Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=75567#0614c6
(المــشفر) شفة الْبَعِير الغليظة
شفرج: التهذيب في الرباعي: ابن الأَعرابي: الشُّفارِجُ طِرِّيانٌ
رَحْرَحانيّ، وهو الطَّبَق فيه الفَيْخات والسُّكُرُّجات. الشُّفارِج مثل
العُلابط، فارسي معرب، وهو الذي تسميه الناس بِيشْبارِج.
خنــشفر: الخَنْشَفِيرُ: الداهية.
رفش: رفَشَه رَفْشاً: أَكَله أَكلاً شديداً؛ قال رؤبة:
دقًّا كدَقِّ الوَضَمِ المَرْفُوشِ،
أَو كاحْتلاق النُّورةِ الجَمُوشِ
ومنه وقع فلان في الرَّفْش والقَفْش؛ الرَّفْشُ: الأَكلُ والشربُ في
النِّعْمة والأَمْن، والقَفْش: النكاح. ويقال: أَرْفَشَ فلان إِذا وقع في
الأَهْيغَين: الأَكلِ والنكاح. والرَّفْش: الدَّقّ والهَرْسُ. يقال للذي
يُجِيد أَكلَ الطعام: إِنه ليَرْفُش الطعامَ رَفْشاً ويَهْرُشُه
هَرْشاً.ورَفَّشَ فلان لِحْيتَه تَرْفِيشاً إِذا سرّحَها فكأَنها رَفْشٌ، وهو
المجْرفُ. ويقال للذي يُهِيلُ بمِجْرَفِه الطعامَ إِلى يَدِ الكيّال:
رفّاشٌ. ورفَش البُرَّ يَرْفُشُه رفْشاً: جَرَفه. والرَّفْشُ والرُّفْشُ
والمِرْفَشةُ: ما رُفِشَ به. ويقال للمِجْرَف: الرَّفْش. ومِجْراف السفينة
يقال له: الرَّفْش. الليث: الرَّفْش والرُّفْش لغتان سواديّة، وهي المِجْرفة
يُرْفَش بها البُرُّ رَفْشاً، قال: وبعضهم يُسَمّيها المِرْفَشةَ. ورجل
أَرْفَشُ الأُذنين: عَريضُهما على التشبيه بالمِرْفَشة. وفي حديث سلمان
الفارسي: أَنه كان أَرْفَشَ الأُذنين أَي عريضَهما. قال شمر: الأَرْفَش
العريض الأُذن من الناس وغيرهم، وقد رَفِشَ يرْفَشُ رفَشاً، شبّه بالرفْش
وهي المِجْرفة من الخشب التي يُجرف بها الطعامُ. ويقال للرجل يَشْرُف بعد
خُموله أَو يَعزُّ بعد الذلّ: من الرَّفْشِ إِلى العرشِ أَي قعدَ على
العرش بعد ضرْبه بالرَّفْش كنّاساً أَو ملاَّحاً. وفي التهذيب: أَي جلس على
سرير المُلْك بعدما كان يعمل بالرَّفْشِ، قال: وهذا من أَمثال العراق.
شرف: الشَّرَفُ: الحَسَبُ بالآباء، شَرُفَ يَشْرُفُ شَرَفاً وشُرْفَةً
وشَرافةً، فهو شريفٌ، والجمع أَشْرافٌ. غيره: والشَّرَفُ والمَجْدُ لا
يكونانِ إلا بالآباء. ويقال: رجل شريفٌ ورجل ماجدٌ له آباءٌ متقدِّمون في
الشرَف. قال: والحسَبُ والكَرَمُ يكونانِ وإن لم يكن له آباء لهم شَرَفٌ.
والشَّرَفُ: مصدر الشَّريف من الناس. وشَريفٌ وأَشْرافٌ مثل نَصِيرٍ
وأَنْصار وشَهِيد وأَشْهادٍ، الجوهري: والجمع شُرَفاء وأَشْرافٌ، وقد شَرُفَ،
بالضم، فهو شريف اليوم، وشارِفٌ عن قليل أَي سيصير شريفاً؛ قال الجوهري:
ذكره الفراء. وفي حديث الشعبي: قيل للأَعمش: لمَ لمْ تَسْتَكْثِر من
الشعبي؟ قال: كان يَحْتَقِرُني كنت آتِيه مع إبراهيم فَيُرَحِّبُ به ويقول
لي: اقْعُدْ ثَمَّ أَيـُّها العبدُ ثم يقول:
لا نَرْفَعُ العبدَ فوق سُنَّته،
ما دامَ فِينا بأَرْضِنا شَرَفُ
أَي شريف. يقال: هو شَرَفُ قومه وكَرَمُهم أَي شَريفُهُم وكَريمهم،
واستعمل أَبو إسحق الشَّرَفَ في القرآن فقال: أَشْرَفُ آيةٍ في القرآن آيةُ
الكرسي.
والمَشْرُوفُ: المفضول. وقد شَرَفه وشَرَفَ عليه وشَرَّفَه: جعل له
شَرَفاً؛ وكل ما فَضَلَ على شيء، فقد شَرَفَ. وشارَفَه فَشَرَفَه يَشْرُفه:
فاقَه في الشرفِ؛ عن ابن جني. وَشَرفْتُه أَشْرُفه شَرْفاً أَي غَلَبْته
بالشرَفِ، فهو مَشْرُوف، وفلان أَشْرَفُ منه. وشارَفْتُ الرجل: فاخرته
أَيـُّنا أَشْرَفُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: ما
ذِئبان عادِيانِ أَصابا فَريقة غَنَمٍ بأَفْسَدَ فيها من حُبِّ المرء
المالَ والشَّرَفَ لِدِينه؛ يريد أَنه يَتَشَرَّفُ للمُباراةِ والمُفاخَرةِ
والمُساماةِ. الجوهري: وشَرَّفَه اللّه تَشْريفاً وتَشَرَّفَ بكذا أَي
عَدَّه شَرَفاً، وشَرَّفَ العظْمَ إذا كان قليل اللحم فأَخذ لحمَ عظم آخرَ
ووضَعَه عليه؛ وقول جرير:
إذا ما تَعاظَمْتُمْ جُعُوراً، فَشَرِّفُوا
جَحِيشاً، إذا آبَتْ من الصَّيْفِ عِيرُها
قال ابن سيده: أَرى أَنَّ معناه إذا عَظُمَتْ في أَعينكم هذه القبيلة من
قبائلكم فزيدوا منها في جَحِيش هذه القبيلة القليلة الذليلة، فهو على
نحو تَشْريفِ العظْمِ باللَّحم.
والشُّرْفةُ: أَعلى الشيء. والشَّرَفُ: كالشُّرْفةِ، والجمع أَشْرافٌ؛
قال الأَخطل:
وقد أَكل الكِيرانُ أَشْرافَها العُلا،
وأُبْقِيَتِ الأَلْواحُ والعَصَبُ السُّمْرُ
ابن بزرج: قالوا: لك الشُّرْفةُ في فُؤَادي على الناس.
شمر: الشَّرَفُ كل نَشْزٍ من الأَرض قد أَشْرَفَ على ما حوله، قادَ أَو
لم يَقُد، سواء كان رَمْلاً أَو جَبَلاً، وإنما يطول نحواً من عشْر
أَذرُع أَو خمس، قَلَّ عِرَضُ طهره أَو كثر. وجبل مُشْرِفٌ: عالٍ. والشَّرَفُ
من الأَرض: ما أَشْرَفَ لك. ويقال: أَشْرَفَ لي شَرَفٌ فما زِلْتُ
أَرْكُضُ حتى علوته؛ قال الهذلي:
إذا ما اشْتَأَى شَرَفاً قَبْلَه
وواكَظَ، أَوْشَكَ منه اقْتِرابا
الجوهري: الشَّرَفُ العُلُوُّ والمكان العالي؛ وقال الشاعر:
آتي النَّدِيَّ فلا يُقَرَّبُ مَجْلِسي،
وأَقُود للشَّرَفِ الرَّفِيعِ حِماري
يقول: إني خَرِفْت فلا يُنتفع برَأْيي، وكبِرْت فلا أَستطيع أَن أَركب
من الأَرض حماري إلا من مكان عال. الليث: المُشْرَفُ المكان الذي تُشْرِفُ
عليه وتعلوه. قال: ومَشارِفُ الأَرض أَعاليها. ولذلك قيل: مَشارِفُ
الشَّامِ. الأَصمعي: شُرْفةُ المال خِيارُه، والجمع الشُّرَفُ. ويقال: إني
أَعُدُّ إتْيانَكم شُرْفةً وأَرى ذلك شُرْفةً أَي فَضْلاً وشَرَفاً.
وأَشْرافُ الإنسان: أُذُناه وأَنـْفُه؛ وقال عديّ:
كَقَصِير إذ لم يَجِدْ غير أَنْ جَدْ
دَعَ أَشْرافَه لمَكْر قَصِير
ابن سيده: الأَشْرافُ أَعلى الإنسانِ، والإشرافُ: الانتصابُ. وفرس
مُشْتَرِفٌ أَي مُشْرِفُ الخَلْق. وفرس مُشْتَرِفٌ: مُشْرِفُ أَعالي العظام.
وأَشْرَف الشيءَ وعلى الشيء: عَلاه. وتَشَرَّفَ عليه: كأَشْرَفَ.
وأَشْرَفَ الشيءُ: علا وارتفع. وشَرَفُ البعير: سَنامه، قال الشاعر:
شَرَفٌ أَجَبُّ وكاهِلٌ مَجْزُولُ
وأُذُن شَرْفاء أَي طويلة. والشَّرْفاء من الآذان: الطويلة القُوفِ
القائمة المُشْرِفةُ وكذلك الشُّرافِيَّة، وقيل: هي المنتصبة في طول، وناقة
شَرْفاء وشُرافِيَّةٌ: ضَخْمةُ الأُذنين جسيمة، وضَبٌّ شُرافيٌّ كذلك،
ويَرْبُوعٌ شُرافيّ؛ قال:
وإني لأَصْطادُ اليَرابيعَ كُلَّها:
شُرافِيَّها والتَّدْمُريَّ المُقَصِّعا
ومنكب أَشْرَفُ: عال، وهو الذي فيه ارتفاع حَسَنٌ وهو نقِيض الأَهدإِ.
يقال منه: شَرِفَ يَشْرَفُ شَرَفاً، وقوله أَنشده ثعلب:
جَزى اللّهُ عَنَّا جَعْفَراً، حين أَشْرَفَتْ
بنا نَعْلُنا في الواطِئين فَزَلَّتِ
لم يفسره وقال: كذا أَنشدَناه عمر بن شَبَّة، وقال: ويروى حين
أَزْلَفَتْ؛ قال ابن سيده: وقوله هكذا أَنشدناه تَبَرُّؤٌ من الرواية.
والشُّرْفةُ: ما يوضع على أَعالي القُصور والمدُن، والجمع شُرَفٌ.
وشَرَّفَ الحائطَ: جعل له شُرْفةً. وقصر مُشَرَّفٌ: مطوَّل.
والمَشْرُوف: الذي قد شَرَفَ عليه غيره، يقال: قد شَرَفَه فَشَرَفَ عليه. وفي حديث
ابن عباس: أُمِرْنا أَن نَبْني المَدائِنَ شُرَفاً والمساجِدَ جُمّاً؛
أَراد بالشُّرَفِ التي طُوّلت أَبْنِيَتُها بالشُّرَفِ، الواحدة شُرْفةٌ،
وهو على شَرَفِ أَمر أَي شَفًى منه. والشَّرَفُ: الإشْفاء على خَطَر من خير
أَو شر.
وأَشْرَفَ لك الشيءُ: أَمْكَنَك. وشارَفَ الشيءَ: دنا منه وقارَبَ أَن
يَظْفَرَ به. ويقال: ساروا إليهم حتى شارَفُوهم أَي أَشْرَفُوا عليهم.
ويقال: ما يُشْرِفُ له شيء إلا أَخذه، وما يُطِفُّ له شيء إلا أَخذه، وما
يُوهِفُ له شيء إلا أَخذه. وفي حديث عليّ، كرم اللّه وجهه: أُمِرْنا في
الأَضاحي أَن نَسْتَشْرفَ العين والأُذن؛ معناه أَي نتأَمل سلامتهما من آفةٍ
تكون بهما، وآفةُ العين عَوَرُها، وآفة الأُذن قَطْعها، فإذا سَلِمَت
الأُضْحِية من العَوَر في العين والجَدْعِ في الأَذن جاز أَن يُضَحَّى بها،
إذا كانت عَوْراء أَو جَدْعاء أَو مُقابَلَةً أَو مُدابَرَةً أَو
خَرْقاء أَو شَرْقاء لم يُضَحَّ بها، وقيل: اسْتِشْرافُ العين والأُذن أَن
يطلبهما شَريفَيْن بالتمام والسلامة، وقيل: هو من الشُّرْفةِ وهي خِيارُ
المال أَي أُمِرْنا أَن نتخيرها. وأَشْرَفَ على الموت وأَشْفى: قارَبَ.
وتَشَرَّفَ الشيءَ واسْتَشْرَفه: وضع يده على حاجِبِه كالذي يَسْتَظِلُّ من
الشمس حتى يُبْصِرَه ويَسْتَبِينَه؛ ومنه قول ابن مُطَيْر:
فَيا عَجَباً للناسِ يَسْتَشْرِفُونَني،
كأَنْ لم يَرَوا بَعْدي مُحِبّاً ولا قبْلي
وفي حديث أَبي طلحة، رضي اللّه عنه: أَنه كان حسَنَ الرمْي فكان إذا رمى
اسْتَشْرَفَه النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لينظر إلى مَواقِعِ نَبْله
أَي يُحَقِّقُ نظره ويَطَّلِعُ عليه. والاسْتِشْرافُ: أَن تَضَع يدك على
حاجبك وتنظر، وأَصله من الشرَف العُلُوّ كأَنه ينظر إليه من موضع مُرْتَفِع
فيكون أَكثر لإدراكه. وفي حديث أَبي عبيدة: قال لعمر، رضي اللّه عنهما،
لما قَدِمَ الشامَ وخرج أَهلُه يستقبلونه: ما يَسُرُّني أَن أَهلَ هذا
البلد اسْتَشْرَفُوك أَي خرجوا إلى لقائك، وإنما قال له ذلك لأن عمر، رضي
اللّه عنه، لما قدم الشام ما تَزَيَّا بِزِيِّ الأُمراء فخشي أَن لا
يَسْتَعْظِمُوه. وفي حديث الفِتَن: من تَشَرَّفَ لها اسْتَشْرَفَتْ له أَي من
تَطَلَّعَ إليها وتَعَرَّضَ لها واتَتْه فوقع فيها. وفي الحديث: لا
تُشْرِفْ يُصِبْك سهم أَي لا تَتَشَرَّفْ من أَعْلى الموضع؛ ومنه الحديث: حتى
إذا شارَفَتِ انقضاء عدّتها أَي قَرُبَت منها وأَشْرَفَت عليها. وفي
الحديث عن سالم عن أَبيه: أَن رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، كان يُعْطِي
عُمَر العطاء فيقول له عمر: يا رسولَ اللّه أَعْطِه أَفْقَرَ إليه مني،
فقال له رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: خُذْه فتَمَوَّلْه أَو
تَصَدَّقْ به، وما جاءك من هذا المال وأَنتَ غيرُ مُشْرِفٍ له ولا سائل فخذه وما
لا فلا تُتْبِعْه نفسَك، قال سالم: فمن أجل ذلك كان عبد اللّه لا
يَسْأَلُ أحداً شيئاً ولا يُرُدُّ شيئاً أُعْطِيَه؛ وقال شمر في قوله وأَنت غير
مُشْرِفٍ له قال: ما تُشْرِفُ عليه وتَحَدَّثُ به نفسك وتتمناه؛ وأَنشد:
لقد عَلِمْتُ، وما الإشْرافُ من طَمَعي،
أَنَّ الذي هُو رِزْقي سَوْفَ يأْتيني
(* قوله «من طمعي» في شرح ابن هشام لبانت سعاد: من خلقي.)
وقال ابن الأَعرابي: الإشْرافُ الحِرْصُ. وروي في الحديث: وأَنتَ غيرُ
مُشْرِفٍ له أَو مُشارِفٍ فخذه. وقال ابن الأعرابي: اسْتَشْرَفَني حَقّي
أَي ظَلمَني؛ وقال ابن الرِّقاع:
ولقد يَخْفِضُ المُجاوِرُ فيهمْ،
غيرَ مُسْتَشْرَفٍ ولا مَظْلوم
قال: غيرَ مُسْتَشْرَف أَي غيرَ مظلوم. ويقال: أَشْرَفْتُ الشيءَ
عَلَوْتُه، وأَشْرَفْتُ عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، أَراد ما جاءك منه وأَنت
غيرُ مُتَطَلِّع إليه ولا طامِع فيه، وقال الليث: اسْتَشْرَفْتُ الشيءَ
إذا رَفَعْتَ رأْسَك أَو بصَرك تنظر إليه. وفي الحديث: لا يَنْتَهِبُ
نُهْبةً ذاتَ شَرَفٍ وهو مؤمِنٌ أَي ذاتَ قَدْر وقِيمة ورِفْعةٍ يرفع الناسُ
أَبصارهم للنظر إليها ويَسْتَشْرفونها. وفي الحديث: لا تَشَرَّفُوا
(*
قوله «لا تشرفوا» كذا بالأصل، والذي في النهاية: لا تستشرفوا.) للبلاء؛
قال شمر: التَّشَرُّف للشيء التَّطَلُّعُ والنظرُ إليه وحديثُ النفْسِ
وتَوَقُّعُه؛ ومنه: فلا يَتَشَرَّفُ إبلَ فلان أَي يَتَعَيَّنُها. وأَشْرَفْت
عليه: اطَّلَعْتُ عليه من فوق، وذلك الموضع مُشْرَفٌ. وشارَفْتُ الشيء
أَي أَشْرَفْت عليه. وفي الحديث: اسْتَشْرَفَ لهم ناسٌ أَي رفعوا رؤُوسَهم
وأَبصارَهم؛ قال أَبو منصور في حديث سالم: معناه وأَنت غير طامع ولا
طامِحٍ إليه ومُتَوَقِّع له. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال:
من أَخَذَ الدنيا بإشرافِ نفْس لم يُبارَك له فيها، ومن أَخذها بسخاوةِ
نَفْس بُورِك له فيها، أَي بحرْصٍ وطَمَعٍ. وتَشَرَّفْتُ المَرْبَأَ
وأَشْرَفْتُه أَي علوته؛ قال العجاج:
ومَرْبَإٍ عالٍ لِمَن تَشَرَّفا،
أَشْرَفْتُه بلا شَفًى أَو بِشَفى
قال الجوهري: بلا شَفًى أَي حين غابت الشمس، أَو بشَفًى أَي بقِيَتْ من
الشمس بقِيّة. يقال عند غروب الشمس: ما بَقِيَ منها إلا شَفًى.
