فرقة من العقيدات بدير الزور بالشام.
فرقة من العقيدات بدير الزور بالشام.
فوه: الليث: الفُوهُ أَصلُ بناء تأْسِيسِ الفمِ. قال أَبو منصور: ومما
يَدُّلُّك على أَن الأَصل في فمٍ وفُو وفا وفي هاءٌ حُذِفَت من آخرها
قولُهم للرجل الكثيرِ الأَكلِ فَيِّهٌ، وامرأَة فَيِّهةٌ. ورجل أَفْوَهُ:
عظيمُ الفَم طويلُ الاسنان. ومَحالةٌ فَوْهاء إذا طالت أَسنانها التي
يَجْري الرِّشاءُ فيها. ابن سيده: الفاهُ والفُوهُ والفِيهُ والفَمُ
سواءٌ، والجمعُ أَفواهٌ. وقوله عزَّ وجل: ذلك قولُهم بأَفْواهِهم؛ وكلُّ قولٍ
إنما هو بالفم، إنما المعنى ليس فيه بيانٌ ولا بُرْهانٌ، إنما هو قولٌ
بالفمِ ولا معنى صحيحاً تَحْتَه، لأَنهم معترفون بأَنّ اللهَ لم يتَّخِذْ
صاحبةً فكيف يَزْعُمون أَنَّ له ولداً؟ أَما كونُه جمعَ فُوهٍ فبَيِّنٌ،
وأَما كونه جمع فِيهٍ فَمِنْ باب ريحٍ وأَرْواحٍ إذ لم نسْمَعْ
أَفْياهاً؛ وأَما كونُه جمعَ فاهٍ فإن الاشتقاق يؤْذن أَن فاهاً من الواو لقولهم
مُفَوَّةٌ، وأَما كونه جمع فِمٍ فلأَنَّ أَصلَ فَمٍ فَوَهٌ، فحُذِفت
الهاء كما حذفت مِنْ سَنةٍ فيمن قال عامَلْتُ مُسانَهةً، وكما حُذِفت من
شاةٍ ومن شَفَةٍ ومن عِضَةٍ ومن اسْتٍ، وبقيت الواو طرفاً متحركة فوجب
إبدالُها أَلفاً لانفتاح ما قبلها فبقي فاً، ولا يكون الاسم على حرفين
أَحدُهما التنوينُ، فأُبْدل مكانَها حرفٌ جَلْدٌ مُشاكِلٌ لها، وهو الميمُ
لأَنهما شَفَهِيَّتان، وفي الميم هُوِيٌّ في الفَمِ يُضارِعُ امتدادَ
الواوِ. قال أَبو الهيثم: العربُ تستثقل وُقوفاً على الهاءِ والحاءِ والواوِ
والياءِ إذا سَكَنَ ما قبلَها، فتَحْذِفُ هذه الحروفَ وتُبْقي الاسمَ
على حرفين كما حذفوا الواوَ من أَبٍ وأَخٍ وغَدٍ وهَنٍ، والياءَ من يَدٍ
ودَمٍ، والحاءَ من حِرٍ، والهاءَ من فُوهٍ وشَفةٍ وشاةٍ، فلما حذفوا
الهاءَ من فُوهٍ بقيت الواو ساكنة، فاستثقلوا وقوفاً عليها فحذفوها، فبقي
الاسم فاءً وحدها فوصلوها بميم ليصيرَ حرفين، حرفٌ يُبْتَدأُ به فيُحرَّك،
وحرفٌ يُسْكَت عليه فيُسَكِّن، وإنما خَصُّوا الميم بالزيادة لِمَا كان
في مَسْكَنٍ، والميمُ من حروف الشَّفَتين تنطبقان بها، وأَما ما حكي من
قولهم أَفْمامٌ فليس بجمع فَمٍ، إنما هو من باب مَلامِحَ ومَحاسِنَ،
ويدل على أَن فَماً مفتوحُ الفاء وُجُودك إياها مفتوحةً في هذا اللفظ، وأَما
ما حكى فيها أَبو زيد وغيرهُ من كسْرِ الفاء وضمِّها فضرْبٌ من التغيير
لَحِقَ الكلمةَ لإعْلالِها بحذف لامِها وإبدال عيْنِها؛ وأَما قول
الراجز:
يا لَيْتَها قد خَرَجَتْ مِنْ فُمِّهِ،
حتى يَعودَ المُلْك في أُسْطُمِّهِ
يُرْوَى بضم الفاء من فُمِّه، وفتحِها؛ قال ابن سيده: القول في تشديد
الميم عندي أَنه ليس بلغة في هذه الكلمة، أَلا ترى أَنك لا تجد لهذه
المُشدِّدةِ الميمِ تصَرُّفاً إنما التصرُّفُ كله على ف و ه؟ من ذلك قولُ
الله تعالى: يقولون بأَفْواهِهم ما ليْسَ في قُلوبِهم؛ وقال الشاعر:
فلا لَغْوٌ ولا تأْثِيمَ فيها،
وما فاهُوا به أَبداً مُقِيمُ
وقالوا: رجلٌ مُفَوَّه إذا أَجادَ القولَ؛ ومنه الأفْوَهُ للواسعِ
الفمِ، ولم نسْمَعْهم قالوا أَفْمام ولا تفَمَّمت، ولا رجل أَفَمّ، ولا شيئاً
من هذا النحو لم نذكره، فدل اجتماعهم على تصَرُّفِ الكلمة بالفاء والواو
والهاء على أَن التشديد في فَمٍّ لا أَصل له في نفس المثال، إنما هو
عارضٌ لَحِقَ الكلمة، فإن قال قائل: فإذا ثبت بما ذَكَرْتَه أَن التشديد
في فَمٍّ عارض ليس من نفس الكلمة، فمِنْ أَيْنَ أَتَى هذا التشديد وكيف
وجهُ دخولهِ إياها؟ فالجواب أَن أَصل ذلك أَنهم ثَقَّلوا الميمَ في الوقف
فقالوا فَمّ، كما يقولون هذا خالِدّ وهو يَجْعَلّ، ثم إنهم أَجْرَوُا
الوصل مُجْرَى الوقف فقالوا هذا فَمٌّ ورأَيت فَمّاً، كما أَجْرَوُا
الوصلَ مُجْرَى الوقف فيما حكاه سيبويه عنهم من قولهم:
ضَخْمٌ يُحِبُّ الخُلُقَ الأَضْخَمَّا
وقولهم أَيضاً:
ببازِلٍ وَجْنَاءَ أَو عَيْهَلِّ،
كأَنَّ مَهْواها، على الكَلْكَلِّ،
مَوْقِعُ كَفِّيْ راهِبٍ يُصَلِّي
يريد: العَيْهَلَ والكَلْكَلَ. قال ابن جني: فهذا حكم تشديد الميم عندي،
وهو أَقوى من أَن تَجْعَل الكلمةَ من ذوات التضعيف بمنزلة همٍّ وحمٍّ،
قال: فإن قلت فإذا كان أَصلُ فَمٍ عندك فَوَه فما تقول في قول
الفرزدق:هما نَفَثا في فيَّ مِنْْ فَمَوَيْهِما،
على النّابِحِ العاوِي، أَشدَّ رِجام
وإذا كانت الميم بدلاً من الواو التي هي عَيْنٌ فكيف جاز له الجمع
بينهما؟ فالجواب: أَن أَبا عليٍّ حكى لنا عن أَبي بكر وأَبي إسحق أَنهما
ذهبا إلى أَن الشاعر جمعَ بين العِوَض والمُعَوَّض عنه، لأَن الكلمة
مَجْهورة منقوصة، وأَجاز أَبو علي فيها وجهاً آخرَ، وهوأَن تكون الواوُ في
فمَوَيْهِما لاماً في موضع الهاء من أَفْواه، وتكون الكلمة تَعْتَفِبُ عليها
لامانِ هاءٌ مرة وواوٌ أُخرى، فجرى هذا مَجْرى سَنةٍ وعِضَةٍ، أَلا ترى
أَنهما في قول سيبويه سَنَوات وأَسْنَتُوا ومُساناة وعِضَوات واوانِ؟
وتَجِدُهما في قول من قال ليست بسَنْهاء وبعير عاضِهٌ هاءين، وإذا ثبت بما
قدَّمناه أَن عين فَمٍ في الأصل واوٌ فينبغي أََن تقْضِيَ بسكونها، لأَن
السكون هو الأَصل حتى تَقومَ الدلالةُ على الحركةِ الزائدة. فإن قلت:
فهلاَّ قضَيْتَ بحركة العين لِجَمْعِك إياه على أَفْواهٍ، لأَن أَفْعالاً
إنما هو في الأَمر العامّ جمعُ فَعَلٍ نحو بَطَلٍ وأَبْطالٍ وقَدَمٍ
وأَقْدامٍ ورَسَنٍ وأَرْسانٍ؟ فالجواب: أَن فَعْلاً مما عينُه واوٌ بابُه
أَيضاً أَفْعال، وذلك سَوْطٌ وأَسْواطٌ، وحَوْض وأَحْواض، وطَوْق
وأَطْواق، ففَوْهٌ لأن عينَه واوٌ أَشْبَهُ بهذا منه بقَدَمٍ ورَسَنٍ. قال
الجوهري: والفُوه أَصلُ قولِنا فَم لأَن الجمع أَفْواهٌ، إلا أَنهم
استثقلوا اجتماعَ الهاءين في قولك هذا فُوهُه بالإضافة، فحذفوا منه الهاء فقالوا
هذا فُوه وفُو زيدٍ ورأَيت فا زيدٍ، وإذا أَضَفْتَ إلى نفسك قلت هذا
فِيَّ، يستوي فيه حالُ الرفع والنصبِ والخفضِ، لأَن الواوَ تُقُلَبُ
ياءً فتُذْغَم، وهذا إنما يقال في الإضافة، وربما قالوا ذلك في غير
الإضافة، وهو قليل؛ قال العجاج:
خالَطَ، مِنْ سَلْمَى، خياشِيمَ وفا
صَهْباءَ خُرْطوماً عُقاراً قَرْقَفَا
وصَفَ عُذوبةَ ريقِها، يقول: كأَنها عُقارٌ خالَط خَياشِيمَها وفاها
فكَفَّ عن المضاف إليه؛ قال ابن سيده: وأَما قول الشاعر أَنشده الفراء:
يا حَبَّذَا عَيْنا سُلَيْمَى والفَما
قال الفراء: أَراد والفَمَانِ يعني الفمَ والأَنْفَ، فثَنَّاهُما بلفظ
الفمِ للمُجاوَرةِ، وأَجاز أَيضاً أَن يَنْصِبَه على أَنه مفعول معَه
كأَنه قال مع الفم؛ قال ابن جني: وقد يجوز أَن يُنصَب بفعل مضمر كأَنه قال
وأُحِبُّ الفمَ، ويجوز أَن يكون الفمُ في موضع رفع إلا أَنه اسم مقصورٌ
بمنزلة عَصاً، وقد ذكرنا من ذلك شيئاً في ترجمة فمم. وقالوا: فُوك وفُو
زيدٍ، في حدِّ الإضافة وذلك في حد الرفع، وفا زيدٍ وفي زيدِ في حدِّ
النصب والجر، لأَن التنوين قد أُمِنَ ههنا بلزوم الإضافة، وصارت كأَنها من
تمامه؛ وأَما قول العجاج:
خالطَ مِنْ سَلْمَى خَياشِيمَ وفا
فإنه جاءَ به على لغة من لم ينون، فقد أُمِنَ حذْف الأَلف لالتقاء
الساكنين كما أُمِنع في شاةٍ وذا مالٍ، قال سيبويه: وقالوا كلَّمْتُه فاهُ
إلى فِيَّ، وهي من الأسماء الموضوعة مَوْضِعَ المصادر ولا ينفردُ مما
بعده، ولو قلتَ كلَّمتُه فاهُ لم يَجُزْ، لأَنك تُخْبِر بقُرْبِك منه، وأَنك
كلَّمْتَه ولا أَحَدَ بينك وبينَه، وإن شئت رفعت أَي وهذه حالُه. قال
الجوهري: وقولهم كلَّمتُه فاه إلى فِيَّ أَي مُشافِهاً، ونصْبُ فاهٍ على
الحال، وإذا أَفْرَدُوا لم يحتمل الواوُ التنوين فحذفوها وعوَّضوا من
الهاءِ ميماً، قالوا هذا فمٌ وفَمَانِ وفَمَوان، قال: ولو كان الميمُ عِوَضاً
من الواو لما اجتمعتا، قال ابن بري: الميمُ في فَمٍ بدلٌ من الواو،
وليست عِوَضاً من الهاءِ كما ذكره الجوهري، قال: وقد جاء في الشعر فَماً
مقصور مثل عصاً، قال: وعلى ذلك جاء تثنيةُ فَمَوانِ؛ وأَنشد:
يا حَبَّذا وَجْهُ سُلَيْمى والفَما،
والجِيدُ والنَّحْرُ وثَدْيٌ قد نَما
وفي حديث ابن مسعود: أَقْرَأَنِيها رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم،
فاهُ إلى فِيَّ أَي مُشافَهةً وتَلْقِيناً، وهو نصبٌ على الحال بتقدير
المشتق، ويقال فيه: كلَّمني فُوهُ إلى فِيَّ بالرفع، والجملة في موضع الحال،
قال: ومن أَمثالهم في باب الدعاء على الرجُل العرب تقول: فاهَا لِفِيك؛
تريد فا الداهية، وهي من الأَسماء التي أُجْرِيت مُجْرَى المصدر المدعوّ
بها على إضمار الفعل غير المستعمل إظهارهُ؛ قال سيبويه: فاهَا لِفِيك،
غير منون، إنما يريد فا الداهيةِ، وصار بدلاً من اللفظ بقول دَهاكَ اللهُ،
قال: ويَدُلُّك على أَنه يُريدُ الداهيةَ قوله:
وداهِية مِنْ دَواهي المَنو
نِ يَرْهَبُها الناسُ لا فا لها
فجعل للداهية فماً، وكأَنه بدلٌ من قولهم دَهاكَ الله، وقيل: معناه
الخَيْبة لَكَ. وأَصله أَنه يريدُ جَعَل اللهُ بفِيك الأَرضَ، كما يقال بفيك
الحجرُ، وبفيك الأَثْلبُ؛ وقال رجل من بَلْهُجَيْم:
فقلتُ له: فاهَا بفِيكَ، فإنها
قَلوصُ امرئٍ قارِيكَ ما أَنتَ حاذِرهُ
يعني يَقْرِيك من القِرَى، وأَورده الجوهري: فإنه قلوصُ امرئ؛ قال
ابن بري: وصواب إنشاده فإنها، والبيت لأَبي سِدْرة الأَسَديّ، ويقال
الهُجَيْميّ. وحكي عن شمر قال: سمعت ابن الأَعرابي يقول فاهاً بفِيك، منوَّناً،
أَي أَلْصَقَ اللهُ فاكَ بالأَرضِ، قال: وقال بعضهم فاهَا لفِيكَ، غير
مُنوَّن، دُعاء عليه بكسر الفَمِ أَي كَسَر الله فَمَك. قال: وقال سيبويه
فاهَا لفِيكَ، غيرُ منوَّن، إنما يريد فا الداهيةِ وصار الضميرُ بدلاً من
اللفظ بالفعل، وأُضْمِرَ كما أُضمر للتُّرب والجَنْدَل، وصار بدلاً من
اللفظ بقوله دَهاكَ الله، وقال آخر:
لئِنْ مالكٌ أَمْسَى ذليلاً، لَطالَما
سَعَى للَّتي لا فا لها، غير آئِبِ
أَراد لا فَمَ لها ولا وَجْه أَي للداهية؛ وقال الآخر:
ولا أَقولُ لِذِي قُرْبَى وآصِرةٍ:
فاها لِفِيكَ على حالٍ من العَطَبِ
ويقال للرجل الصغير الفمِ: فُو جُرَذٍ وفُو دَبَى، يُلَقَّب به الرجل.
ويقال للمُنْتِن ريحِ الفمِ: فُو فَرَسٍ حَمِرٍ. ويقال: لو وَجَدتُ إليه
فَا كَرِشٍ أَي لو وجدت إليه سبيلاً. ابن سيده: وحكى ابن الأَعرابي في
تثنية الفمِ فَمَانِ وفَمَيانِ وفَموانِ، فأَما فَمانِ فعلى اللفظ،
وأَما فَمَيانِ وفَمَوانِ فنادر؛ قال: وأَما سيبويه فقال في قول
الفرزدق:هُما نَفَثا في فِيَّ مِنْ فَمَوَيْهِما
إنه على الضرورة.
