Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: دني

رَفٌّ

رَفٌّ
الجذر: ر ف ف

مثال: رفّ المكتبة عريض
الرأي: مرفوضة
السبب: لشيوع الكلمة على ألسنة العامة.
المعنى: لوح خشبي أو معــدني يوضع داخلها، وتوضع عليه الكتب

الصواب والرتبة: -رفُّ المكتبة عريض [فصيحة]
التعليق: الكلمة المرفوضة فصيحة لورودها في المعاجم القديمة والحديثة، ففي المصباح: الرفُّ شبه الطاق، والرفّ: المستعمل في البيوت، قال ابن دريد: عربيّ. وقريب منه جاء في الوسيط.

المَقْدِسُ

المَقْدِسُ:
في اللغة المنزه، قال المفسرون في قوله تعالى:
وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ 2: 30، قال الزّجاج: معنى نقدس لك أي نطهّر أنفسنا لك وكذلك نفعل بمن أطاعك نقدسه أي نطهّره، قال: ومن هذا قيل للسطل القدس لأنه يتقدّس منه أي يتطهّر، قال:
ومن هذا بيت المقدس، كذا ضبطه بفتح أوله، وسكون ثانيه، وتخفيف الدال وكسرها، أي البيت المقدّس المطهّر الذي يتطهر به من الذنوب، قال مروان:
قل للفرزدق، والسفاهة كاسمها: ... إن كنت تارك ما أمرتك فاجلس
ودع المدينة إنها محذورة، ... والحق بمكة أو بيت المقدس
وقال قتادة: المراد بأرض المقدس أي المبارك، وإليه ذهب ابن الأعرابي، ومنه قيل للراهب مقدّس، ومنه قول امرئ القيس:
فأدركنه يأخذن بالساق والنّسا ... كما شبرق الولدان ثوب المقدّس
وصبيان النصارى يتبرّكون به وبمسح مسحه الذي هو لابسه وأخذ خيوطه منه حتى يتمزق عنه ثوبه، وفضائل بيت المقدس كثيرة ولا بدّ من ذكر شيء منها حتى يستحسنه المطّلع عليه، قال مقاتل بن سليمان قوله تعالى: وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ، 21: 71 قال: هي بيت المقدس، وقوله تعالى لبني إسرائيل: وواعدناكم جانب الطور الأيمن، يعني بيت المقدس، وقوله تعالى: وجعلنا ابن مريم وأمه آيتين وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين، قال:
البيت المقدس، وقال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا من الْمَسْجِدِ الْحَرامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى 17: 1، هو بيت المقدس، وقوله تعالى: في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، البيت المقدس، وفي الخبر: من صلى في بيت المقدس فكأنما صلى في السماء، ورفع الله عيسى بن مريم إلى السماء من بيت المقدس وفيه مهبطه إذا هبط وتزفّ الكعبة بجميع حجّاجها إلى البيت المقدس يقال لها مرحبا بالزائر والمزور، وتزف جميع مساجد الأرض إلى البيت المقدس، أول شيء حسر عنه بعد الطوفان صخرة بيت المقدس وفيه ينفخ في الصور يوم القيامة وعلى صخرته ينادي المنادي يوم القيامة، وقد قال الله تعالى لسليمان بن داود، عليهما السلام، حين فرغ من بناء البيت المقدس:
سلني أعطك، قال: يا رب أسألك أن تغفر لي ذنبي، قال: لك ذلك، قال: يا رب وأسألك أن تغفر لمن جاء هذا البيت يريد الصلاة فيه وأن تخرجه من ذنوبه كيوم ولد، قال: لك ذلك، قال: وأسألك من جاء فقيرا أن تغنيه، قال: لك ذلك، قال:
وأسألك من جاء سقيما أن تشفيه، قال: ولك ذلك، وعن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: لا تشدّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا والمسجد الحرام ومسجد البيت المقدس، وإن الصلاة في بيت المقدس خير من ألف صلاة في غيره، وأقرب بقعة في الأرض من السماء البيت المقدس ويمنع الدّجال من دخولها ويهلك يأجوج ومأجوج دونها، وأوصى آدم، عليه السّلام، أن يدفن بها وكذلك إسحاق وإبراهيم، وحمل يعقوب من أرض مصر حتى دفن بها، وأوصى يوسف، عليه السّلام، حين مات بأرض مصر أن يحمل إليها، وهاجر إبراهيم من كوثى إليها، وإليها المحشر ومنها المنشر، وتاب الله على داود بها، وصدّق إبراهيم الرؤيا بها، وكلّم عيسى الناس في المهد بها، وتقاد الجنة يوم القيامة إليها ومنها يتفرّق الناس إلى الجنة أو إلى النار، وروي عن كعب أن جميع الأنبياء، عليهم السلام، زاروا بيت المقدس تعظيما