اسم الفاعل من نعت ينعت بمعنى وصف يصف: موضع في ديار بني عامر بن صعصعة ثم ديار
بني نمير من بادية اليمامة، قال لبيد:
كأنّ نعاجا من هجائن عازف ... عليها وآرام السّليّ الخواذلا
جعلن جراح القرنتين وناعتا ... يمينا ونكّبنا البديّ شمائلا
هذل: هَوْذَلَ في مَشْيهِ هَوْذَلةً: أَسرع، وقيل: الهَوْذلة أَن
يضْطَرِب في عَدْوِه. وهَوْذَل السقاءُ: تَمَخَّضَ، من ذلك. وهَوْذَل السقاءُ
إِذا أَخرج زُبْدَتهُ. وهَوْذَل الرجلُ: اضطرب في عَدْوه، وكذلك
الدَّلْوُ؛ قال:
هَوْذَلَةَ المِشْآةِ في الطَّوِيِّ
وفي نسخة: في قَعْرِ الطَّوِيِّ؛ قال ابن بري: المِشْآة الزَّبِيلُ الذي
يُخرج به تراب البئر؛ قال: ومثله لابن هَرْمة:
إِمَّا يَزالُ قائِلٌ أَبِنْ أَبِنْ،
هَوْذَلَة المِشْآةِ عن ضِرسِ اللَّبِنْ
الليث: الهَوْذَلة القَذْف بالبَوْلِ. وهَوْذَل إِذا قاء. وهَوْذَل إِذا
رمَى بالعُرْبُونِ، وهو الغائط والعَذِرة. وذهب بَوْلُه هَذَالِيلَ إِذا
انقطع. وهَوْذَل البعير ببوله إِذا اختزَّ بَوْلُه وتحرَّك. وهَوْذَل
ببَوْله: نَزَّاه وقَذَفه ورمى به؛ قال:
لَوْ لمْ يُهَوْذِلْ طَرَفاهُ لَنَجَمْ،
في صَدْره، مثل قَفَا الكَبْشِ الأَجَمّْ
وهَوْذَلَ الفحلُ من الإِبل ببوْلِه إِذا اهتزَّ وتحرَّك.
والهاذِلُ، بالذال: وسَط الليل.
وأَهْذَبَ في مشيه وأَهْذَل إِذا أَسرع، وجاء مُهْذِباً مُهْذِلاً.
والهُذْلول: الرجلُ الخفيف والسهمُ الخفيف. ابن بري: والهَوْذلُ ولد
القِرد؛ قال الشاعر:
يُدِيرُ النَّهارَ بِحَشْرٍ له،
كما دارَ بالمَنَّةِ الهَوْذَلُ
المَنَّة: القِرْدة، والهَوْذَل ابنها، والنَّهار فَرْخ الحُبارَى؛ يصف
صبيّاً يُديرُ نهاراً في يده بحَشْرٍ وهو سهم خفيف.
والهُذْلولُ: التلُّ الصغير المرتفع من الأَرض، والجمع الهَذالِيل؛ قال
الراجز:
يَعْلو الهَذالِيلَ ويَعْلو القَرْدَدا
وقيل: الهُذْلول الرَّمْلة الطويلة المُسْتَدِقَّة المشرِفة، وكذلك
السَّحابة المُسْتَدِقَّة. وهَذالِيلُ الخيل: خِفافُها؛ وقال الليث:
الهُذْلولُ ما ارتفع من الأَرض من تِلال صغار؛ قال ابن شميل: الهُذْلول المكان
الوطيءُ في الصحراء لا يشعُر به الإِنسان حتى يُشرِف عليه؛ قال جرير:
كأَنَّ دِياراً، بين أَسْنِمةِ النَّقا
وبين هَذالِيلِ البُحَيْرة، مُصْحَفُ
قال: وبُعْده نحو القامةِ يَنْقاد ليلة أَو يوماً وعُرْضُهُ قِيدُ
رُمْحٍ أَو أَنْفس، له سَنَدٌ ولا حروف له؛ قال أَبو نصر: الهَذالِيلُ رِمال
دِقاق صِغار، وقال غيره: الهُذْلولُ ما سَفَتِ الريحُ من أَعالي الأَنْقاء
إِلى أَسافِلها، وهو مثل الخَنْدَق في الأَرض. وقال أَبو عمرو:
الهَذالِيلُ مَسايِل صِغار من الماء وهي الثُّعْبان. وذهب ثوبُه هَذالِيلَ أَي
قِطعاً. ابن سيده: الهُذْلولُ السريع الخفيف، وربما سمي الذئب هُذْلولاً.
وهُذْلول: فَرَس عَجْلان بن بَكْرة
(* قوله «ابن بكرة» كذا في الأصل
والمحكم بالباء، وفي القاموس والتكملة بالنون بدلها وكتب عليه فيها علامة
التصحيح). التيميّ. وهُذْلول أَيضاً: فرس جابر بن عُقَيل؛ ابن الكلبيّ:
الهُذْلول اسم سيف كان لبعض بني مَخْزوم، وهو القائل فيه:
وكم من كَمِيٍّ قد سَلَبْت سِلاحَه،
وغادَرَهُ الهُذْلولُ يكْبُو مُجَدَّلا
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
قلتُ لِقَوْمٍ خرجوا هَذالِيلْ
نَوْكَى، ولا يُقَطِّع النَّوْكَى القِيلْ
(* قوله «ولا يقطع النوكى» في التهذيب: ولا ينفع للنوكى).
فسره فقال: الهَذالِيل المتقطِّعون، وقيل: هم المسرِعون يتبع بعضُهم
بعضاً.
وهُذَيْل: اسم رجل. وهُذَيْل: قبيلة النسبة إِليها هُذَيْلِيّ
وهُذَلِيٌّ قياس ونادر، والنادر فيه أَكثر على أَلسِنتهم. وهُذَيْل: حيّ من مُضَر،
وهو هُذيْل ابن مُدْرِكَة بنِ
إِلياسَ بنِ مُضَرَ، وقيل: هُذَيْل قبيلة من خِنْدِف أَعْرَقَتْ في
الشِّعْر.
محج: مَحَجَ الأَديمَ يَمْحَجُه مَحْجاً: دَلَكَه لِيَمْرُنَ.
والمَحْجُ: مَسْحُ شيء عن شيء حتى ينالَ المَسْحُ جلد الشيء لِشِدَّةِ مَسْحِكَ،
ونحو ذلك. والرِّيحُ تَمْحَجُ الأَرضَ مَحْجاً: تَذْهَبُ بالتراب حتى
تتناوَلَ من أَرُومةِ العَجَاجِ؛ قال العَجَّاجُ:
ومَحْجُ أَرْواحٍ يُبارِينَ الصَّبا،
أَغْشَيْنَ مَعرُوفَ الــدِّيارِ التَّيْرَبَا
ويروى التَّوْرَبا، وكلاهما التراب.
ومَحَجَ المرأَةَ يَمْحَجُها مَحْجاً نَكَحَها، وكذلك مَخَجَها. قال ابن
الأَعرابي: اختصم شَيْخانِ غَنَوِيٌّ وباهِليٌّ، فقال أَحدهما لصاحبه:
الكاذِبُ مَحَجَ أُمَّه، فقال الآخر: انظروا ما قال لي: الكتذب مَحَجَ
أُمَّه أَي ناكَ أُمَّه؛ فقال له الغنوي: كذب ما قلت له هكذا، ولكني قلت:
مَلَجَ أُمَّه أَي رَضَعها.
ابن الأَعرابي: المَحَّاجُ الكذَّابُ؛ وأَنشد:
ومَحَّاجٌ إِذا كَثُرَ التَّجَنِّي
قال الأَزهري: فَمَحَجَ، عند ابن الأَعرابي، له معنيان: أَحدهما
الجِماعُ، والآخر الكَذِبُ.
ومَحَجَ مَحْجاً: أَسرَعَ. ومَحَجَ العُودَ مَحْجاً: قشره. ومَحَجَ
الدَّلْوَ مَحْجاً: خَضْخَضَها كمَخَجَها؛ عن اللحياني؛ قال:
قد صَبَّحَتْ قَلَمَّساً هَمُوما،
يَزِيدُها مَحْجُ الدِّلا جُمُوما
ويروى: مَخْجُ الدِّلا، وهي أَعرفُ وأَشهر.
