الجذر: ش غ ف
مثال: أَحَبّها من شِغَاف قلبه
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لأنها لم ترد بهذا الضبط في المعاجم.
المعنى: سويدائه
الصواب والرتبة: -أحبّها من شَغَاف قلبه [فصيحة]
التعليق: الوارد في المعاجم استعمال الكلمة بفتح الشين كَسَحاب.
شغف: الــشُّغافُ: داء يأْخذ تحت الشَّراسِيفِ من الشِّقِّ الأَيمن؛ قال
النابغة:
وقد حالَ هَمٌّ دونَ ذلك والِجٌ
مَكانَ الــشُّغافِ تَبْتَغِيه الأَصابِعُ
(* في ديوان النابغة: شاغل بدل والج.)
يعني أَصابع الأَطِبّاء، ويروى وُلُوج الــشُّغاف.
والــشَّغافُ: غِلافُ القَلْب، وهو جلدة دُونَه كالحجاب وسُوَيْداؤه.
التهذيب: الــشَّغافُ مَوْلِجُ البَلْغم، ويقال: بل هو غشاء القلب. وشَغَفَه
الحُبُّ يَشْغَفُه شَغْفاً وشَغَفاً: وصَل إلى شَغافِ قلبه. وقرأَ ابن
عباس: قد شَغَفَها حُبّاً، قال: دخل حُبُّه تحت الــشَّغاف، وقيل: غَشَّى
الحبُّ قَلْبَها، وقيل: أَصاب شَغافــها؛ قال أَبو بكر: شَغافُ القلب وشَغَفُه
غِلافُه؛ قال قيس بن الخطيم:
إني لأَهْواكِ غيْرَ ذي كَذِبٍ،
قد شَفَّ منِّي الأحْشاءُ والشَّغَفُ
أَبو الهيثم: يقال لحجابِ القلب وهي شَحْمة تكون لِباساً للقلب
الــشَّغافُ، وإذا وصل الداء إلى الــشَّغاف فلازَمه مَرِضَ القلب ولم يصِحّ، وقيل:
شُغِفَ فلان شَغْفاً. أَبو عبيد: الشَّغفُ أَن يبلغ الحب شَغاف القلب، وهي
جلدة دونه. يقال: شَغَفَه الحُبُّ أَي بَلغ شَفافَه. وقال الزجاج: في
قوله شَغَفَها حُبّاً ثلاثة أَقوال: قيل الــشَّغاف غِلاف القلب، وقيل: هو
حَبّة القلب وهو سُوَيْداء القلب، وقيل: هو داء يكون في الجوف في
الشَّراسِيف، وأَنشد بيت النابغة. قال أَبو منصور: سمي الداء شَغافــاً باسم شَغاف
القلب، وهو حجابه وروى الأَصمعي أَن الــشغاف داء في القلب إذا اتصل
بالطِّحال قتل صاحبه، وأَنشد بيت النابغة، وروى الأَزهري عن الحسن في قوله قد
شغفها حبّاً، قال: الشَّغَفُ أَن يَكْوِي بَطنَها حُبُّه. وروي عن يونس
قال: شَغَفَها أَصاب شَغافــها مثل كَبَدَها. ابن السكيت: الــشَّغاف هو
الخِلْبُ وهي جُليدة لاصقة بالقلب، ومنه قيل خَلبَه إذا بلغ شَغافَ قلبِه. وقال
الفراء: شغفها حُبّاً أَي خَرَقَ شَغافَ قلبها ووصل إليه. وفي حديث عليّ،
كرم اللّه وجهه: أَنْشَأَه في ظُلَمِ الأَرْحامِ وشُغُفِ الأَسْتار؛
استعار الشُّغُفَ جمع شَغاف القلب لموضع الولد. وفي حديث ابن عباس: ما هذه
الفُتْيا التي تَشَغَّفَتِ الناسَ أَي وَسْوَسَتْهم وفَرَّقَتهم كأَنها
دخلت شَغاف قلوبهم. وفي حديث يزيد الفَقِير: كنت قد شَغَفني رأْيٌ من رأْيِ
الخوارجِ. وشُغِف بالشي، على صيغة ما لم يسم فاعله: أُولِعَ به. وشَغِفَ
بالشيء شَغَفاً، على صيغة الفاعل: قَلِقَ. والشَّغَفُ: قِشْرُ شجر
الغافِ؛ عن أَبي حنيفة.
وشَغَفٌ: موضع بِعُمانَ يُنْبِتُ الغافَ العظام؛ وأَنشد الليث:
حتى أَناخَ بذاتِ الغافِ من شَغَفٍ،
وفي البلاد لهم وُسْعٌ ومُضْطَرَبُ
نزل: النُّزُول: الحلول، وقد نَزَلَهم ونَزَل عليهم ونَزَل بهم يَنْزل
نُزُولاً ومَنْزَلاً ومَنْزِلاً، بالكسر شاذ؛ أَنشد ثعلب:
أَإِنْ ذَكَّرَتْك الدارَ مَنْزِلُها جُمْلُ
أَراد: أَإِن ذكَّرتكُ نُزولُ جُمْلٍ إِياها، الرفع في قوله منزلُها
صحيح، وأَنَّث النزولَ حين أَضافه إِلى مؤنَّث؛ قال ابن بري: تقديره أَإِن
ذكَّرتك الدار نُزولَها جُمْلُ، فَجُمْلُ فاعل بالنُّزول، والنُّزولُ
مفعول ثانٍ بذكَّرتك.
وتَنَزَّله وأَنْزَله ونَزَّله بمعنىً؛ قال سيبويه: وكان أَبو عمرو
يفرُق بين نَزَّلْت وأَنْزَلْت ولم يذكر وجهَ الفَرْق؛ قال أَبو الحسن: لا
فرق عندي بين نَزَّلْت وأَنزلت إِلا صيغة التكثير في نزَّلت في قراءة ابن
مسعود: وأَنزَل الملائكة تَنْزِيلاً؛ أَنزل: كنَزَّل؛ وقول ابن جني:
المضاف والمضاف إِليه عندهم وفي كثير من تَنْزِيلاتِهم كالاسم الواحد، إِنما
جمع تَنْزِيلاً هنا لأَنه أَراد للمضاف والمضاف إِليه تَنْزيلات في وجُوه
كثيرة منزلةَ الاسم الواحد، فكنى بالتَّنْزيلات عن الوجوه المختلفة، أَلا
ترى أَن المصدر لا وجه له إِلاَّ تشعُّب الأَنواع وكثرتُها؟ مع أَن ابن
جني تسمَّح بهذا تسمُّح تحضُّرٍ وتحذُّق، فأَما على مذهب العرب فلا وجه
له إِلاَّ ما قلنا.
والنُّزُل: المَنْزِل؛ عن الزجاج، وبذلك فسر قوله تعالى: وجعلنا جهنم
للكافرين نُزُلاً؛ وقال في قوله عز وجل: جناتٌ تجري من تحتها الأَنهارُ
خالدين فيها نُزُلاً من عِند الله؛ قال: نُزُلاًمصدر مؤكد لقوله خالدين فيها
لأَن خُلودهم فيها إِنْزالُهم فيها. وقال الجوهري: جناتُ الفِرْدَوْسِ
نُزُلاً؛ قال الأَخفش: هو من نُزول الناس بعضهم على بعض. يقال: ما وجدْنا
عندكم نُزُلاً.
والمَنْزَل، بفتح الميم والزاي: النُّزول وهو الحلول، تقول: نزلْت
نُزولاً ومَنْزَلاً؛ وأَنشد أَيضاً:
أَإِن ذَكَّرَتك الدارُ مَنْزَلَها جُمْلُ
بَكيْتَ، فدَمْعُ العَيْنِ مُنْحَدِر سَجْلُ؟
نصب المَنْزَل لأَنه مصدر.
