من (ر ف ر ف) نسبة إلى الــرَّفْرَاف: المتلألئ، والجناح، وذكر النعام، ونوع من العصافير يدعي خاطف ظله.
من (ر ف ر ف) نسبة إلى الــرَّفْرَاف: المتلألئ، والجناح، وذكر النعام، ونوع من العصافير يدعي خاطف ظله.
رفف: رَفَّ لونُه يَرِفُّ، بالكسر، رَفّاً ورَفيفاً: بَرَقَ وتَلأْلأَ،
وكذلك رَفَّتْ أَسنانه. وفي الحديث: أَن النابغة الجَعْديَّ لما أَنشد
سيدنا رسولَ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم:
ولا خَيْرَ في حِلْمٍ، إذا لم تكن له
بَوادِرُ تَحْمِي صَفْوَه أَن يُكَدَّرا
ولا خَيْرَ في جَهْلٍ، إذا لم يكن له
حَلِيمٌ، إذا ما أَوْرَدَ الأَمْرَ أَصْدَرا
فقال له رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: لا يَفْضُضِ اللّه فاك قال:
فبَقِيَتْ أَسْنانُه ترِفُّ حتى مات، وفي النهاية: وكأَنَّ فاه البَرَدُ،
تَرِفُّ أَسنانُه أَي تَبْرُق أَسنانُه، من رَفَّ البرقُ يَرِفُّ إذا
تلأْلأَ. والرَّفَّةُ: البَرْقةُ. ومنه الحديث الآخر: تَرفُّ غُروبُه، هي
الأَسنان. ورفَّ يَرِفُّ: بَرِحَ وتَخَيَّلَ؛ قال:
وأُمُّ عَمّارٍ على القِرْد تَرِفْ
ورَفَّ النباتُ يَرِفُّ رَفيفاً إذا اهتز وتَنَعَّمَ؛ قال أَبو حنيفة:
هو أَن يَتَلأْلأَ ويُشْرِقَ ماؤه.
وثوب رَفِيفٌ وشجر رَفيفٌ إذا تَنَدَّى.
والرَّفَّةُ: الاخْتِلاجةُ. وفي حديث ابن زِمْلٍ: لم تَرَ عَيْني مِثلَه
قَطُّ يَرِفُّ رَفِيفاً يَقْطُرُ نداه. يقال للشيء إذا كثر ماؤه من
النَّعْمةِ والغَضاضةِ حتى يكاد يَهْتَزُّ: رَفَّ يَرِفُّ رَفيفاً. وفي حديث
معاوية، رضي اللّه عنه، قالت له امرأَة: أُعِيذُك باللّه أَن تنزل وادياً
فَتَدَعَ أَوَّلَه يَرِفُّ وآخِرَه يَقِفُّ. ورَفَّت عينُه تَرُفُّ
وتَرِفُّ رَفّاً: اخْتَلَجَتْ، وكذلك سائر الأَعْضاء؛ قال أَنشد أَبو
العلاء:لم أَدْرِ إلا الظَّنَّ ظَنَّ الغائِبِ،
أَبِكِ أَم بالغَيْبِ رَفُّ حاجِبي
وكذلك البَرْقُ إذا لَمَعَ. ورَفُّ البَرْقِ: ومِيضُه. ورَفَّتْ عليه
النِّعْمة: ضَفَتْ. ورَفَّ الشيءَ يَرُفُّه رَفّاً ورَفِيفاً: مَصَّه، وقيل
أَكلَه. والرَّفَّةُ: المَصّةُ. والرَّفُّ: المَّصُّ والتَّرَشُّفُ، وقد
رَفَفْتُ أَرُفُّ، بالضم؛ وأَنشد ابن بري:
واللّهِ لولا رَهْبَتي أَباكِ،
إذاً لَزَفَّتْ شَفَتايَ فاكِ،
رَفَّ الغَزالِ ورَقَ الأَراكِ
ومنه حديث أَبي هريرة، رضي اللّه عنه، وقد سُئِلَ عن القُبْلةِ للصائم
فقال: إني لأَرُفُّ شَفَتَيْها وأَنا صائم؛ قال أَبو عبيد: وهو من شُرْب
الرِّيق وتَرَشُّفه، وقيل: هو الرَّفُّ نَفْسُه
(* قوله «هو الرف نفسه»
كذا بالأصل.)، وقوله أَرُفُّ شَفَتَيْها أَي أَمَصُّ وأَتَرَشَّفُ. وفي
حديث عَبيدة السَّلْماني: قال له ابن سِيرينَ: ما يُوجِبُ الجَنابةَ؟ قال:
الرَّفُ والاسْتِمْلاقُ يعني المَصَّ والجِماعَ لأَنه من مقدماته. وقال
أَبو عبيدة في قوله أَرُفُّ: الرَّفُّ هو مثل المَصِّ والرَّشْفِ ونحوه،
يقال منه: رَفَفْتُ أَرُفُّ رَفّاً، وأَما رَفَّ يَرِفُّ، بالكسر، فهو من
غير هذا، رَفَّ يَرِفُّ إذا بَرَقَ لونُه وتلأْلأَ؛ قال الأَعشى يذكر
ثَغْرَ امْرأَةٍ:
ومَهاً تَرِفُّ غُرُوبُه،
تَسْقي المُتَيَّمَ ذا الحراره
قال ابن بري: ومثله لبِشرٍ:
يَرِفُّ كأَنه وهْناً مُدامُ
والرَّفَّةُ: الأَكْلَةُ المُحْكَمةُ. قال أَبو حنيفة: رَفَّتِ الإبِلُ
تَرُفُّ وتَرِفُّ رَفّاً أَكلَتْ، ورَفَّ المرأَةَ يَرُفُّها قَبَّلَها
بأَطراف شَفَتَيْه. وفي حديث أُمِّ زَرْعٍ: زَوْجي إنْ أَكلَ رَفَّ؛ ابن
الأَثير: وهو الإكْثارُ من الأَكل.
والرَّفْرَفةُ: تحريكُ الطائر جَناحَيهِ وهو في الهواء فلا يَبْرحُ
مكانه. ابن سيده: رَفَّ الطائر ورَفْرَف حَرَّك جناحَيْه في الهواء.
والــرَّفْرافُ: الظَّلِيمُ يُرَفْرِفُ بجناحيه ثم يَعْدو. والــرَّفْرافُ:
الجناح منه ومن الطائر. ورَفْرَف الطائر إذا حرَّك جناحيه حول الشيء يريد
أَن يقع عليه. والــرَّفرافُ: طائر وهو خاطِفُ ظِلِّه؛ عن أَبي سلمة، قال:
وربما سموا الظَّليمَ بذلك لأَنه يُرفْرِفُ بِجناحَيْه ثم يَعْدُو. وفي
الحديث: رَفْرَفَتِ الرحمةُ فوق رأْسه. يقال: رَفْرَفَ الطائر بجناحيه
إذا بسطهما عند السقوط على شيء يحوم عليه ليقع عليه. وفي حديث أُمّ السائب:
أَنه مرَّ بها وهي تُرَفرِف من الحُمّى، قال: ما لَكِ تُرفرِفِين؟ أَي
تَرْتَعِدُ، ويروى بالزاي، وسنذكره.
والرَّفْرَفُ: كِسْرُ الخِباء ونحوه وجوانبُ الدِّرْعِ وما تَدَلَّى
منها، الواحدة رَفْرَفَة، وهو أَيضاً خِرْقَةٌ تُخاط في أَسْفل السُّرادِق
والفُسْطاط ونحوه، وكذلك الرَّفُّ رَفُّ البيت، وجمعه رُفُوفٌ. ورَفَّ
البيتَ: عَمِلَ له رَفّاً. وفي الحديث: أَن امرأَة قالت لزوجها أَحِجَّني،
قال: ما عندي شيء، قالت: بِعْ تَمر رَفِّكَ؛ الرَّفُّ، بالفتح خشب يرفع عن
الأَرض إلى جَنْب الجِدارِ يُوقَى به ما يُوضَع عليه، وجمعه رُفُوفٌ
ورِفافٌ. وفي حديث كعب بن الأَشرف: إنَّ رِفافي تَقَصَّفُ تمراً من عجوة
يغيب فيها الضِّرسُ. والرَّفُّ: شبه الطاقِ، والجمع رُفُوفٌ. قال ابن بري:
قال ابن حمزةَ الرَّفُّ له عشرة معانٍ ذكر منها رَفَّ يَرُفُّ، بالضم، إذا
مَصَّ، وكذلك البعير يَرُفُّ البقلَ إذا أَكله ولم يملأْ به فاه، وكذلك
هو يَرُفُّ له أَي يَكْسِب. ورفَّ يَرِفُّ، بالكسر، إذا بَرَقَ لونه. ابن
سيده: ورَفِيفُ الفُسْطاط سَقْفُه. وفي الحديث: قال أَتيت عثمان وهو
نازل بالأَبطح فإذا فُسْطاطٌ مضروب وإذا سيفٌ مُعَلَّقٌ على رَفِيف
(* قوله
«على رفيف» في النهاية: في رفيف.) الفسطاط؛ الفسطاط الخَيْمة؛ قال شمر:
ورَفِيفُه سَقْفُه، وقيل: هو ما تدَلَّى منه. وفي حديث وفاة سيدنا رسول
اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يرويه أَنس قال: فَرَفَعَ الرَّفرَفَ فرأَينا
وجْهَه كأَنه ورقة تَخَشْخِشُ؛ قال ابن الأَعرابي: الرَّفْرَفُ ههنا
طَرَفُ الفُسْطاط، قال: والرَّفْرَفُ في حديث المِعراج البِساطُ. ابن
الأَثير: الرَّفْرَفُ البِساطُ أَو السِّتر، وقوله: فَرَفَعَ الرَّفْرَفَ أَراد
شيئاً كان يَحْجُبُ بينهم وبينه. وكلُّ ما فَضَلَ من شيء وثُنِيَ
وعُطِفَ، فهو رَفْرَفٌ. قال: والرَّفْرَفُ في غير هذا الرَّفُّ يُجْعَل عليه
طَرائفُ البيت. وذكر ابن الأَثير عن ابن مسعود في قوله تعالى: لقد رأَى من
آيات ربه الكبرى، قال: رأَى رَفْرَفاً أَخضر سَدَّ الأُفق أَي بِساطاً،
وقيل فِراشاً، قال: ومنهم من يجعل الرَّفْرَف جمعاً، واحده رَفْرَفَةٌ،
وجمع الرفْرفِ رَفارِفُ، وقيل: الرفرف في الأَصل ما كان من الديباج وغيره
رَقيقاً حَسَن الصنْعة، ثم اتُّسِع به. والرَّفْرَفُ: الرَّوْشَنُ.
والرَّفِيفُ: الروشن. ورَفْرَفُ الدِّرْعِ: زَرَدٌ يشد بالبيضة يطرحه الرجل عى
ظهره. غيره: ورَفْرَفُ الدِّرْعِ ما فضلَ من ذَيْلِها، ورَفْرَفُ الأَيكةِ
ما تَهَدَّلَ من غُصونها؛ وقال المُعَطَّلُ الهُذَليُّ يصف الأَسد:
له أَيْكَةٌ لا يَأْمَنُ الناسُ غَيْبَها،
حَمَى رَفْرَفاً منها سِباطاً وخِرْوَعا
قال الأَصمعي: حمى رَفْرَفاً، قال: الرَّفْرَفُ شجر مُسْترْسِلٌ ينبت
باليمن.
ورَفَّ الثوبُ رَفَفاً: رَقَّ، وليس بثبت. ابن بري: رَفَّ الثوبُ
رَفَفاً، فهو رَفِيفٌ، وأَصله فَعِلَ، والرَّفرَفُ: الرَّقِيقُ من الدِّيباج،
والرَّفرَفُ: ثياب خُضْرٌ يُتَّخذ منها للمجالس، وفي المحكم: تُبْسَطُ،
واحدته رَفْرَفَةٌ. وفي التنزيل العزيز: متكئين على رَفرَفٍ خُضْر، وقرئ:
على رَفارِفَ. وقال الفراء في قوله متكئين على رفرف خضر قال: ذكروا أَنها
رِياضُ الجنة، وقال بعضهم الفُرُشُ والبُسُطُ، وجمعه رفارِفُ، وقد قرئ
بهما: متكئين على رَفارِف خُضْرٍ. والرَّفرَفُ: الشجر الناعم المسترسل؛
وأَنشد بيت الهذلي يصف الأَسد:
حَمَى رَفْرَفاً منها سِباطاً وخِرْوَعا
والرَّفيفُ والوَرِيفُ لغتان، يقال للنبات الذي يهْتزُّ خُضْرَةً
وتَلأْلُؤاً: قد رَفَّ يَرِفُّ رَفيفاً؛ وقول الأَعْشى: بالشام ذات الرَّفِيف؛
قال: أَراد البساتين التي تَرِفُّ من نَضارتها واهتزازها، وقيل: ذاتُ
الرَّفِيف سُفُنٌ كان يُعْبَر عليها، وهو أَن تُشَدَّ سَفِينتانِ أَو ثلاث
للملِك، قال: وكلُّ مُستَرِقٍّ من الرمل رَفٌّ. والرَّفْرَفُ: ضَرْب من
سَمَكِ البحر. والرَّفرفُ: البَظْرُ؛ عن اللحياني. ورَفرف على القوم:
تَحَدَّب.
والرُّفَةُ: التِّبْنُ وحُطامُه. ورَفُّه: عَلَفَه رُفَّة. والرُّفافُ:
ما انْتُحِتَ من التبن ويَبِيس السَّمر؛ عن ابن الأَعرابي. ورَفَّ الرجلَ
يَرُفُّه رَفّاً: أَحْسَنَ إليه وأَسْدَى إليه يداً. وفي المثل: من
حَفَّنا أَو رَفّنا فَلْيَتَّرِكْ، وفي الصحاح: فَليَقْتصد، أَراد المدْح
والإطْراء. يقال: فلان يَرُفُّنا أَي يَحُوطُنا ويَعْطِفُ علينا، وما له
حافٌّ ولا رافٌّ. وفلان يَحُفُّنا ويَرُفُّنا أَي يُعْطِينا ويَميرُنا، وفي
التهذيب: أَي يُؤوِينا ويُطْعِمُنا، وأَما أَبو عبيد فجعله إتباعاً،
والأَوّل أَعْرَف. الأَصمعي: هو يَحِفُّ ويَرِفُّ أَي هو يقوم له ويَقْعُد
ويَنْصَح ويُشْفِقُ؛ أَراد بيَحِفُّ تسمع له حفيفاً. ورجل يَرِفُّ إذا كان
(* كذا بياض بالأصل.) . . . . . . كالاهْتِزاز من النَّضارةِ؛ قال ثعلب:
يقال رَفَّ يَرُفُّ إذا أَكل، ورَفَّ يَرِفُّ إذا بَرَقَ، ووَرَفَ يَرِفُ
إذا اتَّسَعَ.
وقال الفراء: هذا رفٌّ من الناس. والرَّفُّ: المِيرةُ. والرَّفُّ:
القطعة العظيمة من الإبل، وعمَّ اللحياني به الغنم فقال: الرَّفُّ القطِيعُ من
الغنم لم يخص معَزاً من ضأْن ولا ضأْناً من مَعَز. والرَّفُّ: الجماعة
من الضأْن؛ يقال: هذا رَفّ من الضأْن أَي جماعة منها. والرفُّ: حَظِيرةُ
الشاء.
وفي الحديث: بعد الرِّفِّ والوَقِيرِ؛ الرَّفُّ، بالكسر: الإبل العظيمة،
والوَقِيرُ: الغنمُ الكثيرةُ، أَي بعدَ الغِنى واليَسار.
ودارةُ رَفْرَفٍ: موضع.
خلف: الليث: الخَلْفُ ضدّ قُدّام. قال ابن سيده: خَلْفٌ نَقِيضُ قُدَّام
مؤنثة وهي تكون اسماً وظَرفاً، فإذا كانت اسماً جَرت بوجوه الإعراب،
وإذا كانت ظرفاً لم تزل نصباً على حالها. وقوله تعالى: يعلم ما بينَ أَيديهم
وما خَلْفَهم؛ قال الزجاج: خلفهم ما قد وقع من أَعمالهم وما بين أَيديهم
من أَمرِ القيامة وجميع ما يكون. وقوله تعالى: وإذا قيل لهم اتَّقُوا ما
بين أَيديكم وما خَلْفكم؛ ما بين أَيديكم ما أَسْلَفْتُم من ذُنوبكم،
وما خلفكم ما تستعملونه فيما تستقبلون، وقيل: ما بين أَيديكم ما نزل
بالأُمم قبلكم من العذاب، وما خَلْفكم عذابُ الآخرة.
وخَلَفَه يَخْلُفه: صار خَلْفَه. واخْتَلَفَه: أَخذَه من خَلْفِه.
