من حصون ذمار باليمن، كذا أملاه عليّ المفضل.
من حصون ذمار باليمن، كذا أملاه عليّ المفضل.
قمر: القُمْرَة: لون إِلى الخُضْرة، وقيل: بياض فيه كُدْرَة؛ حِمارٌ
أَقْمَرُ. والعرب تقول في السماء إِذا رأَتها: كأَنها بطنُ أَتانٍ قَمْراءَ
فهي أَمْطَرُ ما يكون. وسَنَمَةٌ قَمْراءُ: بيضاء؛ قال ابن سيده: أَعني
بالسَّنَمَة أَطرفَ الصِّلِّيان التي يُنْسِلُها أَي يُلْقيها. وفي
الحديث: أَن النبي،صلى الله عليه وسلم، ذكر الدجال فقال: هِجانٌ أَقْمَرُ. قال
ابن قتيبة: الأَقمر الأَبيض الشديد البياض، والأُنثى قَمْراء. ويقال
للسحاب الذي يشتدّ ضوءُه لكثرة مائه: سحاب أَقمر. وأَتان قمراء أَي بيضاء.
وفي حديث حليمة: ومَعَنا أَتانٌ قَمْراءُ، وقد تكرر ذكر القُمْرة في
الحديث. ويقال: إِذا رأَيت السحابة كأَنها بطنُ أَتانٍ قَمْراءَ فذلك الجَوْدُ.
وليلة قَمْراء أَي مضيئة. وأَقْمَرَتْ ليلتنا: أَضاءت. وأَقْمَرْنا أَي
طلع علينا القَمَرُ.
والقَمَرُ: الذي في السماء. قال ابن سيده: والقَمَر يكون في الليلة
الثالثة من الشهر، وهو مشتق من القُمْرة، والجمع أَقْمار. وأَقْمَرَ: صار
قَمَراً، وربما قالوا: أَقْمَر الليلُ ولا يكون إِلا في الثالثة؛ أَنشد
الفارسي:
يا حَبَّذا العَرَصاتُ ليَـ
ـلاً في لَيالٍ مُقْمِرات
أَبو الهثيم: يسمى القمر لليلتين من أَول الشهر هلالاً، ولليلتين من
آخره، ليلة ست وعشرين وليلة سبع وعشرين، هلالاً، ويسمى ما بين ذلك قَمَراً.
الجوهري: القَمَرُ بعد ثلاث إِلى آخر الشهر يسمى قمراً لبياضه، وفي كلام
بعضهم قُمَيْرٌ، وهو تصغيره. والقَمَرانِ: الشمس والقمر. والقَمْراءُ:
ضوء القَمَرِ، وليلة مُقْمِرَة وليلة قمراء مُقْمِرَة؛ قال:
يا حبذا القَمْراءُ والليلُ السَّاجْ،
وطُرُقٌ مثلُ مُلاءِ النَّسَّاج
وحكى ابن الأَعرابي: ليلٌ قَمْراءُ، قال ابن سيده: وهو غريب، قال: وعندي
أَنه عنى بالليل الليلة أَو أَنثه على تأْنيث الجمع. قال: ونظيره ما
حكاه من قولهم ليل ظَلْماءُ، قال: إِلا أَن ظلماء أَسهل من قمراء، قال: ولا
أَدري لأَيِّ شيء استسهل ظلماء إِلا أَن يكون سمع العرب تقوله أَكثر.
وليلة قَمِرَةٌ: قَمْراءُ؛ عن ابن الأَعرابي، قال: وقيل لرجل: أَيّ النساء
أَحَبُّ إِليك؟ قال: بَيْضاء بَهْتَرة، حاليةٌ عَطِرَة، حَيِيَّةٌ
خَفِرَة، كأَنها ليلة قَمِرَة؛ قال ابن سيده: وقَمِرَه عندي على النَّسَب. ووجهٌ
أَقْمَرُ: مُشَبَّه بالقَمر.
وأَقْمَر الرجلُ: ارْتَقَبَ طُلوعَ القَمر؛ قال ابن أَحمر:
لا تُقْمِرَنَّ على قَمْرٍ ولَيْلَتِه،
لا عَنْ رِضاكَ، ولا بالكُرْه مُغْتَصبا
ابن الأَعرابي: يقال للذي قَلَصَتْ قُلْفَته حتى بدا رأْس ذكره عَضَّه
القَمَرُ؛ وأَنشد:
فِداكَ نِكْسٌ لا يَبِضُّ حَجَرُهْ،
مُخَرَّقُ العِرْضِ جَدِيدٌ مِمْطَرُه
في ليلِ كانونٍ شديدٍ خَصَرُهْ،
عَضَّ بأَطرافِ الزُّبانى قَمَرُهْ
يقول: هو أَقلف ليس بمختون إِلا ما نَقَصَ منه القَمَرُ، وشبه قلفته
بالزُّبانى، وقيل: معناه أَنه وُلد والقمر في العقرب فهو مشؤوم. والعرب
تقول: اسْتَرْعَيْتُ مالي القَمَرَ إِذا تركته هَمَلاً ليلاً بلا راع يحفظه،
واسْتَرْعَيْتُه الشمسَ إِذا أَهْمَلته نهاراً؛ قال طَرَفَةُ:
وكانَ لها جارانِ قابُوسُ منهما
وبِشْرٌ، ولم أَسْتَرْعِها الشمسَ والقَمر
أَي لم أُهْمِلْها؛ قال وأَراد البَعِيثُ هذا المعنى بقوله:
بحَبْلِ أَميرِ المؤمنين سَرَحْتُها،
وما غَرَّني منها الكواكبُ والقَمَرْ
وتَقَمَّرْته: أَتيته في القَمْراء. وتَقَمَّر الأَسدُ: خرج يطلب الصيدَ
في القَمْراء؛ ومنه قول عبد الله بن عَثْمةَ الضَّبِّيِّ:
أَبْلِغْ عُثَيْمَةَ أَنَّ راعي إِبْلِهِ
سَقَطَ العَشاءُ به على سِرْحانِ
سَقَطَ العَشاءُ به على مُتَقَمِّرٍ،
حامي الــذِّمارِ مُعاوِدِ الأَقْرانِ
قال ابن بري: هذا مثل لمن طلب خيراً فوقع في شر، قال: وأَصله أَن يكون
الرجل في مَفازةٍ فيعوي لتجيبه الكلابُ بنُباحِها فيعلم إِذا نَبَحَتْه
الكلابُ أَنه موضع الحَيِّ فيستضيفهم، فيسمع الأَسدُ أَو الذئب عُواءَه
فيقصد إِليه فيأْكله؛ قال: وقد قيل إِن سرحان ههنا اسم رجل كان مُغِيراً
فخرج بعضُ العرب بإِبله ليُعَشِّيَها فهَجَم عليه سِرْحانُ فاستاقها؛ قال:
فيجب على هذا أَن لا ينصرف سرحان للتعريف وزيادة الأَلف والنون،قال:
والمشهور هو القول الأَوّل. وقَمَروا الطيرَ: عَشَّوْها في الليل بالنار
ليَصِيدُوها، وهو منه؛ وقول الأَعشى:
تَقَمَّرَها شيخٌ عِشاءً فأَصْبَحَتْ
قُضاعِيَّةً، تأْتي الكواهِنَ ناشِصا
يقول: صادَها في القَمْراء، وقيل: معناه بَصُرَ بها في القَمْراء، وقيل:
اخْتَدَعها كما يُخْتَدَعُ الطير، وقيل: ابْتَنى عليها في ضوء القمر،
وقال أَبو عمرو: تَقَمَّرها أَتاها في القَمْراء، وقال الأَصمعي:
تَقَمَّرها طلب غِرَّتَها وخَدَعها، وأَصله تَقَمَّر الصَّيَّادُ الظِّباءَ
والطَّيْرَ بالليل إِذا صادها في ضوء القمر فَتَقْمَرُ أَبصارُها فتُصاد؛ وقال
أَبو زُبَيْدٍ يصف الأَسد:
وراحَ على آثارهم يَتَقَمَّرُ
أَي يتعاهد غِرَّتَهم، وكأَنَّ القِمارَ مأْخوذ من الخِدَاع؛ يقال:
قامَره بالخِدَاعِ فَقَمَرَهُ.قال ابن الأَعرابي في بيت الأَعشى: تَقَمَّرها
تزوّجها وذهب بها وكان قَلْبُها مع الأَعشى فأَصبحت وهي قضاعية، وقال
ثعلب: سأَلت ابن الأَعرابي عن معنى قوله تَقَمَّرها فقال: وقع عليها وهو
ساكت فظنته شيطاناً. وسحاب أَقْمَرُ: مَلآنُ؛ قال:
سَقى دارَها جَوْنُ الرَّبابةِ مُخْضِلٌ،
يَسُحُّ فَضِيضَ الماء مِن قَلَعٍ قُمْرِ
وقَمِرَتِ القِرْبةُ تَقْمَرُ قَمَراً إِذا دخل الماء بين الأَدَمَةِ
والبَشَرة فأَصابها فضاء وفساد؛ وقال ابن سيده: وهو شيء يصيب القربة من
القَمَرِ كالاحتراق. وقَمِرَ السقاءُ قَمَراً: بانت أَدَمَتُه من بَشَرَتِه.
وقَمِرَ قَمَراً: أَرِقَ في القَمَر فلم ينم. وقَمِرَتِ الإِبلُ: تأَخر
عَشاؤها أَو طال في القَمَر، والقَمَرُ: تَحَيُّرُ البصر من الثلج.
وقَمِرَ الرجلُ يَقْمَرُ قَمَراً: حار بصره في الثلج فلم يبصر. وقَمِرَتِ
الإِبلُ أَيضاً: رَوِيتْ من الماء. وقَمِرَ الكلأُ والماءُ وغيره: كثر. وماء
قَمِرٌ: كثير؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
في رأْسِه نَطَّافةٌ ذاتُ أُشَرْ،
كنَطَفانِ الشَّنِّ في الماءِ القَمِرْ
وأَقْمَرَتِ الإِبلُ: وقعت في كَلإٍ كثير. وأَقْمَر الثمرُ إِذا تأَخر
إِيناعه ولم يَنْضَجْ حتى يُدْرِكَه البَرْدُ فتذهب حلاوته وطعمه.
وقامَرَ الرجلَ مُقامَرَةً وقِماراً: راهنه، وهو التقامرُ. والقِمارُ:
المُقامَرَةُ. وتَقَامَرُوا: لعبوا القِمارَ. وقَمِيرُك: الذي يُقامِرُك؛
عن ابن جني، وجمعه أَقْمارٌ؛ عنه أَيضاً، وهو شاذ كنصير وأَنصارٍ، وقد
قَمَره يَقْمِرُه قَمْراً. وفي حديث أَبي هريرة: من قال تَعالَ أُقامِرْكَ
فلْيَتَصَدَّق بقَدْرِ ما أَراد أَن يجعله خَطَراً في القِمار. الجوهري:
قَمَرْتُ الرجل أَقْمِرُه، بالكسر، قَمْراً إِذا لاعبته فيه فغلبته،
وقامَرْتُه فَقَمَرْتُه أَقْمُرُه، بالضم، قَمْراً إِذا فاخرته فيه فغلبته.
وتَقَمَّر الرجلُ: غلب من يُقامِرُه. أَبو زيد: يقال في مَثَلٍ: وضَعْتُ
يدي بين إِحدى مَقْمُورَتَينِ أَي بين إِحدى شَرَّتَيْنِ.
والقَمْراء: طائر صغير من الدَّخاخِيلِ. التهذيب: القَمْراء دُخَّلَةٌ
من الدُّخَّلِ، والقُمْرِيُّ: طائر يُشْبه الحَمامَ القُمْرَ البيضَ. ابن
سيده: القُمْرِيَّة ضرب من الحمام. الجوهري: القُمْرِيُّ منسوب إِلى
طَيْرٍ قُمْرٍ، وقُمْرٌ إِما أَن يكون جمع أَقْمَرَ مثل أَحْمَرَ وحُمْرٍ،
وإِما أَن يكون جمع قُمْرِيٍّ مثل رُومِيٍّ ورُومٍ وزِنْجِيٍّ وزِنْجٍ؛ قال
أَبو عامر جَدُّ العباس بن مِرْداس:
لا نَسَبَ اليومَ ولا خُلَّةً،
إِتَّسَعَ الفَتْقُ على الراتِقِ
لا صُلْحَ بيني فاعْلَمُوه، ولا
بينكُمُ، ما حَمَلَتْ عاتقي
سَيْفي، وما كنا بنَجْدٍ، وما
قَرْقَرَ قُمْرُ الوادِ بالشاهقِ
قال ابن بري: سبب هذا الشعر أَن النعمان بن المنذر بعث جيشاً إِلى بني
سُليم لشيء كان وَجَدَ عليهم من أَجله، وكان مُقَدَّمَ الجيش عمرو بنُ
فَرْتَنا، فمرّ الجيش على غَطَفَانَ فاستجاشوهم على بني سُليم، فهزمت بنو
سُلَيم جيشَ النعمان وأَسَرُوا عمرو بن فَرْتَنا، فأَرسلت غَطَفان إِلى بني
سُلَيم وقالوا: ننشدكم بالرَّحِم التي بيننا إِلاَّ ما أَطلقتم عمرو بن
فرتنا، فقال أَبو عامر هذه الأَبيات أَي لا نسب بيننا وبينكم ولا خُلَّة
أَي ولا صداقة بعدما أَعنتم جيش النعمان ولم تُراعُوا حرمة النسب بيننا
وبينكم، وقد تَفاقَم الأَمرُ بيننا فلا يُرْجى صلاحُه فهو كالفَتْقِ
الواسع في الثوب يُتْعِبُ من يَرُومُ رَتْقَه، وقطع همزة اتسع ضرورة وحَسَّنَ
له ذلك كونه في أَول النصف الثاني لأَنه بمنزلة ما يبتدأُ به، ويروى
البيت الأَول: اتسع الحزف على الراقع؛ قل: فمن رواه على هذا فهو لأَنَسِ بن
العباس وليس لأَبي عامر جد العباس. قال: والأُنثى من القَمارِيِّ
قُمْرِيَّة، والذَّكَرُ ساقُ حُرٍّ، والجمع قَمارِي، غير مصروف،
وقُمْرٌ.وأَقْمَرَ البُسْرُ: لم يَنْضَجْ حتى أَدركه البرد فلم يكن له حلاوة.
وأَقْمَر التمر: ضربه البَرْدُ فذهبت حلاوته قبل أَن يَنْضَجَ. ونخلة
مِقْمارٌ: بيضاء البُسْر.
وبنو قَمَرٍ: بطنٌ من مَهْرَةَ بن حَيْدانَ. وبنو قُمَيْرٍ: بطنٌ منهم.
وقَمارِ: موضع، إِليه ينسب العُود القَمارِيّ. وعُود قَمارِيٌّ: منسوب
إِلى موضع ببلاد الهند. وقَمْرة عنز: موضع؛ قال الطرماح:
ونحن حَصَدْنا صَرْخَدٍ * بقُمْرةِ عَنْزٍ نَهْشَلاً أَيَّما حَصْدِ
(* كذا بياض بأصله.)
جذر: جَذَرَ الشيءَ يَجْذُرُه جَذْراً: قطعه واستأْصله. وجَذْرُ كل شيء:
أَصلُه. والجَذْرُ: أَصل اللسان وأَصلُ الذَّكَرِ وأَصل كل شيء. وقال
شمر: إِنه لَشَدِيدُ جَِذْرِ اللسان وشديد جَذْرِ الذكَر أَي أَصله؛ قال
الفرزدق:
رَأَتْ كَمَراً مثل الجَلامِيد أَفْتَحَتْ
أَحالِيلَها، حتى اسْمَأَدَّتْ جُذورُها
وفي حديث حذيفة بن اليمان: نزلت الأَمانَةُ في جَذْر قلوب الرجال أَي في
أَصلها؛ الجَذْرُ: الأَصلُ من كل شيء؛ وقال زهير يصف بقرة وحشية:
وسامِعتَيْنِ تَعْرِفُ العِتْقَ فيهما،
إِلى جَذْرِ مَدْلُوكِ الكُعُوبِ مُحَدَّدِ
يعني قرنها. وأَصلُ كل شيء: جَذْرُه، بالفتح؛ عن الأَصمعي، وجِذره،
بالكسر؛ عن أَبي عمرو. أَبو عمرو: الجذر، بالكسر، والأَصمعي بالفتح. وقال ابن
جَبَلَةَ: سأَلت ابن الأَعرابي عنه فقال: هو جَذْرٌ، قال: ولا أَقول
جِذْرٌ، قال: والجَذْر أَصل حِسابٍ ونَسَبٍ. والجَذْرُ: أَصلُ شجر ونحوه.
ابن سيده: وجَذِْرُ كل شيء أَصله، وجَذْرُ العُنُقِ: مَغْرِزُها؛ عن
الهجري؛ وأَنشد:
تَمُجُّ ذَفَارِيهنَّ ماءً كَأَنَّهُ
عَصِيمٌ، على جَذْرِ السَّوالِفِ، مُغْفُرُ
والجمع جُذُورٌ. والحسابُ الذي يقال له عَشَرَةٌ في عَشَرَة وكذا في كذا
تقول: ما جَذْرُه أَي ما يبلغ تمامه؟ فتقول: عَشَرَةٌ في عشرة مائةٌ،
وخمسة في خمسة خمسةٌ وعشرون، أَي فَجَذْرُ مائة عَشَرَةٌ وجَذْرُ خمسةٍ
وعشرين خمسةٌ. وعشرةٌ في حساب الضَّرْبِ: جَذْرُ مائة ابنُ جَنَبَةَ.
الجَذْرُ جَذْرُ الكلام وهو أَن يكون الرجل محكماً لا يستعين بأَحد ولا يردّ
عليه أَحد ولا يعاب فيقال: قاتَلَهُ اللهُ كيف يَجْذِرُ في المجادلة؟ وفي
حديث الزبير: احْبِس الماءَ حتى يبلغ الجَذْرَ؛ يريد مَبْلَغَ تمامِ
الشُّرْبِ من جَذْرِ الحساب وهو، بالفتح والكسر، أَصل كل شيء؛ وقيل: أَراد
أَصل الحائط، والمحفوظ بالدال المهملة، وقد تقدّم. وفي حديث عائشة:
سأَلتُهُ عن الجَذْرِ، قال: هو الشَّاذَرْوانُ الفارِغُ من البناء حولَ الكعبة.
والمُجَذَّرُ: القصير الغليظُ الشَّثْنُ الأَطرافِ، وزاد التهذيب: من
الرجال؛ قال:
إِنَّ الخِلافةَ لم تَزَلْ مَجْعُولَةً
أَبداً على جاذِي اليَدَيْنِ مُجَذَّرِ
وأَنشد أَبو عمرو:
البُحْتُر المُجَذَّر الزَّوَّال
يريد في مشيته، والأُنثى بالهاء، والجَيْذَرُ مثله؛ قال ابن بري: هذا
العجز أَنشده الجوهري وزعم أَن أَبا عمرو أَنشده، قال: والبيت كله مغير
والذي أَنشده أَبو عمرو لأَبي السَّوداءِ العِجْلِيِّ وهو:
البُهْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّاكِ
وقبله:
تَعَرَّضَتْ مُرَيْئَةُ الحَيَّاكِ
لِناشِئٍ دَمَكْمَكٍ نَيَّاكِ،
البُهْتُرِ المُجَدَّرِ الزَّوَّاكِ،
فأَرَّها بقاسِحٍ بَكَّاكِ،
فَأَوْزَكَتْ لِطَعْنِهِ الدَّرَّاكِ،
عِنْدَ الخِلاطِ، أَيَّما إِيزاكِ
وبَرَكَتْ لِشَبِقٍ بَرَّاكِ،
مِنها على الكَعْثَبِ والمَناكِ،
فَداكَها بِمُنْعِظٍ دَوَّاكِ،
يَدْلُكُها، في ذلك العِراكِ،
بالقَنْفَرِيشِ أَيَّما تَدْلاكِ
الحياك: الذي يحيك في مشيته فيقاربها. والبهتر: القصير. والمجدّر:
الغليظ، وكذلك الجادر. والدمكمك: الشديد. وأَرّها: نكحها. والقاسح: الصلب.
والبكاك: من البَكِّ، وهو الزَّحْمُ. وداكها: من الدِّوْك، وهو السَّحْقُ.
