بِنَهْكَةِ ذي قُرْبَى ولا بِحَقَلَّدِ
وقيل: الحِقَدُ والعَدَاوَةُ.
حسر: الحَسْرُ: كَشْطُكََ الشيء عن الشيء.
حَسَرَ الشيءَ عن الشيء يَحْسُرُه ويَحْسِرُه حَسْراً وحُسُوراً
فانْحَسَرَ: كَشَطَهُ، وقد يجيء في الشعر حَسَرَ لازماً مثل انْحَسَر على
المضارعة. والحاسِرُ: خلاف الدَّارِع. والحاسِرُ: الذي لا بيضة على رأْسه؛ قال
الأَعشى:
في فَيْلَقٍ جَأْواءَ مَلْمُومَةٍ،
تَقْذِفُ بالدَّارِعِ والحاسِرِ
ويروى: تَعْصِفُ؛ والجمع حُسَّرٌ، وجمع بعض الشعراء حُسَّراً على
حُسَّرِينَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
بِشَهْباءَ تَنْفِي الحُسَّرِينَ كأَنَّها
إِذا ما بَدَتْ، قَرْنٌ من الشمسِ طالِعُ
ويقال للرَّجَّالَةِ في الحرب: الحُسَّرُ، وذلك أَنهم يَحْسُِرُون عن
أَيديهم وأَرجلهم، وقيل: سُمُّوا حُسَّراً لأَنه لا دُرُوعَ عليهم ولا
بَيْضَ. وفي حديث فتح مكة: أَن أَبا عبيدة كان يوم الفتح على الحُسَّرِ؛ هم
الرَّجَّالَةُ، وقيلب هم الذين لا دروع لهم. ورجل حاسِرٌ: لا عمامة على
رأْسه. وامرأَة حاسِرٌ، بغير هاء، إِذا حَسَرَتْ عنها ثيابها. ورجل حاسر:
لا درع عليه ولا بيضة على رأْسه. وفي الحديث: فَحَسَر عن ذراعيه أَي
أَخرجهما من كُمَّيْهِ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: وسئلتْ عن امرأَة
طلقها زوجها وتزّوجها رجل فَتَحَسَّرَتْ بين يديه أَي قعدت حاسرة مكشوفة
الوجه. ابن سيده: امرأَة حاسِرٌ حَسَرَتْ عنها درعها. وكلُّ مكشوفة الرأْس
والذراعين: حاسِرٌ، والجمع حُسَّرٌ وحَواسِر؛ قال أَبو ذؤيب:
وقامَ بَناتي بالنّعالِ حَواسِراً،
فأَلْصَقْنَ وَقْعَ السِّبْتِ تحتَ القَلائدِ
ويقال: حَسَرَ عن ذراعيه، وحَسَرَ البَيْضَةَ عن رأْسه، وحَسَرَتِ
الريحُ السحابَ حَسْراً. الجوهري: الانحسار الانكشاف. حَسَرْتُ كُمِّي عن
ذراعي أَحْسِرُه حَسْراً: كشفت.
والحَسْرُ والحَسَرُ والحُسُورُ: الإِعْياءُ والتَّعَبُ.
حَسَرَتِ الدابةُ والناقة حَسْراً واسْتَحْسَرَتْ: أَعْيَثْ وكَلَّتْ،
يتعدّى ولا يتعدى؛ وحَسَرَها السير يَحْسِرُها ويَحْسُرها حَسْراً
وحُسُوراً وأَحْسَرَها وحَسَّرَها؛ قال:
إِلاَّ كَمُعْرِضِ المُحَسِّر بَكْرَهُ،
عَمْداً يُسَيِّبُنِي على الظُّلْمِ
أَراد إِلاَّ مُعرضاً فزاد الكاف؛ ودابة حاسِرٌ حاسِرَةٌ وحَسِيرٌ،
الذكر والأُنثى سواء، والجمع حَسْرَى مثل قتيل وقَتْلَى. وأَحْسَرَ القومُ:
نزل بهم الحَسَرُ. أَبو الهيثم: حَسِرَتِ الدابة حَسَراً إِذا تعبت حتى
تُنْقَى، واسْتَحْسَرَتْ إِذا أَعْيَتْ. قال الله تعالى: ولا
يَسْتَحْسِروُن . وفي الحديث: ادْعُوا الله عز وجل ولا تَسْتَخْسِرُوا؛ أَي لا تملوا؛
قال: وهو استفعال من حَسَرَ إِذا أَعيا وتعب. وفي حديث جرير: ولا
يَحْسَِرُ صائحها أَي لا يتعب سائقها. وفي الحديث: الحَسِيرُ لا يُعْقَرُ؛ أَي
لا يجوز للغازي إِذا حَسَِرَتْ دابته وأَعيت أَن يَعْقِرَها، مخافة أَن
يأْخذها العدوّ ولكن يسيبها، قال: ويكون لازماً ومتعدياً. وفي الحديث:
حَسَرَ أَخي فرساً له؛ يعني النَّمِرَ وهو مع خالد بن الوليد. ويقال فيه:
أَحْسَرَ أَيضاً. وحَسِرَتِ العين: كَلَّتْ. وحَسَرَها بُعْدُ ما حَدَّقَتْ
إِليه أَو خفاؤُه يَحْسُرُها: أَكَلَّها؛ قال رؤبة:
يَحْسُرُ طَرْفَ عَيْنِه فَضاؤُه
وحَسَرَ بَصَرُه يَحْسِرُ حُسُوراً أَي كَلَّ وانقطع نظره من طول مَدًى
وما أَشبه ذلك، فهو حَسِير ومَحْسُورٌ؛ قال قيس بن خويلد الهذلي يصف
ناقة:إِنَّ العَسِيرَ بها دَاءٌ مُخامِرُها،
فَشَطْرَها نَظَرُ العينينِ مَحْسُورُ
العسير: الناقة التي لم تُرَضْ، ونصب شطرها على الظرف أَي نَحْوَها.
وبَصَرٌ حَسير: كليل. وفي التنزيل: ينقلب إِليك البصر خاسئاً وهو حَسِيرٌ؛
قال الفراء: يريد ينقلب صاغراً وهو حسير أَي كليل كما تَحْسِرُ الإِبلُ
إِذا قُوِّمَتْ عن هُزال وكَلالٍ؛ وكذلك قوله عز وجل: ولا تَبْسُطْها كُلَّ
البَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً؛ قال: نهاه أَن يعطي كل ما
عنده حتى يبقى محسوراً لا شيء عنده؛ قال: والعرب تقول حَسَرْتُ الدابة إِذا
سَيَّرتها حتى ينقطع سَيْرُها؛ وأَما البصر فإِنه يَحْسَِرُ عند أَقصى
بلوغ النظر؛ وحَسِرَ يَحْسَرُ حَسَراً وحَسْرَةً وحَسَراناً، فهو حَسِيرٌ
وحَسْرانُ إِذا اشتدّت ندامته على أَمرٍ فاته؛ وقال المرّار:
ما أَنا اليومَ على شيء خَلا،
يا ابْنَة القَيْن، تَوَلَّى بِحَسِرْ
والتَّحَسُّر: التَّلَهُّفُ. وقال أَبو اسحق في قوله عز وجل: يا
حَسْرَةً على العباد ما يأْتيهم من رسول؛ قال: هذا أَصعب مسأَلة في القرآن إِذا
قال القائل: ما الفائدة في مناداة الحسرة، والحسرة مما لا يجيب؟ قال:
والفائدة في مناداتها كالفائدة في مناداة ما يعقل لأَن النداء باب تنبيه،
إِذا قلت يا زيد فإِن لم تكن دعوته لتخاطبه بغير النداء فلا معنى للكلام،
وإِنما تقول يا زيد لتنبهه بالنداء، ثم تقول: فعلت كذا، أَلا ترى أَنك
إِذا قلت لمن هو مقبل عليك: يا زيد، ما أَحسن ما صنعت؛ فهو أَوكد من أَن
تقول له: ما أَحسن ما صنعت، بغير نداء؛ وكذلك إِذا قلت للمخاطَب: أَنا أَعجب
مما فعلت، فقد أَفدته أَنك متعجب، ولو قلت: واعجباه مما فعلت، ويا عجباه
أَن تفعل كذا كان دعاؤُك العَجَبَ أَبلغ في الفائدة، والمعنى يا عجبا
أَقبل فإِنه من أَوقاتك، وإِنما النداء تنبيه للمتعجَّب منه لا للعجب.