والفَوَهُ، بالتحريك: سَعَةُ الفمِ وعِظَمُه. والفَوَهُ أَيضاً: خُروجُ
الأَسنانِ من الشَّفَتينِ وطولُها، فَوِهَ يَفْوَهُ فَوَهاً، فهو
أَفْوَهُ، والأُنثى فَوْهاء بيِّنا الفَوَهِ، وكذلك هو في الخَيْل. ورجل
أَفْوَهُ: واسعُ الفمِ؛ قال الراجز يصف الأَسد:
أَشْدَق يَفْتَرُّ افْتِرارَ الأَفْوَهَِ
وفرس فَوْهاءِ شَوْهاء: واسعة الفم في رأْسها طُولٌ. والفَوَهُ في بعض
الصفات: خروجُ الثَّنايا العُلْيا وطولُها. قال ابن بري: طول الثنايا
العليا يقال له الرَّوَقُ، فأَما الفَوَهُ فهو طول الأَسنانِ كلِّها.
ومَحالةٌ فَوْهاء: طالت أَسنانُها التي يَجْري الرِّشاءُ بينها. ويقال
لمحالة السانِيةِ إذا طالت أَسْنانُها: إنها لَفَوْهاءُ بيِّنة الفَوَهِ؛ قال
الراجز:
كَبْداء فَوْهاء كجَوْزِ المُقْحَم
وبئر فَوْهاء: واسَعةُ الفمِ. وطَعْنةٌ فَوْهاءُ: واسعةٌ. وفاهَ بالكلام
يَفُوهُ: نَطَقَ ولَفَظَ به؛ وأَنشد لأُمَيَّةَ:
وما فاهُوا به لَهُمُ مُقيمُ
قال ابن سيده: وهذه الكلمة يائيَّة وواويَّة. أَبو زيد: فاهَ الرجل
يَفُوه فَوْهاً إذا كان مُتكلِّماً. وقالوا: هو فاهٌ
بجُوعِه إذا أَظْهَرَه وباحَ به، والأَصل فائِهٌ بجُوعِه فقيل فاهٌ
كما قالوا جُرُفٌ هارٌ وهائرٌ. ابن بري: وقال الفراء رجل فاوُوهةٌ
يَبُوح بكلِّ ما في نفسه وفاهٌ وفاهٍ. ورجل مُفَوَّهٌ: قادرٌ على
المَنْطِق والكلام، وكذلك فَيِّهٌ. ورجلٌ فَيِّهٌ: جَيِّدُ الكلامِ. وفَوهَه
اللهُ: جعَلَه أَفْوََِهَ. وفاهَ بالكلام يَفُوه: لَفَظَ به. ويقال: ما
فُهْتُ بكلمةٍ وما تَفَوَّهْتُ بمعنى أَي ما فتَحْتُ
فمِي بكلمة. والمُفَوَّهُ: المِنْطِيقُ. ورجل مُفَوَّهُ بها. وإِنه لذُو
فُوَّهةٍ أَي شديدُ الكلامِ بَسِيطُ اللِّسان.
وفاهاهُ إذا ناطَقَه وفاخَرَه، وهافاهُ إذا مايَلَه إلى هَواه.
والفَيِّهُ أَيضاً: الجيِّدُ الأَكلِ. وقيل: الشديدُ الأَكلِ من الناس وغيرهم،
فَيْعِل، والأُنثى فَيِّهةٌ كثيرةُ الأَكل. والفَيِّهُ: المُفَوَّهُ
المِنْطِيقُ أَيضاً. ابن الأَعرابي: رجل فَيِّهٌ
ومُفَوَّهٌ إذا كان حسَنَ الكلامِ بليغاً في كلامه. وفي حديث
الأَحْنَفِ: خَشِيت أَن يكون مُفَوَّهاً أَي بليغاً مِنْطِيقاً، كأنه مأْخوذ من
الفَوَهِ وهو سَعةُ الفمِ.
ورجل فَيِّهٌ ومُسْتَفِيهٌ في الطعام إذا كان أَكُولاً. الجوهري:
الفَيِّهُ الأَكولُ، والأَصْلُ فَيْوِهٌ
فأُدْغم، وهو المِنْطيقُ أَيضاً، والمرأَةُ فَيِّهةٌ. واستَفاهَ الرجلُ
اسْتِفاهةً واسْتِفاهاً؛ الأَخيرة عن اللحياني، فهو مُسْتَفِيهٌ: اشتَدَّ
أَكْلُه بعد قِلَّة، وقيل: اسْتَفاهَ في الطعام أَكثَرَ منه؛ عن ابن
الأَعرابي ولم يخصَّ هل ذلك بعدَ قلَّةٍ أَم لا؛ قال أَبو زبيد يصف
شِبْلَيْن:
ثم اسْتَفاها فلمْ تَقْطَعْ رَضاعَهما
عن التَّصَبُّب لا شَعْبٌ ولا قَدْعُ
اسْتَفاها: اشتَدَّ أَكْلِهما، والتَّصَبُّبُ: اكْتساءُ اللحمِ
للسِّمَنِ بعد الفِطامِ، والتَّحلُّم مثلُه، والقَدْعُ: أَن تُدْفَعَ عن الأَمر
تُريدُه، يقال: قَدَعْتُه فقُدِعَ قَدْعاً. وقد اسْتَفاهَ في الأَكل وهو
مُسْتَفِيهٌ، وقد تكون الاسْتِفاهةُ في الشَّرابِ. والمُفَوَّهُ:
النَّهِمُ الذي لا يَشْبَع. ورجل مُفَوَّهٌ ومُسْتَفِيهٌ
أَي شديدُ الأَكلِ. وشَدَّ ما فَوَّهْتَ في هذا الطعام وتفَوَّهْتَ
وفُهْتَ أَي شَدَّ ما أَكَلْتَ. وإِنه لمُفَوَّه ومُسْتَفِيهٌ
في الكلام أَيضاً، وقد اسْتَفاهَ اسْتِفاهةً في الأَكل، وذلك إذا كنت
قليلَ الطَّعْم ثم اشتَدَّ أَكْلُك وازْدادَ. ويقال: ما أَشَدَّ فُوَّهَةَ
بعيرِك في هذا الكَلإ، يريدون أَكْلَه، وكذلك فُوّهة فرَسِك ودابَّتِك،
ومن هذا قولهم: أَفْواهُها مَجاسُّها؛ المعنى أَن جَوْدةَ أَكْلِها تَدُلك
على سِمَنِها فتُغْنيك عن جَسِّها، والعرب تقول: سَقَى فلانٌ
إِبلَه على أَفْواهِها، إذا لم يكن جَبَي لها الماءَ في الحوض قبل
ورُودِها، وإِنما نزَعَ عليها الماءَ حين وَرَدَتْ، وهذا كما يقال: سَقَى
إبلَه قَبَلاً. ويقال أَيضاً: جَرَّ فلانٌ إبلَه على أَفْواهِها إذا تركها
تَرْعَى وتسِير؛ قاله الأَصمعي؛ وأَنشد:
أَطْلَقَها نِضْوَ بُلَيٍّ طِلْحِ،
جَرّاً على أَفْواهِها والسُّجْحِ
(* قوله «على أفواهها والسجح» هكذا في الأصل والتهذيب هنا، وتقدم إنشاده
في مادة جرر أفواههن السجح).
بُلَيّ: تصغير بِلُوٍ، وهو البعير الذي بَلاه السفر، وأَراد بالسُّجْحِ
الخراطيمَ الطِّوال. ومن دُعائِهم: كَبَّهُ اللهُ لِمَنْخِرَيْه وفَمِه؛
ومنه قول الهذلي:
أَصَخْرَ بنَ عبدِ الله، مَنْ يَغْوِ سادِراً
يَقُلْ غَيْرَ شَكٍّ لليَدْينِ وللفَمِ
وفُوَّهةُ السِّكَّةِ والطَّريقِ والوادي والنهرِ: فَمُه، والجمع
فُوَّهاتٌ وفَوائِهُ. وفُوهةُ الطريقِ: كفُوَّهَتِه؛ عن ابن الأَعرابي. والزَمْ
فُوهةَ الطريقِ وفُوَّهَتَهوفَمَه. ويقال: قَعَد على فُوَّهةِ الطريق
وفُوَّهةِ النهر، ولا تقل فَم النهر ولا فُوهة، بالتخفيف، والجمع أَفْواه
على غير قياس؛ وأَنشد ابن بري:
يا عَجَباً للأَفْلقِ الفَليقِ
صِيدَ على فُوَّهةِ الطَّريقِ
(* قوله «للأفاق الفليق» هو هكذا بالأصل).
ابن الأَعرابي: الفُوَّهةُ مصَبُّ النهر في الكِظَامةِ، وهي السِّقاية.
