للعلامة، غياث الدين: منصور بن صدر الدين: محمد الشيرازي.
المتوفى: سنة 949، تسع وأربعين وتسعمائة.
وهو مختصر.
أوله: (أحمد الله على جميل سلطانه... الخ).
فيه: تحقيقات لطيفة، ومباحث شريفة.
قسر: القَسْرُ: القَهْرُ على الكُرْه. قَسَرَه يَقْسِرُه قَسْراً
واقْتَسَرَه: غَلَبه وقَهَره، وقَسَرَه على الأَمر قَسْراً: أَكرهه عليه،
واقْتَسَرْته أَعَمُّ. وفي حديث علي، رضي الله عنه: مَرْبُوبونَ اقْتِساراً؛
الاقْتِسارُ افْتِعال من القَسْر، وهو القهر والغلبة. والقَسْوَرَةُ:
العزيز يَقْتَسِر غيرَه أَي يَقْهَرُه، والجمع قَساوِرُ. والقَسْوَرُ:
الرامي، وقيل: الصائد؛ وأَنشد الليث:
وشَرْشَرٍ وقَسْوَرٍ نَصْرِيِّ
وقال: الشَّرْشَرُ الكلب والقَسْوَرُ الصياد والقَسْوَرُ الأَسد، والجمع
قَسْوَرَةٌ. وفي التنزيل العزيز: فَرَّتْ من قَسْوَرة؛ قال ابن سيده:
هذا قول أَهل اللغة وتحريره أَن القَسْوَرَ والقَسْوَرَة اسمان للأَسد،
أَنثوه كما قالوا أُسامة إِلا أَن أُسامة معرفة. وقيل في قوله: فَرَّت من
قَسْوَرة، قيل: هم الرماة من الصيادين؛ قال الأَزهري: أَخطأَ الليث في غير
شيء مما فَسَّر، فمنها قوله: الشَّرْشَرُ الكلب، وإِنما الشرشر نبت
معروف، قال: وقد رأَيته في البادية تسمن الإِبل عليه وتَغْزُر، وقد ذكره ابن
الأَعرابي وغيره في أَسماء نُبُوت البادية؛ وقوله: القَسْوَرُ الصياد خطأٌ
إِنما القَسْوَر نبت معروف ناعم؛ روى ثعلب عن ابن الأَعرابي أَنه أَنشده
لِجُبَيها في صفة مِعْزَى بحسن القُبول وسُرْعة السِّمَن على أَدْنى
المَرْتَعِ:
فلو أَنها طافَتْ بطُنْبٍ مُعَجَّمٍ،
نَفَى الرِّقَّ عنه جَدْبُه، وهو صالِحُ
لجاءَتْ كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها
عَسالِيجَهُ، والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
قال: القَسْوَرُ ضرب من الشجر، واحدتُهُ قَسْوَرَةٌ. قال: وقال الليث
القَسْوَرُ الصَّيَّادُ والجمع قَسْوَرَة، وهو خطأٌ لا يجمع قَسْوَرٌ على
قَسْوَرة إِنما القَسْورة اسم جامع للرُّماة، ولا واحد له من لفظه. ابن
الأَعرابي: القَسْوَرة الرُّماة والقَسْوَرَة الأَسد والقَسْوَرة الشجاعُ
والقَسْوَرة أَول الليل والقَسْوَرة ضرب من الشجر. الفراء في وقوله تعالى:
فَرَّتْ من قَسْوَرة، قال: الرُّماة، وقال الكلبي بإِسناده: هو الأَسد.
وروي عن عكرمة أَنه قيل له: القَسْوَرة، بلسان الحبشة، الأَسد، فقال:
القَسْوَرة الرُّماة، والأَسَدُ بلسان الحبشة عَنْبَسَةُ، قال: وقال ابن
عُيَيْنَة: كان ابن عباس يقول القَسْوَرة نُكْرُ الناس، يريد حِسَّهُم
وأَصواتهم. وقال ابن عرفة: قَسْوَرَة فَعْوَلَةٌ من القَسْر، فالمعنى كأَنهم
حُمُرٌ أَنفرها مَنْ نَفَّرَها برمي أَو صيد أَو غير ذلك. قال ابن
الأَثير: وورد القَسْوَرة في الحديث، قال: القَسْوَرة الرُّماة من الصيادين،
وقيل الأَسد، وقيل كل شديد. والقَيَاسِرُ والقَياسِرَةُ: الإِبل العظام؛ قال
الشاعر:
وعلى القَياسِرِ في الخُدُورِ كَواعِبٌ
رُجُحُ الرَّوادِفِ، فالقَياسِرُ دُلَّفُ
الواحد: قَيْسَريٌّ، وقال الأَزهري: لا أَدري ما واحدها. وقَسْوَرَةُ
الليل: نصفه الأَول، وقيل مُعْظَمه؛ قال تَوْبَةُ بن الحُمَيّرَ:
وقَسْوَرَةُ الليلِ التي بين نِصْفِهِ
وبين العِشاءِ، وقد دَأَبْتُ أَسِيرُها
وقيل: هو من أَوله إِلى السَّحَر. والقَسْوَرُ: ضرب من النبات
سُهْلِيٌّ، واحدته قَسْوَرة. وقال أَبوحنيفة: القَسْوَرُ حَمْضَة من النَّجِيل،
وهو مثل جُمَّةِ الرجل يطول ويَعْظُم والإِبل حُرَّاص عليه؛ قال جُبَيْها
الأَشْجَعِيّ في صفة شاة من المعز:
ولو أُشْلِيَتْ في لَيْلَةٍ رَحَبِيَّةٍ،
لأَرْواقِها قَطْرٌ من الماءِ سافِحُ
لجاءتْ كأَنَّ القَسْوَر الجَوْنَ بَجَّها
عَسالِيجَه، والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
يقول: لو دُعيت هذه المعز في مثل هذه الليلة الشَّتَوِيَّةِ الشديدة
البرد لأَقْبَلتْ حتى تُحْلَب، ولجاءَت كأَنها تَمَأَّتْ من القَسْوَر أَي
تجيء في الجَدْب والشتاء من كَرَمها وغَزَارتها كأَنها في الخِصْب
والربيع. والقَسْوَرِيُّ: ضَرْبٌ من الجِعْلانِ أَحمر. والقَيْسَرِيّ من الإِبل:
الضخم الشديد القويّ، وهي القَيَاسِرَة. والقَيْسَرِيّ: الكبير؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَضْحَكُ مِنِّي أَن رأَتْني أَشْهَقُ،
والخُبْزُ في حَنْجَرَتي مُعَلَّقُ،
وقد يَغَضُّ القَيْسَرِيُّ الأَشْدَقُ.
ورُدّ ذلك عليه فقيل: إِنما القَيْسَرِيّ هنا الشديد القوي؛ وأَما قول
العجاج:
أَطَرَباً وأَنتَ قَيْسَرِيُّف
والدَّهْرُ بالإِنسان دَوَّارِيُّ
فهو الشيخ الكبير أَيضاً، ويروى قِنِّسْرِيّ، بكسر النون. وقال الليث:
القَيْسَرِيُّ الضخم المنيع الشديد. قال ابن بري: صوابه أَن يذكر في فصل
قنسر لأَنه لا يقوم له دليل على زيادة النون، وسنذكره هناك مُسْتَوْفى.
والقَوْسَرَة والقَوْسَرَّة، كلتاهما: لغة في القَوْصَرَة
والقَوْصَرَّة. وبنو قَسْرٍ: بطن من بَجِيلَة، إِليهم ينسب خالد بن عبد الله القَسْرِيُّ
من العرب وهم رَهْطُه. والقَسْرُ: اسم رجل قيل هو راعي ابنِ أَحْمَرَ،
وإِياه عنى بقوله:
أَظُنُّها سَمِعتْ عَزْفاً، فتَحْسِبُه
أَشاعَه القَسْرُ ليلاً حين يَنْتَشِرُ
وقَسْرٌ: موضع؛ قال النابغة الجعدي:
شَرِقاً بماء الذَّوْب يَجْمَعُه
في طَوْدِ أَيْمَنَ من قُرَى قَسْرِ
موت: الأَزهري عن الليث: المَوْتُ خَلْقٌ من خَلق اللهِ تعالى. غيره:
المَوْتُ والمَوَتانُ ضِدُّ الحياة. والمُواتُ، بالضم: المَوْتُ. ماتَ
يَمُوتُ مَوْتاً، ويَمات، الأَيرة طائيَّة؛ قال:
بُنَيَّ، يا سَيِّدةَ البَناتِ،
عِيشي، ولا يُؤْمَنُ أَن تَماتي
(* قوله «بني يا سيدة إلخ» الذي في
الصحاح بنيتي سيدة إلخ. ولا نأمن إلخ.)
وقالوا: مِتَّ تَموتُ؛ قال ابن سيده: ولا نظير لها من المعتل؛ قال
سيبويه: اعْتَلَّتْ من فَعِلَ يَفْعُلُ، ولم تُحَوَّلْ كما يُحَوَّلُ، قال:
ونظيرها من الصحيح فَضِلَ يَفْضُل، ولم يجئ على ما كَثُر واطَّرَدَ في
فَعِل. قال كراع: ماتَ يَمُوتُ، والأَصْلُ فيه مَوِتَ، بالكسر، يَمُوتُ؛
ونظيره: دِمْتَ تَدومُ، إِنما هو دَوِمَ، والاسم من كل ذلك المَيْتةُ.
ورجل مَيِّتٌّ ومَيْتٌ؛ وقيل: المَيْتُ الذي ماتَ، والمَيِّتُ
والمائِتُ: الذي لم يَمُتْ بَعْدُ. وحكى الجوهريُّ عن الفراء: يقال لمنْ لم يَمُتْ
إِنه مائِتٌ عن قليل، ومَيِّتٌ، ولا يقولون لمن ماتَ: هذا مائِتٌ. قيل:
وهذا خطأٌ، وإِنما مَيِّتٌ يصلح لِما قد ماتَ، ولِما سَيَمُوتُ؛ قال الله
تعالى: إِنك مَيِّتٌ وإِنهم مَيِّتُونَ؛ وجمع بين اللغتين عَدِيُّ بنُ
الرَّعْلاء، فقال:
ليس مَن مات فاسْتراحَ بمَيْتٍ،
إِنما المَيْتُ مَيِّتُ الأَحْياءِ
إِنما المَيْتُ مَن يَعِيشُ شَقِيّاً،
كاسِفاً بالُه، قليلَ الرَّجاءِ
فأُناسٌ يُمَصَّصُونَ ثِماداً،
وأُناسٌ حُلُوقُهمْ في الماءِ
فجعلَ المَيْتَ كالمَيِّتِ.
وقومٌ مَوتى وأَمواتٌ ومَيِّتُون ومَيْتون.
وقال سيبويه: كان بابُه الجمع بالواو والنون، لأَن الهاء تدخل في أُنثاه
كثيراً، لكنَّ فَيْعِلاً لمَّا طابَقَ فاعلاً في العِدَّة والحركة
والسكون، كَسَّرُوه على ما قد يكسر عليه، فأُعِلَّ كشاهدٍ وأَشهاد. والقولُ في
مَيْتٍ كالقول في مَيِّتٍ، لأَنه مخفف منه، والأُنثى مَيِّتة ومَيْتَة
ومَيْتٌ، والجمع كالجمع. قال سيبويه: وافق المذكر، كما وافقه في بعض ما
مَضى، قال: كأَنه كُسِّرَ مَيْتٌ. وفي التنزيل العزيز: لِنُحْيِيَ به
بَلدةً مَيْتاً؛ قال الزجاج: قال مَيْتاً لأَن معنى البلدة والبلد واحد؛ وقد
أَماتَه اللهُ. التهذيب: قال أَهل التصريف مَيِّتٌ، كأَنَّ تصحيحَه
مَيْوِتٌ على فَيْعِل، ثم أَدغموا الواو في الياء، قال: فَرُدَّ عليهم وقيل إِن
كان كما قلتم، فينبغي أَن يكون مَيِّتٌ على فَعِّلٍ، فقالوا: قد علمنا
أَن قياسه هذا، ولكنا تركنا فيه القياسَ مَخافَة الاشتباه، فرددناه إِلى
لفظ فَيْعِلٍ، لأَن مَيِّت على لفظ فَيعِل. وقال آخرون: إِنما كان في
الأَصل مَوْيِت، مثل سَيِّد سَوْيدٍ، فأَدغمنا الياء في الواو، ونقلناه فقلنا
مُيِّتٌ. وقال بعضهم: قيل مَيْت، ولم يقولوا مَيِّتٌ، لأَن أَبنية ذوات
العلة تخالف أَبنية السالم. وقال الزجاج: المَيْتُ المَيِّتُ بالتشديد،
إِلاَّ أَنه يخفف، يقال: مَيْتٌ ومَيِّتٌ، والمعنى واحد، ويستوي فيه
المذكر والمؤَنث؛ قال تعالى: لنُحْييَ به بلدةً مَيْتاً، ولم يقل مَيْتةً؛
وقوله تعالى: ويأْتيه الموتُ من كلِّ مكان وما هو بمَيِّت؛ إِنما معناه،
والله أَعلم، أَسباب الموت، إِذ لو جاءَه الموتُ نفسُه لماتَ به لا
مَحالَة.وموتُ مائتٌ، كقولك ليلٌ لائلٌ؛ يؤْخذ له من لفظه ما يُؤَكَّدُ
به.وفي الحديث: كان شِعارُنا يا مَنْصُورُ: أَمِتْ أَمِتْ، هو أَمر بالموت؛
والمُراد به التَّفاؤُل بالنَّصر بعد الأَمر بالإِماتة، مع حصول الغَرضِ
للشِّعار، فإِنهم جعلوا هذه الكلمة علامة يَتعارفُون بها لأَجل ظلمة
الليل؛ وفي حديث الثُّؤْم والبَصلِ: من أَكلَهما فلْيُمِتْهما طَبْخاً أَي
فلْيُبالغ في طبخهما لتذهب حِدَّتُهما ورائحتهما.