وأَنزَله غيرُه واستنزله بمعنى، ونزَّله تنزيلاً، والتنزيل أَيضاً:
الترتيبُ. والتنزُّل: النُّزول في مُهْلة. وفي الحديث: إِن الله تعالى وتقدّس
يَنزِل كل ليلة إِلى سماء الدنيا؛ النُّزول والصُّعود والحركة والسكونُ
من صفات الأَجسام، والله عز وجل يتعالى عن ذلك ويتقدّس، والمراد به نُزول
الرحمة والأَلطافِ الإِلهية وقُرْبها من العباد، وتخصيصُها بالليل
وبالثُلث الأَخيرِ منه لأَنه وقتُ التهجُّد وغفلةِ الناس عمَّن يتعرَّض لنفحات
رحمة الله، وعند ذلك تكون النيةُ خالصة والرغبةُ إِلى الله عز وجل
وافِرة، وذلك مَظِنَّة القبول والإِجابة. وفي حديث الجهاد: لا تُنْزِلْهم على
حُكْم الله ولكن أَنزِلْهم على حُكْمِك أَي إذا طَلب العدوُّ منك الأَمان
والذِّمامَ على حكم اللّه فلا تُعْطيهم، وأَعطِهم على حكمك، فإِنك
ربَّما تخطئ في حكم الله تعالى أَو لا تفي به فتأْثَم. يقال: نزلْت عن الأَمر
إِذا تركتَه كأَنك كنت مستعلياً عليه مستولياً.
ومكان نَزِل: يُنزَل فيه كثيراً؛ عن اللحياني.
ونَزَل من عُلْوٍ إِلى سُفْل: انحدر. والنِّزالُ في الحربْ: أَن
يتَنازَل الفريقان، وفي المحكم: أَن يَنْزل الفَرِيقان عن إِبِلهما إِلى
خَيْلهما فيَتضاربوا، وقد تنازلوا.
ونَزالِ نَزالِ أَي انزِلْ، وكذا الاثنان والجمعُ والمؤنثُ بلفظ واحد؛
واحتاج الشماخ إِليه فثقَّله فقال:
لقد عَلِمَتْ خيلٌ بمُوقانَ أَنَّني
أَنا الفارِسُ الحامي، إِذا قيل: نَزَّال
(* قوله «لقد علمت خيل إلخ» هكذا في الأصل بضمير التكلم، وأَنشده ياقوت
عند التكلم على موقان للشماخ ضمن ابيات يمدح بها غيره بلفظ:
وقد علمت خيل بموقان أنه * هو الفارس الحامي إذا قيل
تنزال).الجوهري: ونَزَالِ مثل قَطامِ بمعنى انْزِل، وهو معدول عن المُنازَلة،
ولهذا أَنثه الشاعر بقوله:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنتَ، إِذا
دُعِيَتْ نَزالِ، ولُجَّ في الذُّعْرِ
قال ابن بري: ومثله لزيد الخيل:
وقد علمتْ سَلامةُ أَن سَيْفي
كَرِيهٌ، كلما دُعِيَتْ نزالِ
وقال جُرَيبة الفقعسي:
عَرَضْنا نَزالِ، فلم يَنْزِلوا،
وكانت نَزالِ عليهم أَطَمْ
قال: وقول الجوهري نَزالِ معدول من المُنازلة، يدل على أَن نَزالِ بمعنى
المُنازلة لا بمعنى النُّزول إِلى الأَرض؛ قال: ويقوِّي ذلك قول الشاعر
أَيضاً:
ولقد شهدتُ الخيلَ، يومَ طِرادِها،
بسَلِيم أَوْظِفةِ القَوائم هَيْكل
فَدَعَوْا: نَزالِ فكنتُ أَولَ نازِلٍ،
وعَلامَ أَركبُه إِذا لم أَنْزِل؟
وصف فرسه بحسن الطراد فقال: وعلامَ أَركبُه إِذا لم أُنازِل الأَبطال
عليه؟ وكذلك قول الآخر:
فلِمْ أَذْخَر الدَّهْماءَ عند الإِغارَةِ،
إِذا أَنا لم أَنزِلْ إِذا الخيل جالَتِ؟
فهذا بمعنى المُنازلة في الحرب والطِّراد لا غير؛ قال: ويدلُّك على أَن
نَزالِ في قوله: فَدعَوْا نَزالِ بمعنى المُنازلة دون النُّزول إِلى
الأَرض قوله:
وعَلامَ أَركبه إِذا لم أَنزل؟
أَي ولِمَ أَركبُه إِذا لم أُقاتل عليه أَي في حين عدم قتالي عليه،
وإِذا جعلت نَزالِ بمعنى النزول إِلى الأَرض صار المعنى: وعَلام أَركبه حين
لم أَنزل إِلى الأَرض، قال: ومعلوم أَنه حين لم ينزل هو راكب فكأَنه قال:
وعلام أَركبه في حين أَنا راكب؛ قال ومما يقوي ذلك قول زهير:
ولَنِعْم حَشْوُ الدِّرْعِ أَنت، إِذا
دُعِيَتْ نَزال، ولُجَّ في الدُّعْرِ
أَلا تَرى أَنه لم يمدحه بنزوله إِلى الأَرض خاصة بل في كل حال؟ ولا
تمدَح الملوك بمثل هذا، ومع هذا فإِنه في صفة الفرس من الصفات الجليلة وليس
نزوله إِلى الأَرض مما تمدَح به الفرس، وأَيضاً فليس النزول إِلى الأَرض
هو العلَّة في الركوب. وفي الحديث: نازَلْت رَبِّي في كذا أَي راجعته
وسأَلته مرَّة بعد مرَّة، وهو مُفاعَلة من النّزول عن الأَمر، أَو من
النِّزال في الحرب.
والنَّزِيلُ: الضيف؛ وقال:
نَزِيلُ القومِ أَعظمُهم حُقوقاً،
وحَقُّ اللهِ في حَقِّ النَّزِيلِ
سيبويه: ورجل نَزيل نازِل. وأَنْزالُ القومِ: أَرزاقهم.
والنُّزُل وتلنُّزْل: ما هُيِّئَ للضيف إِذا نزل عليه. ويقال: إِن
فلاناً لحسن النُّزْل والنُّزُل أَي الضيافة؛ وقال ابن السكيت في قوله:
فجاءت بِيَتْنٍ للنِّزَالة أَرْشَما
قال: أَراد لِضِيافة الناس؛ يقول: هو يَخِفُّ لذلك، وقال الزجاج في
قوله: أَذَلكَ خيرٌ نُزُلاً أَم شجرة الزَّقُّوم؛ يقول: أَذلك خير في باب
الأَنْزال التي يُتَقَوَّت بها وتمكِن معها الإِقامة أَم نُزُل أَهلِ النار؟
قال: ومعنى أَقمت لهم نُزُلهم أَي أَقمت لهم غِذاءَهم وما يصلُح معه أَن
ينزلوا عليه. الجوهري: والنُّزْل ما يهيَّأُ للنَّزِيل، والجمع
الأَنْزال. وفي الحديث: اللهم إِني أَسأَلك نُزْلَ الشهداء؛ النُّزْل في الأَصل:
قِرَى الضيف وتُضَمّ زايُه، يريد ما للشهداء عند الله من الأَجر والثواب؛
ومنه حديث الدعاء للميت: وأَكرم نُزُله.
والمُنْزَلُ: الإِنْزال، تقول: أَنْزِلْني مُنْزَلاً مُباركاً.
ونَزَّل القومَ: أَنْزَلهم المَنازل. وتَزَّل فلان عِيرَه: قَدَّر لها
المَنازل. وقوم نُزُل: نازِلون.
والمَنْزِل والمَنْزِلة: موضع النُّزول. قال ابن سيده: وحكى اللحياني
مَنْزِلُنا بموضع كذا، قال: أُراه يعني موضع نُزولنا؛ قال: ولست منه على
ثقة؛ وقوله:
دَرَسَ المَنَا بِمُتالِعٍ فأَبَانِ
إِنما أَراد المَنازل فحذف؛ وكذلك قول الأَخطل:
أَمستْ مَناها بأَرض ما يبلِّغُها،
بصاحب الهمِّ، إِلا الجَسْرةُ الأُجُدُ
أَراد: أَمستْ مَنازلها فحذف، قال: ويجوز أَن يكون أَراد بمناها قصدَها،
فإِذا كان كذلك فلا حذف. الجوهري: والمَنْزِل المَنْهَل، والدارُ
والمنزِلة مثله؛ قال ذو الرمة:
أَمَنْزِلَتَيْ مَيٍّ، سلامٌ عليكما
هلِ الأَزْمُنُ اللاَّئي مَضَيْنَ رَواجِعُ؟
والمنزِلة: الرُّتبة، لا تجمَع. واستُنْزِل فلان أَي حُطَّ عن مرتبته.