الكسائي: أَفْواهُ الأَزِقَّةِ والأَنْهار واحدتها فُوَّهةٌ، بتشديد
الواو مثل حُمَّرة، ولا يقال فَم. الليث: الفُوَّهةُ فمُ النهر ورأْسُ
الوادي. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، خرج فما تفَوَّهَ البَقيعَ
قال: السلامُ عليكم؛ يريد لما دَخَل فمَ البَقِيعِ، فشَبَّهه بالفم
لأَنه أَول ما يُدْخَل إلى الجوفِ منه. ويقال لأَوَّل الزُّقاقِ والنهر:
فُوَّهَتُه، بضم الفاء وتشديد الواو. ويقال: طَلع علينا فُوَّهةُ إبِلك أَي
أَوَّلُها بمنزلة فُوَّهةِ الطريق.
وأَفْواهُ المكان: أَوائُله، وأَرْجُلُه أَواخِرُه؛ قال ذو الرمة:
ولو قُمْتُ ما قامَ ابنُ لَيْلى لقد هَوَتْ
رِكابي بأَفْواهِ السَّماوةِ والرِّجْلِ
يقول: لو قُمْتُ مَقامه انْقَطَعَتْ رِكابي: وقولهم: إنَّ رَدَّ
الفُوَّهَةِ لَشَديدٌ أَي القالةِ، وهو من فُهْتُ بالكلام. ويقال: هو يخاف
فُوَّهَة الناسِ أَي فُهْتُ بالكلام. ويقال: هو يخاف فُوَّهةَ الناسِ أَي
قالتَهم. والفُوهةُ والفُوَّهةُ: تقطيعُ المسلمين بعضهم بعضاً بالغِيبة.
ويقال: مَنْ ذا يُطِيق رَدَّ الفُوَّهةِ. والفُوَّهةُ: الفمُ. أَبو
المَكَارم: ما أحْسَنْتُ شيئاً قطُّ كَثَغْرٍ في فُوَّهَةِ جاريةٍ حَسْناء أَي ما
صادَفْت شيئاً حسناً. وأَفْواهُ الطيب: نَوافِحُه، واحدُها فوه. الجوهري:
الأفْواهُ ما يُعالج به الطِّيبُ كما أَنَّ التَّوابِلَ ما تُعالَج به
الأَطْعمة. يقال: فُوهٌ وأَفْواه مثل سُوقٍ وأَسْواق، ثم أفاويهُ وقال
أَبو حنيفة: الأَفْواهُ أَلْوانُ النَّوْرِ وضُروبُه؛ قال ذو الرمة:
تَرَدَّيْتُ مِنْ أَفْواهِ نَوْرٍ كأَنَّها
زَرابيُّ، وارْتَجَّتْ عليها الرَّواعِدُ
وقال مرَّة: الأَفْواهُ ما أُعِدَّ للطِّيبِ من الرياحين، قال: وقد تكون
الأَفْواه من البقول؛ قال جميل:
بها قُضُبُ الرَّيْحانِ تَنْدَى وحَنْوَةٌ،
ومن كلِّ أَفْواه البُقول بها بَقْلُ
والأَفْواهُ: الأَصْنافُ والأَنواعُ. والفُوَّهةُ: عروقٌ
يُصْبَغ بها، وفي التهذيب: الفُوَّهُ عروقٌ يصبغ بها. قال الأَزهري: لا
أَعرف الفُوَّهَ بهذا المعنى. والفُوَّهةُ: اللبَنُ ما دامَ فيه طعمُ
الحلاوةِ، وقد يقال بالقاف، وهو الصحيح.
والأَفْوه الأَوْدِيُّ: مِنْ شُعَرائهم، والله تعالى أَعلم.
لفف: اللَّفَف: كثرةُ لحم الفَخذين، وهو في النساء نعت، وفي الرجال عيب.
لَفَّ لَفّاً ولفَفاً، وهو أَلَفُّ. ورجل أَلَفُّ: ثقيل. ولفَّ الشيء
يَلُفُّه لَفّاً: جمعه، وقد التَفَّ، وجمعٌ لَفِيفٌ: مجتمع مُلتَفّ من كل
مكان؛ قال ساعدةُ بن جؤيَّة:
فالدَّهْر لا يَبْقى على حَدَثانِه
أَنَسٌ لَفِيفٌ، ذو طَرائفَ، حَوْشَبُ
واللَّفُوف: الجماعات؛ قال أَبو قلابة:
إذْ عارَتِ النَّبْلُ والتَفُّوا اللُّفُوف، وإذْ
سَلُّوا السيوفَ عُراةً بعد أَشْجانِ
ورجل ألَفُّ: مَقْرون الحاجبين. وامرأَة لَفّاء: ملتفة الفخذين، وفي
الصحاح: ضخمة الفخذين مكتنزة؛ وفخذان لَفّاوان؛ قال الحكَم الخُضْري:
تَساهَم ثَوْباها، ففي الدِّرْعِ رَأْدةٌ،
وفي المِرْطِ لَفّاوانِ، رِدْفُهما عَبْلُ
قوله تَساهم أَي تَقارع. وفي حديث أَبي المَوالي: إني لأَسمع بين
فَخِذَيها من لفَفِها مثل قَشِيشِ الحَرابش؛ اللَّفُّ واللَّفَفُ: تَدانى
الفخذين من السِّمَن.
وجاء القوم بلَفِّهم ولَفَّتهم ولَفِيفِهم أَي بجماعتهم وأَخلاطهم، وجاء
لِفُّهم ولَفُّهم ولَفِيفُهم كذلك. واللَّفِيفُ: القوم يجتمعون من قبائل
شتى ليس أَصلهم واحداً. وجاؤوا أَلفافاً أَي لَفِيفاً. ويقال: كان بنو
فلان لَفّاً وبنو فلان لقوم آخَرين لَفّاً إذا تحزبوا حِزْبين. وقولهم:
جاؤوا ومَن لَفَّ لَفَّهم أَي ومَن عُدَّ فيهم وتأَشَّب إليهم. ابن سيده:
جاء بنو فلان ومَن لَفَّ لَفَّهم ولِفَّهم وإن شئت رفَعت
(* قوله «رفعت»
يريد ضممت اللام كما يفيده المجد.)، والقول فيه كالقول في: ومن أَخذ
إخْذهم وأَخْذهم. واللَّفِيفُ: ما اجتمع من الناس من قبائلَ شتَّى.
أَبو عمرو: اللفيف الجمع العظيم من أَخْلاط شتَّى فيهم الشريف والدَنيء
والمطيع والعاصي والقويّ والضعيف. قال اللّه عز وجل: جئنا بكم لفيفاً،
أَي أَتينا بكم من كل قبيلة، وفي الصحاح: أَي مجتمعين مختلطين. يقال للقوم
إذا اختلطوا: لَفٌّ ولَفيفٌ.
واللِّفّ: الصِّنف من الناس من خير أَو شر. وفي حديث نابل: قال سافرتُ
مع مولاي عثمان وعمر، رضي اللّه عنهما، في حج أَو عمرة فكان عمر وعثمان
وابن عمر، رضي اللّه عنهم، لِفّاً، وكنت أَنا وابن الزبير في شَبَبة معنا
لِفّاً، فكنا نترامى بالحنظل فما يزيدنا عمر عن أَن يقول كذاك لا
تَذْعَرُوا علينا؛ اللِّفُّ: الحِزْب والطائفة من الالتفاف، وجمعه أَلفاف؛ يقول:
حسْبُكم لا تُنَفِّرُوا علينا إبلنا.
والتَفَّ الشيء: تجمّع وتكاثَف. الجوهري: لفَفْت الشيء لَفّاً
ولفَّفْته، شُدّد للمبالغة، ولفّه حقّه أَي منعه. وفلان لَفِيف فلان أَي صَديقه.