وقوله تعالى: فلا تَموتُنَّ إِلاَّ وأَنتم مسلمون؛ قال أَبو إِسحق: إِن
قال قائل كيف ينهاهم عن الموت، وهم إِنما يُماتون؟ قيل: إِنما وقع هذا
على سعة الكلام، وما تُكْثِرُ العربُ استعمالَه؛ قال: والمعنى الزَمُوا
الإِسلام، فإِذا أَدْرَكَكم الموتُ صادفكم مسلمين. والمِيتَةُ: ضَرْبٌ من
المَوْت. غيره: والمِيتةُ الحال من أَحوال المَوْت، كالجِلْسة والرِّكْبة؛
يقال: ماتَ فلانٌ مِيتةً حَسَنةً؛ وفي حديث الفتن: فقد ماتَ مِيتةً
جاهليةً، هي، بالكسر، حالةُ الموتِ أَي كما يموتُ أَهل الجاهلية من الضلال
والفُرقة، وجمعُها مِيَتٌ.
أَبو عمرو: ماتَ الرجلُ وهَمَدَ وهَوَّم إِذا نامَ. والمَيْتةُ: ما لم
تُدْرَكْ تَذْكيته. والمَوْتُ: السُّكونُ. وكلُّ ما سَكنَ، فقد ماتَ، وهو
على المَثَل. وماتَتِ النارُ مَوتاً: بَرَدَ رَمادُها، فلم يَبْقَ من
الجمر شيء. وماتَ الحَرُّ والبَرْدُ: باخَ. وماتَت الريحُ: رَكَدَتْ
وسَكَنَتْ؛ قال:
إِني لأَرْجُو أَن تَموتَ الريحُ،
فأَسْكُنَ اليومَ، وأَسْتَريحُ
ويروى: فأَقْعُدَ اليوم. وناقَضُوا بها فقالوا: حَيِيَتْ. وماتَت
الخَمْرُ: سكن غَلَيانُها؛ عن أَبي حنيفة. وماتَ الماءُ بهذا المكان إِذا
نَشَّفَتْه الأَرضُ، وكل ذلك على المثل. وفي حديث دُعاء الانتباهِ: الحمدُ لله
الذي أَحيانا بعدما أَماتنا، وإِليه النُّشُور. سمي النومُ مَوْتاً
لأَنه يَزولُ معه العَقْلُ والحركةُ، تمثيلاً وتَشْبيهاً، لا تحقيقاً. وقيل:
المَوتُ في كلام العرب يُطْلَقُ على السُّكون؛ يقال: ماتت الريحُ أَي
سَكَنَتْ. قال: والمَوْتُ يقع على أَنواع بحسب أَنواع الحياة: فمنها ما هو
بإِزاء القوَّة النامية الموجودةِ في الحَيوانِ والنبات، كقوله تعالى:
يُحْيي الأَرضَ بعد موتها؛ ومنها زوالُ القُوَّة الحِسِّيَّة، كقوله تعالى:
يا ليتني مِتُّ قبل هذا؛ ومنها زوالُ القُوَّة العاقلة، وهي الجهالة،
كقوله تعالى: أَوَمَنْ كان مَيْتاً فأَحييناه، وإِنك لا تُسْمِعُ المَوْتَى؛
ومنها الحُزْنُ والخوف المُكَدِّر للحياة، كقوله تعالى: ويأْتيه الموتُ
من كلِّ مكان وما هو بمَيِّتٍ؛ ومنها المَنام، كقوله تعالى: والتي لم
تَمُتْ في مَنامها؛ وقد قيل: المَنام الموتُ الخفيفُ، والموتُ: النوم
الثقيل؛ وقد يُستعار الموتُ للأَحوال الشَّاقَّةِ: كالفَقْر والذُّلِّ
والسُّؤَالِ والهَرَم والمعصية، وغير ذلك؛ ومنه الحديث: أَوّلُ من ماتَ إِبليس
لأَنه أَوّل من عصى. وفي حديث موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، قيل
له: إِن هامان قد ماتَ، فلَقِيَه فسأَل رَبَّه، فقال له: أَما تعلم أَن من
أَفْقَرْتُه فقد أَمَتُّه؟ وقول عمر، رضي الله عنه، في الحديث:
اللَّبَنُ لا يموتُ؛ أَراد أَن الصبي إِذا رَضَع امرأَةً مَيِّتةً، حَرُمَ عليه
من ولدها وقرابتها ما يَحْرُم عليه منهم، لو كانت حَيَّةً وقد رَضِعَها؛
وقيل: معناه إِذا فُصِلَ اللبنُ من الثَّدْي، وأُسْقِيه الصبيُّ، فإِنه
يحرم به ما يحرم بالرضاع، ولا يَبْطُل عملُه بمفارقة الثَّدْي، فإِنَّ كلَّ
ما انْفَصل من الحَيّ مَيِّتٌ، إِلا اللبنَ والشَّعَر والصُّوفَ، لضرورة
الاستعمال.
وفي حديث البحر: الحِلُّ مَيْتَتُه، هو بالفتح، اسم ما مات فيه من
حيوانه، ولا تكسر الميم.
والمُواتُ والمُوتانُ والمَوْتانُ: كلُّه المَوْتُ، يقع في المال
والماشية. الفراء: وَقَع في المال مَوْتانٌ ومُواتٌ، وهو الموتُ. وفي الحديث:
يكونُ في الناس مُوتانٌ كقُعاصِ الغنم. المُوتانُ، بوزن البُطْلانِ:
الموتُ الكثير الوقوع.
وأَماتَه اللهُ، ومَوَّتَه؛ شُدِّد للمبالغة؛ قال الشاعر:
فعُرْوةُ ماتَ مَوْتاً مُسْتَريحاً،
فها أَنا ذا أُمَوَّتُ كلَّ يَوْمِ
ومَوَّتَت الدوابُّ: كثُر فيها الموتُ.
وأَماتَ الرجلُ: ماتَ وَلَدُه، وفي الصحاح: إِذا مات له ابنٌ أَو
بَنُونَ.
ومَرَةٌ مُمِيتٌ ومُمِيتةٌ: ماتَ ولدُها أَو بَعْلُها، وكذلك الناقةُ
إِذا مات ولدُها، والجمع مَمَاويتُ. والمَوَتانُ من الأَرض: ما لم
يُسْتَخْرج ولا اعْتُمِر، على المَثل؛ وأَرضٌ مَيِّتةٌ ومَواتٌ، من ذلك. وفي
الحديث: مَوَتانُ الأَرضِ لله ولرسوله، فمن أَحيا منها شيئاً، فهو له.
المَواتُ من الأَرضِ: مثلُ المَوَتانِ، يعني مَواتَها الذي ليس مِلْكاً
لأَحَدٍ، وفيه لغتان: سكون الواو، وفتحها مع فتح الميم، والمَوَتانُ: ضِدُّ
الحَيَوانِ. وفي الحديث: من أَحيا مَواتاً فهو أَحق به؛ المَواتُ: الأَرض
التي لم تُزْرَعْ ولم تُعْمَرْ، ولا جَرى عليها مِلكُ أَحد، وإِحْياؤُها
مُباشَرة عِمارتِها، وتأْثير شيء فيها. ويقال: اشْتَرِ المَوَتانَ، ولا
تشْتَرِ الحَيَوانَ؛ أَي اشتر الأَرضين والدُّورَ، ولا تشتر الرقيق
والدوابَّ. وقال الفراء: المَوَتانُ من الأَرض التي لم تُحيَ بعْد. ورجل يبيع
المَوَتانَ: وهو الذي يبيع المتاع وكلَّ شيء غير ذي روح، وما كان ذا روح فهو
الحيوان. والمَوات، بالفتح: ما لا رُوح فيه. والمَواتُ أَيضاً: الأَرض
التي لا مالك لها من الآدميين، ولا يَنْتَفِع بها أَحدٌ.
ورجل مَوْتانُ الفؤَاد: غير ذَكِيٍّ ولا فَهِمٍ، كأَن حرارةَ فَهْمه
بَرَدَتْ فماتَتْ، والأُنثى مَوْتانةُ الفؤَادِ. وقولهم: ما أَمْوَتَه
إِنما يُراد به ما أَمْوَتَ قَلْبَه، لأَن كلَّ فِعْلٍ لا يَتَزَيَّدُ، لا
يُتَعَجَّبُ منه. والمُوتةُ، بالضم: جنس من الجُنُونِ والصَّرَع يَعْتَري
الإِنسانَ، فإِذا أَفاقَ، عاد إِليه عَقْلُه كالنائم والسكران. والمُوتة:
الغَشْيُ. والمُوتةُ: الجُنونُ لأَنه يَحْدُثُ عنه سُكوتٌ كالمَوْتِ. وفي
الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كانَّ يتَعوَّذُ بالله من
الشيطان وهَمْزه ونَفْثِه ونَفْخِه، فقيل له: ما هَمْزُه؟ قال: المُوتةُ. قال
أَبو عبيد: المُوتَةُ الجُنونُ، يسمى هَمْزاً لأَنه جَعَله من النَّخْس
والغَمْزِ، وكلُّ شيءٍ دفَعْتَه فقد هَمَزْتَه. وقال ابن شميل: المُوتةُ
الذي يُصْرَعُ من الجُنونِ أَو غيره ثم يُفِيقُ؛ وقال اللحياني: المُوتةُ
شِبْهُ الغَشْية.
وماتَ الرجلُ إِذا خَضَعَ للحَقِّ.
واسْتَماتَ الرجلُ إِذا طابَ نَفْساً بالموت.
والمُسْتَمِيتُ: الذي يَتَجانُّ وليس بمَجْنون. والمُسْتَميتُ: الذي
يَتَخاشَعُ ويَتواضَعُ لهذا حتى يُطْعمه، ولهذا حتى يُطْعِمه، فإِذا شَبِعَ
كفَر النعمة.
ويقال: ضَرَبْتُه فتَماوَتَ، إِذا أَرى أَنه مَيِّتٌ، وهو حيٌّ.
والمُتَماوِتُ: من صفةِ الناسِك المُرائي؛ وقال نُعَيْم ابن حَمَّاد:
سمعت ابنَ المُبارك يقول: المُتماوتُونَ المُراؤُونَ.
ويقال: اسْتَمِيتُوا صَيْدَكم أَي انْظُروا أَماتَ أَم لا؟ وذلك إِذا
أُصِيبَ فَشُكَّ في مَوْته. وقال ابن المبارك: المُسْتَمِيتُ الذي يُرى من
نَفْسِه السُّكونَ والخَيْرَ، وليس كذلك.
وفي حديث أَبي سلمَة: لم يكن أَصحابُ محمد، صلى الله عليه وسلم،
مُتَحَزِّقينَ ولا مُتَماوِتين. يقال: تَماوَتَ الرجلُ إِذا أَظْهَر من نَفْسِه
التَّخافُتَ والتَّضاعُفَ، مِن العبادة والزهد والصوم؛ ومنه حديث عمر،
رضي الله عنه: رأَى رجُلاً مُطأْطِئاً رأْسَه فقال: ارْفَعْ رأْسَك، فإِنَّ
الإِسلام ليس بمريض؛ ورأَى رجلاً مُتَماوِتاً، فقال: لا تُمِتْ علينا
ديننا، أَماتكَ اللهُ وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: نَظَرَتْ إِلى رجل
كادً يموت تَخافُتاً، فقالت: ما لهذا؟ قيل: إِنه من القُرَّاءِ، فقالت:
كان عُمر سَيِّدَ القُرَّاءِ، وكان إِذا مشى أَسْرَعَ، وإِذا قال أَسْمَعَ،
وإِذا ضَرَبَ أَوْجَع.
والمُسْتَمِيتُ: الشُّجاع الطالبُ للموت، على حدِّ ما يجيءُ عليه بعضُ
هذا النحو.
واسْتماتَ الرجلُ: ذهب في طلب الشيءِ كلَّ مَذْهَب؛ قال:
وإِذْ لم أُعَطِّلْ قَوْسَ وُدِّي، ولم أُضِعْ
سِهامَ الصِّبا للمُسْتَمِيتِ العَفَنْجَجِ
يعني الذي قد اسْتَماتَ في طلب الصِّبا واللَّهْو والنساءِ؛ كل ذلك عن
ابن الأَعرابي. وقال اسْتَماتَ الشيءُ في اللِّين والصَّلابة: ذهب فيهما
كلَّ مَذْهَب؛ قال:
قامَتْ تُرِيكَ بَشَراً مَكْنُونا،
كغِرْقِئِ البَيْضِ اسْتَماتَ لِينا
أَي ذَهَبَ في اللِّينِ كلَّ مَذْهَب. والمُسْتَميتُ للأَمْر:
المُسْتَرْسِلُ له؛ قال رؤْبة:
وزَبَدُ البحرِ له كَتِيتُ،
والليلُ، فوقَ الماءِ، مُسْتَمِيتُ
ويقال: اسْتماتَ الثَّوبُ ونامَ إِذا بَليَ.
والمُسْتَمِيتُ: المُسْتَقْتِلُ الذي لا يُبالي، في الحرب، الموتَ. وفي
حديث بَدْرٍ: أَرى القومَ مُسْتَمِيتين أَي مُسْتَقْتِلين، وهم الذي
يُقاتِلون على الموت. والاسْتِماتُ: السِّمَنُ بعد الهُزال، عنه أَيضاً؛
وأَنشد:
أَرى إِبِلي، بَعْدَ اسْتماتٍ ورَتْعَةٍ،
تُصِيتُ بسَجْعٍ، آخِرَ الليلِ، نِيبُها
جاءَ به على حذف الهاءِ مع الإِعلال، كقوله تعالى: وإِقامَ الصلاةِ.
