[في الانكليزية] Intrusive consonant
[ في الفرنسية] Consonne d'appui
من الحروف قد مرّت في تقسيمات الحروف.
خوف: الخَوْفُ: الفَزَعُ، خافَه يخافُه خَوْفاً وخِيفةً ومَخافةً. قال
الليث: خافَ يخافُ خَوْفاً، وإنما صارت الواو أَلفاً في يَخافُ لأَنه على
بناء عمِلَ يَعْمَلُ، فاستثقلوا الواو فأَلقَوْها، وفيها ثلاثة أَشياء:
الحَرْفُ والصَّرْفُ والصوتُ، وربما أَلقوا الحَرْفَ بصرفها وأَبقوا منها
الصوت، وقالوا يَخافُ، وكان حدّه يَخْوَفُ بالواو منصوبة، فأَلقوا الواو
واعتمد الصوت على صرف الواو، وقالوا خافَ، وكان حدّه خوِف بالواو مكسورة،
فأَلقوا الواو بصرفها وأَبقوا الصوت، واعتمد الصوت على فتحة الخاء فصار
معها أَلفاً ليِّنة، ومنه التَّخْويفُ والإخافةُ والتَّخَوّف، والنعت
خائفٌ وهو الفَزِعُ؛ وقوله:
أَتَهْجُرُ بَيْتاً بالحِجازِ تَلَفَّعَتْ
به الخَوْفُ والأَعْداءُ أَمْ أَنتَ زائِرُهْ؟
إنما أَراد بالخوف المخافةَ فأَنَّث لذلك. وقوم خُوَّفٌ على الأَصل،
وخُيَّفٌ على اللفظ، وخِيَّفٌ وخَوْفٌ؛ الأَخيرة اسم للجمع، كلُّهُم
خائفونَ، والأَمر منه خَفْ، بفتح الخاء. الكسائي: ما كان من ذوات الثلاثة من
بنات الواو فإنه يجمع على فُعَّلٍ وفيه ثلاثة أَوجه، يقال: خائف وخُيَّفٌ
وخِيَّفٌ وخَوْفٌ. وتَخَوَّفْتُ عليه الشيء أَي خِفْتُ. وتَخَوَّفَه:
كخافه، وأَخافَه إياه إخافة وإخافاً؛ عن اللحياني. وخَوَّفَه؛ وقوله أَنشده
ثعلب:
وكانَ ابْن أَجمالٍ إذا ما تَشَذَّرَت
صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوَّفُ
فسّره فقال: يكفيهن أَن يُضْرَبَ غيرُهنّ. وخَوَّف الرجلَ إذا جعل فيه
الخوف، وخَوَّفْتُه إذا جعلْتَه بحالة يخافُه الناس. ابن سيده: وخَوَّف
الرجلَ جعل الناسَ يَخافونه. وفي التنزيل العزيز: إنما ذلِكمُ الشيطان
يُخَوِّفُ أَولياءه أَي يجعلكم تخافون أَولياءه؛ وقال ثعلب: معناه يخوّفكم
بأَوليائه، قال: وأَراه تسهيلاً للمعنى الأَول، والعرب تُضِيفُ المَخافةَ
إلى المَخُوف فتقول أَنا أَخافُك كخَوْفِ الأَسد أَي كما أُخَوَّفُ
بالأَسد؛ حكاه ثعلب؛ قال ومثله:
وقد خِفْتُ حتى ما تزيدُ مَخافَتي
على وَعِلٍ، بذي المطارةِ، عاقِلِ
(* قوله «بذي المطارة» كذا في الأصل، والذي في معجم ياقوت بذي مطارة.
وقوله «حتى ما إلخ» جعله الأصمعي من المقلوب كما في المعجم.)
كأَنه أَراد: وقد خافَ الناسُ مني حتى ما تزِيدُ مخافَتُهم إياي على
مخافةِ وعِلٍ. قال ابن سيده: والذي عندي في ذلك أَن المصدر يضاف إلى المفعول
كما يضاف إلى الفاعل. وفي التنزيل: لا يَسْأَمُ الإنسان من دُعاء الخير،
فأَضاف الدعاء وهو مصدر إلى الخير وهو مفعول، وعلى هذا قالوا: أَعجبني
ضرْبُ زيدٍ عمرٌو فأَضافوا المصدر إلى المفعول الذي هو زيد، والاسم من ذلك
كله الخِيفةُ، والخِيفةُ الخَوْفُ. وفي التنزيل العزيز: واذكُرْ ربك في
نفسِك تضرُّعاً وخِيفةً، والجمع خِيفٌ وأَصله الواو؛ قال صخر الغي
الهذلي:فلا تَقْعُدَنَّ على زَخَّةٍ،
وتُضْمِرَ في القَلْبِ وجْداً وخِيفا
وقال اللحياني: خافَه خِيفَةً وخيِفاً فجعلهما مصدرين؛ وأَنشد بيت صخر
الغي هذا وفسّره بأَنه جمع خيفة. قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا لأَن
المصادِرَ لا تجمع إلا قليلاً، قال: وعسى أَن يكون هذا من المصادر التي قد
جمعت فيصح قول اللحياني. ورجل خافٌ: خائفٌ. قال سيبويه: سأَلت الخليل عن
خافٍ فقال: يصلح أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه ويصلح أَن يكون فَعِلاً، قال:
وعلى أَيّ الوجهين وجَّهْتَه فتَحْقِيرُه بالواو. ورجل خافٌ أَي شديد
الخَوْف، جاؤُوا به على فَعِلٍ مثل فَرِقٍ وفَزِعٍ كما قالوا صاتٌ أَي
شديدُ الصوْتِ.
والمَخافُ والمَخِيفُ: مَوْضِعُ الخَوْفِ؛ الأَخيرة عن الزجاجي حكاها في
الجُمل. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: نِعْمَ العَبْدُ صُهَيْبٌ لَوْ
لَم يَخَفِ اللّه لم يَعْصِه، أَراد أَنه إنما يُطِيع اللّهَ حُبّاً له لا
خَوْفَ عِقابه، فلو لم يكن عِقابٌ يَخافُه ما عصى اللّهَ، ففي الكلام
محذوف تقديره لو لم يخف اللّه لم يعصه فكيف وقد خافه. وفي الحديث: أَخِيفُوا
الهَوامَّ قبل أَن تُخيفَكم أَي احْتَرِسُوا منها فإذا ظهر منها شيء
فاقتلوه، المعنى اجعلوها تخافكم واحْمِلُوها على الخَوْفِ منكم لأَنها إذا
أرادتكم ورأَتْكم تقتلونها فرت منكم. وخاوَفَني فَخُفْتُه أَخُوفُه:
غَلَبْتُه بما يخوِّفُ وكنت أَشدَّ خَوْفاً منه. وطريقٌ مَخُوفٌ ومُخِيفٌ:
تَخافُه الناسُ. ووجع مَخُوفٌ ومُخِيفٌ: يُخِيفُ مَنْ رآه، وخصَّ يعقوب
بالمَخُوفِ الطريق لأَنه لا يُخِيفُ، وإنما يُخِيفُ قاطِعُ الطريق، وخصَّ
بالمُخِيفِ الوجَعَ أَي يُخِيفُ مَن رآه. والإخافة: التَّخْويفُ. وحائط
مَخُوفٌ إذا كان يُخْشى أَن يقَع هو؛ عن اللحياني. وثَغْرٌ مَتَخَوَّفٌ
ومُخِيفٌ: يُخافُ منه، وقيل: إذا كان الخوف يجيء من قِبَلِه. وأَخافَ
الثَّغْرُ: أَفْزَعَ. ودخل القومَ الخَوْفُ، منه؛ قال الزجاجي: وقولُ
الطِّرِمَّاحِ:
أَذا العَرْشِ إنْ حانَتْ وفاتي، فلا تَكُنْ
على شَرْجَعٍ يُعْلى بِخُضْر المَطارِف
ولكِنْ أَحِنْ يَوْمي سَعِيداً بعصْمةٍ،
يُصابُونَ في فَجٍّ مِنَ الأَرضِ خائِفِ
(* قوله «بعصمة» كذا بالأصل ولعله بعصبة بالباء الموحدة.)
هو فاعلٌ في معنى مَفْعُولٍ. وحكى اللحياني: خَوِّفْنا أَي رَقِّقْ لنا
القُرآنَ والحديث حتى نَخافَ. والخَوْفُ: القَتْلُ. والخَوْفُ: القِتالُ،
وبه فسّر اللحياني قوله تعالى: ولنبلونَّكم بشيء من الخَوْفِ والجوع،
وبذلك فسّر قوله أَيضاً: وإذا جاءَهم أَمْرٌ من الأَمْنِ أَو الخَوْفِ
أَذاعُوا به. والخوفُ: العِلْم، وبه فسر اللحياني قوله تعالى: فمَن خافَ من
مُوصٍ جَنَفاً أَو إثْماً وإِنِ امرأَة خافَتْ من بَعْلها نُشُوزاً أَو
إِعراضاً. والخَوْفُ: أَديمٌ أَحْمَرُ يُقَدُّ منه أَمثالُ السُّيُورِ ثم
يجعل على تلك السُّيُور شَذْرٌ تلبسه الجارِيةُ؛ الثُّلاثِيَّةُ عن كراع
والحاء أَوْلى.
والخَوَّافُ: طائر أَسودُ، قال ابن سيده: لا أَدري لم سمي بذلك.
والخافةُ: خَريطةٌ من أَدَمٍ؛ وأَنشد في ترجمة عنظب:
غَدا كالعَمَلَّسِ في خافةٍ
رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعَنْجد
(* قوله «في خافة» يروى بدله في حدلة، بالحاء المهملة مضمومة والذال
المعجمة، حجزة الازار، وتقدم لنا في مادة عنجد بلفظ في خدلة، بالخاء المعجمة
والدال المهملة، وهي خطأ.)
والخافةُ: خَريطةٌ من أَدَمٍ ضَيِّقَةُ الأَعلى واسِعةُ الأَسفل
يُشْتارُ فيها العَسلُ. والخافةُ: جُبَّةٌ يلْبَسها العَسَّالُ، وقيل: هي فَرْوٌ
من أَدَمٍ يلبسها الذي يدخل في بيت النحل لئلا يلسَعَه؛ قال أَبو ذؤيب:
تأَبَّطَ خافةً فيها مِسابٌ،
فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَداً بِشِيقِ
قال ابن بري، رحمه اللّه: عَيْن خافةٍ عند أَبي عليٍّ ياء مأْخوذة من
قولهم الناس أَخْيافٌ أَي مُخْتَلِفُون لأَن الخافةَ خريطة من أَدَم منقوشة
بأَنواع مختلفة من النقش، فعلى هذا كان ينبغي أَن تذكر الخافة في فصل
خيف، وقد ذكرناها هناك أَيضاً. والخافةُ: العَيْبةُ. وقوله في حديث أَبي
هريرة: مَثَلُ المُؤمِن كمثل خافةِ الزّرع؛ الخافةُ وِعاء الحَبّ، سميت
بذلك لأَنها وِقايةٌ له، والرواية بالميم، وسيأْتي ذكره في موضعه.
والتخَوُّفُ: التَّنَقُّصُ. وفي التنزيل العزيز: أَو يأْخُذَهم على
تَخَوُّفٍ؛ قال الفراء: جاء في التفسير بأَنه التنقص. قال: والعرب تقول
تَخَوَّفته أَي تنقصته من حافاته، قال: فهذا الذي سمعته، قال: وقد أَتى
التفسير بالحاء، قال الزجاج: ويجوز أَن يكون معناه أَو يأْخذهم بعد أَن
يُخِيفَهم بأَن يُهْلِك قَريةً فتخاف التي تليها؛ وقال ابن مقبل:
تَخَوَّفَ السَّيْرُ منها تامِكاً قَرِداً،
كما تَخَوَّفَ عودَ النَّبْعةِ السَّفَنُ
السَّفَنُ: الحديدة التي تُبْرَدُ بها القِسِيُّ، أَي تَنَقَّصَ كما
تأْكلُ هذه الحَديدةُ خشَبَ القِسيّ، وكذلك التخْويفُ. يقال: خَوَّفَه
وخوَّفَ منه؛ قال ابن السكيت: يقال هو يَتَحَوّفُ المال ويَتَخَوّفُه أَي
يَتَنَقَّصُه ويأْخذ من أَطْرافِه. ابن الأَعرابي: تَحَوَّفْتُه وتَحَيَّفْته
وتَخَوَّفْتُه وتَخَيَّفْته إذا تَنَقَّصْته؛ وروى أَبو عبيد بيت طرَفة:
وجامِلٍ خَوَّفَ من نِيبه
زَجْرُ المُعَلَّى أُصُلاً والسَّفِيحْ
يعني أَنه نقصها ما يُنْحَر في المَيْسِر منها، وروى غيره: خَوَّعَ من
نِيبه، ورواه أَبو إسحق: من نَبْتِه. وخَوَّفَ غنمه: أَرسلها قِطعة
قِطعة.
مسس: مَسِسْتُه، بالكسر، أَمَسُّه مَسّاً ومَسيساً: لَمَسْتُه، هذه
اللغة الفصيحة، ومَسَسْتُه، بالفتح، أَمُسُّه، بالضم، لغة، وقال سيبويه:
وقالوا مِسْتُ، حذفوا فأَلقَوا الحركة على الفاء كما قالوا خِفْتُ، وهذا
النحو شاذ، قال: والأَصل في هذا عربي كثير، قال: وأَمَّا الذين قالوا مَسْتُ
فشبهوها بلست، الجوهري: وربما قالوا مِسْتُ الشيء، يحذفون منه السين
الأُولى ويحولون كسرتها إِلى الميم. وفي حديث أَبي هريرة: لو رأَيْتُ
الوُعُولَ تَجْرُشُ ما بين لابَتَيْها ما مِسْتُها؛ هكذا روي، وهي لغة في
مَسْتُها؛ ومنهم من لا يحوّل كسرة السين إِلى الميم بل يترك الميم على حالها
مفتوحة، وهو مثل قوله تعالى: فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُون، يكسر ويفتح، وأَصله
ظَلِلْتُم وهو من شواذ التخفيف؛ وأَنشد الأَخفش لابن مَغْرَاءَ:
مِسْنا السَّماء فَنِلْناها وَطَاءَلَهُمْ،
حتى رَأَوْا أُحُداً يَهْوِي وثَهْلانَا
وأَمْسَسْتُه الشيء فَمَسَّه. والمَسِيسُ: المَسُّ، وكذلك المِسِّيسَى
مثل الخِصِّيصَى. وفي حديث موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولم نجد
مَسّاً من النَّصَب؛ هو أَول ما يُحَسُّ به من التَّعب. والمَسُّ؛
مَسُّك الشيءَ بيدك. قال اللَّه تعالى: وإِن طلَّقْتُمُوهُنَّ من قَبْلِ أَن
تُمَاسُّوهُنَّ، وقرئ: من قبل أَن تَمَسُّوهُنّ، قال أَحمد بن يحيى:
اختار بعضهم ما لم تَمَسُّوهُنّ، وقال: لأَنَّا وجَدنا هذا الحرف في غير موضع
من الكتاب بغير أَلف: يَمْسَسْنِي بَشَرٌ، فكل شيء من هذا الكتاب، فهو
فعل الرجل في باب الغشيان. وفي حديث فتح خيبر: فَمَسَّهُ بعذاب أَي
عاقَبَه. وفي حديث أَبي قتادة والمِيضَأَة: فأَتيته بها فقال: مَسُّوا منها أَي
خذوا منها الماء وتوضَّؤُوا. ويقال: مَسِسْتُ الشيءَ أَمَسُّه مَسّاً
لَمَسْتَه بيدك، ثم استعير للأَخذ والضرب لأَنهما باليد، واستعير للجماع
لأَنه لَمْسٌ، وللجُنون كأَن الجن مَسَّتْه؛ يقال: به مَسٌّ من جنون. وقوله
تعالى: ولم يَمْسَسْني بَشَرٌ أَي لم يَمْسَسْني على جهة تزوُّجٍ، ولم
أَكُ بغيّاً أَي ولا قُرِبْتُ على غير حد التزوُّج.
وماسَّ الشيءُ مُمَاسَّةً ومِساساً: لَقِيَه بذاته. وتَمَاسَّ
الجِرْمانِ: مَسَّ أَحدُهما الآخر. وحكى ابن جني: أَمَسَّهُ إِياه فعدَّاه إِلى
مفعولين كما ترى، وخص بعض أَهل اللغة: فرس مُمَسٌّ بِتَحْجيل؛ أَراد
مُمَسٌّ تَحْجيلاً واعتقد زيادة الباء كزيادتها في قراءة من قرأَ: يُذْهِبُ
بالأَبصار ويُنبِت بالدُّهن، من تذكرة أَبي عليّ.
ورَحِمٌ ماسَّةٌ ومَسَّاسَةٌ أَي قَرَابَة قَرِيبة. وحاجةٌ ماسَّة أَي
مُهِمَّة، وقد مَسَّتْ إِليه الحاجة. ووجَدَ مَسَّ الحُمَّى أَي رَسَّها
وبَدْأَها قبل أَن تأْخذه وتظهر، وقد مَسَّتْه مَوَاسُّ الخَبَلِ.
والمَسُّ: الجُنون. ورجل مَمْسُوسٌ: به مَسٌّ من الجُنون. ومُسْمِسَ الرجلُ إِذا
تُخُبِّطَ. وفي التنزيل العزيز: كالذي يَتَخَبَّطُه الشيطان من المَسِّ؛
المَسُّ: الجنون، قال أَبو عمرو: الماسُوسُ
(* قوله «الماسوس» هكذا في
الأصل، وفي شرح القاموس بالهمز. وقوله المدلس هكذا بالأصل، وفي شرح القاموس
والمالوس.) والمَمْسُوس والمُدَلَّسُ كله المجنون.
وماءٌ مَسُوسٌ: تََناولته الأَيدي، فهو على هذا في معنى مفعول كأَنه
مُسَّ حين تُنُووِل باليد، وقيل: هو الذي إِذا مَسَّ الغُلَّة ذَهَبَ بها؛
قال ذو الإِصْبَع العَدْواني:
لوْ كُنْتَ ماءً، كُنْتَ لا
عَذْبَ المَذاقِ ولا مَسُوسا،
مِلْحاً بعِيدَ القَعْرِ قَدْ
فَلَّتْ حِجارَتُهُ الفُؤُوسا
فهو على هذا فعول في معنى فاعل. قال شمر: سئل أَعرابي عن رَكِيَّةٍ
فقال: ماؤها الشِّفاء المَسُوسُ الذي يَمسُّ الغُلَّة فيَشْفِيها. والمَسُوس:
الماء العذب الصافي. ابن الأَعرابي: كل ما شفى الغَلِيلَ، فهو مَسُوسٌ،
لأَنه يَمُسُّ الغُلَّةَ. الجوهري: المَسُوس من الماء الذي بين العذْبِ
والمِلح. وريقة مَسُوسٌ؛ عن ابن الأَعرابي: تذهب بالعطش؛ وأَنشد:
يا حَبَّذا رِيقَتُكِ المَسُوسُ،
إِذْ أَنْتِ خَوْدٌ بادِنٌ شَمُوسُ
وقال أَبو حنيفة: كَلأ مسوسٌ نامٍ في الراعية ناجعٌ فيها. والمَسُوسُ:
التِّرْياقُ؛ قال كثيِّر:
فقَدْ أَصْبَحَ الرَّاضُونَ، إِذ أَنْتُمُ بها
مَسُوسُ البِلادِ، يَشْتَكُونَ وبالَها
وماء مَسُوسٌ: زُعاقٌ يُحْرِق كل شيء بمُلوحته، وكذلك الجمع.
ومَسَّ المرأَة وماسَّها: أَتاها. ولا مَساسَ أَي لا تَمَسَّني. ولا
مِساس أَي لا مُماسَّة، وقد قرئ بهما. وروي عن الفراء: إِنه لَحَسَنُ
المَسّ. والمَسِيس: جماع الرجلِ المرأَةَ. وفي التنزيل العزيز: إِنَّ لَك في
الحَياةِ أَن تَقُولَ لا مِساس؛ قرئ لا مَساسَ، بفتح السين، منصوباً على
التَّبْرِئَة، قال: ويجوز لا مَساسِ، مبني على الكسر، وهي نفي قولك
مَساسِ فهو نفي ذلك، وبنيت مَساسِ
(* قوله «وبنيت مساس إلخ» كذا بالأصل.) على
الكسر وأَصلها الفتح، لمكان الأَلف فاختير الكسر لالتقاء الساكنين.
الجوهري: أَما قول العرب لا مَساسِ مثل قَطامِ فإِنما بني على الكسر لأَنه
معدول عن المصدر وهو المَسُّ، وقوله لا مَساس لا تخالط أَحداً، حرم مخالطة
السامريّ عقوبة له، ومعناه أَي لا أَمَسّ ولا أُمَس، ويكنى بالمساس عن
الجماع. والمُماسَّةُ: كناية عن المباضَعَة، وكذلك التَّمَاس؛ قال تعالى: من
قبل أَن يَتَماسَّا. وفي الحديث: فأَصَبْت منها ما دون أَن أَمَسَّها؛
يريد أَنه لم يجامعها. وفي حديث أُم زرع: زوجي المَسُّ مَسُّ أَرْنَب؛
وصفَتْه بلين الجانب وحسن الخَلْقِ. قال الليث: لا مِساس لا مُماسَّة أَي لا
يَمَسُّ بعضُنا بعضاً. وأَمَسَّه شَكْوى أَي شكا إِليه.
أَبو عمرو: الأَسْنُ لُعْبة لهم يسمونها المَسَّة والضَّبَطَة. غيره:
والطَّريدةُ لعبة تسميها العامة المَسَّة والضَّبَطَة، فإِذا وقعت يد
اللاعب من الرَّجُلِ على بدنه رأْسه أَو كَتِفه فهي المَسَّة، فإِذا وقعت على
رجله فهي الأَسْنُ.
والمِسُّ: النُّحاس؛ قال ابن دريد: لا أَدري أَعربي هو أم لا.