ومكان أَلفّ: ملتفّ؛ قال ساعدة بن جؤيَّة:
ومُقامِهنّ، إذا حُبِسْنَ بمَأْزِمٍ
ضَيْقٍ أَلَفَّ، وصَدَّهنَّ الأَخْشَبُ
واللَّفِيف: الكثير من الشجر. وجنّة لَفّة ولَفٌّ: ملتفّة. وقال أَبو
العباس: لم نسمع شجرة لَفَّة لكن واحدتها لَفّاء، وجمعها لُفٌّ، وجمع لِفّ
أَلفاف مثل عِدّ وأَعْداد. والأَلفاف: الأَشجار يلتف بعضها ببعض،
وجنَّاتٌ أَلفاف، وفي التنزيل العزيز: وجنّاتٍ أَلفافاً؛ وقد يجوز أَن يكون
أَلفاف جمع لُفّ فيكون جمع الجمع، قال أَبو إسحق: وهو جمع لفِيف كنَصِير
وأَنصار. قال الزجاج: وجناتٍ أَلفافاً أَي وبساتين ملتفَّة. والتِفافُ
النبْت: كثرته. الجوهري في قوله تعالى وجنات أَلفافاً: واحدها لِفّ، بالكسر،
ومنه قولهم كنا لِفّاً أَي مجتمعين في موضع. قال أَبو حنيفة: التَفَّ الشجر
بالمكان كثر وتضايق، وهي حديقة لَفّة وشجر لف، كلاهما بالفتح، وقد لَفَّ
يَلَفُّ لَفّاً. واللَّفِيف: ضروب الشجر إذا التف واجتمع.
وفي أَرض بني فلان تَلافِيفُ من عُشب أَي نبات ملتف. قال الأَصمعي:
الأَلَفُّ الموضع الملتف الكثير الأَهل، وأَنشد بيت ساعدة بن جؤية:
ومُقامِهن، إذا حُبِسْن بمأْزمٍ
ضَيْقٍ أَلفَّ، وصدَّهنَّ الأَخشبُ
التهذيب: اللُّفُّ الشَّوابِل من الجواري وهن السِّمانُ الطوال.
واللَّفُّ: الأَكل. وفي حديث أُم زرع وذَواتِها: قالت امرأَة: زوجي إن أَكل
لَفّ، وإن شرب اشْتَفّ أَي قَمَش وخلَط من كل شيء؛ قال أَبو عبيد: اللَّفُ في
المَطعم الإكثار منه من التخليط من صنوفه لا يُبقي منه شيئاً.
وطعام لَفِيف إذا كان مخلوطاً من جنسين فصاعداً.
ولَفْلَفَ الرجلُ إذا استقصى الأَكل والعلَف. واللَّفَفُ في الأَكل:
إكثار وتخليط، وفي الكلام: ثِقَل وعِيٌّ مع ضَعْف. ورجل أَلفّ بيِّن اللفَف
أَي عَييٌّ بطيء الكلام إذا تكلم ملأَ لسانُه فمه؛ قال الكميت:
وِلايةُ سِلَّغْدٍ أَلَفّ كأَنه،
من الرِّهَقِ المَخْلُوطِ بالنُّوكِ، أَثْوَل
وقد لَفَّ لفَفاً وهو أَلفُّ، وكذلك اللَّفْلَفُ واللَّفْلافُ، وقد
لَفْلَفَ. أَبو زيد: الأَلَفُّ العَيِيُّ، وقد لَفِفْت لَفَفاً؛ وقال
الأَصمعي: هو الثقيل اللسان. الصحاح: الأَلفُّ الرجل الثقيل البطيء. وقال
المبرد: اللفَف إدخال حرف في حرف.
وباب من العربية يقال له اللَّفِيف لاجتماع الحرفين المعتلين في ثلاثيه
نحو دَوِيّ وحَيِيّ. ابن بري: اللفِيف من الأفعال المُعْتَلّ الفاء
واللام كوَقَى وودَى. الليث: اللفيف من الكلام كل كلمة فيها معتلاَّن أَو
معتلّ ومضاعف، قال: واللَّففُ ما لفَّفوا من هنا وهنا كما يُلَفِّفُ الرجل
شهادة الزور.
وأَلفَّ الرجل رأْسه إذا جعله تحت ثوبه، وتَلفَّفَ فلان في ثوبه والتفَّ
به وتَلَفْلَف به. وفي حديث أُم زرع: وإن رَقد التفّ أَي إذا نام تلفَّف
في ثوب ونام ناحية عني. واللِّفافة: ما يُلفّ على الرِّجل وغيرها،
والجمع اللَّفائف. واللَّفِيفة: لحم المَتن الذي تحته العقَب من البعير؛
والشيء المُلَفَّف في البجاد وَطْبُ اللبن في قول الشاعر:
إذا ما مات مَيْتٌ من تميمٍ،
وسَرَّكَ أَن يعِيشَ، فَجئْ بزادِ
بخُبْزٍ أَو بسمْن أَو بتمْرٍ،
أَو الشيء المُلَفَّف في البِجادِ
قال ابن بري: يقال إنّ هذين البيتين لأَبي المُهَوِّس الأَسدي، ويقال
إنهما ليزيد بن عمرو بن الصَّعِق، قال: وهو الصحيح؛ قال: وقال أَوس بن
غَلفاء يردّ على ابن الصَّعِق:
فإنَّك، في هِجاء بني تميمٍ،
كمُزْدادِ الغَرامِ إلى الغَرامِ
وهم ترَكُوكَ أَسْلَح من حُبارى
رأَتْ صَقْراً، وأَشْرَدَ من نَعامِ
وأَلفّ الطائرُ رأْسه: جعله تحت جناحه؛ قال أُميَّة ابن أَبي الصلْت:
ومنهم مُلِفٌّ رأْسَه في جَناحِه،
يَكادُ لذِكرى رَبّه يتفَصَّدُ
(* قوله «يتفصد» هو بالدال في الأصل وشرح القاموس لكن كتب بازائه في
الأصل يتفصل باللام.)
الأَزهري في ترجمة عمت: يقال فلان يَعْمِتُ أَقرانه إذا كان يَقهَرهم
ويَلُفهم، يقال ذلك في الحرب وجَوْدة الرأْي والعلم بأَمر العدوّ وإثخانه،
ومن ذلك يقال للفائف الصوف عُمُتٌ لأَنها تُعْمَت أَي تُلَفّ؛ قال
الهذلي:يَلُفُّ طَوائفَ الفُرْسا
نِ، وهو بلَفِّهِم أَرِبُ
وقوله تعالى: والفت الساق بالساق؛ إنه لفُّ ساقَي الميّت في كفَنه،
وقيل: إنه اتِّصال شدّة الدنيا بشدة الآخرة.والميّتُ يَُلفُّ في أَكفانه
لفّاً إذا أُدْرِجَ فيها.