ومُؤْتة، بالهمز: اسم أَرْضٍ؛ وقُتِلَ جعفر بن أَبي طالب، رضوان الله
عليه، بموضع يقال له مُوتة، من بلاد الشام. وفي الحديث: غَزْوة مُؤْتة،
بالهمز. وشيءٌ مَوْمُوتٌ: معروف، وقد ذكر في ترجمة أَمَتَ.
وجد: وجَد مطلوبه والشيء يَجِدُه وُجُوداً ويَجُده أَيضاً، بالضم، لغة
عامرية لا نظير لها في باب المثال؛ قال لبيد وهو عامريّ:
لو شِئْت قد نَقَعَ الفُؤادُ بِشَرْبةٍ،
تَدَعُ الصَّوادِيَ لا يَجُدْنَ غَلِيلا
بالعَذبِ في رَضَفِ القِلاتِ مَقِيلةً
قَِضَّ الأَباطِحِ، لا يَزالُ ظَلِيلا
قال ابن بريّ: الشعر لجرير وليس للبيد كما زعم. وقوله: نَقَعَ الفؤادُ
أَي روِيَ. يقال نَقَعَ الماءُ العطشَ أَذْهبه نَقْعاً ونُقوعاً فيهما،
والماء الناقعُ العَذْبُ المُرْوي. والصَّادِي: العطشان. والغليل: حَرُّ
العطش. والرَّضَفُ: الحجارة المرضوفةُ. والقِلاتُ: جمع قَلْت، وهو نقرة في
الجبل يُستَنْقَعُ فيها ماء السماء. وقوله: قَِضّ الأَباطِحِ، يريد أَنها
أَرض حَصِبةٌ وذلك أَعذب للماء وأَصفى.
قال سيبويه: وقد قال ناس من العرب: وجَدَ يَجُدُ كأَنهم حذفوها من
يَوْجُد؛ قال: وهذا لا يكادُ يوجَدُ في الكلام، والمصدر وَجْداً وجِدَةً
ووُجْداً ووجُوداً ووِجْداناً وإِجْداناً؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد:وآخَر مُلْتاث، تَجُرُّ كِساءَه،
نَفَى عنه إِجْدانُ الرِّقِين المَلاوِيا
قال: وهذا يدل على بَدَل الهمزة من الواو المكسورة كما قالوا إِلْدةٌ في
وِلْدَة.
وأَوجَده إِياه: جَعَلَه يَجِدُه؛ عن اللحياني؛ ووَجَدْتَني فَعَلْتُ
كذا وكذا، ووَجَدَ المالَ وغيرَه يَجِدُه وَجْداً ووُجْداً وجِدةً.
التهذيب: يقال وجَدْتُ في المالِ وُجْداً ووَجْداً ووِجْداً ووِجْداناً وجِدَةً
أَي صِرْتُ ذا مال؛ ووَجَدْت الضَّالَّة وِجْداناً. قال: وقد يستعمل
الوِجْدانُ في الوُجْد؛ ومنه قول العرب: وِجْدانُ الرِّقِين يُغَطِّي أَفَنَ
الأَفِين. وفي حديث اللقطة: أَيها الناشدُ، غيرُك الواجِدُ؛ مِن وَجَدَ
الضَّالّة يَجِدُها. وأَوجده الله مطلوبَه أَي أَظفره به.
والوُجْدُ والوَجْدُ والوِجْدُ: اليسار والسَّعةُ. وفي التنزيل العزيز:
أَسكِنُوهُنَّ من حيثُ سكَنْتم من وَجْدِكم؛ وقد قرئ بالثلاث، أَي من
سَعَتكم وما ملكتم، وقال بعضهم: من مساكنكم.
والواجِدُ: الغنِيُّ؛ قال الشاعر:
الحمدُ للَّه الغَنِيِّ الواجِد
وأَوجَده الله أَي أَغناه. وفي أَسماء الله عز وجل: الواجدُ، هو الغني
الذي لا يفتقر. وقد وجَدَ تَجِدُ جِدة أَي استغنى غنًى لا فقر بعده. وفي
الحديث: لَيُّ الواجِدِ يُحِلّ عُقُوبَتَه وعِرْضَه أَي القادرِ على قضاء
دينه. وقال: الحمد لله الذي أَوْجَدَني بعد فقر أَي أَغناني، وآجَدَني
بعد ضعف أَي قوّاني. وهذا من وَجْدِي أَي قُدْرتي. وتقول: وجَدْت في الغِنى
واليسار وجْداً ووِجْداناً
(* قوله «وجداً ووجداناً» واو وجداً مثلثة،
أفاده القاموس.) وقال أَبو عبيد: الواجدُ الذي يَجِدُ ما يقضي به دينه.
ووُجِدَ الشيءُ عن عدَم، فهو موجود، مثل حُمّ فهو محموم؛ وأَوجَدَه الله
ولا يقال وجَدَه، كما لا يقال حَمّه.
ووَجَد عليه في الغَضب يَجُدُ ويَجِدُ وَجْداً وجِدَةً وموجَدةً
ووِجْداناً: غضب. وفي حديث الإِيمان: إِني سائلك فلا تَجِدْ عليّ أَي لا
تَغْضَبْ من سؤالي؛ ومنه الحديث: لم يَجِدِ الصائمُ على المُفْطر، وقد تكرَّرَ
ذكره في الحديث اسماً وفعلاً ومصدراً وأَنشد اللحياني قول صخر الغيّ:
كِلانا رَدَّ صاحِبَه بِيَأْسٍ
وتَأْنِيبٍ، ووِجْدانٍ شَديدِ
فهذا في الغضب لأَن صَخْرَ الغيّ أَيأَسَ الحَمامَة من ولدها فَغَضِبَتْ
عليه، ولأَن الحمامة أَيْأَسته من ولده فغَضِبَ عليها. ووَجَدَ به
وَجْداً: في الحُبِّ لا غير، وإِنه ليَجِدُ بفلانة وَجْداً شديداً إِذا كان
يَهْواها ويُحِبُّها حُبّاً شديداً. وفي الحديث، حديث ابن عُمر وعُيينة بن
حِصْن: والله ما بطنها بوالد ولا زوجها بواجد أَي أَنه لا يحبها؛ وقالت
شاعرة من العرب وكان تزوجها رجل من غير بلدها فَعُنِّنَ عنها:
مَنْ يُهْدِ لي مِن ماءٍ بَقْعاءَ شَرْبةً،
فإِنَّ له مِنْ ماءِ لِينةَ أَرْبعَا
لقد زادَني وَجْداً بِبَقْعاءَ أَنَّني
وَجَدْتُ مَطايانا بِلِينةَ ظُلَّعا
فَمَنْ مُبْلِغٌ تِرْبَيَّ بالرَّمْلِ أَنني
بَكَيْتُ، فلم أَترُكْ لِعَيْنَيَّ مَدْمَعا؟
تقول: من أَهدى لي شربة من ماءِ بَقْعاءَ على ما هو من مَرارة الطعم
فإِن له من ماءِ لِينةَ على ما هو به من العُذوبةِ أَربعَ شربات، لأَن بقعاء
حبيبة إِليَّ إِذ هي بلدي ومَوْلِدِي، ولِينةُ بَغِيضَةٌ إِليّ لأَن
الذي تزوجني من أَهلها غير مأْمون عليّ؛ وإِنما تلك كناية عن تشكيها لهذا
الرجل حين عُنِّنَ عنها؛ وقولها: لقد زادني حبّاً لبلدتي بقعاء هذه أَن هذا
الرجل الذي تزوجني من أَهل لينة عنن عني فكان كالمطية الظالعة لا تحمل
صاحبها؛ وقولها: فمن مبلغ تربيّ
(البيت) تقول: هل من رجل يبلغ صاحِبَتَيَّ بالرمل أَن بعلي ضعف عني
وعنن، فأَوحشني ذلك إِلى أَن بكيت حتى قَرِحَتْ أَجفاني فزالت المدامع ولم
يزل ذلك الجفن الدامع؛ قال ابن سيده: وهذه الأَبيات قرأْتها على أَبي
العلاء صاعد بن الحسن في الكتاب الموسوم بالفصوص. ووجَد الرجلُ في الحزْن
وَجْداً، بالفتح، ووَجِد؛ كلاهما عن اللحياني: حَزِنَ. وقد وَجَدْتُ فلاناً
فأَنا أَجِدُ وَجْداً، وذلك في الحزن.
وتَوَجَّدْتُ لفلان أَي حَزِنْتُ له. أَبو سعيد: تَوَجَّد فلان أَمر كذا
إِذا شكاه، وهم لا يَتَوَجَّدُون سهر ليلهم ولا يَشْكون ما مسهم من
مشقته.
مدد: المَدُّ: الجَذْب والمَطْلُ. مَدَّه يَمُدُّه مَدّاً ومدَّ به
فامتَدّ ومَدَّدَه فَتَمَدَّد، وتَمَدَّدناه بيننا: مَدَدْناه. وفلان يُمادُّ
فلاناً أَي يُماطِلُه ويُجاذِبه.
والتَّمَدُّد: كَتَمَدُّدِ السِّقاء، وكذلك كل شيء تبقى فيه سَعَةُ
المَدِّ.
والمادَّةُ: الزيادة المتصلة.
ومَدَّه في غَيِّه أَي أَمهلَه وطَوَّلَ له. ومادَدْتُ الرجل مُمادَّةً
ومِداداً: مَدَدْتُه ومَدَّني؛ هذه عن اللحياني. وقوله تعالى: ويَمُدُّهم
في طُغْيانِهم يَعْمَهُون؛ معناه يُمْهِلُهم. وطُغْيانُهم: غُلُوُّهم في
كفرهم. وشيء مَدِيد: ممدود. ورجل مَدِيد الجسم: طويل، وأَصله في القيام؛
سيبويه، والجمع مُدُدٌ، جاء على الأَصل لأَنه لم يشبه الفعل، والأُنثى
مَدِيدة. وفي حديث عثمان: قال لبعض عماله: بلغني أَنك تزوجت امرأَة مديدة
أَي طويلة. ورجل مَدِيدُ القامة: طويل القامة. وطِرافٌ مُمدَّد أَي
ممدودٌ بالأَطناب، وشُدِّدَ للمبالغة. وتَمَدَّد الرجل أَي تَمطَّى.
والمَدِيدُ: ضرب من العَرُوض، سمي مديداً لأَنه امتَدَّ سبباه فصار سَبَب في أَوله
وسبب بعد الوَتِدِ. وقوله تعالى: في عَمَد مُمَدَّدَة، فسره ثعلب فقال:
معناه في عَمَد طِوال. ومَدَّ الحرف يَمُدُّه مَدّاً: طَوَّلَه.
وقال اللحياني: مدَّ اللهُ الأَرضَ يَمُدُّها مَدًّا بسطها وسَوَّاها.
وفي التنزيل العزيز: وإِذا الأَرض مُدَّت؛ وفيه: والأَرضَ مَدَدْنَاهَا.
ويقال: مَدَدْت الأَرض مَدًّا إِذا زِدت فيها تراباً أَو سَماداً من غيرها
ليكون أَعمر لها وأَكثر رَيْعاً لزرعها، وكذلك الرمال، والسَّمادُ مِداد
لها؛ وقول الفرزدق:
رَأَتْ كمرا مِثْلَ الجَلاميدِ فَتَّحَتْ
أَحالِيلَها، لمَّا اتْمَأَدَّتْ جُذورُها
قيل في تفسيره: اتْمَأَدَّتْ. قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا، اللهم
إِلا أَن يريد تَمادَّت فسكت التاء واجتلب للساكن ألف الوصل، كما قالوا:
ادَّكَرَ وادّارَأْتُمْ فيها، وهمز الأَلف الزائدة كما همز بعضهم أَلف
دابَّة فقال دأَبَّة. ومدَّ بصَرَه إِلى الشيء: طَمَح به إِليه. وفي التنزيل
العزيز: ولا تَمُدَّنَّ عينيك إِلى ما. وأَمَدَّ له في الأَجل: أَنسأَه
فيه. ومَدَّه في الغَيّ والضلال يَمُدُّه مَدًّا ومَدَّ له: أَمْلَى له
وتركه. وفي التنزيل العزيز: ويمُدُّهم في طغيانهم يَعْمَهُون؛ أَي يُمْلِي
ويَلِجُّهم؛ قال: وكذلك مدَّ الله له في العذاب مَدًّا. قال: وأَمَدَّه
في الغي لغة قليلة. وقوله تعالى: وإِخْوانُهم يَمُدُّونَهم في الغي؛
قراءة أَهل الكوفة والبصرة يَمُدُّونَهم، وقرأَ أَهل المدينة
يُمِدُّونَهم.والمَدُّ: كثرة الماء أَيامَ المُدُود وجمعه مُمدُود؛ وقد مَدَّ الماءُ
يَمُدُّ مَدًّا، وامْتَدَّ ومَدَّه غيره وأَمَدَّه. قال ثعلب: كل شيء
مَدَّه غيره، فهو بأَلف؛ يقال: مَدَّ البحرُ وامتَدَّ الحَبْل؛ قال الليث:
هكذا تقول العرب. الأَصمعي: المَدُّ مَدُّ النهر. والمَدُّ: مَدُّ الحبل.
