Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: زمان

وَقت

وَقت
: (} الوَقْتُ) : مقدارٌ من الــزّمَانِ. كَذَا فِي المِصْبَاح.
وكُلُّ شيْءٍ قَدَّرْتَ لَهُ حِيناً فَهُوَ {مُوَقَّتٌ، وَكَذَلِكَ مَا قَدَّرْتَ غايَتَه فَهُوَ مُوَقَّتٌ.
وَفِي البَصَائِر:} الوَقْتُ: نِهايةُ الــزَّمانِ المَفْرُوضِ للعَمَلِ؛ وَلِهَذَا لَا تكَاد تقولُ إِلاّ مُقَيّداً.
وَفِي المُحْكَم: الوَقْتُ: (المِقْدَارُ من الدَّهْرِ، وأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمَلُ فِي الماضِي) وَقد استُعْمِل فِي المُسْتَقْبَلِ، واسْتَعْمَلَ سِيبَوَيْهِ لفظَ الوَقْتِ فِي الْمَكَان تَشْبِيهاً {بالوَقْت فِي الــزَّمَان؛ لأَنّه مِقْدَارٌ مِثْلُه، فَقَالَ: ويَتَعَدَّى إِلى مَا كَانَ وَقْتاً فِي المَكَان، كمِيلٍ وفَرْسَخٍ وبَرِيدٍ، والجَمْعُ} أَوْقَاتٌ، (كالمِيقاتِ) ، وفَرَّقَ بَينهمَا جَمَاعَةٌ بأَنَّ الأَوّلَ مُطْلَقٌ، والثّانِيَ {وَقْتٌ قُدِّرَ فِيه عَمَلٌ من الأَعْمَال، قَالَه فِي العِنَايَة.
(و) الوَقْتُ (: تَحْدِيدُ الأَوْقَاتِ، كالتَّوْقِيتِ) ، تَقول:} وَقَّتُّه لِيَوْمِ كَذَا، مثل أَجَّلْتُه.
قَالَ ابنُ الأَثير: وَقد تَكَرّرَ {التَّوْقيتُ والمِيقاتُ، قَالَ:} فالتَّوْقِيتُ! والتأْقِيتُ أَن يُجْعَلَ للشَّيْءِ {وَقْتٌ يَخْتَصُّ بِهِ، وَهُوَ بيانُ مِقْدَارِ المُدّةِ.
وَتَقُولُ: وَقَّتَ الشَّيْءَ} يُوَقِّتُه، {وَوَقَتَه يَقِتُه، إِذَا بَيَّنَ حَدَّه، ثمَّ اتُّسِع فِيهِ، فأُطْلقَ عَلَى المَكَان، فَقيلَ للمَوْضِع} مِيقَاتٌ. (وَهُوَ مِفْعالٌ مِنْهُ، وأَصلُه {مِوْقَاتٌ، فقُلِبَت الواوُ يَاء لسكرةِ المِيمِ) .
وَفِي حَدِيث ابنِ عَبّاس رَضِي الله عَنْهُمَا: (لَمْ} يَقِتْ رَسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وسلمفي الخَمْرِ حَدًّا) ؛ أَيْ لَمْ يُقَدِّرْ، وَلم يَحُدَّهُ بِعَدَدِ مَخْصُوصٍ.
(و) فِي التَّنْزِيلِ العزِيزِ {5. 008 إِن الصَّلَاة كَانَت على المؤمين كتابا {موقوتا} (سُورَة النِّسَاء، الْآيَة: 103) أَي مُوَقَّتاً مُقَدَّراً. وَقيل: أَي كُتِبَتْ عَلَيْهِمْ فِي أَوْقَاتٍ} مُوَقَّتَةِ. وَفِي الصّحاح أَي (مَفْرُوضاً فِي {الأَوْقاتِ) .
(و) قد يَكُون وَقَّتَ بِمَعْنى أَوْجَبَ عَلَيْهِم الإِحْرَامَ فِي الحَجِّ والصَّلاةِ عندَ دُخُولِ} وَقْتِهِما.
{والمِيقاتُ: الوَقْتُ المَضْرُوبُ للفِعْلِ. والمَوْضِعُ، يُقَال: هَذَا} مِيقَاتُ أَهْلِ الشَّامِ، للمَوْضِع الَّذِي يُحْرِمُون مِنْه، وَفِي الحَدِيثِ (أَنه وَقَّتَ لأَهلِ المَدِينةِ ذَا الحُلَيْفَةِ) . و (مِيقَاتُ الحَاجِّ: مَوضِعُ إِحْرامهِم) وعبارةُ النّهاية: ومَوَاضِعُ الإِحْرَامِ: مَوَاقيتُ الحَاجّ، والهِلالُ، مِيقَاتُ الشَّهْرِ، وَنَحْو ذالك كذالك.
وَتقول: {وَقَتَه فَهُوَ مَوْقُوتٌ، إِذا بَيّنَ للفِعْلِ} وَقْتاً يُفْعَلُ فيهِ، (و) فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز: {وَإِذَا الرُّسُلُ {أُقّتَتْ} (سُورَة المرسلات، الْآيَة: 11) قَالَ الزَّجّاجُ: جُعِلَ لَهَا وَقْتٌ وَاحِدٌ للفَصْلِ فِي القَضَاءِ بينَ الأُمَّةِ. وَقَالَ الفَرّاءُ: جُمِعَتْ} لِوَقْتِها يومَ القِيَامَةِ. واجتَمَعَ القُرّاءُ على هَمْزِها، وَهِي فِي قراءَةِ عبدِ الله ( {وُقِّتَتْ) ، وقرأَها أَبُو جَعْفَر المَدِينيّ} وُقِتَتْ، خَفيفةً بِالْوَاو، وإِنّمَا هُمِزَت لأَنَّ الواوَ إِذا كانَتْ أَوّلَ حَرْف وضُمَّتْ هُمِزَتْ (يُقَال هَذِه أُجوهٌ حِسَانٌ، بالهَمْز، وَذَلِكَ لأَن ضمَّةَ الْوَاو ثَقيلَة) {وأُقِتَتْ لُغَةٌ، مثل وُجُوهٍ وأُجُوهِ.
و (قُرِىءَ: وإِذَا الرُّسُلُ} وُوِقِتَتْ، فُوعِلَتْ، من {المُواقَتَةِ) ، وَهِي من الشَّواذِّ وهاكذا قَرَأَ جَمَاعَةٌ.
(وَوَقْتٌ} مَوْقُوتٌ {ومُوَقَّتٌ) أَي (مَحْدُودٌ) ، وَقد تَقَدَّم تصريفُهما.
(} والمَوْقِتُ، كمَجْلِسٍ، مَفْعِلٌ مِنْهُ،) أَي من الوَقْتِ، قَالَ العَجّاج:
والجَامع النَّاسِ لِيَوْمِ {المَوْقِتِ ــوَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:)
} المُوَقِّتُ: كمُحَدِّث: مَن يُرَاعِي الأَوْقَاتَ والأَظلة، وَقد اشْتَهَر بِهِ جَمَاعَةٌ.

المَهْدِيّةُ

المَهْدِيّةُ:
بالفتح ثم السكون، في موضعين: إحداهما بإفريقية والأخرى اختطها عبد المؤمن بن عليّ قرب سلا، فأما المهديّ ففي اشتقاقه عندي أربعة أوجه:
أحدها أن يكون من المهدي، بفتح ميمه، ويعني أنه هو مهتد في نفسه لا أنه هداه غيره ولو كان ذلك لكان المهدي، بضم الميم، كقولك المرميّ والمكريّ والملقيّ، ولو كان يفعل ذلك بغيره لضمّت الميم، وليس الضم والفتح للتعدية وغير التعدية، فإن الأصمعي يقول: هداه يهديه في الدين هدى وهداه يهديه هداية إذا دلّه على الطريق، وهديت العروس فأنا أهديها هداء، وأهديت الهديّة إهداء وأهديت الهدي، هذان الأخيران بالألف والأول كما تراه ثلاثيّا متعدّيا فلا يفتقر إلى زيادة ألف التعدية فهو بمنزلة اسم الــزمان والمكان وإن كان اسم رجل لأنك إذا قلت مضرب أو مشرب إنما المراد موضع
الضرب والشرب ومحلهما، فكذلك هذا المسمّى المراد أنه موضع الهدي ومحلّه، ويجوز أن يكون المهديّ منسوبا إلى اسم مكان الهدي كما أن مضربيّ منسوب إلى اسم مكان الضرب، والقياس هدى يهدي والمكان مهديّ بتصحيح الياء كما أن قاض أصله قاضي بتصحيح الياء مثل مضرب سواء ولكنهم استثقلوا الخروج من الكسر إلى الضم كما استثقلوا في القاضي والغازي فعدلوا إلى الأخفّ فقالوا مهدى كما قالوا مغزى فصار مقصورا لا يحتمل ما تحتمله الياء من التحريك في النصب فلزم طريقة واحدة وأعيدت الياء في القاضي إلى أصلها لما أمن الثقل عليها، فإن قيل فهلّا فرّوا في القاضي والغازي إلى القصر وألزموه طريقة واحدة؟ قلنا إنما فرّوا من الثقل، ولو قالوا قاضا لصار بعد الضاد ألف وقبلها ألف وصار في زنة الفعل من قاضيت ففرّوا إلى الأخفّ، لكنهم لما نسبوا إليهما ردّوهما إلى الأصل الواحد في رأيي فقالوا قاضيّ ومهديّ، فكسروا الدال التي في مهدي وشدّدوا ياء النسبة وإن كان الأشهر الأكثر قاضويّ ومهدويّ ومغزويّ إلا أن ذلك هو الأولى على أصلنا، فهذا هو وجه حسن في تعليل من قال قاضيّ ومغزيّ لا مطعن للمنصف فيه، والوجه الثاني وهو الذي يراه النحويون في هذا أن المهديّ هو اسم المفعول من هدى يهدي فهو مهديّ مثل ضرب يضرب فهو مضروب فعلى هذا أصله مهدوي، بفتح أوله وسكون ثانيه وضم الدال وسكون واوه وتصحيح يائه، بوزن مضروب، فاستثقلوا الخروج من الواو الساكنة إلى الياء فأدغموا الواو في الياء فصارت ياء مشددة فكسرت لها الدال فصار مهديّ مثل مرميّ ومشويّ ومقليّ، والوجه الثالث أن يكون منسوبا إلى المهد تشبيها له بعيسى، عليه السلام، فإنه تكلم في المهد فضيلة اختصّ بها وإنه يأتي في آخر الــزمان فيهدي الناس من الضلالة ويردهم إلى الصواب، وهذه المدينة بإفريقية منسوبة إلى المهدي، وبينها وبين القيروان مرحلتان، القيروان في جنوبيها، والثياب السوسية المهدويّة إليها تنسب، وقد اختطها المهدي، واختلف في نسبه فأكثر أهل السير الذين لم يدخلوا في رعيتهم وبعض رعيتهم الذين كانوا يخفون أمرهم يزعمون أنه كان ابن يهوديّ من أهل سلمية الشام وتزوّج القدّاح الذي كان أصل هذه الدعوة بأمه فربّاه إلى أن حضرته الوفاة ولم يكن له ولد فعهد إليه وعلّمه الدعوة وكان اسمه سعيدا فلما صار الأمر إليه سمي عبيد الله، وقال قوم قليلون: إنه ولد القداح نفسه، في قصص طويلة، وقال من صحّح نسبه: إنه أحمد بن إسماعيل الثاني ابن محمد بن إسماعيل الأكبر بن جعفر بن محمد بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب، قدم إفريقية، فملكها وأقام بالقيروان مدّة ثم خطّ المهدية، وهي على ساحل بحر الروم داخلة فيه ككفّ على زند، عليها سور عال محكم كأعظم ما يكون يمشي عليه فارسان، عليها باب من حديد مصمت مصراع واحد تأنّق المهديّ في عمله، وقال بعض أهل المعرفة بأخبارهم:
في سنة 300 خرج المهدي بنفسه إلى تونس يرتاد لنفسه موضعا يبني فيه مدينة خوفا من خارج يخرج عليه، وأراد موضعا حصينا حتى ظفر بموضع المهدية وهي جزيرة متصلة بالبرّ كهيئة كف متصلة بزند، فتأمّلها فوجد فيها راهبا في مغارة فقال له: بم يعرف هذا الموضع؟ فقال: هذا يسمّى جزيرة الخلفاء، فأعجبه هذا الاسم فبناها وجعلها دار مملكته وحصّنها بالسور المحكم والأبواب الحديد المصمت وجعل في كل مصراع من الأبواب مائة قنطار، ولها بابان بأربعة مصاريع لكل باب منها دهليز يسع خمسمائة فارس،
وكان شروعه في اختطاطها لخمس خلون من ذي القعدة سنة 303، وقال أبو عبيد البكري: كان شروعه فيها سنة 300 وكمّل سورها في سنة خمس وانتقل إليها سنة ثمان في شوال، ولم تزل دار مملكة لهم إلى أن ولي الأمر إسماعيل بن أبي القاسم سنة 44 فسار إلى القيروان محاربا لأبي يزيد واتخذ مدينة صبرة واستوطنها بعد أبيه معدّ وعمل فيها مصانع واحتفر أبآرا وبنى فيها قصورا عالية، قال بطليموس: مدينة برقة وهي المهدية طولها اثنتان وثلاثون درجة، وعرضها ست وثلاثون درجة، داخلة في الإقليم الرابع، طالعها العقرب تحت اثنتي عشرة درجة، منزلها من قلب العقرب الجناح الأيمن ولها ممسك العنان ولها جبهة الليث تحت اثنتي عشرة درجة من السرطان، يقابلها مثلها اثنتا عشرة درجة من الجدي، وقال أبو عبيد البكري: جعل لمدينتها بابا حديد لا خشب فيهما كل باب وزنه ألف قنطار وطوله ثلاثون شبرا كل مسمار من مساميره ستة أرطال وجعل فيها من الصهاريج العظام، وأهل تلك النواحي يسمّونها مواجل، ثلاثمائة وستين موجلا غير ما يجري إليها من القناة التي فيها، والماء الجاري الذي بالمهدية جلبه عبيد الله من قرية ميّانش وهي على مقربة من المهدية في أول أقداس ويصبّ في المهدية في صهريج داخل المدينة عند جامعها ويرفع من الصهريج إلى القصر بالدواليب وكذلك يسقي أيضا من قرية ميّانش من الآبار بالدواليب يصبّ في محبس يجري منه في تلك القناة، قال: ومرسى المهدية منقور في حجر صلد يسع ثلاثين مركبا، على طرفي المرسى برجان بينهما سلسلة حديد فإذا أريد إدخال سفينة أرسل حرّاس البرجين أحد طرفي السلسلة حتى تدخل السفينة ثم يمدّونها كما كانت تحبيسا لها، ولما فرغ من إحكام ذلك قال: اليوم أمنت على الفاطميّات، يعني بناته، وارتحل إليها وأقام بها ثم عمّر فيها الدكاكين ورتب فيها أرباب المهن كلّ طائفة في سوق فنقلوا إليها أموالهم فلما استقام ذلك أمر بعمارة مدينة أخرى إلى جانب المهدية وجعل بين المدينتين قدر طول ميدان وأفردها بسور وأبواب وحفظة وسماها زويلة وأسكن أرباب الدكاكين من البزّازين وغيرهم فيها بحرمهم وأهاليهم وقال: إنما فعلت ذلك لآمن غائلتهم وذاك أن أموالهم عندي وأهاليهم هناك، فإن أرادوني بكيد وهم بزويلة كانت أموالهم عندي فلا يمكنهم ذلك، وإن أرادوني بكيد وهم بالمهدية خافوا على حرمهم هناك، وبنيت بيني وبينهم سورا وأبوابا فأنا آمن منهم ليلا ونهارا لأني أفرّق بينهم وبين أموالهم ليلا وبينهم وبين حرمهم نهارا، وشرب أهلها من الآبار والصهاريج، ومهما ذكرنا من حصانتها فإن أحوال ملوكها تناقضت حتى أفضى الأمر إلى أن أنفذ روجار صاحب صقليّة جرجي إليها في سنة 543 فأخلاها الحسن بن علي بن يحيى بن تميم بن المعزّ بن باديس وخرج هاربا حتى لحق بعبد المؤمن وبقيت في يد الأفرنج اثنتي عشرة سنة حتى قدم عبد المؤمن في سنة 555 إلى إفريقية فأخذ المهدية في أسرع وقت فهي في يد أصحابه إلى يومنا هذا ولم تغن حصانتها في جنب قضاء الله شيئا، وينسب إلى المهدية جماعة وافرة من العلماء في كل فنّ، منهم: أبو الحسن علي بن محمد بن ثابت الخولاني المعروف بالحدّاد المهدوي القائل:
قالت، وأبدت صفحة ... كالشمس من تحت القناع:
بعت الدفاتر وهي آ ... خر ما يباع من المتاع
فأجبتها، ويدي على ... كبدي وهمّت بانصداع:
لا تعجبي فيما رأي ... ت فنحن في زمن الضّياع

الغَرِيّانِ

الغَرِيّانِ:
تثنية الغريّ، وهو المطليّ، الغراء، ممدود: وهو الغراء الذي يطلى به، والغريّ فعيل بمعنى مفعول، والغريّ: الحسن من كلّ شيء، يقال: رجل غريّ الوجه إذا كان حسنا مليحا، فيجوز أن يكون الغريّ مأخوذا من كل واحد من هذين، والغريّ: نصب كان يذبح عليه العتائر، والغريّان: طربالان وهما بناءان كالصّومعتين بظاهر الكوفة قرب قبر عليّ بن أبي طالب، رضي الله عنه، قال ابن دريد: الطربال قطعة من جبل أو قطعة من حائط تستطيل في السماء وتميل، وفي الحديث: كان، عليه الصلاة والسلام، إذا مرّ بطربال مائل أسرع المشي، والجمع الطرابيل،
وقيل: الطربال القطعة العالية من الجدار والصخرة العظيمة المشرفة من الجبل، وطرابيل الشام: صوامعها.
والغريّان أيضا: خيالان من أخيلة حمى فيد بينهما وبين فيد ستة عشر ميلا يطؤهما طريق الحاجّ، عن الحازمي، والخيال: ما نصب في أرض ليعلم أنها حمى فلا تقرب، وحمى فيد: معروف وله أخيلة، وفيهما يقول الشاعر فيما أحسب:
وهل أرين بين الغريّين فالرّجا ... إلى مدفع الريّان سكنا تجاوره؟
لأن الرجا والريّان قريتان من هذا الموضع، وقال ابن هرمة:
أتمضي ولم تلمم على الطّلل القفر ... لسلمى ورسم بالغريّين كالسطر
عهدنا به البيض المعاريب للصّبا ... وفارط أحواض الشباب الذي يقري
وقال السمهري العكلي:
ونبّئت ليلى بالغريّين سلّمت ... عليّ، ودوني طخفة ورجامها
عديد الحصى والأثل من بطن بيشة ... وطرفائها ما دام فيها حمامها
قال: فأما الغريّان بالكوفة فحدّث هشام بن محمد الكلبي قال: حدّثني شرقيّ بن القطامي قال: بعثني المنصور إلى بعض الملوك فكنت أحدثه بحديث العرب وأنسابها فلا أراه يرتاح لذلك ولا يعجبه، قال: فقال لي رجل من أصحابه يا أبا المثنى أي شيء الغريّ في كلام العرب؟ قلت: الغريّ الحسين، والعرب تقول:
هذا رجل غريّ، وإنما سمّيا الغريين لحسنهما في ذلك الــزمان، وإنما بني الغريان اللذان في الكوفة على مثل غريّين بناهما صاحب مصر وجعل عليهما حرسا فكل من لم يصلّ لهما قتل إلا أنه يخيّره خصلتين ليس فيهما النجاة من القتل ولا الملك ويعطيه ما يتمنى في الحال ثم يقتله، فغبر بذلك دهرا، قال: فأقبل قصّار من أهل إفريقية ومعه حمار له وكذين فمرّ بهما فلم يصلّ فأخذه الحرس فقال: ما لي؟ فقالوا:
لم تصلّ للغريّين، فقال: لم أعلم، فذهبوا به إلى الملك فقالوا: هذا لم يصلّ للغريّين، فقال له: ما منعك أن تصلي لهما؟ قال: لم أعلم وأنا رجل غريب من أهل إفريقية أحببت أن أكون في جوارك لأغسل ثيابك وثياب خاصتك وأصيب من كنفك خيرا، ولو علمت لصليت لهما ألف ركعة، فقال له: تمنّ، فقال: وما أتمنّى؟ فقال: لا تتمنّ الملك ولا أن تنجّي نفسك من القتل وتمنّ ما شئت، قال: فأدبر القصّار وأقبل وخضع وتضرع وأقام عذره لغربته فأبى أن يقبل، فقال: إني أسألك عشرة آلاف درهم، فقال: عليّ بعشرة آلاف درهم، قال: وبريدا، فأتى البريد فسلّم إليه وقال: إذا أتيت إفريقية فسل عن منزل فلان القصّار فادفع هذه العشرة آلاف درهم إلى أهله، ثم قال له الملك: تمنّ الثانية، فقال: أضرب كلّ واحد منكم بهذا الكذين ثلاث ضربات واحدة شديدة وأخرى وسطى وأخرى دون ذلك، قال: فارتاب الملك ومكث طويلا ثم قال لجلسائه: ما ترون؟ قالوا: نرى أن لا تقطع سنّة سنّها آباؤك، قالوا: فيمن تبدأ؟ قال: أبدأ بالملك ابن الملك الذي سنّ هذا، قال: فنزل عن سريره ورفع القصّار الكذين فضرب أصل قفاه فسقط على وجهه، فقال الملك: ليت شعري أيّ الضربات هذه! والله لئن كانت الهينة ثم جاءت الوسطى والشديدة لأموتن! فنظر إلى الحرس وقال: أولاد الزنا، تزعمون أنه لم يصلّ وأنا والله رأيته حيث صلى، خلوا سبيله
واهدموا الغريّين! قال: فضحك القصار حتى جعل يفحص برجله من كثرة الضحك، قلت أنا: فالذي يقع لي ويغلب على ظني أن المنذر لما صنع الغريين بظاهر الكوفة سنّ تلك السنّة ولم يشرط قضاء الحوائج الثلاث التي كان يشرطها ملك مصر، والله أعلم، وأن الغريّين بظاهر الكوفة بناهما المنذر بن امرئ القيس ابن ماء السماء، وكان السبب في ذلك أنه كان له نديمان من بني أسد يقال لأحدهما خالد بن نضلة والآخر عمرو بن مسعود فثملا فراجعا الملك ليلة في بعض كلامه فأمر وهو سكران فحفر لهما حفيرتان في ظهر الكوفة ودفنهما حيّين، فلما أصبح استدعاهما فأخبر بالذي أمضاه فيهما فغمه ذلك وقصد حفرتهما وأمر ببناء طربالين عليهما وهما صومعتان، فقال المنذر: ما أنا بملك إن خالف الناس امري، لا يمرّ أحد من وفود العرب إلا بينهما، وجعل لهما في السّنة يوم بؤس ويوم نعيم، يذبح في يوم بؤسه كلّ من يلقاه ويغري بدمه الطربالين، فان رفعت له الوحش طلبتها الخيل، وإن رفع طائر أرسل عليه الجوارح حتى يذبح ما يعنّ ويطليان بدمه، ولبث بذلك برهة من دهره وسمّى أحد اليومين يوم البؤس وهو اليوم الذي يقتل فيه ما ظهر له من إنسان وغيره، وسمى الآخر يوم النعيم يحسن فيه إلى كلّ من يلقى من الناس ويحملهم ويخلع عليهم، فخرج يوما من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر وقد جاء ممتدحا، فلما نظر إليه قال: هلّا كان الذبح لغيرك يا عبيد! فقال عبيد: أتتك بحائن رجلاه، فأرسلها مثلا، فقال له المنذر: أو أجل قد بلغ أناه، فقال رجل ممن كان معه: أبيت اللعن اتركه فاني أظن أن عنده من حسن القريض أفضل مما تريد من قتله فاسمع فان سمعت حسنا فاستزده وإن كان غيره قتلته وأنت قادر عليه، فأنزل فطعم وشرب ثم دعا به المنذر فقال له: زدنيه ما ترى، قال: أرى المنايا على الحوايا، ثم قال له المنذر: أنشدني فقد كان يعجبني شعرك، فقال عبيد: حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبّيين، فأرسلهما مثلين، فقال له بعض الحاضرين: أنشد الملك هبلتك أمك! فقال عبيد: وما قول قائل مقتول؟ فأرسلها مثلا أي لا تدخل في همك من لا يهتم بك، قال المنذر: قد أمللتني فأرحني قبل أن آمر بك، قال عبيد: من عزّ بزّ، فأرسلها مثلا، فقال المنذر: أنشدني قولك:
أقفر من أهله ملحوب فقال عبيد:
أقفر من أهله عبيد، ... فاليوم لا يبدي ولا يعيد
عنّت له منيّة تكود، ... وحان منها له ورود
فقال له المنذر: أسمعني يا عبيد قولك قبل أن أذبحك، فقال:
والله إن متّ ما ضرّني، ... وإن عشت ما عشت في واحده
فأبلغ بنيّ وأعمامهم ... بأن المنايا هي الواردة
لها مدة فنفوس العباد ... إليها، وإن كرهت، قاصده
فلا تجزعوا لحمام دنا، ... فللموت ما تلد الوالده
فقال المنذر: ويلك أنشدني! فقال:
هي الخمر بالهزل تكنى الطّلا، ... كما الذئب يكنّى أبا جعدة
فقال المنذر: يا عبيد لا بد من الموت وقد علمت أن النعمان ابني لو عرض لي يوم بؤسي لم أجد بدّا من أن أذبحه، فأما أن كانت لك وكنت لها فاختر إحدى ثلاث خلال: إن شئت فصدتك من الأكحل وإن شئت من الأبجل وإن شئت من الوريد، فقال عبيد:
أبيت اللعن! ثلاث خلال كساحيات واردها شرّ وارد وحاديها شر حاد ومعاديها شر معاد فلا خير فيها لمرتاد، إن كنت لا محالة قاتلي فاسقني الخمر حتى إذا ماتت لها مفاصلي وذهلت منها ذواهلي فشأنك وما تريد من مقاتلي، فاستدعى له المنذر الخمر فشرب فلما أخذت منه وطابت نفسه وقدمه المنذر أنشأ يقول:
وخيّرني ذو البؤس، في يوم بؤسه، ... خلالا أرى في كلها الموت قد برق
كما خيّرت عاد من الدهر مرة، ... سحائب ما فيها لذي خيرة أنق
سحائب ريح لم توكّل ببلدة ... فتتركها إلا كما ليلة الطّلق
ثم أمر به المنذر ففصد حتى نزف دمه فلما مات غرّى بدمه الغريّين، فلم يزل على ذلك حتى مرّ به في بعض أيام البؤس رجل من طيّء يقال له حنظلة فقرّب ليقتل فقال: أبيت اللعن! إني أتيتك زائرا ولأهلي من بحرك مائرا فلا تجعل ميرتهم ما تورده عليهم من قتلي، قال له المنذر: لا بد من قتلك فسل حاجتك تقض لك قبل موتك، فقال: تؤجلني سنة أرجع فيها إلى أهلي فأحكم فيهم بما أريد ثم أسير إليك فينفذ في أمرك، فقال له المنذر: ومن يكفلك أنك تعود؟
فنظر حنظلة في وجوه جلسائه فعرف شريك بن عمرو ابن شراحيل الشيباني فقال:
يا شريك يا ابن عمرو ... هل من الموت محاله؟
يا شريك يا ابن عمرو، ... يا أخا من لا أخا له
يا أخا المنذر فكّ ال ... يوم رهنا قد أنى له
يا أخا كل مضاف ... وأخا من لا أخا له
إنّ شيبان قبيل ... أكرم الناس رجاله
وأبو الخيرات عمرو ... وشراحيل الحمالة
رقباك اليوم في المج ... د وفي حسن المقاله
فوثب شريك وقال: أبيت اللعن! يدي بيده ودمي بدمه إن لم يعد إلى أجله، فأطلقه المنذر، فلما كان من القابل قعد المنذر في مجلسه في يوم بؤسه ينتظر حنظلة فأبطأ عليهم فقدم شريك ليقتل فلم يشعر إلا وراكب قد طلع فإذا هو حنظلة وقد تحنط وتكفّن ومعه نادبته تندبه، فلما رأى المنذر ذلك عجب من وفائه وقال: ما حملك على قتل نفسك؟ فقال: أيها الملك إن لي دينا يمنعني من الغدر، قال: وما دينك؟
قال: النصرانية، فاستحسن ذلك منه وأطلقهما معا وأبطل تلك السّنّة وكان سبب تنصره وتنصر أهل الحيرة فيما زعموا، وروى الشرقيّ بن القطامي قال:
الغريّ الحسن من كل شيء وإنما سميا الغريّين لحسنهما وكان المنذر قد بناهما على صورة غريّين كان بعض ملوك مصر بناهما، وقرأت على ظهر كتاب شرح سيبويه المبرّد بخط الأديب عثمان بن عمر الصقليّ النحوي الخزرجي ما صورته: وجدت بخط أبي بكر السّرّاج، رحمه الله، على ظهر جزء من أجزاء
كتاب سيبويه أخبرني أبو عبد الله اليزيدي قال حدثني ثعلب قال: مرّ معن بن زائدة بالغريين فرأى أحدهما وقد شعّث وهدم فأنشأ يقول:
لو كان شيء له أن لا يبيد على ... طول الــزمان لما باد الغريّان
ففرّق الدهر والأيام بينهما، ... وكلّ إلف إلى بين وهجران

