من (ر ك ن) الميل إلى الشيء والاعتماد عليه، والإقامة في المكان.
من (ر ك ن) الميل إلى الشيء والاعتماد عليه، والإقامة في المكان.
ركن: رَكِنَ إلى الشيءِ ورَكَنَ يَرْكَنُ ويَركُنُ رَكْناً ورُكوناً
فيهما ورَكانَةً ورَكانِيَةً أَي مال إليه وسكن. وقال بعضهم: رَكَنَ
يَرْكَن، بفتح الكاف في الماضي والآتي، وهو نادر؛ قال الجوهري: وهو على الجمع
بين اللغتين. قال كراع: رَكِنَ يَرْكُنُ، وهو نادر أَيضاً، ونظيره فَضِلَ
يَفْضُل وحَضِرَ يَحْضُر ونَعِمَ يَنْعُم؛ وفي التنزيل العزيز: ولا
تَرْكَنُوا إلى الذين ظلموا؛ قرئ بفتح الكاف من رَكِنَ يَرْكَنُ رُكوناً إذا
مال إلى الشيء واطمأَنَّ إليه، ولغة أُخرى رَكَنَ يَرْكُنُ، وليست بفصيحة.
ورَكِنَ إلى الدنيا إذا مال إليها، وكان أَبو عمرو أَجاز رَكَنَ
يَرْكَنُ، بفتح الكاف من الماضي والغابر، وهو خلاف ما عليه
(* قوله «وهو خلاف ما
عليه إلخ» أي لأن باب فعل يفعل بفتحتين أن يكون حلقيّ العين أَو اللام
اهـ. مصباح). الأَبنية في السالم. ورَكِنَ في المنزل يَركَنُ ركْناً:
ضَنَّ به فلم يفارقه. ورُكْن الشيء: جانبه الأَقوى. والرُّكْنُ: الناحية
القوية وما تقوّى به من مَلِكٍ وجُنْدٍ وغيره، وبذلك فسر قوله عز وجل:
فتَوَلَّى برُكْنِه، ودليل ذلك قوله تعالى: فأَخذناه وجنودَه؛ أَي أَخذناه
ورُكْنَه الذي تولى به، والجمع أَرْكان وأَرْكُنٌ؛ أَنشد سيبويه لرؤبة:
وزَحْمُ رُكْنَيْكَ شدِيدَ الأَرْكُنِ.
ورُكْنُ الإنسانِ: قوّته وشدّته، وكذلك رُكْنُ الجبل والقصر، وهو جانبه.
ورُكْنُ الرَّجُل: قومه وعَدَدُه ومادّته. وفي التنزيل العزيز: لو أَنَّ
لي بكم قُوَّةً أَو آوِي إلى رُكْن شديد؛ قال ابن سيده: وأُراه على
المثل. وقال أَبو الهيثم: الرُّكْنُ العشيرة؛ والرُّكْنُ: الأَمر العظيم في
بيت النابغة:
لا تَقْذِفَنِّي برُكْنٍ لا كِفاءَ له.
وقيل في قوله تعالى: أَو آوِي إلى رُكْن شديد؛ إن الرُّكْن القُوَّة.
ويقال للرجل الكثير العدد: إنه ليأْوي إلى رُكْن شديد. وفلان رُكْنٌ من
أَركان قومه أَي شريف من أَشرافهم، وهو يأْوي إلى رُكْن شديد أَي عز
ومَنَعة. وفي الحديث أَنه قال: رَحِمَ الله لُوطاً إن كان لَيأْوي إلى رُكْن
شديد أَي إلى الله عز وجل الذي هو أشد الأَركان وأَقواها، وإنما ترحم عليه
لسهوه حين ضاق صدره من قومه حتى قال: أَو آوي إلى ركن شديد، أَراد عز
العشيرة الذين يستند إليهم كما يستند إلى الركن من الحائط. وجبل ركِينٌ: له
أَركان عالية، وقيل: جَبَل رَكِينٌ شديد. وفي حديث الحساب: ويقال
لأَرْكانه انْطقي أَي لجوارحه. وأَركانُ كل شيء: جَوانبه التي يستند إليها ويقوم
بها. ورجل رَكِين: رَميز وَقُور رَزِينٌ بَيّنُ الرَّكانة، وهي الرَّكانة
والرَّكانِيَةُ. ويقال للرجل إذا كان ساكناً وقوراً: إنه لرَكِينٌ، وقد
رَكُنَ، بالضم، رَكانة. وناقة مُــرَكَّنَةُ الضَّرْع، والمُرَكَّنُ من
الضروع: العظيم كأَنه ذو الأَركان. وضرع مُرَكَّنٌ إذا انتفخ في موضعه حتى
يَمْلأَ الأَرفاغ، وليس بحَدّ طويلٍ؛ قال طرفة:
وضَرَّتُها مُــرَكَّنَةٌ دَرورُ
وقال أَبو عمرو: مُــرَكَّنَة مُجَمَّعَة. والمِرْكَن: شبه تَوْرٍ من
أَدَمٍ يتخذ للماء أَو شبه لَقَن. والمِرْكَنُ، بالكسر: الإجَّانة التي تغسل
فيها الثياب ونحوها. ومنه حديث حَمْنَةَ: أَنها كانت تجلس في مِرْكَن
لأُختها زينب وهي مستحاضة، والميم زائدة، وهي التي تخض الآلات. والرَّكْنُ:
الفَأْرُ ويُسَمَّى رُكَيْناً على لفظ التصغير. والأُرْكُون: العظيم من
الدَّهاقين. والأُرْكون: رئيس القرية. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه
دخل الشام فأَتاه أُرْكُونُ قَرْيةٍ فقال له: قد صنعتُ لك طعاماً؛ رواه
محمد بن إسحق عن نافع عن أَسلم؛ أُرْكُون القرية: رئيسها ودِهْقانها
الأَعظم، وهو أُفْعُول من الرُّكُون السكون إلى الشيء والميل إليه، لأَن أَهلها
يَرْكَنُون إليه أَي يسكنون ويميلون. ورُكَيْنٌ ورُكَانٌ ورُكانَةُ:
أَسماء. قال: ورُكانَة، بالضم، اسم رجل من أهل مكة، وهو الذي طَلَّق امرأَته
البتة فحلفه النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه لم يرد الثلاثَ.
درر: دَرَّ اللبنُ والدمع ونحوهما يَدِرُّ ويَدُرُّ دَرّاً ودُرُوراً؛
وكذلك الناقة .ذا حُلِبَتْ فأَقبل منها على الحالب شيء كثير قيل: دَرَّتْ،
وإِذا اجتمع في الضرع من العروق وسائر الجسد قيل: دَرَّ اللبنُ.
والدِّرَّةُ، بالكسر: كثرة اللبن وسيلانه. وفي حديث خزيمة: غاضت لها الدِّرَةُ،
وهي اللبن إِذا كثر وسال؛ واسْتَدَرَّ اللبنُ والدمع ونحوهما: كثر؛ قال
أَبو ذؤيب:
إِذا نَهَضَتْ فيهِ تَصَعَّدَ نَفْرُها،
كَقِتْر الغلاءِ، مُسْتَدِرٌّ صِيابُها
استعار الدَّرَّ لشدة دفع السهام، والاسم الدِّرَّةُ والدَّرَّة؛ ويقال:
لا آتيك ما اخْتَلَفَتِ الدِّرَّةُ والجِرَّةُ، واختلافهما أَن
الدِّرَّةَ تَسْفُلُ والجِرَّةَ تَعْلُو.
والدَّرُّ: اللبن ما كان؛ قال:
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ، حتى كأَنها
فَلافِلُ هِندِيٍّ، فَهُنَّ لُزُوقُ
أُمهاتُ الدَّر: الأَطْباءُ. وفي الحديث: أَنه نهى عن ذبح ذوات الدَّرِّ
أَي ذوات اللبن، ويجوز أَن يكون مصدرَ دَرَّ اللبن إِذا جرى؛ ومنه
الحديث: لا يُحْبَسُ دَرُّكُم؛ أَي ذواتُ الدَّرِّ، أَراد أَنها لا تحشر إِلى
المُصَدِّقِ ولا تُحْبَسُ عن المَرْعَى إِلى أَن تجتمع الماشية ثم تعدّ
لما في ذلك من الإِضرار بها. ابن الأَعرابي: الدَّرُّ العمل من خير أَو
شر؛ ومنه قولهم: لله دَرُّكَ، يكون مدحاً ويكون ذمّاً، كقولهم: قاتله الله
ما أَكفره وما أَشعره. وقالوا: لله دَرُّكَ أَي لله عملك يقال هذا لمن
يمدح ويتعجب من عمله، فإِذا ذم عمله قيل: لا دَرَّ دَرُّهُ وقيل: لله
دَرُّك من رجل معناه لله خيرك وفعالك، وإِذا شتموا قالوا: لا دَرَّ دَرُّه
أَي لا كثر خيره، وقيل: لله دَرُّك أَي لله ما خرج منك من خير. قال ابن
سيده: وأَصله أَن رجلاً رأَى آخر يحلب إِبلاً فتعجب من كثرة لبنها فقال:
لله دَرُّك، وقيل: أَراد لله صالح عملك لأَن الدرّ أَفضل ما يحتلب؛ قال
بعضهم: وأَحسبهم خصوا اللبن لأَنهم كانوا يَقَصِدُون الناقة فيشربون دمها
ويَقْتَطُّونَها فيشربون ماء كرشها فكان اللبنُ أَفضلَ ما يحتلبون،
وقولهم: لا دَرَّ دَرُّه لا زكا عمله، على المثل، وقيل: لا دَرَّ دَرُّه أَي لا
كثر خيره. قال أَبو بكر: وقال أَهل اللغة في قولهم لله دَرُّه؛ الأَصل
فيه أَن الرجل إِذا كثر خيره وعطاؤه وإِنالته الناس قيل: لله درُّه أَي
عطاؤه وما يؤخذ منه، فشبهوا عطاءه بِدَرِّ الناقة ثم كثر استعمالهم حتى
صاروا يقولونه لكل متعجب منه؛ قال الفرّاء: وربما استعملوه من غير أَن
يقولوا لله فيقولون: دَرَّ دَرُّ فلان ولا دَرَّ دَرُّه؛ وأَنشد:
دَرَّ دَرُّ الشَّبابِ والشَّعَرِ الأَسْـ
ودَ . . . . . . . .