والحَسْرَةُ: أَشدَّ الندم حتى يبقى النادم كالحَسِيرِ من الدواب الذي لا
منفعة فيه. وقال عز وجل: فلا تَذْهَبْ نَفْسُك عليهم حَسَراتٍ؛ أَي حسرة
وتحسراً.
وحَسَرَ البحرُ عن العِراقِ والساحلِ يَحْسُِرُ: نَضَبَ عنه حتى بدا ما
تحت الماء من الأَرض. قال الأَزهري: ولا يقال انْحَسَرَ البحرُ. وفي
الحديث: لا تقوم الساعة حتى يَحْسِرُ الفرات عن جبل من ذهب؛ أَي يكشف. يقال:
حَسَرْتُ العمامة عن رأْسي والثوب عن بدني أَي كشفتهما؛ وأَنشد:
حتى يقالَ حاسِرٌ وما حَسَرْ
وقال ابن السكيت: حَسَرَ الماءُ ونَضَبَ وجَزَرَ بمعنى واحد؛ وأَنشد
أَبو عبيد في الحُسُورِ بمعنى الانكشاف:
إِذا ما القَلاسِي والعَمائِمُ أُخْنِسَتْ،
فَفِيهنَّ عن صُلْعِ الرجالِ حُسُورُ
قال الأَزهري: وقول العجاج:
كَجَمَلِ البحر، إِذا خاضَ جَسَرْ
غَوارِبَ اليَمِّ إِذا اليَمُّ هَدَرْ،
حتى يقالَ: حاسِرٌ وما حَسَرْ
(* قوله: «كجمل البحر إلخ» الجمل؛ بالتحريك: سمكة طولها ثلاثون ذراعاً).
يعني اليم. يقال: حاسِرٌ إِذا جَزَرَ، وقوله إِذا خاض جسر، بالجيم، أَي
اجترأَ وخاض معظم البحر ولم تَهُلْهُ اللُّجَجُ. وفي حديث يحيى بن
عَبَّادٍ: ما من ليلة إِلاَّ مَلَكٌ يَحْسِرُ عن دوابِّ الغُزاةِ الكَلالَ أَي
يكشف، ويروى: يَحُسُّ، وسيأْتي ذكره. وفي حديث علي، رضوان الله عليه:
ابنوا المساجدَ حُسَّراً فإِن ذلك سيما المسلمين؛ أَي مكشوفة الجُدُرِ لا
شُرَفَ لها؛ ومثله حديث أَنس. رضي الله عنه: ابنوا المساجد جُمّاً. وفي
حديث جابر: فأَخذتُ حَجَراً فكسرته وحَسَرْتُه؛ يريد غصناً من أَغصان الشجرة
أَي قشرته بالحجر. وقال الأَزهري في ترجمة عرا، عند قوله جارية حَسَنَةُ
المُعَرَّى والجمع المَعارِي، قال: والمَحاسِرُ من المرأَة مثل
المَعارِي. قال: وفلاة عارية المحاسر إِذا لم يكن فيها كِنٌَّ من شجر،
ومَحاسِرُها: مُتُونُها التي تَنْحَسِرُ عن النبات.
وانْحَسَرتِ الطير: خرجت من الريش العتيق إِلى الحديث. وحَسَّرَها
إِبَّانُ ذلك: ثَقَّلَها، لأَنه فُعِلَ في مُهْلَةٍ. قال الأَزهري: والبازي
يَكْرِزُ للتَّحْسِيرِ، وكذلك سائر الجوارح تَتَحَسَّرُ.
وتَحَسَّر الوَبَرُ عن البعير والشعرُ عن الحمار إِذا سقط؛ ومنه قوله:
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنه فَأَنْسَلَها،
واجْتابَ أُخْرَى حَدِيداً بعدَما ابْتَقَلا
وتَحَسَّرَتِ الناقة والجارية إِذا صار لحمها في مواضعه؛ قال لبيد:
فإِذا تَغالى لَحْمُها وتَحَسَّرَتْ،
وتَقَطَّعَتْ، بعد الكَلالِ، خِدامُها
قال الأَزهري: وتَحَسُّرُ لحمِ البعير أَن يكون للبعير سِمْنَةٌ حتى كثر
شحمه وتَمَكَ سَنامُه، فإِذا رُكب أَياماً فذهب رَهَلُ لحمه واشتدّ
بعدما تَزَيَّمَ منه في مواضعه، فقد تَحَسَّرَ.
ورجل مُحَسَّر: مُؤْذًى محتقر. وفي الحديث: يخرج في آخر الزمان رجلٌ
يسمى أَمِيرَ العُصَبِ، وقال بعضهم: يسمى أَمير الغَضَبِ. أَصحابه
مُحَسَّرُونَ مُحَقَّرُونَ مُقْصَوْنَ عن أَبواب السلطان ومجالس الملوك، يأْتونه
من كل أَوْبٍ كأَنهم قَزَعُ الخريف يُوَرِّثُهُم الله مشارقَ الأَرض
ومغاربَها؛ محسرون محقرون أَي مؤْذون محمولون على الحسرة أَو مطرودون متعبون
من حَسَرَ الدابة إِذا أَتعبها.
أَبو زيد: فَحْلٌ حاسِرٌ وفادرٌ وجافِرٌ إِذا أَلْقَحَ شَوْلَه فَعَدَل
عنها وتركها؛ قال أَبو منصور: روي هذا الحرف فحل جاسر، بالجيم، أَي فادر،
قال: وأَظنه الصواب.
والمِحْسَرَة: المِكْنَسَةُ.
وحْسَرُوه يَحْسِرُونَه حَسْراً وحُسْراً: سأَلوه فأَعطاهم حتى لم يبق
عنده شيء.
والحَسارُ: نبات ينبت في القيعان والجَلَد وله سُنْبُل وهو من دِقّ
المُرَّيْقِ وقُفُّهُ خير من رَطْبِه، وهو يستقل عن الأَرض شيئاً قليلاً يشبه
الزُّبَّادَ إِلاَّ أَنه أَضخم منه ورقاً؛ وقال أَبو حنيفة: الحَسارُ
عشبة خضراء تسطح على الأَرض وتأْكلها الماشية أَكلاً شديداً؛ قال الشاعر
يصف حماراً وأُتنه:
يأْكلنَ من بُهْمَى ومن حَسارِ،
ونَفَلاً ليس بذي آثارِ
يقول: هذا المكان قفر ليس به آثار من الناس ولا المواشي. قال: وأَخبرني
بعض أَعراب كلب أَن الحَسَار شبيه بالحُرْفِ في نباته وطعمه ينبت حبالاً
على الأَرض؛ قال: وزعم بعض الرواة أَنه شبيه بنبات الجَزَرِ. الليث:
الحَسار ضرب من النبات يُسْلِحُ الإِبلَ. الأَزهري: الحَسَارُ من العشب ينبت
في الرياض، الواحدة حَسَارَةٌ. قال: ورجْلُ الغراب نبت آخر،
والتَّأْوِيلُ عشب آخر.
وفلان كريم المَحْسَرِ أَي كريم المَخْبَرِ.
وبطن مُحَسِّر، بكسر السين: موضع بمنى وقد تكرر في الحديث ذكره، وهو بضم
الميم وفتح الحاء وكسر السين، وقيل: هو واد بين عرفات ومنى.
حذر: الحِذْرُ والحَذَرُ: الخيفة. حَذِرَهُ يَحْذَرُهُ حَذَراً
واحْتَذَرَهُ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
قلتُ لقومٍ خَرجُوا هَذالِيلْ:
احْتَذِرُوا لا يَلْقَكُمْ طَمالِيلْ
ورجلُ حَذِرٌ وحَذُرٌ
(* قوله: «وحذر» بفتح الحاء وضم الذال كما هو
مضبوط بالأَصل، وجرى عليه شارح القاموس خلافاً لما في نسخ القاموس من ضبطه
بالشكل بسكون الذال) وحاذُورَةٌ وحِذْرِيانٌ: متيقظ شديد الحَذَرِ
والفَزَعِ، متحرّز؛ وحاذِرٌ: متأَهب مُعِدٌّ كأَنه يَحْذَرُ أَن يفاجَأَ؛ والجمع
حَذِرُونَ وحَذارَى. الجوهري: الحَذَرُ والحِذْرُ التحرّز؛ وأَنشد سيبويه
في تعدِّيه:
حَذِرٌ أُمُوراً لا تُخافُ، وآمِنٌ
ما ليسَ مُنْجِيهِ من الأَقدْارِ
وهذا نادر لأَن النعت إِذا جاء على فَعِلٍ لا يتعدى إِلى مفعول.