وماحَجَه: ماطَله.
ومَحَجَ اللبنَ ومَخَجَه إِذا مَخَضَه.
ابن سيده: ومِحاجٌ ومَحاجِ: اسم فَرسٍ معروفة من خيل العرب؛ قال:
اقْدُمْ مَحاجِ، إِنه يَومٌ نُكُرْ،
مِثْلي على مِثْلِكَ يَحْمِي ويَكُرْ
ومَحاجٌ: اسم موضع؛ أَنشد ثعلب:
لَعَنَ اللهُ بَطْنَ لَقْفٍ مَسِيلاً
ومَحاجاً، فلا أُحِبُّ مَحاجَا
قال ابن سيده: وقد يكون مَحاجٌ مَفْعَلاً كالمَقالِ والمَقامِ، فيكون من
غير هذا الباب.
وقال ابن الأَثير في كتابه في هذه الترجمة: المَحَجَّةُ جادَّةُ
الطريقِ، مَفْعَلَةٌ من الحَجِّ القَصْدِ، والميم زائدة، وجمعها المَحاجُّ،
بتشديد الجيم. وفي حديث عليّ: ظَهَرَتْ مَعالِمُ الجَوْرِ وتُرِكَتْ مَحاجُّ
السُّنَنِ، وقد ذكر ذلك في موضعه.
صبع: الأَصْبَعُ: واحدة الأَصابِع، تذكر وتؤنث، وفيه لغات: الإِصْبَعُ
والأُصْبَعُ، بكسر الهمزة وضمها والباء مفتوحة، والأَصْبُعُ والأُصْبِعُ
والأَصْبِعُ والإِصْبِعُ مثال اضْرِبْ، والأُصْبُعُ: بضم الهمزة والباء،
والإِصْبُعُ نادِرٌ، والأُصْبُوعُ: الأُنملة مؤنثة في كل ذلك؛ حكى ذلك
اللحياني عن يونس؛ روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه دَمِيَتْ
إِصْبَعُه في حَفْر الخَنْدَق فقال:
هَلْ أَنْتِ إِلاَّ إِصْبَعٌ دَمِيتِ،
وفي سَبِيلِ اللهِ ما لَقِيتِ
فأَما ما حكاه سيبويه من قولهم ذهبتْ بعض أَصابِعه فإِنه أَنث البعض
لأَنه إِصبع في المعنى، وإِن ذَكَّرَ الإِصبعَ مُذَكِّر جاز لأَنه ليس فيها
علامة التأْنيث. وقال أَبو حنيفة: أَصابع البُنَيّاتِ
(* «اصابع البنيات
في القاموس اصابع الفتيات، قال شارحه: كذا في العباب والتكملة، وفي
المنهاج لابن جزلة اصابع الفتيان وفي اللسان اصابع البنيات.) نبات يَنْبُت
بأَرض العرب من أَطراف اليمن وهو الذي يسمى الفَرَنْجَمُشْكَ، قال:
وأَصابِعُ العذارَى أَيضاً صنف من العنب أَسود طِوال كأَنه البَلُّوطُ، يشبّه
بأَصابِع العذارَى المُخَضَّبةِ، وعُنْقُودُه نحو الذراع متداخِسُ الحب وله
زبيب جيِّد ومَنابِتُه الشّراةُ. والإِصْبَعُ: الأَثَر الحسَنُ، يقال:
فلان من الله عليه إِصْبَعٌ حسَنة أَي أَثَرٌ نعمة حسنة ؛ وعليك منك
اصْبَعٌ خسَنة أَي أتَرٌ حسَن؛ قال لبيد:
مَنْ يَجْعَلِ اللهُ إِصْبَعا،
في الخَيْرِ أَو في الشّرِّ، يَلْقاهُ مَعا
وإِنما قيل للأَثر الحسن إِصبع لإِشارة الناس إِليه بالإِصبع. ابن
الأَعرابي: إِنه لحسنُ الإِصْبَعِ في ماله وحسَنُ المَسِّ في ماله أَي حسَن
الأَثر؛ وأَنشد:
أَورَدَها راعٍ مَرِيءِ الإِصْبَعِ،
لم تَنْتَشِرْ عنه ولم تَصَدَّعِ
وفلانٌ مُغِلُّ الإِصْبَع إِذا كان خائناً؛ قال الشاعر:
حَدَّثْتَ نَفْسَكَ بالوَفاءِ، ولم تَكُنْ
للغَدْرِ خائِنةً مُغِلَّ الإِصْبَعِ
وفي الحديث: قَلْبُ المؤمِن بين إِصْبَعَيْنِ من أَصابِع الله يُقَلّبُه
كيف يشاء، وفي بعض الروايات: قلوب العباد بين إِصبعين؛ معناه أَن تقلب
القلوب بين حسن آثاره وصُنْعِه تبارك وتعالى. قال ابن الأَثير: الإِصبع من
صفات الأَجسام،تعالى الله عن ذلك وتقدّس، وإِطلاقها عليه مجاز كإِطلاق
اليد واليمين والعين والسمع، وهو جار مجرى التمثيل والكناية عن سرعة تقلب
القلوب، وإِن ذلك أَمر معقود بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وتخصيص ذكر
الأَصابع كناية عن أَجزاء القدرة والبطش لأَن ذلك باليد والأَصابع أَجزاؤها.
ويقال: للراعي على ماشيته إِصبع أَي أَثر حسن، وعلى الإِبل من راعيها
إِصبع مثله، وذلك إِذا أَحسن القيام عليها فتبين أَثره فيها؛ قال الراعي يصف
راعياً:
ضَعِيفُ العَصا بادِي العُروقِ، تَرَى له
عليها، إِذا ما أَجْدَبَ الناسُ، إِصْبَعا
ضَعِيفُ العَصا أَي حاذِقُ الرَّعْيةِ لا يضرب ضرباً شديداً، يصفه بحسن
قيامه على إِبله في الجدب.
وصَبَعَ به وعليه يَصْبَعُ صَبْعاً: أَشار نحوَه بإِصْبَعِه واغتابه أَو
أَراده بشَرٍّ والآخر غافل لا يُشْعُر. وصَبَعَ الإِناء يَصْبَعُه
صَبْعاً إِذا كان فيه شَرابٌ وقابَلَ بين إِصْبَعَيْهِ ثم أَرسل ما فيه في شيء
ضَيِّقِ الرأْس، وقيل: هو إِذا قابل بين إِصبعيه ثم أَرسل ما فيه في
إِناء آخَرَ أَيَّ ضَرْبٍ من الآنيةِ كان، وقيل: وضَعْتَ على الإِناءِ
إِصْبَعَك حتى سال عليه ما في إِناء آخر غيره؛ قال الأَزهري: وصَبْعُ الإِناء
أَن يُرْسَل الشَّرابُ الذي فيه بين طرفي الإِبهامين أَو السبَّابتين
لئلا ينتشر فيندفق، وهذا كله مأْخوذ من الإِصبع لأَن الإِنسان إِذا اغتاب
إِنساناً أَشار إِليه بإِصبعه، وإِذا دل إِنساناً على طريق أَو شيء خفي
أَشار إِليه بالإِصبع. ورجل مَصْبُوعٌ إِذا كان متكبراً. والصَّبْعُ:
الكِبْر التامُّ. وصَبَعَ فلاناً على فلان: دَلَّه عليه بالإِشارة. وصَبَعَ بين
القوم يَصْبَعُ صَبْعاً: دل عليهم غيرهم. وما صَبَعَك علينا أَي ما
دَلَّك. وصَبَع على القوم يَصْبَعُ صَبْعاً: طلع عليهم، وقيل: إِنما أَصله
صَبَأَ عليهم صَبْأً فأَبْدَلُوا العين من الهمزة. وإِصْبَعٌ: اسم جبل
بعينه.