والمَدُّ: أَن يَمُدّ الرجل الرجل في غيِّه. ويقال: وادِي كذا يَمُدُّ في
نهر كذا أَي يزيد فيه. ويقال منه: قلَّ ماءُ رَكِيَّتِنا فَمَدَّتها
ركيةٌ أُخرى فهي تَمُدُّها مَدّاً. والمَدُّ: السيل. يقال: مَدَّ النهرُ
ومدَّه نهر آخر؛ قال العجاج:
سَيْلٌ أَتِيٌّ مَدَّه أَتِيُّ
غِبَّ سمَاءٍ، فهو رَقْراقِيُّ
ومَدَّ النَّهرُ النهرَ إِذا جرى فيه. قال اللحياني: يقال لكل شيء دخل
فيه مثله فَكَثَّرَه: مدَّه يَمُدُّه مدًّا. وفي التنزيل العزيز: والبحر
يَمُدُّه من بعده سبعة أَبحر؛ أَي يزيد فيه ماء من خلْفِه تجرُّه إِليه
وتُكثِّرُه. ومادَّةُ الشيء: ما يمدُّه، دخلت فيه الهاء للمبالغة. وفي حديث
الحوض: يَنْبَعِثُ فيه مِيزابانِ مِدادُهما أَنهار الجنة أَي يَمُدُّهما
أَنهارُها. وفي الحديث: وأَمَدَّها خَواصِر أَي أَوسعها وأَتَمَّمها.
والمادَّة: كل شيء يكون مَدَداً لغيره. ويقال: دعْ في الضَّرْع مادَّة
اللبن، فالمتروك في الضرع هو الداعِيَةُ، وما اجتمع إِليه فهو المادَّة،
والأَعْرابُ مادَّةُ الاسلام. وقال الفراءُ في قوله عز وجل: والبحر يَمُدُّه
من بعده سبعة أَبحر؛ قال: تكون مِداداً كالمِدادِ الذي يُكتب به. والشيء
إِذا مدَّ الشيء فكان زيادة فيه، فهو يَمُدُّه؛ تقول: دِجْلَةُ تَمُدُّ
تَيَّارنا وأَنهارنا، والله يَمُدُّنا بها. وتقول: قد أَمْدَدْتُك بأَلف
فَمُدَّ. ولا يقاس على هذا كل ما ورد. ومَدَدْنا القومَ: صِرْنا لهم
أَنصاراً ومدَدَاً وأَمْدَدْناهم بغيرنا. وحكى اللحياني: أَمَدَّ الأَمير جنده
بالحبل والرجال وأَعاثهم، وأَمَدَّهم بمال كثير وأَغائهم. قال: وقال
بعضهم أَعطاهم، والأَول أَكثر. وفي التنزيل العزيز: وأَمْدَدْناهم بأَموال
وبنين.
والمَدَدُ: ما مدَّهم به أَو أَمَدَّهم؛ سيبويه، والجمع أَمْداد، قال:
ولم يجاوزوا به هذا البناء، واستَمدَّه: طلَبَ منه مَدَداً. والمَدَدُ:
العساكرُ التي تُلحَق بالمَغازي في سبيل الله.
والإِمْدادُ: أَنْ يُرْسِلَ الرجل للرجل مَدَداً، تقول: أَمْدَدْنا
فلاناً بجيش. قال الله تعالى: أَن يِمُدَّكم ربكم بخمسة آلاف. وقال في المال:
أَيحْسَبونَ أَنَّما نَمُدُّهم به من مال وبنبن؛ هكذا قرئ نِمُدُّهم،
بضم النون. وقال: وأَمْدَدْناكم بأَموال وبنين، فالمَدَدُ ما أَمْدَدْتَ
به قومك في حرْب أَو غير ذلك من طعام أَو أَعوان. وفي حديث أُويس: كان
عمر، رضي الله عنه، إِذا أَتَى أَمْدادُ أَهل اليمن سأَلهم: أَفيكم أُوَيْسُ
بن عامر؟ الأَمداد: جمع مَدَد وهم الأَعوان والأَنصار الذين كانوا
يَمُدُّون المسلمين في الجهاد. وفي حديث عوف بن مالك: خرجت مع زيد بن حارثه في
غزوة مِؤْتُة ورافَقَني مَدَدِيٌّ من اليمن؛ وهو منسوب إلى المدَد. وقال
يونس: ما كان من الخير فإِنك تقول أَمْدَدْته، وما كان من الشر فهو
مدَدْت. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: هم أَصلُ العرب ومادَّة الإِسلام أَي
الذين يُعِينونهم ويَكُثِّرُون جيوشهم ويُتَقَوَّى بزكاةِ أَموالهم. وكل ما
أَعنت به قوماً في حرب أَو غيره، فهو مادَّة لهم. وفي حديث الرمي:
مُنْبِلُه والمُمِدُّ به أَي الذي يقوم عند الرامي فيناوله سهماً بعد سهم، أَو
يردّ عليه النَّبْلَ من الهَدَف. يقال: أَمَدَّه يُمِدُّه، فهو مُمِدٌّ.
وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه: قائل كلمةِ الزور والذي يَمُدُّ بحبلها
في الإِثم سواءٌ؛ مَثَّل قائلها بالمائِح الذي يملأُ الدلو في أَسفل
البئر، وحاكِيَها بالماتِحِ الذي يجذب الحبل على رأْس البئر ويَمُدُّه؛ ولهذا
يقال: الروايةُ أَحد الكاذِبَيْنِ.
والمِدادُ: النِّقْس. والمِدادُ: الذي يُكتب به وهو مما تقدم. قال شمر:
كل شيء امتَلأَ وارتفع فقد مَدَّ؛ وأَمْدَدْتُه أَنا. ومَدَّ النهارُ
إِذا ارتفع. ومَدَّ الدَّواةَ وأَمَدَّها: زاد في مائِها ونِقْسِها؛
ومَدَّها وأَمَدَّها: جعل فيها مِداداً، وكذلك مَدَّ القَلم وأَمَدَّه.
واسْتَمَدَّ من الدواةِ: أَخذ منها مِداداً؛ والمَدُّ: الاستمدادُ منها، وقيل: هو
أَن يَسْتَمِدَّ منها مَدّة واحدة؛ قال ابن الأَنباري: سمي المِدادُ
مِداداً لإٌِمداده الكاتِب، من قولهم أَمْدَدْت الجيش بمَدد؛ قال
الأَخطل:رَأَوْا بارِقاتٍ بالأَكُفِّ كأَنّها
مَصابيحُ سُرْجٌ، أُوقِدَتْ بِمِدادِ
أَي بزيت يُمِدُّها. وأَمَدَّ الجُرْحُ يُمِدُّ إِمْداداً: صارت فيه
مَدَّة؛ وأَمْدَدْت الرجل مدّةً. ويقال: مُدَّني يا غلامُ مُدَّة من الدواة،
وإِن قلت: أَمْدِدْني مُدّة، كان جائزاً، وخرج على مَجْرَى المَدَدِ بها
والزيادة. والمُدَّة أَيضاً: اسم ما اسْتَمْدَدْتَ به من المِدادِ على
القلم. والمَدّة، بالفتح: الواحدة من قولك مَدَدْتُ الشيءَ. والمِدّة،
بالكسر: ما يجتمع في الجُرْح من القيح. وأَمْدَدْتُ الرجل إِذا أَعطيته
مُدّة بقلم؛ وأَمْدَدْتُ الجيش بِمَدَد. والاستمدادُ: طلبُ المَدَدِ. قال
أَبو زيد: مَدَدْنا القوم أَي صِرنا مَدَداً لهم وأَمْدَدْناهم بغيرنا
وأَمْدَدْناعم بفاكهة. وأَمَدّ العَرْفَجُ إِذا جَرَى الماءُ في عوده. ومَدَّه
مِداداً وأَمَدَّه: أَعطاه؛ وقول الشاعر:
نُمِدُّ لهمْ بالماءِ مِن غيرِ هُونِه،
ولكِنْ إِذا ما ضاقَ أَمرٌ يُوَسَّعُ
يعني نزيد الماء لتكثر المرقة. ويقال: سبحان الله مِدادَ السموات
ومِدادَ كلماتِه ومَدَدَها أَي مثل عدَدِها وكثرتها؛ وقيل: قَدْرَ ما يُوازيها
في الكثرة عِيارَ كيل أَو وزن أَو عدَد أَو ما أَشبهه من وجوه الحصر
والتقدير؛ قال ابن الأَثير: وهذا تمثيل يراد به التقدير لأَن الكلام لا يدخل
في الكيل والوزن وإِنما يدخل في العدد. والمِدادُ: مصدر كالمَدَد. يقال:
مددت الشيءَ مَدًّا ومِداداً وهو ما يكثر به ويزاد. وفي الحديث: إِن
المؤَذِّنَ يُغْفَرُ له مَدَّ صَوْتِه؛ المد: القدر، يريد به قدر الذنوب أَي
يغفر له ذلك إِلى منتهى مَدِّ صوته، وهو تمثيل لسعة المغفرة كقوله
الآخر: ولو لَقِيتَني بِقُِراب الأَرض
(* قوله «بقراب الأرض» بهامش نسخة من
النهاية يوثق بها يجوز فيه ضم القاف وكسرها، فمن ضمه جعله بمنزلة قريب يقال
قريب وقراب كما يقال كثير وكثار، ومن كسر جعله مصدراً من قولك قاربت
الشيء مقاربة وقراباً فيكون معناه مثل ما يقارب الأرض.) خَطايا لِقيتُك بها
مَغْفِرَةً؛ ويروى مَدَى صوته وهو مذكور في موضعه. وبنوا بيوتهم على
مِدادٍ واحد أَي على طريقة واحدة. ويقال: جاء هذا على مِدادٍ واحد أَي على
مثال واحد؛ وقال جندل:
لم أُقْوِ فِيهِنَّ، ولم أُسانِدِ
على مَدادٍ ورويٍّ واحِدِ
والأَمِدّةُ، والواحدةُ مِدادٌ: المِساكُ في جانبي الثوبِ إِذا
ابْتدِئَ بعَمعلِه. وأَمَدَّ عُودُ العَرْفَجِ والصِّلِّيانِ والطَّرِيفَةِ:
مُطِرَ فَلانَ.
والمُدَّةُ: الغاية من الزمان والمكان. ويقال: لهذه الأُمّةُ مُدَّة أَي
غاية في بقائها. ويقال: مَدَّ الله في عُمُرك أَي جعل لعُمُرك مُدة
طويلة. ومُدَّ في عمره: نُسِئَ. ومَدُّ النهارِ: ارتفاعُه. يقال: جئتك مَدَّ
النهار وفي مَدِّ النهار، وكذلك مَدَّ الضحى، يضعون المصدر في كل ذلك
موضع الظرف.
وامتدَّ النهارُ: تَنَفَّس. وامتدَّ بهم السير: طال. ومَدَّ في السير:
مَضَى.
والمَدِيدُ: ما يُخْلَطُ به سَوِيقٌ أَو سِمْسمٌ أَو دقيق أَو شعير
جَشٌّ؛ قال ابن الأَعرابي: هو الذي ليس بحارٍّ ثم يُسقاه البعير والدابة أَو
يُضْفَرُه، وقيل: المَدِيدُ العَلَفُ، وقد مَدَّه به يَمُدُّه مَدًّا.
أَبو زيد: مَدَدْتُ الإِبلَ أَمُدُّها مَدًّا، وهو أَن تسقيها الماء بالبزر
أَو الدقيق أَو السمسم. وقال في موضع آخر: المِدِيدُ شعير يُجَشُّ ثم
يُبَلُّ فَيُضْفَرُ البَعِيرَ. ويقال: هناك قطعة من الأَرض قَدْرُ مَدِّ
البصر أَي مَدَى البصر. ومَدَدْتُ الإِبِلَ وأَمْدَدْتُها بمعنى، وهو أَن
تَنْثَِرَ لها على الماءَ شيئاً من الدقيق ونحوه فَتَسْقِيَها، والاسم
المَدِيدُ.
والمِدّانُ والإِمِدّانُ: الماء المِلْح، وقيل: الماء الملح الشديدُ
المُلُوحة؛ وقيل: مِياهُ السِّباخِ؛ قال: وهو إِفْعِلانٌ. بكسر الهمزة؛ قال
زيد الخيل، وقيل هو لأَبي الطَّمَحان:
فأَصْبَحْنَ قد أَقهْيَنَ عَنِّي كما أَبَتْ،
حِياضَ الإِمِدَّانِ، الظِّباءُ القوامِحُ
والإِمِدّانُ أَيضاً: النَّزُّ. وقيل: هو الإِمِّدانُ؛ بتشديد الميم
وتخفيف الدال.
والمُدُّ: ضَرْبٌ من المكايِيل وهو رُبُع صاع، وهو قَدْرُ مُدِّ النبي،
صلى الله عليه وسلم، والصاعُ: خمسة أَرطال؛ قال:
لم يَغْدُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ،
ولا تُمَيْراتٌ ولا تَعْجِيفُ
والجمع أَمدادٌ ومِدَدٌ ومِدادٌ كثيرة ومَدَدةٌ؛ قال:
كأَنَّما يَبْرُدْنَ بالغَبُوقِ
كَيْلَ مِدادٍ، من فَحاً مَدْقوقِ
الجوهري: المُدُّ، بالضم، مكيال وهو رطل وثلث عند أَهل الحجاز والشافعي،
ورطلان عند أَهل العراق وأَبي حنيفة، والصاع أَربعة أَمداد. وفي حديث
فضل الصحابة: ما أَدْرَك مُدَّ أَحدِهم ولا نَصِيفَه؛ والمد، في الأَصل:
ربع صاع وإِنما قَدَّره به لأَنه أَقلُّ ما كانوا يتصدقون به في العادة.
