَالة؛ عن ابن الأَعرابي. قال ابن السكيت: يقال للإِبل إِذا
كانت ذُكورة ولم يكن فيها أُنثى هذه جِمالة بني فلان، وقرئ: كأَنه
جِمَالة صُفْر. والجامِلُ: اسم للجمع كالباقر والكالِب، وقالوا الجَمّال
والجَمّالة كما قالوا الحَمّار والحَمّارة والخَيَّالة. ورَجُل جامِل: ذو
جَمَل. وأَجْمَل القومُ إِذا كثُرت جِمالهم. والجَمَّالة: أَصحاب الجِمال
مثل الخَيّالة والحَمّارة؛ قال عبد مناف بن رِبْع الهذلي:
حتى إِذا أَسْلكوهم في قُتَائدة
شَلاًّ، كما تَطْرُد الجَمّالةُ الشُّرُدا
واسْتَجْمَل البَعِيرُ أَي صار جَمَلاً. واسْتَقْرَم بَكْر فلان أَي صار
قَرْماً. وفي الحديث: لكل أُناس في جَمَلهم خُبْر، ويروى جُمَيْلهم، على
التصغير، يريد صاحبهم؛ قال ابن الأَثير: هو مثل يُضْرب في معرفة كل قوم
بصاحبهم يعني أَن المُسَوَّد يُسَوَّد لمعنى، وأَن قومه لم يُسَوِّدوه
إِلا لمعرفتهم بشأْنه؛ ويروى: لكل أُناس في بَعِيرهم خُبْر، فاستعار البعير
والجَمَل للصاحب. وفي حديث عائشة: وسأَلتها امرأَة أَأُوَخِّذ جَمَلي؟
تريد زوجها أَي أَحبسه عن إِتيان النساء غيري، فكَنَتْ بالجَمَل عن
الزَّوج لأَنه زوج الناقة. وجَمَّلَ الجَمَلَ: عَزَله عن الطَّرُوقة. وناقة
جُمَالية: وَثيقة تشبه الجَمَل في خِلْقتها وشدَّتها وعِظَمها؛ قال
الأَعشى:جُمَالِيَّة تَغْتَلي بالرِّدَاف،
إِذا كَذَّبَ الآثِماتُ الهَجِيرا
وقول هميان:
وقَرَّبُوا كلَّ جُمَالِيٍّ عَضِه،
قَرِيبَة نُدْوَتُه من مَحْمَضِه،
كأَنما يُزْهَم عِرْقا أَبْيَضِه
(* قوله «كأنما يزهم» تقدم في ترجمة بيض: ييجع بدل يزهم).
يُزْهَم: يُجْعل فيهما الزَّهَم، أَراد كل جُمَاليَّة فحَمَل على لفظ
كُلّ وذكَّر، وقيل: الأَصل في هذا تشبيه الناقة بالجمل، فلما شاع ذلك
واطَّرد صار كأَنه أَصل في بابه حتى عادوا فشَبَّهوا الجَمَل بالناقة في ذلك؛
وهذا كقول ذي الرمة:
ورَمْلٍ، كأَوْراك النِّساءِ، قَطَعْتُه،
إِذا أَظلمته المُظْلِمات الحَنادِسُ
وهذا من حملهم الأَصل على الفرع فيما كان الفرع أَفاده من الأَصل،
ونظائره كثيرة، والعرب تفعل هذا كثيراً، أَعني أَنها إِذا شبهت شيئاً بشيء
مكَّنَتْ ذلك الشبه لهما وعَمَّت به وجه الحال بينهما، أَلا تراهم لما شبهوا
الفعل المضارع بالاسم فأَعربوه تمموا ذلك المعنى بينهما بأَن شبهوا اسم
الفاعل بالفعل فأَعملوه؟ ورجل جُمَاليٌّ، بالضم والياء مشددة: ضَخْم
الأَعضاء تامُّ الخَلْق على التشبيه بالجَمَل لعظمه. وفي حديث فضالة: كيف
أَنتم إِذا قَعَد الجُمَلاءُ على المَنابر يَقْضون بالهَوَى ويَقْتلون
بالغَضَب؛ الجُمَلاءُ: الضِّخَام الخَلْق كأَنه جمع جَمِيل. وفي حديث
