Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=109714#1cbfe9
سُلْحَــة
من (س ل ح) فرخ الحجل.
من (س ل ح) فرخ الحجل.
سلحــت: الــسُّلْحُــوتُ: الماجِنَةُ؛ قال:
أَدْرَكْتُها تأْفِرُ دونَ العُنْتُوتْ،
تلك الخَرِيعُ والهَلُوكُ الــسُّلْحــوتْ
حبر: الحِبْرُ: الذي يكتب به وموضعه المِحْبَرَةُ، بالكسر
(* قوله: «وموضعه المحبرة بالكسر» عبارة المصباح: وفيها ثلاث لغات أجودها فتح الميم والباء، والثانية ضم الباء، والثالثة كسر الميم لأنها آلة مع فتح الباء).
في الجَمالِ والبَهاء. وسأَل عبدالله بن سلام كعباً عن الحِبْرِ فقال: هو الرجل الصالح، وجمعه أَحْبَارٌ وحُبُورٌ؛ قال كعب بن مالك:
لَقَدْ جُزِيَتْ بِغَدْرَتِها الحُبُورُ،
كذاكَ الدَّهْرُ ذو صَرْفٍ يَدُورُ
وكل ما حَسُنَ من خَطٍّ أَو كلام أَو شعر أَو غير ذلك، فقد حُبِرَ حَبْراً وحُبِّرَ. وكان يقال لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ في الجاهلية: مُحَبِّرٌ، لتحسينه الشِّعْرَ، وهو مأْخوذ من التَّحْبِيرِ وحُسْنِ الخَطِّ والمَنْطِقِ. وتحبير الخط والشِّعرِ وغيرهما: تحسينه. الليث: حَبَّرْتُ الشِّعْر والكلامَ حَسَّنْتُه، وفي حديث أَبي موسى: لو علمت أَنك تسمع لقراءتي لحَبَّرْتُها لك تَحْبِيراً؛ يريد تحسين الصوت. وحَبَّرتُ الشيء تَحْبِيراً
إِذا حَسَّنْتَه. قال أَبو عبيد: وأَما الأَحْبارُ والرُّهْبان فإِن
الفقهاء قد اختلفوا فيهم، فبعضهم يقول حَبْرٌ وبعضهم يقول حِبْرٌ، وقال
الفراء: إِنما هو حِبْرٌ، بالكسر، وهو أَفصح، لأَنه يجمع على أَفْعالٍ دون
فَعْلٍ، ويقال ذلك للعالم، وإِنما قيل كعب الحِبْرِ لمكان هذا الحِبْرِ الذي
يكتب به، وذلك أَنه كان صاحب كتب. قال: وقال الأَصمعي لا أَدري أَهو
الحِبْرُ أَو الحَبْر للرجل العالم؛ قال أَبو عبيد: والذي عندي أَنه الحَبر،
بالفتح، ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه. قال: وهكذا يرويه
المحدّثون كلهم، بالفتح. وكان أَبو الهيثم يقول: واحد الأَحْبَارِ حَبْرٌ
لا غير، وينكر الحِبْرَ. وقال ابن الأَعرابي: حِبْرٌ وحَبْرٌ للعالم،
ومثله بِزرٌ وبَزْرٌ وسِجْفٌ وسَجْفٌ. الجوهري: الحِبْرُ والحَبْرُ واحد
أَحبار اليهود، وبالكسر أَفصح؛ ورجل حِبْرٌ نِبْرٌ؛ وقال الشماخ:
كما خَطَّ عِبْرانِيَّةً بيمينه
بِتَيْماءَ حَبْرٌ، ثم عَرِّضَ أَسْطُرَا
رواه الرواة بالفتح لا غير؛ قال أَبو عبيد: هو الحبر، بالفتح، ومعناه
العالم بتحبير الكلام. وفي الحديث: سميت سُورةَ المائدة وسُورَةَ الأَحبار
لقوله تعالى فيها: يحكم بها النبيون الذي أَسلموا للذين هادوا والربانيون
والأَحْبَارُ؛ وهم العلماء، جمع حِبْرٍ وحَبْر، بالكسر والفتح، وكان
يقال لابن عباس الحَبْرُ والبَحْرُ لعلمه؛ وفي شعر جرير:
إِنَّ البَعِيثَ وعَبْدَ آلِ مُقَاعِسٍ
لا يَقْرآنِ بِسُورَةِ الأَحْبَارِ
أَي لا يَفِيانِ بالعهود، يعني قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا
أَوْفُوا بالعُقُودِ. والتَّحْبِيرُ: حُسْنُ الخط؛ وأَنشد الفرّاء فيما روى
سلمة عنه:
كَتَحْبِيرِ الكتابِ بِخَطِّ، يَوْماً،
يَهُودِيٍّ يقارِبُ أَوْ يَزِيلُ
ابن سيده: وكعب الحِبْرِ كأَنه من تحبير العلم وتحسينه. وسَهْمٌ
مُحَبَّر: حَسَنُ البَرْي. والحَبْرُ والسَّبْرُ والحِبْرُ والسِّبْرُ، كل ذلك:
الحُسْنُ والبهاء. وفي الحديث: يخرج رجل من أَهل البهاء قد ذهب حِبْرُه
وسِبْرُه؛ أَي لونه وهيئته، وقيل: هيئته وسَحْنَاؤُه، من قولهم جاءت
الإِبل حَسَنَةَ الأَحْبَارِ والأَسْبَارِ، وقيل: هو الجمال والبهاء وأَثَرُ
النِّعْمَةِ. ويقال: فلان حَسَنُ الحِبْر والسَّبْرِ والسِّبْرِ إِذا كان
جيملاً حسن الهيئة؛ قال ابن أَحمر وذكر زماناً:
لَبِسْنا حِبْرَه، حتى اقْتُضِينَا
لأَعْمَالٍ وآجالٍ قُضِينَا
أَي لبسنا جماله وهيئته. ويقال: فلان حسن الحَبْر والسَّبْرِ، بالفتح
أَيضاً؛ قال أَبو عبيد: وهو عندي بالحَبْرِ أَشْبَهُ لأَنه مصدر حَبَرْتُه
حَبْراً إِذا حسنته، والأَوّل اسم. وقال ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ
الحِبْر والسِّبْر أَي حسن البشرة. أَبو عمرو: الحِبْرُ من الناس الداهية
وكذلك السِّبْرُ.
والحَبْرُ والحَبَرُ والحَبْرَة والحُبُور، كله: السُّرور؛ قال العجاج:
الحمدُ للهِ الذي أَعْطى الحَبَرْ
ويروى الشَّبَرْ مِن قولهم حَبَرَني هذا الأَمْرُ حَبْراً أَي سرني، وقد
حرك الباء فيهما وأَصله التسكين؛ ومنه الحَابُورُ: وهو مجلس الفُسَّاق.
وأَحْبَرَني الأَمرُ: سَرَّني. والحَبْرُ والحَبْرَةُ: النِّعْمَةُ، وقد
حُبِرَ حَبْراً. ورجل يَحْبُورٌ يَفْعُولٌ من الحُبُورِ. أَبو عمرو:
اليَحْبُورُ الناعم من الرجال، وجمعه اليَحابِيرُ مأْخوذ من الحَبْرَةِ وهي
النعمة؛ وحَبَرَه يَحْبُره، بالضم، حَبْراً وحَبْرَةً، فهو مَحْبُور. وفي
التنزيل العزيز: فهم في رَوْضَةٍ يُحْبَرُون؛ أَي يُسَرُّونَ، وقال
الليث: يُحْبَرُونَ يُنَعَّمُونَ ويكرمون؛ قال الزجاج: قيل إِن الحَبْرَةَ
ههنا السماع في الجنة. وقال: الحَبْرَةُ في اللغة كل نَغْمَةٍ حَسَنَةٍ
مُحَسَّنَةٍ. وقال الأَزهري: الحَبْرَةُ في اللغة النَّعمَةُ التامة. وفي
الحديث في ذكر أَهل الجنة: فرأَى ما فيها من الحَبْرَة والسرور؛ الحَبْرَةُ،
بالفتح: النِّعْمَةُ وسعَةُ العَيْشِ، وكذلك الحُبُورُ؛ ومنه حديث
عبدالله: آل عِمْرَانَ غِنًى والنِّساءُ مَحْبَرَةَ أَي مَظِنَّةٌ للحُبُورِ
والسرور. وقال الزجاج في قوله تعالى: أَنتم وأَزواجكم تُحْبَرُون؛ معناه
تكرمون إِكراماً يبالغ فيه. والحَبْرَة: المبالغة فيما وُصِفَ بجميل، هذا
نص قوله. وشَيْءٌ حِبرٌ: ناعمٌ؛ قال المَرَّارُ العَدَوِيُّ:
قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ من أَفْنَانِهِ،
كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ منه حَبِرْ
وثوب حَبِيرٌ: جديد ناعم؛ قال الشماخ يصف قوساً كريمة على أَهلها:
إِذا سَقَطَ الأَنْدَاءُ صِينَت وأُشْعِرَتْ
حَبِيراً، وَلَمْ تُدْرَجْ عليها المَعَاوِزُ
والجمع كالواحد. والحَبِيرُ: السحاب، وقيل: الحَبِيرُ من السحاب الذي
ترى فيه كالتَّثْمِيرِ من كثرة مائه. قال الرِّياشي: وأَما الحَبِيرُ بمعنى
السحاب فلا أَعرفه؛ قال فإِن كان أَخذه من قول الهذلي:
تَغَذَّمْنَ في جَانِبَيْهِ الخَبِيـ
رَلَمَّا وَهَى مُزْنُه واسْتُبيحَا
فهو بالخاء، وسيأْتي ذكره في مكانه.