واخْتَلَفَه وخَلَّفَه وأَخْلَفه: جعله خَلْفَه؛ قال النابغة:
حتى إذا عَزَلَ التَّوائمَ مُقْصِراً،
ذاتَ العِشاء، وأَخْلَفَ الأَرْكاحا
وجَلَسْتُ خَلْفَ فلان أَي بعدَه. والخَلْفُ: الظَهْر. وفي حديث عبد
اللّه بن عتبة قال: جئتُ في الهاجرة فوجدْتُ عمرَ بن الخطاب، رضي اللّه عنه،
يصلي فقمت عن يساره فأَخْلَفَني، فجعلني عن يمينه فجاء يَرْفَأُ،
فتأَخَّرْتُ فصيلتُ خَلْفُه؛ قال أَبو منصور: قوله فأَخلفني أَي رَدَّني إلى
خَلْفِه فجعلني عن يمينه بعد ذلك أَو جعلني خَلْفَه بحِذاء يمينه. يقال:
أَخْلَفَ الرجلُ يدَه أَي رَدَّها إلى خَلْفِه. ابن السكيت: أَلْحَحْتُ على
فلان في الاتِّباع حتى اخْتَلَفْتُه أَي جعلته خَلْفي؛ قال اللحياني: هو
يَخْتَلِفُني النصيحةَ أَي يخْلُفني. وفي حديث سعد: أَتَخَلَّفُ عن
هِجْرتي؛ يريد خَوْفَ الموت بمكة لأَنها دار تركوها للّه تعالى، وهاجَرُوا
إلى المدينة فلم يُحِبُّوا أَن يكون موتهم بها، وكان يومئذ مريضاً.
والتخلُّفُ: التأَخُّرُ. وفي حديث سعد: فخَلَّفَنا فكُنّا آخِر الأَربع
أَي أَخَّرَنا ولم يُقَدِّمْنا، والحديث الآخر: حتى إنّ الطائر ليَمُرُّ
بجَنَباتهم فما يُخَلِّفُهم أَي يتقدَّم عليهم ويتركهم وراءه؛ ومنه
الحديث: سَوُّوا صُفوفَكم ولا تَخْتَلِفوا فتَخْتَلِفَ قلوبُكم أَي إذا تقدَّم
بعضُهم على بعض في الصُّفوف تأَثَّرَت قُلوبهم ونشأَ بينهم الخُلْفُ.
وفي الحديث: لَتُسَوُّنَّ صُفوفَكم أَو لَيُخالِفَنَّ اللّهُ بين
وُجُوهِكم؛ يريد أَنَّ كلاًّ منهم يَصْرِفُ وجهَه عن الآخر ويُوقَعُ بينهم
التباغُضُ، فإنَّ إقْبالَ الوجْهِ على الوجهِ من أَثَرِ الـمَوَدَّةٍ
والأُلْفةِ، وقيل: أَراد بها تحويلَها إلى الأَدْبارِ، وقيل: تغيير صُوَرِها إلى
صُوَرٍ أُخرى. وفي حديث الصلاة: ثم أُخالِفَ إلى رجال فأُحَرِّقَ عليهم
بيوتَهم أَي آتِيَهم من خلفهم، أَو أُخالف ما أَظْهَرْتُ من إقامةِ الصلاةِ
وأَرجع إليهم فآخُذهم على غَفْلةٍ، ويكون بمعنى أَتَخَلَّفُ عن الصلاة
بمُعاقبتهم. وفي حديث السَّقِيفةِ: وخالَف عَنّا عليٌّ والزُّبَيْرُ أَي
تَخَلَّفا. والخَلْفُ: المِرْبَدُ يكون خَلْفَ البيت؛ يقال: وراء بيتك
خَلْفُ جيّد، وهو المِرْبَدُ وهو مَحْبِسُ الإبل؛ قال الشاعر:
وجِيئا مِنَ البابِ الـمُجافِ تَواتُراً،
ولا تَقْعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ
(* قوله «وجيئا إلخ» تقدم انشاده للمؤلف وشارح القاموس في مادّة جوف:
وجئنا من الباب المجاف تواتراً * وان تقعدا بالخلف
فالخلف واسع.)
وأَخْلَفَ يدَه إلى السيفِ إذا كان مُعَلَّقاً خَلْفَه فهوى إليه. وجاء
خِلافَه أَي بعده. وقرئ: وإذاً لا يَلْبَثُون خَلفَكَ إلا قليلاً،
وخِلافك.
والخِلْفةُ: ما عُلِّقَ خَلْفَ الرَّاكِبِ؛ وقال:
كما عُلِّقَتْ خِلْفَةُ الـمَحْمِلِ
وأَخْلَف الرجلُ: أهْوَى بيدِه إلى خَلْفِه ليأْخُذَ من رَحْلِه سيفاً
أَو غيرَه، وأَخْلَفَ بيدِه وأَخْلفَ يدَه كذلك. والإخْلافُ: أَن يَضْرِبَ
الرجُل يده إلى قِرابِ سيفِه ليأْخُذَ سيفَه إذا رأَى عدوًّا. الجوهري:
أَخْلَفَ الرجلُ إذا أَهْوَى بيده إلى سيفه ليَسُلَّه. وفي حديث عبد
الرحمن بن عوف: أَن رجلاً أَخْلَفَ السيف يوم بدر
(* قوله «اخلف السيف يوم
إلخ» كذا بالأصل، والذي في النهاية مع اصلاح فيها: وفي حديث عبدالرحمن بن
عوف فأحاطوا بنا وأنا أذب عنه فأخلف رجل بالسيف يوم بدر. يقال إلخ.). يقال:
أَخْلَفَ يده إذا أَراد سيفه وأخْلفَ يدَه إلى الكنانةِ. ويقال: خَلَفَ
له بالسيفِ إذا جاء من وَرائه فضرَبه . وفي الحديث: فأَخْلَفَ بيده وأَخذ
يدفع الفَضْلَ.
واسْتَخْلَفَ فلاناً من فلان: جعله مكانه.
وخَلَفَ فلان فلاناً إذا كان خَلِيفَتَه. يقال: خَلَفه في قومه خِلافةً.
وفي التنزيل العزيز: وقال موسى لأَخِيه هرون اخْلُفْني في قَوْمي.
وخَلَفْتُه أَيضاً إذا جئت بعده.
ويقال: خَلَّفْتُ فلاناً أُخَلِّفُه تَخْلِيفاً واسْتَخْلفْتُه أَنا
جَعَلتُه خَليفَتي. واسْتَخْلفه: جعله خليفة.
والخَلِيفةُ: الذي يُسْتخْلَفُ مـمن قبله، والجمع خلائف، جاؤوا به على
الأصل مثل كريمةٍ وكرائِمَ، وهو الخَلِيفُ والجمع خُلَفاء، وأَما سيبويه
فقال خَلِيفةٌ وخُلَفاء، كَسَّروه تكسير فَعِيلٍ لأَنه لا يكون إلا
للمذكر؛ هذا نقل ابن سيده. وقال غيره: فَعِيلة بالهاء لا تجمع على فُعَلاء، قال
ابن سيده: وأَما خَلائِفُ فعلى لفظ خَلِيفةٍ ولم يعرف خليفاً، وقد حكاه
أَبو حاتم؛ وأَنشد لأَوْس بن حَجَر:
إنَّ مِنَ الحيّ موجوداً خَلِيفَتُهُ،
وما خَلِيفُ أبي وَهْبٍ بمَوْجُودِ
والخِلافةٌ: الإمارةُ وهي الخِلِّيفَى. وإنه لخَلِيفةٌ بَيِّنُ
الخِلافةِ والخِلِّيفى. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لولا الخِلِّيفَى
لأَذَّنْتُ، وفي رواية: لو أَطَقْتُ الأَذَان مع الخِلّيفى، بالكسر والتشديد
والقَصْر، الخِلافةِ، وهو وأَمثاله من الأَبْنِيَةِ كالرِّمِّيَّا
والدِّلِّيلَى مصدر يدل على معنى الكثرة، يريد به كثرة اجتِهاده في ضَبْطِ أُمورِ
الخِلافَةِ وتَصْرِيفِ أَعِنَّتِها. ابن سيده: قال الزجاج جاز أن يقال
للأَئمة خُلفاء الله في أَرْضِه بقوله عز وجل: يا داودُ إنَّا جَعَلْناك
خَلِيفةً في الأرض. وقال غيره: الخَليفةُ السلطانُ الأَعظم. وقد يؤنَّثُ؛
وأَنشد الفراء:
أَبوكَ خَلِيفةٌ وَلَدَتْه أُخْرَى،
وأَنتَ خَليفةٌ، ذاكَ الكَمالُ
قال: ولدته أُخْرَى لتأْنيث اسم الخليفة والوجه أَن يكون ولده آخَرُ،
وقال الفراء في قوله تعالى: هو الذي جعلكم خلائِفَ في الأرض، قال: جعل أُمة
محمد خَلائفَ كلِّ الأُمم، قال: وقيل خَلائفَ في الأرض يَخْلُفُ بعضكم
بعضاً؛ ابن السكيت: فإنه وقَعَ للرجال خاصّة، والأجْوَدُ أَن يُحْمَل على
معناه فإنه ربما يقع للرجال، وإن كانت فيه الهاء، أَلا تَرَى أَنهم قد
جمعوه خُلفاء؟ قالوا ثلاثةُ خُلفاء لا غير، وقد جُمعَ خَلائفَ، فمن قال
خلائفَ قال ثلاثَ خلائفَ وثلاثة خلائفَ، فمرَّة يَذْهَب به إلى المعنى ومرَة
يذهب به إلى اللفظ، قال: وقالوا خُلفاء من أَجل أَنه لا يقع إلا على
مذكر وفيه الهاء، جمعوه على إسقاط الهاء فصار مثل ظَرِيفٍ وظُرَفاء لأَن
فَعِيلة بالهاء لا تُجمَعُ على فُعلاء.
ومِخْلافُ البلدِ: سُلطانُه. ابن سيده: والمِخْلافُ الكُورةُ يَقْدَمُ
عليها الإنسان، وهو عند أَهل اليمن واحِدُ المَخالِيفُ، وهي كُوَرُها،
ولكلِّ مِخْلافٍ منها اسم يعرف به، وهي كالرُسْتاقِ؛ قال ابن بري:
المَخالِيفُ لأَهل اليمن كالأَجْنادِ لأَهل الشامِ، والكورِ لأَهل العِراقِ،
والرَّساتِيقِ لأَهل الجِبالِ، والطّساسِيج لأَهْلِ الأهْوازِ.
والخَلَفُ: ما اسْتَخْلَفْتَه من شيء. تقول: أَعطاك اللّه خَلَفاً مما
ذهب لك، ولا يقال خَلْفاً؛ وأَنتَ خَلْفُ سُوءٍ من أَبيك. وخَلفَه
يَخْلُفُه خَلَفاً: صار مكانه. والخَلَفُ: الولد الصالح يَبْقَى بعد الإنسان،
والخَلْفُ والخالِفةُ: الطَّالِحُ؛ وقال الزجاج: وقد يسمى خلَفاً، بفتح
اللام، في الطَّلاحِ، وخَلْفاً، بْسكانها، في الصّلاحِ، والأوّلُ أَعْرَفُ.
يقال: إنه لخالِفٌ بَيِّنُ الخَلافةِ؛ قال ابن سيده: وأَرى اللحياني حكى
الكسْر. وفي هؤلاء القَوْمِ خَلَفٌ مـمن مَضى أَي يقومون مَقامهم. وفي
فلان خلَفٌ من فلان إذا كان صالحاً أَو طالحاً فهو خَلَفٌ. ويقال: بئسَ
الخَلَفُ هُمْ أَي بئس البَدَلُ. والخَلْفُ: القَرْن يأْتي بعد القَرْن، وقد
خلَفوا بعدهم يخلُفون. وفي التنزيل العزيز: فخَلَفَ من بعدهم خلْفٌ
أَضاعوا الصلاةَ، بدلاً من ذلك لأَنهم إذا أَضاعوا الصلاةَ فهم خَلْفُ سُوء
لا مَحالةَ، ولا يكونُ الخَلَفُ إلاَّ من الأَخْيارِ، قَرْناً كان أَو
ولَداً، ولا يكونُ الخَلْفُ إلا من الأَشرارِ. وقال الفراء: فَخَلَفَ من
بعدهم خَلْفٌ ورثُوا الكتاب، قال: قَرْنٌ. ابن شميل: الخَلَفُ يكون في
الخَير والشرّ، وكذلك الخَلْفُ، وقيل: الخَلْفُ الأَرْدِياء الأَخِسَّاء.
يقال: هؤلاء خَلْفُ سوءٍ لناسٍ لاحِقِينَ بناس أَكثر منهم، وهذا خَلْف سَوْء؛
قال لبيد:
ذَهَبَ الذينَ يُعاشُ في أَكنافِهمْ،
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدِ الأَجربِ
قال ابن سيده: وهذا يحتمل أَن يكون منهما جميعاً، والجمع فيهما أَخْلافٌ
وخُلُوفٌ. وقال اللحياني: بقِينا في خَلْفِ سَوْءٍ أَي بقيّة سَوْء.
وبذلك فُسِّرَ قوله تعالى: فَخَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ، أَي بَقِيّة. أَبو
الدُّقَيْشِ: يقال مضى خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ من الناس، وجاء خَلْفٌ
لا خيرَ فيه، وخلفٌ صالح، خفَّفهما جميعاً. ابن السكيت: قال هذا خَلْف،
بإِسكان اللام، للرَّديء، والخَلْفُ الرَّديء من القول؛ يقال: هذا خَلْفٌ
من القولِ أَي رَديء. ويقال في مَثَلٍ: سَكَتَ أَلفاً ونَطَقَ خَلْفاً،
للرجل يُطيل الصَّمْتَ، فإذا تكلم تكلم بالخَطإ، أَي سكت عن أَلف كلمة ثم
تكلم بخطإٍ. وحكي عن يعقوب قال: إن أَعرابيّاً ضَرطَ فتَشَوَّر فأَشار
بإبهامه نحو اسْتِه فقال: إنها خَلْفٌ نَطَقَتْ خَلْفاً؛ عنى بالنُّطْق
ههنا الضَّرْطَ. والخَلَف، مَثَقَّل، إذا كان خَلفاً من شيء. وفي حديث
مرفوع: يَحْمِلُ هذا العِلْمَ من كلّ خَلَفٍ عُدُولُه يَنْفُون عنه تَحْريفَ
الغالِينَ، وانْتِحالَ المُبْطِلينَ، وتأويلَ الجاهِلينَ؛ قال القعنبي:
سمعت رجلاً يحدّث مالكَ ابن أَنس بهذا الحديث فأَعجبه . قال ابن
الأَثير:الخَلَفُ، بالتحريك والسكون، كل من يجيء بعد من مضى، إلا أَنه بالتحريك في
الخير، وبالتسكين في الشر: يقال خَلَفُ صِدْقٍ وخَلْفُ سوء، ومعناهما
جميعاً القَرْن من الناس، قال: والمراد في هذا الحديث المَفْتُوحُ، ومن
السكون الحديث: سيكُونُ بعد ستّين سنة خَلْفٌ أَضاعُوا الصلاةَ.
وفي حديث ابن مسعود: ثم إنها تَخْلُفُ من بعدهم
(* قوله «تخلف من بعدهم»
في النهاية: تختلف من بعده.) ؛ خُلوفٌ هي جمع خَلْفٍ. وفي الحديث:
فَلْيَنْفُضْ فِراشَه فإنه لا يدري ما خَلَفَه عليه أَي لعل هامَّة دَبَّتْ
فصارت فيه بعده، وخِلافُ الشيء بعدَه. وفي الحديث: فدخَل ابنُ الزبير
خِلافَه. وحديث الدَّجّال: قد خَلَفَهم في ذَرارِيِّهم
(* قوله «ذراريهم» في
النهاية: ذريتهم.) . وحديث أَبي اليَسَرِ: أَخْلَفْتَ غازِياً في سبيل
اللّه في أَهلِه بمثل هذا؟ يقال: خَلَفْتُ الرجلَ في أَهله إذا أَقمتَ بعدَه
فيهم وقمت عنه بما كان يفعله، والهمزة فيه للاستفهام. وفي حديث ماعزٍ:
كلَّما نَفَرْنا في سبيلِ اللّه خَلَفَ أَحدُهم له نَبيبٌ كنَبِيبِ
التَّيْسِ؛ وفي حديث الأَعشى الحِرْمازِي:
فَخَلَفَتْني بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَي بَقِيَتْ بعدي؛ قال ابن الأَثير: ولو روي بالتشديد لكان بمعنى
تَرَكَتْني خَلْفها، والحَرَبُ:الغضب.
وأَخْلَفَ فلان خَلَفَ صِدْقٍ في قومه أَي ترَكَ فيهم عَقِباً. وأَعْطِه
هذا خَلَفاً من هذا أَي بدلاً.
والخالِفةُ: الأُمّةُ الباقيةُ بعد الأُمة السالِفةِ لأَنها بدل مـمن
قبلها؛ وأَنشد:
كذلك تَلْقاه القُرون الخَوالِفُ وخلَفَ فلان مكانَ أَبيه يَخْلُف
خِلافةً إذا كان في مكانه ولم يَصِرْ فيه غيرُه. وخَلَفَه رَبُّه في أَهلِه
وولدِه: أَحْسَنَ الخِلافةَ، وخَلَفَه في أَهله وولدِه ومكانِه يَخْلُفُه
خِلافةً حسَنةً: كان خَلِيفةً عليهم منه، يكون في الخير والشر، ولذلك قيل:
أَوْصى له بالخِلافةِ. وقد خَلَّف فلان فلاناً يُخَلِّفُه تَخْلِيفاً،
وخَلَف بعده يَخْلُفُ خُلوفاً، وقد خالَفَه إليهم واخْتَلَفه.