الملاعنة: فإِن جاءَت به أَوْرَق جَعْداً جُمَالِيّاً فهو لفلان؛ الجُمَاليّ،
بالتشديد: الضَّخم الأَعضاء التامُّ الأَوصال؛ وقوله أَنشده أَبو حنيفة عن
ابن الأَعرابي:
إِنَّ لنا من مالنا جِمَالا،
من خير ما تَحْوِي الرجالُ مالا،
يُنْتَجْن كل شَتْوَة أَجْمالا
إِنما عَنى بالجَمَل هنا النَّخل، شبهها بالجَمَل في طولِها وضِخَمها
وإِتَائها. ابن الأَعرابي: الجَمَل الكُبَع؛ قال الأَزهري: أَراد بالجَمَل
والكُبَع سمكة بَحريَّة تدعى الجَمَل؛ قال رؤْبة:
واعْتَلَجتْ جِماله ولُخْمُه
قال أَبو عمرو: الجَمَل سمكة تكون في البحر ولا تكون في العَذْب، قال:
واللُّخْمُ الكَوْسَجُ، يقال إِنه يأْكل الناس. ابن سيده: وجَمَل البحر
سمكة من سمكه قيل طوله ثلاثون ذراعاً؛ قال العجاج:
كجَمَل البحر إِذا خاض حَسَر
وفي حديث أَبي عبيدة: أَنه أَذن في جَمَل البحر؛ قيل: هو سمكة ضخمة
شبيهة بالجَمَل يقال لها جَمَل البحر.
والجُمَيل والجُمْلانة والجُمَيلانة: طائر من الدخاخيل؛ قال سيبويه:
الجُمَيل البُلْبل لا يتكلم به إِلاَّ مصغَّراً فإِذا جمعوا قالوا جِمْلان.
الجوهري: جُمَيل طائر جاءَ مصغراً، والجمع جِمْلان مثل كُعَيْت
وكِعْتان.والجَمَال: مصدر الجَمِيل، والفعل جَمُل. وقوله عز وجل: ولكم فيها
جَمَال حين تُريحون وحين تسرحون؛ أَي بهاء وحسن. ابن سيده: الجَمَال الحسن
يكون في الفعل والخَلْق. وقد جَمُل الرجُل، بالضم، جَمَالاً، فهو جَمِيل
وجُمَال، بالتخفيف؛ هذه عن اللحياني، وجُمَّال، الأَخيرة لا تُكَسَّر.
والجُمَّال، بالضم والتشديد: أَجمل من الجَمِيل. وجَمَّله أَي زَيَّنه.
والتَّجَمُّل: تَكَلُّف الجَمِيل. أَبو زيد: جَمَّل افيفي ُ عليك تَجْميلاً إِذا
دعوت له أَن يجعله افيفي جَمِيلاً حَسَناً. وامرأَة جَمْلاء وجَميلة: وهو
أَحد ما جاءَ من فَعْلاء لا أَفْعَل لها؛ قال:
وَهَبْتُه من أَمَةٍ سوداء،
ليست بِحَسْناء ولا جَمْلاء
وقال الشاعر:
فهي جَمْلاء كَبدْرٍ طالع،
بَذَّتِ الخَلْق جميعاً بالجَمَال
وفي حديث الإِسراءِ: ثم عَرَضَتْ له امرأَة حَسْناء جَمْلاء أَي جَمِيلة
مليحة، ولا أَفعل لها من لفظها كدِيمة هَطْلاء. وفي الحديث: جاءَ بناقة
حَسْناء جَمْلاء. قال ابن الأَثير: والجَمَال يقع على الصُّوَر والمعاني؛
ومنه الحديث: إِن الله جَمِيل يحب الجَمَال أَي حَسَن الأَفعال كامل
الأَوصاف؛ وقوله أَنشده ثعلب لعبيد الله بن عتبة:
وما الحَقُّ أَن تَهْوَى فتُشْعَفَ بالذي
هَوِيتَ، إِذا ما كان ليس بأَجْمَل
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون أَجمل فيه بمعنى جَمِيل، وقد يجوز أَن يكون
أَراد ليس بأَجمل من غيره، كما قالوا الله أَكبر، يريدون من كل شيء.