يقال: دُكْتُ الطِّيبَ بالفِهْرِ على المَدَاكِ. والقنفريش: الأَير
الغليظ، ويقال: القنفرش أَيضاً، بغير ياء؛ قال الراجز:
قد قَرَنُوني بِعَجُوزٍ جَحْمَرِشْ،
تُحِبُّ أَنْ يُغْمَزَ فيها القَنْفَرِشْ
وناقة مُجَذَّرَةٌ: قصيرة شديدة. أَبو زيد: جَذَرْتُ الشيء جَذْراً
وأَجْذَرْتُه استأْصلته. الأَصمعي: جذرت الشيء أَجْذُرُه قطعته. وقال أَبو
أُسَيْدٍ: الجَذْرُ الانقطاع أَيضاً من الحَبْلِ والصاحب والرُّفْقَة من كل
شيء؛ وأَنشد:
يا طِيبَ حالٍ قضاه الله دُونَكُمُ،
واسْتَحْصَدَ الحَبْلُ منك اليومَ فانَجذَرا
أَي انقطع. والجُؤْذُرُ والجُوذَرُ: ولد البقرة، وفي الصحاح: البقرة
الوحشية، والجمع جآذِرُ. وبقرة مُجْذِرٌ: ذات جُؤْذَر؛ قال ابن سيده: ولذلك
حكمنا بزيادة همزة جُؤْذُر ولأَنها قد تزاد ثانية كثيراً. وحكى ابن جني
جُؤْذُراً وجُؤْذَراً في هذا المعنى، وكَسَّرَه على جَواذِرَ. قال: فإِن
كان ذلك فَجُؤْذُر فُؤْعُلٌ وجُؤْذَرٌ فُؤْعَلٌ. ويكون جُوذُرٌ وجُوذَرٌ
مخففاً من ذلك تخفيفاً بدلياً أَو لغة فيه. وحكى ابن جني أَن جَوْذَراً
على مثال كَوْثَرٍ لغة في جُوذَرٍ، وهذا مما يشهد له أَيضاً بالزيادة لأَن
الواو ثانِيةً لا تكون أَصلاً في بنات الأَربعة. والجَيْذَرُ: لغة في
الجَوْذَرِ. قال ابن سيده: وعندي أَن الجَيْذَرَ والجَوْذَر عربيان،
والجُؤْذُر والجُؤْذَر فارسيان.
مجد: المَجْدُ: المُرُوءةُ والسخاءُ. والمَجْدُ: الكرمُ والشرفُ. ابن
سيده: المجد نَيْل الشرف، وقيل: لا يكون إِلا بالآباءِ، وقيل: المَجْدُ
كَرَمُ الآباء خاصة، وقيل: المَجْدُ الأَخذ من الشرف والسُّؤدَد ما يكفي؛
وقد مَجَدَ يَمْجُدُ مَجْداً، فهو ماجد. ومَجُد، بالضم، مَجادةً، فهو مجيد،
وتَمَجَّد. والمجدُ: كَرَمُ فِعاله.
وأَمجَدَه ومَجَّده كلاهما: عظَّمَه وأَثنى عليه.
وتماجَدَ القومُ فيما بينهم: ذكَروا مَجْدَهم.
وماجَدَه مِجاداً: عارَضه بالمجد. وماجَدْتُه فمَجَدتُه أَمْجُدُه أَي
غَلَبْتُه بالمجد. قال ابن السكيت: الشرفُ والمجدُ يكونان بالآباء. يقال:
رجل شريف ماجدٌ، له آباءٌ متقدّمون في الشرف؛ قال: والحسب والكرم يكونان
في الرجل وإِن لم يكن له آباء لهم شرف.
والتمجيدُ: أَن يُنْسب الرجل إِلى المجد.
ورجل ماجد: مِفضالٌ كثير الخير شريف، والمجيدُ، فعيل، منه للمبالغة؛
وقيل: هو الكريم المفضال، وقيل: إِذا قارَن شَرَفُ الذاتِ حُسْنَ الفِعال
سمي مَجْداً، وفعِيلٌ أَبلغ من فاعِل فكأَنه يَجْمع معنى الجليل والوهَّابِ
والكريم. والمجيدُ: من صفاتِ الله عز وجل. وفي التنزيل العزيز: ذو العرش
المجيدُ. وفي اسماء الله تعالى: الماجدُ. والمَجْد في كلام العرب: الشرف
الواسع. التهذيب: الله تعالى هو المجِيدُ تَمَجَّد بِفعاله ومَجَّده
خلقه لعظمته. وقوله تعالى: ذو العرش المجيدِ؛ قال الفراء: خفضه يَحيى
وأَصحابه كما قال: بل هو قرآنٌ مجيدٌ، فوصف القرآن بالمَجادة. وقيل يقرأُ: بل
هو قرآنُ مجيدٍ، والقراءة قرآنٌ مجيدٌ. ومن قرأَ: قرآنُ مجيدٍ، فالمعنى بل
هو قرآنُ ربٍّ مجيدٍ. ابن الأَعرابي: قرآنٌ مجيدٌ، المجيدُ الرفيع. قال
أَبو اسحق: معنى المجيد الكريم، فمن خفض المجيد فمن صفة العرش، ومن رفع
فمن صفة ذو. وقوله تعالى: ق والقرآن المجيد؛ يريد بالمجيد الرفيعَ العالي.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ناوِلِيني المجيدَ أَي المُصْحَف؛ هو من
قوله تعالى: بل هو قرآنٌ مجيدٌ.
وفي حديث قراءة الفاتحة: مَجَّدَني عَبْدي أَي شرَّفني وعَظَّمني.
وكان سعد بن عبادة يقول: اللهمَّ هَبْ لي حَمْداً ومَجْداً، لا مَجْد
إِلا بِفعال ولا فِعال إِلا بمال؛ اللهم لا يُصْلِحُني ولا أَصْلُحُ إِلا
عليه
(* قوله «اللهم لا يصلحني ولا أصلح إلخ» كذا بالأصل).
ابن شميل: الماجدُ الحَسَن الخُلُق السَّمْحُ. ورجل ماجد ومجيد إِذا كان
كريماً مِعْطاءً. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أَمَّا نحن بنو هاشم
فأَنجادٌ أَمْجادٌ أَي شِراف كِرام، جمع مجِيد أَو ماجد كأَشهاد في شَهيد
أَو شاهد.
ومَجَدَتِ الإِبل تَمْجُدُ مُجُوداً، وهي مواجِدُ ومُجَّد ومُجُدٌ،
وأَمْجَدَتْ: نالت من الكلإِ قريباً من الشبع وعرف ذلك في أَجسامها،
ومَجَّدْتُها أَنا تمجيداً وأَمجَدَها راعيها وقد أَمجَدَ القومُ إِبلهم، وذلك في
أَول الربيع. وأَما أَبو زيد فقال: أَمجَدَ الإِبلَ مَلأَ بطونها علفاً
وأَشبعها، ولا فعل لها هي في ذلك، فإِن أَرعاها في أَرض مُكْلِئَةٍ فرعت
وشبِعت. قال: مَجَدَتْ تَمْجُدُ مَجْداً ومُجوداً ولا فعل لك في هذا،
وأَما أَبو عبيد فروى عن أَبي عبيدة أَن أَهل العالية يقولون مَجَد الناقةَ
مخففاً إِذا علفها مِلءَ بطونها، وأَهل نجد يقولون مَجَّدها تمجيداً،
مشدَّداً، إِذا علفها نصف بطونها. ابن الأَعرابي: مَجَدَتِ الإِبل إِذا وقعت
في مَرْعًى كثير واسع؛ وأَمجَدَها الراعي وأَمجَدْتُها أَنا. وقال ابن
شميل: إِذا شبعت الغنم مَجُدَت الإِبل تَمجُد، والمجد نَحْوٌ من نصف
الشبع؛ وقال أَبو حية يصف امرأَة:
ولَيْسَت بماجِدةٍ للطعامِ ولا الشراب
أَي ليست بكثيرة الطعام ولا الشراب. الأَصمعي: أَمجَدْتُ الدابةَ علَفاً
أَكثرت لها ذلك. ويقال: أَمجَدَ فلان عطاءَه ومَجَّده إِذا كثَّره؛ وقال
عديّ:
فاشتراني واصطفاني نعْمةً،
مَجَّدَ الهِنْءَ وأَعطاني الثَّمَنْ
وفي المثل: في كل شَجَر نار، واسْتَمْجَدَ المَرْخُ والعَفار؛
اسْتَمْجَدَ استفضل أَي اسْتَكْثَرا من النار كأَنهما أَخذا من النار ما هو حسبهما
فصلحا للاقتداح بهما، ويقال: لأَنهما يُسْرعانِ الوَرْيَ فشبها بمن
يُكْثِر من العطاء طلباً للمجد. ويقال: أَمجَدَنا فلان قِرًى إِذا آتَى ما
كَفَى وفضل.
ومَجْدٌ ومُجَيْدٌ وماجِدٌ: أَسماء. ومَجْد بنت تميم بن عامرِ بنِ
لُؤَيٍّ: هي أُم كلاب وكعب وعامر وكُلَيْب بني ربيعة بن عامر بن صعصعة؛ وذكرها
لبيد فقال يفتخر بها:
سَقَى قَوْمي بَني مَجْدٍ، وأَسْقى
نُمَيْراً، والقبائلَ من هِلالِ
وبَنو مَجْد: بنو ربيعة بن عامر بن صعصعة، ومجد: اسم أُمهم هذه التي فخر
بها لبيد في شعره.
نهر: النَّهْرُ والنَّهَرُ: واحد الأَنْهارِ، وفي المحكم: النَّهْرُ
والنَّهَر من مجاري المياه، والجمع أَنْهارٌ ونُهُرٌ ونُهُورٌ؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
سُقِيتُنَّ، ما زالَتْ بكِرْمانَ نَخْلَةٌ،
عَوامِرَ تَجْري بينَكُنَّ نُهُورُ
هكذا أَنشده ما زالت، قال: وأُراهُ ما دامت، وقد يتوجه ما زالت على معنى
ما ظهرت وارتفعت؛ قال النابغة:
كأَنَّ رَحْلي، وقد زالَ النَّهارُ بنا
يوم الجَلِيلِ، على مُسْتأْنِسٍ وَحِدِ
وفي لحديث: نَهْرانِ مؤمنان ونَهْرانِ كافران، فالمؤمنان النيل والفرات،
والكافران دجلة ونهر بَلْخٍ. ونَهَرَ الماءُ إِذا جرى في الأَرض وجعل
لنفسه نَهَراً. ونَهَرْتُ النَّهْرَ: حَفَرْتُه. ونَهَرَ النَّهْرَ
يَنْهَرُهُ نَهْراً: أَجراه. واسْتَنْهَرَ النَّهْرَ إِذا أَخذ لِمَجْراهُ
موضعاً مكيناً. والمَنْهَرُ: موضع في النَّهْزِ يَحْتَفِرُه الماءُ، وفي
التهذيب: موضع النَّهْرِ. والمَنْهَرُ: خَرْق في الحِصْنِ نافذٌ يجري منه
الماء، وهو في حديث عبد الله بن أَنس: فأَتَوْا مَنْهَراً فاختَبَؤوا. وحفر
البئر حتى نَهِرَ يَنْهَرُ أَي بلغ الماء، مشتق من النَّهْرِ. التهذيب:
حفرت البئر حتى نَهِرْتُ فأَنا أَنْهَرُ أَي بلغتُ الماء. ونَهَر الماءُ
إِذا جَرى في الأَرض وجعل لنفسه نَهْراً. وكل كثير جرى، فقد نَهَرَ
واسْتَنْهَر. الأَزهري: والعرب تُسَمِّي العَوَّاءَ والسِّماكَ أَنْهَرَيْنِ
لكثرة مائهما. والنَّاهُور: السحاب؛ وأَنشد:
أَو شُقَّة خَرَجَتْ من جَوْفِ ناهُورِ
ونَهْرُ واسع: نَهِرٌ؛ قال أَبو ذؤيب:
أَقامت به، فابْتَنَتْ خَيْمَةً
على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهِرْ
والقصب: مجاري الماء من العيون، ورواه الأَصمعي: وفُراتٍ نَهَرْ، على
البدل، ومَثَّلَه لأَصحابه فقال: هو كقولك مررت بظَرِيفٍ رجلٍ، وكذلك ما
حكاه ابن الأَعرابي من أَن سايَةَ وادٍ عظِيمٌ فيه أَكثر من سبعين عيناً
نَهْراً تجري، إِنما النهر بدل من العين. وأَنْهَرَ الطَّعْنَةَ: وسَّعها؛
قال قيس بن الخطيم يصف طعنة:
مَلَكْتُ بها كَفِّي فأَنْهَرْتُ فَتْقَها،
يَرى قائمٌ من دونها ما وراءَها
ملكت أَي شددت وقوّيت. ويقال: طعنه طعنة أَنْهَرَ فَتْقَها أَي وسَّعه؛
وأَنشد أَبو عبيد قول أَبي ذؤيب. وأَنْهَرْتُ الدمَ أَي أَسلته. وفي
الحديث: أَنْهِرُوا الدمَ بما شئتم إِلا الظُّفُرَ والسِّنَّ. وفي حديث آخر:
ما أَنْهَرَ الدمَ فَكُلْ؛ الإِنهار الإِسالة والصب بكثرة، شبه خروج الدم
من موضع الذبح يجري الماء في النهر، وإِنما نهى عن السن والظفر لأَن من
تعرّض للذبح بهما خَنَقَ المذبوحَ ولم يَقْطَعْ حَلْقَه.
والمَنْهَرُ: خرق في الحِصْنِ نافذٌ يدخل فيه الماء، وهو مَفْعَلٌ من
النَّهر، والميم زائدة. وفي حديث عبد الله بن سهل: أَنه قتل وطرح في
مَنْهَرٍ من مناهير خيبر. وأَما قوله عز وجل: إِن المتقين في جنات ونَهَرٍ، فقد
يجوز أَن يعني به السَّعَةَ والضِّياءَ وأَن يعني به النهر الذي هو مجرى
الماء على وضع الواحد موضع الجميع؛ قال:
لا تُنْكِرُوا القَتْلَ، وقد سُبِينا،
في حَلْقِكُمْ عَظْمٌ وقد شُجِينا
وقيل في قوله: جنات ونهر؛ أَي في ضياء وسعة لأَن الجنة ليس فيها ليل
إِنما هو نور يتلألأُ، وقيل: نهر أَي أَنهار. وقال أَحمد بن يحيى: نَهَرٌ
جمع نُهُرٍ، وهو جمع الجمع للنَّهار. ويقال: هو واحد نَهْرٍ كما يقال
شَعَرٌ وشَعْرٌ، ونصب الهاء أَفصح. وقال الفرّاء: في جنات ونَهَرٍ، معناه
أَنهار .
كقوله عز وجل: ويولُّون الدُّبُرَ، أَي الأَدْبارَ، وقال أَبو إِسحق
نحوه وقال: الاسم الواحد يدل على الجميع فيجتزأُ به عن الجميع ويعبر بالواحد
عن الجمع، كما قال تعالى: ويولُّون الدبر. وماء نَهِرٌ: كثير. وناقة
نَهِرَة: كثيرة النَّهر؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
حَنْدَلِسٌ غَلْباءُ مِصْباح البُكَرْ،
نَهِيرَةُ الأَخْلافِ في غيرِ فَخَرْ
حَنْدَلِسٌ: ضخمة عظيمة. والفخر: أَن يعظم الضرع فيقل اللبن. وأَنْهَرَ
العِرْقُ: لم يَرْقَأْ دَمُه. وأَنْهَرَ الدمَ: أَظهره وأَساله.
وأَنْهَرَ دَمَه أَي أَسال دمه. ويقال: أَنْهَرَ بطنُه إِذا جاء بطنُه مثلَ مجيء
النَّهَرِ. وقال أَبو الجَرَّاحِ: أَنْهَرَ بطنُه واسْتَطْلَقَتْ
عُقَدُه. ويقال: أَنْهَرْتُ دَمَه وأَمَرْتُ دَمَه وهَرَقْتُ دَمَه.
والمَنْهَرَةُ: فضاء يكون بين بيوت القوم وأَفْنيتهم يطرحون فيه كُناساتِهم.
وحَفَرُوا بئراً فأَنْهَرُوا: لم يصيبوا خيراً؛ عن اللحياني.
والنَّهار: ضِياءُ ما بين طلوع الفجر إِلى غروب الشمس، وقيل: من طلوع
الشمس إِلى غروبها، وقال بعضهم: النهار انتشار ضوء البصر واجتماعه، والجمع
أَنْهُرٌ؛ عن ابن الأَعرابي، ونُهُرٌ عن غيره. الجوهري: النهار ضد الليل،
ولا يجمع كما لا يجمع العذاب والسَّرابُ، فإِن جمعت قلت في قليلة:
أَنْهُر، وفي الكثير: نُهُرٌ، مثل سحاب وسُحُب. وأَنْهَرْنا: من النهار؛
وأَنشد ابن سيده:
لولا الثَّرِيدَانِ لَمُتْنا بالضُّمُرْ:
ثَرِيدُ لَيْلٍ وثَرِيدُ بالنُّهُرْ
قال ابن بري: ولا يجمع، وقال في أَثناء الترجمة: النُّهُر جمع نَهار
ههنا. وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم قال: النهار اسم وهو ضد الليل، والنهار
اسم لكل يوم، والليل اسم لكل ليلة، لا يقال نهار ونهاران ولا ليل وليلان،
إِنما واحد النهار يوم، وتثنيته يومان، وضد اليوم ليلة، ثم جمعوه
نُهُراً؛ وأَنشد:
ثريد ليل وثريد بالنُّهُر
ورجل نَهِرٌ: صاحب نهار على النسب، كما قالوا عَمِلٌ وطَعِمٌ وسَتِهٌ؛
قال:
لَسْتُ بلَيْلِيٍّ ولكني نَهِرْ
قال سيبويه: قوله بليليٍّ يدل أَن نَهِراً على النسب حتى كأَنه قال
نَهاريٌّ. ورجل نَهِرٌ أَي صاحب نَهارٍ يُغِيرُ فيه؛ قال الأَزهري وسمعت
العرب تنشد:
إِن تَكُ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ،
متى أَتى الصُّبْحُ فلا أَنْتَظِرُ
(* قوله« متى أتى» في نسخ من الصحاح متى أرى.)
قال: ومعنى نَهِر أَي صاحب نهار لست بصاحب ليل؛ وهذا الرجز أَورده
الجوهري:
إِن كنتَ لَيْلِيّاً فإِني نَهِرُ
قال ابن بري: البيت مغير، قال: وصوابه على ما أَنشده سيبويه:
لستُ بلَيْلِيٍّ ولكني نَهِرْ،
لا أُدْلِجُ الليلَ، ولكن أَبْتَكِرْ
وجعل نَهِر في نقابلة لَيْلِيٍّ كأَنه قال: لست بليليّ ولكني نهاريّ.