والأَلفّان: عِرْقا يستبطِنان العضُدين ويفرد أَحدهما من الآخر؛ قال:
إنْ أَنا لم أُرْوِ فشَلَّتْ كَفِّي،
وانْقطَع العِرْقُ من الأَلَفِّ
ابن الأَعرابي: اللَّفَف أَن يَلتوِي عِرْق في ساعد العامل فيُعَطِّله
عن العمل. وقال غيره: الأَلَفُّ عِرق يكون بين وَظِيف اليد وبين العُجاية
في باطن الوَظِيف؛ وأَنشد:
يا رِيَّها، إن لم تَخُنِّي كفِّي،
أَو يَنْقَطِعْ عِرْقٌ من الأَلَفّ
وقال ابن الأَعرابي في موضع آخر: لَفْلَف الرجل إذا اضْطَرب ساعِدُه من
التِواء عِرْق فيه، وهو اللَّفَفُ؛ وأَنشد:
الدَّلْوُ دَلْوِي، إنْ نَجَتْ من اللَّجَفْ،
وإن نجا صاحبُها من اللَّفَفْ
واللَّفِيفُ: حيّ من اليمن. ولَفْلَف: اسم موضع؛ قال القتال:
عَفا لَفْلَفٌ من أَهله فالمُضَيَّحُ،
فليس به إلا الثعالِبُ تَضْبَحُ
شبر: الشِّبْرُ: ما بين أَعلى الإِبهام وأَعلى الخِنْصَر مذكر، والجمع
أَشْبارٌ؛ قال سيبويه: لم يُجاوزُوا به هذا البناء. والشَّبْرُ، بالفتح:
المصدر، مصدر شَبَرَ الثوبَ وغيرَهُ يَشْبُرُه ويَشْبِرُه شَبْراً كَالَهُ
بِشِبْرِه، وهو من الشِّبْرِ كما يقال بُعْتُه من الباع. وهذا أَشْبَرُ
من ذاك أَي أَوسَعُ شِبْراً. الليث: الشِّبْرُ الاسم والشَّبْرُ
الفِعْل.وأَشْبَرَ الرجلَ: أَعطاه وفضَّله، وشَبَرَه سيفاً ومالاً يَشْبُرُه
شَبْراً وأَشْبَرَه: أَعطاه إِياه؛ قال أَوس بن حَجَرٍ يصف سيفاً:
وأَشْبَرَنِيهِ الهالِكيُّ، كأَنَّه
غَدِيرٌ جَرَتْ في مَتْنِهِ الرِّيحُ سَلْسَلُ
ويروى: وأَشْبَرَنِيها فتكون الهاء للدرع؛ قال ابن بري: هو الصواب لأَنه
يصف دِرْعاً لا سيفاً؛ وقبله:
وبَيْضاءَ زَغْفٍ نَثْلَةٍ سُلَمِيَّةٍ،
لها رَفْرَفٌ فَوْقَ الأَنامِلِ مُرْسَلُ
الزَّغْفُ: الدِّرْعُ اللَّيِّنَةُ. وسُلَمِيَّة: من صنعة سليمان بن
داود، عليهما السلام والهالِكيُّ: الحداد، وأَراد به ههنا الصَّيْقَلَ،
ومصدره الشَّبْرُ إِلا أَن العجاج حركه للضرورة فقال:
الحمد لله الذي أَعطى الشَّبَرْ
كأَنه قال: أَعطى العَطِيَّة، ويروى: الحَبَرْ؛ قال ابن بري: صواب
إِنشاده:
فالحمد لله الذي أَعطى الحَبَرْ
قال: وكذا رَوَتْه الرُّواة في شعره. والحَبَرُ: السرور؛ وقوله: إِن
الأَصل فيه الشَّبْرُ وإِنما حركه للضرورة وهَمٌ لأَن الشَّبْرَ، بسكون
الباء، مصدر شَبَرْتُه شَبْراً إِذا أَعطيتَه، والشَّبَرُ، بفتح الباء، اسمُ
العطية؛ ومثله الخَبْطُ والخَبَطُ، والمصدر خَبَطَتْ الشجرة خَبْطاً،
والخَبَطُ: اسمُ ما سقَط من الورَق من الخَبْطِ؛ ومثله النَّفْضُ
والنَّفَضُ، النَّفَضُ هو المصدر، والنَّفْضُ اسمُ ما نفضته؛ وكذلك جاء الشَّبْرُ
في شعر عديّ في قوله:
لم أَخُنْه والذي أَعطى الشَّبَرْ
قال: ولم يقل أَحد من أَهل اللغة إِنه حرك الباء للضرورة لأَنه ليس يريد
به الفعل وإِنما يريد به اسمَ الشيء المُعطَى؛ وبعد بيت العجاج:
مَوَاليَ الحَقِّ أَنِ المَوْلى شَكَرْ
عَهْدَ نَبِيٍّ، ما عَفَا وما دَثَرْ
وعهدَ صِدِّيقٍ رأَى برّاً فَبَرْ،
وعهدَ عُثْمَانَ وعهداً منْ عُمَرْ
وعهدَ إِخْوَانٍ هُمُ كانُوا الوَزَرْ،
وعُصبَةَ النبِيِّ إِذ خافوا الحَصَرْ
شَدّوا له سُلْطانَه حتى اقْتَسَرْ،
بالقَتْلِ، أَقْوَاماً، وأَقواماً أَسَرْ
تَحْتَ التي اخْتَار له اللهُ الشَّجَرْ
محمداً، واختارَهُ اللهُ الخِيَرْ
فَمَا وَنى محمدٌ، مُذْ أَنْ غَفَرْ
له الإِلهُ ما مَضَى وما غَبَرْ
أَنْ أَظْهَرَ النُّورَ به حتى ظَهَرْ
والشَّبَرُ: العطية والخير؛ قال عدي بن زيد:
إِذ أَتاني نَبأٌ مِن مُنْعَمِرْ
لم أَخُنْه، والذي أَعْطَى الشَّبَرْ
(* قوله: «من منعمر» كذا بالنون، وهذا الضبط بالأصل).
وقيل: الشَّبْرُ والشَّبَرُ لغتان كالقَدْرِ والقَدَرِ ابن الأَعرابي:
الشِّبْرَة العطية. شَبَرْتُه وأَشْبَرْتُه وشَبَّرْتُه: أَعطيته، وهو
الشَّبْرُ، وقد حُرِّك في الشعر. ابن الأَعرابي: شَبَرَ وشَبَّرَ إِذا
قَدَّرَ. وشَبَّرَ أَيضاً إِذا بَطِرَ. ويقال: قصر الله شَبْرَك وشِبْرَك أَي
قصر الله عُمْرَك وطُولَك. الفراء: الشَّبْرُ القَدّ، يقال: ما أَطول
شَبْرَه أَي قَدَّه. وفلانٌ قصيرُ الشَّبْرِ. والشَّبْرَة: القامة تكون
قصيرة وطويلة. أَبو الهيثم: يقال شُبِّرَ فلان فَتَشَبَّرَ أَي عُظِّمَ
فتعظَّمَ وقُرِّب فتقرّب. ابن الأَعرابي: أَشْبَرَ الرجلُ جاء ببنين طوال،
وأَشْبَرَ: جاء بنين قِصارِ الأَشبارِ. وتَشَابَرَ الفريقان إِذا تقاربا في
الحرب كأَنه صار بينهما شِبْرٌ ومَدَّ كل واحد منهما إِلى صاحبه
الشِّبْرَ. والشَّبَرُ: شيء يتعاطاه النصارى بعضهم لبعض كالقُرْبانِ يتقرّبون به،
وقيل: هو القُرْبانُ بعينِهِ. وأَعطاها شَبْرَها أَي حق النكاح. وفي
دعائه لعلي وفاطمة، رضوان الله عليهما: جمع الله شَمْلَكُما وبارك في
شَبْرِكُما؛ قال ابن الأَثير: الشَّبْرُ في الأَصل العطاء ثم كُني به عن النكاح
لأَن فيه عطاء. وشَبْرُ الجمل: طَرْقُه، وهو ضِرَابه. وفي الحديث: أَنه
نهى عن شَبْرِ الجَمَلِ أَي أُجرة الضِّرَابِ. قال: ويجوز أَن يسمى به
الضراب نفسه على حذف المضاف أَي عن كراء شَبْرِ الجَمَلِ؛ قال الأَزهري:
معناه النهي عن أَخذ الكراء عن ضراب الفحل، وهو مثلُ النهي عن عَسْبِ
الفحل، وأَصل العَسْب والشَّبْرِ الضِّرابُ؛ ومنه قول يحيى بن يَعْمَرَ لرجل
خاصمته امرأَته إِليه تطلب مهرها: أَإِن سأَلتك ثَمَنَ شَكْرِها وشَبْرِك
أَنشأْتَ تَطُلُّها وتَضْهَلُها؟ أَراد بالشَّبْرِ النكاحَ، فشَكْرُها:
بضْعُها؛ وشَبْرُه: وَطْؤه إِياها؛ وقال شمر: الشَّبْرُ ثواب البضع من مهر
وعُقْرٍ. وشَبْرُ الجمل: ثواب ضِرَابه. وروي عن ابن المبارك أَنه قال:
الشَّكْرُ القُوتُ، والشَّبْرُ الجماع. قال شمر: القُبُل يقال له
الشَّكْرُ؛ وأَنشد يصف امرأَة بالشرَف وبالعِفَّة والحِرْفة:
صَنَاعٌ بإِشْفاها، حَصَانٌ بِشَكْرِها،
جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ، والعِرْقُ زَاخِرُ
ابن الأَعرابي: المَشْبُورَة المرأَة السَّخِيَّة الكريمة.
قال ابن سيده: فسر ابن الأَعرابي شَبْرَ الجمل بأَنه مثل عَسْب الفحل
فكأَنه فسر الشيء بنفسه؛ قال: وذلك ليس بتفسير، وفي طريق آخر نهى عن شَبْرِ
الفحل. ورجل قصير الشِّبْرِ مُتَقاربُ الخَطْوِ؛ قالت الخنساء:
معاذَ الله يَرْضَعُنِي حَبَرْكَى،
قصِيرُ الشِّبْرِ من جُشَمِ بنِ بَكْرِ
والمَشْبَرُ والمَشْبَرَةُ: نَهْرٌ ينخفض فيتأَدى إِليه ما يفيض عن
الأَرضِين. ابن الأَعرابي: قِبالُ الشِّبْرِ الحَيَّةُ وقِبَالُ الشَّسْعِ
الحيَّة. وقال أَبو سعيدْ:
المَشَابِرُ حُزُوزٌ في الذِّراعِ التي يُتَبايَعُ بها، منها حز
الشِّبْر وحز نصف الشِّبْرِ ورْبُعِه، كلُّ جُزْءٍ منها صَغُر أَو كبر
مَشْبَرٌ.والشَّبُورُ: شيء ينفخ فيه، وليس بعربي صحيح. والشَّبُّور، على وزن
التَّنُّور: البُوقُ، ويقال هو معرّب. وفي حديث الأَذان ذُكِرَ له
الشَّبُّور؛ قال ابن الأَثير: جاء في تفسيره أَنه البُوقُ وفسروه أَيضاً بالقُبْعِ،
واللفظة عِبرانية. قال ابن بري: ولم يذكر الجوهري شَبَّر وشَبيراً في
اسم الحسن والحُسين، عليهما السلام؛ قال: ووجدت ابن خالويه قد ذكر شرحهما
فقال: شَبَّرُ وشَبِيرٌ ومُشَبَّرٌ هم أَولاد هرون، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام، ومعناها بالعربية حسن وحسين ومُحَسِّن، قال: وبها سَمَّى علي،
عليه السلام، أَولاده شَبَّرَ وشَبِيراً ومُشَبِّراً يعني حسناً وحسيناً
ومُحَسِّناً، رضوان الله عليهم أَجمعين.