وهي الخِلْفةُ؛ وأَخْلَفَ النباتُ: أَخرج الخِلْفةَ. وأخْلَفَتِ الأَرضُ
إذا أَصابَها بَرْد آخِر الصيف فيَخْضَرُّ بعضُ شَجرِها. والخِلْفة:
زِراعةُ الحبوب لأَنها تُسْتَخْلَفُ من البر والشعير. والخِلْفةُ: نَبْتٌ
يَنْبُتُ بعد النبات الذي يَتَهَشَّم. والخِلْفةُ: ما أَنبت الصَّيْفُ من
العُشْبِ بعدما يَبِسَ العُشْبُ الرِّيفِيُّ، وقد اسْتخلفت الأرض، وكذلك
ما زُرع من الحُبوب بعد إِدراك الأُولى خِلْفةٌ لأَنها تُسْتَخْلَفُ. وفي
حديث جرير: خيرُ الـمَرْعى الأَراكُ والسَّلَمُ إِذا أَخْلَفَ كان
لَجِيناً أَي إِذا أَخرج الخِلْفة، وهو الورق الذي يخرج بعد الورَق الأَوَّل في
الصيف. وفي حديث خُزيمةَ السُّلمي: حتى آلَ السُّلامى وأَخْلَفَ
الخُزامى أَي طَلَعَتْ خِلْفَتُه من أُصولِه بالمطر. والخِلْفةُ: الرّيحةُ وهي
ما يَنْفَطِرُ عنه الشجر في أَوَّل البرد، وهو من الصَّفَرِيَّةِ.
والخِلْفةُ: نباتُ ورَقٍ دون ورق. والخِلْفةُ: شيء يَحْمِلُه الكَرْمُ بعدما
يَسْوَدُّ العِنَبُ فيُقْطَفُ العنب وهو غَضٌّ أَخْضَرُ ثم يُدْرِك، وكذلك
هو من سائر الثَّمر. والخِلفةُ أَيضاً: أَن يأْتيَ الكَرْمُ بحِصْرِمٍ
جديدٍ؛ حكاه أَبو حنيفة. وخِلْفةُ الثَّمر: الشيء بعد الشيء.
والإخْلافُ: أَن يكون في الشجر ثَمَر فيذهب فالذي يعُود فيه خِلْفةٌ.
ويقال: قد أَخْلَفَ الشجرُ فهو يُخْلِفُ إخْلافاً إذا أَخرج ورقاً بعد ورق
قد تناثر. وخِلْفة الشجر: ثمر يخرج بعد الثمر الكثير. وأَخْلَفَ الشجرُ:
خرجت له ثمرة بعد ثمرة. وأَخْلَفَ الطائر: خرج له ريشٌ بعد ريش.
وخَلَفَتِ الفاكهةُ بعضُها بعضاً خَلَفاً وخِلْفةً إذا صارت خَلَفاً من الأُولى.
ورجلان خِلْفةٌ: يَخْلُفُ أَحدُهما الآخر. والخِلْفةُ: اختلاف الليلِ
والنهار. وفي التنزيل العزيز: وهو الذي جعَلَ الليلَ والنهارَ خلِفة؛ أَي
هذا خَلَفٌ من هذا، يذهَب هذا ويجيء هذا؛ وأَنشد لزهير:
بها العِينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ
وقيل: معنى قول زهير يمشين خِلْفةً مُخْتَلِفاتٌ في أَنها ضَرْبان في
ألوانها وهيئتها، وتكون خِلْفة في مِشْيَتِها، تذهب كذا وتجيء كذا. وقال
الفراء: يكون قوله تعالى خِلْفةً أَي مَن فاته عمل في الليل استدركه في
النهار فجعل هذا خلَفاً من هذا. ويقال: علينا خِلْفةٌ من نهار أَي
بَقِيَّةٌ، وبَقِيَ في الحَوْضِ خِلْفةٌ من ماء؛ وكل شيء يجيء بعد شيء، فهو
خِلْفة. ابن الأعرابي: الخِلْفة وَقْت بعد وقت.
والخَوالِفُ: الذين لا يَغْزُون، واحدهم خالفةٌ كأَنهم يَخْلُفُون من
غزا. والخَوالِفُ أَيضاً: الصِّبْيانُ الـمُتَخَلِّفُون. وقَعَدَ خِلافَ
أَصحابه: لم يخرج معهم، وخَلَفَ عن أَصحابه كذلك. والخِلافُ: الـمُخالَفةُ؛
وقال اللحياني: سُرِرْتُ بمَقْعَدي خِلافَ أَصحابي أَي مُخالِفَهم،
وخَلْفَ أَصحابي أَي بعدَهم، وقيل: معناه سُرِرْتُ بمُقامي بعدَهم وبعدَ
ذهابهم.
ابن الأعرابي: الخالِفةُ القاعدِةُ من النساء في الدار. وقوله تعالى:
وإذاً لا يَلْبَثُون خِلافَك إلا قليلاً، ويقرأُ خَلْفَك ومعناهما بعدَك.
وفي التنزيل العزيز: فَرِحَ الـمُخَلَّفون بمَقْعَدِهم خِلافَ رسولِ الله،
ويقرأُ خَلْفَ رسولِ الله أَي مُخالَفةَ رسولِ الله؛ قال ابن بري:
خِلافَ في الآية بمعنى بعد؛ وأَنشد للحرِثِ بن خالِدٍ المخزومي:
عَقَبَ الرَّبيعُ خِلافَهم، فكأَنـَّما
نَشَطَ الشَّواطِبُ بَيْنَهُنَّ حَصِيرا
قال: ومثله لمُزاحِمٍ العُقَيْلِي:
وقد يَفْرُطُ الجَهْل الفَتى ثم يَرْعَوِي،
خِلافَ الصِّبا، للجاهلينَ حُلوم
قال: ومثله للبريق الهذلي:
وما كنتُ أَخْشى أَن أَعِيشَ خِلافَهم،
بسِتَّةِ أَبْياتٍ، كما نَبَتَ العِتْرُ
وأَنشد لأَبي ذؤيب:
فأَصْبَحْتُ أَمْشِي في دِيارٍ كأَنـَّها،
خِلافَ دِيارِ الكاهِلِيّةِ، عُورُ
وأَنشد لآخر:
فقُلْ للذي يَبْقَى خِلافَ الذي مضَى:
تَهَيّأْ لأُخْرى مِثْلِها فكأَنْ قَدِ
(* قوله «يبقى» في شرح القاموس: يبغي.)
وأَنشد لأَوْس:
لَقِحَتْ به لِحَياً خِلافَ حِيالِ
أَي بَعدَ حِيالِ؛ وأَنشد لـمُتَمِّم:
وفَقْدَ بَني آمٍ تَداعَوْا فلم أَكُنْ،
خِلافَهُمُ، أَن أَسْتَكِينَ وأَضْرَعا
وتقول: خَلَّفْتُ فلاناً ورائي فَتَخَلَّفَ عني أَي تأَخَّر،
والخُلُوفُ: الحُضَّرُ والغُيَّبُ ضِدٌّ. ويقال: الحيُّ خُلوفٌ أَي غُيَّبٌ،
والخُلوفُ الحُضُورُ الـمُتَخَلِّفُون؛ قال أَبو زبيد لطائي:
أَصْبَحَ البَيْتُ بَيْتُ آلِ بَيانٍ
مُقْشَعِرًّا، والحيُّ حَيٌّ خُلوفُ
أَي لم يَبْقَ منهم أَحد؛ قال ابن بري: صواب إنشاده:
أَصْبَحَ البيْتُ بَيْتُ آلِ إياسٍ
لأَن أَبا زبيد رَثَى في هذه القصيدة فَرْوَة بن إياسِ ابن قَبيصةَ وكان
منزله بالحيرة. والخَلِيفُ: المتَخَلِّفُ عن المِيعاد؛ قال أَبو ذؤيب:
تَواعَدْنا الرُّبَيْقَ لنَنْزِلَنْهُ،
ولم تَشْعُرْ إذاً أَني خَلِيفُ
والخَلْفُ والخِلْفةُ: الاسْتِقاء وهو اسم من الإخْلافِ. والإخْلافُ:
الاسْتِقاء. والخالِفُ: الـمُسْتَقِي. والـمُسْتَخْلِفُ: الـمُسْتَسْقِي؛
قال ذو الرمة:
ومُسْتَخْلِفاتٍ من بلادِ تَنُوفةٍ،
لِمُصْفَرَّةِ الأشْداقِ، حُمْرِ الحَواصِلِ
وقال الحطيئة:
لِزُغْبٍ كأَوْلادِ القَطا راثَ خَلْفُها
على عاجِزاتِ النَّهْضِ، حُمْرٍ حَواصلُهْ
يعني راثَ مُخْلِفُها فوضَع الـمَصْدَرَ موضعه، وقوله حواصِلُه قال
الكسائي: أَراد حواصل ما ذكرنا، وقال الفراء: الهاء ترجع إلى الزُّغْبِ دُون
العاجِزاتِ التي فيه علامة الجمع، لأَن كل جمع بُني على صورة الواحد ساغ
فيه تَوَهُّم الواحد كقول الشاعر:
مِثْل الفِراخِ نُتِفَتْ حَواصِلُهْ
لأَن الفراخ ليس فيه علامة الجمع وهو على صورة الواحد كالكِتاب
والحِجاب، ويقال: الهاء ترجع إلى النَّهْضِ وهو موضع في كَتِف البعير فاستعاره
للقطا، وروى أَبو عبيد هذا الحرف بكسر الخاء وقال: الخِلْفُ الاسْتِقاءُ؛
قال أَبو منصور: والصواب عندي ما قال أَبو عمرو إنه الخَلْف، بفتح الخاء،
قال: ولم يَعْزُ أَبو عبيد ما قال في الخِلف إلى أَحد. واسْتَخْلَفَ
الـمُسْتَسْقي، والخَلْفُ الاسم منه. يقال: أَخْلَفَ واسْتَخْلَف. والخَلْفُ:
الحَيُّ الذين ذهَبوا يَسْتَقُون وخَلَّفُوا أَثقالهم. وفي
التهذيب:الخَلْفُ القوم الذين ذهبوا من الحيّ يستقون وخلَّفوا أَثقالهم.
واستخلف الرجلُ: اسْتَعْذَب الماء. واستخلَف واخْتَلَفَ وأَخْلفَ: سقاه؛
قال الحطيئة:
سَقلها فَروّاها من الماء مُخْلِفُ
ويقال: من أَين خِلْفَتُكم؟ أَي من أَين تستقون. وأَخلف واستخلف: استقى.
وقال ابن الأعرابي: أَخْلَفْتُ القَومَ حَمَلت إليهم الماء العَذْب، وهم
في ربيع، ليس معهم ماء عذب أَو يكونون على ماء ملح، ولا يكون الإخْلافُ
إلا في الربيع، وهو في غيره مستعار منه. قال أَبو عبيد: الخِلْفُ
والخِلْفَةُ من ذلك الاسم، والخَلْفُ المصدر؛ لم يَحْكِ ذلك غير أَبي عبيد؛ قال
ابن سيده: وأَراه منه غلطاً. وقال اللحياني: ذهب الـمُسْتَخْلِفُونَ
يسْتَقُون أَي المتقدمون. والخَلَفُ: العِوَضُ والبَدَلُ مـما أُخذ أَو ذهَب.
وأََحْلَفَ فلان لنفسه إذا كان قد ذهب له شيء فجعل مكانه آخر؛ قال ابن
مقبل:
فأَخْلِفْ وأَتْلِفْ، إنما المالُ عارةٌ،
وكُلْه مع الدهْرِ الذي هو آكِلُه
يقال: اسْتَفِدْ خَلَفَ ما أَتْلَفْتَ. ويقال لمن هلك له من لا يُعْتاضُ
منه كالأَب والأَمّ والعمّ: خلَف الله عليك أَي كان الله عليك خليفةً،
وخَلف عليك خيراً وبخير وأَخْلَفَ الله عليك خيراً وأَخْلف لك خيراً، ولمن
هَلَك له ما يُعْتاض منه أَو ذهَب من ولد أَو مال: أَخْلَفَ الله لك
وخَلَف لك. الجوهري: يقال لمن ذهب له مال أَو ولد أَو شيء يُسْتَعاضُ: أَخلف
الله عليك أَي ردَّ عليك مثلَ ما ذهب، فإن كان قد هلك له والد أَو عمّ
أَو أَخ قلت: خلف الله عليك، بغير أَلف، أَي كان الله خليفةَ والدِك أَو
مَنْ فَقَدتَه عليك. ويقال: خلفَ الله لك خَلَفاً بخَيْرٍ، وأَخْلَفَ عليك
خيراً أَي أَبْدَلَك بما ذهب منك وعَوّضك عنه؛ وقيل: يقال خلَف الله
عليك إذا مات لك ميّت أَي كان الله خَليفَتَه عليك، وأَخلف الله عليك أَي
أَبْدَلك. ومنه الحديث: تَكَفَّل الله للغازِي أَن يُخْلِفَ نَفَقَتَه.
وفي حديث أَبي الدرداء في الدعاء للميت: اخْلُفْه في عَقِبِه أَي كُنْ
لهم بعده. وحديث أُم سلمة: اللهم اخْلُفْ لي خيراً منه. اليزِيدِيُّ: خلَف
الله عليك بخير خِلافة. الأَصمعي: خلف الله عليك بخير، إذا أَدخلت الباء
أَلْقَيْتَ الأَلف. وأَخلف الله عليك أَي أَبدل لك ما ذهب. وخَلَفَ الله
عليك أَي كان الله خَلِيفَةَ والدِك عليك. والإخْلافُ: أَن يُهْلِكَ
الرجلُ شيئاً لنفسه أَو لغيره ثم يُحْدِث مثلَه.
والخَلْفُ: النَّسْلُ. والخَلَفُ والخَلْفُ: ما جاء من بعدُ. يقال: هو
خَلْفُ سَوء من أَبيه وخَلَفُ صِدْقٍ من أَبيه، بالتحريك، إذا قام
مَقامِه؛ وقال الأخفش: هما سواء، منهم مَن يُحرّك، ومنهم من يسكن فيهما جميعاً
إذا أَضاف، ومن حرك في خَلَف صدْق وسكن في الآخر فإنما أَراد الفرق
بينهما؛ قال الراجز:
إنَّا وجدْنا خَلَفاً، بئسَ الخَلَفْ
عَبْداً إذا ما ناءَ بالحِمْلِ خَضَفْ
قال ابن بري: أَنشدهما الرِّياشِيُّ لأَعرابي يذُمُّ رجلاً اتخذ وليمة،
قال: والصحيح في هذا وهو المختار أَن الخَلَف خَلَفُ الإنسان الذي
يَخْلُفُه من بعده، يأْتي بمعنى البدل فيكون خلَفاً منه أَي بدلاً؛ ومنه قولهم:
هذا خَلَفٌ مـما أُخذ لك أَي بَدَلٌ منه، ولهذا جاء مفتوح الأَوسط ليكون
على مِثال البدل وعلى مثال ضِدّه أَيضاً، وهو العدم والتَّلَفُ؛ ومنه
الحديث: اللهم أَعْطِ لِمُنْفِقٍ خَلَفاً ولِمُمْسِكٍ تَلَفاً أَي عِوَضاً،
يقال في الفعل منه خَلَفَه في قومه وفي أَهله يَخْلُفُه خَلَفاُ
وخِلافةً. وخَلَفَني فكان نعم الخَلَفُ أَو بئس الخلَفُ؛ ومنه خَلَف الله عليك
بخير خلَفاً وخِلافةً، والفاعل منه خَلِيفٌ وخَلِيفَةٌ، والجمع خُلفاء
وخَلائفُ، فالخَلَفُ في قولهم نعم الخَلَف وبئس الخلف، وخلَفُ صِدْقٍ وخلَفُ
سَوء، وخلَفٌ صالحٌ وخلَفٌ طالحٌ، هو في الأَصل مصدر سمي به من يكون
خليفةً، والجمع أَخْلافٌ كما تقول بدَلٌ وأَبْدالٌ لأَنه بمعناه. قال: وحكى
أَبو زيد هم أَخْلافُ سَوْء جمع خلَفٍ؛ قال: وشاهد الضم في مُسْتَقْبل
فِعْلِه قولُ الشمَّاخ:
تُصِيبُهُمُ وتُخْطِينا الـمَنايا،
وأَخْلُفُ في رُبُوعٍ عن رُبُوعِ
قال: وأَما الخَلْفُ، ساكِنَ الأَوسَط، فهو الذي يَجيء بعد. يقال:
خَلَفَ قومٌ بعد قوم وسلطانٌ بعد سلطانٍ يَخْلُفُون خَلْفاً، فهم خالِفون.