وقالوا: نهارٌ أَنْهَرُ كَلَيْلٍ أَلْيَل ونَهارٌ نَهِرٌ كذلك؛ كلاهما على
المبالغة. واسْتَنْهَرَ الشيءُ أَي اتسع. والنَّهار: فَرْخُ القَطا
والغَطاط، والجمع أَنْهِرَةٌ، وقيل: النَّهار ذكر البُوم، وقيل: هو ولد
الكَرَوانِ، وقيل: هو ذكر الحُبَارَى، والأُنثى لَيْلٌ. الجوهري: والنهار فرخ
الحبارى؛ ذكره الأَصمعي في كتاب الفرق. والليل: فرخ الكروان؛ حكاه ابن
بري عن يونس بن حبيب؛ قال: وحكى التَّوْزِيُّ عن أَبي عبيدة أَن جعفر بن
سليمان قدم من عند المهدي فبعث إِلى يونس بن حبيب فقال إِني وأَمير
المؤْمنين اختلفنا في بيت الفرزدق وهو:
والشَّيْبُ يَنْهَضُ في السَّوادِ كأَنه
ليلٌ، يَصِيح بجانِبيهِ نَهارُ
ما الليل والنهار؟ فقال له: الليل هو الليل المعروف، وكذلك النهار، فقال
جعفر: زعم المهدي أَنَّ الليل فرخ الكَرَوان والنهار فرخُ الحُبارَى،
قال أَبو عبيدة: القول عندي ما قال يونس، وأَما الذي ذكره المهدي فهو معروف
في الغريب ولكن ليس هذا موضعه. قال ابن بري: قد ذكر أَهل المعاني أَن
المعنى على ما قاله يونس، وإِن كان لم يفسره تفسيراً شافياً، وإِنه لما
قال: ليل يصيح بجانبيه نهار، فاستعار للنهار الصياح لأَن النهار لما كان
آخذاً في الإِقبال والإِقدام والليل آخذ في الإِدبار، صار النهار كأَنه
هازم، والليل مهزوم، ومن عادة الهازم أَنه يصيح على المهزوم؛ أَلا ترى إِلى
قول الشَّمَّاخ:
ولاقَتْ بأَرْجاءِ البَسِيطَةِ ساطعاً
من الصُّبح، لمَّا صاح بالليل نَفَّرَا
فقال: صاح بالليل حتى نَفَر وانهزم؛ قال: وقد استعمل هذا المعنى ابن
هانئ في قوله:
خَلِيلَيَّ، هُبَّا فانْصُراها على الدُّجَى
كتائبَ، حتى يَهْزِمَ الليلَ هازِمُ
وحتى تَرَى الجَوْزاءَ نَنثُر عِقْدَها،
وتَسْقُطَ من كَفِّ الثُّريَّا الخَواتمُ
والنَّهْر: من الانتهار. ونَهَرَ الرجلَ يَنْهَرُه نَهْراً وانْتَهَرَه:
زَجَرَه. وفي التهذيب: نَهَرْتَه وانْتَهرْتُه إِذا استقبلته بكلام
تزجره عن خبر. قال: والنَّهْرُ الدَّغْر وهي الخُلْسَةُ.
ونَهار: اسم رجل. ونهار بن تَوْسِعَةَ: اسم شاعر من تميم.
والنَّهْرَوانُ: موضع، وفي الصحاح: نَهْرَوانُ، بفتح النون والراء، بلدة، والله
أَعلم.
نسف: نسَفَت الريحُ الشيء تَنْسِفه نَسْفاً وانتَسَفَته: سلبَتْه،
وأَنْسَفتِ الريحُ إنسافاً وأَسافَت الترابَ والحصى. والنَّسْف: نَقْر الطائر
بمِنْقاره، وقد انتسَف الطائر الشيء عن وجه الأَرض بمِخْلَبه ونسفه.
والنُّسَّافُ والنَّسَّاف؛ الأَول عن سيبويه والأَخير عن كراع: طائر له
مِنْقار كبير.
ونسَفَ البعيرُ الكلأ يَنْسِفه، بالكسر، إذا اقتلعه بأَصله. وانتسَفْتُ
الشيء: اقْتَلَعْته؛ قال أَبو النجم:
وانتسَفَ الجالِبَ من أَنْدابه
إغباطُنا المَيْسَ على أَصْلابه
والنَّسْف: انتِسافُ الريحِ الشيءَ كأَنَها تَسْلُبه. ونَسَفَتِ
الراعيةُ الكلأَ تَنسِفه نسْفاً: أَخذته بأَفواهها وأَحْناكها. وبعير نَسُوف:
يأَكل بمُقدَّم فيه. الجوهري: بعير نَسُوف يَقْتَلِع الكلأ من أَصله
بمقدَّم فيه، وناقة نَسوف كذلك، وهي المَناسِيف كأَنها جمع مِنْساف وهي من باب
مَلامِحَ ومَذاكير. وفرس نَسُوف: يستَغْرِق الحِزام لإجْفار جنبيه. وفرس
نسُوف السُّنْبُكِ إذا أَدناه من الأَرض في عَدْوِه. ويقال للفرس: إنه
لنَسُوف السنبك من الأَرض، وذلك إذا أَدنى طرَف الحافر من الأَرض في عدْوه،
وكذلك إذا أَدنى الفرسُ مِرْفقيه من الحزام، وذلك إنما يكون لتقارب
مِرفقيه، وهو محمود؛ قال الجعدي:
في مِرْفَقَيْه تَقارُبٌ، وله
بِرْكةُ زَوْرٍ كجَبْأَةِ الخَزَم
قال ابن بري: الجَبْأَةُ خشَبةُ الحَذّاء، شبَّه بها صدر فرسه في
استِدارتها. وقيل: النَّسُوف من الخيل الواسع الخطو. ونسَفه بسُنبكه أَو ظِلْفه
يَنْسِفُه وأَنسَفه: نحّاه؛ وأَنشد ثعلب:
قِياماً عَجِلْنَ عليه النَّبا
تَ، يَنْسِفْنَه بالظُّلوفِ انْتِسافا
عجلن عليه: على هذا الموضع؛ ينْسِفْنه: يَنْسِفْن هذا النبات، يقْلَعْنه
بأَرجلهن قبل أَن يبلُغ. والنَّسْفُ: القَلْع. ونسَف نَسْفاً: خَطا.
وناقة نَسُوف: تنْسف التراب في عدْوها. وانتسَف البِناءَ: استأْصله. أَبو
زيد: نسَفْت البناء نسْفاً إذا قلَعْته، والذي يُنْسَف به البناء يسمى
مِنْسَفة، والمِنْسفة آلة يقلع بها البناء. ونسَف البعيرُ الكلأَ نَسْفاً إذا
اقتلعه بمقدَّم فيه. ونسَف البعير برجله إذا ضرب رجله بمقدَّم . . . . .
(* كذا بياض بالأصل.) وكذلك الإنسان. ويقال: بيننا عَقَبة نَسُوف وعقَبة
ناشطة أَي طويلة شاقة. اللحياني: انْتُسِفَ لونُه وانتُشِفَ لونه
والتُمع لونه بمعنى واحد؛ قال بشر بن أَبي خازم يصف فرساً في حُضْرها:
نَسُوفٌ للحِزام بمِرْفَقَيْها،
يَسُدُّ خَواءَ طُبْيَيْها الغُبارُ
يقول: إذا استَفْرغَت جَرْياً نسَفَت حِزامها بمِرْفَقَيْ يديها، وإذا
ملأَت فُروجها عدْواً سد الغُبار ما بين طُبْيَيْها، وهو خَواؤه. ونسَف
البعيرَ حِمْلُه نسْفاً إذا مرَط حِملُه الوبر عن صفحتي جنبيه. ونسَف
الشيء، وهو نَسِيف: غَرْبله. والنُّسافة: ما سقط من الشيء يَنْسِفه، وخص
اللحياني به نُسافة السَّويق. والنسْف: تَنْقِية الجيّد من الرَّديء، ويقال
لمُنْخُل مُطوَّل المِنْسف. ونسَف الطعام يَنْسِفه نَسْفاً إذا نفَضه.
ويقال: اعْزِل النُّسافة وكلْ من الخالص. ونَسْفُ الطعامِ: نَفْضُه.
والمِنْسف: هَنٌ طويل أَعلاه مرتفع وهو مُتَصَوِّب الصدر يكون عند القاشر، ومنه
يقال: أَتانا فلانٌ كأَنّ لحيته مِنْسف؛ قال الجوهري: حكاها أَبو نصر أحمد
بن حاتم. والمِنْسفة: الغِرْبال. وكلام نَسِيف: خفيّ، هُذلية؛ قال أَبو
ذؤيب:
فأَلْغَى القومَ قد شَرِبُوا فضَمُّوا،
أَمامَ القوم، مَنْطِقُهم نَسِيفُ
قال الأَصمعي: أَي ينتسِفُون الكلام انتِسافاً لا يُتِمُّونه من
الفَرَق، يَهْمِسون به رويداً من الفرق فهو خفي لئلا يُنْذَر بهم ولأَنهم في
أَرض عدوّ، وقوله فضمّوا أَي اجتمعوا وضمّوا إليهم دوابهم ورحالهم.ويقال:
هما يَتناسَفان. قال ابن بري في قوله فضَمّوا أَي كفُّوا عن الكلام، وقيل:
اجتمعوا أَمام قوم آخرين. وانتَسَفوا الكلام بينهم: أَخْفَوه وقلَّلُوه.
ومِنْسفُ الحِمار: فَمُه. نسَف الأَتان بفِيه ينْسِفُها نَسْفاً
ومَنْسَفاً ومَنْسِفاً: عضَّها فترك فيها أَثراً؛ الأَخيرة كمَرْجِع من قوله
تعالى: إلى اللّه مَرْجِعكم. وترك فيها نَسِيفاً أَي أَثراً من عَضِّه، أَو
انْحِصاصَ وبَرٍ؛ قال المُمَزَّق:
وقد تَخِذَتْ رِجْلي، لَدي جَنْبِ غَرْزِها،
نَسِيفاً كأُفْحوصِ القَطاةِ المُطَرِّق
والنسيفُ: أَثر كَدْم الحِمار وأَثر رَكْض الرِّجل بجنبي البعير إذا
انحصّ عنه الوبر. ويقال للحمار: به نَسيفٌ، وذلك إذا أَخذ الفحل منه لحماً
أَو شعراً فبقي أَثره. ويقال: اتخذ فلان في جنب ناقته نَسيفاً إذا انجرد
وبَر مَرْكَضَيْه برجليه، وأَنشد بيت الممزَّق أَيضاً. ويقال لفم الحمار:
مِنْسَف، وقيل: مَنْسِف. ونسَف الحِملُ ظهرَ البعير نَسْفاً وانتسفه:
حَصَّ ما عليه من الوبر. وما في ظهره مَنْسَف: كقولك ما في ظهره
مَضْرَب.والنَّسْفة: حِجارة يُنْسَف بها الوَسَخ؛ قال ابن سيده: حكاها صاحب
العين، قال: والمعروف بالشين. التهذيب: وضرب من الطير يُشبه الخُطَّاف
يَنْتَسِف ويسمى النُّسَّاف، وبالسين.
النِّسْفة: من حجارة الحَرَّة، تكون نَخِرة ذات نَخاريب يُنسف بها
الوسَخُ عن الأَقدام في الحمّامات. وانْتُسِفَ لونُه: انْتُقِع، وسيذكر في
الشين.
ونسَفَ البعيرُ برجله نَسْفاً: ضرب بها قُدُماً. ونسَف الإناءُ
يَنْسِفُ: فاض. والنسْفُ الطعْن مثل النزْع. ونسَفٌ: كُورة.
ابن الأَعرابي: يقال للرجل إنه لكثير النَّسيف، وهو السِّرارُ. يقال:
أَطال نَسيفه أَي سِراره، واللّه أَعلم.
نصف: النِّصْفُ: أَحد شقَّي الشيء. ابن سيده: النِّصْفُ والنُّصف،
بالضم، والنَّصِيفُ والنَّصْفُ؛ الأَخيرة عن ابن جني: أَحد جزأَي الكمال،
وقرأَ زيد بن ثابت: فلها النُّصْف. وفي الحديث: الصبر نِصْف الإيمان؛ قال ابن
الأَثير: أَراد بالصبر الوَرَع لأَن العبادة قِسمان: نُسُك وورَعٌ،
فالنُّسُك ما أَمَرَتْ به الشريعة، والورَعُ ما نَهَت عنه، وإنما يُنْتَهى
عنه بالصبر فكان الصبرُ نِصفَ الإيمانِ، والجمع أَنْصاف. ونصَفَ الشيءَ
يَنْصُفُه نَصْفاً وانتَصَفه وتَنَصَّفَه ونَصَّفه: أَخذ نِصْفَه.
والمُنَصَّفُ من الشراب: الذي يُطبَخ حتى يذهب نِصْفُه. ونصَفَ القَدَحَ يَنْصفُه
نَصْفاً: شرب نِصْفَه. ونصفَ الشيءُ الشيءَ ينصُفُه: بلغ نِصْفَه. ونصَف
النهارُ يَنْصُف وينصِف وانْتَصَف وأَنْصَف: بلغ نِصْفه، وقيل: كلُّ ما
بَلغ نِصْفه في ذاته فقد أَنصَف؛ وكلُّ ما بلغ نصفه في غيره فقد نصَف؛
وقال المسيب بن علس يصف غائصاً في البحر على دُرَّة:
نَصَفَ النهارُ، الماءُ غامِرُه،
ورَفِيقُه بالغَيْبِ لا يدري
أَراد انتصَف النهارُ والماءُ غامره فانتَصَفَ النهارُ ولم يخرج من
الماء، فحذف واو الحال، ونصَفْت الشيء إذا بلغت نِصْفه؛ تقول: نَصَفْت القرآن
أَي بلغت النصف؛ ونصَفَ عُمُرَه ونصَف الشيبُ رأْسَه. ويقال: قد نصَف
الإزارُ ساقَه يَنْصُفها إذا بلغ نِصفها؛ وأَنشد لأَبي جُنْدَب الهذلي:
وكنتُ، إذا جارِي دَعا لِمَضُوفةٍ،
أُشَمِّر حتى يَنْصُف الساقَ مِئْزَرِي
وقال ابنُ مَيَّادةَ يمدح رجلاً:
ترَى سَيْفَه لا يَنْصُفُ السَّاقَ نَعْلُه،
أَجَلْ لا، وإن كانت طِوالاً مَحامِلُهْ
اليزيديّ: ونصف الماءُ البئر والحُبَّ والكُوزَ وهو يَنصُفه نَصفاً
ونُصوفاً، وقد أَنصَف الماءُ الحبّ إنْصافاً؛ وكذلك الكوز إذا بلغ نصفه، فإن
كنت أَنت فعَلْت به قلت: أَنصَفْتُ الماءَ الحُبَّ والكوز إنصافاً،
وتقول: أَنصَف الشيبُ رأْسه ونصَّف تَنْصيفاً، وإذا بلغت نصْف السّنّ قلت: قد
أَنصَفْته ونصَّفْته إنصافاً وتنصيفاً وأَنصفْته من نفسي.
وإناء نَصْفان، بالفتح: بلغ الكيلُ أَو الماء نِصْفَه، وجُمْجُمةٌ
نَصْفَى، ولا يقال ذلك في غير النِّصْف من الأَجزاء أَْعني أنه، لا يقال
ثَلْثان ولا رَبْعان ولا غير ذلك من الصفات التي تقتضي هه الأجزاء، وهذا مرويّ
عن ابن الأَعرابي. ونصَّف البُسْرُ: رطَّب نصفُه؛ هذه عن أَبي حنيفة.
ومَنْصَفُ القَوْسِ والوتَر: موضع النِّصف منهما. ومَنْصَف الشيء:
وسَطُه. والمَنْصَف من الطريق ومن النهار ومن كل شيء: وسطه. والمَنْصَف: نصف
الطريق. وفي الحديث: حتى إذا كان بالمَنصف أَي الموضع الوسَط بين
الموضعين. ومُنْتَصفُ الليل والنهار: وسَطُه. وانتصف النهارُ ونصَفَ، فهو
يَنْصُف. ويقال: أَنصَف النهار أَيضاً أَي انتصف، وكذلك نصَّف؛ قال
الفرزدق:وإنْ نَبَّهَتْهُنَّ الولائدُ بعدما
تصعَّد يومُ الصَّيْف، أَو كاد يَنْصُف
وقال العجاج:
حتى إذا الليلُ التَّمامُ نصَّفا
وكل شيء بلَغ نصف غيره فقد نصَفَه؛ وكل شيء بلغ نِصْف نفْسِه فقد
أَنصَف. ابن السكيت: نصَف النهارُ إذا انتصف؛ وأَنصفَ النهارُ إذا
انتصف.ونصَّفْت الشيء؛ إذا أَخذت نِصفه. وتَنْصِيفُ الشيء: جعله نِصْفَين.
وناصَفْته المال: قاسَمْته على النصف. والنَّصَفُ: الكَهْل كأَنه بلغ نِصف
عُمُره. وقوم أَنصاف ونَصَفُون، والأُنثى نصَف ونَصَفة كذلك أَيضاً:
كأَنَّ نِصفَ عمرها ذهب؛ وقد بيَّن ذلك الشاعر في قوله:
لا تَنْكِحَنَّ عَجُوزاً أَو مُطلَّقةً،
ولا يَسُوقَنَّها في حَبْلِك القَدَرُ
وإن أَتَوْكَ فقالوا: إنها نَصَفٌ،
فإنَّ أَطْيَبَ نِصْفَيْها الذي غَبَرا
(* في هذا البيت إقواء.)
أَنشده ابن الأَعرابي. ابن شميل: إن فلانة لعلى نَصَفِها أَي نِصْف
شبابها؛ وأَنشد:
إنَّ غُلاماً، غَرَّه جَرْشَبِيَّةٌ
على نَفْسِها من نفْسِه، لَضَعِيف
الجَرْشَبِيّة: العجوز الكبيرة الهَرِمة، وقيل: النَّصَف، بالتحريك،
المرأَة بين الحَدَثة والمُسِنّة، وتصغيرها نُصَيْف بلا هاء لأَنها صفة؛ وفي
قصيدة كعب:
شَدَّ النهارِ ذِراعَيْ عَيْطَلٍ نَصَفٍ
النصف، بالتحريك: التي بين الشابَّة والكهْلة، وقيل: النصَف من النساء
التي قد بلغت خمساً وأَربعين ونحوها، وقيل: التي قد بلغت خمسين، والقياس
الأَول لأَنه يجرّه اشتقاق وهذا لا اشتقاق له، والجمع أَنصاف ونُصُفٌ
ونُصْفٌ؛ الأَخيرة عن سيبويه، وقد يكون النصَف للجمع كالواحد، وقد نَصَّف.
والنَّصِيف: مِكيال. وقد نصَفَهم: أخذ منهم النِّصف يَنْصُفهم نَصْفاً كما
يقال عشَرَهم يَعْشُرُهم عَشْراً. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم:
لاتسُبُّوا أَصحابي فإن أَحدكم لو أَنفق ما في الأَرض جميعاً ما أَدرك
مُدَّ أَحدِهم ولا نَصِيفَه؛ قال أَبو عبيد: العرب تسمي النِّصف النصيف كما
يقولون في العُشر العَشِير وفي الثُّمن الثَّمِين؛ وأَنشد لسلَمة بن
الأَكوع:
لم يَغْذُها مُدٌّ ولا نَصِيفُ،
ولاتُمَيْراتٌ ولا تعْجِيفُ
لكنْ غذاها اللَّبَن الخَريفُ:
أَلمَحْضُ والقارِصُ والصَّريفُ
والنصِيف: الخِمار، وقد نَصَّفَتِ المرأَةُ رأْسها بالخمار. وانتَصَفَت
الجارية وتَنَصَّفت أَي اختمرت، ونصَّفْتها أَنا تَنْصيفاً؛ ومنه الحديث
في صفة الحور العين: ولَنَصِيفُ إحداهن على رأْسها خير من الدنيا وما
فيها؛ هو الخِمار، وقيل المِعْجَر؛ ومنه قول النابغة يصف امرأَة:
سقَطَ النَّصِيف، ولم تُرِد إسقاطَه،
فَتناوَلَتْه واتَّقَتْنا باليَدِ
قال أَبو سعيد: النصِيف ثوب تتجلَّل به المرأَة فوق ثيابها كلها، سمي
نصيفاً لأَنه نصَفٌ بين الناس وبينها فحَجز أَبصارهم عنها، قال: والدليل
على صحة ما قاله قول النابغة: سقط النصيف، لأَن النصيف إذا جعل خِماراً
فسقط فليس لستْرِها وجهَها مع كشفِها شعَرها معنًى، وقيل: نَصِيف المرأَة
مِعْجَرُها.