وقال آخَر:
لا دَرَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَهُمْ
قِرْفَ الحَتِيِّ، وعندي البُرُّ مَكْنُوزُ
وقال ابن أَحمر:
بانَ الشَّبابُ وأَفْنَى ضِعفَهُ العُمُرُ،
للهِ دَرِّي فَأَيَّ العَيْشِ أَنْتَظِرُ؟
تعجب من نفسه أَيّ عيش منتظر، ودَرَّت الناقة بلبنها وأَدَرَّتْهُ.
ويقال: درَّت الناقة تَدِرُّ وتَدُرُّ دُرُوراً ودَرّاً وأَدَرَّها فَصِيلُها
وأَدَرَّها مارِيها دون الفصيل إِذا مسح ضَرْعَها. وأَدَرَّت الناقة،
فهي مُدِرٌّ إِذا دَرَّ لبنها. وناقة دَرُورٌ: كثيرةُ الدَّرِّ، ودَارٌّ
أَيضاً؛ وضَرَّةٌ دَرُورٌ كذلك؛ قال طرفة:
من الزَّمِرَاتِ أَسبل قادِماها،
وضَرَّتُها مُــرَكَّنَةٌ دَرُورُ
وكذلك ضَرْعٌ دَرُورٌ، وإِبل دُرُرٌ ودُرَرٌ ودُرَّارٌ مِثل كافر
وكُفَّارٍ؛ قال:
كانَ ابْنُ أَسْمَاءَ يَعْشُوها ويَصْبَحُها
من هَجْمَةٍ، كَفَسِيلِ النَّخْلِ دُرَّارِ
قال ابن سيده: وعندي أَن دُرَّاراً جمع دَارَّةٍ على طرح الهاء.
واسْتَدَرَّ الحَلُوبَةَ: طلب دَرَّها. والاسْتِدْرَارُ أَيضاً: أَن
تمسح الضَّرْعَ بيدك ثم يَدِرَّ اللبنُ.
ودَرَّ الضرع يَدُرُّ دُروراً، ودَرَّت لِقْحَةُ المسلمين
وحَلُوبَتُهُمْ يعني فَيْئَهم وخَرَاجَهم، وَأَدَرَّهُ عُمَّالُه، والاسم من كل ذلك
الدِّرَّةُ. ودَرَّ الخَرَاجُ يَدِرُّ إِذا كثر. وروي عن عمر، رضي الله
عنه، أَنه أَوصى إِلى عماله حين بعثهم فقال في وصيته لهم: أَدِرُّوا
لِقْحَةَ المسلمين؛ قال الليث: أَراد بذلك فيئهم وخراجهم فاستعار له اللِّقْحَةَ
والدِّرَّةَ. ويقال للرجل إِذا طلب الحاجة فَأَلَحَّ فيها: أَدَرَّها
وإِن أَبَتْ أَي عالجها حتى تَدِرَّ، يكنى بالدَّرِّ هنا عن التيسير.
ودَرَّت العروقُ إِذا امتلأَت دماً أَو لبناً. ودَرَّ العِرْقُ: سال. قال:
ويكون دُرورُ العِرْقِ تتابع ضَرَبانه كتتابع دُرُورِ العَدْوِ؛ ومنه يقال:
فرس دَرِيرٌ. وفي صفة سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في ذكر
حاجبيه: بينهما عِرْقٌ يُدِرُّه الغضب؛ يقول: إِذا غضب دَرَّ العِرْقُ الذي
بين الحاجبين، ودروره غلظه وامتلاؤه؛ وفي قولهم: بين عينيه عِرْقٌ
يُدِرُّه الغضب، ويقال يحرّكه، قال ابن الأَثير: معناه أَي يمتلئ دماً إِذا غضب
كما يمتلئ الضرع لبناً إِذا دَرَّ. ودَرَّت السماء بالمطر دَرّاً
ودُرُوراً إِذا كثر مطرها؛ وسماء مِدْرَارٌ وسحابة مِدْرَارٌ. والعرب تقول
للسماء إِذا أَخالت: دُرِّي دُبَس، بضم الدال؛ قاله ابن الأَعرابي، وهو من
دَرَّ يَدُرُّ. والدِّرَّةُ في الأَمطار: أَن يتبع بعضها بعضاً، وجمعها
دِرَرٌ. وللسحاب دِرَّةٌ أَي صَبٌّ، والجمع دِرَرٌ؛ قال النَّمِرُ بن
تَوْلَبٍ:
سَلامُ الإِلهِ ورَيْحانُه،
ورَحْمَتُهُ وسَمَاءٌ دِرَرْ
غَمامٌ يُنَزِّلُ رِزْقَ العِبَادِ،
فَأَحْيَا البِلاَد وطَابَ الشَّجَرْ
سماءٌ دَرَرٌ أَي ذاتُ دِرَرٍ. وفي حديث الاستسقاء: دِيَماً دِرَراً: هو
جمع دِرَّةٍ. يقال للسحاب دِرَّة أَي صَبُّ واندقاق، وقيل: الدِّرَرُ
الدارُّ، كقوله تعالى: دِيناً قِيَماً؛ أَي قائماً. وسماء مِدْرارٌ أَي
تَدِرُّ بالمطر. والريحُ تُدِرُّ السَّحابَ وتَسْتَدِرُّه أَي تَسْتَجْلبه؛
وقال الحادِرَةُ واسمه قُطْبَةُ بن أَوس الغَطَفَانِيُّ:
فَكأَنَّ فاها بَعْدَ أَوَّلِ رَقْدَةٍ
ثَغَبٌ بِرابَِيَةٍ، لَذيذُ المَكْرَعِ
بِغَرِيضِ سارِيَةٍ أَدَرَّتْهُ الصَّبَا،
من ماء أَسْحَرَ، طَيِّبَ المُسْتَنْقَعِ
والثغب: الغدير في ظل جبل لا تصيبه الشمس، فهو أَبرد له. والغريض: الماء
الطري وقت نزوله من السحاب. وأَسحرُ: غديرٌ حُرُّ الطِّين؛ قال ابن بري:
سمي هذا الشاعر بالحادرة لقول زَبَّانَ بنَ سَيَّارٍ فيه:
كأَنَّكَ حادِرَةُ المَنْكِبَيْـ
ـنِ، رَصْعَاءُ تُنْقِضُ في حادِرِ
قال: شبهه بِضفْدَعَةٍ تُنْقِضُ في حائر، وإِنقاضها: صوتها. والحائر:
مُجْتَمَعُ الماء في مُنْخَفِضٍ من الأَرض لا يجد مَسْرَباً. والحادرة:
الضخمة المنكبين. والرصعاء والرسحاء: الممسوحة العجيزة. وللسَّاقِ دِرَّةٌ:
اسْتِدْارَارٌ للجري. وللسُّوقِ درَّة أَي نَفَاقٌ. ودَرَّت السُّوقُ:
نَفَقَ متاعها، والاسم الدِّرَّة. ودَرَّ الشيء: لانَ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:إِذا اسْتَدْبَرَتْنا الشمسُ دَرَّتْ مُتُونُنا،
كأَنَّ عُرُوقَ الجَوفِ يَنْضَحْنَ عَنْدَما
وذلك لأَن العرب تقول: إِن استدبار الشمس مَصَحَّةٌ؛ وقوله أَنشده ثعلب:
تَخْبِطُ بالأَخْفَافِ والمَنَاسِمِ
عن دِرَّةٍ تَخْضِبُ كَفَّ الهاشِمِ
فسره فقال: هذه حرب شبهها بالناقة، ودِرَّتُها: دَمُها. ودَرَّ النباتُ:
الْتَفَّ. ودَرَّ السِّراجُ إِذا أَضاء؛ وسراج دارٌّ ودَرِيرٌ. ودَرَّ
الشيءُ إِذا جُمِعَ، ودَرَّ إِذا عُمِلَ. والإِدْرارُ في الخيل: أَن
يُقِلَّ الفرسُ يَدَهُ حين يَعْتِقُ فيرفعها وقد يضعها. ودَرَّ الفرسُ يَدِرٌ
دَرِيراً ودِرَّةً: عدا عَدْواً شديداً. ومَرَّ على دِرَّتِهِ أَي لا
يثنيه شيء. وفرس دَرِيرٌ: مكتنز الخَلْقِ مُقْتَدِرٌ؛ قال امرؤ القيس:
دَرِيرٌ كَخُذْرُوف الوَليدِ، أَمَرَّهُ
تَتابُعُ كَفَّيهِ بِخَيْطٍ مُوَصَّلِ
ويروي: تَقَلُّبُ كفيه، وقيل: الدَّرِير من الخيل السريع منها، وقيل: هو
السريع من جميع الدواب؛ قال أَبو عبيدة: الإِدْرَارُ في الخيل أَن
يَعْتِقَ فيرفع يداً ويضعها في الخبب؛ وأَنشد أَبو الهيثم:
لما رَأَتْ شيخاً لها دَرْدَرَّى
في مِثلِ خَيطِ العَهِنِ المُعَرَّى
قال: الدردرّى من قولهم فرس دَرِيرٌ، والدليل عليه قوله:
في مثل خيط العهن المعرّى
يريد به الخذروف، والمعرّى جعلت له عروة. وفي حديث أَبي قِلابَةَ: صليت
الظهر ثم ركبت حماراً دَرِيراً؛ الدرير: السريع العدو من الدواب المكتنز
الخلق، وأَصل الدَّرِّ في كلام العرب اللبنُ. ودَرَّ وَجْهُ الرجل
يَدِرُّ إِذا حسن وجهه بعد العلة. الفرّاء: والدِّرْدَرَّى الذي يذهب ويجيء في
غير حاجة.
وأَدَرَّت المرأَةُ المِغْزَلَ، وهي مُدِرَّةٌ ومُدِرٌّ؛ الأَخيرة على
النَّسَب، إِذا فتلته فتلاً شديداً فرأَيته كأَنه واقف من شدة دورانه.
قال: وفي بعض نسخ الجمهرة الموثوق بها: إِذا رأَيته واقفاً لا يتحرك من شدّة
دورانه.