والحِبَرَةُ، والحَبَرَةُ: ضَرْبٌ من برود اليمن مُنَمَّر، والجمع
حِبَرٌ وحِبَرات. الليث: بُرُودٌ حِبَرةٌ ضرب من البرود اليمانية. يقال:
بُرْدٌ حَبِيرٌ وبُرْدُ حِبَرَة، مثل عِنَبَةٍ، على الوصف والإِضافة؛ وبُرُود
حِبَرَةٌ. قال: وليس حِبَرَةٌ موضعاً أَو شيئاً معلوماً إِنما هو وَشْيٌ
كقولك قَوْب قِرْمِزٌ، والقِرْمِزُ صِبْغُهُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، لما خَطَبَ خديجة، رضي الله عنها، وأَجابته استأْذنت
أَباها في أَن تتزوجه، وهو ثَمِلٌ، فأَذن لها في ذلك وقال: هو الفحْلُ لا
يُقْرَعُ أَنفُهُ، فنحرت بعيراً وخَلَّقَتْ أَباها بالعَبيرِ وكَسَتْهُ
بُرْداً أَحْمَرَ، فلما صحا من سكره قال: ما هذا الحَبِيرُ وهذا العَبِيرُ
وهذا العَقِيرُ؟ أَراد بالحبير البرد الذي كسته، وبالعبير الخَلُوقَ الذي
خَلَّقَتْهُ، وبالعقير البعيرَ المَنْحُورَ وكان عُقِرَ ساقُه. والحبير
من البرود: ما كان مَوْشِيّاً مُخَطَّطاً. وفي حديث أَبي ذر: الحمد لله
الذي أَطعمنا الحَمِير وأَلبسنا الحبير. وفي حديث أَبي هريرة: حين لا
أَلْبَسُ الحَبيرَ. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الحواميم في
القرآن كَمَثَلِ الحِبَرَاتِ في الثياب.
والحِبْرُ: بالكسر: الوَشْيُ؛ عن ابن الأَعرابي. والحِبْرُ والحَبَرُ:
الأَثَرُ من الضِّرْبَة إِذا لم يدم، والجمع أَحْبَارٌ وحُبُورٌ، وهو
الحَبَارُ والحِبار. الجوهري: والحَبارُ الأَثَرُ؛ قال الراجز:
لا تَمْلإِ الدَّلْوَ وَعَرِّقْ فيها،
أَلا تَرى حِبَارَ مَنْ يَسْقِيها؟
وقال حميد الأَرقط:
لم يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطَارُ،
ولا لِحَبْلَيْهِ بها حَبَارُ
والجمعُ حَبَاراتٌ ولا يُكَسِّرُ.
وأَحْبَرَتِ الضَّرْبَةُ جلده وبجلده: أَثرت فيه. وحُبِرَ جِلْدُه
حَبْراً إِذا بقيت للجرح آثار بعد البُرْء. والحِبَارُ والحِبْرُ: أَثر الشيء.
الأَزهري: رجل مُحَبَّرٌ إِذا أَكلت البراغيث جِلْدَه فصار له آثار في
جلده؛ ويقال: به حُبُورٌ أَي آثار. وقد أَحْبَرَ به أَي ترك به أَثراً؛
وأَنشد لمُصَبِّحِ بن منظور الأَسَدِي، وكان قد حلق شعر رأْس امرأَته،
فرفعته إِلى الوالي فجلده واعتقله، وكان له حمار وجُبَّة فدفعهما للوالي
فَسَرَّحَهُ:
لَقَدْ أَشْمَتَتْ بي أَهْلَ فَيْدٍ، وغادَرَتْ
بِجِسْمِيَ حِبْراً، بِنْتُ مَصَّانَ، بادِيَا
وما فَعَلتْ بي ذاك، حَتَّى تَرَكْتُها
تُقَلِّبُ رَأْساً، مِثْلَ جُمْعِيَ، عَارِيَا
وأَفْلَتَني منها حِماري وَجُبَّتي،
جَزَى اللهُ خَيْراً جُبَّتي وحِمارِيَا
وثوبٌ حَبِيرٌ أَي جديد.
والحِبْرُ والحَبْرُ والحَبْرَةُ والحُبْرَةُ والحِبِرُ والحِبِرَةُ، كل
ذلك: صُفْرة تَشُوبُ بياضَ الأَسْنَان؛ قال الشاعر:
تَجْلُو بأَخْضَرَ مِنْ نَعْمَانَ ذا أُشُرٍ،
كَعارِضِ البَرْق لم يَسْتَشْرِبِ الحِبِرَا
قال شمر: أَوّله الحَبْرُ وهي صفرة، فإِذا اخْضَرَّ، فهو القَلَحُ،
فإِذا أَلَحَّ على اللِّثَةِ حتى تظهر الأَسْناخ، فهو الحَفَرُ والحَفْرُ.
الجوهري: الحِبِرَة، بكسر الحاء والباء، القَلَح في الأَسنان، والجمع بطرح
الهاء في القياس، وأَما اسم البلد فهو حِبِرٌّ، بتشديد الراء. وقد
حَبِرتْ أَسنانه تَحْبَرُ حَبَراً مثال تَعِبَ تَعَباً أَي قَلِحَتْ، وقيل:
الحبْرُ الوسخ على الأَسنان. وحُبِرَ الجُرْحُ حَبْراً أَي نُكسَ وغَفَرَ،
وقيل: أَي برئ وبقيت له آثار.
والحَبِيرُ: اللُّغام إِذا صار على رأْس البعير، والخاء أَعلى؛ هذا قول
ابن سيده. الجوهري: الحَبِيرُ لُغامُ البعير. وقال الأَزهري عن الليث:
الحَبِيرُ من زَبَدِ اللُّغامِ إِذا صار على رأْس البعير، ثم قال الأَزهري:
صحف الليث هذا الحرف، قال: وصوابه الخبير، بالخاء، لِزَبَدِ أَفواه
الإِبل، وقال: هكذا قال أَبو عبيد. وروى الأَزهري بسنده عن الرِّياشِي قال:
الخبير الزَّبَدُ، بالخاء.
وأَرض مِحْبَارٌ: سريعة النبات حَسَنَتُهُ كثيرة الكلإِ؛ قال:
لَنَا جِبَالٌ وحِمًى مِحْبَارُ،
وطُرُقٌ يُبْنَى بِهَا المَنارُ
ابن شميل: الأَرض السريعةُ النباتِ السهلةُ الدَّفِئَةُ التي ببطون
الأَرض وسَرَارتِها وأَراضَتِها، فتلك المَحابِيرُ. وقد حَبِرَت الأَرض، بكسر
الباء، وأَحْبَرَتْ؛ والحَبَارُ: هيئة الرجل؛ عن اللحياني، حكاه عن أَبي
صَفْوانَ؛ وبه فسر قوله:
أَلا تَرى حَبَارَ مَنْ يَسْقيها
قال ابن سيده: وقيل حَبَارُ هنا اسم ناقة، قال: ولا يعجبني.
والحُبْرَةُ: السِّلْعَةُ تخرج في الشجر أَي العُقْدَةُ تقطع ويُخْرَطُ
منها الآنية.