والنَّصَفُ والنَّصَفةُ والإنْصاف: إعطاء الحق، وقد انتصف منه، وأَنصف
الرجلُ صاحبه إنْصافاً، وقد أَعطاه النَّصفَةَ. ابن الأَعرابي: أَنصف إذا
أَخذ الحق وأَعطى الحق. والنصَفة: اسم الإنصاف، وتفسيره أَن تعطيه من
نفسك النصَف أَي تُعْطيه من الحق كالذي تستحق لنفسك. ويقال: انتصفت من فلان
أَخذْت حقي كَمَلاً حتى صرت أَنا وهو على النَّصَف سَواءً. وتَنَصَّفْت
السلطان أَي سأَلته أَن يُنْصِفَني. والنِّصْفُ: الإنْصافُ؛ قال
الفرزدق:ولكنَّ نِصْفاً، لو سَبَبْتُ وسَبَّني
بنُو عبد شَمسٍ من مَنافٍ وهاشِمِ
وأَنصَف الرجلُ أَي عدل. ويقال: أَنْصفَه من نفْسه وانْتصفْت أَنا منه
وتَناصَفوا أَي أَنصف بعضُهم بعضاً من نفسه؛ وفي حديث عمر مع زِنْباع بن
رَوْح:
مَتَى أَلْقَ زِنْباعَ بن رَوْحٍ ببلدةٍ،
لي النِّصْفُ منها، يَقْرَع السِّنَّ من نَدَمْ
النصف، بالكسر: الانتصاف، وقد أَنصَفه من خصمه يُنْصِفُه إنْصافاً
ونَصَفه ينْصِفه ويَنْصُفه نَصْفاً ونِصافة ونَصافاً ونِصافاً وأَنصَفَه
وتَنَصَّفَه كلُّه: خدَمه. الجوهري: تنصَّف أَي خَدم؛ قالت الحُرَقة بنت
النعمان بن المنذر:
فبَيْنا نَسُوسُ الناسَ، والأَمْرُ أَمْرُنا،
إذا نحنُ فيهم سُوقةٌ نَتَنَصَّفُ
فأُفٍّ لدُنيا لا يدُوم نَعيمُها؛
تقَلَّبُ تاراتٍ بِنا وتَصَرَّفُ
ويقال: تنصَّفْته بمعنى خدَمْته وعبَدْته؛ وأَنشد ابن بري:
فإنَّ الإلَه تَنَصَّفْته،
بأَنْ لاأَعُقَّ وأَن لا أَحُوبا
قال: وعليه بيت الحُرَقة بنت النعمان بن المنذر:
إذا نحن فيهم سوقة نتنصف
ونصف القومَ أَيضاً: خدمهم؛ قال لبيد:
لها غَلَلٌ من زازِقيٍّ وكُرْسُفٍ
بأَيْمانِ عُجْمٍ يَنْصُفون المَقاوِلا
قوله لها أَي لظُروف الخمر. والناصِفُ والمِنْصَف، بكسر الميم: الخادم.
ويقال للخادم: مِنْصَف ومَنْصَفٌ. والنَّصِيفُ: الخادم. وفي حديث ابن
عباس، رضي اللّه عنهما: أَنه ذكر داود، عليه السلام، فقال: دخل المِحراب
وأَقعد مِنْصفاً على الباب، يعني خادماً، والجمع مَناصِف؛ قال ابن الأَثير:
المنصف، بكسر الميم، الخادم، وقد تفتح الميم. وفي حديث ابن سَلام، رضي
اللّه عنه: فجاءني مِنصف فرَفع ثيابي من خَلْفي. ويقال: نصَفْت الرجل فأَنا
أَنْصُفُه وأَنْصِفُه نِصافة ونَصافة أَي خدمته. والنَّصَفةُ:
الخُدَّام، واحدهم ناصِفٌ، وفي الصحاح: والنصَف الخدَّام. وتنصَّفه: طلَب
مَعْرُوفه؛ قال:
فإن الإله تَنَصَّفْتُه،
بأَنْ لا أَخُونَ وأَنْ لا أُخانا
وقيل: تَنَصَّفْته أَطعْته وانْقَدْت له؛ وقول ابن هَرْمَةَ:
مَنْ ذا رسولٌ ناصِحٌ فَمُبَلِّغٌ
عنَّي عُلَيَّةَ غَيرَ قِيلِ الكاذِبِ
أَني غَرِضْتُ إلى تَناصُف وجْهِها،
غَرَضَ المُحِبِّ إلى الحبيبِ الغائِبِ
أَي اشْتَقْت، وقيل: معناه خِدْمة وجهها بالنظر إليه، وقيل: إلى محاسنه
التي تقَسَّمت الحسن فتَناصَفَتْه أَي أَنصفَ بعضُها بعضاً فاستوت فيه؛
وقال ابن الأَعرابي: تناصُف وجهِها محاسنها أَنها كلّها حَسَنة يُنْصِفُ
بعضها بعضاً، يريد أَن أَعضاءها متساوية في الجمال والحسن فكأَنَّ بعضها
أَنصف بعضاً فتناصف؛ وقال الجوهري: يعني استواء المحاسن كأَنَّ بعض أَعضاء
الوجه أَنصف بعضاً في أَخذ القِسْط من الجمال؛ ورجل متناصف: مُتساوي
المحاسن، وأَنصف إذا خدم سيده. وأَنصف إذا سار بنصف النهار.
والمَناصِف: أَودية صغار، والنواصِف: صخور في مَناصِف أَسناد الوادي
ونحو ذلك من المَسايِل؛ وفي حديث ابن الصَّبْغاء:
بين القِرانِ السَّوْء والنَّواصِف
جمع ناصفة وهي الصخرة. قال ابن الأَثير: ويروى التَّراصُف. والنواصِفُ:
مجاري الماء في الوادي، واحدتها ناصفة: وأَنشد:
خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِف من دَدِ
والناصفة من الأَرض: رَحَبة بها شجر لا تكون ناصفة إلا ولها شجر.
والناصفة: الأَرض التي تُنبت الثُّمام وغيره. وقال أَبو حنيفة: الناصفة موضع
مِنبات يتَّسع من الوادي؛ قال الأَعشى:
كخَذُولٍ تَرْعى النَّواصِفَ من تَثْـ
ـلِيثَ قَفْراً، خَلا لها الأَسْلاقُ
والناصفة: مجرى الماء، والجمع النواصف، وقيل: النواصف أَماكن بين
الغِلَظ واللَّين؛ وأَنشد قول طرفة:
كأَنَّ حُدُوجَ المالِكِيّةِ، غُدْوةً،
خَلايا سَفِينٍ بالنَّواصِفِ من دَدِ
وقيل: النواصِف رِحاب من الأَرض. وناصفةُ: موضع؛ قال:
بناصِفةِ الجَوَّيْن أَو بمُحَجِّر
قصب: القَصَبُ: كلُّ نَباتٍ ذي أَنابيبَ، واحدتُها قَصَبةٌ؛ وكلُّ نباتٍ كان ساقُه أَنابيبَ وكُعوباً، فهو قَصَبٌ. والقَصَبُ: الأَباء.
والقَصْباءُ: جماعةُ القَصَب، واحدتُها قَصَبة وقَصباءةٌ. قال سيبويه: الطَّرْفاءُ، والـحَلْفاءُ، والقَصْباءُ، ونحوها اسم واحدٌ يقع على جميع، وفيه علامةُ التأْنيث، وواحدُه على بنائه ولفظه، وفيه علامة التأْنيث التي فيه، وذلك قولك للجميع حَلْفاء، وللواحدة حَلْفاء، لَـمَّا كانت تقع للجميع، ولم تكن اسماً مُكَسَّراً عليه الواحدُ؛ أَرادوا أَن يكون الواحدُ من بناءٍ فيه علامةُ التأْنيث، كما كان ذلك في الأَكثر الذي ليس فيه علامة التأْنيث، ويقع مذكراً نحو التمر والبُسْر والبُرّ والشَّعيرِ، وأَشباه ذلك؛ ولم يُجاوِزوا البناء الذي يقع للجميع حيثُ أَرادوا واحداً، فيه علامة تأْنيث لأَنه فيه علامة التأْنيث، فاكتفوا بذلك، وبَيَّنُوا الواحدة
بِأَن وصفوها بواحدة، ولم يَجِـيئُوا بعَلامة سوى العلامة التي في الجمع، ليُفْرَقَ بين هذا وبين الاسم، الذي يقع للجميع، وليس فيه علامة التأْنيث نحو التمر والبُسْر.
وتقول: أَرْطى وأَرْطاةٌ، وعَلْقَى وعَلْقاة، لأَن الأَلِفات لم تُلْحَقْ للتأْنيث، فَمِن ثم دخلت الهاء؛ وسنذكر ذلك في ترجمة حلف، إِن شاء اللّه تعالى.
والقَصْباءُ: هو القَصَبُ النابت، الكثير في مَقْصَبته. ابن سيده:
القَصْباءُ مَنْبِتُ القَصَب. وقد أَقصَبَ المكانُ، وأَرض مُقْصِـبة
وقَصِـبةٌ: ذاتُ قَصَبٍ.
وقَصَّبَ الزرعُ تَقْصيباً، وأَقْصَبَ: صار له قَصَبٌ، وذلك بعد التَّفْريخ.
والقَصَبة: كلُّ عظمٍ ذي مُخٍّ، على التشبيه بالقَصَبة، والجمع قَصَبٌ.
والقَصَبُ: كل عظمٍ مستدير أَجْوَفَ، وكلُّ ما اتُّخِذَ من فضة أَو
غيرها، الواحدة قَصَبةٌ. والقَصَبُ: عظام الأَصابع من اليدين والرجلين؛ وقيل: هي ما بين كل مَفْصِلَيْن من الأَصابع، وفي صفته، صلى اللّه عليه وسلم: سَبْطُ القَصَب. القَصَبُ من العظام: كلُّ عظم أَجوفَ فيه مُخٌّ، واحدتُه قَصَبة، وكلُّ عظمٍ عَريضٍ لَوْحٌ. والقَصْبُ: القَطْع. وقَصَبَ الجزارُ الشاةَ يَقْصِـبُها قَصْباً: فَصَل قَصَبَها، وقطعها عُضْواً عُضْواً.
ودِرَّة قاصبة إِذا خرجت سَهْلة كأَنها قضِـيبُ فِضَّةٍ. وقَصَبَ الشيءَ يَقْصِـبُه قَصْباً، واقْتَصَبَه: قطَعه. والقاصِبُ والقَصَّابُ:
الجَزَّارُ وحِرْفَته القِصَابةُ. فإِما أَن يكون من القَطْع، وإِما أَن يكون من أَنه يأْخذ الشاةَ بقَصَبَتِها أَي بساقِها؛ وسُمِّي القَصَّابُ
قَصَّاباً لتَنْقيته أَقْصابَ البَطْن. وفي حديث علي، كرّم اللّه وجهه: لئن وَلِـيتُ بني أُمَيَّةَ، لأَنْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ
الوَذِمةَ؛ يريدُ اللُّحومَ التي تَعَفَّرَتْ بسقوطها في التُّراب؛ وقيل: أَراد بالقصَّاب السَّبُعَ. والتِّراب: أَصلُ ذراع الشاةِ، وقد تقدم ذلك في فصل التاءِ مبسوطاً.
ابن شميل: أَخَذ الرجُل الرجلَ فقَصَّبه؛ والتَّقْصِـيبُ أَن يَشُدَّ
يديه إِلى عُنُقه، ومنه سُمي القَصَّابُ قَصَّاباً. والقاصِبُ: الزامِرُ.
والقُصَّابة: المِزْمارُ(1)
(1 قوله «والقصابة المزمار إلخ» أي بضم القاف وتشديد الصاد كما صرح به الجوهري وإن وقع في القاموس إطلاق الضبط المقتضي الفتح على قاعدته وسكت عليه الشارح.) والجمع قُصَّابٌ؛ قال الأَعشى:
وشاهِدُنا الجُلُّ والياسَمِـيـ * ـنُ والـمُسْمِعاتُ بقُصَّابِها
وقال الأَصمعي: أَراد الأَعشى بالقُصَّاب الأَوْتارَ التي سُوِّيَتْ مِنَ الأَمْعاءِ؛ وقال أَبو عمرو: هي المزامير، والقاصِبُ والقَصَّاب النافخُ في القَصَب؛ قال:
وقاصِـبُونَ لنا فيها وسُمَّارُ
والقَصَّابُ، بالفتح: الزَّمَّارُ؛ وقال رؤبة يصف الحمار:
في جَوْفِه وَحْيٌ كوَحْيِ القَصَّاب
يعني عَيراً يَنْهَقُ. والصنعة القِصابةُ والقُصَّابة والقَصْبة والقَصِـيبة والتَّقْصِـيبة والتَّقْصِـبةُ: الخُصْلة الـمُلْتَوِيةُ من الشَّعَر؛ وقد قَصَّبه؛ قال بشر بن أَبي خازم:
رَأَى دُرَّةً بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها * سُخامٌ، كغِرْبانِ البريرِ، مُقَصَّبُ
والقَصائبُ: الذَّوائبُ الـمُقَصَّبةُ، تُلْوى لَيّاً حتى تَتَرَجَّلَ، ولا تُضْفَرُ ضَفْراً؛ وهي الأُنْبوبة أَيضاً. وشَعْر مُقَصَّبٌ أَي مُجَعَّدٌ. وقَصَّبَ شَعره أَي جَعَّدَه. ولها قُصَّابَتانِ أَي غَديرتانِ؛ وقال الليث: القَصْبة خُصْلة من الشعر تَلْتَوي، فإِنْ أَنتَ قَصَّبْتَها
كانت تَقْصِـيبة، والجمع التَّقاصِـيبُ؛ وتَقْصِـيبُك إِيّاها لَيُّك
الخُصلة إِلى أَسْفلها، تَضُمُّها وتَشُدُّها، فتُصْبِـحُ وقد صارت
تَقاصِـيبَ، كأَنها بلابِلُ جاريةٍ. أَبو زيد: القَصائبُ الشَّعَر الـمُقَصَّبُ، واحدتُها قَصِـيبة. والقَصَبُ: مَجاري الماءِ من العيون، واحدتُها قَصَبة؛ قال أَبو ذؤيب:
أَقامتْ به، فابْتَنَتْ خَيْمةً * على قَصَبٍ وفُراتٍ نَهَرْ
وقال الأَصمعي: قَصَبُ البَطْحاءِ مِـياهٌ تجري إِلى عُيونِ الرَّكايا؛
يقول: أَقامتْ بين قَصَبٍ أَي رَكايا وماءٍ عَذْبٍ. وكل ماءٍ عذبٍ:
فراتٌ؛ وكلُّ كثيرٍ جَرى فقد نَهَرَ واسْتَنْهَرَ.
والقَصَبةُ: البئر الحديثةُ الـحَفْرِ.
التهذيب، الأَصمعي: القَصَبُ مَجاري ماءِ البئر من العيون. والقَصَبُ: شُعَبُ الـحَلْق. والقَصَبُ: عُروق الرِّئَة، وهي مَخارِجُ الأَنْفاس ومجاريها.
وقَصَبةُ الأَنْفِ: عَظْمُه. والقُصْبُ: الـمِعَى، والجمع أَقْصابٌ. الجوهري: القُصْبُ، بالضم: الـمِعَى. وفي الحديث: أَنَّ عَمْرو ابنَ لُـحَيٍّ أَوَّلُ من بَدَّل دينَ إِسمعيل، عليه السلام؛ قال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: فرأَيتُه يَجُرُّ قُصْبَه في النار؛ قيل: القُصْبُ اسم للأَمْعاءِ كُلِّها؛ وقيل: هو ما كان أَسْفَلَ البَطْن من الأَمْعاءِ؛ ومنه الحديثُ: الذي يَتَخَطَّى رِقابَ الناسِ يومَ الجمعة، كالجارِّ قُصْبَهُ في النار؛ وقال الراعي:
تَكْسُو الـمَفارِقَ واللَّبَّاتِ ذَا أَرَجٍ، * من قُصْبِ مُعْتَلِفِ الكافورِ دَرَّاجِ
قال: وأَما قول امرئِ القيس:
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والـمَتْنُ مَلْحوبُ
فيريد به الخَصْرَ، وهو على الاستعارة، والجمع أَقْصابٌ؛ وأَنشد بيتَ الأَعشى:
والـمُسْمِعاتُ بأَقْصابِها
وقال: أَي بأَوتارها، وهي تُتَّخَذُ من الأَمْعاءِ؛ قال ابن بري: زعم
الجوهري أَنَّ قول الشاعر:
والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ والمتنُ مَلْحوبُ
لامرئِ القيس؛ قال: والبيت لإِبراهيم بن عمران الأَنصاري؛ وهو بكماله:
والماءُ مُنْهَمِرٌ، والشَّدُّ مُنْحَدِرٌ، * والقُصْبُ مُضْطَمِرٌ، والـمَتْنُ مَلْحوبُ
وقبله:
قد أَشْهَدُ الغارةَ الشَّعواءَ، تَحْمِلُني * جَرْداءُ مَعْروقَةُ اللَّحْيَـيْن، سُرْحُوبُ
إِذا تَبَصَّرَها الرَّاؤُونَ مُقْبِلةً، * لاحَتْ لَـهُمْ، غُرَّةٌ، منْها، وتَجْبِـيبُ
رَقاقُها ضَرِمٌ، وجَرْيُها خَذِمٌ، * ولَـحْمها زِيَمٌ، والبَطْنُ مَقْبُوبُ
والعَينُ قادِحَةٌ، واليَدُّ سابِحَةٌ، * والرِّجْلُ ضارِحةٌ، واللَّوْنُ غِرْبيبُ
والقَصَبُ من الجَوْهر: ما كان مُسْتَطِـيلاً أَجْوَفَ؛ وقيل: القَصَبُ
أَنابِـيبُ من جَوْهَرٍ. وفي الحديث: أَنَّ جبريلَ، عليه السلام، قال
للنبي، صلى اللّه عليه وسلم: بَشِّرْ خديجةَ ببيتٍ في الجنة من قَصَبٍ، لا صَخَب فيه ولا نَصَب؛ ابن الأَثير: القَصَبُ في هذا الحديث لُؤْلُؤٌ مُجَوَّف واسعٌ، كالقَصْرِ الـمُنيف. والقَصَبُ من الجوهر: ما اسْتطالَ منه في تَجْويف. وسأَل أَبو العباس ابنَ الأَعرابي عن تفسيره؛ فقال: القَصَبُ، ههنا: الدُّرُّ الرَّطْبُ، والزَّبَرْجَدُ الرَّطْبُ الـمُرَصَّعُ بالياقوت؛ قال: والبَيتُ ههنا بمعنى القَصْر والدار، كقولك بيت الـمَلِك أَي قَصْرُه. والقَصَبةُ: جَوْفُ القَصْرِ؛ وقيل: القَصْرُ. وقَصَبةُ البَلد: مَدينَتُه؛ وقيل: مُعْظَمُه. وقَصَبة السَّوادِ: مَدينتُها. والقَصَبَةُ: جَوْفُ الـحِصْن، يُبْنى فيه بناءٌ، هو أَوسَطُه. وقَصَبةُ البلاد:
مَدينَتُها. والقَصَبة: القَرية. وقَصَبةُ القَرية: وسَطُها.
والقَصَبُ: ثيابٌ، تُتَّخَذ من كَتَّان، رِقاقٌ ناعمةٌ، واحدُها قَصَبـيٌّ، مثل عَربيٍّ وعَرَبٍ. وقَصَبَ البعيرُ الماءَ يَقْصِـبُه قَصْباً: مَصَّه.
وبعير قَصِـيبٌ، يَقصِبُ الماءَ، وقاصِبٌ: ممتنع من شُرْب الماءِ، رافعٌ رأْسه عنه؛ وكذلك الأُنثى، بغير هاء. وقد قَصَبَ يَقْصِبُ قَصْباً وقُصُوباً، وقَصَبَ شُرْبَه إِذا امتنع منه قبل أَن يَرْوَى. الأَصمعي: قَصَبَ البعيرُ، فهو قاصِبٌ إِذا أَبى أَن يَشْرَب. والقومُ مُقْصِـبُونَ إِذا لم تَشْرَب إِبِلُهم.
وأَقْصَبَ الراعي: عافَتْ إِبلُه الماءَ. وفي المثل: رَعَى فأَقْصَبَ،
يُضْرَب للراعي، لأَنه إِذا أَساءَ رَعْيَها لم تَشْرَبِ الماءَ، لأَنها
إِنما تَشْرَبُ إِذا شَبِعَتْ من الكَلإِ. ودَخَلَ رُؤْبة على سليمان بن
علي، وهو والي البصرة؛ فقال: أَين أَنْتَ من النساءِ؟ فقال: أُطِـيلُ الظِّمْءَ، ثم أَرِدُ فأُقْصِبُ.
وقيل: القُصُوبُ الرِّيُّ من وُرود الماءِ وغيره. وقَصَبَ الإِنسانَ
والدَّابةَ والبعيرَ يَقْصِـبُهُ قَصْباً: منعه شُرْبَه، وقَطَعه عليه، قبل
أَن يَرْوَى. وبعيرٌ قاصِبٌ، وناقة قاصِبٌ أَيضاً؛ عن ابن السكيت.