والدَّرَّارَةُ: المِغْزَلُ الذي يَغْزِلُ به الراعي الصوفَ؛ قال:
جَحَنْفَلٌ يَغَزِلُ بالدَّرَّارَة
وفي حديث عمرو بن العاص أَنه قال لمعاوية: أَتيتك وأَمْرُك أَشدُّ
انْفِضاحاً من حُقِّ الكَهُولِ فما زلتُ أَرُمُّه حتى تَرَكْتُه مِثْلَ
فَلْكَةِ المُدِرِّ؛ قال: وذكر القتيبي هذا الحديث فغلط في لفظه ومعناه، وحُقُّ
الكَهُول بيت العنكبوت، وأَما المدرّ، فهو بتشديد الراء، الغَزَّالُ؛
ويقال للمِغزَلِ نفسه الدَّرَّارَةُ والمِدَرَّةُ، وقد أَدرّت الغازلة
دَرَّارَتَها إِذا أَدارتها لتستحكم قوّة ما تغزله من قطن أَو صوف، وضرب فلكة
المدرّ مثلاً لإِحكامه أَمره بعد استرخائه واتساقه بعد اضطرابه، وذلك
لأَن الغَزَّال لا يأْلو إِحكاماً وتثبيتاً لِفَلْكَةِ مِغْزَلِه لأَنه
إِذا قلق لم تَدِرَّ الدَّرَّارَةُ؛ وقال القتيبي: أَراد بالمدرّ الجارية
إِذا فَلَكَ ثدياها ودَرَّ فيهما الماء، يقول: كان أَمرك مسترخياً فأَقمته
حتى صار كأَنه حَلَمَةُ ثَدْيٍ قد أَدَرَّ، قال: والأَول الوجه. ودَرَّ
السهم دُرُوراً: دَارَ دَوَرَاناً جيداً، وأَدَرَّه صاحِبُه، وذلك إِذا
وضع السهم على ظفر إِبهام اليد اليسرى ثم أَداره بإِبهام اليد اليمنى
وسبابتها؛ حكاه أَبو حنيفة، قال: ولا يكون دُرُورُ السهم ولا حنينه إِلا من
اكتناز عُودِه وحسن استقامته والتئام صنعته.
والدِّرَّة، بالكسر: التي يضرب بها، عربية معروفة، وفي التهذيب:
الدِّرَّة دِرَّةُ السلطان التي يضرب بها.
والدُّرَّةُ: اللؤلؤة العظيمة؛ قال ابن دريد: هو ما عظم من اللؤلؤ،
والجمع دُرُّودُرَّاتٌ ودُرَرٌ؛ وأَنشد أَبو زيد للربيع بن ضبع الفزاري:
أَقْفَزَ من مَيَّةَ الجَريبُ إِلى الزُّجْـ
ـجَيْنِ، إِلاَّ الظِّبَاءَ والبَقَرَا
كأَنَّها دُرَّةٌ مُنَعَّمَةٌ،
في نِسْوَةٍ كُنَّ قَبْلَها دُرَرَا
وكَوْكَبٌ دُرِّيُّ ودِرِّيُّ: ثاقِبٌ مُضِيءٌ، فأَما دُرِّيٌّ فمنسوب
إِلى الدُّرِّ، قال الفارسي: ويجوز أَن يكون فُعِّيْلاً على تخفيف الهمزة
قلباً لأَن سيبويه حكي عن ابن الخطاب كوكب دُرِّيءٌ، قال: فيجوز أَن يكون
هذا مخففاً منه، وأَما دِرِّيٌّ فيكون على التضعيف أَيضاً، وأَما
دَرِّيٌّ فعلى النسبة إِلى الدُّرِّ فيكون من المنسوب الذي على غير قياس، ولا
يكون على التخفيف الذي تقدم لأَن فَعِّيْلاً ليس من كلامهم إِلاَّ ما حكاه
أَبو زيد من قولهم سَكِّينةٌ؛ في السِّكِّينَةِ؛ وفي التنزيل: كأَنها
كوكب دُرِّيٌّ؛ قال أَبو إِسحق: من قرأَه بغير همزة نسبه إِلى الدُّر في
صفائه وحسنه وبياضه، وقرئت دِرِّيٌّ، بالكسر، قال الفراء: ومن العرب من
يقول دِرِّيٌّ ينسبه إِلى الدُّرِّ، كما قالوا بحر لُجِّيُّ ولِجِّيٌّ
وسُخْرِيٌّ وسِخْرِيٌّ، وقرئ دُرِّيء، بالهمزة، وقد تقدم ذكره، وجمع الكواكب
دَرَارِيّ. وفي الحديث: كما تَرَوْنَ الكوكب الدُّرِّيَّ في أُفُقِ
السماء؛ أَي الشَّدِيدَ الإِنارَةِ. وقال الفراء: الكوكب الدُّرِّيُّ عند
العرب هو العظيم المقدار، وقيل: هو أَحد الكواكب الخمسة السَّيَّارة. وفي
حديث الدجال: إِحدى عينيه كأَنها كوكب دُرِّيَّ. ودُرِّيٌّ السيف:
تَلأْلُؤُه وإِشراقُه، إِما أَن يكون منسوباً إِلى الدُّرّ بصفائه ونقائه، وإِما
أَن يكون مشبهاً بالكوكب الدريّ؛ قال عبدالله بن سبرة:
كلُّ يَنُوءُ بماضِي الحَدَّ ذي شُطَبٍ
عَضْبٍ، جَلا القَيْنُ عن دُرِّيِّه الطَّبَعَا
ويروي عن ذَرِّيِّه يعني فِرِنْدَهُ منسوب إِلى الذَّرِّ الذي هو النمل
الصغار، لأَن فرند السيف يشبه بآثار الذر؛ وبيت دُرَيْد يروى على الوجهين
جميعاً:
وتُخْرِجُ منه ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،
وطُول السُّرَى دُرِّيَّ عَضْب مُهَنَّدِ
وذَرِّيَّ عضب.
ودَرَرُ الطريق: قصده ومتنه، ويقال: هو على دَرَرِ الطريق أَي على
مَدْرَجَتِه، وفي الصحاح: أَي على قصده. ويقال: دَارِي بِدَرَر دَارِك أَي
بحذائها. إِذا تقابلتا، ويقال: هما على دَرَرٍ واحد، بالفتح، أَي على قصد
واحد. ودَرَرُ الريح: مَهَبُّها؛ وهو دَرَرُك أَي حِذاؤك وقُبالَتُكَ.
ويقال:
دَرَرَك أَي قُبالَتَكَ؛ قال ابن أَحمر:
كانَتْ مَنَاجِعَها الدَّهْنَا وجانِبُها،
والقُفُّ مما تراه فَوْقَه دَرَرَا
واسْتَدَرَّتِ المِعْزَى: أَرادت الفحل. الأُمَوِيُّ: يقال للمعزى إِذا
أَرادت الفحل: قد اسْتَدَرَّت اسْتِدْراراً، وللضأْن: قد اسْتوْبَلَتِ
اسِتيبالاً، ويقال أَيضاً: اسْتَذْرَتِ المِعْزَى اسْتِذْرَاءً من المعتل،
بالذال المعجمة.
والدَّرُّ: النَّفْسُ، ودفع الله عن دَرِّه أَي عن نَفْسه؛ حكاه
اللحياني. ودَرُّ: اسم موضع؛ قالت الخنساء:
أَلا يا لَهْفَ نَفْسِي بعدَ عَيْشٍ
لنا، بِجُنُوبِ دَرَّ فَذي نَهِيقِ
والدَّرْدَرَةُ: حكاية صوت الماء إِذا اندفع في بطون الأَودية.
والدُّرْدُورُ: موضع في وسط البحر يجيش ماؤُه لا تكاد تَسْلَمُ منه
السفينة؛ يقال: لَجَّجُوا فوقعوا في الدُّرْدُورِ. الجوهري: الدُّرْدُور
الماء الذي يَدُورُ ويخاف منه الغرق.
والدُّرْدُرُ: مَنْبِتُ الأَسنان عامة، وقيل: منبتها قبل نباتها وبعد
سقوطها، وقيل: هي مغارزها من الصبي، والجمع الدَّرَادِر؛ وفي المثل:
أَعْيَيْتِني بأُشُرٍ فكيف أَرجوك بِدُرْدُرٍ؟ قال أَبو زيد: هذا رجل يخاطب
امرأَته يقول: لم تَقْبَلِي الأَدَبَ وأَنت شابة ذات أُشُرٍ في ثَغْرِكِ،
فكيف الآن وقد أَسْنَنْتِ حتى بَدَتْ دَرَادِرُكِ، وهي مغارز الأَسنان؟.
ودَرِدَ الرجلُ إِذا سقطت أَسنانه وظهرت دَرادِرُها، وجمعه الدُّرُدُ،
ومثله: أَعْيَيْتَني من شُبَّ إِلى دُبَّ أَي من لَدُنْ شَبَبْتَ إِلى أَن
دَبَبْتَ. وفي حديث ذي الثُدَيَّةِ المقتولِ بالنَّهْروان: كانت له
ثُدَيَّةٌ مثل البَضْعَةِ تَدَرْدَرُ أَي تَمَزْمَزُ وتَرَجْرَج تجيء وتذهب،
والأَصل تَتَدَرْدَرُ فحذفت إِحدى التاءين تخفيفاً؛ ويقال للمرأَة إِذا
كانت عظيمة الأَليتين فإِذا مشت رجفتا: هي تدردر؛ وأَنشد:
أُقْسِمُ، إِن لم تأْتِنا تَدَرْدَرُ،
لَيُقْطَعَنَّ من لِسانٍ دُرْدُرُ
قال: والدُّرْدُرُ ههنا طَرف اللسان، ويقال: هو أَصل اللسان، وهو
مَغْرِز السِّنِّ في أَكثر الكلام. ودَرْدَرَ البُسْرَةَ: دلكها بدُرْدُرِه
ولاكَها؛ ومنه قول بعض العرب وقد جاءه الأَصمعي: أَتيتني وأَنا أُدَرْدِرُ
بُسْرَة.
ودَرَّايَةُ: من أَسماء النساء.
والدَّرْدَارُ: ضرب من الشجر
(* قوله: «ضرب من الشجر» ويطلق أَيضاً على
صوت الطبل كما في القاموس) معروف.