والحُبَارَى: ذكر الخَرَبِ؛ وقال ابن سيده: الحُبَارَى طائر، والجمع
حُبَارَيات
(* عبارة المصباح: الحبارى طائر معروف، وهو على شكل الأوزة،
برأسه وبطنه غبرة ولون ظهره وجناحيه كلون السماني غالباً، والجمع حبابير
وحباريات على لفظه أَيضاً). وأَنشد بعض البغداديين في صفة صَقْرٍ:
حَتْف الحُبَارَياتِ والكَراوين
قال سيبويه: ولم يكسر على حَِبَارِيَّ ولا حَبَائِرَ ليَفْرُقُوا بينها
وبين فَعْلاء وفَعَالَةٍ وأَخواتها. الجوهري: الحُبَارَى طائر يقع على
الذكر والأُنثى، واحدها وجمعها سواء. وفي المثل: كُلُّ شيء يُحِبُّ ولَدَهُ
حتى الحُبَارَى، لأَنها يضرب بها المَثلُ في المُوقِ فهي على مُوقها تحب
ولدها وتعلمه الطيران، وأَلفه ليست للتأْنيث
(* قوله: «وألفه ليست
للتأنيث» قال الدميري في حياة الحيوان بعد أَن ساق عبارة الجوهري هذه، قلت:
وهذا سهو منه بل ألفها للتأنيث كسماني، ولو لم تكن له لانصرفت اهـ. ومثله
في القاموس. قال شارحه: ودعواه أنها صارت من الكلمة من غرائب التعبير،
والجواب عنه عسير). ولا للإِلحاق، وإِنما بني الاسم عليها فصارت كأَنها من
نفس الكلمة لا تنصرف في معرفة ولا نكرة أَي لا تنوّن. والحبْرِيرُ
والحُبْرور والحَبَرْبَرُ والحُبُرْبُورُ واليَحْبُورُ: وَلَدُ الحُبَارَى؛ وقول
أَبي بردة:
بازٌ جَرِيءٌ على الخَزَّانِ مُقْتَدِرٌ،
ومن حَبَابِيرِ ذي مَاوَانَ يَرْتَزِقُهْ
قال ابن سيده: قيل في تفسيره: هو جمع الحُبَارَى، والقياس يردّه، إِلا
أَن يكون اسماً للجمع. الأَزهري: وللعرب فيها أَمثال جمة، منها قولهم:
أَذْرَقُ من حُبَارَى، وأَــسْلَحُ من حُبَارَى، لأَنها ترمي الصقر بــسَلْحــها
إِذا أَراغها ليصيدها فتلوث ريشه بِلَثَقِ سَلْحِــها، ويقال: إِن ذلك يشتد
على الصقر لمنعه إِياه من الطيران؛ ومن أَمثالهم في الحبارى: أَمْوَقُ من
الحُبَارَى؛ ذلك انها تأْخذ فرخها قبل نبات جناحه فتطير معارضة له
ليتعلم منها الطيران، ومنه المثل السائر في العرب: كل شيء يحب ولده حتى
الحبارى ويَذِفُّ عَنَدَهُ. وورد ذلك في حديث عثمان، رضي الله عنه، ومعنى قولهم
يذف عَنَدَهُ أَي تطير عَنَدَهُ أَي تعارضه بالطيران، ولا طيران له لضعف
خوافيه وقوائمه. وقال ابن الأَثير: خص الحبارى بالذكر في قوله حتى
الحبارى لأَنها يضرب بها المثل في الحُمْق، فهي على حمقها تحب ولدها فتطعمه
وتعلمه الطيران كغيرها من الحيوان. وقال الأَصمعي: فلان يعاند فلاناً أَي
يفعل فعله ويباريه؛ ومن أَمثالهم في الحبارى: فلانٌ ميت كَمَدَ الحُبارَى،
وذلك أَنها تَحْسِرُ مع الطير أَيام التَّحْسير، وذلك أَن تلقي الريش ثم
يبطئ نبات ريشها، فإِذا طار سائر الطير عجزت عن الطيران فتموت كمداً؛
ومنه قول أَبي الأَسود الدُّؤَلي:
يَزِيدٌ مَيّتٌ كَمَدَ الحُبَارَى،
إِذا طُعِنَتْ أُمَيَّةُ أَوْ يُلِمُّ
أَي يموت أَو يقرب من الموت. قال الأَزهري: والحبارى لا يشرب الماء
ويبيض في الرمال النائية؛ قال: وكنا إِذا ظعنا نسير في جبال الدهناء فربما
التقطنا في يوم واحد من بيضها ما بين الأَربع إِلى الثماني، وهي تبيض أَربع
بيضات، ويضرب لونها إِلى الزرقة، وطعمها أَلذ من طعم بيض الدجاج وبيض
النعام، قال: والنعام أَيضاً لا ترد الماء ولا تشربه إِذا وجدته. وفي حديث
أَنس: إِن الحبارى لتموت هُزالاً بذنب بني آدم؛ يعني أَن الله تعالى يحبس
عنها القطر بشؤم ذنوبهم، وإِنما خصها بالذكر لأَنها أَبعد الطير
نُجْعَةً، فربما تذبح بالبصرة فتوجد في حوصلتها الحبة الخضراء، وبين البصرة وبين
منابتها مسيرة أَيام كثيرة. واليَحبُورُ: طائر.
ويُحابِرُ: أَبو مُرَاد ثم سميت القبيلة يحابر؛ قال:
وقد أَمَّنَتْني، بَعْدَ ذاك، يُحابِرٌ
بما كنتُ أُغْشي المُنْدِيات يُحابِرا
وحِبِرٌّ، بتشديد الراء: اسم بلد، وكذلك حِبْرٌ. وحِبْرِيرٌ: جبل معروف.
وما أَصبت منه حَبَرْبَراً أَي شيئاً، لا يستعمل إِلا في النفي؛ التمثيل
لسيبويه والتفسير للسيرافي. وما أَغنى فلانٌ عني حَبَرْبَراً أَي شيئاً؛
وقال ابن أَحمر الباهلي:
أَمانِيُّ لا يُغْنِينَ عَنِّي حَبَرْبَرا
وما على رأْسه حَبَرْبَرَةٌ أَي ما على رأْسه شعرة. وحكى سيبويه: ما
أَصاب منه حَبَرْبَراً ولا تَبَرْبَراً ولا حَوَرْوَراً أَي ما أَصاب منه
شيئاً. ويقال: ما في الذي تحدّثنا به حَبَرْبَرٌ أَي شيء. أَبو سعيد: يقال
ما له حَبَرْبَرٌ ولا حَوَرْوَرٌ. وقال الأَصمعي: ما أَصبت منه
حَبَرْبَراً ولا حَبَنْبَراً أَي ما أَصبت منه شيئاً. وقال أَبو عمرو: ما فيه
حَبَرْبَرٌ ولا حَبَنْبَرٌ، وهو أَن يخبرك بشيء فتقول: ما فيه
حَبَنْبَرٌ.ويقال للآنية التي يجعل فيها الحِبْرُ من خَزَفٍ كان أَو من قَوارِير:
مَحْبَرَةٌ ومَحْبُرَةٌ كما يقال مَزْرَعَة ومَزْرُعَة ومَقْبَرَة
ومَقْبُرَة ومَخْبَزَة ومَخْبُزَةٌ. الجوهري: موضع الحِبْرِ الذي يكتب به
المِحْبَرَة، بالكسر.
وحِبِرٌّ: موضع معروف في البادية. وأَنشد شمر عجز بيت: فَقَفا حِبِرّ.
الأَزهري: في الخماسي الحَبَرْبَرَةُ القَمِيئَةُ المُنافِرَةُ، وقال:
هذه ثلاثية الأَصل أُلحقت بالخماسي لتكرير بعض حروفها.
والمُحَبَّرُ: فرس ضرار بن الأَزوَرِ الأَسَدِيِّ. أَبو عمرو:
الحَبَرْبَرُ والحَبْحَبِيُّ الجمل الصغير.
سلج: سَلِج الطعامَ، بالكسر، يَسْلَجُهُ سَلْجاً وسَلَجاناً أَيضاً،
وسَرَطَه سَرْطاً: بَلَعه؛ وكذلك سَلَجَ اللُّقْمَةَ أَي بَلَعَها.
وقيل: السَّلَجانُ الأَكل السريع. ومن أَمثال العرب: الأَكْلُ سَلَجانْ
والقَضاء لِيَّانْ، وقيل: الأَخذ سَلَجَانْ والقضاء لِيَّانْ؛ تأْويله
يحب أَن يأْخذ ويكره أَن يردَّ أَي إِذا أَخذ الرجل الدَّين أَكله، فإِذا
أَراد صاحب الدين حقه لواه به أَي مَطَلَهُ.
وتَسَلَّجَ النَّبيذَ: أَلَحَّ في شربه؛ عن اللحياني. وقال: تركته
يَتَزَلَّجُ النَّبيذ ويَتَسَلَّجُه أَي يُلِحُّ في شربه، ويَسْتَلِجُه: يدخله
في سِلِّجَانِهِ أَي في حُلْقُومه؛ يقال: رماه الله في سِلِّجانِهِ أَي
في حلقومه. والسَّلالِيجُ: الدُّلْبُ الطِّوالُ.
ويقال للسَّاجَةِ التي يشق منها الباب. السَّلِّيجَةُ.
والسُّلَّجُ، بالضم والتشديد: نبتٌ رِخْوٌ من دِقِّ الشجر؛ وقيل:
السُّلَّجَانُ ضرب منه؛ وقال أَبو حنيفة: السُّلَّجُ شجر ضِخامٌ كأَذناب
الضِّبابِ، أَخضرُ له شوك وهو حَمْضٌ. التهذيب: والسُّلَّجُ من الحَمْضِ: الذي
لا يزال أَخضر في القيظ والربيع، وهي خَوَّارَةٌ. قال الأَزهري:
السُّلَّجُ نبت مَنْبِتيه القِيعان، وله ثمر في أَطرافه حِدَّةٌ، ويكون أَخضر في
الربيع ثم يَهيجُ فيَصْفَرُّ، قال: ولا يُعَدُّ من شَجَرٍ الحَمْضِ؛ وفي
الصحاح: هو نبت ترعاه الإِبل. وسَلَجَتِ الإِبل، بالفتح، تَسْلُجُ،
بالضم، سُلُوجاً وسَلِجَتْ: كلاهما أَكلت السُّلَّجَ فاستطلقتْ عنه بطونها.