والتحذير: التخويف. والحذارُ: المُحاذَرَةُ. وقولهم: إِنه لابْنُ أَحْذارٍ أَي
لابْنُ حَزْمٍ وحَذَرٍ. والمَحْذُورَةُ: الفزع بعينه. وفي التنزيل العزيز:
وإِنا لجميعٌ حاذِرُونَ، وقرئ: حَذِرُونَ وحَذُرونَ أَيضاً، بضم الذال،
حكاه الأَخفش؛ ومعنى حاذرون متأَهبون، ومعنى حذرون خائفون، وقيل: معنى
حذرون مُعِدُّونَ. الأَزهري: الحَذَرُ مصدر قولك حَذِرْتُ أَحْذَرُ
حَذَراً، فَأَنا حاذِرٌ وحَذِرٌ، قال: ومن قرأَ: وإِنا لجميع حاذرون؛ أَي
مستعدون. ومن قرأَ: حذرون، فمعناه إِنا نخاف شرهم. وقال الفرّاء في قوله:
حاذرون، روي عن ابن مسعود أَنه قال مُؤْدُونَ: ذَوُو أَداةٍ من السلاح. قال:
وكأَنَّ الحاذِرَ الذي يَحْذَرُكَ الآن. وكَأَنَّ الحَذِرَ المَخْلُوقُ
حَذِراً لا تلقاه إِلاَّ حَذِراً. وقال الزجاج: الحاذِرُ المستعدُّ،
والحَذِرُ المتيقظ؛ وقال شمر: الحاذِرُ المُؤْدِي الشَّاكُّ في السلاح؛
وأَنشد:وبِزَّةٍ مِن فَوْقِ كُمَّيْ حاذِرِ،
ونَثْرَةٍ سَلَبْتُها عن عامِرِ،
وحَرْبَةٍ مِثْلِ قُدَامَى الطَّائِرِ
ورجل حِذْرِيانٌ إِذا كان حَذِراً، على فِعْليانٍ.
وقوله تعالى: ويُحَذِّرُكم الله نفسه؛ أَي يحذركم إِياه. أَبو زيد: في
العين الحَذَرُ، وهو ثِقَلٌ فيها من قَذىً يصيبها؛ والحَذَلُ باللام، طول
البكاء وأَن لا تجف عين الإِنسان. وقد حَذَّرَهُ الأَمَر وأَنا حَذُيرُكَ
منه مُحَذِّرك منه أُحَذِّرُكَهُ. قال الأَصمعي: لم أَسمع هذا الحرف
لغير الليث، وكأَنه جاء به على لفظ نَذِيرُكَ وعَذِيرُكَ.
وتقول: حَذَارِ يا فلان أَي احْذرْ؛ وأَنشد لأَبي النجم:
حَذارِ مِنْ أَرْماحِنا حَذارِ
أَوْ تَجْعَلُوا دُونَكُمُ وَبارِ
وتقول: سُمِعَتْ حَذارِ في عسكرهم ودُعِيَتْ نَزال بينهم.
والمَحْذُورَةُ: كالحَذَرِ مصدر كالمَصْدُوقَةِ والمَلْزُومَة، وقيل: هي الحرب. ويقال:
حَذارِ مثل قَطامِ لأَأَي احْذرْ، وقد جاء في الشعر حَذار وأَنشد
اللحياني:
حَذارِ حَذارٍ مِنْ فَوارِسِ دارِمٍ،
أَبا خالِدٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَتَنَدَّما
فنوّن الأَخيرة ولم يكن ينبغي له ذلك غير أَن الشاعر أَراد أَن يتم به
الجزء. وقالوا. حَذارَيْكَ، جعلوه بدلاً من اللفظ بالفعل، ومعنى التثنية
أَنه يريد: ليكن منك حَذَرٌ بعد حَذَرٍ. ومن أَسماء الفعل قولهم: حَذَرَكَ
زَيْداً وحَذارَكَ زيداً إِذا كنت تُحَذِّرُه منه. وحكى اللحياني:
حَذارِك، بكسر الراء، وحُذُرَّى صيغة مبنية من الحَذَرِ؛ وهي اسم حكاها
سيبويه.وأَبو حَذَرٍ: كُنْيَةُ الحِرْباء.
والحِذْرِيَةُ والحِذْرِياءُ: الأَرضُ الخَشِنَةُ؛ ويقال لها حَذارِ اسم
معرفة. النضر: الحِذْرِيَةُ الأَرض الغليظة من القُفِّ الخَشِنَةُ،
والجمع الحَذارَى. وقال أَبو الخَيْرَةِ: أَعلى الجبل إِذا كان صُلْباً
غليظاً مستوياً، فهو حِذْرِيةٌ، والحِذْرِيَةُ على فِعْليَةٍ قطعة من الأَرض
غليظة، والجمع الحَذارَى، وتسمى إِحدى حَرَّتَيْ بني سُلَيْمٍ
الحِذْرِيَةَ.
واحْذَأَرَّ الرجلُ: غَضِبَ فاحرْ نَفْشَ وتَقَبَّضَ.
والإِحْذارُ: الإِنذار. والحُذارِياتُ: المنذورون.
ونَفَشَ الديكُ حِذْرِيَتَهُ أَي عِفْرِيَتَهُ.
وقد سمَّتْ مَحْذُوراً وحُذَيْراً. وأَبو مَحْذُورَةَ: مؤَذن النبي، صلى
الله عليه وسلم، وهو أَوْسُ بن مِعْيَرٍ أَحد بني جُمَحٍ؛ وابنُ
حُِذارٍ: حَكَمُ بن أَسَدٍ، وهو أَحد بني سعد بن ثعلبة بن ذودان يقول فيه
الأَعشى:
وإِذا طَلَبْتَ المَجْدَ أَيْنَ مَحَلُّهُ،
فاعْمِدْ لبيتِ رَبيعَةَ بنِ حُذارِ
قال الأَزهري: وحُِذارُ اسم إِبي ربيعة بن حُذارٍ قاضي العرب في
الجاهلية، وهو من بني أَسد بن خزيمة.