واسْتَشْرَفَ إبلَهم: تَعَيَّنَها ليُصِيبها بالعين.
والشارِفُ من الإبل: المُسِنُّ والمُسِنَّةُ، والجمع شَوارِفُ وشُرَّفٌ
وشُرُفٌ وشُرُوفٌ، وقد شَرُفَتْ وشَرَفَتْ تَشْرُف شُرُوفاً. والشارِفُ:
الناقةُ التي قد أَسَنَّتْ. وقال ابن الأعرابي: الشارِفُ الناقة
الهِمّةُ، والجمع شُرْفٌ وشَوارِفُ مثل بازِلٍ وبُزْلٍ، ولا يقال للجمل شارِفٌ؛
وأَنشد الليث:
نَجاة من الهُوجِ المَراسِيلِ هِمَّة،
كُمَيْت عليها كَبْرةٌ، فهي شارفُ
وفي حديث عليّ وحَمْزة، عليهما السلام:
أَلا يا حَمْزَ للشُّرُفِ النِّواء،
فَهُنَّ مُعَقَّلاتٌ بالفِناء
هي جمع شارِفٍ وتضمُّ راؤُها وتسكن تخفيفاً، ويروى ذا الشرَف، بفتح
الراء والشين، أَي ذا العَلاء والرِّفْعةِ. وفي حديث ابن زمْل: وإذا أَمام
ذلك ناقةٌ عَجْفاء شارِفٌ؛ هي المُسِنّةُ. وفي الحديث: إذا كان كذا وكذا
أَنى أَن يَخْرُجَ بكم الشُّرْفُ الجُونُ، قالوا: يا رسول اللّه وما
الشُّرْفُ الجُون؟ قال: فِتَنٌ كقِطْعِ الليلِ المُظْلمِ؛ قال أَبو بكر:
الشُّرْفُ جمع شارِفٍ وهي الناقة الهَرِمةُ، شبَّه الفِتَنَ في اتِّصالها
وامْتِداد أَوقاتها بالنُّوق المُسِنَّة السُّود، والجُونُ: السود؛ قال ابن
الأَثير: هكذا يروى بسكون الراء
(* قوله «يروى بسكون الراء» في القاموس:
وفي الحديث أتتكم الشرف الجون بضمتين.) وهي جمع قليل في جمع فاعل لم يَردْ
إلا في أَسماء معدودة، وفي رواية أُخرى: الشُّرْقُ الجُون، بالقاف، وهو
جمع شارِق وهو الذي يأْتي من ناحية المَشْرِق، وشُرْفٌ جمع شارِفٍ نادر لم
يأْت مثلَه إلا أَحرف معدودة: بازِلٌ وبُزْلٌ وحائلٌ وحُولٌ وعائذٌ
وعُوذٌ وعائطٌ وعُوطٌ. وسهم شارِفٌ: بعيد العهد بالصِّيانةِ، وقيل: هو الذي
انْتَكَثَ رِيشُه وعَقَبُه، وقيل: هو الدقيق الطويل. غيره: وسهم شارِفٌ
إذا وُصِف بالعُتْق والقِدَم؛ قال أَوس بن حجر:
يُقَلِّبُ سَهْماً راشَه بمَناكِبٍ
ظُهار لُؤامٍ، فهو أَعْجَفُ شارِفُ
الليث: يقال أَشْرَفَتْ علينا نفْسُه، فهو مُشْرِفٌ علينا أَي مُشْفِقٌ.
والإشْرافُ: الشَّفَقة؛ وأَنشد:
ومن مُضَرَ الحَمْراء إشْرافُ أَنْفُسٍ
علينا، وحَيّاها إلينا تَمَضُّرا
ودَنٌّ شارِفٌ: قدِيمُ الخَمْر؛ قال الأَخطل:
سُلافةٌ حَصَلَتْ من شارِفٍ حَلِقٍ،
كأَنـَّما فارَ منها أَبْجَرٌ نَعِرُ
وقول بشر:
وطائرٌ أَشْرَفُ ذو خُزْرةٍ،
وطائرٌ ليس له وَكْرُ
قال عمرو: الأَشْرفُ من الطير الخُفّاشُ لأَنَّ لأُذُنيه حَجْماً
ظاهراً، وهو مُنْجَرِدٌ من الزِّفِّ والرِّيش، وهو يَلِدُ ولا يبيض، والطير
الذي ليس له وكر طير يُخبِر عنه البحريون أَنه لا يَسْقط إلا ريثما يَجْعَلُ
لبَيْضِه أُفْحُوصاً من تراب ويُغَطِّي عليه ثم يَطِيرُ في الهواء وبيضه
يتفَقَّس من نفسه عند انتهاء مدته، فإذا أَطاق فَرْخُه الطيَران كان
كأَبوَيه في عادتهما. والإشْرافُ: سُرعةُ عَدْوِ الخيل. وشَرَّفَ الناقةَ:
كادَ يَقْطَعُ أَخلافها بالصَّرّ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
جَمَعْتُها من أَيْنُقٍ غِزارِ،
من اللَّوا شُرِّفْنَ بالصِّرارِ
أَراد من اللواتي، وإنما يُفعل بها ذلك ليَبْقى بُدْنُها وسِمَنُها
فيُحْمَل عليها في السنة المُقْبلة. قال ابن الأَعرابي: ليس من الشَّرَف ولكن
من التشريف، وهو أَن تَكادَ تقطع أَخْلافها بالصِّرار فيؤثِّر في
أَخْلافِها؛ وقول العجاج يذكر عَيْراً يَطْرُد أُتُنه:
وإنْ حَداها شَرَفاً مُغَرِّبا،
رَفَّهَ عن أَنـْفاسِه وما رَبا
حَداها: ساقها، شرفاً أَي وجْهاً. يقال: طَرَده شرَفاً أَو شَرَفَين،
يريد وجْهاً أَو وجْهَين؛ مُغَرِّباً: مُتَباعداً بعيداً؛ رَفَّهَ عن
أَنفاسه أَي نَفَّسَ وفرَّجَ. وعَدا شَرَفاً أَو شَرَفَينِ أَي شَوْطاً أَو
شَوْطَيْنِ. وفي حديث الخيل: فاسْتَنَّتْ شَرَفاً أو شَرَفين؛ عَدَتْ
شَوْطاً أَو شَوْطَيْن.
والمَشارِفُ: قُرًى من أَرض اليمن، وقيل: من أَرض العرب تَدْنُو من
الرِّيف، والسُّيُوفُ المَشْرَفِيّةُ مَنْسوبة إليها. يقال: سَيفٌ مَشْرَفيّ،
ولا يقال مَشارِفيٌّ لأَن الجمع لا يُنسب إليه إذا كان على هذا الوزن،
لا يقال مَهالِبيّ ولا جَعَافِرِيٌّ ولا عَباقِرِيٌّ. وفي حديث سَطِيح:
يسكن مَشارِفَ الشام؛ هي كل قرية بين بلاد الرِّيفِ وبين جزيرة العرب، قيل
لها ذلك لأَنها أشْرَفَتْ على السواد، ويقال لها أَيضاً المَزارِعُ
والبَراغِيلُ، وقيل: هي القرى التي تَقْرُب من المدن.
ابن الأَعرابي: العُمَرِيَّةُ ثياب مصبوغة بالشَّرَفِ، وهو طين أَحمر.
وثوب مُشَرَّفٌ: مصبوغ بالشَّرَف؛ وأَنشد:
أَلا لا تَغُرَّنَّ امْرَأً عُمَرِيّةٌ،
على غَمْلَجٍ طالَتْ وتَمَّ قَوامُها
ويقال شَرْفٌ وشَرَفٌ للمَغْرةِ. وقال الليث: الشَّرَفُ له صِبْغٌ أَحمر
يقال له الدّارْبَرْنَيان؛ قال أَبو منصور: والقول ما قال ابن الأعرابي
في المُشَرَّفِ. وفي حديث عائشة: أَنها سُئِلَتْ عن الخِمار يُصْبَغُ
بالشَّرْف فلم ترَ به بأْساً؛ قال: هو نبت أَحمر تُصْبَغ به الثياب.
والشُّرافيُّ: لَوْنٌ من الثياب أَبيض.
وشُرَيفٌ: أَطولُ جبل في بلاد العرب. ابن سيده: والشُّرَيْف جبل تزعم
العرب أَنه أَطول جبل في الأَرض. وشَرَفٌ: جبل آخرُ يقرب منه. والأَشْرَفُ:
اسم رجل: وشِرافُ وشَرافِ مَبْنِيَّةً: اسم ماء بعينه. وشَراف: موضع؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
لقد غِظْتَني بالحَزْمِ حَزْمِ كُتَيْفةٍ،
ويومَ الْتَقَيْنا من وراء شَرافِ
(* قوله «غظتني بالحزم حزم» في معجم ياقوت: عضني بالجوّ جوّ.)
التهذيب: وشَرافِ ماء لبني أَسد. ابن السكيت: الشَّرَفُ كَبِدُ نَجْدٍ،
قال: وكانت الملوك من بني آكِل المُرار تَنزِلُها، وفيها حِمَى ضَرِيّةَ،
وضرِيّة بئر، وفي الشرف الرَّبَذةُ وهي الحِمَى الأَيمنُ، والشُّرَيْفُ
إلى جنبه، يَفْرُق بين الشرَف والشُّريفِ وادٍ يقال له التَّسْرِيرُ، فما
كان مُشَرِّقاً فهو الشُّرَيْف، وما كان مغرِّياً، فهو الشرَفُ؛ قال
أَبو منصور: وقولُ ابن السكّيت في الشرَف والشُّريف صحيح. وفي حديث ابن
مسعود، رضي اللّه عنه: يُوشِكُ أَن لا يكونَ بين شَرافِ وأَرضِ كذا جَمَّاءُ
ولا ذاتُ قَرْن؛ شَرافِ: موضع، وقيل: ماء لبني أَسد. وفي الحديث: أَن عمر
حمى الشَّرَفَ والرَّبَذَةَ؛ قال ابن الأَثير: كذا روي بالشين وفتح
الراء، قال: وبعضهم يرويه بالمهملة وكسر الراء. وفي الحديث: ما أُحِبُّ أَن
أَنْفُخَ في الصلاة وأَن لي مَمَرَّ الشرَفِ. والشُّرَيْفُ، مُصَغّر: ماء
لبني نُمير. والشاروفُ: جبل، وهو موَلَّد. والشاروفُ: المِكْنَسةُ، وهو
فارسيٌّ معرَّب. وأَبو الشَّرفاء: من كُناهم؛ قال:
أَنا أَبو الشَّرْفاء مَنَّاعُ الخَفَرْ
أَراد مَنّاع أَهل الخفر.
ظفر: الظُّفْرُ والظُّفُرُ: معروف، وجمعه أَظْفارٌ وأُظْفورٌ وأَظافيرُ،
يكون للإِنسان وغيره، وأَما قراءة من قرأَ: كل ذي ظِفْر، بالكسر، فشاذ
غير مأْنوسٍ به إِذ لا يُعْرف ظِفْر، بالكسر، وقالوا: الظُّفْر لما لا
يَصِيد، والمِخْلَبُ لما يَصِيد؛ كله مذكر صرح به اللحياني، والجمع أَظفار،
وهو الأُظْفُورُ، وعلى هذا قولهم أَظافيرُ، لا على أَنه حمع أَظفار الذي
هو جمع ظُفْر لأَنه ليس كل جمع يجمع، ولهذا حمل الأَخفش قراءة من قرأَ:
فَرُهُنٌ مقبوضة، على أَنه جمع رَهْن ويُجَوّز قِلَّته لئلا يضْطَرَّه
إِلى ذلك أَن يكون جمعَ رِهانٍ الذي هو جمعُ رَهْنٍ، وأَما من لم يقل إِلاَّ
ظُفْر فإِن أَظافِيرَ عنده مُلْحَقةٌ بباب دُمْلوج، بدليل ما انضاف
إِليها من زيادة الواو معها؛ قال ابن سيده: هذا مذهب بعضهم. الليث: الظُّفْر
ظُفْر الأُصبع وظُفْر الطائر، والجمع الأَظفار، وجماعة الأَظْفار
أَظافِيرُ، لأَن أَظفاراً بوزن إِعْصارٍ، تقول أَظافِيرُ وأَعاصيرُ، وإِنْ جاء
ذلك في الأَشعار جاز ولا يُتَكلّم به بالقياس في كل ذلك سواء غير أَن
السمع آنَسُ، فإِذا ورد على الإِنسان شيء لم يسمعه مستعملاً في الكلام
اسْتوحَشَ منه فَنَفَر، وهو في الأَشعار جيّدٌ جائز. وقوله تعالى: وعلى الذين
هادُوا حَرّمْنا كلَّ ذي ظُفُرٍ؛ دخل في ذي الظُّفْرِ ذواتُ المناسم من
الإِبل والنعامِ لأَنها كالأَظْفار لها.
ورجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار عريضُها، ولا فَعْلاء لها من جهة السماع،
ومَنْسِم أَظْفَرُ كذلك؛ قال ذو الرمة:
بأَظْفَرَ كالعَمُودِ إِذا اصْمَعَدّتْ
على وَهَلٍ، وأَصفَرَ كالعَمُودِ
والتَّظْفيرُ: غَمْزُ الظُّفْرِ في التُّفَّاحة وغيرها.
وظَفَرَه يَظْفِرُه وظَفَّرَه واظِّفَرَه: غرزَ في وَجْهه ظُفْرَه.
ويقال: ظَفَّرَ فلانٌ في وَجْهِ فلانٍ إِذا غَرَزَ ظُفْرَه في لحمه فعَقَره،
وكذلك التَّظْفِيرُ في القِثَّاء والبطِِّيخ. وكلُّ ما غَرَزْت فيه
ظُفْرَك فشَدَخْتَه أَو أَثّرْتَ فيه، فقد ظَفَرْته؛ أَنشد ثعلب لخَنْدَق بن
إِياد:
ولا تُوَقّ الحََلْقَ أَن تَظَفّرَا
واظّفَرَ الرجلُ واطَّفَر أَي أَعْلَقَ ظُفْرَه، وهو افتعل فأَدغم؛ وقال
العجاج يصف بازياً:
تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
أَبْصَرَ خِرْبانَ فَضاءٍ فَانْكَدَرْ
شاكِي الكَلالِيبِ إِذا أَهْوَى اظَّفَرْ
الكَلالِيبُ: مَخالِيبُ البازي، الواحد كَلّوب. والشاكي: مأْخوذ من
الشَّوْكةِ، وهو مقلوب، أَي حادُّ المَخالِيبِ. واظّفَرَ أَيضاً: بمعنى
ظَفِرَ بهم.
ورجل مُقلَّم الظُّفْرِ عن الأَذَى وكَلِيل الظُّفْرِ عن العِدَى، وكذلك
على المثل. ويقال للرجل: إِنه لمَقْلُومُ الظُّفُرِ أَي لا يُنْكي
عَدُوّاً؛ وقال طرفة:
لَسْتُ بالفَانِي ولا كَلِّ الظُّفُرْ
ويقال للمَهين: هو كَليلُ الظُّفُرِ. ورجل أَظْفَرُ بَيِّن الظُّفُرِ
إِذا كان طويلَ الأَظْفارِ، كما تقول رجل أَشْعَرُ طويل الشعر. ابن سيده:
والظُّفْرُ ضَرْبٌ من العِطْر أَسْوَدُ مُقْتَلَفٌ من أَصله على شكل ظُفْر
الإِنسان، يوضع في الدخنة، والجمع أَظْفارٌ وأَظافِيرُ، وقال صاحب
العين: لا واحد له، وقال الأَزهري: لا يُفْرَدُ منه الواحد، قال: وربما قال
بعضهم أَظْفارةٌ واحدة وليس بجائز في القياس، ويجمعونها على أَظافِيرَ،
وهذا في الطِّيب، وإِذا أُفرد شيء من نحوها ينبغي أَن يكون ظُفْراً وفُوهاً،
وهم يقولون أَظفارٌ وأَظافِيرُ وأَفْواهٌ وأَفاوِيهُ لهذين العِطْرَينِ.
وظَفَّرَ ثَوبه: طيَّبَه بالظُّفْر. وفي حديث أُمّ عطيّة: لا تَمَسّ
المُحِدّ إِلاَّ نُبْذَةً من قُسْطِ أَظفارٍ، وفي رواية: من قُسْطِ وأَظفار؛
قال: الأَظْفارُ جنس من الطِّيب، لا واحد له من لفظه، وقيل: واحدة
ظُفْر، وهو شيء من العِطْر أَسود والقطعةُ منه شبيهةٌ بالظُّفْرِ. وظَفَّرَت
الأَرض: أَخْرجت من النبات ما يمكن احتفاره بالظُّفْرِ. وظَفِّرَ
العَرْفَجُ والأَرْطى: خرج منه شِبهُ الأَظفار وذلك حين يُخَوِّصُ. وظَفَّرَ
البَقْلُ: خرج كأَنه أَظفارُ الطائر. وظَفَّرَ النَّصِيُّ والوَشِيجُ
والبَرْدِيُّ والثُّمامُ والصَّلِّيَانُ والعَرَزُ والهَدَبُ إِذا خرج له
عُنْقُرٌ أَصفر كالظُّفْرِ، وهي خُوصَةٌ تَنْدُرُ منه فيها نَوْرٌ أَغبر.
الكسائي: إِذا طلع النبت قيل: قد ظَفَّرَ تَظْفِيراً؛ قال أَبو منصور: هو
مأْخوذ من الأَظْفارِ. الجوهري: والظَّفَرْ ما اطْمَأَنَّ من الأَرض
وأَنبت.ويقال: ظَفَّرَ النبتُ إِذا طلع مقدار الظُّفْرِ.