وقال أَبو حنيفة: سَلِجَتْ، بالكسر لا غير؛ قال شمر: وهو أَجود. أَبو تراب
عن بعض أَعراب قيس: سَلَجَ الفصيلُ الناقةَ ومَلَجَها إِذا رَضَعَها.
مدر: المَدَرُ: قِطَعُ الطينِ اليابِسِ، وقيل: الطينُ العِلْكُ الذي لا
رمل فيه، واحدته مَدَرَةٌ؛ مأَما قولُهُم الحِجارَةُ والمِدارَةُ فعَلى
الإِتْباعِ ولا يُتَكَلَّم به وجَدَه مُكَسَّراً على فِعالَة، هذا معنى
قول أَبي رياش.
وامْتَدَر المَدَرَ: أَخَذَه. ومدَرَ المكانَ يَمْدُرُهُ مَدْراً
ومَدَّرَه: طانَه. ومَكانٌ مَدِيرٌ: مَمْدُورٌ. والمَدْرُ لِلْحَوْضِ: أَنْ
تُسَدَّ خصاصُ حِجارَتِه بالمَدَرِ، وقيل: هو كالْقَرْمَدَةِ إِلا أَنّ
القَرْمَدَةَ بالجِصِّ والمدْر بالطين. التهذيب: والمَدْرُ تَطْيينُك وجْهَ
الحَوْضِ بالطين الحُرّ لئلا يَنْشَفَ. الجوهري: والمَدَرَةُ، بالفتح،
الموضع الذي يُؤخَذُ مِنهُ المَدَرُ فَتُمْدَرُ به الحِياضُ أَي يُسَدُّ
خَصاصُ ما بَيْنَ حِجارَتِها. ومَدَرْتُ الحَوْضَ أَمْدُرُه أَي أَصلحته
بالمَدَرِ. وفي حديث جابر: فانطلق هو وجَبَّارُ بن صخر فنزعا في الحض
سَجْلاً أَو سَجْلَيْن ثم فَدَاره أَي طَيَّناه وأَصلحاه بالمدر، وهو الطين
المتماسك، لئلا يخرج منه الماء؛ ومنه حديث عمر وطلحة في الإِحرام: إِنما هو
مَدَرٌ أَي مَصْبُوغٌ بالمَدَرِ.
والمِمْدَرَةُ والمَمْدَرَةُ، الأَخيرة نادرة: موضع فيه طين حُرٌّ
يُسْتَعَدُّ لذلك؛ فأَما قوله:
يا أَيُّها السَّاقي، تَعَجَّلْ بِسَحَرْ،
وأَفْرِغِ الدَّلْو على غَيْر مَدَرْ
قال ابن سيده: أَراد بقوله على غير مدر أَي على غير إصلاح للحوض؛ يقول:
قد أَتتك عِطاشاً فلا تنتظر إِصلاح الحوض وأَنْ يَمْتَلئَ فَصُبَّ على
رُؤوسها دَلْواً دلواً؛ قال: وقال مرة أُخرى لا تصبه على مَدَرٍ وهو
القُلاعُ فَيذُوبَ ويَذْهَبَ الماء: قال: والأَوّل أَبين. ومَدَرَةُ الرجلِ:
بَيْتُه.
وبنو مَدْراءَ: أَهل الحَضَر. وقول عامر للنبي، صلى الله عليه وسلم: لنا
الوَبَرُ ولكُمُ المَدَرُ؛ إِنما عن به المُدُنَ أَو الحَضَرَ لأَن
مبانيها إِنما هي بالمَدَرِ، وعنى بالوبر الأَخبية لأَن أَبنية البادية
بالوبر. والمَدَرُ: ضِخَمُ البِطْنَةِ. ورجل أَمْدَرُ: عظيمُ البَطْنِ
والجنْبَيْنِ مُتَتَرِّبُهما، والأُنثى مَدْراءُ. وضَبُعٌ مَدْراءُ: عظيمةُ
البَطْنِ.
وضِبْعانٌ أَمْدَرُ: على بَطْنِه لُمَعٌ من سَلْحِــه. ورجل أَمْدَرُ
بيِّن المدَر إِذا كان منتفخ الجنبين. وفي حديث إِبراهيم النبي، صلى الله
عليه وسلم: أَنه يأْتيه أَبوه يوم القيامة فيسأَلُه أَن يشفَعَ له فيلتفتُ
إِليه فإِذا هو بِضِبْعانٍ أَمْدَرَ، فيقول: ما أَنت بأَبي قال أَبو
عبيد: الأَمدَرُ المنتفِخُ الجنبين العظيمُ البطْنِ؛ قال الراعي يصف إِبلاً
لها قَيِّم:
وقَيِّمٍ أَمْدَرِ الجَنْبَيْن مُنْخَرِقٍ
عنه العَباءَةُ، قَوَّام على الهَمَلِ
قوله أَمدر الجنبين أَي عظيمهما. ويقال: الأَمْدَرُ الذي قد تَتَرَّبَ
جنباه من المَدَر، يذهب به إِلى التراب، أَي أَصابَ جسدَه الترابُ. قال
أَبو عبيد: وقال بعضهم الأَمْدَرُ الكَثيرُ الرَّجيع الذي لا يَقْدِرُ على
حَبْسه؛ قال: ويستقيم أَن يكون المعنيان جميعاً في ذلك الضِّبْعان. ابن
شميل: المَدْراءُ من الضِّباعِ التي لَصِقَ بِها بَوْلُها. ومَدِرَتِ
الضَّبُعُ إِذا سَلَحَــتْ. الجوهري: الأَمْدَرُ من الضباع الذي في جسده لُمَعٌ
من سَلْحِــه ويقال لَوْنٌ له. والأَمْدَرُ: الخارئُ في ثيابه؛ قال مالك
بن الريب:
إِنْ أَكُ مَضْرُوباً إِلى ثَوْبِ آلِفٍ
منَ القَوْمِ، أَمْسى وَهْوَ أَمْدَرُ جانِبُهْ
ومادِرٌ؛ وفي المثل: أَلأَمُ من مادِرٍ، هو جد بني هلال بن عامر، وفي
الصحاح: هو رجل من هلال بن عامر بن صَعْصَعَةَ لأَنه سقى إِبله فبقي في
أَسفل الحوْضِ ماء قليل، فَــسَلَحَ فيه ومدَرَ به حَوْضَهُ بُخْلاً أَنْ
يُشْرَبَ مِن فَضْلِه؛ قال ابن بري: هذا هلال جدّ لمحمد بن حرب الهلالي، صاحب
شرطة البصرة، وكانت بنو هلال عَيَّرَتْ بني فَزارَة بأَكل أَيْرِ
الحِمار، ولما سمعت فزارة بقول الكميت بن ثعلبة:
نَشَدْتُكَ يا فزارُ، وأَنت شيْخٌ،
إِذا خُيِّرْتَ تُخطئُ في الخِيارِ
أَصَيْحانِيَّةٌ أُدِمَتْ بِسَمْنٍ
أَحَبُّ إِليكَ أَمْ أَيْرُ الحمارِ؟
بَلى أَيْرُ الحِمارِ وخُصْيَتاهُ،
أَحَبُّ إِلى فَزارَةَ مِنْ فَزَارِ
قالت بنو فزارة: أَليس منكم يا بَني هِلالٍ مَنْ قرى في حوضه فسقى
إِبله، فلما رَوِيَتْ سلح فيه ومدره بخلاً أَن يُشرب منه فضلُهُف وكانوا جعلوا
حَكَماً بينهم أَنس بن مُدْرِك، فقضى على بني هلال بعظم الخزي، ثم إِنهم
رمَوْا بني فَزَارَةَ بِخِزْيٍ آخرَ، وهو إِتيان الإِبل؛ ولهذا يقول
سالم بن دارَة:
لا تأْمَنَنَّ فزارِيًّا، خَلَوْتَ به،
على قَلُوصِكَ، واكْتُبْها بِأَسْيارِ
لا تَأْمَنَنْهُ ولا تَأْمَنْ بَوائِقَه،
بَعد الَّذي امْتَكَّ أَيْرَ العَيْرِ في النَّارِ
(* وفي رواية أخرى امتلَّ.)
فقال الشاعر:
لَقَدْ جَلَّلَتْ خِزْياً هِلالُ بنُ عامِرِ،
بَني عامِرٍ طُرًّا، بِــسَلْحــةِ مادِرِ
فأُفٍّ لَكُم لا تَذكُروا الفَخْرَ بَعْدَها،
بني عامِرٍ، أَنْتُمْ شِرارُ المَعاشِرِ
ويقال للرجل أَمْدَرُ وهو الذي لا يَمْتَسِحُ بالماء ولا بالحجر.