الْفَتْوَى

(الْفَتْوَى) الْجَواب عَمَّا يشكل من الْمسَائِل الشَّرْعِيَّة أَو القانونية (ج) فتاو وفتاوى وَدَار الْفَتْوَى مَكَان الْمُفْتِي 
الْفَتْوَى: فِي السخاء وَالْكَرم. وَعند أَرْبَاب الْحَقَائِق أَن تُؤثر الْحق على نَفسك بالدنيا وَالْآخِرَة. ثمَّ اعْلَم أَن فتيا على وزن دنيا اسْم مَأْخُوذ من فتا بِالْفَتْح مصدر فَتى على وزن علم كَمَا أَن تقيا اسْم مَأْخُوذ من تقى وَالْفَتْوَى بِالْفَتْح لُغَة فِي فتيا كَمَا أَن تقوى لُغَة فِي تقيا وأصل فَتْوَى فتيا الْيَاء مَقْلُوبَة عَن الْوَاو للخفة. وَقَالَ بَعضهم إِن أفتى فرع فَتْوَى وفتوى فرع فتيا وفتيا فرع فتا مصدرا فافتا فرع الْمصدر بوسائط وَهَذَا الْفِعْل فِي الْمَزِيد من الْأَفْعَال المتصرفة يُقَال أفتى يُفْتِي إِفْتَاء واستفتى يستفتي استفتاء وَفِي الْمغرب أَن فَتْوَى مَأْخُوذ من فَتى وَمعنى فتيا حَادِثَة مُبْهمَة والافتاء تَبْيِين ذَلِك الْمُبْهم والاستفتاء السُّؤَال من الافتاء واشتقاقه اشتقاق صَغِير وَرُبمَا يمال فَتْوَى كَمَا يمال تقوى وَدَعوى وَيجْعَل حَرَكَة الْفَاء تَابِعَة لحركة الْوَاو فِي الْفَتْوَى لَا فِي التَّقْوَى وَالدَّعْوَى وَيكْتب الْألف فِي كلهَا على صُورَة الْيَاء لِأَن الْحَرْف الرَّابِع مَقْصُور إِلَّا وَقت الْإِضَافَة إِلَى الْمُضمر فَيُقَال فتواه ودعواه وتقواه بِخِلَاف فَتْوَى الْعلمَاء وَدَعوى الخصماء وتقوى الأتقياء وَجمع الْفَتْوَى فَتَاوَى بِفَتْح الْوَاو والمفتي من يبين الْحَوَادِث المبهمة. وَفِي الشَّرْع هُوَ الْمُجيب فِي الْأُمُور الشَّرْعِيَّة. والنوازل الفرعية. أُولَئِكَ هم خير الْبَريَّة. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي الشريفية شرح السِّرَاجِيَّة فِي بَاب مقاسمة الْجد وَمن رسم الْمُفْتِي أَنه إِذا كَانَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى فِي جَانب وصاحباه فِي جَانب كَانَ هُوَ مُخَيّرا فِي أَي الْقَوْلَيْنِ شَاءَ انْتهى.
ثمَّ اعْلَم أَن هَا هُنَا إشارات ولطائف: الأولى: إِن أفتا بِاعْتِبَار الثلاثي الْمُجَرّد من الْأَفْعَال الْغَيْر المتصرفة وَبِاعْتِبَار الْمَزِيد فِيهِ من الْأَفْعَال المتصرفة فَيَنْبَغِي للمفتي أَن لَا يتَصَرَّف فِي الْأُصُول والنصوص بِوَجْه من الْوُجُوه بل لَهُ جَوَاز التَّصَرُّف وَالِاخْتِيَار فِي الفرعيات والمستنبطات والمجتهدات. الثَّانِيَة: إِن أفتا مُتَعَدٍّ فَيَنْبَغِي أَن يكون علمه مُتَعَدِّيا إِلَى الْغَيْر. وَالثَّالِثَة: إِن أفتا من بَاب الْأَفْعَال وَهُوَ أول أَبْوَاب الْمَزِيد فَمن وصل إِلَى دَرَجَة الْإِفْتَاء لَهُ رَجَاء فتح أَبْوَاب الْمَزِيد. وَالرَّابِعَة: إِن الْمُفْتِي يَنْبَغِي أَن يكون ذَا فتوة فَإِن بَين الافتا والفتوة أخوة فَلَا يطْمع من المستفتي شَيْئا وَلَا يتَطَرَّق إِلَيْهِ الملال من كَثْرَة السُّؤَال. وَالْخَامِسَة: إِن أول أفتا وَآخره. ألف يُشِير أَن الْمُفْتِي يَنْبَغِي أَن يكون فِي الِابْتِدَاء والانتهاء متصفا بِوَصْف الاسْتقَامَة والصدق وَالْقِيَام بِأُمُور الدّين وَالْألف الْقطعِي الَّذِي فِي أَوله يُشِير أَن أول مَا وَجب على الْمُفْتِي هُوَ قطع الطمع. وَالسَّادِسَة: إِن عدد حُرُوف افتا وَهُوَ بِحِسَاب الْجمل أَربع مائَة وَاثْنَانِ وَثَمَانُونَ يُشِير أَن عدد كتب الْمُفْتِي فِي الْأُصُول وَالْفُرُوع لَا يَنْفِي أَن يكون نَاقِصا عَنهُ. وَقَالَ الْمُحَقِّقُونَ بعد تفحص كتب ظَاهر الرِّوَايَة أَن عدد كتب الافتاء يصل إِلَى ذَلِك الْعدَد وَتلك الْكتب خَمْسَة صنفها الإِمَام مُحَمَّد رَحمَه الله تَعَالَى وأساميها فِي هَذَا الْبَيْت.
(مَبْسُوط وجامعين وزيادات باسير ... در ظَاهر الرِّوَايَة ايْنَ بنج رانكر)
وَالْمرَاد بالجامعين: الْجَامِع الصَّغِير وَالْجَامِع الْكَبِير. وَالسَّابِعَة: إِن حُرُوف افتا خَمْسَة تُشِير أَن للمفتي أَن يُلَاحظ أَحْكَام الْكتب الْخَمْسَة الْمَذْكُورَة ويحفظ الْأَركان الْخَمْسَة الإسلامية. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن بَاب الْأَفْعَال أول أَبْوَاب الْمَزِيد لِأَن الْمَزِيد نَوْعَانِ مَا فِيهِ همزَة الْوَصْل وَمَا لَيست فِيهِ وَالْأَصْل هُوَ الثَّانِي لِأَنَّهُ لَا يسْقط فِيهِ حرف زَائِد من ماضيه لَا فِي الِابْتِدَاء وَلَا فِي الدرج. ثمَّ الأَصْل فِي ذَلِك الأَصْل بَاب الْأَفْعَال لِأَن الزَّائِد فِي أَوله حرف من مبدأ المخارج وَهِي الْهمزَة.
ثمَّ اعلموا أَيهَا الناظرون أَن هَا هُنَا فَوَائِد غَرِيبَة نافعة بالعبارة الفارسية فِي كتاب مُخْتَار الِاخْتِيَار كتبتها فِي هَذَا الْمقَام. لينْتَفع بهَا الْخَواص والعوام.
الْفَتْوَى: اعْلَم أَن الافتاء فرض كِفَايَة. أما فرض الْكِفَايَة قد يصبح فرض عين فِي وَقت يصبح من المتوجب والمتعين اعطاء على من كَانَ الافتاء عَلَيْهِ فرض كِفَايَة. وَفِي (الْكَشَّاف) أَن لُقْمَان الْحَكِيم كَانَ يُفْتِي قبل بعثة دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَام، فَلَمَّا بعث دَاوُد ترك لُقْمَان الافتاء.
وَفِي الْكِفَايَة قَالَ إِن الْإِفْتَاء فرض كِفَايَة مثل الْقَضَاء، وَأدنى دَرَجَات فرض الْكِفَايَة هُوَ (الندبة) ، إِذا فالمندوب فِي أَمر الافتاء هُوَ من كَانَ أَهلا لذَلِك، لِأَن فِيهِ خطر عَظِيم لأجل ذَلِك هُوَ بَحر لَا يصل إِلَى شواطئه كل سابح. حَتَّى إِذا كَانَ هُوَ بِذَاتِهِ يُوصل النَّاس إِلَى بر السَّلامَة (ظهر الْمُفْتِي جسر جَهَنَّم) وَهِي إِشَارَة إِلَى أَن أَحْيَانًا هبوب رِيحه يكون شَدِيدا: {مِنْهُ آيَات محكمات هن أم الْكتاب وَأخر متشابهات وَمَا يعلم تَأْوِيله إِلَّا الله} فتعصف الرّيح وتتلاطم أمواج الِاشْتِبَاه والأشكال وتتراكم وَلَا ترسو وَلَا تَسْتَقِر عِنْدهَا سفية الراسخين على شاطئ التَّوْفِيق الإلهي وَلَا تتحرك فلك الْمُجْتَهدين من دون انسياب نسيم الْفَيْض اللامتناهي. أما شَرط الافتاء فَهُوَ الْإِسْلَام وَالْعقل. وَالْبَعْض قَالَ. إِن شَرط الْإِفْتَاء هُوَ نَفسه شَرط الْقَضَاء أَي الْإِسْلَام وَالْعقل وَالْبُلُوغ وَالْعَدَالَة. وَهَذَا مَا يكون من أهل الِاجْتِهَاد. وَأما الصَّحِيح فَهُوَ أَن هَذَا شَرط الْكَمَال، وَأول الشَّرْط الصِّحَّة، وأهلية الِاجْتِهَاد شَرط الأولية، وَفِي صَحِيح الْمذَاهب فِي (الْفُصُول) جَاءَ إِجْمَاع الْعلمَاء، أَن من الْوَاجِب أَن يكون الْمُفْتِي من أهل الِاجْتِهَاد من أجل أَنه هُوَ الَّذِي يبين أَحْكَام الشَّرْع هَذَا يكون مُمكنا عِنْدَمَا يكون عَالما بالدلائل الشَّرْعِيَّة.
قَالَ أَبُو حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى، لَا يحل لأحد أَن يُفْتِي بقولنَا حَتَّى يعلم من أَيْن قُلْنَاهُ. وَفِي (الغياث) جَاءَ أَن معنى هَذَا الْكَلَام هُوَ أَن لَا يُقَاس على الْمَسْأَلَة من عِنْده مَا دَامَ هُوَ لَا يعلم من أَي وَجه أعْطى الإِمَام جَوَابه على الْمَسْأَلَة الأولى. وَجَاء فِي (الْمُلْتَقط) وَغَيره، وَلِأَن جَوَابه غَالب على خطائه، فَمن الْجَائِز لنا الْأَخْذ إِذا مَا أعْطى هُوَ الْفَتْوَى حَتَّى وَلَو لم يكن الْآخِذ من أهل الإجتهاد، وَلَكِن لَا يحل لَهُ أَن يُفْتِي إِلَّا عَن طَرِيق الرِّوَايَة عَن قَول الْفُقَهَاء.
قَالَ فِي (المفاتيح) وَيَنْبَغِي أَن يكون الْمُفْتِي عَاقِلا بَالغا عَالما باللغة والنحو وَالْأَحَادِيث الْمُتَعَلّقَة بِالْأَحْكَامِ والناسخ والمنسوخ وَالصَّحِيح والسقيم وَأَن يكون فَقِيه النَّفس عَالما بالتواريخ وسير الصَّحَابَة ومذاهب الْأَئِمَّة وأصول الْفِقْه. وَجَاء فِي شرح (الْقَدُورِيّ) أَن الإِمَام أَبُو يُوسُف رَحمَه الله فِي هَذَا الْمَعْنى قد أَخذ الْأَمر بِشدَّة وَقَالَ، لَا يصل أحد إِلَى إِعْطَاء الْفَتْوَى إِذا لم يكن من أهل الْعقل والرأي وَإِذا لَا يعرف أَحْكَام الْكتاب وَالسّنة والناسخ والمنسوخ وأقوال الصَّحَابَة وسيرهم ووجوه الْكَلَام، وَيظْهر من هَذِه الْأَقْوَال جَوَاز الْإِفْتَاء مَعَ الِاجْتِهَاد والتقليد مَعَ أَوْلَوِيَّة الأول.
أما الْآدَاب والمستحبات فِي ذَلِك هِيَ أَنه إِذا لم يكن الْمُفْتِي من أهل الِاجْتِهَاد فليجب على الْفُرُوع فَذَلِك أسلم وأحوط، وَكَذَلِكَ أَن لَا يتجرأ على الافتاء استنادا إِلَى علمه وَيَقُول لقد أجازني علمي، لَكِن عَلَيْهِ أَن يلازم الْمُفْتِينَ وَيَأْخُذ الْإِجَازَة عَلَيْهِم حَتَّى يصبح على بَصِيرَة من أمره، قَالُوا وَإِن حفظ جَمِيع كتب أَصْحَابنَا فَلَا بُد أَن يتلمذ للْفَتْوَى حَتَّى يهتدى إِلَيْهِ. وَكَذَلِكَ لَا تقدم على الْجَواب قبل الْقِرَاءَة والمطالعة الجديدة والتأمل الطَّوِيل واجتنب الْمُبَادرَة والتعجيل فِي إِعْطَاء الْجَواب، حَتَّى إِذا وَقع الْخَطَأ عذرت وَمَسْأَلَة التَّحَرِّي فِي هَذَا الْمقَام هِيَ الدَّلِيل التَّام، ويروى عَن الإِمَام الْأَعْظَم رَحْمَة الله عَلَيْهِ أَنه لم يجب على كثير من الْمسَائِل الَّتِي سُئِلَ عَنْهَا. وَلَا يجب الِالْتِفَات إِلَى إلحاح المستفتي، ويروى عَن أَبُو نصر رَحْمَة الله عَلَيْهِ أَنه كَانَ يَقُول للَّذي يستفتيه ويلح عَلَيْهِ بِالْجَوَابِ وَيَقُول لَهُ أرد جَوَاب فقد أتيت من طَرِيق بعيد:
(فَلَا نَحن ناديناك من حَيْثُ جئتنا ... وَلَا نَحن عمينا عَنْك الذهبا)
وَكَذَلِكَ أَن تصبح ملولا من كَثْرَة السُّؤَال وَالْجَوَاب وَأَن لَا تُعْطِي جَوَابا وَأَنت مشتت الذِّهْن، فَإِذا أجبْت فَلَا تَدعِي الْجَواب لنَفسك وَتقول أَنا أَقُول إِن الحكم كَذَا وَأَنا أُفْتِي بِكَذَا وَغير ذَلِك بل قل بالرواية عَن الْعلمَاء هَكَذَا وَفِي الْكتاب الْفُلَانِيّ هَكَذَا.
وَكَذَلِكَ إِذا سُئِلَ عَن الْعِبَادَات صِحَّتهَا وفسادها وَوجه فَسَادهَا وصحتها، فاختر وَجه الْفساد، وَإِذا كَانَ السُّؤَال فِي الْمُعَامَلَات فاختر وَجه الصِّحَّة، وَكَذَلِكَ جَاءَ فِي (الْمُحِيط) وَفِي (الذَّخِيرَة) أَنه فِي هَذَا النَّوْع من الْمسَائِل فِي المعتقدات عَلَيْهِ أَن يخْتَار الْإِيمَان وَمهما أمكن أَلا يحكم بالْكفْر. وَأَيْضًا أَن لَا يَأْخُذ أجرا على الْإِفْتَاء نَفسه لِأَنَّهُ (طَاعَة) وَهَذِه الْمَسْأَلَة قد فصلناها فِي بَاب (الْأجر) ، وعَلى كل حَال فَإِن عدم أَخذ الْأجر فِي الْعِبَادَات أولى وَأَحْرَى لقَوْله تَعَالَى: {قل لَا أَسأَلكُم عَلَيْهِ أجرا} ، وَأَيْضًا إِذا سَأَلَهُ أحدهم عَن جَوَاب مَسْأَلَة فَلْيقل إِنَّه على قَول الإِمَام الْأَعْظَم جوابها هَكَذَا.
وَفِي بَاب السيوم من كتاب النِّكَاح لشيخ الْإِسْلَام خُوَاهَر زَاده جَاءَ إِذا زوجت امْرَأَة بكر بَالِغَة شافعية الْمَذْهَب من رجل شَافِعِيّ أَو حَنَفِيّ ووالدها كَانَ غَائِبا، فَإِن هَذَا النِّكَاح يكون صَحِيحا، على الرغم من أَنه عِنْد الشَّافِعِي غير صَحِيح، لِأَن عِنْده يجب أَن يكون الزَّوْج وَالزَّوْجَة على الْمَذْهَب الشَّافِعِي، وعَلى الرغم من اعتقادنا أَن الشَّافِعِي فِي هَذِه الْمَسْأَلَة كَانَ على خطأ، إِلَّا أَن الْوَاجِب علينا أَن نعطي الْجَواب بغض النّظر عَمَّا هُوَ اعتقادنا فِي الْمَسْأَلَة. وَإِذا كَانَ السُّؤَال مَا هُوَ جَوَاب الشَّافِعِي على هَذِه الْمَسْأَلَة، فَالْوَاجِب أَن نقُول إِنَّهَا صَحِيحَة وَعند أبي حنيفَة كَذَا رَحمَه الله تَعَالَى، وَالله أعلم. وَإِذا كَانَ السُّؤَال عَن مسَائِل مؤيده (مصدقه) فَإِن على الْمُفْتِي فِيهَا (ديانَة لَا قَضَاء) مَا هُوَ حكم الدّيانَة فِي هَذِه الْمَسْأَلَة. فَإِذا كَانَ الْجَواب مَكْتُوبًا فَيكْتب (لَيْسَ مُصدقا، بل قَضَاء) وَإِذا كَانَ الْجَواب شفويا فَيَقُول (مُصدق، وديانة لَيْسَ سليما) .
أَن لَا يُبَادر إِلَى الْجَواب فِي حُضُور شخص أعلم مِنْهُ، لَا تقريرا وَلَا تحريرا وَإِذا ورد عَلَيْهِ جَوَاب مفت آخر على مَسْأَلَة مَا وَيظْهر ان ذَلِك الْمُفْتِي قد أَخطَأ فَإِن ذَلِك الْمُفْتِي مَعْذُور فِي ترك الْجَواب ورد الْفَتْوَى إِذا مَا كَانَ مُجْتَهدا. أما إِذا كَانَ مَنْصُوص عَلَيْهِ فَهُوَ لَيْسَ مَعْذُورًا فِي الرَّد بل يحْتَفظ بِهِ أَو أَن يمزقه حَتَّى لَا يعْمل بِهِ.
وَقد أورد (كَمَال البياعي) أَنه فِي الْفَتَاوَى لَيْسَ مَعْذُورًا مُطلقًا فِي ردهَا إِذا علم بخطئه وَأدْركَ أَنه سيعمل بهَا.
وَإِذا وَردت عَلَيْهِ رقْعَة فِيهَا استفتاء لم يسْتَوْف الْقُيُود الأساسية لَهُ فَلَيْسَ لَهُ أَن لَا يُجيب عَلَيْهِ بل يُعِيدهُ للمستفتي حَتَّى يكمله، وَإِذا قَيده مَعَ التمَاس المستفتي فَإِنَّهُ غير سليم. وَعَلِيهِ أَن يُرَاعِي فِي الْقُيُود شُرُوط الإيجاز ويبتعد عَن الْأَطْنَاب وَكَذَلِكَ الحشو والتطويل، مِثَال الإيجاز: قَالَ زيد لِزَيْنَب كَذَا، وَمِثَال الْأَطْنَاب زيد الْحر والمكلف قَالَ لِزَيْنَب الْحرَّة والمكلفة كَذَا وَكَذَا. وَمِثَال الحشو زيد رجل ابْن عمر قَالَ لِزَيْنَب الْمَرْأَة وَابْنَة خَالِد كَذَا. وَمِثَال التَّطْوِيل زيد الْكَبِير فِي دَار الْإِسْلَام قَالَ على زَيْنَب الْكَبِيرَة فِي دَار الْإِسْلَام كلَاما نابيا وسبها. وَلَا يجب على الْكَلَام النابي حد الْقَذْف الَّذِي هُوَ عبارَة عَن ثَمَانِينَ جلدَة.
وَيجب أَن يحْتَرز من أَن يضر الْقَيْد بالمستفتي، وَأَن لَا يُعْطِيهِ الرقعة من دون اسْتِحْقَاق الْإِجَابَة أَو أَن يكون مشعرا بالحيلة والالتباس. وَإِذا كَانَت الْمَسْأَلَة من الخلافات الَّتِي لَهَا أَكثر من قَول فيعطي الْفَتْوَى على إِحْدَى الْأَقْوَال والطريقة فِي ذَلِك أَن يعلم أَنه فِي هَذِه الْحَادِثَة لَا تُوجد رِوَايَة أُخْرَى تنقض الْفَتْوَى، حَتَّى لَا يطعن بِهِ ويتهم لَدَى الْعَامَّة. وَأَن يجْتَنب مُطلقًا تَعْلِيم الْحِيَل والتلبيس حَتَّى لَا يسْتَحق الْحجر وَالْمَنْع، وَقَالَ الإِمَام الْأَعْظَم رَحمَه الله أَن الْحجر لَا يجوز إِلَّا على ثَلَاثَة وعد الْمُفْتِي الماجن من ضمنهم. وَجَاء فِي (الذَّخِيرَة) وَقد أَمر أَن تستر عَورَة الْمُرْتَد عَن الْإِسْلَام لِأَن زَوجته قد حرمت عَلَيْهِ لِأَنَّهُ أصبح كَافِرًا، نَعُوذ بِاللَّه مِنْهَا.
وَجَاء فِي (جَوَاهِر الْفَتَاوَى) وكل مفتي حَنَفِيّ يَأْمر مُطلقَة بِالثَّلَاثَةِ أَن تنقل مذهبها إِلَى الْمَذْهَب الشَّافِعِي وتقر أَن نِكَاحهَا كَانَ بَاطِلا بِسَبَب كَونهَا من دون ولي من الْوَاجِب على سُلْطَان الــزَّمَان أَن يزجره ويمنعه. وَقد قَالَ صَاحب (الْجَوَاهِر) لقد أستفتي أَئِمَّة بخارا عَن هَذِه الْمَسْأَلَة فَكَانَت إجاباتهم على هَذَا النَّحْو. أجَاب الإِمَام ظهير الدّين المرغيناني بعد قَول المستفتي كَانَ من الْوَاجِب على سُلْطَان الــزَّمَان زَجره وَمنع هَذَا الْمُفْتِي وتعزيزه وَالله أعلم، وَعَن أَئِمَّة السّلف، سُئِلَ عَن مثل هَذِه الْمَسْأَلَة فَأجَاب، أعتقد هَذَا رجل خرج من دنيا الْإِيمَان وَالله العاصم. وَالْقَاضِي الإِمَام فَخر الدّين حُسَيْن بن مَنْصُور الأوزجندي أجَاب بِمثل ذَلِك وَالله أعلم. أما الإِمَام قوام الدّين الصفار فَأجَاب لَا يجب أَن يفعل وَإِن فعل فَذَلِك لَيْسَ حَلَالا. وعَلى سُلْطَان الْوَقْت أَن يزجره وَأَن يحْجر على هَذَا الْمُفْتِي وَألا يفعل مثل ذَلِك. وَلَيْسَ سليما من الْمُفْتِي أَن يقبل الْهَدِيَّة وَلَكِن إِذا قبل الْهَدِيَّة بعد الاستفتاء وَالْجَوَاب عَلَيْهِ هُوَ أقرب للْحلّ وَأبْعد عَن الرِّشْوَة.
يَقُول شيخ الْإِسْلَام خُوَاهَر زَاده إِذا جَاءَ المستفتي بهدية إِلَى الْمُفْتِي بعد الاستفتاء وَالْجَوَاب عَلَيْهِ فَلَا عيب فِي قبُولهَا.
وَيجب عَلَيْهِ أَن يحْتَاط كثيرا فِي أُمُور الْفرج بِقدر الِاسْتِطَاعَة كَمَا جَاءَ فِي (الْمُحِيط) ، وَأَن يذيل الرِّوَايَة بِلَفْظ (هُوَ الْأَصَح) أَو (هُوَ الأولى) أَو (هُوَ الْأَيْسَر) أَو (افتى بِهِ فلَان) أَو (بِهِ أَخذ فلَان) أَو (عَلَيْهِ فَتْوَى فلَان) أَو (مَا فِي هَذَا الْمَعْنى) وَيجوز للمفتي أَن يُفْتِي اعْتِمَادًا على الرِّوَايَات بِمَا خَالف ذَلِك. أما إِذا كَانَت الرِّوَايَة مذيلة بِلَفْظ (عَلَيْهِ الْفَتْوَى) أَو (هُوَ الصَّحِيح) أَو (هُوَ الْمَأْخُوذ للْفَتْوَى) أَو (بِهِ يُفْتِي) وَمَا شابه ذَلِك، فَلَا يجوز عِنْدهَا للمفتي أَن يُفْتِي بِخِلَاف ذَلِك. وَقد جَاءَ فِي (الْمُضْمرَات) بعض عَلَامَات الْفَتْوَى هِيَ: (عَلَيْهِ الْفَتْوَى) _ بِهِ نَأْخُذ _ بِهِ يعْتَمد _ عَلَيْهِ الِاعْتِمَاد _ عَلَيْهِ عمل النَّاس الْيَوْم _ عَلَيْهِ عمل الِاعْتِمَاد _ هُوَ الصَّحِيح _ هُوَ الظَّاهِر _ هُوَ الْأَظْهر _ هُوَ الْمُخْتَار _ عَلَيْهِ فَتْوَى مَشَايِخنَا _ هُوَ الْأَشْبَه _ هُوَ الْأَوْجه. وَفِي حَاشِيَة (بزدوي) أَن لفظ (الْأَصَح) يَقْتَضِي أَن يكون غير صَحِيحا، أما لفظ (صَحِيح) فَلَا يَقْتَضِي أَن يكون غير صَحِيحا:
(انْظُر أَيهَا الْقلب كم هِيَ شُرُوط الافتاء عِنْد الْمُجْتَهدين ... )
(وَلَكِن فِي عصرنا فَإِن للمفتي حكم العنقاء والكيمياء ... )
وَمن الحرمان والخسران أنني قضيت مُدَّة من عمري الْعَزِيز فِي طلب هَذِه الطَّائِفَة فَلم أجد إِلَّا الْقَلِيل مِنْهُم الَّذين يتحلون بِهَذِهِ الصِّفَات، ولأنني حرمت من تَحْقِيق مقصودي فقد رَأَيْت كثيرا من الَّذين لَا علم لَهُم وَلَا عمل ويتصدون لهَذَا الْأَمر الْجَلِيل عَن جهل وَعدم الدّين فأنشدت قصيدة من ثَلَاثِينَ بَيْتا:
(قيل الْآن كَانَ مفتي كل مَدِينَة ... على اطلَاع على الْعُلُوم الدِّينِيَّة)
(وَكَانُوا من سالكي طَرِيق الله ... وَمن وارثي علم الْمُصْطَفى)
(وَكَانَ علمهمْ دستورا قبل حلمهم ... عُلَمَاء فِي الْعلم وحلمهم عَامر ومعمور) (تنير الدُّنْيَا من نور علمهمْ ويتضوع ... الْعَالم من عطر زهورهم)
(طويتهم نور تحرق الظلمَة وَلَكِن ... علمهمْ بِنَاء وَدينهمْ ثَابت)
(أقلامهم تسطر علم الْغَيْب ... ورسم توقيعهم بَرِيء من الْعَيْب)
(كل وَاحِد مِنْهُم فِي صفائه كَأَنَّهُ صوفي ... وَالثَّانِي أَبُو حنيفَة الْكُوفِي)
(سعيت سنوات عدَّة من أجل اكْتِسَاب ... الْكَمَال جادا وجاهدا)
(فدرست علم النَّحْو وَالصرْف ورأينا ... الْمنطق وَالْحكمَة وَالْبَيَان)
(وَبعد أَن أنفقت السنوات فِي هَذِه الْعُلُوم ... اتجهت إِلَى علم الْأُصُول)
(فَأَصْبَحت مَشْهُورا بَين الْخَاصَّة والعامة ... فِي علم الْأُصُول والْحَدِيث وَالْفِقْه وَالْكَلَام)
(بعد ذَلِك اتجهت لعلم الْفِقْه ... وقضيت السنوات فِي ممارسته)
(وَمُدَّة أُخْرَى سرا وجهرا كنت ... تركض وَرَاء الأساتذة)
(وَلما أَصبَحت فِي الدُّنْيَا صَاحب علم الْعلم ... فَجعلت من الْعلم أفضل من الْعَمَل)
(وَإِذا لم يبْق من الْمَرْء عَلامَة وَاسم ... فَلَا أثر لَهُ فِي هَذِه الدُّنْيَا)
(من هُوَ الْمُفْتِي فِي هَذِه الْأَيَّام ... أشخص جَاهِل بعيد عَن النّسَب وحسبه عاطل)
(لَك كل مَا أردْت من الفضول وَعدم الْمَعْنى ... فَهُوَ لَا يعرف من الْجَهْل الْمَوْجُود من عَدمه)
(يَقُولُونَ إِن الْحق وبال ... وَالدَّم الْحَرَام حَلَال)
وَهَكَذَا حَتَّى الآخر.

قطط

(قطط) الْخَرَّاط الحقة قطعهَا وسواها
ق ط ط

قطّ القلم على المقطّ والمقطّة. وهات قطةً من البطّيخ وغيره وهي الشّقيقة منه. وقطّ البيطار حافر الدابّة إذا نحته وسوّاه، وهذه خيل قطّت حوافرها، وحافر فرسك غير مقطوط. وأخذوا القطوط: خطوط الجوائز. وخذ قطاً من العامل وهو خطّ الحساب. وقطّ السعر: غلا، وسعر قاط. قال أبو وجزة:

أشكو إلى الله العزيز الجبّار ... ثم إليك اليوم بعد المستار

وحاجة الحيّ وقطّ الأسعار

ومن المجاز: لي قطّ من ذلك: نصيب، وأخذ فلان قطّه، وأحرز قسطه. وهو جعدٌ قطط: بليغ الشح. قال:

سمع اليدين بما في رحل صاحبه ... جعد اليدين بما في رحله قطط
ق ط ط: (قَطَّ) الشَّيْءَ قَطَعَهُ عَرْضًا وَبَابُهُ رَدَّ وَمِنْهُ قَطَّ الْقَلَمَ. وَ (الْمِقَطَّةُ) مَا يُقَطُّ عَلَيْهِ الْقَلَمُ. وَ (قَطُّ) مَعْنَاهُ الــزَّمَانُ الْمَاضِي يُقَالُ: مَا رَأَيْتُهُ قَطُّ. وَلَا يَجُوزُ دُخُولُهَا عَلَى الْمُسْتَقْبَلِ فَلَا تَقُولُ: مَا أُفَارِقُهُ قَطُّ. ذَكَرَهُ فِي عَوْضُ. وَ (قَطْ) مُخَفَّفَ الطَّاءِ لُغَةٌ فِيهِ مَعَ فَتْحِ الْقَافِ وَضَمِّهَا. هَذَا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى الدَّهْرِ. وَأَمَّا إِذَا كَانَتْ بِمَعْنَى حَسْبُ وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ فَهِيَ مَفْتُوحَةٌ سَاكِنَةُ الطَّاءِ تَقُولُ: رَأَيْتُهُ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ. وَ (الْقِطُّ) بِالْكَسْرِ الضَّيْوَنُ وَهُوَ السِّنَّوْرُ الذَّكَرُ وَالْجَمْعُ (قِطَاطٌ) وَ (الْقِطَّةُ) السِّنَّوْرَةُ. وَ (الْقِطُّ) الْكِتَابُ وَالصَّكُّ بِالْجَائِزَةِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} . 

قطط


قَطَّ(n. ac. قَطّ)
a. Cut; shaped, fashioned; pared; nibbed ( pen).
b.
(n. ac.
قَطّ
قُطُوْط) [& pass.], Was high, dear; rose (price).
c. Raised (price).
d.(n. ac. قَطّ)
see infra.
e. [ coll. ] ['An], Desisted from.
f.(n. ac. قَطَط
قَطَاْطَة), Curled, was short, crisp, frizzled ( hair).
قَطَّطَa. Cut, cut out, carved; turned.

إِنْقَطَطَa. Was cut, cut out.

إِقْتَطَطَa. see I (a)
& VII.
قَطّa. Ever; at all; hitherto.
b. Short, crisp, curly (hair).
c. ( pl.
reg.
قِطَط
أَقْطَاْط
38), Curly-haired.
d. Dear, high (price).
قِطّa. Slice, piece.
b. Portion, share, lot.
c. Portion of time; hour.
d. (pl.
قُطُوْط), Account-book; ledger.
e. (pl.
قِطَطَة
قِطَاْط
23), Cat, tom-cat.
قِطَّةa. She-cat.

قُطّa. see 1 (a)
قَطَطa. see 1 (b)b. ( pl.
reg.)
see 1 (c)
قَطِطa. see 1 (b)
مَقْطَط
(pl.
مَقَاْطِطُ)
a. End, extremity of the rib ( of a horse ).

مِقْطَطa. see 20t
مِقْطَطَةa. Small bone on which pens are mended.

قَاْطِطa. see 1 (d)
قِطَاْطa. see 1 (c)b. (pl.
أَقْطِطَة), Model, pattern.
c. Mountain-peak.
d. Outlines of a cavern.

قَطَّاْطa. Turner.

N. P.
قَطڤطَa. Cut; shaped.
b. see 1 (d)
قَطْ
a. Only.
b. Sufficiency.

قَطُ قَطِ قَطٍ
a. see قَطْ

قَطْنِي قَطِي
a. He suffices me.

قُطْ قَُطُ قَطَّ
a. see 1 (a)
مَا رَأَيْتُهُ قَطّ
a. I have never seen him.
ق ط ط : قَطَطْتُ الْقَلَمَ قَطًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ قَطَعْتُ رَأْسَهُ عَرْضًا فِي بَرْيِهِ.

وَالْقِطُّ الْهِرُّ قَالَ الْمُتَلَمِّسُ
كَذَلِكَ أَقْنُو كُلَّ قِطٍّ مُضَلَّلِ
وَالْقِطَّةُ الْأُنْثَى وَالْجَمْعُ قِطَاطٌ وَقِطَطٌ.

وَالْقَطُّ الْكِتَابُ وَالْجَمْعُ قُطُوطٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَحُمُولٍ وَالْقِطُّ النَّصِيبُ وَرَجُل قَطُّ وَقَطَطٌ بِفَتْحَتَيْنِ وَامْرَأَةٌ كَذَلِكَ وَشَعْرٌ قَطُّ وَقَطَطٌ أَيْضًا شَدِيدُ الْجُعُودَةِ.
وَفِي التَّهْذِيبِ الْقَطَطُ شَعْرُ الزِّنْجِيِّ وَرِجَالٌ قِطَاطٌ مِثْلُ جَبَلٍ وَجِبَالٍ وَقَطَّ الشَّعْرُ يَقُطُّ مِنْ بَابِ قَتَلَ وَفِي لُغَةٍ قَطِطَ مِنْ بَابِ تَعِبَ وَمَا فَعَلْتُ ذَلِكَ قَطُّ أَيْ فِي الــزَّمَانِ الْمَاضِي بِضَمِّ الطَّاءِ مُشَدَّدَةٌ وَقَطْ بِالسُّكُونِ بِمَعْنَى حَسْبُ وَهُوَ الِاكْتِفَاءُ بِالشَّيْءِ تَقُولُ قُطْنِي أَيْ حَسْبِي وَمِنْ هُنَا يُقَالُ رَأَيْتُهُ مَرَّةً فَقَطْ وَقَطَّ السِّعْرُ قَطًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ ارْتَفَعَ وَغَلَا. 
قطط
قَطَّ قَطَطْتُ، يَقُطّ، اقْطُطْ/ قُطَّ، قَطًّا وقُطُوطًا، فهو قاطّ، والمفعول مَقْطوط
• قطَّ الشَّيءَ: قطعه أو قطعه عَرْضًا، نحت وسوّى "قَطَطْتُ القَلَمَ- {فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُطَّ مِنْ دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِنْ كَيْدِكُنَّ} [ق] ". 