حجر: الحَجَرُ: الصَّخْرَةُ، والجمع في القلة أَحجارٌ، وفي الكثرة
حِجارٌ وحجارَةٌ؛ وقال:
كأَنها من حِجارِ الغَيْلِ، أَلبسَها
مَضارِبُ الماء لَوْنَ الطُّحْلُبِ التَّرِبِ
وفي التنزيل: وقودها الناس والحجارة؛ أَلحقوا الهاء لتأْنيث الجمع كما
ذهب إِليه سيبويه في البُعُولة والفُحولة. الليث: الحَجَرُ جمعه
الحِجارَةُ وليس بقياس لأَن الحَجَرَ وما أَشبهه يجمع على أَحجار ولكن يجوز
الاستحسان في العربية كما أَنه يجوز في الفقه وتَرْكُ القياس له كما قال
الأَعشى يمدح قوماً:
لا نَاقِصِي حَسَبٍ ولا
أَيْدٍ، إِذا مُدَّت، قِصَارَهْ
قال: ومثله المِهارَةُ والبِكارَةُ لجمع المُهْرِ والبَكْرِ. وروي عن
أَبي الهيثم أَنه قال: العرب تدخل الهاء في كل جمع على فِعَال أَو فُعُولٍ،
وإِنما زادوا هذه الهاء فيها لأَنه إِذا سكت عليه اجتمع فيه عند السكت
ساكنان: أَحدهما الأَلف التي تَنْحَرُ آخِرَ حَرْفٍ في فِعال، والثاني
آخرُ فِعال المسكوتُ عليه، فقالوا: عِظامٌ وعَظامةٌ ونِفارٌ ونِفارةٌ،
وقالوا: فِحالَةٌ وحِبالَةٌ وذِكارَةٌ وذُكُورة وفُحولَةٌ وحُمُولَةٌ. قال
الأَزهري: وهذا هو العلة التي عللها النحويون، فأَما الاستحسان الذي شبهه
بالاستحسان في الفقه فإِنه باطل. الجوهري: حَجَرٌ وحِجارةٌ كقولك جَمَلٌ
وجِمالَةٌ وذَكَرٌَ وذِكارَةٌ؛ قال: وهو نادر. الفراء: العرب تقول الحَجَرُ
الأُحْجُرُّ على أُفْعُلٍّ؛ وأَنشد:
يَرْمِينِي الضَّعِيفُ بالأُحْجُرِّ
قال: ومثله هو أُكْبُرُّهم وفرس أُطْمُرُّ وأُتْرُجُّ، يشدّدون آخر
الحرف. ويقال: رُمِي فُلانٌ بِحَجَرِ الأَرض إِذا رمي بداهية من الرجال. وفي
حديث الأَحنف بن قيس أَنه قال لعلي حين سمَّى معاويةُ أَحَدَ
الحَكَمَيْنِ عَمْرَو بْنَ العاصِ: إِنك قد رُميت بِحَجر الأَرض فأَجعل معه ابن عباس
فإِنه لا يَعْقِدُ عُقْدَةً إِلاَّ حَلَّهَا؛ أَي بداهية عظيمة تثبت
ثبوتَ الحَجَرِ في الأَرض. وفي حديث الجَسَّاسَةِ والدَّجالِ: تبعه أَهل
الحَجَرِ وأَهل المَدَرِ؛ يريد أَهل البَوادِي الذين يسكنون مواضع الأَحجار
والرمال، وأَهلُ المَدَرِ أَهلُ البادِية. وفي الحديث: الولد للفراش
وللعاهِرِ الحَجَرُ؛ أَي الخَيْبَةُ؛ يعني أَن الولد لصاحب الفراش من السيد
أَو الزوج، وللزاني الخيبةُ والحرمان، كقولك ما لك عندي شيء غير التراب
وما يبدك غير الحَجَرِ؛ وذهب قوم إِلى أَنه كنى بالحجر عن الرَّجْمِ؛ قال
ابن الأَثير: وليس كذلك لأَنه ليس كل زان يُرْجَمُ. والحَجَر الأَسود،
كرمه الله: هو حَجَر البيت، حرسه الله، وربما أَفردوه فقالوا الحَجَر
إِعظاماً له؛ ومن ذلك قول عمر، رضي الله عنه: والله إِنك حَجَرٌ، ولولا أَني
رأَيتُ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، يفعل كذا ما فعلت؛ فأَما قول
الفرزدق:
وإِذا ذكَرْتَ أَبَاكَ أَو أَيَّامَهُ،
أَخْزاكَ حَيْثُ تُقَبَّلُ الأَحْجارُ
فإِنه جعل كل ناحية منه حَجَراً، أَلا ترى أَنك لو مَسِسْتَ كل ناحية
منه لجاز أَن تقول مسست الحجر؟ وقوله:
أَمَا كفاها انْتِياضُ الأَزْدِ حُرْمَتَها،
في عُقْرِ مَنْزِلها، إِذْ يُنْعَتُ الحَجَرُ؟.
فسره ثعلب فقال: يعني جبلاً لا يوصل إِليه. واسْتَحْجَرَ الطينُ: صار
حَجَراً، كما تقول: اسْتَنْوَق الجَمَلُ، لا يتكلمون بهما إِلاَّ مزيدين
ولهما نظائر. وأَرضٌ حَجِرَةٌ وحَجِيرَةٌ ومُتَحَجِّرة: كثيرة الحجارة،
وربما كنى بالحَجَر عن الرَّمْلِ؛ حكاه ابن الأَعرابي، وبذلك فسر قوله:
عَشِيَّةَ أَحْجارُ الكِناسِ رَمِيمُ
قال:
أَراد عشية رمل الكناس، ورمل الكناس: من بلاد عبدالله بن كلاب.
والحَجْرُ والحِجْرُ والحُجْرُ والمَحْجِرُ، كل ذلك: الحرامُ، والكسر أَفصح،
وقرئ بهن: وحَرْثٌ حجر؛ وقال حميد ابن ثور الهلالي:
فَهَمَمْت أَنْ أَغْشَى إِليها مَحْجِراً،
ولَمِثْلُها يُغْشَى إِليه المَحْجِرُ
يقول: لَمِثْلُها يؤتى إِليه الحرام. وروي الأَزهري عن الصَّيْداوِي
أَنه سمع عبويه يقول: المَحْجَر، بفتح الجيم، الحُرْمةُ؛ وأَنشد:
وهَمَمْتُ أَن أَغشى إِليها مَحْجَراً
ويقال: تَحَجَّرَ على ما وَسَّعه اللهُ أَي حرّمه وضَيَّقَهُ. وفي
الحديث: لقد تَحَجَّرْتَ واسعاً؛ أَي ضيقت ما وسعه الله وخصصت به نفسك دون
غيرك، وقد حَجَرَهُ وحَجَّرَهُ. وفي التنزيل: ويقولون حِجْراً مَحْجُوراً؛
أَي حراماً مُحَرَّماً. والحاجُور: كالمَحْجر؛ قال:
حتى دَعَوْنا بِأَرْحامٍ لنا سَلَفَتْ،
وقالَ قَائِلُهُمْ: إِنَّي بحاجُورِ
قال سيبويه:
ويقول الرجل للرجل أَتفعل كذا وكذا يا فلان؟ فيقول: حُِجْراً أَي ستراً
وبراءة من هذا الأَمر، وهو راجع إِلى معنى التحريم والحرمة. الليث: كان
الرجل في الجاهلية يلقى الرجل يخافه في الشهر الحرام فيقول: حُجْراً
مَحجُوراً أَي حرام محرم عليك في هذا الشهر فلا يبدؤه منه شر. قال: فإِذا كان
يوم القيامة ورأَى المشركون ملائكة العذاب قالوا: حِجْراً مَحْجُوراً،
وظنوا أَن ذلك ينفعهم كفعلهم في الدنيا؛ وأَنشد:
حتى دعونا بأَرحام لها سلفت،
وقال قائلهم: إِني بحاجور
يعني بِمَعاذ؛ يقول: أَنا متمسك بما يعيذني منك ويَحْجُرك عني؛ قال:
وعلى قياسه العاثُورُ وهو المَتْلَفُ. قال الأَزهري. أَما ما قاله الليث من
تفسير قوله تعالى: ويقولون حجراً محجوراً؛ إِنه من قول المشركين للملائكة
يوم القيامة، فإِن أَهل التفسير الذين يُعتمدون مثل ابن عباس وأَصحابه
فسروه على غير ما فسره الليث؛ قال ابن عباس: هذا كله من قول الملائكة،
فالوا للمشركين حجراً محجوراً أَي حُجِرَتْ عليكم البُشْرَى فلا تُبَشَّرُون
بخير. وروي عن أَبي حاتم في قوله: «ويقولون حجراً» تمّ الكلام. قال أَبو
الحسن: هذا من قول المجرمين فقال الله محجوراً عليهم أَن يعاذوا وأَن
يجاروا كما كانوا يعاذون في الدنيا ويجارون، فحجر الله عليهم ذلك يوم
القيامة؛ قال أَبو حاتم وقال أَحمد اللؤلؤي: بلغني عن ابن عباس أَنه قال: هذا
كله من قول الملائكة. قال الأَزهري: وهذا أَشبه بنظم القرآن المنزل بلسان
العرب، وأَحرى أَن يكون قوله حجراً محجوراً كلاماً واحداً لا كلامين مع
إِضمار كلام لا دليل عليه. وقال الفرّاء: حجراً محجوراً أَي حراماً
محرّماً، كما تقول: حَجَرَ التاجرُ على غلامه، وحَجَرَ الرجل على أَهله. وقرئت
حُجْراً مَحْجُوراً أَي حراماً محرّماً عليهم البُشْرَى. قال: وأَصل
الحُجْرِ في اللغة ما حَجَرْتَ عليه أَي منعته من أَن يوصل إِليه. وكل ما
مَنَعْتَ منه، فقد حَجَرْتَ عليه؛ وكذلك حَجْرُ الحُكَّامِ على الأَيتام:
مَنْعُهم؛ وكذلك الحُجْرَةُ التي ينزلها الناس، وهو ما حَوَّطُوا عليه.