والمَدَرِيَّةُ: رِماحٌ كانت تُرَكَّبُ فيها القُرونُ المُحدّدةُ مكانَ
الأَسِنَّة؛ قال لبيد يصف البقرة والكلاب:
فَلحِقْنَ واعْتَكَرَتْ لَها مَدَرِيَّةٌ،
كالسَّمْهَرِيَّةِ حَدُّها وتَمامُها
يعني القرون.
ومَدْرَى: مَوْضِعٌ
(* قوله« مدرى موضع» في ياقوت: مدرى، بفتح اوّله
وثانيه والقصر: جبل بنعمان قرب مكة. ومدرى، بالفتح ثم السكون: موضع.)
وثَنِيَّةُ مِدْرانَ: من مَساجِدِ رسولِ الله،صلى الله عليه وسلم، بين المدينة
وتَبُوكَ. وقال شمر: سمعت أَحمد بن هانئ يقول: سمعت خالد بن كلثوم يروي
بيت عمرو بن كلثوم:
ولا تُبْقِي خُمُورَ الأَمْدَرِينَا
بالميم، وقال: الأَمْدَرُ الأَقْلَفُ، والعرب تسمي القَرْيَةَ المبنية
بالطين واللَّبِنِ المَدَرَةَ، وكذلك المدينة الضخْمةُ يقال لها
المَدَرَةُ، وفي الصحاح: والعرب تسمي القرية المَدَرَةَ؛ قال الراجز يصف رجلاً
مجتهداً في رَعْيَهِ الإِبل يقوم لوردها من آخر الليل لاهتمامه بها:
شَدَّ على أَمْرِ الوُرُودِ مِئْزَرَهْ،
لَيْلاً، وما نادَى أَذِينُ المَدَرَهْ
والأَذِينُ ههنا: المُؤَذِّن؛ ومنه قول جرير:
هَلْ تَشْهَدُونَ مِنَ المشاعِرِ مَشْعَراً،
أَوْ تَسْمَعُونَ لَدَى الصَّلاةِ أَذِينا؟
ومَدَر: قرية باليمن، ومنه فلان المَدَرِيُّ. وفي الحديث: أَحَبُّ
إِليَّ من أَن يكونَ لي أَهْلُ الوَبَرِ والمَدَرِ؛ يريد بأَهْلِ المَدَرِ
أَهْلَ القُرَى والأَمْصارِ. وفي حديث أَبي ذرّ: أَمَا إِنَّ العُمْرَةَ
مِنْ مَدَرِكم أَي من بَلَدكم. ومَدَرَةُ الرجلِ: بَلْدَتُه؛ يقول: من أرادَ
العُمْرَةَ ابْتَدَأَ لها سَفَراً جديداً من منزله غيرَ سفَرِ الحج،
وهذا على الفضِيلة لا الوجوب.
هرر: هَرَّ الشيءَ يَهُرُّه ويَهِرُّه هَرّاً وهَريراً: كَرِهَهُ؛ قال
المفضل بن المهلب بن أَبي صُفْرَةَ:
ومَنْ هَرَّ أَطْرافَ القَنَا خَشْيَةَ الرَّدَى،
فليسَ لمَجْدٍ صالحٍ بِكَسُوبِ
وهَرَرْتُه أَي كَرِهْتُه أَهُرُّه وأَهِرُّه، بالضم والكسر. وقال ابن
الأَعرابي: أَجِد في وَجْهِهِ هِرَّةً وهَرِيرَةً أَي كراهية. الجوهري:
والهِرُّ الاسم من وقولك هَرَرْتُه هَرّاً أَي كرهته. وهَرَّ فلان الكأْسَ
والحرْبَ هَرِيراً أَي كرهها؛ قال عنترة:
حَلَفْنا لهم، والخَيْلُ تَرْدي بنا معاً:
نُزايِلُكُمْ حتى تَهِرُّوا العَوالِيا
الرَّدَيانُ: ضَرْبٌ من السَّيْرِ،وهو أَن يَرْجُمَ الفَرَسُ الأَرضَ
رَجْماً بحوافره من شدَّة العَدْوِ. وقوله نزايلكم هو جواب القسم أَي لا
نزايلكم، فحذف لا على حدِّ قولهم تالله أَبْرَحُ قاعداً أَي لا أَبرح،
ونزايلكم: نُبارِحُكُمْ، يقال: ما زايلته أَي ما بارحته. والعوالي: جمع
عاليةِ الرمح، وهي ما دون السِّنان بقدر ذراع. وفلان هَرَّهُ الناسُ إِذا
كرهوا ناحِيته؛ قال الأَعشى:
أَرَى الناسَ هَرُّونِي وشُهِّرَ مَدْخَلِي،
ففي كلِّ مَمْشًى أَرْصُدُ الناسَ عَقْربَا
وهَرَّ الكلبُ إِليه يَهِرُّ هَرِيراً وهِرَّةً، وهَرِيرُ الكلبِ: صوته
وهو دون النُّبَاحِ من قلة صبره على البرد؛ قال القَطَامِيُّ يصف شدَّة
البرد:
أَرى الحَقَّ لا يعْيا عَلَيَّ سبيلُه،
إِذا ضافَنِي ليلاً مع القُرِّ ضائِفُ
إِذا كَبَّدَ النجمُ السَماءَ بشَتْوَةٍ،
على حينَ هَرَّ الكلبُ، والثَّلْجُ خاشِفُ
ضائف: من الضيف. وكَبَّدَ النجمُ السماءَ: يريد بالنجم الثريا،
وكَبَّدَ: صار في وسط السماء عند شدَّة البرد. وخاشف: تسمع له خَشْفَة عند المشي
وذلك من شدة البرد. ابن سيده: وبالهَرِيرِ شُبِّهَ نَظَرُ بعض الكُماةِ
إِلى بعض في الحرب. وفي الحديث: أَنه ذكر قارئ القرآن وصاحب الصدقة فقال
رجل: يا رسول الله أَرأَيْتَكَ النَّجْدَةَ التي تكون في الرجل؟
فقال: ليستْ لها بِعِدْلٍ، إِن الكلب يَهِرُّ من وراءِ أَهله؛ معناه أَن
الشجاعة غَرِِيزة في الإِنسان فهو يَلقَى الحروبَ ويقاتل طبعاً
وحَمِيَّةً لا حِسبَةً، فضرب الكلب مثلاً إِذ كان من طبعه أَن يَهِرَّ دون أَهله
ويَذُبَّ عنهم، يريد أَنَّ الجهاد والشجاعة ليسا بمثل القراءَة والصدقة.
يقال: هَرَّ الكلبُ يَهِرُّ هَرِيراً، فهو هارٌّ وهَرَّارٌ إِذا نَبَحَ
وكَشَرَ عن أَنيابه، وقيل: هو صوته دون نُباحه. وفي حديث شُرَيْحٍ: لا
أَعْقِلُ الكلبَ الهَرَّارَ أَي إِذا قتل الرجلُ كلبَ آخر لا أُوجب عليه
شيئاً إِذا كان نَبَّاحاً لأَنه يؤْذي بِنُباحِه. وفي حديث أَبي الأَسود:
المرأَة التي تُهارُّ زوجَها أَي تَهِرُّ في وجهه كما يَهِرُّ الكلب. وفي
حديث خزيمة: وعاد لها المَطِيُّ هارّاً أَي يَهِرُّ بعضها في وجه بعض من
الجهد. وقد يطلق الهرير على صوت غير الكلب، ومنه الحديث: إِني سمعت
هَرِيراً كَهَرِيرِ الرَّحَى أَي صوت دورانها. ابن سيده: وكلب هَرَّارٌ كثير
الهَرِير، وكذلك الذئب إِذا كَشَرَ أَنيابه وقد أَهَرَّه ما أَحَسَّ به.