والمَنْزِل: الدرجة. قال سيبويه: وقالوا هو مني منزِلة الــشَّغَاف أَي هو
بتلك المنزِلة، وكلنه حذف كما قالوا دخلت البيت وذهبت الشامَ لأَنه بمنزلة
المكان وإِن لم يكن مكاناً، يعني بمنزلة الــشَّغَاف، وهذا من الظروف
المختصة التي أُجريت مُجرى غير المختصَّة. وفي حديث ميراث الجدِّ: أَن أَبا
بكر أَنزله أَباً أَي جعل الجدَّ في منزلة الأَب وأَعطاه نصيبَه من
الميراث.
والنُّزَالة: ما يُنْزِل الفحلُ من الماء، وخص الجوهري فقال: النُّزالة،
بالضم، ماءُ الرجل. وقد أَنزل الرجلُ ماءه إِذا جامع، والمرأَة تستنزِل
ذلك. والنَّزْلة: المرة الواحدة من النُّزول.
والنازِلة: الشديدة تنزِل بالقوم، وجمعها النَّوازِل. المحكم: والنازِلة
الشدَّة من شدائد الدهر تنزل بالناس، نسأَل الله العافية. التهذيب: يقال
تنزَّلَت الرحمة. المحكم: نزَلَتْ عليهم الرحمة ونزَل عليهم العذاب
كِلاهما على المثل. ونزَل به الأَمر: حلَّ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أَعْزْرْ عليَّ بأَن تكون عَلِيلا
أَو أَن يكون بك السَّقام نَزيلا
جعله كالنَّزِيل من الناس أَي وأَن يكون بك السَّقام نازِلاً. ونزَل
القومُ: أَتَوْا مِنَى؛ قال ابن أَحمر:
وافَيْتُ لمَّا أَتاني أَنَّها نزلتْ،
إِنّ المَنازلَ مما تجمَع العَجَبَا
أَي أَتت مِنَى؛ وقال عامر بن الطفيل:
أَنازِلةٌ أَسماءُ أَم غيرُ نازِلَه؟
أَبيني لنا، يا أَسْمَ، ما أَنْت فاعِلَه
والنُّزْل: الرَّيْعُ والفَضْلُ، وكذلك النَّزَل. المحكم: النُّزْل
والنَّزَل، بالتحريك، رَيْعُ ما يُزرع أَي زَكاؤه وبركتُه، والجمع أَنْزال،
وقد نَزِل نَزَلاً. وطعامٌ نَزِل: ذو نَزَل، ونَزِيلٌ: مبارك؛ الأَخيرة عن
ابن الأَعرابي. وطعام قليل النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك، أَي قليل
الرَّيْع، وكثير النُّزْل والنَّزَل، بالتحريك. وأَرض نَزْلة: زاكية الزَّرْع
والكَلإِ. وثوب نِزِيل: كامِلٌ. ورجل ذو نَزَلٍ: كثير الفَضْل والعطاءِ
والبركة؛ قال لبيد:
ولَنْ تَعْدَمُوا في الحرْب لَيْثاً مُجَرَّباً
وَذا نَزَلٍ، عندَ الرَّزِيَّةِ، باذِلا
والنَّزْلةُ: كالزُّكام؛ يقال: به نَزْلة، وقد نُزِلَ
(* قوله «وقد نزل»
هكذا ضبط بالقلم في الأصل والصحاح، وفي القاموس: وقد نزل كعلم) وقوله
عز وجل: ولقد رآه نَزْلةً أُخرى؛ قالوا: مرَّة أُخرى.
والنَّزِلُ: المكان الصُّلب السريعُ السَّيْل. وأَرض نَزِلة: تَسيلُ من
أَدنى مطر. ومكان نَزِل: سريعُ السيل. أَبو حنيفة: وادٍ نَزِلٌ يُسِيله
القليل الهيِّن من الماء. والنَّزَل: المطرُ. ومكان نَزل: صُلب شديدٌ.
وقال أَبو عمرو: مكان نَزْل واسعٌ بعيدٌ؛ وأَنشد:
وإِنْ هَدَى منها انتِقالُ النَّقْلِ،
في مَتْنِ ضَحَّاكِ الثَّنايا نَزْلِ
وقال ابن الأَعرابي: مكان نَزِل إِذا كان مَجالاً مَرْتاً، وقيل:
النَّزِل من الأَودية الضيِّق منها. الجوهري: أَرض نَزِلة ومكان نَزِلٌ بيِّن
النَّزالة إِذا كانت تَسِيل من أَدنى مطر لصَلابتها، وقد نَزِل، بالكسر.
وحَظٌّ نَزِل أَي مجتَمِع.
ووجدت القوم على نَزِلاتهم أَي مَنازلهم. وتركت القوم على نَزَلاتهم
ونَزِلاتهم أَي على استقامة أَحوالهم مثل سَكِناتهم؛ زاد ابن سيده: لا يكون
إِلا في حسن الحال.
ومُنازِلُ بن فُرْعان
(* قوله «ومنازل بن فرعان» ضبط في الأصل بضم
الميم، وفي القاموس بفتحها، وعبارة شرحه: هو بفتح الميم كما يقتضيه اطلاقه
ومنهم من ضبطه بضمها اهـ. وفي الصاغاني: وسموا منازل ومنازلاً بفتح الميم
وضمها): من شعرائهم؛ وكان مُنازِل عقَّ أَباه فقال فيه:
جَزَتْ رَحِمٌ، بيني وبين مُنازِلٍ،
جَزاءً كما يَسْتَخْبِرُ الكَلْبَ طالِبُهْ
فعَقَّ مُنازلاً ابنُه خَلِيج فقال فيه:
تَظَلَّمَني مالي خَلِيجٌ، وعقَّني
على حين كانت كالحِنِيِّ عِظامي
قطر: قَطَرَ الماءُ والدَّمْعُ وغيرهما من السَّيَّالِ يَقْطُر قَطْراً
وقُطُوراً وقَطَراناً وأَقْطَر؛ الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة، وتَقاطَرَ؛
أَنشد ابن جني:
كأَنه تَهْتانُ يومٍ ماطرِ،
من الربِيعِ، دائمُ التَّقاطُرِ
وأَنشده دائب بالباء، وهو في معنى دائم، وأَراد من أَيام الربيع؛
وقَطَره اللهُ وأَقْطَره وقَطَّره وقد قَطَرَ الماءُ وقَطَرْتُه أَنا، يَتَعَدَّى
ولا يَتَعَدَّى؛ وقَطَرانُ الماء، بالتحريك، وتَقْطِيرُ الشيء: إِسالته
قَطْرَةً قَطْرَةً.
والقَطْرُْ: المَطَرُ. والقِطارُ: جمع قَطْرٍ وهو المطر. والقَطْرُ: ما
قَطَرَ من الماء وغيره، واحدته قَطْرة، والجمع قِطار. وسحابٌ قَطُورٌ
ومِقْطار: كثير القَطْرِ؛ حكاهما الفارسي عن ثعلب. وأَرض مَقْطورة: أَصابها
القَطْر. واسْتَقْطَر الشيءَ: رامَ قَطَرَانَه. وأَقْطَرَ الشيءُ: حان
أَن يَقْطُرَ. وغيث قُطارٌ: عظيم القَطْر. وقَطَرَ الصَّمْغُ من الشجرة
يَقْطُر قَطْراً: خرج. وقُطَارةُ الشيء: ما قَطَرَ منه؛ وخص اللحياني به
قُطارةَ الحَبِّ، قال: القُطارة، بالضم، ما قَطَر من الحَبِّ ونحوه.
وقَطَرَتِ اسْتُه: مَصَلَتْ، وفي الإِناء قُطارَة من ماء أَي قليلٌ؛ عن
اللحياني. والقَطْرانُ والقَطِرانُ: عُصارَة الأَبْهَلِ والأَرْزِ ونحوهما
يُطْبَخ فيُتحلب منه ثم تُهْنَأُ به الإِبِل. قال أَبو حنيفة: زعم بعض من ينظر
في كلام العرب أَن القَطِرانَ هو عَصير ثمر الصَّنَوْبَر، وأَن
الصَّنَوْبَر إِنما هو اسم لَوْزَةِ ذاك، وأَن شجرته به سميت صَنَوْبراً؛ وسمع قول
الشماخ في وصف ناقته وقد رَشَحَتْ ذِفْراها فشبه ذفراها لما رشحت
فاسْوَدَّت بمناديلِ عُصارة الصَّنَوْبَر فقال:
كأَن بذِفْراها مَنادِيلَ فارقتْ
أَكُفَّ رِجالٍ، يَعْصِرُونَ الصَّنَوْبَرا
فظن أَن ثمره يعصر، وفي التنزيل العزيز: سَرابيلُهم من قَطِرانٍ؛ قيل،
وا أَعلم: إِنها جعلت من القطران لأَنه يُبالِغُ في اشْتِعالِ النار في
الجلود، وقرأَها ابن عباس: من قِطْرٍ آنٍ.