وقولهم: دُهْ دُرَّيْنِ وسعدُ القَيْنُ، من أَسماء الكذب والباطل،
ويقال: أَصله أَن سَعْدَ القَيْنَ كان رجلاً من العجم يدور في مخاليف اليمن
يعمل لهم، فإِذا كَسَدَ عَمَلُهُ قال بالفارسية: دُهْ بَدْرُودْ، كأَنه
يودِّع القرية، أَي أَنا خارج غداً، وإِنما يقول ذلك ليُسْتَعْمَلَ، فعرّبته
العرب وضربوا به المثل في الكذب. وقالوا: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْن
فإِنه مُصَبِّحٌ؛ قال ابن بري: والصحيح في هذا المثل ما رواه الأَصمعي وهو:
دُهْدُرَّيْنِ سَعْدُ القَيْنُ، من غير واو عطف وكون دُهْدُرَّيْنِ
متصلاً غير منفصل، قال أَبو عليّ: هو تثنية دُهْدُرٍّ وهو الباطل، ومثله
الدُّهْدُنُّ في اسم الباطل أَيضاً فجعله عربيّاً، قال: والحقيقة فيه أَنه
اسم لِبَطَلَ كَسَرْعانَ وهَيهاتَ اسم لِسَرُعَ وَبَعُدَ، وسَعْدُ فاعل به
والقَيْنُ نَعْتُه، وحذف التنوين منه لالتقاء الساكنين، ويكون على حذف
مضاف تأْويله بطل قول سَعْدِ القَيْنِ، ويكون المعنى على ما فسره أَبو
عليّ: أَن سَعْدَ القَيْنَ كان من عادته أَن ينزل في الحيّ فيُشِيع أَنه غير
مقيم، وأَنه في هذه الليلة يَسْرِي غَيْرَ مُصَبِّحٍ ليبادر إِليه من
عنده ما يعمله ويصلحه له، فقالت العرب: إِذا سمعتَ بِسُرَى القَيْنِ فإِنه
مُصَبِّح؛ ورواه أَبو عبيدة معمر بن المثنى: دُهْدُرَّينِ سَعْدَ
القَيْنَ، ينصب سعد، وذكر أَن دُهْدُرَّيْنِ منصوب على إِضمار فعل، وظاهر كلامه
يقضي أَن دُهْدْرَّين اسم للباطل تثنية دُهْدُرٍّ ولم يجعله اسماً للفعل
كما جعله أَبو علي، فكأَنه قال: اطرحوا الباطل وسَعْدَ القَيْنَ فليس قوله
بصحيح، قال: وقد رواه قوم كما رواه الجوهري منفصلاً فقالوا دُهْ
دُرَّيْنِ وفسر بأَن دُهْ فعل أَمر من الدَّهاءِ إِلاَّ أَنه قدّمت الواو التي
هي لامه إِلى موضع عينه فصار دُوهْ، ثم حذفت الواو لالتقاء الساكنين فصار
دُهْ كما فعلت في قُلْ، ودُرَّيْنِ من دَرَّ يَدِرُّ إِذا تتابع، ويراد
ههنا بالتثنية التكرار، كما قالوا لَبَّيْك وحَنَانَيْكَ ودَوَالَيْكَ،
ويكون سَعْدُ القَيْنُ منادى مفرداً والقين نعته، فيكون المعنى: بالغْ في
الدَّهاء والكذب يا سَعْدُ القَيْنُ؛ قال ابن بري: وهذا القول حسن إِلاَّ
أَنه كان يجب أَن تفتح الدال من دُرَّين لأَنه جعله من دَرَّ يَدِرُّ
إِذا تتابع، قال: وقد يمكن أَن يقول إِن الدال ضمت للإِتباع إِتباعاً لضمة
الدال من دُهْ، والله تعالى أَعلم.
صفن: الصَّفْنُ والصَّفَنُ والصَّفْنَة والصَّفَنَةُ: وِعاء الخُصْية.
وفي الصحاح: الصَّفَنُ، بالتحريك، جلدة بيضة الإنسان، والجمع أَصْفانٌ.
وصَفَنَه يَصْفِنُه صَفْناً: شق صَفَنَه. والصُّفْنُ: كالسُّفْرة بين
العَيْبةِ والقِرْبة يكون فيها المتاع، وقيل: الصُّفْنُ من أَدَم كالسُّفْرة
لأَهل البادية يجعلون فيها زادهم، وربما اسْتَقَوْا به الماءَ كالدَّلْوِ؛
ومنه قول أَبي دُواد:
هَرَقْتُ في حَوْضِه صُفْناً ليَشْرَبَه
في دائِرٍ خَلَقِ الأَعْضادِ أَهْدامِ.
ويقال: الصُّفْنُ هنا الماء. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لئن بقيتُ
لأُسَوِّيَنَّ بين الناسِ حتى يأْتِيَ الراعِيَ حقُّه في صُفْنِه لم
يَعْرَقْ فيه جَبينُه؛ أَبو عمرو: الصُّفْنُ، بالضم، خريطة يكون للراعي فيها
طعامه وزِنادُه وما يحتاج إليه؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
معه سِقاءٌ لا يُفَرِّطُ حَمْلَهُ
صُفْنٌ، وأَخْراصٌ يَلُحْنَ، ومِسْأَبُ
وقيل: هي السُّفْرة التي تجمع بالخيط، وتضم صادها وتفتح؛ وقال الفراء:
هو شيء مثل الدلو أَو الرَّكْوَة يتوضأُ فيه؛ وأَنشد لأَبي صخر الهذلي يصف
ماءً ورَدَه:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ،
خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفا
قال أَبو عبيد: ويمكن أَن يكون كما قال أَبو عمرو والفراء جميعاً أَن
يُسْتَعْمَلَ الصُّفْنُ في هذا وفي هذا، قال: وسمعت من يقول الصَّفْنُ،
بفتح الصاد، والصَّفْنة أَيضاً بالتأْنيث. ابن الأَعرابي: الصَّفْنَةُ، بفتح
الصاد، هي السُّفْرة التي تُجْمَع بالخيط؛ ومنه يقال: صَفَنَ ثيابَه في
سَرْجه إذا جمعها. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، عَوَّذَ
عليّاً حين رَكبَ وصَفَنَ ثيابَه في سَرْجه أَي جمعها فيه. أَبو عبيد:
الصَّفْنَةُ كالعَيْبَة يكون فيها متاع الرجل وأَداتُه، فإِذا طرحت الهاء
ضممت الصاد وقلت صُفْنٌ، والصُّفْنُ، بضم الصاد: الرَّكْوَةُ. وفي حديث
عليّ، عليه السلام: الْحَقْنِي بالصُّفْنِ أَي بالرَّكْوَة. والصَّفَنُ: جلد
الأُنثيين، بفتح الفاء والصاد؛ ومنه قول جرير:
يَتْرُكْنَ أَصْفانَ الخُصَى جَلاجِلا.
والصَّفْنَةُ: دلو صغيرة لها حَلقة واحدة، فإِذا عظمت فاسمها الصُّفْنُ،
والجمع أَصْفُنٌ؛ قال:
غَمَرْتُها أَصْفُناً من آجِنٍ سُدُمٍ،
كأَنَّ ما ماصَ منه في الفَمِ الصَّبِرُ.
عَدَّى غَمَرت إلى مفعولين لأَنها بمعنى سَقَيْتُ. والصَّافِنُ: عِرْق
ينغمس في الذِّراع في عَصَبِ الوَظِيفِ. والصَّافِنانِ: عرقان في الرجلين،
وقيل: شُعْبَتان في الفخذين. والصَّافِنُ: عِرْق في باطن الصلب طُولاً
متصل به نِياطُ القلب، ويسمى الأَكْحل. غيره: ويسمى الأَكحلُ من البعير
الصافنُ، وقيل: الأَكحلُ من الدواب الأَبْجَلُ. وقال أَبو الهيثم:
الأَكْحَل والأَبْجَلُ والصافِنُ هي العروق التي تُفصد، وهي في الرِّجْلِ
صافِنٌ، وفي اليد أَكْحَلُ. الجوهري: الصَّافِنُ عرق الساق. ابن شميل:
الصَّافِنُ عرق ضخم في باطن الساق حتى يَدْخُلَ الفخذَ، فذلك الصافنُ. وصَفَنَ
الطائرُ الحشيشَ والوَرَقَ يَصْفِنُه صَفْناً وصَفَّنَه: نَضَّدَه
لِفراخه، والصَّفَنُ: ما نَضَّدَه من ذلك . الليث: كل دابة وخَلْق شِبْه
زُنْبُورٍ يُنَضِّدُ حولَ مَدْخَله ورَقاً أَو حشيشاً أَو نحو ذلك، ثم يُبَيِّتُ
في وسطه بيتاً لنفسه أَو لِفراخه فذلك الصَّفَنُ، وفعله التَّصْفِينُ.
وصَفَنَتِ الدابةُ تَصْفِنُ صُفُوناً: قامت على ثلاثٍ وثَنَتْ سُنْبُكَ
يدِها الرابعَ. أَبو زيد: صَفَنَ الفرسُ إذا قام على طرف الرابعة. وفي
التنزيل العزيز: إذ عُرِضَ عليه بالعَشِيِّ الصافِناتُ الجِيادُ. وصَفَنَ
يَصْفِنُ صُفُوناً: صَفَّ قدميه. وخيل صُفُونٌ: كقاعد وقُعُود؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي في صفة فرس:
أَلِفَ الصُّفُونَ، فلا يَزالُ كأَنه
مما يَقُومُ على الثلاثِ كسيرا
قوله: مما يقوم، لم يرد من قيامه وإنما أَراد من الجنس الذي يقوم على
الثلاث، وجعل كسيراً حالاً من ذلك النوع الزَّمِنِ لا من الفرس المذكور في
أَول البيت؛ قال الشيخ: جعل ما اسماً منكوراً. أَبو عمرو: صَفَنَ الرجلُ
برجله وبَيْقَرَ بيده إذا قام على طرف حافره. ومنه حديث البَرَاءِ بن
عازِبٍ: كنا إذا صَلَّيْنا مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فرفَع رأْسَه
من الركوع قمنا خَلْفَه صُفُوناً، وإِذا سجد تَبِعْناه، أَي واقفين قد
صَفَنَّا أَقدامنا؛ قال أَبو عبيد: قوله صُفُوناً يُفَسَّرُ الصافنُ
تفسيرين: فبعض الناس يقول كل صافٍّ قدميه قائماً فهو صافِنٌ، والقول الثاني أَن
الصَّافِنَ من الخيل الذي قد قَلَب أَحدَ حوافره وقام على ثلاث قوائم.