والظُّفْرُ والظَّفَرَةُ، بالتحريك: داء يكون في العين يَتَجَلَّلُها
منه غاشِيةٌ كالظُّفْرِ، وقيل: هي لحمة تنبت عند المَآقي حتى تبلغ السواد
وربما أَخَذَت فيه، وقيل: الظَّفَرَةُ، بالتحريك، جُلَيْدَة تُغَشِّي
العينَ تنبت تِلْقَاءَ المَآقي وربما قُطعت، وإِن تُركت غَشِيَتْ بَصر العين
حتى تَكِلَّ، وفي الصحاح: جُلَيْدة تُغَشِّي العين نَابتة من الجانب الذي
يلي الأَنف على بياض العين إِلى سوادهَا، قال: وهي التي يقال لها
ظُفْرٌ؛ عن أَبي عبيد. وفي صفة الدجال: وعلى عينه ظَفَرَةٌ غليظة، بفتح الظاء
والفاء، وهي لحمة تنبت عند المَآقي وقد تمتد إِلى السواد فتُغَشِّيه؛ وقد
ظَفِرَتْ عينُه، بالكسر، تَظْفَرُ ظَفَراً، فهي ظَفِرَةٌ. ويقال ظُفِرَ
فلانٌ، فهو مَظْفُورٌ؛ وعين ظَفِرَةٌ؛ وقال أَبو الهيثم:
ما القولُ في عُجَيِّزٍ كالحُمّره،
بِعَيْنها من البُكاء ظَفَرَه،
حَلَّ ابنُها في السِّجْن وَسْطَ الكَفَرَه؟
الفراء: الظَّفَرَةُ لحمة تنبت في الحَدَقَةِ، وقال غيره: الظُّفْر لحم
ينبت في بياض العين وربما جلل الحَدَقَةَ.
وأَظْفَارُ الجلد: ما تكسر منه فصارت له غُصُونٌ. وظَفَّرَ الجلدَ:
دَلَكَهُ لِتَمْلاسَّ أَظْفارُه. الأَصمعي: في السِّيَةِ الظُّفْرُ وهو ما
وراء معْقِدِ الوتَرِ إِلى طرَف القَوْس، والجمع ظِفَرَةٌ؛ قال الأَزهري:
هنا يقال للظُّفْرِ أُظْفُورٌ، وجمعه أَظافير؛ وأَنشد:
ما بَيْنَ لُقْمَتِها الأُولى، إِذا ازْدَرَدتْ،
وبَيْنَ أُخْرَى نَلِيها، قِيسُ أُظْفُورِ
والظَّفَرُ، بالفتح: الفوز بالمطلوب. الليث: الظَّفَرُ الفوز بما طلبتَ
والفَلْجُ على من خاصمت؛ وقد ظَفِرَ به وعليه وظَفِرَهُ ظَفَراً، مثل
لَحِقَ به ولَحِقَهُ فهو ظَفِرٌ، وأَظْفَرَهُ الله به وعليه وظَفَّرَهُ به
تَظْفِيراً. ويقال: ظَفِرَ اللهُ فُلاناً على فلان، وكذلك أَظْفَرَهُ
اللهُ. ورجل مُظَفَّرٌ وظَفِرٌ وظِفِّيرٌ: لا يحاول أَمراً إِلاَّ ظَفِرَ به؛
قال العجير السلولي يمدح رجلاً:
هو الظَّفِرُ المَيْمُونُ، إِنْ رَاحَ أَو غَدَا
به الركْبُ، والتِّلْعابةُ المُتَحَبِّبُ
ورجل مُظَفَّرٌ: صاحب دَوْلَةٍ في الحرب. وفلان مُظَفَّرٌ: لا يَؤُوب
إِلاَّ بالظَّفَر فثُقِّلَ نعتُه للكثرة والمبالغة. وإِن قيل: ظَفَّرَ الله
فلاناً أَي جعله مُظَفَّراً جاز وحسُن َأَيضاً. وتقول: ظَفَّره ظَفَّره
الله عليه أَي غَلّبه عليه؛ وكذلك إِذا سئل: أَيهما أَظْفَرُ، فأَخْبِرْ
عن واحد غلَب الآخر؛ وقد ظَفّره. قال الأَخفش: وتقول العرب: ظَفِرْت عليه
في معنى ظَفِرْت به. وما ظَفَرتْكَ عَيْني مُنْذ زمانٍ أَي ما رَأَتْك،
وكذلك ما أَخَذَتْكَ عيني مند حين. وظَفَّرَه: دَعا لَه بالظَّفَر؛
وظَفِرْت به، فأَنا ظافرٌ وهو مَظْفُورٌ به. ويقال: أَظْفَرَنيِ الله به.
وتَظَافَرَ القومُ عليه وتظاهَرُوا بمعنى واحد.
وظَفارِ مثل قَطَامِ مبنية: موضع، وقيل: هي قَرْية من قُرَى حِمْير
إِليها ينسب الجَزْع الظَّفارِيّ، وقد جاءت مرفوعة أُجْرِيَت مُجْرَى رَبابِ
إِذا سَمّيْتَ بها. ابن السكيت: يقال جَزْعٌ ظَفارِيّ منسوب إِلى ظَفارِ
أَسد مدينة باليمن، وكذلك عُودٌ ظَفارِيّ منسوب، وهو العود الذي
يُتَبَخّر به؛ ومنه قولهم: مَنْ دَخل ظَفارِ حَمّرَ أَي تعلم الحِمْيَريّة؛ وقيل:
كل أَرض ذات مَغَرّةٍ ظَفارِ. وفي الحديث: كان لباسُ آدَم، عليه السلام،
والظُّفُر؛ أَي شيء يُشْبِه الظُّفُرَ في بياضه وصفائه وكثافِته. وفي
حديث الإِفْكِ: عِقد من جَزْع أَظفار؛ قال ابن الأَثير: هكذا روي وأُريد
بها العطْرُ المذكور أَوَّلاً كأَنه يؤخذ فيُثْقَبُ ويُجْعل في العِقْد
والقلادة؛ قال: والصحيح في الرواية أَنه من جَزْعِ ظَفارِ مدينة لحِمْير
باليمن. والأَظْفارُ: كِبارُ القِرْدانِ وكواكبُ صِغارٌ.
وظَفْرٌ ومُظَفَّرٌ ومِظْفارٌ: أَسماء. وبنو ظَفَر: بَطْنانِ بطن في
الأَنصار.، وبطن في بني سليم.
أسك: الإِسْكَتانِ، بكسر الهمزة: جانبا الفرج وهما قُدَّتاه، وطرفاه
الــشُّفْرانِ؛ وقال شمر: الإِسْكُ جانب الاسْتِ. ابن سيده: الإِسْكَتَانِ
والأَسْكَتان شُفْرا الرَّحِم، وقيل: جانباه مما يلي شُفْريه؛ قال جرير:
تَرَى بَرَصاً يلُوح بإِسْكَتَيْها،
كعَنْفَقةِ الفَرَزْدق حين شابا
والجمع إِسَكٌ وأَسْكٌ وإِسْكٌ، أَنشد ابن الأَعرابي:
قَبَحَ الإِلَهُ، ولا أُقَبِّح غيرَهُمْ؛
إِسْكَ الإِماءِ بَني الأَسَكّ مُكَدِّمِ
قال ابن سيده: كذا رواه إِسْك، بالإِسكان، وقيل: الإِسك جانب الاسْت
هنا شبههم بجوانب الحَياء في نتنهم. ويقال للإِنسان إِذا وصف بالنَّتْن:
إِنما هو إِسك أَمَةٍ، وإِنما هو عَطِينة؛ وقال مُزَرَّد:
إِذا شَفَتاه ذاقتا حَرَّ طَعْمِه،
تَرَمَّزَتَا للحَرِّ كالإِسَكِ الشُّعْرِ
وامرأَة مَأْسُوكَةٌ: أَخْطأَت خافِضَتُها فأَصابت غير موضع الخَفْضِ،
وفي التهذيب: فأَصابت شيئاً من أَسْكَتَيْها. وآسَكُ: موضع.
طرف: الطَّرْفُ: طرْفُ العين. والطرْفُ: إطْباقُ الجَفْنِ على الجفْن.
ابن سيده: طَرَفَ يَطْرِفُ طَرْفاً: لَحَظَ، وقيل: حَرَّكَ شُفْره
ونَظَرَ. والطرْفُ: تحريك الجُفُون في النظر. يقال: شَخَصَ بصرُه فما يَطْرِفُ.
وطرفَ البصرُ نفسُه يَطْرِفُ وطَرَفَه يَطرِفُه وطَرَّفه كلاهما إذا
أَصاب طرْفَه، والاسم الطُّرْفةُ. وعين طَريفٌ: مَطْروفة. التهذيب وغيره:
الطَّرْفُ اسم جامع للبصر، لا يثنى ولا يُجمع لأَنه في الأَصل مصدر فيكون
واحداً ويكون جماعة. وقال تعالى: لا يَرْتدّ إليهم طَرْفُهُم. والطرْفُ:
إصابَتُك عَيناً بثوب أَو غيره. يقال: طُرِفَتْ عينُه وأَصابَتْها طُرْفةٌ
وطَرَفَها الحزنُ بالبكاء. وقال الأَصمعي: طُرِفَتْ عينُه فهي تُطْرَفُ
طَرْفاً إذا حُرِّكَتْ جُفونُها بالنظر. ويقال: هو بمكان لا تراه
الطَّوارِفُ، يعني العيون. وطَرَف بصَره يَطْرِفُ طرْفاً إذا أطْبَقَ أَحدَ
جَفْنيهِ على الآخر، الواحدة من ذلك طَرْفَةٌ. يقال: أَسْرَعُ من طرْفةِ عين.
وفي حديث أُم سَلَمة: قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: حُمادَياتُ النساء
غَضُّ الأَطْرافِ؛ أَرادتْ بغَضِّ الأَطْرافِ قَبْضَ اليدِ والرِّجْلِ عن
الحَركةِ والسيْر، تعني تسكين الأَطْرافِ وهي الأَعْضاء؛ وقال القُتيبي:
هي جمع طرْف العين، أَرادت غضّ البصر. وقال الزمخشري: الطرف لا يثنى ولا
يجمع لأَنه مصدر، ولو جمع لم يسمع في جمعه أَطْرافٌ، قال: ولا أَكاد
أَشُكُّ في أَنه تصحيف، والصواب غَضُّ الإطْراق أَي يَغْضُضْن من أَبْصارِهن
مُطْرِقاتٍ رامِياتٍ بأَبصارهن إلى الأَرض.
وجاء من المال بطارِفةِ عين كما يقال بعائرةِ عين. الجوهري: وقولهم جاء
فلان بطارفة عين أَي جاء بمال كثير.
والطِّرْف، بالكسر، من الخيل: الكريمُ العَتِيقُ، وقيل: هو الطويل
القوائم والعُنُق المُطَرَّفُ الأُذنينِ، وقيل: هو الذي ليس من نِتاجكو والجمع
أَطرافٌ وطُرُوفٌ، والأَُنثى بالهاء. يقال: فرس طِرْفٌ من خيل طُرُوفٍ،
قال أَبو زيد: وهو نعت للذكور خاصّة. وقال الكسائي: فرس طِرْفةٌ، بالهاء
للأُنثى، وصارمةٌ وهي الشديدة. وقال الليث: الطِّرْفُ الفَرَسُ الكريمُ
الأَطرافِ يعني الآباء والأُمّهات. ويقال: هو المُسْتَطْرِفُ ليس من نتاج
صاحِبه، والأَنثى طِرْفةٌ؛ وأَنشد:
وطِرفة شَدَّتْ دِخالاً مُدْمَجا
والطِّرْفُ والطَّرْفُ: الخِرْقُ الكريم من الفِتْيان والرّجال، وجمعهما
أَطْراف؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لابن أَحمر:
عليهنَّ أَطرافٌ من القوْمِ لم يكن
طَعامُهُمُ حَبّاً، بِزُغْمَةَ، أَسْمَرا
يعني العَدَس لأَن لونه السُّمْرَةُ. وزُغْمَةُ: موضع وهو مذكور في
موضعه؛ وقال الشاعر:
أَبْيَض من غَسّانَ في الأَطْرافِ
الأَزهري: جعل أَبو ذؤيب الطِّرْفَ الكريم من الناس فقال:
وإنَّ غلاماً نِيلَ في عَهْدِ كاهلٍ
لَطِرْفٌ، كنَصْلِ السَّمهَرِيِّ صريحُ
(* قوله «صريح» هو بالصاد المهملة هنا، وأَنشده في مادة قرح بالقاف،
وفسره هناك، والقريح والصريح واحد.)
وأَطْرَفَ الرجلَ: أَعْطاه ما لم يُعْطِه أَحداً قبله. وأَطْرفت فلاناً
شيئاً أَي أَعطيته شيئاً لم يَمْلِك مثله فأَعجبه، والاسم الطُّرفةُ؛ قال
بعض اللُّصوص بعد أَن تابَ:
قُلْ للُّصُوص بَني اللَّخْناء يَحْتَسِبُوا
بُرَّ العِراق، ويَنْسَوْا طُرْفةَ اليَمنِ
وشيء طَريفٌ: طَيِّب غريب يكون؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وقال خالد بن
صفوان خيرُ الكلامِ ما طَرُفَتْ معانيه، وشَرُفَت مَبانِيه، والتَذّه آذانُ
سامعِيه. وأَطْرَفَ فلان إذا جاء بطُرْفةٍ.
واسْتَطرَف الشيءَ أَي عَدَّه طَريفاً. واسْتَطْرَفْت الشيءَ: استحدثته.
وقولهم: فعلت ذلك في مُسْتطرَفِ الأَيام أَي في مُسْتَأْنَف الأَيام.
واسْتَطْرَفَ الشيءَ وتَطَرَّفه واطَّرَفَه: اسْتفادَه.
والطَّرِيفُ والطارِفُ من المال: المُسْتَحْدثُ، وهو خِلافُ التَّالِد
والتَّلِيدِ، والاسم الطُّرْفةُ، وقد طَرُفَ، بالضم، وفي المحكم:
والطِّرْفُ والطَّرِيفُ والطارفُ المال المُسْتَفاد؛ وقول الطرماح:
فِدًى لِفَوارِسِ الحَيَّيْنِ غَوْثٍ
وزِمَّانَ التِّلادُ مع الطِّرافِ
يجوز أَن يكون جمع طَريف كظَريفٍ وظِرافٍ، أَو جمع طارِفٍ كصاحِبٍ
وصِحابٍ، ويجوز أَن يكون لغة في الطَّريف، وهو أَقيس لاقترانه بالتلاد، والعرب
تقول: ما له طارِفٌ ولا تالدٌ ولا طرِيفٌ ولا تليدٌ؛ فالطارفُ والطريفُ:
ما اسْتَحْدَثْت من المالِ واسْتَطْرفته، والتِّلادُ والتلِيدُ ما
ورِئْتَه عن الآباء قديماً. وقد طَرُفَ طَرافةً وأَطْرَفَه: أَفاده ذلك؛ أَنشد
ابن الأعرابي:
تَئِطُّ وتَأْدُوها الإفال مُرِبَّةً
بأَوْطانِها من مُطرَفاتِ الحَمائِل
(* قوله «تئط» هو في الأصل هنا بهمز ثانيه مضارع أط، وسيأتي تفسيره في
أدي.)
مُطْرَفاتٌ: أَطْرِفُوها غنيمةً من غيرهم.
ورجل طِرْفٌ ومُتَطَرِّفٌ ومُسْتَطْرِفٌ: لا يثبت على أَمْرٍ. وامرأَة
مَطْرُوفةٌ بالرجال إذا كانت لا خير فيها، تَطْمَحُ عَيْنُها إلى الرجال
وتَصْرف بَصَرَها عن بعلها إلى سواه. وفي حديث زياد في خُطبته: إنَّ
الدنيا قد طَرَفَتْ أَعْيُنكم أَي طَمَحتْ بأَبصاركم إليها وإلى زُخْرُفِها
وزينتها. وامرأَة مَطْروفَةٌ: تَطْرِفُ الرجالَ أَي لا تَثْبُت على واحد،
وُضِع المفعول فيه موضع الفاعل؛ قال الحُطيئة:
وما كنتُ مِثْلَ الهالِكِيِّ وعِرْسِه،
بَغَى الودَّ من مَطْرُوفةِ العينِ طامِح
وفي الصحاح: من مطروفة الودّ طامح؛ قال أَبو منصور: وهذا التفسير مخالف
لأَصل الكلمة. والمطروفة من النساء: التي قد طَرفها حبُّ الرِّجال أَي
أَصاب طَرْفَها، فهي تَطْمَحُ وتُشْرِفُ لكل من أَشْرَفَ لها ولا تَغُضُّ
طَرْفَها، كأَنما أَصابَ طرْفَها طُرفةٌ أَو عُود، ولذلك سميت مطروفة؛
الجوهري: ورجل طَرْفٌ
(* قوله «ورجل طرف» أورده في القاموس فيما هو بالكسر،
وفي الأصل ونسخ الصحاح ككتف، قال في شرح القاموس: وهو القياس.) لا
يَثبتُ على امرأَة ولا صاحب؛ وأَنشد الأَصمعي:
ومَطْروفةِ العَيْنَينِ خَفَّاقةِ الحَشَى،
مُنَعَّمةٍ كالرِّيمِ طابتْ فَطُلَّتِ
وقال طَرَفة يذكر جارية مُغَنِّية:
إذا نحنُ قلنا: أَسْمِعِينا، انْبَرَتْ لنا
على رِسْلِها مَطْروفةً لم تَشَدَّدِ
(* قوله «مطروفة» تقدم انشاده في مادة شدد: مطروقة بالقاف تبعاً للاصل.)
قال ابن الأَعرابي: المَطروفةُ التي أَصابتها طُرفة، فهي مطروفة، فأَراد
كأَنَّ في عينيها قَذًى من اسْتِرْخائها. وقال ابن الأعرابي: مَطْروفة
منكسرة العين كأَنها طُرِفَتْ عن كل شيء تنظر إليه.