والمُجاملة: المُعاملة بالجَمِيل، الفراء: المُجَامِل الذي يقدر على
جوابك فيتركه إِبقاءً على مَوَدَّتك. والمُجَامِل: الذي لا يقدر على جوابك
فيتركه ويَحْقد عليك إِلى وقت مّا؛ وقول أَبي ذؤَيب:
جَمَالَك أَيُّها القلبُ القَرِيحُ،
سَتَلْقَى مَنْ تُحبُّ فتَسْتَريحُ
يريد: الزم تَجَمُّلَك وحياءَك ولا تَجْزَع جَزَعاً قبيحاً. وجامَل
الرجلَ مُجامَلة: لم يُصْفِه الإِخاءَ وماسَحَه بالجَمِيل. وقال اللحياني:
اجْمُل إِن كنت جامِلاً، فإِذا ذهبوا إِلى الحال قالوا: إِنه لجَمِيل:
وجَمَالَك أَن لا تفعل كذا وكذا أَي لا تفعله، والزم الأَمر الأَجْمَل؛ وقول
الهذلي أَنشده ابن الأَعرابي:
أَخُو الحَرْب أَمّا صادِراً فَوَسِيقُه
جَمِيل، وأَمَّا واراداً فمُغَامِس
قال ابن سيده: معنى قول جَمِيل هنا أَنه إِذا اطَّرد وسيقة لم يُسْرع
بها ولكن يَتَّئد ثِقَةً منه ببأْسه، وقيل أَيضاً: وَسِيقُه جَمِيل أَي
أَنه لا يطلب الإِبل فتكون له وَسِيقة إِنما وسيقته الرجال يطلبهم
ليَسْبِيَهم فيجلُبهم وَسَائق.
وأَجْمَلْت الصَّنِيعة عند فلان وأَجْمَل في صنيعه وأَجْمَل في طلب
الشيء: اتَّأَد واعتدل فلم يُفْرِط؛ قال:
الرِّزق مقسوم فأَجْمِلْ في الطَّلَب
وقد أَجْمَلْت في الطلب. وجَمَّلْت الشيءَ تجميلاً وجَمَّرْته تجميراً
إِذا أَطلت حبسه. ويقال للشحم المُذَاب جَمِيل؛ قال أَبو خراش:
نُقابِلُ جُوعَهم بمُكَلَّلاتٍ،
من الفُرْنيِّ، يَرْعَبُها الجَمِيل
وجَمَل الشيءَ: جَمَعَه. والجَمِيل: الشَّحم يُذَاب ثم يُجْمَل أَي
يُجْمَّع، وقيل: الجَمِيل الشحم يذاب فكُلما قَطَر وُكِّفَ على الخُبْزِ ثم
أُعِيد؛ وقد جَمَله يَجْمُله جَمْلاً وأَجمله. أَذابه واستخرج دُهْنه؛
وجَمَل أَفصح من أَجْمَلَ. وفي الحديث: لعن الله اليهود حُرِّمت عليهم
الشحوم فَجَملوها وباعوها وأَكلوا أَثمانها. وفي الحديث: يأْتوننا بالسِّقَاء
يَجْمُلون فيه الوَدَك. قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية، ويروى
بالحاء المهملة، وعند الأَكثر يجعلون فيه الودك. واجْتَمَل: كاشْتَوَى.
وتَجَمَّل: أَكل الجَمِيل، وهو الشحم المُذاب. وقالت امرأَة من العرب لابنتها:
تَجَمَّلي وتَعَفَّفِي أَي كُلي الجَمِيل واشربي العُفَافَةَ، وهو باقي
اللبن في الضَّرْع، على تحويل التضعيف.