منن: مَنَّهُ يَمُنُّه مَنّاً: قطعه. والمَنِينُ: الحبل الضعيف. وحَبل
مَنينٌ: مقطوع، وفي التهذيب: حبل مَنينٌ إذا أخْلَقَ وتقطع، والجمع
أَمِنَّةٌ ومُنُنٌ. وكل حبل نُزِحَ به أَو مُتِحَ مَنِينٌ، ولا يقال للرِّشاءِ
من الجلد مَنِينٌ. والمَنِينُ الغبار، وقيل: الغبار الضعيف المنقطع،
ويقال للثوب الخَلَقِ. والمَنُّ: الإعْياء والفَتْرَةُ. ومََنَنْتُ الناقة:
حَسَرْتُها. ومَنَّ الناقة يَمُنُّها مَنّاً ومَنَّنَها ومَنَّن بها:
هزلها من السفر، وقد يكون ذلك في الإنسان. وفي الخبر: أَن أَبا كبير غزا مع
تأَبَّطَ شَرّاً فمَنَّنَ به ثلاثَ ليالٍ أَي أَجهده وأَتعبه.
والمُنَّةُ، بالضم: القوَّة، وخص بعضهم به قوة القلب. يقال: هو ضعيف المُنَّة،
ويقال: هو طويل الأُمَّة حَسَنُ السُّنَّة قوي المُنّة؛ الأُمة: القامة،
والسُّنّة: الوجه، والمُنّة: القوة. ورجل مَنِينٌ
أَي ضعيف، كأنَّ الدهر مَنَّه أَي ذهب بمُنَّته أَي بقوته؛ قال ذو
الرمة:مَنَّهُ السير أَحْمقُ
أَي أَضعفه السير. والمَنينُ: القوي. وَالمَنِينُ: الضعيف؛ عن ابن
الأَعرابي، من الأَضداد؛ وأَنشد:
يا ريَّها، إن سَلِمَتْ يَميني،
وَسَلِمَ الساقي الذي يَلِيني،
ولم تَخُنِّي عُقَدُ المَنِينِ
ومَنَّه السر يَمُنُّه مَنّاً: أَضعفه وأَعياه. ومَنَّه يَمُنُّه
مَنّاً: نقصه. أَبو عمرو: المَمْنون الضعيف، والمَمْنون القويّ. وقال ثعلب:
المَنينُ الحبل القوي؛ وأَنشد لأَبي محمد الأَسدي:
إذا قَرَنْت أَرْبعاً بأَربعِ
إلى اثنتين في مَنين شَرْجَعِ
أَي أَربع آذان بأَربع وَذَماتٍ، والاثنتان عرْقُوتا الدلو. والمَنينُ:
الحبل القويّ الذي له مُنَّةٌ. والمَنِينُ أَيضاً: الضعيف، وشَرْجَعٌ:
طويل.
والمَنُونُ: الموت لأَنه يَمُنُّ كلَّ شيء يضعفه وينقصه ويقطعه، وقيل:
المَنُون الدهر؛ وجعله عَدِيُّ بن زيد جمعاً فقال:
مَنْ رَأَيْتَ المَنُونَ عَزَّيْنَ أَمْ مَنْ
ذا عَلَيْه من أَنْ يُضامَ خَفِيرُ
وهو يذكر ويؤنث، فمن أَنث حمل على المنية، ومن ذَكَّرَ حمل على الموت؛
قال أَبو ذؤيب:
أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبه تَتَوَجَّعُ،
والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ من يَجْزَعُ؟
قال ابن سيده: وقد روي ورَيْبها، حملاً على المنِيَّة، قال: ويحتمل أَن
يكون التأْنيث راجعاً إلى معنى الجنسية والكثرة، وذلك لأَن الداهية توصف
بالعموم والكثرة والانتشار؛ قال الفارسي: إنما ذكّره لأَنه ذهب به إلى
معنى الجنس. التهذيب: من ذكّر المنون أَراد به الدهر؛ وأَنشد بيت أَبي ذؤيب
أَيضاً:
أَمِنَ المَنُون ورَيْبه تَتَوَجَّعُ
وأَنشد الجوهري للأَعشى:
أَأَن رأَتْ رجلاً أَعْشى أَضرَّ به
رَيْبُ المَنُونِ، ودهْرٌ مُتبلٌ خبِل
ابن الأَعرابي: قال الشَّرْقِيّ بن القُطامِيِّ المَنايا الأحداث،
والحمام الأَجَلُ، والحَتْفُ القَدَرُ، والمَنُون الزمان. قال أَبو العباس:
والمَنُونُ يُحْمَلُ معناه على المَنايا فيعبر بها عن الجمع؛ وأَنشد بيت
عَدِيّ بن زيد:
مَن رأَيْتَ المَنونَ عَزَّيْنَ
أَراد المنايا فلذلك جمع الفعل. والمَنُونُ: المنية لأَنها تقطع
المَدَدَ وتنقص العَدَد. قال الفراء: والمَنُون مؤنثة، وتكون واحدة وجمعاً. قال
ابن بري: المَنُون الدهر، وهواسم مفرد، وعليه قوله تعالى: نَتَرَبَّصُ به
رَيْبَ المَنُونِ؛ أَي حوادث الدهر؛ ومنه قول أَبي ذؤيب:
أَمِنَ المَنُونِ ورَيْبِه تَتَوَجَّعُ
قال: أَي من الدهر وريبه؛ ويدل على صحة ذلك قوله:
والدهرُ ليس بمُعْتِبٍ من يَجْزَعُ
فأَما من قال: وريبها فإنه أَنث على معنى الدهور، ورده على عموم الجنس
كقوله تعالى: أَو الطِّفْل الذين لم يظهروا؛ وكقول أَبي ذؤيب:
فالعَيْن بعدهُمُ كأَنَّ حِدَاقَها
وكقوله عز وجل: ثم اسْتَوى إلى السماء فسَوَّاهُنَّ؛ وكقول الهُذَليِّ:
تَراها الضَّبْعَ أَعْظَمَهُنَّ رأْسا
قال: ويدلك على أَن المَنُون يرادُ بها الدُّهور قول الجَعْديّ:
وعِشْتِ تعيشين إنَّ المَنُو
نَ كانَ المَعايشُ فيها خِساسا
قال ابن بري: فسر الأَصمعي المَنُون هنا بالزمان وأَراد به الأَزمنة؛
قال: ويدُلّك على ذلك قوله بعد البيت:
فَحِيناً أُصادِفُ غِرَّاتها،
وحيناً أُصادِفُ فيها شِماسا
أَي أُصادف في هذه الأَزمنة؛ قال: ومثله ما أَنشده عبد الرحمن عن عمه
الأَصمعي:
غلامُ وَغىً تَقَحّمها فأَبْلى،
فخان بلاءَه الدهرُ الخَؤُونُ
فإن على الفَتى الإقْدامَ فيها،
وليس عليه ما جنت المَنُونُ
قال: والمَنُون يريد بها الدهور بدليل قوله في البيت قبله:
فخانَ بلاءَه الدَّهْرُ الخَؤُونُ
قال: ومن هذا قول كَعْب بن مالك الأَنصاري:
أَنسيتمُ عَهْدَ النبيّ إليكمُ،
ولقد أَلَظَّ وأَكَّدَ الأَيْمانا
أَن لا تَزالوا ما تَغَرَّدَ طائرٌ
أُخْرى المَنُونِ مَوالِياً إخْوانا
أَي إِلى آخر الدهر؛ قال: وأَما قول النابغة:
وكل فَتىً، وإِنْ أَمْشى وأَثْرَى،
سَتَخْلِجُه عن الدنيا المَنُونُ
قال: فالظاهر أَنه المنية؛ قال: وكذلك قول أَبي طالب:
أَيّ شيء دهاكَ أَو غال مَرْعا
ك، وهل أَقْدَمَتْ عليك المَنُون؟
قال: المَنُونُ هنا المنية لا غير؛ وكذلك قول عمرو ابن حَسَّان:
تَمَخَّضَتِ المَنُونُ له بيَوْمٍ
أَنَى، ولكلّ حاملةٍ تَمامُ
وكذلك قول ابن أَحمر:
لَقُوا أُمَّ اللُّهَيْمِ فجَهَّزَتْهُمْ
غَشُومَ الوِرْدِ نَكْنِيها المَنونا
أُم اللُّهَيمِ: اسم للمنية، والمنونُ هنا: المنية؛ ومنه قول أَبي
دُوَادٍ:
سُلِّطَ الموتُ والمَنُونُ عليهم،
فَهُمُ في صَدَى المَقابِرِ هامُ
ومَنَّ عليه يَمُنُّ مَنّاً: أَحسن وأَنعم، والاسم المِنَّةُ. ومَنَّ
عليه وامْتَنَّ وتمَنَّنَ: قَرَّعَه بِمِنَّةٍ؛ أَنشد ثعلب:
أَعْطاكَ يا زَيْدُ الذي يُعْطي النِّعَمْ،
من غيرِ ما تمَنُّنٍ ولا عَدَمْ،
بَوائكاً لم تَنْتَجِعْ مع الغَنَم
وفي المثل: كَمَنِّ الغيثِ على العَرْفَجةِ، وذلك أَنها سريعة الانتفاع
بالغيث، فإِذا أَصابها يابسةً اخضرَّت؛ يقول: أَتَمُنُّ عليَّ كمَنِّ
الغيثِ على العرفجةِ؟ وقالوا: مَنَّ خَيْرَهُ َيمُنُّهُ مَنّاً فعَدَّوْه؛
قال:
كأَني، إِذْ مَنَنْتُ عليك خَيري،
مَنَنْتُ على مُقَطَّعَةِ النِّياطِ
ومَنَّ يَمُنُّ مَنّاً: اعتقد عليه مَنّاً وحسَبَهُ عليه. وقوله عز وجل:
وإِنَّ لكَ لأَجْراً غيرَ مَمْنونِ؛ جاء في التفسير: غير محسوب، وقيل:
معناهُ أَي لا يَمُنُّ الله عليهم
(* قوله «أي لا يمن الله عليهم إلخ»
المناسب فيه وفيما بعده عليك بكاف الخطاب، وكأنه انتقال نظر من تفسير آية:
وإن لك لأجراً، إلى تفسير آية: لهم أجر غير ممنون، هذه العبارة من التهذيب
أو المحكم فإن هذه المادة ساقطة من نسختيهما اللتين بأيدينا للمراجعة).