وطَرَفْتُ عينه إذا أَصَبْتها بشيء فَدَمِعَتْ، وقد طُرِفَتْ عينه، فهي
مطروفة. والطَّرْفةُ أَيضاً: نقطة حمراء من الدم تحدُث في العين من ضربة
وغيرها. وفي حديث فُضَيْلٍ: كان محمد بن عبد الرحمن أَصْلع فَطُرِفَ له
طرْفة؛ أَصل الطَّرْفِ: الضرب على طرَف العين ثم نقل إلى الضرب على
الرأْس. ابن السكيت: يقال طَرَفْتُ فلاناً أَطرِفه إذا صَرَفْتَه عن شيء،
وطَرفه عنه أَي صَرفه وردّه؛ وأَنشد لعمر ابن أَبي ربيعة:
إنك، واللّهِ، لَذُو مَلَّةٍ،
يَطْرِفُك الأَدنى عن الأَبْعَدِ
أَي يَصْرِفك؛ الجوهري: يقول يَصْرِفُ بصرَك عنه أَي تَسْتَطرِفُ
الجَديد وتَنْسى القديم؛ قال ابن بري: وصواب إنشاده:
يَطْرِفك الأَدنى عن الأَقْدَمِ
قال: وبعده:
قلتُ لها: بل أَنت مُعْتَلّةٌ
في الوَصْلِ، يا هِند، لكي تَصْرِمي
وفي حديث نظر الفجأَة: وقال اطْرِفْ بصرك أَي اصْرِفْه عما وقع عليه
وامْتَدَّ إليه، ويروى بالقاف، وسيأْتي ذكره. ورجل طَرِفٌ وامرأَة طَرِفةٌ
إذا كانا لا يثبتان على عهد، وكلُّ واحد منهما يُحِبُّ أَن يَسْتَطْرِفَ
آخر غير صاحبه ويَطَّرِفَ غير ما في يده أَي يَسْتَحْدِثَ.
واطَّرَفْت الشيء أَي اشتريته حديثاً، وهو افْتَعَلْت. وبعير مُطَّرَفٌ:
قد اشترى حديثاً؛ قال ذو الرّمّة:
كأَنَّني من هَوى خَرْقاء مُطَّرَفٌ،
دامي الأَظلِّ بعِيدُ السَّأْوِ مَهْيُومُ
أَراد أَنه من هَواها كالبعير الذي اشتُري حديثاً فلا يزال يَحِنُّ إلى
أُلاَّفِه. قال ابن بري: المُطَّرف الذي اشتري من بلد آخر فهو يَنْزِعُ
إلى وطنه، والسَّأْوُ: الهِمّة، ومَهْيُومٌ: به هُيامٌ. ويقال: هائم
القلب. وطَرَفه عنا شُغل: حبسه وصَرَفه. ورجل مَطْروف: لا يثبت على واحدة
كالمَطْروفةِ من النساء؛ حكاه ابن الأعرابي:
وفي الحَيِّ مَطْروفٌ يُلاحظُ ظِلّه،
خَبُوطٌ لأَيْدي اللاَّمِساتِ، رَكُوضُ
والطِّرْفُ من الرجال: الرَّغِيبُ العين الذي لا يرى شيئاً إلا أَحَبَّ
أَن يكون له. أَبو عمرو: فلان مَطْروف العين بفلان إذا كان لا ينظر إلا
إليه. واسْتَطْرَفَتِ الإبلُ المَرْتَع: اختارتْه، وقيل: اسْتأْنَفَتْه.
وناقة طَرِفةٌ ومِطْرافٌ: لا تَكاد تَرْعى حتى تَسْتَطْرِفَ. الأَصمعي:
المِطْرافُ التي لا تَرْعى مَرْعًى حتى تَسْتَطْرِفَ غيرَه. الأَصمعي:
ناقة طَرِفةٌ إذا كانت تُطْرِفُ الرِّياضَ رَوْضةً بعد رَوْضةٍ؛ وأَنشد:
إذا طَرِفَتْ في مَرْتَعٍ بَكَراتُها،
أَو اسْتَأْخَرَتْ عنها الثِّقالُ القَناعِسُ
ويروى: إذا أَطْرَفَتْ. والطرَفُ: مصدر قولك طَرِفَتِ الناقة، بالكسر،
إذا تَطَرَّفت أَي رَعَتْ أَطرافَ المرعى ولم تَخْتَلِطْ بالنوق. وناقة
طَرِفة: لا تثبت على مرعى واحد. وسِباعٌ طوارِفُ: سوالِبُ. والطريفُ في
النسب: الكثير الآباء إلى الجدّ الأَكبر. ابن سيده: رجل طَرِفٌ وطَريف كثير
الآباء إلى الجدّ الأَكبر ليس بذي قُعْدُدٍ، وفي الصحاح: نَقِيضُ
القُعدد، وقيل: هو الكثير الآباء في الشرف، والجمع طُرُفٌ وطُرَفٌ وطُرّافٌ؛
الأَخيران شاذان؛ وأَنشد ابن الأعرابي في الكثير الآباء في الشرَف
للأَعشى:أَمِرُونَ ولاَّدُونَ كلَّ مُبارَكٍ،
طَرِفُونَ لا يَرِثُونَ سَهْمَ القُعْدُدِ
وقد طَرُفَ، بالضم، طَرافةً. قال الجوهري: وقد يُمْدَحُ به. والإطْرافُ:
كثرة الآباء. وقال اللحياني: هو أَطْرَفُهم أَي أَبْعَدُهم من الجد
الأَكبر. قال ابن بري: والطُّرْفى في النسب مأْخوذ من الطرف، وهو البُعْدُ،
والقُعْدى أَقرب نسباً إلى الجد من الطُّرفى، قال: وصحَّفه ابن ولاَّد
فقال: الطُّرْقى، بالقاف. والطرَفُ، بالتحريك: الناحية من النواحي والطائفة
من الشي، والجمع أَطراف. وفي حديث عذاب القبر: كان لا يَتَطَرَّفُ من
البَوْلِ أَي لا يَتباعَدُ؛ من الطرَف: الناحية. وقوله عز وجل: أَقِمِ
الصلاةَ طَرَفي النهارِ وزُلَفاً من الليل؛ يعني الصلوات الخمس فأَحدُ طَرَفي
النهار صلاة الصبح والطرَفُ الآخر فيه صلاتا العَشِيِّ، وهما الظهر
والعصر، وقوله وزُلَفاً من الليل يعني صلاة المغرب والعشاء. وقوله عز وجل: ومن
الليل فسَبِّحْ وأَطْراف النهارِ؛ أَراد وسبح أَطراف النهار؛ قال
الزجاج: أَطْرافُ النهار الظهر والعصر، وقال ابن الكلبي: أَطراف النهار ساعاته.
وقال أَبو العباس: أَراد طرفيه فجمع.
ويقال: طَرَّفَ الرجل حول العسكر وحول القوم، يقال: طرَّف فلان إذا قاتل
حول العسكر لأنه يحمل على طَرَف منهم فيردُّهم إلى الجُمْهور. ابن سيده:
وطرَّف حول القوم قاتَل على أَقصاهم وناحيتهم، وبه سمي الرجل
مُطَرِّفاً. وتطرَّفَ عليهم: أَغار، وقيل: المُطَرِّف الذي يأْتي أَوائل الخيل
فيردُّها على آخرها، ويقال: هو الذي يُقاتِل أَطراف الناس؛ وقال ساعِدةُ
الهذلي:
مُطَرِّف وَسْطَ أُولى الخَيْلِ مُعْتَكِر،
كالفَحْلِ قَرْقَرَ وَسْطَ الهَجْمةِ القَطِم
وقال المفضَّل: التطريفُ أَن يردّ الرجل عن أُخْريات أَصحابه. ويقال:
طرَّفَ عنا هذا الفارسُ؛ وقال متمم:
وقد عَلِمَتْ أُولى المغِيرة أَنَّنا
نُطَرِّفُ خَلْفَ المُوقصاتِ السَّوابقا
وقال شمر: أَعْرِفُ طَرَفَه إذا طَرَدَه. ابن سيده: وطَرَفُ كل شي
مُنتهاه، والجمع كالجمع، والطائفة منه طَرَفٌ أَيضاً. وفي الحديث: أَن النبي،
صلى اللّه عليه وسلم، قال: عليكم بالتَّلْبِينةِ، وكان إذا اشْتكى
أَحدُهم لم تُنْزَلِ البُرمة حتى يأْتي على أَحد طَرَفَيْه أَي حتى يُفِيق من
عِلَّتِه أَو يموت، وإنما جَعَل هذين طرفيه لأَنهما منتهى أَمر العليل في
علته فهما طرَفاه أَي جانباه. وفي حديث أَسماء بنت أَبي بكر: قالت لابنها
عبداللّه: ما بي عَجَلة إلى الموت حتى آخُذَ على أحد طَرَفَيْكَ: إما
أَن تُسْتَخْلَفَ فتَقَرَّ عيني، وإمَّا أَن تُقْتَل فأَحْتَسِبَك.
وتَطَرَّف الشيءُ: صار طرَفاً.
وشاةٌ مُطرَّفةٌ: بيضاء أَطرافِ الأُذنين وسائرها أَسود، أَو سَوْداؤها
وسائرها أَبيض. وفرس مُطرَّف: خالَفَ لونُ رأْسِه وذنبه سائر لَونه. وقال
أَبو عبيدة: من الخيل أَبْلَقُ مُطرَّف، وهو الذي رأْسه أَبيض، وكذلك إن
كان ذنبه ورأْسه أَبيضين، فهو أَبلق مطرَّف، وقيل: تَطْريفُ الأُذنين
تأْلِيلُهما، وهي دِقّة أَطْرافهما. الجوهري: المُطَرَّف من الخيل، بفتح
الراء، هو الأَبيض الرأْس والذنب وسائره يخالف ذلك، قال: وكذلك إذا كان
أَسود الرأْس والذنب، قال ويقال للشاة إذا اسْوَدَّ طرفُ ذَنبها وسائرها
أَبيض مُطرَّفة. والطَّرَفُ: الشَّواةُ، والجمع أَطْراف. والأَطْرافُ:
الأَصابع، وفي التهذيب: اسم الأَصابع، وكلاهما من ذلك، قال: ولا تفرد
الأَطْرافُ إلا بالإضافة كقولك أَشارت بَطرَفِ إصبَعِها ؛ وأَنشد
الفراء:يُبْدِينَ أَطْرافاً لِطافاً عَنَمَهْ
قال الأزهري: جعل الأَطراف بمعنى الطرَف الواحد ولذلك قال عَنَمَه.
ويقال: طَرَّفَت الجارية بَنانَها إذا خضَبت أَطْراف أَصابعها بالحِنَّاء،
وهي مُطَرَّفة، وفي الحديث: أَنَّ إبراهيم الخليل، عليه السلام، جُعل في
سَرَبٍ وهو طِفْل وجُعِل رِزْقه في أَطْرافه أَي كان يَمَصُّ أَصابعه فيجد
فيها ما يُغَذِّيه. وأَطرافُ العَذارَى: عِنب أَسود طوال كأَنه البَلُّوط
يشبَّه بأَصابع العذارى المُخَضَّبة لطوله، وعُنقودُه نحو الذراع، وقيل:
هو ضرب من عنب الطائف أَبيض طوال دقاق. وطَرَّفَ الشيءَ وتَطَرَّفه:
اخْتاره؛ قال سويد بن كراع العُكلِيُّ:
أُطَرِّفُ أَبكاراً كأَنَّ وُجوهَها
وجُوهُ عَذارى، حُسِّرَتْ أَن تُقَنَّعا
وطرَفُ القومِ: رئيسهم، والجمعُ كالجمع. وقوله عز وجل: أَوَلم يَرَوْا
أَنَّا نأْتي الأَرضَ نَنْقُصها من أَطرافها؛ قال: معناه موتُ علمائها،
وقيل: موت أَهلها ونقصُ ثمارها، وقيل: معناه أَوَلم يروا أَنَّا فتحنا على
المسلمين من الأَرض ما قد تبيَّن لهم، كما قال: أَوَلم يروا أَنَّا نأْتي
الأَرض ننقصها من أَطرافها أَفَهُم الغالبون؛ الأَزهري: أَطرافُ الأَرض
نواحِيها، الواحد طَرَف وننقصها من أَطرافها أَي من نواحِيها ناحيةً
ناحيةً، وعلى هذا من فسّر نقْصَها من أَطرافها فُتوح الأَرضين، وأَما من جعل
نقصها من أَطرافها موت علمائها، فهو من غير هذا، قال: والتفسير على القول
الأَوَّل. وأَطراف الرجال: أَشرافُهم، وإلى هذا ذهب بالتفسير الآخر؛ قال
ابن أَحمر:
عليهنَّ أَطرافٌ من القومِ لم يكنْ
طَعامهُمُ حَبّاً، بِزغْبةَ أَغْبَرَا
وقال الفرزدق:
واسْأَلْ بنا وبكم، إذا ورَدَتْ مِنًى،
أَطرافَ كلِّ قَبِيلةٍ مَنْ يُمْنَعُ
يريد أَشْراف كل قبيلة. قال الأَزهري: الأَطراف بمعنى الأَشراف جمع
الطرَفِ أَيضاً؛ ومنه قول الأَعشى:
هم الطُّرُفُ البادُو العدوِّ، وأَنتُمُ
بقُصْوَى ثلاثٍ تأْكلون الرَّقائِصا
قال ابن الأَعرابي: الطُّرُفُ في هذا البيت بيت الأَعشى جمع طَرِيفٍ،
وهو المُنْحَدِر في النسب، قال: وهو عندهم أَشرف من القُعْدُد. وقال
الأَصمعي: يقال فلان طَريفُ النسب والطَّرافة فيه بَيِّنة وذلك إذا كان كثير
الآباء إلى الجدّ الأَكبر، وفي الحديث: فمال طَرَفٌ من المشركين على رسول
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي قِطعة منهم وجانب؛ ومنه قوله تعالى:
ليقطع طَرَفاً من الذين كفروا. وكلُّ مختار طَرَف، والجمع أَطراف؛ قال:
ولمَّا قَضَيْنا مِنْ مِنًى كلَّ حاجةٍ،
ومَسَّحَ بالأَرْكانِ منْ هو ماسِحُ
أَخَذْنا بأَطْرافِ الأَحاديثِ بَينَنا،
وسالتْ بأَعْناقِ المَطِيِّ الأباطِحُ
قال ابن سيده: عنَى بأَطراف الأَحاديث مُختارها، وهو ما يتعاطاه المحبون
ويتَفاوَضُه ذوو الصبابة المُتَيَّمون من التعريض والتَّلْوِيحِ
والإيماء دون التصريح، وذلك أَحْلى وأَخفُّ وأَغْزَل وأَنسبُ من أَن يكونَ
مشافَهة وكشْفاً ومُصارَحة وجهراً. وطَرائفُ الحديث: مُختاره أَيضاً كأَطرافه؛
قال:
أَذْكُرُ مِن جارَتي ومَجْلِسِها
طَرائفاً من حديثها الحَسَنِ
ومن حديثٍ يَزِيدُني مِقَةً،
ما لِحَدِيثِ المَوْموقِ من ثَمَنِ
أَراد يَزِيدُني مِقة لها. والطَّرَفُ: اللحمُ. والطرَفُ: الطائفةُ من
الناس. تقول: أَصَبْتُ طَرَفاً من الشيء؛ ومنه قوله تعالى: ليَقْطَعَ
طرَفاً من الذين كفروا؛ أي طائفة. وأَطرافُ الرجلِ: أَخوالُه وأَعمامه وكلُّ
قَرِيبٍ له مَحْرَمٍ. والعرب تقول: لا يُدْرَى أَيُّ طَرَفَيْه أَطولُ،
ومعناه لا يُدْرى أَيُّ والدَيْه أَشرف؛ قال: هكذا قاله الفراء. ويقال: لا
يُدرى أَنَسَبُ أَبيه أَفضل أَم نسَبُ أُمّه. وقال أَبو الهيثم: يقال
للرجل ما يَدرِي فلان أَيُّ طَرَفَيْه أَطولُ أَي أَيُّ نصفَيه أَطول،
أَلطَّرَفُ الأَسفل من الطَّرَف الأَعلى، فالنصف الأَسفلُ طَرَف، والأَعْلى
طرَف، والخَصْرُ ما بين مُنْقَطع الضُّلُوع إلى أَطراف الوَرِكَيْنِ وذلك
نصف البدن، والسّوْءةُ بينهما، كأَنه جاهل لا يَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْ
نفسِه أَطولُ. ابن سيده: ما يَدْرِي أَي طرفيه أَطول يعني بذلك نسَبه من
قِبَل أَبيه وأُمه، وقيل: طرَفاه لِسانُه وفَرجُه، وقيل: اسْتُه وفمُه لا
يَدرِي أَيُّهما أَعفُّ؛ ويُقَوِّيه قول الراجز:
لو لم يُهَوْذِلْ طَرَفاهُ لَنَجَمْ،
في صَدْرِه، مَثْلُ قَفا الكَبْشُ الأَجَمّ
يقول: لولا أَنه سَلَحَ وقاء لقامَ في صَدْرِه من الطعام الذي أَكل ما
هو أَغْلظُ وأَضْخَمُ من قَفا الكَبْشِ الأَجَمِّ . وفي حديث طاووسٍ:
أَنَّ رجلاً واقَعَ الشرابَ الشدِيد فَسُقِي فَضَريَ فلقد رأْيتُه في
النِّطَع وما أَدْرِي أَيُّ طَرَفَيْه أَسْرَعُ؛ أَراد حَلْقَه ودُبرَه أَي
أَصابه القَيْء والإسْهال فلم أَدرِ أَيهما أَسرع خروجاً من كثرته. وفي حديث
قَبِيصةَ ابن جابر: ما رأَيتُ أَقْطَعَ طرَفاً من عمرو بن العاص؛ يريد
أَمْضَى لساناً منه. وطرَفا الإنسان: لسانه وذَكرُه؛ ومنه قولهم: لا يُدرى
أَيُّ طرفيه أَطول. وفلان كريم الطرَفين إذا كان كريم الأَبوَيْن، يراد
به نسَبُ أَبيه ونسب أُّمه؛ وأَنشد أَبو زيد لعَوْن ابن عبداللّه بن
عُتْبة بن مسعود:
فكيفَ بأَطرافي، إذا ما شَتَمْتَني،
وما بعدَ شَتْمِ الوالِدِينَ صُلُوحُ
(* قوله «فكيف بأطرافي إلخ» تقدم في صلح كتابته باطراقي بالقاف والصواب
ما هنا.)