قال سيبويه: وفي المثل: شَرٌّ أَهَرَّ ذا نابٍ، وحَسُنَ الابتداءُ بالنكرة
لأَنه في معنى ما أَهَرَّ ذا ناب إِلاَّ شَرٌّ، أَعني أَنَّ الكلام عائد
إِلى معنى النفي وإِنما كان المعنى هذا لأَن الخبرية عليه أَقوى، أَلا
ترى أَنك لو قلت: أَهَرَّ ذا نابٍ شَرٌّ، لكنت على طرف من الإِخبار غير
مؤَكدف فإِذا قلت: ما أَهَرَّ ذا نابٍ إِلاَّ شَرٌّ، كان أَوْكَدَ، أَلا ترى
أَن قولك ما قام إِلاَّ زيد أَوْ كَدُ من قولك قام زيد؟ قال: وإِنما
احتيج في هذا الموضع إِلى التوكيد من حيث كان أَمراً مُهِماً، وذلك أَن قائل
هذا القول سمع هَرِيرَ كلب فأَضاف منه وأشفق لاستماعه أَن يكون لطارِقِ
شَرٍّ، فقال: شَرٌّ أَهَرَّ ذا نابٍ أَي ما أَهَرَّ ذا ناب إِلاَّ شَرٌّ
تعظيماً للحال عند نفسه وعند مُستَمِعِه، وليس هذا في نفسه كأَن يطرقه
ضيف أَو مسترشد، فلما عناه وأَهمه أَكد الإِخبار عنه وأَخرجه مخرج الإِغاظ
به. وهارَّه أَي هَرَّ في وجهه. وهَرْهَرْتُ الشيءَ: لغة في مَرْمَرْتُه
إِذا حَرَّكْتَه؛ قال الجوهري: هذا الحرف نقلته من كتاب الاعْتِقابِ
لأَبي تُرابٍ من غير سماع. وهرَّت القوسُ هَرِيراً: صَوَّتَتْ؛ عن أَبي
حنيفة؛ وأَنشد:
مُطِلٌّ بِمُنْحاةٍ لها في شِمالِه
هَرِيرٌ، إِذا ما حَرَّكَتْه أَنامِلُهْ
والهِرُّ: السِّنَّوْرُ، والجمع هِرَرَةٌ مثل قِرْدٍ وقِرَدَةٍ،
والأُنثى هِرَّةٌ بالهاء، وجمعها هِرَرٌ مثل قِرْبةٍ وقِرَبِ. وفي الحديث: أَنه
نهى عن أَكل الهرِّ وثَمَنِه؛ قال ابن الأَثير: وإِنما نهى عنه لأَنه
كالوحشيِّ الذي لا يصح تسليمه وأَنه يَنْتابُ الدُّورَ ولا يقيم في مكان
واحد، فإِن حبس أَو ربط لم ينتفع به ولئلا يتنازع الناس فيه إِذا انتقل
عنهم، وقيل: إِنما نهى عن الوحشي منه دون الإِنسي. وهِرّ: اسم امرأَة، من
ذلك؛ قال الشاعر:
أَصَحَوْتَ اليومَ أَمْ شاقَتْكَ هِرُّ؟
وهَرَّ الشِّبْرِقُ والبُهْمَى والشَّوْكُ هَرّاً: اشتدَّ يُبْسُه
وتَنَفَّشَ فصار كأَظفار الهِرِّ وأَنيابه؛ قال:
رَعَيْنَ الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حتى
إِذا ما هَرَّ، وامْتَنَعَ المَذاقُ
وقولهم في المثل: ما يعرف هِرّاً من بِرٍّ؛ قيل: معناه ما يعرف من
يَهُرُّه أَي يكرهه ممن يَبَرُّه وهو أَحسن ما قيل فيه. وقال الفَزاريُّ:
البِرُّ اللُّطف، والهِرُّ العُقُوق، وهو من الهَرِيرِ؛ ابن الأَعرابي:
البِرُّ الإِكرام والهِرُّ الخُصُومَةُ، وقيل: الهِرُّ ههنَا السِّنَّوْرُ
والبِرُّ الفأْر. وقال ابن الأَعرابي: لا يعرف هاراً من باراً لو كُتِبَتْ
له، وقيل: أَرادوا هِرْهِرْ، وهو سَوْقُ الغنم، وبِرْبِرْ وهو دعاؤُها؛
وقيل: الهِرُّ دهاؤُها والبِرُّ سَوْقُها. وقال أَبو عبيد: ما يعرف
الهَرْهَرَةَ من البَرْبَرَةِ؛ الهَرْهَرَةُ: صوت الضأْن، والبَرْبَرَةُ: صوتُ
المِعْزَى. وقال يونس: الهِرُّ سَوْقُ الغنم، والبِرُّ دعاءُ الغنم. وقال
ابن الأَعرابي: الهِرُّ دعاءُ الغنم إِلى العَلَفِ، والبِرُّ دعاؤُها
إِلى الماء. وهَرْهَرْتُ بالغنم إِذا دعوتها.
والهُرارُ: داءٌ يأْخُذُ الإِبلَ مثلُ الوَرَمِ بين الجلد واللحم؛ قال
غَيْلانُ بن حُرَيْث:
فإِلاَّ يكن فيها هُرارٌ، فإِنَّني
بِسِلٍّ يُمانِيها إِلى الحَوْلِ خائِفُ
أَي خائِفٌ سِلاَّ، والباء زائدة؛ تقول منه: هُرَّتِ الإِبِلُ تُهَرُّ
هَرّاً. وبعير مَهْرُورٌ أَصابه الهُرارُ، وناقة مَهْرُورَةٌ؛ قال الكميت
يمدح خالد بن عبد الله القَسْرِيَّ:
ولا يُصادفْنَ إِلاَّ آجِناً كَدِراً،
ولا يُهَرُّ به منهنَّ مُبْتَقِلُ
قوله به أَي بالماء يعني أَنه مَريءٌ ليس بالوَبِيءِ، وذكر الإِبِلَ وهو
يريد أَصحابها. قال ابن سيده: وإِنما هذا مثل يَضْرِبُه يخبر أَن
الممدوح هنيءُ العطية، وقيل: هو داء يأْخذها فَتَــسْلَحُ عنه، وقيل: الهُرارُ
سَلْحُ الإِبل من أَيِّ داءٍ كان. الكسائيُّ والأُمَوِيُّ: من أَدواءِ
الإِبل الهُرَارُ، وهو استطلاق بطونها، وقد هَرَّتْ هَرّاً وهُراراً، وهَرَّ
سَلْحُــه وأَرَّ: اسْتَطْلَقَ حتى مات. وهَرَّهُ هو وأَرَّهُ: أَطلقه من
بطنه، الهمزة في كل ذلك بدل من الهاء. ابن الأَعرابي: هَرَّ بِــسَلْحِــهِ
وهَكَّ به إِذا رمى به. وبه هُرارٌ إِذا اسْتَطْلَقَ بطنُه حتى يموت.
والهَرَّارَانِ: نَجْمانِ؛ قال ابن سيده: الهَرَّارانِ النَّسْرُ
الواقِعُ وقلبُ العقرب؛ قال شُبَيْلُ بن عَزْرَةَ الضُّبَعِيُّ:
وساق الفَجْرُ هَرَّارَيْهِ، حتى
بدا ضَوْآهُما غَيْرَ احتِمالِ
وقد يفرد في الشعر؛ قال أَبو النجم يصف امرأَة:
وَسْنَى سَخُونٌ مَطْلَعَ الهَرَّارِ
والهَرُّ: ضَرْبٌ من زجر الإِبل. وهِرٌّ: بلد وموضع؛ قال:
فَوَالله لا أَنْسَى بلاءً لقيتُه
بصَحْراءِ هِرٍّ، ما عَدَدْتُ اللَّيالِيا
ورأْس هِرّ: موضع في ساحل فارسَ يرابَطُ فيه. والهُرُّ والهُرّهُورُ
والهَرْهارُ والهُراهِرُ: الكثير من الماءِ واللَّبَنِ وهو الذي إِذا جَرى
سمعت له هَرْهَرْ، وهو حكاية جَرْيِهِ. الأَزهري: والهُرْهُورُ الكثير من
الماءِ واللبن إِذا حلبته سمعت له هَرْهَرَةً؛ وقال:
سَلْمٌ تَرَى الدَّالِيَّ منه أَزْوَرا،
إِذا يَعُبُّ في السَّرِيِّ هَرْهَرَا
وسمعت له هَرْهَرَةً أَي صوتاً عند الحَلْب. والهَرُورُ والهُرْهُورُ:
ما تناثر من حب العُنْقُود، زاد الأزهري: في أَصل الكَرْم. قال أَعرابي:
مررت على جَفنةٍ وقد تحركت سُرُوغُها بقُطُوفها فَسَقَطَتْ أَهْرارُها
فأَكلتُ هُرْهُورَةً فما وقعت ولا طارت؛ قال الأَصمعي: الجفنة الكَرْمَة،
والسُّروغُ قضبان الكرم، واحدها سَرْغٌ، رواه بالغين، والقطوف العناقيد،
قال: ويقال لما لا ينفع ما وَقَعَ ولا طارَ. وهرّ يَهُرُّ إِذا أَكل
الهَرُور، وهو ما يتساقط من الكرم، وهَرْهَرَ إِذا تَعَدَّى. ابن السكيت: يقال
للناقة الهَرِمَة هِرْهِرٌ، وقال النضر: الهِرْهِرُ الناقة التي تَلْفِظُ
رَحِمُها الماءَ من الكِبَر فلا تَلْقَحُ؛ والجمع الهَراهِرُ؛ وقال
غيره: هي الهِرْشَفَّةُ والهِرْدِشَةُ أَيضاً. ومن أَسماءِ الحيات: القَزَازُ
والهِرْهِيرُ. ابن الأَعرابي: هَرَّ يَهَرُّ إِذا ساءَ
خُلُقُه.والهُرْهُور: ضرب من السُّفُن. ويقال للكانُونَيْنِ: هما الهَرَّارانِ وهما
شَيْبان ومِلْحانُ. وهَرْهَرَ بالغنم: دعاها إِلى الماءِ فقال لها: هَرْهَرْ.