قال ابن الأَثير: ويروى بفتح الميم، وهو الغاية؛ وقيل: إن أَصل المد مقدَّر
بأَن يَمُدَّ الرجل يديه فيملأَ كفيه طعاماً.
ومُدَّةٌ من الزمان: برهة منه. وفي الحديث: المُدَّة التي مادَّ فيها
أَبا سفيان؛ المُدَّةُ: طائفة من الزمان تقع على القليل والكثير، ومادَّ
فيها أَي أَطالَها، وهي فاعَلَ من المدّ؛ وفي الحديث: إِن شاؤُوا
مادَدْناهم. ولُعْبة للصبيان تسمى: مِدادَ قَيْس؛ التهذيب: ومِدادُ قَيْس لُعْبة
لهم. التهذيب في ترجمة دمم: دَمدَمَ إِذا عَذَّبَ عذاباً شديداً،
ومَدْمَدَ إِذا هَرَبَ.
ومُدٌّ: رجل من دارِم؛ قال خالد بن علقمة الدارمي يهجو خُنْشُوشَ بن
مُدّ:
جَزَى اللهُ خُنْشُوشَ بنَ مُدٍّ مَلامةً،
إِذا زَيَّنَ الفَحْشاءَ للناسِ مُوقُها
سور: سَوْرَةُ الخمرِ وغيرها وسُوَارُها: حِدَّتُها؛ قال أَبو ذؤيب:
تَرى شَرْبَها حُمْرَ الحِدَاقِ كأَنَّهُمْ
أُسارَى، إِذا ما مَارَ فِيهمْ سُؤَار
وفي حديث صفة الجنة: أَخَذَهُ سُوَارُ فَرَحٍ؛ أَي دَبَّ فيه الفرح دبيب
الشراب. والسَّوْرَةُ في الشراب: تناول الشراب للرأْس، وقيل: سَوْرَةُ
الخمر حُمَيّاً دبيبها في شاربها، وسَوْرَةُ الشَّرَابِ وُثُوبُه في
الرأْس، وكذلك سَوْرَةُ الحُمَةِ وُثُوبُها. وسَوْرَةُ السُّلْطان: سطوته
واعتداؤه. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أَنها ذكرت زينب فقالت: كُلُّ
خِلاَلِها محمودٌ ما خلا سَوْرَةً من غَرْبٍ أَي سَوْرَةً منْ حِدَّةٍ؛ ومنه
يقال لِلْمُعَرْبِدِ: سَوَّارٌ. وفي حديث الحسن: ما من أَحد عَمِلَ
عَمَلاً إِلاَّ سَارَ في قلبه سَوُْرَتانِ.
وسارَ الشَّرَابُ في رأْسه سَوْراً وسُؤُوراً وسُؤْراً على الأَصل: دار
وارتفع.
والسَّوَّارُ: الذي تَسُورُ الخمر في رأْسه سريعاً كأَنه هو الذي يسور؛
قال الأَخطل:
وشارِبٍ مُرْبِحٍ بالكَاسِ نادَمَني
لا بالحَصُورِ، ولا فيها بِسَوَّارِ
أَي بمُعَرْبِدٍ من سار إِذا وَثَبَ وَثْبَ المُعَرْبِدِ. وروي: ولا
فيها بِسَأْآرِ، بوزن سَعَّارِ بالهمز، أَي لا يُسْئِرُ في الإِناء سُؤْراً
بل يَشْتَفُّه كُلَّه، وهو مذكور في موضعه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
أُحِبُّهُ حُبّاً له سُوَّارى،
كَمَا تُحِبُّ فَرْخَهَا الحُبَارَى
فسره فقال: له سُوَّارَى أَي له ارتفاعٌ؛ ومعنى كما تحب فرخها الحبارى:
أَنها فيها رُعُونَةٌ فمتى أَحبت ولدها أَفرطت في الرعونة. والسَّوْرَةُ:
البَرْدُ الشديد. وسَوْرَةُ المَجْد: أَثَرُه وعلامته ارتفاعه؛ وقال
النابغة:
ولآلِ حَرَّابٍ وقَدٍّ سَوْرَةٌ،
في المَجْدِ، لَيْسَ غُرَابُهَا بِمُطَارِ
وسارَ يَسُورُ سَوْراً وسُؤُوراً: وَثَبَ وثارَ؛ قال الأَخطل يصف خمراً:
لَمَّا أَتَوْهَا بِمِصْبَاحٍ ومِبْزَلِهمْ،
سَارَتْ إِليهم سُؤُورَ الأَبْجَلِ الضَّاري
وساوَرَهُ مُساوَرَةٌ وسِوَاراً: واثبه؛ قال أَبو كبير:
. . . . . . ذو عيث يسر
إِذ كان شَعْشَعَهُ سِوَارُ المُلْجمِ
والإِنسانُ يُساوِرُ إِنساناً إِذا تناول رأْسه. وفلانٌ ذو سَوْرَةٍ في
الحرب أَي ذو نظر سديد. والسَّوَّارُ من الكلاب: الذي يأْخذ بالرأْس.
والسَّوَّارُ: الذي يواثب نديمه إِذا شرب. والسَّوْرَةُ: الوَثْبَةُ. وقد
سُرْتُ إِليه أَي وثَبْتُ إِليه. ويقال: إِن لغضبه لسَوْرَةً. وهو سَوَّارٌ
أَي وثَّابٌ مُعَرْبِدٌ. وفي حديث عمر: فكِدْتُ أُساوِرُه في الصلاة أَي
أُواثبه وأُقاتله؛ وفي قصيدة كعب بن زهير:
إِذا يُساوِرُ قِرْناً لا يَحِلُّ له
أَنْ يَتْرُكَ القِرْنَ، إِلا وهْو مَجْدُولُ
والسُّورُ: حائط المدينة، مُذَكَّرٌ؛ وقول جرير يهجو ابن جُرْمُوز:
لَمَّا أَتَى خَبَرُ الزُّبَيْرِ تَوَاضَعَتْ
سُورُ المَدِينَةِ، والجِبالُ الخُشَّعُ
فإِنه أَنث السُّورَ لأَنه بعض المدينة فكأَنه قال: تواضعت المدينة،
والأَلف واللام في الخشع زائدة إِذا كان خبراً كقوله:
ولَقَدْ نَهَيْتُكَ عَنْ بَنَات الأَوْبَرِ
وإِنما هو بنات أَوبر لأَن أَوبر معرفة؛ وكما أَنشد الفارسي عن أَبي
زيد:يَا لَيْتَ أُمَّ العَمْرِ كانت صَاحِبي
أَراد أُم عمرو، ومن رواه أُم الغمر فلا كلام فيه لأَن الغمر صفة في
الأَصل فهو يجري مجرى الحرث والعباس، ومن جعل الخشع صفة فإِنه سماها بما آلت
إِليه. والجمع أَسْوارٌ وسِيرَانٌ. وسُرْتُ الحائطَ سَوْراً
وتَسَوَّرْتُه إِذا عَلَوْتَهُ. وتَسَوَّرَ الحائطَ: تَسَلَّقَه. وتَسَوَّرَ الحائط:
هجم مثل اللص؛ عن ابن الأَعرابي: وفي حديث كعب بن مالك: مَشَيْتُ حتى
تَسَوَّرْتُ جِدَارَ أَبي قتادة أَي عَلَوْتُه؛ ومنه حديث شيبة: لم يَبْقَ
إِلا أَنَّ أُسَوِّرَهُ أَي أَرتفع إِليه وآخذه. وفي الحديث:
فَتَساوَرْتُ لها؛ أَي رَفَعْتُ لها شخصي. يقال: تَسَوَّرْتُ الحائط وسَوَّرْتُه.
وفي التنزيل العزيز: إِذ تَسَوَّرُوا المِحْرَابَ؛ وأَنشد:
تَسَوَّرَ الشَّيْبُ وخَفَّ النَّحْضُ
وتَسَوَّرَ عليه: كَسَوَّرَةُ
والسُّورَةُ: المنزلة، والجمع سُوَرٌ وسُوْرٌ، الأَخيرة عن كراع،
والسُّورَةُ من البناء: ما حَسُنَ وطال. الجوهري: والسُّوْرُ جمع سُورَة مثل
بُسْرَة وبُسْرٍ، وهي كل منزلة من البناء؛ ومنه سُورَةُ القرآن لأَنها
منزلةٌ بعد منزلة مقطوعةٌ عن الأُخرى والجمع سُوَرٌ بفتح الواو؛ قال
الراعي:هُنَّ الحرائِرُ لا رَبَّاتُ أَخْمِرَةٍ،
سُودُ المحَاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
قال: ويجوز أَن يجمع على سُوْرَاتٍ وسُوَرَاتٍ. ابن سيده: سميت
السُّورَةُ من القرآن سُورَةً لأَنها دَرَجَةٌ إِلى غيرها، ومن همزها جعلها بمعنى
بقية من القرآن وقِطْعَة، وأَكثر القراء على ترك الهمزة فيها؛ وقيل:
السُّورَةُ من القرآن يجوز أَن تكون من سُؤْرَةِ المال، ترك همزه لما كثر في
الكلام؛ التهذيب: وأَما أَبو عبيدة فإِنه زعم أَنه مشتق من سُورة
البناء، وأَن السُّورَةَ عِرْقٌ من أَعراق الحائط، ويجمع سُوْراً، وكذلك
الصُّورَةُ تُجْمَعُ صُوْراً؛ واحتج أَبو عبيدة بقوله:
سِرْتُ إِليه في أَعالي السُّوْرِ
وروى الأَزهري بسنده عن أَبي الهيثم أَنه ردّ على أَبي عبيدة قوله وقال:
إِنما تجمع فُعْلَةٌ على فُعْلٍ بسكون العين إِذا سبق الجمعَ الواحِدُ
مثل صُوفَةٍ وصُوفٍ، وسُوْرَةُ البناء وسُوْرُهُ، فالسُّورُ جمع سبق
وُحْدَانَه في هذا الموضع؛ قال الله عز وجل: فضرب بينهم بسُورٍ له بابٌ
باطِنُهُ فيه الرحمةُ؛ قال: والسُّور عند العرب حائط المدينة، وهو أَشرف
الحيطان، وشبه الله تعالى الحائط الذي حجز بين أَهل النار وأَهل الجنة بأَشرف
حائط عرفناه في الدنيا، وهو اسم واحد لشيء واحد، إِلا أَنا إِذا أَردنا
أَن نعرِّف العِرْقَ منه قلنا سُورَةٌ كما نقول التمر، وهو اسم جامع للجنس،
فإِذا أَردنا معرفة الواحدة من التمر قلنا تمرة، وكلُّ منزلة رفيعة فهي
سُورَةٌ مأْخوذة من سُورَةِ البناء؛ وأَنشد للنابغة:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَعطاكَ سُورَةً،
تَرَى كُلَّ مَلْكٍ دُونَهَا يَتَذَبْذَبُ؟
معناه: أَعطاك رفعة وشرفاً ومنزلة، وجمعها سُوْرٌ أَي رِفَعٌ. قال:
وأَما سُورَةُ القرآن فإِنَّ الله، جل ثناؤه، جعلها سُوَراً مثل غُرْفَةٍ
وغُرَفٍ ورُتْبَةٍ ورُتَبٍ وزُلْفَةٍ وزُلَفٍ، فدل على أَنه لم يجعلها من
سُور البناء لأَنها لو كانت من سُور البناء لقال: فأْتُوا بِعَشْرِ سُوْرٍ
مثله، ولم يقل: بعشر سُوَرٍ، والقراء مجتمعون على سُوَرٍ، وكذلك اجتمعوا
على قراءة سُوْرٍ في قوله: فضرب بينهم بسور، ولم يقرأْ أَحد: بِسُوَرٍ،
فدل ذلك على تميز سُورَةٍ من سُوَرِ القرآن عن سُورَةٍ من سُوْرِ البناء.
قال: وكأَن أَبا عبيدة أَراد أَن يؤيد قوله في الصُّورِ أَنه جمع صُورَةٍ
فأَخطأَ في الصُّورِ والسُّورِ، وحرَّفَ كلام العرب عن صيغته فأَدخل فيه
ما ليس منه، خذلاناً من الله لتكذيبه بأَن الصُّورَ قَرْنٌ خلقه الله
تعالى للنفخ فيه حتى يميت الخلق أَجمعين بالنفخة الأُولى، ثم يحييهم
بالنفخة الثانية والله حسيبه. قال أَبو الهيثم: والسُّورَةُ من سُوَرِ القرآن
عندنا قطعة من القرآن سبق وُحْدانُها جَمْعَها كما أَن الغُرْفَة سابقة
للغُرَفِ، وأَنزل الله عز وجل القرآن على نبيه، صلى الله عليه وسلم، شيئاً
بعد شيء وجعله مفصلاً، وبيَّن كل سورة بخاتمتها وبادئتها وميزها من التي
تليها؛ قال: وكأَن أَبا الهيثم جعل السُّورَةَ من سُوَرِ القرآن من
أَسْأَرْتُ سُؤْراً أَي أَفضلت فضلاً إِلا أَنها لما كثرت في الكلام وفي
القرآن ترك فيها الهمز كما ترك في المَلَكِ وردّ على أَبي عبيدة، قال
الأَزهري: فاختصرت مجامع مقاصده، قال: وربما غيرت بعض أَلفاظه والمعنى معناه. ابن
الأَعرابي: سُورَةُ كل شيء حَدُّهُ. ابن الأَعرابي: السُّورَةُ
الرِّفْعَةُ، وبها سميت السورة من القرآن، أَي رفعة وخير، قال: فوافق قوله قول
أَبي عبيدة. قال أَبو منصور: والبصريون جمعوا الصُّورَةَ والسُّورَةَ وما
أَشبهها صُوَراً وصُوْراً وسُوَراً وسُوْراً ولم يميزوا بين ما سبق
جَمْعُهُ وُحْدَانَه وبين ما سبق وُحْدانُهُ جَمْعَه، قال: والذي حكاه أَبو
الهيثم هو قول الكوفيين . .