به فاخراً أَو مُعَظِّماً كما يفعل بخلاءُِ المُنْعِمِين، وقيل: غير
مقطوع من قولهم حبل مَنِين إِذا انقطع وخَلَقَ، وقيل: أَي لا يُمَنُّ به
عليهم. الجوهري: والمَنُّ القطع، ويقال النقص؛ قال لبيد:
غُبْساً كَوَاسبَ لا يُمَنُّ طَعامُها
قال ابن بري: وهذا الشعر في نسخة ابن القطاع من الصحاح:
حتى إِذا يَئِسَ الرُّماةُ، وأَرْسَلوا
غُبْساً كَواسِبَ لا يُمَنُّ طعامُها
قال: وهو غلط، وإِنما هو في نسخة الجوهري عجز البيت لا غير، قال: وكمله
ابن القطاع بصدر بيت ليس هذا عجُزَه، وإِنما عجُزُهُ:
حتى إِذا يَئسَ الرُّماةُ، وأَرسلوا
غُضُفاً دَوَاجِنَ قافلاً أَعْصامُها
قال: وأَما صدر البيت الذي ذكره الجوهري فهو قوله:
لِمُعَفَّرٍ قَهْدٍ تنازَعَ شِلْوَه
غُبْسٌ كوَاسِبُ لا يُمَنُّ طعامُها
قال: وهكذا هو في شعر لبيد، وإِنما غلط الجوهري في نصب قوله غُبْساً،
والله أَعلم.
والمِنِّينَى: من المَنِّ الذي هو اعتقاد المَنِّ على الرجل. وقال أَبو
عبيد في بعض النسخ: المِنَّينى من المَنِّ والامْتنانِ.
ورجل مَنُونَةٌ ومَنُونٌ: كثير الامتنان؛ الأَخيرة عن اللحياني. وقال
أَبو بكر في قوله تعالى: مَنَّ اللهُ علينا؛ يحتمل المَنُّ تأْويلين:
أَحدهما إِحسانُ المُحْسِن غيرَ مُعْتَدٍّ بالإِحسان، يقال لَحِقَتْ فلاناً من
فلان مِنَّةٌ إِذا لَحِقَتْْه نعمةٌ باستنقاذ من قتل أَو ما أَشبهه،
والثاني مَنَّ فلانٌ على فلان إِذا عَظَّمَ الإِحسان وفخَرَ به وأَبدأَ فيه
وأَعاد حتى يُفْسده ويُبَغِّضه، فالأَول حسن، والثاني قبيح. وفي أَسماء
الله تعالى: الحَنّانُ المَنّانُ أَي الذي يُنْعِمُ غيرَ فاخِرٍ
بالإِنعام؛ وأَنشد:
إِن الذين يَسُوغُ في أَحْلاقِهِمْ
زادٌ يُمَنُّ عليهمُ لَلِئامُ
وقال في موضع آخر في شرح المَنَّانِ، قال: معناه المُعْطِي ابتداء، ولله
المِنَّة على عباده، ولا مِنَّة لأَحد منهم عليه، تعالى الله علوّاً
كبيراً. وقال ابن الأَثير: هو المنعم المُعْطي من المَنِّ في كلامهم بمعنى
الإِحسان إِلى من لا يستثيبه ولا يطلب الجزاء عليه. والمَنّانُ: من أَبنية
المبالغة كالسَّفَّاكِ والوَهّابِ، والمِنِّينى منه كالخِصَّيصَى؛
وأَنشد ابن بري للقُطاميّ:
وما دَهْري بمِنِّينَى، ولكنْ
جَزَتْكم، يا بَني جُشَمَ، الجَوَازي
ومَنَّ عليه مِنَّةً أَي امْتَنَّ عليه. يقال: المِنَّةُ تَهْدِمُ
الصَّنيعة. وفي الحديث: ما أَحدٌ أَمَنَّ علينا من ابن أَبي قُحافَةَ أَي ما
أَحدٌ أَجْوَدَ بماله وذات يده، وقد تكرر في الحديث. وقوله عز وجل: لا
تُبْطِلُوا صدقاتكم بالمَنِّ والأَذى؛ المَنُّ ههنا: أَن تَمُنَّ بما أَعطيت
وتعتدّ به كأَنك إِنما تقصد به الاعتداد، والأَذى: أَن تُوَبِّخَ
المعطَى، فأَعلم الله أَن المَنَّ والأَذى يُبْطِلان الصدقة. وقوله عز وجل: ولا
تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرْ؛ أَي لا تُعْطِ شيئاً مقدَّراً لتأْخذ بدله ما هو
أَكثر منه. وفي الحديث: ثلاثة يشْنَؤُهُمُ الله، منهم البخيل المَنّانُ.
وقد يقع المَنَّانُ على الذي لا يعطي شيئاً إِلاَّ مَنَّه واعتَدّ به
على من أَعطاه، وهو مذموم، لأَن المِنَّة تُفْسِد الصنيعةَ.
والمَنُون من النساء: التي تُزَوَّجُ لمالها فهي أَبداً تَمُنُّ على
زوجها. والمَنَّانةُ: كالمَنُونِ. وقال بعض العرب: لا تتزَوَّجَنَّ
حَنَّانةً ولا مَنَّانةً.
الجوهري: المَنُّ كالطَّرَنْجَبينِ. وفي الحديث: الكَمْأَةُ من المَنِّ
وماؤها شفاء للعين. ابن سيده: المَنُّ طَلٌّ ينزل من السماء، وقيل: هو
شبه العسل كان ينزل على بني إِسرائيل. وفي التنزيل العزيز: وأَنزلنا عليهم
المَنَّ والسَّلْوَى؛ قال الليث: المَنُّ كان يسقط على بني إِسرائيل من
السماء إِذْ هُمْ في التِّيه، وكان كالعسل الحامِسِ
حلاوةً. وقال الزجاج: جملة المَنِّ في اللغة ما يَمُنُّ الله عز وجل به
مما لا تعب فيه ولا نَصَبَ، قال: وأَهل التفسير يقولون إِن المَنَّ شيء
كان يسقط على الشجر حُلْوٌ يُشرب، ويقال: إِنه التَّرَنْجَبينُ، وقيل في
قوله، صلى الله عليه وسلم، الكَمْأَةُ من المَنِّ: إِنما شبهها بالمَنِّ
الذي كان يسقط على بني إِسرائيل، لأَنه كان ينزل عليهم من السماء عفواً
بلا علاج، إِنما يصبحون وهو بأَفْنِيَتهم فيتناولونه، وكذلك الكَمْأَة لا
مؤُونة فيها بَبَذْرٍ ولا سقي، وقيل: أَي هي مما منَّ الله به على عباده.