له، وروي عن كعب أنه قال: لا تسمّوا بيت المقدس إيلياء ولكن سموه باسمه فإن إيلياء امرأة بنت المدينة، وعن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: فلما فرغ سليمان من بناء بيت المقدس سأل الله حكما يوافق حكمه وملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه الله ذلك، وعن ابن عباس قال: البيت المقدس بنته الأنبياء وسكنته الأنبياء ما فيه موضع شبر إلا وقد صلى فيه نبيّ أو أقام فيه ملك، وعن أبي ذر قال: قلت لرسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: أيّ مسجد وضع على وجه الأرض أوّلا؟ قال: المسجد الحرام، قلت: ثم أيّ؟ قال: البيت المقدس وبينهما أربعون سنة، وروي عن أبيّ بن كعب قال: أوحى الله تعالى إلى داود ابن لي بيتا، قال: يا رب وأين من الأرض؟ قال: حيث ترى الملك شاهرا سيفه، فرأى داود ملكا على الصخرة واقفا وبيده سيف، وعن الفضيل بن عياض قال: لمّا صرفت القبلة نحو الكعبة قالت الصخرة: إلهي لم أزل قبلة لعبادك حتى إذا بعثت خير خلقك صرفت قبلتهم عني! قال: ابشري فإني واضع عليك عرشي وحاشر إليك خلقي وقاض عليك أمري وناشر منك عبادي، وقال كعب: من زار البيت المقدس شوقا إليه دخل الجنة، ومن صلى فيه ركعتين خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه وأعطي قلبا شاكرا ولسانا ذاكرا، ومن تصدّق فيه بدرهم كان فداءه من النار، ومن صام فيه يوما واحدا كتبت له براءته من النار، وقال كعب: معقل المؤمنين أيام الدجال البيت المقدس يحاصرهم فيه حتى يأكلوا أوتار قسيّهم من الجوع، فبينما هم كذلك إذ سمعوا صوتا من الصخرة فيقولون هذا صوت رجل شعبان، ينظرون فإذا عيسى بن مريم، عليه السّلام، فإذا رآه الدجال هرب منه فيتلقاه بباب لدّ فيقتله، وقال أبو مالك القرظي في كتاب اليهود الذي لم يغيّر: إن الله تعالى خلق الأرض فنظر إليها وقال: أنا واطئ على بقعتك، فشمخت الجبال وتواضعت الصخرة فشكر الله لها وقال: هذا مقامي وموضع ميزاني وجنتي وناري ومحشر خلقي وأنا ديّان يوم الدين، وعن وهب بن منبّه قال: أمر إسحاق ابنه يعقوب أن لا ينكح امرأة من الكنعانيين وأن ينكح من بنات خاله لابان ابن تاهر بن أزر وكان مسكنه فلسطين فتوجه إليها يعقوب، وأدركه في بعض الطريق الليل فبات متوسدا حجرا فرأى فيما يرى النائم كأن سلّما منصوبا إلى باب السماء عند رأسه والملائكة تنزل منه وتعرج فيه وأوحى الله إليه: إني أنا الله لا إله إلا أنا إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق وقد ورّثتك هذه الأرض المقدسة وذريتك من بعدك وباركت فيك وفيهم وجعلت فيكم الكتاب والحكمة والنبوّة ثم أنا معك حتى تدرك إلى هذا المكان فاجعله بيتا تعبــدني فيه أنت وذريتك، فيقال إنه بيت المقدس، فبناه داود وابنه سليمان ثم أخربته الجبابرة بعد ذلك فاجتاز به شعيا، وقيل عزير، عليهما السلام، فرآه خرابا، فقال: أنّي يحيى هذه الله بعد موتها؟ فأماته الله مائة عام ثم بعثه، كما قص، عزّ وجل، في كتابه الكريم، ثم بناه ملك من ملوك فارس يقال له كوشك، وكان قد اتخذ سليمان في بيت المقدس أشياء عجيبة، منها القبّة التي فيها السلسلة المعلقة ينالها صاحب الحق ولا ينالها المبطل حتى اضمحلت بحيلة غير معروفة، وكان من عجائب بنائه أنه بنى بيتا وأحكمه وصقله فإذا دخله الفاجر والورع تبيّن الفاجر من الورع لأن
الورع كان يظهر خياله في الحائط أبيض والفاجر يظهر خياله أسود، وكان أيضا مما اتخذ من الأعاجيب أن ينصب في زاوية من زواياه عصا آبنوس فكان من مسها من أولاد الأنبياء لم تضرّه ومن مسها من غيرهم أحرقت يده، وقد وصفها القدماء بصفات إن استقصيتها أمللت القارئ، والذي شاهدته أنا منها أن أرضها وضياعها وقراها كلّها جبال شامخة وليس حولها ولا بالقرب منها أرض وطيئة البتة وزروعها على الجبال وأطرافها بالفؤوس لأن الدواب لا صنع لها هناك، وأما نفس المدينة فهي على فضاء في وسط تلك الجبال وأرضها كلها حجر من الجبال التي هي عليها وفيها أسواق