وأَقْصَبَ الرجلُ إِذا فَعَلَت إِبلُه ذلك.
وقَصَبَه يَقْصِـبُه قَصْباً، وقَصَّبه: شَتَمَه وعابه، ووَقعَ فيه.
وأَقْصَبَهُ عِرْضَه: أَلْحَمَه إِياه؛ قال الكميت:
وكنتُ لهم، من هؤلاكَ وهؤُلا، * مُحِـبّاً، على أَنـِّي أُذَمُّ وأُقْصَبُ
ورجلٌ قَصّابَةٌ للناس إِذا كان يَقَعُ فيهم. وفي حديث عبدالملك، قال لعروة بن الزبير: هل سمعتَ أَخاكَ يَقْصِبُ نساءَنا؟ قال: لا.
والقِصابةُ: مُسَنَّاة تُبْنى في اللَّهْج (1)
(1 قوله «تبنى في اللهج» كذا في المحكم أيضاً مضبوطاً ولم نجد له معنى يناسب هنا. وفي القاموس تبنى في اللحف أي بالحاء المهملة. قال شارحه وفي بعض الامهات في اللهج اهـ. ولم نجد له معنى يناسب هنا أيضاً والذي يزيل الوقفة ان شاء اللّه ان الصواب تبنى في اللجف بالجيم محركاً وهو محبس الماء وحفر في جانب البئر. وقوله والقصاب الدبار إلخ بالباء الموحدة كما في المحكم جمع دبرة كتمرة. ووقع في القاموس الديار بالمثناة من تحت ولعله محرف عن الموحدة.) ، كراهيةَ أَن يَسْتَجْمِـعَ السيلُ فيُوبَلَ الحائطُ أَي يَذْهَبَ به الوَبْلُ، ويَنْهَدِمَ عِراقُه.
والقِصابُ: الدِّبارُ، واحِدَتُها قَصَبَة.
والقاصِبُ: الـمُصَوِّتُ من الرعد. الأَصمعي في باب السَّحاب الذي فيه رَعْدٌ وبَرْقٌ: منه الـمُجَلْجِلُ، والقاصِبُ، والـمُدَوِّي،
والـمُرْتَجِسُ؛ الأَزهري: شَبَّه السَّحابَ ذا الرعد بالقاصبِ أَي
الزامر.ويقال للـمُراهِنِ إِذا سَبَقَ: أَحْرَزَ قَصَبَة السَّبْق. وفرس
مُقَصِّبٌ: سابقٌ؛ ومنه قوله:
ذِمارَ العَتِـيك بالجَوادِ الـمُقَصِّبِ
وقيل للسابق: أَحْرَزَ القَصَبَ، لأَنَّ الغاية التي يسبق إِليها، تُذْرَعُ بالقَصَبِ، وتُرْكَزُ تلكَ القَصَبَةُ عند مُنْتَهى الغاية، فَمَنْ سَبَقَ إِليها حازها واسْتَحَقَّ الخَطَر. ويقال: حازَ قَصَبَ السَّبْق أَي اسْتَولى على الأَمَد. وفي حديث سعيد بن العاص: أَنه سَبَقَ بين الخَيْل في الكوفة، فَجَعلها مائة قَصَبةٍ وجَعَل لأَخيرها قَصَبَةً أَلفَ درهم؛
أَراد: أَنه ذَرَع الغاية بالقَصَبِ، فجَعَلَها مائة قَصَبةٍ.
والقُصَيْبَة: اسم موضع؛ قال الشاعر:
وهَلْ لِـيَ، إِنْ أَحْبَبْتُ أَرضَ عَشِـيرتي * وأَحْبَبْتُ طَرْفاءَ القُصَيْبة، من ذنْب؟
قدس: التَّقْدِيسُ: تنزيه اللَّه عز وجل. وفي التهذيب: القُدْسُ تنزيه
اللَّه تعالى، وهو المتَقَدَّس القُدُّوس المُقَدَّس. ويقال: القُدُّوس
فَعُّول من القُدْس، وهو الطهارة، وكان سيبويه يقول: سَبُّوح وقَدُّوس،
بفتح أََوائلهما؛ قال اللحياني: المجتمع عليه في شُبُّوح وقُدُّوس الضم،
قال: وإِن فتحته جاز، قال: ولا أَدري كيف ذلك؛ قال ثعلب: كل اسم على
فَعُّول، فهو مفتوح الأَول مثل سَفُّود وكَلُّوب وسَمُّور وتَنُّور إِلا
السُّبُّوح والقُدُّوس، فإِن الضم فيهما الأَكثر، وقد يفتحان، وكذلك الذُّرُّوح،
بالضم، وقد يفتح. قال الأَزهري: لم يجئ في صفات اللَّه تعالى غير
القُدُّوس، وهو الطاهر المُنَزَّه عن العُيوب والنَّقائص، وفُعُّول بالضم من
أَبنية المبالغة، وقد تفتح القاف وليس بالكثير.
وفي حديث بلال بن الحرث: أَنه أَقْطَعَه حَيث يَصْلُح للزرع من قُدْس
ولم يُعْطِه حَقَّ مُسْلِمٍ؛ هو، بضم القاف وسكون الدال، جبل معروف، وقيل:
هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزِّراعة. وفي كتاب الأَمكنة أَنه قَرِيس؛
قيل: قَريس وقَرْس جَبَلان قُرْب المدينة والمشهورُ المَرْوِيّ في الحديث
الأَوّل، وأَما قَدَس، بفتح القاف والدال، فموضع بالشام من فتوح
شُرَحْبيل بن حَسَنة. والقُدُس والقُدْس، بضم الدال وسكونها، اسم ومصدر، ومنه
قيل للجنَّة: حَضِيرة القُدْس.
والتَقْدِيس: التَّطْهِير والتَّبْريك. وتَقَدَّس أَي تطهَّر. وفي
التنزيل: ونحن نُسَبِّحُ بحمدك ونُقَدِّس لك؛ الزجاج: معنى نُقدس لك أَي
نُطهِّر أَنفسنا لك، وكذلك نفعل بمن أَطاعك نُقَدِّسه أَي نطهِّره. ومن هذا
قيل للسَّطْل القَدَس لأَنه يُتَقدَّس منه أَي يُتَطَّهر. والقَدَس،
بالتحريك: السَّطْل بلغة أَهل الحجاز لأَنه يتطهر فيه. قال: ومن هذا بيت
المَقْدِس أَي البيت المُطَّهَّر أَي المكان الذي يُتطهَّر به من الذنوب. ابن
الكلبي: القُدُّوس الطاهر، وقوله تعالى: الملك القُدُّوس الطَّاهِر في صفة
اللَّه عز وجل، وقيل قَدُّوس، بفتح القاف، قال: وجاءَ في التفسير أَنه
المبارك. والقُدُّوس: هو اللَّه عز وجل. والقُدْسُ: البركة. والأَرض
المُقَدَّسة: الشام، منه، وبيت المَقْدِس من ذلك أَيضاً، فإِمّا أَن يكون على
حذف الزائد، وإِمّا أَن يكون اسماً ليس على الفِعْل كما ذهب إِليه سيبويه
في المَنْكِب، وهو يُخفَّف ويُثقَّل، والنسبة إِليه مَقْدِسِيّ مثال
مَجْلِسِيّ ومُقَدَّسِيٌّ؛ قال امرؤ القيس:
فأَدْرَكْنَه يأْخُذْنَ بالسَّاق والنَّسا،
كما شَبْرَقَ الوِلْدانُ ثَوْبَ المُقَدِّسِي
والهاء في أَدْرَكْنَه ضميرُ الثَّور الوَحْشِيّ، والنون في أَدركنه
ضمير الكلاب، أَي أَدركتِ الكلاب الثورَ فأَخذن بساقه ونَساه وشَبْرَقَتْ
جلده كما شَبْرَقَ وِلْدان النَّصارى ثوبَ الرَّاهب المُقَدِّسِي، وهو الذي
جاء من بيت المَقْدِس فقطَّعوا ثيابه تبرُّكاً بها؛ والشَّبْرَقة:
تقطيعُ الثوب وغيره، وقيل: يعني بهذا البيت يهوديّاً.
ويقال للراهب مُقَدَّسٌ، وأَراد في هذا البيت بالمُقَدَّسِي الرَّاهِبَ،
وصبيانُ النصارى يتبرَّكون به وبِمَسْحِ مِسْحِه الذي هو لابِسُه، وأَخذ
خُيُوطِه منه حتى يَتَمَزَّقَ عنه ثوبه. والمُقَدِّس: الحَبْر ُ؛ وحكى
ابن الأَعرابي: لا قَدَّسه اللَّه أَي لا بارك عليه. قال: والمُقَدَّس
المُبارَك. والأَرض المُقَدَّسة: المطهَّرة. وقال الفرَّاء: الأَرض
المقدَّسة الطاهرة، وهي دِمَشْق وفِلَسْطين وبعض الأُرْدُنْ. ويقال: أَرض مقدَّسة
أَي مباركة، وهو قول قتادة، وإِليه ذهب ابن الأَعرابي؛ وقول العجاج:
قد عَلِمَ القُدُّوس، مَوْلى القُدْسِ،
أَنَّ أَبا العَبَّاس أَوْلى نَفْسِ
بِمَعْدن المُلْك القَديم الكِرْسِ
أَراد أَنه أَحقُّ نفسٍ بالخِلافة.
ورُوحُ القُدُس: جبريل، عليه السلام. وفي الحديث: إِن رُوحَ القُدُس
نَفَث في رُوعِي، يعني جبريل، عليه السلام، لأَنه خُلِق من طهارة. وقال
اللَّه عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: وأَيَّدْناه
بِرُوحِ القُدُسِ؛ هو جبريل معناه رُوحُ الطهارة أَي خُلِق من طهارة؛ وقول
الشاعر:
لا نَومَ حتى تَهْبِطِي أَرضَ العُدُسْ،
وتَشْرَبي من خير ماءٍ بِقُدُسْ
أَراد الأَرض المقدَّسة. وفي الحديث: لا قُدِّستْ أُمَّة لا يُؤْخَذ
لضَعِيفها من قَوِيِّها أَي لا طُهِّرت. والقادِسُ والقَدَّاس: حصاة توضع في
الماء قَدْراً لِرِيِّ الإِبل، وهي نحو المُقْلَة للإِنسان، وقيل: هي
حَصاة يُقْسَمُ بها الماء في المفاوز اسم كالحَبَّان. غيره: القُدَاس الحجر
الذي يُنْصَبُ على مَصَبِّ الماء في الحَوْض وغيره. والقَدَّاس: الحجر
يُنْصَب في وسَط الحوض إِذا غَمَره الماء رَوِيَتِ الإِبل؛ وأَنشد أَبو
عمرو:
لا رِيَّ حتى يَتَوارى قَدَّاسُ،
ذاك الحُجَيْرُ بالإِزاء الخنَّاسْ
وقال:
نَئِفَتْ به، ولقَدْ أَرى قَدّاسَه
ما إِنْ يُوارى ثم جاء الهَيْثَمُ
نَئِفَ إِذا ارْتَوى. والقُداس، بالضم: شيء يعمل كالجُمان من فِضَّة؛
قال يصف الدُّمُوع:
تَجَدَّرَ دمعُ العَيْنِ منها، فَخِلْتُه
كَنَظْمِ قُداسٍ، سِلْكُه. مُتَقَطِّعُ
شبَّه تَحَدُّرَ دمعه بنظم القُداس إِذا انقطع سِلْكُه. والقَديسُ:
الدُّرُّ؛ يمانية.
والقادِس: السفينة، وقيل: السفينة العظيمة، وقيل: هو صِنْف من المراكب
معروف، وقيل: لَوْحٌ من أَلواحها؛ قال الهذلي:
وتَهْفُو بِهادٍ لَها مَيْلَعٍ،
كما أَقْحَم القادِسَ الأَرْدَمونا
وفي المحكم:
كما حَرَّك القادِسَ الأَرْدَمُونا
يعني المَلاَّحين. وتَهْفُو: تَمِيل يعني الناقةَ. والمَيْلَعُ: الذي
يتحرك هكذا وهكذا. والأَرْدَمُ: المَلاَّح الحاذِق. والقَوادِس: السُّفُن
الكِبار.
والقادس: البيتُ الحرام. وقادِسُ: بلدة بخُراسان، أَعجمي. والقادِسيَّة:
من بلاد العرب؛ قيل إِنما سميت بذلك لأَنها نزل بها قوم من أَهل قادس من
أَهل خُراسان، ويقال: إِن القادسيَّة دَعا لها إِبراهيم، على نبينا
وعليه الصلاة والسلام، بالقُدْسِ وأَن تكون مَحَلَّة الحاجِّ، وقيل:
القادسيَّة قرية بين الكوفة وعُذَيب. وقُدْس، بالتسكين: جبل، وقيل: جبل عظيم في
نَجْدٍ؛ قال أَبو ذؤيب:
فإَنك حقًّا أَيَّ نَظْرة عاشِقٍ
نَظَرْتَ، وقُدْسٌ دونها وَوَقيرُ
وقُدْسُ أَوارَة: جَبَلٌ أَيضا. غيره: قُدْس وآرةُ جبَلان في بلاد
مُزَيْنة معروفان بِحِذاء سُقْيا مزينة.
هرر: هَرَّ الشيءَ يَهُرُّه ويَهِرُّه هَرّاً وهَريراً: كَرِهَهُ؛ قال
المفضل بن المهلب بن أَبي صُفْرَةَ:
ومَنْ هَرَّ أَطْرافَ القَنَا خَشْيَةَ الرَّدَى،
فليسَ لمَجْدٍ صالحٍ بِكَسُوبِ
وهَرَرْتُه أَي كَرِهْتُه أَهُرُّه وأَهِرُّه، بالضم والكسر. وقال ابن
الأَعرابي: أَجِد في وَجْهِهِ هِرَّةً وهَرِيرَةً أَي كراهية. الجوهري:
والهِرُّ الاسم من وقولك هَرَرْتُه هَرّاً أَي كرهته. وهَرَّ فلان الكأْسَ
والحرْبَ هَرِيراً أَي كرهها؛ قال عنترة:
حَلَفْنا لهم، والخَيْلُ تَرْدي بنا معاً:
نُزايِلُكُمْ حتى تَهِرُّوا العَوالِيا
الرَّدَيانُ: ضَرْبٌ من السَّيْرِ،وهو أَن يَرْجُمَ الفَرَسُ الأَرضَ
رَجْماً بحوافره من شدَّة العَدْوِ. وقوله نزايلكم هو جواب القسم أَي لا
نزايلكم، فحذف لا على حدِّ قولهم تالله أَبْرَحُ قاعداً أَي لا أَبرح،
ونزايلكم: نُبارِحُكُمْ، يقال: ما زايلته أَي ما بارحته. والعوالي: جمع
عاليةِ الرمح، وهي ما دون السِّنان بقدر ذراع. وفلان هَرَّهُ الناسُ إِذا
كرهوا ناحِيته؛ قال الأَعشى:
أَرَى الناسَ هَرُّونِي وشُهِّرَ مَدْخَلِي،
ففي كلِّ مَمْشًى أَرْصُدُ الناسَ عَقْربَا
وهَرَّ الكلبُ إِليه يَهِرُّ هَرِيراً وهِرَّةً، وهَرِيرُ الكلبِ: صوته
وهو دون النُّبَاحِ من قلة صبره على البرد؛ قال القَطَامِيُّ يصف شدَّة
البرد:
أَرى الحَقَّ لا يعْيا عَلَيَّ سبيلُه،
إِذا ضافَنِي ليلاً مع القُرِّ ضائِفُ
إِذا كَبَّدَ النجمُ السَماءَ بشَتْوَةٍ،
على حينَ هَرَّ الكلبُ، والثَّلْجُ خاشِفُ
ضائف: من الضيف. وكَبَّدَ النجمُ السماءَ: يريد بالنجم الثريا،
وكَبَّدَ: صار في وسط السماء عند شدَّة البرد. وخاشف: تسمع له خَشْفَة عند المشي
وذلك من شدة البرد. ابن سيده: وبالهَرِيرِ شُبِّهَ نَظَرُ بعض الكُماةِ
إِلى بعض في الحرب. وفي الحديث: أَنه ذكر قارئ القرآن وصاحب الصدقة فقال
رجل: يا رسول الله أَرأَيْتَكَ النَّجْدَةَ التي تكون في الرجل؟
فقال: ليستْ لها بِعِدْلٍ، إِن الكلب يَهِرُّ من وراءِ أَهله؛ معناه أَن
الشجاعة غَرِِيزة في الإِنسان فهو يَلقَى الحروبَ ويقاتل طبعاً
وحَمِيَّةً لا حِسبَةً، فضرب الكلب مثلاً إِذ كان من طبعه أَن يَهِرَّ دون أَهله
ويَذُبَّ عنهم، يريد أَنَّ الجهاد والشجاعة ليسا بمثل القراءَة والصدقة.
يقال: هَرَّ الكلبُ يَهِرُّ هَرِيراً، فهو هارٌّ وهَرَّارٌ إِذا نَبَحَ
وكَشَرَ عن أَنيابه، وقيل: هو صوته دون نُباحه. وفي حديث شُرَيْحٍ: لا
أَعْقِلُ الكلبَ الهَرَّارَ أَي إِذا قتل الرجلُ كلبَ آخر لا أُوجب عليه
شيئاً إِذا كان نَبَّاحاً لأَنه يؤْذي بِنُباحِه. وفي حديث أَبي الأَسود:
المرأَة التي تُهارُّ زوجَها أَي تَهِرُّ في وجهه كما يَهِرُّ الكلب. وفي
حديث خزيمة: وعاد لها المَطِيُّ هارّاً أَي يَهِرُّ بعضها في وجه بعض من
الجهد. وقد يطلق الهرير على صوت غير الكلب، ومنه الحديث: إِني سمعت
هَرِيراً كَهَرِيرِ الرَّحَى أَي صوت دورانها. ابن سيده: وكلب هَرَّارٌ كثير
الهَرِير، وكذلك الذئب إِذا كَشَرَ أَنيابه وقد أَهَرَّه ما أَحَسَّ به.