والمَسْمَسَة والمَسْماسُ: اختلاط الأَمر واشتباهه؛ قال رؤبة:
إِن كُنْتَ من أَمْرِكَ في مَسْماس،
فاسْطُ على أُمِّكَ سَطْوَ الماس
خفف سين الماس كما يخففونها في قولهم مَسْتُ الشيءَ أَي مَسَسْتُه قال
الأَزهري: هذا غلط، الماسِي هو الذي يُدْخل يده في حَياء الأُنثى لاستخراج
الجنين إِذا نَشِب؛ يقال: مَسَيْتُها أَمْسِيها مَسْياً؛ روى ذلك أَبو
عبيد عن الأَصمعي، وليس المَسْيُ من المَسِّ في شيء؛ وأَما قول الشاعر:
أَحَسْنَ بِهِ فَهُنَّ إِلَيْه شُوسُ
أَراد أَحْسَسْنَ، فحذف إِحدى السينين، فافهم.
غدا: الغُدْوة ، بالضم: البُكْرَة ما بين صَلاةِ الغَداة وطلُوعِ الشمس.
وغُدْوَةُ ، من يومٍ بعينِه، غير مُجْراة: عَلَمٌ للوقت. والغداة :
كالغُدْوة، وجمعها غَدَوات. التهذيب: وغُدْوة معرفة لا تُصْرَفُ؛ قال
الأزهري: هكذا يقولُ، قال النحويون: إنها لا تُنَوَّن ولا يَدخل فيها الأَلِف
واللامُ، وإذا قالوا الغَداة صَرَفوا، قال الله تعالى: بالغداة والعَشِيِّ
يُريدون وجْهَه؛ وهي قراءةُ جميع القُرّاء إلا ما رُوي عن ابن عامرٍ فإنه
قرأَ بالغُدْوَةِ، وهي شاذة. ويقال: أَتَيْته غُدْوَةَ، غير مصروفةٍ،
لأَنها معرفة مثلُ سَحَر إلاّ أَنها من الظروفِ المُتَمَكِّنةِ، تقولُ:
سِيرَ على فَرسك غُدْوَةَ وغُدْوةً وغُدوَةُ وغُدوةٌ، فما نُوِّنَ من هذا
فهو نَكِرَة، وما لم يُنَوَّنْ فهو معرفة، والجمع غُدىً. ويقال: آتِيك
غَداةَ غَدٍ، والجمع الغَدَواتُ مثل قَطاةٍ وقَطَواتٍ. الليث: يقال غَدَا
غَدُكَ وغَدَا غَدْوُكَ، ناقصٌ وتامٌّ؛ وأَنشد للبيد:
وما الناسُ إلاَّ كالدِّيارِ وأَهلِها
بها ، يومَ حَلُّوها ، وغَدْواً بَلاقِعُ
وغَدٌ: أَصلُه غَدْوٌ، حَذَفُوا الواوَ بلا عوضٍ، ويدخلُ فيه الأَلفُ
واللامُ للتعريف؛ قال:
اليوم عاجله ويعذل في الغد
(* قوله «اليوم عاجله إلخ» هو هكذا في الأصل.)
وقال آخر:
(* هو النابغة واول البيت : لا مرحباً بغد ولا أهلاً بِه)
إن كانَ تَفْرِيقُ الأَحِبَّةِ في غَدِ
وغْدْوٌ: هو الأَصلُ كما أَتى به لَبِيد، والنِّسبةُ إليه غَدِيٌّ، وإن
شئت غَدَوِيٌّ؛ وأَنشد ابن بري للراجز:
لا تَغْلُواها وادْلُواها دَلْوَا ،
إنَّ مَعَ اليَوْمِ أَخاه غَدْوَا
وفي حديث عبدِ المطلبِ والفيلِ:
لا يَغْلِبَنّ صَليبُهُم ،
ومِحالُهمْ ، غَدْواً، مِحالَكْ
الغَدْوُ: أَصلُ الغَدِ، وهو اليومُ الذي يأْتي بعدَ يومِك، فحُذِفَت
لامُه ولم يُسْتَْعمَلْ تامّاً إلاَّ في الشعر، ولم يُرد عبدُ المطَّلب
الغَدَ بعَيْنِه ، وإنما أَرادَ القريبَ من الزمان. والغَدُ ثاني يومكَ،
محذوفُ اللامِ، وربما كُنِيَ به عن الزَّمن الأَخِير. وفي التنزيل العزيز:
سَيَعْلَمُونَ غَداً مَن الكَذَّابُ الأَشِرُ؛ يعني يومَ القيامة، وقيل:
عَنَى يومَ الفتح. وفي حديث قَضَاءِ الصلَواتِ: فلْيُصَلِّها حين
يذكُرُها، ومن الغَدِ لِلْوَقْتِ؛ قال الخطابي: لا أَعْلَمُ أَحداً من الفُقهاء
قال إنَّ قضاء الصلَواتِ يؤخَّر إلى وقتِ مثْلِها من الصلواتِ ويُقْضى؛
قال: ويُشْبِه أَن يكونَ الأَمرُ اسْتِحْباباً ليَحُوزَ فَضِيلة الوقتِ في
القَضاء، ولم يرد إعادة الصلاة المَنْسِية حتى تُصَلَّى مَرَّتَين، وإنما
أَراد أَن هذه الصلاة وإن انْتَقل وقتُها للنِّسيْان إلى وقتِ الذُّكْر
فرنها باقِيةٌ على وقتها فيما بعد ذلك مع الذُّكْرِ، لئلاَّ يَظُنَّ
ظانٌّ أَنها قد سَقَطت بانِقضاءِ وقتها أَو تَغَيّرَتْ بتَغَيُّرِه. وقال
ابن السكيت في قوله تعالى: ولْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قدَّمَتْ لغَدٍ، قال:
قدّمت لغد بغير واو. فإذا صَرَّفوها قالوا غَدَوْت أَغْدوُ غَدْواً
وغُدُوّاً، فأَعادوا الواوَ. وقال الليث: الغُدُوُّ جمع مثلُ الغَدَواتِ،
والغُدَى جمعُ غُدْوَة؛ وأَنشد:
بالغُدى والأَصائِلِ
وقالوا: إني لآتِيه بالغَدايا والعَشايا، والغَداةُ لا تُجْمع على
الغَدايا، ولكنهم كسَّروه على ذلك ليطابقوا بين لَفظِه ولَفْظِ العشايا، فإذا
أَفْردُوه لم يكَسِّروه. وقال ابن السكيت في قولهم: إني لآتيِه
بالغَدايا والعَشايا، قال: أَرادوا جمع الغَداة فأَتْبَعُوها العَشايا للازدواج،
وإذا أَفْرَدَ لم يجز، ولكن يقال غَداةٌ وغَدَواتٌ لا غيرُ، كما قالوا:
هَنَأَني الطعامُ ومَرَأَني، وإنما قالوا أَمْرَأَني. قال ابن الأعرابي :
غَدِيَّةٌ مثلُ عَشِيَّة لغةٌ في غَدْوةٍ كضَحيَّة لغة في ضَحْوة، فإذا
كان كذلك فغَدِيَّة وغَدايا كعَشِيَّةٍ وعَشايا. قال ابن سيده: وعلى هذا
لا تقول إنَّهم إنما كَسَّروا الغَدايا من قولهم إني لآتيه بالغدايا
والعَشايا على الإتْباع للعشايا، إنما كسَّروه على وجْهِه لأن فَعِيلة بابُه
أَن يكَسَّر على فَعائِلَ؛ أَنشد ابن الأعرابي:
أَلا لَيْتَ حَظِّي من زِيارَة أُمِّيَهْ
غَدِيَّاتُ قَيْظِ، أَو عَشِيّاتُ أَشْتِيَهْ
قال: إنما أَراد غَدِيَّات قيظٍ أَو عَشِيّات أَشْتِية لأَنَّ
غدِيَّاتِ القَيْظِ أَطول من عَشِيَّاتِه، وعَشِيَّاتُ الشتَاءِ أَطْولُ من
غَدِيَّاته . والغُدُوُّ: جمع غداةٍ، نادرةٌ. وأَتَيْته غُدَيَّانات، على غير
قياس، كعُشَيَّانات؛ حكاهما سيبويه وقال: هما تصغيرٌ شاذّ.
وغَدا عليه غدْواً وغُدُوّاً واغْتَدى: بكَّر. والاغْتِداء: الغُدُوُّ.
وغاداه: باكَره، وغَدَا عليه. والغُدُوُّ: نقِيضُ الرَّواحِ، وقد غَدا
يَغْدُو غُدُوّاً . وقوله تعالى: بالغُدُوِّ والآصالِ؛ أَي بالغدوات فعبَّر
بالفعْل عن الوَقْتِ كما يقال: أَتَيْتُك طلوعَ الشمسِ أَي في وقْتِ
طلوع الشمس. ويقال: غَدا الرجلُ يَغْدُو، فهو غادٍ.
وفي الحديث: لَغَدْوَةٌ أَو رَوْحَةٌ في سبيلِ الله؛ الغَدْوة: المَرَّة
من الغُدُوِّ، وهو سَيْرُ أَولِ النهارِ نقيضُ الرَّواحِ.
والغادِيَة: السَّحابَة التي تَنْشَأُ غُدْوة، وقيل لابنة الخُسِّ: ما
أَحْسَنُ شيءٍ؟ قالت: أَثَرُ غادية في إثْرِ ساريةٍ في مَيْثاء رابيَةٍ؛
وقيل: الغادِية السَّحابة تنشأُ فتُمْطر غُدْوةً، وجمعُها غَوادٍ، وقيل:
الغادِيةُ سحابةٌ تَنْشَأُ صباحاً.
والغَداءُ: الطَّعامُ بعَيْنِه، وهو خِلافُ العَشاء. ابن سيده: الغَداءُ
طَعامُ الغُدْوِةِ، والجمع أَغْدِيَة؛ عن ابن الأَعرابي. أَبو حنيفة:
الغَداءُ رَعْيُ الإبلِ في أَولِ النهارِ، وقد تَغَدَّتْ، وتَغَدَّى الرجل
وغَدَّيْتُه. ورجلٌ غَدْيانُ وامرأَة غَدْيا، على فَعْلى، وأَصلُها الواو
ولكنها قُلِبَت اسْتِحْساناً، لا عن قُوَّةِ علّة، وغَدَّيْتُه
فتَغَدَّى، وإذا قيل لك: تَغَدَّ، قلتَ: ما بي غَدَاءٌ؛ حكاه يعقوبُ. وتقول
أَيضاً: ما بي من تَغَدٍّ، وقيل: لا يقال ما بي غَداء
(* قوله «قلت ما بي
غداء» حكاه يعقوب هكذا في الأصل، وعبارة المحكم: قلت ما بي تغدّ ولا تقل ما
بي غداه؛ حكاه يعقوب.) ولا عَشاءٌ لأَنه الطعامُ بعيْنه، وإذا قيل لك
ادْنُ فكُلْ قلتَ ما بي أَكْلٌ، بالفتح. وفي حديث السحور: قال هَلُمَّ إلى
الغَداء المُباركِ، قال: الغَداءُ الطعامُ الذي يُؤْكَل أَوّلَ النهارِ،
فسُمِّي السحور غَداءً لأَنه للــصائم بمنزلته لِلمُفْطِر؛ ومنه حديث ابن
عباس: كنتُ أَتَغَدَّى عندَ عُمر بن الخَطَّاب، رضي الله عنه، في رمضانَ
أَي أَتَسَحَّر. ويقال: غَدِيَ الرجل يَغْدَى ، فهو غَدْيانٌ وامرأَة
غَدْيانةٌ، وعَشِيَ الرجلُ يَعْشى فهو عَشْيانٌ وامرأَةٌ عَشْيانةٌ بمعنى
تَغَدَّى وتَعَشَّى. وما تَرَكَ من أَبِيهِ مَغْدًى ولا مَراحاً، ومَغْدَاةً
ولا مَراحَةً أَي شَبَهاً؛ حكاهما الفارسي.
والغَدَوِيُّ: كلُّ ما في بُطون الحَواملِ، وقومٌ يجعَلونه في الشتاءِ
خاصَّة. والغَدَوِيُّ: أَن يُباعَ البعيرُ أَو غيرُه بما يَضْرِب
الفَحْلُ، وقيل: هو أَن تُباعَ الشاةُ بِنتاجِ ما نَزا به الكَبْشُ ذلك العامَ؛
قال الفرزدق:
ومُهورُ نِسْوتِهمْ، إِذا ما أَنْكحوا،
غَدَويُّ كلِّ هَبَنْقَعٍ تِنْبالِ
قال ابن سيده: والمَحْفوظ عند أَبي عبيد الغَذَوِيُّ، بالذال المعجمة.
وقال شمر: قال بعضهم هو الغَذَوي، بالذال المعجمة، في بيت الفرزدق، ثم
قال: ويروى عن أَبي عبيدة أَنه قال كلُّ ما في بُطون الحَواملِ غَدَويٌّ من
الإِبل والشاءِ، وفي لغة سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ما في
بطون الشاءِ خاصة؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
أَرْجُو أَبا طَلْقٍ بحُسْنِ ظَنِّى،
كالغَدَوِيِّ يُرْتَجَى أَن يُغْني
وفي الحديث عن يزيدَ بن مرَّة أَنه قال: نُهِي عن الغَدَويِّ، وهو كلُّ
ما في بُطون الحوامِل كانوا يَتبايَعُونَه فيما بينهم فنُهوا عن ذلك
لأَنه غَرَرٌ؛ وأَنشد:
أَعْطَيْتِ كَبْشاً وارِمَ الطِّحالِ،
بالغَدَوِيَّاتِ وبالفِصالِ
وعاجِلاتِ آجِلِ السِّخَالِ،
في حلَقِ الأَرْحامِ ذِي الأَقْفالِ
وبعضهم يرويه بالذال المعجمة.
وغادِيَةُ: امْرأَةٌ من بني دُبَيْرٍ، وهي غادِيَة بنتُ قَزَعَة.
غمس: الغَمْسُ: إِرْسابُ الشيء في الشيء السَّيَّال أَو النَّدَى أَو في
ماء أَو صِبْغ حتى اللّقمة في الحَلِّ، غَمَسَه يَغْمِسُه غَمْساً أَي
مَقَلَه فيه، وقد انْغَمَسَ فيه واغْتَمَس.
والمُغَامَسَة: المُمَاقَلَة، وكذلك إِذا رمَى الرجل نفسه في سِطَة
الحرب أَو الخطب. وفي الحديث عن عامر قال: يكتحِل الــصائم ويَرْتَمِسُ ولا
يَغْتَمِس. قال: وقال علي بن حجر: الاغْتِماس أَن يُطِيل اللبُّثَ فيه،
والارْتماس أَن لا يطيل المكث فيه. واخْتَضَبَتِ المرأَة غَمْساً: غَمَسَتْ
يدَيها خِضاباً مُسْتَوِياً من غير تَصْوِير.
والغمَّاسَة: طائر يَغْتَمِس في الماء كثيراً. التهذيب: الغَمَّاسَة من
طير الماء غَطَّاط ينغمس كثيراً.
والطَّعْنَة النَّجْلاء: الواسِعَة، والغَمُوس مثلُها. ابن سيده: الطعنة
الغَمُوس التي انغمست في اللَّحم، وقد عُبِّر عنها بالواسعة النافذة؛
قال أَبو زيد:
ثم أَنقَضْتُه، ونَفَّسْتُ عنه
بغَمُوسٍ أَو طعنةٍ أُخْدُودِ
والأَمر الغَمُوس: الشديد. وفي حديث المَوْلود: يكون غَمِيساً أَربعين
ليلة أَي مَغْمُوساً في الرَّحمِ ؛ ومنه الحديث: فانْغَمَسَ في العَدُوِّ
فقتلوه أَي دخل فيهم وغاصَ. واليمينُ الغَموس: التي تَغْمِس صاحبَها في
الإِثم ثم في النار، وقيل: هي التي لا استثناء فيها، وقيل: هي اليمين
الكاذبة التي تُقْتَطع بها الحُقوق، وسُمِّست غموساً لغمسها صاحبها في الإِثم
ثم في النار. وقال ابن مسعود: أَعظمُ الكبائر اليمين الغَمُوس، وهو أَن
يَحلِف الرجل وهو يعلم أَنه كاذب ليقتطع بها مال أَخيه. وفي الحديث:
اليمين الغَمُوسُ تَذَرُ الدِّيار بَلاقِعَ؛ هي اليمين الكاذبة الفاجرة،
وفَعُول للمبالغة. وفي حديث الهجرة: وقد غَمَس حِلْفاً في آل العاصِ أَي
أَخذَ نصيباً من عَقْدهم وحلفهم يأْمن به، وكانت عادتُهم أَن يُحْضِروا في
جَفْنَةٍ طِيباً أَو دَماً أَو رَماداً فيُدخِلُون فيه أَيديَهم عند
التَّحالف لِيَتِمَّ عقدُهم عليه باشتراكهم في شيء واحد. وناقة غَمُوس: في
بطنِها ولَدٌ، وقيل: هي التي لا تَشُول ولا يُسْتَبان حملُها حتى تُقْرِب.
ابن شميل: الغَمُوس، وجمعها غُمُس: الغَدَويّ، وهي التي في صُلْب الفحل من
الغنم كانوا يتبايعون بها. الأَثرم عن أَبي عبيدة: المَجْرُ ما في بطن
الناقة، والثاني حَبَل الحَبَلَة، والثالث الغَمِيسُ؛ وقال غيره: الثالث من
هذا النوع القُباقب، قال: وهذا هو الكلام، وقيل: الغَمُوس الناقة التي
يُشَك في مُخِّها أَرِيرٌ أَمْ قَصِيدٌ؛ وأَنشد:
مُخْلِصٌ بي لَيْسَ بالمَغْمُوسِ
(* قوله «وأَنشد مخلص بي إلخ» انظر
المستشهد عليه.)
ورجل غَمُوسٌ: لا يُعَرِّس ليلاً حتى يُصبح؛ قال الأَخطل:
غَمُوسُ الدُّجَى يَنْشَقُّ عن مُتَضَرِّمٍ،
طَلُوبُ الأَعادي لا سؤومٌ ولا وَجْبُ
والمُغَامَسة: المداخلة في القتال، وقد غامسهم. والغَمُوس: الشديد من
الرجال الشجاع، وكذلك المُغامِس. يقال: أَسد مُغامس، ورجل مُغامِسٌ، وقد
غامَس في القتال وغامز فيه. قال: ومُغَامَسة الأَمر دخولك فيه؛ وأَنشد:
أَخُو الحرْبِ، أَما صادراً فَوَشِيقُهُ
حَمِيلٌ، وأَمَّا وارِداً فَمُغامِسُ
والشيء الغَمِيس: الذي لم يظهر للناس ولم يُعرف بَعْدُ. يقال: قَصِيدة
غَمِيس والليل غَميس والأَجمة وكلُّ مُلْتَفّ يُغْتَمَس فيه أَي
يُسْتَخْفَى غَمِيس؛ وقال أَبو زُبَيْد يصف أَسداً:
رَأَى بالمُسْتَوِي سَفْراً وعَيْراً
أُصَيلالاً، وجُنَّته الغَمِيسُ
وقيل: الغَمِيس الليل. ويقال: غامِسْ في أَمرك أَي اعْجَلْ. والمُغامِس:
العَجْلان؛ وقال قعنب:
إِذا مُغَمَّسة قِيلتْ تَلَقَّفَها
ضَبٌّ، ومِنْ دُون منْ يَرْمِي بها عَدَنُ
والتَغْمِيس: أَن يِسْقِيَ الرجل إِبلَه ثم يَذْهب؛ عن كراع.
والغَمِيس من النَّبات: الغَمِير تحت اليَبِيس. والغَمِيس والغَمِيسَة:
الأَجمة، وخص بها بعضهم أَجمة القَصَب؛ قال:
أَتانا بِهِمْ من كلِّ فَجٍّ أَخافُهُ
مِسَحٌّ، كسِرْحان الغَمِيسة، ضامِرُ
والغَمِيس: مَسِيل ماء، وقيل: مَسِيل صغير يَجْمَع الشجر والبَقْل.
والغُمَيْس: موضع. والمُغُمَِّس: موضع من مكة.
هشش: الهَشُّ والهَشِيشُ من كل شيء: ما فيه رَخاوَةٌ ولين، وشيءٌ هَشٌ
وهشِيشٌ، وهَشَ يَهِشُّ هَشاشةً، فهو هَشٌّ وهَشِيشٌ. وخُبْزة هَشَّةٌ:
رِخْوة المَكْسَر، ويقال: يابسة؛ وأَتْرُجَّةٌ هَشَّةٌ كذلك.وهَشَّ الخبْزُ
يَهِشُّ، بالكسر: صار هَشّاً. وهَشَّ هُشُوشةً: صار خَوَّاراً ضعيفاً.
وهشَّ يَهِشُّ: تَكَسَّر وكَبِر. ورجل هَشٌ وهَشِيشٌ: بَشٌ مُهْتَرٌ
مَسْرورٌ.
وهشَّشْتُه وهَشِشْتُ به، بالكسر، وهشَشْت؛ الأَخيرة عن أَبي
العَمَيْثَل الأَعرابيِّ، هَشاشةً: بَشِشْت، والاسم الهَشَاشُ. والهَشَاشةُ:
الارْتِياحُ والخِفَّة للمعروف. الجوهري: هشِشْتُ بفلان، بالكسر، أَهَشّ
هَشاشةً إِذا خَّفَفْت إِليه وارْتَحْت له وفَرِحْت به؛ ورجل هَشٌّ بَشٌّ. وفي
حديث ابن عمر: لقد راهَنَ النبي، صلى اللَّه عليه وسلم، على فرس له يقال
له سَبْحَةُ فجاءَت سابقةً فلَهَشَ لذلك وأَعْجَبه أَي فلقد هشَّ، واللام
جواب القسم المحذوف أَو للتأْكيد. وهَشَشْت وهَشِشْت للمعروف هَشّاً
وهَشَاشةً واهْتَشَشْت: ارْتَحْتُ له واشْتَهَيْته؛ قال مُلَيح
الهُذَلي:مُهْتَشَّة لِدَلِيجِ الليلِ صادِقَة
وَقْع الهجيرِ، إِذا ما شَحْشَحَ الصُّرَدُ
وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه، أَنه قال: هشِشْت يوماً فَقَبَّلْتُ
وأَنا صائم، فسأَلتُ عنه رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم؛ قال شمر: هشِشت
أَي فَرِحْت واشتهيت؛ قال الأَعشى:
أَضْحَى ابنُ ذِي فائشٍ سَلامةً ذي الـ
ـتفضال هَشّاً، فُؤَادُه جَذِلا
قال الأَصمعي: هشّاً فُؤَادُه أَي خفيفاً إِلى الخَيْر. قال: ورَجل هشٌّ
إِذا هشَّ إلى إِخوانِه. قال: والهَشَاشُ والأَشَاشُ واحدٌ.