والجَمُول: المرأَة التي تُذيب الشحم، وقالت امرأَة لرجل تدعو عليه:
جَمَلك الله أَي أَذابك كما يُذاب الشحم؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من
قول الشاعر:
إِذ قالت النَثُّول للجَمُولِ:
يا ابْنة شَحْمٍ؛ في المَرِيءِ بُولي
فإِنه فسر الجَمُول بأَنه الشحمة المُذابة، أَي قالت هذه المرأَة
لأُختها: أَبشري بهذه الشَّحمة المَجْمولة التي تذوب في حَلْقك؛ قال ابن سيده:
وهذا التفسير ليس بقويّ وإِذا تُؤُمِّل كان مستحيلاً. وقال مرَّة:
الجَمُول المرأَة السمينة، والنَّثُول المرأَة المهزولة. والجَمِيل: الإِهالة
المُذابة، واسم ذلك الذائب الجُمَالة، والاجْتِمال: الادِّهَان به.
والاجْتِمال أَيضاً: أَن تشوي لحماً فكلما وَكَفَتْ إِهَالته
اسْتَوْدَقْتَه على خُبْز ثم أَعدته. الفراء: جَمَلْت الشحم أَجْمُله جَمْلاً
واجْتَملته إِذا أَذَبْته، ويقال: أَجْمَلته وجَمَلْت أَجود، واجْتمل الرجُل؛
قال لبيد:
فاشْتَوَى لَيْلة رِيحٍ واجْتَمَل
والجُمْلة: واحدة الجُمَل. والجُمْلة: جماعي الشيء. وأَجْمَل الشيءَ:
جَمَعه عن تفرقة؛ وأَجْمَل له الحساب كذلك. والجُمْلة: جماعة كل شيء بكماله
من الحساب وغيره. يقال: أَجْمَلت له الحساب والكلام؛ قال الله تعالى:
لولا أُنزل عليه القرآن جُمْلة واحدة؛ وقد أَجْمَلت الحساب إِذا رددته إِلى
الجُمْلة. وفي حديث القَدَر: كتاب فيه أَسماء أَهل الجنة والنار أُجمل
على آخرهم فلا يزاد فيهم ولا ينقص؛ وأَجْمَلت الحساب إِذا جمعت آحاده
وكملت أَفراده، أَي أُحْصوا وجُمِعوا فلا يزاد فيهم ولا ينقص.
وحساب الجُمَّل، بتشديد الميم: الحروفُ المقطعة على أَبجد، قال ابن
دريد: لا أَحسبه عربيّاً، وقال بعضهم: هو حساب الجُمَل، بالتخفيف؛ قال ابن
سيده: ولست منه على ثِقَة.
وجُمْل وجَوْمَل: اسم امرأَة. وجَمَال: اسم بنت أَبي مُسافر. وجَمِيل
وجُمَيْل: اسمان. والجَمَّالان: من شعراء العرب؛ حكاه ابن الأَعرابي، وقال:
أَحدهما إِسْلامي وهو الجَمَّال بن سَلَمة العبدي، والآخر جاهلي لم
ينسبه إِلى أَب. وجَمَّال: اسم موضع؛ قال النابغة الجعدي:
حَتَّى عَلِمْنا، ولولا نحن قد عَلِمُوا،
حَلَّت شَلِيلاً عَذَاراهم وجَمَّالا
ميز: المَيْزُ: التمييز بين الأَشياء. تقول: مِزْتُ بعضه من بعض فأَنا
أَمِيزُه مَيْزاً، وقد أَمازَ بعضَه من بعض، ومِزْتُ الشيءَ أَمِيزُه
مَيْزاً: عزلته وفَرَزْتُه، وكذلك مَيَّزْتُه تمييزاً فانْمازَ. ابن سيده:
مازَ الشيءَ مَيْزاً ومِيزَةً ومَيَّزَهُ: فصل بعضه من بعض. وفي التنزيل
العزيز: حتى يَمِيزَ الخَبِيثَ من الطَّيِّبِ، قرئ: يَمِيزَ من مازَ
يَمِيزُ، وقرئ: يُمَيِّزْ من مَيَّزَ يُمَيِّزُ، وقد تَمَيَّزَ وامَّازَ
واسْتَمازَ كله بمعنى، إِلاَّ أَنهم إِذا قالوا مِزْتُه فلم يَنْمَزُ لم
يتكلموا بهما جميعاً إِلا على هاتين الصيغتين، كما أَنهم إِذا قالوا زِلْتُه
فلم يَنْزَلْ لم يتكلموا به إِلا على هاتين الصيغتين لا يقولون مَيَّزْته
فلم يَتَمَيَّزْ ولا زَيَّلْتُه فلم يَتَزَيَّلْ؛ وهذا قول اللحياني.