تقول: أَنا خالِفُه وخالِفتُه أَي جئت بعده. وفي حديث ابن عباس: أَن
أَعرابيّاً سأَل أَبا بكر، رضي الله عنه، فقال له: أَنتَ خَلِيفَةُ رسولِ الله،
صلى الله عليه وسلم؟ فقال: لا، قال: فما أَنت؟ قال: أَنا الخالِفةُ
بعدَه. قال ابن الأَثير: الخَلِيفةُ مَن يقوم مَقام الذاهب ويَسُدُّ مَسَدَّه،
والهاء فيه للمبالغة، وجمعه الخُلَفاء على معنى التذكير لا على اللفظ
مثل ظَريفٍ وظُرَفاء، ويجمع على اللفظ خَلائفَ كظرِيفةٍ وظرائِفَ، فأَما
الخالِفةُ، فهو الذي لا غَناء عنده ولا خير فيه، وكذلك الخالف، وقيل: هو
الكثير الخِلافِ وهو بَيِّنُ الخَلافةِ، بالفتح، وإنما قال ذلك تواضُعاً
وهَضماً من نفسه حِين قال له: أَنتَ خليفةُ رسولِ الله. وسمع الأَزهري بعض
العرب، وهو صادِرٌ عن ماء وقد سأَله إنسان عن رَفيق له فقال: هو خالِفتي
أَي وارِدٌ بعدي. قال: وقد يكون الخالِفُ الـمُتَخَلِّف عن القوم في
الغَزْوِ وغيره كقوله تعالى: رَضُوا بأَن يكونوا مع الخَوالِفِ، قال: فعلى
هذا الخَلْفُ الذي يجيء بعد الأَوّل بمنزلة القَرْنِ بعد القَرْن،
والخَلْفُ المتخلف عن الأَول، هالكاً كان أَو حيّاً. والخَلْفُ: الباقي بعد
الهالك والتابع له، هو في الأَصل أَيضاً من خَلَفَ يخْلُفُ خَلْفاً، سمي به
المتخلّف والخالِفُ لا على جهة البدل، وجمعه خُلُوفٌ كقَرْنٍ وقرون؛ قال:
ويكون محْمُودا ومَذْموماً؛ فشاهدُ المحمود قولُ حسانَ بن ثابت
الأَنصاري:لَنا القَدَمُ الأُولى إليك، وخَلْفُنا،
لأَوَّلِنا في طاعةِ الله، تابِعُ
فالخَلْف ههنا هو التابعُ لمَن مضَى وليس من معنى الخلَفِ الذي هو
البدَلُ، قال: وقيل الخَلْفُ هنا المتخلِّفُون عن الأَوّلين أَي الباقون؛
وعليه قوله عز وجل: فَخَلَفَ من بعدِهم خَلْفٌ، فسمي بالمصدر فهذا قول ثعلب،
قال: وهو الصحيح. وحكى أَبو الحسن الأَخفش في خلَفِ صِدْق وخلَفِ سَوء
التحريكَ والإسكان، قال: والصحيح قول ثعلب إِن الخلَف يجيء بمعنى البدَل
والخِلافةِ، والخَلْفُ يجيء بمعنى التخلّف عمن تقدم؛ قال: وشاهد المذموم
قول لبيد:
وبَقِيتُ في خَلْفٍ كجِلْدٍ الأَجْرَبِ
قال: ويستعار الخَلْفُ لـما لا خير فيه، وكلاهما سمي بالمصدر أَعني
المحمود والمذموم، فقد صار على هذا للفِعْل معنيان: خَلَفْتُه خَلَفاً كنت
بعده خَلَفاً منه وبدلاً، وخَلَفْتُه خَلْفاً جئت بعده، واسم الفاعل من
الأَول خَليفة وخَلِيفٌ، ومن الثاني خالِفةٌ وخالِفٌ؛ ومنه قوله تعالى:
فاقعُدوا مع الخالفين. قال: وقد صح الفَرْقُ بينهما على ما بَيَّنّاه. وهو من
أَبيه خَلَف أَي بدلٌ، والبدلُ من كل شيء خلَفٌ منه.
والخِلافُ: الـمُضادّةُ، وقد خالَفه مُخالَفة وخِلافاً. وفي المثل: إنما
أَنتَ خِلافَ الضَّبُعِ الراكبَ أَي تخالِفُ خِلافَ الضَّبُعِ لأَنَّ
الضَّبُعَ إذا رأَت الراكِبَ هَرَبَتْ منه؛ حكاه ابن الأَعرابي وفسّره
بذلك.وقولهم: هو يخالِفُ إلى امرأَة فلان أَي يأَْتيها إذا غاب عنها. وخَلَفَ
فلان بعَقِبِ فلان إذا خالفَه إلى أَهله. ويقال: خلَف فلان بعَقبِي إذا
فارقه على أَمر فصنع شيئاً آخر؛ قال أَبو منصور: وهذا أَصح من قولهم إنه
يخالفه إلى أَهله. ويقال: إن امرأَة فلان تَخْلُفُ زوجَها بالنزاع إلى
غيره إذا غاب عنها؛ وقدمَ أَعْشَى مازِنٍ على النبي، صلى اللّه عليه وسلم،
فأَنشده هذا الرجز:
إليكَ أَشْكُو ذِرْبَةً مِنَ الذِّرَبْ،
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ،
فَخَلَفَتْني بِنزاعٍ وحَرَبْ،
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ
وأَخْلَفَ الغُلامُ، فهو مُخْلِفٌ إذا راهَقَ الحُلُم؛ ذكره الأَزهري؛
وقول أَبي ذؤيب:
إذا لَسَعَتْه النَّحْلُ لم يَرْجُ لَسْعَها،
وخالَفَها في بَيْتِ نُوبٍ عَواسِلِ
(* قوله «في بيت نوب إلخ» تقدّم ضبطه في مادة دبر لا على هذا الوجه ولعل
الصواب في الضبط ما هنا.)
معناه دخَل عليها وأَخَذ عَسَلها وهي ترعى، فكأَنه خالَفَ هَواها بذلك،
ومن رواه وحالَفَها فمعناه لزِمَها.
والأَخْلَفُ: الأَعْسَرُ؛ ومنه قول أَبي كبير الهُذلي:
زَقَبٌ، يَظَلُّ الذئبُ يَتْبَعُ ظِلَّه
من ضِيقِ مَوْرِدِه، اسْتِنانَ الأَخْلَفِ
قال السكري: الأَخْلَفُ الـمُخالِفُ العَسِرُ الذي كأَنه يَمشي على أَحد
شِقَّيْه، وقيل: الأَخْلَفُ الأَحْوَلُ. وخالفه إلى الشي: عَصاه إليه
أَو قصَده بعدما نهاه عنه، وهو من ذلك. وفي التنزيل العزيز: وما أُريد أَن
أُخالِفَكم إلى ما أَنْهاكم عنه. الأَصمعي: خَلَفَ فلان بعَقِبي وذلك إذا
ما فارَقَه على أَمْر ثم جاء من ورائه فجعَل شيئاً آخر بعد فِراقِه،
وخَلَفَ له بالسيف إذا جاءه من خَلْفِه فضَرب عُنقه. والخِلافُ: الخُلْفُ؛
وسُمع غير واحد من العرب يقول إذا سُئل وهو مُقبل على ماء أَو بلد:
أَحَسْتَ فلاناً؟ فيُجِيبُه: خالِفَتي؛ يريد أَنه ورَدَ الماء وأَنا صادِرٌ
عنه. الليث: رجل خالِفٌ وخالِفةٌ أَيّ يُخالِفُ كثيرُ الخِلافِ. ويقال: بعير
أَخْلَفُ بيًّنُ الخَلَفِ إذا كان مائلاً على شِقّ. الأَصمعي: الخَلَفُ
في البعير أَن يكون مائلاً في شق.
ابن سيده: وفي خُلُقِه خالِفٌ وخالِفةٌ وخُلْفةٌ وخِلْفةٌ وخِلَفْنة
وخِلَفْناةٌ أَي خِلافٌ. ورجل خِلَفْناة: مُخالِفٌ. وقال اللحياني: هذا رجل
خِلَفْناة وامرأَة خِلَفْناة، قال: وكذلك الاثنان والجمع؛ وقال بعضهم:
الجمع خِلَفْنَياتٌ في الذكور والإناث. ويقال: في خُلُق فلان خلَفْنةٌ مثل
دِرَفْسةٍ أَي الخِلافُ، والنون زائدة، وذلك إِذا كان مُخالِفاً.
وتَخالَفَ الأَمْران واخْتَلَفا: لم يَتَّفِقا. وكلُّ ما لم يَتَساوَ، فقد
تَخالف واخْتَلَفَ. وقوله عز وجل: والنخلَ والزرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُه؛ أَي
في حال اخْتِلافِ أُكُلِه إِن قال قائل: كيف يكون أَنـْشأَه في حال
اخْتِلافِ أُُكُلُه وهو قد نَشأَ من قبل وقُوع أُكُلِه؟ فالجواب في ذلك أَنه
قد ذكر انشاء بقوله خالِقُ كلِّ شيء، فأَعلم جل ثناؤه أَن الـمُنْشئ له في
حال اخْتِلافِ أُكُلِه هو، ويجوز أَن يكون أَنشأَه ولا أُكُلَ فيه
مختلفاً أُكُله لأَن المعنى مُقَدَّراً ذلك فيه كما تقول: لتَدْخُلَنَّ منزل
زيد آكلاً شارباً أَي مُقَدِّراً ذلك، كما حكى سسيبويه في قوله مررتُ برجل
معه صَقْر صائداً به غداً أَي مُقَدِّراً به الصيدَ، والاسم الخِلْفةُ.
ويقال: القوم خِلْفةٌ أَي مُخْتَلِفون، وهما خِلْفان أَي مختلفان، وكذلك
الأُنثى؛ قال:
دَلْوايَ خِلْفانِ وساقِياهُما
أَي إحداهما مُصْعِدةٌ مَلأَى والأُخرى مُنْحَدِرةٌ فارِغةٌ، أَو
إِحداهما جديدة والأُخرى خَلَقٌ. قال الحياني: يقال لكل شيئين اختلفا هما
خِلْفان، قال: وقال الكسائي هما خِلْفَتانِ، وحكي: لها ولَدانِ خِلْفانِ
وخِلْفتانِ، وله عَبدان خِلْفان إذا كان أَحدهما طويلاً والآخر قصيراً، أَو
كان أَحدهما أَبيضَ والآخر أَسود، وله أَمتان خِلْفان، والجمع من كل ذلك
أَخْلافٌ وخِلْفةٌ. ونِتاجُ فلان خِلْفة أَي عاماً ذكراً وعاماً أُنثى.
وولدت الناقة خِلْفَيْنِ أَي عاماً ذكراً وعاما أَنثى. ويقال: بنو فلان
خِلْفةٌ أَي شِطْرةٌ نِصف ذكور ونصف إِناث.
والتَّخاليف: الأَلوان المختلفةُ. والخِلْفةُ: الهَيْضةُ. يقال:
أَخَذَتْه خِلْفةٌ إذا اخْتَلَفَ إلى الـمُتَوَضَّإِ. ويقال: به خِلفة أَي بَطنٌ
وهو الاختلاف، وقد اخْتَلَف الرجلُ وأَخْلَفَه الدَّواء. والـمَخْلُوفُ:
الذي أَصابته خِلفة ورِقَّةُ بَطْنٍ. وأَصبح خالفاً أَي ضعيفاً لا يشتهي
الطعام. وخَلَفَ عن الطعام يَخْلُف خُلوفاً، ولا يكون إلا عن مرَض.
الليث: يقال اخْتَلَفْتُ إليه اخْتِلافةً واحدة. والخَلْفُ والخالِف
والخالِفةُ: الفاسِدُ من الناس، الهاء للمبالغة.
والخَوالِفُ: النساء المُتَخَلِّفاتُ في البيوت. ابن الأَعرابي:
الخُلوفُ الحيّ إذا خرج الرجالُ وبقي النساء، والخُلُوفُ إذا كان الرجال والنساء
مجتمعين في الحيّ، وهو من الأَضداد. وقوله عز وجل: رضوا بأن يكونوا مع
الخَوالِف؛ قيل: مع النساء، وقيل: مع الفاسد من الناس، وجُمِع على
فَواعِلَ كفوارِسَ؛ هذا عن الزجاج. وقال: عَبد خالِفٌ وصاحِب خالِفٌ إذا كان
مُخالفاً. ورَجل خالِفٌ وامرأة خالِفةٌ إذا كانت فاسِدةً ومتخلِّفة في
منزلها. وقال بعض النحويين: لم يجئْ فاعل مجموعاً على فَواعِلَ إلا قولهم إنه
لخالِفٌ من الخَوالِف، وهالِكٌ من الهَوالِكِ، وفارِسٌ من الفَوارِس.
ويقال: خَلَفَ فلان عن أَصحابه إذا لم يخرج معهم. وفي الحديث: أَن اليهود
قالت لقد علمنا أَن محمداً لم يترك أَهلَه خُلوفاً أَي لم يتركهن سُدًى لا
راعِيَ لهنَّ ولا حامِيَ. يقال: حيٌّ خُلوفٌ إذا غاب الرجال وأَقام
النساء ويطلق على المقيمين والظَّاعِنين؛ ومنه حديث المرأَة والمَزادَتَيْنِ:
ونَفَرُنا خُلُوفٌ أَي رجالنا غُيَّبٌ. وفي حديث الخُدْريِّ: فأَتينا
القوم خُلوفاً. والخَلْفُ: حَدُّ الفَأْسِ. ابن سيده: الخَلْفُ الفَأْس
العظيمة، وقيل: هي الفأْس برأْس واحد، وقيل: هو رأْس الفأْس والمُوسى،
والجمع خُلوفٌ. وفأْسٌ ذاتُ خِلْفَيْنِ
(* قوله «ذات خلفين» قال في القاموس:
ويفتح.) أَي لها رأْسان، وفأَسٌ ذاتُ خِلْفٍ. والخَلْفُ: المِنْقارُ الذي
يُنْقَرُ به الخشب. والخَلِيفان: القُصْرَيانِ. والخِلْفُ: القُصَيْرى من
الأَضْلاعِ، بكسر الخاء
(* قوله «بكسر الخاء» أَي وتفتح وعلى الفتح
اقتصر المجد.). وضِلَعُ الخِلْفِ: أَقصى الأَضْلاعِ وأَرَقُّها. والخِلْفُ،
بالكسر: واحد أَخْلافِ الضَّرْع وهو طرَفُه. الجوهري: الخِلْفُ أَقصر
أَضلاع الجنب، والجمع خلوف؛ ومنه قول طرفةَ بن العبد:
وطَيُّ مَحالٍ كالحَنِيِّ خُلوفُه،
وأَجْرِنةٌ لُزَّتْ بدَأْيٍ مُنَضَّدِ
والخلْفُ: الطُّبْيُ المؤَخَّرُ، وقيل: هو الضَّرْعُ نفْسُه، وخص بعضهم
به ضرع الناقة وقال: الخِلف، بالكسر، حلَمةُ ضَرْعِ الناقة القادِمان
والآخِران. وقال اللحياني: الخِلْفُ في الخُفِّ والظِّلْفِ، والطُّبْيُ في
الحافِر والظُّفُر، وجمع الخِلْف أَخْلافٌ وخُلوفٌ؛ قال:
وأَحْتَمِلُ الأَوْقَ الثَّقِيلَ وأَمْتَري
خُلوفَ المَنايا، حِينَ فَرَّ المُغامِسُ
وتقول: خَلَّفَ بناقته تَخْلِيفاً أَي صَرَّ خِلْفاً واحداً من
أَخْلافِها؛ عن يعقوب؛ وأَنشد لطرفة:
وطَيُّ مَحالٍ كالحنيّ خُلُوفُه
قال الليث: الخُلوفُ جمع الخِلْفِ هو الضَّرْعُ نفْسُه؛ وقال الراجز:
كأَنَّ خِلْفَيها إذا ما دَرَّا
يريد طُبْيَيْ ضَرْعِها. وفي الحديث: دَعْ داعِيَ اللَّبَنِ. قال: فتركت
أَخْلافَها قائمة؛ الأَخْلافُ جمع خِلف، بالكسر، وهو الضرع لكل ذات خُفّ
وظِلْفٍ، وقيل: هو مَقْبِضُ يد الحالب من الضرع.
أَبو عبيد: الخَلِيفُ من الجسد ما تحت الإبط، والخَلِيفانِ من الإبل
كالإبْطين من الإنسان، وخَليفا الناقةِ إبْطاها، قال كثير:
كأَنَّ خَلِيفَيْ زَوْرها ورَحاهُما
بُنَى مَكَوَيْنِ ثُلِّما بعدَ صَيْدنِ
المكا جُحْرُ الثَّعْلَبِ والأَرْنبِ ونحوه، والرَّحى الكِرْكِرةُ،
وبُنَى جمع بُنْيةٍ، والصَّيْدن هنا الثعلب؛ وقيل: دُوَيْبَّةٌ تعمل لها
بيتاً في الأَرض وتُخْفيه. وحلَبَ الناقة خَلِيفَ لِبَئِها، يعني الحلْبة
التي بعد ذَهاب اللِّبا.
وخلَفَ اللبنُ وغيره وخلُفَ يَخْلُفُ خُلوفاً فيهما: تغَيَّر طَعْمُه
وريحه. وخلَفَ اللبنُ يَخْلُفُ خُلوفاً إذا أُطيل إنْقاعُه حتى يَفْسُدَ.