(* كذا بياض بالأَصل ولعل محله: وسنذكره في
بابه) . . به، إِن شاء الله تعالى. ابن الأَعرابي: السُّورَةُ من القرآن
معناها الرفعة لإِجلال القرآن، قال ذلك جماعة من أَهل اللغة.
قال: ويقال للرجل سُرْسُرْ إِذا أَمرته بمعالي الأُمور. وسُوْرُ الإِبل:
كرامها؛ حكاه ابن دريد؛ قال ابن سيده: وأَنشدوا فيه رجزاً لم أَسمعه،
قال أَصحابنا؛ الواحدة سُورَةٌ، وقيل: هي الصلبة الشديدة منها. وبينهما
سُورَةٌ أَي علامة؛ عن ابن الأَعرابي.
والسِّوارُ والسُّوَارُ القُلْبُ: سِوَارُ المرأَة، والجمع أَسْوِرَةٌ
وأَساوِرُ، الأَخيرة جمع الجمع، والكثير سُوْرٌ وسُؤْورٌ؛ الأَخيرة عن ابن
جني، ووجهها سيبويه على الضرورة، والإِسْوَار
(* قوله: «والاسوار» كذا
هو مضبوط في الأَصل بالكسر في جميع الشواهد الآتي ذكرها، وفي القاموس
الأَسوار بالضم. قال شارحه ونقل عن بعضهم الكسر أَيضاً كما حققه شيخنا والكل
معرب دستوار بالفارسية). كالسِّوَارِ، والجمع أَساوِرَةٌ. قال ابن بري:
لم يذكر الجوهري شاهداً على الإِسْوَارِ لغة في السِّوَارِ ونسب هذا القول
إِلى أَبي عمرو بن العلاء؛ قال: ولم ينفرد أَبو عمرو بهذا القول، وشاهده
قول الأَحوص:
غادَةٌ تَغْرِثُ الوِشاحَ، ولا يَغْـ
ـرَثُ منها الخَلْخَالُ والإِسْوَارُ
وقال حميد بن ثور الهلالي:
يَطُفْنَ بِه رَأْدَ الضُّحَى ويَنُشْنَهُ
بِأَيْدٍ، تَرَى الإِسْوَارَ فِيهِنَّ أَعْجَمَا
وقال العَرَنْدَسُ الكلابي:
بَلْ أَيُّها الرَّاكِبُ المُفْنِي شَبِيبَتَهُ،
يَبْكِي على ذَاتِ خَلْخَالٍ وإِسْوَارِ
وقال المَرَّارُ بنُ سَعِيدٍ الفَقْعَسِيُّ:
كما لاحَ تِبْرٌ في يَدٍ لمَعَتْ بِه
كَعَابٌ، بَدا إِسْوَارُهَا وخَضِيبُها
وقرئ: فلولا أُلْقِيَ عليه أَساوِرَةٌ من ذهب. قال: وقد يكون جَمْعَ
أَساوِرَ. وقال عز وجل: يُحَلَّون فيها من أَسَاوِرَ من ذهب؛ وقال أَبو
عَمْرِو ابنُ العلاء: واحدها إِسْوارٌ.
وسوَّرْتُه أَي أَلْبَسْتُه السِّوَارَ فَتَسَوَّرَ. وفي الحديث:
أَتُحِبِّينَ أَن يُسَوِّرَكِ اللهُ بِسوَارَيْنِ من نار؟ السِّوَارُ من
الحُلِيِّ: معروف. والمُسَوَّرُ: موضع السِّوَارِ كالمُخَدَّمِ لموضع
الخَدَمَةِ. التهذيب: وأَما قول الله تعالى: أَسَاوِرَ من ذَهَبٍ، فإِن أَبا إِسحق
الزجاج قال: الأَساور من فضة، وقال أَيضاً: فلولا أُلقيَ عليه
أَسْوِرَةٌ من ذَهَبٍ؛ قال: الأَسَاوِرُ جمع أَسْوِرَةٍ وأَسْوِرَةٌ جمعُ سِوَارٍ،
وهو سِوَارُ المرأَة وسُوَارُها. قال: والقُلْبُ من الفضة يسمى سِوَاراً
وإِن كان من الذهب فهو أَيضاً سِوارٌ، وكلاهما لباس أَهل الجنة،
أَحلَّنا الله فيها برحمته.
والأُسْوَارُ والإِسْوارُ: قائد الفُرْسِ، وقيل: هو الجَيِّدُ الرَّمْي
بالسهام، وقيل: هو الجيد الثبات على ظهر الفرس، والجمع أَسَاوِرَةٌ
وأَسَاوِرُ؛ قال:
وَوَتَّرَ الأَسَاوِرُ القِياسَا،
صُغْدِيَّةً تَنْتَزِعُ الأَنْفاسَا
والإِسْوَارُ والأُسْوَارُ: الواحد من أَسَاوِرَة فارس، وهو الفارس من
فُرْسَانِهم المقاتل، والهاء عوض من الياء، وكأَنَّ أَصله أَسَاوِيرُ،
وكذلك الزَّنادِقَةُ أَصله زَنَادِيقُ؛ عن الأَخفش.
والأَسَاوِرَةُ: قوم من العجم بالبصرة نزلوها قديماً كالأَحامِرَة
بالكُوفَةِ.
والمِسْوَرُ والمِسْوَرَةُ: مُتَّكَأٌ من أَدَمٍ، وجمعها المَسَاوِرُ.
وسارَ الرجلُ يَسُورُ سَوْراً ارتفع؛ وأَنشد ثعلب:
تَسُورُ بَيْنَ السَّرْجِ والحِزَامِ،
سَوْرَ السَّلُوقِيِّ إِلى الأَحْذَامِ
وقد جلس على المِسْوَرَةِ. قال أَبو العباس: إِنما سميت المِسْوَرَةُ
مِسْوَرَةً لعلوها وارتفاعها، من قول العرب سار إِذا ارتفع؛ وأَنشد:
سُرْتُ إِليه في أَعالي السُّورِ
أَراد: ارتفعت إِليه. وفي الحديث: لا يَضُرُّ المرأَة أَن لا تَنْقُضَ
شعرها إِذا أَصاب الماء سُورَ رأْسها؛ أَي أَعلاه. وكلُّ مرتفع: سُورٌ.
وفي رواية: سُورَةَ الرأْس، ومنه سُورُ المدينة؛ ويروى: شَوَى رأْسِها، جمع
شَوَاةٍ، وهي جلدة الرأْس؛ قال ابن الأَثير: هكذا قال الهَرَوِيُّ، وقال
الخَطَّابيُّ: ويروى شَوْرَ الرَّأْسِ، قال: ولا أَعرفه، قال: وأُراه
شَوَى جمع شواة. قال بعض المتأَخرين: الروايتان غير معروفتين، والمعروف:
شُؤُونَ رأْسها، وهي أُصول الشعر وطرائق الرَّأْس.
وسَوَّارٌ ومُساوِرٌ ومِسْوَرٌ: أَسماء؛ أَنشد سيبويه:
دَعَوْتُ لِمَا نابني مِسْوَراً،
فَلَبَّى فَلَبَّيْ يَدَيْ مِسْوَرِ
وربما قالوا: المِسوَر لأَنه في الأَصل صفةٌ مِفْعَلٌ من سار يسور، وما
كان كذلك فلك أَن تدخل فيه الأَلف واللام وأَن لا تدخلها على ما ذهب
إِليه الخليل في هذا النحو. وفي حديث جابر بن عبدالله الأَنصاري: أَن النبي،
صلى الله عليه وسلم، قال لأَصحابه: قوموا فقد صَنَعَ جابرٌ سُوراً؛ قال
أَبو العباس: وإِنما يراد من هذا أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، تكلم
بالفارسية. صَنَعَ سُوراً أَي طعاماً دعا الناس إِليه.
وسُوْرَى، مثال بُشْرَى، موضع بالعراق من أَرض بابل، وهو بلد
السريانيين.
ورد: وَرْدُ كلّ شجرة: نَوْرُها، وقد غلبت على نوع الحَوْجَم. قال أَبو
حنيفة: الوَرْدُ نَوْرُ كل شجرة وزَهْرُ كل نَبْتَة، واحدته وَرْدة؛ قال:
والورد ببلاد العرب كثير، رِيفِيَّةً وبَرِّيةً وجَبَليّةً.
ووَرَّدَ الشجرُ: نوّر. وَوَرَّدت الشجرة إذا خرج نَوْرُها. الجوهري:
الوَرد، بالفتح، الذي يُشمّ، الواحدة وردة، وبلونه قيل للأَسد وَرْدٌ،
وللفرس ورْد، وهو بين الكُمَيْت والأَشْقَر. ابن سيده: الوَرْد لون أَحمر
يَضْرِبُ الى صُفرة حَسَنة في كل شيء؛ فَرَس وَرْدٌ، والجمع وُرْد ووِرادٌ
والأُنثى ورْدة. وقد وَرُد الفرسُ يَوْرُدُ وُرُودةً أَي صار وَرْداً. وفي
المحكم: وقد وَرُدَ وُرْدةً واوْرادّ؛ قال الأَزهري: ويقال إِيرادَّ
يَوْرادُّ على قياس ادْهامَّ واكْماتَّ، وأَصله إِوْرادَّ صارت الواو ياء
لكسرة ما قبلها. وقال الزجاج في قوله تعالى: فكانت وَرْدةً كالدِّهان؛ أَي
صارت كلون الوَرْد؛ وقيل: فكانت وَرْدة كلونِ فرسٍ وَرْدةٍ؛ والورد يتلون
فيكون في الشتاء خلاف لونه في الصيف، وأَراد أَنها تتلون من الفزع
الأَكبر كما تتلون الدهان المختلفة. واللون وُرْدةٌ، مثل غُبْسة وشُقْرة؛
وقوله:
تَنازَعَها لَوْنانِ: وَرْدٌ وجُؤوةٌ،
تَرَى لأَياءِ الشَّمْسِ فيها تَحَدُّرا
إِنما أَراد وُرْدةً وجُؤوةً أَو وَرْداً وجَأًى. قال ابن سيده: وإِنما
قلنا ذلك لأَن ورداً صفة وجؤوة مصدر، والحكم أَن تقابل الصفة بالصفة
والمصدر بالمصدر.
ووَرَّدَ الثوبَ: جعله وَرْداً. ويقال: وَرَّدَتِ المرأَةُ خدَّها إِذا
عالجته بصبغ القطنة المصبوغة. وعَشِيّةٌ وَرْدةٌ إِذا احمَرَّ أُفُقها
عند غُروب الشمس، وكذلك عند طُلوع الشمس، وذلك علامة الجَدْب. وقميص
مُوَرَّد: صُبِغَ على لون الورد، وهو دون المضَرَّجِ. والوِرْدُ: من أَسماءِ
الحُمَّى، وقيل: هو يَوْمُها. الأَصمعي: الوِرْدُ يوم الحُمَّى إِذا أَخذت
صاحبها لوقت، وقد وَرَدَتْه الحُمَّى، فهو مَوْرُودٌ؛ قال أَعرابي لآخر:
ما أَمارُ إِفْراقِ المَوْرُودِ
(* قوله «إفراق المورود» في الصحاح قال
الأَصمعي: أفرق المريض من مرضه والمحموم من حماه أي أَقبل. وحكى قول
الأعرابي هذا ثم قال: يقول ما علامة برء المحموم؟ فقال العرق.) فقال:
الرُّحضاءُ. وقد وُرِدَ على صيغة ما لم يُسَمّ فاعله. ويقال: أَكْلُ الرُّطَبه
مَوْرِدةٌ أَي مَحَمَّةٌ؛ عن ثعلب.
والوِرْدُ وُوردُ القوم: الماء. والوِرْدُ: الماء الذي يُورَدُ.
والوِرْدُ: الابل الوارِدة؛ قال رؤبة:
لو دَقَّ وِرْدي حَوْضَه لم يَنْدَهِ
وقال الآخر:
يا عَمْرُو عَمْرَ الماء وِرْدٌ يَدْهَمُهْ
وأَنشد قول جرير في الماء:
لا وِرْدَ للقَوْمِ، إِن لم يَعْرِفُوا بَرَدى،
إِذا تكَشَّفَ عن أَعْناقِها السَّدَفُ
بَرَدى: نهر دِمَشْقَ، حرسها الله تعالى. والوِرْدُ: العَطَشُ.
والمَوارِدُ: المَناهِلُ، واحِدُها مَوْرِدٌ. وَوَرَدَ مَوْرِداً أَي
وُرُوداً. والمَوْرِدةُ: الطريق إِلى الماء. والوِرْدُ: وقتُ يومِ الوِرْدِ
بين الظِّمْأَيْنِ، والمَصْدَرُ الوُرُودُ. والوِرْدُ: اسم من وِرْدِ
يومِ الوِرْدِ. وما وَرَدَ من جماعة الطير والإِبل وما كان، فهو وِرْدٌ.
تقول: وَرَدَتِ الإِبل والطير هذا الماءَ وِرْداً، وَوَرَدَتْهُ أَوْراداً؛
وأَنشد:
فأَوْراد القَطا سَهْلَ البِطاحِ
وإِنما سُمِّيَ النصيبُ من قراءَة القرآن وِرْداً من هذا. ابن سيده:
ووَرَدَ الماءَ وغيره وَرْداً ووُرُوداً وَوَرَدَ عليه: أَشرَفَ عليه، دخله
أَو لم يدخله؛ قال زهير:
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقاً جِمامُه،
وضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِرِ المُتَخَيّمِ
معناه لما بلغن الماء أَقَمْنَ عليه. ورجل وارِدٌ من قوم وُرّادٌ،
وورَّادٌ من قومٍ وَرّادين، وكل من أَتى مكاناً منهلاً أَو غيره، فقد وَرَدَه.