والقِطْرُ: النُّحاسُ والآني الذي قد انتهى حَرُّه. والقَطِرانُ: اسم
رجل سمي به لقوله:
أَنا القَطِرانُ والشُّعَراءُ جَرْبى،
وفي القَطِرانِ للجَرْبى هِناءُ
وبعير مَقْطُورٌ ومُقَطْرَنٌ، بالنون كأَنه رَدُّوه إِلى أَصله:
مَطْليٌّ بالقَطِرانِ؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوِي المَحاجِرَ بازلٌ عُلْكُومُ
وقَطَرْتُ البعير: طَلَيْتُه بالقَطِرانِ؛ قال امرؤ القيس:
أَتَقْتُلني، وقد شَغَفْتُ فؤادَها،
كما قَطَرَ المَهْنُوءةَ الرَّجُلُ الطالي؟
قوله: شغفت فؤادها أَي بلغ حبي منها شِغافَ قلبها كما بلغ القَطِرانُ
شِغافَ الناقة المهنوءة؛ يقول: كيف تقتلني وقد بلغ من حبها لي ما ذكرته،
إِذ لو أَقدمت على قتله لفسد ما بينه وبينها، وكان ذلك داعياً إِلى الفرقة
والقطيعة منها.
والقِطْرُ، بالكسر: النحاس الذائب، وقيل: ضرب منه؛ ومنه قوله تعالى: من
قِطْرٍ آنٍ. والقِطْرُ، بالكسر، والقِطْرِيَّة: ضرب من البُرود. وفي
الحديث: أَنه، عليه السلام، كان مُتَوَشِّحاً بثوبٍ قِطْرِيّ. وفي حديث
عائشة: قال أَيْمَنُ دَخَلْتُ على عائشة وعليها دِرْعٌ قِطْرِيٌّ تَمَنُهُ
خمسة دراهم؛ أَبو عمرو: القِطْرُ نوع من البُرود؛ وأَنشد:
كَساكَ الحَنْظَليُّ كساءَ صُوفٍ
وقِطْرِيّاً، فأَنتَ به تَفِيدُ
شمر عن البَكْراوِيّ قال: البُرُود والقِطْرِيّة حُمْرٌ لها أَعلام فيها
بعض الخشونة، وقال خالد بن جَنْبَةَ: هي حُلَلٌ تُعْمَلُ بمكان لا أَدري
أَين هو. قال: وهي جِيادٌ وقد رأَيتها وهي حُمْرٌ تأْتي من قِبَلِ
البحرين. قال أَبو منصور: وبالبحرين على سِيف وعُمان
(* قوله« على سيف وعمان»
كذا بالأصل، وعبارة ياقوت: قال ابو منصور في اعراض البحرين على سيف الخط
بين عمان والقعير قرية يقال لها قطر.) مدينة يقال لها قَطَرٌ، قال:
وأَحسبهم نسبوا هذه الثياب إِليها فخففوا وكسروا القاف للنسبة، وقالوا:
قِطْرِيٌّ، والأَصل قَطَرِيٌّ كما قالوا فِخْذٌ لِلفَخِذِ؛ قال جرير:
لَدَى قَطَرِيَّاتٍ، إِذا ما تَغَوَّلَتْ
بها البِيدُ غاولنَ الحُزُومَ الفَيافِيا
أَراد بالقَطَرِيَّاتِ نَجائبَ نسبها إِلى قَطَر وما والاها من البَرِّ؛
قال الراعي وجعل النعام قَطَرِيَّةً:
الأَوْبُ أَوْبُ نَعائِمٍ قَطَريَّةٍ،
والآلُ آلُ نَحائِصٍ حُقْبِ
نسب النعائم إِلى قَطَرٍ لاتصالها بالبَرِّ ومحاذاتها رِمالَ يَبْرِينَ.
والقُطْر، بالضم: الناحية والجانب، والجمع أَقْطار. وقومُك أَقْطارَ
البلادِ: على الظرف وهي من الحروف التي عزلها سيبويه ليفسر معانيها ولأَنها
غرائب. وفي التنزيل العزيز: من أَقطار السموات والأَرض؛ أَقطارُها:
نواحيها، واحدها قُطْر، وكذلك أَقتارُها، واحدها قُتْرٌ. قال ابن مسعود: لا
يعجبنك ما ترى من المرء حتى تنظر على أَيِّ قُطْرَيْه يقع أَي على أَي
شِقَّيه يقع في خاتمة عمله، أَعلى شق الإِسلام أَو غيره. وأَقطارُ الفَرَس:
ما أَشرف منه وهو كاثِبَتُه وعَجُزُه، وكذلك أَقطار الخيل والجمل ما
أَشْرَفَ من أَعاليه. وأَقطارُ الفَرس والبعير: نواحيه. والتَّقاطُرُ: تقابُلُ
الأَقطارِ. وطَعَنه فَقَطَّرَه أَي أَلقاه على قُطْرِه أَي جانبه،
فَتَقَطَّر أَي سقط، قال الهُذَليُّ المُتَنَخِّلُ:
التَّارِك القِرْنَ مُصْفَرّاً أَنامِلُه،
كأَنه من عُقارِ قَهْوَةٍ ثَمِلُ
مُجَدَّلاً يتَسَقَّى جِلْدُه دَمَهُ،
كما يُقَطَّرُ جِذْعُ الدَّوْمَةِ القُطُلُ
ويروى: يتَكَسَّى جِلْدُه. والقُطُلُ: المقطوعُ. وقول: مُصْفَرّاً
أَنامِلُه يريد أَنه نُزِفَ دَمُه فاصْفَرَّتْ أَنامِلُه. والعُقار: الخَمْر
التي لازَمَتِ الدَّنَّ وعاقَرَتْه. والثَّمِلُ: الذي أَخذ منه الشَّرابُ.
والمُجَدَّلُ: الذي سقط بالجَدالَةِ وهي الأَرض. والدَّوْمَةُ: واحدةُ
الدَّوْمِ وهو شجر المُقْل. الليث: إِذا صَرَعْتَ الرجلَ صَرْعَةً شديدة
قلت قَطَّرْتُه؛ وأَنشد:
قد عَلِمَتْ سَلْمَى وجاراتُها
ما قَطَّرَ الفارِسَ إِلاَّ أَنا
وفي الحديث: فَنَفَرَتْ نَقَدَةٌ فَقَطَّرَتِ الرجلَ في الفُراتِ
فغَرِقَ أَي أَلقته في الفُرات على أَحد قُطْرَيْه أَي شِقَّيْهِ. والنَّقَدُ:
صِغارُ الغَنَم. وفي الحديث: أَن رجلاً رمى امرأَةً يوم الطائف فما
أَخطأَ أَن قَطَّرَها. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضي الله عنهما: قد جمع
حاشِيَتَيْه وضَمَّ قُطْرَيْه أَي جمع جانبيه عن الإنتشارِ والتَّبَدُّدِ
والتَّفَرُّقِ، والله أَعلم. وقَطَرَه فَرَسُه وأَقْطَرَه وتَقَطَّر به:
أَلقاه على تلك الهيئة. وتَقَطَّرَ هو: رَمى بنَفْسه من عُلْوٍ. وتَقَطَّر
الجِذْعُ: قُطِعَ أَو انْجَعَبَ كَتَقَطَّلَ. والبعيرُ القاطِرُ: الذي لا
يزال يَقْطُرُ بولُه. الفراء: القُطارِيُّ الحَيّةُ مأْخوذ من القُطارِ
وهو سَمُّه الذي يَقْطُرُ من كثرته. أَبو عمرو: القُطارِيَّةُ الحية.