قال أَبو منصور: فالمَنُّ الذي يسقط من السماء، والمَنُّ الاعتداد،
والمَنُّ العطاء، والمَنُّ القطع، والمِنَّةُ العطية، والمِنَّةُ الاعتدادُ،
والمَنُّ لغة في المَنَا الذي يوزن به. الجوهري: والمَنُّ المَنَا، وهو
رطلان، والجمع أَمْنانٌ، وجمع المَنا أَمْناءٌ. ابن سيده: المَنُّ كيل أَو
ميزان، والجمع أَمْنانٌ.
والمُمَنُّ: الذي لم يَدَّعِه أَبٌ
والمِنَنَةُ: القنفذ. التهذيب: والمِنَنةُ العَنْكبوت، ويقال له
مَنُونةٌ. قال ابن بري: والمَنُّ أَيضاً الفَتْرَةُ؛ قال:
قد يَنْشَطُ الفِتْيانُ بعد المَنِّ
التهذيب عن الكسائي قال: مَنْ تكون اسماً، وتكون جَحْداً، وتكون
استفهاماً، وتكون شرْطاً، وتكون معرفة، وتكون نكرة، وتكون للواحد والاثنين
والجمع، وتكون خصوصاً، وتكون للإِنْسِ والملائكة والجِنِّ، وتكون للبهائم إِذا
خلطتها بغيرها؛ وأَنشد الفراء فيمن جعلها اسماً هذا البيت:
فَضَلُوا الأَنامَ، ومَنْ بَرا عُبْدانَهُمْ،
وبَنَوْا بمَكَّةَ زَمْزَماً وحَطِيما
قال: موضع مَنْ خفض، لأَنه قسم كأَنه قال: فَضَلَ
بنو هاشم سائر الناس والله الذي برأ عُبْدانَهُم. قال أَبو منصور: وهذه
الوجوه التي ذكرها الكسائي في تفسير مَنْ موجودة في الكتاب؛ أَما الاسم
المعرفة فكقولك: والسماء ومَنْ بناها؛ معناه والذي بناها، والجَحْدُ
كقوله: ومَنْ يَقْنَطُ من رحمة ربه إِلاَّ الضالُّون؛ المعنى لا يَقْنَطُ.
والاستفهام كثير وهو كقولك: من تَعْني بما تقول؟ والشرط كقوله: من يَعْمَلْ
مثقال ذَرَّةٍ خيراً يره، فهذا شرط وهو عام. ومَنْ للجماعة كقوله تعالى:
ومَنْ عَمِلَ صالحاً فلأَنفسهم يَمْهدون؛ وكقوله: ومن الشياطين مَنْ
يَغُوصون له. وأَما في الواحد فكقوله تعالى: ومنهم مَنْ يَسْتمِعُ إِليك،
فوَحَّدَ؛ والاثنين كقوله:
تَعالَ فإِنْ عاهَدْتَني لا تَخُونني،
نَكُنْ مثلَ مَنْ يا ذِئبُ يَصْطحبانِ
قال الفراء: ثنَّى يَصْطَحِبان وهو فعل لمَنْ لأَنه نواه ونَفْسَه. وقال
في جمع النساء: ومَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لله ورسوله. الجوهري: مَنْ اسم
لمن يصلح أَن يخاطَبَ، وهو مبهم غير متمكن، وهو في اللفظ واحد ويكون في
معنى الجماعة؛ قال الأَعشى
لسْنا كمَنْ حَلَّتْ إِيادٍ دارَها
تَكْريتَ تَنْظُرُ حَبَّها أَن يُحْصَدا
فأَنث فِعْلَ مَنْ لأَنه حمله على المعنى لا على اللفظ، قال: والبيت
رديء لأَنه أَبدل من قبل أَن يتم الاسم، قال: ولها أَربعة مواضع: الاستفهام
نحو مَنْ عندك؟ والخبر نحو رأَيت مَنْ عندك، والجزاء نحو مَنْ يكرمْني
أُكْرِمْهُ، وتكون نكرة نحو مررت بمَنْ محسنٍ أَي بإِنسان محسن؛ قال بشير
بن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك الأَنصاري:
وكفَى بنا فَضْلاً، على مَنْ غَيرِنا،
حُبُّ النَّبِيِّ محمدٍ إِيّانا
خفض غير على الإِتباع لمَنْ، ويجوز فيه الرفع على أَن تجعل مَنْ صلة
بإِضمار هو، وتحكى بها الأَعلام والكُنَى والنكرات في لغة أَهل الحجاز إِذا
قال رأَيت زيداً قلت مَنْ زيداً، وإِذا قال رأَيت رجلاً قلت مَنَا لأَنه
نكرة، وإِن قال جاءني رجل قلت مَنُو، وإِن قال مررت برجل قلت مَنِي، وإِن
قال جاءني رجلان قلت مَنَانْ، وإِن قال مررت برجلين قلت مَنَينْ، بتسكين
النون فيهما؛ وكذلك في الجمع إِن قال جاءني رجال قلت مَنُونْ، ومَنِينْ
في النصب والجرّ، ولا يحكى بها غير ذلك، لو قال رأَيت الرجل قلت مَنِ
الرجلُ، بالرفع، لأَنه ليس بعلم، وإِن قال مررت بالأَمير قلت مَنِ
الأَمِيرُ، وإِن قال رأَيت ابن أَخيك قلت مَنِ ابنُ أَخيك، بالرفع لا غير، قال:
وكذلك إِن أَدخلت حرف العطف على مَنْ رفعت لا غير قلت فمَنْ زيدٌ ومَنْ
زيدٌ، وإِن وصلت حذفت الزيادات قلت مَنْ يا هذا، قال: وقد جاءت الزيادة في
الشعر في حال الوصل؛ قال الشاعر:
أَتَوْا ناري فقلتُ: مَنُونَ أَنْتُمْ؟
فقالوا: الجِنُّ قلتُ: عِمُوا ظَلاما
وتقول في المرأَة: مَنَهْ ومَنْتانْ ومَنَاتْ، كله بالتسكين، وإِن وصلت
قلت مَنَةً يا هذا ومناتٍ يا هؤلاء. قال ابن بري: قال الجوهري وإِن وصلت
قلت مَنةً يا هذا، بالتنوين، ومَناتٍ؛ قال: صوابه وإِن وصلت قلت مَنْ يا
هذا في المفرد والمثنى والمجموع والمذكر والمؤنث، وإِن قال: رأَيت رجلاً
وحماراً، قلت مَنْ
وأَيَّا، حذفت الزيادة من الأَول لأَنك وصلته، وإِن قال مررت بحمار ورجل
قلت أَيٍّ ومَنِي، فقس عليه، قال: وغير أَهل الحجاز لا يرون الحكاية في
شيء منه ويرفعون المعرفة بعد مَنْ، اسماً كان أَو كنية أَو غير ذلك. قال
الجوهري: والناس اليوم في ذلك على لغة أَهل الحجاز؛ قال: وإِذا جعلت مَنْ
اسماً متمكناً شددته لأَنه على حرفين كقول خِطامٍ المُجاشِعيّ:
فرَحلُوها رِحْلَةً فيها رَعَنْ،
حتى أَنَخْناها إِلى مَنٍّ ومَنْ
أَي أَبْرَكْناها إِلى رجل وأَيّ رجل، يريد بذلك تعظيم شأْنه، وإِذا
سميت بمَنْ لم تشدّد فقلت هذا مَنٌ ومررت بمَنٍ، قال ابن بري: وإِذا سأَلت
الرجل عن نسبه قلت المَنِّيُّ، وإِن سأَلته عن بلده قلت الهَنِّيُّ؛ وفي
حديث سَطِيح:
يا فاصِلَ الخُطَّةِ أَعْيَتْ مَنْ ومَنْ
قال ابن الأَثير: هذا كما يقال أَعيا هذا الأَمر فلاناً وفلاناً عند