واسْتَهشَّنِي أَمرُ كذا فَهَشَِشْت له أَي اسْتَخَفَّنِي فخَفَفْت له. وقال أَبو
عمرو: الهَشِيشُ الرجلُ الذي يَفْرح إِذا سأَلته. يقال: هو هاشٌ عند
السؤَال وهَشِيشٌ ورائحٌ ومُرْتاحٌ وأَرْيَحِيٌّ؛ وأَنشد أَبو الهَيْثَم في صفة
قِدْر:
وحاطِبانِ يهُشَّان الهَشيمَ لها،
وحاطِبُ الليلِ يلْقى دُونَها عنَنا
يَهُشَّان الهَشيمَ: يُكَسِّرانِه للقدْر. وقال عمرٌو. الخيلُ تُعْلَفُ
عند عَوَز العلَف هَشِيمَ السَمَك، والهَشِيشُ لِخُيُول أَهلِ الأَسْيافِ
خاصة؛ وقال النمر بن تَوْلَب:
والخَيْلُ في إِطْعامِها اللحمَ ضَرَرْ،
نُطْعِمها اللحمَ، إِذا عَزَّ الشَجَرْ
قال ذلك في كَلِمته التي يقول فيها:
اللَّهُ من آياتِه هذا القَمَرْ
قال: وتُعْلَفُ الخيلُ اللحمَ إِذا قلَّ الشجرُ. ويقال للرجل إِذا
مُدِحَ: هو هَشُّ المَكْسَِرِ أَي سَهْل الشأْن فيما يُطْلَبُ عنده من
الحوائج. ويقال: فلان هَشُّ المَكْسِرِ والمَكْسَرِ سَهْلُ الشأْن في طلَب
الحاجةِ، يكون مَدْحاً وذمّاً، فإِذا أَرادوا أَن يقولوا ليس هو بصَلاَّدِ
القِدْح، وإِذا أَرادوا أَن يقولوا هو خَوَّارُ العُودِ فهو ذمٌ. الجوهري:
الفَرَسُ الهَشُّ خِلاف الصَّلُود. وفرس هَشٌّ: كثيرُ العَرَق. وشاةٌ
هَشُوشٌ إِذا ثرَّتْ باللَّبَنِ. وقِرْبةٌ هَشَّاشةٌ: يَسِيل ماؤها
لرِقَّتِها، وهي ضد الوَكِيعةِ؛ وأَنشد أَبو عمرو لطَلْق بن عدي يصف
فرساً:كأَنَّ ماءَ عِطْفِه الجَيَّاشِ
ضَهْلُ شِنانِ الحَوَرِ الهَشَّاشِ
والحَوَرُ: الأَدِيمُ، والهَشُّ: جَذْبك الغُصْنَ من أَغصان الشجَرة
إِليك، وكذلك إِن نَثَرْتَ ورَقَها بعصاً هشَّه يهُشُّه هَشّاً فيهما. وقد
هشَشْتُ أَهُشُّ هَشّاً إِذا خَبَطَ الشجرَ فأَلْقاه لغَنَمِه. وهشَشْتُ
الورَقَ أَهُشُّه هَشّاً: خبَطْتُه بِعصاً ليتَحاتَّ؛ ومنه قوله عز وجل:
وأَهُشُّ بها على غَنَمِي؛ قال الفراء: أَي أَضرِب بها الشجرَ اليابس
ليَسْقُطَ ورَقُها فتَرْعاه غنَمُه؛ قال أَبو منصور: والقول ما قاله الفراءُ
والأَصمعي في هَشَّ الشجرَ، لا ما قاله الليث إِنه جَذْبُ الغُصْن من
الشجر إِليك. وفي حديث جابر: لا يُخْبَطُ ولا يُعْضَد حِمَى رسولِ اللَّه،
صلى اللَّه عليه وسلم، ولكن هُشُّوا هَشّاً أَي انثُرُوه نَثْراً بلِينِ
ورِفْقِ. ابن الأَعرابي: هَشَّ العودُ هُشُوشاً إِذا تكَسَّرَ، وهشَّ
للشيء يَهِشُّ إِذا سُرَّ به وفَرِحَ. وفَرَسٌ هَشُّ العِنَان: خَفِيفُ
العِنَان.
قال شمر: وهاشَ بمعنى هشَّ؛ قال الراعي:
فكَبَّر للرُّؤْيا وهاشَ فُؤَادُه،
وبَشَّرَ نَفْساً كان قَبْلُ يَلُومُها
قال: هاش طَرِبَ. ابن سيده: والهَشِيشةُ الورَقَةُ أَظُنُّ ذلك.
وهَشَاهِشُ القومِ: تحرُّكهم واضطرابُهم.
هوع: هاع يَهُوع ويَهاع هَوْعاً وهُواعاً: تَهَوَّع وقاءَ، وقيل: قاء
بلا كُلْفة، وإِذا تكلف ذلك قيل تَهَوَّعَ، وما خرج من حَلْقه هُواعة.
ويقال: تهوَّع نفْسَه إِذا قاءَ بنفْسه كأَنه يخرجها، قال رؤْبة يصف ثوراً
طعن كلاباً:
يَنْهَى به سَوَّارَهُنَّ الأَشْجَعا،
حتّى إِذا ناهَزَها تَهَوَّعا
قال بعضهم: تَهَوَّع أَي قاءَ الدم. ويقال: قاءَ نفْسَه فأَخْرَجَها.
وحى اللحياني: هاعَ هَيْعُوعةً، في بنات الواو، تهوّع، ولا يتوجه، اللهم
إِلا أَن يكون محذوفاً. وتهوَّع: تَكَلَّف القَيءَ. وهَوَّعَه: قَيّأَه.
والتهوّع: التقيؤُ. يقال: لأُهَوِّعَنَّه ما أَكَلَ أَي لأُقَيِّئَنَّه
ولأَسْتَخْرِجَنَّه من حَلْقه. وفي الحديث كان إِذا تسوَّك قال أُعْ أُعْ
كأَنه يَتَهوَّع أَي يَتَقَيّأُ؛ والهُواعُ: القيءُ؛ ومنه حديث علقمة:
الــصائمُ إِذا ذَرَعَه القيءُ فليُتِمَّ صومَه وإِذا تَهَوَّع فَعَلَيْه
القضاء أَي إِذا اسْتَقاءَ.
وهاعَ القومُ بعضُهم إِلى بعض أَي هَمُّوا بالوُثوب. والهُواعةُ: ما هاعَ
به.
ورجُل هاعٌ لاعٌ: جَزُوعٌ، وامرأَة هاعةٌ لاعةٌ؛ قال ابن جني: تقديره
عندنا فَعِلٌ مكسور العين.
وهُواعٌ: ذو القَعْدة؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وقَوْمِي لَدَى الهَيْجاءِ أَكْرَمُ مَوْقِفاً،
إِذا كانَ يومٌ من هُواعٍ عَصِيبُ
جشم: جَشِمَ الأَمْرَ، بالكسر، يَجْشَمُه جَشْماً وجَشامةً وتَجَشَّمَه:
تَكَلَّفَه على مشقة. وأَجْشَمَني فلانٌ أمْراً وجَشَّمَنِيه أي
كَلَّفَني؛ وأَنشد ابن بري للأعْشى:
فما أَجْشَمْتُ من إتْيانِ قَومٍ،
هُمُ الأَعْداءُ والأَكْبادُ سُودُ
وجَشَّمْتُه الأَمرَ تَجْشِيماً؛ وفي حديث زيد بن عمرو ابن نُفَيْلٍ:
مَهْما تُجَشِّمْني فإِنِّي جاشِمُ
أبو تراب: سمعت أبا مِحْجَنٍ وباهِليّاً تَجَشَّمْتُ الأمر
وتَجَسَّمْتُه إذا حملت نفسك عليه؛ وقال عمرو ابن جميل
(* قوله «وقال عمرو بن
جميل»كذا بالأصل والتهذيب، والذي تقدم في جسم: عمرو بن جبل):
تَجَشَّم القُرْقُورُ مَوْجَ الآذيّ
ابن السكيت: تَجَشَّمْتُ الأَمْرَ إذا ركبت أَجْسَمه، وتَجَشَّمْتُه إذا
تكلفته، وتَجَشَّمْتُ الأرضَ إذا أخذتَ نحوَها تريدها، وتَجَشَّمْت
الرملَ ركبت أَعْظَمَه. أَبو النضر: تَجَشَّمْتُ فلاناً من بين القوم أي
قَصَدْتُ قَصْدَه؛ وأَنشد:
وبَلَدٍ ناءٍ تَجَشَّمْنا به
على جَفاهُ، وعلى أنقابه
أبو بكر في قولهم: قد تَجَشَّمْتُ كذا وكذا أي فعلته على كُرْه ومشقة،
والجُشَمُ: الاسم من هذا الفعل؛ قال المرَّارُ:
يَمْشِينَ هَوْناً، وبعد الهَوْنِ مِنْ جُشَمٍ،
ومِنْ جَناءِ غَضِيضِ الطَّرْفِ مَسْتُورِ
(* قوله «ومن جناء غضيض» كذا بالأصل جناء بالألف، وفي شرح القاموس:
جنى).والجُشَمُ: الجَوْف، وقيل: الصدر وما اشتمل عليه من الضُّلوع. وجُشَمُ
البعيرِ: صَدْرُه وما غَشِي به القِرْنَ من صَدره وسائر خَلْقه. ويقال:
غَتَّه بجُشَمِه إذا أَلقى صدره عليه. ورمى عليه جَشَمَه وجُشمه أي
ثِقْلَه. والجَشِمُ: الغليظ
(* قوله «والجشم الغليظ إلخ» كذا بالأصل كالمحكم
مضبوطاً بوزن كتف، والذي في القاموس: وكأمير الغليظ اهـ. قال شارحه: والذي
في كتاب كراع ككتف)؛ عن كراع. ابن الأَعرابي: الجُشُمُ السِّمانُ من
الرجال؛ وقال أَبو عمرو: الجَشَمُ السِّمَنُ. ابن خالويه: الجُشْمُ دراهم
رديئة، وجمعها جُشُومٌ؛ قال جرير:
بَدَا ضَربُ الكِرامِ وضَرْبُ تَيْمٍ،
كضَرْبِ الدُّنْبُلِيَّة والجُشُوم
أَبو زيد: ما جَشِمْتُ اليوم ظِلْفاً
(* قوله «ما جشمت اليوم ظلفاً»
وقوله «ما جشمت اليوم طعاماً» ضبط في الأصل ونسخة من التهذيب بفتح الجيم
والشين ولم نجد هذه العبارة لغير التهذيب حتى نستأنس لهذا الضبط)؛ يقوله
القانِصُ إذا لم يَصِدْ ورجع خائباً. ويقال: ما جَشَمْتُ اليوم طعاماً أي ما
أَكلت؛ قال: ويقال ذلك عند خيبة كل طالب فيقال: ما جَشَمْتُ اليومَ
شيئاً. أَبو عبيد: تَجَشَّمْتُ فلاناً من بين القوم أي اخترته؛ وأَنشد:
تَجَشَّمْتُه من بَيْنِهِنَّ بمُرْهَفٍ،
له جالِبٌ، فوقَ الرِّصافِ، عَلِىلُ
وقد تقدم أكثر ذلك في جسم. ابن الأَعرابي: الجُشُمُ الطِّوالُ
الأَعْفارُ. والأَعْفارُ من قولك رجل عِفْرٌ: داهٍ خبيثٌ. أبو عمرو: الجَشْمُ
الهلاك.
وجُشَمُ بن بكر: حيٌّ من مُضَرَ. وجُشَمُ بن هَمْدانَ: حَيّ من اليمَن.
وبنو جَوْشَم: حَيّ من جُرْهُم دَرَجُوا. وجُشَمُ: حَيّ من الأنصار، وهو
جُشَمُ بن خَزْرَج؛ وقال الأَغْلَبُ العِجْليّ:
إنْ سَرَّكَ العزُّ فَجخْجِخْ بجُشَم
وجُشَمُ: في ثَقِيف، وهو جُشَمُ بن ثَقِيفٍ. وجُشَمُ: حَيٌّ من تَغْلِبَ
وهم الأَراقِمُ. التهذيب: وجُشَمُ حَيّ من تَغْلِب، وجُشَمُ في
هَوَازِنَ، وهو جُشَمُ بن مُعاوية بن بكر بن هَوازن.
كعت: الكُعَيْتُ: البُلْبُل، مبني على التصغير، كما تَرَى، والجمع:
كِعْتانٌ. وقد ورد في الحديث ذِكْرُ الكُعَيْت، قال ابن الأَثير: هو
عُصْفُور، وأَهل المدينة يسمونه النُّغَرَ، وقيل: هو البُلْبُلُ. وأَبو مُكْعِتٍ،
على مثال مُلْجِمٍ: شاعرٌ معروف؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف له فعلاً.
أَبو زيد: رجل كَعْتٌ وامرأَة كَعْتة، وهما القصيران؛ ورأَيت في حواشي
بعض نسخ الصحاح الموثوق بها: والكُعْتةُ طَبَقُ القارُورةِ.
كفح: المُكافَحةُ: مصادفة الوجه بالوجه مفاجأَة.
كَفَحه كَفْحاً وكافَحَه مُكافَحة وكِفاحاً: لقيه مواجهة. ولقيه كَفْحاً
ومكافَحةً وكِفاحاً أَي مواجهة، جاء المصدر فيه على غير لفظ الفعل؛ قال
ابن سيده: وهو موقوف عند سيبويه مطرد عند غيره؛ وأَنشد الأَزهري في
كتابه:أَعاذِل من تُكْتَبْ له النارُ يَلْقَها
كِفاحاً، ومن يُكْتَبْ له الخُلْدُ يَسْعَدِ
والمُكافَحةُ في الحرب: المضاربة تلقاء الوجوه. وفي الحديث أَنه قال
لحسان: لا تزال مُؤَيَّداً بروح القُدُس ما كافَحْتَ عن رسول الله؛
المُكافَحَةُ: المضاربة والمدافعة تلقاء الوجه، ويروى نافَحْتَ، وهو
بمعناه.وكَفَحه بالعصا كَفْحاً: ضربه بها. الفراء: أَكْفَحْته بالعصا أَي
ضربته، بالحاء. وقال شمر: كَفَخْتُه، بالخاء المعجمة. قال الأَزهري: كَفَحْتُه
بالعصا والسيف إِذا ضربته مواجهة، صحيح. وكَفَخْته بالعصا إِذا ضربته لا
غير. وكَفِحَ عنه
(* قوله «وكفح عنه إلخ» بابه سمع كما في القاموس.)
كَفْحاً: جَبُنَ. وأَكْفَحْتُه عني أَي رددتُه وجَنَّبْته عن الإِقدام
عليَّ. الجوهري: كافَحُوهم إِذا استقبلوهم في الحرب بوجوههم ليس دونها تُرْسٌ
ولا غيره.
والكَفِيحُ: الكُفْؤ.
والمُكافِحُ: المباشر بنفسه. وفلان يُكافِحُ الأُمور إِذا باشرها بنفسه.
وفي حديث جابر: إِن الله كَلَّم أَباك كِفاحاً أَي مواجهةً ليس بينهما
حجابٌ ولا رسول.
وأَكْفَح الدَّابةَ إِكفاحاً: تَلَقَّى فاها باللجام يضربه به ليلتقمه،
وهو من قولهم لقيته كِفاحاً أَي استقبلته كَفَّةَ كَفَّةَ. وكَفَحها
باللجام كَفْحاً: جذبها. وتقول في التقبيل: كافَحها كِفاحاً قَبَّلها
غَفْلَةً وِجاهاً. وكَفَحَ المرأَة يَكْفَحُها وكافَحها: قبلها غفلة. وفي
الحديث: إِني لأَكْفَحُها وأَنا صائم أَي أُواجهها بالقُبْلة. وكافَحَتْه أَي
قَبَّلَتْه؛ قال الأَزهري: وفي حديث أَبي هريرة أَنه سئل: أَتُقَبِّل
وأَنت صائم؟ فقال: نعم وأَكْفَحُها أَي أَتمكن من تقبيلها وأَستوفيه من غير
اختلاس، مِن المُكافَحَة وهي مصادفة الوجه، وبعضهم يَرْويه: وأَقْحَفُها؛
قال أَبو عبيد: فمن رواه وأَكْفَحُها أَراد بالكَفْح اللقاءَ والمباشرة
للجلد، وكلُّ من واجهته ولقيته كَفَّةَ كَفَّةَ، فقد كافَحْتَه كِفاحاً
ومُكافحةً؛ قال ابن الرِّقاع:
يُكافِحُ لَوْحات الهَواجِرِ بالضُّحى،
مكافَحَةً للمَنْخَرَيْنِ، وللفَمِ
قال: ومن رواه: وأَقْحَفُها أَراد شرب الريق مِن قَحَفَ الرجلُ ما في
الإِناء إِذا شرب ما فيه.
وكَفِيحُ المرأَة: زوجُها، وهو من ذلك. وكَفَحْته كَفْحاً:
كَلَوَّحْتُه.وتَكَفَّحَتِ السمائمُ أَنْفُسُها: كَفَحَ بعضها بعضاً؛ قال جَنْدَلُ بن
المُثَنَّى الحارثي:
فَرَّجَ عنها، حَلَقَ الرَّتائِجِ،
تَكَفُّحُ السمائمِ الأَواجِجِ
أَراد الأَواجَّ ففك التضعيف للضرورة؛ وكقوله:
تشْكُو الوَجَى من أَظْلَلٍ وأَظْلَلِ
أَراد من أَظَلَّ وأَظَلَّ. ابن شميل في تفسير قوله: أَعْطَيْتُ محمداً
كِفاحاً أَي كثيراً من الأَشياء في الدنيا والآخرة.
وفي النوادر: كَفْحةٌ من الناس وكَثْحَةٌ أَي جماعة ليست بكثيرة.
وكَفَحَ الشيءَ وكَثَحه: كشف عنه غِطاءه ككَشَحَه. والأَكْفَحُ:
الأَسودُ.
كيد: كاد يَفْعَل كذا كَيْداً: قارَب. قال ابن سيده: قال سيبويه: لم
يستعملوا الاسم والمصدر اللذين في موضعهما يفعل في كاد وعَسَى، يعني أَنهم
لا يقولون كادَ فاعِلاً أَو فعْلاً فترك هذا من كلامهم للاستغناء بالشيء
عن الشيء، وربما خرج في كلامهم؛ قال تأَبَّط شرًّا.
فأُبْتُ إِلى فَهْمٍ وما كِدْتُ آئباً،
وكم مِثلِها فارَقْتُها، وهْيَ تَصْفرُ
قال: هكذا صحة هذا البيت، وكذلك هو في شعره، فأَما رواية من لا يضبطه
وما كنت آئباً ولم أَكُ آئباً فلبعده عن ضبطه؛ قال: قال ذلك ابن جني، قال:
ويؤكد ما رويناه نحن مع وجوده في الديوان أَن المعنى عليه أَلا ترى أَن
معناه فأُبْتُ وما كِدْتُ أَؤُوبُ؛ فأَما كنتُ فلا وجه لها في هذا الموضع،
ولا أَفعلُ ذلك ولا كيداً ولا هَمّاً. قال ابن سيده: وحكى سيبويه أَن
ناساً من العرب يقولون كِيدَ زَيدٌ يفعل كذا؛ وقال أَبو الخطاب: وما زِيل
يفعل كذا؛ يريدون كادَ وزال فنقلوا الكسر إِلى الكاف في فَعِلَ كما نقلوا
في فعِلْت؛ وقد روي بيتُ أَبي خِراش:
وكِيدَ ضِباعُ القُفِّ يأْكُلْنَ جُثَّتي،
وكِيدَ خِراشٌ يومَ ذلك يَيْتَم
قال سيبويه: وقد قالوا كُدْتُ تَكادُ فاعتلت من فَعُلَ يفْعَل، كما
اعتلت تموت عن فَعِلَ يَفْعُلُ، ولم يجئ تموت على ما كَثُرَ في فَعِلَ. قال:
وقوله عز وجل: أَكاد أَخفيها؛ قال الأَحفَش: معناه أُخفيها. الليث:
الكَيْدُ من المَكِيدَة، وقد كاده مَكِيدةً. والكَيْدُ: الخُبِثُ والمَكْرُ؛
كاده يَكمِيدَُهُ كَيْداً ومَكِيدَةً، وكذلك المكايَدةُ. وكلُّ شيء
تعالجُه، فأَنت تَكِيدُه. وفي حديث عمرو بن العاص: ما قولك في عُقُولٍ كادها
خالقها؟ وفي رواية: تلك عقولٌ كادها بارِئُها أَي أَرادها بسوء. يقال:
كِدْتُ الرجلَ أَكِيدُه. والكَيْدُ: الاحتيالُ والاجتهاد، وبه سميت الحرب
كيداً.