وتَمَيَّزَ القومُ وامْتازوا: صاروا في ناحية. وفي التنزيل العزيز:
وامْتازوا اليومَ أَيُّها المُجْرِمُونَ؛ أَي تَمَيَّزوا، وقيل: أَي
انْفَرِدُوا عن المؤمنين. واسْتَمازَ عن الشيء: تباعد منه، وهو من ذلك. وفي حديث
إِبراهيم النخعي: اسْتَمازَ رجلٌ عن رجل به بَلاءٌ فابْتُلِيَ به أَي
انفصل عنه وتباعد، وهو اسْتَفْعَلَ من المَيْزِ. ابن الأَعرابي: مازَ الرجلُ
إِذا انتقل من مكان إِلى مكان. ويقال: امْتاز القومُ إِذا تنحَّى
عِصابَةٌ منهم ناحيةً، وكذلك اسْتَمازَ، قال الأَخطل:
فإِن لا تُعَيِّرْها قريشٌ بِمَلْكِها،
يكن عن قُرَيْشٍ مُسْتَمازٌ ومَرْحَلُ
ويقال: امتازَ القومُ إِذا تميز بعضهم من بعض. وفي الحديث: لا تَهْلِكُ
أُمتي حتى يكون بينهم التَّمايُلُ والتَّمايُزُ أَي يتحزبون أَحزاباً
ويتميز بعضهم من بعض ويقع التنازع. يقال: مِزْتُ الشيءَ من الشيءِ إِذا
فَرَّقْتَ بينهما فانْمازَ وامْتازَ، ومَيَّزْتُه فَتَمَيَّزَ؛ ومنه الحديث:
من مازَ أَذًى فالحسَنةُ بعشر أَمثالها أَي نَحَّاه وأَزاله؛ ومنه حديث
ابن عمر: أَنه كان إِذا صلى يَنْمازُ عن مُصَلاَّه فيركع أَي يتحول عن
مُقامه الذي صلى فيه.
وتَمَيَّزَ من الغَيْظِ: تَقَطَّع. وفي التنزيل العزيز: تَكادُ
تَمَيَّزُ من الغَيْظِ.
حمد: الحمد: نقيض الذم؛ ويقال: حَمدْتُه على فعله، ومنه المَحْمَدة خلاف
المذمّة. وفي التنزيل العزيز: الحمد لله رب العالمين. وأَما قول العرب:
بدأْت بالحمدُ لله، فإِنما هو على الحكاية أَي بدأْت بقول: الحمدُ لله رب
العالمين؛ وقد قرئ الحمدَ لله على المصدر، والحمدِ لله على الإِتباع،
والحمدُ لله على الإِتباع؛ قال الفراء: اجتمع القراء على رفع الحمدُ لله،
فأَما أَهل البدو فمنهم من يقول الحمدَ لله، بنصب الدال، ومنهم من يقول
الحمدِ لله، بخفض الدال، ومنهم من يقول الحمدُ لُلَّه، فيرفع الدال
واللام؛ وروي عن ابن العباس أَنه قال: الرفع هو القراءَة لأَنه المأْثور، وهو
الاختيار في العربية؛ وقال النحويون: من نصب من الأَعراب الحمد لله فعلى
المصدر أَحْمَدُ الحمدَ لله، وأَما من قرأَ الحمدِ لله فإِن الفراء قال:
هذه كلمة كثرت على الأَلسن حتى صارت كالاسم الواحد، فثقل عليهم ضمة بعدها
كسرة فأَتبعوا الكسرةَ للكسرة؛ قال وقال الزجاج: لا يلتفت إِلى هذه اللغة
ولا يعبأُ بها، وكذلك من قرأَ الحمدُ لُلَّه في غير القرآن، فهي لغة
رديئة؛ قال ثعلب: الحمد يكون عن يد وعن غير يد، والشكر لا يكون إِلا عن يد
وسيأْتي ذكره؛ وقال اللحياني: الحمد الشكر فلم يفرق بينهما. الأَخفش:
الحمد لله الشكر لله، قال: والحمد لله الثناء. قال الأَزهري: الشكر لا يكون
إِلا ثناء ليد أَوليتها، والحمد قد يكون شكراً للصنيعة ويكون ابتداء
للثناء على الرجل، فحمدُ الله الثناءُ عليه ويكون شكراً لنعمه التي شملت الكل،
والحمد أَعم من الشكر.