وفي الصحاح: الصَّافِنُ من الخيل القائم على ثلاث قوائم وقد أَقام الرابعة
على طرف الحافر، وقد قيل: الصافِنُ القائم على الإطلاق؛ قال الكميت:
نُعَلّمُهم بها ما عَلَّمَتْنا
أُبُوَّتُنا جوارِيَ، أَو صُفُونا
وفي الحديث: من سَرَّه أَن يقوم له الناسُ صُفُوناً أَي واقفين.
والصُّفُون: المصدر أَيضاً؛ ومنه الحديث: فلما دَنا القومُ صافَنَّاهُم أَي
واقَفْناهم وقُمْنا حِذاءَهم. وفي الحديث: نهى عن صلاةِ الصَّافِنِ أَي الذي
يجمع بين قدميه، وقيل: هو أَن يَثْنِيَ قدمه إلى ورائه كما يفعل الفرسُ
إذا ثَنى حافره. وفي حديث مالك ابن دينار: رأَيتُ عِكْرِمَةَ يُصَلِّي وقد
صَفَنَ بين قدميه. وكان ابن عباس وابن مسعود يقرآن: فاذكروا اسمَ الله
عليها صَوافِنَ، بالنون، فأَما ابن عباس ففسرها مَعْقُولةً إِحْدى
يَدَيْها على ثلاث قوائم، والبعير إذا نحر فعل به ذلك، وأَما ابن مسعود فقال:
يعني قِياماً. وقال الفراء: رأَيت العرب تجعل الصَّافِنَ القائمَ على ثلاث
وعلى غير ثلاث، قال: وأَشعارهم تدل على أَن الصُّفُونَ القيامُ خاصة؛
وأَنشد:
وقامَ المَها يُقْفِلْنَ كُلَّ مُكَبَّلٍ،
كما رُصَّ أَيْقا مُذْهَبِ اللَّوْنِ صافِنِ.
المَها: البقر يعني النساء، والمُكَبَّلُ: أَراد الهودج، يُقْفِلْنَ:
يَسْدُدْنَ، كما رُصَّ: كما قُيِّد وأُلْزِق، والأَيْقُ: الرُّسْغُ،
مُذْهَبِ اللون: أَراد فرساً
يعلوه صُفْرَة، صافِن: قائم على ثلاث قوائم، قال: وأَما الصَّائِنُ فهو
القائم على طرف حافره من الحَفا، والعرب تقول لجمع الصافِنِ صَوافِن
وصافِنَات وصُفُونٌ. وتَصَافَنَ القومُ الماءَ إذا كانوا في سفر فقلَّ عندهم
فاقتسموه على الحَصاةِ. أَبو عمرو: تَصَافَنَ القومُ تَصَافُناً، وذلك
إذا كانوا في سفر ولا ماء معهم ولا شيء، يقتسمونه على حَصاةٍ يُلْقونها في
الإِناء، يُصَبُّ فيه من الماء بقدر ما يَغْمُر الحصاة فيعطاه كل رجل
منهم؛ وقال الفرزدق:
فلما تَصَافَنَّا الإدَاوةَ، أَجْهَشَتْ
إليَّ غُضُونُ العَنْبَرِيِّ الجُراضِمِ
الجوهري: تَصَافَنَ القومُ الماء اقتسموه بالحِصَص، وذلك إِنما يكون
بالمَقْلَةِ تَسْقي الرجلَ قدر ما يَغْمُرها، فإِن كانت من ذهب أَو فضة فهي
البَلَدُ. وصُفَيْنة: قرية كثيرة النخل غَنَّاءُ في سَوادِ الحَرَّةِ؛
قالت الخَنْساء:
طَرَقَ النَّعِيُّ على صُفَيْنَةَ غُدْوَةً،
ونَعَى المُعَمَّمَ من بَني عَمْرِو.
أَبو عمرو: الصَّفْنُ والصَّفْنة الشَّقْشِقَة. وصِفِّينُ: موضع كانت به
وقعة بين علي، عليه السلام، ومعاوية، رضي الله عنه، قال ابن بري: وحقه
أَن يذكر في باب الفاء في ترجمة صفف، لأَن نونه زائدة بدليل قولهم
صِفُّون، فيمن أَعربه بالحروف. وفي حديث أَبي وائل: شَهِدْتُ صِفِّينَ وبِئْسَتِ
الصِّفُّونَ، وفيها وفي أَمثالها لغتان: إِحداهما إِجراء الإعراب على ما
قبل النون وتركها مفتوحة كجمع السلامة كما قال أَبو وائل، والثانية أَن
تجعل النون حرف الإِعراب وتقرّ الياء بحالها فنقول: هذه صِفِّينُ ورأَيت
صِفِّينَ ومررت بصفِّينَ، وكذلك تقول في قِنَّسْرِينَ وفِلَسْطِينَ
ويَبْرِينَ.
كرن: الكِرَانُ: العُودُ، وقيل: الصَّنْجُ؛ قال لبيد:
صَعْلٌ كسافِلةِ القَناةِ وظِيفُه،
وكأَنَّ جُؤْجُؤَه صَفِيحُ كِرانِ
وفي رواية: كسافِلةِ القَنا ظُنْبُوبُه، والجمع أَكْرِنةٌ.
والكَرِينَةُ: المُغَنِّيَةُ الضاربة بالعُود أَو الصَّنْجِ. وفي حديث حمزة، رضي الله
عنه: فغَنَّتْه الكَرِينة أَي المغنة الضاربة بالكِرانِ، والكِنَّارة
نحوٌ منه. والكِرْيَوْنُ: وادٍ بمصر، حرسها الله تعالى؛ قال كثير عزة.
تولَّتْ سِراعاً عِيرُها، وكأَنها
دَوافِعُ بالكِريَوْن ذاتُ قُلوعِ
وقيل: هو خَلِيجٌ ُيُشَقُّ من نيل مصر، صانها الله تعالى.
ضرر: في أَسماء الله تعالى: النَّافِعُ الضَّارُّ، وهو الذي ينفع من
يشاء من خلقه ويضرّه حيث هو خالق الأَشياء كلِّها: خيرِها وشرّها ونفعها
وضرّها. الضَّرُّ والضُّرُّ لغتان: ضد النفع. والضَّرُّ المصدر، والضُّرّ
الاسم، وقيل: هما لغتان كالشَّهْد والشُّهْد، فإِذا جمعت بين الضَّرّ
والنفع فتحت الضاد، وإِذا أَفردت الضُّرّ ضَمَمْت الضاد إِذا لم تجعله مصدراً،
كقولك: ضَرَرْتُ ضَرّاً؛ هكذا تستعمله العرب. أَبو الدُّقَيْش: الضَّرّ
ضد النفع، والضُّر، بالضم، الهزالُ وسوء الحال. وقوله عز وجل: وإِذا مسّ
الإِنسانَ الضُّرُّ دعانا لِجَنْبه؛ وقال: كأَن لم يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ
مسَّه؛ فكل ما كان من سوء حال وفقر أَو شدّة في بدن فهو ضُرّ، وما كان
ضدّاً للنفع فهو ضَرّ؛ وقوله: لا يَضُرّكم كيدُهم؛ من الضَّرَر، وهو ضد
النفع.
والمَضَرّة: خلاف المَنْفعة. وضَرَّهُ يَضُرّه ضَرّاً وضَرّ بِه وأَضَرّ
بِه وضَارَّهُ مُضَارَّةً وضِراراً بمعنى؛ والاسم الضَّرَر. وروي عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ في الإسلام؛
قال: ولكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر: فمعنى قوله لا ضَرَرَ أَي لا
يَضُرّ الرجل أَخاه، وهو ضد النفع، وقوله: ولا ضِرار أَي لا يُضَارّ كل واحد
منهما صاحبه، فالضِّرَارُ منهما معاً والضَّرَر فعل واحد، ومعنى قوله:
ولا ضِرَار أَي لا يُدْخِلُ الضرر على الذي ضَرَّهُ ولكن يعفو عنه، كقوله
عز وجل: ادْفَعْ بالتي هي أَحسن فإِذا الذي بينك وبينه عداوة كأَنه
ولِيٌّ حَمِيمٌ؛ قال ابن الأَثير: قوله لا ضَرَرَ أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه
فَيَنْقُصه شيئاً من حقه، والضِّرارُ فِعَالٌ من الضرّ، أَي لا يجازيه على
إِضراره بإِدخال الضَّرَر عليه؛ والضَّرَر فعل الواحد، والضِّرَارُ فعل
الاثنين، والضَّرَر ابتداء الفعل، والضِّرَار الجزاء عليه؛ وقيل:
الضَّرَر ما تَضُرّ بِه صاحبك وتنتفع أَنت به، والضِّرار أَن تَضُره من غير أَن
تنتفع، وقيل: هما بمعنى وتكرارهما للتأْكيد.
وقوله تعالى: غير مُضَارّ؛ مَنع من الضِّرَار في الوصية؛ وروي عن أَبي
هريرة: من ضَارَّ في وَصِيَّةٍ أَلقاه الله تعالى في وَادٍ من جهنم أَو
نار؛ والضِّرار في الوصية راجع إِلى الميراث؛ ومنه الحديث: إِنّ الرجلَ
يعمَلُ والمرأَة بطاعة الله ستين سنةً ثم يَحْضُرُهما الموتُ فَيُضَارِران
في الوصية فتجبُ لهما النار؛ المُضارَّةُ في الوصية: أَن لا تُمْضى أَو
يُنْقَصَ بعضُها أَو يُوصى لغير أَهلها ونحو ذلك مما يخالف السُّنّة.
الأَزهري: وقوله عز وجل: ولا يُضَارَّ كاتب ولا شهيد، له وجهان: أَحدهما لا
يُضَارّ فَيُدْعى إِلى أَن يكتب وهو مشغول، والآخر أَن معناه لا يُضَارِرِ
الكاتبُ أَي لا يَكْتُبْ إِلا بالحق ولا يشهدِ الشّاهد إِلا بالحق،
ويستوي اللفظان في الإِدغام؛ وكذلك قوله: لا تُضَارَّ والدةٌ بولدها؛ يجوز أَن
يكون لا تُضَارَرْ على تُفاعَل، وهو أَن يَنْزِع الزوجُ ولدها منها
فيدفعه إِلى مُرْضعة أُخرى، ويجوز أَن يكون قوله لا تُضَارَّ معناه لا
تُضَارِرِ الأُمُّ الأَبَ فلا ترضِعه.