قَطْ [كلمة وظيفيَّة]:
1 - (نح) اسمٌ مبنيٌّ بمعنى حسب: أي كافٍ، وتكون غالبًا مَقْرونة بالفاء وتُستعمل للتّأكيد "أخذتُ جنيهًا فقط- زُرتكم مرّة فقط".
2 - (نح) اسم فعل بمعنى يكفي فتزاد نون الوقاية مع ياء المتكلّم "قَطْني ما نالني من المصائب: يكفيني- قَطْك: يكفيك". 

قَطّ [مفرد]: مصدر قَطَّ. 

قَطُّ [كلمة وظيفيَّة]: ظرف زمان لاستغراق الماضي، مبنيّ على الضَّمّ ويختصّ بالنَّفي "ما فعلتُ هذا قَطُّ: لم أفْعَلْهُ على الإطلاق- ما رأيته قطُّ: فيما مضى من الــزمان". 

قِطّ [مفرد]: ج قِطاط وقِطَطَة، مؤ قِطَّة:
1 - (حن) جنس حيوان من الفصيلة السِّنَّوْريَّة ورتبة اللواحم، وهو الهِرّ "إذا نام القطُّ ابتهجت الفئرانُ ورقصت- يعشق القِطُّ السَّمَكَ ويكره أن يبتلّ مخلبه: شأن الكسول الذي ينتظر تلبية رغباته دون وجهة منه" ° مِخْلب قِطّ: شخص يستخدمه آخرُ لتحقيق أهدافه.
2 - نصيب "أخذ فلان قِطَّه وأحرز قسطه- {وَقَالُوا رَبَّنَا عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمِ الْحِسَابِ} ".
3 - صحيفة الأعمال " {عَجِّلْ لَنَا قِطَّنَا} ". 

قطوط [مفرد]: مصدر قَطَّ. 
[قطط] قططت الشئ أقطه، إذا قطعتَه عَرْضاً. ومنه قَطُّ القلمِ. والمِقَطَّةُ: ما يُقَطُّ عليه القلمُ. والقَطَّاطُ: الخرَّاطُ الذي يعمل الحُقَقَ. قال الخليل: القط: فصل الشئ عرضا. وفى الحديث: " كان علي رضي الله عنه إذا اعتلى قد، وإذا اعترض قط ". وقط معناها الــزمانُ، يقال ما رأيته قط. قال الكسائي: كانت قطط، فلما سكن الحرف الثاني للادغام جعل الآخر متحركا إلى إعرابه. ومنهم من يقول قط يتبع الضمة الضمة، مثل مد يا هذا. ومنهم من يقول قط مخففة، يجعله أداة ثم يبنيه على أصله ويضم آخره بالضمة التى في المشددة. ومنهم من يتبع الضمة الضمة في المخففة أيضا ويقول قط، كقولهم لم أره مذ يومان، وهى قليلة. هذا إذا كانت بمعنى الدهر، فأما إذا كانت بمعنى حَسْبُ وهو الاكتفاءُ، فهي مفتوحةٌ ساكنةُ الطاء. تقول: ما رأيته إلا مرةً واحدةً فَقَطْ. فإذا أضفت قلت قطك هذا الشئ، أي حَسْبُكَ، وقَطْني وقَطي وقَطْ. قال الراجز: امتلا الحوض وقال قطني * مهلا رويدا قد ملات بطني * وإنما دخلت النون ليسلم السكون الذى بنى الاسم عليه. وهذه النون لا تدخل الاسماء وإنما تدخل الفعل الماضي إذا دخلته ياء المتكلم، كقولك ضربني وكلمني، لتسلم الفتحة التى بنى الفعل عليها، ولتكون وقاية للفعل من الجر. وإنما أدخلوها في أسماء مخصوصة نحو قطني وقدنى وعنى ومنى. ولدنى، لا يقاس عليها. فلو كانت النون من أصل الكلمة لقالوا قطنك، وهذا غير معلوم. ويقال قطاط، مثل قطام، أي حسبى. قال عمرو بن معدي كرب: أطَلْتُ فِراطَهُم حتَّى إذا ما * قَتَلْتُ سَراتَهُم كانت قَطاطِ * وقَطَّ السِعر يَقِطُّ بالكسر قَطًّا وقُطوطاً أي غلا. يقال: ورَدْنا أرضاً قاطًّا سعرها. قال أبو وجزة  أشكوا إلى الله العزيز الغفار * ثم إليك اليوم بعد المستار * وحاجة الحى وقط الاسعار * وجعد قطط، أي شديدة الجُعودة. وقد قَطِطَ شَعْرُه بالكسر، وهو أحد ما جاء على الاصل بإظهار التضعيف. ورجل قط الشَعَرِ وقَطط الشعرِ بمعنًى. والقِط: الضيون، والجمع قطاط . قال الاخطل: أكلت القطاطا فأفنيتها * فهل في الخنانيص من مغمز * والقطة: السنورة. والقِطُّ: الكِتاب ، والصكُّ بالجائزة. قال الأعشى: ولا المَلِكُ النعمانُ يومَ لَقيتُهُ * بِغَبْطَتِهِ يُعطي القُطوطَ ويأفِقُ * ومنه قوله تعالى: {عَجِّل لنا قطنا قبل يوم الحساب} . قال أبو زيد: القطقط بالكسر: أصغر المطر. يقال: قَطْقَطَتِ السماء فهي مُقَطْقِطَةٌ. ثم الرذاذ وهو فوق القطقط، ثم الطش وهو فوق الرذاذ، ثم البغش وهو فوق الطش، ثم الغبية وهى فوق البغشة، وكذلك الحلبة والشجذة والحفشة والحشكة مثل الغبية. والقطقطانة بالضم: اسم موضع.
(ق ط ط) و (ق ط ق ط)

القط: الْقطع عَامَّة. وَقيل: هُوَ قطع الشَّيْء الصلب كالحقة وَنَحْوهَا، تقطعها على حذ، وَقيل: هُوَ الْقطع عرضا.

قطه يقطه قطا، واقتطه فانقط، واقتط.

والمقط من الْفرس: مُنْقَطع الشراسيف، قَالَ النَّابِغَة الْجَعْدِي:

كَأَن مقط شراسيفه ... إِلَى طرف القنب فالمنقب

لطمن بترس شَدِيد الصَّفَا ... ق من خشب الْجَوْز لم يثقب

والقطاط: حرف الْجَبَل والصخرة، كَأَنَّمَا قطّ وَالْجمع: أقطة.

والقطاط: الْمِثَال الَّذِي يحذو عَلَيْهِ الحاذي، وَيقطع النَّعْل، قَالَ رؤبة:

يَا أَيهَا الحاذي على القطاط

والقطاط: مدَار حافر الدَّابَّة. قَالَ:

يردى بسمر صلبة القطاط

وَشعر قطّ، وقطط: جعد قصير.

قطّ يقط قططا، وقطاطة، وقطط، بِإِظْهَار التَّضْعِيف، قطا، وَهُوَ طريف.

وَجل قطّ الشّعْر، وقططه. وَالْجمع: قطون وقططون، وأقطاط، وقطاط. قَالَ الْهُذلِيّ:

يمشى بَيْننَا حَانُوت خمر ... من الخس الصراصرة القطاط

وَالْأُنْثَى: قطة، وقطط، بِغَيْر هَاء. وَرجل أقط، وَامْرَأَة قطاء: إِذا اكلا على اسنانهما حَتَّى تنسحق. حَكَاهُ ثَعْلَب.

وقط السّعر يقط قطا، وقطوطا، فَهُوَ قاط، ومقطوط، مفعول بِمَعْنى فَاعل: غلا.

وَمَا رَأَيْته قطّ، وقط، وقط، مَرْفُوعَة خفيفةمحذوفة مِنْهَا، إِذا كَانَت بِمَعْنى " الدَّهْر "، فَفِيهَا: ثَلَاث لُغَات، وَإِذا كَانَت فِي معنى " حسب " فَهِيَ: مَفْتُوحَة الْقَاف سَاكِنة الطَّاء.

قَالَ بعض النَّحْوِيين: أما قَوْلهم: قطّ، بِالتَّشْدِيدِ فَإِنَّمَا كَانَت: قطط، وَكَانَ يَنْبَغِي لَهَا أَن تسكن، فَلَمَّا سكن الْحَرْف الثَّانِي جعل الآخر متحركا إِلَى إعرابه، وَلَو قيل فِيهِ بالخفض وَالنّصب لَكَانَ وَجها فِي الْعَرَبيَّة.

وَأما الَّذين رفعوا أَوله وَآخره فَهُوَ كَقَوْلِك: مد يَا هَذَا.

وَأما الَّذين خففوه فَإِنَّهُم جَعَلُوهُ أَدَاة، ثمَّ بنوه على أَصله فأثبتوا الرّفْعَة الَّتِي كَانَت تكون فِي " قطّ " وَهِي مُشَدّدَة، وَكَانَ اجود من ذَلِك أَن يجزموا فيقولوا: مَا رَأْيه قطّ، مجزومة سَاكِنة الطَّاء، وجهة رَفعه كَقَوْلِهِم: لم اره مذ يَوْمَانِ، وَهِي قَليلَة، كُله تَعْلِيل كُوفِي، وَلذَلِك وضعُوا لفظ الْإِعْرَاب مَوضِع لفظ الْبناء.

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: " قطّ " سَاكِنة الطَّاء مَعْنَاهَا: الِاكْتِفَاء.

وَقد يُقَال: فط وقطى.

وَقَالَ: " قطّ " مَعْنَاهَا: الِانْتِهَاء، وبنيت على الضَّم كحسب.

وَحكى ابْن الْأَعرَابِي: وَمَا رَأَيْته قطّ، مَكْسُورَة مُشَدّدَة.

وَقَالَ بَعضهم: قطّ زيدا دِرْهَم: أَي كَفاهُ.

وَزَادُوا النُّون فِي " قطّ " فَقَالُوا: قطنى، لم يُرِيدُوا أَن يكسروا الطَّاء، لِئَلَّا يجعلوها بِمَنْزِلَة الْأَسْمَاء المتمكنة، نَحْو: يدى وهنى.

وَقَالَ بَعضهم: قطنى: كلمة مَوْضُوعَة لَا زِيَادَة فِيهَا كحسبى.

وَقد ينصب " بقط " وَمِنْهُم من يخْفض " بقط " مجزومة، وَمِنْهُم من يبنيها على الضَّم ويخفض بهَا مَا بعْدهَا.

وكل هَذَا إِذا سمي بِهِ ثمَّ حقر قيل: قطيط، لِأَنَّهُ إِذا ثقل فقد كفيت، وَإِذا خفف فأصله التثقيل، لِأَنَّهُ من القط الَّذِي هُوَ الْقطع.

وَحكى اللحياني: مَا زَالَ على هَذَا مذقط يَا فَتى، بِضَم الْقَاف والتثقيل، وَقَالَ: وَيُقَال فِي التقليل: مَا لَهُ إِلَّا عشرَة قطّ يَا فَتى، بِالتَّخْفِيفِ والجزم. وقط يَا فَتى، بالتثقيل والخفض. وقطاط، مَبْنِيَّة: أَي حسبي، قَالَ عَمْرو بن معديكرب:

اطلت فراطهم حَتَّى إِذا مَا ... قتلت سراتهم قَالَت قطاط

والقط: النَّصِيب.

والقط: الصَّك، وَقيل: هُوَ كتاب المحاسبة.

وَفِي التَّنْزِيل: (عجل لنا قطنا يَوْم الْحساب) . وَالْجمع قطوط. قَالَ الْأَعْشَى:

وَلَا الْملك النُّعْمَان يَوْم لَقيته ... بغبطته يعْطى القطوط ويأفق

قَوْله يأفق: يفضل.

والقط: السنور. وَالْجمع قطاط، وقططة والانثىك قطة، وَقَالَ كرَاع: لَا يُقَال: قطة، قَالَ ابْن دُرَيْد: لَا احسبها عَرَبِيَّة صَحِيحَة.

وَمضى قطّ من اللَّيْل: أَي سَاعَة. حُكيَ عَن ثَعْلَب.

والقطقط: الْمَطَر الصغار الَّذِي كَأَنَّهُ شذر. وَقيل: هُوَ صغَار الْبرد.

وَقد قطقطت السَّمَاء.

وقطقطت القطاة، والحجلة: صوتت وَحدهَا.

وتقطقط الرجل: كب رَأسه.

ودلج قطقاط: سريع، عَن ثَعْلَب. وانشد:

يسيح بعد الدلج القطقاط ... وَهُوَ مدل حسن الألياط

وقطيقط: اسْم ارْض، قَالَ الْقطَامِي: أَبَت الْخُرُوج من الْعرَاق وليتها ... رفعت لنا بقطيقط أظعانا

ودارة قطقط: مَوضِع، عَن كرَاع.

والقطقطانة: مَوضِع. قَالَ:

من كَانَ يسْأَل عَنَّا أَيْن منزلنا ... فالقطقطانة منا منزل قمن
قطط
قَطَطْتُ الشيء أقُطُّه - بالضم -: إذا قطعته عرضاً، ومنه قَطُّ القلم، وفي الحديث: كانت ضربات عليٍ - رضي الله عنه - أبكاراً؛ إذا اعتلى قد؛ وإذا اعترض قَطَّ.
وقال الليث: القَطُّ الشيء الصلب كالحقةِ تُقَطُّ على حذو مستو كما يقط الإنسان قصبة على عظمٍ.
قال: والمقطَّةُ: عظيم يكون مع الوراقين يقطون عليه أطراف الأقلام.
وقال غيره: القطاطُ: الحقاق الذي يعمل الحقق؛ وهو الخراطُ.
وقَّط السَّعْر يقطُّ؟ بالكسر - قطاً: إذا غلا، يقال: وردنا أرضاً قاطاً سعرها، قال أبو وجزة السَّعْديُّ:
أشْكُو إلى الله العزيز الجبَارْ ... ثُمَّ إليك اليوْم بُعد المُسْتارْ وحاجة الحي وقَّط الأسعار
وقال شمُر: قَّط السعر بمعنى غلا خطأ عندي وإنما هو بمعنى فتر. وقال الأزهري؛ وهم شمر فيها.
وقال الفراء: سعْر مقطُوط، وقد قُط؛ على ما لم يُسمَّ فاعله، وقد قطه الله.
وقال ابن الأعرابي: القاطُط: السْعر الغالي.
وقط: معناها الــزًّمان الماضي، يقال: ما رايتهُ قط: أي فيما مضى من الــزمان، ولا يقال لا أراهُ قطُّ، وإنما يستعمل في المستقبل: عوض وعوضُ.
وقال ابن فارس: أي أقطع الكلام فيه؛ هذا يقوله على جهة الإمكان. الكسائُّي: كان أصلها قططُ، فلما سكن الحرف الأول للإدغام جعل الآخر متحركاً إلى إعرابه. ومنهم من يقول قطُّ يتبع الضمة الضمة مثل مدُّ يا هذا. ومنهم من يقول قُط مُخففَّة يجعلها أداةً ثم يبنيها على أصلها ويضم آخرها بالضمة التي في المشددة. ومنهم من يتبع الضمة الضمة في المخففة أيضاً فيقول قط كقولهم: لم أره مُذُ يومان، وهي قليلة.
هذا إذا كانت بمعنى الدًّهر. فأما إذا كانت بمعنى حسب وهو الاكتفاء فهي مفتوحة ساكنة الطاء، تقول: رأيتهُ مرةً واحدةً فقط، فإذا أضفت قلت: قطك هذا الشيء: أي حسبك، وقطني وقطني وقط، قال:
امْتلأ الحوُض وقال قطْني ... مهلاً رُويْداً قد ملأتَ بطْني
وربما دَخَلتِ النونُ لِيسلمَ السكون الذي بني السكون عليه، وهذه النون لا تدخل الأسماء، وإنما تدخل الفعل الماضي إذا دخلته ياء المتكلم؛ كقولك: ضربني وكلمني، لتسلم الفتحة التي بني الفعل عليها ولتكون وقاية للفعل من الجر، وإنما أدخلوها في أسماء مخصوصة نحو: قطني وقدني وعني ولدني، لا يقاس عليها، فلو كانت النون من أصل الكلمة لقالوا: قَطْنُكَ، وهذا غير معلوم. وقال الليث: ومنهم من يقول: قَطْ: قَطْ عبد الله درهم؛ فينصبون بها، ومنهم من يدخل النون فيها وينصب فيقول: قَطْنَ عبد الله درهم فمن خفض قال إذا أضاف: قَطِيْ وقَدِي درهم. ومن نصب قال إذا أضاف: قَطْني وقَْني. زمنهم من يدخل النون إذا أضاف إلى المتكلم خفض بها أو نصب.
والقِطُّ - بالكسر -: السَّنَّوْرُ. والجمع قِطَاطُ. قال:
أكلت القطاط فأفنيتها ... فهلْ في الخنانيْص من مغْمرِ
والقطُّ - أيضاً -: الكتاب والصك بالجائزة.
وقوله تعالى:) عجل لنا قطنا (أي نصيبنا، وأصله الكتاب يكتب للإنسان فيه شيء يصل إليه. واشتقاقه من القط وهو القطع. وكذلك النصيب هو القطعة من الشيء كأنهم قالوا: عجل لنا نصيبنا من العذاب الذي تنذر نابه. وقال أبو عبيدة: القُط: الحساب. وفي حديث ابن عمر وزيد بن ثابت - رضي الله عنهم - أنهما كانا لا يريان ببيع القطوط إذا خرجت بأساً. هي الخطوط التي فيها الأرزاق يكتب بها إلى النواحي التي فيها حق السلطان. قال الأعشى يمدح المحلق وهو عبد العزى بن خثيم بن شداد:
ولا الملكُ النُّعمان يوْم لقيُهُ ... بنعمته يُعْطي القُطوْط ويأفق
ويروى " بأمَّته ".
وقال أبو زيدٍ: القطقُط - بالكسر -: أصغرُ المطر. ثم الرذاذ فوق ذلك. ثم الطَّشُ فوق الرذاذ. ثم البغشُ فوق الطش. ثم الغبية فوق البغش. وكذلك الحلبة والشجذة والحفشة والحشكة مثل الغبية.
وقال اللَّيْثُ: القطْقطُ: المطر المتحاتن المتتابع العظيم القطر، قال هلال بن رزينٍ:
فَوَلَّتْ تَحْت قطقطها سراعاً ... تكْبُّهُمُ المُهنَّدةُ الذُّكُوْرُ
وقال أبو سعيد: القطقط: الصغير القطر مثل الدمق، قال إبراهيم بن علي بن محمد بن سلمة بن عامر بن هرمة:
ومُصوَّتٍ واللَّيْلُ يرْمي رحلهُ ... وسواد عمته بسارِي القطقطِ
وقال بعضهم: القطقط: صغار البرد الذي يتوهم برداً أو مطراً.
وقال ابن الأعرابي: الأقُّط: الذي سقطتْ أسنانُه. وقال الفراء: هو الذي انسحقت أسنانه حتى ظهرت درادرها.
وقال النَّضْرُ: في بطنِ الفرس مقاطهُ: وهي طرفه في القص وطرفه في العانة.
وقطاط - مثال حداد وبداد -: أي حسبي. قال عمرو بن معدي كرب - رضي الله عنه -:
غدرْتُم غدْرَةً وغدرْتُ أخرى ... فلا إن بينْنا أبداً تعاط
أطلْتُ فراقكُمْ عاماً فعاماً ... وديْنُ المذحجيَّ إلى فراط
أطلتُ فراقكُمْ حتى إذا ما ... قتلْتُ سراتكُمْ كانتْ
قَطاطِ وقال ابن دريد: القطقُوطُ: الصغير الجسم. وليس بثبتٍ.
والقطقطانة: موضع قرب الكوفة من جهة البرية بالطف: به كان سجن النعمان بن المنذر. قال الكميتُ يمدح مسلمة بن هشام بن عبد الملك:
تأبَّد من سلْمى حصُيْدُ إلى تُبل ... فذُوْ حُسُمٍ فالقُطقطانة فالرجل
والقُطقُطُ: موضع. ورجل قط الشعر وقطط الشعر: بمعنى. وجعد قطط: أي شديد الجعودة. وقد قطط شعره - بالكسر -. وهو أحد ما جاء على الأصل بإظهار التضعيف. ومنه حديث النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لعاصم بن عدي - رضي الله عنه - في قصة الملاعنة: إن ولدته أحيمر مثل الينعة فهو لأبيه الذي انتفى منه. وإن تلده قطط الشعر أسود اللسان فهو لشريك بن السحماء. قال عاصم - رضي الله عنه -: فلما وقع أخذت بفقويه فاستقبلني لسانه أسود مثل الثمرة. وقيل: بفقويه غلط. والصواب بفقميه أي بحنكيه. الينع: ضرب من العقيق: الواحدة: ينعةُ.
وفي حديثه الآخر: أنه قال: من سيدكم يا بني سلمة؟ قالوا: الجد بن قيس على أنا نبخلهُ فقال: وأي داءٍ أدوا من البخل!: بل سيدكم الجعد القطط عمرو بن الجموح. فقال بعض الأنصار:
وسُوَّد عمرو بن الجمُوح لجُوده ... وحُق لعمرٍو ذي النَّدى أن يُسوَّدا
إذا جاءهُ السُّوُّالُ أنْهب مالهُ ... وقال: خُذُوْهُ إنه عائدُ غدا
وليس بِخَاطٍ خطوةً لدنيةٍ ... ولا باسطٍ يوماً إلى سوءةٍ يدا
فلوْ كُنت يا جدُّ بن قيس على التي ... على مثْلها عمروُ لكُنْت المُسوُّدا
الجعدُ: الكرمُ الجواد. وقد جاء القطط تأكيداً له. وهذه كنايةُ عن خُلوَّه من الهجنة وخلوصه عربياً. ومتى أثبت له أنه عربي تناوله المدح وردفه أن يكون كريماً جواداً.
والقطائطُ: من قرى زنار ذمار باليمن.
ويقال: جاءت الخيل قطاط: أي قطيعاً قطيْعاً، قال هميان بن قحافة:
بالخيْل تْترى زيماً قطائطا ... ضرباً على الهام وطعناً واخطا
وقال علقمة بن عبدة:
نحْنُ جلبْنا من ضريَّة خيْلنا ... نكلَّفُها حدَّ الآكام قطائطا
الرواية على الخرم. وهذا البيت أول القطعة. وواحد القَطائِط: قَطُوْطٌ: مثال جدود وجدائد.
وقيل: قَطاَئِطَ: أي رعلاً وجماعات في تفرقة.
وقال أبو زيد: القَطِيْطَةُ والقِطَاطُ - بالكسر -: أعلى حافة الكهف. وجمع القِطًاطِ: أقِطْةُ. وقال الليث: القِطَاطُ: حرف الجبل أو حرف من صخر كأنما قُطَّ قَطّا. والجمع: الأقِطّةُ.
والقِطَاطُ - أيضاً -: المثال الذي يحذي عليه.
والقِطَاطُ -: أيضاً -: الشديد جعودة الشعر.
وقال المنتخل الهذلي:
يُمّشي بَيْننا حانُوْتُ خَمْرٍ ... من الخُرسْ الصَّرَاصِرة القِطَاطِ
الخُرسْ: العَجم، والصَّرَاصِرة: نَبط الشام. ومن نصب " حانوت " جعله اسماً للخمر.
والقِطَاطُ: مدار حوافر الدابة، وقال رؤبة: فأيُها الحاذي على القِطَاطِ والقَطَاقِطُ: موضع، قال:
ثَوَينا بالقَطاقِط ما ثَوَيْنَا ... وبالعِبْرَيْن حَولاً ما نَرِيْمُ
وقال ابن عباد: رجل قَطَوْطُ - مثال حَزَؤرِ -: أي خفيف كميش.
وقرب قَطْقَاطُ: أي سريع، قال جساس بن قطيب يصف فحلاً:
يُصْبِحُ بَعْدَ الدْلَج القَطقَاطِ ... وهو مُدِلٌ حَسَنُ الآلْيَاطِ
والقَطَوْطي: الذي يقارب خطوه.
وقُطَيِقطُ: موضع، قال القطامي:
أبَتِ الخُروجَ من العِراقِ ولَيْتَهَا ... رَفَعَتْ لنا بِقْطَيِقطٍ أظعانا
وتَقْطِيْطُ الحقة: مبالغة في قَطّها. قال رؤبة:
سَوّى مَسَاحِيِهنُ تَقْطِيْطَ الحُقَقْ ... تَفْلِيلُ ما قارَعْنَ من سُمْرِ الطُرَقْ
أراد أن يقول: حوافرهن كأمثال المساحي.
وقَطْقَطَتِ السماء: من القِطْقِطِ.
وقال ابن عباد: المُقَطْقَطُ الرأس: المصنعه هكذا هو في كتابه محققاً بكسر النون المشددة، قال الصغاني مؤلف هذا الكتاب: والصواب عندي مصعنبه؛ بفتح النون وبعدها باء.
وقال أبو زيد: تَقَطْقَطَتِ الدلو إلى البئر: أي انحدرت، قال ذو الرمة:
وبَيْتٍ بِمَهْوَاة هَتَكْتُ سَمَاءَهُ ... إلى كَوْكَبٍ يَزْوِي له الوَجْهَ شارِبُهْ
بِمَعْقُوَدةٍ في نِسْعِ رَحْلٍ تَقَطْقَطَتْ ... إلى الماءِ حتّى انْقَدَّ عنها طحالِبُهْ
أي بيت العنكبوت، والكوكب: معظم الماء، وأراد بالمعقودة: سفرةً، تَقَطْقَطَتْ: مرت إلى الماء.
والتَّقَطْقُطُ - أيضاً -: تقارب الخطو.
وقال ابن عباد: يقال: جاء يَتَقَطْقَطُ: إذا جاء مُسرعاً.
وتَقَطْقَطَ في البلاد: ذهب فيها.
والتركيب يدل على قطع الشيء بسرعة عرضا.

قطط: القَطُّ: القطْعُ عامَّة، وقيل: هو قَطعُ الشيء الصُّلب كالحُقَّة

ونحوها تَقُطُّها على حَذْو مَسْبُورٍ كما يَقُطُّ الإِنسان قَصَبة على

عظم، وقيل: هو القطْعُ عَرْضاً، قَطَّه يقُطُّه قَطّاً: قَطَعه عَرْضاً،

واقْتَطَّه فانْقَطَّ واقْتَطَّ ومنه قَطُّ القلم. والمِقَطَّةُ

والمِقَطُّ: ما يُقَطُّ عليه القلم. وفي التهذيب: المِقطةُ عُظَيم يكون مع

الورّاقِين يقطون عليه أَطراف الأَقلام. وروي عن علي، رضوان اللّه عليه: أَنه

كان إِذا عَلا قَدَّ وإِذا توسّط قَطَّ؛ يقول إِذا علا قِرْنَه بالسيف

قَدَّه بنِصْفَين طُولاً كما يُقَدّ السير، وإِذا أَصاب وسَطه قَطعَه عرضاً

نصفين وأَبانه. ومَقَطُّ الفرس: مُنْقَطَعُ أَضْلاعه. ابن سيده: والمَقط

من الفرس منقطع الشَّراسِيفِ؛ قال النابغة الجَعْديّ:

كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفهِ،

إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالمَنْقَبِ،

لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الصِّفا

قِ، مِن خَشَبِ الجَوْزِ، لم يُثْقَبِ

والقِطاطُ: حرْف الجبل والصخرة كأَنما قُطَّ قَطَّاً، والجمع أَقِطَّةٌ؛

وقال أبُو زيد: هو أَعلى حافة الكهف وهي ثلاثة أَقطَّة. أَبو زيد:

القَطِيطةُ حافةُ أَعلى الكهفِ، والقِطاطُ: المِثالُ الذي يَحْذُو عليه

الحاذِي ويَقْطعُ النعل؛ قال رؤبة:

يا أَيُّها الحاذِي على القِطاطِ

والقِطاطُ: مَدار حافر الدابَّةِ لأَنه كأَنه قُطَّ أَي قُطِعَ

وسُوِّيَ؛ قال:

يَرْدي بِسُمْرٍ صُلْبةِ القِطاطِ

والقَطَطُ: شعر الزّنْجِيّ. يقال: رَجل قَطَطٌ وشعر قَطَطٌ وامرأَة

قَطَطٌ، والجمع قَطَطُونَ وقَطَطاتٌ، وشعر قَطٌّ وقطَطٌ: جَعْد قصير، قَطَّ

يَقَطُّ قَطَطاً وقَطاطةً وقَطِطَ، بإِظهار التضعيف، قَطّاً، وهو طَرِيفٌ.

وجَعْدٌ قَطَطٌ أَي شدِيدُ الجُعودةِ. وقد قَطِطَ شعره، بالكسر، وهو

أَحد ما جاء على الأَصل بإِظهار التضعيف، ورَجل قَطُّ الشعر وقَطَطُه بمعنى،

والجمع قَطُّون وقَطَطُون وأَقْطاطٌ وقِطاطٌ؛ قال الهذلي:

يُمشَّى بَيْننا حانوتُ خَمْرٍ،

من الخُرْس الصَّراصِرةِ القِطاطِ

(* قوله «يمشي» كذا هو بالياء هنا وفي مادة خرص، وبالتاء الفوقية في

مادة حنت.)

والأُنثى قطّةٌ وقَطَطٌ، بغير هاء. وفي حديث المُلاعَنة: إِن جاءتْ به

جَعْداً قَطَطاً فهو لفلان؛ والقَطَطُ: الشديدُ الجعُودةِ، وقيل: الحسَنُ

الجعُودةِ. الفراء: الأَقَطُّ الذي انْسَحَقت أَسنانه حتى ظهرت

دَرادِرُها، وقيل: الأَقطُّ الذي سقطت أَسنانه. ابن سيده: ورجل أَقَطُّ وامرأَة

قَطَّاء إِذا أَكلا على أَسْنانِهما حتى تَنْسحِقَ؛ حكاه ثعلب.

والقَطَّاطُ: الخَرَّاطُ الذي يعمل الحُقَق؛ وأَنشد ابن بَري لرؤبة يصف أُتُناً

وحماراً:

سَوَّى، مَساحِيهنَّ، تَقطِيطَ الحُقَقْ،

تَقْلِيلُ ما قارَعْنَ مِن سُمِّ الطُّرَق

(* قوله «سم الطرق» كذا هو بالسين المهملة في الموضعين ولعله شم أَو

صم.)أَراد بالمساحِي حَوافرَهن لأَنها تَسْحِي الأَرض أَي تَقْشُرها، ونصَب

تقطيطَ الحقق على المصدر المشبه به لأَن معنى سَوّى وقطَّط واحد،

والتقْطِيطُ: قطع الشيء، وأَراد تقطيع حُقَق الطِّيب وتَسْويتَها، وتقْليلُ فاعل

سَوّى أَي سَوّى مَساحِيَهنَّ تكسيرُ ما قارَعَتْ من سُمّ الطُّرَق،

والطُّرَقُ جمع طُرْقَة وهي حجارة بعضها فوق بعض.

وحديث قتل ابن أَبي الحُقَيْق: فتحامل عليه بسيفه في بطنه حتى أَنْفَذَه

فجعل يقول: قَطْني قَطْني

(* قوله: وحديث قتل ابن أَبي الحقيق، إِلى

قوله قطني، هكذا في الأَصل. ولعلّ موضع هذه الجملة هو مع الكلام على

قطني.).وقَطَّ السِّعْرُ يَقِطُّ، بالكسر، قَطّاً وقُطُوطاً، فهو قاطٌّ

ومَقْطُوطٌ بمعنى فاعِل: غَلا. ويقال: وردْنا أَرضاً قَطّاً سِعْرُها؛ قال أَبو

وجْزَة السَّعْدِيّ:

أَشْكُو إِلى اللّهِ العَزِيز الجَبّارْ،

ثُمَّ إِلَيْكَ اليَوْمَ بُعْدَ المُسْتارْ،

وحاجةَ الحَيِّ وقَطَّ الأَسْعارْ

وقال شمر: قَطَّ السِّعْرُ، إِذا غَلا، خَطأ عندي إِنما هو بمعنى فَتَر،

وقال الأَزهري: وَهِمَ شمر فيما قال. وروي عن الفراء أَنه قال: حَطَّ

السِّعْرُ حُطُوطاً وانْحَطَّ انْحِطاطاً وكسَر وانكسر إِذا فَتَر، وقال:

سِعْرٌ مَقْطُوطٌ وقد قَطَّ إِذا غَلا، وقد قَطَّه اللّه. ابن الأَعرابي:

القاطِطُ السِّعْر الغالي.