وخَلَفَ النبيذُ إذا فسَد، وبعضهم يقول: أَخْلَفَ إذا حَمُضَ، وإنه
لطَيِّبُ الخُلْفةِ أَي طيِّبُ آخِر الطعْم. الليث: الخالِفُ اللحم الذي تَجِدُ
منه رُوَيحةً ولا بأْسَ بمَضْغِه. وخَلَفَ فُوه يَخْلُفُ خُلوفاً
وخُلوفة وأَخْلَفَ: تغَيَّر، لغة في خَلَفَ؛ ومنه: ونَوْم الضُّحى مَخْلَفةٌ
للفم أَي يُغَيِّرُه. وقال اللحياني: خَلَف الطعامُ والفم وما أَشبههما
يَخْلُفُ خُلوفاً إذا تغيَّر. وأَكل طعاماً فَبَقِيَتْ في فيه خِلْفةٌ فتغير
فُوه، وهو الذي يَبْقى بين الأسنان. وخلَفَ فَمُ الصائم خُلوفاً أَي
تغيرت رائحتُه. وروي عن النبي، صلى اللّه عليه وسلم: ولَخُلُوفُ فم الصائم،
وفي رواية: خِلْفةُ فمِ الصائم أَطيبُ عندَ اللّه مِن رِيحِ المِسْكِ؛
الخِلْفةُ، بالكسر: تغَيُّرُ ريحِ الفم، قال: وأَصلها في النبات أَن ينبت
الشيء بعد الشيء لأَنها رائحةٌ حديثةٌ بعد الرائحة الأُولى. وخلَف فمُه
يخلُفُ خِلْفةً وخُلوفاً؛ قال أَبو عبيد: الخُلوف تغير طعم الفم لتأَخُّرِ
الطعام ومنه حديث عليّ، عليه السلام، حين سُئل عن القُبْلة للصائم فقال:
وما أَرَبُك إلى خُلوف فيها. ويقال: خَلَفَتْ نفْسه عن الطعام فهي
تَخْلُفُ خُلوفاً إذا أَضرَبَت عن الطعام من مرض. ويقال: خلَفَ الرجل عن خُلُق
أَبيه يَخْلُف خُلوفاً إذا تغَيَّر عنه. ويقال: أَبيعُكَ هذا العَبْدَ
وأَبْرَأُ إليك من خُلْفَتِه أَي فَسادِه، ورجُل ذو خُلْفةٍ، وقال ابن
بُزرج: خُلْفَةُ العبدِ أَن يكون أَحْمَقَ مَعْتُوهاً. اللحياني: هذا رجل
خَلَفٌ إذا اعتزل أَهلَه. وعبد خالِفٌ: قد اعتزل أَهلَ بيته. وفلان خالِفُ
أَهلِ بيته وخالِفَتُهم أَي أَحمقهم أَو لا خَيْرَ فيه، وقد خَلَفَ
يَخْلُفُ خَلافة وخُلوفاً.
والخالفةُ: الأَحْمَقُ القليلُ العقْلِ. ورجل أَخْلَفُ وخُلْفُفٌ
مَخْرَجَ قُعْدُدٍ. وامرأة خالفةٌ وخَلْفاء وخُلْفُفة وخُلْفُفٌ، بغير هاء: وهي
الحَمْقاء. وخلَفَ فلان أَي فسَد. وخلَفَ فلان عن كلّ خير أَي لم
يُفْلِح، فهو خالِفٌ وهي خالِفة. وقال اللحياني: الخالِفةُ العَمودُ الذي يكون
قُدَّامَ البيتِ. وخلَفَ بيتَه يَخْلُفُه خَلْفاً: جعل له خالِفةً، وقيل:
الخالِفةُ عَمُودٌ من أَعْمِدة الخِباء. والخَوالِفُ: العُمُد التي في
مُؤَخَّر البيت، واحدتها خالِفةٌ وخالِفٌ، وهي الخَلِيفُ. اللحياني: تكون
الخالِفةُ آخِرَ البيت. يقال: بيت ذو خالِفَتَيْن. والخَوالِفُ: زَوايا
البيت، وهو من ذلك، واحدتها خالِفةٌ. أَبو زيد: خالِفةُ البيتِ تحتَ
الأَطناب في الكِسْر، وهي الخَصاصةُ أَيضاً وهي الفَرْجة، وجمع الخالفة
خَوالِفُ وهي الزَّوايا؛ وأَنشد:
فأَخفت حتى هتكوا الخَوالِفا
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، في بِناء الكعبة: قال لها لَوْلا
حِدْثان قَوْمِك بالكفر بَنَيْتُها على أَساس إبراهيمَ وجعلت لها خَلْفَيْن،
فإن قُريشاً اسْتَقْصَرَتْ من بِنائها؛ الخَلْفُ: الظَّهرُ، كأَنه أَراد
أَن يجعل لها بابين، والجِهةُ التي تُقابِل البابَ من البيت ظهرُه، فإذا
كان لها بابان فقد صار لها ظَهْرانِ، ويروى بكسر الخاء، أَي زِيادَتَيْن
كالثَّدْيَيْنِ، والأَول الوجه. أَبو مالك: الخالِفةُ الشُّقّةُ
المؤخَّرةُ التي تكون تحت الكِفاء تحتَها طرَفُها مـما يلي الأَرض من كِلا
الشِّقَّين.
والإخْلافُ: أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيجعل مـما يَلي خُصْيَيِ البعير
لئلا يُصيبَ ثِيله فيَحْتَبِسَ بولُه، وقد أَخْلَفَه وأَخْلَفَ عنه. وقال
اللحياني: إنما يقال أَخْلِفِ الحَقَبَ أَي نَحِّه عن الثِّيلِ وحاذِ به
الحَقَبَ لأَنه يقال حَقِبَ بولُ الجملِ أَي احْتَبَسَ، يعني أَن الحَقَب
وقَع على مَبالِه، ولا يقال ذلك في الناقة لأَن بولها من حَيائها، ولا
يبلغ الحقَبُ الحَياء. وبعير مَخْلوفٌ: قد شُقَّ عن ثِيله من خَلْفِه إذا
حَقِبَ. والإخْلافُ: أَن يُصَيَّرَ الحَقَبُ وراء الثِّيلِ لئلا
يَقْطَعَه. يقال: أَخْلِفْ عن بعيرك فيصير الحقب وراء الثيل. والأَخْلَفُ من
الإبل: المشقوقُ الثيل الذي لا يستقرّ وجَعاً. الأَصمعي: أَخْلَفْتَ عن البعير
إذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ أَي يَحْتَبِسُ بولُه فتحَوِّلُ
الحَقَبَ فتجعلُه مما يلي خُصْيَي البعير.
والخُلْفُ والخُلُفُ: نقِيضُ الوَفاء بالوعْد، وقيل: أَصله التَّثْقِيلُ
ثم يُخَفَّفُ. والخُلْفُ، بالضم: الاسم من الإخلاف، وهو في المستقبل
كالكذب في الماضي. ويقال: أَخْلَفه ما وَعَده وهو أَن يقول شيئاً ولا
يفْعَله على الاستقبال. والخُلُوفُ كالخُلْفِ؛ قال شُبْرمةُ بن
الطُّفَيْل:أَقِيمُوا صُدُورَ الخَيْلِ، إنَّ نُفُوسَكُمْ
لَمِيقاتُ يَومٍ، ما لَهُنَّ خُلُوفُ
وقد أَخْلَفَه ووعَده فأَخْلفَه: وجَده قد أَخْلَفَه، وأَخْلَفَه: وجدَ
مَوْعِدَه خُلْفاً؛ قال الأَعشى:
أَثْوى وقَصَّرَ لَيْلَةً ليُزَوَّدا،
فمَضَتْ، وأَخْلَفَ مِنْ قُتَيلة مَوْعِدا
أَي مضت الليلة. قال ابن بري: ويروى فمضى، قال: وقوله فمضى الضمير يعود
على العاشق، وقال اللحياني: الإخْلافُ أَن لا يَفي بالعهد وأَن يَعِدَ
الرجلُ الرجلَ العِدةَ فلا يُنجزها. ورجل مُخْلِفٌ أَي كثير الإخْلافِ
لوَعْدِه. والإخْلافُ: أَن يطلب الرجلُ الحاجة أَو الماء فلا يجد ما طلب.
اللحياني: رُجِيَ فلان فأَخْلَفَ. والخُلْفُ: اسم وضِعَ موضِع الإخْلافِ.
ويقال للذي لا يكاد يَفِي إذا وعد: إنه لمِخْلافٌ. وفي الحديث: إذا وعَدَ
أَخْلف أَي لم يفِ بعهده ولم يَصْدُقْ، والاسم منه الخُلْفُ، بالضم. ورجل
مُخالِفٌ: لا يكاد يُوفي. والخِلافُ: المُضادَّة. وفي الحديث: لمَّا
أَسْلمَ سعيد بن زيد قال له بعض أَهله: إني لأُحْسَبُكَ خالِفةَ بني عَدِيٍّ
أَي الكثيرَ الخِلافِ لهم؛ وقال الزمخشري: إنَّ الخطَّاب أَبا عُمر قاله
لزَيْد بن عَمْرو أَبي سعيد بن زيد لمَّا خالَفَ دِينَ قومه، ويجوز أَن
يُرِيدَ به الذي لا خير عنده؛ ومنه الحديث: أَيُّما مُسلمٍ خَلَفَ غازِياً
في خالِفَتِه أَي فيمن أَقامَ بعدَه من أَهله وتخلَّف عنه. وأَخْلَفَتِ
النجومُ: أَمْحَلَتْ ولم تُمْطِرْ ولم يكن لِنَوْئِها مطر، وأَخْلَفَتْ
عن أَنْوائها كذلك؛ قال الأَسودُ بن يَعْفُرَ:
بِيض مَساميح في الشّتاء، وإن
أَخْلَفَ نَجْمٌ عن نَوئِه، وبَلُوا
والخالِفةُ: اللَّجوجُ من الرجال. والإخْلاف في النخلة إذا لم تحمل سنة.
والخَلِفَةُ: الناقةُ الحامِلُ، وجمعها خَلِفٌ، بكسر اللام، وقيل: جمعها
مَخاضٌ على غير قياس كما قالوا لواحدة النساء امرأة؛ قال ابن بري: شاهده
قول الراجز:
ما لَكِ تَرْغِينَ ولا تَرْغُو الخَلِفْ
وقيل: هي التي اسْتَكْمَلت سنة بعد النِّتاج ثم حُمِل عليها فلَقِحَتْ؛
وقال ابن الأَعرابي: إذا استبان حَمْلُها فهي خَلِفةٌ حتى تُعْشِرَ.
وخَلَفَت العامَ الناقةُ إذا ردَّها إلى خَلِفة. وخَلِفَت الناقةُ تَخْلَفُ
خَلَفاً: حَمَلتْ؛ هذه عن اللحياني. والإخْلافُ: أَن تُعِيد عليها فلا
تَحْمِل، وهي المُخْلِفةُ من النوق، وهي الرَّاجع التي توهَّموا أَنَّ بها
حمَلاً ثم لم تَلْقَحْ، وفي الصحاح: التي ظهر لهم أَنها لَقِحَتْ ثم لم
تكن كذلك. والإخلافُ: أَن يُحْمَلَ على الدابّة فلا تَلْقَحَ. والإخْلافُ:
أَن يأْتيَ على البعير البازل سنةٌ بعد بُزُوله؛ يقال: بَعِير مُخْلِفٌ.
والمُخْلِف من الإبل: الذي جاز البازِلَ؛ وفي المحكم: بعد البازِل وليس
بعده سِنّ، ولكن يقال مُخْلِفُ عامٍ أَو عامين، وكذلك ما زاد، والأَنثى
بالهاء، وقيل: الذكر والأُنثى فيه سواء؛ قال الجعدي:
أَيِّدِ الكاهلِ جَلْدٍ بازِلٍ
أَخْلَفَ البازِلَ عاماً أَو بَزَلْ
وكان أَبو زيد يقول: لا تكون الناقة بازلاً ولكن إذا أَتى عليها حول بعد
البزُول فهي بَزُول إلى أَن تُنيِّبَ فتُدْعَى ناباً، وقيل: الإخْلافُ
آخِرُ الأَسنان من جميع الدوابّ. وفي حديث الدِّيةِ: كذا وكذا خَلِفةً؛
الخَلِفةُ، بفتح الخاء وكسر اللام: الحامل من النوق، وتجمع على خَلِفاتٍ
وخلائِفَ، وقد خلِفَت إذا حَمَلَتْ، وأَخْلَفَتْ إذا حالَتْ. وفي الحديث:
ثلاثُ آَياتٍ يَقْرؤهنَّ أَحدُكم خير له من ثلاثِ خَلِفاتٍ سِمانٍ عظامٍ.
وفي حديث هدم الكعبة: لما هدموها ظهر فيها مِثْلُ خَلائفِ الإبل، أَراد
بها صُخوراً عِظاماً في أَساسها بقدْر النوق الحوامل.
والخَلِيفُ من السِّهام: الحديدُ كالطَّرِيرِ؛ عن أَبي حنيفة؛ وأَنشد
لساعِدةَ بن جُؤيَّةَ
(* قوله «جؤية» صوابه العجلان كما هو هكذا في
الديوان، كتبه محمد مرتضى ا هـ. من هامش الأصل بتصرف.):
ولَحَفْته منها خَليفاً نَصْلُه
حَدٌّ، كَحَدِّ الرُّمْحِ، لَيْسَ بِمِنزَعِ
والخَلِيفُ: مَدْفَعُ الماء، وقيل: الوادي بين الجبَلين؛ قال:
خَلِيف بَين قُنّة أَبْرَق
والخَليفُ: فَرْج بين قُنَّتَيْنِ مُتدانٍ قليل العرض والطُّول.
والخلِيفُ: تَدافُع
(* قوله «والخليف تدافع إلخ» كذا بالأصل. وعبارة القاموس
وشرحه: أو الخليف مدفع الماء بين الجبلين. وقيل: مدفعه بين الواديين وأنما
ينتهي إلى آخر ما هنا، وتأمل العبارتين.) الأَوْدية وإنما يَنتهي
المَدْفَعُ إلى خَلِيفٍ ليُفْضِيَ إلى سَعَةٍ. والخلِيفُ: الطَّريقُ بين الجبلين؛
قال صخر الغي:
فلما جَزَمْتُ بِها قِرْبَتي،
تَيَمَّمْتُ أَطْرِقةً أَو خَلِيفَا
جَزَمتُ: ملأْت، وأَطْرقة: جمع طَريق مثل رغيفٍ وأَرْغِفَةٍ، ومنه قولهم
ذِيخُ الخَلِيفِ كما يقال ذِئبُ غَضاً؛ قال كثِّير:
وذِفْرَى، ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف
أَصابَ فَرِيقَةَ لَيْلٍ فَعاثَا
قال ابن بري: صواب إنشاده بِذِفْرَى، وقيل: هو الطريق في أَصل الجبل،
وقيل: هو الطريق وراء الجبل، وقيل: وراء الوادي، وقيل: الخَلِيفُ الطريق في
الجبل أَيّاً كان، وقيل: الطريق فقط، والجمع من كل ذلك خُلُفٌ؛ أَنشد
ثعلب:
في خُلُفٍ تَشْبَعُ مِنْ رَمْرامِها
والمَخْلَفَةُ: الطَّريقُ كالخَلِيفِ؛ قال أَبو ذؤيب:
تُؤمِّلُ أَن تُلاقيَ أُمَّ وَهْبٍ
بمَخْلَفَةٍ، إذا اجْتَمَعَتْ ثَقِيفُ
ويقال: عليك المَخْلَفة الوُسْطَى أَي الطريق الوسطى.
وفي الحديث ذكْرُ خَلِيفةَ، بفتح الخاء وكسر اللام، قال ابن الأَثير:
جبل بمكة يُشْرِفُ على أَجْيادٍ؛ وقول الهُذلي:
وإِنَّا نَحْنُ أَقْدَمُ مِنْكَ عِزّاً،
إذا بُنِيَتْ لِمَخْلفةَ البُيوتُ
مَخْلَفَةُ مِنًى: حيث يَنْزل الناس. ومَخْلَفة بني فلان: مَنْزِلُهم .