وقوله تعالى: وإِنْ منكم إِلاَّ واردُها؛ فسره ثعلب فقال: يردونها مع
الكفار فيدخلها الكفار ولا يَدْخلُها المسلمون؛ والدليل على ذلك قول الله
عز وجل: إِنَّ الذين سَبَقَتْ لهم منا الحُسْنى أُولئك عنها مُبْعَدون؛
وقال الزجاج: هذه آية كثر اختلاف المفسرين فيها، وحكى كثير من الناس أَن
الخلق جميعاً يردون النار فينجو المتقي ويُتْرَك الظالم، وكلهم يدخلها.
والوِرْد: خلاف الصَدَر. وقال بعضهم: قد علمنا الوُرُودَ ولم نعلم
الصُّدور، ودليل مَن قال هذا قوله تعالى: ثم نُنَجِّي الذين اتَّقَوْا ونَذَرُ
الظالمين فيها جُثِيّاً. وقال قوم: الخلق يَرِدُونها فتكون على المؤمن
بَرْداً وسلاماً؛ وقال ابن مسعود والحسن وقتادة: إِنّ وُروُدَها ليس
دُخولها وحجتهم في ذلك قوية جدّاً لأَن العرب تقول ورَدْنا ماء كذا ولم
يَدْخُلوه. قال الله عز وجل: ولمَّا ورَدَ ماءَ مَدْيَنَ. ويقال إِذا بَلَغْتَ
إِلى البلد ولم تَدْخله: قد وَرَدْتَ بلد كذا وكذا. قال أَبو إِسحق:
والحجة قاطعة عندي في هذا ما قال الله تعالى: إِنَّ الذين سبقت لهم منا
الحسنى أُولئك عنها مبعدون لا يَسْمَعون حَسيسَها؛ قال: فهذا، والله أَعلم،
دليل أَن أَهل الحسنى لا يدخلون النار. وفي اللغة: ورد بلد كذا وماء كذا
إِذا أَشرف عليه، دخله أَو لم يدخله، قال: فالوُرودُ، بالإِجماع، ليس
بدخول.الجوهري: ورَدَ فلان وُروُداً حَضَر، وأَورده غيره واسْتَوْرَده أَي
أَحْضَره. ابن سيده: توَرَّدَه واسْتَوْرَدَه كَوَرَّده كما قالوا: علا
قِرْنَه واسْتَعْلاه. ووارَدَه: ورد معَهَ؛ وأَنشد:
ومُتَّ مِنِّي هَلَلاً، إِنَّما
مَوْتُكَ، لو وارَدْتُ، وُرَّادِيَهْ
والوارِدةُ: وُرّادُ الماءِ. والوِرْدُ: الوارِدة. وفي التنزيل العزيز:
ونسوق المجرمين إِلى جهنم وِرْداً؛ وقال الزجاج: أَي مُشاةً عِطاشاً،
والجمع أَوْرادٌ. والوِرْدُ: الوُرّادُ وهم الذين يَرِدُون الماء؛ قال يصف
قليباً:
صَبَّحْنَ مِنْ وَشْحَا قَلِبياً سُكّا،
يَطْمُو إِذا الوِرْدُ عليه الْتَكّا
وكذكل الإِبل:
وصُبِّحَ الماءُ بِوِرْدٍ عَكْنان
والوِرْدُ: النصيبُ من الماء. وأَوْرَدَه الماءَ: جَعَله يَرِدُه.
والموْرِدةُ: مَأْتاهُ الماءِ، وقيل: الجادّةُ؛ قال طرفة:
كأَنَّ عُلوبَ النِّسْعِ، في دَأَياتِها،
مَوارِدُ من خَقاءَ في ظَهْرِ قَرْدَدِ
ويقال: ما لك توَرَّدُني أَي تقدَّم عليّ؛ وقال في قول طرفة:
كَسِيدِ الغَضَا نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
هو المتقدِّم على قِرْنِه الذي لا يدفعه شيء. وفي الحديث: اتَّقُوا
البَرازَ في المَوارِدِ أَي المجارِي والطُّرُق إِلى الماء، واحدها مَوْرِدٌ،
وهو مَفْعِلٌ من الوُرُودِ. يقال: ورَدْتُ الماءَ أَرِدُه وُرُوداً إذا
حضرته لتشرب. والوِرد: الماء الذي ترد عليه. وفي حديث أَبي بكر: أَخذ
بلسانه وقال: هذا الذي أَورَدَني المَوارِدَ؛ أَراد الموارد المُهْلِكةَ،
واحدها مَوْرِدة؛ وقول أَبي ذؤيب يصف القبر:
يَقُولونَ لمَّا جُشَّتِ البِئْرُ: أَوْرِدُوا
وليسَ بها أَدْنَى ذِفافٍ لِوارِدِ
استعار الإِيرادٍ لإِتْيان القبر؛ يقول: ليس فيها ماء، وكلُّ ما
أَتَيْتَه فقد وَرَدْتَه؛ وقوله:
كأَنَّه بِذِي القِفافِ سِيدُ،
وبالرِّشاءِ مُسْبِلٌ وَرُودُ
وَرُود هنا يريد أَن يخرج إِذا ضُرِب به. وأَوْرَدَ عليه الخَبر: قصَّه.
والوِرْدُ: القطيعُ من الطَّيْرِ. والوِرْدُ: الجَيْشُ على التشبيه به؛
قال رؤبة:
كم دَقَّ مِن أَعتاقِ وِرْدٍ مكْمَهِ
وقول جرير أَنشده ابن حبيب:
سَأَحْمَدُ يَرْبُوعاً، على أَنَّ وِرْدَها،
إِذا ذِيدَ لم يُحْبَسْ، وإِن ذادَ حُكِّما
قال: الوِرْدُ ههنا الجيش، شبهه بالوِرْدِ من الإِبل بعينها. والوِرْدُ:
الإِبل بعينها.
والوِرْدُ: النصيب من القرآن؛ يقول: قرأْتُ وِرْدِي. وفي الحديث أَن
الحسن وابن سيرين كانا يقرآنِ القرآنَ من أَوَّله إِلى آخره ويَكْرهانِ
الأَورادَ؛ الأَورادُ جمع وِرْدٍ، بالكسر، وهو الجزء، يقال: قرأْت وِرْدِي.
قال أَبو عبيد: تأْويل الأَوراد أَنهم كانوا أَحْدثوا أَنْ جعلوا القرآن
أَجزاء، كل جزء منها فيه سُوَر مختلفة من القرآن على غير التأْليف، جعلوا
السورة الطويلة مع أُخرى دونها في الطول ثم يَزيدُون كذلك، حتى
يُعَدِّلوا بين الأَجزاءِ ويُتِمُّوا الجزء، ولا يكون فيه سُورة منقطعة ولكن تكون
كلها سُوَراً تامة، وكانوا يسمونها الأَوراد. ويقال: لفلان كلَّ ليلةٍ
وِرْد من القرآن يقرؤه أَي مقدارٌ معلوم إِما سُبْعٌ أَو نصف السبع أَو ما
أَشبه ذلك. يقال: قرأَ وِرْده وحِزْبه بمعنى واحد. والوِرْد: الجزء من
الليل يكون على الرجل يصليه.
وأَرْنَبَةٌ واردةٌ إِذا كانت مقبلة على السبَلة. وفلان وارد الأَرنبة
إِذا كان طويل الأَنف. وكل طويل: وارد.
وتَوَرَّدَتِ الخيل البلدة إِذا دخلتها قليلاً قليلاً قطعة قطعة.
وشَعَر وارد: مسترسل طويل؛ قال طرفة:
وعلى المَتْنَيْنِ منها وارِدٌ،
حَسَنُ النَّبْتِ أَثِيثٌ مُسْبَكِرْ
وكذلك الشَّفَةُ واللثةُ. والأَصل في ذلك أَن الأَنف إِذا طال يصل إِلى
الماء إِذا شرب بفيه لطوله، والشعر من المرأَة يَرِدُ كَفَلَها. وشجرة
واردةُ الأَغصان إِذا تدلت أَغصانُها؛ وقال الراعي يصف نخلاً أَو كرماً:
يُلْقَى نَواطِيرُه، في كل مَرْقَبَةٍ،
يَرْمُونَ عن وارِدِ الأَفنانِ مُنْهَصِر
(* قوله «يلقى» في الأساس تلقى).
أَي يرمون الطير عنه. وقوله تعالى: فأَرْسَلوا وارِدَهم أَي سابِقَهم.
وقوله تعالى: ونحن أَقرب إِليه من حبل الوريد؛ قال أَهل اللغة:
الوَرِيدُ عِرْق تحت اللسان، وهو في العَضُد فَلِيقٌ، وفي الذراع الأَكْحَل، وهما
فيما تفرق من ظهر الكَفِّ الأَشاجِعُ، وفي بطن الذراع الرَّواهِشُ؛
ويقال: إِنها أَربعة عروق في الرأْس، فمنها اثنان يَنْحَدِران قُدّامَ
الأُذنين، ومنها الوَرِيدان في العُنق. وقال أَبو الهيثم: الورِيدان تحت
الوَدَجَيْنِ، والوَدَجانِ عِرْقانِ غليظان عن يمين ثُغْرَةِ النَّحْرِ
ويَسارِها. قال: والوَرِيدانِ يَنْبِضان أَبداً منَ الإِنسان. وكل عِرْق
يَنْبِضُ، فهو من الأَوْرِدةِ التي فيها مجرى الحياة. والوَرِيدُ من العُرُوق:
ما جَرَى فيه النَّفَسُ ولم يجرِ فيه الدّمُ، والجَداوِلُ التي فيها
الدِّماءُ كالأَكْحَلِ والصَّافِن، وهي العُروقُ التي تُفْصَدُ. أَبو زيد: في
العُنُق الوَرِيدان وهما عِرْقان بين الأَوداج وبين اللَّبَّتَيْنِ،
وهما من البعير الودجان، وفيه الأَوداج وهي ما أَحاطَ بالحُلْقُوم من
العروق؛ قال الأَزهري: والقول في الوريدين ما قال أَبو الهيثم. غيره:
والوَرِيدانِ عِرْقان في العُنُق، والجمع أَوْرِدَةٌ ووُرودٌ. ويقال للغَضْبَانِ:
قد انتفخ وريده. الجوهري: حَبْل الوَرِيدِ عِرْق تزعم العرب أَنه من
الوَتِين، قال: وهما وريدان مكتنفا صَفْقَي العُنُق مما يَلي مُقَدَّمه
غَلِيظان. وفي حديث المغيرة: مُنْتَفِخة الوَرِيدِ، هو العرقُ الذي في صَفْحة
العُنق يَنْتَفِخُ عند الغضَب، وهما وريدانِ؛ يَصِفُها بسوء الخَلُق
وكثرة الغضب.
والوارِدُ: الطريق؛ قال لبيد:
ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ
صادِرٍ وهَمٍ، صُواهُ قد مَثَلْ
يقول: أَصْدَرْنا بَعِيرَيْنا في طريق صادِرٍ، وكذلك المَوْرِدُ؛ قال
جرير:
أَمِيرُ المؤمِنينَ على صِراطٍ،
إِذا اعْوَجَّ المَوارِدُ مُسْتَقِيمُ
وأَلقاهُ في وَرْدةٍ أَي في هَلَكَةٍ كَوَرْطَةٍ، والطاء أَعلى.
والزُّماوَرْدُ: معرَّب والعامة تقول: بَزْماوَرْد.
ووَرْد: بطن من جَعْدَة. ووَرْدَةُ: اسم امرأَة؛ قال طرفة:
ما يَنْظُرون بِحَقِّ وَرْدةَ فِيكُمُ،
صَغُرَ البَنُونَ وَرَهطُ وَرْدَةَ غُيَّبُ
والأَورادُ: موضعٌ عند حُنَيْن؛ قال عباس بن
(* قوله «ابن» كتب بهامش
الأصل كذا يعني بالأصل ويحتمل أن يكون ابن مرداس أو غيره):
رَكَضْنَ الخَيْلَ فيها، بين بُسٍّ
إِلى الأَوْرادِ، تَنْحِطُ بالنِّهابِ
وَوَرْدٌ وَوَرَّادٌ: اسمان وكذلك وَرْدانُ. وبناتُ وَرْدانَ: دَوابُّ
معروفة. وَوَرْدٌ: اسم فَرَس حَمْزة بن عبد المطلب، رضي الله عنه.