وهو يَكِيدُ بنفسه كيداً: يجود بها ويسوق سِياقاً. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، دخل على سعد بن معاذ وهو يَكِيدُِ بنفسه فقال:
حزاك الله من سيِّدِ قومٍ فقد صَدقْتَ اللهَ ما وعَدْتَه وهو صادقُك ما
وعَدَك؛ يكيدُ بنفسه: يريد النَّزْعَ. والكَيْدُ: السَّوْقُ. وفي حديث عمر،
رضي الله عنه: تخرج المرأَة إِلى أَبيها يَكِيدُ بنفسه أَي عندَ نزع
روحِه وموتِه. الفراء: العرب تقول: ما كِدْت أَبْلُغُ إِليك وأَنت قد بلَغت؛
قال: وهذا هو وجه العربية؛ ومن العرب من يدخل كاد ويكاد في اليقين وهو
بمنزلة الظن أَصله الشك ثم يُجْعلُ يقيناً. وقال الأَخفش في قوله تعالى: لم
يكد يراها؛ حمل على المعنى وذلك أَنه لا يراها، وذلك أَنك إِذا قلت كادَ
يفعل إِنما تعني قارَب الفعل، ولم يَفعل على صحة الكلام، وهكذا معنى هذه
الآية إِلا أَنَّ اللغة قد أَجازت لم يَكَد يَفْعل وقد فعَل بعد شدّة،
وليس هذا صحة الكلام لأَنه إِذا قال كادَ يفعل فإِنما يعني قارَبَ
الفِعْل، وإِذا قال لم يكَدُ يَفْعَل يقول لم يقارِبِ الفعل إِلا أَن اللغة
جاءَت على ما فُسِّرَ، قال: وليس هو على صحة الكلمة. وقال الفراء: كلما أَخرج
يده لم يكد يراها من شدّة الظلمة لأَنَّ أَقلَّ من هذه الظلمة لا تُرى
اليد فيه، وأَما لم يكد يقوم فقد قام، هذا أَكثر اللغة. ابن الأَنباري:
قال اللغويون كِدْتُ أَفْعَلُ معناه عند العرب قاربْتُ الفعل، ولم أَفعل
وما كِدْتُ أَفعَلُ معناه فَعَلْتُ بعد إِبْطاء. قال: وشاهده قوله تعالى:
فذبحوها وما كادوا يفعلون؛ معناه فعلوا بعد إِبطاء لتعذر وِجْدانِ البقرة
عليهم. وقد يكون: ما كِدْتُ أَفْعَلُ بمعنى ما فَعَلْتُ ولا قارَبْتُ
إِذا أُكِّدَ الكلامُ بأَكادُ. قال أَبو بكر في قولهم: قد كاد فلان
يَهْلِكُ؛ معناه قد قاربَ الهلاكَ ولم يَهْلِكْ، فإِذا قلت ما كاد فلانٌ يقوم،
فمعناه قام بعد إِبطاء؛ وكذلك كاد يقوم معناه قارب القيامَ ولم يقم؛ قال:
وهذا وجه الكلام، ثم قال: وتكون كاد صلة للكلام، أَجاز ذلك الأَخفش وقطرب
وأَبو حاتم؛ واحتج قطرب بقول الشاعر:
سَريعٌ إِلى الهَيْجاءِ شاكٍ سِلاحهُ،
فما إِنْ يَكادُ قِرْنُه يَتَنَفَّسُ
معناه ما يَتَنَفَّس قِرْنُه؛ وقال حسان:
وتَكادُ تَكْسَلُ أَن تجيءَ فِراشَها
معناه وتَكْسَل. وقوله تعالى: لم يكد يراها؛ معناه لم يرها ولم يُقارِبْ
ذلك؛ وقال بعضهم: رآها من بعد أَن لم يكد يراها من شدة الظلمة؛ وقول
أَبي ضبة الهذلي:
لَقَّيْتُ لَبَّتَه السِّنانَ فَكَبَّه
مِنَّي تَكايُدُ طَعْنَة وتَأَيُّدُ
قال السكري: تَكايُدٌ تَشَدُّدٌ.
وكادت المرأَة: حاضت؛ ومنه حديث ابن عباس: أَنه نظر إِلى جَوارٍ قد
كِدْنَ في الطريق فأَمر أَن يَتَنَحَّيْنَ؛ معناه حِضْنَ في الطريق. يقال:
كادت تَكِيدُ كَيْداً إِذا حاضت. وكادَ الرجلُ: قاءَ. والكَيْدُ: القَيْءُ؛
ومنه حديث قتادة: إِذا بَلِغَ الــصائمُ الكَيْدَ أَفطر؛ قال ابن سيده:
حكاه الهروي في الغريبين. ابن الأَعرابي: الكَيْدُ صِياحُ الغُراب بجَهْد
ويسمى إِجهادُ الغُرابِ في صياحه كيداً، وكذلك القيء. والكَيْدُ: إِخراج
الزَّنْد النارَ. والكَيْدُ: التدبير بباطل أَو حَقّ. والكَيْدُ: الحيض.
والكَيْدُ: الحرب. ويقال: غزا فلان فلم يلق كَيْداً. وفي حديث ابن عمر:
أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، غزا غزوة كذا فرجع ولم يلق كَيْداً أَي
حرباً. وفي حديث صُلْح نَجْران: أَن عليهم عاريةَ السلاح إِن كان باليمن
كَيْدٌ ذات غَدْرٍ أَي حرب ولذلك أَنَّثها. ابن بُزُرج: يقال مِن كادهما
يَتَكايَدان وأَصحاب النحو يقولون يتكاودان وهو خطأٌ لأَنهم يقولون إِذا
حُمِلَ أَحدهم على ما يَكْره: لا والله ولا كَيْداً ولا هَمًّا؛ يريد لا
أُكادُ ولا أُهَمُّ. وحكى ابن مجاهد عن أَهل اللغة: كاد يكاد كان في
الأَصل كَيِدَ يَكْيَدُ. وقوله عز وجل: إِنهم يَكِيدُون كَيْداً وأَكِيدُ
كَيْداً؛ قال الزجاج: يعني به الكفار، إِنهم يُخاتلون النبي، صلى الله
عليه وسلم، ويُظْهِرون ما هم على خلافه؛ وأَكِيد كيداً؛ قال: كَيْد الله
تعالى لهم استدراجهم من حيث لا يعلمون. ويقال: فلان يكيد أَمراً ما أَدْرِي
ما هو إِذا كان يُرِيغُه ويَحْتالُ له ويسعى له ويَخْتِلُه. وقال:
بَلَغُوا الأَمر الذي كادوا، يريد: طلبوا أَو أَرادوا؛ وأَنشد أَبو بكر في كاد
بمعنى أَراد للأَفوه:
فإِنْ تَجَمَّعَ أَوتادٌ وأَعْمِدَةٌ
وساكِنٌ، بَلَغُوا الأَمرَ الذي كادوا
أَراد الذي أَرادوا؛ وأَنشد:
كادَتْ وكِدْتُ، وتلك خَيرُ إِرادةٍ،
لو كانَ مِنْ لَهْوِ الصَّبابةِ ما مَضَى
قال: معناه أَرادتْ وأَرَدْتُ. قال: ويحتمله قوله تعالى: لم يكَدْ
يراها، لأَن الذي عايَنَ من الظلمات آيَسَه من التأَمل ليده والإِبصار إِليها.
قال: ويراها بمعنى أَن يراها فلما أَسقط أَن رفع كقوله تعالى:
تأْمرونِّي أَعبُدُ؛ معناه أَن أَعبد.
مذق: المَذِيقُ: اللبن الممزوج بالماء. مَذَقَ اللبنَ يَمْذُقه مذْقاً،
فهو مَمْذوق ومَذِيقٌ ومَذِقٌ: خلطه؛ الأخيرة على النسب، والمَذْقةُ
الطائفة منه. ومَذَقَهُ ومَذَق له: سقاه المَذْقةَ، ومنه قيل: فلان يَمْذُق
الوُدَّ إذا لم يخلصه، وهو المَذْق أَيضاً؛ وأَنشد:
يَشْربُه مَذْقاً، ويَسْقي عيالَهُ
سَجاجاً، كأَقْرَاب الثَّعالب، أَوْرَقا
وفي الحديث: بارك لكم في مَذْقها ومَحْضها؛ المَذْق: المزج والخلط. وفي
حديث كعب وسلمة: ومَذْقَة كطُرَّة الخَنيف؛ المَذْقة: الشربة من اللبن
المَمْذوق، شبهها بحاشية الخنيف وهو رديء الكتان لتغير لونها وذهابه
بالمزج. والمُماذقة في الوُدّ: ضد المخالصة. ومَذَق الوُدَّ: لم يخلصه. ورجل
مَذَّاق: كَذُوب. ورجل مَذِقٌ ومَذَّاق ومُمَاذِق بيِّن المِذَاق: مَلُول،
وفي الصحاح: غير مخلص وهو المِذاقُ؛ قال:
ولا مُؤاخاتك بالمِذَاقِ
ابن بزرج: قالت امرأَة من العرب امَّذق، فقالت لها الأُخرى: لم لا
تقولين امْتَذق؟ فقال الآخر: والله إني لأُحب أَن تكون ذمَلَّقِيَّة اللسان
أَي فصيحة اللسان.
وأَبو مَذْقة: الذئب لأن لونه يشبه لون المَذْقة؛ ولذلك قال:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هل رأَيتَ الذِّئْبَ قطّ؟
شبه لون الضَّيْح، وهو اللبن المخلوط، بلون الذئب.
بعد: البُعْدُ: خلاف القُرْب.
بَعُد الرجل، بالضم، وبَعِد، بالكسر، بُعْداً وبَعَداً، فهو بعيد
وبُعادٌ؛ هم سيبويه، أَي تباعد، وجمعهما بُعَداءُ، وافق الذين يقولون فَعيل
الذين يقولون فُعال لأَنهما أُختان، وقد قيل بُعُدٌ؛ وينشد قول النابغة:
فتِلْكَ تُبْلِغُني النُّعْمانَ أَنَّ له
فَضْلاً على الناسِ، في الأَدْنى وفي البُعُدِ
وفي الصحاح: وفي البَعَد، بالتحريك، جمع باعِدٍ مثل خادم وخَدَم،
وأَبْعده غيره وباعَدَه وبَعَّده تبعيداً؛ وقول امرئ القيس:
قَعَدْتُ له وصُحْبَتي بَيْنَ ضارِجٍ،
وبَيْنَ العُذَيْبِ بُعْدَ ما مُتَأَمَّلِ
إِنما أَراد: يا بُعْدَ مُتَأَمَّل، يتأَسف بذلك؛ ومثله قول أَبي
العيال:....... رَزيَّةَ قَوْمِهِ
لم يأْخُذوا ثَمَناً ولم يَهَبُوا
(* قوله «رزية قومه إلخ» كذا في نسخة المؤلف بحذف أول البيت).
أَراد: يا رزية قومه، ثم فسر الرزية ما هي فقال: لم يأْخذوا ثمناً ولم
يهبوا. وقيل: أَرادَ بَعُدَ مُتَأَمَّلي. وقوله عز وجل، في سورة السجدة:
أُولئك يُنادَوْنَ من مكان بعيد؛ قال ابن عباس: سأَلوا الردّ حين لا ردّ؛
وقيل: من مكان بعيد، من الآخرة إِلى الدنيا؛ وقال مجاهد: أَراد من مكان
بعيد من قلوبهم يبعد عنها ما يتلى عليهم لأَنهم إِذا لم يعوا فَهُمْ
بمنزلة من كان في غاية البعد، وقوله تعالى: ويقذفون بالغيب من مكان بعيد؛ قال
قولهم: ساحر كاهن شاعر. وتقول: هذه القرية بعيد وهذه القرية قريب لا يراد
به النعت ولكن يراد بهما الاسم، والدليل على أَنهما اسمان قولك: قريبُه
قريبٌ وبَعيدُه بَعيدٌ؛ قال الفراءُ: العرب إِذا قالت دارك منا بعيدٌ أَو
قريب، أَو قالوا فلانة منا قريب أَو بعيد، ذكَّروا القريب والبعيد لأَن
المعنى هي في مكان قريب أَو بعيد، فجعل القريب والبعيد خلفاً من المكان؛
قال الله عز وجل: وما هي من الظالمين ببعيد؛ وقال: وما يدريك لعل الساعة
تكون قريباً؛ وقال: إن رحمة الله قريب من المحسنين؛ قال: ولو أُنثتا
وثنيتا على بعدت منك فهي بعيدة وقربت فهي قريبة كان صواباً. قال: ومن قال
قريب وبعيد وذكَّرهما لم يثنّ قريباً وبعيداً، فقال: هما منك قريب وهما منك
بعيد؛ قال: ومن أَنثهما فقال هي منك قريبة وبعيدة ثنى وجمع فقال قريبات
وبعيدات؛ وأَنشد:
عَشِيَّةَ لا عَفْراءُ منكَ قَريبةٌ
فَتَدْنو، ولا عَفْراءُ مِنكَ بَعيدٌ
وما أَنت منا ببعيد، وما أَنتم منا ببعيد، يستوي فيه الواحد والجمع؛
وكذلك ما أَنت منا بِبَعَدٍ وما أَنتم منا بِبَعَدٍ أَي بعيد. قال: وإِذا
أَردت بالقريب والبعيد قرابة النسب أَنثت لا غير، لم تختلف العرب فيها.
وقال الزجاج في قول الله عز وجل: إِن رحمة الله قريب من المحسنين؛ إِنما قيل
قريب لأَن الرحمة والغفران والعفو في معنى واحد، وكذلك كل تأْنيث ليس
بحقيقي؛ قال وقال الأَخفش: جائز أَن تكون الرحمة ههنا بمعنى المطر؛ قال
وقال بعضهم: يعني الفراءُ هذا ذُكِّرَ ليفصل بين القريب من القُرب والقَريب
من القرابة؛ قال: وهذا غلط، كلُّ ما قَرُب في مكان أَو نَسَبٍ فهو جارٍ
على ما يصيبه من التذكير والتأْنيث؛ وبيننا بُعْدَةٌ من الأَرض والقرابة؛
قال الأَعشى:
بأَنْ لا تُبَغِّ الوُدَّ منْ مُتَباعِدٍ،
ولا تَنْأَ منْ ذِي بُعْدَةٍ إِنْ تَقَرَّبا
وفي الدعاءِ: بُعْداً له نصبوه على إِضمار الفعل غير المستعمل إِظهاره
أَي أَبعده الله. وبُعْدٌ باعد: على المبالغة وإِن دعوت به فالمختار
النصب؛ وقوله:
مَدّاً بأَعْناقِ المَطِيِّ مَدَّا،
حتى تُوافي المَوْسِمَ الأَبْعَدَّا
فإِنه أَراد الأَبعد فوقف فشدّد، ثم أَجراه في الوصل مجراه في الوقف،
وهو مما يجوز في الشعر؛ كقوله:
ضَخْماً يحبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا
وقال الليث: يقال هو أَبْعَد وأَبْعَدُونَ وأَقرب وأَقربون وأَباعد
وأَقارب؛ وأَنشد:
منَ الناسِ مَنْ يَغْشى الأَباعِدَ نَفْعُه،
ويشْقى به، حتى المَماتِ، أَقارِبُهْ
فإِنْ يَكُ خَيراً، فالبَعيدُ يَنالُهُ،
وإِنْ يَكُ شَرّاً، فابنُ عَمِّكَ صاحِبُهْ
والبُعْدانُ، جمع بعيد، مثل رغيف ورغفان. ويقال: فلان من قُرْبانِ
الأَمير ومن بُعْدانِه؛ قال أَبو زيد: يقال للرجل إِذا لم تكن من قُرْبان
الأَمير فكن من بُعْدانِه؛ يقول: إِذا لم تكن ممن يقترب منه فتَباعَدْ عنه لا
يصيبك شره. وفي حديث مهاجري الحبشة: وجئنا إِلى أَرض البُعَداءِ؛ قال
ابن الأَثير: هم الأَجانب الذين لا قرابة بيننا وبينهم، واحدهم بعيد. وقال
النضر في قولهم هلك الأَبْعَد قال: يعني صاحبَهُ، وهكذا يقال إِذا كنى عن
اسمه. ويقال للمرأَة: هلكت البُعْدى؛ قال الأَزهري: هذا مثل قولهم فلا
مَرْحباً بالآخر إِذا كنى عن صاحبه وهو يذُمُّه. وقال: أَبعد الله الآخر،
قال: ولا يقال للأُنثى منه شيء. وقولهم: كبَّ الله الأَبْعَدَ لِفيه أَي
أَلقاه لوجهه؛ والأَبْعَدُ: الخائنُ. والأَباعد: خلاف الأَقارب؛ وهو غير
بَعِيدٍ منك وغير بَعَدٍ.
وباعده مُباعَدَة وبِعاداً وباعدالله ما بينهما وبَعَّد؛ ويُقرأُ:
ربَّنا باعِدْ بين أَسفارِنا، وبَعِّدْ؛ قال الطرمَّاح:
تُباعِدُ مِنَّا مَن نُحِبُّ اجْتِماعَهُ،
وتَجْمَعُ مِنَّا بين أَهل الضَّغائِنِ
ورجل مِبْعَدٌ: بعيد الأَسفار؛ قال كثَّير عزة:
مُناقِلَةً عُرْضَ الفَيافي شِمِلَّةً،
مَطِيَّةَ قَذَّافٍ على الهَوْلِ مِبْعَدِ
وقال الفراءُ في قوله عز وجل، مخبراً عن قوم سبا: ربنا باعد بين
أَسفارنا؛ قال: قرأَه العوام باعد، ويقرأُ على الخبر: ربُّنا باعَدَ بين
أَسفارنا، وبَعَّدَ. وبَعِّدْ جزم؛ وقرئَ: ربَّنا بَعُدَ بَيْنَ أَسفارنا،
وبَيْنَ أَسفارنا؛ قال الزجاج: من قرأَ باعِدْ وبَعِّدْ فمعناهما واحد، وهو
على جهة المسأَلة ويكون المعنى أَنهم سئموا الراحة وبطروا النعمة، كما قال
قوم موسى: ادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأَرض (الآية)؛ ومن قرأَ:
بَعُدَ بينُ أَسفارنا؛ فالمعنى ما يتَّصِلُ بسفرنا؛ ومن قرأَ بالنصب: بَعُدَ
بينَ أَسفارنا؛ فالمعنى بَعُدَ ما بَيْنَ أَسفارنا وبَعُدَ سيرنا بين
أَسفارنا؛ قال الأَزهري: قرأَ أَبو عمرو وابن كثير: بَعَّد، بغير أَلف،
وقرأَ يعقوب الحضرمي: ربُّنا باعَدَ، بالنصب على الخبر، وقرأَ نافع وعاصم
والكسائي وحمزة: باعِدْ، بالأَلف، على الدعاءِ؛ قال سيبويه: وقالوا بُعْدَك
يُحَذِّرُهُ شيئاً من خَلْفه.
وبَعِدَ بَعَداً وبَعُد: هلك أَو اغترب، فهو باعد.
والبُعْد: الهلاك؛ قال تعالى: أَلا بُعْداً لمدين كما بَعِدَت ثمود؛
وقال مالك
بن الريب المازني:
يَقولونَ لا تَبْعُدْ، وَهُمْ يَدْفِنونَني،
وأَينَ مكانُ البُعْدِ إِلا مكانِيا؟
وهو من البُعْدِ. وقرأَ الكسائي والناس: كما بَعِدَت، وكان أَبو عبد
الرحمن السُّلمي يقرؤها بَعُدَت، يجعل الهلاك والبُعْدَ سواء وهما قريبان من
السواء، إِلا أَن العرب بعضهم يقول بَعُدَ وبعضهم يقول بَعِدَ مثل
سَحُقَ وسَحِقَ؛ ومن الناس من يقول بَعُد في المكان وبَعِدَ في الهلاك، وقال
يونس: العرب تقول بَعِدَ الرجل وبَعُدَ إِذا تباعد في غير سبّ؛ ويقال في
السب: بَعِدَ وسَحِقَ لا غير.
والبِعاد: المباعدة؛ قال ابن شميل: راود رجل من العرب أَعرابية فأَبت
إِلا أَن يجعل لها شيئاً، فجعل لها درهمين فلما خالطها جعلت تقول: غَمْزاً
ودِرْهماكَ لَكَ، فإِن لم تَغْمِزْ فَبُعْدٌ لكَ؛ رفعت البعد، يضرب مثلاً
للرجل تراه يعمل العمل الشديد. والبُعْدُ والبِعادُ: اللعن، منه أَيضاً.
وأَبْعَدَه الله: نَحَّاه عن الخير وأَبعده. تقول: أَبعده الله أَي لا
يُرْثَى له فيما يَزِلُّ به، وكذلك بُعْداً له وسُحْقاً ونَصَبَ بُعْداً
على المصدر ولم يجعله اسماً. وتميم ترفع فتقول: بُعْدٌ له وسُحْقٌ،
كقولك: غلامٌ له وفرسٌ. وفي حديث شهادة الأَعضاء يوم القيامة فيقول: بُعْداً
لكَ وسُحقاً أَي هلاكاً؛ ويجوز أَن يكون من البُعْد ضد القرب. وفي الحديث:
أَن رجلاً جاء فقال إِن الأَبْعَدَ قد زَنَى، معناه المتباعد عن الخير
والعصمة.
وجَلَسْتُ بَعيدَةً منك وبعيداً منك؛ يعني مكاناً بعيداً؛ وربما قالوا:
هي بَعِيدٌ منك أَي مكانها؛ وفي التنزيل: وما هي من الظالمين ببعيد.
وأَما بَعيدَةُ العهد، فبالهاء؛ ومَنْزل بَعَدٌ بَعيِدٌ.
وتَنَحَّ غيرَ بَعِيد أَي كن قريباً، وغيرَ باعدٍ أَي صاغرٍ. يقال:
انْطَلِقْ يا فلانُ غيرُ باعِدٍ أَي لا ذهبت؛ الكسائي: تَنَحَّ غيرَ باعِدٍ
أَي غير صاغرٍ؛ وقول النابغة الذبياني:
فَضْلاَ على الناسِ في الأَدْنَى وفي البُعُدِ
قال أَبو نصر: في القريب والبعيد؛ ورواه ابن الأَعرابي: في الأَدنى وفي
البُعُد، قال: بعيد وبُعُد. والبَعَد، بالتحريك: جمع باعد مثل خادم
وخَدَم. ويقال: إِنه لغير أَبْعَدَ إِذا ذمَّه أَي لا خير فيه، ولا له بُعْدٌ:
مَذْهَبٌ؛ وقول صخر الغيّ:
المُوعِدِينا في أَن نُقَتِّلَهُمْ،
أَفْنَاءَ فَهْمٍ، وبَيْنَنا بُعَدُ
أَ أَنَّ أَفناء فهم ضروب منهم. بُعَد جَمع بُعْدةٍ. وقال الأَصمعي:
أَتانا فلان من بُعْدةٍ أَي من أَرض بَعيدة. ويقال: إِنه لذو بُعْدة أَي لذو
رأْي وحزم. يقال ذلك للرجل إِذا كان نافذ الرأْي ذا غَوْر وذا بُعْدِ
رأْي.
وما عنده أَبْعَدُ أَي طائل؛ قال رجل لابنه: إِن غدوتَ على المِرْبَدِ
رَبِحْتَ عنا أَو رجعت بغير أَبْعَدَ أَي بغير منفعة.