والمَخْلَفُ بِمنًى أَيضاً: طُرُقُهم حيث يَمُرُّون. وفي حديث معاذ: من
تخلّف
(* قوله «تخلف» كذا بالأصل، والذي في النهاية: تحوّل، وقوله «مخلاف
عشيرته» كذا به أَيضاً والذي فيها مخلافه.) من مخْلافٍ إلى مِخْلافٍ
فَعُشْرُه وصَدَقتُه إلى مِخْلافِ عَشِيرَتِه الأَوّل إذا حالَ عليه الحَوْل؛
أَراد أَنه يؤَدِّي صدَقَته إلى عَشيرته التي كان يؤدي إليها. وقال أَبو
عمرو: يقال اسْتُعْمِلَ فلان على مَخالِيفِ الطَّائفِ وهي الأَطراف
والنَّواحُ. وقال خالد بن جَنْبَة: في كل بلد مِخْلافٌ بمكة والمدينة والبصرة
والكوفة. وقال: كنا نَلْقَى بني نُمَير ونحن في مِخْلافِ المدينة وهم في
مِخلاف اليمامة. وقال أَبو معاذ: المِخْلافُ البَنْكَرْدُ، وهو أَن يكون
لكل قوم صَدقةٌ على حِدة، فذلك بَنْكَرْدُه يُؤدِّي إلى عشيرته التي كان
يُؤدِّي إليها. وقال الليث: يقال فلان من مِخْلافِ كذا وكذا وهو عند
اليمن كالرُّستاق، والجمع مخالِيفُ. اليزيدِيّ: يقال إنما أَنتم في خَوالفَ
من الأرض أَي في أَرَضِينَ لا تُنْبِت إلا في آخر الأَرضِين نباتاً. وفي
حديث ذي المِشْعارِ: من مِخلافِ خارِفٍ ويامٍ؛ هما قبيلتان من اليمن. ابن
الأَعرابي: امرأة خَلِيفٌ إذا كان عَهْدُها بعد الولادة بيوم أَو يومين.
ويقال للناقة العائذ أَيضاً خَلِيفٌ.
ابن الأعرابي: والخِلافُ كُمُّ القَمِيص. يقال: اجعله في متنِ خِلافِك
أَي في وَسطِ كُمّكَ. والمَخْلُوفُ: الثوبُ الـمَلْفُوقُ. وخلَفَ الثوبَ
يَخْلُفُهُ خَلْفاً، وهو خَلِيفٌ؛ المصدر عن كراع: وذلك أَن يَبْلى وسَطُه
فيُخْرِجَ البالي منه ثم يَلْفِقَه؛ وقوله:
يُرْوي النَّديمَ، إذا انْتَشى أَصحابُه
أُمُّ الصَّبيِّ، وثَوْبُه مَخْلُوفُ
قال: يجوز أَن يكون المَخْلُوفُ هنا المُلَفَّق، وهو الصحيح، ويجوز أَن
يكون المرْهُونَ، وقيل: يريد إذا تَناشى صحبُه أُمْ ولده من العُسْر فإنه
يُرْوي نَديمَه وثوبه مخلُوف من سُوء حاله.
وأَخْلَفْتُ الثوبَ: لغة في خَلَفْتُه إذا أَصْلَحْتَه؛ قال الكميت يصف
صائداً:
يَمْشِي بِهِنَّ خَفِيُّ الصَّوْتِ مُخْتَتِلٌ،
كالنَّصْلِ أَخْلَفَ أَهْداماً بأَطْمارِ
أَي أَخْلَفَ موضعَ الخُلْقانِ خُلْقاناً.
وما أَدْري أَيُّ الخَوالِفِ هو أَي أَيّ الناسِ هو. وحكى كراع في هذا
المعنى: ما أَدري أَيُّ خالِفةَ، هو غير مَصْرُوفٍ، أَي أَيُّ الناس هو،
وهو غير مصروف للتأْنيث والتعريف، أَلا ترى أَنك فسرته بالناس؟ وقال
اللحياني: الخالفةُ الناس، فأَدخل عليه الأَلف واللام. غيره ويقال ما أَدري
أَيُّ خالِفةَ وأَيُّ خافِيةَ هو، فلم يُجْرِهما، وقال: تُرِكَ صَرْفُه
لأَنْ أُرِيدَ به المَعْرِفةُ لأَنه وإن كان واحداً فهو في موضع جماع، يريد
أَيُّ الناس هو كما يقال أَيُّ تَمِيم هو وأَيُّ أَسَد هو.
وخِلْفةُ الوِرْدِ: أَن تُورِد إبلك بالعشيِّ بَعدما يذهَبُ الناسُ.
والخِلْفةُ: الدوابُّ التي تختلف. ويقال: هن يمشين خِلْفة أَي تذهب هذه
وتَجيء هذه؛ ومنه قول زهير:
بها العينُ والآرامُ يَمْشِينَ خِلْفةً،
وأَطْلاؤها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَمِ
وخلَفَ فلانٌ على فلانة خِلافةً تزوّجها بعد زوج؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
فإنْ تَسَلي عَنَّا، إذا الشَّوْلُ أَصْبَحَتْ
مَخالِيفَ حُدْباً، لا يَدِرُّ لَبُونُها
مَخالِيفُ: إبل رعت البقل ولم تَرْعَ اليَبِيسَ فلم يُغْن عنها رَعْيُها
البقلَ شيئاً. وفرس ذو شِكالٍ من خِلافٍ إذا كان في يده اليمنى ورجله
اليسرى بياض. قال: وبعضهم يقول له خَدَمتانِ من خِلافٍ أَي إذا كان بيده
اليمنى بياض وبيده اليسرى غيره.
والخِلافُ: الصَّفْصافُ، وهو بأَرض العرب كثير، ويسمى السَّوْجَرَ وهو
شجر عِظام، وأَصنافُه كثيرة وكلها خَوّارٌ خَفيفٌ؛ ولذلك قال الأَسود:
كأَنَّكَ صَقْبٌ من خِلافٍ يُرى له
رُواءٌ، وتأْتِيه الخُؤُورةُ مِنْ عَلُ
الصَّقْبُ: عَمُودٌ من عمد البيت، والواحد خِلافةٌ، وزعموا أَنه سمّي
خِلافاً لأَن الماء جاء بِبَزره سبيّاً فنبت مُخالِفاً لأَصْلِه فسمّي
خِلافاً، وهذا ليس بقويّ. الصحاح: شجر الخِلافِ معروف وموضِعُه المَخْلَفَةُ؛
وأَما قول الراجِز:
يَحْمِلُ في سَحْقٍ من الخِفافِ
تَوادِياً سُوِّينَ من خِلافِ
فإنما يريد أَنها من شجر مُخْتَلِفٍ، وليس يعني الشجرة التي يقال لها
الخِلافُ لأَن ذلك لا يكاد يكون بالبادية.
وخَلَفٌ وخَلِيفةُ وخُلَيْفٌ: أَسماء.
خطف: الخَطْفُ: الاسْتِلابُ، وقيل: الخَطْفُ الأَخْذُ في سُرْعةٍ
واسْتِلابٍ. خَطِفَه، بالكسر، يَخْطَفُه خَطْفاً، بالفتح، وهي اللغة الجيّدة،
وفيه لغة أُخرى حكاها الأَخفش: خَطَفَ، بالفتح، يَخْطِفُ، بالكسر، وهي
قليلة رَديئة لا تكاد تعرف: اجْتَذَبَه بسُرْعة، وقرأَ بها يونس في قوله
تعالى: يَخْطِفُ أَبصارَهم، وأَكثر القُرّاء قرأُوا: يَخْطَف، من خَطِف
يَخْطَف، قال الأَزهري: وهي القراءة الجيّدة. ورُوي عن الحسن أَنه قرأَ
يِخِطِّفُ أَبصارَهم، بكسر الخاء وتشديد الطاء مع الكسر، وقرأَها يَخَطِّف،
بفتح الخاء وكسر الطاء وتشديدها، فمن قرأَ يَخَطِّف فالأَصل يَخْتَطِفُ
فأُدْغِمت التاءُ في الطاء وأُلقيت فتحة التاء على الخاء، ومن قرأَ
يِخِطِّفُ كسَر الخاء لسكونها وسكون الطاء؛ قال: وهذا قول البصريين. وقال الفراء:
الكسرُ لالتقاء الساكنين ههنا خطأ وإنه يلزم من قال هذا أَن يقول في
يَعَضُّ يَعِضُّ وفي يَمُدُّ يَمِدُّ، وقال الزجاج: هذه العلة غير لازمة
لأَنه لو كسَر يَعِض ويَمِدّ لالْتَبَسَ ما أَصله يَفْعَل ويَفْعُل بما
أَصله يَفْعِل، قال: ويختطف ليس أَصله غيرَها ولا يكون مرة على يَفْتَعِل
ومرة على يَفْتَعَل، فكسر لالتقاء الساكنين في موضع غير مُلْتَبِسٍ. التهذيب
قال: خَطِفَ يَخْطَفُ وخَطَفَ يَخْطِف لغتان. شمر: الخَطْف سرعة أَخذ
الشيء. ومرَّ يَخْطَفُ خَطْفاً منكراً أَي مرَّ مرًّا سريعاً. واخْتَطَفَه
وتَخَطَّفَه بمعنى. وفي التنزيل العزيز: فَتَخْطَفُه الطير، وفيه:
ويُتَخَطَّف الناسُ من حولهم.
وفي التنزيل العزيز: إلا مَن خَطِفَ الخَطْفَةَ فأَتبعه شهاب ثاقبٌ؛
وأَما قراءة من قرأَ إلا مَن خَطَّفَ الخَطْفةَ، بالتشديد، وهي قراءة الحسن
فإن أَصله اخْتَطفَ فأُدغمت التاء في الطاء وأُلقِيَتْ حَركتُها على
الخاء فسقطت الأَلف، وقرئ خِطِّفَ، بكسر الخاء والطاء على إتباع كسرة الخاء
كسرةَ الطاء، وهو ضعيف جدًّا، قال سيبويه: خَطَفَه واخْتَطَفَه كما قالوا
نَزَعَه وانْتَزَعَه. ورجُل خَيْطَفٌ: خاطِفٌ، وبازٌ مخْطَفٌ: يَخْطَفُ
الصيدَ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، نهَى عن
الـمُجَثَّمةِ والخَطْفةِ؛ وهي ما اختطف الذئبُ من أَعضاء الشاة وهي حَيّةٌ من يد
ورِجل، أو اختطفه الكلب من أَعضاء حَيَوانِ الصَّيدِ من لحم أَو غيره
والصيد حَيّ لأَن كلّ ما أُبينَ من حَيٍّ فهو مَيّتٌ، والمراد ما يُقْطَع من
أَعضاء الشاة؛ قال: وكلُّ ما أُبينَ من الحيوان وهو حيّ من لحم أَو شحم،
فهو مَيت لا يحل أَكله، وذلك أَنه لما قَدِمَ المدينةَ رأَى الناس
يَجُبُّون أَسْنِمَةَ الإبلِ وأَلَياتِ الغنم ويأْكلونها. والخَطْفة: المرَّةُ
الواحدةُ فسمي بها العُضْوُ الـمُخْتَطَفُ. وفي حديث الرضاعة: لا
تُحَرِّمُ الخَطْفةُ والخَطْفتان أَي الرضعةُ القليلة يأْخذُها الصبي من الثدْي
بسرعة. وسيفٌ مِخْطَف: يَخطَفُ البصر بلَمْعِه؛ قال:
وناطَ بالدَّفِّ حُساماً مِخْطَفا
والخاطِفُ: الذئبُ. وذئبٌ خاطِفٌ: يَخْتَطِفُ الفَريسةَ، وبَرْقٌ خاطِفٌ
لنور الأَبصار. وخَطِفَ البرقُ البَصرَ وخَطَفَه يَخْطِفُه: ذهب به. وفي
التنزيل العزيز: يَكادُ البرقُ يخطَف أَبصارهم، وقد قرئ بالكسر، وكذلك
الشُّعاعُ والسيفُ وكل جِرْمٍ صَقِيل؛ قال:
والهُنْدُوانِيّاتُ يَخْطَفْنَ البَصَرْ
روى المخزومي عن سفيان عن عمرو قال: لم أَسمع أَحداً ذهَب ببصره البرقُ
لقول اللّه عز وجل: يَكادُ البرقُ يخطَف أَبصارَهم، ولم يقل يُذْهِبُ،
قال: والصَّواعِقُ تُحْرِقُ لقوله عز وجل: فيُصيبُ بها من يشاء. وفي
الحديث: ليَنْتَهِيَنَّ أَقْوامٌ عن رفْع أَبصارِهم إلى السماء في الصلاة أَو
لتُخْطَفَنَّ أَبصارُهم؛ هو من الخَطْف استِلابِ الشيء وأَخْذِه بسُرعَة.
ومنه حديث أُحد: إن رأَيتمونا تَخْتَطِفُنا الطيرُ فلا تَبْرَحُوا أَي
تَسْتَلِبُنا وتطير بنا، وهو مُبالغة في الهلاك. وخَطِفَ الشيطانُ السمْعَ
واخْتَطَفَه: اسْتَرَقَه. وفي التنزيل العزيز: إلا مَن خَطِفَ الخَطْفةَ.
والخَطَّافُ، بالفتح، الذي في الحديث هو الشيطان، يَخطَفُ السمعَ:
يَسْتَرِقُه، وهو ما ورد في حديث عليّ: نَفَقَتُكَ رِياءً وسُمْعةً للخَطَّاف؛
هو، بالفتح والتشديد، الشيطانُ لأَنه يَخْطَفُ السمع، وقيل: هو بضم
الخاء على أَنه جمع خاطِفٍ أَو تشبيهاً بالخُطَّاف، وهو الحديدة
الـمُعْوَجَّةُ كالكلُّوبِ يُخْتَطَفُ بها الشيءُ ويجمع على خطاطِيفَ. وفي حديث الجن:
يَختَطِفُون السمع أَي يَسْتَرِقُونَه ويَسْتَلِبونه.
والخَيْطَفُ والخَيْطَفَى: سُرعة انجذاب السير كأَنه يُخْتَطِفُ في
مَشْيِه عُنُقَه أَي يجْتَذِبه. وجمل خَيْطَفٌ أَي سريع المرّ. ويقال: عَنَقٌ
خَيْطَفٌ وخَطَفَى؛ قال جدّ جرير:
وعَنَقاً بَعْدَ الرَّسِيمِ خَيْطَفا
والخَطَفَى: سَيْرَتُه، ويروى خَطَفَى، وبهذا سُمِّي الخَطَفَى، وهو
لقَبُ عَوْفٍ جَدّ جرير بن عطِيّةَ بن عوف الشاعر؛ وحكى ابن بري عن أَبي
عبيدة قال: الخَطَفَى جد جرير واسمه حُذيفَةُ بن بَدْر ولُقِّب بذلك
لقوله:يَرْفَعْنَ بالليلِ، إذا ما أَسْدَفا،
أَعْناقَ جِنَّانٍ وهاماً رُجَّفا،
وعَنَقاً بَعْدَ الكَلالِ خَيْطَفا
والجِنَّانُ: جِنْسٌ من الحيّات إذا مشَت رَفعت رؤوسها؛ قال ابن بري:
ومن مليح شعر الخَطَفَى:
عَجِبْتُ لإزْراءِ العَييِّ بنَفْسِه،
وصَمْتِ الذي قد كان بالقَوْلِ أَعلما
وفي الصَّمْتِ سَتْرٌ للعَييِّ، وإنما
صَفِيحةُ لُبِّ المَرْء أَن يَتَكلَّما
وقيل: هو مأْخوذ من الخَطْفِ وهو الخَلْسُ. وجمل خَيْطَفٌ: سَيْرُه كذلك
أَي سريعُ الـمَرّ، وقد خَطِفَ وخَطَفَ يَخْطِفُ ويَخْطَفُ خَطْفاً.
والخاطُوفُ: شبيه بالمِنْجَل يُشَدُّ في حِبالةِ الصائِد يَخْتَطِفُ
الظبْيَ.
والخُطّافُ: حديدة تكون في الرَّحْل تُعَلَّقُ منها الأَداةُ
والعِجْلةُ. والخُطَّافُ: حديدة حَجْناءُ تُعْقَلُ بها البَكْرةُ من جانِبَيْها
فيها الـمِحْوَر؛ قال النابغة:
خَطاطِيفُ حُجْنٌ في حِبالٍ مَتِينَةٍ،
تُمَدُّ بها أَيْدٍ إليكَ نوازِعُ
وكلُّ حديدةٍ حَجْناء خُطَّافٌ. الأَصمعي: الخُطَّاف هو الذي يَجْري في
البكرة إذا كان من حديد، فإذا كان من خشب، فهو القَعْوُ، وإنما قيل
لخُطَّافِ البَكرة خُطَّافٌ لحَجَنه فيها، ومَخالِيبُ السِّباعِ خَطاطِيفُها.
وفي حديث القيامة
(* قوله «حديث القيامة» هو لفظ النهاية أيضاً، وبهامشها
صوابه: حديث الصراط.): فيه خَطاطِيفُ وكلالِيبُ. وخَطاطِيفُ الأَسَد:
براثِنُه شبهت بالحديدة لحُجْنَتِها؛ قال أَبو زُبَيْدٍ الطائي يصف
الأَسد:إذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطاطِيفُ كَفِّه،
رأَى الموتَ رَأْيَ العَيْنِ أَسْوَدَ أَحْمَرا
إنما قال: رَأْيَ العين أَو بالعَيْنَيْنِ
(* قوله «أو بالعينين» يشير
إلى انه يروى أيضاً: رأى الموت بالعينين إلخ، وهو كذلك في الصحاح.)
توكيداً، لأَنَّ الموت لا يُرى بالعين، لما قال أَسْوَدَ أَحْمرا، وكان السوادُ
والحُمْرةُ لَوْنَيْن، وكان اللَّوْن مـما يُحسّ بالعين جُعِلَ الموتُ
كأَنه مَرْئيٌّ بالعين، فتَفَهَّمْه. والخُطَّافُ: سِمةٌ على شَكْل
خُطَّافِ البَكْرة، قال: يقال لِسِمة يُوسَم بها البَعِير، كأَنها خُطَّافُ
البَكْرَة: خُطَّافٌ أَيضاً. وبَعِير مَخْطُوفٌ إذا كان به هذه السِّمةُ.