المبالغة والتعظيم أَي أَعيت كلَّ مَنْ جَلَّ قَدْرُه فحذف، يعني أَن ذلك
مما تقصر العبارة عنه لعظمه كما حذفوها من قولهم: بعد اللَّتَيّا والتي،
استعظاماً لشأْن المخلوق. وقوله في الحديث: مَنْ غَشَّنا فليس منا أَي ليس
على سيرتنا ومذهبنا والتمسك بسُنَّتنا، كما يقول الرجل أَنا منْك وإِليك،
يريد المتابعة و الموافقة؛ ومنه الحديث: ليس منّا من حَلَقَ وخَرَقَ
وصَلَقَ، وقد تكرر أَمثاله في الحديث بهذا المعنى، وذهب بعضهم إِلى أَنه
أَراد به النفي عن دين الإِسلام، ولا يصح. قال ابن سيده: مَنْ اسم بمعنى
الذي، وتكون للشرط وهو اسم مُغْنٍ عن الكلام الكثير المتناهي في
البِعادِ والطُّولِ، وذلك أَنك إِذا قلت مَنْ يَقُمْ أَقُمْ معه كفاك ذلك من
جميع الناس، ولولا هو لاحتجت أَن تقول إِن يَقُمْ زيد أَو عمرو أَو جعفر أَو
قاسم ونحو ذلك، ثم تقف حسيراً مبهوراً ولَمّا تَجِدْ إِلى غرضك سبيلاً،
فإِذا قلت مَنْ عندك أَغناك ذلك عن ذكر الناس، وتكون للاستفهام المحض،
وتثنى وتجمع في الحكاية كقولك: مَنَانْ ومَنُونْ ومَنْتانْ ومَناتْ، فإِذا
وصلت فهو في جميع ذلك مفرد مذكر؛ وأَما قول شمر بن الحرث الضَّبِّيِّ:
أَتَوْا ناري فقلتُ: مَنُونَ؟ قالوا:
سَرَاةُ الجِنِّ قلت: عِمُوا ظَلاما
قال: فمن رواه هكذا فإِنه أَجرى الوصل مُجْرَى الوقف، فإِن قلت فإِنه في
الوقف إِنما يكون مَنُونْ ساكن النون، وأَنت في البيت قد حركته، فهو
إِذاً ليس على نية الوصل ولا على نية الوقف؟ فالجواب أَنه لما أَجراه في
الوصل على حده في الوقف فأَثبت الواو والنون التقيا ساكنين، فاضطر حينئذ
إِلى أَن حرك النون لالتقاء الساكنين لإقامة الوزن، فهذه الحركة إِذاً إِنما
هي حركة مستحدثة لم تكن في الوقف، وإِنما اضطر إِليها للوصل؛ قال: فأَما
من رواه مَنُونَ أَنتم فأَمره مشكل، وذلك أَنه شبَّه مَنْ بأَيٍّ فقال
مَنُونَ أَنتم على قوله أَيُّونَ أَنتم، وكما جُعِلَ أَحدهما عن الآخر
هنا كذلك جمع بينهما في أَن جُرِّدَ من الاستفهام كلُّ واحدٍ منهما، أَلا
ترى أَن حكاية يونس عنهم ضَرَبَ مَنٌ مَناً كقولك ضرب رجل رجلاً؟ فنظير
هذا في التجريد له من معنى الاستفهام ما أَنشدناه من قوله الآخر:
وأَسْماءُ، ما أَسْماءُ لَيْلةَ أَدْلَجَتْ
إِليَّ، وأَصحابي بأَيَّ وأَيْنَما
فجعل أَيّاً اسماً للجهة، فلما اجتمع فيها التعريف والتأْنيث منَعَها
الصَّرْفَ، وإِن شئت قلت كان تقديره مَنُون كالقول الأَول، ثم قال أَنتم
أَي أَنتم المقصودون بهذا الاستثبات، كقول عَدِيٍّ:
أَرَوَاحٌ مَوَدّعٌ أَم بُكورُ
أَنتَ، فانْظُرْ لأَيِّ حالٍ تصيرُ
إِذا أَردت أَنتَ الهالكُ، وكذلك أَراد لأَي ذيْنِك. وقولهم في جواب
مَنْ قال رأَيت زيداً المَنِّيُّ يا هذا، فالمَنِّيُّ صفة غير مفيدة، وإِنما
معناه الإِضافة إِلى مَنْ، لا يُخَصُّ بذلك قبيلةٌ معروفة كما أَن مَن
لا يَخُصُّ عيناً، وكذلك تقول المَنِّيّانِ والمَنِّيُّون والمَنِّيَّة
والمَنِّيَّتان والمَنِّيَّات، فإِذا وصلت أَفردت على ما بينه سيبويه، قال:
وتكون للاستفهام الذي فيه معنى التَّعَجُّب نحو ما حكاه سيبويه من قول
العرب: سبحان الله مَنْ هو وما هو؛ وأَما قوله:
جادَتْ بكَفَّيْ كان مِنْ أَرْمى البَشَرْْ
فقد روي مَنْ أَرمى البَشر، بفتح ميم مَنْ، أَي بكفَّيْ مَنْ هو أَرْمى
البشرِ، وكان على هذا زائدة، ولو لم تكن فيه هذه الرواية لَمَا جاز
القياس عليه لفُرُوده وشذوذه عما عليه عقد هذا الموضع، أَلا تراك لا تقول مررت
بوَجْهُه حسنٌ ولا نظرت إِلى غلامُهُ سعيدٌ؟ قال: هذا قول ابن جني،
وروايتنا كان مِنْ أَرْمى البشر أَي بكفَّيْ رجلٍ كان.
الفراء: تكون مِنْ ابتداءَ غاية، وتكون بعضاً، وتكون صِلةً؛ قال الله عز
وجل: وما يَعْزُبُ
عن ربك من مثقال ذَرَّةٍ؛ أَي ما يَعْزُبُ عن علمه وَزْنُ ذَرَّةٍ؛
ولداية الأَحنف فيه:
والله لولا حَنَفٌ برجْلِهِ،
ما كان في فِتْيَانِكُمْ مِنْ مِثْلِهِ
قال: مِنْ صِلةٌ ههنا، قال: والعرب تُدْخِلُ مِنْ على جمع المَحالّ إِلا
على اللام والباء، وتدخل مِنْ على عن ولا تُدْخِلُ عن عليها، لأَن عن
اسم ومن من الحروف؛ قال القطامي:
مِنْ عَنْ يمين الحُبَيّا نَظْرةٌ قَبَلُ
قال أَبو عبيد: والعرب تضَعُ مِن موضع مُذْ، يقال: ما رأَيته مِنْ سنةٍ
أَي مُذْ سنةٍ؛ قال زهير:
لِمَنِ الــدِّيارُ، بقُنَّةِ الحِجْرِ،
أَقْوَيْنَ من حِجَجٍ ومن دَهْرِ؟
أَي مُذْ حِجَجٍ. الجوهري: تقول العرب ما رأَيته مِنْ سنةٍ أَي منذُ
سنة. وفي التنزيل العزيز: أُسِّسَ على التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ
يوم؛ قال: وتكون مِنْ بمعنى على كقوله تعالى: ونصرناه مِنَ القوم؛ أَي
على القوم؛ قال ابن بري: يقال نصرته مِنْ فلان أَي منعته منه لأَن الناصر
لك مانع عدوّك، فلما كان نصرته بمعنى منعته جاز أَن يتعدّى بمن، ومثله
فلْيَحْذَرِ
الذين يُخالِفون عن أَمره، فعدّى الفعل بمعَنْ حَمْلاً على معنى
يَخْرُجون عن أَمره، لأَن المخالفة خروج عن الطاعة، وتكن مِنْ بعَنْ البدل كقول
الله تعالى: ولو نشاء لَجَعَلْنا منكم مَلائكةً؛ معناه: ولو نشاء لجعلنا
بَدَلَكُم، وتكون بمعنى اللام الزائدة كقوله:
أَمِنْ آلِ ليلى عَرَفْتَ الــدِّيارا