والضَّرَّاءُ: السَّنَة. والضَّارُوراءُ: القحط والشدة.
والضَّرُّ: سوء الحال، وجمعه أَضُرٌّ؛ قال عديّ بن زيد العبّادي:
وخِلالَ الأَضُرّ جَمٌّ من العَيْـ
شِ يُعَفِّي كُلُومَهُنَّ البَواقي
وكذلك الضَّرَرُ والتَّضِرَّة والتَّضُرَّة؛ الأَخيرة مثل بها سيبويه
وفسرها السيرافي؛ وقوله أَنشده ثعلب:
مُحَلًّى بأَطْوَاقٍ عِتاقٍ يُبِينُها،
على الضَّرّ، رَاعي الضأْنِ لو يَتَقَوَّفُ
إِنما كنى به عن سوء حاله في الجهل وقلة التمييز؛ يقول: كرمُه وجوده
يَبِينُ لمن لا يفهم الخير فكيف بمن يفهم؟ والضَّرَّاءُ: نقيض السَّرَّاء.
وفي الحديث: ابْتُلِينَا بالضَّرَّاءِ فَصَبَرْنا، وابتلينا بالسَّرَّاء
فلم نَصْبِرْ؛ قال ابن الأَثير: الضَّرَّاءُ الحالة التي تَضُرُّ، وهي
نقيض السَّرَّاء، وهما بناءان للمؤنث ولا مذكر لهما، يريد أَنا اخْتُبِرْنا
بالفقر والشدة والعذاب فصبرنا عليه، فلما جاءتنا السَّرَّاءُ وهي الدنيا
والسَّعَة والراحة بَطِرْنا ولم نصبر. وقوله تعالى: وأَخذناهم بالبأْساءِ
والضَّرَّاءِ؛ قيل: الضَّرَّاءُ النقص في الأَموال والأَنفس، وكذلك
الضَّرَّة والضَّرَارَة، والضَّرَرُ: النقصان يدخل في الشيء، يقال: دخل عليه
ضَرَرٌ في ماله. وسئل أَبو الهيثم عن قول الأَعشى:
ثُمَّ وَصّلْت ضَرَّةً بربيع
فقال: الضَّرَّةُ شدة الحال، فَعْلَة من الضَّرّ، قال: والضُّرّ أَيضاً
هو حال الضَّرِيرِ، وهو الزَّمِنُ. والضَّرَّاءُ: الزَّمانة. ابن
الأَعرابي: الضَّرَّة الأَذاة، وقوله عز وجل: غير أُولي الضَّرَر؛ أَي غير أُولي
الزَّمانة. وقال ابن عرفة: أَي غير من به عِلَّة تَضُرّه وتقطعه عن
الجهاد، وهي الضَّرَارَة أَيضاً، يقال ذلك في البصر وغيره، يقول: لا يَسْتَوي
القاعدون والمجاهدون إِلا أُولو الضَّرَرِ فإِنهم يساوون المجاهدين؛
الجوهري: والبَأْساءُ والضَّرَّاء الشدة، وهما اسمان مؤنثان من غير تذكير،
قال الفراء: لو جُمِعَا على أَبْؤُسٍ وأَضُرٍّ كما تجمع النَّعْماء بمعنى
النِّعْمة على أَنْعُم لجاز. ورجل ضَرِيرٌ بَيِّن الضَّرَارَة: ذاهب
البصر، والجمع أَضِرَّاءُ. يقال: رجل ضَرِيرُ البصرِ؛ وإِذا أَضَرَّ به
المرضُ يقال: رجل ضَرِير وامرأَة ضَرِيرَة. وفي حديث البراء: فجاء ابن أُمّ
مكتوم يشكو ضَرَارَتَه؛ الضَّرَارَة ههنا العَمَى، والرجل ضَرِيرٌ، وهي من
الضَّرّ سوء الحال. والضَّرِيرُ: المريض المهزول، والجمع كالجمع،
والأُنثى ضَرِيرَة. وكل شيء خالطه ضُرٌّ، ضَرِيرٌ ومَضْرُورٌ. والضَّرائِرُ:
المَحاويج.
والاضطِرَارُ: الاحتياج إِلى الشيء، وقد اضْطَرَّه إِليه أَمْرٌ، والاسم
الضَّرَّة؛ قال دريد بن الصمة:
وتُخْرِجُ منهُ ضَرَّةُ القَوْمِ مَصْدَقاً،
وَطُولُ السُّرَى دُرِّيَّ عَضْبٍ مُهَنَّدِ
أَي تَلأْلُؤَ عَضْب، ويروى: ذَرِّيَّ عضب يعني فِرِنْدَ السيف لأَنه
يُشَبَّه بمَدَبِّ النمْلِ.
والضَّرُورةُ: كالضَّرَّةِ. والضِّرارُ: المُضَارَّةُ؛ وليس عليك ضَرَرٌ
ولا ضَرُورةٌ ولا ضَرَّة ولا ضارُورةٌ ولا تَضُرّةٌ. ورجل ذو ضارُورةٍ
وضَرُورةٍ أَي ذُو حاجةٍ، وقد اضْطُرَّ إِلى الشَّيءِ أَي أُلْجئَ إِليه؛
قال الشاعر:
أَثِيبي أَخا صارُورةٍ أَصْفَقَ العِدى
عليه، وقَلَّتْ في الصَّدِيق أَواصِرُهْ
الليث: الضّرُورةُ اسمٌ لمصْدرِ الاضْطِرارِ، تقول: حَمَلَتْني
الضّرُورَةُ على كذا وكذا. وقد اضْطُرّ فلان إِلى كذا وكذا، بِناؤُه افْتَعَلَ،
فَجُعِلَت التاءُ طاءً لأَنَّ التاءَ لم يَحْسُنْ لفْظُه مع الضَّادِ.
وقوله عز وجل: فمن اضطُرّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ أَي فمن أُلْجِئَ إِلى أَكْل
الميْتةِ وما حُرِّم وضُيِّقَ عليه الأَمْرُ بالجوع، وأَصله من
الضّرَرِ، وهو الضِّيقُ. وقال ابن بزرج: هي الضارُورةُ والضارُوراءُ ممدود. وفي
حديث عليّ، عليه السلام، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنَّه نهى عن بيع
المُضْطَرّ؛ قال ابن الأَثير: هذا يكون من وجهين: أَحدُهما أَنْ
يُضْطَرّ إِلى العَقْدِ من طَرِيقِ الإِكْراهِ عليه، قال: وهذا بيعٌ فاسدٌ لا
يَنْعَقِدُ، والثاني أَنْ يُضْطَرَّ إِلى البليعِ لِدَيْن رَكِبَه أَو
مَؤونةٍ ترْهَقُه فيَبيعَ ما في يَدِه بالوَكْسِ للضَّرُروةِ، وهذا سبيلُه في
حَقِّ الدِّينِ والمُروءةِ أَن لا يُبايَعَ على هذا الوجْهِ، ولكن
يُعَان ويُقْرَض إِلى المَيْسَرَةِ أَو تُشْتَرى سِلْعَتُه بقِيمتها، فإِنْ
عُقِدَ البَيْع مع الضرورةِ على هذا الوجْه صحَّ ولم يُفْسَخْ مع كراهةِ
أَهلِ العلْم له، ومعنى البَيْعِ ههنا الشِّراءُ أَو المُبايَعةُ أَو
قَبُولُ البَيْعِ. والمُضْطَرُّ: مُفْتَعَلٌ من الضّرِّ، وأَصْلُه مضْتَرَرٌ،
فأُدْغِمَت الراءُ وقُلِبَت التاءُ طاءً لأَجْلِ الضادِ؛ ومنه حديث ابن
عمر: لا تَبْتَعْ من مُضْطَرٍّ شَيْئاً؛ حملَه أَبو عُبَيْدٍ على
المُكْرَهِ على البَيْعِ وأَنْكَرَ حَمْلَه على المُحْتاج. وفي حديث سَمُرَةَ:
يَجْزِي من الضَّارُورة صَبُوحٌ أَو غَبُوق؛ الضارروةُ لغةٌ في الضّرُورةِ،
أَي إِنَّما يَحِلّ للمُضْطَرّ من المَيْتة أَنْ يأْكُلَ منها ما يسُدُّ
الرَّمَقَ غَداءً أَو عَشاءً، وليس له اين يَجْمعَ بينهما. والضَّرَرُ:
الضِّيقُ. ومكانٌ ذو ضَرَرٍ أَي ضِيقٍ. ومكانٌ ضَرَرٌ: ضَيِّقٌ؛ ومنه قول
ابن مُقْبِل:
ضِيف الهَضْبَةِ الضَّرَر
وقول الأَخطل:
لكلّ قَرارةٍَ منها وفَجٍّ
أَضاةٌ، ماؤها ضَرَرٌ يَمُور
قال ابن الأَعرابي: ماؤها ضرَرٌ أَي ماءٌ نَمِيرٌ في ضِيقٍ، وأَرادَ
أَنَّه غَزِيرٌ كثيرٌ فَمجارِيه تَضِيقُ به، وإِن اتَّسَعَتْ. والمُضِرُّ:
الدَّاني من الشيْءِ؛ قال الأَخْطل:
ظَلَّتْ ظِياءٌ بَني البَكَّاءِ راتِعَةً،
حتى اقْتُنِصْنَ على بُعْدٍ وإِضْرار
وفي حديث معاذ: أَنَّه كان يُصَلِّي فأَضَرَّ به غُصْنٌ فمَدَّ يَده
فكَسَرَهُ؛ قوله: أَضَرَّ به أَي دنا منه دُنُوّاً شديداً فآذاه. وأَضَرَّ
بي فلانٌ أَي دَنا منّي دُنُوّاً شديداً وأَضَرَّ بالطريقِ: دنَا منه ولم
يُخالِطْه؛ قال عبدالله بن عَنْمة
(* قوله: «ابن عنمة» ضبط في الأصل
بسكون النون وضبط في ياقوت بالتحريك). الضَّبِّي يَرْثي بِسْطَامَ ابْنَ
قَيْسٍ:
لأُمِّ الأَرْضِ ويْلٌ ما أَجَنَّتْ
غداةَ أَضَرَّ بالحسَنِ السَّبيلُ؟
(* قوله: «غداة» في ياقوت بحيث).