قال سيبويه: وفي المثل: شَرٌّ أَهَرَّ ذا نابٍ، وحَسُنَ الابتداءُ بالنكرة
لأَنه في معنى ما أَهَرَّ ذا ناب إِلاَّ شَرٌّ، أَعني أَنَّ الكلام عائد
إِلى معنى النفي وإِنما كان المعنى هذا لأَن الخبرية عليه أَقوى، أَلا
ترى أَنك لو قلت: أَهَرَّ ذا نابٍ شَرٌّ، لكنت على طرف من الإِخبار غير
مؤَكدف فإِذا قلت: ما أَهَرَّ ذا نابٍ إِلاَّ شَرٌّ، كان أَوْكَدَ، أَلا ترى
أَن قولك ما قام إِلاَّ زيد أَوْ كَدُ من قولك قام زيد؟ قال: وإِنما
احتيج في هذا الموضع إِلى التوكيد من حيث كان أَمراً مُهِماً، وذلك أَن قائل
هذا القول سمع هَرِيرَ كلب فأَضاف منه وأشفق لاستماعه أَن يكون لطارِقِ
شَرٍّ، فقال: شَرٌّ أَهَرَّ ذا نابٍ أَي ما أَهَرَّ ذا ناب إِلاَّ شَرٌّ
تعظيماً للحال عند نفسه وعند مُستَمِعِه، وليس هذا في نفسه كأَن يطرقه
ضيف أَو مسترشد، فلما عناه وأَهمه أَكد الإِخبار عنه وأَخرجه مخرج الإِغاظ
به. وهارَّه أَي هَرَّ في وجهه. وهَرْهَرْتُ الشيءَ: لغة في مَرْمَرْتُه
إِذا حَرَّكْتَه؛ قال الجوهري: هذا الحرف نقلته من كتاب الاعْتِقابِ
لأَبي تُرابٍ من غير سماع. وهرَّت القوسُ هَرِيراً: صَوَّتَتْ؛ عن أَبي
حنيفة؛ وأَنشد:
مُطِلٌّ بِمُنْحاةٍ لها في شِمالِه
هَرِيرٌ، إِذا ما حَرَّكَتْه أَنامِلُهْ
والهِرُّ: السِّنَّوْرُ، والجمع هِرَرَةٌ مثل قِرْدٍ وقِرَدَةٍ،
والأُنثى هِرَّةٌ بالهاء، وجمعها هِرَرٌ مثل قِرْبةٍ وقِرَبِ. وفي الحديث: أَنه
نهى عن أَكل الهرِّ وثَمَنِه؛ قال ابن الأَثير: وإِنما نهى عنه لأَنه
كالوحشيِّ الذي لا يصح تسليمه وأَنه يَنْتابُ الدُّورَ ولا يقيم في مكان
واحد، فإِن حبس أَو ربط لم ينتفع به ولئلا يتنازع الناس فيه إِذا انتقل
عنهم، وقيل: إِنما نهى عن الوحشي منه دون الإِنسي. وهِرّ: اسم امرأَة، من
ذلك؛ قال الشاعر:
أَصَحَوْتَ اليومَ أَمْ شاقَتْكَ هِرُّ؟
وهَرَّ الشِّبْرِقُ والبُهْمَى والشَّوْكُ هَرّاً: اشتدَّ يُبْسُه
وتَنَفَّشَ فصار كأَظفار الهِرِّ وأَنيابه؛ قال:
رَعَيْنَ الشِّبْرِقَ الرَّيَّانَ حتى
إِذا ما هَرَّ، وامْتَنَعَ المَذاقُ
وقولهم في المثل: ما يعرف هِرّاً من بِرٍّ؛ قيل: معناه ما يعرف من
يَهُرُّه أَي يكرهه ممن يَبَرُّه وهو أَحسن ما قيل فيه. وقال الفَزاريُّ:
البِرُّ اللُّطف، والهِرُّ العُقُوق، وهو من الهَرِيرِ؛ ابن الأَعرابي:
البِرُّ الإِكرام والهِرُّ الخُصُومَةُ، وقيل: الهِرُّ ههنَا السِّنَّوْرُ
والبِرُّ الفأْر. وقال ابن الأَعرابي: لا يعرف هاراً من باراً لو كُتِبَتْ
له، وقيل: أَرادوا هِرْهِرْ، وهو سَوْقُ الغنم، وبِرْبِرْ وهو دعاؤُها؛
وقيل: الهِرُّ دهاؤُها والبِرُّ سَوْقُها. وقال أَبو عبيد: ما يعرف
الهَرْهَرَةَ من البَرْبَرَةِ؛ الهَرْهَرَةُ: صوت الضأْن، والبَرْبَرَةُ: صوتُ
المِعْزَى. وقال يونس: الهِرُّ سَوْقُ الغنم، والبِرُّ دعاءُ الغنم. وقال
ابن الأَعرابي: الهِرُّ دعاءُ الغنم إِلى العَلَفِ، والبِرُّ دعاؤُها
إِلى الماء. وهَرْهَرْتُ بالغنم إِذا دعوتها.
والهُرارُ: داءٌ يأْخُذُ الإِبلَ مثلُ الوَرَمِ بين الجلد واللحم؛ قال
غَيْلانُ بن حُرَيْث:
فإِلاَّ يكن فيها هُرارٌ، فإِنَّني
بِسِلٍّ يُمانِيها إِلى الحَوْلِ خائِفُ
أَي خائِفٌ سِلاَّ، والباء زائدة؛ تقول منه: هُرَّتِ الإِبِلُ تُهَرُّ
هَرّاً. وبعير مَهْرُورٌ أَصابه الهُرارُ، وناقة مَهْرُورَةٌ؛ قال الكميت
يمدح خالد بن عبد الله القَسْرِيَّ:
ولا يُصادفْنَ إِلاَّ آجِناً كَدِراً،
ولا يُهَرُّ به منهنَّ مُبْتَقِلُ
قوله به أَي بالماء يعني أَنه مَريءٌ ليس بالوَبِيءِ، وذكر الإِبِلَ وهو
يريد أَصحابها. قال ابن سيده: وإِنما هذا مثل يَضْرِبُه يخبر أَن
الممدوح هنيءُ العطية، وقيل: هو داء يأْخذها فَتَسْلَحُ عنه، وقيل: الهُرارُ
سَلْحُ الإِبل من أَيِّ داءٍ كان. الكسائيُّ والأُمَوِيُّ: من أَدواءِ
الإِبل الهُرَارُ، وهو استطلاق بطونها، وقد هَرَّتْ هَرّاً وهُراراً، وهَرَّ
سَلْحُه وأَرَّ: اسْتَطْلَقَ حتى مات. وهَرَّهُ هو وأَرَّهُ: أَطلقه من
بطنه، الهمزة في كل ذلك بدل من الهاء. ابن الأَعرابي: هَرَّ بِسَلْحِهِ
وهَكَّ به إِذا رمى به. وبه هُرارٌ إِذا اسْتَطْلَقَ بطنُه حتى يموت.
والهَرَّارَانِ: نَجْمانِ؛ قال ابن سيده: الهَرَّارانِ النَّسْرُ
الواقِعُ وقلبُ العقرب؛ قال شُبَيْلُ بن عَزْرَةَ الضُّبَعِيُّ:
وساق الفَجْرُ هَرَّارَيْهِ، حتى
بدا ضَوْآهُما غَيْرَ احتِمالِ
وقد يفرد في الشعر؛ قال أَبو النجم يصف امرأَة:
وَسْنَى سَخُونٌ مَطْلَعَ الهَرَّارِ
والهَرُّ: ضَرْبٌ من زجر الإِبل. وهِرٌّ: بلد وموضع؛ قال:
فَوَالله لا أَنْسَى بلاءً لقيتُه
بصَحْراءِ هِرٍّ، ما عَدَدْتُ اللَّيالِيا
ورأْس هِرّ: موضع في ساحل فارسَ يرابَطُ فيه. والهُرُّ والهُرّهُورُ
والهَرْهارُ والهُراهِرُ: الكثير من الماءِ واللَّبَنِ وهو الذي إِذا جَرى
سمعت له هَرْهَرْ، وهو حكاية جَرْيِهِ. الأَزهري: والهُرْهُورُ الكثير من
الماءِ واللبن إِذا حلبته سمعت له هَرْهَرَةً؛ وقال:
سَلْمٌ تَرَى الدَّالِيَّ منه أَزْوَرا،
إِذا يَعُبُّ في السَّرِيِّ هَرْهَرَا
وسمعت له هَرْهَرَةً أَي صوتاً عند الحَلْب. والهَرُورُ والهُرْهُورُ:
ما تناثر من حب العُنْقُود، زاد الأزهري: في أَصل الكَرْم. قال أَعرابي:
مررت على جَفنةٍ وقد تحركت سُرُوغُها بقُطُوفها فَسَقَطَتْ أَهْرارُها
فأَكلتُ هُرْهُورَةً فما وقعت ولا طارت؛ قال الأَصمعي: الجفنة الكَرْمَة،
والسُّروغُ قضبان الكرم، واحدها سَرْغٌ، رواه بالغين، والقطوف العناقيد،
قال: ويقال لما لا ينفع ما وَقَعَ ولا طارَ. وهرّ يَهُرُّ إِذا أَكل
الهَرُور، وهو ما يتساقط من الكرم، وهَرْهَرَ إِذا تَعَدَّى. ابن السكيت: يقال
للناقة الهَرِمَة هِرْهِرٌ، وقال النضر: الهِرْهِرُ الناقة التي تَلْفِظُ
رَحِمُها الماءَ من الكِبَر فلا تَلْقَحُ؛ والجمع الهَراهِرُ؛ وقال
غيره: هي الهِرْشَفَّةُ والهِرْدِشَةُ أَيضاً. ومن أَسماءِ الحيات: القَزَازُ
والهِرْهِيرُ. ابن الأَعرابي: هَرَّ يَهَرُّ إِذا ساءَ
خُلُقُه.والهُرْهُور: ضرب من السُّفُن. ويقال للكانُونَيْنِ: هما الهَرَّارانِ وهما
شَيْبان ومِلْحانُ. وهَرْهَرَ بالغنم: دعاها إِلى الماءِ فقال لها: هَرْهَرْ.
وقال يعقوب: هَرْهَرَ بالضأْن خصها دون المعز. والهَرْهَرَةُ: حكاية
أَصوات الهند في الحرب. غيره: والهَرْهَرَةُ والغَرْغَرَةُ يحكى به بعض
أَصوات الهند والسِّنْدِ عند الحرب. وهَرْهرَ: دعا الإِبل إِلى الماءِ.
وهَرْهَرةُ الأَسد: تَرْديدُ زئِيرِه، وهي الي تسمى الغرغرة. والهَرْهَرَةُ:
الضحك في الباطل. ورجل هَرْهارٌ: ضَحَّاك في الباطل. الأَزهري في ترجمة
عقر: التَّهَرْهُرُ صوت الريح، تَهَرْهَرَتْ وهَرْهَرَتْ واحدٌ؛ قال وأَنشد
المؤَرِّجُ:
وصِرْتَ مملوكاً بِقاعٍ قَرْقَرِ،
يَجْري عليك المُورُ بالتَّهَرْهُرِ
يا لك من قُنْبُرَةٍ وقُنْبُرِ
كنتِ على الأَيَّام في تَعَقُّرِ
أَي في صر وجلادة، والله أَعلم.
قطط: القَطُّ: القطْعُ عامَّة، وقيل: هو قَطعُ الشيء الصُّلب كالحُقَّة
ونحوها تَقُطُّها على حَذْو مَسْبُورٍ كما يَقُطُّ الإِنسان قَصَبة على
عظم، وقيل: هو القطْعُ عَرْضاً، قَطَّه يقُطُّه قَطّاً: قَطَعه عَرْضاً،
واقْتَطَّه فانْقَطَّ واقْتَطَّ ومنه قَطُّ القلم. والمِقَطَّةُ
والمِقَطُّ: ما يُقَطُّ عليه القلم. وفي التهذيب: المِقطةُ عُظَيم يكون مع
الورّاقِين يقطون عليه أَطراف الأَقلام. وروي عن علي، رضوان اللّه عليه: أَنه
كان إِذا عَلا قَدَّ وإِذا توسّط قَطَّ؛ يقول إِذا علا قِرْنَه بالسيف
قَدَّه بنِصْفَين طُولاً كما يُقَدّ السير، وإِذا أَصاب وسَطه قَطعَه عرضاً
نصفين وأَبانه. ومَقَطُّ الفرس: مُنْقَطَعُ أَضْلاعه. ابن سيده: والمَقط
من الفرس منقطع الشَّراسِيفِ؛ قال النابغة الجَعْديّ:
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِيفهِ،
إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالمَنْقَبِ،
لُطِمْنَ بِتُرْسٍ شَديدِ الصِّفا
قِ، مِن خَشَبِ الجَوْزِ، لم يُثْقَبِ
والقِطاطُ: حرْف الجبل والصخرة كأَنما قُطَّ قَطَّاً، والجمع أَقِطَّةٌ؛
وقال أبُو زيد: هو أَعلى حافة الكهف وهي ثلاثة أَقطَّة. أَبو زيد:
القَطِيطةُ حافةُ أَعلى الكهفِ، والقِطاطُ: المِثالُ الذي يَحْذُو عليه
الحاذِي ويَقْطعُ النعل؛ قال رؤبة:
يا أَيُّها الحاذِي على القِطاطِ
والقِطاطُ: مَدار حافر الدابَّةِ لأَنه كأَنه قُطَّ أَي قُطِعَ
وسُوِّيَ؛ قال:
يَرْدي بِسُمْرٍ صُلْبةِ القِطاطِ
والقَطَطُ: شعر الزّنْجِيّ. يقال: رَجل قَطَطٌ وشعر قَطَطٌ وامرأَة
قَطَطٌ، والجمع قَطَطُونَ وقَطَطاتٌ، وشعر قَطٌّ وقطَطٌ: جَعْد قصير، قَطَّ
يَقَطُّ قَطَطاً وقَطاطةً وقَطِطَ، بإِظهار التضعيف، قَطّاً، وهو طَرِيفٌ.
وجَعْدٌ قَطَطٌ أَي شدِيدُ الجُعودةِ. وقد قَطِطَ شعره، بالكسر، وهو
أَحد ما جاء على الأَصل بإِظهار التضعيف، ورَجل قَطُّ الشعر وقَطَطُه بمعنى،
والجمع قَطُّون وقَطَطُون وأَقْطاطٌ وقِطاطٌ؛ قال الهذلي:
يُمشَّى بَيْننا حانوتُ خَمْرٍ،
من الخُرْس الصَّراصِرةِ القِطاطِ
(* قوله «يمشي» كذا هو بالياء هنا وفي مادة خرص، وبالتاء الفوقية في
مادة حنت.)
والأُنثى قطّةٌ وقَطَطٌ، بغير هاء. وفي حديث المُلاعَنة: إِن جاءتْ به
جَعْداً قَطَطاً فهو لفلان؛ والقَطَطُ: الشديدُ الجعُودةِ، وقيل: الحسَنُ
الجعُودةِ. الفراء: الأَقَطُّ الذي انْسَحَقت أَسنانه حتى ظهرت
دَرادِرُها، وقيل: الأَقطُّ الذي سقطت أَسنانه. ابن سيده: ورجل أَقَطُّ وامرأَة
قَطَّاء إِذا أَكلا على أَسْنانِهما حتى تَنْسحِقَ؛ حكاه ثعلب.
والقَطَّاطُ: الخَرَّاطُ الذي يعمل الحُقَق؛ وأَنشد ابن بَري لرؤبة يصف أُتُناً
وحماراً:
سَوَّى، مَساحِيهنَّ، تَقطِيطَ الحُقَقْ،
تَقْلِيلُ ما قارَعْنَ مِن سُمِّ الطُّرَق
(* قوله «سم الطرق» كذا هو بالسين المهملة في الموضعين ولعله شم أَو
صم.)أَراد بالمساحِي حَوافرَهن لأَنها تَسْحِي الأَرض أَي تَقْشُرها، ونصَب
تقطيطَ الحقق على المصدر المشبه به لأَن معنى سَوّى وقطَّط واحد،
والتقْطِيطُ: قطع الشيء، وأَراد تقطيع حُقَق الطِّيب وتَسْويتَها، وتقْليلُ فاعل
سَوّى أَي سَوّى مَساحِيَهنَّ تكسيرُ ما قارَعَتْ من سُمّ الطُّرَق،
والطُّرَقُ جمع طُرْقَة وهي حجارة بعضها فوق بعض.
وحديث قتل ابن أَبي الحُقَيْق: فتحامل عليه بسيفه في بطنه حتى أَنْفَذَه
فجعل يقول: قَطْني قَطْني
(* قوله: وحديث قتل ابن أَبي الحقيق، إِلى
قوله قطني، هكذا في الأَصل. ولعلّ موضع هذه الجملة هو مع الكلام على
قطني.).وقَطَّ السِّعْرُ يَقِطُّ، بالكسر، قَطّاً وقُطُوطاً، فهو قاطٌّ
ومَقْطُوطٌ بمعنى فاعِل: غَلا. ويقال: وردْنا أَرضاً قَطّاً سِعْرُها؛ قال أَبو
وجْزَة السَّعْدِيّ:
أَشْكُو إِلى اللّهِ العَزِيز الجَبّارْ،
ثُمَّ إِلَيْكَ اليَوْمَ بُعْدَ المُسْتارْ،
وحاجةَ الحَيِّ وقَطَّ الأَسْعارْ
وقال شمر: قَطَّ السِّعْرُ، إِذا غَلا، خَطأ عندي إِنما هو بمعنى فَتَر،
وقال الأَزهري: وَهِمَ شمر فيما قال. وروي عن الفراء أَنه قال: حَطَّ
السِّعْرُ حُطُوطاً وانْحَطَّ انْحِطاطاً وكسَر وانكسر إِذا فَتَر، وقال:
سِعْرٌ مَقْطُوطٌ وقد قَطَّ إِذا غَلا، وقد قَطَّه اللّه. ابن الأَعرابي:
القاطِطُ السِّعْر الغالي.
الليث: قَطْ خفِيفة بمعنى حَسْب، تقول: قَطْكَ الشيء أَي حَسْبُك، قال:
ومثله قد، قال وهما لم يتمكنا في التصريف، فإِذا أَضفتهما إِلى نفسك
قُوّيَتا بالنون قلت: قَطْني وقَدْني كما قَوَّوا عنِّي ومني ولَدُنِّي بنون
أُخرى، قال: وقال أَهل الكوفة معنى قطني كفاني فالنون في موضع نصب مثل
نون كفاني، لأَنك تقول قَطْ عبدَ اللّهِ دِرهمٌ، وقال أَهل البصرة: الصواب
فيه الخفض على معنى حَسْبُ زيدٍ وكَفْيُ زيدٍ درهمٌ، وهذه النون عماد،
ومَنَعَهم أَن يقولوا حَسْبُني أََن الباء متحركة والطاء من قط ساكنة
فكرهوا تغييرها عن الإِسكان، وجعلوا النون الثانية من لدنّي عماداً للياء. وفي
الحديث في ذكر النار: إِنَّ النارَ تقول لربها إِنك وعَدْتَنِي مِلْئي،
فيَضَع فيها قدَمَه، وفي رواية: حتى يضع الجبَّارُ فيها قَدَمه فتقول:
قَطْ قَطْ بمعنى حَسْب، وتكرارها للتأْكيد، وهي ساكنة الطاء، ورواه بعضهم
قَطْني أَي حَسْبِي. قال الليث: وأَما قَطُّ فإِنه هو الأَبَدُ الماضي،
تقول: ما رأَيت مثله قَطُّ، وهو رفع لأَنه مثل قبلُ وبعدُ، قال: وأَما
القَطُّ الذي في موضع ما أَعطيته إِلا عشرين قَطِّ فإِنه مجرور فرقاً بين
الزمان والعَددِ، وقَطُّ معناها الزمان؛ قال ابن سيده: ما رأَيته قَطُّ
وقُطُّ وقُطُ، مرفوعة خفيفة محذوفة منها، إِذا كانت بمعنى الدهر ففيها ثلاث
لغات وإِذا كانت في معنى حَسْب فهي مفتوحة القاف ساكنة الطاء، قال بعض
النحويين: أَمّا قولهم قَطُّ، بالتشديد، فإِنما كانت قَطُطُ وكان ينبغي لها
أَن تسكن، فلما سكن الحرف الثاني جعل الآخِر متحركاً إِلى إِعرابه، ولو
قيل فيه بالخفض والنصب لكان وجهاً في العربية، وأَما الذين رفعوا أَوَّله
وآخره فهو كقولك مُدُّ يا هذا، وأَما الذين خففوه فإِنهم جعلوه أَداة ثم
بَنَوْه على أَصله فأَثبتوا الرَّفْعة التي كانت تكون في قط وهي مشددة،
وكان أَجود من ذلك أَن يجزموا فيقولوا ما رأَيته قُطْ، مجزومة ساكنة
الطاء، وجهة رفعه كقولهم لم أَره مُذُ يومان، وهي قليلة، كله تعليل كوفي ولذلك
لفظ الإِعراب موضع لفظ البناء هذا إِذا كانت بمعنى الدهْر، وأَما إِذا
كانت بمعنى حسب، وهو الاكتفاء، قال سيبويه: قط ساكنة الطاء معناها
الاكتفاء، وقد يقال قَطٍ وقَطِي، وقال: قَطُ معناها الانتهاء وبنيت على الضم
كحَسْبُ. وحكى ابن الأَعرابي: ما رأَيته قَطِّ، مكسورة مشددة، وقال بعضهم:
قَطْ زيداً دِرْهَمٌ أَي كفاه، وزادوا النون في قَطْ فقالوا قَطْني، لم
يريدوا أَن يكسروا الطاء لئلا يجعلوها بمنزلة الأَسماء المتمكنة نحو يَدِي
وهَنِي. وقال بعضهم: قطني كلمة موضوعة لا زيادة فيها كحسبي؛ قال الراجز:
امتَلأَ الحوْضُ وقال: قَطْنِي،
سَلا رُوَيْداً، قد ملأْتَ بَطْنِي
(* قوله «سلا» كذا هو بالأصل وشرح القاموس، قال: ورواية الجوهري مهلاً أ
هـ. ولعل الاولى ملأّ.)