والحَجْرُ، ساكنٌ: مَصْدَرُ حَجَر عليه القاضي يَحْجُر حَجْراً إِذا
منعه من التصرف في ماله. وفي حديث عائشة وابن الزبير: لقد هَمَمْتُ أَن
أَحْجُرَ عليها؛ هو من الحَجْر المَنْعِ، ومنه حَجْرُ القاضي على الصغير
والسفيه إِذا منعهما من التصرف في مالها. أَبو زيد في قوله وحَرْثٌ حِجْرٌ
حرامٌ ويقولون حِجْراً حراماً، قال: والحاء في الحرفين بالضمة والكسرة
لغتان. وحَجْرُ الإِنسان وحِجْرُه، بالفتح والكسر: حِضْنُه. وفي سورة النساء:
في حُجُوركم من نسائكم؛ واحدها حَجْرٌ، بفتح الحاء. يقال: حَجْرُ
المرأَة وحِجْرُها حِضْنُها، والجمع الحُجُورُ. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
هي اليتيمة تكون في حَجْر وَلِيِّها، ويجوز من حِجْرِ الثوب وهو طرفه
المتقدم لأَن الإِنسان يرى ولده في حِجْرِه؛ والوليُّ: القائم بأَمر
اليتيم. والحجر، بالفتح والكسر: الثوب والحِضْنُ، والمصدر بالفتح لا غير. ابن
سيده: الحَجْرُ المنع، حَجَرَ عليه يَحْجُرُ حَجْراً وحُجْراً وحِجْراً
وحُجْراناً وحِجْراناً مَنَعَ منه. ولا حُجْرَ عنه أَي لا دَفْعَ ولا
مَنْعَ. والعرب تقول عند الأَمر تنكره: حُجْراً له، بالضم، أَي دفعاً، وهو
استعارة من الأَمر؛ ومنه قول الراجز:
قالتْ وفيها حَيْدَةٌ وذُعْرُ:
عَوْذٌ بِرَبِّي مِنْكُمُ وحُجْرُ
وأَنت في حِجْرَتِي أَي مَنَعَتِي. قال الأَزهري: يقال هم في حِجْرِ
فلانٍ أَي في كَنَفِه ومَنَعَتِه ومَنْعِهِ، كله واحد؛ قاله أَبو زيد،
وأَنشد لحسان ابن ثابت:
أُولئك قَوْمٌ، لو لَهُمْ قيلَ: أَنْفِدُوا
أَمِيرَكُمْ، أَلفَيْتُموهُم أُولي حَجْرِ
أَي أُولى مَنَعَةٍ. والحُجْرَةُ من البيوت: معروفة لمنعها المال،
والحَجارُ: حائطها، والجمع حُجْراتٌ وحُجُراتٌ وحُجَراتٌ، لغات كلها.
والحُجْرَةُ: حظيرة الإِبل، ومنه حُجْرَةُ الدار. تقول: احْتَجَرْتُ حُجْرَةً أَي
اتخذتها، والجمع حُجَرٌ مثل غُرْفَةٍ وغُرَفٍ. وحُجُرات، بضم الجيم. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَر حُجَيْرَةً بِخَصَفَةٍ أَو حَصِير؛ الحجيرة:
تصغير الحُجْرَةِ، وهي الموضع المنفرد.
وفي الحديث: من نام على ظَهْرِ بَيْتٍ ليس عليه حِجارٌ فقد بَرِئَتْ منه
الذمة؛ الحجار جمع حِجْرٍ، بالكسر، أَو من الحُجْرَةِ وهي حَظِيرَةُ
الإِبل وحُجْرَةُ الدار، أَي أَنه يَحْجُر الإِنسان النائم ويمنعه من الوقوع
والسقوط. ويروى حِجاب، بالباء، وهو كل مانع من السقوط، ورواه الخطابي
حِجًى، بالياء، وسنذكره؛ ومعنى براءة الذمة منه لأَنه عَرَّض نفسه للهلاك
ولم يحترز لها. وفي حديث وائل بن حُجْرٍ: مَزاهِرُ وعُرْمانٌ ومِحْجَرٌ؛
مِحجر، بكسر الميم: قربة معروفة؛ قال ابن الأَثير: وقيل هي بالنون؛ قال:
وهي حظائر حول النخل، وقيل حدائق.
واستَحجَرَ القومُ واحْتَجَرُوا: اتخذوا حُجْرة. والحَجْرَةُ والحَجْرُ،
جميعاً: للناحية؛ الأَخيرة عن كراع. وقعد حَجْرَةً وحَجْراً أَي ناحية؛
وقوله أَنشده ثعلب:
سَقانا فلم نَهْجَا من الجُِوع نَقْرَةً
سَماراً، كإِبحط الذِّئْب سُودٌ حَواجِرُهْ
قال ابن سيده: لم يفسر ثعلب الحواجر. قال: وعندي أَنه جمع الحَجْرَةِ
التي هي الناحية على غير قياس، وله نظائر. وحُجْرَتا العسكر: جانباه من
الميمنة والميسرة؛ وقال:
إِذا اجْتَمَعُوا فَضَضْنَا حُجْرَتَيْهِمْ،
ونَجْمَعُهُمْ إِذا كانوا بَدَادِ
وفي الحديث: للنساء حَجْرتا الطريق؛ أَي ناحيتاه؛ وقول الطرماح يصف
الخمر:
فلما فُتَّ عنها الطِّينُ فاحَتْ،
وصَرَّحَ أَجْوَدُ الحُجْرانِ صافي
استعار الحُجْرانَ للخمر لأَنها جوهر سيال كالماء؛ قال ابن الأَثير: في
الحديث حديث علي، رضي الله عنه، الحكم لله:
ودَعْ عَنْكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِهِ
قال: هو مثل للعرب يضرب لمن ذهب من ماله شيء ثم ذهب بعده ما هو أَجلُّ
منه، وهو صدر بيت لامرئ القيس:
فَدَعْ عنكَ نَهْباً صِيحَ في حَجَراتِه،
ولكِنْ حَدِيثاً ما حَدِيثُ الرَّواحِلِ
أَي دع النهب الذي نهب من نواحيك وحدثني حديث الرواحل وهي الإِبل التي
ذهبتَ بها ما فعَلت. وفي النوادر: يقال أَمسى المالُ مُحْتَجِرَةً
بُطُونُهُ ونَجِرَةً؛ ومالٌ مَتَشدِّدٌ ومُحْتَجِّرٌ. ويقال: احْتَجَرَ البعيرُ
احْتِجاراً. والمُحْتَجِرُ من المال: كلُّ ما كَرِشَ ولم يَبْلُغْ نِصْفَ
البِطْنَة ولم يبلغ الشِّبَع كله، فإِذا بلغ نصف البطنة لم يُقَلْ،
فإِذا رجع بعد سوء حال وعَجَفٍ، فقد اجْرَوَّشَ؛ وناس مُجْروِّشُون.
والحُجُرُ: ما يحيط بالظُّفر من اللحم.