والخُطّافُ: طائر. ابن سيده: والخُطَّافُ العُصْفور الأَسودُ، وهو الذي
تَدْعُوه العامـّةُ عُصْفُورَ الجنةِ، وجمعه خَطاطِيفُ. وفي حديث ابن مسعود:
لأَنْ أَكونَ نَفَضْتُ يَدَيَّ من قبور بَنِيَّ أَحَبُّ إليَّ من أَن
يَقَعَ من بَيْضِ الخُطَّافِ فيَنْكَسِر؛ قال ابن الأَثير: الخُطَّاف
الطائر المعروف، قال ذلك شفقةً ورحْمةً. والخُطَّافُ: الرجُل اللِّصُّ
الفاسِقُ؛ قال أَبو النجم:
واسْتَصْحَبُوا كل عَمٍ أُمِّيِّ
من كلِّ خُطّافٍ وأَعْرابيِّ
وأَما قول تلك المرأَة لجرير: يا ابن خُطَّافٍ؛ فإنما قالته له هازِئةً
به، وهي الخَطاطِيفُ.
والخُطْفُ والخُطُفُ: الضُّمْرُ وخِفّةُ لحم الجَنْبِ.
وإخْطافُ الحَشى: انْطِواؤُه. وفَرس مُخْطَفُ الحَشى، بضم الميم وفتح
الطاء، إذا كان لاحِقَ ما خَلْفَ الـمَحْزِمِ من بَطْنه، ورجل مُخْطَفٌ
ومَخْطُوفٌ. وأَخْطَفَ الرجلُ: مَرِضَ يَسِيراً ثم بَرأَ سريعاً. أَبو
صَفْوانَ: يقال أَخْطَفَتْه الحُمّى أَي أَقْلَعَتْ عنه، وما من مَرَضٍ إلا
وله خُطْفٌ أَي يُبْرَأُ منه؛ قال:
وما الدَّهْرُ إلا صَرْفُ يَوْمٍ ولَيْلةٍ،
فَمُخْطِفةٌ تُنْمِي ومُقْعِصةٌ تُصْمِي
والعرب تقول للذئب خاطِفٌ، وهي الخَواطِفُ. وخَطافِ وكَسابِ: من أَسماء
كلاب الصيد. ويقال للصِّ الذي يَدْغَرُ نفسَه على الشيء فيَخْتَلِسُه:
خُطَّافٌ.
أَبو الخَطَّاب: خَطِفَتِ السفينةُ وخَطَفَت أَي سارَتْ؛ يقال: خَطِفَت
اليومَ من عُمان أَي سارت. ويقال: أَخْطَفَ لي من حَدِيثه شيئاً ثم سكت،
وهو الرجل يأْخذ في الحديث ثم يَبْدُو له فيقطع حديثه، وهو الإخْطافُ.
والخياطِفُ: الـمَهاوي، واحدها خَيْطَفٌ؛ قال الفرزدق:
وقد رُمْتَ أَمـْراً، يا مُعاوِيَ، دُونَه
خَياطِفُ عِلَّوْزٍ، صِعابٌ مَراتِبُهْ
والخُطُف والخُطَّفُ، جميعاً: مثل الجُنون؛ قال أُسامةُ الهُذَلي:
فجاء، وقد أَوجَتْ من الـمَوْتِ نَفْسُه،
به خُطُفٌ قد حَذَّرَتْه المقاعِدُ
ويروى خُطَّفٌ، فإِما أَن يكون جَمعاً كضُرَّب، وإما أَن يكون واحداً.
والإخْطافُ: أَن تَرْمِيَ الرَّمِيّةَ فتُخْطئ قريباً، يقال منه: رَمى
الرَّمِيَّةَ فأَخْطَفَها أَي أَخْطأَها؛ وأَنشد أَيضاً:
فَمُخْطِفةُ تُنْمي ومُقْعِصةٌ تُصْمي
وقال العُمانيُّ:
فانْقَضَّ قد فاتَ العُيُونَ الطُّرَّفا،
إذا أَصابَ صَيْدَه أَو أَخْطَفا
ابن بزرج: خَطِفْتُ الشيء أَخذْته، وأَخْطَفْتُه أَخْطَأْتُه؛ وأَنشد
الهذلي:
تَناوَلُ أَطْرافَ القِرانِ، وعَيْنُها
كعَيْنِ الحُبارى أَخْطَفَتْها الأَجادِلُ
والإخْطافُ في الخيل: ضِدُّ الانْتِفاخ، وهو عَيب في الخيل. وقال أَبو
الهيثم: الإخْطاف سر الخيل، وهو صغر الجوف
(* قوله «سر الخيل وهو إلخ» كذا
بالأصل. ونقل شارح القاموس ما قبله حرفاً فحرفاً وتصرف في هذا فقال:
والاخطاف في الخيل صغر الجوف إلخ.) ؛ وأَنشد:
لا دَنَنٌ فيه ولا إخْطافُ
والدَّنَنُ: قِصَرُ العنق وتطامُنُ الـمُقَدَّم؛ وقوله:
تَعَرَّضْنَ مَرْمى الصَّيْدِ، ثم رَمَيْنَنا
من النَّبْلِ، لا بالطَّائِشاتِ الخَواطِفِ
إنما هو على إرادة الـمُخْطِفات ولكنه على حذف الزائد.
والخَطِيفةُ: دَقِيقٌ يُذَرُّ على لبن ثم يُطْبَخُ فيُلْعَق؛ قال ابن
الأَعرابي: هو الحَبُولاء. وفي حديث علي: فإذا به بين يديه صَحْفة فيها
خَطِيفةٌ ومِلْبَنةٌ؛ الخَطِيفةُ: لبن يُطبخ بدقيق ويُخْتَطَفُ بالـمَلاعِق
بسُرعة. وفي حديث أَنس: أَنه كان عند أُم سُليم شعير فَجَشَّتْه وعَمِلت
للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، خَطِيفة فأَرْسَلتني أَدْعوه؛ قال أَبو
منصور: الخطيفة عند العرب أَن تؤخذ لُبَيْنةٌ فتسخَّنَ ثم يُذرَّ عليها دقيقة
ثم تُطبخَ فَيَلْعَقَها الناسُ ويختطفوها في سرعة. ودخل قوم على عليّ بن
أَبي طالب، عليه السلام، يوم عيد وعنده الكَبُولاء، فقالوا: يا أَمير
المؤمنين أَيَوْمُ عِيد وخَطِيفةٌ؟ فقال: كُلوا ما حَضَر واشكُروا
الرزَّاق.وخاطِفُ ظِلِّه: طائر؛ قال الكميت بن زيد:
ورَيْطةِ فِتْيانٍ كخاطِفِ ظلِّه،
جَعَلْتُ لَهم منها خِباءً مُمَدَّدا
قال ابن سَلَمَة: هو طائر يقال له الــرَّفْرافُ إذا رأَى ظلَّه في الماء
أَقبل إليه ليَخْطَفَه بحسَبُه صَيْداً، واللّه أَعلم.
ظلل: ظَلَّ نهارَه يفعل كذا وكذا يَظَلُّ ظَلاًّ وظُلُولاً وظَلِلْتُ
أَنا وظَلْتُ وظِلْتُ، لا يقال ذلك إِلاَّ في النهار لكنه قد سمع في بعض
الشعر ظَلَّ لَيْلَه، وظَلِلْت أَعْمَلُ كذا، بالكسر، ظُلُولاً إِذا
عَمِلْته بالنهار دون الليل؛ ومنه قوله تعالى: فَظَلْتم تَفَكَّهون، وهو من
شَواذِّ التخفيف. الليث: يقال ظَلَّ فلان نهارَه صائماً، ولا تقول العرب
ظَلَّ يَظَلُّ إِلا لكل عمل بالنهار، كما لا يقولون بات يبيت إِلا بالليل،
قال: ومن العرب من يحذف لام ظَلِلْت ونحوها حيث يظهران، فإِن أَهل الحجاز
يكسرون الظاء كسرة اللام التي أُلْقِيَتْ فيقولون ظِلْنا وظِلْتُم المصدر
الظُّلُول، والأَمر اظْلَلْ وظَلَّ؛ قال تعالى: ظَلْتَ عليه عاكفاً،
وقرئ ظِلْتَ، فمن فَتَح فالأَصل فيه ظَلِلْت ولكن اللام حذفت لثِقَل
التضعيف والكسر وبقيت الظاء على فتحها، ومن قرأَ ظِلْتَ، بالكسر، حَوَّل كسرة
اللام على الظاء، ويجوز في غير المكسور نحو هَمْت بذلك أَي هَمَمْت
وأَحَسْنت بذلك أَي أَحْسَسْت، قال: وهذا قول حُذَّاق النحويين؛ قال ابن سيده:
قال سيبويه أَمَّا ظِلْتُ فأَصله ظَلِلْتُ إِلاَّ أَنهم حذفوا فأَلقوا
الحركة على الفاء كما قالوا خِفْت، وهذا النَّحْوُ شاذٌّ، قال: والأَصل فيه
عربي كثير، قال: وأَما ظَلْت فإِنها مُشَبَّهة بِلَسْت؛ وأَما ما أَنشده
أَبو زيد لرجل من بني عقيل:
أَلَمْ تَعْلَمِي ما ظِلْتُ بالقوم واقفاً
على طَلَلٍ، أَضْحَتْ مَعارِفُه قَفْرا
قال ابن جني: قال كسروا الظاء في إِنشادهم وليس من لغتهم. وظِلُّ
النهارِ: لونُه إِذا غَلَبَتْه الشمسُ. والظِّلُّ: نقيض الضَّحِّ، وبعضهم يجعل
الظِّلَّ الفَيْء؛ قال رؤبة: كلُّ موضع يكون فيه الشمس فتزول عنه فهو
ظِلٌّ وفَيْء، وقيل: الفيء بالعَشِيِّ والظِّلُّ بالغداة، فالظِّلُّ ما كان
قبل الشمس، والفيء ما فاء بعد. وقالوا: ظِلُّ الجَنَّة، ولا يقال
فَيْؤها، لأَن الشمس لا تُعاقِب ظِلَّها فيكون هنالك فيء، إِنما هي أَبداً
ظِلٌّ، ولذلك قال عز وجل: أُكُلُها دائمٌ وظِلُّها؛ أَراد وظِلُّها دائم
أَيضاً؛ وجمع الظِّلِّ أَظلالٌ وظِلال وظُلُولٌ؛ وقد جعل بعضهم للجنة فَيْئاً
غير أَنه قَيَّده بالظِّلِّ، فقال يصف حال أَهل الجنة وهو النابغة
الجعدي:فَسلامُ الإِلهِ يَغْدُو عليهم،
وفُيُوءُ الفِرْدَوْسِ ذاتُ الظِّلال
وقال كثير:
لقد سِرْتُ شَرْقيَّ البِلادِ وغَرْبَها،
وقد ضَرَبَتْني شَمْسُها وظُلُولُها
ويروى:
لقد سِرْتُ غَوْرِيَّ البِلادِ وجَلْسَها
والظِّلَّة: الظِّلال. والظِّلال: ظِلال الجَنَّة؛ وقال العباس بن عبد
المطلب:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلال وفي
مُسْتَوْدَعٍ، حَيْثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
أَراد ظِلال الجنات التي لا شمس فيها. والظِّلال: ما أَظَلَّكَ من
سَحابٍ ونحوه. وظِلُّ الليلِ: سَوادُه، يقال: أَتانا في ظِلِّ الليل؛ قال ذو
الرُّمَّة:
قد أَعْسِفُ النَّازِحَ المَجْهولَ مَعْسِفُه،
في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
وهو استعارة لأَن الظِّلَّ في الحقيقة إِنما هو ضوء شُعاع الشمس دون
الشُّعاع، فإِذا لم يكن ضَوْءٌ فهو ظُلْمة وليس بظِلٍّ.
والظُّلَّةُ أَيضاً
(* قوله «والظلة أيضاً إلخ» هذه بقية عبارة للجوهري
ستأتي، وهي قوله: والظلة، بالضم، كهيئة الصفة، الى أن قال: والظلة أيضاً
الى آخر ما هنا): أَوّل سحابة تُظِلُّ؛ عن أَبي زيد. وقوله تعالى:
يَتَفَيَّأُ ظِلاله عن اليمين؛ قال أَبو الهيثم: الظِّلُّ كلُّ ما لم تَطْلُع
عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ، قال: والفَيْء لا يُدْعى فَيْئاً إِلا بعد الزوال
إِذا فاءت الشمسُ أَي رَجَعَتْ إِلى الجانب الغَرْبيِّ، فما فاءت منه
الشمسُ وبَقِيَ ظِلاًّ فهو فَيْء، والفَيْءُ شرقيٌّ والظِّلُّ غَرْبيٌّ،
وإِنما يُدْعى الظِّلُّ ظِلاًّ من أَوَّل النهار إِلى الزوال، ثم يُدْعى
فيئاً بعد الزوال إِلى الليل؛ وأَنشد:
فلا الظِّلَّ من بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُه،
ولا الفَيْءَ من بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوق
قال: وسَوادُ اللَّيلِ كلِّه ظِلٌّ، وقال غيره: يقال أَظَلَّ يومُنا هذا
إِذا كان ذا سحاب أَو غيره وصار ذا ظِلٍّ، فهو مُظِلٌّ. والعرب تقول:
ليس شيء أَظَلَّ من حَجَر، ولا أَدْفأَ من شَجَر، ولا أَشَدَّ سَواداً من
ظِلّ؛ وكلُّ ما كان أَرْفع سَمْكاً كان مَسْقَطُ الشَّمس أَبْعَد، وكلُّ
ما كان أَكثر عَرْضا وأَشَد اكتنازاً كان أَشد لسَوادِ ظِلِّه. وظِلُّ
الليل: جُنْحُه، وقيل: هو الليل نفسه، ويزعم المنجِّمون أَن الليل ظِلٌّ
وإِنما اسْوَدَّ جدّاً لأَنه ظِلُّ كُرَة الأَرض، وبِقَدْر ما زاد بَدَنُها
في العِظَم ازداد سواد ظِلِّها. وأَظَلَّتْني الشجرةُ وغيرُها،
واسْتَظَلَّ بالشجرة: اسْتَذْرى بها. وفي الحديث: إِنَّ في الجنة شَجَرةً يَسِير
الراكبُ في ظِلِّها مائةَ عامٍ أَي في ذَراها وناحيتها. وفي قول العباس:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلال؛ أَراد ظِلال الجنة أَي كنتَ طَيِّباً
في صُلْب آدم حيث كان في الجنة، وقوله من قبلها أَي من قبل نزولك إِلى
الأَرض، فكَنى عنها ولم يتقدم ذكرها لبيان المعنى. وقوله عز وجل: ولله
يَسْجُد مَنْ في السموات والأَرض طَوْعاً وكَرْهاً وظِلالُهُم بالغُدُوِّ
والآصال؛ أَي ويَسْجُد ظِلالُهم؛ وجاء في التفسير: أَن الكافر يَسْجُدُ لغير
الله وظِلُّه يسجد لله، وقيل ظِلالُهم أَي أَشخاصهم، وهذا مخالف للتفسير.
وفي حديث ابن عباس: الكافر يَسْجُد لغير الله وظِلُّه يَسْجُد لله؛
قالوا: معناه يَسْجُد له جِسْمُه الذي عنه الظِّلُّ. ويقال للمَيِّت: قد
ضَحَا ظِلُّه. وقوله عز وجل: ولا الظِّلُّ ولا الحَزورُ؛ قال ثعلب: قيل
الظِّلُّ هنا الجنة، والحَرور النار، قال: وأَنا أَقول الظِّلُّ الظِّلُّ
بعينه، والحَرُور الحَرُّ بعينه. واسْتَظَلَّ الرجلُ: اكْتَنَّ بالظِّلِّ.
واسْتَظَلَّ بالظِّلِّ: مال إِليه وقَعَد فيه. ومكان ظَلِيلٌ: ذو ظِلٍّ،
وقيل الدائم الظِّلِّ قد دامت ظِلالَتُه. وقولهم: ظِلٌّ ظَلِيل يكون من
هذا، وقد يكون على المبالغة كقولهم شِعْر شاعر. وفي التنزيل العزيز:
ونُدْخِلهم ظِلاًّ ظَلِيلاً؛ وقول أُحَيْحَة بن الجُلاح يَصِف النَّخْل:
هِيَ الظِّلُّ في الحَرِّ حَقُّ الظَّلِيـ
ـلِ، والمَنْظَرُ الأَحْسَنُ الأَجْمَلُ
قال ابن سيده: المعنى عندي هي الشيء الظَّلِيل، فوضع المصدر موضع الاسم.