وحيةٌ قُطارِيَّةٌ: تأْوي إِلى قُطْرِ الجبل، بَنى فُعالاً منه وليست بنسبة
على القُطْرِ وإِنما مَخْرَجُه مَخْرَجُ أُيارِيّ وفُخاذِيّ؛ قال
تأَبَّطَ شرّاً:
أَصَمُّ قُطارِيٌّ يكونُ خروجُه،
بُعَيْدَ غُروبِ الشمسِ، مُخْتَلِفَ الرَّمْسِ
وتَقَطَّر للقتال تَقَطُّراً: تَهَيَّأَ وتحَرَّقَ له. قال: والتَقَطُّر
لغة في التَّقَتُّر وهو التَّهَيُّؤُ للقتال. والقُطْرُ والقُطُرُ، مثل
عُسْرٍ وعُسُرٍ: العُودُ الذي يُتَبَخَّر به؛ وقد قَطَّر ثوبَه
وتَقَطَّرَتِ المرأَةُ، قال امرؤ القيس:
كأَنَّ المُدامَ وصَوْبَ الغَمامْ،
ورِيحَ الخُزامى ونَشرَ القُطُرْ
يُعَلُّ بها بَرْد أَنْيابِها،
إِذا طَرّبَ الطائرُ المُسْتَحِرْ
شَبَّهَ ماءَ فيها في طيبه عند السَّحَر بالمُدم وهي الخمر، وصَوْب
الغَمام: الذي يُمْزَجُ به الخمر، وريح الخُزامى: وهو خِيْرِيُّ البَرِّ.
ونَشْر القُطُر: وهو رائحة العود، والطائر المُسْتَحِرُ: هو المُصَوِّتُ عند
السَّحَر.
والمِقْطَرُ والمِقْطَرَة: المِجْمَر؛ وأَنشد أَبو عُبيد للمُرَقِّشِ
الأَصْغَر:
في كلِّ يومٍ لها مِقْطَرَةٌ،
فيها كِباءٌ مُعَدٌّ وحَمِيمْ
أَي ماء حارٌّ تُحَمُّ به. الأَصمعي: إِذا تَهَيَّأَ النبتُ لليُبْسِ
قيل: اقْطارَّ اقْطِيراراً، وهو الذي يَنْثَني ويَعْوَجُّ ثم يَهِيجُ، يعني
النبات. وأَقْطَرَ النبتُ واقْطارَّ: وَلَّى وأَخذ يَجِفُّ وتَهَيَّأَ
لليُبْسِ؛ قال سيبويه: ولا يستعمل إِلا مزيداً. وأَسْوَدُ قُطارِيٌّ:
ضَخْمٌ؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَتَرْجُو الحَياةَ يا ابنَ بِشْرِ بنِ مُسْهِرٍ،
وقد عَلِقَتْ رِجْلاكَ من نابِ أَسْوَدا
أَصَمَّ قُطارِيٍّ، إِذا عَضَّ عَضَّةً،
تَزَيَّلَ أَعْلى جِلْدِه فتَرَبَّدا؟
وناقة مِقْطار على النسب، وهي الخَلِفةُ. وقد اقْطارَّتْ: تَكَسَّرَتْ.
والقِطارُ: أَن تَقْطُر الإِبل بعضها إِلى بعض على نَسَقٍ واحد.
وتَقْطِيرُ الإِبل: من القِطارِ.
وفي حديث ابن سيرين: أَنه كان يكره القَطَرَ؛ قال ابن الأَثير:هو
بفتحتين أَن يَزِنَ جُلَّةً من تمر أَو عِدْلاً من متاع أَو حَبٍّ ونحوهما
ويأْخُذَ ما بقي على حساب ذلك ولا يزنه، وهو المُقاطَرة؛ وقيل: هو أَن يأْتي
الرجل إِلى آخر فيقول له: بعني ما لك في هذا البيت من التمر جُزافاً بلا
كيل ولا وزن، فيبيعه، وكأَنه من قِطارِ الإِبل لاتِّباع بعضه بعضاً. وقال
أَبو معاذ: القَطَرُ هو البيع نفسه؛ ومنه حديث عُمارة: أَنه مَرَّتْ به
قِطارةُ جمال؛ القِطارَةُ والقِطارُ أَن تُشَدَّ الإِبلُ على نَسَقٍ
واحداً خَلفَ واحد. وقَطَرَ الإِبلَ يَقْطُرها قَطْراً وقَطَّرها: قَرَّب
بعضَها إِلى بعض على نَسَقٍ. وفي المثل: النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ؛
معناه أَن القوم إِذا أَنْفَضُوا ونَفِدَتْ أَموالهُم قَطَروا إِبلهم فساقوها
للبيع قِطاراً قِطاراً. والقطارُ: قِطارُ الإِبل؛ قال أَبو النجم:
وانْحَتَّ من حَرْشاءِ فَلْجٍ حَرْدَلُه،
وأَقْبَلَ النملُ قِطاراً تَنْقُلُه
والجمع قُطُرٌ وقُطُراتٌ.
وتَقَاطَرَ القومُ: جاؤوا أَرسالاً، وهو مأْخوذ من قِطارِ الإِبل: وجاءت
الإِبل قطاراً أَي مَقْطورة. الرِّياشِيُّ: يقال أَكْرَيْتُهُ
مُقاطَرَةً إِذاأَكراه ذاهباً وجائياً، وأَكريته وضعة وتوضعة
(* قوله« وضعة
وتوضعة» كذا بالأصل.) إِذا أَكراه دَفْعةً. ويقال: اقْطَرَّتِ الناقة
اقْطِراراً، فهي مُقْطَرَّةٌ، وذلك إِذا لَقِحتْ فشالتْ بذنبها وشَمَختْ برأْسها.
قال الأَزهري: وأَكثر ما سمعت العرب تقول في هذا المعنى: اقْمَطَرَّت،
فهي مُقْمَطِرَّة، وكأَن الميم زائدة فيها.
والقُطَيْرة: تصغير القُطْرَة وهو الشيء التافه الخسيس. والمِقْطَرَةُ:
الفَلَقُ، وهي خشبة فيها خروق، كل خرق على قدرِ سَعَةِ الساق، يُدْخَلُ
فيها أَرجل المحبوسين، مشتق من قِطار الإِبل لأَن المحبوسين فيها على
قِطارٍ واحد مضموم بعضهم إِلى بعض، أَرجلهم في خروق خشبة مفلوقة على قَدْرِ
سَعَةِ سُوقِهم. وقَطَرَ في الأَرض قُطوراً ومَطَر مُطُوراً: ذهب فأَسرع.
وذهب ثوبي وبعيري فما أَدري من قَطَره ومن قَطَرَ به أَي أَخذه، لا
يستعمل إِلا في الجَحْدِ. ويقال: تَقَطَّرَ عني أَي تَخَلَّفَ عني،
وأَنشد:إِنِّي على ما كانَ من تَقَطُّري
عنكَ، وما بي عنكَ من تأَسُّري
ولمُقطَئِرُّ: الغضبانُ المُنْتَشِرُ من الناس.
وقَطُوراءُ، مدودٌ: نبات، وهي سَوادِيَّة. والقَطْراء، ممدود: موضع؛ عن
الفارسي. وقَطَرٌ: موضع بالبحرين؛ قال عَبْدَةُ بن الطبيب:
تَذَكَّرَ ساداتُنا أَهْلَهُمْ،
وخافوا عُمانَ وخافوا قَطَرْ
والقَطَّارُ: ماء معروف. وقَطَرِيُّ بنُ فُجاءةَ المازنيُّ زعم بعضهم
أَن أَصل الاسم مأْخوذ من قَطَريّ النِّعالِ.
حبن: الحَبَنُ: داءٌ يأْخذ في البطن فيعظُم منه ويَرِمُ، وقد حَبِنَ،
بالكسر، يَحْبَنُ حَبَناً، وحُبِن حَبْناً وبه حَبَنٌ. ورجل أَحْبَنُ،
والأَحْبَنُ: الذي به السِّقْيُ. والحَبَنُ: أَن يكون السِّقْيُ في شَحْم
البطن فيعظم البطن لذلك، وامرأَةٌ حَبْناء. ويقال لمن سَقَى بطنُه: قد
حَبِنَ. وفي الحديث: أَن رجلاً أَحْبَنَ أَصاب امرأَةً فَجُلِدَ بأُثْكُولِ
النخل؛ الأَحْبَنُ: المُسْتَسْقي، من الحَبَن، بالتحريك، وهو عِظَمُ البطن؛
ومنه الحديث: تَجَشّأَ رجلٌ في مجلسٍ، فقال له رجلٌ: دَعَوْتَ على هذا
الطعامِ أَحداً؟ قال: لا، قال: فجعله الله حَبَناً وقُداداً؛ القُدادُ
وجعُ البَطْن. وفي حديث عروة: أَن وَفْدَ أَهل النار يرجعون زُبّاً حُبْناً؛
الحُبْنُ: جمعُ الأَحْبَنِ؛ وفي شعر جَنْدَل الطُّهَويّ: وعُرّ عَدْوَى
من شُغافٍ وجَبَنْ قال: الحَبَنُ الماءُ الأَصْفَرُ. والحَبْناءُ من
النِّساء: الضخمةُ البطنِ تشبيهاً بتلك. وحَبِنَ عليه: امتلأَ جوفُه غضباً.