والمَحْجِرُ: الحديقة، مثال المجلس. والمَحاجِرُ: الحدائق؛ قال لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّةٌ مَقْطُورَةٌ،
تَرْوي المَحاجِرَ بازِلٌ عُلْكُومُ
قال ابن بري: أَراد بقوله جرشية ناقة منسوبة إِلى جُرَش، وهو موضع
باليمن. ومقطورة: مطلية بالقَطِران. وعُلْكُوم: ضخمة، والهاء في به تعود على
غَرْب تقدم ذكرها. الأَزهري: المِحْجَرُ المَرْعَى المنخفض، قال: وقيل
لبعضهم: أَيُّ الإِبل أَبقى على السَّنَةِ؟ فقال: ابنةُ لَبُونٍ، قيل:
لِمَهْ؟ قال: لأَنها تَرْعى مَحْجِراً وتترك وَسَطاً؛ قال وقال بعضهم:
المَحْجِرُ ههنا الناحية. وحَجْرَةُ القوم: ناحية دارهم؛ ومثل العرب: فلان يرعى
وَسطَاً: ويَرْبُضُ حَجْرَةً أَي ناحية. والحَجرَةُ: الناحية، ومنه قول
الحرث بن حلِّزَةَ:
عَنَناً باطلاً وظُلْماً، كما تُعْـ
ـتَرُ عن حَجْرَةِ الرَّبِيضِ الظِّباءُ
والجمع جَحْرٌ وحَجَراتٌ مثل جَمْرَةٍ وجَمْرٍ وجَمَراتٍ؛ قال ابن بري:
هذا مثل وهو أَن يكون الرجل وسط القوم إِذا كانوا في خير، وإِذا صاروا
إِلى شر تركهم وربض ناحية؛ قال: ويقال إِن هذتا المَثَلَ لَعَيْلانَ بن
مُضَرَ. وفي حديث أَبي الدرداء: رأَيت رجلاً من القوم يسير حَجْرَةً أَي
ناحية منفرداً، وهو بفتح الحاء وسكون الجيم. ومَحْجِرُ العين: ما دار بها
وبدا من البُرْقُعِ من جميع العين، وقيل: هو ما يظهر من نِقاب المرأَة
وعمامة الرجل إِذا اعْتَمَّ، وقيل: هو ما دار بالعين من العظم الذي في أَسفل
الجفن؛ كل ذلك بفتح الميم وكسرها وكسر الجيم وفتحها؛ وقول الأَخطل:
ويُصبِحُ كالخُفَّاشِ يَدْلُكُ عَيْنَهُ،
فَقُبِّحَ مِنْ وَجْهٍ لَئيمٍ ومِنْ حَجْرِ
فسره ابن الأَعرابي فقال: أَراد محجر العين. الأَزهري: المَحْجِرُ
العين. الجوهري: محجر العين ما يبدو من النقاب. الأَزهري: المَحْجِرُ من الوجه
حيث يقع عليه النقاب، قال: وما بدا لك من النقاب محجر وأَنشد:
وكَأَنَّ مَحْجِرَها سِراجُ المُوقِدِ
وحَجَّرَ القمرُ: استدار بخط دقيق من غير أَن يَغْلُظ، وكذلك إِذا صارت
حوله دارة في الغَيْم. وحَجَّرَ عينَ الدابة وحَوْلَها: حَلَّقَ لداء
يصيبها. والتحجير: أَن يَسِم حول عين البعير بِميسَمٍ مستدير. الأَزهري:
والحاجِرُ من مسايل المياه ومنابت العُشْب ما استدار به سَنَدٌ أَو نهر
مرتفع، والجمع حُجْرانٌ مثل حائر وحُوران وشابٍّ وشُبَّانٍ؛ قال رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حُجْرانُ الدَّرَقْ
قال الأَزهري: ومن هذا قيل لهذا المنزل الذي في طريق مكة: حاجز. ابن
سيده: الحاجر ما يمسك الماء من شَفَة الوادي ويحيط به. الجوهري: الحاجر
والحاجور ما يمسك الماء من شفة الوادي، وهو فاعول من الحَجْرِ، وهو المنع.
ابن سيده: قال أَبو حنيفة: الحاجِرُ كَرْمٌ مِئْنَاثٌ وهو مُطْمئنٌّ له
حروف مُشْرِفَة تحبس عليه الماءَ، وبذلك سمي حاجراً، والجمع حُجْرانٌ.
والحاجِرُ: مَنْبِتُ الرِّمْتِ ومُجْتَمَعُه ومُسْتَدارُه. والحاجِرُ أَيضاً:
الجَِدْرُ الذي يُمسك الماء بين الديار لاستدارته أَيضاً؛ وقول الشاعر:
وجارة البيت لها حُجْرِيُّ
فمعناه لها خاصة. وفي حديث سعد بن معاذ: لما تحَجَّرَ جُرْحُه للبُرْءِ
انْفَجَر أَي اجتمع والتأَم وقرب بعضه من بعض.
والحِجْرُ، بالكسر: العقل واللب لإِمساكه وضعه وإِحاطته بالتمييز، وهو
مشتق من القبيلين. وفي التنزيل: هل في ذلك قَسَمٌ لذي حِجر؛ فأَما قول ذي
الرمة:
فَأَخْفَيْتُ ما بِي مِنْ صَدِيقي، وإِنَّهُ
لَذو نَسَب دانٍ إِليَّ وذو حِجْرِ
فقد قيل: الحِجْرُ ههنا العقل، وقيل: القرابة. والحِجْرُ: الفَرَسُ
الأُنثى، لم يدخلوا فيه الهاء لأَنه اسم لا يشركها فيه المذكر، والجمع
أَحْجارٌ وحُجُورَةٌ وحُجُورٌ. وأَحْجارُ الخيل: ما يتخذ منها للنسل، لا يفرد
لها واحد. قال الأَزهري: بلى يقال هذه حِجْرٌ من أَحْجار خَيْلي؛ يريد
بالجِحْرِ الفرسَ الأُنثى خاصة جعلوها كالمحرَّمة الرحِمِ إِلاَّ على
حِصانٍ كريم. قال وقال أَعرابي من بني مُضَرَّسٍ وأَشار إِلى فرس له أُنثى
فقال: هذه الحِجْرُ من جياد خيلنا. وحِجْرُ الإِنسان وحَجْرُه: ما بين يديه
من ثوبه. وحِجْرُ الرجل والمرأَة وحَجْرُهما: متاعهما، والفتح أَعلى.
ونَشَأَ فلان في حَجْرِ فلان وحِجْرِه أَي حفظه وسِتْرِه. والحِجْرُ: حِجْرُ
الكعبة. قال الأَزهري: الحِجْرُ حَطِيمُ مكة، كأَنه حُجْرَةٌ مما يلي
المَثْعَبَ من البيت. قال الجوهري: الحِجْرُ حِجْرُ الكعبة، وهو ما حواه
الحطيم المدار بالبيت جانبَ الشَّمالِ؛ وكُلُّ ما حْجَرْتَهُ من حائطٍ، فهو
حِجْرٌ. وفي الحديث ذِكْرُ الحِجْرِ في غير موضع، قال ابن الأَثير: هو
اسم الحائط المستدير إِلى جانب الكعبة الغربي. والحِجْرُ: ديار ثمود ناحية
الشام عند، وادي القُرَى، وهم قوم صالح النبي، صلى الله عليه وسلم، وجاء
ذكره في الحديث كثيراً. وفي التنزيل: ولقد كَذَّبَ أَصحاب الحِجْرِ
المرسلين؛ والحِجْرُ أَيضاً: موضعٌ سوى ذلك.
وحَجْرٌ: قَصَبَةُ اليمامَةِ، مفتوح الحاء، مذكر مصروف، ومنهم من يؤنث
ولا يصرف كامرأَة اسمها سهل، وقيل: هي سُوقُها؛ وفي الصحاح: والحَجْرُ
قَصَبَةُ اليمامة، بالتعريف. وفي الحديث: إِذا نشأَت حَجْرِيَّةً ثم
تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقَةٌ حجرية، بفتح الحاء وسكون الجيم. قال ابن
الأَثير: يجوز أَن تكون منسوبة إِلى الحَجْرِ قصبة اليمامة أَو إِلى حَجْرَةِ
القوم وهي ناحيتهم، والجمع حَجْرٌ كَجَمْرَةٍ وجَمْرٍ. وإِن كانت بكسر
الحاء فهي منسوبة إِلى أَرض ثمود الحِجْرِ؛ وقول الراعي ووصف صائداً:
تَوَخَّى، حيثُ قال القَلْبُ منه،
بِحَجْرِيٍّ تَرى فيه اضْطِمارَا
إِنما عنى نصلاً منسوباً إِلى حَجْرٍ. قال أَبو حنيفة: وحدائدُ حَجْرٍ
مُقدَّمة في الجَوْدَة؛ وقال رؤبة:
حتى إِذا تَوَقَّدَتْ من الزَّرَقْ
حَجْرِيَّةٌ، كالجَمْرِ من سَنِّ الدَّلَقْ وأَما قول زهير:
لِمَنِ الدّيارُ بِقُنَّة الحَجْرِ
فإِن أَبا عمرو لم يعرفه في الأَمكنة ولا يجوز أَن يكون قصبة اليمامة
ولا سُوقها لأَنها حينئذٍ معرفة، إِلاَّ أَن تكون الأَلف واللام زائدتين،
كما ذهب إِليه أَبو علي في قوله:
ولَقَد جَنَيْتُكَ أَكْمُؤاً وعَسَاقِلاً،
واَقَدْ نَهِيْتُكَ عن بناتِ الأَوْبَرِ
وإِنما هي بنات أَوبر؛ وكما روي أَحمد بن يحيى من قوله:
يا ليتَ أُمَّ العَمْرِ كانتْ صاحِبي
وقول الشاعر:
اعْتَدْتُ للأَبْلَجِ ذي التَّمايُلِ،
حَجْرِيَّةً خِيَضَتْ بِسُمٍّ ماثِلِ
يعني: قوساً أَو نَبْلاً منسوبة إِلى حَجْرٍ هذه. والحَجَرانِ: الذهب
والفضة. ويقال للرجل إِذا كثر ماله وعدده: قد انتشرت حَجْرَتُه وقد
ارْتَعَجَ مالهُ وارْتَعَجَ عَدَدُه.