الليث: قَطْ خفِيفة بمعنى حَسْب، تقول: قَطْكَ الشيء أَي حَسْبُك، قال:

ومثله قد، قال وهما لم يتمكنا في التصريف، فإِذا أَضفتهما إِلى نفسك

قُوّيَتا بالنون قلت: قَطْني وقَدْني كما قَوَّوا عنِّي ومني ولَدُنِّي بنون

أُخرى، قال: وقال أَهل الكوفة معنى قطني كفاني فالنون في موضع نصب مثل

نون كفاني، لأَنك تقول قَطْ عبدَ اللّهِ دِرهمٌ، وقال أَهل البصرة: الصواب

فيه الخفض على معنى حَسْبُ زيدٍ وكَفْيُ زيدٍ درهمٌ، وهذه النون عماد،

ومَنَعَهم أَن يقولوا حَسْبُني أََن الباء متحركة والطاء من قط ساكنة

فكرهوا تغييرها عن الإِسكان، وجعلوا النون الثانية من لدنّي عماداً للياء. وفي

الحديث في ذكر النار: إِنَّ النارَ تقول لربها إِنك وعَدْتَنِي مِلْئي،

فيَضَع فيها قدَمَه، وفي رواية: حتى يضع الجبَّارُ فيها قَدَمه فتقول:

قَطْ قَطْ بمعنى حَسْب، وتكرارها للتأْكيد، وهي ساكنة الطاء، ورواه بعضهم

قَطْني أَي حَسْبِي. قال الليث: وأَما قَطُّ فإِنه هو الأَبَدُ الماضي،

تقول: ما رأَيت مثله قَطُّ، وهو رفع لأَنه مثل قبلُ وبعدُ، قال: وأَما

القَطُّ الذي في موضع ما أَعطيته إِلا عشرين قَطِّ فإِنه مجرور فرقاً بين

الــزمان والعَددِ، وقَطُّ معناها الــزمان؛ قال ابن سيده: ما رأَيته قَطُّ

وقُطُّ وقُطُ، مرفوعة خفيفة محذوفة منها، إِذا كانت بمعنى الدهر ففيها ثلاث

لغات وإِذا كانت في معنى حَسْب فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء، قال بعض

النحويين: أَمّا قولهم قَطُّ، بالتشديد، فإِنما كانت قَطُطُ وكان ينبغي لها

أَن تسكن، فلما سكن الحرف الثاني جعل الآخِر متحركاً إِلى إِعرابه، ولو

قيل فيه بالخفض والنصب لكان وجهاً في العربية، وأَما الذين رفعوا أَوَّله

وآخره فهو كقولك مُدُّ يا هذا، وأَما الذين خففوه فإِنهم جعلوه أَداة ثم

بَنَوْه على أَصله فأَثبتوا الرَّفْعة التي كانت تكون في قط وهي مشددة،

وكان أَجود من ذلك أَن يجزموا فيقولوا ما رأَيته قُطْ، مجزومة ساكنة

الطاء، وجهة رفعه كقولهم لم أَره مُذُ يومان، وهي قليلة، كله تعليل كوفي ولذلك

لفظ الإِعراب موضع لفظ البناء هذا إِذا كانت بمعنى الدهْر، وأَما إِذا

كانت بمعنى حسب، وهو الاكتفاء، قال سيبويه: قط ساكنة الطاء معناها

الاكتفاء، وقد يقال قَطٍ وقَطِي، وقال: قَطُ معناها الانتهاء وبنيت على الضم

كحَسْبُ. وحكى ابن الأَعرابي: ما رأَيته قَطِّ، مكسورة مشددة، وقال بعضهم:

قَطْ زيداً دِرْهَمٌ أَي كفاه، وزادوا النون في قَطْ فقالوا قَطْني، لم

يريدوا أَن يكسروا الطاء لئلا يجعلوها بمنزلة الأَسماء المتمكنة نحو يَدِي

وهَنِي. وقال بعضهم: قطني كلمة موضوعة لا زيادة فيها كحسبي؛ قال الراجز:

امتَلأَ الحوْضُ وقال: قَطْنِي،

سَلا رُوَيْداً، قد ملأْتَ بَطْنِي

(* قوله «سلا» كذا هو بالأصل وشرح القاموس، قال: ورواية الجوهري مهلاً أ

هـ. ولعل الاولى ملأّ.)

وإِنما دخلت النون ليسلم السكون الذي يبنى الاسم عليه، وهذه النون لا

تدخل الأَسماء، وإِنما تدخل الفعل الماضي إِذا دخلته ياء المتكلم كقولك

ضربني وكلمني لتسلم الفتحة التي بني الفعل عليها ولتكون وقاية للفعل من

الجرّ، وإِنما أَدخلوها في أَسماء مخصوصة قليلة نحو قَطْنِي وقَدْني وعَنِّي

ومنِّي ولَدُنِّي لا يقاس عليها، فلو كانت النون من أَصل الكلمة لقالوا

قَطْنُكَ وهذا غير معلوم. وقال ابن بري: عني ومني وقطني ولدني على القياس

لأَن نون الوقاية تدخل الأَفعال لِتقيَها الجرّ وتبقي على فتحها، وكذلك

هذه التي تقدمت دخلت النون عليها لتقيها الجرّ فتبقي على سكونها، وقد

يُنصب بقَطْ، ومنهم من يخفض بقط مجزومة، ومنهم من يبنيها على الضم ويخفض بها

ما بعدها، وكلُّ هذا إِذا سمي به ثم حقّر قيل قطيط لأَنه إِذا ثُقِّل فقد

كُفِيت، وإِذا خفف فأَصله التثقيل لأَنه من القَطّ الذي هو القَطْعُ.

وحكى اللحياني: ما زال هذا مذ قُطُّ يا فتى، بضم القاف والتثقيل،قال: وقد

يقال ما لَه إِلا عشرة قَطْ يا فتى، بالتخفيف والجزم، وقَطِّ يا فتى،

بالتثقيل والخفض.

وقَطاطِ: مبنية مثل قَطام أَي حسبي؛ قال عمرو بن مَعْدِيكَرِب:

أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إِذا ما

قَتلْتُ سَراتَهمْ قالتْ: قَطاطِ

أَي قطْني وحسْبي؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده أَطلت فِراطَكم وقتلت

سَراتَكم بكاف الخطاب، والفِراطُ: التقَدُّم؛ يقول: أَطلت التقدُّم بوَعِيدي

لكم لتخرجوا من حقِّي فلم تفعلوا.

والقِطُّ: النَّصِيبُ. والقِطُّ: الصَّكُّ بالجائزةِ. والقِطُّ: الكتاب،

وقيل: هو كتاب المُحاسَبةِ؛ وأَنشد ابن بري لأُمَيَّةَ بن أَبي الصلت:

قَوْم لهم ساحةُ العِرا

قِ جَميعاً، والقِطُّ والقَلَمُ

وفي التنزيل العزيز: عَجِّلْ لنا قِطَّنا قبل يوم الحساب، والجمع

قُطوطٌ؛ قال الأَعشى:

ولا المَلِكُ النُّعْمانُ، يوم لَقِيتُه

بغِبْطَته، يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ

قوله: يأْفِقُ يُفَضِّلُ، قال أَهل التفسير مجاهد وقتادة والحسن قالوا:

عجِّل لنا قِطَّنا، أَي نَصِيبنا من العذاب. وقال سعيد بن جبير: ذُكرت

الجنة فاشْتَهوْا ما فيها فقالوا: ربنا عجِّل لنا قطنا، أَي نصيبنا. وقال

الفراء: القِطّ الصحيفة المكتوبة، وإِنما قالوا ذلك حين نزل: فأَمَّا مَن

أُوتيَ كتابه بيمينه، فاستهزؤُوا بذلك وقالوا: عجل لنا هذا الكتاب قبل

يوم الحِساب. والقِطُّ في كلام العرب: الصَّكُّ وهو الحظ. والقِطُّ:

النصيب، وأَصله الصحيفة للإِنسان بصلة يوصل بها، قال: وأَصل القِطّ من قطَطْتُ.

وروي عن زيد ابن ثابت وابن عمر أَنَّهما كانا لا يَريانِ ببيع القُطوطِ

إِذا خرجت بأْساً، ولكن لا يحل لمن ابتاعَها أَن يبيعها حتى يَقْبِضَها.

قال الأَزهري: القُطوطُ ههنا جمع قِطّ وهو الكتاب. والقِطُّ: النصيب،

وأَراد بها الجوائز والأَرْزاقَ، سميت قُطوطاً لأَنها كانت تخرج مكتوبة في

رِقاع وصِكاكٍ مقطوعة، وبيعُها عند الفقهاء غير جائز ما لم يَتحصَّل ما

فيها في مِلْك من كُتِبت له معلومة مقبوضة.

الليث: القِطَّةُ السِّنَّوْرُ، نعت لها دون الذكر. ابن سيده: القِطُّ

السنور، والجمع قِطاطٌ وقِطَطة، والأُنثى قِطَّة، وقال كراع: لا يقال

قِطَّة؛ قال ابن دريد: لا أَحسبها عربية؛ قال الأَخطل:

أَكَلْتَ القِطاطَ فأَفْنَيْتَها،

فهل في الخَنانِيصِ من مَغْمَزِ؟

ومضَى قِطٌّ من الليل أَي ساعة؛ حكي عن ثعلب.

والقِطْقِطُ، بالكسر: المطَر الصِّغار الذي كأَنه شَذْر، وقيل: هو صغار

البَرَدِ، وقد قَطْقَطت السماء فهي مُقَطْقِطةٌ، ثم الرَّذاذُ وهو فوق

القِطْقِط، ثم الطَّشُّ وهو فوق الرّذاذِ، ثم البَغْشُ وهو فوق الطشّ، ثم

الغَبْيةُ وهو فوق البَغْشةِ، وكذلك الحَلْبةُ والشَّجْذةُ والخَفْشةُ

والحَكْشةُ مثل الغَبْيةِ. وقال الليث: القِطْقِطُ المطر المتفرّق

المُتتابِعُ المُتحاتِنُ. أَبو زيد: أَصغر المطر القِطْقِطُ.

ويقال: جاءت الخيلُ قَطائطَ، قَطيعاً قَطِيعاً؛ قال هِمْيانُ:

بالخيْلِ تَتْرَى زِيَماً قَطائطا

وقال عَلْقَمةُ بن عَبْدة:

ونحنُ جَلَبْنا مِن ضَرِيّةَ خَيْلَنا،

نُكَلِّفُها حَدَّ الإِكامِ قَطائطا

قال أَبو عمرو: أَي نُكَلِّفُها أَن تقْطَع حدّ الإِكامِ فتقْطَعَها

بحوافرها؛ قال: وواحد القَطائطِ قَطُوطٌ مثل جَدُودٍ وجَدائدَ، وقال غيره:

قَطائطاً رِعالاً وجَماعاتٍ في تَفْرِقة.

ويقال: تَقَطْقَطَت الدَّلْو إِلى البئر أَي انْحَدَرَت؛ قال ذو الرمة

يصف سُفْرةً دَلاَّها في البئر:

بمَعْقُودة في نِسْعِ رَحْلٍ تَقَطْقَطَتْ

إِلى الماء، حتى انْقَدَّ عنها طَحالِبُهْ

ابن شميل: في بطن الفرس مَقاطُّه ومَخِيطُه، فأَما مِقَطُّه فطرفه في

القَصِّ وطرفه في العانة.

وفي حدجيث أُبَيّ وسأَل زِرَّ بن حُبَيْش عن عدد سورة الأَحزاب فقال:

إِمّا ثلاثاً وسبعين أَو أَربعاً وسبعين، فقال: أَقَطْ؟ بأَلف الاستفهام

أَي أَحَسْبُ؟ وفي حديث حَيْوةَ بن شُرَيْح: لقِيتُ عُقْبةَ بن مُسْلِم

فقلت له: بلَغني أَنك حدَّثْتَ عن عبدِ اللّه بن عمرو بن العاص أَن رسول

اللّه، صلّى اللّ عليه وسلّم، كان يقول إِذا دخل المسجد: أَعوذ باللّه

العظيم وبوجهه الكريم وسُلْطانه القديم من الشيطان الرجيم، قال: أَقَطْ؟ قلت:

نعم.

وقَطْقَطَتِ القَطاةُ والحَجلة: صَوَّتت وحدها.

وتَقَطْقَطَ الرجلُ: رَكِبَ رأْسَه.

ودَلَجٌ قَطْقاطٌ: سَريع؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:

يَسِيحُ بعد الدَّلَجِ القَطْقاطِ،

وهو مُدِلٌّ حَسَنُ الأَلْياطِ

(* قوله «يسيح» كذا بالأصل هنا، وتقدم في مادة شرط: يصبح.)

وقُطَيْطِ: اسم أَرض، وقيل: موضع؛ قال القُطامِي:

أَبَتِ الخُرُوجَ من العِراقِ، ولَيْتَها

رَفَعَت لنا بقُطَيْقِط أَظْعانا

ودارةُ قُطْقُطٍ؛ عن كراع. والقُطْقُطانةُ، بالضم: موضع، وقيل: موضع

بقُرب الكوفة؛ قال الشاعر:

مَن كان يَسأَلُ عَنّا أَيْنَ مَنْزِلُنا؟

فالقُطْقُطانةُ مِنّا مَنْزِلٌ قَمِنُ

(* هذا البيت لعمر بن ابي ربيعة، وفي ديوانه: الأقحوانة بدل

القطقطانة.)

قطط
{القَطُّ: القَطْعُ عامَّةً، كَمَا فِي المُحْكم، أَو القَطُّ: القَطْع عَرْضاً كَمَا فِي العُبَاب، وَهُوَ قولُ الخلِيل، قَالَ: ومِنْهُ:} قطُّ القَلَمِ. وَفِي الحَدِيثِ: كانَتْ ضَرَباتُ عَليٍّ رضِي اللهُ عَنهُ، أَبْكاراً، إِذا اعْتَلَى قَدّ، وإِذا اعْترَضَ قَطُّ قلت: ويرْوي: وإِذا توَسَّطَ قطّ، يَقُول: إِذا عَلا قِرْنَه بالسَّيْفِ بنِصفيْنِ طولا، كَمَا يُقَدُّ السَّيْر، وإِذا أَصابَ وَسَطه قَطَعَه عَرْضاً نصْفَيْنِ وأبانَهُ. أَو القَطُّ: قطْعُ شَيْءٍ صُلْبٍ كالحُقَّةِ ونَحْوِها {يُقَطُّ على حَذْوٍ مُسْتوٍ، كَمَا يَقُطُّ الإِنْسَانُ قَصَبَةً على عَظْمٍ، قالَهَ اللَّيْثُ،} كالاقْتِطاطِ، يُقالُ: {قَطّهُ} واقْتَطَّهُ. والقَطُّ: القَصِيرُ الجَعْدُ من الشَّعْرِ، {كالقَطَطِ، مُحَرَّكَةً، يُقَال: شَعرٌ قَطٌّ وقَطَطٌ، وَقد} قَطِطَ، كَفَرِحَ بإِظْهَارِ التَّضْعِيفِ، {قَطّاً، وَهُوَ أَحَدُ مَا جَاءَ على الأَصْلِ، وقَد} قَطَّ {يَقَطُّ، كيَمَلُّ، هكَذا فِي النُّسَخِ بزِيَادَةِ قد وَهُوَ مُسْتَدْرَكُ، وقَولهُ: كيَمَلُّ إِشارَةٌ إِلى أَنَّ ماضِيَهُ كفَرِحَ،} قَطَطاً، مُحَرَّكَةً، {وقَطَاطَةً، كَسَحَابَةٍ.} والقَطّاطُ، كشَدّادٍ: الخَرّاطُ صانِعُ الحُقِقَ، كم فِي العُبَابِ والصّحاحِ. ورَجُلٌ {قَطُّ الشَّعْرِ،} وقَطَطَه، مُحَرَّكَةً، بمَعْنى، وَفِي حَدِيثِ المُلاعَنَةِ: إِنْ جاءَتْ بِهِ جَعْداً {قَطَطاً فَهُوَ لِفُلانٍ،} والقَطَطُ: الشَّدِيدُ الجُعُودَةِ، وقِيلَ: الحَسَنُ الجُعُودَةِ ج: {قَطُّونَ،} وقَطَطُونَ، {وأَقْطاطٌ} وقِطَاطٌ، الأَخِيرُ بالكَسْرِ، قَالَ المُتَنَخِّلُ الهُذَلِيُّ:
(يُمَشِّى بَيْنَنَا حانُوتُ خَمْرِ ... من الخُرْسِ الصَّراصِرَةِ! القِطَاطِ) وَقد تقَدَّمَ الكَلامُ عَلَيْهِ فِي خرس.
{والمِقَطَّة، كمِذَبَّةٍ: مَا} يُقَطُّ عَلَيْهِ القَلَمُ. وَقَالَ اللَّيْثُ: هُوَ عُظَيْمٌ يكونُ مَعَ الوَرّاقِينَ {يَقُطُّ الكاتِبُ عَلَيْهِ أَقْلامَهُ، ونصُّ اللَّيْثِ:} يَقُطُّون عليهِ أَطْرَافَ الأَقْلام. {وقَطَّ السِّعْرُ} يَقِطُّ، بالكَسْرِ، ورُوِيَ عَن الفَرّاءِ: {قُطَّ السِّعْرُ، بالضَّمِّ، أَي عَلَى مَا لَمْ يُسَمَّ فاعِلُه،} قَطَّا {وقُطُوطاً، بالضَّمِّ، فَهُوَ} قاطٌّ، {وقَطٌّ،} ومَقْطُوطٌ، الأَخِيرُ بمعنَى فاعِل: غَلاَ، وَقَالَ شَمِرٌ: {وقَطَّ السِّعْرَ بمَعْنَى غَلاَ خَطَأٌ عِنْدِي، وإنَّمَا هُوَ بمَعْنَى فَتَرَ، قَالَ الأَزْهَرِيُّ: وَهِمَ شَمِرٌ فِيمَا قَالَ. ويُقَال: وَرَدْنَا أَرْضاً} قَطّاً سِعْرُها، قَالَ أَبُو وَجْزَةَ السَّعْدِيُّ:
(أَشْكُو إِلى الله العَزِيز الجَّبَّارْ ... ثُمَّ إِلَيْك اليَوْمَ بُعْدَ المُسْتارْ)
وحاجَةَ الحَيِّ {وقَطَّ الأَسْعَارْ ورُوِيَ عَن الفَرّاءِ أَنَّه قَالَ: حَطَّ السِّعْرُ حُطُوطاً، وانْحَطَّ انْحِطَاطاً، وكَسَرَ وانْكَسَرَ، إِذا فَتَرَ.
وَقَالَ: سِعْرٌ} مَقْطُوطٌ، وَقد {قُطَّ، إِذا غَلاَ، وَقد} قَطَّهُ اللهُ. وَعَن ابْنِ الأَعْرَابِيِّ: {القاطِطُ: السِّعْرُ)
الغالِي. وقَوْلُهُمْ: مَا رَأْيْتُه} قَطُّ، قَالَ الكِسَائِيُّ: كانَت {قَطَطُ، فلمّا سُكِّنَ الحَرْفُ الأَوَّلُ للإِدغامِ جُعِلَ الآخِرُ مُتَحَرِّكاً إِلى إِعرابِه، ويُضَمُّ بإِتْباع الضَّمَّةِ الضّمَّةَ، مثل مُدُّ يَا هَذَا، ويُخَفَّفَانِ، فِي الأَوَّل يُجْعَل أَداةً ثمّ يُبْنَى على أَصْلهِ ويُضَمُّ آخِرُه بالضَّمَّةِ الَّتِي فِي المُشَدَّدَةِ، وَفِي الثّانِي تُتْبَعُ الضَّمَّةُ الضَّمَّةَ فَيُقَال} قُطُ، كقولِهِم لم أَرَهُ مُذُ يُوْمَانِ. قَالَ الجَوْهَرِيُّ: وَهِي قَلِيلَةٌ.
وحكَى ابنُ الأَعْرَابِيّ مَا رأَيْتُه! قَطٍّ مشدَّدَةً مَجْرُورَةً، هَذَا إِنْ كانَتْ بمَعْنَى الدَّهْرِ، مَخْصُوصٌ بالماضِي، أَي المَنْفَيّ، كَمَا يَدُلُّ قولُه أَوَّلاً: مَا رَأْيْتُه، إِلى آخِرهِ. قَالَ شَيْخُنا: وَهُوَ الأَعْرَفُ الأَشْهَرُ. وذَكَر الشَّيْخُ ابنُ مالِكٍ أَنَّهُ أَكْثَرِيٌّ. وَرَدَ فِي المُثْبَتِ فِي أَحادِيثَ عِدَّةٍ فِي الصَّحيحِ، كَمَا سَيَأْتِي للمُصَنِّفِ قَريباً أَي فِيمَا مَضَى من الــزَّمانِ، أَو فِيما انْقَطَعَ من عُمْرِي.
وقالَ اللَّيْثُ: وأَمّا {قَطُّ فإِنَّهُ هُوَ الأَبَدُ الماضِي، تَقُول: مَا رَأَيْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، وهُوَ رَفْعٌ، لأَنَّهُ مِثْلُ قَبْلُ وبَعْدُ، قالَ: وأَمَّا} القَطّ الّذِي فِي مَوْضِعِ: مَا أَعْطَيْتُه إلاّ عِشْرِينَ {قَطِّ، فإِنَّهُ مَجْرُورٌ، فَرْقاً بَين الــزَّمانِ والعَدَدِ. وقَطُّ مَعْنَاها الــزَّمانُ. وإِذا كانَتْ بمَعْنَى حَسْبُ،} فَقَطْ مَفْتُوحَةُ القافِ ساكِنَةُ الطّاءِ كعَنْ قالَ سِيبَوَيْهِ: مَعْنَاهَا الاكْتِفَاءُ وَقد يُقَالُ: {قَطٍ، مُنَوّناً مَجْرُوراً،} - وقَطِي، وَقَالَ سِيبَوَيْهِ: قَطُ معناهَا: الانْتِهَاءُ، وبُنِيَتْ على الضَّمِّ كحَسْبُ، هكَذا هُوَ فِي اللِّسَانِ. وَقَالَ شيخُنَا: هذِه عِبَارَةٌ غيرُ جارِيَةٍ على القَوَاعِدِ، لأَنَّ قَضِيَّةَ التَّعْبِيرِ بالمَجْرُورِ أَنْ تكونَ مُعْرَبةً، وَلَا تُعرَب، فتأَمَّلْ، والنَّظَرُ فِي قَطِي أَظْهَرُ، فإِنَّهَا حِينَئِذٍ مُضَافَةٌ إِلى الياءِ، فَلَا حاجَةَ إِلى ذِكْرِها كذلِكَ، وتَحْقِيقُه فِي المُغْنِي وشُرُوحُه. وعِبَارَةُ الصّحاحِ: فأَمّا إِذا كانَتْ بمَعْنَى حَسْبُ، وَهُوَ الاكْتِفَاءُ، فَهِيَ مَفْتُوحةٌ ساكِنَةُ الطّاءِ، تَقُول: مَا رَأَيْتُه إلاّ مَرّةً وَاحِدَةً فقَطْ، فإِذا أَضَفْتَ قُلْتَ: {قَطْكَ هَذَا الشَّيْءُ، أَي حَسْبُكَ،} - وقَطْنِي، {- وقَطِي،} وقَطْ. قلتُ: وَفِي الحَدِيث فِي ذِكْرِ النّارِ: حَتَّى يَضَعَ الجَبَّارُ قَدَمَهُ فِيها، فتَقُول: {قَطْ قَطْ، بمَعْنى حَسْبُ، قَالَ ابنُ الأَثِيرِ: وتَكْرارُهَا للتَّأْكِيدِ، وَهِي ساكِنَةُ الطّاءِ. وَقَالَ: ورَواهُ بعضُهم} - قَطْنِي أَي حَسْبِي. وإِذا كَانَ اسْمَ فِعْلٍ بمَعْنى يَكْفِي فتُزادُ نُونُ الوِقايَةِ، ويُقالُ: قَطْنِي قَالَ: شيْخُنا: هُوَ الَّذِي جَزَمَ بهِ جَماعَةٌ مِنْهُم الشَّيْخُ ابنُ هِشامٍ. وَفِي اللِّسَانِ: وزادُوا النُّونَ فِي قَطْ، فقالُوا: قَطْنِي، لم يُرِيدُوا أَنْ يَكْسِرُوا الطّاءَ، لئَلاَّ يَجْعَلُوهَا بمَنْزِلَة الأَسْمَاءِ المُتَمَكِّنَةِ، نَحْو: يَدِي وهَنِي، وَقَالَ بَعْضُهُم: قَطْنِي: كَلِمَةٌ مَوْضُوعةٌ لَا زِيَادَةَ فِيها كحَسْبِي، قَالَ الرّاجِزُ:
(امْتَلأَ الحَوْضُ وَقَالَ {- قَطْنِي ... سَلاًّ رُوَيْداً قد مَلأْتَ بَطْنِي)
ويُرْوَى: مَهْلاً رويداً. وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ هَذَا الرَّجَزَ هَكَذَا، وَقَالَ: وإِنَّما دَخَلَتِ النُّونُ لِيَسْلَمَ)
السُّكُونُ الَّذِي بُنِيَ الاسْمُ عَلَيْهِ، وهذِه النُّونُ لَا تَدْخُلُ الأَسْمَاءَ، وإِنَّمَا تَدْخُلُ الفِعْلَ الماضِيَ إِذا دَخَلَتْهُ ياءُ المُتَكَلِّم، كقَوْلِك: ضَرَبَنِي وكَلَّمَنِي، لتَسْلَمَ الفَتْحَةُ الَّتِي بَنِيَ الفعلُ عَلَيْهَا، ولِتَكُونَ وِقَايَةً لِلفِعْلِ من الجَرِّ، وإِنَّما أَدْخَلُوهَا فِي أَسْمَاءِ مَخْصُوصَةٍ نَحْو: قَطْنى وقَدْنِي وعَنِّي ومِنِّي ولَدُنِّي، لَا يُقَاسُ عَلَيْهَا، وَلَو كَانَت النُّونُ من أَصْلِ الكَلِمَةِ لقالُوا: قَطْنُكَ، وَهَذَا غيرُ معلومٍ. انْتهى.
وَقَالَ اللَّيْث: قَطْ خَفِيفَة بمَعْنَى حَسْب، تَقول: قَطكَ الشَّيْءُ، أَي حَسْبُكَ. قَالَ: وَمثله قَدْ، قَالَ: وهُمَا لم يَتَمَكَّنا فِي التَّصْرِيفِ، فإِذا أَضَفْتَهُمَا إِلى نَفْسِك قُوَّيَتَا بالنُّونِ، قلتَ: قَطْنِي وقَدْنِي، كَمَا قَوَّوْا عَنِّي ومنِّي ولَدُنِّي بنونٍ أُخْرَى. وَقَالَ ابنُ بَرِّي: عَنِّي ومِنِّي وقَطْنِي وَلَدُنِّي على القِيَاسِ، لأَنَّ نونَ الوِقَايَةِ تَدْخُلُ الأَفْعال لِتَقِيَهَا الجَرَّ، وتَبْقَى على فَتْحِها، وكذلِكَ هذِه الَّتِي تَقَدَّمَتْ دَخَلت النُّونُ عَلَيْهَا لِتَقِيَهَا الجَرَّ فتبقَى على سُكُونِهَا، وَقد يُنْصَبُ بقَطْ، وَمِنْهُم من يَخْفِضُ بقَطْ مَجْزُومَةً، وَمِنْهُم مَنْ يَبْنِيهَا على الضَّمِّ ويَخْفِضُ بهَا مَا بَعْدها، ويُقَالُ} قَطُكَ، أَيومَرْفُوعَةً، ونصُّ اللِّحْيَانِيِّ فِي النَّوَادِرِ: وَمَا زالَ هَذَا مُذْ {قُطُّ يَا فَتَى، بضَمِّ القافِ والتَّثْقِيل،)
وتَخْتَص بالنَّفْيِ ماضِياً كَمَا قَدَّمْنَا الإِشَارَةَ إِلَيْهِ. وتَقُولُ العَامَّةُ: لَا أَفْعَلُه قَطُّ. وإِنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي المُسْتَقْبَلِ عَوْضُ. وَفِي مَواضِعَ من صَحِيحِ الإمَامِ أَبِي عَبْدِ اللهِ البُخارِيِّ جَاءَ بعدَ المُثْبَتِ، مِنْها فِي بَاب صلاةِ الكُسُوفِ: أَطْوَلُ صلاةٍ صَلَّيْتَها قَطُّ، وَفِي سُنَسِ الإِمَامِ أَبِي دَاوُدَ: تَوَضَّأَ ثَلاثاً، قَطْ وأثْبَتَه ابنُ مالِكٍ فِي الشَّوَاهِدِ لُغَة، وحَقَّقَ بَحثَه فِي التَّوْضِيحِ على مُشْكِلاتِ الصَّحِيح. قَالَ: وَهِي مِمّا خَفِيَ على كَثيرٍ من النُّحاةِ، وحاول الكِرْمَانِيُّ جَرْيَها على أَصْلِهَا فأَوَّلَ الأَحَادِيثَ الوَارِدَةَ مُثْبَتَةً بالنَّفْيِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَجَزَم الحَرِيرِيُّ فِي الدُّرَّةِ بأَنَّ اسْتِعْمَالَ قَطّ فِي المُسْتَقْبَلِ، أَو المُثْبَتِ نفيٌ.
وحَكَى اللِّحْيَانِيُّ: قد يُقالُ: مَالَهُ إلاّ عَشَرَةٌ قَط يَا فَتَى، مُخَفَّفاً مَجْزُوماً، ومُثَقَّلاً مَخْفُوضاً.
وَفِي الصّحاحِ: يُقَال:} قَطَاطِ كقَطَامِ، أَي حَسْبِي، قَالَ عَمْرُو بنُ مَعْدِ يكَرِبَ:
(أَطَلْتُ فِراطَهُم حَتَّى إِذا مَا ... قَتَلْتُ سَراتَهُمْ كانَتْ قَطاطِ)
قالَ ابنُ بَرِّيّ والصّاغَانِيُّ صَوابُ إِنْشَادِه: فِراطَكُمْ وسَرَاتَكُم بكافِ الخِطابِ، وَقد تَقَدَّمَ فِي ف ر ط. {والقَطُّ: دُعَاءُ القَطاةِ والحَجَلَةِ، ويُخَفَّفُ، يُقَال:} قَطْقَطَت! وقَطَّتْ، أَي صَوَّتَتْ، الأَخِيرَةُ نَقَلَهَا الصّاغَانيّ. (و) {القِطُّ، بالكَسْرِ: النَّصِيبُ وَهُوَ مَجازٌ، وَمِنْه قَوْلُه تَعالَى: رَبَّنا عَجَّلْ لنا} قِطَّنَا قَبْلَ يَوْمَ الحِسَابِ. قَالَ مُجَاهِدٌ وقَتادَةُ والحَسَنُ: أَي نَصِيبَنَا من العَذَاب، وَقَالَ سَعِيدُ بنُ جُبَيْرٍ: ذُكِرَت الجَنَّةُ فاشْتَهَوْا مَا فِيهَا، فقالُوا ذلِك. (و) {القِطُّ الصَّكُّ بالجَائِزَةِ، كَمَا فِي الصّحاح، وَهِي الصَّحِيفَةُ للإِنْسَانِ بصِلَةٍ يُوصَلُ بهَا. وَقَالَ الفَرَّاء: القِطُّ: الصَّحِيفَةُ المَكْتُوبَةُ، وإِنّمَا قالُوا ذلِكَ حِينَ نَزَلَ: فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِه فاسْتَهْزَءُوا بِذلِكَ وقالُوا: عَجِّلْ لَنَا هَذَا الكِتَابَ قَبلَ يومِ الحِسَاب.
والقِطُّ: الكِتَابُ، كَمَا فِي الصّحاحِ، وقِيلَ: هُوَ كِتَابُ المُحَاسَبَةِ، وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيّ لأُمَيَّةَ ابنِ أَبِي الصَّلْتِ:
(قَوْمٌ لَهُم ساحَةُ العِ ... راقِ جَمِيعاً} والقِطُّ والقَلَمُ)
ج: {قُطُوطٌ، وأَنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للأَعْشَى:
(وَلَا المَلِكُ النُّعْمَانُ يَوْمَ لَقِيتُه ... بغبِطَتِه يُعْطِي} القُطُوطَ ويَأْفِقُ)
يَأْفِقُ، أَي: يُفَضِّل. ورُوِيَ عَن زَيْدٍ بن ثابِتٍ وابْنِ عُمَر أَنَّهُمَا كَانَا لَا يَريانِ ببَيْعِ القُطوطِ إِذا خَرَجَت بَأْساً، ولكِن لَا يَحِلُّ لمَن ابْتَاعَها أَنْ يَبِيعَها حَتَّى يَقْبِضَها. قَالَ الأَزْهَرِيُّ: أَرادَ {بالقُطوطِ هُنَا الجَوَائِزَ والأَرْزاقَ، سُمِّيَتْ} قُطوطاً لأَنَّهَا كانَتْ تَخْرُج مَكْتُوبةً فِي رِقاع وصِكَاكٍ مَقْطُوعة.)
وبَيْعُها عِنْدَ الفُقَهاءِ غير جائزٍ مَا لم يَتَحَصَّلْ مَا فِيهَا فِي مِلْكِ من كُتِبَتْ لَهُ مَعْلُومَة مَقْبُوضَة.
(و) ! القِطُّ: الضَيْوَنُ، كَمَا فِي الصّحاح، وَهُوَ السِنَّوْرُ، كَمَا فِي المُحْكَمِ، والأُنْثَى: {قِطَّةٌ، كَمَا فِي الصحَاحِ والمُحْكَمِ. وَقَالَ اللَّيْثُ:} القِطَّةُ: السِّنَّوْرُ، نَعْتٌ لَهَا دُونَ الذَّكَرِ.
ونَقَل ابنُ سِيدَه عَن كُرَاع، قَالَ: لَا يُقَالُ: قِطَّةٌ. وقالَ ابنُ دُرَيْد: لَا أَحْسَبُها عَرَبِيَّةً. وَقَالَ شَيْخُنَا: وتَعَقَّبَه جماعَةٌ بوُرُودِه فِي الحَدِيثِ. ج: {قِطاطٌ،} وقِططَةٌ. قَالَ الأخْطَل:
(أَكَلْتَ {القِطَاطَ فأَفْنَيْتَها ... فهَلْ فِي الخَنَانِيصِ مِنْ مَغْمَزِ)
هكَذَا أَنْشَدَه الجَوْهَرِيُّ لَهُ، قَالَ الصَّاغَانِيّ: وَلم أَجِدْهُ فِي شِعْرِ الأَخْطَل غِيَاثِ بنِ غَوْثٍ، وَقد مَرَّ بَقِيَّتُه فِي هُرْمُز. والقِطُّ: السّاعَةُ مِنَ اللَّيْلِ، يُقَال: مَضَى قِطٌّ مِنَ اللَّيْلِ، أَي ساعَةٌ مِنْهُ، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ.} والقِطْقِطُ، بالكَسْرِ: المَطَرْ الصِّغارُ الَّذِي كأَنَّه شَذْر، ونَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عَن أَبي زَيْدٍ، ونَصُّه: أَصْغَرُ المَطَرِ، أَو هُوَ المَطَرُ المُتحَاتِنُ والمُتَتابِعُ العَظِيمُ القَطْرِ، قالَهُ اللَّيْثُ، قَالَ الجَوْهَرِيُّ: قَالَ أَبو زَيْدٍ: ثُمّ الرَّذاذُ، وَهُوَ فَوْقَ {القِطْقِط، ثمّ الطَّشُّ، وَهُوَ فَوقَ الرَّذاذِ، ثمّ البَغْشُ، وَهُوَ فَوْقَ الطَّشِّ، ثمَّ الغَبْيَةُ، وَهُوَ فَوقَ البَغْشَةِ، وكذلِكَ الحَلْبَةُ، والشَّجْذةُ، والحَفْشةُ. والحَشْكَةُ: مثْل الغَبْيَةِ. أَو} القِطْقِطُ: البَرَدُ، أَو صِغارُه الَّذِي يُتَوَهَّمُ بَرَداً أَو مَطَراً، كَمَا فِي العُبَابِ ويُقال: {قَطْقَطت السَّمَاءُ فَهِيَ} مُقَطْقِطَةٌ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ عَن أَبِي زَيْدٍ، أَي أَمْطَرَت.
(و) {قَطْقَطَت القَطَاةُ والحَجَلَة: صَوَّتَتْ وَحْدَها، وكذلِكَ: قَطَتْ، بالتّخْفِيفِ، كَمَا تَقَدَّم.
} وتَقَطْقَطَ الرَّجُلُ: رَكِبَ رَأْسَه. ودَلَجٌ {قَطْقاطٌ: سريعٌ، عَن ثَعْلَب، وأَنْشَدَ:
(يُصْبِحُ بعدَ الدَّلَجِ} القَطْقاطِ ... هُوَ مُدِلٌّ حَسَنُ الأَلْيَاطِ) {وقُطِيْقِطٌ، مُصَغَّراً: اسمُ أَرْضٍ، وَقيل: ع، قالَ القُطامِيُّ:
(أَبَتِ الخُرُوجَ من العِرَاقِ وَلَيْتَها ... رَفَعَتْ لَنا} بقُطَيْقِطٍ أَظْعانَا)
ووَقَع فِي التَّكْمِلَة {قُطَيْط كزُبَيْر، وَهُوَ غَلَط.} والقَطاقِطُ، {والقُطْقُطُ،} والقُطْقُطانَة بضَمِّهَما: أَسماءُ مَوَاضِع، الأَخِيرُةُ نَقَلَها الجَوْهَرِيُّ، قِيل: هُو مَوْضِعٌ: بالكُوفَةِ أَو بِقُرْبِها من جِهَةِ البَرِّيَّةِ بالطَّفِّ كانَتْ سِجْنَ النُّعْمَانِ بنِ المُنْذِرِ قَالَ الشّاعِرُ:
(من كَانَ يَسْأَلُ عَنَّا أَيْن مَنْزِلُنَا ... {فالقُطْقُانَةُ مِنَّا مَنْزِلٌ قَمِنُ)
وَقَالَ الكُمَيْت:
(تأَبَّدَ من سَلْمَى حُصَيْدٌ إِلى تُبَلْ ... فذُو حُسُمٍ فالقُطْقُطانَةُ فالرِّجَلْ)