وقد حَمِدَه حَمْداً ومَحْمَداً ومَحْمَدة ومَحْمِداً ومَحْمِدَةً،
نادرٌ، فهو محمود وحميد والأُنثى حميدة، أَدخلوا فيها الهاء وإِن كان في
المعنى مفعولاً تشبيهاً لها برشيدة، شبهوا ما هو في معنى مفعول بما هو بمعنى
فاعل لتقارب المعنيين.
والحميد: من صفات الله تعالى وتقدس بمعنى المحمود على كل حال، وهو من
الأَسماء الحسنى فعيل بمعنى محمود؛ قال محمد بن المكرم: هذه اللفظة في
الأُصول فعيل بمعنى مفعول ولفظة مفعول في هذا المكان ينبو عنها طبع الإِيمان،
فعدلت عنها وقلت حميد بمعنى محمود، وإِن كان المعنى واحداً، لكن التفاصح
في التفعيل هنا لا يطابق محض التنزيه والتقديس لله عز وجل؛ والحمد
والشكر متقاربان والحمد أَعمهما لأَنك تحمد الإِنسان على صفاته الذاتية وعلى
عطائه ولا تشكره على صفاته؛ ومنه الحديث: الحمد رأْس الشكر؛ ما شكر الله
عبد لا يحمده، كما أَن كلمة الإِخلاص رأْس الإِيمان، وإِنما كان رأْس
الشكر لأَن فيه إِظهار النعمة والإِشادة بها، ولأَنه أَعم منه، فهو شكر
وزيادة. وفي حديث الدعاء: سبحانك اللهم وبحمدك أَي وبحمدك أَبتدئ، وقيل:
وبحمدك سبحت، وقد تحذف الواو وتكون الواو للتسبب أَو للملابسة أَي التسبيح
مسبب بالحمد أَو ملابس له.
ورجل حُمَدَةٌ كثير الحمد، ورجل حَمَّادٌ مثله. ويقال: فلان يتحمد الناس
بجوده أَي يريهم أَنه محمود. ومن أَمثالهم: من أَنفق ماله على نفسه فلا
يَتَحَمَّد به إِلى الناس؛ المعنى أَنه لا يُحْمَدُ على إِحسانه إِلى
نفسه، إِنما يحمد على إِحسانه إِلى الناس؛ وحَمَدَه وحَمِدَهُ وأَحمده: وجده
محموداً؛ يقال: أَتينا فلاناً فأَحمدناه وأَذممناه أَي وجدناه محموداً
أَو مذموماً. ويقال: أَتيت موضع كذا فأَحمدته أَي صادفته محموداً موافقاً،
وذلك إِذا رضيت سكناه أَو مرعاه. وأَحْمَدَ الأَرضَ: صادفها حميدة، فهذه
اللغة الفصيحة، وقد يقال حمدها. وقال بعضهم: أَحْمَدَ الرجلَ إِذا رضي
فعله ومذهبه ولم ينشره. سيبويه: حَمِدَه جزاه وقضى حقه، وأَحْمَدَه استبان
أَنه مستحق للحمد. ابن الأَعرابي: رجل حَمْد وامرأَة حَمْدْ وحَمْدة
محمودان ومنزل حَمْد؛ وأَنشد:
وكانت من الزوجات يُؤْمَنُ غَيْبُها،
وتَرْتادُ فيها العين مُنْتَجَعاً حَمْدا
ومنزلة حَمْد؛ عن اللحياني. وأَحْمَد الرجلُ: صار أَمره إِلى الحمد.