والحاجِرُ: منزل من منازل الحاج في البادية.
والحَجُّورة: لعبة يلعب بها الصبيان يخطُّون خطّاً مستديراً ويقف فيه
صبي وهنالك الصبيان معه.
والمَحْجَرُ، بالفتح: ما حول القرية؛ ومنه محاجِرُ أَقيال اليمن وهي
الأَحْماءُ، كان لكل واحد منهم حِمَّى لا يرعاه غيره. الأَزهري؛ مَحْجَرُ
القَيْلِ من أَقيال اليمن حَوْزَتُه وناحيته التي لا يدخل عليه فيها غيره.
وفي الحديث: أَنه كان له حصير يبسطه بالنهار ويَحْجُره بالليل، وفي
رواية: يَحْتَجِرُهُ أَي يجعله لنفسه دون غيره. قال ابن الأَثير: يقال
حَجَرْتُ الأَرضَ واحْتَجَرْتُها إِذا ضربت عليها مناراً تمنعها به عن
غيرك.ومُحَجَّرٌ، بالتشديد: اسم موضع بعينه. والأَصمعي يقوله بكسر الجيم
وغيره يفتح. قال ابن بري: لم يذكر الجوهري شاهداً على هذا المكان؛ قال: وفي
الحاشية بيت شاهد عليه لطفيل الغَنَوِيِّ:
فَذُوقُوا، كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ،
من الغَيْظِ في أَكْبادِنا والتَّحَوُّبِ
وحكى ابن بري هنا حكاية لطيفة عن ابن خالويه قال: حدثني أَبو عمرو
الزاهد عن ثعلب عن عُمَرَ بنِ شَبَّةَ قال: قال الجارود، وهو القارئ (وما
يخدعون إِلاَّ أَنفسهم): غسلت ابناً للحجاج ثم انصرفت إِلى شيخ كان الحجاج
قتل ابنه فقلت له: مات ابن الحجاج فلو رأَيت جزعه عليه، فقال:
فذوقوا كما ذقنا غداة محجَّر
البيت. وحَجَّارٌ، بالتشديد: اسم رجل من بكر بن وائل. ابن سيده: وقد
سَمَّوْا حُجْراً وحَجْراً وحَجَّاراً وحَجَراً وحُجَيْراً. الجوهري: حَجَرٌ
اسم رجل، ومنه أَوْسُ بْنُ حَجَرٍ الشاعر؛ وحُجْرٌ: اسم رجل وهو حُجْرٌ
الكِنْديُّ الذي يقال له آكل المُرَارِ؛ وحُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ الذي يقال
له الأَدْبَرُ، ويجوز حُجُرٌ مثل عُسْر وعُسُر؛ قال حسان بن ثابت:
مَنْ يَغُرُّ الدَّهْرُ أَو يأْمَنُهُ
مِنْ قَتيلٍ، بَعْدَ عَمْرٍ وحُجُرْ؟
يعني حُجُرَ بن النعمان بن الحرث بن أَبي شمر الغَسَّاني. والأَحجار:
بطون من بني تميم؛ قال ابن سيده: سموا بذلك لأَن أَسماءهم جَنْدَلٌ
وجَرْوَلٌ وصَخْر؛ وإِياهم عنى الشاعر بقوله:
وكُلّ أُنثى حَمَلَتْ أَحْجارا
يعني أُمه، وقيل: هي المنجنيق. وحَجُورٌ موضع معروف من بلاد بني سعد؛
قال الفرزدق:
لو كنتَ تَدْري ما بِرمْلِ مُقَيِّدٍ،
فَقُرى عُمانَ إِلى ذَوات حَجُورِ؟
وفي الحديث: أَنه كان يلقى جبريل، عليهما السلام، بأَحجار المِرَاءِ؛
قال مجاهد: هي قُبَاءٌ. وفي حديث الفتن: عند أَحجار الزَّيْتِ: هو موضع
بالمدينة. وفي الحديث في صفة الدجال: مطموس العين ليست بناتئة ولا حُجْراءَ؛
قال ابن الأَثير: قال الهروي إِن كانت هذه اللفظة محفوظة فمعناها ليست
بصُلْبَة مُتَحَجِّرَةٍ، قال: وقد رويت جَحْراءَ، بتقديم الجيم، ، وهو
مذكور في موضعه. والحَنْجَرَةُ والحُنْجُور: الحُلْقُوم، بزيادة النون.
معن: مَعَنَ الفرسُ ونحوه يَمْعَنُ مَعْناً وأَمْعَنَ، كلاهما: تباعد
عادياً. وفي الحديث: أَمْعَنْتُمْ في كذا أَي بالغتم. وأَمْعَنُوا في بلد
العدوّ وفي الطلب أَي جدُّوا وأَبعدوا. وأَمْعَنَ الرجلُ: هرب وتباعد؛ قال
عنترة:
ومُدَجَّجٍ كَرِهَ الكُماةُ نِزَالَه،
لا مُمْعِنٍ هَرَباً ولا مُسْتَسْلِم
والماعُونُ: الطاعة. يقال: ضرَبَ الناقة حتى أَعطت ماعونها وانقادت.
والمَعْنُ: الإِقرار بالحق، قال أَنس لمُصْعَب بن الزُّبَير: أَنْشُدُكَ
الله في وصية رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فنزل عن فراشه وقعد على
بساطه وتمعَّنَ عليه وقال: أَمْرُ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على
الرأْس والعين، تَمَعَّنَ أَي تصاغر وتذلل انقياداً، من قولهم أَمْعَنَ بحقي
إذا أَذعن واعترف؛ وقال الزمخشري: هو من المَعانِ المكان؛ يقال: موضع كذا
مَعَان من فلان أَي نزل عن دَسْتِه وتمكن على بساطه تواضعاً. ويروى:
تَمَعَّكَ عليه أَي تقلب وتَمَرَّغ. وحكى الأَخفش عن أَعرابي فصيح: لو قد
نزلنا لصنعت بناقتك صنيعاً تعطيك الماعونَ أَي تنقاد لك وتطيعك. وأَمْعَنَ
بحقي: ذهب. وأَمْعَنَ لي به: أَقَرَّ بعد جَحْد. والمَعْن: الجحود والكفر
للنعم. والمَعْنُ: الذل. والمَعْنُ: الشيء السهل الهين. والمَعْنُ:
السهل اليسير؛ قال النِّمِرُ بن توْلَب:
ولا ضَيَّعْتُه فأُلامَ فيه،
فإنَّ ضَياعَ مالِكَ غَيْرُ مَعْنِ
أَي غير يسير ولا سهل. وقال ابن الأَعرابي: غير حَزْمٍ ولا كَيْسٍ، من
قوله أَمْعَن لي بحقي أَي أَقرّ به وانقاد، وليس بقوي. وفي التنزيل
العزيز: ويمنعون الماعُونَ؛ روي عن علي، رضوان الله عليه، أَنه قال: الماعون
الزكاة. وقال الفراء: سمعت بعض العرب يقول: الماعون هو الماء بعينه؛ قال:
وأَنشدني فيه:
يَمُجُّ صَبِيرُهُ الماعونَ صَبّاً
قال الزجاج من جعل الماعُونَ الزكاة فهو فاعولٌ من المَعْنِ، وهو الشيء
القليل فسميت الزكاة ماعُوناً بالشيء القليل لأَنه يؤخذ من المال ربع
عشره، وهو قليل من كثير. والمَعْنُ والماعون: المعروف كله لتيسره وسهولته
لدَيْنا بافتراض الله تعالى إياه علينا. قال ابن سيده: والماعونُ الطاعة
والزكاة، وعليه العمل، وهو من السهولة والقلة لأنها جزء من كل؛ قال
الراعي:قوْمٌ على التَّنْزيِلِ لَمَّا يَمْنَعُوا
ماعونَهم، ويُبَدِّلُوا التَّنْزِيلا
(* قوله «على التنزيل» كذا بالأصل، والذي في المحكم والتهذيب: على
الإسلام، وفي التهذيب وحده ويبدلوا التنزيلا ويبدلوا تبديلا).