كثيرة وعمارات حسنة، وأما الأقصى فهو في طرفها الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود، عليه السّلام، وهو طويل عريض وطوله أكثر من عرضه، وفي نحو القبلة المصلى الذي يخطب فيه للجمعة وهو على غاية الحسن والإحكام مبنيّ على الأعمدة الرخام الملونة والفسيفساء التي ليس في الــدنيــا أحسن منها لا جامع دمشق ولا غيره، وفي وسط صحن هذا الموضع مصطبة عظيمة في ارتفاع نحو خمسة أذرع كبيرة يصعد إليها الناس من عدة مواضع بدرج، وفي وسط هذه المصطبة قبة عظيمة على أعمدة رخام مسقفة برصاص منمّقة من برّا وداخل بالفسيفساء مطبقة بالرخام الملون قائم ومسطح، وفي وسط هذا الرخام قبة أخرى وهي قبة الصخرة التي تزار وعلى طرفها أثر قدم النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وتحتها مغارة ينزل إليها بعدّة درج مبلّطة بالرخام قائم ونائم يصلّى فيها وتزار، ولهذه القبة أربعة أبواب، وفي شرقيها برأسها قبة أخرى على أعمدة مكشوفة حسنة مليحة يقولون إنها قبة السلسلة، وقبة المعراج أيضا على حائط المصطبة وقبة النبي داود، عليه السّلام، كل ذلك على أعمدة مطبق أعلاها بالرصاص، وفيها مغاور كثيرة ومواضع يطول عددها مما يزار ويتبرك به، ويشرب أهل المدينة من ماء المطر، ليس فيها دار إلا وفيها صهريج لكنها مياه رديّة أكثرها يجتمع من الدروب وإن كانت دروبهم حجارة ليس فيها ذلك الدّنس الكثير، وبها ثلاث برك عظام: بركة بني إسرائيل وبركة سليمان، عليه السّلام، وبركة عياض عليها حمّاماتهم، وعين سلوان في ظاهر المدينة في وادي جهنم مليحة الماء وكان بنو أيوب قد أحكموا سورها ثم خرّبوه على ما نحكيه بعد، وفي المثل:
قتل أرضا عالمها وقتلت أرض جاهلها، هذا قول أبي عبد الله محمد بن أحمد بن البنّاء البشّاري المقدسي له كتاب في أخبار بلدان الإسلام وقد وصف بيت المقدس فأحسن فالأولى أن نذكر قوله لأنه أعرف ببلده وإن كان قد تغير بعده بعض معالمها، قال: هي متوسطة الحرّ والبرد قلّ ما يقع فيها ثلج، قال:
وسألني القاضي أبو القاسم عن الهواء بها فقلت: سجسج لا حرّ ولا برد، فقال: هذه صفة الجنّة، قلت:
بنيانهم حجر لا ترى أحسن منه ولا أنفس منه ولا أعفّ من أهلها ولا أطيب من العيش بها ولا أنظف من أسواقها ولا أكبر من مسجدها ولا أكثر من مشاهدها، وكنت يوما في مجلس القاضي المختار أبي يحيى بهرام بالبصرة فجرى ذكر مصر إلى أن سئلت: أيّ بلد أجلّ؟ قلت: بلدنا، قيل: فأيهما أطيب؟ قلت: بلدنا، قيل: فأيهما أفضل؟ قلت: بلدنا، قيل: فأيهما أحسن؟ قلت:
بلدنا، قيل: فأيهما أكثر خيرات؟ قلت: بلدنا، قيل: فأيهما أكبر؟ قلت: بلدنا، فتعجب أهل المجلس من ذلك وقيل: أنت رجل محصّل وقد ادّعيت ما لا يقبل منك وما مثك إلا كصاحب
الناقة مع الحجاج، قلت: أما قولي أجلّ فلأنها بلدة جمعت الــدنيــا والآخرة فمن كان من أبناء الــدنيــا وأراد الآخرة وجد سوقها، ومن كان من أبناء الآخرة فدعته نفسه إلى نعمة الــدنيــا وجدها، وأما طيب هوائها فإنه لا سمّ لبردها ولا أذى لحرها، وأما الحسن فلا يرى أحسن من بنيانها ولا أنظف منها ولا أنزه من مسجدها، وأما كثرة الخيرات فقد جمع الله فيها فواكه الأغوار والسهل والجبل والأشياء المتضادّة كالأترجّ واللوز والرطب والجوز والتين والموز، وأما الفضل فهي عرصة القيامة ومنها النشر وإليها الحشر وإنما فضلت مكة بالكعبة والمدينة بالنبي، صلّى الله عليه وسلّم، ويوم القيامة تزفّان إليها فتحوي الفضل كله، وأما الكبر فالخلائق كلهم يحشرون إليها فأي أرض أوسع منها؟ فاستحسنوا ذلك وأقرّوا به، قال: إلا أن لها عيوبا، يقال إن في التوراة مكتوبا بيت المقدس طست من ذهب مملوء عقارب، ثم لا ترى أقذر من حماماتها ولا أثقل مؤنة وهي مع ذلك قليلة العلماء كثيرة النصارى وفيهم جفاء وعلى الرحبة والفنادق ضرائب ثقال وعلى ما يباع فيها رجّالة وعلى الأبواب أعوان فلا يمكن أحدا أن يبيع شيئا مما يرتفق به الناس إلا بها مع قلة يسار، وليس للمظلوم أنصار، فالمستور مهموم والغني محسود والفقيه مهجور والأديب غير مشهور، ولا مجلس نظر ولا تدريس، قد غلب عليها النصارى واليهود وخلا المجلس من الناس والمسجد من الجماعات، وهي أصغر من مكة وأكبر من المدينة عليها حصن بعضه على جبل وعلى بقيته خندق، ولها ثمانية أبواب حديد:
باب صهيون وباب النية وباب البلاط وباب جب ارميا وباب سلوان وباب أريحا وباب العمود وباب محراب داود، عليه السّلام، والماء بها واسع، وقيل: ليس ببيت المقدس أكثر من الماء والأذان قلّ أن يكون بها دار ليس بها صهريج أو صهريجان أو ثلاثة على قدر كبرها وصغرها، وبها ثلاث برك عظام: بركة بني إسرائيل وبركة سليمان وبركة عياض عليها حمّاماتهم لها دواع من الأزقة، وفي المسجد عشرون جبّا مشجّرة قلّ أن تكون حارة ليس بها جبّ مسيل غير أن مياها من الأزقة وقد عمد إلى واد فجعل بركتين تجتمع إليهما السيول في الشتاء وقد شقّ منهما قناه إلى البلد تدخل وقت الربيع فتدخل صهاريج الجامع وغيرها، وأما المسجد الأقصى فهو على قرنة البلد الشرقي نحو القبلة أساسه من عمل داود، طول الحجر عشرة أذرع وأقلّ منقوشة موجّهة مؤلفة صلبة وقد بنى عليه عبد الملك بحجارة صغار حسان وشرّفوه وكان أحسن من جامع دمشق لكن جاءت زلزلة في أيام بني العباس فطرحته إلّا ما حول المحراب، فلما بلغ الخليفة خبره أراد رده مثلما كان فقيل له:
تعيا ولا تقدر على ذلك، فكتب إلى أمراء الأطراف والقوّاد يأمرهم أن يبني كل واحد منهم رواقا، فبنوه أوثق وأغلظ صناعة مما كان، وبقيت تلك القطعة شامة فيه وهي إلى حذاء الأعمدة الرخام، وما كان من الأساطين المشيدة فهو محدث، وللمغطى ستة وعشرون بابا: باب يقابل المحراب يسمّى باب النحاس الأعظم مصفح بالصفر المذهّب لا يفتح مصراعه إلا رجل شديد القوّة عن يمينه سبعة أبواب كبار في وسطها باب مصفح مذهب وعلى اليسار مثلها وفي نحو المشرق أحد عشر بابا سواذج وخمسة عشر رواقا على أعمدة رخام أحدثها عبد الله بن طاهر، وعلى الصحن من الميمنة أروقة على أعمدة رخام وأساطين، وعلى المؤخر أروقة ازاج من الحجارة، وعلى وسط المغطى جمل عظيم خلف قبة حسنة، والسقوف كلها إلّا المؤخر ملبسة بشقاق الرصاص والمؤخر مرصوف بالفسيفساء الكبار والصحن كله مبلط، وفي وسط الرواق دكة مربعة مثل مسجد يثرب يصعد إليها من أربع جهاتها بمراق واسعة، وفي الدكة أربع قباب:
قبة السلسلة وقبة المعراج وقبة النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وهذه الثلاث الصغار ملبسة بالرصاص على أعمدة رخام مكشوفة، وفي وسط الدكة قبة الصخرة على بيت مثمن بأربعة أبواب كل باب يقابل مرقاة من مراقي الدكة، وهي: الباب القبليّ وباب إسرافيل وباب الصور وباب النساء، وهو الذي يفتح إلى المغرب، جميعها مذهبة في وجه كل واحد باب مليح من خشب التّنّوب، وكانت قد أمرت بعملها أمّ المقتدر بالله، وعلى كل باب صفّة مرخمة والتنّوبيّة مطبّقة على الصفرية من خارج، وعلى أبواب الصفّات أبواب أيضا سواذج داخل البيت ثلاثة أروقة دائرة على أعمدة معجونة أجلّ من الرخام وأحسن لا نظير لها قد عقدت عليه أروقة لاطئة داخلة في رواق آخر مستدير على الصخرة على أعمدة معجونة بقناطر مدورة فوق هذه منطقة متعالية في الهواء فيها طاقات كبار والقبة فوق المنطقة طولها غير القاعدة الكبرى مع السّفّود في الهواء مائة ذراع ترى من البعد فوقها سفود حسن طوله قامة وبسطة، والقبة على عظمها ملبسة بالصفر المذهب وأرض البيت مع حيطانه، والمنطقة من داخل وخارج على صفة جامع دمشق، والقبة ثلاث سافات: الأولى مروّقة على الألواح، والثانية من أعمدة الحديد قد شبكت لئلا تميلها الرياح، ثم الثالثة من خشب عليها الصفائح وفي وسطها طريق إلى عند السفود يصعد منها الصّنّاع لتفقدها ورمّها فإذا بزغت عليها الشمس أشرقت القبة وتلألأت المنطقة ورؤيت شيئا عجيبا، وعلى الجملة لم أر في الإسلام ولا سمعت أن في الشرك مثل هذه القبة، ويدخل المسجد من ثلاثة عشر موضعا بعشرين بابا، منها:
باب الحطّة وباب النبي، عليه الصلاة والسلام، وباب محراب مريم وباب الرحمة وباب بركة بني إسرائيل وباب الأسباط وباب الهاشميين وباب الوليد وباب إبراهيم، عليه السلام، وباب أمّ خالد وباب داود، عليه السّلام، وفيه من المشاهد محراب مريم وزكرياء ويعقوب والخضر ومقام النبي، صلى الله عليه وسلم، وجبرائيل وموضع المنهل والنور والكعبة والصراط متفرقة فيه وليس على الميسرة أروقة، والمغطى لا يتصل بالحائط الشرقي وإنما ترك هذا البعض لسبين أحدهما قول عمر: واتخذوا في غربي هذا المسجد مصلّى للمسلمين، فتركت هذه القطعة لئلا يخالف، والآخر لو مدّ المغطى إلى الزاوية لم تقع الصخرة حذاء المحراب فكرهوا ذلك، والله أعلم، وطول المسجد ألف ذراع بالذراع الهاشمي، وعرضه سبعمائة ذراع، وفي سقوفه من الخشب أربعة آلاف خشبة وسبعمائة عمود رخام، وعلى السقوف خمسة وأربعون ألف شقة رصاص، وحجم الصخرة ثلاثة وثلاثون ذراعا في سبعة وعشرين، وتحت الصخرة مغارة تزار ويصلّى فيها تسع مائة وستين نفسا، وكانت وظيفته كل شهر مائة دينار، وفي كل سنة ثمانمائة ألف ذراع حصرا، وخدّامه مماليك له أقامهم عبد الملك من خمس الأسارى ولذلك يسمّون الأخماس لا يخدمه غيرهم ولهم نوب يحفظونها، وقال المنجمون:
المقدس طوله ست وخمسون درجة، وعرضه ثلاث وثلاثون درجة، في الإقليم الثالث، وأما فتحها في أول الإسلام إلى يومنا هذا فإن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، أنفذ عمرو بن العاص إلى فلسطين ثم نزل البيت المقدس فامتنع عليه فقدم أبو عبيدة بن الجرّاح
بعد أن افتتح قنّسرين وذلك في سنة 16 للهجرة فطلب أهل بيت المقدس من أبي عبيدة الأمان والصلح على مثل ما صولح عليه أهل مدن الشام من أداء الجزية والخراج والدخول فيما دخل فيه نظراؤهم على أن يكون المتولّي للعقد لهم عمر بن الخطاب، فكتب أبو عبيدة بذلك إلى عمر فقدم عمر ونزل الجابية من دمشق ثم صار إلى بيت المقدس فأنفذ صلحهم وكتب لهم به كتابا وكان ذلك في سنة 17، ولم تزل على ذلك بيد المسلمين، والنصارى من الروم والأفرنج والأرمن وغيرهم من سائر أصنافهم يقصدونها للزيارة إلى بيعتهم المعروفة بالقمامة وليس لهم في الأرض أجلّ منها، حتى انتهت إلى أن ملكها سكمان بن أرتق وأخوه ايلغازي جدّ هؤلاء الذين بدياربكر صاحب ماردين وآمد، والخطبة فيها تقام لبني العباس، فاستضعفهم المصريون وأرسلوا إليهم جيشا لا طاقة لهم به، وبلغ سكمان وأخاه خبر ذلك فتركوها من غير قتال وانصرفوا نحو العراق، وقيل: بل حاصروها ونصبوا عليها المجانيق ثم سلموها بالأمان ورجع هؤلاء إلى نحو المشرق، وذلك في سنة 491، واتّفق أن الأفرنج في هذه الأيام خرجوا من وراء البحر إلى الساحل فملكوا جميع الساحل أو أكثره وامتدوا حتى نزلوا على البيت المقدّس فأقاموا عليها نيفا وأربعين يوما ثم ملكوها من شماليها من ناحية باب الأسباط عنوة في اليوم الثالث والعشرين من شعبان سنة 492 ووضعوا السيف في المسلمين أسبوعا والتجأ الناس إلى الجامع الأقصى فقتلوا فيه ما يزيد على سبعين ألفا من المسلمين وأخذوا من عند الصخرة نيفا وأربعين قنديلا فضّة كل واحد وزنه ثلاثة آلاف وستمائة درهم فضّة وتنّور فضة وزنه أربعون رطلا بالشامي وأموالا لا تحصى، وجعلوا الصخرة والمسجد الأقصى مأوى لخنازيرهم، ولم يزل في أيديهم حتى استنقذه منهم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة 583 بعد إحدى وتسعين سنة أقامها في يد الأفرنج وهي الآن في يد بني أيوب، والمستولي عليهم الآن منهم الملك المعظم عيسى ابن العادل أبي بكر بن أيوب، وكانوا قد أحكموا سوره وعمّروه وجوّدوه، فلما خرج الأفرنج في سنة 616 وتملّكوا دمياط استظهر الملك المعظم بخراب سوره وقال: نحن لا نمنع البلدان بالأسوار إنما نمنعها بالسيوف والأساورة، وهذا كاف في خبرها وليس كلّ ما أجده أكتبه ولو فعلت ذلك لم يتسع لي زماني، وفي المسجد أماكن كثيرة وأوصاف عجيبة لا تتصوّر إلا بالمشاهدة عيانا، ومن أعظم محاسنه أنه إذا جلس إنسان فيه في أي موضع منه يرى أن ذلك الموضع هو أحسن المواضع وأشرحها، ولذا قيل إن الله نظر إليه بعين الجمال ونظر إلى المسجد الحرام بعين الجلال:
أهيم بقاع القدس ما هبّت الصّبا، ... فتلك رباع الأنس في زمن الصّبا
وما زلت في شوقي إليها مواصلا ... سلامي على تلك المعاهد والرّبى
والحمد لله الذي وفّقني لزيارته، وينسب إلى بيت المقدس جماعة من العبّاد الصالحين والفقهاء، منهم:
نصر بن إبراهيم بن نصر بن إبراهيم بن داود أبو الفتح المقدسي الفقيه الشافعي الزاهد أصله من طرابلس وسكن بيت المقدس ودرّس بها وكان قد سمع بدمشق من أبي الحسن السمسار وأبي الحسن محمد بن عوف وابن سعدان وابن شكران وأبي القاسم وابن الطبري، وسمع بآمد هبة الله بن سليمان وسليم بن أيوب بصور وعليه تفقّه وعلى محمد بن البيان الكازروني، وروى عنه أبو بكر الخطيب وعمر بن عبد الكريم
الدهستاني وأبو القاسم النسيب وأبو الفتح نصر الله اللاذقي وأبو محمد بن طاووس وجماعة، وكان قدم دمشق في سنة 71 في نصف صفر ثم خرج إلى صور وأقام بها نحو عشر سنين ثم قدم دمشق سنة 80 فأقام بها يحدث ويدرّس إلى أن مات، وكان فقيها فاضلا زاهدا عابدا ورعا أقام بدمشق ولم يقبل لأحد من أهلها صلة، وكان يقتات من غلة تحمل إليه من أرض كانت له بنابلس وكان يخبز له منها كل يوم قرص في جانب الكانون، وكان متقلّلا متزهدا عجيب الأمر في ذلك، وكان يقول: درست على الفقيه سليم من سنة 37 إلى سنة 40 ما فاتني فيها درس ولا إعادة ولا وجعت إلا يوما واحدا وعوفيت، وسئل كم في ضمن التعليقة التي صنّفها من جزء، فقال:
نحو ثلاثمائة جزء وما كتبت منها حرفا وأنا على غير وضوء، أو كما قال، وزاره تاج الدولة تتش بن ألب أرسلان يوما فلم يقم إليه وسأله عن أحلّ الأموال السلطانية فقال: أموال الجزية، فخرج من عنده وأرسل إليه بمبلغ من المال وقال له: هذا من مال الجزية، ففرّقه على الأصحاب ولم يقبله وقال: لا حاجة لنا إليه، فلما ذهب الرسول لامه الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد وقال له: قد علمت حاجتنا إليه فلو كنت قبلته وفرّقته فينا، فقال: لا تجزع من فوته فلسوف يأتيك من الــدنيــا ما يكفيك فيما بعد، فكان كما تفرّس فيه، وذكر بعض أهل العلم قال: صحبت أبا المعالي الجويني بخراسان ثم قدمت العراق فصحبت الشيخ أبا إسحاق الشيرازي فكانت طريقته عندي أفضل من طريقة الجويني، ثم قدمت الشام فرأيت الفقيه أبا الفتح فكانت طريقته أحسن من طريقتهما جميعا، وتوفي الشيخ أبو الفتح يوم الثلاثاء التاسع من المحرم سنة 490 بدمشق ودفن بباب الصغير، ولم تر جنازة أوفر خلقا من جنازته، رحمة الله عليه، ومحمد بن طاهر بن علي بن أحمد أبو الفضل المقدسي الحافظ ويعرف بابن القيسراني، طاف في طلب الحديث وسمع بالشام وبمصر والعراق وخراسان والجبل وفارس، وسمع بمصر من الجبّاني وأبي الحسن الخلعي، قال: وسمعت أبا القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ يقول: أحفظ من رائيّة محمد ابن طاهر ما هو هذا:
إلى كم أمنّي النفس بالقرب واللّقا ... بيوم إلى يوم وشهر إلى شهر؟
وحتّام لا أحظى بوصل أحبّتي ... وأشكو إليهم ما لقيت من الهجر؟
فلو كان قلبي من حديد أذابه ... فراقكم أو كان من صالب الصخر
ولمّا رأيت البين يزداد والنّوى ... تمثّلت بيتا قيل في سالف الدهر:
متى يستريح القلب، والقلب متعب، ... ببين على بين وهجر على هجر؟
قال الحافظ: سمعت أبا العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني الحافظ ببغداد يذكر أن أبا الفضل ابتلي بهوى امرأة من أهل الرستاق كانت تسكن قرية على ستة فراسخ فكان يذهب كل ليلة فيرقبها فيراها تغزل في ضوء السراج ثم يرجع إلى همذان فكان يمشي كل يوم وليلة اثني عشر فرسخا، ومات ابن طاهر ودفن عند القبر الذي على جبلها يقال له قبر رابعة العدوية وليس هو بقبرها إنما قبرها بالبصرة وأما القبر الذي هناك فهو قبر رابعة زوجة أحمد بن أبي الحواري الكاتب وقد اشتبه على الناس.