ودارةُ} قطْقطٍ، بضمِّ القافَيْنِ، وكَسْرِهما: ع، عَن كُرَاع، وَلَو قَالَ كقُنْفُذٍ وزِبْرِجٍ كَانَ أَخْصَرَ، وَقد مَرَّ ذِكْرُها فِي الدّاراتِ. {والقَطائطُ: ة، باليَمَنِ من قُرَى زُنَّارِ ذَمَارَ. ويُقال: جَاءَتِ الخَيْلُ} قَطائِطَ أَي قَطِيعاً قَطيعاً، قَالَ هِمْيانُ بنُ قُحَافَةَ:
(بالخَيْلِ تَتْرَى زِيَماً! قَطائطَا ... ضَرْباً على الهَامِ وطَعْناً وَاخِطَا)
وَقَالَ عَلْقَمَةُ بنُ عَبَدَةَ:
(ونَحْنُ جَلَبْنا من ضَرِيَّةَ خَيْلَنا ... نُكَلِّفُها حَدَّ الإِكامِ قَطائطَا)
وأَنْشَدَه الصّاغانِيُّ: نَحْنُ جَلَبْنا على الخَرْمِ، قَالَ: وَهَكَذَا الرِّوَايَةُ، والبَيْتُ أَوَّل القِطْعَةِ. قَالَ أَبُو عَمْرٍ و: أَي نُكَلِّفها أَنْ تَقْطَعَ حدَّ الإِكام، فتَقْطَعَها بحَوافِرِها، قَالَ: ووَاحدُ {القَطَائطِ} قَطُوطٌ، مثل جَدُودٍ وَجَدَائِدَ. أَو {قَطائِط، أَي رِعَالاً وجَماعاتٍ فِي تَفْرِقَةٍ، وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ أَبي عَمْرٍ و.
(و) } القِطاطُ، ككِتابِ: المِثالُ الَّذِي يُحْذَى عَلَيْهِ ويُقْطَعُ عَلَيْهِ النَّعْلُ، قَالَ رُؤْبَةُ: يَا أَيُّها الحاذِي على القِطَاطِ وأَيْضاً: مَدَارُ حَوَافِرِ الدّابَّةِ لأَنَّها كأنَّها {قُطَّتْ، أَي قُطِعَتْ وسُوِّيَتْ، قَالَ رؤبة: يَرْدِي بسُمْرٍ صُلْبَةِ القِطاطِ والقِطاطُ: الشَّدِيدُ وجُعُودَةِ الشَّعَرِ وقِيل: الحَسَنُو الجُعُودَةِ، جمعُ} قَطَطٍ، وَهَذَا قد تَقَدَّم للمُصَنِّفِ عِنْد ذِكْرِ الجُمُوعِ آنِفاً، فَهُوَ تَكْرار. (و) {القِطاطُ: أَعْلَى حافَةِ الكَهْفِ عَن أَبِي زَيْدٍ، ونَصُّ النّوادِرِ: حافَةُ أَعْلَى الكَهْفِ} كالقَطِيطَةِ، كسَفِينَةٍ، عَنهُ أَيْضاً. وَقَالَ اللَّيْثُ: {القِطَاطُ: حَرْفُ الجَبَلِ، أَو حَرْفٌ من صَخْرٍ، كأَنَّمَا} قُطَّ {قَطّاً، ونَصُّ العَيْن: حَرْفُ الجَبَلِ والصَّخْرِ، ج: أَقِطَةٌ.
} والقَطُوَّطُ، كحَزَوَّرٍ: الخَفِيفُ الكَمِيشُ من الرِّجال، عَن ابْنِ عَبّادٍ، وضَبَطَه فِي التَّكْمِلَةِ: كصَبُورٍ ضَبْطَ القَلَمِ، فانْظُره. {والقَطَوْطَى، كخَجَوْجَى: مَنْ يُقارِبُ الخَطْوَ، وفِعْلُه} التَّقَطْقُطُ.
{وتَقْطِيطُ الحُقَّةِ: قَطْعُها وتَسْوِيَتُها وأَنْشَدَ ابنُ بَرِّيٍّ لرُؤْبَةَ يَصِفُ أُتُناً وحِماراً.
(سَوَّى مَساحِيهِنَّ} تَقِطِيطَ الحُقَقْ ... تَفْلِيلُ مَا قارَعْنَ من سُمْرِ الطُّرَقْ) أَراد بالمَسَاحِي حَوَافِرَهُنَّ، ونَصَبَ {تَقْطِيطَ الحُقَق على المَصْدَرِ المُشَبَّة بِهِ، لأَنَّ مَعْنَى سَوَّى} وقَطَّطَ واحِدٌ، وتَفْلِيلُ فاعلُ سَوَّى، أَي سَوَّى مَساحِيَهُنَّ تَكْسِيرُ مَا قارَعتْ من سُمْرِ الطُّرَق، والطُّرَقُ: جمع طُرْقَةٍ وَهِي حِجَارةٌ بعْضُها فوقَ بَعْض. {والمَقَطُّ: مُنْقَطَع شَرَاسِيفِ الفَرَسِ، كَمَا فِي المُحْكَمِ، وَفِي التَّهْذِيب: مَقَطُّ الفَرَسِ: مُنْقَطَع أَضْلاعِه، قالَ النّابِغَةُ الجَعْدِيّ:)
(كَأَنَّ} مَقَطَّ شَرَسِيفِه ... إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالمَنْقَبِ)

(لُطِمْنَ بتَرْسٍ شَدِيدِ الصِّفَا ... قِ من خَشَبِ الجَوْزِ لم يُثْقَبِ)
وَقَالَ النَّضْر: فِي بَطْن الفَرَسِ {مَقَاطُّه، وَهِي طَرَفُه فِي القَصِّ، وطَرَفُه فِي العانَة. وَقَالَ أَبو زَيْدٍ:} تَقَطْقَطَتِ الدَّلْوُ فِي البِئْرِ، أَي انْحَدَرَتْ، قَالَ ذُو الرُّمَّةِ يصفُ سُفْرَةً دَلاَّها فِي البِئْرِ:
(بمَعْقُودَةٍ فِي نِسْعِ رَحْلٍ تَقَطْقَطَتْ ... إِلى المَاءِ حَتَّى انْقدَّ عَنْهَا طحَالِبُهْ)
(و) {تَقَطْقَطَ فُلانٌ: قارَبَ الخَطْوَ، وَقيل: أَسْرَع، عَن ابْنِ عَبّادٍ. (و) } تَقَطْقَطَ فِي البِلادِ: ذَهَبَ فِيهَا، عَن ابْنِ عَبّادٍ. {والمُقَطْقَطُ الرَّأْسِ، بفتحِ القافَيْنِ: المُصَعْنَبُهُ، هَكَذَا هُوَ فِي العُبَابِ، وَهُوَ الصَّوابُ، وَوَقع فِي كِتابِ الْمُحِيط: المُصَنِّعُه، بكسرِ النُّونِ المُشدَّدَةِ مِن غيرِ مُوَحَّدَةٍ، وَهُوَ خَطأٌ.
وممّا يُسْتَدْرُك عَلَيْهِ:} انْقَطَّ الشَّيْءُ، {واقْتَطَّ: مُطاوِعَا} قَطَّهُ {قَطّاً. وامْرَأَةٌ} قَطَّةٌ {وقَطَطٌ، بِغَيْر هاءٍ: جَعْدَةُ الشَعرِ. وَقَالَ الفَرّاءُ:} الأَقَطُّ: الَّذِي انْسَحَقَت أَسْنانُه حَتَّى ظَهَرَتْ دَرَادِرُهَا. وقالَ ابنُ الأَعْرَابِيِّ: {الأَقَطُّ: الَّذِي سَقَطَتْ أَسْنانُه. وَفِي المُحْكَمِ: رَجُلٌ أَقَطُّ، وامرأَةٌ} قَطّاءُ، إِذا أَكَلا على أَسْنانِهما حَتّى تَنْسَحِقَ، حَكَاهُ ثَعْلَبٌ. ويقالُ: هاتِ قَطَّةً من بِطِّيخٍ، أَو غَيْرِه، وَهِي الشَّقِيقَةُ مِنْهُ، كَمَا فِي الأَسَاسِ. وقَطَّ البَيْطارُ حافِرَ الدّابّةِ: نَحَتَه وسَوّاه، وخيلٌ {قُطَّتْ حَوافِرُها، وحافِرُ فَرَسِه غيرُ مَقُطُوطٍ. وخُذْ} قِطّاً من العامِل، أَي حَظّاً من الهِبَاتِ. كَمَا فِي الأَساس.
وَقَالَ ابنُ دُرَيْدٍ: {القُطْقُوط: الصَّغِيرُ الجِسْمِ، قَالَ: وَلَيْسَ بثَبتٍ.
وَهُوَ} قَطَطٌ، مَحَرَّكَةً: بليغُ الشُّحِّ، وَهُوَ مَجازٌ نَقَلَه الزَّمَخْشَرِيُّ. {والقَطْقاطُ: جماعةُ القَطَا: عامِّيَّةٌ.
} وقُطَيْط، كزُبير: عَلَمٌ. وقَوْلُهُم: {فَقَط، قَالَ السَّعْدُ فِي المُطَوَّلِ:} قَط: اسمُ فِعْلٍ بمَعْنَى انْتَهِ، ويُصدَّرُ كثيرا بالفاءِ تَزْيِينا لِلَّفْظِ، كأَنَّهُ جَزَاءٌ شَرْطٍ مَحْذُوفٍ، أَي إِذا كانَ كذلِكَ فانْتَهِ عَن الآخَر.
قطط: {قطنا}: كتابنا بالجوائز.
[قطط] نه: فيه: إن جاءت به جعدا «قططًا»، هو شديد الجعودة، وقيل: الحسن الجعودة، والأول أكثر. ن: أي شديد التقبض كشعر السودان، وهو بفتحتين على المشهور، وروي بكسر الطاء الأولى. نه: وفيه ح: كان إذا علا قد وإذا توسط «قط» أيه عرضًا نصفين. وح: لا يريان ببيع «القطوط» بأسًا إذا خرجت، هي جمع قط وهو الكتاب والصك يكتب للإنسان فيه شيء يصل إليه، والقط: النصيب، وأراد الأرزاق والجوائز يكتبها الأمراء للناس إلى البلاد والعمال، وبيعها عند الفقهاء لا يجوز ما لم يقبضه. ك: «عجل لنا «قطنا»» أي صحيفتنا. غ: القط: القطع، وبالكسر: النصيب.

إِذا

(إِذا)
كلمة مَبْنِيَّة على السّكُون تَأتي لمعنيين

(1) فَتكون حرفا للمفاجأة مثل خرجت فَإِذا الْمَطَر أَو فَإِذا الْبرد شَدِيد أَي خرجت ففاجأني الْمَطَر أَو شدَّة الْبرد وَلَا تَجِيء فِي أول الْكَلَام وتختص بِالدُّخُولِ على الْجُمْلَة الاسمية ويحذف خبر الْمُبْتَدَأ مَعهَا كثيرا
وَيذْهب بعض اللغويين إِلَى أَنَّهَا اسْم لَا حرف وَهِي ظرف زمَان أَو ظرف مَكَان للجملة الَّتِي بعْدهَا أَو خبر مقدم للمبتدأ إِذا حذف خَبره

(2) وَتَكون أَدَاة للشّرط وَالْجَزَاء فِي الْمُسْتَقْبل فتختص بِالدُّخُولِ على الْجمل الفعلية وَيكون فعلا الشَّرْط وَالْجَوَاب بعْدهَا مرفوعين مثل

(وَإِذا ترد إِلَى قَلِيل تقنع )
وَقد يجْزم بهَا الْفِعْل نَادرا فِي الشّعْر مثل قَوْله

(وَإِذا تصبك خصَاصَة فتجمل )
وتعرب ظرف زمَان فِي مَحل نصب بِجَوَاب الشَّرْط وَهِي مُضَافَة إِلَى جملَة الشَّرْط وَتدْخل أَحْيَانًا على الْأَسْمَاء المرفوعة فِي مثل {إِذا السَّمَاء انشقت} فَيكون الْمَرْفُوع بعْدهَا فَاعِلا لفعل مَحْذُوف بفسره الْفِعْل الَّذِي بعده وَيجوز الْأَخْفَش أَن يكون الِاسْم الْمَرْفُوع بعْدهَا مُبْتَدأ وَمَا بعده خبر
إِذا
: ( {إِذا) ؛ بالكسْر، وإنَّما أَطْلَقه للشُّهْرةِ؛ (تكونُ للمُفاجَأَةِ فتَخْتَصُّ بالجُمَلِ الاسْميَّةِ وَلَا تَحْتاجُ لجوابٍ وَلَا تَقَعُ فِي الابْتِدا ومَعْناها الحالُ: كخَرَجْتُ} فَإِذا الأسَدُ بالبابِ) ، وَكَقَوْلِه تَعَالَى{! فَإِذا هِيَ حَيَّةٌ تَسْعَى} .
(قَالَ الجَوْهرِي: وتكونُ للشيءِ تُوافِقه فِي حالٍ أَنْتَ فِيهَا وَذَلِكَ نَحْو قَوْلك: خَرَجْتُ فَإِذا زَيْدٌ فِي الوَقْتِ بقِيامٍ.
(وقالَ (الأخْفَشُ) : إِذا (حَرْفٌ) .
وَقَالَ (المُبَرّدُ: ظَرْفُ مكانٍ) .
قَالَ ابنُ برِّي قَالَ ابنُ جنِّي: فِي إعْرابِ أَبْياتِ الحماسَةِ فِي بابِ الأدَبِ فِي قَوْله:
فبَيْنا نَسُوسُ الناسَ والأَمْرُ أَمْرُنا
إِذا نَحنُ فيهمْ سُوقةٌ نَتَنَصَّفُقالَ: إِذا فِي البيتِ هِيَ المَكانِيَّةُ الَّتِي للمُفاجَأَةِ.
وَقَالَ (الزَّجَّاجُ: ظَرْفُ زمانٍ يدلُّ على زَمانٍ مُسْتَقْبَل) .
وَقَالَ الجَوْهرِي: إِذا اسْمٌ يدلُّ على. زَمانٍ مُسْتَقْبَل، وَلم تُسْتَعْمل إلاَّ مُضافَة إِلَى جُمْلةٍ تَقول: أَجِيئُك إِذا احْمَرَّ البُسْرُ،! وَإِذا قَدِمَ فلانٌ؛ وَالَّذِي يدلُّ على أنَّها اسْمٌ وُقوعُها مَوْقِع قَوْلك: آتِيكَ يَوْمَ يَقْدَمُ فلانٌ، وَهِي ظرفٌ، وفيهَا مُجازاةٌ لأنَّ جَزاءَ الشَّرْطِ ثلاثَةُ أَشْياء: أَحَدُها الفِعْل كَقَوْلِك: إنْ تَأْتِني آتِكَ، وَالثَّانِي الْفَاء كَقَوْلِك: إنْ تأْتِني فَأَنا مُحْسِنٌ إِلَيْك؛ والثالثُ إِذا كَقَوْلِه تَعَالَى: {وإنْ تُصِبْهم سَيِّئَةٌ بِمَا قدَّمَتْ أَيْدِيهم إِذا هُمْ يَقْنَطُون} ، انتَهَى.
وَقَالَ اللّيْث: إِذا جوابُ تأْكيد للشَّرْط يُنَوَّن فِي الاتِّصالِ ويُسكَّن فِي الوَقْف.
وَفِي شرْحِ الفنجديهي على المَقاماتِ عَن شيْخِه ابنِ برِّي مَا نَصّه: والفَرْقُ بينَ إِذا الــزَّمانــيَّةِ والمَكانِيَّة مِن أَوْجُهٍ:
أَحَدُها: أنَّ الــزَّمانــيَّة تَقْتَضِي الجُملَةَ الفِعْليَّة لمَا فِيهَا مِن مَعْنى الشَّرْطِ، والمَكانِيَّة تَقَعُ بَعْدَها الجملةُ الابْتِدائيَّةُ أَو المُبَتدأُ وَحْدُه.
والثَّانية: أنَّ الــزَّمانــيَة مُضافَةٌ إِلَى الجُملةِ الَّتِي بعْدَها والمَكانِيَّةٌ ليسَتْ كَذلكَ بدَليلِ خَرَجْتُ فَإِذا زَيْدٌ، فزيدٌ مُبْتدأٌ وَإِذا خَبَرُه.
والثَّالثة: أنَّ الــزَّمانــيةَ تكونُ فِي صدْرِ الكَلامِ نَحْو إِذا جاءَ زَيْد فأَكْرِمْه، والمَكانيةَ لَا يُبْتَدأ بهَا إلاَّ أَن تكونَ جَوَابا للشَّرْطِ كالفاء فِي قَوْله: {وإنْ تُصِبْهم سَيِّئة بِمَا قدَّمَتْ أَيْدِيهم إِذا هُمْ يَقْنَطون} .
والرَّابعةُ: أنَّ الــزَّمانــيةُ تَقْتضِي مَعْنى الحُضورِ لأنَّها للمُفاجَأَةِ، والمُفاجَأَةُ للحاضِر دُونَ المُسْتَقْبل، انتَهَى.
(وتَجِيءُ) إِذا (للماضِي) وَإِن كانَ أَصْلُ وَضْعِها لمَا يُسْتَقْبَل كَقَوْلِه تَعَالَى: {وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَو لَهْواً انْفَضُّوا إِلَيْهَا} قَالَ ابنُ الأنْباري: وإنَّما جازَ للماضِي أَن يكونَ بمعْنَى المُسْتَقْبل إِذا وَقَعَ الماضِي صِلَة لمُبْهم غَيْر مُوَقَّت، فجَرَى مَجْرى قَوْله تَعَالَى: {إِن الَّذين كَفَروا ويَصُدُّون عَن سَبِيلِ اللهِ} ، مَعْناه إنَّ الَّذين يَكْفُرون ويَصُدّون؛ قالَ: ويقالُ: لَا تَضْرِب إِلَّا الَّذِي ضَرَبَك إِذا سَلّمْتَ عَلَيْهِ، فتَجِيءُ بإذا لأنَّ الَّذِي غَيْر مُوَقّت، فلَوْ وَقَّته فَقَالَ، اضْرِبْ هَذَا الَّذِي ضَرَبَك إذْ سلَّمْتَ عَلَيْهِ، لم يجز إِذا فِي هَذَا اللفْظِ لأنَّ توقيتَ الَّذِي أَبْطَل أَنْ يكونَ الماضِي فِي مَعْنى المْسْتَقْبل، انتَهَى.
(و) تَجِيءُ إِذا (للحالِ، وَذَلِكَ بعْدَ القَسَمِ) ؛ نَحْو قَوْله تَعَالَى: {واللَّيْل إِذا يَغْشَى} ، وَكَقَوْلِه تَعَالَى: {والنَّجْمِ إِذا هَوَى} ؛ وناصِبُها (شَرْطُها أَو مَا فِي جَوابِها مِن فِعْلٍ أَو شِبْهِهِ.
(و) أَمَّا ( {إذْ) فإنّه (لمَا مَضَى من الــزّمانِ) ؛ وَقد ذُكِرَ فِي حرْفِ الذالِ مُفَصَّلاً.
(وَقد تكونُ) إِذا (للمُفاجَأَةِ) وَلَا يَلِيها إلاَّ الفِعْلُ الواجِبُ (وَهِي الَّتِي تكونُ بعْدَ بَيْنا وبَيْنما) تقولُ: بَيْنما أَنا كَذَا إذْ جاءَ زَيْدٌ؛ وأَنْشَدَ ابنُ جنِّي للأفْوه الأوْدي:
بَيْنما الناسُ على عَلْيائِها إذْ
هَوَوْا فِي هُوَّةٍ فِيهَا فَغَارُواقال: إِذا هُنَا غَيْرُ مُضافَةٍ إِلَى مَا بعْدَها} كإذا الَّتِي للمُفاجَأَةِ، والعامِل فِي إذْ هَوَوْا. وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
قد تَجِيءُ إذْ للمُسْتَقْبَل، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {وَلَو تَرَى إذْ فَزِعُوا} ، مَعْنَاهُ ولَوْ تَرى إذْ يَفْزعُونَ يَوْم القِيامَةِ. قَالَ الفرَّاءُ: وإنَّما جازَ ذلكَ لأنَّه كالواجِبِ إذْ كانَ لَا يُشَكُّ فِي مَجيئِه، وَالْوَجْه فِيهِ إِذا.
وأَمَّا إِذا المَوْصولَةُ بالأوْقاتَ فإنَّ العَرَبَ تَصِلَها فِي الكتابَةِ بهَا فِي أَوْقاتٍ مَعْدودَةٍ فِي حينَئِذٍ ويَومَئِذٍ ولَيْلتَئِذٍ وغَداتَئِذٍ وعَشيَّتَئِذٍ وساعَتَئِذٍ وعامَئِذٍ، وَلم يَقُولُوا: الآنَئِذٍ لأنَّ الآنَ أَقْرَب مَا يكون فِي الحالِ، فلمَّا لم يتحوَّل هَذَا الاسْمُ عَن وقْتِ الحالِ وَلم يتباعَدْ عَن ساعَتِك الَّتِي أنْتَ فِيهَا لم يتَمَكَّن ولذلكَ نُصِبَت فِي كلِّ وجْهٍ.
{وإذْ يَقَعُ مَوْقِعَ إِذا، وَإِذا يَقَعُ موقِعَ إِذْ، كَقَوْلِه تَعَالَى: {ولَو تَرى إِذْ الظَّالِمُون فِي غَمَراتِ المَوْتِ} ، مَعناهُ إِذا، لأنَّ هَذَا الأمْرَ مُنْتَظَرٌ لم يَقَع؛ وَقَالَ أَوْسٌ فِي إِذا بمعْنَى إذْ:
الحافِظُو الناسِ فِي تَحُوطَ إِذا
لم يُرْسِلُوا تَحْتَ عائِذٍ رُبَعاأَي إذْ لم يُرْسِلوا. وَقَالَ آخرُ:
ثمَّ جَزاهُ اللهاُ عنَّا إذْ جَزَى
جَنَّاتِ عَدْنٍ والعلالي العُلاأَرادَ: إِذا جَزَى.
قَالَ الجَوْهري: وَفد تُزادَانِ جَمِيعاً فِي الكلامِ كَقَوْلِه تَعَالَى: {} وإذْ واعدنا مُوسَى} ، أَي وعدنا، وَقَالَ عبدُ منَاف الهَذَلي:
حَتَّى إِذا أَسْلَكُوهم فِي قُتَائِدةٍ
شلاًّ كَمَا تَطْرُدُ الجمَّالةُ الشُّرُداأَي حَتَّى أَسْلَكُوهم فِي قُتائِدةٍ لأنَّه آخِرَ القَصِيدَةِ، أَو يكونُ قد كَفَّ عَن خَبَرِه لعِلْم السَّامع.
قَالَ ابنُ برِّي: جوابُ إِذا مَحْذوف وَهُوَ الناصِبُ لقَوْله: شَلاًّ، تَقْديرُه شَلُّوهم شَلاًّ.
{وَإِذا مُنوَّنة: جوابٌ وجَزاءٌ وعَمَلُها النَّصْب فِي مُسْتَقْبل غَيرْ مُعْتمد على مَا قَبْلها كَقَوْلِك لمَنْ تَقول: أَنا أُكْرِمُك} إِذا أَجِيئك، وإنَّما تَعْملُ إِذا بشَرْطَين: أَحَدُهما: أَنْ يكونَ الفِعْلُ مُسْتقبلاً لكَوْنهِ جَوَابا وجَزاءً. والجَزاءُ لَا يمكنُ إلاَّ فِي الاسْتِقْبالِ؛ وَثَانِيهمَا: أَنْ لَا يَعْتمدَ مَا بعْدَها على مَا قَبْلها ويُبْطِل عَمَلُها إِذا كانَ الفِعْلُ المَذْكور بعْدَها حَالا لفقْدِ أَحَد الشَّرْطَيْن المَذْكُورَيْن كقولكِ لِمَنْ حَدَّثك: إِذا أَظنّك كَاذِبًا. وَكَذَا إِذا كانَ الفِعْلُ بعْدَها مُعْتمداً على مَا قَبْلها لفقْدِ الشّرْطِ الثَّانِي كَقَوْلِك لمَنْ قَالَ أَنا آتِيك: أَنا إِذا أَكْرِمك، وتُلْغِيها أَيْضاً إِذا فُقِدَ الشَّرْطانِ جَميعاً كَقَوْلِك لمَنْ حَدَّثك: أَنا إِذا أَظنّك كَاذِبًا.