كره: الأَزهري: ذكر الله عز وجل الكَرْهَ والكُرْهَ في غير موضع من
كتابه العزيز، واختلف القراء في فتح الكاف وضمها، فروي عن أَحمد بن يحيى أَنه
قال قرأَ نافع وأَهل المدينة في سورة البقرة: وهو كُرْهٌ لكم بالضم في
هذا الحرف خاصة، وسائر القرآن بالفتح، وكان عاصم يضم هذا الحرف أَيضاً،
واللذيْنِ في الأَحقاف: حَمَلَتْه أُمُّه كُرْهاً ووَضَعْته كُرْهاً،
ويقرأُ سائرَهُن بالفتح، وكان الأَعمشُ وحمزةُ والكسائيُّ يَضُمُّون هذه
الحروفَ الثلاثةَ، والذي في النساء: لا يَحِلُّ لكم أَن تَرِثُوا النساء
كُرْهاً، ثم قرؤوا كلَّ شيء سواها بالفتح، قال: وقال بعض أَصْحابنا نختار ما
عليه أَهل الحجاز أَن جميع ما في القرآن بالفتح إلا الذي في البقرة خاصة،
فإن القراء أَجمعوا عليه. قال أَحمد بن يحيى: ولا أَعلم بين الأَحْرُف
التي ضمَّها هؤلاء وبين التي فتحوها فَرْقاً في العربية ولا في سُنَّةٍ
تُتَّبع، ولا أَرى الناس اتفقوا على الحرف الذي في سورة البقرة خاصة إلا
أَنه اسم، وبقية القرآن مصادرُ، وقد أَجمع كثير من أَهل اللغة أَن الكَرْهَ
والكُرْهَ لُغتانِ، فبأَيِّ لغة وقع فجائِزٌ، إلا الفراء فإنه زعم أَن
الكُرْهَ ما أَكْرهْتَ نَفْسَك عليه، والكَرْه ما أَكْرَهَكَ غيرُكَ عليه،
تقول: جئْتُكَ كُرْهاً وأَدْخَلْتَني كَرْهاً، وقال الزجاج في قوله
تعالى: وهو كُرْهٌ
لكم؛ يقال كَرِهْتُ الشيءَ كَرْهاً وكُرْهاً وكَراهةً وكَرَاهِيَةً،
قال: وكل ما في كتاب الله عز وجل من الكرْه فالفتح فيه جائز، إلا في هذا
الحرف الذي في هذه الآية، فإن أَبا عبيد ذكر أَن القراء مُجْمِعون على
ضمِّه، قال: ومعنى كَراهِيَتِهم القِتالَ أَنهم إنما كَرِهُوه على جِنْسِ
غِلَظِه عليهم ومشقَّتِه، لا أَن المؤمنين يَكْرَهُونَ فَرْضَ الله، لأَن
الله تعالى لا يفعل إلا ما فيه الحكمة والصلاح. وقال الليث في الكَرْه
والكُرْه: إذا ضمُّوا أَو خفضوا قالوا كُرْهٌ، وإذا فتحوا قالوا كَرْهاً،
تقول: فعلتُه على كُرْهٍ وهو كُرْهٌ، وتقول: فعلتُه كَرْهاً، قال: والكَرْهُ
المكروهُ؛ قال الأَزهري: والذي قاله أَبو العباس والزجاج فحسَنٌ
جَمِيل، وما قاله الليث فقد قاله بعضهم، وليس عند النحويِّين بالبَيِّنِ
الواضح. الفراء: الكُرْه، بالضم، المَشقَّةُ. يقال: قُمْتُ على كُرْهٍ
أَي على مشقَّةٍ. قال: ويقال أَقامني فلان على كَرْهٍ، بالفتح، إذا أَكرهك
عليه. قال ابن بري: يدل على صحة قول الفراء قولُه سبحانه: وله أَسْلَم
مَنْ في السموات والأَرض طوعاً وكَرْهاً؛ ولم يقرأ أَحد بضم الكاف. وقال
سبحانه وتعالى: كُتِبَ عليكم القتالُ وهو كُرْهٌ لكم؛ ولم يقرأ أَحد بفتح
الكاف فيصير الكَره، بالفتح، فعل المضْطَرّ، الكُرْه، بالضم، فعل
المختار. ابن سيده: الكَرْهُ الإباءُ والمشَقَّةُ تُكَلِّفُها فتَحْتَمِلُها،
والكُرْهُ، بالضم، المشقةُ تحْتَمِلُها من غير أَن تُكَلِّفها. يقال: فعلَ
ذلك كَرْهاً وعلى كُرْهٍ. وحكى يعقوب: أَقامَني على كَرْهٍ وكُرْهٍ، وقد
كَرِهَه كَرْهاً وكُرْهاً وكَراهَةً وكراهِيةً ومَكْرَهاً ومَكْرَهةً؛
قال:
لَيْلَةُ غُمَّى طامِسٌ هِلالُها،
أَوْغَلْتُها ومُكْرَهٌ إيغالُها
وأَنشد ثعلب:
تَصَيَّدُ بالحُلْوِ الحَلالِ، ولا تُرَى
على مَكْرَهٍ يَبْدُو بها فيَعيبُ
يقول: لا تَتَكَلَّمُ بما يُكْرَه فيَعيبُها. وفي الحديث: إِسْباغ
الوُضوء على المَكارِه؛ ابن الأَثير: جمع مَكْرَهٍ وهو ما يَكْرَههُ الإنسان
ويشقُّ عليه. والكُرْهُ، بالضم والفتح: المَشَقَّةُ؛ المعنى أَن
يَتَوَضَّأَ مع البرد الشديد والعِلَلِ التي يَتَأَذَّى معها بمسِّ الماء، ومع
إعْوازِه والحاجةِ إلى طلبه والسَّعْي في تحصيله أَو ابْتِياعِه بالثَّمن
الغالي وما أَشبه ذلك من الأَسْباب الشاقَّة. وفي حديث عبادة: بايَعْتُ
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على المَنْشَطِ والمَكْرَه؛ يعني المَحْبوبَ
والمَكْروهَ، وهما مصدران. وفي حديث الأُضْحية: هذا يومٌ اللحمُ فيه
مكروهٌ، يعني أَن طلَبَه في هذا اليوم شاقٌّ. قال ابن الأَثير: كذا قال أَبو
موسى، وقيل: معناه أَن هذا اليومَ يُكْرَه فيه ذبحُ شاةٍ للَّحم خاصَّة،
إنما تُذْبَحُ للنُّسُكِ وليس عندي إلا شاةُ لَحْمٍ لا تُجْزِي عن
النُّسُك، هكذا جاء في مسلم اللَّحْمُ فيه مكروهٌ، والذي جاء في البخاري هذا
يومٌ يُشْتَهى فيه اللحْمُ، وهو ظاهر. وفي الحديث: خُلِقَ المكروهُ يوم
الثَّلاثاءِ، وخُلِقَ النُّورُ يومَ الأَرْبعاء؛ أَرادَ بالمَكْرُوهِ ههنا
الشرَّ لقوله: وخُلقَ النُّورُ يومَ الأَرْبِعاء، والنُّورُ خيرٌ، وإنما
سُمّيَ الشرُّ مَكْروهاً لأَنه ضدُّ المحبوب. ابن سيده: واسْتَكْرَهَه
ككَرِهَهُ. وفي المثل: أَساءَ كارهٌ ما عَمِلَ، وذلك أَن رجلاً أَكْرَهَه
آخرُ على عملٍ فأَساءَ عملَه، يضربُ هذا للرجل يَطْلُب الحاجة فلا
يُبالِغ فيها؛ وقول الخَثْعَمِيَّة:
رأَيتُ لهمْ سِيماءَ قَوْمٍ كَرِهْتُهم،
وأَهْلُ الغَضَى قَوْمٌ عليَّ كِرامُ
إنما أَراد كَرِهْتُهم لها أَو مِنْ أَجْلِها. وشيءٌ كَرْهٌ: مكروهٌ؛
قال:
وحَمْلَقَتْ حَوْلِيَ حَتَّى احْوَلاَّ
مَأْقانِ كَرْهانِ لها واقْبَلاَّ
وكذلك شيءٌ كَريةٌ ومكروهٌ. وأَكْرَهَه عليه فتكارَهَه. وتكَرَّهَ
الأَمْرَ: كَرِهَه. وأَكْرهْتُه: حَمَلْتُه على أَمْرٍ هو له كارهٌ، وجمع
المكروه مَكارِهُ. وامرأَة مُسْتَكْرِهة: غُصِبَتْ نَفْسَها فأُكْرِهَتْ على
ذلك. وكَرَّهَ إليه الأَمْرَ تكرِيهاً: صيَّره كريهاً إليه، نقيض
حَبَّبَه إليه، وما كانَ كَرِيهاً ولقد كَرُهَ كَراهةً؛ وعليه توجَّه ما أَنشده
ثعلب من قول الشاعر:
حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْهَبا
أَمْلَحَ، لا لَذّاً ولا مُحَبَّبا،
أَكْرَهَ جِلْبابٍ لِمَنْ تَجَلْبَبا
إنما هو من كَرُه لا مِنْ كَرِهْت، لأَن الجِلْبابَ ليس بكارهٍ، فإذا
امتنع أَن يُحْمَلْ على كَرِهَ إذ الكُرْه إنما هو للحيوان لم يُحْمَلْ إلا
على كَرُهَ الذي هو للحيوان وغيره. وأَمْرٌ كَريهٌ: مَكروهٌ. ووَجْهٌ
كَرْهٌ
وكَريهٌ: قبيحٌ، وهو من ذلك لأَنه يُكْرَه. وأَتَيْتك كَراهينَ أَنْ
تَغْضَبَ أَي كَراهيةَ أَن تَغْضبَ. وجئتك على كَراهينَ أَي كُرْه؛ قال
الحُطَيْئة:
مُصاحبةٍ على الكَراهينِ فارِكِ
(* قوله «مصاحبة إلخ» صدره كما في التكملة: وبكر فلاها عن نعيم غزيرة).
أَي على الكراهة، وهي لغة. اللحياني: أَتَيْتُك كَراهينَ ذلك وكَراهيةَ
ذلك بمعنىً واحد. والكَرِيهةُ: النازلةُ والشدَّةُ في الحرْبِ، وكذلك
كَرائهُ نَوازلُ الدهر. وذو الكَريهةِ: السَّيْفُ الذي يَمْضِي على
الضَّرائِب الشِّدادِ لا يَنْبُو عن شيء منها. قال الأَصمعي: مِنْ أَسماء السيوف
ذُو الكَريهة، وهو الذي يَمْضِي في الضرائب. الأَزهري: ويقال للأَرض
الصُّلْبةِ الغليظة مثل القفِّ وما قارَبَهُ كَرْهةٌ. ورجل ذو مَكْروهةٍ أَي
شدة؛ قال:
وفارس في غِمار المَوْتِ مُنْغَمِس
إذا تأَلَّى على مَكْروهة صَدَقا
ورجل كَرْهٌ: مُتَكرِّهٌ. وجمل كَرْهٌ: شديد الرأْس؛ وأَنشد:
كَرْه الحَجاجَينِ شَدِيدُ الأَرْآد
والكَرْهاءِ: أَعْلى النُّقْرة، هُذَليَّة، أَراد نُقْرَة القَفا.
والكَرْهاءُ: الوَجْهُ والرّأْسُ أَجْمَع.
مهد: مَهَدَ لنفسه يَمْهَدُ مَهْداً: كسَبَ وعَمِلَ.
والمِهادُ: الفِراش. وقد مَهَدْتُ الفِراشَ مَهْداً: بَسَطْتُه
ووَطَّأْتُه. يقال للفِراشِ: مِهاد لِوِثارَتِه. وفي التنزيل: لهم من جَهَنَّم
مِهادٌ ومِن فَوْقِهِمْ غَواشٍ؛ والجمع أَمْهِدةٌ ومُهُدٌ. الأَزهري:
المِهادُ أَجمع من المَهْد كالأَرض جعلها الله مِهاداً للعباد، وأَصل المَهْد
التَّوْثِيرُ؛ يقال: مَهَدْتُ لنَفْسي ومَهَّدت أَي جعلت لها مكاناً
وَطيئاً سهلاً. ومَهَدَ لنفسه خيراً وامْتَهَدَه: هَيّأَه وتَوَطَّأَه؛ ومنه
قوله تعالى: فلأَنفسهم يَمْهَدُون؛ أَي يُوَطِّئُون؛ قال أَبو النجم:
وامْتَهَدَ الغارِب فِعْلُ الدُّمَّلِ
والمَهْد: مَهْدُ الصبيّ. ومَهْدُ الصبي: موضعه الذي يُهَيّأُ له
ويُوَطَّأُ لينام فيه. وفي التنزيل: من كان في المَهْد صبيّاً؛ والجمع مُهُود.
وسَهْدٌ مَهْدٌ: حسَن، إِتباع.
وتَمْهِيدُ الأُمُورِ: تسويتها وإِصلاحها. وتَمْهِيدُ العُذْر: قَبُوله
وبَسْطُه. وامْتِهاد السَّنامِ: انبساطه وارتفاعه. والتمَهُّدُ:
التَّمَكُّن.
أَبو زيد: يقال ما امْتَهَدَ فلان عندي يَداً إِذا لم يُولِكَ نِعْمة
ولا معروفاً. وروى ابن هانئ عنه: يقال ما امْتَهَدَ فلان عندي مَهْد ذاك،
بفتح الميم وسكون الهاء، يقولها يطلب إِليه المَعْروف بلا يَدٍ سَلَفَتْ
منه إِليه، ويقولها أَيضاً للمسِيءِ إِليه حين يطلب معروفه أَو يطلب له
إِليه.
والمَهِيدُ: الزُّبْدُ الخالص، وقيل: هي أَزْكاه عند الإِذابة وأَقله
لبناً.
والمُهْدُ: النَّشْزُ من الأَرض؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
إِنَّ أَباكَ مُطْلَقٌ مِنْ جَهْدِ،
إِنْ أَنْتَ كَثَّرْتَ قُتورَ المُهْدِ
النضر: المُهْدةُ من الأَرض ما انخفض في سُهُولةٍ واسْتِواء.
ومَهْدَد: اسم امرأَة، قال ابن سيده: وإِنما قضيت على ميم مَهْدد أَنها
أَصل لأَنها لو كانت زائدة لم تكن الكلمة مفكوكة وكانت مدغمة كمَسَدٍّ
ومَرَدٍّ، وهو فَعْلَلٌ؛ قال سيبويه: الميم من نفس الكلمة ولو كانت زائدة
لأُدغم الحرف مثل مَفَرّ ومَرَدّ فثبت أَن الدال ملحقة والملحق لا يدغم.