جمعهما أَطرافاً لأَنه أَراد أَبويه ومن اتصل بهما من ذويهما، وقال أَبو
زيد في قوله بأَطرافي قال: أَطْرافُه أَبواه وإخوته وأَعمامه وكل قريب
له محرم؛ الأَزهري: ويقال في غير هذا فلان فاسد الطرَفين إذا كان خَبيثَ
اللسان والفرج، وقد يكون طرَفا الدابة مُقدّمَها ومؤخّرها؛ قال حُمَيد بن
ثور يصف ذئباً وسُرعته:
تَرى طَرَفَيْه يَعْسِلانِ كِلاهُما،
كما اهْتَزَّ عُودُ الساسَمِ المتتايِعُ
أَبو عبيد: ويقال فلان لا يَملِك طرَفيه، يعنون اسْته وفمه، إذا شَرِب
دواءً أَو خمراً فقاء وسَكِر وسَلَحَ. والأَسودُ ذو الطَّرَفين: حَيّة له
إبرتان إحداهما في أَنفه والأُخرى في ذنبه، يقال إنه يضرب بهما فلا
يُطْني الأَرض.
ابن سيده: والطرَفانِ في المَديد حذف أَلف فاعلاتن ونونِها؛ هذا قول
الخليل وإنما حكمه أَن يقول: التَّطْريفُ حذف أَلف فاعلاتن ونونها، أَو يقول
الطرَفانِ الأَلف والنون المحذوفتان من فاعلاتن.
وتَطَرَّفَتِ الشمسُ: دَنَت للغروب؛ قال:
دَنا وقَرْنُ الشمس قد تَطَرَّفا
والطِّرافُ: بَيْت من أَدَم ليس له كِفاء وهو من بيوت الأَعراب؛ ومنه
الحديث: كان عَمرو لمعاوية كالطِّراف المَمدود.
والطوارفُ من الخِباء: ما رَفَعْت من نواحيه لتنظر إلى خارج، وقيل: هي
حِلَقٌ مركبة في الرُّفوف وفيها حِبال تُشدُّ بها إلى الأَوتاد.
والمِطْرَفُ والمُطْرَفُ: واحد المَطارِفِ وهي أَرْدِية من خز مُرَبَّعة
لها أَعْلام، وقيل: ثوب مربع من خزّ له أَعلام. الفراء: المِطْرَفُ من
الثياب ما جعل في طَرَفَيْه عَلمانِ، والأَصل مُطرَف، بالضم، فكسروا الميم
ليكون أَخف كما قالوا مِغْزَل وأَصله مُغْزَل من أُغْزِلَ أَي أُدير،
وكذلك المِصْحَفُ والمِجْسَد؛ وقال الفراء: أَصله الضم لأَنه في المعنى
مأْخوذ من أُطرِفَ أَي جُعل في طرَفه العَلَمان، ولكنهم اسْتَثْقَلوا الضمة
فكسروه. وفي الحديث: رأَيت على أبي هريرة، رضي اللّه عنه، مِطْرَفَ خزٍّ؛
هو بكسر الميم وفتحها وضمها، الثوب الذي في طرفيه علمان، والميم زائدة.
الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً يقول لآخر قَدِمَ من سفَر: هل وراءك طَريفةُ
خَبَرٍ تُطْرِفُناه؟ يعني خبراً جديداً، ومُغَرِبَّةُ خبَرٍ مثله.
والطُّرْفةُ: كل شيء استحدَثْته فأَعجبك وهو الطريفُ وما كان طَريفاً، ولقد
طَرُفَ يَطْرُفُ. والطَّريفةُ: ضَرب من الكلإِ، وقيل: هو النَّصِيُّ إذا
يَبِسَ وابْيَضَّ، وقيل: الطَّريفةُ الصِّلِّيانُ وجميع أَنواعهما إذا
اعْتَمَّا وتَمَّا، وقيل: الطريفة من النبات أَوَّل شيء يَسْتَطرِفه المالُ
فيرعاه، كائناً ما كان، وسميت طريفة لأَن المالَ يَطَّرِفُه إذا لم يجد
بقلاً. وقيل: سميت بذلك لكرمها وطَرافَتِها واسْتطراف المال إياها.
وأُطْرِفَتِ الأَرضُ: كثرت طريفتها. وأَرض مطروفة: كثيرة الطريفة. وإبل طَرِفَةٌ:
تَحاتَّتْ مَقادِمُ أَفواهِها من الكِبَر، ورجل طريفٌ بَيِّنُ
الطَّرافة: ماضٍ هَشٌّ. والطَّرَفُ: اسم يُجْمع الطَّرْفاء وقلما يستعمل في الكلام
إلا في الشعر، والواحدة طَرَفةٌ، وقياسه قَصَبة وقصَب وقَصْباء وشجرة
وشجر وشَجْراء.
ابن سيده: والطرَفةُ شجرة وهي الطَّرَفُ، والطرفاء جماعةُ الطرَفةِ
شجرٌ، وبها سمي طَرَفَةُ بن العَبْد، وقال سيبويه: الطرْفاء واحد وجمع،
والطرفاء اسم للجمع، وقيل: واحدتها طرفاءة. وقال ابن جني: من قال طرفاء
فالهمزة عنده للتأنيث، ومن قال طرفاءة فالتاء عنده للتأْنيث، وأَما الهمزة على
قوله فزائدة لغير التأْنيث قال: وأَقوى القولين فيها أَن تكون همزة
مُرْتَجَلَةً غير منقلبة، لأنها إذا كانت منقلبة في هذا المثال فإنها تنقلب عن
أَلف التأْنيث لا غير نحو صَحْراء وصَلْفاء وخَبْراء والخِرْشاء، وقد
يجوز أَن تكون عن حرف علة لغير الإلحاق فتكون في الألف لا في الإلحاق كأَلف
عِلباء وحِرْباء، قال: وهذا مما يؤكِّد عندك حالَ الهاء، أَلا ترى أَنها
إذا أَلحَقت اعتَقَدت فيما قبلها حُكماً ما فإذا لم تُلْحِقْ جاز الحكم
إلى غيره؟ والطَّرْفاء أَيضاً: مَنْبِتُها، وقال أَبو حنيفة: الطرْفاء من
العضاه وهُدْبُه مثل هدب الأَثْلِ، وليس له خشب وإنما يُخرج عِصِيّاً
سَمْحة في السماء، وقد تتحمض بها الإبل إذا لم تجد حَمْضاً غيره؛ قال: وقال
أَبو عمرو الطرفاء من الحَمْض، قال وبها سمي الرجل طَرَفة.
والطَّرْفُ من مَنازِل القمر: كوكبان يَقْدُمانِ الجَبهةَ وهما عَينا
الأَسد ينزلهما القمر.
وبنو طَرَفٍ: قوم من اليمن. وطارِفٌ وطَريفٌ وطُرَيْفٌ وطَرَفةُ
ومُطَرِّفٌ: أَسماء. وطُرَيْف: موضع، وكذلك الطُّرَيْفاتُ؛ قال:
رَعَتْ سُميراء إلى إرْمامِها،
إلى الطُّرَيْفات، إلى أَهْضامِها
وكان يقال لبني عَدِيّ بن حاتم الطَّرَفاتُ قُتِلوا بِصِفِّينَ،
أَسماؤهم: طَريفٌ وطَرَفةُ ومُطَرِّفٌ.
ذبب: الذَّبُّ: الدَّفْعُ والـمَنْعُ. والذَّبُّ: الطَّرْدُ.
وذَبَّ عنه يَذُبُّ ذَبّاً: دَفَعَ ومنع، وذَبَبْت عنه. وفُلانٌ يَذُبُّ عن حَرِيمِه ذَبّاً أَي يَدْفَعُ عنهم؛ وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه:
إِنما النِّساءُ لَحْمٌ على وَضَمٍ، إِلا ما ذُبَّ عنه؛ قال:
مَنْ ذَبَّ منكم، ذَبَّ عَنْ حَمِـيمِهِ، * أَو فَرَّ منكم، فَرَّ عَنْ حَريمِهِ
وذَبَّبَ: أَكْثَرَ الذَّبَّ.
ويقال: طِعانٌ غيرُ تَذْبِـيبٍ إِذا بُولِغَ فيه.
ورجلٌ مِذَبٌّ وذَبَّابٌ: دَفَّاعٌ عن الحرِيمِ.
وذَبْذَبَ الرَّجلُ إِذا مَنَعَ الجِوارَ والأَهْلَ أَي حَماهم.
والذَّبِّـيُّ: الجِلْوازُ.
وذَبَّ يَذِبُّ ذَبّاً: اختَلَفَ ولم يَسْتَقِمْ في مكانٍ واحدٍ. وبعيرٌ ذَبٌّ: لا يَتَقارُّ في مَوْضِع؛ قال:
فكأَننا فيهم جِمالٌ ذَبَّةٌ، * أُدْمٌ، طَلاهُنَّ الكُحَيْل وَقار
فقوله ذَبَّةٌ، بالهاءِ، يَدل على أَنه لم يُسَمَّ بالـمَصْدر إِذ لو
كان مَصْدَراً لقال جِمالٌ ذَبٌّ، كقولك رِجالٌ عَدْلٌ. والذَّبُّ: الثَّوْرُ الوَحْشِـيُّ، ويقال له أَيضاً: ذَبُّ الرِّيادِ، غير مهموزٍ، وسُمِّيَ بذلك لأَنه يَخْتَلِف ولا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ واحدٍ؛ وقيل: لأَنه يَرُودُ فيذهَبُ ويَجِـيءُ؛ قال ابن مقبل:
يُـمشّي بها ذَبُّ الرِّياد، كأَنه * فَـتىً فارِسِـيٌّ، في سَراويلَ، رامِحُ
وقال النابغة:
كأَنما الرَّحْلُ منها فَوْق ذِي جُدَدٍ، * ذَبِّ الرِّيادِ، إِلى الأَشْباح نَظَّارِ
وقال أَبو سعيد: إِنما قيل له ذَبُّ الرِّياد لأَن رِيَادَه أَتانُه التي تَرُودُ معه، وإِن شئتَ جَعَلْتَ الرِّيادَ رَعْيه نَفْسَه للكَلإِ.
وقال غيره: قيل له ذَبُّ الرِّيادِ لأَنه لا يَثْبُتُ في رَعْيِـه في مكانٍ
واحدٍ، ولا يُوطِن مَرْعًى واحداً. وسَمَّى مُزاحِمٌ العُقَيْليّ الثَّوْرَ الوَحْشِـيَّ الأَذبَّ؛ قال:
بِلاداً، بها تَلْقَى الأَذَبَّ، كأَنه، * بها، سابِريٌّ لاحَ، منه، البَنائِقُ
أَراد: تَلْقَى الذَّبَّ، فقال الأَذَبَّ لحاجته. وفُلانٌ ذَبُّ الرِّيادِ: يذهَبُ ويَجيءُ، هذه عن كُراع. أَبو عمرو: رَجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ إِذا كان زَوَّاراً للنساءِ؛ وأَنشد لبعض الشعراءِ فيه:
ما للْكَواعبِ، يا عَيْسَاءُ، قد جَعَلَتْ * تَزْوَرُّ عنّي، وتُثْنَى، دُونيَ، الـحُجَرُ؟
قد كنتُ فَتَّاحَ أَبوابٍ مُغَلَّقَةٍ، * ذَبَّ الرِّيادِ، إِذا ما خُولِسَ النَّظَرُ
وذَبَّتْ شَفَتُه تَذِبُّ ذَبّاً وذَبَباً وذُبوباً، وذَبِبَتْ: يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبَلَتْ من شدَّةِ العطش، أَو لغيرِه. وشَفَةٌ ذَبَّانةٌ: ذابِلة، وذَبَّ لسانُه كذلك؛ قال:
هُمُ سَقَوْني عَلَلاً بعدَ نَهَلْ، * مِن بعدِ ما ذَبَّ اللِسانُ وذَبَلْ
وقال أَبو خَيْرَة يصف عَيْراً:
وشَفَّهُ طَرَدُ العاناتِ، فَهْوَ به * لوْحانُ، مِن ظَمَإٍ ذَبٍّ، ومِن عَضَبِ
أَراد بالظَّمَإِ الذَّبِّ: اليابِسَ.
وذَبَّ جِسمُه: ذَبَلَ وهَزُلَ. وذَبَّ النَّبْتُ: ذَوَى. وذَبَّ الغَدِيرُ، يَذِبُّ: جَفَّ، في آخرِ الجَزْءِ، عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
مَدارِينُ، إِن جاعُوا، وأَذْعَرُ مَن مَشَى، * إِذا الرَّوْضَةُ الخضراءُ ذَبَّ غَدِيرُها
يروى: وأَدْعَرُ مَنْ مَشى. وذَبَّ الرجُلُ يَذِبُّ ذَبّاً إِذا شَحَبَ
لَوْنُه. وذَبَّ: جَفَّ.
وصَدَرَت الإِبِلُ وبها ذُبابةٌ أَي بَقِـية عَطَشٍ.
وذُبابةُ الدَّيْنِ: بقِـيتُه. وقيل: ذُب ابَةُ كل شيءٍ بقِـيتُه.
والذُّبابةُ: البقِـية من الدَّيْن ونحوِه؛ قال الراجز:
أَو يَقْضِـيَ اللّهُ ذُباباتِ الدَّيْنْ
أَبو زيد: الذُّبابة بقِـيَّةُ الشيء؛ وأَنشد الأَصمعي لذي الرُّمة:
لَـحِقْنا، فراجَعْنا الـحُمولَ، وإِنما * يُتَلِّي، ذُباباتِ الوداعِ، الـمُراجِعُ
يقول: إِنما يُدْرِكُ بقايا الـحَوائج من راجَع فيها. والذُّبابة
أَيضاً: البقِـية من مِـياه الأَنهارِ.
وذَبَّبَ النَّهارُ إِذا لم يَبْقَ منه إِلا بقِـية، وقال:
وانْجابَ النهارُ، فَذَبَّـبا
والذُّبابُ: الطَّاعون. والذُّبابُ: الجُنونُ. وقد ذُبَّ الرجُلُ إِذا جُنَّ؛ وأَنشد شمر:
وفي النَّصْرِيِّ، أَحْياناً، سَماحٌ، * وفي النَّصْريِّ، أَحْياناً، ذُبابُ
أَي جُنونٌ. والذُّبابُ الأَسْوَدُ الذي يكون في البُيوتِ، يَسْقُط في
الإِناءِ والطَّعامِ، الواحدةُ ذُبابةٌ، ولا تَقُلْ ذِبَّانة. والذُّبابُ أَيضاً: النَّحْل ولا يقال ذبابة في شيءٍ من ذلك، إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عن الأَحْمَرِ ذبابة؛ هكذا وقع في كتاب الـمُصَنَّف، رواية أَبي
عليّ؛ وأَما في رواية عليِّ بنِ حمزة، فَحَكى عن الكسائي: الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ؛ وحُكِـيَ عن الأَحمر أَيضاً: النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط
على الدَّوابِّ، وأَثْـبت الهاءَ فيهما، والصَّواب ذُبابٌ، هو واحدٌ. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف في خَلايا العَسَل وحِمايـتِها، إِنْ أَدَّى ما كان يُـؤَدِّيه إِلى رسولِ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، من عُشورِ نَحْلِه، فاحْمِ له، فإِنما هو ذُبابُ غَيْثٍ، يأْكُلُه مَنْ شاءَ. قال ابن الأَثير: يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ،
وأَضافَه على الغَيْثِ إِلى معنى أَنه يكونُ مَعَ الـمَطَر حيثُ كان، ولأَنه يَعِـيشُ بأَكْلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ؛ ومعنى حِماية الوادي له: أَنَّ
النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وما رَخُصَ منها ونَعُمَ، فإِذا حُمِـيَتْ مَراعِـيها، أَقامت فيها ورَعَتْ وعَسَّلَتْ، فكَـثُرَتْ منافعُ أَصحابِها؛ وإِذا لم تُحْمَ مَراعِـيها، احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ في طَلَبِ الـمَرْعَى، فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ؛ وقيل: معناه أَنْ يُحْمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه، فلا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل، لأَن سبيلَ العسَل الـمُباحِ سبيلُ الـمِـياهِ والـمَعادِنِ والصُّيودِ، وإِنما يَمْلِكُه من سَبَقَ إِليه، فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ منه، وانْفَرَدَ به وَجَبَ عليه إِخْراجُ العُشْرِ منه، عند مَن أَوجب فيه الزَّكاة.التهذيب: واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ، بغير هاءٍ. قال: ولا يُقال ذُبَابة.
وفي التنزيل العزيز: وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ شيئاً؛ فسَّروه للواحد،
والجمع أَذِبَّةٌ في القِلَّة، مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ؛ قال النابغة:
ضَرَّابة بالـمِــشْفَرِ الأَذِبَّهْ
وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ، سيبويه، ولم يَقْتَصِرُوا به على أَدْنى العدد، لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف، يعني أَنَّ فُعالاً لا يكَسَّر في أَدنى العدد على فِعْلانٍ،
ولو كان مـمَّا يَدْفَعُ به البناءُ إِلى التَّضعيف، لم يُكسَّر على ذلك
البناءِ، كما أَنَّ فِعَالاً ونحوه، لـمَّا كان تكسيره على فُعُل يُفْضِـي به إِلى التَّضْعِـيف، كسروه على أَفعلة؛ وقد حكى سيبويه،
مع ذلك، عن العرب: ذُبٌّ، في جمع ذُبابٍ، فهو مع هذا الإِدغامِ على اللُّغَة التَّمِـيمِـيَّة، كما يَرْجِعون إِليها، فيما كان ثانِـيه واواً،
نحو خُونٍ ونُورٍ. وفي الحديث: عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً،
والذُّبابُ في النار؛ قيل: كَوْنُه في النار ليس لعذاب له، وإِنما لِـيُعَذَّبَ به أَهل النار بوقوعه عليهم، والعرب تَكْنُو الأَبْخَر: أَبا ذُبابٍ، وبعضهم يَكْنيه: أَبا ذِبَّانٍ، وقد غَلَبَ ذلك على عبدالملك بن مَرْوانَ لِفَسادٍ كان في فَمِه؛ قال الشاعر:
لَعَلِّـيَ، إِنْ مالَتْ بِـيَ الرِّيحُ مَيلةً * على ابنِ أَبي الذِّبّانِ، أَن
يَتَنَدّما
يعني هشامَ بنَ عبدالملك.
وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّـبه: نَحَّاه.
ورجل مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ. وأَصابَ فُلاناً من فلانٍ ذُبابٌ
لادِغٌ أَي شَرٌّ.
وأَرض مَذَبَّةٌ: كثيرةُ الذُّبابِ.
وقال الفرَّاءُ: أَرضٌ مَذْبوبة، كما يقال مَوْحُوشةٌ من الوَحْشِ.
وبَعيرٌ مَذْبُوبٌ: أَصابه الذُّبابُ، وأَذَبُّ كذلك، قاله أَبو عبيد في
كتاب أَمراضِ الإِبل؛ وقيل: الأَذَبُّ والـمَذْبوبُ جميعاً: الذي إِذا
وَقَع في الرِّيفِ، والريفُ لا يكونُ إِلاَّ في المصادرِ، اسْتَوْبَـأَهُ،
فمات مكانَه؛ قال زياد الأَعْجمُ في ابنِ حَبْنَاء:
كأَنـَّكَ، مِن جِمالِ بني تَـمِـيمٍ، * أَذَبُّ، أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا
يقول: كأَنـَّك جَمَلٌ نزلَ ريفاً، فأَصابَهُ الذُّبابُ، فالْـتَوَتْ عُنُقُه، فمات.
والـمِذَبَّةُ: هَنَةٌ تُسَوَّى من هُلْبِ الفَرَسِ، يُذَبُّ بها الذُّبابُ؛ وفي الحديث: أَنّ النبـيّ، صلّى اللّه عليه وسلّم، رأَى رَجُلاً طويلَ الشَّعَر، فقال: ذُبابٌ؛ الذُّبابُ الشُّـؤْم أَي هذا شُؤْمٌ.
ورجل ذُبابيٌّ: مأْخوذٌ من الذُّبابِ، وهو الشُّؤْمُ. وقيل: الذُّبابُ
الشَّرُّ الدَّائِم، يقال: أَصابكَ ذُبابٌ من هذا الأَمْرِ. وفي حديث
المغيرة: شَرُّها ذُبابٌ. وذُبابُ العَينِ: إِنْسانُها، على التَّشبِـيهِ
بالذُّباب. والذُّبابُ: نُكْـتَةٌ سوداءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ، والجمع كالجمع. وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ: حَدُّها؛ قال المثَقّب العبدي:
وتَسْـمَعُ، للذُّبابِ، إِذا تَغَنَّى، * كَتَغْريدِ الـحَمَامِ على الغُصُونِ
وذبابُ السَّيْفِ: حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَــتَيْهِ؛ وما حَوْلَه من
حَدَّيْهِ: ظُبَتَاه؛ والعَيْرُ: النَّاتـئُ في وَسَطِه، من باطنٍ وظاهرٍ؛ وله غِرَارانِ، لكلِّ واحدٍ منهما، ما بينَ العَيْرِ وبين إِحدى الظُّبَتَين من ظاهِر السَّيفِ وما قُبالَةَ ذلك من باطنٍ، وكلُّ واحدٍ من الغِرارَينِ من باطنِ السَّيف وظاهره؛ وقيل: ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه الـمُتَطَرِّفُ الذي يُضْرَبُ به، وقيل حَدُّه. وفي الحديث: رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ، فأَوَّلْـتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي، فقُتِل حَمْزَةُ. والذُّبابُ من أُذُنِ الانسانِ والفَرَس: ما حَدَّ من طَرَفِها. أَبو
عبيد:
في أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما، وهما ما حُدَّ من أَطرافِ الأُذُنَيْن. وذُبابُ الـحِنَّاء: بادِرةُ نَوْرِه.
وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ: عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ؛ قال عنترة:
يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إِثرِهِ، * وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ
إِمّا أَنْ يكونَ على النَّسَب، وإِمّا أَنْ يكون أَراد خَشِـيباً، فحذف
للضرورة.
وذَبَّـبْنا لَيْـلَتَنَا أَي أَتْعَبْنا في السَّير.
ولا يَنالونَ الماءَ إِلاَّ بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع؛ قال ذو الرُّمة:
مُذَبِّـبَة، أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي * وتَهْجِـيري، إِذا اليَعْفُورُ قالا
اليَعْفُورُ: الظَّبيُ. وقال: من القَيْلُولة أَي سَكَنَ في كِنَاسِه مِن شِدَّةِ الـحَرِّ.
وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ: طَويلٌ يُسارُ فيه إِلى الماءِ من بُعْدٍ، فيُعَجَّل بالسَّيرِ. وخِمْسٌ مُذَبِّبٌ: لا فُتُورَ فيه.
وذَبَّبَ: أَسْرَع في السَّيرِ؛ وقوله:
مَسِـيرَة شَهْرٍ للبَعِـيرِ الـمُذَبْذِبِ
أَرادَ الـمُذَبِّبَ.
وأَذَبُّ البعيرِ: نابُهُ؛ قال الراجز:
كأَنَّ صَوْتَ نابِهِ الأَذَبِّ
صَرِيفُ خُطَّافٍ، بِقَعْوٍ قَبِّ
والذَّبْذَبَةُ: تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ .
والذَّبْذَبَة والذَّباذِبُ: أَشياءُ تُعَلَّقُ بالهودَجِ أَو رأْسِ البعيرِ للزينةِ، والواحد ذُبْذُبٌ.
والذَّبْذَبُ: اللِّسانُ، وقيلَ الذَّكَر. وفي الحديث: مَنْ وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ وقَبْقَبِه، فقد وُقـيَ. فَذَبْذَبُه: فَرْجُه، وقَبْقَبُه: بَطْنُه. وفي رواية: مَن وُقِـيَ شَرَّ ذَبْذَبِه دَخَلَ الجنَّةَ؛ يعني الذَّكَر سُمِّيَ بِه لتَذَبْذُبِهِ أَي حَرَكَتِه.
والذَّباذِبُ: المذاكِيرُ. والذَّباذِبُ: ذكر الرجلِ، لأَنـَّه يَتَذَبْذَبُ أَي يَترَدَّد؛ وقيل الذَّباذِب: الخُصَى، واحِدتُها ذَبْذَبَةٌ.
ورجلٌ مُذَبْذِبٌ ومُتَذَبْذِبٌ: مُترَدِّدٌ بين أَمْرَين أَو بين رجُلَين، ولا تَـثْبُتُ صُحْبَتُه لواحِدٍ منهما. وفي التنزيل العزيز في صفة
المنافقين: مُذَبْذَبِـين بين ذلك لا إِلى هؤُلاء ولا إِلى هؤُلاء.
المعنى: مُطَرَّدين مدَفَّعين عن هؤُلاء وعن هؤُلاء. وفي الحديث: تَزَوَّجْ، وإِلاَّ فأَنتَ من الـمُذَبذِبِـينَ أَي الـمَطْرُودين عن المؤْمنين
لأَنـَّكَ لم تَقْتَدِ بِهِم، وعن الرُّهْبانِ لأَنـَك تَركتَ طَرِيقَتَهُمْ؛ وأَصلُه من الذَّبِّ، وهو الطَّرْدُ. قال ابن الأَثير: ويجوز أَن يكونَ من الحركة والاضْطِرابِ.
والتَّذَبْذُبُ: التَّحرُّكُ.
والذَّبْذَبةُ: نَوْسُ الشيءِ الـمُعَلَّقِ في الهواءِ.
وتَذَبْذَبَ الشيءُ: ناسَ واضْطَرَبَ ، وذَبْذَبَهُ هو؛ أَنشد ثعلب:
وحَوْقَلٍ ذَبْذَبَهُ الوَجِـيفُ، * ظَلَّ ،لأَعْلَى رأْسِهِ، رَجِـيفُ
وفي الحديث: فكأَني أَنْظُرُ إِلى يَدَيْه تَذَبْذَبانِ أَي تَتَحَرَّكانِ وتَضْطَرِبان، يريد كُـمَّيْهِ. وفي حديث جابر: كان عليَّ بُرْدَة
لها ذباذِبُ أَي أَهْدابٌ
وأَطْرافٌ، واحدُها ذِبْذِبٌ، بالكسرِ، سُمِّـيَتْ بذلك لأَنـَّها تَتَحَرَّك على لابسِها إِذا مَشى؛ وقول أَبي ذؤَيب:
ومِثْل السَّدُوسِـيَّـيْن، سادَا وذَبْذَبا * رِجال الـحِجازِ، مِنْ مَسُودٍ وَسائدِ
قيل: ذَبْذَبا عَلَّقَا . يقول تقطع دونهما رجالُ الحجازِ . وفي الطَّعام
ذُبَيْباءُ ، ممدودٌ ،حكاه أَبو حنيفة في باب الطَّعام الذي فيه ما لا خَيْرَ فيه ، ولم يفسِّره ؛ وقد قيل : إِنها الذُّنَيْناءُ، وستُذْكر في موضِعِها . وفي الحديث : أَنه صَلَبَ رجُلاً على ذُبابٍ ، هو جبلٌ بالمدينة.
فطس: الفَطَس: عِرَضُ قَصَبَة الأَنف وطُمَأْنِينَتُها، وقيل: الفَطَس،
بالتحريك، انخِفاضُ قَصَبَة الأَنف وتَطامُنها وانتِشارُها، والاسم
الفَطَسَة لأَنها كالعاهة، وقد فَطِسَ فَطَساً، وهو أَفطَس، والأُنثى فطساء.
والفَطَسة: موضع الفَطَس من الأَنف. وفي حديث أَشراط الساعة: تُقاتِلون
قَوْماً فُطْس الأُنوف؛ الفَطَس:
انخِفاض قَصَبَة الأَنف وانفِراشُها. وفي الحديث في صفة نَمْرَةِ
العَجُوزِ: فُطْسٌ خُنْسٌ أَي صغار الحب لاطئة الأَقْماع. وفُطْس: جمع فَطْساء.
والفِطِّيسة والفِنْطِيسَة: خَطْم الخنزير. ويقال لِخَطْم الخنزير:
فَطَسَة؛ وروي عن أَحمد ابن يحيى قال: هي الشفة من الإِنسان، ومن ذات الخف
المِــشْفَر، ومن السباع الخَطْم والخُرْطُوم، ومن الخنزير الفِنْطِيسة؛ كذا
رواه على فِنْعِيلة، والنون زائدة: الجوهري: فِطِّيسة الخنزير أَنفه،
وكذلك الفِنْطِيسة.
والفِطِّيس، مثال الفِسِّيق: المِطْرَقَة العظيمة والفَأْس العظيمة.
والفَطْسُ: حبُّ الآس، واحدته فَطْسة. والفَطْس: شدّة الوطء. وفَطَس
يَفْطِس فُطُوساً إِذا مات؛ وقيل: مات من غير داء ظاهر. وطَفَسَ أَيضاً:
مات، فهو طافِس وفاطِس؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تَتْرُكُ يَرْبُوعَ الفَلاةِ فاطِسا
والفَطْسَة، بالتسكين: خَرَزَة يؤخَّذ بها؛ يقولون
(* قوله «يقولون
أَخذته إلخ» عبارة القاموس وشرحه: يقولون:
أَخذته بالفطسة بالثؤبا والعطسة
بقصر الثؤباء مراعاة لوزن المنهوك.) :
أَخَّذْتُه بالفَطْسَةِ
بالثُّؤَبَا والعَطْسَةِ
قال الشاعر:
جَمَّعْنَ من قَبَلٍ لَهُنَّ وفَطْسةٍ
والدَّرْدَبِيسِ، مُقابَلاً في المَنْظَمِ
نجب: في الحديث: إِنَّ كلَّ نَبِـيٍّ أُعْطِـيَ سبعة نُجَباءَ رُفَقاءَ.
ابن الأَثير: النَّجيبُ الفاضلُ من كلِّ حيوانٍ؛ وقد نَجُبَ يَنْجُبُ
نَجابةً إِذا كان فاضلاً نَفيساً في نوعه؛ ومنه الحديث: إِن اللّه يُحِبُّ التاجِرَ النَّجِـيبَ أَي الفاضل الكَريم السَّخِـيَّ. ومنه حديث ابن مسعود: الأَنْعامُ من نَجائبِ القُزَانِ، أَو نواجِبِ القرآن أَي من أَفاضل سُوَره. فالنَّجائِبُ جمع نَجيبةٍ، تأْنيثُ النَّجِـيبِ. وأَما
النَّواجِبُ، فقال شَمِر: هي عِتاقُه، من قولهم: نَجَبْتُهُ إِذا قَشَرْتَ نَجَبَه، وهو لِحاؤُه وقِشْرُه، وتَرَكْتَ لُبابَه وخالصَه. ابن سيده: النَّجِـيبُ من الرجال الكريمُ الـحَسِـيبُ، وكذلك البعيرُ والفرسُ إِذا كانا كريمين عَتِـيقين، والجمع أَنجاب ونُجَباءُ ونُجُبٌ. ورجل نَجِـيبٌ أَي كريم، بَيِّنُ النَّجابة. والنُّجَبةُ، مثالُ الـهُمَزة: النَّجِـيبُ. يقال: هو نُجَبَةُ القَوم إِذا كان النَّجِـيبَ منهم.
وأَنْجَبَ الرجلُ أَي ولَدَ نَجِـيباً؛ قال الشاعر:
أَنْجَبَ أَزْمانَ والداهُ به، * إِذ نَجَلاهُ، فنِعْمَ ما نَجَلا
والنَّجيبُ من الإِبل، والجمع النُّجُبُ والنَّجائبُ. وقد تكرر في
الحديث ذِكْرُ النَّجِـيبِ من الإِبل، مفرداً ومجموعاً، وهو القويُّ منها، الخفيف السريع، وناقَةٌ نَجِـيبٌ ونجيبةٌ.
وقد نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابةً، وأَنجَبَ، وأَنجَبَتِ المرأَةُ، فهي مُنْجِـبةٌ، ومِنْجابٌ. وَلَدَتِ النُّجَبَاءَ؛ ونسوةٌ مَناجِـيبُ، وكذلك الرجلُ.
يقال: أَنجَبَ الرجلُ والمرأَةُ إِذا ولدا ولداً نَجِـيباً أَي كَرِيماً. وامرأَة مِنْجابٌ: ذات أَولادٍ نجَباء. ابن الأَعرابي: أَنجَبَ الرجلُ جاءَ بولد نَجِـيبٍ. وأَنجَبَ: جاءَ بولد جَبانٍ، قال: فمن جعله ذَمّاً، أَخَذَه من النَّجَب، وهو قِشْرُ الشجر. والنَّجابةُ: مَصْدَرُ النَّجِـيبِ من الرِّجال، وهو الكريم ذو الـحَسَب إِذا خَرَج خُروجَ أَبيه في الكَرَم؛ والفِعْلُ نَجُبَ يَنْجُبُ نَجابةً، وكذلك النَّجابةُ في نجائبِ الإِبل، وهي عِتاقُها التي يُسابَقُ عليها.والـمُنْتَجَبُ: الـمُختارُ من كل شيءٍ؛ وقد انْتَجَبَ فلانٌ فلاناً إِذا اسْتَخْلَصَه، واصْطَفاه اخْتياراً على غيره.
والـمِنْجابُ: الضعيف، وجمعه مَناجيبُ؛ قال عُرْوة ابنُ مُرَّة
الـهُذَليُّ:
بَعَثْتُه في سَوادِ اللَّيلِ يَرْقُبُني، * إِذ آثر النَّومَ والدِّفْءَ الـمَناجيبُ
ويروى الـمَناخِـيبُ، وهي كالـمَناجيب، وهو مذكور
في موضعه. والـمِنْجابُ من السهام: ما بُرِيَ وأُصْلِـحَ ولم يُرَشْ ولم يُنْصَلْ، قاله الأَصمعي. الجوهري: الـمِنْجابُ السَّهْمُ الذي ليس عليه ريش ولا نَصلٌ. وإِناءٌ مَنْجُوبٌ: واسعُ الجوف، وقيل: واسع القَعْر، وهو مذكور بالفاءِ أَيضاً؛ قال ابن سيده: وهو الصواب؛ وقال غيره: يجوز أَن تكون الباء والفاء تعاقبتا، وسيأْتي ذكره في الفاءِ أَيضاً. والنَّجَبُ، بالتحريك: لِـحَاءُ الشَّجَرِ؛ وقيل: قِشْرُ عروقها؛ وقيل: قِشْرُ ما صَلُبَ منها. ولا يقال لِـمَا لانَ منْ قُشُور الأَغصانِ نَجَبٌ، ولا يقال: قِشْرُ العُروق، ولكن يقالُ: نَجَبُ العُروق، والواحدة نَجَبةٌ.
والنَّجْبُ، بالتسكين: مصدر نَجَبْتُ الشجرة أَنْجُبُها وأَنجِـبُها إِذا أَخذت قِشرَة ساقِها. ابن سيده: ونَجَبه يَنْجُبُه، ويَنْجِـبُه نَجْباً، ونجَّبه تَنْجِـيباً، وانْتَجَبَه: أَخذه. وذَهَبَ فلانٌ يَنتَجِبُ أَي يجْمَعُ النَّجَبَ. وفي حديث أُبَـيّ: الـمُؤْمنُ لا تُصيبُه ذَعْرة، ولا عَثْرة، ولا نَجْبةُ نملةٍ إِلاَّ بذَنْبٍ؛ أَي قَرْصَةُ نملةٍ، مِن نَجَبَ العُودَ إِذا
قَشَرَه؛ والنَّجَبَةُ، بالتحريك: القِشرَةُ. قال ابن الأَثير: ذكره أَبو
موسى ههنا، ويروى بالخاءِ المعجمة، وسيأْتي ذكره؛ وأَما قوله:
يا أَيـُّها الزاعِمُ أَني أَجْتَلِبْ، * وأَنني غَيرَ عِضاهي أَنْتَجِبْ
فمعناه أَنني أَجْتَلِبُ الشِّعْرَ من غَيري، فكأَني إِنما آخُذُ القِشْرَ لأَدْبُغَ به من عِضاهٍ غير عِضاهي.