الْيَوْم

(الْيَوْم) يُقَال يَوْم يَوْم طَوِيل شَدِيد

(الْيَوْم) زمن مِقْدَاره من طُلُوع الشَّمْس إِلَى غُرُوبهَا
والزمن الْحَاضِر وَمِنْه فِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} و (فِي الْفلك) مِقْدَار دوران الأَرْض حول محورها ومدته أَربع وَعِشْرُونَ سَاعَة (ج) أَيَّام وَيَوْم ذُو أَيَّام وَذُو أياويم وَذُو أياوم أَي شَدِيد وَأَيَّام الْعَرَب وقائعهم وَأَيَّام الله نقمه فِي الْأُمَم الْمَاضِيَة ونعمه أَيْضا وَبِهِمَا فسر قَوْله عز وَجل {وَذكرهمْ بأيام الله إِن فِي ذَلِك لآيَات لكل صبار شكور}
الْيَوْم: حَقِيقَة فِي النَّهَار فَإِذا اقْترن مَعَ فعل ممتد يُرَاد بِهِ النَّهَار لَا غير لصِحَّة حمله على الْحَقِيقَة حِينَئِذٍ. وَإِذا اقْترن مَعَ فعل غير ممتد فيراد بِهِ الْوَقْت الْمُطلق مجَازًا. وَهَذَا تَفْصِيل مَا قَالُوا إِنَّه حَقِيقَة فِي النَّهَار ومجاز فِي الْوَقْت الْمُطلق سَوَاء كَانَ جُزْء اللَّيْل أَو النَّهَار. وَكَلَام الْمُحِيط مشْعر باشتراكه بَين النَّهَار وَمُطلق الْوَقْت إِلَّا أَن الْمُتَعَارف اسْتِعْمَاله فِي النَّهَار إِذا اقْترن مَعَ فعل ممتد. - وَإِذا اقْترن بِفعل غير ممتد يُرَاد بِهِ الْوَقْت مُطلقًا سَوَاء كَانَ جُزْء اللَّيْل أَو النَّهَار لِأَن ظرف الــزَّمَان إِذا تعلق بِالْفِعْلِ بِلَا كلمة فِي يكون معيارا لَهُ كَقَوْلِك صمت السّنة بِخِلَاف قَوْلنَا صمت فِي السّنة. فَإِذا كَانَ الْفِعْل ممتدا كالأمر بِالْيَدِ كَانَ المعيار ممتدا فيراد بِالْيَوْمِ النَّهَار. وَإِن كَانَ الْفِعْل غير ممتد كوقوع الطَّلَاق كَانَ المعيار غير ممتد فيراد بِالْيَوْمِ الْوَقْت مُطلقًا.
ثمَّ اعْلَم أَن الامتداد وَعَدَمه إِنَّمَا يعْتَبر أَن فِي عَامل الْيَوْم لَا فِي مَا أضيف إِلَيْهِ عِنْد الْمُحَقِّقين وَبَعض الْمَشَايِخ اعتبروهما فِي الْمُضَاف إِلَيْهِ. وَفِي شرح الْوِقَايَة فَإِن كَانَ كل وَاحِد مِنْهُمَا غير ممتد كَقَوْلِك أَنْت طَالِق يَوْم يقدم زيد يُرَاد بِالْيَوْمِ مُطلق الْوَقْت وَإِن كَانَ كل مِنْهُمَا أَي عَامله وَمَا أضيف إِلَيْهِ ممتدا نَحْو أَمرك بِيَدِك يَوْم أسكن هَذِه الدَّار يُرَاد بِالْيَوْمِ النَّهَار وَإِن كَانَ الْفِعْل الَّذِي تعلق بِهِ الْيَوْم أَي عَامله غير ممتد وَالْفِعْل الَّذِي أضيف إِلَيْهِ الْيَوْم ممتدا نَحْو أَنْت طَالِق يَوْم أسكن هَذِه الدَّار أَو بِالْعَكْسِ نَحْو أَمرك بِيَدِك يَوْم يقدم زيد يَنْبَغِي أَن يُرَاد بِالْيَوْمِ النَّهَار تَرْجِيحا لجَانب الْحَقِيقَة. وَفِي التَّحْقِيق شرح الحسامي. وَاعْلَم أَن لفظ الْيَوْم يُطلق على بَيَاض النَّهَار بطرِيق الْحَقِيقَة اتِّفَاقًا وعَلى مُطلق الْوَقْت بطرِيق الْحَقِيقَة عِنْد الْبَعْض فَيصير مُشْتَركا وبطريق الْمجَاز عِنْد الْأَكْثَر وَهُوَ الصَّحِيح لِأَن حمل الْكَلَام على الْمجَاز أولى من حمله على الِاشْتِرَاك عِنْد التَّعَارُض بَين كَونه حَقِيقَة وَكَونه مجَازًا لِأَن الْمجَاز فِي الْكَلَام أَكثر فَيحمل على الْأَغْلَب وَلِأَن الْحمل على الْمجَاز لَا يفْتَقر إِلَى إِثْبَات الْوَضع بِخِلَاف الْحمل على الْحَقِيقَة فَإِنَّهُ مفتقر إِلَيْهِ والغني أولى من الْفَقِير وَلِأَنَّهُ لَا يُؤَدِّي إِلَى إِيهَام المُرَاد لِأَن اللَّفْظ إِن خلا عَن قرينَة الْمجَاز فالحقيقة متعينة وَإِن لم يخل عَنْهَا فَالَّذِي تدل عَلَيْهِ الْقَرِينَة وَهُوَ الْمجَاز مُتَعَيّن بِخِلَاف الِاشْتِرَاك فَإِنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْإِخْلَال فِي الْكَلَام لعدم إفهام المرام ثمَّ لَا شكّ أَن الْيَوْم ظرف على كلا التَّقْدِيرَيْنِ عِنْد الْفَرِيقَيْنِ فيترجح أحد محتمليه لمظروفه. فَإِن كَانَ مظروفه مِمَّا يَمْتَد وَهُوَ مَا يَصح فِيهِ ضرب الْمدَّة أَي يَصح تَقْدِيره بِمدَّة كاللبس وَالرُّكُوب والمساكنة وَنَحْوهَا فَإِنَّهُ يَصح أَن يقدر بِــزَمَان يُقَال لبست هَذَا الثَّوْب يَوْمًا وَركبت هَذِه الدَّابَّة يَوْمًا وسكنت فِي الدَّار وَاحِدَة شهرا يحمل على بَيَاض النَّهَار لِأَنَّهُ يصلح مِقْدَارًا فَكَانَ الْحمل عَلَيْهِ أولى وَإِن كَانَ مظروفه مِمَّا لَا يَمْتَد كالخروج وَالدُّخُول والقدوم فَإِنَّهَا لكَونهَا آنِية لَا يَصح تقديرها بِــزَمَان يحمل على مُطلق الْوَقْت اعْتِبَارا للتناسب انْتهى. وكل من الْفِعْل الممتد وَغير الممتد والمعيار فِي مَحَله وَالْيَوْم الَّذِي وَصفه الله تَعَالَى بنحس مُسْتَمر أَي مُسْتَمر شؤمه هُوَ يَوْم الْأَرْبَعَاء آخر الشَّهْر.
وَاعْلَم أَن اللَّيْل وَالْيَوْم يكونَانِ متساويين بِأَدْنَى تفَاوت بِاعْتِبَار اللمحات إِذا كَانَت الشَّمْس فِي الْحمل مثلا ثمَّ يتفاوتان فَإِن أردْت أَن تعلم الْمُسَاوَاة والتفاوت بَينهمَا فَاعْلَم أَولا أَن اللَّيْل وَالْيَوْم كِلَاهُمَا يكونَانِ سِتِّينَ طاسا وَهِي أَرْبَعَة وَعِشْرُونَ سَاعَة والساعة عبارَة عَن طاسين وَنصف طاس والطاس بِالْفَارِسِيَّةِ (كهري) وَهُوَ يكون سِتِّينَ لمحة وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ يانيئول وبالهندية بل بِالْبَاء الفارسية الْمَفْتُوحَة فَإِذا كَانَ الْيَوْم ثَلَاثِينَ طاسا يكون اللَّيْل أَيْضا ثَلَاثِينَ طاسا وَإِذا كَانَ الْيَوْم أقل من ثَلَاثِينَ طاسا أَو أَكثر يكون اللَّيْل مَا بَقِي من سِتِّينَ طاسا وَإِن أردْت معرفَة زِيَادَة مِقْدَار اللَّيْل وَالنَّهَار فِي الْفُصُول الْأَرْبَعَة فَارْجِع إِلَى الْفَصْل وَإِن أردْت أَن تعلم الْمُسَاوَاة والتفاوت بَين الْأَيَّام والليالي بسهولة فَانْظُر إِلَى الجداول الثَّلَاثَة فَإِنَّهَا لم تتْرك شَيْئا وأسامي البروج اثْنَي عشر بالعربي (حمل) (ثَوْر) (جوزاء) (سرطان) (أَسد) (سنبله) (ميزَان) (عقرب) (قَوس) (جدي) (دلو) (حوت) .
وأسامي الشُّهُور بالفارسي (فروردي) (اردي بهشت) (خورداد) (تير) (امرداد) (شهر يور) (مهر) (آبان) (آذر) (دي) (بهمن) (اسفندار) . وبالهندي ويساك - جيته - اسار - سارون - بهادون - آسين - كاتك - اكهن. بوس - ماهو - بهاكن - جيت - وَتلك الجداول هَذِه.
اعلموا أَن الْمسَائِل والدلائل والتحقيقات والتدقيقات والسؤالات والجوابات غير متناهية فَمن ادّعى الإحاطاة فقد خسر خسرانا مُبينًا - وَمن تكلّف جمعهَا بالتحرير فقد جعل نَفسه بالمحال رهينا - وَالْمُحِيط بهَا من هُوَ بِكُل شَيْء مُحِيط - والعليم بهَا من هُوَ بِكُل شَيْء عليم - فتبت واستغفرت من الدَّعَاوَى إِلَى الله الْغفار التواب - وختمت بِحسن توفيقه هَذَا الْكتاب - يَوْم الْجُمُعَة رَابِع عشر من الْمحرم الْحَرَام المنتظم فِي سلك شهور ألف وَمِائَة وَثَلَاث وَسبعين من الْهِجْرَة المقدسة فِي الْبَلدة الطّيبَة أَحْمد نكر من مضافات أَو رنكك آباد خجسته بنياد عمرهما الله تَعَالَى إِلَى يَوْم التناد - اللَّهُمَّ اغْفِر لي خطيئتي وجهلي وإسرافي فِي أَمْرِي وَأَنت أعلم بِهِ مني اللَّهُمَّ اغْفِر لي جدي وهزلي وخطائي وعمدي وكل ذَلِك عِنْدِي {رَبنَا لَا تُؤَاخِذنَا إِن نَسِينَا أَو أَخْطَأنَا} . {رَبنَا لَا تزع قُلُوبنَا بعد إِذْ هديتنا وهب لنا من لَدُنْك رَحْمَة إِنَّك أَنْت الْوَهَّاب} - رَبنَا تب علينا إِنَّك أَنْت التواب الرَّحِيم - الْحَمد لله رب الْعَالمين وَالصَّلَاة وَالسَّلَام على سيد الْمُرْسلين وَآله الطيبين وَأَصْحَابه الطاهرين وَالتَّابِعِينَ وَتبع التَّابِعين أَجْمَعِينَ.
تمّ الْجُزْء الثَّالِث من دستور الْعلمَاء
ويليه الْجُزْء الرَّابِع والأخير
وَهُوَ " ضميمة دستور الْعلمَاء "
وَالْحَمْد لله رب الْعَالمين
وَصلى الله على سيدنَا مُحَمَّد وَآله وَأَصْحَابه أَجْمَعِينَ (بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم)
(] حرف الْألف [)

علم البنكامات

علم البنكامات
يعني: الصور والأشكال الموضوعة لمعرفة الساعات المستوية والــزمانــية فإذا هو علم يعرف به كيفية اتخاذ آلات يقدر بها الــزمان.
وموضوعه: حركات مخصوصة في أجسام مخصوصة تنقضي بقطع مسافات مخصوصة.
وغايته: معرفة أوقات الصلوات وغيرها من غير ملاحظة حركات الكواكب وكذلك معرفة الأوقات المفروضة للقيام في الليل إما: للتهجد أو: للنظر في تدابير الدول والتأمل في الكتب والصكوك والخرائط المنضبط بها أحوال المملكة والرعايا ولا يخفى أن هذين الأمرين فرض كفاية - وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب - واستمداده من قسمي الحكمة الرياضي والطبيعي ومع ذلك يحتاج إلى إدراك كثير وقوة تصرف ومهارة في كثير من الصنائع وهذا العلم عظيم النفع في الدين فانقسمت البنكامات إلى: الرملية وليس فيها كثير طائل وإلى: بنكامات الماء وهي: أصناف ولا طائل فيها أيضا وإلى: بنكامات دورية معمولة بالدواليب يدير بعضها بعضا.
قال في: كشف الظنون: وهذا العلم من زياداتي على: مفتاح السعادة فإن ما ذكر صاحبه من أنه: علم بآلات الساعات ليس كما ينبغي فتأمل ومن الكتب المصنفة فيه: الكواكب الدرية و: الطرق السنية في الآلات الروحانية في بنكامات الماء وكلاهما للعلامة تقي الدين الراصد وكتاب: بديع الــزمان في الآلات الروحانية. انتهى.
وفي: مدينة العلوم كتاب أرشميدس هو العمدة في هذا الفن وللمتأخرين فيه تصانيف مفيدة حسنة جدا.
علم البنكامات
يعني: الصورة والأشكال المصنوعة، لمعرفة الساعات المستوية والــزمانــية، فإذا هو علم: يعرف به كيفية اتخاذ آلات، يقدر بها الــزمان.
وموضوعه: حركات مخصوصة، في أجسام مخصوصة، تنقضي بقطع مسافات مخصوصة.
وغايته: معرفة أوقات الصلوات، وغيرها، من غير ملاحظة حركات الكواكب، وكذلك معرفة الأوقات المفروضة، للقيام في الليل، إما للتهجد، أو للنظر في تدابير الدول، والتأمل في الكتب، والصكوك، والخرائط، المنضبط بها أحوال المملكة، والرعايا، ولا يخفى أن هذين الأمرين: فرضا كفاية، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
واستمداده: من قسمي: الحكمة الرياضي، والطبيعي، ومع ذلك يحتاج إلى إدراك كثير، وقوة تصرف، ومهارة في كثير من الصنائع.
وانقسمت البنكامات: إلى الرملية، وليس فيها كثير طائل، وإلى بنكامات الماء، وهي: أصناف، ولا طائل فيها أيضا، وإلى بنكامات دورية، معمولة بالدواليب، يدير بعضها بعضا.
وهذا العلم: من زياداتي على (مفتاح السعادة)، فإن ذكره صاحبه من أنه: علم آلات الساعة، ليس كما ينبغي، فتأمل.
ومن الكتب المصنفة فيه:
(الكواكب الدرية، والطرق السنية، في الآلات الروحانية).
في بنكامات الماء.
كلاهما: للعلامة، تقي الدين الراصد.
وكتاب (بديع الــزمان في الآلات الروحانية).

العلّة

العلّة:
[في الانكليزية] cause ،sickness
[ في الفرنسية] cause ،maladie
بالكسر وتشديد اللام لغة اسم لعارض يتغيّر به وصف المحلّ بحلوله لا عن اختيار، ولهذا سمّي المرض علّة. وقيل هي مستعملة فيما يؤثّر في أمر سواء كان المؤثّر صفة أو ذاتا. وفي اصطلاح العلماء تطلق على معان منها ما يسمّى علّة حقيقية وشرعية ووصفا وعلّة اسما ومعنى وحكما، وهي الخارجة عن الشيء المؤثّرة فيه. والمراد بتأثيرها في الشيء اعتبار الشارع إيّاها بحسب نوعها أو جنسها القريب في الشيء الآخر لا الإيجاد كما في العلل العقلية.

ولهذا قالوا: العلل الشّرعية كلّها معرّفات وأمارات لأنّها ليست في الحقيقة مؤثّرة بل المؤثّر هو الله تعالى. فبقولهم الخارجة خرج الركن. وبقولهم المؤثّرة خرج السّبب والشرط والعلامة إذ المتبادر بالتأثير ما هو الكامل منه وهو التأثير ابتداء بلا واسطة. ولهذا قيل العلّة في الشرع عبارة عما يضاف إليه وجوب الحكم ابتداء. فالمراد بالإضافة الإضافة من كلّ وجه، بأن كان موضوعا لذلك الحكم بأن أضيف الحكم إليه ومؤثّرا فيه، أي في ذلك الحكم، ويتصل الحكم به، واحترز به عن العلامة والسّبب الحقيقي. وبقيد وجوب الحكم احترز عن الشّرط. والقيد الأخير احتراز عن السّبب في معنى العلّة وعلّة العلّة. وبالجملة المعتبر في العلّة الحقيقية أمور ثلاثة إضافة الحكم إليها وتأثيرها فيه وحصول الحكم معها في الــزمان؛ وهي قسمان: العلّة الموضوعة كالبيع المطلق للملك والنكاح لملك المتعة وتسمّى بالمنصوصة أيضا، والعلة المستنبطة بالاجتهاد. وأيضا هي إمّا متعدّية وهي التي تتعدّى الأصل فتوجد في غيره وتسمّى مؤثّرة أيضا لأنّها وصف ظهر أثرها في جنس الحكم المعلّل به كالطواف علّة لسقوط نجاسة سور سواكن البيوت، وإمّا قاصرة وهي بخلافها أي التي لا تتعدّى الأصل. ومنها ما يسمّى بالعلّة اسما وهي ما يضاف الحكم إليه ولا يكون مؤثّرا فيه ويتراخى الحكم عنه بأنّ لا يترتّب عليه. ومعنى إضافة الحكم إلى العلّة ما يفهم من قولنا قتل بالرمي وعتق بالشّرى وهلك بالجرح. والمراد بالإضافة الإضافة بلا واسطة لأنّها المفهومة عند الإطلاق. وما قيل العلّة اسما ما تكون موضوعة في الشرع لأجل الحكم أو مشروعة إنّما يصحّ في العلل الشرعية لا في مثل الرمي والجرح. مثاله المعلّق بالشّرط فإنّ وقوع الطلاق بعد دخول الدار مثلا ثابت بالتطليق السابق ومضاف إليه فيكون علّة اسما، لكنه ليس بمؤثّر في وقوع الطلاق قبل دخول الدار، بل الحكم متراخ عنه. ومنها ما يسمّى بالعلّة معنى وهو ما يكون مؤثّرا في الحكم بلا إضافة الحكم إليه، ولا ترتّب له عليه كالجزء الأول من العلّة المركّبة من الجزءين، وكذا أحد الجزءين الغير المترتّبين كالقدر والجنس لحرمة النّساء فإنّ مثل ذلك الجزء مؤثّر في الحكم ولا يضاف إليه الحكم، بل إلى المجموع، ولا يترتّب عليه أيضا. وهي عند الإمام السرخسي سبب محض لأنّ أحد الجزءين طريق يفضي إلى المقصود ولا تأثير له ما لم ينضمّ إليه الجزء الأخير. وذهب فخر الإسلام إلى أنها وصف له شبه العلية لأنّه مؤثّر، والسّبب المحض غير مؤثّر، وهذا يخالف ما تقرّر عندهم من أنّه لا تأثير لأجزاء العلّة في أجزاء المعلول وإنّما المؤثّر هو تمام العلّة في تمام المعلول. ومنها ما يسمّى بالعلّة حكما وهي ما يترتّب عليه الحكم بلا إضافة له إليه ولا تأثير فيه كالشرط الذي علّق عليه الحكم، كدخول الدار في قولنا إن دخلت الدار فأنت طالق، يتصل به الحكم من غير إضافة ولا تأثير. وإذا كانت العلّة اسما وحكما فالجزء الأخير علّة حكما فقط، وكذا الجزء الأخير من السّبب الداعي إلى الحكم.
ومنها ما يسمّى بالعلّة اسما ومعنى وهي ما يضاف إليه الحكم ويكون مؤثّرا فيه بلا ترتّب للحكم عليه، كالبيع الموقوف والبيع بالخيار للملك فإنّه علّة للملك اسما لإضافة الملك إليه ومعنى لتأثيره فيه لا حكما لعدم الترتّب. ومنها ما يسمّى بالعلّة اسما وحكما، وهي ما يضاف إليه الحكم ويترتّب عليه بلا تأثيره فيه كالسّفر فإنّه علّة للرخصة اسما لأنّها تضاف إليه في الشرع وحكما لأنّها تثبت بنفس السّفر متصلة به لا معنى، لأنّ المؤثّر في ثبوتها ليس نفس السفر بل المشقة. ومنها ما يسمّى بالعلّة معنى وحكما وهي ما يؤثّر في الحكم ويترتّب الحكم عليه بلا إضافة له إليه كالجزء الأخير من العلّة المركّبة فإنّه مؤثّر في الحكم، وعنده يوجد الحكم ولكنه لا يضاف الحكم إليه، فإنّ القرابة والملك علّة للعتق، فأيّهما تأخّر وجودا فهو علّة معنى وحكما. فهذه المعاني السبعة من مصطلحات الأصوليين يطلق عليها لفظ العلة بالاشتراك أو الحقيقة أو المجاز. فما قيل العلّة سبعة أقسام علّة اسما ومعنى وحكما وهو الحقيقة في الباب، وعلّة اسما فقط وهو المجاز، وعلّة معنى فقط وعلّة حكما فقط وعلّة اسما ومعنى فقط وعلّة اسما وحكما فقط وعلّة معنى وحكما فقط أريد به تقسيم ما يطلق عليه لفظ العلّة إلى أقسامه كما يقسم العين إلى الجارية والباصرة وغيرهما، والأسد إلى الشجاع والسّبع.
فائدة:
لا نزاع في تقدّم العلّة على المعلول بمعنى احتياجه إليها ويسمّى التقدّم بالذات وبالعلّية، ولا في مقارنة العلّة التامة العقلية لمعلولها بالــزمان لئلّا يلزم التخلّف. وأمّا في العلل الشرعية فالجمهور على أنّه يجب المقارنة بالــزمان إذ لو جاز التخلّف لما صحّ الاستدلال بثبوت العلّة على ثبوت الحكم، وحينئذ يبطل غرض الشارع من وضع العلل للأحكام، وقد فرّق بعض المشايخ كأبي بكر محمد بن الفضل وغيره بين الشرعية والعقلية، فجوّز في الشرعية تأخير الحكم عنها؛ وتخلّف الحكم عن العلّة جائز في العلل الشرعية لأنّها أمارات وليست موجبة بنفسها، فجاز أن تجعل أمارة في محلّ دون محلّ. هذا كله خلاصة ما في التلويح والحسامي ونور الأنوار وغيرها. ومنها ما اصطلح عليه المحدّثون وهو سبب خفي قادح غامض طرأ على الحديث وقدح في صحته، مع أنّ الظاهر السلامة منه؛ والحديث الذي وقع فيه أو في إسناده أو فيهما جميعا علّة يسمّى معلّلا بصيغة اسم المفعول من التعليل، ولا يقال له المعلول كذا قال ابن الصلاح. وقال العراقي الأجود في تسميته المعلّل. وقد وقع في عبارة كثير من المحدّثين كالترمذي والبخاري وابن عدي والدارقطني وكذا في عبارة الأصوليين والمتكلّمين تسميته بالمعلول، وقد يسمّى أيضا بالمعتلّ والعليل. وإنّما عمّم الوقوع إذ العلّة قد تقع في المتن وهي تسري إلى الإسناد مطلقا لأنّه الأصل، وقد تقع في الإسناد وهي لا تسري إلى المتن إلّا بهذا الإسناد، وقد تقع فيهما. ولا بد للمحدّث من تفحّص ذلك، وطريقه أن ينظر إلى الرّاوي هل هو منفرد ويخالفه غيره أم لا، ويمعن في القرائن المنبّهة للعارف على إرسال في الموصول أو وقف في المرفوع أو دخول حديث في حديث كما في المدرج، أو وهم وخلط من الراوي في أسماء الرّواة والمتن كما في المصحّف نظرا بليغا، بحيث يغلب على ظنّه ذلك، فيحكم بمقتضاه أو يتردّد فيتوقّف، وكلّ ذلك قادح في صحة ما وقع فيه. قال علي بن المديني: الباب إذا لم يجمع طرقه لم يتبيّن خطأه. وبالجملة فهو من أغمض أنواع علوم الحديث وأدقّها ولا يقوم به إلّا من رزقه الله فهما ثابتا وحفظا واسعا ومعرفة تامة بمراتب الرواة وملكة قوية بالأسانيد والمتن. ولهذا لم يتكلّم فيه إلّا قليل من أهل هذا الشأن كعلي بن المديني وأحمد بن حنبل والبخاري والدارقطني ويعقوب ونحوهم. وقد يقصر عبارة المعلّل عن إقامة الحجّة على دعواه كصيرفي نقد الدراهم والدنانير حتى قال البعض إنّه إلهام لو قلت له من أين قلت هذا لم يكن له حجة.
وقد تطلق العلّة عندهم على غير المعنى المذكور ككذب الرّاوي وفسقه وغفلته وسوء حفظه ونحوها من أسباب ضعف الحديث كالتدليس. والترمذي يسمّي النّسخ علّة. قال السخاوي فكأنّه أراد علّة مانعة من العمل لا الاصطلاحية. وأطلق بعضهم على مخالفة لا تقدح في الصحة كإرسال ما وصله الثّقة حتى قال: من الصحيح ما هو معلّل، كما قال آخر:
من الصحيح ما هو شاذ. هذا خلاصة ما في شرح النخبة وشرحه وخلاصة الخلاصة.
ومنها ما يسمّى علّة عقلية وهي في اصطلاح الحكماء ما يحتاج إليه الشيء إمّا في ماهيته كالمادة والصورة أو في وجوده كالغاية والفاعل والموضوع، وذلك الشيء المحتاج يسمّى معلولا، وهذا أولى مما قيل العلّة ما يحتاج إليه الشيء في وجوده لعدم توهّم خروج علّة الماهية عنه. وإنّما قلنا الأولى لأنّ علّة الماهية لا تخرج عن هذا التعريف أيضا لأنّ المعلول المركّب من المادة والصورة يتوقّف وجوده أيضا عليهما، وتوقّف الماهية عليهما لا ينافي ذلك. إن قيل يخرج من التعريفين علّة العدم، قلت العلّية في العدم مجرّد اعتبار عقلي مرجعه عدم علّية الوجود للوجود. ثم المحتاج إليه أعمّ من أن يكون محتاجا إليه بنفسه أو باعتبار أجزائه، فيشتمل التعريف العلّة التامة المركّبة من المادة والصّورة والفاعل فإنّه محتاج إليه باعتبار الفاعل. وأمّا ذاته أعني المجموع فهو محتاج إلى مجموع المادة والصّورة الذي هو عين المعلول احتياج الكلّ إلى جزئه.
ثم العلّة على قسمين علّة تامّة وتسمّى علة مستقلّة أيضا، وعلّة غير تامة وتسمّى علة ناقصة وغير مستقلّة. فالعلّة التامة عبارة عن جميع ما يحتاج إليه الشيء في ماهيته ووجوده أو في وجوده فقط كما في المعلول البسيط، والناقصة ما لا يكون كذلك، ومعناه أن لا يبقى هناك أمر آخر يحتاج إليه لا بمعنى أن تكون مركّبة من عدة أمور البتّة، وذلك لأنّ العلّة التامة قد تكون علّة فاعلية إمّا وحدها كالفاعل الموجب الذي صدر عنه بسيط إذا لم يكن هناك شرط يعتبر وجوده، ولا مانع يعتبر عدمه، وإمّا إمكان الصادر فهو معتبر في جانب المعلول، ومن تتمته، فإنّا إذا وجدنا ممكنا طلبنا علّته، فكأنّه قيل العلّة ما يحتاج إليه الشيء الممكن الخ فلا يعتبر في جانب العلّة. وأمّا التأثير والاحتياج والوجود المطلق الزائد على ذاته تعالى والوجوب السابق فليس شيء منها مما يحتاج إليه المعلول، بل هي أمور إضافية ينتزعها العقل من استتباع وجود العلّة لوجود المعلول وحكم العقل بأنّه أمكن، فاحتاج فأثّر فيه الفاعل فوجب وجوده فوجد إنّما هو في الملاحظة العقلية وليس في الخارج إلّا المعلول الممكن والعلّة الموجبة لوجوده فتدبّر. وإمّا مع الغاية كما في البسيط الصادر عن المختار. وقد تكون مجتمعة من الأمور الأربعة أو الثلاثة كما في المركّب الصادر عن المختار والمركّب الصادر عن الموجب. وقد تطلق العلّة التامة على الفاعل المستجمع لشرائط التأثير.
اعلم أنّ العلّة مطلقا متقدّمة على المعلول تقدما ذاتيا إلّا العلة التامة المركّبة من أربع أو ثلاث، فتقدّمها على المعلول بمعنى تقدّم كلّ واحد من أجزائها عليها، وأمّا تقدّم الكلّ من حيث هو كلّ ففيه نظر، إذ مجموع الأجزاء المادية والصورية هو الماهية بعينها من حيث الذات، ولا يتصوّر تقدّمها على نفسها فضلا عن تقدّمها على نفسها مع انضمام أمرين آخرين إليهما وهما الفاعل والغاية. وأجيب بأنّ المعلول من الماهية المركّبة من المادة والصورة إنّما هو التركيب والانضمام، فاللازم تقدّم المادة والصورة على التركيب والانضمام، فتقدّم العلّة التامة لا يستلزم تقدّم الماهية على نفسها.
ثم العلّة الناقصة أربعة أقسام لأنّها إمّا جزء الشيء أو خارج عنه، والأول إن كان به الشيء بالفعل فهو الصورة وإن كان به الشيء بالقوة فهو المادة. فالعلة الصورية ما به الشيء بالفعل أي ما يقارن لوجوده وجود الشيء بمعنى أن لا يتوقّف بعد وجوده على شيء آخر. فالباء في به للملابسة، فخرج مادة الأفلاك والأجزاء الصورية والجزء الصوري لمادة المركّب كصورة الخشب للسرير فإنّها أجزاء مادية بالنسبة إلى المركّب، فإنّ العلّة الصورية للسرير هي الهيئة السريرية، وحمل الباء على السّببية القريبة يحتاج إلى القول بأنّ العلة التامة والفاعل سببان بعيدان بواسطة الصورة. لا يقال صورة السّيف قد تحصل في الخشب مع أنّ السيف ليس حاصلا بالفعل لعدم ترتّب آثار السيف عليه، لأنّا نقول الصورة السيفية المعيّنة الحاصلة في الحديد المعيّن إذا حصلت شخّصها حصل السيف بالفعل قطعا وليست الحاصلة في الخشب عين تلك الصورة بل فرد آخر من نوعها به يتحقّق بالفعل ما يشبه السيف. وأيضا الآثار المترتّبة على السيف الحديدي ليست آثارا لنوع السيف بل لصنفه وهو السيف الحديدي فتدبّر.
والعلة المادية ما به الشيء بالقوة كالخشب للسرير وليس المراد بالعلّة الصورية والمادية في عباراتهم ما يختصّ بالجواهر من المادة والصورة الجوهريتين بل ما يعمّهما وغيرهما من أجزاء الأعراض التي لا يوجد بها إلّا الأعراض إمّا بالفعل أو بالقوة. فإطلاق المادة والصورة على العلّة المادية والصورية مبني على التسامح، وهاتان العلّتان أي المادة والصورة علّتان للماهية داخلتان في قوامها كما أنّهما علتان للوجود أيضا فتختصان باسم علّة الماهية تمييزا لهما عن الباقيين أي الفاعل والغاية المتشاركين لهما في علّة الوجود وباسم الركن أيضا. وفي الرشيدية العلّة ما يحتاج إليه الشيء في ماهيته بأن لا يتصوّر ذلك الشيء بدونه كالقيام والركوع في الصلاة، وتسمّى ركنا، أو في وجوده بأن كان مؤثّرا فيه فلا يوجد بدونه كالمصلي لها أي الصلاة انتهى. والثاني أي ما يكون خارجا عن المعلول إمّا ما به الشيء وهو الفاعل والمؤثّر فالفاعل هو المعطي لوجود الشيء، فالباء للسببية كالنّجّار للسرير، والمجموع من الواجب والممكن، وإن كان فاعله جزءا منه لكن ليس فاعليته إلّا باعتبار فاعليته لممكن فيكون خارجا عن المعلول، وإمّا ما لأجله الشيء وهو الغاية أي العلّة الغائية كالجلوس على السرير للسرير، وهاتان العلّتان تختصّان باسم علّة الوجود لتوقّفه عليهما دون الماهية. ثم الأولى لا توجد إلّا للمركّب وهو ظاهر والثانية لا تكون إلّا للفاعل المختار. وإن كان الفاعل المختار يوجد بدونها كالواجب تعالى عند الأشعرية فالموجب لا يكون لفعله غاية وإن جاز أن يكون لفعله حكمة وفائدة؛ وقد تسمّى فائدة فعل الموجب غاية أيضا تشبيها لها بالغاية الحقيقية التي هي غاية للفعل وغرض مقصود للفاعل. والغاية علّة لعلّية العلّة الفاعلية أي أنّها تفيد فاعلية الفاعل إذ هي الباعثة للفاعل على الإيجاد ومتأخّرة وجودا عن المعلول في الخارج، إذ الجلوس على السرير إنّما يكون بعد وجود السرير في الخارج لكن يتقدّم عليه في العقل.
إن قلت حصر العلّة الناقصة في الأربع منقوض بالشرط مثل الموضوع كالثوب للصابغ، والآلة كالقدّوم للنّجار، والمعاون كالمعين للمنشار، والوقت كالصيف لصبغ الأديم، والداعي الذي ليس بغاية كالجوع للأكل، وعدم المانع مثل زوال الرطوبة للإحراق، وبالمعد مثل الحركة في المسافة للوصول إلى المقصد، لأنّ كلا منها علّة لكونه محتاجا إليه وخارج عن المعلول مع أنّه ليس ما منه الشيء ولا ما لأجله الشيء. قلت إنّها بالحقيقة من تتمة الفاعل لأنّ المراد بالفاعل هو المستقلّ بالفاعلية والتأثير سواء كان مستقلا بنفسه أو بمدخلية أمر آخر، ولا يكون كذلك إلّا باستجماع الشرائط وارتفاع الموانع، فالمراد بما به الشيء ما يستقلّ بالسّببية والتأثير كما هو المتبادر، سواء كان بنفسه أو بانضمام أمر آخر إليه، فيكون ذكر هذا القسم مشتملا على أمور الفاعل المستقل بنفسه وذات الفاعل والشرائط، وعلى كلّ واحد منها مما يحتاج إليه المعلول، وعلى أنها ناقصة، إنّما المتروك تفصيله وبيان اشتماله على تلك الأمور.
وقد تجعل من تتمة المادة لأنّ القابل إنّما يكون قابلا بالفعل عند حصول الشرائط. ومنهم من جعل الأدوات من تتمة الفاعل وما عداها من تتمة المادة، وتقرير ذلك على طور ما سبق.
وعلى هذا فلا يرد ما قيل سلّمنا أنّ المراد بالفاعل هو المستقل بالفاعلية وبالمادة هو القابل بالفعل، لكن كلّ ما ذكرنا من الشروط والآلات ورفع المانع والمعد مما يحتاج إليه المعلول ولا يصدق عليه أحد تلك الأقسام. ولا نعني بعدم الحصر إلّا وجود شيء يصدق عليه المقسم ولا يصدق عليه شيء من الأقسام.
إن قلت عدم المانع قيد عدمي فلا يكون جزءا من العلّة التامة وإلّا لا تكون العلّة التامة موجودة. قلت العلّة التامة لا تجب أن تكون وجودية بجميع أجزائها بل الواجب وجود العلّة الموجدة منها لكونها مفيدة للوجود، ولا امتناع في توقّف الإيجاد على قيد عدمي. ومنهم من خمّس القسمة وجعل هذه المذكورات شروطا، وقال العلّة الناقصة إن كانت داخلة في المعلول فمادية إن كان بها وجود الشيء بالقوة وإلّا فصورية. وإن كانت خارجة ففاعلية إن كان منها وجود الشيء وغائية إن كان لأجلها الشيء، وشرط إن لم يكن منها وجود الشيء ولا لأجلها، ولا يضرّ خروج الجنس والفصل فإنّهما وإن كانا من العلل الداخلة لكنهما ليسا مما يتوقّف عليه الوجود الخارجي والكلام فيه. ولك أن تقول في تفصيل أقسام العلّة الناقصة بحيث لا يحتاج إلى مثل تلك التكلّفات بأنّ ما يتوقّف عليه الشيء إمّا جزء له أو خارج عنه، والثاني إمّا محلّ للمقبول فهو الموضوع بالقياس إلى العرض، والمحلّ القابل بالقياس إلى الصورة الجوهرية المعيّنة فإنّها محتاجة في وجودها إلى المادة، وإن كانت مطلقها علّة لوجود المادة، وإمّا غير محلّ له فإمّا منه الوجود وإمّا لأجله الوجود، أولا هذا ولا ذاك، وحينئذ إمّا أن يكون وجوديا وهو الشرط أو عدميا وهو عدم المانع؛ وأمّا المعدّ وهو ما يكون محتاجا إليه من حيث وجوده وعدمه معا فداخل في الشرط باعتبار وفي عدم المانع باعتبار، والأول أعني ما يكون جزءا إمّا أن يكون جزءا عقليا وهو الجنس والفصل أو خارجيا وهو المادة والصورة.
فائدة:
حيث يذكر لفظ العلّة مطلقا يراد به الفاعلية ويذكر البواقي بأوصافها وبأسماء أخرى، وكما يقال لعلّة الماهية جزء وركن يقال للمادية مادة وطينة باعتبار ورود الصّور المختلفة عليها، وقابل وهيولى من جهة استعدادها للصّور وعنصر إذ منها يبتدأ التركيب، واسطقس إذ إليها ينتهي التحليل. ويقال للغائية غاية وغرض.