وقال يعقوب: هَرْهَرَ بالضأْن خصها دون المعز. والهَرْهَرَةُ: حكاية
أَصوات الهند في الحرب. غيره: والهَرْهَرَةُ والغَرْغَرَةُ يحكى به بعض
أَصوات الهند والسِّنْدِ عند الحرب. وهَرْهرَ: دعا الإِبل إِلى الماءِ.
وهَرْهَرةُ الأَسد: تَرْديدُ زئِيرِه، وهي الي تسمى الغرغرة. والهَرْهَرَةُ:
الضحك في الباطل. ورجل هَرْهارٌ: ضَحَّاك في الباطل. الأَزهري في ترجمة
عقر: التَّهَرْهُرُ صوت الريح، تَهَرْهَرَتْ وهَرْهَرَتْ واحدٌ؛ قال وأَنشد
المؤَرِّجُ:
وصِرْتَ مملوكاً بِقاعٍ قَرْقَرِ،
يَجْري عليك المُورُ بالتَّهَرْهُرِ
يا لك من قُنْبُرَةٍ وقُنْبُرِ
كنتِ على الأَيَّام في تَعَقُّرِ
أَي في صر وجلادة، والله أَعلم.
سلك: السُّلُوك: مصدر سَلَكَ طريقاً؛ وسَلَكَ المكانَ يَسْلُكُه سَلْكاً
وسُلُوكاً وسَلَكَه غَيْرَه وفيه وأَسْلكه إياه وفيه وعليه؛ قال عبد
مناف بن رِبْعٍ الهُذَلِيُّ:
حتى إذا أَسْلَكُوهُمْ في قُتائِدَةٍ
شَلاًّ، كما تَطْرُدُ الجَمَّالةُ الشُّرُدَا
وقال ساعِدَة بنُ العَجْلان:
وهمْ مَنَعُوا الطريق وأَسْلَكوهُمْ
على شَمَّاءَ، مَهْواها بَعيدُ
والسَّلْكُ، بالفتح: مصدر سَلَكْتُ الشيء في الشيء فانْسَِلَك أَي
أَدخلته فيه فدخل؛ ومنه قول زهير:
تَعَلَّماها، لَعَمْرُ الله، ذا قَسَما،
وافْصِدْ بِذَرْعِكَ، وانظرُ أَين تَنْسَلِكُ
وقال عديُّ بن زيد:
وكنتُ لِزازَ خَصْمِكَ لم أُعَرّدْ،
وهمْ سَلَكُوكَ في أَمْرٍ عَصِيبِ
وفي التنزيل العزيز: كذلك سَلَكْناه في قلوب المجرمين، وفيه لغة أخرى:
أَسْلَكْتُهُ فيه. والله يُسْلِكُ الكفَّارَ في جهنم أي يدخلهم فيها،
وأنشد بيت عبد مناف بن رِبْعٍ، وقد تقدّم. وفي التزيل العزيز: أَلم تر أَن
الله أَنزل من السماء ماءً فسَلَكَه يَنابِيعَ في الأرض، أي أَدخله ينابيع
في الأرض. يقال: سَلَكْتُ الخَيْطَ في المِخْيَطِ أَي أَدخلته فيه. أَبو
عبيد عن أصحابه: سلَكْتُه في المَكانِ وأَسْلَكْتُه بمعنى واحد. ابن
الأَعرابي: سَلَكْتُ الطريقَ وسَلَكْتُه غَيْري، قال: ويجوز أَسْلَكْتُه
غيري. وسَلَكَ يَدَه في الجَيْب والسِّقاء ونحوهما يَسْلُكها وأسْلَكَها:
أَدخلها فيهما.
والسَّلْكَةُ: الخَيْطُ الذي يُخاط به الثوبُ، وجمعه سِلْكٌ وأَسْلاكٌ
وسُلُوكٌ؛ كلاهما جمع الجمع.
والمَسْلَكُ: الطريق. والسَّلْكُ: إِدخالُ شيء تَسْلُكه فيه كما
تَطْعُنُ الطاعنَ فتَسْلُكُ الرمح فيه إذا طعنته تِلْقاءَ وجهه على سَجيحته؛
وأَنشد قول امرئ القيس:
نَطْعُنُهُمْ سُلْكى ومَخْلُوجَةً،
كَرَّكَ ّلأمَيْنِ على نابِلِ
وروي: كرَّ كلامَيْنِ، قال: وصَفَه بسرعة الطعن وشبهه بمن يدفع الريشة
إلى النَّبَّال في السرعة، وإنما يحتاج إليه في السرعة والخفة لأن الغِراء
إذا بَرَدَ لم يَلْزَقْ فيستعمل حارًّاً.
والسُّلْكى: الطعنةُ المستقيمة تلقاءَ وجهه، والمَخْلوجَةُ التي في
جانب. وروي عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه قال: ذهب من كان يُحْسِنُ هذا
الكلام، يعني سُلْكى ومَخْلُوجَةً. ابن السكيت: يقال الرأيُ مَخْلُوجةٌ وليس
بسُلْكى أَي ليس بمستقيم. وأَمْرُهُمْ سُلْكى: على طريقة واحدة؛ وقولُ قيس
بن عَيْزارَةَ:
غَداةَ تَنادَوْا، ثم قامُوا فأَجْمَعُوا
بقَتْلِيَ سُلْكى، ليس فيها تنَازُعُ
أَراد عزيمة قوية لا تنازع فيها.
ورجل مُسَلَّكٌ: نحيف وكذلك الفرس.
والسُّلَكُ: فرخُ القَطا، وقيل فَرْخُ الحَجَلِ، وجمعهِ سِلْكانٌ، لا
يكسر على غير ذلك مثل صُرَدٍ وصِرْدانٍ، والأُنثى سُلَكَةٌ وسِلْكانةٌ،
الأَخيرة قليلة؛ قال الشاعر:
تَظَلُّ به الكُدْرُسِلْكانُها
والسُّلَكَةُ والسُّلَيْكَةُ: اسمان. وسُليْكٌ: اسم رجل، وهو سُلَيْكٌ
السَّعْدِيّ وهو من العَدَّائين، كان يقال لهُ سلَيْك المقانِبِ، واسم أمه
سُلَكَةُ؛ وقال قرّان الأَسدي:
لَخُطَّابُ ليْلى يالَ بُرْثُنَ مِنْكُمُ،
على الهَوْلِ، أَمْضى من سُلَيْك المَقانِبِ
كمخ: أَقْمَخَ بأَنْفه إِقماخاً وأَكْمخ إِكماخاً إِذا شمَخ بأَنفه
وتكبر. وكمَخه باللجام: قَدَعه.
وقيل: الإِكماخ رفع الرأْس تكبراً؛ وقيل: الإِكماخ جلوس المتعظم في
نفسه؛ أَكمخ إِكماخاً.
حكى أَبو الدقيش: فلبس كساء له ثم جلس جلوس العروس على المنَصَّة وقال:
هكذا يكْمَخون من البأْو والعظمة. وقال أَبو العباس: الكُماخ الكبرُ
والتعظم؛ وقوله:
إِذا ازدَهاهُم يوم هَيْجا، أَكْمَخوا
بأْواً، ومَدَّتْهمْ جبالٌ شُمَّخ
قيل: معناه عمروا وزادوا، وقيل: ترادوا.
ومَلِكٌ كَيْمَخ: رفع رأْسه تكبراً. وفي الصحاح: كمخ بأَنفه تكبر.
وأَكْمَخَ الكرم: بدت زَمَعاته، وذلك حين يتحرك للإِيراق؛ هذه عن أَبي حنيفة.
والكَمْخ: الــسلْح. وكَمَخ البعيرُ بــسَلْحــه يكمَخُ كَمْخاً إِذا أَخرجه
رقيقاً.
والكامَخُ: نوع من الأُدْم معرّب، وقرّب إلى أَعرابيّ خبز وكامَخٌ فلم
يعرفه فقال: ما هذا؟ فقيل: كامَخٌ، فقال: قد علمت أَنه كامَخٌ ولكن
أَيُّكم كمَخَ به؟ يريد سلَح به.
ذرق: ذَرْقُ الطائرِ: خُرْؤُه. وذَرقَ الطائرُ يَذْرُق ويَذْرِقُ
ذَرْقاً، وأذْرَقَ: خَذَق بِــسَلْحــه وذَرَقَ، وقد يستعار في السبُع والثعلب؛
أنشد اللحياني:
إلا تِلكَ الثَّعالِبُ قد تَوَالَتْ
عَلَيَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعا
لِتَأْكُلَني، فَمَرَّ لهُنَّ لَحْمي،
فأذْرَقَ من حِذاري أو أتاعا
واسم ذلك الشيء الذُّراق؛ عن أبي زيد. وقال حسان بن ثابت لما سأله عمر،
رضي الله عنه، عن هجاء الحطيئة للزِّبْرِقان بقوله:
دَعِ المَكارِمَ لا تَرْحَلْ لِبُغْيَتِها،
واقْعُدْ فإنَّك أنتَ الطَّاعِمُ الكاسي
ما هَجاه بل ذَرق عليه. والذَّرْقُ: ذَرْقُ الحُبارَى بــسلحــه، والخَذْقُ
أشدُّ من الذَّرْق. وفي نوادر الأَعراب: تَذَرَّقَتْ فلانة بالكُحل
وأذْرَقَتْ إذا اكْتحلت.