الأَزهري: النَّجَبُ قُشُورُ السِّدْر، يُصْبَغُ به، وهو أَحمر. وسِقاءٌ
مَنْجوبٌ ونَجَبـيٌّ: مدبوغ بالنَّجَب، وهي قُشور سُوق الطَّلْح، وقيل: هي لِـحَاءُ الشَّجَر، وسِقاءٌ نَجَبـيٌّ.
وقال أَبو حنيفة، قال أَبو مِسْحَل: سِقاءٌ مِنْجَبٌ مدبوغ بالنَّجَب.
قال ابن سيده: وهذا ليس بشيءٍ، لأَن مِنْجَباً مِفْعَلٌ، ومِفْعَلٌ لا
يُعَبَّرُ عنه بمفعول. والـمَنجوبُ: الجلْدُ المدبوغ بقُشور سُوق الطَّلْح.
والـمَنْجُوبُ: القَدَحُ الواسِـع.
ومِنْجابٌ ونَجَبةُ: اسمان. والنَّجَبَةُ: موضعٌ بعينه، عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
فنحنُ فُرْسانٌ غَداةَ النَّجَبَهْ،
يومَ يَشُدُّ الغَنَوِيُّ أُرَبَهْ،
عَقْداً بعَشْرِ مائةٍ لَنْ تُتْعِـبَهْ
قال: أَسَرُوهمْ، ففَدَوْهُم بأَلْفِ ناقةٍ.
والنَّجْبُ: اسم موضع؛ قال القَتَّالُ الكِلابيُّ (1)
(1 قوله «قال القتال الكلابي» وبعده كما في ياقوت:
الى صفرات الملح ليس بجوّها * أنيس ولا ممن يحل بها شفر
شفر كقفل أي أحد. يقال ما بها شفر ولا كتيع كرغيف ولا دبيج كسكين.) :
عَفا النَّجْبُ بَعْدي فالعُرَيْشانِ فالبُتْرُ، * فبُرْقُ نِعاجٍ من أُمَيْمَة فالـحِجْرُ
ويومُ ذي نَجَبٍ: يومٌ من أَيام العرب مشهور.
حور: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه
حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون
الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في
هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ
يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس
كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها
ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ
رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ،
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها،
وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما
كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي
الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد
الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد
لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض،
وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم
عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على
حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من
الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في
الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ
عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان
في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:
المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث
بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلهُ ولولا مَجْدُ طالِبِها،
لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،
والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل
أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في
مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان
صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في
حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا
إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما
يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح
الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر،
وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ:
ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ
إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء،
بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة،
والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار
إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا
حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛
يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به
الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:
يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان
محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما
يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من
القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ
جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛
وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ له،
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر.
وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَِوارَهُ
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي
نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن
الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش
بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت
فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها
وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ
في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال
الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ
الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْـ
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة
والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس
في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء
والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله وإِنما يكون
هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في
البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا
أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:
احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن
قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خفيةً أَنْ تُبِيحَها
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من
النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب
الحُوَّارَى:
مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم
لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:
الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال
الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل
على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي
وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصري. قال: وأَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا
ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من
لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد
مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ
يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله
أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم
به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه
عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه
السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ:
البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من
أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من
التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي
يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة
حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه
السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه
حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:
الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح وأَصله
الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:
الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ،
وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:
الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش
الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته،
وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:
الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض
حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام
أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه
فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن
مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِــشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوُْر: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل،
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:
السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي
الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد
حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛
قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ
والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى
الحَوَرَِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير
القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين
يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ
ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:
وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد
قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى
بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛
وقوله:أَلا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة
ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً
الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ
للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له
مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد
قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها
البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه
البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور
فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ
الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز
تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً
بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في
المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها،
والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال:
حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار
حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على
عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ
يَحُورُ إِذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه
لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا
ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي
النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة
التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق
بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو
نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ
بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّامِ، لَمَّا
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في
باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ
الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:
الصَّدَفة.والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما
رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:
هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها
إِلى حال دونها، والبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه
ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:
موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال:
أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا
فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة
ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن
يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
بظر: البَظْرُ: ما بين الإِسْكَتَيْنِ من المرأَة، وفي الصحاح: هَنَةٌ
بَيْنَ الإِسْكَتَيْن لم تُخْفَضْ، والجمع بُظور، وهو البَيْظَرُ
والبُنْظُر والبُنظارة والبَظَارَةُ؛ الأَخيرة عن أَبي غسان. وفي الحديث: يا ابنَ
مُقَطِّعَة البُظُور، جمع بَظْر، ودعاه بذلك لأَن أُمه كانت تَخْتنُ
النساءَ، والعرب تطلق هذا اللفظ في معرض الذَّم وإِن لم تكن أُمُّ من يقال
له هذا خاتنةً، وزاد فيها اللحياني فقال: والكَيْنُ والنَّوْفُ
والرَّفْرَف، قال: ويقال للناتئ في أَسفل حياء الناقة البُظارة أَيضاً. وبُظارة
الشاة: هَنَةٌ في طرف حيائها. ابن سيده: والبُظارة طرف حياء الشاة وجميع
المواشي من أَسفله؛ وقال اللحياني: هي الناتئُ في أَسفل حياء الشاة؛
واستعاره جرير للمرأَة فقال:
تُبَرِّئُهُمْ مِنْ عَقْرِ جِعْثِنَ، بَعدما
أَتَتْكَ بِمَسْلوخِ البُظارَةِ وارِمِ
ورواه أَبو غسان البَظارة، بالفتح.
وأَمَةٌ بَظْرَاءُ: بينة البَظْرِ طويلة البَظْرِ، والاسم البَظَرُ ولا
فعل له، والجمع بُظْرٌ، والبَظَرُ المصدر من غير أَن يقال بَظِرَتْ
تَبْظَرُ لأَنه ليس بحادث ولكنه لازم. ويقال للتي تَخْفُضُ الجواريَ:
مُبَظِّرَة. والمُبَظِّرُ: الخَتَّانُ كأَنه على السلب. ورجل أَبْظَرُ: لم
يُخْتَنْ. والبُظْرَةُ: نُتُوءٌ في الشفة، وتصغيرها بُظَيْرَةٌ. والأَبْظَرُ:
النَّاتئُ الشفةِ العليا مع طولها، ونُتُوء في وسطها محاذ للأَنف. أَبو
الدقيش: امرأَة بِظْريرٌ، بالظاء، طويلة اللسان صَخَّابَةٌ. وقال أَبو
خيرة: بِظْرِيرٌ شُبِّه لِسانُها بالبَظْرِ. قال الليث: قول أَبي الدقيش
أَحب إلينا، ونظيرها معروف؛ وروى بعضهم بِطْرِيرٌ، بالطاء، أَي أَنها
بَطِرَتْ وأَشِرَتْ. والبُظْرَةُ والبُظَارَةُ: الهَنَةُ الناتِئَة في وسط
الشفة العليا إِذا عظمت قليلاً. ورجل أَبْظَر: في شفته العليا طول مع نُتُوء
في وسطها، وهي الحِثْرِمَةُ ما لم تطل، فإِذا طالت قليلاً فالرجل حينئذ
أَبْظر. وروي عن علي أَنه أَتى في فريضة وعنده شريح فقال له عليّ: ما تقول
فيها أَيها العبد الأَبْظَر؟ وقد بَظِرَ الرجلُ بَظَراً وقيل:
الأَبْظَرُ الذي في شفته العليا طول مع نُتُوء. وفلان يُمِصُّ
(* قوله «وفلان يمص
إلخ» أي قال له امصص بظر فلانة كما في القاموس). فلاناً ويُبَظِّره. وذهب
دَمُه بِظْراً أَي هَدْراً، والطاء فيه لغة، وقد تقدم. والبَظْرُ
الخاتمُ، حِمْيَرِيَّة، وجمعه بُظُور؛ قال شاعرهم:
كما سَلَّ البُظُورَ مِن الشَّناتِرْ
الشناتر: الأَصابع. التهذيب: والبَظْرةُ، بسكون الظاء، حَلْقَةُ الخاتم
بلا كرسي، وتصغيرها بُظَيْرة أَيضاً، قال: والبُظَيْرَةُ تصغير البَظْرَة
وهي القليل من الشعر في الإِبط يتوانى عن نتفه، فيقال: تحت إِبطه
بُظَيْرَة. قال: والبَضْرُ: بالضاد، نَوْفُ الجارية قبل أَن تُخْفَضَ، ومن
العرب من يبدل الظاء ضاداً فيقول: البَضْرُ، وقد اشتكى ضَهْرِي، ومنهم من
يبدل الضاد ظاء، فيقول: قد عَظَّتِ الحربُ بني تميم.
هدل: الأَزهري: هَدَر الغلامُ وهَدَل إِذا صوَّت؛ قال ذو الرمة:
طَوى البَطْنَ زَيَّامٌ كأَنَّ سَحِيلَه
عليهنَّ، إِذْ وَلَّى، هَدِيلُ غُلام
أَي غِناءُ غُلام. ابن سيده: الهَدِيل صوتُ الحمام، وخصَّ بعضهم به
وحْشِيَّتها كالدَّباسِيِّ والقَمارِيِّ ونحوها، هَدَل القُمْرِيُّ، وفي
المحكم: هَدَل يَهْدِل هَدِيلاً؛ قال ذو الرمة:
إِذا ناقَتي عند المُحَصَّب شاقَها
رَواحُ اليَماني، والهَدِيلُ المُرَجَّعُ
(* قوله «إذا ناقتي» في الصحاح:ارى ناقتي).
وأَنشد ابن بري:
ما هاجَ شَوْقَك من هَدِيلِ حمامةٍ،
تَدْعُو على فَنَنِ الغُصُون حَماما
قال ابن بري: وقد جاء الهَدِيل في صوت الهُدْهُد؛ قال الراعي:
كَهُداهِدٍ كسَرَ الرُّماةُ جَناحَهُ،
يَدْعُو بِقارِعِه الطريقِ هَدِيلا
قال: وهذا تصغير هُدْهُد أُبْدِلت من يائه أَلف، قال: ومثله دُوابَّةٌ،
حكاهما أَبو عمرو ولم يُعْرَف لهما ثالث. وهَدَلت الحمامة تَهْدِل
هَدِيلاً، وقيل: الهَدِيل ذكَرُ الحمام، وقيل: هو فَرْخها؛ قال جِرانُ
العَوْد:كأَنّ الهَدِيل الظَّالِعَ الرِّجْل وَسْطَها،
من البَغْي، شِرِّيبٌ يُغَرِّد مُنْزَفُ
وقال بعضهم: تزعم الأَعراب في الهَدِيل أَنه فرْخ كانَ غلى عهد نوح،
عليه السلام، فمات ضَيْعةً وعطَشاً فيقولون إِنه ليس من حمامة إِلاَّ وهي
تبكي عليه؛ قال نُصيب
(* قوله «قال نصيب إلخ» في المحكم: قال نصيب، ولم
يذكر خلافاً، وفي التهذيب: قال الاموي وأنشدني ابن أبي وجزة السعدي
لنصيب).وقيل هو لأَبي وجزة:
فقلت: أَتبكي ذاتُ طَوْقٍ تذكَّرتْ
هَدِيلاً، وقد أَوْدى وما كان تُبَّعُ؟
يقول: ولم يخلق تُبَّع بعدُ، قال: ويقال صادَ الهَدِيلَ جارِحٌ من
جَوارِح الطير؛ وأَنشد الكميت الأَسدي:
وما مَنْ تَهْتِفِينَ به لِنَصْرٍ
بأَسْرَعَ، جابةً لكِ، من هَدِيلِ
فمرّة يجعلونه الطائرَ نفسَه، ومرَّة يجعلونه الصَّوْت. والهَدِيلُ
أَيضاً: الرجل الكثير الشعَر، وقيل: هو الأَشْعَث الذي لا يسرِّح رأْسه ولا
يدهنه؛ أَنشد أَبو زيد:
هِدانٌ أَخُو وَطْبٍ، وصاحِبُ عُلْبة،
هَدِيلٌ لِرَثَّاثِ النِّقالِ جَرُورُ
النِّقال: النِّعالُ الخُلْقان. ورجل هَدِيل: ثقيل. وتَهَدَّلتِ
الثِّمارُ وأَغصان الشجرة أَي تدلَّت، فهي مُتَهَدِّلة. وفي حديث قُسّ: وروضةٍ
قد تَهَدَّلت أَغصانها أَي تدلَّت واسترختْ لثِقَلها بالثمر. وفي حديث
الأَحْنف: من ثِمارٍ مُتَهَدِّلةٍ.
وهَدَل الشيءَ يَهْدِله هَدْلاً: أَرسله إِلى أَسفل وأَرخاه. والهَدَل:
استرخاه المِــشْفَر الأَسفل، هَدِل هَدَلاً. ومِــشْفَر هادِلٌ وأَهْدَل
وشَفة هَدْلاء: مُنْقَلِبة عن الذَّقَن. وهدِل البعير يَهْدَل هَدَلاً فهو
أَهْدَل: أَخذته القرحة فهَدِل مِــشْفَره وطال. وهَدِل يَهْدَل هَدلاً فهو
هَدِل: طال مِــشْفره، وبعير هَدِل منه. وبعير أَهْدَل، وذلك مما يمدح به؛
قال أَبو محمد الحَذْلَمي:
يُبادِر الحَوْضَ، إِذا الحَوْضُ شُغِلْ،
بكلِّ شَعشاعٍ صُهابيٍّ هَدِلْ
(* قوله «يبادر الحوض إلخ» هكذا في الأصل، وانشده للعجاج في شعشع بلفظ:
تبادر الحوض إذا الحوض شغل * بشعشعانيّ صهابيّ
هدل
والشطر الثاني في المحكم والتهذيب مثل ما هنا).
وقد تَهَدَّلتْ شَفَته أَي استرختْ، وقيل: الهَدَل في الشفة عِظَمُها
واسترخاؤها وذلك للبعير، وإِنما يقال رجل أَهْدَل وامرأَة هَدْلاء مستعاراً
من البعير. وفي حديث ابن عباس: أَعْطِهم صَدَقَتك وإِن أَتاك أَهْدَل
الشفتين؛ الأَهْدَلُ: المسترخي الشفة السفلى الغليظها، أَي وإِن كان الآخذ
أَسود حَبَشيّاً أَو زِنْجيّاً، والضمير في أَعْطِهم للوُلاة وأُولي
الأَمْرِ. وفي حديث زياد: أَهْدَبُ أَهْدَلُ: والسحاب إِذا تدلَّى هَيْدَبُه
فهو أَهدَل؛ قال الكميت:
بِتَهْتانِ دِيمَتِهِ الأَهْدَلِ
ويقال: شِدْق أَهدَل؛ قال الراجز:
يُلْقِيه في طُرْقٍ أَتتها من عَلِ
قُذْف لها جُوفٍ وشِدْقٍ أَهْدَلِ
(* قوله «يلقيه في طرق إلخ» هكذا في الأصل مضبوطاً).
والتَّهَدُّل: استرخاء جلدة الخُصْية ونحو ذلك؛ قال:
كأَنَّ خُصْيَيْهِ من التَّهَدُّلِ،
ظَرْفُ عَجُوز فيه ثِنْتا حَنْظَلِ
ويروى: من التَّدَلْدُل.
والهَدال: ما تَهَدَّل من الأَغصان؛ قال الأَعشى:
ظَبْيَةٌ من ظِباء وَجْرَة أَدْما
ءُ، تَسُفُّ الكَباثَ تحت الهَدالِ
الجوهري: والهَدالُ ما تَدَلَّى من الغصن؛ وقال:
يَدْعُو الهَدِيلُ وساقُ حُرٍّ فَوْقَه،
أُصُلاً، بأَوديةٍ ذَواتِ هدالِ
وأَنشد ابن بري:
طامٍ عليه وَرَقُ الهَدالِ
والهَدالةُ: شجرة تنبت في السَّمُر ليست منه وتنبت في اللَّوْز والرمّان
وفي كل شجرة
(* قوله «وفي كل شجرة» كذا في الأصل والمحكم، وفي الصاغاني:
وفي كل الشجر). وثمرتها بيضاء، وقيل: الهَدالة كلُّ غصن نبت مستقيماً في
طَلْحة أَو أَراكة، وهو مما يُشْفَى به المَطْبوب، والجمع هَدَالٌ،
ويقال: كل غصن ينبت في أَراكة أَو طَلْحة مستقيمة فهي هَدالةٌ، كأَنها مخالفة
لسائرها من الأَغصان، وربما دَاوَوْا به من السِّحْر والجُنون.
والهَدَال: ضرْب من الشجر. والهَدَال: شجر بالحجاز له ورَق عِراض أَمثال
الدَّراهِم الضِّخام لا ينبت إِلاَّ مع أَشجار السَّلَع والسَّمُر؛ يَسْحَقه
أَهلُ اليمن ويطبُخُونه. وقال أَبو حنيفة لَبَن هِدْلٌ لغة في إِدْلٍ لا
يُطاق حَمَضاً، قال ابن سيده: وأُراه على البدَل.
ذكر: الذِّكْرُ: الحِفْظُ للشيء تَذْكُرُه. والذِّكْرُ أَيضاً: الشيء
يجري على اللسان. والذِّكْرُ: جَرْيُ الشيء على لسانك، وقد تقدم أَن
الذِّكْرَ لغة في الذكر، ذَكَرَهُ يَذْكُرُه ذِكْراً وذُكْراً؛ الأَخيرة عن
سيبويه. وقوله تعالى: واذكروا ما فيه؛ قال أَبو إِسحق: معناه ادْرُسُوا ما
فيه. وتَذَكَّرَهُ واذَّكَرَهُ وادَّكَرَهُ واذْدَكَرَهُ، قلبوا تاء
افْتَعَلَ في هذا مع الذال بغير إِدغام؛ قال:
تُنْحي على الشَّوكِ جُرَازاً مِقْضَبا،
والهَمُّ تُذْرِيهِ اذْدِكاراً عَجَبَا
(* قوله: «والهم تذريه إلخ» كذا بالأَصل والذي في شرح الأَشموني:
«والهرم وتذريه اذدراء عجبا» أَتى به شاهداً على جواز الإِظهار بعد قلب تاء
الافتعال دالاً بعد الذال. والهرم، بفتح الهاء فسكون الراء المهملة: نبت
وشجر أَو البقلة الحمقاء كما في القاموس، والضمير في تذريه للناقة، واذدراء
مفعول مطلق لتذريه موافق له في الاشتقاق، انظر الصبان).