وإِنما دخلت النون ليسلم السكون الذي يبنى الاسم عليه، وهذه النون لا
تدخل الأَسماء، وإِنما تدخل الفعل الماضي إِذا دخلته ياء المتكلم كقولك
ضربني وكلمني لتسلم الفتحة التي بني الفعل عليها ولتكون وقاية للفعل من
الجرّ، وإِنما أَدخلوها في أَسماء مخصوصة قليلة نحو قَطْنِي وقَدْني وعَنِّي
ومنِّي ولَدُنِّي لا يقاس عليها، فلو كانت النون من أَصل الكلمة لقالوا
قَطْنُكَ وهذا غير معلوم. وقال ابن بري: عني ومني وقطني ولدني على القياس
لأَن نون الوقاية تدخل الأَفعال لِتقيَها الجرّ وتبقي على فتحها، وكذلك
هذه التي تقدمت دخلت النون عليها لتقيها الجرّ فتبقي على سكونها، وقد
يُنصب بقَطْ، ومنهم من يخفض بقط مجزومة، ومنهم من يبنيها على الضم ويخفض بها
ما بعدها، وكلُّ هذا إِذا سمي به ثم حقّر قيل قطيط لأَنه إِذا ثُقِّل فقد
كُفِيت، وإِذا خفف فأَصله التثقيل لأَنه من القَطّ الذي هو القَطْعُ.
وحكى اللحياني: ما زال هذا مذ قُطُّ يا فتى، بضم القاف والتثقيل،قال: وقد
يقال ما لَه إِلا عشرة قَطْ يا فتى، بالتخفيف والجزم، وقَطِّ يا فتى،
بالتثقيل والخفض.
وقَطاطِ: مبنية مثل قَطام أَي حسبي؛ قال عمرو بن مَعْدِيكَرِب:
أَطَلْتُ فِراطَهم، حتى إِذا ما
قَتلْتُ سَراتَهمْ قالتْ: قَطاطِ
أَي قطْني وحسْبي؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده أَطلت فِراطَكم وقتلت
سَراتَكم بكاف الخطاب، والفِراطُ: التقَدُّم؛ يقول: أَطلت التقدُّم بوَعِيدي
لكم لتخرجوا من حقِّي فلم تفعلوا.
والقِطُّ: النَّصِيبُ. والقِطُّ: الصَّكُّ بالجائزةِ. والقِطُّ: الكتاب،
وقيل: هو كتاب المُحاسَبةِ؛ وأَنشد ابن بري لأُمَيَّةَ بن أَبي الصلت:
قَوْم لهم ساحةُ العِرا
قِ جَميعاً، والقِطُّ والقَلَمُ
وفي التنزيل العزيز: عَجِّلْ لنا قِطَّنا قبل يوم الحساب، والجمع
قُطوطٌ؛ قال الأَعشى:
ولا المَلِكُ النُّعْمانُ، يوم لَقِيتُه
بغِبْطَته، يُعْطِي القُطوطَ ويأْفِقُ
قوله: يأْفِقُ يُفَضِّلُ، قال أَهل التفسير مجاهد وقتادة والحسن قالوا:
عجِّل لنا قِطَّنا، أَي نَصِيبنا من العذاب. وقال سعيد بن جبير: ذُكرت
الجنة فاشْتَهوْا ما فيها فقالوا: ربنا عجِّل لنا قطنا، أَي نصيبنا. وقال
الفراء: القِطّ الصحيفة المكتوبة، وإِنما قالوا ذلك حين نزل: فأَمَّا مَن
أُوتيَ كتابه بيمينه، فاستهزؤُوا بذلك وقالوا: عجل لنا هذا الكتاب قبل
يوم الحِساب. والقِطُّ في كلام العرب: الصَّكُّ وهو الحظ. والقِطُّ:
النصيب، وأَصله الصحيفة للإِنسان بصلة يوصل بها، قال: وأَصل القِطّ من قطَطْتُ.
وروي عن زيد ابن ثابت وابن عمر أَنَّهما كانا لا يَريانِ ببيع القُطوطِ
إِذا خرجت بأْساً، ولكن لا يحل لمن ابتاعَها أَن يبيعها حتى يَقْبِضَها.
قال الأَزهري: القُطوطُ ههنا جمع قِطّ وهو الكتاب. والقِطُّ: النصيب،
وأَراد بها الجوائز والأَرْزاقَ، سميت قُطوطاً لأَنها كانت تخرج مكتوبة في
رِقاع وصِكاكٍ مقطوعة، وبيعُها عند الفقهاء غير جائز ما لم يَتحصَّل ما
فيها في مِلْك من كُتِبت له معلومة مقبوضة.
الليث: القِطَّةُ السِّنَّوْرُ، نعت لها دون الذكر. ابن سيده: القِطُّ
السنور، والجمع قِطاطٌ وقِطَطة، والأُنثى قِطَّة، وقال كراع: لا يقال
قِطَّة؛ قال ابن دريد: لا أَحسبها عربية؛ قال الأَخطل:
أَكَلْتَ القِطاطَ فأَفْنَيْتَها،
فهل في الخَنانِيصِ من مَغْمَزِ؟
ومضَى قِطٌّ من الليل أَي ساعة؛ حكي عن ثعلب.
والقِطْقِطُ، بالكسر: المطَر الصِّغار الذي كأَنه شَذْر، وقيل: هو صغار
البَرَدِ، وقد قَطْقَطت السماء فهي مُقَطْقِطةٌ، ثم الرَّذاذُ وهو فوق
القِطْقِط، ثم الطَّشُّ وهو فوق الرّذاذِ، ثم البَغْشُ وهو فوق الطشّ، ثم
الغَبْيةُ وهو فوق البَغْشةِ، وكذلك الحَلْبةُ والشَّجْذةُ والخَفْشةُ
والحَكْشةُ مثل الغَبْيةِ. وقال الليث: القِطْقِطُ المطر المتفرّق
المُتتابِعُ المُتحاتِنُ. أَبو زيد: أَصغر المطر القِطْقِطُ.
ويقال: جاءت الخيلُ قَطائطَ، قَطيعاً قَطِيعاً؛ قال هِمْيانُ:
بالخيْلِ تَتْرَى زِيَماً قَطائطا
وقال عَلْقَمةُ بن عَبْدة:
ونحنُ جَلَبْنا مِن ضَرِيّةَ خَيْلَنا،
نُكَلِّفُها حَدَّ الإِكامِ قَطائطا
قال أَبو عمرو: أَي نُكَلِّفُها أَن تقْطَع حدّ الإِكامِ فتقْطَعَها
بحوافرها؛ قال: وواحد القَطائطِ قَطُوطٌ مثل جَدُودٍ وجَدائدَ، وقال غيره:
قَطائطاً رِعالاً وجَماعاتٍ في تَفْرِقة.
ويقال: تَقَطْقَطَت الدَّلْو إِلى البئر أَي انْحَدَرَت؛ قال ذو الرمة
يصف سُفْرةً دَلاَّها في البئر:
بمَعْقُودة في نِسْعِ رَحْلٍ تَقَطْقَطَتْ
إِلى الماء، حتى انْقَدَّ عنها طَحالِبُهْ
ابن شميل: في بطن الفرس مَقاطُّه ومَخِيطُه، فأَما مِقَطُّه فطرفه في
القَصِّ وطرفه في العانة.
وفي حدجيث أُبَيّ وسأَل زِرَّ بن حُبَيْش عن عدد سورة الأَحزاب فقال:
إِمّا ثلاثاً وسبعين أَو أَربعاً وسبعين، فقال: أَقَطْ؟ بأَلف الاستفهام
أَي أَحَسْبُ؟ وفي حديث حَيْوةَ بن شُرَيْح: لقِيتُ عُقْبةَ بن مُسْلِم
فقلت له: بلَغني أَنك حدَّثْتَ عن عبدِ اللّه بن عمرو بن العاص أَن رسول
اللّه، صلّى اللّ عليه وسلّم، كان يقول إِذا دخل المسجد: أَعوذ باللّه
العظيم وبوجهه الكريم وسُلْطانه القديم من الشيطان الرجيم، قال: أَقَطْ؟ قلت:
نعم.
وقَطْقَطَتِ القَطاةُ والحَجلة: صَوَّتت وحدها.
وتَقَطْقَطَ الرجلُ: رَكِبَ رأْسَه.
ودَلَجٌ قَطْقاطٌ: سَريع؛ عن ثعلب؛ وأَنشد:
يَسِيحُ بعد الدَّلَجِ القَطْقاطِ،
وهو مُدِلٌّ حَسَنُ الأَلْياطِ
(* قوله «يسيح» كذا بالأصل هنا، وتقدم في مادة شرط: يصبح.)
وقُطَيْطِ: اسم أَرض، وقيل: موضع؛ قال القُطامِي:
أَبَتِ الخُرُوجَ من العِراقِ، ولَيْتَها
رَفَعَت لنا بقُطَيْقِط أَظْعانا
ودارةُ قُطْقُطٍ؛ عن كراع. والقُطْقُطانةُ، بالضم: موضع، وقيل: موضع
بقُرب الكوفة؛ قال الشاعر:
مَن كان يَسأَلُ عَنّا أَيْنَ مَنْزِلُنا؟
فالقُطْقُطانةُ مِنّا مَنْزِلٌ قَمِنُ
(* هذا البيت لعمر بن ابي ربيعة، وفي ديوانه: الأقحوانة بدل
القطقطانة.)
رأس: رَأْسُ كلّ شيء: أَعلاه، والجمع في القلة أَرْؤُسٌ وآراسٌ على
القلب، ورُؤوس في الكثير، ولم يقلبوا هذه، ورؤْسٌ: الأَخيرة على الحذف؛ قال
امرؤ القيس:
فيوماً إِلى أَهلي، ويوماً إِليكمُ،
ويوماً أَحُطُّ الخَيْلَ من رُؤْسِ أَجْبالِ
وقال ابن جني: قال بعض عُقَبْل: القافية رأْس البيت؛ وقوله:
رؤسُ كَبِيرَيْهِنَّ يَنْتَطِحان
أَراد بالرؤس الرأْسين، فجعل كل جزء منها رأْساً ثم قال ينتطحان، فراجع
المعنى.
ورأْسَه يَرْأَسَه رَأْساً: أَصاب رَأْسَه. ورُئِسَ رَأْساً: شكا رأْسه.
ورَأَسْتُه، فهو مرؤوسٌ ورئيس إِذا أَصبت رأْسه؛ وقول لبيد:
كأَنَّ سَحِيلَه شَكْوَى رَئيسٍ،
يُحاذِرُ من سَرايا واغْتِيالِ
يقال: الرئيس ههنا الذي شُدَّ رأْسه. ورجل مرؤوس: أَصابه البِرْسامُ.
التهذيب: ورجل رئيسٌ ومَرْؤُوسٌ، وهو الذي رَأْسَه السِّرْسامُ فأَصاب
رأْسه. وقوله في الحديث: إِنه، صلى اللَّه عليه وسلم، كان يصيب من الرأْس وهو
صائم؛ قال: هذا كتابه عن القُبْلة.
وارْتَأَسَ الشيءَ: رَكب رأْسه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
ويُعْطِي الفَتَى في العَقْلِ أَشْطارَ مالِه،
وفي الحَرْب يَرْتاسُ السِّنانَ فَيَقْتُل
أَراد: يرتئس، فحذف الهمزة تخفيفاً بدليّاً. الفراء: المُرائِسُ
والرَّؤوسُ من الإِبل الذي لم يَبْقَ له طِرْقٌ إِلا في رأْسه. وفي نوادر
الأَعراب: ارْتَأَسَني فلان واكْتَسَأَني أَي شَغَلَني، وأَصله أَخذ بالرَّقَبة
وخفضها إِلى الأَرض، ومثله ارْتَكَسَني واعْتَكَسني. وفحل أَرْأَسُ: وهو
الضَّخْمُ الرأْس. والرُّؤاسُ والرُّؤاسِيُّ والأَرْأَسُ: العظيم
الرأْس، والأُنثى رَأْساءُ؛ وشاة رأْساءُ: مُسْوَدَّة الرأْس. قال أَبو عبيد:
إِذا اسْوَدَّ رأْس الشاة، فهي رأْساء، فإِن ابيض رأْسها من بين جسدها،
فهي رَخْماء ومُخَمَّرَةٌ. الجوهري: نعجة رأْساء أَي سوداء الرأْس والوجه
وسائرها أَبيض. غيره: شاة أَرْأَسُ ولا تقل رؤاسِيٌّ؛ عن ابن السكيت. وشاة
رَئِيسٌ: مُصابة الرأْس، والجمع رَآسَى بوزن رَعاسَى مثل حَباجَى
ورَماثَى.
ورجل رَأْآسٌ بوزن رَعَّاسٍ: يبيع الرؤوس، والعامة تقول: رَوَّاسٌ.
والرَّائِسُ: رأْسُ الوادي. وكل مُشْرِفٍ رائِسٌ. ورَأَسَ السَّيْلُ
الغُثَاءَ: جَمَعَه؛ قال ذو الرمة:
خَناطيلُ، يَسْتَقرِبْنَ كلَّ قَرارَةٍ
ومَرْتٍ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائِسُ
وبعض العرب يقول: إِن السيل يَرْأَسُ الغثاء، وهو جمعه إِياه ثم يحتمله.
والرَّأْسُ: القوم إِذا كثروا وعَزُّوا؛ قال عمرو بن كلثوم:
بِرَأْسٍ من بني جُشَمِ بنِ بَكْرٍ،
نَدُقُّ به السُّهُولَةَ والخُزونا
قال الجوهري: وأَنا أَرى أَنه أَراد الرَّئيسَ لأَنه قال ندق به ولم يقل
ندق بهم. ويقال للقوم إِذا كثروا وعَزُّوا: هم رَأْسٌ. ورَأَسَ القومَ
يَرْأَسُهم، بالفتح، رَآسَةً وهو رئيسهم: رَأَسَ عليهم فَرَأَسَهم
وفَضَلهم، ورَأَسَ عليهم كأَمَر عليهم، وتَرَأَّسَ عليهم كَتَأَمَّرَ،
ورَأَّسُوه على أَنفسهم كأَمَّروه، ورَأَسْتُه أَنا عليهم تَرْئِيساً فَتَرَأَّسَ
هو وارْتَأَسَ عليهم. قال الأَزهري: ورَوَّسُوه على أَنفسهم، قال: وهكذا
رأَيته في كتاب الليث، وقال: والقياس رَأَّسوه لا رَوَّسُوه. ابن السكيت:
يقال قد تَرَأَّسْتُ على القوم وقد رَأَّسْتُك عليهم وهو رَئيسُهم وهم
الرُّؤَساء، والعامَّة تقول رُيَساء.
والرَّئِيس: سَيِّدُ القوم، والجمع رُؤَساء، وهو الرَّأْسُ أَيضاً،
ويقال رَيِّسٌ مثل قَيِّم بمعنى رَئيس؛ قال الشاعر:
تَلْقَ الأَمانَ على حِياضِ محمدٍ
تَوْلاءُ مُخْرِفَةٌ، وذِئْبٌ أَطْلَسُ
لا ذي تَخافُ ولا لِهذا جُرْأَة،
تُهْدى الرَّعِيَّةُ ما اسْتَقامَ الرَّيِّسُ
قال ابن بري: الشعر للكميت يمدح محمد بن سليمان الهاشمي. والثَّوْلاء:
النعجة التي بها ثَوَلٌ. والمُخْرِفَةُ: التي لها خروف يتبعها. وقوله لا
ذي: إِشارة إِلى الثولاء، ولا لهذا: إِشارة إِلى الذئب أَي ليس له جُرأَة
على أَكلها مع شدة جوعه؛ ضرب ذلك مثلاً لعدله وإِنصافه وإِخافته الظالم
ونصرته المظلوم حتى إِنه ليشرب الذئب والشاة من ماء واحد. وقوله تهدى
الرعية ما استقام الريس أَي إِذا استقام رئيسهم المدبر لأُمورهم صلحت
أَحوالهم باقتدائهم به. قال ابن الأَعرابي: رَأَسَ الرجلُ يَرْأَسُ رَآسَة إِذا
زاحم عليها وأَراجها، قال: وكان يقال إِن الرِّياسَة تنزل من السماء
فيُعَصَبُ بها رأْسُ من لا يطلبها؛ وفلان رأَسُ القوم ورَئيس القوم. وفي حديث
القيامة: أَلم أَذَرْكَ تَرْأَسُ وتَرْبَعُ؟ رَأَسَ القومَ: صار رئيسَهم
ومُقَدَّمَهم؛ ومنه الحديث: رَأْس الكفر من قِبَلِ المشرق، ويكون إِشارة
إِلى الدجال أَو غيره من رؤَساء الضلال الخارجين بالمشرق. ورَئيسُ
الكلاب ورائِسها: كبيرها الذي لا تَتَقَدَّمُه في القَنَص، تقول: رائس الكلاب
مثلُ راعِسٍ أَي هو في الكلاب بمنزلة الرئيس في القوم. وكلبة رائِسَة:
تأْخذ الصيد برأْسه. وكلبة رَؤوس: وهي التي تُساوِرُ رأْسَ الصيد. ورائس
النهر والوادي: أَعلاه مثل رائس الكلاب. ورَوائس الوادي: أَعاليه. وسحابة
مُرائس ورائِس: مُتَقَدِّمَة السحاب. التهذيب: سحابة رائِسَةٌ وهي التي
تَقَدَّمُ السحابَ، وهي الرَّوائِس. ويقال: أَعطني رَأْساً من ثُومٍ.
والضَّبُّ ربما رَأَسَ الأَفْعَى وربما ذَنَبها، وذلك أَن الأَفعى تأْتي
جُحْرَ الضب فتَحْرِشُه فيخرج أَحياناً برأْسه مُسْتَقْبِلها فيقال: خَرَجَ
مُرَئِّساً، وربما احْتَرَشَه الرجل فيجعل عُوداً في فم جَحْره فيَحْسَبُه
أَفْعَى فيخرج مُرَئِّساً أَو مُذَنِّباً. قال ابن سيده: خرج الضَّبُّ
مُرائِساً اسْتَبَقَ برأْسه من جحره وربما ذَنَّبَ. ووَلَدَتْ وَلَها على
رَأْسٍ واحدٍ، عن ابن الأَعرابي، أَي بعضُهم في إِثر بعض، وكذلك ولدت
ثلاثة أَولاد رأْساَ على رأْس أَي واحداً في إِثر آخر.
ورَأْسُ عَينٍ ورأْسُ العين، كلاهما: موضع؛ قال المُخَبَّلُ يهجو
الزِّبْرِقان حين زَوّجَ هَزَّالاً أُخته خُلَيْدَةَ:
وأَنكحتَ هَزَّالا خُلَيْدَةَ، بعدما
زَعَمْتَ برأْسِ العين أَنك قاتٍلُهْ
وأَنكَحْتَه رَهْواً كأَنَّ عِجانَها
مَشَقُّ إِهابٍ، أَوسَعَ الشَّقَّ ناجِلُهْ
وكان هَزَّال قتل ابن مَيَّة في جوار الزبرقان وارتحل إِلى رأْس العين،
فحلف الزبرقان ليقتلنه ثم إِنه بعد ذلك زوّجه أُخته، فقالت امرأَة
المقتول تهجو الزبرقان:
تَحَلَّلَ خِزْيَها عَوْفُ بن كعبٍ،
فليس لخُلْفِهامنه اعْتِذارُ
برأْسِ العينِ قاتِلُ من أَجَرْتُمْ
من الخابُورِ، مَرْتَعُه السَّرارُ
وأَنشد أَبو عبيدة في يوم رأْس العين لسُحَيْم بنْ وثَيْلٍ
الرِّياحِيِّ:وهم قََتَلوا عَمِيدَ بني فِراسٍ،
برأْسِ العينِ في الحُجُج الخَوالي
ويروى أَن المخبل خرج في بعض أَسفاره فنزل على بيت خليدة امرأَة هزال
فأَضافته وأَكرمته وزَوَّدَتْه، فلما عزم على الرحيل قال: أَخبريني باسمك.
فقالت: اسمي رَهْوٌ، فقال: بئس الاسم الذي سميت به فمن سماك به؟ قالت
له: أَنت، فقال: واأَسفاه واندماه ثم قال:
لقد ضَلَّ حِلْمِي في خُلَيْدَةَ ضَلَّةً،
سَأُعْتِبُ قَوْمي بعدها وأَتُوبُ
وأَشْهَدُ، والمُسْتَغْفَرُ اللَّهُ، أَنَّني
كَذَبْتُ عليها، والهِجاءُ كَذُوبُ
الجوهري: قَدِمَ فلان من رأْس عين وهوموضع، والعامَّة تقول من رأْس
العين. قال ابن بري: قال علي بن حمزة إِنما يقال جاء فلان من رأْس عين إِذا
كانت عيناً من العيون نكرة، فأَما رأْس عين هذه التي في الجزيرة فلا يقال
فيها إِلا رأْس العين.