وأَحمدته: وجدته محموداً؛ قال الأَعشى:
وأَحْمَدْتَ إِذ نَجَّيْتَ بالأَمس صِرْمَة،
لها غُدَاداتٌ واللَّواحِقُ تَلْحَق
وأَحْمَد أَمرَه: صار عنده محموداً. وطعام لَيْسَت مَحْمِدة
(* قوله
«وطعام ليست محمدة إلخ» كذا بالأصل والذي في شرح القاموس وطعام ليست عنده
محمدة أي لا يحمده آكله، وهو بكسر الميم الثانية). أَي لا يحمد.
والتحميد: حمدك الله عز وجل، مرة بعد مرة. الأَزهري: التحميد كثرة حمد
الله سبحانه بالمحامد الحسنة، والتحميد أَبلغ من الحمد.
وإِنه لَحَمَّاد لله، ومحمد هذا الاسم منه كأَنه حُمدَ مرة بعد أُخرى.
وأَحْمَد إِليك الله: أَشكره عندك؛ وقوله:
طافت به فَتَحامَدَتْ رُكْبانه
أَي حُمد بعضهم عند بعض. الأَزهري: وقول العرب أَحْمَد إِليك اللَّهَ
أَي أَحمد معك اللَّهَ؛ وقال غيره: أَشكر إِليك أَياديَه ونعمه؛ وقال
بعضهم: أَشكر إِليك نعمه وأُحدثك بها. هل تَحْمد لهذا الأَمر أَي ترضاه؟ قال
الخليل: معنى قولهم في الكتب احمد إِليك الله أَي احمد معك الله؛ كقول
الشاعر:
ولَوْحَيْ ذراعين في بِرْكَة،
إِلى جُؤجُؤٍ رَهِل المنكب
يريد مع بركة إِلى جؤجؤ أَي مع جؤجؤ. وفي كتابه، عليه السلام: أَما بعد
فإِني أَحمد إِليك الله أَي أَحمده معك فأَقام إِلى مُقام مع؛ وقيل:
معناه أَحمد إِليك نعمة الله عز وجل، بتحديثك إِياها. وفي الحديث: لواء
الحمد بيدي يوم القيامة؛ يريد انفراده بالحمد يوم القيامة وشهرته به على رؤوس
الخلق، والعرب تضع اللواء في موضع الشهرة؛ ومنه الحديث: وابعثه المقام
المحمود: الذي يحمده فيه جميع الخلق لتعجيل الحساب والإِراحة من طول
الوقوف؛ وقيل: هو الشفاعة. وفلان يَتَحَمَّد عليّ أَي يمتن، ورجل حُمَدة مثل
هُمَزة: يكثر حمد الأَشياء ويقول فيها أَكثر مما فيها. ابن شميل في حديث
ابن عباس: أَحْمد إِليكم غَسْل الإِحْليل أَي أَرضاه لكم وأتقدم فيه
إِليكم، أَقام إِلى مقام اللام الزائدة كقوله تعالى: بأَن ربك أَوحى لها؛ أَي
إِليها. وفي النوادر: حَمِدت على فلان حَمْداً وضَمِدت له ضَمَداً إِذا
غضبت؛ وكذلك أَرِمْت أَرَماً. وقول المصلي: سبحانك اللهم وبحمدك؛ المعنى
وبحمدك أَبتدئ، وكذلك الجالب للباء في بسم الله الابتداء كأَنك قلت:
بدأْت بسم الله، ولم تحتج إِلى ذكر بدأْت لأَن الحال أَنبأَت أَنك
مبتدئ.وقولهم: حَمادِ لفلان أَي حمداً له وشكراً وإِنما بني على الكسر لأَنه
معدول عن المصدر.
وحُماداك أَن تفعل كذا وكذا أَي غايتك وقصاراك؛ وقال اللحياني: حُماداكَ
أَن تفعل ذلك وحَمْدُك أَي مبلغ جهدك؛ وقيل: معناه قُصاراك وحُماداك أَن
تَنْجُو منه رأْساً برأْس أَي قَصْرُك وغايتك.
وحُمادي أَن أَفعل ذاك أَي غايتي وقُصارايَ؛ عن ابن الأَعرابي.
الأَصمعي: حنانك أَن تفعل ذلك، ومثله حُماداك. وقالت أُم سلمة: حُمادَياتُ النساء
غَضُّ الطرف وقَصْر الوهادة؛ معناه غاية ما يحمد منهن هذا؛ وقيل:
غُناماك بمعنى حُماداك، وعُناناك مثله.