وذو البُعْدة: الذي يُبْعِد في المُعاداة؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لرؤبة:
يَكْفِيكَ عِنْدَ الشِّدَّةِ اليَبِيسَا،
ويَعْتَلِي ذَا البُعْدَةِ النُّحُوسا
وبَعْدُ: ضدّ قبل، يبنى مفرداً ويعرب مضافاً؛ قال الليث: بعد كلمة دالة
على الشيء الأَخير، تقول: هذا بَعْدَ هذا، منصوب. وحكى سيبويه أَنهم
يقولون من بَعْدٍ فينكرونه، وافعل هذا بَعْداً. قال الجوهري: بعد نقيض قبل،
وهما اسمان يكونان ظرفين إِذا أُضيفا، وأَصلهما الإِضافة، فمتى حذفت
المضاف إِليه لعلم المخاطب بَنَيْتَهما على الضم ليعلم أَنه مبني إِذ كان الضم
لا يدخلهما إِعراباً، لأَنهما لا يصلح وقوعهما موقع الفاعل ولا موقع
المبتدإِ ولا الخبر؛ وقوله تعالى: لله الأَمر من قبلُ ومن بعدُ أَي من قبل
الأَشياء وبعدها؛ أَصلهما هنا الخفض ولكن بنيا على الضم لأَنهما غايتان،
فإِذا لم يكونا غاية فهما نصب لأَنهما صفة؛ ومعنى غاية أَي أَن الكلمة
حذفت منها الإِضافة وجعلت غاية الكلمة ما بقي بعد الحذف، وإِنما بنيتا على
الضم لأَن إِعرابهما في الإضافة النصب والخفض، تقول رأَيته قبلك ومن قبلك،
ولا يرفعان لأَنهما لا يحدَّث عنهما، استعملا ظرفين فلما عدلا عن بابهما
حركا بغير الحركتين اللتين كانتا له يدخلان بحق الإِعراب، فأَما وجوبُ
بنائهما وذهاب إِعرابهما فلأَنهما عرَّفا من غير جهة التعريف، لأَنه حذف
منهما ما أُضيفتا إِليه، والمعنى: لله الأَمر من قبل أَن تغلب الروم ومن
بعد ما غلبت. وحكى الأَزهري عن الفراء قال: القراءة بالرفع بلا نون
لأَنهما في المعنى تراد بهما الإِضافة إِلى شيء لا محالة، فلما أَدَّتا غير
معنى ما أُضيفتا إِليه وُسِمَتا بالرفع وهما في موضع جر، ليكون الرفع دليلاً
على ما سقط، وكذلك ما أَشبههما؛ كقوله:
إِنْ يَأْتِ مِنْ تَحْتُ أَجِيْهِ من عَلُ
وقال الآخر:
إِذا أَنا لم أُومَنْ عَلَيْكَ، ولم يكنْ
لِقَاؤُك الاّ من وَرَاءُ ورَاءُ
فَرَفَعَ إِذ جعله غاية ولم يذكر بعده الذي أُضيف إِليه؛ قال الفراء:
وإِن نويت أَن تظهر ما أُضيف إِليه وأَظهرته فقلت: لله الأَمر من قبلِ ومن
بعدِ، جاز كأَنك أَظهرت المخفوض الذي أَضفت إِليه قبل وبعد؛ قال ابن
سيده: ويقرأُ لله الأَمر من قبلٍ ومن بعدٍ يجعلونهما نكرتين، المعنى: لله
الأَمر من تقدُّمٍ وتأَخُّرٍ، والأَوّل أَجود. وحكى الكسائي: لله الأَمر من
قبلِ ومن بعدِ، بالكسر بلا تنوين؛ قال الفراء: تركه على ما كان يكون عليه
في الإِضافة، واحتج بقول الأَوّل:
بَيْنَ ذِراعَيْ وَجَبْهَةِ الأَسَدِ
قال: وهذا ليس كذلك لأَن المعنى بين ذراعي الأَسد وجبهته، وقد ذكر أَحد
المضاف إِليهما، ولو كان: لله الأَمر من قبل ومن بعد كذا، لجاز على هذا
وكان المعنى من قبل كذا ومن بعد كذا؛ وقوله:
ونحن قتلنا الأُسْدَ أُسْدَ خَفِيَّةٍ،
فما شربوا بَعْدٌ على لَذَّةٍ خَمْرا
إِنما أَراد بعدُ فنوّن ضرورة؛ ورواه بعضهم بعدُ على احتمال الكف؛ قال
اللحياني وقال بعضهم: ما هو بالذي لا بُعْدَ له، وما هو بالذي لا قبل له،
قال أَبو حاتم: وقالوا قبل وبعد من الأَضداد، وقال في قوله عز وجل:
والأَرض بعد ذلك دحاها، أَي قبل ذلك. قال الأَزهري: والذي قاله أَبو حاتم عمن
قاله خطأٌ؛ قبلُ وبعدُ كل واحد منهما نقيض صاحبه فلا يكون أَحدهما بمعنى
الآخر، وهو كلام فاسد. وأَما قول الله عز وجل: والأَرض بعد ذلك دحاها؛
فإِن السائل يسأَل عنه فيقول: كيف قال بعد ذلك قوله تعالى: قل أَئنكم
لتكفرون بالذي خلق الأَرض في يومين؛ فلما فرغ من ذكر الأَرض وما خلق فيها قال:
ثم استوى إلى السماء، وثم لا يكون إِلا بعد الأَول الذي ذكر قبله، ولم
يختلف المفسرون أَن خلق الأَرض سبق خلق السماء، والجواب فيما سأَل عنه
السائل أَن الدَّحو غير الخلق، وإِنما هو البسط، والخلق هو إِلانشاءُ
الأَول، فالله عز وجل، خلق الأَرض أَولاً غير مدحوّة، ثم خلق السماء، ثم دحا
الأَرض أَي بسطها، قال: والآيات فيها متفقة ولا تناقض بحمد الله فيها عند
من يفهمها، وإِنما أَتى الملحد الطاعن فيما شاكلها من الآيات من جهة
غباوته وغلظ فهمه وقلة علمه بكلام العرب.
وقولهم في الخطابة: أَما بعدُ؛ إِنما يريدون أَما بعد دعائي لك، فإِذا
قلت أَما بعدَ فإِنك لا تضيفه إِلى شيء ولكنك تجعله غاية نقيضاً لقبل؛ وفي
حديث زيد بن أَرقم: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، خطبهم فقال:
أَما بعدُ؛ تقدير الكلام: أَما بعدُ حمد الله فكذا وكذا. وزعموا أَن داود،
عليه السلام، أَول من قالها؛ ويقال: هي فصل الخطاب ولذلك قال جل وعز:
وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب؛ وزعم ثعلب أَن أَول من قالها كعب بن لؤي.
أَبو عبيد: يقال لقيته بُعَيْداتِ بَيْنٍ إِذا لقيته بعد حين؛ وقيل:
بُعَيْداتِ بَيْنٍ أَي بُعَيد فراق، وذلك إِذا كان الرجل يمسك عن إِتيان
صاحبه الزمانَ، ثم يأْتيه ثم يمسك عنه نحوَ ذلك أَيضاً، ثم يأْتيه؛ قال: وهو
من ظروف الزمان التي لا تتمكن ولا تستعمل إلا ظرفاً؛ وأَنشد شمر:
وأَشْعَثَ مُنْقَدّ القيمصِ، دعَوْتُه
بُعَيْداتِ بَيْنٍ، لا هِدانٍ ولا نِكْسِ
ويقال: إِنها لتضحك بُعَيْداتِ بَيْنٍ أَي بين المرَّة ثم المرة في
الحين.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان إِذا أَراد البراز أَبعد،
وفي آخر: يَتَبَعَّدُ؛ وفي آخر: أَنه، صلى الله عليه وسلم، كان يُبْعِدُ
في المذهب أَي الذهاب عند قضاء حاجته؛ معناه إِمعانه في ذهابه إِلى
الخلاء. وأَبعد فلان في الأَرض إِذا أَمعن فيها. وفي حديث قتل أَبي جهل: هَلْ
أَبْعَدُ من رجل قتلتموه؟ قال ابن الأَثير: كذا جاء في سنن أَبي داود
معناها أَنهى وأَبلغ، لأَن الشيء المتناهي في نوعه يقال قد أَبعد فيه، وهذا
أَمر بعيد لا يقع مثله لعظمه، والمعنى: أَنك استعظمت شأْني واستبعدت
قتلي فهل هو أَبعد من رجل قتله قومه؛ قال: والروايات الصحيحة أَعمد،
بالميم.
مسك: المَسْكُ، بالفتح وسكون السين: الجلد، وخَصَّ بعضهم به جلد
السَّخْلة، قال: ثم كثر حتى صار كل جلد مَسْكاً، والجمع مُسُكٌ ومُسُوك؛ قال
سلامة بن جَنْدل:
فاقْنَيْ لعلَّكِ أن تَحْظَيْ وتَحْتَبِلي
في سَحْبَلٍ، من مُسُوك الضأْن، مَنْجُوب
ومنه قولهم: أنا في مَسْكِك إن لم أفعل كذا وكذا. وفي حديث خيبر: أَين
مَسْكُ حُيَيِّ بن أَخْطَب كان فيه ذخيرة من صامِتٍ وحُليّ قُوِّمت بعشرة
آلاف دينار، كانت أَوَّلاً في مَسْك جَمَل ثم مَسْك ثور ثم مَسْك جَمَل.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: ما كان على فِراشي إلاّ مَسْكُ كَبْشٍ أي
جلده. ابن الأعرابي: والعرب تقول نحن في مُسُوك الثعالب إذا كانوا خائفين؛
وأنشد المُفَضَّل:
فيوماً تَرانا في مُسُوك جِيادنا
ويوماً تَرانا في مُسُوك الثعالِبِ
قال: في مسوك جيادنا معناه أنَّا أُسِرْنا فكُتِّفْنا في قُدودٍ من
مُسُوك خيولنا المذبوحة، وقيل في مُسُوك أي على مسوك جيادنا أي ترانا فرساناً
نُغِير على أَعدائنا ثم يوماً ترانا خائفين. وفي المثل: لا يَعْجِزُ
مَسْكُ السَّوْءِ عن عَرْفِ السَّوْءِ أي لا يَعْدَم رائحة خبيثة؛ يضرب
للرجل اللئيم يكتم لؤمه جُهْدَه فيظهر في أفعاله. والمَسَكُ: الذَّبْلُ.
والمَسَكُ: الأَسْوِرَة والخلاخيل من الذَّبْلِ والقرون والعاج، واحدته
مَسَكة. الجوهري: المَسَك، بالتحريك، أَسْوِرة من ذَبْلٍ أو عاج؛ قال
جرير:تَرَى العَبَسَ الحَوْليَّ جَوْباً بكُوعِها
لها مسَكاً، من غير عاجٍ ولا ذَبْلِ
وفي حديث أبي عمرو النَّخَعيّ: رأَيت النعمان بن المنذر وعليه قُرْطان
ودُمْلُجانِ ومَسَكتَان، وحديث عائشة، رضي الله عنها: شيء ذَفِيفٌ
يُرْبَطُ به المَسَكُ. وفي حديث بدر: قال ابن عوف ومعه أُمية بن خلف: فأحاط بنا
الأنصار حتى جعلونا في مثل المَسَكَةِ أي جعلونا في حَلْقةٍ كالسِّوارِ
وأحدقوا بنا؛ واستعاره أَبو وَجْزَة فجعل ما تُدخِلُ فيه الأُتُنُ
أَرجلَها من الماء مَسَكاً فقال:
حتى سَلَكْنَ الشَّوى منهنَّ في مَسَكٍ،
من نَسْلِ جدَّابةِ الآفاقِ مِهْداجِ
التهذيب: المَسَكُ الذَّبْلُ من العاج كهيئة السِّوار تجعله المرأَة في
يديها فذلك المَسَكُ، والذَّبْلُ القُرون، فإن كان من عاج فهو مَسَك وعاج
ووَقْفٌ، وإذا كان من ذَبْلٍ فهو مَسَكٌ لا غير. وقال أَبو عمرو
المَسَكُ مثل الأَسْوِرة من قُرون أو عاج؛ قال جرير:
ترى العبس الحوليّ جوناً بكوعها
لها مسكاً، من غير عاج ولا ذبل
وفي الحديث: أنه رأى على عائشة، رضي الله عنها، مَسَكَتَيْن من فضة،
المَسَكةُ، بالتحريك: الوسار من الذَّبْلِ، وهي قُرون الأَوْعال، وقيل: جلود
دابة بحرية، والجمع مَسَكٌ. الليث: المِسْكُ معروف إلا أَنه ليس بعربي
محض.
ابن سيده: والمِسْكُ ضرب من الطيب مذكر وقد أَنثه بعضهم على أنه جمع،
واحدته مِسْكة. ابن الأعرابي: وأصله مِسَكٌ محرّكة؛ قال الجوهري: وأما قول
جِرانِ العَوْدِ:
لقد عاجَلَتْني بالسِّبابِ وثوبُها
جديدٌ، ومن أَرْدانها المِسْكُ تَنْفَحُ
فإنما أَنثه لأنه ذهب به إلى ريح المسك. وثوب مُمَسَّك: مصبوغ به؛ وقول
رؤبة:
إن تُشْفَ نَفْسي من ذُباباتِ الحَسَكْ،
أَحْرِ بها أَطْيَبَ من ريحِ المِسِكْ
فإنه على إرادة الوقف كما قال:
شُرْبَ النبيذ واعْتِقالاً بالرِّجِلْ
ورواه الأصمعي:
أَحْرِ بها أَطيب من ريح المِسَك
وقال: هو جمع مِسْكة. ودواء مُمَسَّك: فيه مِسك. أَبو العباس في حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، في الحيض: خُذِي فِرْصةً فَتَمَسَّكي بها، وفي
رواية: خذي فَرِصَة مُمَسّكة فَتَطَيَّبي بها؛ الفِرصَةُ: القِطْعة يريد
قطعة من المسك، وفي رواية أُخرى: خذي فِرْصَةً من مِسْكٍ فتطيبي بها، قال
بعضهم: تَمَسَّكي تَطَيَّبي من المِسْك، وقالت طائفة: هو من التَّمَسُّك
باليد، وقيل: مُمَسَّكة أي مُتَحَمَّلة يعني تحتملينها معك، وأَصل
الفِرْصة في الأصل القطعة من الصوف والقطن ونحو ذلك؛ قال الزمخشري:
المُمَسَّكة الخَلَقُ التي اُمْسِكَتْ كثيراً، قال: كأنه أراد أن لا يستعمل الجديد
من القطن والصوف للارْتِفاق به في الغزل وغيره، ولأن الخَلَقَ أصلح لذلك
وأَوفق؛ قال ابن الأثير: وهذه الأقوال أكثرها مُتَكَلَّفَة والذي عليه
الفقهاء أنا الحائض عند الاغتسال من الحيض يستحب لها أن تأْخذ شيئاً يسيراً
من المِسْك تتطيب به أو فِرصةً مطيَّبة من المسك. وقال الجوهري: المِسْك
من الطيب فارسي معرب، قال: وكانت العرب تسميه المَشْمُومَ. ومِسْكُ
البَرِّ: نبت أطيب من الخُزامى ونباتها نبات القَفْعاء ولها زَهْرة مثل زهرة
المَرْوِ؛ حكاه أَبو حنيفة؛ وقال مرة: هو نبات مثل العُسْلُج سواء.
ومَسَكَ بالشيءِ وأَمْسَكَ به وتَمَسَّكَ وتَماسك واسْتمسك ومَسَّك، كُلُّه:
احْتَبَس. وفي التنزيل: والذي يُمَسِّكون بالكتاب؛ قال خالد بن زهير:
فكُنْ مَعْقِلاً في قَوْمِكَ، ابنَ خُوَيْلدٍ،
ومَسِّكْ بأَسْبابٍ أَضاعَ رُعاتُها
التهذيب في قوله تعالى: والذين يُمْسِكُون بالكتاب؛ بسكون وسائر القراء
يُمَسِّكون بالتشديد، وأَما قوله تعالى: ولا تُمَسِّكوا بعِصَم الكوافر،
فإن أَبا عمرو وابن عامر ويعقوب الحَضْرَمِيَّ قرؤُوا ولا تُمَسِّكوا،
بتشديدها وخففها الباقون، ومعنى قوله تعالى: والذي يُمَسِّكون بالكتاب، أي
يؤْمنون به ويحكمون بما فيه. الجوهري: أَمْسَكْت بالشيء وتَمَسَّكتُ به
واسْتَمْسَكت به وامْتَسَكْتُ كُلُّه بمعنى اعتصمت، وكذلك مَسَّكت به
تَمْسِيكاً، وقرئَ ولا تُمَسِّكوا بعِصَمِ الكَوافرِ. وفي التنزيل: فقد
اسْتمسكَ بالعُرْوَة الوُثْقى؛ وقال زهير:
بأَيِّ حَبْلِ جِوارٍ كُنْتُ أَمْتَسِكُ
ولي فيه مُسْكة أي ما أَتَمَسَّكُ به. والتَّمَسُّك: اسْتِمْساكك
بالشيء، وتقول أَيضاً: امْتَسَكْت به؛ قال العباس:
صَبَحْتُ بها القومَ حتى امْتَسكْـ
تُ بالأرْضِ، أَعْدِلُها أَن تَمِيلا
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه قال: لا يُمْسِكَنَّ الناسُ
عليَّ بشيءِ فإني لا أُحِلُّ إلا ما أَحَلَّ الله ولا أُحرِّم إلاّ ما
حَرَّم الله؛ قال الشافعي: معناه إن صحَّ أنَّ الله تعالى أَحل للنبي، صلى
الله عليه وسلم، أَشياء حَظَرَها على غيره من عدد النساء والموهوبة وغير
ذلك، وفرض عليه أَشياء خففها عن غيره فقال: لا يُمْسِكَنَّ الناسُ عليَّ
بشيء، يعني بما خصِّصْتُ به دونهم فإن نكاحي أَكثر من أَربع لا يحل لهم أَن
يبلغوه لأنه انتهى بهم إلى أَربع، ولا يجب عليهم ما وجب عليَّ من تخيير
نسائهم لأنه ليس بفرض عليهم. وأَمْسَكْتُ عن الكلام أي سكت. وما تَماسَكَ
أن قال ذلك أي ما تمالك. وفي الحديث: من مَسَّك من هذا الفَيْءِ بشيءٍ أي
أَمسَك.
والمُسْكُ والمُسْكةُ: ما يُمْسِكُ الأبدانَ من الطعام والشراب، وقيل:
ما يتبلغ به منهما، وتقول: أَمْسَك يُمْسِكُ إمْساكاً. وفي حديث ابن أَبي
هالَة في صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: بادنٌ مُتَماسك؛ أراد أَنه مع
بدانته مُتَماسك اللحم ليس بمسترخيه ولا مُنْفَضِجه أي أنه معتدل الخلق
كأَن أعضاءَه يُمْسِك بعضها بعضاً. ورجل ذو مُسْكةٍ ومُسْكٍ أي رأْي وعقل
يرجع إليه، وهو من ذلك. وفلان لا مِسُكة له أي لا عقل له. ويقال: ما بفلان
مُسْكة أي ما به قوَّة ولا عقل. ويقال: فيه مُسْكَةٌ من خير، بالضم، أي
بقية.
وأَمْسَكَ الشيءَ: حبسه. والمَسَكُ والمَسَاكُ: الموضع الذي يُمْسِك
الماءَ؛ عن ابن الأعرابي.
ورجل مَسِيكٌ ومُسَكَةٌ أي بخيل. والمِسِّيك: البخيل، وكذلك المُسُك،
بضم الميم والسين، وفي حديث هند بنت عُتْبة: أن أَبا سفيان رجل مَسِيكٌ أي
بخيل يُمْسِكُ ما في يديه لا يعطيه أَحداً وهو مثل البخيل وزناً ومعنى.
وقال أَبو موسى: إنه مِسِّيكٌ، بالكسر والتشديد، بوزن الخِمَّير
والسِّكِّير أي شديد الإمْساك لماله، وهو من أَبنية المبالغة، قال: وقيل المِسِّيك
البخيل إلاَّ أن المحفوظ الأول؛ ورجل مُسَكَةٌ، مثل هُمَزَة، أي بخيل؛
ويقال: هو الذي لا يَعْلَقُ بشيء فيتخلص منه ولا يُنازِله مُنازِلٌ
فيُفْلِتَ، والجمع مُسَكٌ، بضم الميم وفتح السين فيهما؛ قال ابن بري: التفسير
الثاني هو الصحيح، وهذا البناء أعني مُسَكة يختص بمن يكثر منه الشيء مثل
الضُّحكة والهُمَزَة. وفي حديث عثمان بن عفان، رضي الله عنه، حين قال له
ابن عُرَانَةَ: أَما هذا الحَيُّ من بَلْحرث بن كعب فَحَسَكٌ أَمْراسٌ،
ومُسَكٌ أَحْماس، تَتَلَظَّى المَنايا في رِماحِهِم؛ فوصفهم بالقوَّة
والمَنَعةِ وأَنهم لِمَنْ رامهم كالشوك الحادِّ الصُّلْب وهو الحَسَك، وإذا
نازَلوا أَحداً لم يُفْلِتْ منهم ولم يتخلص؛ وأما قول ابن حِلِّزة:
ولما أَن رأَيتُ سَراةَ قَوْمِي
مَسَاكَى، لا يَثُوبُ لهم زَعِيمُ
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون مساكى في بيته اسماً لجمع مَسِيك، ويجوز أن
يتوهم في الواحد مَسْكان فيكون من باب سَكَارَى وحَيَارَى. وفيه
مُسْكةٌ ومُسُكةٌ؛ عن اللحياني، ومَسَاكٌ ومِساك ومَسَاكة وإمْساك: كل ذلك من
البخل والتَّمَسُّكِ بما لديه ضَنّاً به؛ قال ابن بري: المِسَاك الاسم من
الإمْساك؛ قال جرير:
عَمِرَتْ مُكَرَّمةَ المَساكِ وفارَقَتْ،
ما شَفَّها صَلَفٌ ولا إقْتارُ
والعرب تقول: فلان حَسَكة مَسَكة أي شجاع كأَنه حَسَكٌ في حَلْق عدوِّه.
ويقال: بيننا ماسِكة رحِم كقولك ماسَّة رحم وواشِجَة رحم.
وفرس مُمْسَك الأَيامِن مُطْلَقُ الأياسر: مُحَجَّلُ الرجل واليد من
الشِّقِّ الأيمن وهم يكرهونه، فإن كان مُحَجَّل الرجل واليد من الشِّقِّ
الأيسر قالوا: هو مُمْسَكُ الأياسر مُطْلَق الأيامن، وهم يستحبون ذلك. وكل
قائمة فيها بياض، فهي مُمْسَكة لأنها أُمسِكت بالبياض؛ وقوم يجعلون
الإمْسَاك أن لا يكون في القائمة بياض. التهذيب: والمُطْلَق كل قائمة ليس بها
وَضَحٌ، قال: وقوم يجعلون البياض إطلاقاً والذي لا بياض فيه إمساكاً؛
وأَنشد؛
وجانب أُطْلِقَ بالبَياضِ،
وجانب أُمْسك لا بَياض
وقال: وفيه من الاختلاف على القلب كما وصف في الإمْساك.