الأَزهري: وفي نوادر الأَعراب قال: رأَيت فلاناً مُحْبَئِنّاً
ومُقْطَئِرّاً ومُصْمَعِدّاً أَي ممتلِئاً غضباً. والحِبْنُ: ما يَعْتَري في الجسد
فيقِيحُ ويَرِمُ، وجمعُه حُبونٌ. والحِبْنُ: الدُّمَّلُ، وسمِّي الحِبْنُ
دُمَّلاً على جهة التفاؤل، وكذلك سمّي السِّحْر طَبّاً. وفي حديث ابن
عباس: أَنه رخَّصَ في دمِ الحُبونِ، وهي الدَّمامِيل، واحدُها حِبْنٌ
وحِبْنةٌ، بالكسر، أَي أَن دَمَها معفُوٌّ عنه إذا كان في الثوب حالةَ الصلاة.
قال ابن بُزُرْج: يقال في أَدْعية من القوم يَتَداعَوْن بها صَبَّ الله
عليكَ أُمَّ حُبَيْنٍ ماخِضاً، يَعْنونَ الدماميلَ. والحِبْنُ والحِبْنةُ:
كالدُّمَّل. وقَدَمٌ حَبْناءُ: كثيرة لحمِ البَخَصةِ حتى كأَنها
وَرِمةٌ. والحِبْنُ: القِرْدُ؛ عن كراع. وحَمامةٌ حَبْناءُ: لا تَبيضُ. وابن
حَبْناءَ: شاعرٌ معروف، سمّي بذلك. وأُمُّ حُبَيْنٍ: دُوَيْبَّة على خِلْقةِ
الحِرْباء عريضةُ الصدر عظيمةُ البطن، وقيل: هي أُنثى الحِرْباء. وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه رأَى بلالاً وقد خرج بطنُه فقال:
أُمُّ حُبَيْنٍ، تَشْبيهاً له بها، وهذا من مَزْحِه، صلى الله عليه وسلم،
أَراد ضِخَمَ بطنِه؛ قال أَبو ليْلى: أُمُّ حُبَيْنٍ دُوَيْبَّة على قدر
الخُنْفُساء يلعب بها الصبيان ويقولون لها:
امَّ حُبَيْنٍ، انْشُرِي بُرْدَيْكِ،
إنَّ الأَميرَ والجٌ عليكِ،
ومُوجِع بسَوْطِه جَنْبَيْكِ
فتنْشُر جَناحَيْها؛ قال رجل من الجنّ فيما رواه ثعلب:
وأُمّ حُبَيْنٍ قد رَحَلْتِ لحاجةٍ
برَحْلٍ عِلافِيٍّ، وأَحْقَبْتِ مِزْوَداً.
وهُما أُمَّآ حُبَيْنٍ، وهنّ أُمَّهاتُ حُبَيْنٍ، بإفراد المضاف إليه؛
وقول جرير:
يقولُ المُجْتَلون عَروس تَيْم
سَوىً أُمُّ الحُبَيْنِ ورأْسُ فيل.
إنما أَراد أُمّ حُبَيْن، وهي معرفة، فزاد اللام فيها ضرورة لإقامة
الوزن، وأَراد سواء فقصر ضرورة أَيضاً. ويقال لها أَيضاً حُبَيْنة؛ وأَنْشد
ابن بري:
طَلَعْتُ على الحَرْ بِيّ يَكْوي حُبَيْنةً
بسَبْعةِ أَعْوادٍ من الشُّبُهانِ.
الجوهري: أُمُّ حُبَيْنٍ دُوَيْبةً، وهي مَعْرِفة مثل ابن عِرْس
وأُسامةَ وابن آوى وسامِّ أَبْرَصَ وابن قِتْرة إلا أَنه تعريفُ جنسٍ، وربما
أُدْخِل عليه الأَلفُ واللام، ثم لا تكون بحذف الأَلف واللام منها نكرةً،
وهو شاذٌّ؛ وأَورد بيت جرير أَيضاً:
شَوى أُمِّ الحُبَيْنِ ورأْسُ فِيل.
وقال ابن بري في تفسيره: يقول: شَواها شَوى أُمِّ الحُبَيْنِ ورأْسُها
رأْسُ فِيل، قال: وأُمُّ حُبَيْنٍ وأُمُّ الحُبَيْن مما تَعاقَب عليه
تعريفُ العلمية وتعريفُ اللام، ومثله غُدْوة والغُدْوة، وفَيْنة والفَيْنة،
وهي دابَّة على قدر كف الإنسان؛ وقال ابن السكيت: هي أَعْرَضُ من الغَطاء
وفي رأْسِها عِرَضٌ؛ وقال ابن زياد: هي دابَّة غَبْراء لها قوائمُ أَربعٌ
وهي بقدر الضِّفْدَعة التي ليست بضَخْمة، فإذا طَرَدها الصِّبْيان قالوا
لها:
أُمَّ الحُبَيْنِ، انْشُرِي بُرْدَيكِ،
إن الأَميرَ ناظرٌ إليكِ.
فيطردونها حتى يُدْرِكها الإعْياء، فحينئذ تقف على رِجْلَيْها منتصبةً
وتَنْشُر لها جَناحَيْن أَغْبَرَيْن على مِثْلِ لَوْنها، وإذا زادُوا في
طَرْدِها نشرت أَجنحة كُنَّ تحت ذَيْنِك الجناحين لم يُرَ أَحسَنُ لوناً
منهن، ما بين أَصْفَرَ وأَحْمَرَ وأَخْضَرَ وأَبْيَضَ وهنَّ طرائقُ بعضُهن
فوق بعض كثيرة جدّاً، وهي في الرِّقَّة على قدرِ أَجْنِحة الفَراشِ،
فإذا رآها الصبيان قد فعلت ذلك تركوها، ولا يوجد لها ولد ولا فَرْخ؛ قال ابن
حمزة: الصحيح عندي أَن هذه الصفة صفة أُمّ عُوَيْفٍ؛ قال ابن السكيت:
أُمُّ عُوَيْفٍ دابَّةٌ صغيرةٌ
ضخمةُ الرأْسِ مخضرَّة، لها ذنبٌ ولها أَربعةُ أَجْنِحةٍ، منها جناحان
أَخْضَران، إذا رأَت الإنسان قامت على ذنبها ونشَرت جَناحَيْها؛ قال
الآخر:
يا أُمَّ عَوْفٍ انْشُري بُرْدَيْكِ،
إنَّ الأَميرَ واقفٌ عليكِ،
وضاربٌ بالسَّوْطِ مَنْكِبَيْكِ
ويروى: أُمَّ عُوَيْفٍ، قال: وهذه الأَسماء
(* قوله «وهذه الأسماء إلخ»
هكذا في الأصل ولم نعثر عليها في المحكم ولا التهذيب والصحاح). التي
تُكْتبُ بها هذه المعارف وأُضيفت إليها غير معرِّفة لها؛ قال الطرماح:
كأُمّ حُبَيْنٍ لم ترَ الناسُ غيرَها،
وغابَتْ حُبَيْنٌ حينَ غابَتْ بنُو سَعْد.
ومثله لأَبي العلاء المعرِّي:
يَتَكَنَّى أبا الوَفاءِ رجالٌ
ما وجَدنا الوَفاءَ إلاَّ طَرِيحا
وأَبو جَعْدة ذُؤالةُ، مَن جَعْــ
ـدةُ؟ لا زال حاملاً تَتْرِيحَا
وابنَ عِرْس عَرَفْتُ، وابنَ بَريحٍ،
ثم عِرْساً جَهِلْته وبَريحا.