ومحمد وأَحمد: من أَسماء سيدنا المصطفى رسول الله، صلى الله عليه وسلم؛
وقد سمت محمداً وأَحمد وحامداً وحَمَّاداً وحَمِيداً وحَمْداً
وحُمَيْداً. والمحمَّد: الذي كثرت خصاله المحمودة؛ قال الأَعشى:
إِليك، أَبَيتَ اللعنَ، كان كَلالُها،
إِلى الماجِد القَرْم الجَواد المُحَمَّد
قال ابن بري: ومن سمي في الجاهلية بمحمد سبعة: الأَول محمد بن سفيان بن
مجاشع التميمي، وهو الجد الذي يرجع إِليه الفرزدق همام بن غالب والأَقرع
بن حابس وبنو عقال، والثاني محمد بن عتوارة الليثي الكناني، والثالث محمد
بن أُحَيْحة بن الجُلاح الأَوسي أَحد بني جَحْجَبَى، والرابع محمد بن
حُمران بن مالك الجعفي المعروف بالشُّوَيْعِر؛ لقب بذلك لقول امرئ القيس
فيه وقد كان طلب منه أَن يبيعه فرساً فأَبى فقال:
بَلِّغَا عَنِّي الشُّوَيْعِرَ أَني،
عَمْدَ عَيْن، بَكَّيْتُهنّ حَريما
وحريم هذا: اسم رجل؛ وقال الشويعر مخاطباً لامرئ القيس:
أَتتني أُمور فكذبْتها،
وقد نُمِيَتْ ليَ عاماً فعاما
بأَنّ امرأَ القيسِ أَمسى كئيبا
على أَلَهٍ، ما يذوقُ الطَّعاما
لعمرُ أَبيكَ الذي لا يُهانُ،
لقد كان عِرْضُك مني حراما
وقالوا: هَجَوْتَ، ولم أَهْجُه،
وهِلْ يَجِدَنْ فيكَ هاجٍ مراما؟
وليس هذا هو الشويعر الحنفي وأَما الشويعر الحنفي فاسمه هانئ بن توبة
الشيباني وسمي الشويعر لقوله هذا البيت:
وإِنّ الذي يُمْسِي، ودنياهُ هَمُّه،
لَمُسْتَمسِكٌ منها بِحَبْلِ غُرور
وأَنشد له أَبو العباس ثعلب:
يُحيّي الناسُ كلَّ غنيّ قوم،
ويُبْخَلُ بالسلام على الفقير
ويوسَع للغنّي إِذا رأَوه،
ويُحْبَى بالتحية كالأَمير
والخامس محمد بن مسلمة الأَنصاري أَخو بني حارثة، والسادس محمد بن خزاعي
بن علقمة، والسابع محمد بن حرماز بن مالك التميمي العمري.
وقولهم في المثل: العَود أَحمد أَي أَكثر حمداً؛ قال الشاعر:
فلم تَجْرِ إِلا جئت في الخير سابقاً،
ولا عدت إِلا أَنت في العود أَحمد
وحَمَدَة النار، بالتحريك: صوت التهابها كَحَدمتها؛ الفراء: للنار
حَمَدة.
ويوم مُحْتَمِد ومُحْتَدِم: شديد الحرّ. واحْتَمَد الحرُّ: قَلْب
احتَدَم.
ومحمود: اسم الفيل المذكور في القرآن.
ويَحْمَد: أَبو بطن من الأَزد. واليَحامِدُ جَمْعٌ: قبيلة يقال لها
يَحْمد، وقبيلة يقال لها اليُحْمِد؛ هذه عبارة عن السيرافي؛ قال ابن سيده:
والذي عندي أَن اليحامد في معنى اليَحْمَديين واليُحْمِديين، فكان يجب أَن
تلحقه الهاء عوضاً من ياءَي النسب كالمهالبة، ولكنه شذ أَو جعل كل واحد
منهم يَحمد أَو يُحمد، وركبوا هذا الاسم فقالوا حَمْدَوَيْه، وتعليل ذلك
مذكور في عمرويه.