أَوب

(أَوب) رَجَعَ وَرجع الصَّوْت وَسَار النَّهَار كُله إِلَى اللَّيْل وَالْقَوْم تباروا فِي السّير
أَوب
: ( {الأَوْبُ} والإِيَابُ) كَكِتَابٍ، (ويُشَدَّدُ) وَبِه قُرِىءَ فِي التَّنْزِيل: {ان الينا {إِيَابَهُمْ} (الغاشية: 25) بالتَّشْدِيدِ، قَالَهُ الزَّجَّاج، وَهُوَ فِيعَالٌ، مِنْ} أَيَّبَ فَيْعَلَ مِنْ {آبَ} يَؤُوبُ، والأَصل إِيواباً، فأُدْغِمَتِ اليَاءُ فِي الوَاوِ وانْقَلَبَتِ الواوُ إِلى اليَاءِ، لأَنها سُبِقتْ بسُكُونِ، وَقَالَ الفرّاءُ: هُوَ بتَخْفِيف الْيَاء، والتشديدُ فِيهِ، وَقَالَ الأَزهَرِيّ: لاَ أَدْرِي مَنْ قَرَأَ {إِيَّابَهُمْ بالتَّشْدِيدِ، والقُرَّاءُ علَى (} إِيَابَهُمْ) بالتَّخْفِيف، قُلْتُ التَّشْدِيدُ نَقَلَه الزَّجَّاج عَن أَبِي جَعْفر، وَقَالَ الفراءُ: التَّشْدِيدُ فِيهِ خَطَلٌ، نَقله الصاغانيُّ.
( {والأَوْبَةُ} والأَيْبَةُ) ، على المُعَاقَبَةِ، ( {والإِيبَةُ) بِالْكَسْرِ، عَن اللحيانيّ. (} والتَّأْوِيبُ {والتَّأْيِيبُ} والتَّأَوُّبُ) {والإئْتِيابُ من الافْتِعَال كَمَا يأْتِي (: الرُّجُوعُ) ، وآبَ إِلى الشَّيءِ رَجَعَ،} وَأَوَّبَ {وتَأَوَّبَ} وأَيَّبَ كُلُّه: رَجَع، وآبَ الغَائِبُ {يَؤُوبُ} مَآباً: رَجَعَ، وَيُقَال: ليَهْنِكَ {أَوْبَةُ الغَائِب، أَيْ إِيَابُه، وَفِي الحَدِيث: (} آيِبُونَ تَائِبُون) هُوَ جَمْعُ سَلاَمَة! لآِيبٍ، وَفِي التَّنْزِيل: {وان لَهُ عندنَا. . مآب} (ص: 25) أَيْ حُسْنَ المَرْجِعِ الَّذِي يَصِيرُ إِليه فِي الآخِرَةِ، قَالَ شَمِرٌ: كلُّ شيءٍ رَجَع إِلى مَكَانِه فقد آبَ يَؤُوب فَهُوَ آيِبٌ، وقَالَ تَعَالى: {يَا جبال {- أَوِّبِي مَعَه} (سبأَ: 10) أَي رَجِّعِي التَّسْبِيحَ مَعَه وقرِىءَ (} - أُوبِي) أَي عُودِي مَعَهُ فِي التَّسْبِيح كُلَّمَا عَادَ فِيهِ.
( {والأَوْبُ السحَابُ) ، نَقله الصاغانيُّ (: الرِّيحُ) نَقله الصاغانيّ أَيضاً (: السُّرْعَةُ) . وَفِي الأَسَاس: يُقَال للمُسْرِع فِي سَيْرِه: الأَوْب} الأَوْب.