تقسيمات أخر:
العلّة مطلقا فاعلية كانت أو صورية أو مادية أو غائية قد تكون بسيطة. فالفاعلية كطبائع البسائط العنصرية، والمادية كهيولاتها والصّورية كصورها والغائية كوصول كلّ منها إلى مكانه الطبيعي. وقد تكون مركّبة، فالفاعلية كمجموع الفعل والصّورة بالنسبة إلى الهيولى على ما تقرّر من أنّ الصورة شريكة لفاعل الهيولى، والمادية كالعناصر الأربعة بالنسبة إلى صور المركّبات، والصورية كالصورة الإنسانية المركّبة من صور أعضائها الآلية، والغائية كمجموع شرى المتاع ولقاء الحبيب بالنسبة إلى الصّورة الشوقية.
وأيضا كلّ واحد من العلل إمّا بالقوة، فالفاعلية كالطبيعة بالنسبة إلى الحركة حال حصول الجسم في مكانه الطبيعي، والمادية كالنطفة بالنسبة إلى الإنسانية، والصّورية كصورة الماء حال كون هيولاها ملابسة لصورة الهواء، والغائية كلقاء الحبيب قبل حصوله. وإمّا بالفعل، فالفاعلية كالطبيعة حال كون الجسم متحركا إلى مكانه الطبيعي وعلى هذا القياس. وأيضا كلّ واحد منها إمّا كلية أو جزئية، فالفاعلية الكلّية كالبناء للبيت والجزئية كهذا البناء له وعلى هذا القياس. وأيضا كلّ واحد منها إمّا ذاتية أو عرضية. فالعلّة الذاتية تطلق على ما هو معلول حقيقة والعلّة العرضية تطلق باعتبارين، أحدهما اقتران شيء بما هو علّة حقيقة، فإنّ الشيء إذا اقترن بالعلّة الحقيقية اقترانا مصححا لإطلاق اسمها عليه يسمّى علّة عرضية، وثانيهما اقتران شيء ما بالمعلول كذلك، فإنّ العلّة بالقياس إلى ذلك الشيء المقترن بالمعلول تسمّى علّة عرضية. فالفاعلية العرضية كالسقمونيا بالنسبة إلى البرودة فإنّ السقمونيا يسهّل الصفراء الموجبة لسخونة البدن المانعة عن تبريد الباردة التي في البدن إياه، فلما زال المانع عنه برّدته بطبعها.
فالفعل الصادر عن الأجزاء الباردة التي في البدن أعني التبريد ينسب بالعرض إلى ما يقرنها ويزيل مانعها وهو السقمونيا، والمادية العرضية كالخشب للسرير إذا أخذ مع صفة البياض مثلا، فإنّ ذات الخشب علّة مادية ذاتية وما يقرنها أعني الخشب مأخوذا مع صفة البياض علّة مادية مع صفة البياض، والصّورية العرضية كصورة السرير إذا أخذت مع بعض عوارضها، والغائية العرضية كشرى المتاع أيضا مثلا بالنسبة إلى السفر إذا كان المقصود منه لقاء الحبيب وحصل بتبعه شراء المتاع أيضا. وأيضا كلّ واحد من العلل إمّا عامّة أو خاصة. فالعامّة تكون جنسا للعلّة الحقيقية كالصانع الذي هو جنس للبناء، والخاصّة هي العلّة الحقيقية كالبناء، وكذلك سائر العلل. وأيضا كلّ واحد منها قريبة أو بعيدة. فالفاعلية القريبة كالعفونة بالنسبة إلى الحمّى والبعيدة كالاحتقان مع الامتلاء بالنسبة إلى الحمّى. وأيضا كل منها مشتركة أو خاصة.
فالفاعلية المشتركة كبنّاء واحد لبيوت متعدّدة، والخاصة كبنّاء واحد لبيت واحد، وعلى هذا القياس.
فائدة:
ومن العلل المعدّة ما يؤدّي إلى مثل كالحركة إلى منتصف المسافة المؤدّية إلى الحركة إلى منتهاها، أو إلى خلاف كالحركة إلى البرودة المؤدّية إلى السخونة التي هي مخالفة للحركة لها، أو إلى ضدّ كالحركة إلى فوق المؤدّية إلى الحركة إلى الأسفل والأعداد قريب كأعداد الجنين بالنسبة إلى الصورة الإنسانية أو بعيد كأعداد النطفة بالنسبة إليها. ومن العلل العرضية ما هو علّة معدّة ذاتية بالنسبة إلى ما هو علّة فاعلية عرضية له، فإنّ شرب السقمونيا علّة فاعلية عرضية لحصول البرودة مع أنّه علّة معدّة ذاتية لحصول البرودة.
فائدة:
الفرق بين جزء العلّة المؤثّرة أي الفاعلية وشرطها في التأثير هو أنّ الشرط يتوقّف عليه تأثير المؤثّر لا ذاته، كيبوسة الحطب للإحراق إذ النار لا تؤثّر في الحطب بالإحراق إلّا بعد أن يكون يابسا، والجزء يتوقّف عليه ذات المؤثّر فيتوقّف عليه تأثيره أيضا، لكن لا ابتداء بل بواسطة توقّفه على ذاته المتوقفة على جزئه، وعدم المانع ليس مما يتوقّف عليه التأثير حتى يشارك الشرط في ذلك بل هو كاشف عن شرط وجودي، كزوال الغيم الكاشف عن ظهور الشمس الذي هو الشرط في تجفيف الثياب وعدّه من جملة الشروط نوع من التجوّز. وفي اصطلاح مثبتي الأحوال من المتكلّمين صفة توجب لمحلّها حكما. والمراد بالصّفة الموجودة بناء على عدم تجويز تعليل الحال بالحال كما هو رأي الأكثرين أو الثابتة ليشتمل ما ذهب إليه أبو هاشم من تعليل الأحوال الأربعة بالحال الخامس. ومعنى الإيجاب ما يصحح قولنا وجد فوجد أيّ ثبت الأمر الذي هو العلّة فثبت الأمر الذي هو المعلول. والمراد لزوم المعلول للعلّة لزوما عقليا مصحّحا لترتّبه بالفاء عليها دون العكس، وليس المراد مجرّد التعقيب، فخرج بقيد الصفة الجواهر فإنّها لا تكون عللا للأحوال، ويتناول الصفة القديمة كعلم الله تعالى وقدرته فإنّهما علتان لعالميته وقادريته والمحدثة كعلم الواحد منّا وقدرته وسواده وبياضه.
والمعنى أنّ العلّة صفة قديمة كانت أو محدثة توجب تلك الصفة أي قيامها بمحلّها حكما أي أثرا يترتّب على قيامها بأن يتّصف ذلك المحلّ به ويجري عليه. وفي قولهم لمحلها إشعار بأنّ حكم الصفة لا يتعدّى محلّ تلك الصفة فلا يوجب العلم والقدرة والإرادة للمعلوم والمقدور. والمراد حكما لأنّها غير قائمة بها كيف، ولو أوجبت لها أحكاما لكان المعدوم الممتنع إذا تعلّق به العلم متصفا بحكم ثبوتيّ وهو محال. واعلم أنّ هذا التعريف إنّما كان على اصطلاح مثبتي الأحوال دون نفاتها، لأنّ المثبتين كلّهم قائلون بالمعاني الموجبة للأحكام في محالها، وهي عندهم علل تلك الأحكام.
ونفاة الأحوال من الأشاعرة لا يقولون بذلك إذ عندهم لا علّية ولا معلولية فيما سوى ذاته تعالى، فضلا عن أن يكون بطريق الإيجاب واللزوم العقلي لا للموجود ولا للحال. أمّا عدم العلّية للأحوال فظاهر لعدم قولهم بالحال، وأمّا عدم العلّية للموجود فلاستناد الموجودات كلّها عندهم إليه تعالى ابتداء. والمعلول على هذا التعريف هو الحكم الذي توجبه الصفة في محلها، وهذا التعريف هو الأقرب. وأمّا نحو قولهم العلّة ما توجب معلولها عقيبها بالاتصال إذا لم يمنع مانع، أو العلة ما كان المعتلّ به معلّلا وهو أي كون المعتلّ به معلّلا قول القائل كان كذا لأجل كذا، كقولنا كانت العالمية لأجل العلم فدوريّ. أمّا الأول فلأنّ المعلول مشتقّ من العلّة إذ معناه ما له علّة فيتوقّف معرفته على معرفتها فلزم الدور وأمّا الثاني فلأنّه عرّف العلّة بالمعتلّ والمعلّل ومعرفة كلّ منهما موقوفة على معرفة العلّة. وقولهم العلّة ما يغيّر حكم محلّها أي ينقله من حال إلى حال، أو العلّة هي التي يتجدّد بها أي يتجدّد بها الحكم يخرج الصفة القديمة إذ لا تغيير ولا تجدّد فيها مع أنّها من العلل فإنّ علمه تعالى علّة موجبة لعالميته عندهم. ولك أن تأخذ من كلّ هذه التعريفات المزيّفة للعلّة تعريفات للمعلول فتقول المعلول ما أوجبته العلّة عقيبها بالاتصال إذا لم يمنع مانع أو المعتلّ المعلّل بالعلّة أو ما كان من الأحكام متغيرا بالعلّة أو ما يتجدّد من الأحكام بالعلّة.
فائدة:
الفرق بين العلّة والشرط على رأي مثبتي الأحوال من وجوه. الأول العلّة مطّردة فحيثما وجدت وجد الحكم، والشرط قد لا يطّرد كالحياة للعلم، فإنّها شرط للعلم وقد لا يوجد معها العلم. الثاني العلّة وجودية أي موجودة في الخارج باتفاقهم، والشرط قد يكون عدميا كانتفاء أضداد العلم بالنسبة إلى وجوده إذ لا معنى للشرط إلّا ما يتوقّف عليه المشروط في وجوده لا ما يؤثّر في وجود المشروط حتى يمتنع أن يكون عدميا. وقيل الشرط لا بد أن يكون وجوديا أيضا. الثالث قد يكون الشرط متعدّدا كالحياة وانتفاء الأضداد بالنسبة إلى وجود العلم أو مركّبا بأن يكون عدة أمور شرطا واحدا للمشروط.
الرابع الشرط قد يكون محلّ الحكم بخلاف العلّة، أي محلّ الحكم لا يجوز أن يكون علّة للحكم لأنّه لا يكون مؤثّرا فيه، بل المؤثّر فيه صفة ذلك المحلّ التي هي العلّة لكن محلّ الحكم يكون شرطا للحكم من حيث إنّه يتوقّف وجوده عليه. الخامس العلّة ولا تتعاكس أي لا تكون العلّة معلولة لمعلولها بخلاف الشرط فإنّه يجوز أن يكون مشروطا لمشروطه، إذ قد يشترط وجود كلّ من الأمرين بالآخر، قال به القاضي وعنى بالتوقّف المأخوذ في تعريف الشرط عدم جواز وجوده بدون الموقوف عليه، وبه قال أيضا المحقّقون من الأشاعرة، ومنعه بعضهم. والحق الجواز إن لم يوجب تقدّم الشرط على المشروط بل يكتفى بمجرّد امتناع وجود المشروط بدون الشرط كقيام كلّ من البينتين المتساندتين بالأخرى، فإنّ قيام كلّ منهما يمتنع بدون قيام الأخرى، ومثل ذلك يسمّى دور معية ولا استحالة فيه. السادس الشرط قد لا يبقى ويبقى المشروط وذلك إذا توقّف عليه المشروط في ابتداء وجوده دون دوامه، كتعلّق القدرة على وجه التأثير فإنّه شرط الوجود ابتداء لا دواما، فلذلك يبقى الحادث مع انقطاع ذلك التعلّق. السابع الصفة التي هي علّة كالعلم مثلا له شرط كالمحل والحياة وليس له علّة فإنّ العلم من قبيل الذوات وهي لا تعلّل بخلاف الأحكام، فالعلّة لا تكون معلولة في نفسها بخلاف الشرط فإنّه قد يكون معلولا، فإنّ كون الحيّ حيّا شرط لكونه عالما مع أنّ كونه حيّا معلول للحياة. الثامن العلّة مصحّحة لمعلولها اتفاقا بخلاف الشرط إذ فيه خلاف. التاسع الحكم الواجب لم يتفق على عدم شرط بل اتفق على أنّه لا يوجد بدون شرط كالعالمية له تعالى فإنّها مشروطة بكونه حيّا، وقد يختلف في كون الحكم الواجب معلّلا بعلّة، فإنّ مثبتي الأحوال من الأشاعرة يعلّلونه بصفات موجودة. ومن المعتزلة ينفونه سوى البهشمية فإنّهم يعلّلون الحال بالحال. وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى شرح المواقف.

الأداء

الأداء: الإتيان بالشيء لميقاته ذكره الحرالي، وقال الراغب: لغة: دفع ما يحق دفعه، وعرفا فعل ما دخل وقته قبل خروجه.
الأداء الكامل: ما يؤديه الإنسان على الوجه الذي أُمر به كأداء المُدْرِكْ للإمام.
الأداء:
* " تأدية القُرَّاء القراءة إلينا بالنقل عمَّن قبلهم ". * ما جاء صحيحاً مستفاضاً متلقى بالقبول كمراتب المد الزائدة على القدر المشترك، وهذا وأمثاله ملحق بالقراءة المتواترة حكماً.
الأداء:
[في الانكليزية] Practice ،execution
[ في الفرنسية] Pratique ،execution

هو والقضاء: بحسب اللغة يطلقان على الإتيان بالمؤقّتات كأداء الصلاة الفريضة وقضائها، وبغير المؤقتات كأداء الزكاة والأمانة وقضاء الحقوق والحج للإتيان به ثانيا بعد فساد الأول ونحو ذلك. وأما بحسب اصطلاح الفقهاء فهما أي الأداء والقضاء عند أصحاب الشافعي رحمه الله تعالى يختصّان بالعبادات المؤقتة. ولا يتصوّر الأداء إلّا فيما يتصوّر فيه القضاء وأما ما لا يتصور فيه القضاء، كصلاة العيد والجمعة فلا يطلقون الأداء فيه. وهما والإعادة أقسام للفعل الذي تعلّق به الحكم فتكون أقساما للحكم أيضا. لكن ثانيا وبالعرض فيقال الحكم إمّا متعلّق بأداء أو قضاء أو إعادة ولهذا قالوا الأداء ما فعل في وقته المقدّر له شرعا أولا. واختيار فعل على وجب ليتناول النوافل المؤقتة. وقيد في وقته للاحتراز عمّا فعل قبل الوقت أو بعده.
وقيد المقدّر له للاحتراز عمّا لم يقدّر له وقت كالنوافل المطلقة والنذور المطلقة والأذكار القلبية إذ لا أداء لها ولا قضاء ولا إعادة، بخلاف الحجّ فإنّ وقته مقدّر معيّن لكنه غير محدود فيوصف بالأداء لا بالقضاء لوقوعه دائما فيما قدّر له شرعا أولا. وإطلاق القضاء على الحج الذي يستدرك به حجّ فاسد من قبيل المجاز من حيث المشابهة مع المقضي في الاستدراك. وقيد شرعا للتحقيق دون الاحتراز عمّا قيل وهو المقدّر له لا شرعا كالشهر الذي عيّنه الإمام لزكاته، والوقت الذي عيّنه المكلّف لصلاته لأن إيتاء الزكاة في ذلك الشهر وأداء الصلاة في ذلك الوقت أداء قطعا. اللهم إلّا أن يقال المراد أنه ليس أداء من حيث وقوعه في ذلك الوقت، بل في الوقت الذي قدّره الشارع كما في الحجّ، حتى لو لم يكن الوقت مقدّرا شرعا لم يكن أداء كالنوافل المطلقة والنذور المطلقة. وقولهم أولا متعلّق بفعل واحترز به عن الإعادة فإن الظاهر من كلام المتقدمين والمتأخرين أنّ الإعادة قسيم للأداء والقضاء.
وذهب بعض المحققين إلى أنها قسم من الأداء، وأن قولهم أولا متعلّق بالمقدّر احتراز عن القضاء فإنه واقع في وقته المقدّر له شرعا ثانيا حيث قال عليه الصلاة والسلام «فليصلها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها» فقضاء صلاة النائم والناسي عند التذكّر قد فعل في وقتها المقدّر لها ثانيا لا أولا. ولا يرد أنّ القضاء موسّع وقته العمر فلا يتقدّر بــزمان التذكّر لأنه لا يدّعي انحصار الوقت فيه، بل المراد أن زمان التذكّر وما بعده زمان قد قدّر له ثانيا. فإن قلت فالنوافل لها على هذا وقت مقدّر أولا هو وقت العمر، كما أن لقضاء الظهر وقتا مقدّرا ثانيا هو بقية العمر. قلت البقية قدّرت وقتا له بالحديث المذكور إذا حمل على أن ذلك وما بعده وقت له. وأما أنّ العمر وقت للنوافل فمن قضية العقل لا من الشرع. والقضاء ما فعل بعد وقت الأداء استدراكا لما سبق له وجوب مطلقا.
فبقولهم بعد وقت الأداء خرج الأداء والإعادة في وقته. وبقولهم استدراكا خرجت إعادة الصلاة المؤداة في وقتها خارج وقتها، فإنها ليست قضاء ولا أداء ولا إعادة اصطلاحا وإن كانت إعادة لغة. وبقولهم لما سبق له وجوب خرج النوافل. وقولهم مطلقا تنبيه على أنه لا يشترط في كون الفعل قضاء الوجوب على المكلّف بل المعتبر مطلق الوجوب، فدخل فيه قضاء النائم والحائض إذ لا وجوب عليهما عند المحقّقين منهم، وإن وجد السبب لوجود المانع، كيف وجواز الترك مجمع عليه وهو ينافي الوجوب. وأمّا عند أبي حنيفة فالنوم لا يسقط نفس الوجوب بل وجوب الأداء، والحيض وكذا النفاس لا يسقطان نفس الوجوب بل وجوب الأداء إلّا أنه ثبت بالنصّ أن الطهارة عنهما للصلاة فحينئذ لا حاجة إلى قيد مطلقا.
وبالجملة فالفعل إذا كان مؤقّتا من جهة الشرع لا يجوز تقديمه لا بكلّه ولا ببعضه على وقت أدائه، فإن فعل في وقته فأداء وإعادة وإن فعل بعد وقته فإن وجد في الوقت سبب وجوبه سواء ثبت الوجوب معه أو تخلّف عنه لمانع فهو قضاء، وإن لم يوجد في الوقت سبب وجوبه لم يكن أداء ولا قضاء ولا إعادة. فإن قلت إذا وقعت ركعة من الصلاة في وقتها وباقيها خارجة عنه فهل هي أداء أو قضاء. قلنا ما وقعت في الوقت أداء والباقي قضاء في حكم الأداء تبعا وكذا الحال فيما إذا وقع في الوقت أقل من ركعة. والإعادة ما فعل في وقت الأداء ثانيا لخلل في الأول، وقيل لعذر كما يجيء في محله. وعند الحنفية من أقسام المأمور به مؤقّتا كان أو غير مؤقّت فالأداء تسليم عين ما ثبت بالأمر إلى مستحقّه، فإنّ أداء الواجب إنما يسمّى تسليما إذا سلم إلى مستحقّه والقضاء تسليم مثل ما وجب بالأمر. والمراد بما ثبت بالأمر ما علم ثبوته بالأمر لا ما ثبت وجوبه، إذ الوجوب إنما هو بالسبب، وحينئذ يصحّ تسليم عين ما ثبت، مع أنّ الواجب وصف في الذمّة لا يقبل التصرّف من العبد، فلا يمكن أداء عينه، وذلك لأن الممتنع تسليم عين ما وجب بالسبب وثبت في الذمة لا تسليم عين ما علم ثبوته بالأمر كفعل الصلاة في وقتها وإيتاء ربع العشر.
وبالجملة فالعينية والمثلية بالقياس إلى ما علم من الأمر لا ما ثبت بالسبب في الذمّة فلا حاجة إلى ما يقال إنّ الشرع شغل الذمّة بالواجب ثم أمر بتفريغها، فأخذ ما يحصل به فراغ الذمّة حكم ذلك الواجب كأنه عينه. ثم الثابت بالأمر أعم من أن يكون ثبوته بصريح الأمر نحو وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ أو بما هو في معناه نحو وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ.
ومعنى تسليم العين أو المثل في الأفعال والأعراض إيجادها والإتيان بها، كأنّ العبادة حقّ الله تعالى، فالعبد يؤدّيها ويسلّمها إليه تعالى. ولم يعتبر التقييد بالوقت ليعمّ أداء الزكاة والأمانات والمنذورات والكفارات.
واختيار ثبت على وجب ليعمّ أداء النفل. قيل هذا خلاف ما عليه الفقهاء من أنّ النفل لا يطلق عليه الأداء إلّا بطريق التوسّع، نعم موافق لقول من جعل الأمر حقيقة في الإيجاب والندب. واختيار وجب في حدّ القضاء بناء على كون المتروك مضمونا والنفل لا يضمن بالترك. وأما إذا شرع فيه فأفسده فقد صار بالشروع واجبا فيقضى، والمراد بالواجب ما يشتمل الفرض أيضا. ولا بدّ من تقييد مثل الواجب بأن يكون من عند من وجب عليه كما قيده به البعض، وقال إسقاط الواجب بمثل من عند المأمور وهو حقه هو القضاء احترازا عن صرف دراهم الغير إلى دينه، فإنه لا يكون قضاء، وللمالك أن يستردّها من ربّ الدّين.
وكذا إذا نوى أن يكون ظهر يومه قضاء من ظهر أمسه أو عصره قضاء من ظهره لا يصحّ مع قوّة المماثلة بخلاف صرف النفل إلى الفرض مع أن المماثلة فيه أدنى. وإنّما صحّ صرف النفل إلى الفرض لأن النفل خالص حقّ العبد وهو قادر على فعله، فإذا صرفه إلى القضاء جاز.
فإن قيل يدخل في تعريف الأداء الإتيان بالمباح الذي ورد به الأمر كالاصطياد بعد الإحلال، ولا يسمّى أداء إذ ليس في العرف إطلاق الأداء عليه. قلت المباح ليس بمأمور به عند المحققين، فالثّابت بالأمر لا يكون إلّا واجبا أو مندوبا، لكن عند من قال بأنه مأمور به فينبغي أن يسمّى أداء كما ذكر صاحب الكشف.
واعلم أنه قد يطلق كل من الأداء والقضاء على الآخر مجازا شرعيا لتباين المعنيين مع اشتراكهما في تسليم الشيء إلى من يستحقه وفي إسقاط الواجب، كقوله تعالى: فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ أي أدّيتم. وكقوله تعالى: فَإِذا قُضِيَتِ الصَّلاةُ أي أدّيت صلاة الجمعة، وكقولك نويت أداء ظهر أمس. وأما بحسب اللغة فقد ذكروا أنّ القضاء حقيقة في تسليم العين والمثل وأنّ الأداء مجاز في تسليم المثل.
واعلم أيضا أنهم لم يذكروا الإعادة في هذا التقسيم لأنها داخلة في الأداء والقضاء على ما يجيء في محلها.
والأداء ينقسم إلى أداء محض وهو ما لا يكون فيه شبه من القضاء بوجه من الوجوه من حيث تغيّر الوقت ولا من حيث التزامه، وإلى أداء يشبه القضاء. والأول أي الأداء المحض ينقسم إلى كامل وهو ما يؤدّى على الوجه الذي شرع عليه كالصلاة بجماعة وردّ عين المغصوب، وقاصر وهو بخلافه كالصلاة منفردا فإنه أداء على خلاف ما شرع عليه، فإن الصلاة لم تشرع إلّا بجماعة لأن جبرائيل عليه السلام علّم الرسول عليه السلام الصلاة أوّلا بجماعة في يومين، وكرد المغصوب مشغولا بالجناية أو بالدّين بأن غصب عبدا فارغا ثم لحقه الدّين في الجناية في يد الغاصب. والأداء الذي يشبه القضاء كإتمام الصلاة من اللاحق فإنه أداء من حيث بقاء الوقت شبيه بالقضاء من حيث أنه لم يؤدّ كما التزم، فإنه التزم الأداء مع الإمام.
والقضاء أيضا ينقسم إلى قضاء محض وهو ما لا يكون فيه معنى الأداء أصلا لا حقيقة ولا حكما، وقضاء في معنى الأداء وهو بخلافه. والأول ينقسم إلى القضاء بمثل معقول وإلى القضاء بمثل غير معقول. والمراد بالمثل المعقول أن يدرك مماثلته بالعقل مع قطع النّظر عن الشرع، وبغير المعقول أن لا يدرك مماثلته إلّا شرعا. والمثل المعقول ينقسم إلى المثل الكامل كقضاء الفائتة بجماعة وإلى القاصر كقضائها بالانفراد. والقضاء الغير المحض كما إذا أدرك الإمام في العيد راكعا كبّر في ركوعه فإنه وإن فات موضعه وليس لتكبيرات العيد قضاء إذ ليس لها مثل، لكن للركوع شبها بالقيام لبقاء الاستواء في النصف الأسفل فيكون شبيها بالأداء، فصارت الأقسام سبعة. ثم جميع هذه الأقسام توجد في حقوق الله وفي حقوق العباد فكانت الأقسام أربعة عشر. هذا كلّه خلاصة ما في العضدي وحواشيه والتلويح وكشف البزدوي. ثم الأداء عند القرّاء يطلق على أخذ القرآن عن المشايخ كما يجيء في لفظ التلاوة.

العصر

العصر
الــزمان الماضي . آخر النهار، كما قال الحارث بن حِلِّزَةَ اليَشْكُري في معلقته:
آنَسَت نَبْأةً وَأَفْزَعَهَا الْقَـ ... ـنَّاصُ عَصْراً وَقَدْ دنَا الإمْسَاءُ
والسَّنَد على المعنى الأول كثير: قال عَبِيد بن الأبرص :
فَذَاكَ عَصْرٌ وَقَدْ أرَانِي ... تَحْمِلُني نَهْدَةٌ سُرْحُوبُ
وقال امرؤ القيس:
ألاَ عِمْ صَباحاً أيُّهَا الطَّلَلُ الْبَالي ... وَهَلْ يَنْعِمَنْ مَنْ كانَ في الْعُصُرِ الْخَالي وقال رُبَيعْ بن ضبُع بن وَهْب بن بَغيض بن مالك :
أَصْبَحَ مِنِّي الشَّبَابُ قَدْ حَسَرَا ... إنْ يَنْأَ عَنِّي فَقَدْ ثَوَى عُصُرَا
وقال المُتَلَمِّس :
عَرَفْتُ لأَصْحَابِ النَّجَائِبِ جِدَّةً ... إذَا عَرَفُوا لي فِي الْعُصُورِ الأوائلِ
وقال دُرَيد بن الصِّمَّة : فإن لاَ تترُكِي عَذْلِي سَفَاهاً ... تَلُمْكِ عَلَيه نَفْسُكِ غَيْرَ عَصْرِ
أي من غير أن يمرّ بك كثير زمان .
وقال شُرَيح بن هانئ بن يزيد بن نَهيك بن دُريد :
قد عشتُ بين المشركين أعصُرا ... ثمّت أدركتُ النبيَّ المنذرا
وقال مسعود بن مَصاد بن حِصن بن كعب بن عُلَيم :
قد كنتُ في عُصُرٍ لا شيء يَعدِلُه ... فبانَ منّي وهذا بعدَه عُصُرُ
أي هذا الــزمان بعد ذلك أيضاً ماضٍ ومارٌّ.
وقال أبو حُزابة الوليد بن حنيفة: وَكُنَّا حَسِبْنَاهُمْ فَوَارِسَ كَهْمَسٍ ... حَيُوا بَعلَما ماتُوا مِنَ الدَّهْرِ أَعْصُرَا
أي بعد أن كانوا ميتين حِقَباً.
وقال ابن هَرْمة :
أذَكَرْتَ عصرَكَ أمْ شَجَتْكَ رُبُوعُ ... أمْ أنتَ مُتَّبِلُ الْفُؤَادِ مَضُوعُ
أي ذكرتَ زمانــك الماضي . ............................ ............................
العَصا: العود، ما يُتوكأ عليه ويضرب به من الخشب، والخشبُ: ما غلُظ من العيدان.