وأَما ابنُ مَخاضٍ وابنُ لَبُونٍ فنكرتان يتعرَّفان بالأَلف واللام
تعريف جنس. وفي حديث عقبة: أَتِمُّوا صلاتكم ولا تصلُّوا صلاة أُمِّ
حُبَيْنٍ؛ قال ابن الأَثير: هي دُوَيْبة كالحِرْباء عظيمةُ البطنِ، إذا مَشَتْ
تُطَأْطِئ رأْسَها كثيراً وترفعُه لعِظَم بطنها، فهي تقعُ على رأْسها
وتقومُ، فشبَّه بها صلاتَهم في السجود مثل الحديث الآخر: في نَقْرة الغراب.
والحَبْنُ: الدِّفْلى
(* قوله «والحبن الدفلى» في القاموس: والحبن بالفتح
شجر الدفلى، وضبط في التكملة والمحكم بالتحريك). وقال أَبو حنيفة:
الحَبَنُ شجرة الدِّفْلى، أَخْبر بذلك بعضُ أَعراب عُمانَ. والحُبَيْنُ
وحَبَوْنَنٌ وحِبَوْنَنٌ: أَسماء. وحَبَوْنَن: اسمُ واد؛ عن السيرافي، وقيل: هو
اسم موضع بالبحرين، وروى ثعلب: حَبَوْنَى، بأَلف غير منونة؛ وأَنشد:
خَلِيلَيَّ، لا تسْتَعْجِلا وتَبَيَّنا
بِوادِي حَبَوْنَى، هل لهنَّ زَوالُ؟
ولا تَيْأَسا من رحمةِ الله، وادْعُوَا
بوادِي حَبَوْنَى أَن تَهُبَّ شَمالُ.
قال: والأَصل حَبَوْنَنٌ، وهو المعروف، وإنما أَبدل النون أَلفاً لضرورة
الشعر فأَعلَّه؛ قال وَعْلة الجرمي:
ولقد صَبَحتُكُم ببَطْنِ حَبَوْنَنٍ،
وعلَيَّ إن شاء الإلهُ ثَناءُ.
وقال أَبو الأَخْزَر الحُمَّاني:
بالثَّنْيِ من بِئْشةَ أَو حَبَوْنَن
وأَنشد ابن خالويه:
سَقى أَثْلَةٌ بالفِرْقِ فِرْقِ حَبَوْنَنٍ،
من الصَّيفِ، زَمْزامُ العشِيّ صَدُوق.
ثرب: الثَّرْبُ: شَحْم رَقِيقٌ يَغْشَى الكَرِشَ والأَمْعاءَ، وجمعُه
ثُرُوبٌ. والثَّرْبُ: الشَّحْمُ الـمَبسُوط على الأَمْعاءِ والمَصارِينِ.
وشاة ثَرْباءُ: عَظيمة الثَّرْبِ؛ وأَنشد شمر:
وأَنْتُم بِشَحْمِ الكُلْيَتَيْن معَ الثَّرْبِ
وفي الحديث: نَهى عن الصَّلاةِ إِذا صارَتِ الشمسُ
كالأَثارِبِ أَي إِذا تَفَرَّقَت وخَصَّت مَوْضِعاً دون موضع عند الـمَغِيب. شَبَّهها بالثُّرُوبِ، وهي الشحْمُ الرَّقيق الذي يُغَشّي الكَرِشَ والأَمْعاءَ الواحد ثَرْبٌ وجمعها في القلة: أَثْرُبٌ؛ والأَثارِبُ: جمع الجمع. وفي الحديث: انَّ الـمُنافِقَ يؤَخِّر العَصْرَ حتى إِذا صارَتِ الشمسُ كَثَرْبِ البَقَرة صلاَّها.
والثَّرَباتُ: الأَصابعُ.
والتَّثْريبُ كالتَّأْنيب والتَّعْيِيرِ والاسْتِقْصاءِ في اللَّوْمِ.
والثَّارِبُ: الـمُوَبِّخُ. يقال ثَرَبَ وثَرَّب وأَثْرَبَ إِذا وَبَّخَ.
قال نُصَيْبٌ:
إِني لأَكْرَهُ ما كَرِهْتَ مِنَ الَّذي * يُؤْذِيكَ سُوء ثَنائِه لم يَثْرِبِ
وقال في أَثْرَبَ:
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً، مِنْ تِلادِه، * سَوامُ أَخٍ، داني الوسِيطةِ، مُثْرِبِ
قال: مُثْرِبٌ قَلِيلُ العَطاءِ، وهو الذي يَمُنُّ بما أَعْطَى.
وثَرَّبَ عليه: لامَه وعَيَّره بذَنْبه، وذكَّرَه به. وفي التنزيل العزيز قال: لا تَثْرِيبَ عليكم اليَوْمَ. قال الزجاج: معناه لا إِفسادَ عليكم.
وقال ثعلب: معناه لا تُذْكَرُ ذنُوبُكم. قال الجوهريّ: وهو من الثَّرْبِ كالشَّغْفِ من الــشِّغاف. قال بِشْر، وقيل هو لتُبَّعٍ:
فَعَفَوْتُ عَنْهُم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ، * وتَرَكْتُهُم لعِقابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ
وثَرَّبْتُ عليهم وعَرَّبْتُ عليهم، بمعنى، إِذا قَبَّحْتَ عليهم
فعْلَهم.وَالـمُثَرِّبُ: الـمُعَيِّرُ، وقيل: الـمُخَلِّطُ الـمُفْسِدُ.
والتَّثْرِيبُ: الإِفْسادُ والتَخْلِيطُ. وفي الحديث: إِذا زَنَتْ أَمـَةُ أَحدِكم
فَلْيَضْرِبْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ؛ قال الأَزهري: معناه ولا يُبَكِّتْها ولا يُقَرِّعْها بعد الضَّرْبِ. والتقْريعُ: أَن يقول الرجل في وَجه
الرجْل عَيْبَه، فيقول: فَعَلْتَ كذا وكذا. والتَّبْكِيتُ قَرِيبٌ منه.
وقال ابن الأَثير: أَي لا يُوَبِّخْها ولا يُقَرِّعْها بالزّنا بعد الضرب. وقيل: أَراد لا يَقْنَعْ في عُقُوبتها بالتثرِيبِ بل يضرِبُها الحدّ،
فإِنّ زنا الإِماء لم يكن عند العرب مَكْروهاً ولا مُنْكَراً، فأَمَرَهم
بحَدّ الاماء كما أَمَرَهم بحدّ الحَرائر. ويَثْرِبُ: مدينة سيدنا رسولِ
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، والنَّسَبُ إِليها يَثْرَبِيٌّ ويَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيٌّ وأَثرِبِيٌّ، فتحوا الراء استثقالاً لتوالي الكسرات.
وروى عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَنه نَهَى أَن يقالَ للمدينة يَثْرِبُ، وسماها طَيْبةَ، كأَنه كَرِه الثَرْبَ، لأَنه فَسادٌ في كلام العرب.
قال ابن الأَثير: يَثْرِبُ اسم مدينة النبي، صلى اللّه عليه وسلم،
قديمة، فغَيَّرها وسماها طَيْبةَ وطابةَ كَراهِيةَ التَّثْرِيبِ، وهو اللَّوْمُ والتَعْيير. وقيل: هو اسم أَرضِها؛ وقيل: سميت باسم رجل من العَمالِقة.
ونَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرِبِيٌّ، مَنْسوب إِلى يَثْربَ. وقوله:
وما هو إِلاَّ اليَثْرِبِيُّ الـمُقَطَّعُ
زعَم بعضُ الرُّواة أَن المراد باليثربي السَّهْمُ لا النَّصْلُ، وأَن
يَثْرِبَ لا يُعْمَلُ فيها النِّصالُ. قال أَبو حنيفة: وليس كذلك لأَنّ
النِّصالَ تُعملُ بِيَثْرِبَ وبوادي القُرى وبالرَّقَمِ وبغَيْرِهِنَّ من
أَرض الحجاز، وقد ذكر الشعراء ذلك كثيراً. قال الشاعر:
وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ
أَي مشدودٌ بالرِّصافِ.
والثَّرْبُ: أَرض حِجارتُها كحجارة الحَرّة إِلا أَنها بِيضٌ.
وأَثارِبُ: موضع.