ورائِسٌ: جبل في البحر؛ وقول أُمية بن أَبي عائذ الهُذَلّي:
وفي غَمْرَةِ الآلِ خِلْتُ الصُّوى
عُرُوكاً على رائِسٍ يَقْسِمونا
قيل: عنى هذا الجبل. ورائِسٌ ورَئيسُ منهم، وأَنت على رأْسِ أَمْرِكَ
ورئاسهِ أَي على شَرَفٍ منه؛ قال الجوهري: قولهم أَنت على رِئاسِ أَمرك أَي
أَوله، والعامة تقول على رأْسِ أَمرك. ورِئاسُ السيف: مَقْبِضُه وقيل
قائمه كأَنه أُخِذَ من الرأْسِ رِئاسٌ؛ قال ابن مقبل:
وليلةٍ قد جَعَلْتُ الصُّبْحَ مَوْعِدَها
بصُدْرَةِ العَنْسِ حتى تَعْرِفَ السَّدَفا
ثم اضْطَغَنْتُ سِلاحي عند مَغْرِضِها،
ومِرْفَقٍ كَرِئاسِ السيف إِذ سَشَفَا
وهذا البيت الثاني أَنشده الجوهري: إِذا اضطغنت سلاحي، قال ابن بري
والصواب: ثم اضطغنت سلاحي. والعنْسُ: الناقة القوية، وصُدْرَتُها: ما أَشرف
من أَعلى صدرها. والسِّدَفُ ههنا: الضوء. واضْطَغَنْتُ سلاحي: جعلته تحت
حِضْني. والحِضنُ: ما دون الإِبطِ إِلى الكَشْحِ، ويروى: ثم احْتَضَنْتُ.
والمَغْرِضُ للبعير كالمَحْزِم من الفرس، وهو جانب البطن من أَسفل
الأَضلاع التي هي موضع الغُرْضَة. والغُرْضَة للرحْل: بمنزلة الحزام للسرج.
وشَسَفَ أَي ضَمَرَ يعني المِرْفَق. وقال شمر: لم أَسمع رِئاساَ إِلا ههنا؛
قال ابن سيده: ووجدناه في المُصَنَّف كرياس السيف، غير مهموز، قال: فلا
أَدري هل هو تخفيف أَم الكلمة من الياء. وقولهم: رُمِيَ فلان منه في
الرأْس أَي أَعرض عنه ولم يرفع به رأْساً واستثقله؛ تقول: رُمِيتُ منك في
الرأْس على ما لم يسمَّ فاعله أَي ساء رأْيُك فيَّ حتى لا تقدر أَن تنظر
إِليَّ. وأَعِدْ عليّ كلامَك من رأْسٍ ومن الرأْسِ، وهي أَقل اللغتين وأَباها
بعضهم وقال: لا تقل من الرأْس، قال: والعامة تقوله.
وبيتُ رأْسٍ: اسم قرىة بالشام كانت تباع فيها الخمور؛ قال حسان:
كأَنَّ سَبِيئةً من بيتِ رأْسٍ،
يكونُ مِزاجَها عَسَلٌ وماءُ
قال: نصب مزاجها على أَنه خبر كان فجعل الاسم نكرة والخبر معرفة، وإِنما
جاز ذلك من حيث كان اسْمَ جنس، ولو كان الخبر معرفة محضة لَقَبُحَ.
وبنو رؤاسٍ: قبيلة، وفي التهذيب: حَيٌّ من عامر ابن صعصعة، منهم أَبو
جعفر الرُّؤاسِي وأَبو دُؤادٍ الرُّؤاسِي اسمه يزيد بن معاوية بن عمرو بن
قيس بن عبيد بن رُؤاسِ بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، وكان أَبو عمر
الزاهد يقول في الرُّؤاسِي أَحد القراء والمحدّثين: إِنه الرَّواسِي،
بفتح الراء وبالواو من غير همز، منسوب إِلى رَوَاسٍ قبيلة من سُلَيْم وكان
ينكر أَن يقال الرُّؤاسِي، بالهمز، كما يقوله المحدّثون وغيرهم.
رصف: الرَّصْفُ: ضَمُّ الشيء بعضِه إلى بعض ونَظْمُه، رَصَفَه يَرْصُفُه
رَصْفاً فارْتَصَفَ وتَرَصَّفَ وتَراصَفَ. قال الليث: يقال للقائم إذا
صَفَّ قدميه رَصَفَ قَدَمَيْهِ، وذلك إذا ضَمَّ إحداهما إلى الأُخرى.
وتَراصَفَ القومُ في الصفّ أَي قام بعضُهم إلى لِزْقِ بعض. ورَصَفَ ما بين
رِجْليه: قَرَّبَهما. ورُصِفَتْ أَسْنانُه
(* قوله «ورصفت أسنانه إلى قوله
تصافت» كذا بالأصل مضبوطاً.) رَصْفاً ورَصِفَتْ رَصَفاً، فهي رصِفَةٌ
ومُرْتَصِفةٌ: تَصافَّتْ في نبْتَتِها وانْتَظَمَتْ واستوت. وفي حديث معاذ،
رضي اللّه عنه، في عذاب القبر: ضَرَبه بمِرْصافةٍ وسَط رأْسه أَي
مِطْرَقَةٍ لأَنها يُرْصَفُ بها المضروب أَي يُضَمُّ. ورَصَفَ الحجرَ يَرْصفُهُ
رَصْفاً: بناه فوَصَل بعضَه ببعض. والرَّصَفُ: الحِجارة المُتراصِفةُ،
واحدتها رَصَفةٌ، بالتحريك. والرَّصَفُ: حجارةٌ مَرْصُوفٌ بعضُها إلى بعضٍ؛
وأَنشد للعجاج:
فَشَنَّ في الإبْريقِ منها نُزَفا،
منْ رَصَفٍ نازَعَ سَيْلاً رَصَفا،
حتى تَناهى في صَهاريجِ الصَّفا
قال الباهلي: أَراد أَنه صَبَّ في إبْريقِ الخمر من ماءِ رَصَفٍ نازَعَ
سَيْلاً كان في رصَفٍ فصار منه في هذا، فكأَنَّه نازعه إياه. قال
الجوهري: يقول مُزِجَ هذا الشرابُ من ماء رصَفٍ نازَعَ رصَفاً آخَرَ لأَنه
أَصْفى له وأَرَقُّ، فَحذَف الماء، وهو يُريدُه، فجَعل مَسِيلَه من رَصَفٍ إلى
رصف مُنازَعةً منه إياه.
ابن الأعرابي: أَرْصَفَ الرجلُ إذا مَزَجَ شرابَه بماء الرَّصَفِ، وهو
الذي ينحدر من الجبال على الصخر فيَصْفُو، وأَنشد بيت العجاج. وفي حديث
المغيرة: لحَديثٌ من عاقِلٍ أَحَبُّ إليَّ من الشُّهْدِ بماء رَصَفةٍ؛
الرَّصَفةُ، بالتحريك: واحدة الرَّصَفِ، وهي الحجارة التي يُرْصَفُ بعضها إلى
بعض في مَسِيل فيجتمع فيها ماء المطر؛ وفي حديث ابن الضَّبْعاء
(* قوله
«الضبعاء» كذا في الأصل بضاد معجمة ثم عين مهملة، والذي في النهاية:
الصبغاء بمهملة ثم معجمة.):
بين القِرانِ السَّوْءِ والتَّراصُفِ
التَّراصُفُ: تَنْضِيدُ الحجارة وصَفُّ بعضِها إلى بعض، واللّه أَعلم.
والرَّصَفُ: السَّدُّ المبنيّ للماء. والرَّصَفُ: مَجْرى المَصْنعةِ.
التهذيب: الرَّصَفُ صَفاً طويلٌ يتصل بعضه ببعض، واحدته رَصَفةٌ، وقيل:
الرَّصَفُ صفاً طويل كأَنه مَرْصُوفٌ. ابن السكيت: الرَّصْفُ مصدر رَصَفْتُ
السهْم أَرْصُفُه إذا شَدَدْتَ عليه الرِّصافَ، وهي عَقَبةٌ تُشدُّ على
الرُّعْظِ، والرُّعْظُ مَدْخَلُ سِنْخِ النَّصْلِ، يقال: سَهْمٌ مَرْصوفٌ.
وفي الحديث: ثم نَظَرَ في الرِّصافِ فتَمارى أَيرى شيئاً أَم لا، قال
الليث: الرَّصَفَةُ عَقَبةٌ تُلْوى على موضع الفُوقِ؛ قال الأَزهري: هذا
خطأٌ والصواب ما قال ابن السكيت. وفي حديث الخوارج: ينظر في رِصافِه ثم في
قُذَذِه فلا يرى شيئاً؛ والرَّصَفَةُ: واحدة الرِّصافِ وهي العَقَبةُ
التي تُلْوى فوق رُعْظِ السهم إذا انكسر، وجمعه رُصُفٌ؛ وقول المتنَخِّل
الهُذَليِّ:
مَعابِل غير أَرْصافٍ، ولكنْ
كُسِينَ ظُهارَ أَسْوَدَ كالخِياطِ
قال ابن سيده: عندي أَنه جمع رَصَفةً على رَصَفٍ كشجرة وشجر، ثم جمع
رَصفاً على أرْصاف كأَشْجار، وأَراد ظُهارَ رِيشٍ أَسْودَ، وهي الرُّصافةُ،
وجمعها رَصائِفُ ورِصافٌ. وقد رَصَفه رَصْفاً، فهو مَرْصُوفٌ ورَصِيفٌ.
والرَّصَفةُ والرَّصْفةُ جميعاً: عَقَبةٌ تُشَدُّ على عَقَبةٍ ثم تُشَدُّ
على حِمالةِ القَوْسِ، قال: وأَرى أَبا حنيفة قد جعل الرِّصافَ واحداً.
وفي الحديث: أَنه مَضَغَ وتَراً في رمضانَ ورَصَفَ به وتَرَ قَوْسِه أَي
شَدَّه وقَوَّاه. والرَّصْفُ: الشَّدُّ والضمُّ. ورَصَفَ السهمَ: شَدَّه
بالرِّصافِ، وهو عَقَب يُلْوى على مدخل النَّصْلِ فيه؛ والرَّصْف،
بالتسكين: المصدر من ذلك، تقول: رَصَفْت الحجارة في البناء أَرصُفُها رَصْفاً
إذا ضممت بعضها إلى بعض، ورَصَفْت السهمَ رَصْفاً إذا شَدَدْتَ على رُعْظه
عَقَبَةً؛ ومنه قول الراجز:
وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ
(* قوله «وأثربي» في القاموس: والنسبة، يعني إلى يثرب، يثربي وأثربي
بفتح الراء وكسرها فيهما واقتصر الجوهري على الفتح.)
ويقال: هذا أَمر لا يَرْصُفُ بك أَي لا يَلِيق.
والرَّصَفَتانِ: عَصَبتانِ في رضْفَتَي الرُّكْبتين.
والمَرْصوفةُ من النساء: التي التَزَقَ خِتانُها فلم يُوصَلْ إليها.
والرَّصُوفُ: الصغيرة الفَرْجِ، وقد رَصِفَتْ. ابن الأَعرابي: الرَّشُوفُ من
النساء اليابِسَةُ المكان، والرَّصُوفُ الضَّيّقةُ المكانِ،
والرَّصْفاءُ من النساء الضيِّقةُ الملاقي، وهي الرَّصوفُ. وحكى ابن بري: المِيقابُ
ضِدّ الرَّصوفِ.
والرَّصافةُ بالشي: الرِّفْق به. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أُتي في
المنام فقيل له تَصَدَّقْ بأَرض كذا، قال: ولم يكن لنا مالٌ أَرْصَفُ بنا
منها أَي أَرْفَقُ بنا وأَوْفَقُ لنا. والرَّصافةُ: الرَّفْقُ في
الأَمور، وفي رواية: ولم يكن لنا عِمادٌ أَرْصَفُ بنا منها، ولم يجئ لها
فِعْلٌ.
وعملٌ رَصِيفٌ وجَوابٌ رَصِيف أَي مُحْكَمٌ رَصينٌ.
والرُّصافَةُ: كل مَنْبِتٍ بالسوادِ وقد غلب على موضع بغداد والشام.
وعينُ الرُّصافةِ: موضع فيه بئر؛ وإيَّاه عنى أُمَيَّةُ بن أَبي عائذٍ
الهذَليُّ:
يَؤُمُّ بها، وانْتَحَتْ لِلرَّجا
ءِ عَيْنَ الرُّصافةِ ذاتَ النِّجالِ
(* قوله «للرجاء» في معجم ياقوت: للنجاء.)
الصحاح: ورُصافةُ موضع. والرِّصافُ: موضع. ورَصَفٌ: ماء؛ قال أَبو خراش:
نُساقِيهمْ على رَصَفٍ وضُرٍّ،
كَدابغةٍ وقد نَغِلَ الأَديمُ
(* قوله «نساقيهم» هو الذي بالأصل هنا، وسبق في مادة ضرر: نسابقهم،
ورصف، محركة وبضمتين: موضع كما في القاموس زاد شارحه وبه ماء يسمى به.)
رضف: الرَّضْفُ: الحجارَةُ التي حَمِيَتْ بالشمس أَو النار، واحدتها
رَضْفةٌ. غيره: الرَّضْفُ الحجارة المُحماةُ يُوغَرُ بها اللَّبَنُ، واحدتها
رَضْفةٌ. وفي المثل: خذ من الرَّضْفةِ ما عليها. ورَضَفه يَرْضِفُه،
بالكسر، أَي كَواه بالرَّضْفةِ. والرَّضِيفُ: اللبن يُغْلى بالرَّضْفةِ. وفي
حديث الهِجْرة: فيَبِيتانِ في رِسْلِها ورَضِيفِها؛ الرَّضِيفُ اللبن
المَرْضُوفُ، وهو الذي طَرِحَ فيه الحجارة المُحْماةُ لِيذْهب وخَمُه. وفي
حديث وابصةَ، رضي اللّه عنه: مثل الذي يأَكُلُ القُسامةَ كمثل جَدْيٍ
بطنُه مملوء رَضْفاً. وفي الحديث: كان في التشهد الأَول كأَنه على
الرَّضْفِ؛ هي الحِجارة المُحْماة على النار. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ برجل نُعِتَ
له الكَيُّ فقال: اكْوُوه ثم ارْضِفُوه
(* قوله «ثم ارضفوه» كذا بالأصل،
والذي في النهاية أو ارضفوه.) أَي كَمِّدُوه بالرضْفِ. وحديث أَبي ذر،
رضي اللّه عنه: بَشِّر الكَنَّازين برَضْفٍ يُحْمَى عليه في نار جهنم.
وشَواء مَرْضوفٌ: مَشْوِيٌّ على الرضْفة. وفي الحديث: أَن هنداً بنت
عُتْبَةَ لما أَسْلمت أَرْسَلَتْ إليه بَجَدْيَيْنِ مرضوفين. ولَبَنٌ رَضِيفٌ:
مصْبُوبٌ على الرَّضْفِ. والرضَفة: سِمَةٌ تُكْوَى برضْفةٍ من حجارة حيثما
كانت، وقد رَضَفَه يَرْضِفُه. الليث: الرَّضْفُ حجارة على وجه الأَرض قد
حميت. وشِواء مَرْضُوفٌ: يُشْوَى على تلك الحجارة. والحَمَلُ
المَرْضُوفُ: تُلْقَى تلك الحجارة إذا احمرَّت في جوفِه حتى ينشوي الحمل. قال شمر:
سمعت أَعرابيّاً يصف الرَّضائف وقال: يُعْمَدُ إلى الجَدي فَيُلْبَأُ من
لبن أُمه حتى يمتلئ، ثم يذبح فَيُزَقَّقُ من قِبَلِ قفاه، ثم يُعْمَدُ
إلى حجارة فتحرق بالنار ثم تُوضع في بطنه حتى ينشوي؛ وأَنشد بيت الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً.
عَجِلْتُ إلى مُحْوَرِّها، حين غَرْغَرا
لم تُؤْن أَي لم تَحْبِسْ ولم تُبْطِئْ. الأَصمعي: الرضْفُ الحجارةُ
المُحْماةُ في النار أَو الشمس، واحدتها رضْفةٌ؛ قال الكميت بن زيد:
أَجِيبُوا رُقَى الآسِي النَِّطاسِيِّ، واحْذَروا
مُطَفّئةَ الرَّضْفِ التي لا شِوَى لها
قال: وهي الحَيّةُ التي تمرُّ على الرضْف فَيُطْفِئُ سمُّها نارَ
الرضْف. وقال أَبو عمرو الرضف حجارة يُوقد عليها حتى إذا صارت لهَباً
أُّلقِيَتْ في القِدْرِ مع اللحم فأَنْضَجَتْه. والمَرْضُوفةُ: القدر أُنْضِجت
بالرضف. وفي حديث حذيفة أَنه ذكر فِتَناً فقال: أَتتكم الدُّهَيْماءُ
تَرْمِي بالنَّشَفِ ثم التي تَلِيها ترمي بالرَّضْف أَي في شدّتها وحَرّها
كأَنها ترمي بالرضف. قال أَبو منصور: رأَيت الأعراب يأْخذون الحجارة فيوقدون
عليها، فإذا حَمِيَت رَضَفُوا بها اللَّبن البارِدَ الحَقِينَ لتَكْسِر
من برده فيشربونه، وربما رضفوا الماء للخيل إذا بَرَد الزمان.
وفي حديث أَبي بكر: فإذا قُرَيْصٌ من مَلَّةٍ فيه أَثَر الرَّضِيفِ؛
يريد قُرْصاً صغيراً قد خُبِزَ بالمَلّة وهي الرّماد الحارُّ. والرَّضِيفُ:
ما يُشْوَى من اللحم على الرَّضْفِ أَي مَرْضُوفٌ، يريد أَثَر ما عَلِقَ
على القُرْص من دَسَم اللحم المرضوف. أَبو عبيدة: جاء فلان بِمُطْفِئَة
الرضف، قال: وأَصلها أَنها داهيةٌ أَنْسَتْنا التي قبلها فأَطفَأَت
حَرّها. قال الليث: مُطْفِئة الرّضْفِ شَحْمَة إذا أَصابت الرَّضْفَ ذابت
فأَخْمَدَته؛ قال أَبو منصور: والقول ما قال أَبو عبيدة.
وفي حديث معاذ في عذاب القبر: ضَرَبَه بِمرْضافةٍ وسَطَ رأْسِه أَي
بآلةٍ من الرَّضفِ، ويروى بالصاد، وقد تقدّم.
والرضْف: جِرْمُ عِظامٍ في الرُّكْبَة كالأَصابع المضمومة قد أَخذ بعضها
بعضاً، والواحدة رَضْفة، ومنهم من يثقل فيقول: رَضَفةٌ. ابن سيده:
والرَّضْفةُ والرَّضَفةُ: عظم مُطْبِقٌ على رأَْس الساق ورأْسِ الفخذ.
والرَّضْفةُ: طَبَقٌ يموجُ على الرُّكبة، وقيل: الرَّضَفَتان من الفرس عظمان
مُسْتديران فيهما عِرَضٌ منقطعان من العظام كأَنهما طَبَقانِ للركبتين،
وقيل: الرضفة الجلدة التي على الركبة. والرضفة: عظم بين الحَوْشَبِ
والوَظِيفِ ومُلْتقى الجُبَّةِ في الرُّسْغِ، وقيل: هي عظمٌ مُنْقَطِعٌ في جوف
الحافر. ورَضْفُ الركبة
(* قوله «ورضف الركبة» كذا بالأصل بدون هاء تأنيث،
وقوله «والرضف ركبتا» كذا فيه أيضاً.) ورُضافُها: التي تزول. وقيل:
الرُّضاف ما كان تحت الدَّاغِصة. وقال النضر في كتاب الخيل: والرضف ركبتا الفرس
فيما بين الكُراع والذِّراع، وهي أَعْظمُ صغار مجتمعة في رأْس أَعلى
الذراع.
ورَضَفْتُ الوِسادَةَ: ثَنَيْتُها، يمانِيةٌ.