يُقَسِّمُ مالَه فِينا فَنَدْعُو
أَبا الصَّهْبا، إِذا جَنَحَ الأَصِيلُ
الحَسَنُ: اسمُ رَمْلٍ؛ يَقُولُ هذا على جهة التعجُّبِ، أَي وَيْلٌ
لأُمِّ الأَرْضِ ماذا أَجَنَّت من بِسْطام أَي بحيث دَنَا جَبَلُ الحَسَنِ من
السَّبِيلِ. وأَبو الصهباء: كُنْيَةُ بسْطام. وأَضَرَّ السيْلُ من
الحائط: دَنَا منه. وسَحابٌ مُضِرٌّ أَي مُسِفٌّ. وأَضَرَّ السَّحابُ إِلى
الأَرْضِ: دَنَا، وكلُّ ما دَنا دُنُوّاً مُضَيَّقاً، فقد أَضَرَّ. وفي
الحديث: لا يَضُرُّه أَنْ يَمَسَّ مِنْ طِيبٍ إِنْ كانَ له؛ هذه الكلمةُ
يَسْتَعْمِلُها العرَبُ ظاهرُها الإِباحَةُ ومعناها الحَضُّ
والتَّرْغِيبُ.والضَّرِيرُ: حَرْفُ الوادِي. يقال: نَزَلَ فلانٌ على أَحدِ ضِرِيرَي
الوادِي أَي على أَحَدِ جانِبَيْهِ، وقال غيرُه: بإِحْدَى ضَفَّتَيْه.
والضَّرِيرانِ: جانِبا الوادِي؛ قال أَوس بن حَجَر:
وما خَلِيجٌ من المَرُّوتِ ذُو شُعَبٍ،
يَرْمِي الضَّرِيرَ بِخُشْبِ الطَّلْحِ والضَّالِ
واحِدُهما ضَرِيرٌ وجمعُه أَضِرَّةٌ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ أَي صَبْرٍ
على الشرِّ ومُقَاساةٍ له. والضَّرِيرُخ من النَّاسِ والدوابِّ: الصبُورُ
على كلّ شيء؛ قال:
باتَ يُقاسي كُلَّ نابٍ ضِرزَّةٍ،
شَدِيدة جَفْنِ العَيْنِ ذاتِ ضَريرِ
وقال:
أَما الصُّدُور لا صُدُورَ لِجَعْفَرٍ،
ولكنَّ أَعْجازاً شديداً ضَرِيرُها
الأَصمعي: إِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيءِ والشِّدَةِ إِذا كان ذا صبرٍ
عليه ومُقَاساةٍ؛ وأَنشد:
وهمَّامُ بْنُ مُرَّةَ ذو ضَرِيرِ
يقال ذلك في الناس والدوابِّ إِذا كان لها صبرٌ على مقاساةِ الشرِّ؛ قال
الأَصمعي في قول الشاعر:
بمُنْسَحَّةِ الآباطِ طاحَ انْتِقالُها
بأَطْرافِها، والعِيسُ باقٍ ضَرِيرُها
قال: ضريرُها شدَّتُها؛ حكاه الباهِليُّ عنه؛ وقول مليح الهذلي:
وإِنِّي لأَقْرِي الهَمَّ، حين يَنوبني،
بُعَيدَ الكَرَى منه، ضَرِيرٌ مُحافِلُ
أَراد مُلازِم شَدِيد. وإِنَّه لَضِرُّ أَضْرارٍ أَي شَدِيدُ
أَشِدَّاءَ، وضِلُّ أَضْلالٍ وصِلُّ أَصْلالٍ إِذا كان داهِيَةً في رأْيه؛ قال أَبو
خراش:
والقوم أَعْلَم لو قُرْطٌ أُرِيدَ بها،
لكِنَّ عُرْوةَ فيها ضِرُّ أَضْرارِ
أَي لا يستنقذه ببَأْسهه وحِيلَهِ. وعُرْوةُ: أَخُو أَبي خِراشٍ، وكان
لأَبي خراشٍ عند قُرْطٍ مِنَّةٌ، وأَسَرَتْ أَزد السَّراةِ عُرْوةَ فلم
يحمَد نيابَة قُرْطٍ عنْه في أَخيه:
إِذا لَبُلَّ صَبِيُّ السَّيْفِ من رَجُلٍ
من سادةِ القَومِ، أَوْ لالْتَفَّ بالدَّار
الفراء: سمعت أَبَا ثَروانَ يقول: ما يَضُرُّكَ عليها جارِيَةً أَي ما
يَزِيدُكَ؛ قال: وقال الكسائي سمعتهم يقولون ما يَضُرُّكَ على الضبِّ
صَبْراً، وما يَضِيرُكَ على الضبِّ صَبْراً أَي ما يَزِيدُكَ. ابن
الأَعرابي: ما يَزِيدُك عليه شيئاً وما يَضُرُّكَ عليه شيئاً، واحِدٌ. وقال ابن
السكيت في أَبواب النفي: يقال لا يَضُرُّك عليه رجلٌ أَي لا تَجِدُ رجلاً
يَزِيدُكَ على ما عند هذا الرجل من الكفاية، ولا يَضُرُّكَ عليه حَمْلٌ
أَي لا يَزِيدُك. والضَّرِيرُ: اسمٌ للْمُضَارَّةِ، وأَكْثُر ما
يُسْتَعْمَل في الغَيْرةِ. يقال: ما أَشَدَّ ضَرِيرَه عَلَيها. وإِنه لذُو ضَرِيرٍ
على امرأَته أَي غَيْرة؛ قال الراجز يصف حماراً:
حتى إِذا ما لانَ مِنْ ضَرِيرِه
وضارّه مُضارَّةً وضِراراً: خالَفَه؛ قال نابغةُ بنِي جَعْدة:
وخَصْمَيْ ضِرارٍ ذَوَيْ تُدْارَإِ،
متى باتَ سِلْمُها يَشْغَبا
وروُي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قيل له: أَنَرَى رَبَّنا يومَ
القيامةِ؟ فقال: أَتُضارُّونَ في رُؤْيَةِ الشمْسِ في غيرِ سَحابٍ؟
قالوا: لا، قال: فإِنَّكم لا تُضارُّون في رُؤْيتِه تباركَ وتعالى؛ قال أَبو
منصور: رُوِي هذا الحرفُ بالتشديد من الضُّرّ، أَي لا يَضُرُّ بعضُكم
بَعْضاً، وروي تُضارُونَ، بالتخفيف، من الضَّيْرِ. ومعناهما واحدٌ؛ ضارَهُ
ضَيْراً فضَرَّه ضَرّاً، والمعنى لا يُضارُّ بعْضُكم بعْضاً في رُؤْيَتِهِ
أَي لا يُضايِقُه ليَنْفَرِدَ برُؤْيتِه. والضرَرُ: الضِّيقُ، وقيل: لا
تُضارُّون في رُؤْيته أَي لا يُخالِفُ بعضُكم بعضاً فيُكَذِّبُه. يقال:
ضارَرْت الرجُلَ ضِراراً ومُضارَّةً إِذا خالَفْته، قال الجوهري: وبعضُهم
يقول لا تَضارّون، بفتح التاء، أَي لا تَضامُّون، ويروى لا تَضامُّون في
رُؤْيته أَي لا يَنْضمُّ بعضُكم إِلى بعْضٍ فيُزاحِمُه ويقولُ له:
أَرِنِيهِ، كما يَفْعَلُون عند، النَّظَرِ إِلى الهِلالِ، ولكن يَنْفَردُ كلٌّ
منهم برُؤْيته؛ ويروى: لا تُضامُون، بالتخفيف، ومعناه لا يَنالُكْم
ضَيْمٌ في رؤيته أَي تَرَوْنَه حتى تَسْتَوُوا في الرُّؤْيَةِ فلا يَضِيم
بعضُكم بعْضاً. قال الأَزهري: ومعاني هذه الأَلفاظِ، وإِن اخْتلفت،
مُتَقارِبةٌ، وكلُّ ما رُوِي فيه فهو صحيحٌ ولا يَدْفَعُ لَفْظٌ منها لفظاً، وهو
من صحاح أَخْبارِ سيّدِنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، وغُرَرِها ولا
يُنْكِرُها إِلاَّ مُبْتَدِعٌ صاحبُ هَوًى؛ وقال أَبو بكر: مَنْ رواه: هل
تَضارُّون في رؤيته، مَعْناه هل تَتَنازَعون وتَخْتَلِفون، وهو
تَتَفاعلُونَ من الضَّرارِ، قال: وتفْسيرُ لا تُضارُّون لا يقعُ بِكُم في رؤيته
ضُرٌّ، وتُضارُون، بالتخفيف، من الضَّيْرِ، وهو الضُّرُّ، وتُضامُون لا
يَلْحَقُكم في رؤيته ضَيْمٌ؛ وقال ابنُ الأَثير: رُوِيَ الحديثُ بالتخفيف
والتَّشْديد، فالتشْديدُ بمعنى لا تَتَخالَفُون ولا تَتَجادلُون في صِحّةِ
النَّظر إِليه لِوُضُوحِه وظُهُوره، يقال: ضارَّةُ يُضارُّه مِثْل
ضَرَّه يَضُرُّه، وقيل: أَرادَ بالمُضارّةِ الاجْتِمَاعَ والازْدحامَ عند
النَّظرِ إِليه، وأَما التخْفيفُ فهو من الضَّيرِ لُغَة في الضرِّ،
والمَعْنَى فيه كالأَوّل، قال ابن سيده: وأَما مَنْ رواه لا تُضارُون في رؤيته على
صيغةِ ما لم يُسَمَّ فاعلُه فهو من المُضايقَةِ، أَي لا تَضامُّون
تَضامّاً يَدْنُو به بعضُكم من بعضٍ فتُضايَقُون.