قال ابن سيده: أَما اذَّكَرَ وادَّكَر فإِبدال إِدغام، وأَما الذِّكْرُ
والدِّكْرُ لما رأَوها قد انقلبت في اذَّكَرَ الذي هو الفعل الماضي
قلبوها في الذِّكْرِ الذي هو جمع ذِكْرَةٍ.
واسْتَذْكَرَهُ: كاذَّكَرَه؛ حكى هذه الأَخيرة أَبو عبيد عن أَبي زيد
فقال: أَرْتَمْتُ إِذا ربطتَ في إِصبعه خيطاً يَسْتَذْكِرُ به حاجَتَه.
وأَذْكَرَه إِياه: ذَكَّرَهُ، والاسم الذِّكْرَى. الفراء: يكون الذِّكْرَى
بمعنى الذِّكْرِ، ويكون بمعنى التَّذَكُّرِ في قوله تعالى: وذَكِّرْ فإِن
الذِّكْرَى تنفع المؤمنين. والذِّكْرُ والذِّكْرى، بالكسر: نقيض النسيان،
وكذلك الذُّكْرَةُ؛ قال كعب بن زهير:
أَنَّى أَلَمَّ بِكَ الخَيالُ يَطِيفُ،
ومَطافُه لَكَ ذُكْرَةٌ وشُعُوفُ
يقال: طاف الخيالُ يَطِيفُ طَيْفاً ومَطَافاً وأَطافَ أَيضاً.
والشُّعُوفُ: الولُوعُ بالشيء حتى لا يعدل عنه. وتقول: ذَكَّرْتُه ذِكْرَى؛ غير
مُجْرَاةٍ. ويقال: اجْعَلْه منك على ذُكْرٍ وذِكْرٍ بمعنى. وما زال ذلك مني
على ذِكْرٍ وذُكْرٍ، والضم أَعلى، أَي تَذَكُّرٍ. وقال الفراء:
الذِّكْرُ ما ذكرته بلسانك وأَظهرته. والذُّكْرُ بالقلب. يقال: ما زال مني على
ذُكْرٍ أَي لم أَنْسَه. واسْتَذْكَرَ الرجلَ: ربط في أُصبعه خيطاً
ليَذْكْرَ به حاجته. والتَّذكِرَةُ: ما تُسْتَذْكُرُ به الحاجة. وقال أَبو حنيفة
في ذِكْرِ الأَنْواء: وأَما الجَبْهَةُ فَنَوْؤُها من أَذْكَرِ الأَنْواء
وأَشهرها؛ فكأَن قوله من أَذْكَرِها إِنما هو على ذِكُرَ وإِن لم يلفظ
به وليس على ذَكِرَ، لأَن أَلفاظ فعل التعجب إِنما هي من فِعْلِ الفاعل لا
من فِعْلِ المفعول إِلاَّ في أَشياء قليلة. واسْتَذْكَرَ الشيءَ:
دَرَسَةَ للذِّكْرِ. والاسْتِذْكارُ: الدِّرَاسَةُ للحفظ. والتَّذَكُّر: تذكر
ما أُنسيته. وذَكَرْتُ الشيء بعد النسيان وذَكْرتُه بلساني وبقلبي
وتَذَكَّرْتُه وأَذْكَرْتُه غيري وذَكَّرْتُه بمعنًى. قال الله تعالى: وادَّكَرَ
بعد أُمَّةٍ؛ أَي ذَمَرَ بعد نِسْيان، وأَصله اذْتَكَرَ فَأُدغم.
والتذكير: خلاف التأْنيث، والذَّكَرُ خلاف الأُنثى، والجمع ذُكُورٌ
وذُكُورَةٌ وذِكَارٌ وذِكَارَةٌ وذُكْرانٌ وذِكَرَةٌ. وقال كراع: ليس في
الكلام فَعَلٌ يكسر على فُعُول وفُعْلان إِلاَّ الذَّكَرُ. وامرأَة ذَكِرَةٌ
ومُذَكَّرَةٌ ومُتَذَكِّرَةٌ: مُتَشَّبَهةٌ بالذُّكُورِ. قال بعضهم:
إِياكم وكُلَّ ذَكِرَة مُذَكَّرَةٍ شَوْهاءَ فَوْهاءَ تُبْطِلُ الحَقِّ
بالبُكاء، لا تأْكل من قِلَّةٍ ولا تَعْتَذِرُ من عِلَّة، إِن أَقبلت
أَعْصَفَتْ وإِن أَدْبَرَتْ أَغْبَرَتْ. وناقة مُذَكَّرَةٌ: مُتَشَبِّهَةٌ
بالجَمَلِ في الخَلْقِ والخُلُقِ؛ قال ذو الرمة:
مُذَكَّرَةٌ حَرْفٌ سِنَادٌ، يَشُلُّها
وَظِيفٌ أَرَحُّ الخَطْوِ، ظَمْآنُ سَهْوَقُ
ويوم مُذَكَّرٌ: إِذا وُصِفَ بالشِّدّةِ والصعوبة وكثرة القتل؛ قال
لبيد:فإِن كنتِ تَبْغِينَ الكِرامَ، فأَعْوِلِي
أَبا حازِمٍ، في كُلِّ مُذَكَّرِ
وطريق مُذَكَّرٌ: مَخُوفٌ صَعْبٌ.
وأَذْكَرَتِ المرأَةُ وغَيْرُها فهي مُذْكِرٌ: ولدت ذَكَراً. وفي الدعاء
للحُبْلَى: أَذْكَرَتْ وأَيْسَرَتْ أَي ولدت ذَكَراً ويُسِّرَ عليها.
وامرأَة مُذْكِرٌ: ولدت ذَكَراً، فإِذا كان ذلك لها عادة فهي مِذْكارٌ،
وكذلك الرجل أَيضاً مِذْكارٌ؛ قال رؤْبة:
إِنَّ تَمِيماً كان قَهْباً من عادْ،
أَرْأَسَ مِذْكاراً، كثيرَ الأَوْلادْ
ويقال: كم الذِّكَرَةُ من وَلَدِك؟ أَي الذُّكُورُ وفي الحديث: إِذا غلب
ماءُ الرجل ماءَ المرأَة أَذْكَرَا؛ أَي ولدا ذكراً، وفي رواية: إِذا
سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأَة أَذْكَرَتْ بإِذن الله أَي ولدته ذكراً. وفي
حديث عمر: هَبِلَتِ الوَادِعِيَّ أُمُّهُ لقد أَذْكَرَتْ به أَي جاءت به
ذكراً جَلْداً. وفي حديث طارق مولى عثمان: قال لابن الزبير حين صُرِعَ:
والله ما ولدت النساء أَذْكَرَ منك؛ يعني شَهْماً ماضياً في الأُمور. وفي
حديث الزكاة: ابن لبون ذكر؛ ذكر الذكر تأْكيداً، وقيل: تنبيهاً على نقص
الذكورية في الزكاة مع ارتفاع السن، وقيل: لأَن الابن يطلق في بعض
الحيوانات على الذكر والأُنثى كابن آوى وابن عُرْسٍ وغيرهما، لا يقال فيه بنت آوى
ولا بنت عرس فرفع الإِشكال بذكر الذَّكَرِ. وفي حديث الميراث: لأَوْلَى
رجل ذَكَرٍ؛ قيل: قاله احترازاً من الخنثى، وقيل: تنبيهاً على اختصاص
الرجال بالتعصيب للذكورية. ورجل ذَكَرٌ: إِذا كان قويّاً شجاعاً أَنِفاً
أَبِيّاً. ومطر ذَكَرٌ: شديدٌ وابِلٌ؛ قال الفرزدق:
فَرُبَّ ربيعٍ بالبَلالِيق قد، رَعَتْ
بِمُسْتَنِّ أَغْياثٍ بُعاق ذُكُورُها
وقَوْلٌ ذَكَرٌ: صُلْبٌ مَتِين. وشعر ذَكَرٌ: فَحْلٌ. وداهية مُذْكِرٌ:
لا يقوم لها إِلاَّ ذُكْرانُ الرجال، وقيل: داهية مُذْكِرٌ شديدة؛ قال
الجعدي:
وداهِيَةٍ عَمْياءَ صَمَّاءَ مُذْكِرٍ،
تَدِرُّ بِسَمٍّ من دَمٍ يَتَحَلَّبُ
وذُكُورُ الطِّيبِ: ما يصلح للرجال دون النساء نحو المِسْكِ والغالية
والذَّرِيرَة. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أَنه كان يتطيب بِذِكارَةِ
الطِّيبِ؛ الذكارة، بالكسر: ما يصلح للرجال كالمسك والعنبر والعود، وهي
جمع ذُكَرٍ، والذُّكُورَةُ مثله؛ ومنه الحديث: كانوا يكرهون المُؤَنِّثَ من
الطيب ولا يَرَوْنَ بِذُكْورَتِه بأْساً؛ قال: هو ما لا لَوْنَ له
يَنْفُضُ كالعُود والكافور والعنبر، والمؤنَّث طيب النساء كالخَلُوق
والزعفران. وذُكورُ العُشْبِ: ما غَلُظ وخَشُنَ. وأَرض مِذْكارٌ: تُنْبِتُ ذكورَ
العُشْبِ، وقيل: هي التي لا تنبت، والأَوّل أَكثر؛ قال كعب:
وعَرَفْتُ أَنِّي مُصْبِحٌ بِمَضِيعةٍ
غَبْراءَ، يَعْزِفُ جِنُّها، مِذكارِ
الأَصمعي: فلاة مِذْكارٌ ذات أَهوال؛ وقال مرة: لا يسلكها إِلاّ
الذَّكَرُ من الرجال. وفَلاة مُذْكِرٌ: تنبت ذكور البقل، وذُكُورُه: ما خَشُنَ
منه وغَلُظَ، وأَحْرَارُ البقول: ما رَقَّ منه وطاب. وذُكُورُ البقل: ما
غلظ منه وإِلى المرارة هو.
والذِّكْرُ: الصيتُ والثناء. ابن سيده: الذِّكْرُ الصِّيتُ يكون في
الخير والشر. وحكي أَبو زيد: إِن فلاناً لَرَجُلٌ لو كان له ذُكْرَةٌ أَي
ذِكْرٌ. ورجل ذَكِيرٌ وذِكِّيرٌ: ذو ذِكْرٍ؛ عن أَبي زيد. والذِّكْرُ:
ذِكْرُ الشرف والصِّيت. ورجل ذَكِيرٌ: جَيِّدٌ الذِّكْره والحِفْظِ.
والذِّكْرُ: الشرف. وفي التنزيل: وإِنه لَذِكْرٌ لك ولقومك؛ أَي القرآن شرف لك
ولهم. وقوله تعالى: ورَفَعْنَا لك ذِكْرَكَ؛ أَي شَرَفَكَ؛ وقيل: معناه
إِذا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ معي. والذِّكْرُ: الكتاب الذي فيه تفصيل الدِّينِ
ووَضْعُ المِلَلِ، وكُلُّ كتاب من الأَنبياء، عليهم السلام، ذِكْرٌ.
والذِّكْرُ: الصلاةُ لله والدعاءُ إِليه والثناء عليه. وفي الحديث: كانت
الأَنبياء، عليهم السلام، إِذا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ فَزِعُوا إِلى الذكر، أَي
إِلى الصلاة يقومون فيصلون. وذِكْرُ الحَقِّ: هو الصَّكُّ، والجمع ذُكُورُ
حُقُوقٍ، ويقال: ذُكُورُ حَقٍّ. والذِّكْرَى: اسم للتَّذْكِرَةِ. قال أَبو
العباس: الذكر الصلاة والذكر قراءة القرآن والذكر التسبيح والذكر الدعاء
والذكر الشكر والذكر الطاعة.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ثم جلسوا عند المَذْكَر حتى بدا حاجِبُ
الشمس؛ المَذْكَر موضع الذِّكْرِ، كأَنها أَرادت عند الركن الأَسود أَو
الحِجْرِ، وقد تكرر ذِكْرُ الذّكْرِ في الحديث ويراد به تمجيد الله
وتقديسه وتسبيحه وتهليله والثناء عليه بجميع محامده. وفي الحديث: القرآنُ
ذَكَرٌ فَذَكِّرُوه؛ أَي أَنه جليل خَطِيرٌ فأَجِلُّوه. ومعنى قوله تعالى:
ولَذِكْرُ الله أَكْبَرُ؛ فيه وجهان: أَحدهما أَن ذكر الله تعالى إِذا ذكره
العبد خير للعبد من ذكر العبد للعبد، والوجه الآخر أَن ذكر الله ينهى عن
الفحشاء والمنكر أَكثر مما تنهى الصلاة. وقول الله عز وجل: سَمِعْنا
فَتًى يَذْكُرُهُمْ يقال له إِبراهيم؛ قال الفراء فيه وفي قول الله تعالى:
أَهذا الذي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ، قال: يريد يَعِيبُ آلهتكم، قال: وأَنت
قائل للرجل لئن ذَكَرْتَنِي لَتَنْدَمَنَّ، وأَنت تريد بسوء، فيجوز ذلك؛
قال عنترة:
لا تَذْكُرِي فَرَسي وما أَطْعَمْتُه،
فيكونَ جِلْدُكِ مثلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ
أَراد لا تَعِيبي مُهْري فجعل الذِّكْرَ عيباً؛ قال أَبو منصور: وقد
أَنكر أَبو الهيثم أَن يكون الذِّكْرُ عيباً؛ وقال في قول عنترة لا تذكري
فرسي: معناه لا تولعي بِذِكْرِهِ وذِكْرِ إِيثاري إِياه دون العيال. وقال
الزجاج نحواً من قول الفراء، قال: ويقال فلان يَذْكُر الناسَ أَي يغتابهم
ويذكر عيوبهم، وفلان يذكر الله أَي يصفه بالعظمة ويثني عليه ويوحده،
وإِنما يحذف مع الذِّكْرِ ما عُقِلَ معناه. وفي حديث عليّ: أَن عليّاً
يَذْكُرُ فاطمة يخطبها، وقيل: يَتَعَرَّضُ لخِطْبَتِها، ومنه حديث عمر: ما
حلفتُ بها ذَاكِراً ولا آثراً أَي ما تكلمت بها حالفاً، من قولك: ذكرت لفلان
حديث كذا وكذا أَي قلته له، وليس من الذِّكْر بعد النسيان.
والذُّكَارَةُ: حمل النخل؛ قال ابن دريد: وأَحسب أَن بعض العرب يُسَمِّي
السِّمَاكَ الرَّامِحَ الذَّكَرَ. والذَّكَرُ: معروف، والجمع ذُكُورٌ
ومَذاكِيرُ، على غير قياس، كأَنهم فرقوا بين الذَّكَرِ الذي هو الفحل وبين
الذَّكَرِ الذي هو العضو. وقال الأَخفش: هو من الجمع الذي ليس له واحد
مثل العَبَاديد والأَبابيل؛ وفي التهذيب: وجمعه الذِّكارَةُ ومن أَجله يسمى
ما يليه المَذَاكِيرَ، ولا يفرد، وإِن أُفرد فَمُذَكَّرٌ مثل مُقَدَّمٍ
ومَقَادِيم. وفي الحديث: أَن عبداً أَبصر جارية لسيدة فغار السيدُ
فَجَبَّ مَذَاكِيرَه؛ هي جمع الذَّكَرِ على غير قياس. ابن سيده: والمذاكير
منسوبة إِلى الذَّكَرِ، واحدها ذَكَرٌ، وهو من باب مَحاسِنَ ومَلامِحَ.
والذَّكَرُ والذَّكِيرُ من الحديد: أَيْبَسُه وأَشَدُّه وأَجْوَدُه، وهو خلافُ
الأَنِيثِ، وبذلك يسمى السيف مُذَكَّراً ويذكر به القدوم والفأْس ونحوه،
أَعني بالذَّكَرِ من الحديد.
ويقال: ذهبتْ ذُكْرَهُ السيف وذُكْرَهُ الرَّجُلِ أَي حِدَّتُهما. وفي
الحديث: أَنه كان يطوف في ليلة على نسائه ويغتسل من كل واحدة منهن غُسْلاً
فسئل عن ذلك فقال: إِنه أَذْكَرُ؛ أَي أَحَدُّ. وسيفٌ ذو ذُكْرَةٍ أَي
صارِمٌ، والذُّكْرَةُ: القطعة من الفولاذ تزاد في رأْس الفأْس وغيره، وقد
ذَكَّرْتُ الفأْسَ والسيفَ؛ أَنشد ثعلب:
صَمْصَامَةٌ ذُكْرَةٌ مُذَكَّرَةٌ،
يُطَبّقُ العَظْمَ ولا يَكْسِرُهْ
وقالوا لخِلافهِ: الأَنِيثُ. وذُكْرَهُ السيف والرجل: حِدَّتُهما. ورجل
ذَكِيرٌ: أَنِفٌ أَبِيُّ. وسَيْف مُذَكَّرٌ: شَفْرَــتُه حديد ذَكَرٌ
ومَتْنُه أَنِيثٌ، يقول الناس إِنه من عمل الجن. الأَصمعي: المُذَكَّرَةُ هي
السيوف شَفَرَــاتُها حديد ووصفها كذلك. وسيف مُذَكَّرٌ أَي ذو ماء.
وقوله تعالى: ص والقرآن ذي الذِّكْرِ؛ أَي ذي الشَّرَفِ. وفي الحديث:
إِن الرجل يُقَاتِلُ ليُذْكَر ويقاتل ليُحْمَدَ؛ أَي ليذكر بين الناس ويوصف
بالشجاعة. والذِّكْرُ: الشرف والفخر. وفي صفة القرآن: الذِّكْر الحكيم
أَي الشرف المحكم العاري من الاختلاف.
وتذكر: بطن من ربيعة، والله عز وجل أَعلم.