عيا: عَيَّ بالأَمرِ عَيّاً وعَيِيَ وتَعايا واسْتَعْيا؛ هذه عن
الزجَّاجي ، وهو عَيٌّ وعَييٌ وعَيَّانُ: عجز عنه ولم يُطِقْ إحْكامه. قال
سيبويه: جمع العَييِّ أَعْيِياءُ وأَعِيَّاءُ، والتصحيح من جهة أَنه ليس على
وزن الفِعْلِ، والإعْلال لاسْتِثقالِ اجتماع الياءَينِ، وقد أَعْياه
الأمرُ؛ فأَمَّا قول أبي ذؤيب:
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ، يأْوِي مَلِيكُها
إلى طُنُفٍ أَعْيا بِراقٍ ونارِلِ
فإنما عَدّى أَعْيا بالباء لأنه في معنى برَّح، فكأَنه قال برَّح بِراقٍ
ونازِلٍ، ولولا ذلك لما عَدَّاه بالباء. وقال الجوهري: قوم أَعْياء
وأَعْيِياء، قال: وقال سيبويه أَخبرنا بهذه اللغة يونس ، قال ابن بري: صوابه
وقوم أَعِيّاء وأَعْيِياء كما ذكره سيبويه. قال ابن بري: وقال ، يعني
الجوهري، وسَمِعْنا من العرب من يقول أَعْيِياء وأَحْيِيَةٌ فيُبَيِّن؛ قال
في كتاب سيبويه: أَحْيِيَةٌ جمع حَياء لفَرْج الناقة، وذكر أَنَّ من
العرب من يُدْغِمُه فيقول أَحِيَّة. الأزهري: قال الليث العِيُّ تأْسِيسٌ
أَصله من عَين وياءَيْن وهو مصدر العَيِيِّ، قال: وفيه لغتان رجل عَيِيٌّ،
بوزن فعيل؛ وقال العجاج:
لا طائِشٌ قاقٌ ولا عَيِيُّ
ورجل عَيٌّ: بوَزْنِ فَعْلٍ، وهو أَكثر من عَييٍّ، قال: ويقال عَيِيَ
يَعْيا عن حُجَّته عَيّاً، وعَيَّ يَعْيَا، وكلُّ ذلك يقال مثل حَيِيَ
يَحْيَا وحَيِّ؛ قال الله عز وجل: ويَحْيا مَنْ حَيَّ عن بَيِّنَةٍ ، قال:
والرِّجلُ يَتَكَلَّف عملاً فيَعْيا به وعَنه إذا لم يَهْتَدِ لوجِه عَمَله.
وحكي عن الفراء قال: يقال في فِعْلِ الجميع من عَيَّ عَيُّوا؛ وأَنشد
لبعضهم:
يَحِدْنَ عَنْ كلِّ حَيٍّ، كأَنَّنا
أَخاريسُ عَيُّوا بالسَّلامِ وبالنَّسَبْ
وقال آخر:
مِنَ الذين إذا قُلْنا حديثَكُمُ
عَيُّوا، وإنْ نَحْن حَدَّثْناهُمُ شَغِبُوا
قال: وإذا سُكِّن ما قبل الياء الأُولى لم تُدْغَمْ كقولك هو يُعْيي
ويُحْيي. قال: ومن العربَ منْ أَذْعَمَ في مثلِ هذا؛ وأَنشد لبعضهم:
فكَأَنَّها بينَ النّساء سَبيكةٌ
تَمْشي بسُدَّة بَيتها، فتُعِيُّ
وقال أبو إسحق النحوي: هذا غيرُ جائزٍ عند حُذَّاق النحويين. وذكر أَنَّ
البيتَ الذي اسْتَشْهد به الفراء ليس بمعروف؛ قال الأَزهري: والقياس ما
قاله أَبو إسحق وكلامُ العرب عليه وأَجمع القُرّاء على الإظْهار في قوله
يُحْيِي ويُمِيتُ. وحكي عن شمر: عَيِيتُ بالأَمر وعَييتُه وأَعْيا عليَّ
ذلك وأَعياني. وقال الليث: أَعْياني هذا الأَمرُ أَن أَضْبِطَه وعَيِيت
عنه، وقال غيره: عَيِيتُ فلاناً أَعْياهُ أَي جَهِلْته. وفلان يَعْياه
أَحدٌ أي لا يَجْهَله أحدٌ، والأصل في ذلك أن لا تَعْيا عن الإخبارِ عنه إذا
سُئِلْتَ جَهْلاً به؛ قال الراعي:
يسأَلْنَ عنك ولا يَعْياك مسؤولُ
أَي لا يَجْهَلُك. وعَيِيَ في المَنْطِق عِيّاً: حَصِرَ. وأَعْيا
الماشي: كلَّ. وأَعْيا السيرُ البَعيرَ ونحوَه: أَكَلَّه وطَلَّحه. وإبلٌ
مَعايا: مُعْيِيَة. قال سيبويه: سألت الخليلَ عن مَعايا فقال: الوَجْه
مَعايٍ، وهو المُطَّرد، وكذلك قال يونس، وإنما قالوا مَعايا كما قالوا مَدارى
وصَحارى وكانت مع الياء أَثقلَ إذا كانت تُستَثقَل وحدَها. ورجلٌ
عَياياءُ: عَيِيٌّ بالأُمور. وفي الدعاء: عَيٌّ له وشَيٌّ، والنَّصْبُ جائِزٌ.