أَراد أَلآلِ ليْلى عرفت الــديارا. ومِنْ، بالكسر: حرف خافض لابتداء
الغاية في الأَماكن، وذلك قولك مِنْ مكان كذا وكذا إِلى مكان كذا وكذا، وخرجت
من بَغْداد إِلى الكوفة، و تقول إِذا كتبت: مِنْ فلانٍ إِلى فلان، فهذه
الأَسماء التي هي سوى الأَماكن بمنزلتها؛ وتكون أَيضاً للتبعيض، تقول:
هذا من الثوب، وهذا الدِّرْهم من الدراهم، وهذا منهم كأَنك قلت بعضه أَو
بعضهم؛ وتكون للجنس كقوله تعالى: فإن طِبْنَ لكم عن شيء منه نَفْساً. فإن
قيل: كيف يجوز أَن يقبل الرجلُ المَهْرَ
كله وإِنما قال منه؟ فالجواب في ذلك أَنَّ مِنْ هنا للجنس كما قال
تعالى: فاجتنبوا الرِّجْسَ من الأَوثان، ولم نُؤْمَرْ
باجتناب بعض الأَوثان، ولكن المعنى فاجتنبوا الرِّجْسَ الذي هو وَثَنٌ،
وكُلُوا الشيء الذي هو مَهْرٌ، وكذلك قوله عز وجل: وعَدَ الله الذين
آمنوا وعملوا الصالحات منهم مَغْفرةً وأَجراً عظيماً. قال: وقد تدخل في موضعٍ
لو لم تدخل فيه كان الكلام مستقيماً ولكنها توكيد بمنزلة ما إِلا أَنها
تَجُرُّ لأَنها حرف إِضافة، وذلك قولك: ما أَتاني مِنْ رجلٍ، وما رأَيت
من أَحد، لو أَخرجت مِنْ كان الكلام مستقيماً، ولكنه أُكِّدَ بمِنْ لأَن
هذا موضع تبعيض، فأَراد أَنه لم يأْته بعض الرجال، وكذلك: ويْحَهُ من رجل
إِنما أَراد أَن جعل التعجب من بعض، وكذلك: لي مِلْؤُهُ من عَسَل، وهو
أَفضل من زيد، إِنما أَراد أَن يفضله على بعض ولا يعم، وكذلك إِذا قلت
أَخْزَى اللهُ الكاذِبَ مِنِّي ومِنْكَ إِلا أَن هذا وقولَكَ أَفضل منك لا
يستغنى عن مِنْ فيهما، لأَنها توصل الأَمر إِلى ما بعدها. قال الجوهري:
وقد تدخل منْ توكيداً لَغْواً، قال: قال الأَخفش ومنه قوله تعالى: وتَرَى
الملائكةَ خافِّينَ من حَوْلِ العرش؛ وقال: ما جَعَلَ الله لِرَجُلٍ من
قلبين في جوفه، إِنما أَدْخلَ مِنْ توكيداً كما تقول رأَيت زيداً نفسه.
وقال ابن بري في استشهاده بقوله تعالى: فاجتنبوا الرِّجْسَ من الأَوْثانِ،
قال: مِنْ للبيان والتفسير وليست زائدة للتوكيد لأَنه لا يجوز إسقاطها
بخلاف وَيْحَهُ من رجلٍ. قال الجوهري: وقد تكون مِنْ للبيان والتفسير كقولك
لله دَرُّكَ مِنْ رجلٍ، فتكون مِنْ مفسرةً للاسم المَكْنِيِّ في قولك
دَرُّك وتَرْجَمةٌ عنه. وقوله تعالى: ويُنَزِّلُ من السماء من جبال فيها من
بَرَدٍ؛ فالأُولى لابتداء الغاية، والثانية للتبعيض، والثالثة للبيان.
ابن سيده: قا ل سيبويه وأَما قولك رأَيته من ذلك الموضع فإِنك جعلتَه غاية
رؤْيتك كما جعلته غاية حيث أَردت الابتداء والمُنْتَهى. قال اللحياني:
فإِذا لَقِيَتِ
النونُ أَلف الوصل فمنهم من يخفض النون فيقول مِنِ القوم ومِنِ ابْنِكَ.
وحكي عن طَيِّءٍ وكَلْبٍ: اطْلُبُوا مِنِ الرحمن، وبعضهم يفتح النون عند
اللام وأَلف الوصل فيقول مِنَ القوم ومِنَ ابْنِكَ، قال: وأُراهم إِنما
ذهبوا في فتحها إِلى الأَصل لأَن أَصلها إِنما هو مِنَا، فلما جُعِلَتْ
أَداةً حذفت الأَلف وبقيت النون مفتوحة، قال: وهي في قُضَاعَةَ؛ وأَنشد
الكسائي عن بعض قُضاعَةَ:
بَذَلْنا مارِنَ الخَطِِّّيِّ فيهِمْ،
وكُلَّ مُهَنَّدٍ ذَكَرٍ حُسَامِ
مِنَا أَن ذَرَّ قَرْنُ الشمس حتى
أَغاثَ شَرِيدَهمْ فَنَنُ الظلامِ
قال ابن جني: قال الكسائي أَراد مِنْ، وأَصلُها عندهم مِنَا، واحتاج
إِليها فأَظهرها على الصحة هنا. قال ابن جني: يحتمل عندي أَن كون منَا
فِعْلاً من مَنَى يَمْني إِذا قَدَّرَ كقوله:
حتى تُلاقي الذي يَمْني لك الماني
أَي يُقَدِّرُ لك المُقَدِّرُ، فكأَنه تقدير ذلك الوقتِ وموازنته أَي من
أَول النهار لا يزيد ولا ينقص. قال سيبويه: قال مِنَ الله ومِنَ الرسول
ومِنَ المؤْمنين ففتحوا، وشبَّهوها بأَيْنَ وكَيْفَ، عني أَنه قد كان
حكمها أَن تُكْسَرَ
لالتقاء الساكنين، لكن فتحوا لما ذكر، قال: وزعموا أَن ناساً يقولون
مِنِ اللهِ فيكسرونه ويُجْرُونه على القياس، يعني أَن الأَصل في كل ذلك أَن
تكسر لالتقاء الساكنين؛ قال: وقد اختلفت العرب في مِنْ إِذا كان بعدها
أَلف وصل غير الأَلف واللام، فكسره قوم على القياس، وهي أَكثر في كلامهم
وهي الجيدة، ولم يَكْسِروا في أَلف اللام لأَنها مع أَلف اللام أَكثر، إِذ
الأَلف واللام كثيرة في الكلام تدخل في كل اسم نكرة، ففتحوا استخفافاً
فصار مِنِ الله بمنزلة الشاذ، وكذلك قولك مِنِ ابنك ومِنِ امْرِئٍ، قال:
وقد فتح قوم فصحاء فقالوا مِنَ ابْنكَ فأَجْرَوْها مُجْرى قولك مِنَ
المسلمين، قال أَبو إِسحق: ويجوز حذف النون من مِنْ وعَنْ عند الأَلف واللام
لالتقاء الساكنين، وحذفها من مِنْ أَكثر من حذفها من عَنْ لأَن دخول مِن
في الكلام أَكثر من دخول عَنْ؛ وأَنشد:
أَبْلِغْ أَبا دَخْتَنُوسَ مأْلُكَةً
غَيْر الذي قَدْ يقال م الكَذِبِ
قال ابن بري: أَبو دَخْتَنُوس لَقِيطُ بنُ زُرَارَة ودَخْتَنُوسُ بنته.
ابن الأَعرابي: يقال مِنَ الآن ومِ الآن، يحذفون؛ وأَنشد:
أَلا أَبْلغَ بَني عَوْفٍ رَسولاً،
فَمَامِ الآنَ في الطَّيْرِ اعتذارُ
يقول لا أََعتذر بالتَّطَيُّرِ، أَنا أُفارقكم على كل حال. وقولهم في
القَسَم: مِنْ رَبِّي ما فعلت، فمنْ حرف جر وضعت موضع الباء ههنا، لأَن
حروف الجر ينوب بعضها عن بعض إِذا لم يلتبس المعنى.