والذُّرَقُ: نبات كالفِسْقِسة تسميه الحاضرةُ الحَنْدَقُوقى. وقال أبو
عمرو: الذُّرَق الحندقوقى؛ غيره: واحدتها ذُرَقة، ويقال لها:
حَنْدَقَوْقَى وحِنْدَقَوْقَى وحِنْدَقُوقَى؛ قال أبو حنيفة: لها نُفَيْحة طيبة فيها
شَبه من الفَثِّ تطول في السماء كما ينبُت الفَثُّ، وهو ينبت في القِيعان
ومَناقِع الماء. وقال مُرّة: الذُّرَقُ نبات مثل الكُرّاث الجبليّ
الدِّقاق له في رأسه قَماعِل صغار فيها حبٌّ أغبر حُلو، يؤْكلُ رَطباً تُحبه
الرِّعاء ويأتون به أهليهم فإذا جفَّ لم تَعرِض له، وله نِصال صِغار لها
قشرة سوداء فإذا قُشرت قُشرت عن بياض، قال: وهي صادِقةُ الحَلاوة كثيرة
الماء يأكلها الناس؛ قال رؤبة:
حتى إذا ما هاجَ حِيرانُ الذُّرَقْ
وأهْيَجَ الخَلْصاء من ذاتِ البُرَقْ
(* قوله «الذرق» تقدم لنا هذا البيت في مادتي حجر وحير بلفظ الدرق بدال
مهملة مفتوحة وهو خطأ والصواب ما هنا).
وأذْرَقَت الأَرض: أنْبَتت الذُّرَق. وفي الحديث: قاع كثير الذُّرَق،
بضم الذال وفتح الراء، الحندقوق وهو نبت معروف. وحكى أبو زيد: لبن مُذَرَّق
أي مَذيق.
ذرمل: التهذيب: ذَرْمَل الرجُل إِذا أَخرج خُبْزته مُرَمَّدَةً ليعجلها
على الضيف. ابن السكيت: ذَرْمَل ذَرْمَلةً إِذا سَلَح؛ وأَنشد:
لَعْواً متى رأَيته تَقَهَّلا،
وإِن حَطَأْت كَتِفيه ذَرْمَلا
حسل: الحِسْل: ولد الضَّبِّ، وقيل ولد الضب حين يخرج من بَيْضته، فإِذا
كَبِر فهو غَيْداق، والجمع أَحْسال وحِسْلان، الكسرة في حِسْل غَيْرُ
الكسرة في حِسْلان، تلك وضْعِيَّة وهذه مُجْتَلَبَة للجمع، وحِسَلة وحُسُول،
هذه في الأَزهري. والضب يكنى أَبا حِسْل وأَبا الحِسْل وأَبا الحُسَيل.
وقال أَبو الدُّقيش: تقول العرب للضَّبِّ إِنه لَقاضي الدواب والطير، قال
الأَزهري: ومما يحقق قوله الدواب والطير، قال الأَزهري: ومما يحقق قوله
ما رويناه عن عامر الشعبي قال: سمعت النعمان ابن بشير على المنبر يقول:
يا أَيها الناس، إِني ما وجدت لي ولكم مَثَلاً إِلا الضَّبُع والثعلب
أَتَيا الضبَّ في جُحْره فقالا: أَبا الحِسْل قال: أَجئتما؟ قالا: جئناك
نَحْتَكِم، قال: في بيته يُؤتى الحَكَم، في حديث فيه طول، وقولهم في المثل:
لا آتيك سِنَّ الحِسْل أَي أَبداً لأَن سِنَّها لا تسقط أَبداً حتى تموت؛
وأَنشد ابن بري:
ثُمَّتَ لا أُرْسِلها سِنَّ الحِسِل
والحُسالة: الرَّذْل من كل شيء؛ وقال بعض العَبْسِيِّين:
قَتَلْتُ سَراتَكم، وحَسَلَتْ منكم
حَسِيلاً، مِثْلَ ما حُسِل الوِبار
قال ابن الأَعرابي: حَسَلْت أَبْقَيت منكم بَقِيَّة رُذالاً. والحُسالة:
مثل الحُثالة. والمَحْسول، مثل المَخْسول: وهو المَرْذُول. وقد حَسَله
وخَسَله أَي رَذَله. وحُسِل به أَي أُخِسَّ حَظُّه. وفلان يُحَسِّل بنفسه
أَي يُقَصِّر ويركب الدناءة، وهو من حَسِيلتهم؛ عن ابن الأَعرابي، أَي من
خُشارتهم. والحَسِيل: الرُّذال من كل شيء. والحُسالة: كالحَسِيلة. قال
ابن سيده: وأُرى اللحياني قال الحُسالة من الفِضَّة كالسُّحالة، وهو ما
سقط منها، ولست منها على ثِقَة. وقال أَبو حنيفة: الحُسالة ما تَكَسَّر من
قشر الشعير وغيره. والمَحْسول: الخَسِيس، والخاء أَعلى. والحَسْل:
السَّوْق الشديد. يقال: حَسَلها حَسْلاً إِذا ضبطها سَوْقاً.
والحَسِيلة: حَشَف النخل الذي لم يَحْلُ بُسْره يُيَبِّسونه حتى
يَيْبَس، فإِذا ضُرِب انْفَتَّ عن نَواه وَودَنُوه باللبن ومَرَدُوا له تمراً
حتى يُحَلَّيه فيأْكلونه لَقِيماً، يقال: بُلُّوا لنا من تلك الحَسِيلة،
ورُبَّما وُدِن بالماء. والحَسِيل: ولد البقرة الأَهلية وعَمَّ به بعضهم
فقال هو ولد البقرة، والأُنثى بالهاء، وجمعها حَسِيل على لفظ الواحد
المذكر، وقيل: الحَسِيلْ البقر الأَهلي لا واحد له من لفظه؛ ومنه قول
الشَّنْفَرَى الأَزدي يصف السيوف:
وهُنَّ كأَذناب الحَسِيل صَوادر،
وقد نِهِلَتْ من الدِّماءِ وعَلَّتِ
قال ابن بري: قال الجوهري والحَسِيل ولد البقرة لا واحد له من لفظه،
قال: صوابه والحَسِيل أَولاد البقر، وقال: قال الأَصْمعي واحدها حَسِيلة فقد
ثبت أَن له واحداً من لفظه، وشبه السيوف بأَذناب الحَسيل إِذا رأَت
أُمهاتها فحرَّكتها؛ وقيل لولد البقرة حَسِيل وحَسِيلة لأَن أُمه تُزْجِيه
معها. ابن الأَعرابي: يقال للبقرة الحَسِيلة والحائرة والعَجوز والبعبة
(*
قوله «والحاـرة» وقوله «البعبة» هكذا في الأصل من غير نقط للكلمتين، ولعل
الاولى الجائرة أو الخائرة من الجؤار أو الخوار) وأَنشد غيره:
عَليَّ الحَشِيش ورِيٌّ لها،
ويوم العُوار لحسْل بن ضَب
يقولها المستأْثر مَرْزِئة على الذي يفعله. قال أَبو حاتم: يقال لولد
البقرة إِذا قَرَم أَي أَكل من نبات الأَرض حَسِيل، قال: والحَسِيل إِذا
هَلَكت أُمُّه أَو ذَأْرتْه أَي نَفَرت منه فأُوجِر لبناً أَو دَقِيقاً فهو
مَحْسول؛ أَنشد:
لا تَفْخَرَنَّ بِلحيَةٍ،
كثُرَتْ مَنابِتُها، طوِيله
تَهْوى تَفَرُّقَها الرِّيا
حُ، كأَنَّها ذَنَبُ الحَسِيله
فكر: الفَكْرُ والفِكْرُ: إِعمال الخاطر في الشيء؛ قال سيبويه: ولا يجمع
الفِكْرُ ولا العِلْمُ ولا النظرُ، قال: وقد حكى ابن دريد في جمعه
أَفكاراً. والفِكْرة: كالفِكْر وقد فَكَر في الشيء
(* قوله« وقد فكر في الشيء
إلخ» بابه ضرب كما في المصباح) وأَفْكَرَ فيه وتَفَكَّرَ بمعنىً. ورجل
فِكِّير، مثال فِسِّيق، وفَيْكَر: كثير الفِكْر؛ الأَخيرة عن كراع.
الليث: التَّفَكُّر اسم التَّفْكِير. ومن العرب من يقول: الفِكْرُ
الفِكْرَة، والفِكْرى على فِعْلى اسم، وهي قليلة. الجوهري: التَّفَكُّر
التأَمل، والاسم الفِكْرُ والفِكْرَة، والمصدر الفَكْر، بالفتح. قال يعقوب:
يقال: ليس لي في هذا الأَمرِ فكْرٌ أَي ليس لي فيه حاجة، قال: والفتح فيه
أَفصح من الكسر.