مَهْما

مَهْما: بَسيطَةٌ لا مُرَكَّبَةٌ مِنْ مَهْ ومَا، ولا مِنْ مَامَا، خِلافاً لِزاعِمِيهِما. ولها ثَلاثَةُ مَعانٍ، الأوَّلُ: ما لا يَعْقِلُ غيرَ الــزَّمانِ مع تَضَمُّنِ مَعْنَى الشَّرْطِ: {مَهْما تأتِنا به من آيةٍ} الثانِي: الــزَّمانُ والشَّرْطُ، فتكونُ ظَرْفاً لِفِعْلِ الشَّرْطِ، كقولِهِ:
وإنَّكَ مَهْما تُعْطِ بَطْنَكَ سُؤْلَهُ ... وفَرْجَكَ نالا مُنْتَهى الذَّمِّ أجْمَعا
الثالِثُ: الاسْتِفْهام:
مَهْما لِيَ اللَّيْلَةَ مَهْمالِيهْ ... أوْدَى بِنَعْلَيَّ وسِرْبالِيَهْ

شَرَرَ

(شَرَرَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ الدُّعَاءِ «الخيرُ بِيَدَيْكَ، والشَّرُّ لَيْسَ إلَيْك» أَيْ أنَّ الشَّرَّ لَا يُتَقرَّب بِهِ إِلَيْكَ، وَلَا يُبْتغَى بِهِ وجهُك، أَوْ أَنَّ الشَّرَّ لاَ يَصْعَدُ إِلَيْكَ، وَإِنَّمَا يَصْعد إِلَيْكَ الطَّيِّب مِنَ القَول والعَمَل. وَهَذَا الْكَلَامُ إرشادٌ إِلَى اسْتِعْمَالِ الأدَب فِي الثَّناءِ عَلَى اللهِ، وَأَنْ تُضافَ إِلَيْهِ محاسنُ الْأَشْيَاءِ دُون مَساوِيها، وَلَيْسَ المقصودُ نَفْىَ شَيْءٍ عَنْ قُدْرته وَإِثْبَاتِهِ لَهَا، فَإِنَّ هَذَا فِي الدُّعَاءِ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ. يُقَالُ يَا رَبَّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَا يُقَالُ يَا رَبَّ الْكِلَابِ والخَناَزير، وَإِنْ كَانَ هُوَ ربَّها. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى «وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها» .
وَفِيهِ «ولَدُ الزِّنا شَرُّ الثَّلَاثَةِ» قِيلَ هَذَا جَاءَ فِي رجُل بعَيِنه كَانَ مَوسُوما بالشَّرِّ. وَقِيلَ هُوَ عامٌّ. وَإِنَّمَا صَارَ ولدُ الزِّنَا شَرّاً مِنْ وَالدَيه لِأَنَّهُ شرُّهم أصْلا ونَسَباً وَوِلَادَةً، وَلِأَنَّهُ خُلق مِنْ مَاءِ الزَّاني والزَّانية، فَهُوَ مَاءٌ خبيثٌ. وَقِيلَ لِأَنَّ الحدَّ يُقَامُ عَلَيْهِمَا فَيَكُونُ تَمْحِيصًا لَهُمَا، وَهَذَا لَا يُدْرَى مَا يُفْعَل بِهِ فِي ذُنُوبِهِ.
(س) وَفِيهِ «لَا يَأْتِي عَلَيْكُمْ عامٌ إلاَّ وَالَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ» سُئل الحسنُ عَنْهُ فَقِيلَ: مَا بالُ زَمَانِ عُمَرَ بْنِ عبدِ الْعَزِيزِ بَعْدَ زَمَانِ الْحَجَّاجِ؟ فَقَالَ: لَا بُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ تَنْفِيس. يَعْنِي أنَّ اللهَ يُنَفِّسَ عَنْ عِبَادِهِ وقتامّا، وَيَكْشِفُ الْبَلَاءَ عَنْهُمْ حِينًا.
(هـ) فِيهِ «إِنَّ لهذا القرآن شِرَّةً، ثم إن الناس عَنْهُ فَتْرةً» الشِّرَّةُ: النشاطُ والرَّغبة.
(س) وَمِنْهُ الحديث الآخر «لكُلِّ عابدٍ شِرَّةٌ» . (س) وَفِيهِ «لَا تُشَارِّ أَخَاكَ» هُوَ تُفاَعِل مِنَ الشَّرِّ: أَيْ لَا تَفْعل بِهِ شَرًّا يُحْوجه إِلَى أَنْ يَفْعل بِكَ مِثُله. وَيُرْوَى بِالتَّخْفِيفِ.
وَمِنْهُ حَدِيثُ أَبِي الْأَسْوَدِ «مَا فَعَل الَّذِي كَانَتِ امرأتُه تُشَارُّهُ وتُمارُّه» .
(س) وَفِي حَدِيثِ الْحَجَّاجِ «لَهَا كِظَّةٌ تَشْتَرُّ» يُقَالُ اشْتَرَّ البعيرُ واجترَّ، وَهِيَ الجِرَّةُ لِمَا يُخْرِجُه البعيرُ مِنْ جَوْفِهِ إِلَى فَمِهِ ويمضَغُه ثُمَّ يَبْتَلِعه. وَالْجِيمُ وَالشِّينُ مِنْ مَخْرَجٍ وَاحِدٍ.

الْأَجَل

(الْأَجَل) مُدَّة الشَّيْء وَالْوَقْت الَّذِي يحدد لانْتِهَاء الشَّيْء أَو حُلُوله يُقَال ضربت لَهُ أَََجَلًا وَيُقَال جَاءَ أَجله إِذا حَان مَوته (ج) آجال وَغَايَة الْوَقْت المحدد لشَيْء وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وبلغنا أجلنا الَّذِي أجلت لنا}
الْأَجَل: هُوَ الْوَقْت الْمُقدر للْمَوْت وَهُوَ وَاحِد عندنَا خلافًا للفلاسفة فَإِن الْأَجَل عِنْدهم للحيوان أجلان أَحدهمَا: طبيعي هُوَ وَقت مَوته بتحلل رطوبته وانطفاء حرارته الغريزيتين. وَثَانِيهمَا: اخترامي بِحَسب الْآفَات والأمراض (والاخترام) الإهلاك وَخِلَافًا للكعبي من الْمُعْتَزلَة فَإِن للمقتول عِنْده أجلين الْقَتْل وَالْمَوْت. وَفِي كَون الْمَقْتُول مَيتا بأجله اخْتِلَاف. عِنْد جُمْهُور الْمُعْتَزلَة لَيْسَ بميت بأجله فَإِنَّهُم يَزْعمُونَ أَن الله تَعَالَى مد أَجله وَالْقَاتِل قد قطع عَلَيْهِ الْأَجَل فَلهم قطع بامتداد الْعُمر بِأَنَّهُ لَو لم يقْتله الْقَاتِل لعاش إِلَى مُدَّة أَجله. وَذهب أَبُو الْهُذيْل مِنْهُم إِلَى الْقطع بِالْمَوْتِ بدل الْقَتْل فَإِنَّهُ قَالَ لَو لم يقتل لمات بدل الْقَتْل. وَعِنْدنَا الْمَقْتُول ميت بأجله أَي بِالْوَقْتِ الْمُقدر لمَوْته وَلَو لم يقتل لجَاز أَن يَمُوت فِي ذَلِك الْوَقْت وَأَن لَا يَمُوت لِأَنَّهُ لَا قطع وَلَا يَقِين بامتداد الْعُمر وَلَا بِالْمَوْتِ بدل الْقَتْل فَلَا قطع بِالْمَوْتِ والحياة لَو لم يقتل. فَإِن قيل مَا الْفرق بَين مَذْهَب جُمْهُور الْمُعْتَزلَة وَأهل السّنة فَإِن المُرَاد بالأجل إِذا كَانَ زمَان بطلَان الْحَيَاة فِي علم الله تَعَالَى كَانَ الْمَقْتُول مَيتا بأجله قطعا وَإِن قيد بطلَان الْحَيَاة بِأَن لَا يَتَرَتَّب على فعل من العَبْد لم يكن كَذَلِك قطعا من غير تصور خلاف فالنزاع لَفْظِي كَمَا زَعمه الْأُسْتَاذ وَكثير من الْمُحَقِّقين. قُلْنَا النزاع معنوي وَالْمرَاد بالأجل زمَان بطلَان الْحَيَاة فِي علم الله تَعَالَى لَكِن لَا مُطلقًا بل مَا علمه وَقدره بطرِيق الْقطع بِحَيْثُ لَا مخلص عَنهُ وَلَا تقدم وَلَا تَأَخّر على مَا يُشِير إِلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَة وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ} . وَحِينَئِذٍ الْخلاف رَاجع إِلَى أَنه هَل تحقق ذَلِك الْأَجَل فِي حق الْمَقْتُول أم الْمَعْلُوم فِي حَقه إِن قتل مَاتَ وَإِلَّا فيعيش وَلَا يلْزم من عدم تحقق ذَلِك الْأَجَل فِي الْمَقْتُول تخلف الْعلم عَن الْمَعْلُوم لجَوَاز أَن يعلم تقدم مَوته بِالْقَتْلِ مَعَ تَأَخّر الْأَجَل الَّذِي لَا يُمكن تخلفه عَنهُ كَذَا فِي الْحَوَاشِي الحكيمية وَقَالَ صَاحب ... إِن قلت لَا يتَصَوَّر الاستقدام عِنْد مَجِيئه فَلَا فَائِدَة فِي نَفْيه. قلت، قَوْله تَعَالَى {لَا يَسْتَقْدِمُونَ} عطف على الْجُمْلَة الشّرطِيَّة لَا الجزائية فَلَا يتَقَيَّد بِالشّرطِ انْتهى فَمَعْنَى الْآيَة لكل أمة أجل فَإِذا جَاءَ أَجلهم لَا يَسْتَأْخِرُونَ عَنهُ وَلكُل أمة أجل لَا يَسْتَقْدِمُونَ عَلَيْهِ.

رُؤْيا الْمُؤمن

رُؤْيا الْمُؤمن: جُزْء من سِتَّة وَأَرْبَعين جُزْءا من النُّبُوَّة رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ فِي بَاب مَا جَاءَ فِي رُؤْيَة النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي الْمَنَام وَذَلِكَ لِأَن مُدَّة الْوَحْي إِلَى رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كَانَت ثَلَاثًا وَعشْرين سنة وَكَانَت ابتداؤه سِتَّة أشهر فِي النّوم وبالتنصيف يصير سِتَّة وَأَرْبَعين نصف سنة فَتكون الرُّؤْيَا وَهِي سِتَّة أشهر جُزْءا مِنْهَا. وَقَالَ الْفَاضِل المدقق مَوْلَانَا عِصَام الدّين رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح الشَّمَائِل جعل عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام الرُّؤْيَا جُزْءا من النُّبُوَّة وَيُرَاد بِهِ أَنه مُوَافق لما هُوَ جُزْء من النُّبُوَّة.
وتوجيه كَونه جُزْءا من سِتَّة وَأَرْبَعين بِأَن زمَان الْوَحْي ثَلَاث وَعِشْرُونَ سنة وَسِتَّة أشهر قبلهَا كَانَت رُؤْيا ضَعِيف لِأَنَّهُ لم يثبت كَون زمَان الرُّؤْيَا سِتَّة أشهر وَلِأَنَّهُ كَمَا جَاءَ سِتَّة وَأَرْبَعين. جَاءَ فِي رُؤْيَة مُسلم رُؤْيا الْمُسلم جُزْء من خَمْسَة وَأَرْبَعين وَجَاء من سبعين. وَفِي غير مُسلم عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا من أَرْبَعِينَ جُزْءا وَفِي رِوَايَة من تِسْعَة وَأَرْبَعين وَفِي رِوَايَة الْعَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ من خمسين وَفِي رِوَايَة ابْن مَسْعُود من عشْرين وَمن رِوَايَة عباد من أَرْبَعَة وَأَرْبَعين. وَالْحق أَنه من التوقيفيات وَلَا يعرف إِلَّا بِبَيَان الشَّارِع انْتهى.
وروى البُخَارِيّ عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ قَالَ رَسُول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لم يبْق من النُّبُوَّة إِلَّا الْمُبَشِّرَات قَالُوا وَمَا الْمُبَشِّرَات قَالَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة - وَقَالَ الْخطابِيّ رَحمَه الله المُرَاد من رُؤْيا الْمُؤمن الحَدِيث تَحْقِيق أَمر من الرُّؤْيَا وتأكيده إِيَّاه وَإِنَّمَا كَانَت جُزْءا من أَجزَاء النُّبُوَّة فِي حق الْأَنْبِيَاء دون غَيرهم فَكَانَ الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام يُوحى إِلَيْهِم فِي النّوم واليقظة انْتهى.

نَوَمَ

(نَوَمَ)
(س) فِيهِ «أنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا تَقْرؤه نَائِماً ويَقْظَانَ» أَيْ تَقْرَؤه حِفظا فِي كُلِّ حالٍ عَنْ قَلْبِكَ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ مَبْسُوطًا فِي حَرْفِ الْغَيْنِ مَعَ السِّينِ.
(س) وَفِي حَدِيثُ عِمران بْنِ حُصَين رَضِيَ اللَّه عَنْهُ «صلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَم تَسْتَطع فقاعدا، (17- النهاية 5) فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَنَائِمًا» أَرَادَ بِهِ الإضْطِجاع. ويدلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «فَإِنْ لَمْ تَسْتَطع فَعَلَى جَنْبٍ» .
وَقِيلَ: نَائِمًا: تصْحيف، وَإِنَّمَا أَرَادَ قَائِمًا. أَيْ بِالْإِشَارَةِ، كالصَّلاة عِنْدَ الْتِحَامِ القِتال، وَعَلَى ظَهْر الدَّابَّةِ.
وَفِي حَدِيثِهِ الْآخَرِ «مَنْ صلَّى نَائِماً فَلَهُ نِصْفُ أجْرِ الْقَاعِدِ» قَالَ الخطَّابي : لَا أعلَم أَنِّي سَمِعْتُ صَلَاةَ النَّائِمِ إِلَّا فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَلَا أحْفظ عَنْ أحَد من أهل العلم أنه رخَّص فِي صَلَاةِ التَّطَوّع نَائِمًا، كَمَا رَخَّص فِيهَا قَاعِدًا، فَإِنْ صَحَّت هَذِهِ الرِّوَايَةُ، وَلَمْ يَكُنْ أَحَدُ الرُّواة أدرَجهُ فِي الْحَدِيثِ، وَقَاسَهُ عَلَى صَلَاةِ الْقَاعِدِ وَصَلَاةِ الْمَرِيضِ إِذَا لَمْ يَقْدِر عَلَى القُعود، فَتَكُونُ صلاةُ المُتطوِّع الْقَادِرِ نَائِمًا جَائِزَةً، واللَّه أَعْلَمُ.
هَكَذَا قَالَ فِي «مَعالم السُّنَن» . وَعَادَ قَالَ فِي «أَعْلَامِ السُّنَّة» : كُنْتُ تأوَّلْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ «المعَالم» عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ صلاةُ التَّطَوُّعِ، إِلَّا أنَّ قولَه «نَائِمًا» يُفْسد هَذَا التأويلَ، لِأَنَّ المُضْطَجِعَ لَا يُصَلِّي التَّطَوُّعَ كَمَا يُصلي الْقَاعِدُ، فَرَأَيْتُ الْآنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ المريضُ المُفْتَرِض الَّذِي يُمكنُه أَنْ يتَحامَل فَيقْعُد مَعَ مَشَّقة، فَجَعَلَ أجْرَه ضِعْفَ أَجْرِهِ إِذَا صَلَّى نَائِمًا، تَرْغِيبًا لَهُ فِي القُعود مَعَ جَواز صلاتِه نَائِمًا، وَكَذَلِكَ جَعل صَلاته إِذَا تَحامل وَقَامَ مَعَ مَشقَّة ضِعفَ صَلَاتِهِ إِذَا صَلَّى قَاعِدًا مَعَ الْجواز. واللَّه أَعْلَمُ.
وَفِي حَدِيثِ بِلَالٍ وَالْأَذَانِ «عُدْ وقُلْ: أَلَا إِنَّ العَبْدَ نَامَ، أَلَا إِنَّ العَبْدَ نَام» أَرَادَ بِالنَّوْمِ الغَفْلَة عَنْ وَقْتِ الْأَذَانِ. يُقَالُ: نَامَ فُلَانٌ عَنْ حاجَتي، إِذَا غَفَل عَنْهَا وَلَمْ يَقُم بِهَا.
وقيل: معناه أنه قد عاد لنومه، إذا كَانَ عَلَيْهِ بَعْدُ وَقْتٌ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَرَادَ أَنْ يُعْلَمَ الناسَ بِذَلِكَ، لِئَلَّا يَنْزَعِجوا مِنْ نَوْمهم بسَماع أذانِه.
(س) وَفِي حَدِيثِ سَلَمة «فَنَوَّمُوا» هُوَ مُبالغة فِي نَامُوا.
وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَغَزْوَةِ الْخَنْدَقِ «فَلَمَّا أصْبَحْتُ قَالَ: قُم يَا نَوْمَانُ» هُوَ الْكَثِيرُ النَّوم وَأَكْثَرُ مَا يُسْتَعْمل فِي النِّداء.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّه بْنِ جَعْفَرٍ «قَالَ للحُسين وَرَأَى ناقَته قَائِمَةً على زِمامِها بالعَرْج، وكان مريضا: أيُّها النَّوْمُ. وَظَنَّ أَنَّهُ نَائِمٌ، وَإِذَا هُوَ مُثْبَتٌ وجَعاً» أَرَادَ أيُّها النَّائِمُ، فوَضع المَصْدر موضِعه، كَمَا يُقَالُ:
رجلٌ صَوْم: أَيْ صَائِمٌ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «أَنَّهُ ذَكَرَ آخِرَ الــزَّمان والفِتَن، ثُمَّ قَالَ: خَير أَهْلِ ذَلِكَ الــزَّمَانِ كلُّ مُؤمنٍ نُوَمَةٍ» النُّوَمَةُ، بِوَزْنِ الهُمَزة: الخامِلُ الذِّكْر الَّذِي لَا يُؤْبَه لَهُ.
وَقِيلَ: الْغَامِضُ فِي النَّاسِ الَّذِي لَا يَعْرِف الشَّر وأهلَه.
وَقِيلَ: النُّوَمَةُ بِالتَّحْرِيكِ: الْكَثِيرُ النَّوْم. وَأَمَّا الْخَامِلُ الَّذِي لَا يُؤْبَه لَهُ، فَهُوَ بالتَّسْكين.
وَمِنَ الْأَوَّلِ:
(هـ) حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ «أَنَّهُ قَالَ لِعَلِيٍّ: مَا النُّوَمَةُ؟ قَالَ: الَّذِي يَسْكُتُ فِي الْفِتْنَةِ، فَلَا يَبْدُو مِنْهُ شَيءٌ» .
(هـ) وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ «دُخِلَ عليَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا عَلَى الْمَنَامَةِ» هِيَ هَاهُنَا الدُّكَّان الَّتِي يُنام عَلَيْهَا، وَفِي غَيْرِ هَذَا هِيَ القَطيفة، وَالْمِيمُ الْأُولَى زَائِدَةٌ.
وَفِي حَدِيثِ غَزْوَةِ الْفَتْحِ «فَمَا أشرَف لَهُمْ يَوْمَئِذٍ أحدٌ إِلَّا أَنَامُوهُ» أَيْ قَتَلُوهُ. يُقال: نَامَتِ الشاةُ وغيرُها، إِذَا ماتَتْ، والنَّائِمَةُ: الميِّتة.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عَلِيٍّ «حثَّ عَلَى قِتَالِ الْخَوَارِجِ فَقَالَ: إِذَا رأيتُموهم فَأَنِيمُوهُمْ» .

الماضي

الماضي: الدال على اقتران حدث بــزمان قبل زمانــك.
الماضي: هو الدالّ على اقترن حدث بــزمان قبل زمانــك.
الماضي:
[في الانكليزية] Past
[ في الفرنسية] Passe
بالضاد المعجمة عند النحاة فعل دلّ على زمان قبل زمانــك فخرج أمس لكونه اسما.
والمراد بالدلالة ما يكون بحسب الوضع فإنّه المتبادر فإنّ المطلق ينصرف إلى الكامل فلا يرد على منع الحدّ لم يضرب وعلى جمعه إن ضربت، والقبل بمعنى المتقدّم كما في قوله تعالى: لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ أنّ معناه متقدّما ومتأخّرا. والمراد القبلية الذاتية وهي ما لا يكون بواسطة الــزمان على ما هو مصطلح المتكلّمين من أنّ تقدّم بعض أجزاء الــزمان على بعض بالذات وهو المتبادر من الذاتية، لا على ما هو مصطلح الحكماء وهو أن يكون المتأخّر محتاجا إلى المتقدّم ولا يكون علّة تامة أو فاعلية له، فلا يرد ما قيل إنّه يلزم على هذا أن يكون للــزمان زمان، هكذا ذكر مولانا عبد الحكيم في حاشية الفوائد الضيائية. 

عفد

(عفد)
عفدا وعفدانا صف رجلَيْهِ ووثب من غير عَدو

عفد


عَفَدَ(n. ac. عَفْد
عَفَدَاْن)
a. Jumped ( with the feet together ).

إِعْتَفَدَa. Shut himself up.
عفد
أهْمَلَه الخَليل. وحكى الخارْزَنْجِيُ: اعْتَفَدَ القَوْمُ: اشْتدَ بهم الجُوعُ فجعلوا عليهم حَظِيرة من الشَجَر يَدْخُلونَ فيها ليَموتوا. واعْتَفَد كذا: مِثْل اعْتَقَدَ.
(ع ف د)

عَفدَ يَعْفِد عَفْدًا وعَفَدَانا: طَفَرَ يَمَانِية.

والعِفْد: طَائِر يُشْبه الْحمام. وَقيل: هُوَ الْحمام بِعَيْنِه. وَالْجمع عفدان.
ع ف د

اعتفد الرجل إذا أغلق الباب على نفسه ليموت جوعاً ولا يسأل. ولقي رجل جارية تبكي فقال: مالك؟ قالت: نريد أن نعتفد. وأنشد ابن الأعرابي:

وقائلة ذا زمان اعتفاد ... ومن ذاك يبقى على الإعتقاد

عفد: عَفَدَ يَعْفِد عَفْداً وعَفَداناً: طَفَرَ، يمانية، وقيل: هو إِذا

صف رجليه فوثب من غير عَدْو.

والعَفْد: طائر يشبه الحَمام، وقيل: هو الحمام بعينه، والجمع عُفْدانٌ.

أَبو عمرو: الاعْتِفادُ أَن يُغْلِقَ الرجل بابَهُ على نفسه فلا يسأَل

أَحداً حتى يموت جوعاً؛ وأَنشد:

وقائلةٍ: ذَا زَمانُ اعْتِفادِ،

ومَن ذاكَ يَبْقى على الاعْتِفاد؟

وقد اعْتَفَدَ يَعْتَفِدُ اعتِفاداً. قال محمد بن أَنس: كانوا إِذا

اشتدّ بهم الجوع وخافوا أَن يموتوا أَغْلَقوا عليهم باباً، وجعلوا حظيرة من

شجرة يدخلون فيها ليموتوا جوعاً. قال: ولقي رجل جارية تبكي فقال لها:

مالك؟ قالت: نريد أَن نعتفد؛ قال: وقال النظار بن هاشم الأَسدي:

صاحَ بِهِم، على اعتِفادٍ، زَمانْ

مُعْتَفَدٌ قَطَّاعُ بَيْنِ الأَقْرانْ

قال شمر: ووجدته في كتاب ابن بُزُرْج اعْتَقَدَ الرجلُ، بالقاف، وآطَمَ

وذلك أَن يُغْلق عليه باباً إِذا احتاج حتى يموت.

عفد
: (عَفَدَ يَعْفِدُ عَفْداً وعَفَدَاناً) ، أَهمله الجوهريّ، وَقَالَ أَبو خَيْرَةَ: إِذا طَفَر، يَمَنِيَةٌ. وَقيل: هُوَ إِذا (صَفَّ رِجْلَيْهِ فَوَثَبَ من غَيره عَدْوٍ) .
(والعَفْدُ) ، بِفَتْح فَسُكُون: (الحَمَامُ) بعَيْنِه، (أَو طائِرٌ يُشبِهُهُ) ، وَالْجمع: عُفْدانٌ.
(و) عَن أَبي عَمْرٍ و: (الاعْتفادُ: أَن يُغْلِقَ) الرَّجُلُ (بَابَهُ على نَفْسِهِ فَلَا يَسأَلَ أَحداً حتَّى يَمُوتَ جُوعاً) وأَنشد:
وقائلةٍ ذَا زمانُ اعتفادْ
ومَنْ ذَاك يَبْقَى على الاعْتِفادْ
وَقد اعتَفَدَ يَعْتَفِد اعتفاداً، (وكانُوا يَفْعَلُون ذالكَ فِي الجدْبِ) ، وَقَالَ شَمِرٌ: قَالَ محمّد بن أَنس: كَانُوا إِذا اشْتَدَّ بهم الجُوع، وخافُوا أَن يَمُوتُوا، أَغلَقُوا عَلَيْهِم بَابا، وجَعَلُوا حَظِيرَةً من شَجَرَةٍ، يَدْخُلون فِيهَا لِيَمُوتُوا جُوعاً. قَالَ: (ولَقِيَ رَجْل جارِيَةً تَبْكِي، فَقَالَ) لَهَا: (مالَكِ؟ فقالَتْ: نُرِيدُ أَن نَعْتَفِدَ) قَالَ: وَقَالَ النَّظَّارُ بنُ هاشمٍ الأَسَدِي:
صاحَ بهمْ على اعتِقَادٍ زَمانْ
مُعْتَفَدٌ قَطَّاعُ بَيْنِ الأَقْرانُ
قَالَ شَمِر وَجدتُه فِي كتاب ابْن بُزُرْج: اعتَقَد الرجُلُ، بِالْقَافِ، (وَآطَمَ) وذالك أَن يُغْلِقَ عَلَيْهِ بَابا، إِذا احتاجَ، حَتَّى يَمُوتَ.
(واعتَفَدَ كَذَا اعتَقَدَهُ) ، وسيأْتي.

زَمِنَ 

(زَمِنَ) الزَّاءُ وَالْمِيمُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى وَقْتٍ مِنَ الْوَقْتِ. مِنْ ذَلِكَ الــزَّمَانِ، وَهُوَ الْحِينُ، قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ. يُقَالُ زَمَانٌ وَزَمَنُ، وَالْجَمْعُ أَــزْمَانٌ وَأَزْمِنَةٌ. قَالَ الشَّاعِرُ فِي الزَّمَنِ:

وَكُنْتُ امْرَأً زَمَنًا بِالْعِرَاقِ ... عَفِيفَ الْمُنَاخِ طَوِيلَ التَّغَنْ

وَقَالَ فِي الْأَــزْمَانِ:

أَــزْمَانَ لَيْلَى عَامَ لَيْلَى وَحَمِي وَيَقُولُونَ: " لَقِيتُهُ ذَاتَ الزُّمَيْنِ " يُرَادُ بِذَلِكَ تَرَاخِي الْمُدَّةِ. فَأَمَّا الــزَّمَانَــةُ الَّتِي تُصِيبُ الْإِنْسَانَ فَتُقْعِدُهُ، فَالْأَصْلُ فِيهَا الضَّادُ، وَهِيَ الضَّمَانَةُ. وَقَدْ كُتِبَتْ بِقِيَاسِهَا فِي الضَّادِ.

تَدْمُو

تَدْمُو:
بالفتح ثم السكون، وضم الميم: مدينة قديمة مشهورة في برّية الشام، بينها وبين حلب خمسة أيام قال بطليموس: مدينة تدمر طولها إحدى وسبعون درجة وثلاثون دقيقة، داخلة في الإقليم الرابع، بيت حياتها السماك الأعزل تسع درجات من الجدي بيت ملكها مثلها من الحمل عاقبتها مثلها من الميزان، وقال صاحب الزيج: طول تدمر ثلاث وستون درجة وربع، وعرضها أربع وثلاثون درجة وثلثان قيل: سميت بتدمر بنت حسان ابن أذينة بن السّميدع بن مزيد بن عمليق بن لاوذ ابن سام بن نوح، عليه السلام، وهي من عجائب الأبنية، موضوعة على العمد الرخام، زعم قوم أنها مما بنته الجنّ لسليمان، عليه السلام ونعم الشاهد على ذلك قول النابغة الذبياني:
إلا سليمان، إذ قال الإله له: ... قم في البرية فاحددها عن الفند
وخيّس الجنّ، إني قد أذنت لهم ... يبنون تدمر بالصّفّاح والعمد
وأهل تدمر يزعمون أن ذلك البناء قبل سليمان بن داود، عليه السلام، بأكثر مما بيننا وبين سليمان، ولكن الناس إذا رأوا بناء عجيبا جهلوا بانيه أضافوه إلى سليمان وإلى الجن.
وعن إسماعيل بن محمد بن خالد بن عبد الله القسري قال: كنت مع مروان بن محمد آخر ملوك بني أمية حين هدم حائط تدمر، وكانوا خالفوا عليه فقتلهم وفرّق الخيل عليهم تدوسهم وهم قتلى، فطارت لحومهم وعظامهم في سنابك الخيل، وهدم حائط المدينة، فأفضى به الهدم الى جرف عظيم، فكشفوا عنه صخرة فإذا بيت مجصص كأنّ اليد رفعت عنه تلك الساعة، وإذا فيه سرير عليه امرأة مستلقية على ظهرها وعليها سبعون حلّة، وإذا لها سبع غدائر مشدودة بخلخالها، قال: فذرعت قدمها فإذا ذراع من غير الأصابع، وإذا في بعض غدائرها صحيفة ذهب فيها مكتوب: باسمك اللهم! أنا تدمر بنت حسان، أدخل الله الذّل على من يدخل بيتي هذا.
فأمر مروان بالجرف فأعيد كما كان ولم يأخذ مما كان عليها من الحلي شيئا، قال: فو الله ما مكثنا على ذلك إلا أياما حتى أقبل عبد الله بن عليّ فقتل مروان وفرّق جيشه واستباحه وأزال الملك عنه وعن أهل بيته وكان من جملة التصاوير التي بتدمر صورة جاريتين من حجارة من بقية صور كانت هناك، فمر بهما أوس بن ثعلبة التيمي صاحب قصر أوس الذي في البصرة فنظر إلى الصورتين فاستحسنهما فقال:
فتاتي أهل تدمر خبّراني! ... ألمّا تسأما طول القيام؟
قيامكما على غير الحشايا، ... على جبل أصمّ من الرخام
فكم قد مرّ من عدد الليالي، ... لعصركما، وعام بعد عام
وإنكما، على مرّ الليالي، ... لأبقى من فروع ابني شمام
فإن أهلك، فربّ مسوّمات ... ضوامر تحت فتيان كرام
فرائصها من الإقدام فزع، ... وفي أرساغها قطع الخدام
هبطن بهنّ مجهولا مخوفا ... قليل الماء مصفرّ الجمام
فلما أن روين صدرن عنه، ... وجئن فروع كاسية العظام
قال المدائني: فقدم أوس بن ثعلبة على يزيد بن معاوية فأنشده هذه الأبيات، فقال يزيد: لله درّ أهل العراق! هاتان الصورتان فيكم يا أهل الشام لم يذكرهما أحد منكم، فمرّ بهما هذا العراقي مرّة فقال ما قال ويروى عن الحسن بن أبي سرح عن أبيه قال: دخلت مع أبي دلف إلى الشام فلما دخلنا تدمر وقف على هاتين الصورتين، فأخبرته بخبر أوس بن ثعلبة وأنشدته شعره فيهما، فأطرق قليلا ثم أنشدني:
ما صورتان بتدمر قد راعتا ... أهل الحجى وجماعة العشّاق
غبرا على طول الــزمان ومرّه، ... لم يسأما من ألفة وعناق
فليرمينّ الدهر من نكباته ... شخصيهما منه بسهم فراق
وليبلينّهما الــزمان بكرّه، ... وتعاقب الإظلام والإشراق
كي يعلم العلماء أن لا خالد ... غير الإله الواحد الخلّاق
وقال محمد بن الحاجب يذكرهما:
أتدمر صورتاك هما لقلبي ... غرام، ليس يشبهه غرام
أفكّر فيكما فيطير نومي، ... إذا أخذت مضاجعها النيام
أقول من التعجّب: أيّ شيء ... أقامهما، فقد طال القيام
أملّكتا قيام الدهر طبعا، ... فذلك ليس يملكه الأنام
كأنهما معا قرنان قاما، ... ألجّهما لدى قاض خصام
يمرّ الدهر يوما بعد يوم، ... ويمضي عامه يتلوه عام
ومكثهما يزيدهما جمالا، ... جمال الدّرّ زيّنه النّظام
وما تعدوهما بكتاب دهر، ... سجيّته اصطلام واخترام
وقال أبو الحسن العجلي فيهما:
أرى بتدمر تمثالين زانهما ... تأنق الصانع المستغرق الفطن
هما اللتان يروق العين حسنهما، ... تستعطفان قلوب الخلق بالفتن
وفتحت تدمر صلحا، وذاك أن خالد بن الوليد، رضي الله عنه، مرّ بهم في طريقه من العراق إلى الشام فتحصنوا منه، فأحاط بهم من كلّ وجه، فلم يقدر عليهم، فلما أعجزه ذلك وأعجله الرحيل قال:
يا أهل تدمر والله لو كنتم في السحاب لاستنزلناكم ولأظهرنا الله عليكم، ولئن أنتم لم تصالحوا لأرجعنّ إليكم إذا انصرفت من وجهي هذا ثم لأدخلنّ مدينتكم حتى أقتل مقاتليكم وأسبي ذراريكم فلما ارتحل عنهم بعثوا إليه وصالحوه على ما أدّوه له ورضي به.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.