والمَسَكةُ والمَاسِكة: قِشْرة تكون على وجه الصبي أَو المُهْر، وقيل:
هي كالسَّلى يكونان فيها. وقال أَبو عبيدة: المَاسِكة الجلدة التي تكون
على رأْس الولد وعلى أطراف يديه، فإذا خرج الولد من الماسِكة والسَّلى فهو
بَقِير، وإذا خرج الولد بلا ماسِكة ولا سَلىً فهو السَّلِيل. وبلغ مَسَكة
البئر ومُسْكَتَها إذا حفر فبلغ مكاناً صُلْباً. ابن شميل: المَسَكُ
الواحد مَسَكة وهو أن تَحْفِر البئر فتبلغ مَسَكةً صُلْبةً وإن بِئارَ بني
فلان في مَسَك؛ قال الشاعر:
اللهُ أَرْواكَ وعَبْدُ الجَبَّارْ،
تَرَسُّمُ الشَّيخِ وضَرْبُ المِنْقارْ،
في مَسَكٍ لا مُجْبِلٍ ولا هارْ
الجوهري: المُسْكَةُ من البئر الصُّلْبةُ التي لا تحتاج إلى طَيّ.
ومَسَك بالنار. فَحَصَ لها في الأرض ثم غطاها بالرماد والبعر ودفنها.
أبو زيد: مَسَّكْتُ بالنار تَمْسِيكاً وثَقَّبْتُ بها تَثْقْيباً، وذلك إذا
فَحَصت لها في الأَرض ثم جعلت عليها بعراً أو خشباً أو دفنتها في
التراب.والمُسْكان: العُرْبانُ، ويجمع مَساكينَ، ويقال: أَعطه المُسْكان. وفي
الحديث: أنه نهى عن بيع المُسْكانِ؛ وهو بالضم بيع العُرْبانِ
والعَرَبُونِ، وهو أن يشتري السِّلعة ويدفع إلى صاحبها شيئاً على أنه إن أَمضى البيع
حُسب من الثمن وإن لم يمض كان لصاحب السلعة ولم يرتجعه المشتري، وقد ذكر
في موضعه. ابن شميل: الأرض مَسَكٌ وطرائق: فَمَسَكة كَذَّانَةٌ ومَسَكة
مُشاشَة ومَسَكة حجارة ومَسَكة لينة، وإنما الأرض طرائق فكل طريقة
مَسَكة، والعرب تقول للتَّناهي التي تُمْسِك ماء السماء مَساك ومَساكة
ومَساكاتٌ، كل ذلك مسموع منهم. وسقاءٌ مَسِيك: كثير الأخذ للماء. وقد مَسَك، بفتح
السين، مَساكة، رواه أَبو حنيفة. أبو زيد: المَسِيك من الأَساقي التي
تحبس الماء فلا يَنْضَحُ. وأرض مَسِيكة: لا تُنَشِّفُ الماءَ لصلابتها.
وأَرض مَساك أيضاً. ويقال للرجل يكون مع القوم يخوضون في الباطل: إن فيه
لَمُسْكةً عما هم فيه. وماسِكٌ: اسم. وفي الحديث ذكر مَسْك
(* قوله «ذكر مسك
إلخ» كذا بالأصل والنهاية، وفي ياقوت: ان الموضع الذي قتل به مصعب والذي
كانت به وقعة الحجاج مسكن بالنون آخره كمسجد وهو المناسب لقول الأصل
وكسر الكاف وليس فيه ولا في القاموس مسك؛) هو بفتح الميم وكسر الكاف صُقْع
بالعراق قتل فيه مُصْعَب ابن الزبير، وموضع بدُجَيْل الأهْواز حيث كانت
وقعة الحجاج وابن الأشعث.
نقد: النقْدُ: خلافُ النَّسيئة. والنقْدُ والتَّنْقادُ: تمييزُ الدراهِم
وإِخراجُ الزَّيْفِ منها؛ أَنشد سيبويه:
تَنْفِي يَداها الحَصَى، في كلِّ هاجِرةٍ،
نَفْيَ الدَّنانِيرِ تَنْقادُ الصَّيارِيفِ
ورواية سيبويه: نَفْيَ الدراهِيمِ، وهو جمع دِرْهم على غير قياس أَو
دِرْهام على القياس فيمن قاله.
وقد نَقَدَها يَنْقُدُها نَقْداً وانتَقَدَها وتَنَقَّدَها ونَقَدَه
إِياها نَقْداً: أَعطاه فانتَقَدَها أَي قَبَضَها. الليث: النقْدُ تمييز
الدراهِم وإِعطاؤكَها إِنساناً، وأَخْذُها الانتقادُ، والنقْدُ مصدر
نَقَدْتُه دراهِمَه. ونَقَدْتُه الدراهِمَ ونقَدْتُ له الدراهم أَي أَعطيته
فانتَقَدَها أَي قَبَضَها. ونقَدْتُ الدراهم وانتَقَدْتُها إِذا أَخْرَجْتَ
منها الزَّيْفَ. وفي حديث جابِرٍ وجَمَلِه، قال: فَنَقَدَني ثمنَه أَي
أَعطانيه نَقْداً مُعَجَّلاً. والدِّرْهَمُ نَقْدٌ أَي وازِنٌ جَيِّدٌ.
وناقدْتُ فلاناً إِذا ناقشته في الأَمر. قال سيبويه: وقالوا هذه مائة نَقْدٌ،
الناسُ على إِرادة حذف اللام والصفة في ذلك أَكثرُ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
لَتُنْتَجَنَّ وَلَداً أَو نَقْدا
فسره فقال: لَتُنْتَجَنَّ ناقةً فتقتنى أَو ذكَراً فيباع لأَنهم قلما
يمسكون الذكور. ونَقَدَ الشيءَ يَنْقُدُه نَقْداً إِذا نَقَرَه بإِصبعه كما
تُنْقَر الجوزة.
والمِنْقَدَةُ: حُرَيْرَةٌ يُنْقَدُ عليها الجَوْزُ. والنقْدةُ: ضربةُ
الصبيِّ جَوْزةً بإِصبعه إِذا ضرب. ونقَدَ أَرنبَتَه بإِصبعه إِذا ضربها؛
قال خلف:
وأَرْنَبَةٌ لك مُحْمَرَّة،
يَكادُ يُقَطِّرُها نَقْدَة
أَي يشقُّها عن دَمها.
ونَقَدَ الطائرُ الفَخَّ يَنْقُدُه بِمِنْقاره أَي يَنْقُرُه،
والمِنْقادُ مِنْقارُه. وفي حديث أَبي ذر: كان في سَفَر فقرَّبَ أَصحابُه
السُّفْرةَ ودعَوْه إِليها، فقال: إِني صائم، فلما فَرَغُوا جعل يَنْقُدُ شيئاً
من طعامهم أَي يأْكل شيئاً يسيراً؛ وهو من نقَدْتُ الشيءَ بإِصْبَعِي
أَنقُدُه واحداً واحداً نَقْدَ الدراهِمِ. ونَقَدَ الطائرُ الحَبَّ ينقُده
إِذا كان يلْقُطُه واحداً واحداً، وهو مثل النَّقْر، ويروى بالراء؛ ومنه
حديث أَبي هريرة: وقد أَصْبَحْتُم تَهْذِرون الدنيا
(* قوله «تهذرون
الدنيا» قال ابن الاثير: وروي تهذرون يعني بضم الذال، قال: وهو أَشبه بالصواب
يعني تتوسعون في الدنيا). ونقَدَ بِإِصْبَعِه أَي نقَرَ، ونقَد الرجلُ
الشيءَ بنظره يَنْقُدُه نقْداً ونقَدَ إِليه: اختلَسَ النظر نحوه. وما زال
فلان يَنْقُدُ بصَرَه إِلى الشيء إِذا لم يزل ينظر إِليه. والإِنسانُ
يَنْقُدُ الشيءَ بعينه، وهو مخالَسةُ النظر لئلا يُفْطَنَ له. وفي حديث أَبي
الدرداء أَنه قال: إِنْ نقَدْتَ الناسَ نَقَدُوكَ وإِن تَرَكْتَهُمْ
تركوك؛ معنى نقدتهم أَي عِبْتهم واغتَبْتَهم قابلوك بمثله، وهو من قولهم
نقَدْتُ رأْسه بإِصبعي أَي ضربته ونقَدْتُ الجَوْزَةَ أَنقُدها إِذا ضربتها،
ويروى بالفاء والذال المعجمة، وهو مذكور في موضعه. ونقَدَتْه الحيَّةُ:
لدغَتْه.
والنَّقَدُ: تَقَشُّرٌ في الحافِرِ وتَأَكُّلٌ في الأَسنان، تقول منه:
نَقِدَ الحافر، بالكسر، ونَقِدَتْ أَسنانُه ونَقِدَ الضِّرْسُ والقَرْنُ
نَقَداً، فهو نَقِدٌ: ائتُكِلَ وتَكَسَّر. الأَزهري: والنقَدُ أَكل
الضِّرْس، ويكون في القَرْن أَيضاً؛ قال الهذلي:
عاضَها اللَّهُ غُلاماً، بَعْدَما
شابتِ الأَصْداغُ والضِّرْسُ نَقَد
ويروى بالكسر أَيضاً؛ وقال صخر الغيّ:
تَيْسُ تُيُوسٍ إِذا يُناطِحُها،
يَأْلَمُ قَرْناً أَرُومُه نَقَدُ
أَي أَصْلُه مُؤْتَكَلٌ، وقَرْناً منصوب على التمييز، ويروى قَرْنٌ أَي
يأْلَم قَرْنٌ منه.
ونَقِدَ الجِذْعُ نَقَداً: أَرِضَ. وانْتَقَدَتْه الأَرَضَةُ: أَكلتْه
فتَرَكَتْه أَجْوَفَ.
والنَّقَدةُ: الصغيرة من الغَنَم، الذكَرُ والأُنثى في ذلك سواء، والجمع
نَقَدٌ ونِقادٌ ونِقادةٌ؛ قال علقمة:
والمالُ صُوفُ قَرارٍ يَلْعَبُونَ به،
على نِقادَتهِ وافٍ ومَجْلُومُ
والنَّقَدُ: السُّفَّلُ من الناس، وقيل: النقَدُ، بالتحريك، جِنْس من
الغَنَم قِصار الأَرْجُل قِباح الوُجوه تكون بالبَحْرَيْنِ؛ يقال: هو
أَذَلُّ من النقَد؛ وأَنشد:
رُبَّ عَديمٍ أَعَزُّ مِنْ أَسَدِ،
ورُبَّ مُثْرٍ أَذَلُّ مِنْ نَقَدِ
وقيل: النقَد غنم صِغارٌ حِجازِيّة، والنقَّادُ: راعِيها. وفي حديث علي:
أَنّ مُكاتِباً لِبَني أَسَدٍ قال: جِئْتُ بِنَقَد أَجْلٍّ بُه إِلى
المدينة؛ النقَد: صغار الغنم، واحدتها نقَدة وجمعها نِقاد؛ ومنه حديث خزيمة:
وعاد النِّقادُ مُجْرَنْثِماً؛ وقول أَبي زبيد يصف الأَسد:
كأَنَّ أَثْوابَ نَقّادٍ قُدِرْنَ لَه،
يَعْلُو بِخَمْلَتِها كَهْباءَ هُدّابَا
فسره ثعلب فقال: النقّادُ صاحِبُ مُسُوكِ النقَد كأَنه جعل عليه خَمْلَه
أَي أَنه وَرْدٌ ونصَب كَهْباء بِيَعْلُو؛ وقال الأَصمعي: أَجْوَدُ
الصُّوفِ صوفُ النقَد.
والنِّقْدُ: البَطِيءُ الشّبابِ القَلِيلُ الجْسمِ، وربما قيل للقَمِيءِ
من الصبيان الذي لا يكاد يَشِبُّ نَقَدٌ.
وأَنْقَدَ الشجرُ: أَوْرَقَ.
والأَنْقَدُ والأَنْقَذُ. بالدال والذال: القُنْفُذُ والسُّلَحْفاءُ؛
قال:
فباتَ يُقاسِي لَيْلَ أَنْقَدَ دائِباً،
ويَحْدُرُ بِالقُفِّ اخْتِلافَ العُجاهِنِ
وهو معرفة كما قيل للأَسد أُسامة. ومن أَمثالهم: باتَ فُلان بِلَيْلَةِ
أَنقَدَ إِذا بات ساهِراً، ومع ذلك أَن القُنْفُذ يَسْرِي ليلَه أَجمع لا
ينامُ الليلَ كُلّه. ويقال: أَسْرى من أَنْقَدَ.
الليث: الإِنْقدانُ السُّلَحْفاةُ الذكَر.
والنُّقْدُ والتُّعَضُ: شجر، واحدته نُقدةٌ ونُعْضةٌ. والنُّقُدُ
والنَّقَدُ: ضربان من الشجر، واحدته نُقدةٌ، بالضم. قال اللحياني: وبعضهم يقول
نَقَدةٌ فيحرك. وقال أَبو حنيفة: النُّقْدةُ فيما ذكر أَبو عمرو من
الخوصة، ونَوْرُها يشبه البَهْرَمانَ، وهو العُصْفُر؛ وأَنشد للخضري في وصف
القطاة وفَرْخَيْها:
يَمُدّانِ أَشْداقاً إليها، كأَنما
تَفَرَّق عن نُوّارِ نُقْدٍ مُثَقَّبِ
اللحياني: نُقْدةٌ ونُقْدٌ، وهي شجرة، وبعضهم يقول نَقدةٌ ونَقَدٌ؛ قال
الأَزهري: وأَكثر ما سمعت من العرب نَقَدٌ، محرك القاف، وله نَور أَصفر
ينبت في القيعان. والنُّقْدُ: ثمر نبت يشبه البهرمان. والنِّقْدةُ:
الكَرَوْيا. ابن الأَعرابي: التِّقْدةُ الكُزْبَرةُ. والنِّقْدةُ، بالنون:
الكَرَوْيا. ونَقْدةُ: موضع
(* قوله «ونقدة موضع» وقوله ونقدة، بالضم، اسم
موضع ظاهره أنهما موضعان والذي في معجم ياقوت نقدة، بالفتح ثم السكون ودال
مهملة وقد تضم النون، عن الدريدي اسم موضع في ديار بني عامر وقرأت بخط
ابن نباتة السعدي نقدة بضم النون في قول لبيد) ؛ قال لبيد:
فَقَدْ نَرْتَعي سَبْتاً وأَهْلُكِ حِيرةً،
مَحَلَّ المُلوكِ نَقْدلاً فالمَغاسِلا
ونُقْدَةُ، بالضم: اسم موضع؛ ويقال: النُّقْدةُ بالتعريف.
نطع: النَّطْعُ والنَّطَعُ والنِّطْعُ والنِّطَعُ من الأَدَمِ: معروف؛
قال التميمي:
يَضْرِبْنَ بالأَزِمَّةِ الخُدُودا،
ضَرْبَ الرِّياحِ النِّطَعَ المَمْدُودا
قال ابن بري: أَنكر زياد نَطْع وقال نِطْع، وأَنكر علي بن حَمْزةَ نَطَع
وأَثبت نِطَع لا غير، وحكى ابن سيده عن ابن جني قال: اجتمع أَبو عبد
الله ابن الأَعرابي وأَبو زياد الكلابي على الجِسْرِ فسأَل أَبو زياد أَبا
عبد الله عن قوْلِ النابغةِ:
على ظَهْرِ مِبْناةٍ جدِيدٍ سُيُورُها
فقال أَبو عبد الله: النَّطْعُ، بالفتح، فقال أَبو زياد: لا أَعرفه،
فقال: النِّطْعُ، بالكسر، فقال أَبو زياد: نَعَمْ والجمع أَنْطُعٌ وأَنْطاعٌ
ونُطُوعٌ.
والنُّطاعةُ والقُطاعةُ والقُضاضةُ: اللُّقْمةُ يُؤكل نِصْفُها يم
تُرَدُّ إِلى الخِوانِ، وهو عَيْبٌ. يقال: فلان لاطِعٌ ناطِعٌ قاطِعٌ.
والنِّطْعُ والنِّطَعُ والنَّطَعُ والنَّطَعةُ: ما ظهرَ من غارِ الفَمِ
الأَعلى، وهي الجِلْدةُ المُلْتَزِقةُ بعظم الخُلَيْقاءِ فيها آثار
كالتَّحْزِيزِ، وهناك مَوقِعُ اللسان في الحَنَكِ، والجمع نُطُوعٌ لا غير،
ويقال لِمَرْفَعِه من أَسْفَلِه الفِراشُ.
والتَّنَطُّعُ في الكلام: التَّعَمُّقُ فيه مأْخوذ منه. وفي الحديث:
هَلَكَ المُتَنَطِّعُونَ؛ هم المُتَعَمِّقُونَ المُغالُونَ في الكلامِ الذين
يتَكلمون بأَقْصَى حُلُوقِهم تَكَبُّراً كما قال النبي، صلى الله عليه
وسلم: إِنَّ أَبْغَضَكُم إِليّ الثَّرْثارُونَ المُتَفَيْهِقُون، وكل منها
مذكور في موضعه؛ قال ابن الأَثير: هو مأْخوذ من النِّطَعِ وهو الغارُ
الأَعْلى في الفَمِ، قال: ثم استعمل في كل تَعَمُّقٍ قوْلاً وفِعْلاً. وفي
حديث عمر، رضي الله عنه: لن تَزالوا بخَيْرٍ ما عَجَّلْتُم الفِطْرَ ولم
تَنَطَّعُوا تَنَطُّعَ أَهْلِ العِراقِ أَي تتكلفوا القول والعمل، وقيل:
أَراد به ههنا الإِكثارَ من الأَكلِ والشرْبِ والتوسُّعَ فيه حتى يَصِلَ
إِلى الغارِ الأَعْلى، ويستحب للــصائم أَن يُعَجِّلَ الفِطْرَ بتَناوُلِ
القَليلِ من الفَطُورِ. ومنه حديث ابن مسعود: إِيّاكُم والتَّنَطُّعَ
والاخْتِلافَ فإِنما هو كقول أَحدكم هَلُمَّ وتعالَ؛ أَراد النهْيَ على
المُلاحاةِ في القِراءاتِ المختلفةِ وأَنّ مَرْجِعَها كُلِّها إِلى وجه واحد من
الصواب كما أَن هَلُمَّ بمعنى تعالَ. ابن الأَعرابي: النُّطُعُ
المُتَشَدِّقُون في كلامهم. وتَنَطَّعَ في الكلام وتَنَطَّسَ إِذا تأَنَّقَ فيه
وتَعَمَّقَ. وتَنَطَّعَ في شَهَواتِه: تأَنَّقَ.
ويقال: وطِئْنا نِطَاع بني فلان أَي دخَلْنا أَرْضَهم. قال: وجَنابُ
القومِ نِطاعُهم. قال الأَزهري: ونَطاعِ بوزن قَطامِ ماءٌ في بلادِ بني
تَمِيمٍ وقد ورَدْتُه. يقال: شَرِبَتْ إِبلُنا من ماءِ نَطاعِ، وهي رَكِيّةٌ
عَذْبةُ الماء غَزِيرَتُه. ويومُ نطاعِ: يومٌ من أَيامِ العرب؛ قال
الأَعشى:
بظُلْمِهِمْ بِنَطاعِ المَلْكَ ضاحِيةً،
فقد حَسَوْا بَعْدُ من أَنْفاسِها جُرَعا
نقع: نَقَعَ الماءُ في المَسِيلِ ونحوه يَنْفَعُ نُقُوعاً واسْتَنْقَعَ:
اجْتَمَعَ. واسْتَنْقَعَ الماءُ في الغَدِيرِ أَي اجتمع وثبت. ويقال:
استنقَعَ الماءُ إِذا اجتمع في نِهْيٍ أَو غيره، وكذلك نَقَعَ يَنْقَعُ
نُقُوعاً. ويقال: طالَ إِنْقاعُ الماءِ واسْتِنْقاعُه حى اصفرّ.
والمَنْقَعُ، بالفتح: المَوْضِعُ يَسْتَنْقِعُ فيه الماءُ، والجمع مَناقِعُ. وفي
حديث محمد بن كعب: إِذا اسْتَنْقَعَتْ نَفْسُ المؤمنِ جاءَه ملَكُ الموتِ
أَي إِذا اجْتَمَعَتْ في فِيهِ تريد الخروج كما يَسْتَنْقِعُ الماءُ في
قَرارِه، وأَراد بالنفْسِ الرُّوحَ؛ قال الأَزهري: ولهذا الحديث مَخْرَجٌ
آخَر وهو من قولهم نَقَعْتُه إِذا قتلته، وقيل: إِذا اسْتَنْقَعَتْ، يعني
إِذا خرجَت؛ قال شمر: ولا أَعرفها؛ قال ابن مقبل:
مُسْتَنْقِعانِ على فُضُولِ المِشْفَرِ
قال أَبو عمرو: يعني نابي الناقة أَنهما مُسْتَنْقِعانِ في اللُّغامِ،
وقال خالد بن جَنْبةَ: مُصَوِّتانِ.
والنَّقْعُ: مَحْبِسُ الماءِ. والنَّقْعُ: الماءُ الناقِعُ أَي
المُجْتَمِعُ. ونَقْعُ البئرِ: الماءُ المُجْتَمِعُ فيها قبل أَنْ يُسْتَقَى. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها، عن النبي،صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا
يُمْنَعُ نَقْعُ البئرِ ولا رَهْوُ الماءِ. وفي الحديث: لا يَقْعُدْ
أَحدُكم في طريقٍ أَو نَقْعِ ماءٍ، يعني عند الحَدَثِ وقضاءِ الحاجةِ.