شعف: شَعَفَةُ كلّ شيء: أَعلاه. وشعَفةُ الجبل، بالتحريك: رأْسُه،
والجمع شَعَفٌ وشِعافٌ وشُعوفٌ وهي رؤوس الجبال. وفي الحديث: من خَيرِ الناس
رجلٌ في شَعَفةٍ من الشِّعافِ في غَنَيْمَةٍ له حتى يأْتيَه الموتُ وهو
معتزل الناس؛ قال ابن الأَثير: يريدُ به رأْسَ جبل من الجبال ويجمع
شَعَفات، ومنه قيل لأَعْلى شعر الراْس شَعَفَة، ومنه حديث يأْجوج ومأْجوجَ: فقال
عِراضُ الوُجوهِ صِغارُ العُيون شُهْبُ الشِّعافِ من كل حدَب
يَنْسِلُون؛ قوله صهب الشِّعاف يريد شعور رؤوسهم، واحدتها شَعَفة، وهي أَعْلى
الشعر. وشَعَفاتُ الرأْس: أَعالي شعره، وقيل: قَنازِعُه، وقال رجل: ضربني عمر
بدِرَّتِه فسقط البُرْنُسُ عن رأْسي فأَغاثني اللّه بشُعَيْفَتَيْنِ في
رأْسي أَي ذُؤابَتين على رأْسه من شعره وقتاه الضرب، وما على رأْسه إلا
شُعَيْفاتٌ أَي شُعَيرات من الذؤابة. ويقال لذؤابة الغلام شَعَفةٌ؛ وقول
الهذلي:
من فَوْقِه شَعَفٌ قَرٌّ، وأَسْفلُه
حيٌّ يُعانَقُ بالظَّيّانِ والعُتُمِ
قال قرّ لأَن الجمع الذي لا يفارق واحده إلا بالهاء يجوز تأْنيثه
وتذكيره.
والشَّعَفُ: شِبْه رؤوس الكَمْأَةِ والأَثافي تَسْتَدير في أَعلاها.
وقال الأَزهري: الشَّعَفُ رأْسُ الكمأَة والأَثافي المستديرةُ. وشَعَفاتُ
الأَثافي والأَبنية: رؤوسُها؛ وقال العجاج:
دواخِساً في الأَرض إلاَّ شَعَفا
وشَعَفةُ القلبِ: رأْسُه عند مُعَلَّقِ النِّياطِ. والشَّعَفُ: شِدّة
الحُبِّ. قال الأَزهريّ: ما علمت أَحداً جعل للقلب شَعَفة غير الليث،
والحُبُّ الشديد يتمكن من سَوادِ القلب لا من طَرفه. وشَعَفَني حُبُّها:
أَصابَ ذلك مني. يقال: شَعَفَ الهِناءُ البعيرَ إذا بلَغ منه أَلَمُه.
وشَعَفْتُ البعِيرَ بالقَطِرانِ إذا شَعَلْتَه به. والشَّعْفُ: إحْراقُ الحُبِّ
القلبَ مع لذة يجدها كما أَن البعير إذا هُنِئَ بالقطران يجد له لذة مع
حُرْقة؛ قال امْرُؤ القيس:
لِتَقتُلَني، وقد شَعَفْتُ فُؤادَها،
كما شَعَفَ المَهْنُوءةَ الرجلُ الطَّالي
يقول: أَحْرَقْتُ فؤادَها بِحبي كما أَحرق الطالي هذه المَهْنوءة،
ففؤادها طائر من لذة الهِناء لأَن المهنوءة تجد للهِناء لذة مع حُرْقة،
والمصدر الشَّعَفُ كالأَلم؛ وأَما قول كعب بن زهير:
ومَطافُه لك ذِكْرةٌ وشُعوف
قال: فيحتمل أَن يكون جمع شَعْف، ويحتمل أَن يكون مصدراً وهو الظاهر.
والشَّعافُ: أَن يذهَب الحُبُّ بالقلب، وقوله تعالى: قد شَعَفَها حُبّاً،
قُرِئتْ بالعين والغين، فمن قرأَها بالعين المهملة فمعناه تَيَّمها، ومن
قرأَها بالغين المعجمة أَي أَصاب شَغافَــها. وشَعَفَه الهَوى إذا بلغ منه،
وفلان مَشْعُوفٌ بفلانة، وقراءةُ الحسن شَعَفَها، بالعين المهملة، هو من
قولهم شُعِفْتُ بها كأَنه ذَهَبَ بها كل مَذهب، وقيل: بطَنَها حُبّاً.
وشعَفَه حُبُّها يَشْعَفُه إذا ذهب بفؤاده مثل شعفه المرض إذا أَذابَه.
وشعَفَه الحُبُّ: أَحرق قلبَه، وقيل: أَمرضه. وقد شُعِفَ بكذا، فهو
مَشْعوفٌ. وحكى ابن بري عن أَبي العلاء: الشَّعَفُ، بالعين غير معجمة، أَن يقع في
القلب شيء فلا يذهب. يقال: شَعَفَني يشعَفُني شَعَفاً؛ وأَنشد للحرث بن
حِلِّزَة اليَشْكُري:
ويَئِسْتُ مـما كان يَشْعَفُني
منها، ولا يُسْلِيك كالياس
ويقال: يكون بمعنى عَلا حُبها على قلبه. والمَشْعُوفُ: الذاهِبُ القلب،
وأَهل هجرَ يقولون للمجنون مَشْعُوف. وبه شُعافٌ أَي جُنون؛ وقال
جَنْدَلٌ الطُّهَويُّ:
وغَيْر عَدْوى من شُعافٍ وحَبَنْ
والحبنُ: الماء الأَصفر. ومعنى شُعِفَ بفلان إذا ارتفع حُبُّه إلى أَعلى
المواضع من قلبه، قال: وهذا مذهب الفرَّاء، وقال غيره: الشَّعَفُ
الذُّعْر، فالمعنى هو مَذْعُورٌ خائف قَلِقٌ. والشَّعَفُ: شعَف الدابة حين
تُذْعَر ثم نقلته العرب من الدوابّ إلى الناس؛ وأَنشد بيت امرئ القيس:
لِتَقْتُلَني، وقد شَعَفْتُ فُؤادَها،
كما شَعَفَ المَهْنوءةَ الرجلُ الطَّالي
فالشعَفُ الأَوَّلُ من الحبّ، والثاني من الذُّعْر. ويقال: أَلقى عليه
شَعَفَه وشَغَفَه ومَلَقَه وحُبَّه وحُبَّته، بمعنى واحد وفي حديث عذاب
القبر: فإذا كان الرجل صالحاً جَلَسَ في قبره غير فَزِعٍ ولا مَشْعُوفٍ؛
الشَّعَفُ: شِدَّةُ الفَزَع حتى يذهب بالقلب؛ وقول أَبي ذؤيب يصف الثور
والكلاب:
شَعَفَ الكِلابُ الضارياتُ فُؤادَه،
فإذا يَرى الصُّبحَ المُصَدَّقَ يَفْزَعُ
فإنه استعمل الشعف في الفزع؛ يقول: ذهبت بقلبه الكلاب فإذا نظر إلى
الصبح ترقب الكلابَ أَن تأْتيه.
والشَّعْفةُ: المَطْرةُ الهَيِّنةُ. وفي المثل: ما تَنْفَعُ الشَّعْفةُ
في الوادي الرُّغُبِ؛ يُضْرَبُ مثلاً للذي يُعْطيك قليلاً لا يقع منك
مَوْقِعاً ولا يَسُدُّ مَسَدّاً، والوادي الرغُبُ: الواسِعُ الذي لا
يَمْلَؤُه إلا السيلُ الجُحاف. والشَّعْفةُ: القَطْرة الواحدة من المطر.
والشَّعْفُ: مطْرة يسيرة؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
فلا غَرْوَ إلاَّ نُرْوِهِمْ من نِبالِنا،
كما اصْعَنْفَرَتْ مِعْزى الحِجازِ من الشَّعْفِ
وشُعَيْفٌ: اسم. ويقال للرجل الطويل: شِنْعافٌ، والنون زائدة.
وشَعْفَيْنِ: موضع، ففي المَثَل: لكن بشَعْفَيْنِ
(* قوله «بشعفين» هو بلفظ المثنى
كما في القاموس تبعاً للازهري؛ وفي معجم ياقوت مغلطاً للجوهري في كسره
الفاء بلفظ الجمع.) أَنتِ جَدُودٌ؛ يُضْرَب مثلاً لمن كان في حال سيِّئةٍ
فحَسُنَتْ حالُه. وفي التهذيب: وشَعْفانِ جَبلانِ بالغور، وذكر المثل؛
قاله رجل التقطه مَنْبُوذةً ورآها يوماً تُلاعِبُ أَتْرابَها وتمشي على
أَربع وتقول: احْلُبُوني فإني خَلِفةٌ.