ملا: المِلاوةُ والمُلاوةُ والمَلاوةُ والمَلا والمَلِيُّ، كله: مَدَّة
العيش. وقد تَمَلَّى العَيْشَ ومُلِّيَه وأَمْلاه الله إِياه ومَلاَّهُ
وأَمْلى اللهُ له: أَمْهلَه وطوَّلَ له. وفي الحديث: إنَّ اللهَ لَيُمْلي
للظالم؛ الإِمْلاء: الإِمْهالُ والتأْخير وإِطالةُ العُمُر. وتَمَلَّى
إِخْوانَه: مُتِّعَ بهم. يقال: مَلاَّك الله حَبيبَك أَي مَتَّعَك به
وأَعاشَك معه طويلاً؛ قال التميمي في يزيد بن مِزْيد الشَّيْباني:
وقد كنتُ أَرْجُو أَنْ أُمَلاَّك حِقْبةً،
فحالَ قَضاءُ اللهِ دُونَ رَجائِيا
أَلا فَلْيَمُتْ من شاء بَعْدَكَ، إِنما
عَلَيْكَ، منَ الأَقْدارِ، كان حِذارِيا
وتَمَلَّيْت عُمُري: استمتعت به. ويقال لمن لَبِس الجَديدَ: أَبْلَيْتَ
جَديداً وتَمَلَّيْت حَبيباً أَي عِشْتَ معه مِلاوةً من دهرك وتَمَتَّعْت
به. وأَمْلى للبعير في القَيْدِ: أَرْخى ووَسَّع فيه. وأَمْلى له في
غَيِّه: أَطالَ. ابن الأَنباري في قوله تعالى: إِنما نُمْلي لهم
لِيَزْدادُوا إِثماً؛ اشتقاقه من المَلْوة وهي المدّة من الزمان، ومن ذلك قولهم:
البَسْ جديداً وتَمَلَّ حبيباً أَي لتَطُلْ أَيامُك معه؛ وأَنشد:
بوِدِّيَ لَوْ أَني تَمَلَّيْتُ عُمْرَه
بِما ليَ مِنْ مالٍ طَريفٍ وتالِدِ
أَي طالَتْ أَيامي معَه؛ وأَنشد:
أَلا لَيْتَ شِعْري هل تَرُودَنَّ ناقَتي
بِحزْمِ الرَّقاشِ مِنْ مَتالٍ هَوامِلِ؟
هُنالِكَ لا أُمْلي لها القَيْدَ بالضُّحى،
ولَسْتُ، إِذا راحَتْ عليَّ، بعاقِلِ
أَي لا أُطِيلُ لها القيد لأَنها صارت إِلى أُلاَّفِها فتَقِرُّ وتسكن،
أَخذ الإِمْلاءَ من المَلا، وهو ما اتَّسَع من الأَرض.
ومرَّ مَليٌّ من الليل ومَلاً: وهو ما بين أَوَّله إِلى ثلثه، وقيل: هو
قِطْعة منه لم تُحَدَّ، والجمع أَمْلاء، وتكرر في الحديث: ومرَّ عليه
مَلاً من الدهر أَي قطْعة. والمَليُّ: الهَوِيُّ من الدهر. يقال: أَقامَ
مَلِيّاً من الدهر. ومضى مَليٌّ من النهار أَي ساعةٌ طَويلة. ابن السكيت:
تَمَلأْتُ من الطعام تَمَلُّؤاً. وقد تَمَلَّيْت العيش تَمَلِّياً إِذا عشت
مَلِيّاً أَي طَويلاً. وفي التنزيل: واهْجُرْني مَلِيّاً؛ قال الفراء:
أَي طويلاً.
والمَلَوانِ: الليلُ والنهار؛ قال الشاعر:
نَهارٌ ولَيْلٌ دائمٌ مَلَواهما،
على كلِّ حالِ المَرْءِ يَخْتَلِفانِ
وقيل: المَلَوانِ طَرفا النهار؛ قال ابن مقبل:
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ،
أَمَلَّ عَليها بالبِلى المَلَوانِ
واحدهما مَلاً، مقصور. ويقال: لا أَفعله ما اختلف المَلَوانِ. وأَقام
عنده مَلْوةً من الدهر ومُلوةً ومِلوةً ومَلاوةً ومُلاوةً ومِلاوةً أَي
حيناً وبُرهة من الدهر. الليث: إِنه لفي ملاوة من عيش أَي قد أُمْلِيَ له،
والله يُمْلي مَن يشاء فيؤجِّله في الخَفْض والسِّعة والأَمْن؛ قال
العجاج:مُلاوةً مُلِّيتُها، كأَني
ضارِبُ صَنْجِ نَشْوةٍ مُغَنِّي
الأَصمعي: أَمْلى عليه الزَّمنُ أَي طال عليه، وأَمْلى له أَي طَوَّلَ
له وأَمْهَلَه.
ابن الأَعرابي: المُلى الرَّماد الحارُّ، والمُلى الزمان
(* وقوله«
الملى الرماد والملى الزمان» كذا ضبطا بالضم في الأصل.) من الدهر.
والإِمْلاء والإِمْلالُ على الكاتب واحد. وأَمْلَيْتُ الكتاب أُمْلي
وأَمْلَلْتُه أُمِلُّه لغتان جَيِّدتان جاءَ بهما القرآن. واستمليته الكتاب:
سأَلته أَن يُمْلِيَه عليَّ، والله أَعلم.
والمَلاةُ: فَلاة ذات حر، ولجمع مَلاً؛ قال تأَبَّط شرّاً:
ولَكِنَّني أُرْوي مِنَ الخَمْرِ هامَتي،
وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِبِ المُتشَلْشِل
وهو الذي تَخَدَّدَ لحمه وقلَّ، وقي: المَلا واحد وهو الفَلاةُ. التهذيب
في ترجمة ملأَ: وأَما المَلا المُتَّسَعُ من الأَرض فغير مهموز، يكتب
بالأَلف والياء والبصريون يكتبونه بالأَلف؛ وأَنشد:
أَلا غَنِّياني وارْفَعا الصَّوْتَ بالمَلا،
فإِنَّ المَلا عِنْدي يَزيدُ المَدى بُعْدا
الجوهري: المَلا، مقصور، الصَّحراء؛ وأَنشد ابن بري في المَلا
المُتَّسعِ من الأَرض لبشر:
عَطَفْنا لهم عَطْفَ الضَّرُوسِ مِنَ المَلا
بِشَهْباء لا يَمْشِي الضَّراءَ رَقِيبُها
والمَلا: موضع؛ وبه فسر ثعلب قول قيس بن ذَريح:
تبكِي على لُبْنى، وأَنْتَ تَرَكْتَها،
وكُنْتَ عَلَيْها بالمَلا أَنْتَ أَقْدَرُ
ومَلا الرجلُ يَمْلُو: عَدا؛ ومنه حكاية الهذلي: فرأَيتُ الذي ذَمى
يَمْلو أَي الذي نَجا بذَمائه. قال ابن سيده: وقضينا على مجهول هذا الباب
بالواو لوجود م ل و وعدم م ل ي.
ويقال: مَلا البعيرُ يَمْلُو مَلْواً أَي سارَ سيراً شديداً؛ وقال
مُلَيْح الهذلي:
فأَلْقَوْا عَلَيْهِنَّ السِّياطَ، فَشَمَّرَتْ
سَعالى عَليْها المَيْسُ تَمْلُو وتَقْذِفُ
مزح: المَزْحُ: الدُّعابةُ، وفي المحكم: المَزْحُ نقيضُ الجِدِّ؛ مَزَحَ
يَمْزَحُ مَزْحاً ومِزاحاً ومُزاحاً ومُزاحةً
(* قوله «ومزاحة» بضم
الميم كما ضبطه المجد، وفتحها الفيومي. نقل شارح القاموس: ان المزاح المباسطة
إلى الغير على جهة التلطف والاستعطاف دون أذية.) وقد مازَحه مُمازَحةً
ومِزاحاً والاسم المُزاح، بالضم، والمُزاحة أَيضاً.
وأَرَى أَبا حنيفة حكى: أَمْزِحْ كرْمَك، بقطع الأَلف، بمعنى عَرِّشْه.
الجوهري: المِزاح، بالكسر: مصدر مازَحه. وهما يَتَمازَحانِ.
الأَزهري: المُزَّحُ من الرجال الخارجون من طَبْعِ الثُّقَلاء،
المتميزون من طبع البُغَضاء.