والنَّقِيعُ: البئرُ الكثيرةُ الماءِ، مُذَكَّر والجمعُ أَنْقِعةٌ، وكلُّ
مُجْتَمَعِ ماءٍ نَقْعٌ، والجمع نُقْعانٌ، والنَّقْعُ: القاعُ منه، وقيل: هي
الأَرض الحُرَّةُ الطينِ ليس فيها ارْتفاع ولا انْهِباط، ومنهم من خَصَّصَ
وقال: التي يسْتَنْقِعُ فيها الماء، وقيل: هو ما ارتفع من الأَرض،
والجمع نِقاعٌ وأَنْقُعٌ مثل بَحْرٍ وبِحارٍ وأَبْحُرٍ، وقيل: النِّقاعُ
قِيعانُ الأَرض؛ وأَنشد:
يَسُوفُ بأَنْفَيْهِ النِّقاعَ كأَنَّه،
عن الرَّوْضِ من فَرْطِ النَّشاطِ، كَعِيمُ
وقال أَبو عبيد: نَقْعُ البئرِ فَضْلُ مائِها الذي يخرج منها أَو من
العين قبل أَن يصير في إِناء أَو وِعاء، قال: وفسره الحديث الآخر: من مَنَعَ
فَضْلَ الماءِ لِيَمْنَع به فَضْلَ الكَلإِ مَنَعَه الله فَضْلَه يومَ
القيامةِ؛ وأَصل هذا في البئر يحتفرها الرجل بالفَلاةِ من الأَرض يَسْقِي
بها مَواشِيَه، فإِذا سَقاها فليس له أَن يَمْنَعَ الماءَ الفاضِلَ عن
مَواشِيهِ مَواشِيَ غيره أَو شارباً يشرب بشَفَتِه، وإِنما قيل للماء
نَقْعٌ لأَنه يُنْقَعُ به العَطَشُ أَي يُرْوَى به. يقال: نَقَعَ بالرّيّ
وبَضَعَ. ونَقَعَ السّمُّ في أَنْيابِ الحيَّةِ: اجْتَمعَ، وأَنْقَعَتْه
الحيّةُ؛ قال:
أَبْعْدَ الذي قد لَجَّ تَتَّخِذِينَني
عَدُوًّا، وقد جَرَّعْتِني السّمَّ مُنْقَعا؟
وقيل: أَنْقَعَ السمَّ عَتَّقَه. ويقال: سمّ ناقِعٌ أَي بالِغٌ
قاتِلٌ،وقد نَقَعَه أَي قَتَلَه، وقيل: ثابت مُجْتَمِعٌ من نَقْعِ الماء. ويقال:
سمّ مَنْقُوعٌ ونَقِيعٌ وناقِعٌ؛ ومنه قول النابغة:
فَبِتُّ كأَنِّي ساوَرَتْني ضَئِيلةٌ
من الرُّقْشِ، في أَنْيابِها السُّمُّ ناقِعُ
وفي حديث بَدْرٍ: رأَيتُ البَلايا تَحْمِلُ المنايا، نَواضِحُ يَثْرِبَ
تَحْمِلُ السُّمَّ الناقِعَ. وموْتٌ ناقِعٌ أَي دائِمٌ. ودمٌ ناقِعٌ أَي
طَرِيٌّ؛ قال قَسّام بن رَواحةَ:
وما زالَ مِنْ قَتْلَى رِزاحٍ بعالِجٍ
دَمٌ ناقِعٌ، أَو جاسِدٌ غيرُ ماصِحِ
قال أَبو سعيد: يريد بالناقِعِ الطَّرِيَّ وبالجاسِدِ القَدِيمَ. وسَمٌّ
مُنْقَعٌ أَي مُرَبًّى؛ قال الشاعر:
فيها ذَراريحٌ وسَمٌّ مُنْقَعُ
يعني في كأْس الموت. واسْتَنْقَعَ في الماء: ثَبَتَ فيه يَبْتَرِدُ،
والموضع مُسْتَنْقَعٌ، وكان عط يَسْتَنْقِعُ في حِياضِ عَرَفةَ أَي يدخلُها
ويَتَبَرَّد بمائها. واسْتُنْقِعَ الشيء في الماء، على ما لم يُسَمَّ
فاعِلُه.
والنَّقِيعُ والنَّقِيعةُ: المَحْضُ من اللبن يُبَرَّدُ؛ قال ابن بري:
شاهده قول الشاعر:
أُطَوِّفُ، ما أُطَوِّفُ، ثم آوِي
إِلى أُمِّي، ويَكْفِيني النَّقِيعُ
وهو المُنْقَعُ أَيضاً؛ قال الشاعر يصف فرساً:
قانَى له في الصَّيْفِ ظِلٌّ بارِدٌ،
ونَصِيُّ ناعِجةٍ ومَحْضٌ مُنْقَعُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده ونصِيُّ باعِجةٍ، بالباء؛ قال أَبو هشام:
الباعِجةُ هي الوَعْساءُ ذاتُ الرِّمْثِ والحَمْضِ، وقيل: هي السَّهْلةُ
المُسْتَوِيةُ تُنْبِتُ الرِّمْثَ والبَقْلَ وأَطايِبَ العُشْبِ،وقيل: هي
مُتَّسَعُ الوادِي، وقانى له أَي دامَ له؛ قال الأَزهريّ: أَصلُه من
أَنْقَعْتُ اللبَنَ، فهو نَقِيعٌ، ولا يقال مُنْقَعٌ، ولا يقولون نَقَعْتُه،
قال: وهذا سَماعي من العرب، قال: ووجدْتُ للمُؤَرِّجِ حُرُوفاً في
الإِنقاعِ ما عُجْت بها ولا علِمْت راوِيها عنه. يقال: أَنْقَعْتُ الرجُلَ إِذا
ضَرَبْتَ أَنْفَه بإِصْبَعِكَ، وأَنْقَعْتُ الميِّتَ إِذا دَفَنْته،
وأَنْقَعْتُ البَيْتَ إِذا زَخْرَفْتَه، وأَنْقَعْتُ الجاريةَ إِذا
افْتَرَعْتَها، وأَنْقَعْتُ البيت إِذا جَعَلْتَ أَعلاه أَسفلَه، قال: وهذه حُروفٌ
مُنْكَرةٌ كلُّها لا أَعرِفُ منها شيئاً.
والنَّقُوعُ، بالفتح: ما يُنْقَعُ في الماء من الليل لِدواءٍ أَو
نَبِيذٍ ويُشْرَبُ نهاراً، وبالعكس. وفي حديث الكَرْمِ: تتخذونه زَبِيباً
تُنْقِعُونه أَي تَخْلِطونه بالماء ليصير شَراباً. وفي التهذيب: النَّقُوعُ ما
أَنْقَعْتَ من شيء. يقال: سَقَوْنا نَقُوعاً لِدواءٍ أُنْقِعَ من الليل،
وذلك الإِناء مِنْقَعٌ، بالكسر. ونَقَعَ الشيءَ في الماءِ وغيره
يَنْقَعُه نَقْعاً، فهو نَقِيعٌ، وأَنْقَعَه: نَبَذَه. وأَنْقَعْتُ الدّواءَ
وغيره في الماء، فهو مُنْقَعٌ. والنَّقِيعُ والنَّقُوعُ: شيء يُنْقَعُ فيه
الزَّبِيبُ وغيره ثم يُصَفَّى ماؤُه ويُشْرَبُ، والنُّقاعةُ: ما
أَنْقَعْتَ من ذلك. قال ابن بري: والنُّقاعةُ اسْمُ ما أُنْقِعَ فيه الشيءُ؛ قال
الشاعر:
به مِنْ نِضاخِ الشَّوْلِ رَدْعٌ، كأَنَّه
نُقاعةُ حِنّاءٍ بماءِ الصَّنَوْبَرِ
وكلُّ ما أُلقِيَ في ماءٍ، فقد أُنْقِعَ. والنَّقُوعُ والنَّقِيعُ:
شَرابٌ يتخذ من زبيب ينقع في الماء من غير طَبْخٍ، وقيل في السَّكَر: إِنه
نَقِيعُ الزَّبيبِ.
والنَّقْعُ: الرَّيُّ، شَرِبَ فما نَقَعَ ولا بَضَعَ. ومثَلٌ من
الأَمثالِ: حَتَّامَ تَكْرَعُ ولا تَنْقَعُ؟
ونَقَعَ من الماء وبه يَنْقَعُ نُقُوعاً: رَوِيَ؛ قال جرير:
لو شِئْتِ، قد نَقَعَ الفُؤادُ بشَرْبةٍ،
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجِدْنَ غَلِيلا
ويقال: شَرِبَ حتى نَقَعَ أَي شَفى غَلِيلَه ورَوِيَ. وماءٌ ناقِعٌ: وهو
كالناجِعِ؛ وما رأَيت سَرْبةً أَنْقَعَ منها. ونَقَعْتُ بالخبر
وبالشّرابِ إِذا اشْتَفَيْتَ منه. وما نَقَعْتُ بخبره أَي لم أَشْتَفِ به. ويقال:
ما نَقَعْتُ بخبَر فلان نُقوعاً أَي ما عُجْتُ بكلامِه ولم أُصَدِّقْه.
ويقال: نَقَعَتْ بذلك نفْسِي أَي اطْمَأَنَّتْ إِليه ورَوِيَتْ به.
وأَنْقَعَني الماءُ أَي أَرْواني. وأَنْقَعَني الرَّيُّ ونَقَعْتُ به ونَقَعَ
الماءُ العَطَشَ يَنْقَعُه نَقْعاً ونُقُوعاً: أَذْهَبَه وسَكَّنَه؛ قال
حَفْصٌ الأُمَوِيُّ:
أَكْرَعُ عند الوُرُودِ في سُدُمٍ
تَنْقَعُ من غُلَّتي، وأَجْزَأُها
وفي المثل: الرَّشْفُ أَنْقَعُ أَي الشَّرابُ الذي يُتَرَشَّفُ قَلِيلاً
قَليلاً أَقْطَعُ للعطَشِ وأَنْجَعُ، وإِن كان فيه بُطءٌ. ونَقَعَ
الماءُ غُلَّتَه أَي أَرْوى عَطَشَه. ومن أَمثال العرب: إِنه لَشَرَّابٌ
بأَنْقُعٍ. ووَرَدَ أَيضاً في حديثِ الحَجّاجِ: إِنَّكُم يا أَهلَ العِراقِ
شَرَّابُونَ عَلَيَّ بأَنْقُعٍ؛ قال ابن الأَثير: يُضْرَبُ للرجل الذي
جَرَّبَ الأُمُورَ ومارَسها، وقيل للذي يُعادُ الأُمور المَكْرُوهةَ، أَراد
أَنهم يَجْتَرئُونَ عليه ويَتَناكَرون. وقال ابن سيده: هو مثل يضرب
للإِنسان إِذا كان متعاداً لفعل الخير والشرِّ، وقيل: معناه أَنه قد جَرَّبَ
الأُمور ومارَسها حتى عرفها وخبرها، والأَصل فيه أَن الدليل من العرب إِذا
عرف المِياهَ في الفَلَواتِ ووَرَدَها وشرب منها، حَذَقَ سُلُوكَ الطريقِ
التي تُؤَدّيه إِلى البادية، وقيل: معناه أَنه مُعاوِدٌ للأُمور يأْتيها
حتى يبلغ أَقْصَى مُرادِه، وكأَنَّ أَنْقُعاً جمع نَقْعٍ؛ قال ابن
الأَثير: أَنْقُعٌ جمع قِلَّة، وهو الماءُ الناقِعُ أَو الأَرض التي يجتمع فيها
الماء، وأَصله أَنَّ الطائر الحَذِرَ لا يُرِدُ المَشارِعَ، ولكنه يأْتي
المَناقِعَ يشرب منها، كذلك الرجل الحَذِرُ لا يَتَقَحّمُ الأُمورَ؛ قال
ابن بري: حكى أَبو عبيد أَن هذا المثل لابن جريج قاله في مَعْمَرِ بن
راشد، وكان ابن جريج من أَفصح الناس، يقول ابن جريج: إِنه رَكِب في طلَبِ
الحديث كلَّ حَزْن وكتب من كل وجْهٍ، قال الأَزهريُّ: والأَنْقُعُ جمع
النَّقْعِ، وهو كلّ ماءٍ مُسْتَنْقِعٍ من عِدٍّ أَو غَدِيرٍ يَسْتَنْقِعُ
فيه الماء. ويقال: فلان مُنْقَعٌ أَي يُسْتَشْفى بِرأْيه، وأَصله من
نَقَعْتُ بالرّيّ.
والمِنْقَعُ والمِنْقَعةُ: إِناءٌ يُنْقَعُ فيه الشيء. ومِنْقَعُ
البُرَمِ: تَوْرٌ صغير أَو قُدَيْرةٌ صغيرة من حِجارة، وجمعه مَناقِعُ، تكون
للصبي يَطْرَحُون فيه التمْر واللبَنَ يُطْعَمُه ويُسْقاهُ؛ قال
طَرَفةُ:أَلْقَوْا إِلَيْكَ بكلّ أَرْمَلةٍ
شَعْثاءَ، تَحْمِلُ مِنْقَعَ البُرَمِ
البُرَمُ ههنا: جمع بُرْمةٍ، وقيل: هي المِنْقَعةُ والمِنْقَعُ؛ وقال
أَبو عبيد: لا تكون إِلا من حجارة.
والأُنْقُوعةُ: وَقْبَةُ الثريد التي فيها الوَدَكُ. وكل شيء سالَ إِليه
الماءُ من مَثْعَبٍ ونحوه، فهو أُنْقُوعةٌ. ونُقاعةُ كل شيء: الماءُ
الذي يُنْقَعُ فيه. والنَّقْعُ: دَواءٌ يُنْقَعُ ويُشْربُ.
والنَّقِيعةُ من الإِبل: العَبِيطةُ تُوَفَّر أَعْضاؤها فَتُنْقَعُ في
أَشياءَ. ونَقَعَ نَقِيعةً: عَمِلَها. والنَّقِيعةُ: ما نُحِرَ من
النَّهْبِ قبل أَن يُقْتَسَمَ؛ قال:
مِيلُ الذُّرى لُخِبَتْ عَرائِكُها،
لَحْبَ الشِّفارِ نَقِيعةَ النَّهْبِ
صلى الله عليه وسلم
وانْتَقَعَ القومُ نَقيعةً أَي ذَبَحوا من الغنيةِ شيئاً قبل القَسْمِ.
ويقال: جاؤُوا بناقةٍ من نَهْبٍ فنحروها. والنَّقِيعةُ: طعام يُصْنَعُ
للقادِم من السفَر، وفي التهذيب: النقيعة ما صنَعَه الرجُل عند قدومه من
السفر. يقال: أَنْقَعْتُ إِنْقاعاً؛ قال مُهَلْهِلٌ:
إِنَّا لَنَضْرِبُ بالصَّوارِمِ هامَهُمْ،
ضَرْبَ القُدارِ نَقِيعةَ القُدَّامِ
ويروى:
إِنَّا لَنَضْرِبُ بالسُّيوفِ رُؤوسَهم
القُدَّامُ: القادِمُون من سفَر جمع قادِمٍ، وقيل: القُدَّامُ المَلِكُ،
وروي القَدَّامُ، بفتح القاف، وهو المَلِكُ. والقُدارُ: الجَزَّارُ.
والنَّقِيعةُ: طَعامُ الرجلِ ليلةَ إِمْلاكِه. يقال: دَعَوْنا إِلى
نَقِيعَتهم، وقد نَقَعَ يَنْقَعُ نُقُوعاً وأَنْقَعَ. ويقال: كل جَزُورٍ جَزَرتَها
للضِّيافةِ، فهي نَقِيعةٌ. يقال: نَقَعْتُ النَّقِيعةَ وأَنْقَعْتُ
وانْتَقَعْتُ أَي نَحَرْتُ؛ وأَنشد ابن بري في هذا المكان:
كلُّ الطَّعامِ تَشْتَهي رَبِيعهْ:
الخُرْسُ والإِعْذارُ والنَّقِيعهْ
وربما نَقَعُوا عن عدّةٍ من الإِبل إِذا بَلَغَتْها جَزُوراً أَي نحروه،
فتلك النَّقِيعةُ؛ وأَنشد:
مَيْمونةُ الطَّيْر لم تَنْعِقْ أَشائِمُها،
دائِمَةُ القِدْرِ بالأَفْراعِ والنُّقُعِ
وإِذا زُوِّجَ الرجلُ فأَطْعَمَ عَيْبَتَه قيل: نَقَعَ لهم أَي نَحَرَ.
وفي كلام العرب: إِذا لقي الرجلُ منهم قوماً يقول: مِيلُوا يُنْقَعْ لكم
أَي يُجْزَرْ لكم، كأَنه يَدْعُوهم إِلى دَعْوَتِه. ويقال: الناسُ
نَقائِعُ الموْتِ أَي يَجْزُرُهم كما يَجْزُرُ الجَزَّارُ النَّقِيعةَ.
والنقْعُ: الغُبارُ الساطِعُ. وفي التنزيل: فأَثَرْنَ به نَقْعاً؛ أَي غباراً،
والجمع نِقاعٌ. ونَقَعَ الموتُ: كَثُرَ. والنَّقِيعُ: الصُّراخُ.
والنَّقْعُ: رَفْعُ الصوتِ. ونَقَعَ الصوتُ واسْتَنْقَعَ أَي ارْتَفَع؛ قال لبيد:
فَمَتى يَنْقَعْ صُراخٌ صادِقٌ،
يُحْلِبُوها ذاتَ جََرْسٍ وزَجَلْ
متى يَنْقَعْ صُراخٌ أَي متى يَرْتَفِعْ، وقيل: يَدُومُ ويثبت، والهاء
للحرْب وإِن لم يذكره لأَن في الكلام دليلاً عليه، ويروى يَحْلِبُوها متى
ما سَمِعُوا صارِخاً؛ أَحْلَبُوا الحرْبَ أَي جمعوا لها. ونَقَعَ
الصارِخُ بصوته يَنْقَعُ نُقُوعاً وأَنْقَعَه، كلاهما: تابَعَه وأَدامَه؛ ومنه
قول عمر، رضي الله عنه: إِنه قال في نساءٍ اجْتَمَعْنَ يَبْكِينَ على
خالد بن الوليد: وما على نساء بني المغيرة أَنْ يُهْرِقْنَ، وفي التهذيب:
يَسْفِكْنَ من دُموعِهِنَّ على أَبي سُلَيْمانَ ما لم يكن نَقْعٌ ولا
لَقْلَقةٌ، يعني رَفْعَ الصوتِ، وقيل: يعين بالنقْعِ أَصواتَ الخُدودِ إِذا
ضُرِبَتْ، وقيل: هو وضعهن على رؤُوسهن النَّقْعَ،وهو الغبارُ، قال ابن
الأَثير: وهذا أَولى لأَنه قَرَنَ به اللَّقْلَقَةَ، وهي الصوت، فحَمْلُ
اللفظين على معنيين أَوْلى من حملهما عى معنى واحد، وقيل: النَّقْعُ ههنا
شَقُّ الجُيُوبِ؛ قال ابن الأَعرابي: وجدت بيتاً للمرار فيه:
نَقَعْنَ جُيُوبَهُنَّ عليَّ حَيًّا،
وأَعْدَدْنَ المَراثيَ والعَوِيلا
والنَّقَّاعُ: المُتَكَثِّرُ بما ليس عنده من مدْحِ نفْسِه بالشَّجاعة
والسَّخاءِ وما أَشبهه.
ونَقَعَ له الشَّرَّ: أَدامَه. وحكى أَبو عبيد: أَنْقَعْتُ له شَرًّا،
وهو اسْتِعارةٌ. ويقال: نَقَعَه بالشتم إِذا شتمه شتماً قبيحاً.
والنَّقائِعُ: خَبارَى في بِلادِ تميم، والخَبارَى: جمع خَبْراءَ، وهي
قاعٌ مُسْتَدِيرٌ يَجْتَمِعُ فيه الماءُ.
وانْتُقِعَ لونُه: تَغَيَّرَ من هَمٍّ أَو فزَعٍ، وهو مُنْتَقَعٌ،
والميم أَعرف، وزعم يعقوب أَن ميم امْتُقِعَ بدل من نونها. وفي حديث المبعث:
أَنه أَتَى النبي، صلى الله عليه وسلم، ملكانِ فأَضْجَعاه وشَقَّا بَطنَه
فرجعَ وقد انْتُقِعَ لونُه؛ قال النضر: يقال ذلك إِذا ذَهَبَ دَمُه
وتغيرت جلدة وجهه إِما من خوْفٍ وإِما من مَرَضٍ.
والنَّقُوعُ: ضَرْبٌ من الطِّيب. الأَصمعي: يقال صَبَغَ فلان ثوبَه
بنَقُوعٍ، وهو صِبْغٌ يجعل فيه من أَفْواه الطِّيبِ.
وفي الحديث: أَنَّ عُمَرَ حَمَى غَرَزَ النَّقِيعِ؛ قال ابن الأَثير: هو
موضع حمَاه لِنَعَمِ الفيءِ وخَيْلِ المجاهدين فلا يَرْعاه غيرها، وهو
موضع قريب من المدينة كان يَسْتَنْقِعُ فيه الماء أَي يجتمع؛ قال: ومنه
الحديث أَول جُمُعةٍ جُمِّعَتْ في الإِسلام بالمدينة في نَقِيعِ
الخَضِماتِ؛ قال: هو موضع بنواحي المدينة.