والمُعاياةُ: أَن تأْتيَ بكلامٍ لا يٌهتَدى له، وقال الجوهري: أَن تأْتي
بشيءٍ لا يهتدى له، وقد عاياهُ وعَيَّاه تَعْيِيَةً. والأُعْيِيَّةُ: ما
عايَيْتَ به. وفَحْلٌ عَياءٌ: لا يَهْتَدي للضراب، وقيل: هو الذي لم
يَضْرِبْ ناقةً قطُّ، وكذلك الرجل الذي لا يَضْرِبُ، والجمع أَعْياءٌ ،
جمَعُوه على حذف الزائد حتى كأَنهم كسَّروا فَعَلاً كما قالوا حياءُ الناقةِ،
والجمع أَحْياءٌ. وفَحْلٌ عَياياءُ: كْعَياءٍ، وكذلك الرجُلُ. وفي حديث
أُمّ زرع: أَنَّ المرأَة السادسة قالت زوجي عَياياءُ طَبافاءُ كلُّ داءٍ
داءٌ؛ قال أبو عبيد: العَياياءُ من الإبلِ الذي لا يَضْرِبُ ولا
يُلْقِحُ، وكذلك هو من الرجال؛ قال ابن الأثير في تفسيره: العَياياءُ العِنِّينُ
الذي تُعْييهِ مُباضَعَة النساء . قال الجوهري: ورَجلٌ عَياياءُ إذا
عَيِّ بالأَمْر والمَنْطِقِ ؛ وذكر الأزهري في ترجمة عبا:
كَجَبْهَةِ الشَّيخِ العَباء الثَّطِّ
وفسره بالعَبام، وهو الجافي العَيِيُّ ، ثم قال: ولم أَسْمَع العَباءَ
بمعنى العَبام لغير الليث، قال: وأَما الرَّجَز فالرواية عنه:
كَجَبْهَة الشيخ العياء
بالياء . يقال: شيخ عَياءٌ وعَياياءُ، وهو العَبامُ الذي لا حاجة له إلى
النساء، قال: ومن قاله بالباء فقد صَحَّف. وداءٌ عَياءٌ: لا يُبْرَأُ
منه ، وقد أَعْياه الداءُ ؛ وقوله:
وداءٌ قدَ أعْيا بالأطبَّاء ناجِسُ
أراد أَعْيا الأَطِبَّاءَ فعَدَّاه بالحَرْفِ، إذ كانت أَعْيا في معنى
بَرَّحَ، على ما تقدم. الأَزهري: وداءٌ عَيُّ مثلُ عَياءٍ، وعَيِيٌّ
أَجود؛ قال الحرث بن طُفَيل:
وتَنْطِقُ مَنْطِقًا حُلْواً لذيذاً،
شِفاءَ البَثِّ والسُّقْمِ العَيِيِّ
كأَن فَضِيضَ شارِبه بكأْس
شَمُول، لَوْنُها كالرَّازِقِيِّ
جَمِيعاً يُقْطَبانِ بِزَنْجَبيلٍ
على فَمِها، مَعَ المِسْكِ الذَّكِيِّ
وحكي عن الليث: الداءُ العَيادُ الذي لا دَواءَ له، قال: ويقال الداءُ
العَياءُ الحُمْقُ. قال الجوهري: داءٌ عَياءٌ أَي صعبٌ لا دواءَ له كأَنه
أَعْيا على الأَطِباء. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: فِعْلُهم الداءُ
العَياءُ؛ هو الذي أَعْيا الأَطِباء ولم يَنْجَعْ فيه الدواءُ. وحديث
الزُّهْري: أَنَّ بَرِيداً من بعض المُلوك جاءَه يسأله عن رجل معه ما مع المرأة
كيف يُوَرَّث؟ قال: من حيثُ يخرجُ الماءُ الدافِقُ؛ فقال في ذلك
قائلهم:ومُهِمَّةٍ أَعْيا القُضاةَ عَياؤُها
تَذَرُ الفقيهَ يَشُكُّ شَكَّ الجاهِلِ
عَجَّلْتَ قبلَ حَنِيذها بِشِوَائِها ،
وقَطَعْتَ مَحْرِدَها بحُكْمٍ فاصِلِ
قال ابن الأثير: أَرادَ أَنك عجلتَ الفَتْوى فيها ولم تَسْتَأْنِ في
الجواب، فشَبَّهه برجُلٍ نَزلَ به ضيفٌ فعَجَّل قِراهُ بما قَطعَ له من
كَبِدِ الذَّبيحة ولَحْمِها ولم يَحْبِسُه على الحَنيذِ والشّواء، وتَعْجيلُ
القِرى عندهم محمودٌ وصاحبُه ممدوح.
وتَعَيَّا بالأمر: كَتَعَنَّى ؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:
حتى أَزُورَكُم وأَعْلَمَ عِلْمَكُمْ،
إنَّ التَّعَيِّيَ بأَمرِك مُمْرِضُ
وبنو عَياءٍ: حَيٌّ من جَرْمٍ. وعَيْعايةُ: حَيٌّ من عَدْوان فيهم
خَساسة. الأزهري: بَنُو أَعْيا يُنْسَبُ إليهم أَعْيَوِيٌّ، قال: وهم حَيٌّ
من العرب. وعاعَى بالضأْنِ عاعاةً وعِيعاءً: قال لها عا، وربما قالوا
عَوْ وعايْ وعاءِ، وعَيْعَى عَيْعاةً وعِيعاءً كذلك؛ قال الأَزهري: وهو
مثال حاحَى بالغَنَم حِيحاءً، وهو زَجْرُها. وفي الحديث شِفاءُ العِيِّ
السؤالُ؛ العِيُّ: الجهلُ، وعيِيَ به يَعْيا عِيّاً وعَيَّ، بالإدغام
والتشديد، مثلُ عَييَ. ومنه حديث الهَدْي: فأَزْحَفَتْ عليه بالطريق فعَيَّ
بشأْنِها أَي عَجَزَ عنها وأَشكل عليه أَمرُها. قال الجوهري: العِيُّ خلافُ
البيانِ، وقد عَيَّ في مَنْطِقِه. وفي المثل: أَعْيَا من باقِلٍ. ويقال
أَيضًا: عَيَّ بِأَمرِه وعَيِيَ إذا لم يَهْتَدِ لوجهِه، والإدْغامُ
أَكثر، وتقول في الجمع: عَيُوا ، مخَفَّفاً، كما قلناه في حَيُوا، ويقال
أَيضًا: عَيُّوا، بالتشديد، وقال عبيد بن الأبرص:
عَيُّوا بأَمرِهِمُ ، كما
عَيَّتْ ببَيْضتِها الحَمامَهْ
وأَعياني هو ؛ وقال عمرو بن حسان من بني الحَرِث ابنِ همَّام:
فإنَّ الكُثْرَ أَعْياني قَديماً ،
ولم أُقْتِرْ لَدُنْ أَنّي غُلامُ
يقول: كنت متوسطاً لم أَفْتَقر فقراً شديداً ولا أَمكَنني جمعُ المال
الكثير، ويُرْوى: أَغناني أَي أَذَلِّني وأَخْضَعني. وحكى الأَزهري عن
الأصمعي: عيِيَ فلان، بياءَين، بالأَمر إذا عَجَز عنه، ولا يقال أَعْيا به.
قال: ومن العرب من يقول عَيٌّ به، فيُدْغِمُ. ويقال في المَشْي: أَعْيَيْت
وأَنا عَيِيّ؛
(* قوله «اعييت وأنا عييّ» هكذا في الأصل، وعبارة التهذيب: أعييت اعياء،
قال: وتكلمت حتى عييت عياً ، قال: واذا طلب علاج شيء فعجز يقال: عييت
وأنا عيي.) قال النابغة:
عَيَّتْ جواباً وما بالرَّبْعِ من أَحد
قال: ولا يُنْشَدُ أَعْيَتْ جواباً؛ وأَنشد لشاعر آخر في لغة من يقول
عيي:
وحتى حسِبْناهْم فوارِسَ كَهْمَسٍ،
حَيُوا بعدما ماتُوا من الدَّهْرِ أَعْصُرَا
ويقال: أَعْيا عليَّ هذا الأَمرُ وأَعْياني، ويقال: أَعْياني عَيَاؤه؛
قال المرَّارُ:
وأَعْيَتْ أَن تُجِيبَ رُقىً لِرَاقِ
قال: ويقال أَعْيا به بعيره وأَذَمَّ سواءٌ. والإعْياءُ: الكَلال؛
يقال: مَشَيْت فأَعْيَيْت، وأَعيا الرجلُ في المَشْيِ، فهو مُعْيٍ؛ وأَنشد
ابن بري:
إنّ البَراذِيِنَ إذا جَرَيْنَهْ ،
مَعَ العِتاقِ ساعَةً، أَعْيَيَنَهْ
قال الجوهري: ولا يقال عَيَّانٌ. وأَعْيا الرجلُ وأَعياهُ الله، كلاهما
بالأَلف. وأَعيا عليه الأَمْرُ وتَعَيَّا وتَعايا بمعنى.
وأَعْيا: أَبو بطن من أَسَدٍ، وهو أَعيا أَخو فَقْعسٍ ابنا طَريفِ بن
عمرو بن الحَرِثِ بن ثَعْلبة بن دُوادانَ بن أَسدٍ؛ قال حُرَيث بنُ عتَّابٍ
النَّبْهاني:
تَعالَوْا أُفاخِرْكُمْ أَأَعْيا، وفَقْعَسٌ
إلى المَجْدِ أَدْنَى أَمْ عَشِيرَةُ حاتِمِ
والنسبَة إليهم أَعْيَويّ.
أجز: اسْتَأْجَزَ عن الوِسادَة: تَنَحَّى عنها ولم يَتَّكِئْ، وكانت
العرب تَسْتَأْجِزُ ولا تَتَّكِئ. وآجَزُ: اسمٌ. التهذيب: الليث
الإِجازَةُ ارْتِفاقُ العرب، كانت العرب تَحْتَبئ وتَسْتَأْجِزُ على وسادة ولا
تتكئ على يمين ولا شمال؛ قال الأَزهري: لم أَسمعه لغير الليث ولعله حفظه.
وروي عن أَحمد بن يحيى قال: دَفَعَ إِليَّ الزُّبَيرُ إِجازَةً وكتب
بخطه، وكذلك عبد الله بن شبيب فقلت: ايش أَقول فيهماففقالا: قل إِن شئت حدّثنا،
وإِن شئت أَخبرنا، وإِن شئت كتب إِليّ.