وقوله عز وجل: وظَلَّلْنا عليكم الغَمامَ؛ قيل: سَخَّر اللهُ لهم
السحابَ يُظِلُّهم حتى خرجوا إِلى الأَرض المقدَّسة وأَنزل عليهم المَنَّ
والسَّلْوى، والاسم الظَّلالة. أَبو زيد: يقال كان ذلك في ظِلِّ الشتاء أَي في
أَوَّل ما جاء الشتاء. وفَعَلَ ذلك في ظِلِّ القَيْظ أَي في شِدَّة
الحَرِّ؛ وأَنشد الأَصمعي:
غَلَّسْتُه قبل القَطا وفُرَّطِه،
في ظِلِّ أَجَّاج المَقيظ مُغْبِطِه
(* قوله «غلسته إلخ» كذا في الأصل والاساس، وفي التكملة: تقدم العجز على
الصدر).
وقولهم: مَرَّ بنا كأَنَّه ظِلُّ ذئب أَي مَرَّ بنا سريعاً كَسُرْعَة
الذِّئب. وظِلُّ الشيءِ: كِنُّه. وظِلُّ السحاب: ما وَارَى الشمسَ منه،
وظِلُّه سَوادُه. والشمسُ مُسْتَظِلَّة أَي هي في السحاب. وكُلُّ شيء
أَظَلَّك فهو ظُلَّة. ويقال: ظِلٌّ وظِلالٌ وظُلَّة وظُلَل مثل قُلَّة وقُلَل.
وفي التنزيل العزيز: أَلم تَرَ إِلى رَبِّك كيف مَدَّ الظِّلَّ. وظِلُّ
كلِّ شيء: شَخْصُه لمكان سواده. وأَظَلَّني الشيءُ: غَشِيَني، والاسم منه
الظِّلُّ؛ وبه فسر ثعلب قوله تعالى: إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاث شُعَب، قال:
معناه أَن النار غَشِيَتْهم ليس كظِلِّ الدنيا. والظُّلَّة: الغاشيةُ،
والظُّلَّة: البُرْطُلَّة. وفي التهذيب: والمِظَلَّة البُرْطُلَّة، قال:
والظُّلَّة والمِظَلَّة سواءٌ، وهو ما يُسْتَظَلُّ به من الشمس. والظُّلَّة:
الشيء يُسْتَتر به من الحَرِّ والبرد، وهي كالصُّفَّة. والظُّلَّة:
الصَّيْحة. والظُّلَّة، بالضم: كهيئة الصُّفَّة، وقرئ: في ظُلَلٍ على الأَرائك
مُتَّكئون، وفي التنزيل العزيز: فأَخَذَهُم عذابُ يَوْمِ الظُّلَّة؛
والجمع ظُلَلٌ وظِلال. والظُّلَّة: ما سَتَرك من فوق، وقيل في عذاب يوم
(*
قوله «وقيل في عذاب يوم إلخ» كذا في الأصل) الظُّلَّة، قيل: يوم
الصُّفَّة، وقيل له يوم الظُّلَّة لأَن الله تعالى بعث غَمامة حارّة فأَطْبَقَتْ
عليهم وهَلَكوا تحتها. وكُلُّ ما أَطْبَقَ عليك فهو ظُلَّة، وكذلك كل ما
أَظَلَّك. الجوهري: عذابُ يوم الظُّلَّة قالوا غَيْمٌ تحته سَمُومٌ؛ وقوله
عز وجل: لهم مِنْ فوقِهم ظُلَلٌ من النار ومن تحتهم ظُلَلٌ؛ قال ابن
الأَعرابي: هي ظُلَلٌ لمَنْ تحتهم وهي أَرض لهم، وذلك أَن جهنم أَدْرَاكٌ
وأَطباق، فبِساطُ هذه ظُلَّةٌ لمَنْ تحتَه، ثم هَلُمَّ جَرًّا حتى ينتهوا
إِلى القَعْر. وفي الحديث: أَنه ذكر فِتَناً كأَنَّها الظُّلَل؛ قل: هي
كُلُّ ما أَظَلَّك، واحدتها ظُلَّة، أَراد كأَنَّها الجِبال أَو السُّحُب؛
قال الكميت:
فكَيْفَ تَقُولُ العَنْكَبُوتُ وبَيتُها،
إِذا ما عَلَتْ مَوْجاً من البَحْرِ كالظُّلَل؟
وظِلالُ البحر: أَمواجُه لأَنها تُرْفَع فتُظِلُّ السفينةَ ومن فيها،
ومنه عذاب يوم الظُّلَّة، وهي سحابة أَظَلَّتْهم فَلَجؤوا إِلى ظِلِّها من
شِدَّة الحرّ فأَطْبَقَتْ عليهم وأَهْلَكَتْهم. وفي الحديث: رأَيت كأَنَّ
ظُلَّةً تَنْطِف السَّمْنَ والعَسَل أَي شِبْهَ السَّحَابة يَقْطُرُ
منها السَّمْنُ والعسلُ، ومنه: البقرةُ وآلُ عمران كأَنَّهما ظُلَّتانِ أَو
غَمامتان؛ وقوله:
وَيْحَكَ، يا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ
هَلْ لَكَ في اللَّواقِح الحَرَائزِ،
وفي اتِّباعِ الظُّلَل الأَوَارِزِ؟
قيل: يَعْني بُيوتَ السَّجْن. والمِظَلَّة والمَظَلَّة: بيوت الأَخبية،
وقيل: المِظَلَّة لا تكون إِلا من الثياب، وهي كبيرة ذات رُواقٍ، وربما
كانت شُقَّة وشُقَّتين وثلاثاً، وربما كان لها كِفَاءٌ وهو مؤخَّرها. قال
ابن الأَعرابي: وإِنما جاز فيها فتح الميم لأَنها تُنْقل بمنزلة البيت.
وقال ثعلب: المِظَلَّة من الشعر خاصة. ابن الأَعرابي: الخَيْمة تكون من
أَعواد تُسْقَف بالثُّمام فلا تكون الخيمة من ثياب، وأَما المَظَلَّة فمن
ثياب؛ رواه بفتح الميم. وقال أَبو زيد: من بيوت الأَعراب المَظَلَّة، وهي
أَعظم ما يكون من بيوت الشعر، ثم الوَسُوط نعت المَظَلَّة، ثم الخِباء
وهو أَصغر بيوت الشَّعَر. والمِظَلَّة، بالكسر: البيت الكبير من الشَّعَر؛
قال:
أَلْجَأَني اللَّيْلُ، وَرِيحٌ بَلَّه
إِلى سَوادِ إِبلٍ وثَلَّه،
وسَكَنٍ تُوقَد في مِظَلَّه
وعَرْشٌ مُظَلَّل: من الظِّلِّ. وقال أَبو مالك: المِظَلَّة والخباء
يكون صغيراً وكبيراً؛ قال: ويقال للبيت العظيم مِظَلَّة مَطْحُوَّة
ومَطْحِيَّة وطاحِيَة وهو الضَّخْم. ومَظَلَّة ومِظَلَّة: دَوْحة
(* قوله «ومظلة
دوحة» كذا في الأصل والتهذيب).
ومن أَمثال العرب: عِلَّةٌ ما عِلَّه أَوْتادٌ وأَخِلَّه، وعَمَدُ
المِظَلَّه، أَبْرِزُوا لصِهْرِكم ظُلَّه؛ قالته جارية زُوِّجَتْ رَجُلاً
فأَبطأَ بها أَهْلُها على زوجها، وجَعَلُوا يَعْتَلُّون بجمع أَدوات البيت
فقالت ذلك اسْتِحْثاثاً لهم؛ وقول أُمَيَّة بن أَبي عائذ الهذلي:
ولَيْلٍ، كأَنَّ أَفانِينَه
صَراصِرُ جُلِّلْنَ دُهْمَ المَظالي
إِنما أَراد المَظالَّ فخَفَّف اللام، فإِمَّا حَذَفها وإِمَّا
أَبْدَلَها ياءً لاجتماع المثلين لا سيما إِن كان اعتقد إِظهار التضعيف فإِنه
يزداد ثِقَلاً ويَنْكَسِر الأَول من المثلين فتدعو الكسرةُ إِلى الياء فيجب
على هذا القول أَن يُكْتب المَظالي بالياء؛ ومثْلُهُ سَواءً ما أَنشده
سيبويه لعِمْران بن حِطَّان:
قد كُنْتُ عِنْدَك حَوْلاً، لا يُرَوَّعُني
فيه رَوَائعُ من إِنْس ولا جانِ
وإِبدالُ الحرف أَسهلُ من حذفه. وكُلُّ ما أَكَنَّك فقد أَظَلَّكَ.
واسْتَظَلَّ من الشيء وبه وتَظَلَّل وظَلَّله عليه. وفي التنزيل العزيز:
وظَلَّلنا عليهم الغَمامَ.
والإِظْلالُ: الدُّنُوُّ؛ يقال: أَظَلَّك فلان أَي كأَنه أَلْقى عليك
ظِلَّه من قُرْبه. وأَظَلَّك شهرُ رمضان أَي دَنا منك. وأَظَلَّك فلان:
دَنا منك كأَنه أَلْقى عليك ظِلَّه، ثم قيل أَظَلَّك أَمرٌ. وفي الحديث:
أَنه خطب آخر يوم من شعبان فقال: أَيها الناس قد أَظَلَّكُمْ شَهْرٌ عظيم
أَي أَقْبَل عليكم ودَنا منكم كأَنه أَلْقى عليكم ظِلَّه. وفي حديث كعب ابن
مالك: فلما أَظَلَّ قادماً حَضَرَني بَثِّي. وفي الحديث: الجنَّةُ تحت
ظِلالِ السيوف؛ هو كناية عن الدُّنُوِّ من الضِّرب في الجهاد في سبيل الله
حتى يَعْلُوَه السيفُ ويَصِيرَ ظِلُّه عليه.
والظِّلُّ: الفَيْءُ الحاصل من الحاجز بينك وبين الشمس أَيَّ شيء كان،
وقيل: هو مخصوص بما كان منه إِلى الزوال، وما كان بعده فهو الفيء. وفي
الحديث: سَبْعَةٌ يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّ العرش أَي في ظِلِّ رحمته. وفي
الحديث الآخر: السُّلْطانُ ظِلُّ الله في الأَرض لأَنه يَدْفَع الأَذى عن
الناس كما يَدْفَع الظِّلُّ أَذى حَرِّ الشمس، قال: وقد يُكْنى بالظِّلِّ
عن الكَنَف والناحية. وأَظَلَّك الشيء: دَنا منك حتى أَلقى عليك ظِلُّه
من قربه. والظِّلُّ: الخَيال من الجِنِّ وغيرها يُرى، وفي التهذيب: شِبْه
الخيال من الجِنِّ، ويقال: لا يُجاوِزْ ظِلِّي ظِلَّك.
ومُلاعِب ظِلَّه: طائرٌ سمي بذلك. وهما مُلاعِبا ظِلِّهما ومُلاعِباتُ
ظِلِّهن، كل هذ في لغة، فإِذا جَعَلته نكرة أَخْرَجْتَ الظِّلَّ على
العِدَّةِ فقلت هُنَّ مُلاعِباتٌ أَظْلالَهُنَّ؛ وقول عنترة:
ولقد أَبِيتُ على الطَّوى وأَظَلُّه،
حتى أَنالَ به كَرِيمَ المأْكَل
أَراد: وأَظَلُّ عليه. وقولهم في المثل: لأَتْرُكَنَّه تَرْكَ ظَبْيٍ
ظِلَّه؛ معناه كما تَرَكَ ظَبْيٌ ظِله. الأَزهري: وفي أَمثال العرب: تَرَكَ
الظَّبْيُ ظِلَّه؛ يُضْرَب للرجل النَّفُور لأَن الظَّبْي إِذا نَفَر من
شيء لا يعود إِليه أَبداً، وذلك إِذا نَفَر، والأَصل في ذلك أَن
الظَّبْيَ يَكْنِس في الحَرّ فيأْتيه السامي فيُثِيره ولا يعود إِلى كِناسِه،
فيقال تَرَكَ الظَّبْيُ ظِلَّه، ثم صار مثلاً لكل نافر من شيء لا يعود
إِليه. الأَزهري: ومن أَمثالهم أَتيته حين شَدَّ الظََّّبْيُ ظِلَّه، وذلك
إِذا كَنَس نِصْف النهار فلا يَبْرَح مَكْنِسَه. ويقال: أَتيته حين
يَنْشُدُ الظَّبْيُ ظِلَّه أَي حين يشتدُّ الحَرُّ فيطلب كِناساً يَكْتَنُّ فيه
من شدة الحر. ويقال: انْتَعَلَتِ المَطايا ظِلالها إِذا انتصف النهار في
القَيْظ فلم يكُن لها ظِلٌّ؛ قال الراجز:
قد وَرَدَتْ تَمْشِي على ظِلالِها،
وذابَت الشَّمْس على قِلالها
وقال آخر في مثله:
وانْتَعَلَ الظِّلَّ فكان جَوْرَبا
والظِّلُّ: العِزُّ والمَنَعة. ويقال: فلان في ظِلِّ فلان أَي في ذَراه
وكَنَفه. وفلان يعيش في ظِلِّ فلان أَي في كَنَفه. واسْتَظَلَّ الكَرْمُ:
التَفَّتْ نَوامِيه.
وأَظَلُّ الإِنسان: بُطونُ أَصابعه وهو مما يلي صدر القَدَم من أَصل
الإِبهام إِلى أَصل الخِنْصَرِ، وهو من الإِبل باطن المَنْسِم؛ هكذا
عَبَّروا عنه ببطون؛ قال ابن سيده: والصواب عندي أَن الأَظَلَّ بطن الأُصبع؛
وقال ذو الرُّمَّة في مَنْسِم البعير:
دامي الأَظلِّ بَعِيد الشَّأْوِ مَهْيُوم
قال الأَزهري: سمعت أَعرابيّاً من طَيِّءٍ يقول لِلَحْمٍ رقيقٍ لازقٍ
بباطن المَنْسِم من البعير هو المُسْتَظِلاَّتُ، وليس في لحم البعير مُضْغة
أَرَقُّ ولا أَنعم منها غير أَنه لا دَسَم فيه. وقال أَبو عبيد في باب
سوء المشاركة في اهتمام الرجل بشأْن أَخيه: قال أَبو عبيدة إِذا أَراد
المَشْكُوُّ إِليه أَنه في نَحْوٍ مما فيه صاحبُه الشَّاكي قال له إِن
يَدْمَ أَظَلُّكَ فقد نَقِبَ خُفِّي؛ يقول: إِنه في مثل حالك؛ قال لبيد:
بنَكِيبٍ مَعِرٍ دامي الأَظَلّ
قال: والمَنْسِمُ للبعير كالظُّفُر للإِنسان. ويقال للدم الذي في الجوف
مُسْتَظِلُّ أَيضاً؛ ومنه قوله:
مِنْ عَلَق الجَوْفِ الذي كان اسْتَظَلّ
ويقال: اسْتَظَلَّت العينُ إِذا غارت؛ قال ذو الرمة:
على مُسْتَظِلاَّتِ العُيونِ سَوَاهِمٍ،
شُوَيْكِيَةٍ يَكْسُو بُرَاها لُغَامُها
ومنه قول الراجز:
كأَنَّما وَجْهُكَ ظِلٌّ من حَجَر
قال بعضهم: أَراد الوَقاحة، وقيل: إِنه أَراد أَنه أَسودُ الوجه. غيره:
الأَظَلُّ ما تحت مَنْسِم البعير؛ قال العَجَّاج:
تَشْكو الوَجَى من أَظْلَلٍ وأَظْلَل،
مِنْ طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ أَمْلَل
إِنما أَظهر التضعيف ضرورة واحتاج إِلى فَكِّ الإِدغام كقول قَعْنَب بن
أُمِّ صاحب:
مَهْلاً أَعاذِلَ، قد جَرَّبْتِ منْ خُلُقِي
أَنِّي أَجُودُ لأَقوامٍ، وإِنْ ضَنِنُوا
والجمع الظُّلُّ، عاملوا الوصف
(* قوله «عاملوا الوصف» هكذا في الأصل،
وفي شرح القاموس: عاملوه معاملة الوصف) أَو جمعوه جمعاً شاذّاً؛ قال ابن
سيده: وهذا أَسبق لأَني لا أَعرف كيف يكون صفة. وقولهم في المثل: لَكِنْ
على الأَثَلاثِ لَحْمٌ لا يُظَلَّل؛ قاله بَيْهَسٌ في إِخوته المقتولين
لما قالوا ظَلِّلوا لَحْمَ جَزُورِكم.
والظَّلِيلة: مُسْتَنْقَع الماء في أَسفل مَسِيل الوادي. والظَّلِيلة:
الرَّوْضة الكثيرة الحَرَجات، وفي التهذيب: الظَّلِيلة مُسْتَنْقَع ماءٍ
قليلٍ في مَسِيل ونحوه، والجمع الظَّلائل، وهي شبه حُفْرة في بطنِ مَسِيل
ماءٍ فينقطع السيل ويبقى ذلك الماء فيها؛ قال رؤبة:
غادَرَهُنَّ السَّيْلُ في ظَلائلا
(* قوله «غادرهن السيل» صدره كما في التكملة: بخصرات تنقع الغلائلا).
ابن الأَعرابي: الظُّلْظُل السُّفُن وهي المَظَلَّة. والظِّلُّ: اسم
فَرَس مَسْلمة بن عبد
المَلِك. وظَلِيلاء: موضع، والله أَعلم.