والماعون: أَسقاط البيت كالدَّلوِ والفأْس والقِدْرِ والقَصْعة، وهو منه
أَيضاً لأَنه لا يكْرِثُ معطيه ولا يُعَنِّي كاسبَه. وقال ثعلب: الماعون
ما يستعار من قَدُومٍ وسُفْرةٍ وشَفْرةٍ. وفي الحديث: وحُسْنُ مُواساتهم
بالماعون؛ قال: هو اسم جامع لمنافع البيت كالقِدْرِ والفأْس وغيرهما مما
جرت العادة بعارِيته؛ قال الأَعشى:
بأَجْوَدَ منه بماعُونِه،
إذا ما سَمَاؤهم لم تَغِمْ
ومن الناس من يقول: الماعون أَصله مَعُونة، والأَلف عوض من الهاء.
والماعون: المَطَرُ لأَنه يأْتي من رحمة الله عَفْواً بغير علاج كما تُعالجُ
الأَبآرُ ونحوها من فُرَض المَشارب؛ وأَنشد أَيضاً:
أَقُولُ لصاحبي ببِراقِ نَجْدٍ:
تبَصَّرْ، هَلْ تَرَى بَرْقاً أَراهُ؟
يَمُجُّ صَبِيرُهُ الماعُونَ مَجّاً،
إذا نَسَمٌ من الهَيْفِ اعْتراهُ
وزَهرٌ مَمْعُونٌ: ممطور أُخذ من ذلك. ابن الأَعرابي: رَوْضٌ
ممعون بالماء الجاري، وقال عَدِيُّ بن زيد العَبّادي:
وذي تَنَاوِيرَ ممْعُونٍ، له صَبَحٌ
يَغْذُو أَوابِدَ قد أَفْلَيْنَ أَمْهارا
وقول الحَذْلَمِيّ:
يُصْرَعْنَ أَو يُعْطِينَ بالماعُونِ
فسره بعضهم فقال: الماعون ما يَمْنَعْنَهُ منه وهو يطلبه منهن فكأَنه
ضد. والماعون في الجاهلية: المنفعة والعطية، وفي الإسلام: الطاعة والزكاة
والصدقة الواجبة، وكله من السهولة والتَّيَسُّر. وقال أَبو حنيفة:
المَعْنُ والماعُونُ كل ما انتفعت به؛ قال ابن سيده: وأُراه ما انْتُفِع به مما
يأْتي عَفْواً. وقوله تعالى: وآوَيْناهما إلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ
ومَعِينٍ؛ قال الفراء: ذاتِ قَرارٍ أَرضٍ منبسطة، ومَعِينٍ: الماءُ الظاهر
الجاري، قال: ولك أَن تجعل المَعِينَ مفْعولاً من العُيُون، ولك أَن تجعله
فَعِيلاً من الماعون، يكون أَصله المَعْنَ. والماعُونُ: الفاعولُ؛ وقال
عُبيدٌ
واهيةٌ أَو مَعِينٌ مُمْعِنٌ،
أَو هَضْبةٌ دونها لهُوبُ
(* قوله «واهية البيت» هو هكذا بهذا الضبط في التهذيب إلا أن فيه: دونها
الهبوب بدل لهوب).
والمَعْنُ والمَعِينُ: الماء السائل، وقيل: الجاري على وجه الأَرض،
وقيل: الماء العذب الغزير، وكل ذلك من السُّهولة. والمَعْنُ: الماء الظاهر،
والجمع مُعُنٌ ومُعُناتٌ، ومياهٌ مُعْنانٌ. وماء مَعِينٌ
أَي جارٍ؛ ويقال: هو مفْعول من عِنْتُ الماءَ إذا استنبطته. وكَلأٌ
مَمْعون: جرى فيه الماءُ. والمُعُناتُ والمُعْنانُ: المَسايل والجوانب، من
السُّهولة أَيضاً. والمُعْنانُ: مَجاري الماء في الوادي. ومَعَنَ الوادي:
كثر فيه الماء فسَهُلَ مُتَناوَلُه. ومَعُنَ الماءُ مَعَنَ يَمْعَنُ
مُعوناً وأَمْعَنَ: سَهُلَ وسال، وقيل: جرى، وأَمْعَنَه هو. ومَعِنَ الموضعُ
والنبتُ: رَوِيَ من الماء؛ قال تميم بن مُقْبل:
يَمُجُّ بَرَاعِيمَ من عَضْرَسٍ،
تَرَاوَحَه القَطْرُ حتى مَعِنْ
أَبو زيد: أَمْعَنَتِ الأَرضُ ومُعِنَتْ إذا رَوِيَتْ، وقد مَعَنها
المطرُ إذا تتابع عليها فأَرواها. وفي هذا الأَمر مَعْنةٌ أَي إصلاح
ومَرَمَّةٌ. ومعَنَها يَمْعَنُها مَعْناً: نكحها. والمَعْنُ: الأَديمُ:
والمَعْنُ: الجلد الأَحمر يجعل على الأَسْفاط؛ قال ابن مقبل:
بلا حِبٍ كمَقَدِّ المََعْنِ وَعَّسَه
أَيدي المَراسِلِ في رَوْحــاته خُنُفَا
ويقال للذي لا مال له: ما له سَعْنةٌ ولا مَعْنةٌ
أَي قليل ولا كثير؛ وقال اللحياني: معناه ما له شيء ولا قوم. وقال ابن
بري: قال القالي السَّعْنُ الكثير، والمَعْنُ القليل، قال: وبذلك فسر ما
له سَعْنةٌ ولا مَعْنةٌ. قال الليث: المَعْنُ المعروف، والسَّعْنُ
الوَدَكُ. قال الأَزهري: والمَعْنُ القليل، والمَعْنُ الكثير، والمَعْنُ القصير،
والمَعْنُ الطويل. والمَعْنِيُّ: القليل المال، والمَعْنِيُّ: الكثير
المال. وأَمْعَنَ الرجلُ إذا كثر ماله، وأَمْعَنَ إذا قلَّ ماله. وحكى ابن
بري عن ابن دريد: ماء مَعْنٌ ومَعِينٌ، وقد مَعُنَ، فهذا يدل على أَن
الميم أَصل ووزنه فَعيل، وعند الفراء وزنه مفْعول في الأَصل كمَنِيع. وحكى
الهَرَوِيُّ في فصل عين عن ثعلب أَنه قال: عانَ الماءُ يَعِينُ إذا جرى
ظاهراً؛ وأَنشد للأَخطل:
حَبَسوا المَطِيَّ على قَدِيمٍ عَهْدُه
طامٍ يَعِينُ، وغائِرٌ مَسْدُومُ
والمَعَانُ: المَباءَةُ والمَنزل. ومَعانُ القوم: منزلهم. يقال: الكوفة
مَعانٌ منَّا أَي منزل منا. قال الأَزهري: الميم من مَعانٍ ميم
مَفْعَلٍ.ومَعانٌ: موضع بالشام. ومَعِينٌ: اسم مدينة باليمن. قال ابن سيده:
ومَعِينٌ موضع؛ قال عمرو بن مَعْديكرب:
دعانا من بَراقِشَ أَو مَعينٍ،
فأَسْمَعَ واتْلأَبَّ بنا مَلِيعُ
وقد يكون مَعِين هنا مفعولاً من عِنْتُهُ. وبنو مَعْنٍ: بطن. ومَعْنٌ:
فرس الخَمْخامِ بن جَمَلَةَ. ورجل مَعْنٌ في حاجته، وقولهم: حَدِّثْ عن
مَعْنٍ ولا حَرَجَ؛ هو مَعْنُ
بن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن مَطَر بن شَرِيكِ بن عمرو الشيباني،
وهو عم يزيدَ بن مِزْيَد بن زائدة الشيباني، وكان مَعْنٌ أَجود العرب. قال
ابن بري: قال الجوهري هو مَعْنُ بن زائدة بن مَطَرِ بن شَرِيك، قال:
وصوابه مَعْنُ بن زائدة ابن عبد الله بن زائدة بن مَطر بن شريكٍ، ونسخة
الصحاح التي نقَلْتُ منها كانت كما ذكره ابن بري من الصواب، فإما أَن تكون
النسخة التي نقلْتُ منها صُحِّحتْ من الأَمالي، وإما أَن يكون الشيخ ابن
بري نقل من نسخة سقط منها جَدّان. وفي الحديث ذكر بئر مَعُونةَ، بفتح الميم
وضم العين، في أَرض بني سُليمٍ فيما بين مكة والمدينة، وأَما بالغين
المعجمة فموضع قريب من المدينة.