وضَرَّةُ المَرْأَةِ: امرأَةُ زَوْجِها. والضَّرَّتان: امرأَتا الرجُلِ،
كلُّ واحدَةٍ منهما ضَرَّةٌ لصاحِبَتِها، وهو من ذلك، وهُنَّ الضرائِرُ،
نادِرٌ؛ قال أَبو ذُؤَيب يصِفُ قُدُوراً:
لَهُنَّ نَشُيجٌ بالنَّضِيل كأَنَّها
ضَرائِرُ جِرْمِيٍّ، تَفاحَشَ غارُها
وهي الضِّرُّ. وتزوَّجَ على ضِرٍّ وضُرٍّ أَي مُضارَّة بينَ
امْرَأَتينِ، ويكون الضِّرُّ للثَّلاثِ. وحَكى كُراعٌ: تَزوَّجْتُ المرأَةَ على
ضِرٍّكُنَّ لَها، فإِذا كان كذلك فهو مَصْدَرٌ على طَرْح الزائدِ أَو جَمْعٌ
لا واحدَ له. والإِضْرارُ: التزْويجُ على ضَرَّةٍ؛ وفي الصحاح: أَنْ
يتزوّجَ الرجلُ على ضَرَّةِ؛ ومنه قيل: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضِرٌّ.
والضِّرُّ، بالكَسْرِ: تزوُّجُ المرأَةِ على ضَرَّةٍ. يقال: نكَحْتُ فُلانة
على ضُرٍّ أَي على امرأَةٍ كانت قبْلَها. وحكى أَبو عبدالله الطُّوَالُ:
تَزَوَّجْتُ المرأَةَ على ضِرٍّ وضُرٍّ، بالكسر والضمِّ. وامرأَةٌ مُضِرٌّ
أَيضاً: لها ضرائر، يقالُ فلانٌ صاحبُ ضِرٍّ، ويقال: امرأَةٌ مُضِرٌّ
إِذا كان لها ضَرَّةٌ، ورجلٌ مُضِرٌّ إِذا كان له ضَرائرُ، وجمعُ الضَّرَّةِ
ضرائرُ. والضَّرَّتانِ: امرأَتانِ للرجل، سُمِّيتا ضَرَّتَينِ لأَنَّ
كلَّ زاحدةٍ منهما تُضارُّ صاحِبتَها، وكُرِهَ في الإِسْلامِ أَن يقالَ لها
ضَرَّة، وقيل: جارةٌ؛ كذلك جاء في الحديث. الأَصمعي: الإِضْرارُ
التزْوِيجُ على ضَرَّةٍ؛ يقال منه: رجلٌ مُضِرٌّ وامرأَةٌ مُضرٌّ، بغير هاء. ابن
بُزُرج: تزوج فلانٌ امرأَةً، إِنَّها إِلى ضَرَّةِ غِنًى وخَيرٍ. ويقال:
هو في ضَرَرِ خَيرٍ وإِنه لفي طَلَفَةِ خيرٍ وضفَّة خير وفي طَثْرَةِ
خيرٍ وصَفْوَةٍ من العَيْشِ. وقوله في حديث عَمْرو بن مُرَّةَ: عند
اعْتِكارِ الضرائرِ؛ هي الأُمُور المُخْتَلِفَةُ كضرائرِ النساءِ لا
يَتَّفِقْنِ، واحِدتُها ضَرَّةٌ.
والضَّرَّتانِ: الأَلْيةُ من جانِبَيْ عَظْمِها، وهُما الشَّحْمتان، وفي
المحكم: اللَّحْمتانِ اللَّتانِ تَنْهَدلانِ من جانِبَيْها. وضَرَّةُ
الإِبْهام: لَحْمَةٌ تحتَها، وقيل: أَصْلُها، وقيل: هي باطنُ الكَفِّ
حِيالَ الخِنْصَرِ تُقابِلُ الأَلْيةَ في الكَفِّ. والضَّرَّةُ: ما وَقَع عليه
الوطْءُ من لَحْمِ باطنِ القَدَمِ مما يَلي الإِبْهامَ. وضَرَّةُ
الضَّرْعِ: لَحْمُها، والضَّرْعُ يذكّر ويؤنث. يقال: ضَرَّةٌ شَكْرَى أَي
مَلأَى من اللَّبَنِ. والضَّرَّةُ: أَصلُ الضرْعِ الذي لا يَخْلُو من اللَّبَن
أَو لا يكادُ يَخْلُو منه، وقيل: هو الضرْعُ كلُّه ما خَلا الأَطباءَ،
ولا يسمى بذلك إِلاَّ أَن يكونَ فيه لَبنٌ، فإِذا قَلَصَ الضرْعُ وذهَبَ
اللَبنُ قيل له: خَيْفٌ، وقيل: الضَّرَّةُ الخِلْفُ؛ قال طرفة يصف نعجة:
من الزَّمِراتِ أَسْبَلَ قادِماها،
وضَرَّتُها مُــرَكَّنَةٌ دَرُورُ
وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ: له بصَرِيحٍ ضَرَّةُ الشاةِ مُزبِد؛
الضَّرَّةُ: أَصْلُ الضرْعِ. والضرَّةُ: أَصْلُ الثَّدْيِ، والجمعُ من ذلك كُلِّه
ضرائرُ، وهو جَمْعٌ نادِرٌ؛ أَنشد ثعلب:
وصار أَمْثَالَ الفَغَا ضَرائِرِي
إِنما عَنَى بالضرائرِ أَحدَ هذه الأَشياءِ المُتَقَدّمَةِ. والضرَّةُ:
المالُ يَعْتَمِدُ عليه الرجلُ وهو لغيره من أقارِبه، وعليه ضَرَّتانِ
من ضأْنٍ ومعَزٍ. والضرَّةُ: القِطْعَةُ من المال والإِبلِ والغنمِ، وقيل:
هو الكثيرُ من الماشيةِ خاصَّةً دُون العَيْرِ. ورجلٌ مُضِرٌّ: له
ضَرَّةٌ من مالٍ. الجوهري: المُضِرّ الذي يَروحُ عليه ضَرَّةٌ من المال؛ قال
الأَشْعَرُ الرَّقَبانُ الأَسَدِيّ جاهِليّ يَهْجُو ابن عمِّه رضوان:
تَجانَفَ رِضْوانُ عن ضَيْفِه،
أَلَمْ يَأْتِ رِضْوانَ عَنِّي النُّدُرْ؟
بِحَسْبك في القَوم أَنْ يَعْلَمُوا
بأَنَّك فيهمْ غَنيٌّ مُضِرْ
وقد علم المَعْشَرُ الطَّارِحون
بأَنَّكَ، للضَّيْفِ، جُوعٌ وقُرْ
وأَنتَ مَسِيخٌ كَلَحْمِ الحُوار،
فلا أَنَتَ حُلْوٌ، ولا أَنت مُرْ
والمَسِيخ: الذي لا طَعْمَ له. والضَّرّة: المالُ الكثيرُ.
والضَّرّتانِ: حَجَر الرّحى، وفي المحكم: الرحَيانِ. والضَّرِير: النفْسُ وبَقِيَّةُ
الجِسْمِ؛ قال العجاج:
حامِي الحُمَيَّا مَرِس الضَّرِيرِ
ويقال: ناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ إِذا كانت شَدِيدةَ النفْسِ بَطِيئةَ
اللُّغُوبِ، وقيل: الضَّرِير بقيةُ النفْسِ وناقةٌ ذاتُ ضَرِيرٍ: مُضِرَّةٌ
بالإِبل في شِدَّةِ سَيْرِها؛ وبه فُسِّرَ قولُ أُمَيَّة بن عائذٍ
الهذلي:تُبارِي ضَرِيسٌ أُولاتِ الضَّرِير،
وتَقْدُمُهُنّ عَتُوداً عَنُونا
وأَضَرَّ يَعْدُو: أَسْرَعَ، وقيل: أَسْرعَ بَعْضَ الإِسْراعِ؛ هذه
حكاية أَبي عبيد؛ قال الطوسي: وقد غَلِظَ، إِنما هو أَصَرَّ.
والمِضْرارُ من النِّساءِ والإِبِلِ والخَيْلِ: التي تَنِدُّ وتَرْكَبُ
شِدْقَها من النَّشاطِ؛ عن ابن الأَعرابي: وأَنشد:
إِذْ أَنت مِضْرارٌ جَوادُ الخُضْرِ،
أَغْلَظُ شيءٍ جانباً بِقُطْرِ
وضُرٌّ: ماءٌ معروف؛ قال أَبو خراش:
نُسابِقُِم على رَصَفٍ وضُرٍّ،
كدَابِغةٍ، وقد نَغِلَ الأَدِيمُ
وضِرارٌ: اسمُ رجلٍ. ويقال: أَضَرَّ الفرسُ على فأْسِ اللَّجامَ إِذا
أَزَمَ عليه مثل أَضَزَّ، بالزاي. وأَضَرَّ فلانٌ على السَّيرِ الشديدِ أَي
صَبَرَ. وإِنه لَذُو ضَرِيرٍ على الشيء إِذا كان ذا صبْر عليه ومُقاساة
له؛ قال جرير:
طَرَقَتْ سَوَاهِمَ قد أَضَرَّ بها السُّرَى،
نَزَحَتْ بأَذْرُعِها تَنائِفَ زُورَا
من كلِّ جُرْشُعَةِ الهَواجِرِ، زادَها
بُعْدُ المفاوِزِ جُرْأَةً وضَرِيرَا
من كلِّ جُرْشُعَة أَي من كل ناقةٍ ضَخْمَةٍ واسعةِ الجوفِ قَوِيَّةٍ في
الهواجر لها عليها جُرْأَةٌ وصبرٌ، والضمير في طَرَقَتُْ يعُودُ على
امرأَة تقدّم ذكرُها، أَي طَرقَتَهْم وهُمْ مسافرون، أَراد طرقت أَصْحابَ
إِبِلٍ سَوَاهِمَ ويُريدُ بذلك خيالَها في النَّومِ، والسَّواهِمُ:
المَهْزُولةُ، وقوله: نَزَحَتْ بأَذْرُعِها أَي أَنْفَدَت طُولَ التنائف
بأَذْرُعِها في السير كما يُنْفَذُ ماءُ البِئْرِ بالنَّزْحِ. والزُّورُ: جمع
زَوْراءَ. والتَّنائِفُ: جمع تَنُوفَةٍ، وهي الأَرْضُ القَفْرُ، وهي التي
لا يُسارُ فيها على قَصْدٍ بل يأْخذون فيها يَمْنَةً ويَسْرَةً.