نوم: النّوْم: معروف. ابن سيده: النَّوْمُ النُّعاسُ. نامَ يَنامُ
نَوْماً ونِياماً؛ عن سيبويه، والاسمُ النِّيمةُ، وهو نائمٌ إذا رَقَدَ. وفي
الحديث: أَنه قال فيما يَحْكي عن ربِّه أَنْزَلْتُ عليكَ كتاباً لا
يَغْسِلُه الماءُ تَقْرَؤُه نائماً ويَقْظانَ أي تَقرؤه حِفْظاً في كل حال عن
قلبك أي في حالتي النوم واليقظة؛ أراد أنه لا يُمْحى أَبداً بل هو محفوظ
في صدور الذين أُوتوا العِلْمَ، لا يأَْتِيه الباطلُ من بين يديه، ولا من
خَلْفِه، وكانت الكتُبُ المنزلة لا تُجْمَع حِفْظاً، وإنما يُعْتَمَد في
حِفْظِها على الصُّحُف، بخِلافِ القرآن فإنَّ حُفّاظَه أَضْعافُ صُحُفِه،
وقيل: أَراد تقرؤه في يُسْرٍ وسُهولة. وفي حديث عِمْرانَ بن حُصَيْن:
صَلِّ قائماً، فإن لم تَسْتَطِعْ فقاعِداً، فإن لم تَسْتَطِعْ فنائماً؛
أَراد به الاضْطِجاعَ، ويدل عليه الحديث الآُخر: فإن لم تستطع فعلى جَنْبٍ،
وقيل: نائماً تصحيف، وإنماً أَراد فإيماءً أَي بالإشارة كالصلاة عند
التحام القتال وعلى ظهر الدابة. وفي حديثه الآخر: من صلى نائماً فله نِصْفُ
أَجْرِ القاعد؛ قال ابن الأَثير: قال الخطابي لا أَعلم أَني سمعت صلاةَ
النائم إلا في هذا الحديث، قال: ولا أَحفظ عن أحدٍ من أَهل العلم أَنه
رَخَّصَ في صلاةِ التطوع نائماً كما رَخَّص فيها قاعداً، قال: فإن صحت هذه
الرواية ولم يكن أَحد الرُّواةِ أَدْرَجَه في الحديث وقاسَه على صلاةِ
القاعِد وصلاةِ المريضِ إذا لم يَقْدِرْ على القُعودِ، فتكون صلاةُ المتطوِّع
القادرِ نائماً جائزةً، والله أَعلم، هكذا قال في مَعالم السُّنن، قال:
وعاد قال في أَعلام السُّنَّة: كنتُ تأَوْلت الحديثَ في كتاب المَعالم
على أن المراد به صلاةُ التطوع، إلا أن قوله نائماً يُفْسِد هذا التأْويل
لأن المُضطجع لا يصَلي التطوُّعَ كما يصلي القاعدُ، قال: فرأَيت الآنَ أن
المراد به المريضُ المُفْتَرِضُ الذي يمكنه أن يَتحامَلَ فيقعُد مع
مَشَقَّة، فجعَل أَجْرَه ضِعْفَ أَجْرهِ إذا صلَّى نائماً ترغيباً له في
القعود مع جواز صلاته نائماً، وكذلك جعل صلاتَه إذا تحامَل وقامَ مع مشقةٍ
ضِعْفَ صلاتِه إذا صلى قاعداً مع الجواز؛ وقوله:
تاللهِ ما زيدٌ بنام صاحبُه،
ولا مُخالِطِ اللِّيانِ جانِبُهْ
قيل: إن نامَ صاحبُه علمٌ اسم رجل، وإذا كان كذلك جَرى مَجْرى بَني شابَ
قَرناها؛ فإن قلت: فإن قوله:
ولا مخالط الليان جانبه
ليس علماً وإنما هو صفة وهو معطوف على نامَ صاحبهُ، فيجب أَن يكون قوله
نامَ صاحبُه صفةً أَيضاً؛ قيل: قد تكون في الجُمَل إذا سُمِّيَ بها معاني
الأَفعال؛ ألا ترى أن قوله:
شابَ قَرْناها تُصَرُّ وتُحْلَبُ
هو اسم عَلم وفيه مع ذلك معنى الذمّ؟ وإذا كان ذلك جاز أن يكون قوله:
ولا مُخالِطِ اللِّيانِ جانِبهُ
معطوفاً على ما في قوله نام صاحبه من معنى الفعل. وما له نِيمةُ ليلةٍ؛
عن اللحياني، قال ابن سيده: أُراه يعني ما يُنام عليه ليلةً واحدة. ورجلٌ
نائمٌ ونَؤُومٌ ونُوَمةٌ ونُوَمٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه، من قومٍ نِيامً
ونُوَّمٍ، على الأَصل، ونُيَّمٍ، على اللفظ، قلبوا الواو ياءً لقربها من
الطرَف، ونِيَّم، عن سيبويه، كسروا لِمكان الياء، ونُوَّامٍ ونُيَّامٍ،
الأَخيرة نادرة لبعدها من الطرف؛ قال:
ألا طَرَقَتْنا مَيَّةُ ابنَةُ مُنْذِرٍ،
فما أَرَّقَ النُّيَّامَ إلا سَلامُها
قال ابن سيده: كذا سمع من أبي الغمر. ونَوْم: اسم للجمع عند سيبويه،
وجمعٌ عند غيره، وقد يكون النَّوْم للواحد. وفي حديث عبد الله بن جعفر: قال
للحسين ورأَى ناقته قائمةً على زِمامِها بالعَرْج وكان مريضاً: أَيها
النوْمُ أَيها النوْمُ فظن أَنه نائم فإذا هو مُثْبَتٌ وَجعاً، أَراد أيها
النائم فوضَع المصدرَ موضعَه، كما يقال رجل صَوْمٌ أي صائم. التهذيب: رجل
نَوْمٌ وقومٌ نَوْمٌ وامرأَة نَوْمٌ ورجل نَوْمانُ كثيرُ النوْم.
ورجل نُوَمَةٌ، بالتحريك: يَنامُ كثيراً. ورجل نُوَمةٌ إذا كان خامِلَ
الذِّكْر. وفي الحديث حديث عليّ، كرَّم الله وجهه: أَنه ذكر آخرَ الزمان
والفِتَنَ ثم قال: إنما يَنْجو من شرّ ذلك الزمان كلُّ مؤمنٍ نُوَمَةٍ
أُولئك مصابيحُ العُلماء؛ قال أَبو عبيد: النُّوَمة، بوزن الهُمَزة، الخاملُ
الذِّكْرِ الغامض في الناس الذي لا يَعْرِفُ الشَّرَّ ولا أَهلَه ولا
يُؤْبَهُ له. وعن ابن عباس أَنه قال لعليّ: ما النُّوَمَةُ؟ فقال: الذي
يَسْكُت في الفتنة فلا يَبْدوا منه شيء، وقال ابن المبارَك: هو الغافلُ عن
الشرِّ، وقيل: هو العاجزُ عن الأُمور، وقيل: هو الخامِلُ الذِّكر الغامِضُ
في الناس. ويقال للذي لا يُؤْبَهُ له نُومةٌ، بالتسكين. وقوله في حديث
سلمة: فنَوَّموا، هو مبالغة في نامُوا. وامرأَة نائمةٌ من نِسْوة نُوَّمٍ،
عند سيبويه؛ قال ابن سيده: وأَكثرُ هذا الجمع في فاعِلٍ دون فاعلةٍ.
وامرأَة نَؤُومُ الضُّحى: نائمتُها، قال: وإنما حقيقتُه نائمةٌ بالضُّحى أو
في الضحى. واسْتَنام وتَناوَم: طلب النَّوْم. واسْتنامَ الرجلُ: بمعنى
تَناوَم شهوة للنوم؛ وأَنشد للعجاج:
إذا اسْتنامَ راعَه النَّجِيُّ
واسْتنامَ أَيضاً إذا سَكَن. ويقال: أَخذه نُوامٌ، وهو مثلُ السُّبات
يكون من داءٍ به. ونامَ الرجلُ إذا تواضَع لله. وإنه لَحَسنُ النِّيمةِ أي
النَّوْم. والمَنامُ والمَنامةُ: موضع النوم؛ الأَخيرة عن اللحياني. وفي
التنزيل العزيز: إذ يُرِيكَهم الله في مَنامِك قليلاً؛ وقيل: هو هنا
العَينُ لأَن النَّوْم هنالك يكون، وقال الليث: أي في عينِك؛ وقال الزجاج:
روي عن الحسن أَن معناها في عينك التي تَنامُ بها، قال: وكثير من أهل النحو
ذهبوا إلى هذا، ومعناه عندهم إذْ يُرِيكَهم اللهُ في موضع منامك أي في
عينِك، ثم حذف الموضعَ وأَقام المَنامَ مُقامَه، قال: وهذا مذهبٌ حسن،
ولكن قد جاء في التفسير أن النبي، صلى الله عليه وسلم، رآهم في النوم قليلاً
وقَصَّ الرُّؤْيا على أِصحابه فقالوا صَدَقتْ رؤْياك يا رسول الله، قال:
وهذا المذهبُ أَسْوَغ في العربية لأَنه قد جاء: وإِذ يُريكُموهم إِذ
الْتَقَيْتم في أَعْيُنِكم قليلاً ويُقَلِّلُكم في أَعْيُنِهم؛ فدل بها
أَنَّ هذه رؤْية الالتقاء وأَن تلك رؤْية النَّوْم. الجوهري: تقول نِمْت،
وأََصله نَوِمْت بكسر الواو، فلما سكنت سقطت لاجتماع الساكنين ونُقِلتْ
حركتُها إِلى ما قبلها، وكان حقُّ النون أَن تُضَمَّ لتَدُلَّ على الواو
الساقطة كما ضَمَمْت القاف في قلت، إِلا أَنهم كسروها فَرْقاً بين المضموم
والمفتوح؛ قال ابن بري: قوله وكانَ حَقُّ النون أَن تُضَمَّ لتدلَّ على
الواو الساقطة وهَمٌ، لأَن المُراعى إِنما هو حركة الواو التي هي الكسرةُ
دون الواو بمنزلة خِفْت، وأَصله خَوِفْت فنُقِلت حركة الواو، وهي الكسرة،
إِلى الخاء، وحُذفت الواو لالتقاء الساكنين، فأَما قُلت فإِنما ضُمَّت
القاف أَيضاً لحركة الواو، وهي الضمة، وكان الأَصل فيها قَوَلْت، نُقِلتْ
إِلى قوُلت، ثم نقِلت الضمة إلى القاف وحُذِفَت الواو لالتقاء الساكنين،
قال الجوهري: وأَما كِلْتُ فإِنما كسروها لتدل على الياء الساقطة، قال ابن
بري: وهذا وَهَمٌ أَىضاً وإِنما كسروها للكسرة التي على الياء أَيضاً، لا
للياء، وأَصلها كَيِلْت مُغَيَّرة عن كَيَلْتُ، وذلك عند اتصال الضمير
بها أَعني التاء، على ما بُيِّن في التصريف، وقال: ولا يصح أَن يكون كالَ
فَعِل لقولهم في المضارع يَكيلُ، وفَعِلَ يَفْعِلُ إِنما جاء في أَفعال
معدودة، قال الجوهري: وأَما على مذهب الكسائي فالقياسُ مستمرٌّ لأَنه
يقول: أَصلُ قال قَوُلَ، بضم الواو. قال ابن بري: لم يذهب الكسائي ولا غيرهُ
إِلى أَنَّ أَصلَ قال قَوُل، لأَن قال مُتَعدٍّ وفَعُل لا يَتعدَّى واسم
الفاعل منه قائلٌ، ولو كان فَعُل لوجب أَن يكون اسم الفاعل منه فَعيل،
وإِنما ذلك إِذا اتصلت بياء المتكلم أَو المخاطب نحو قُلْت، على ما تقدم،
وكذلك كِلْت؛ قال الجوهري: وأَصل كالَ كَيِلَ، بكسر الياء، والأَمر منه
نَمْ، بفتح النون، بِناءً على المستقبل لأَن الواو المنقلبة أَلفاً سقطت
لاجتماع الساكنين.
وأَخَذه نُوامٌ، بالضم، إِذا جعَل النَّوْمُ يَعْترِيه. وتَناوَمَ: أَرى
من نفْسه أَنه نائمٌ وليس به، وقد يكون النَّوْم يُعْنى به المَنامُ.
الأَزهري: المَنامُ مصدر نامَ
يَنامُ نَوْماً ومَناماً، وأَنَمْتُه ونَوَّمْتُه بمعنىً، وقد أَنامَه
ونَوَّمه. ويقال في النداء خاصة: يا نَوْمانُ أَي يا كثير النَّوْم، قال:
ولا فَقُل رجل نَوْمانُ لأَنه يختص بالنداء. وفي حديث حنيفة وغزوة
الخَنْدق: فلما أَصْبَحتْ قالت: قُمْ يا نَوْمانُ؛ هو الكثير النَّوْم، قال:
وأَكثر ما يستعمل في النداء. قال ابن جني: وفي المثَل أَصْبِحْ نَوْمانُ،
فأَصْبحْ على هذا من قولك أَصبَح الرجلُ إِذا دخل في الصُّبح، ورواية
سيبويه أَصْبِحْ ليْلُ لِتَزُلْ حتى يُعاقِبَك الإِصباح؛ قال الأَعشى:
يقولون: أَصْبِحْ ليْلُ، والليلُ عاتِم
وربما قالوا: يا نَوْمُ، يُسَمُّون بالمصدر. وأَصابَ الثَّأْرَ
المُنِيم أَي الثأْر الذي فيه وَفاءُ طِلْبتِه. وفلان لا يَنامُ ولا
يُنيمُ أَي لا يَدَعُ أَحداً يَنام؛ قالت الخنساء:
كما مِنْ هاشمٍ أَقرَرْت عَيْني،
وكانَتْ لا تَنامُ ولا تُنِيمُ
وقوله:
تَبُكُّ الحَوْضَ عَلاَّها ونَهْلا،
وخَلْفَ ذِيادِها عَطَنٌ مُنيمُ
معناه تسكُن إِليها فتُنيمُها. وناوَمَني فنُمْتُه أَي كنتُ أَشدَّ
نَوْماً منه. ونُمْتُ الرجلَ، بالضم، إِذا غَلَبْتَه بالنَّوْم، لأَنك تقول
ناوَمَه فنامَه يَنُومُه. ونامَ الخَلخالُ إِذا انقَطعَ صوتُه من امتلاء
الساق، تشبيهاً بالنائم من الإِنسان وغيره، كما يقال اسْتَيْقَظَ إِذا
صَوَّت؛ قال طُرَيح:
نامَتْ خَلاخِلُها وجالَ وشاحُها،
وجَرى الإِزارُ على كثِيبٍ أَهْيَلِ
فاسْتَيْقَظَتْ منها قَلائدُها التي
عُقِدَت على جِيدِ الغَزالِ الأَكْحَلِ
وقولهم: نامَ
هَمُّه، معناه لم يكن له هَمٌّ؛ حكاه ثعلب. ورجل نُوَمٌ ونُوَمةٌ
ونَوِيمٌ: مُغفَّل، ونُومةٌ: خاملٌ، وكله من النَّوْم، كأَنه نائمٌ لغَفْلَتِه
وخُموله. الجوهري: رجل نُومة، بالضم ساكنة الواو، أَي لا يُؤْبَه له.
ورجل نُوَمةٌ، بفتح الواو: نَؤُوم، وهو الكثير النَّوْم، إِنه لَحَسنُ
النِّيمة، بالكسر. وفي حديث بِلالٍ والأَذان: أَلا إِن العبدَ
نام؛ قال ابن الأَثير: أَراد بالنَّوْمِ الغفلةَ عن وقت الأَذانِ، قال:
يقال نامَ فلانٌ عن حاجتي إِذا غفَل عنها ولم يَقُمْ بها، وقيل: معناه
أَنه قد عادَ لِنَوْمِه إِذا كان عليه بَعْدُ وقتٌ من الليل، فأَراد أَن
يُعْلِمَ الناس بذلك لئلا يَنْزَعِجوا من نَوْمِهم بسماعِ أَذانهِ. وكلُّ
شيءٍ سكَنَ فقد نامَ. وما نامَت السماءُ اللَّيلةِ مطراً، وهو مثل بذلك،
وكذلك البَرْق؛ قال ساعدة بن جُؤَيّة:
حتى شآها كَلِيلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ
باتَ اضْطِراباً، وباتَ اللَّيْلُ لم يَنَم
ومُسْتَنامُ
الماء: حيث يَنْقَع ثم يَنشَفُ؛ هكذا قال أَبو حنيفة يَنْقَع، والمعروف
يَسْتَنْقِع، كأَنَّ الماءَ يَنامُ هنالك. ونامَ الماءُ
إِذا دامع وقامَ، ومَنامُه حيث يَقُوم. والمَنامةُ: ثوبٌ يُنامُ فيه،
وهو القَطيفةُ؛ قال الكميت:
عليه المَنامةُ ذاتُ الفُضول،
من القِهْزِ، والقَرْطَفُ المُخْْمَلُ
وقال آخر:
لكلِّ مَنامةٍ هُدْبٌ أَصِيرُ
أَي متقارِب. وليلٌ نائمٌ أَي يُنامُ فيه، كقولهم يومٌ عاصفٌ وهمٌّ
ناصبٌ، وهو فاعلٌ بمعنى مفعول فيه. والمَنامةُ: القَطِيفةُ، وهي النِّيمُ؛
وقول تأَبَّط شَرّاً:
نِياف القُرطِ غَرَّاء الثَّنايا،
تَعَرَّضُ للشَّبابِ ونِعمَ نِيمُ
قيل: عَنى بالنِّيمِ القَطِيفةَ، وقيل: عنى به الضجيع؛ قال ابن سيده:
وحكى المفسر أَن العرب تقول هو نِيمُ
المرأَةِ وهي نِيمُهُ. والمَنامةُ: الدُّكّانُ. وفي حديث عليّ، كرّم
الله وجهه: دخل عليّ رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم، وأَنا على المَنَامةِ؛ قال يحتمل أَن يكون
الدُّكّانَ وأَن يكون القطيفةَ؛ حكاه الهرويّ في الغريبين. وقال ابن
الأَثير: المَنامةُ ههنا الدُّكَّانُ التي يُنامُ
عليها، وفي غير هذا هي القطيفة، والميم الأُولى زائدة. ونامَ الثوبُ
والفَرْوُ
يَنامُ نَوْماً: أَخْلَقَ وانْقَطَعَ. ونامَت السُّوقُ وحَمُقت: كسَدَت.
ونامَت الريحُ: سكَنَت، كما قالوا: ماتَتْ. ونامَ البحرُ: هدَأَ؛ حكاه
الفارسي. ونامَت النارُ: هَمَدَت، كلُّه من النَّوْم الذي هو ضدُّ
اليَقظة. ونامَت الشاةُ وغيرُها من الحيوان إِذا ماتَتْ. وفي حديث عليّ أَنه
حَثَّ على قِتال الخوارج فقال: إِذا رأَيتُموهم فأَنِيمُهوهم أَي اقْتُلوهم.
وفي حديث غزوة الفتح: فما أَشْرَفَ لهم يومئذ أَحدٌ إِلا أَناموه أَي
قَتلوه. يقال: نامَت الشاةُ وغيرُها إِذا ماتت. والنائمةُ: المَيِّتَةُ.
والناميةُ: الجُثّةُ. واسْتَنامَ إِلى الشيء: اسْتَأْنَسَ به. واستَنامَ
فلانٌ إِلى فلان إِذا أَنِسَ به واطمأَنَّ إِليه وسكَن، فهو مُسْتَنِيمٌ
إِليه. ابن بري: واستْنامَ بمعنى نامَ؛ قال حُميد بن ثَوْر:
فقامَتْ بأَثْناءٍ من اللَّيْلِ ساعةً
سَراها الدَّواهي، واسْتَنامَ الخَرائدُ
أَي نام الخرائد.
والنامَةُ: قاعةُ الفَرْج.
والنِّيمُ: الفَرْوُ، وقيل: الفَرْوُ القصيرُ إِلى الصَّدْر، وقيل له
نِيمٌ أَي نِصفُ فَرْوٍ، بالفارسية؛ قال رؤبة:
وقد أَرى ذاك فلَنْ يَدُوما،
يُكْسَيْنَ من لِينِ الشَّبابِ نِيما
وفُسِّر أَنه الفَرْوُ، ونَسبَ ابن برّي هذا الرجزَ لأَبي النَّجْم،
وقيل: النِّيم فَرْوٌ يُسَوَّى من جُلود الأَرانِب، وهو غالي الثمن؛ وفي
الصحاح: النِّيم الفَرْوُ الخَلَقُ. والنِّيم: كلُّ لَيِّنٍ من ثوبٍ أَو
عَيْشٍ. والنِّيم: الدَّرَجُ الذي في الرمال إِذا جَرَت عليه الريح؛ قال ذو
الرمة:
حتى انْجَلى الليلُ عنَّا في مُلَمَّعة
مِثْلِ الأَديمِ، لها من هَبْوَةٍ نِيمُ
(* قوله «حتى انجلى إلخ» كذا في الصحاح، وفي التكملة ما نصه:
يجلي بها الليل عنا في ملمعةٍ
ويروى: يجلو بها الليل عنها).
قال ابن بري: من فتح الميم أَراد يَلْمَع فيها السَّرابُ، ومَنْ كسَر
أَراد تَلْمَعُ بالسراب، قال: وفُسِّر النِّيمُ
في هذا البيت بالفَرْوِ؛ وأَنشد ابن بري للمرّار ابن سعيد:
في لَيْلةٍ من ليالي القُرِّ شاتِية،
لا يُدْفِئُ الشيخَ من صُرّداها النِّيمُ
وأَنشد لعمرو بن الأيْهَم
(* قوله «ابن الايهم» في التكملة في مادة هيم:
ما نصه: وأعشى بني تغلب اسمه عمرو بن الاهيم):
نَعِّماني بشَرْبةٍ من طِلاءٍ،
نِعْمَت النِّيمُ من شَبا الزَّمْهَريرِ
قال ابن بري: ويروى هذا البيت أَيضاً:
كأَنَّ فِداءَها، إِذ جَرَّدوه
وطافوا حَوْلَه، سُلَكٌ ينِيمُ
قال: وذكره ابن وَلاَّدٍ في المقصور في باب الفاء: سُلَكَ يَتيمُ.
والنِّيمُ: النِّعْمةُ التامّةُ. والنِّيم: ضربٌ من العِضاهِ. والنِّيمُ
والكتَمُ: شجرتان من العِضاه. والنِّيمُ: شجر تُعْمَل منه القِداحُ. قال أَبو
حنيفة: النِّيمُ شجرٌ له شوك ليِّنٌ وورَقٌ صِغارٌ، وله حبٌّ كثير متفرق
أَمثال الحِمَّص حامِضٌ، فإِذا أَيْنَع اسْوَدَّ وحَلا، وهو يؤكل،
ومَنابِتُه الجبالُِ؛ قال ساعدة بن جُؤيّة الهذلي ووَصَف وَعِلاً في
شاهق:ثم يَنُوش إِذا آدَ النهارُ له،
بعدَ التَّرَقُّبِ من نِيمٍ ومن كَتَم
وقال بعضهم: نامَ إِليه بمعنى هو مُستْنيِم إِليه. ويقال: فلانٌ نِىمِي
إِذا كنات تأْنَسُ به وتسْكُن إِليه؛ وروى ثعلب أَن ابن الأَعرابي
أَنشده:فقلتُ: تَعَلَّمْ أَنَّني غيرُ نائِم
إِلى مُستَقِلٍّ بالخِيانةِ أَنْيَبا
قال: غير نائم أَي غيرُ
واثقٍ به، والأَنْيبُ: الغليظُ الناب، يخاطب ذئباً. والنِّيمُ،
بالفارسية: نِصْفُ الشيء، ومنه قولُهم للقُبَّة الصغيرة: نِيمُ
خائجة أَي نصفُ بَيْضةٍ، والبيضة عندهم خاياه، فأُعربت فقيل خائجة.
ونَوَّمان: نَبْتٌ؛ عن السيرافي، وهذه التراجِمُ كلّها أَعني نوم ونيم ذكرها
ابن سيده في ترجمة نوم، قال: وإِِنما قضينا على ياء النِّيم في وجوهها
كلها بالواو لوجود «ن و م» وعدم «ن ي م»، وقد ترجم الجوهري نيم، وترجمها
أَيضاً ابن بري.