(و) الأَوْبُ (: رَجْعُ القوَائِمِ) ، يُقَال: مَا أَحْسَنَ أَوْبَ ذِرَاعَيْ هذِه النَّاقَةِ، وَهُوَ رَجْعُهَا قَوَائِمَهَا (فِي السَّيْرِ) ، وَمَا أَحْسَنَ أَوْبَ يَدَيْهَا، وَمِنْه نَاقَةٌ {أَوُوبٌ، على فَعُول، والأَوْبُ: تَرْجِيعُ الأَيدِي والقَوَائِمِ، قَالَ كعبُ بنُ زُهَيْر:
كَأَنَّ أَوْبَ ذرَاعَيْهَا وَقَد عَرِقَتْ
وقَدْ تَلَفَّعَ القُورِ العَسَاقِيلُ
أَوْبُ يَدَيْ فَاقد شَمْطَاءَ مُعْولَةٍ
نَاحَتْ وَجَاوَبَهَا نُكْدٌ مَثَاكِيلُ
(و) الأَوْبُ (: القَصْدُ والعَادَة والاسْتِقَامَةُ) ومَا زَالَ ذَلِك} أَوْبَهُ، أَي عَادَتَه وهِجيِّراه (و) {الأَوْبُ: جَمَاعَةُ (النَّحْلِ) وَهُوَ اسْمُ جَمْعٍ، كَأَنَّ الوَاحِدَ} آيِبٌ قَالَ الهُذَلِيُّ:
رَبَّاءُ شَمَّاءُ لاَ يَدْنُو لِقُلَّتِهَا
إِلاَّ السَّحَابُ وإِلاَّ الأَوْبُ والسَّبَلُ
وَقَالَ أَبُو حُنَيفَةَ: سُمِّيَتْ أَوْباً لإِيَابِهَا إِلى المَبَاءَة، قَالَ: وَهِي لَا تَزَالُ فِي مَسَارِحِهَا ذَاهِبَةً ورَاجِعَةً، حَتَّى، إِذا جَنَحَ الليلُ آبَتْ كُلُّهَا حَتَّى لَا يتَخَلَّفَ مِنْهَا شيءٌ.
(و) الأَوْبُ (: الطَّريقُ والجِهةُ) والنَّاحيَةُ، وجاءُوا مِنْ كُلِّ أَوْب أَيْ مِنْ كُلِّ طَرِيق وَوَجْه ونَاحِيَةِ، وَقيل، أَيْ مِنْ كُلّ مَآب ومَسْتَقَرَ، وَفِي حَدِيث أَنَس (! فآبَ إِلَيْهِ نَاسٌ) أَي جَاءُوا إِليه من كُلِّ ناحِيَةِ. والأَوْبُ) : الطَّريقَةُ، وكُنْت عَلَى صَوْبِ فلانٍ وأَوْبِه أَيْ عَلَى طَرِيقَتِه، كَذَا فِي الأَسَاسِ. ومَا أَدْري فِي أَيِّ أَوْب، أَي طَرِيقٍ أَو جِهَةٍ أَو نَاحِيَة أَو طَرِيقة، وَقَالَ ذُو الرُّمّة يَصِفُ صَائِداً رَمَى الوَحْشَ:
طَوَى شَخْصَه حَتَّى إِذا مَا تَوَدَّقَتْ
عَلَى هِيلَةٍ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ تُهَالُهَا
عَلَى هِيلَة أَيْ فَزَعٍ من كُلِّ أَوْبٍ أَيْ مِنْ كُلِّ وَجْه، ورَمَى أَوْباً أَوْ أَوْبَيْنِ، أَيْ وَجْهاً أَوْ وَجْهَيْنِ، وَرَمَيْنَا {أَوْباً أَوْ} أَوْبَيْنِ، أَيْ رَشْقاً أَوْ رَشْقَيْنِ، وسيأْتِي فِي نَدَبَ.
(و) الأَوْبُ (: وُرُودُ المَاءِ لَيْلاً) {أُبْتُ الماءَ} وتَأْوَّبْتُهُ، إِذَا وَرَدْتَهُ لَيْلاً، {والآيِبَةُ: أَنْ تَرِدَ الإِبلُ المَاءَ كُلَّ لَيْلَةٍ، أَنشد ابنُ الأَعْرَابيّ:
لاَ تَرِدِنَّ المَاءَ إِلاَّ آيِبَهْ
أَخَشَى علَيك معْشَراً قَرَاضِبَهْ
سُودَ الوُجُوهِ يَأْكُلُونَ الآهِبَهْ
(و) قِيلَ: الأَوْبُ (جَمْعُ آيِب) يُقَال: رَجُلٌ آيِبٌ مِنْ قَوْمٍ أَوْبٍ، وَيُقَال: إِنه اسمٌ للجَمْع، (} كالأُوَّاب {والأُيَّابِ) بالضَّمِّ والتَّشْدِيدِ فيهِما.
وَرَجُلٌ} أَوَّابٌ: كَثِيرُ الرُّجُوع إِلى اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَنْبِهِ. {والأَوَّابُ: التَّائِبُ. فِي (لِسَان الْعَرَب) : قَالَ أَبُو بَكْرٍ: فِي قَوْلهم رَجُلٌ أَوَّابٌ سَبْعَةُ أَقْوَالٍ، تَقَدَّمَ مِنْهَا اثْنَانِ، والثَّالِثُ المُسَبِّحُ قَالَه سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، والرَّابِعُ المُطِيعُ، قالَه قَتَادَةُ، والخَامِسُ: الذِي يَذْكُر ذَنْبَه فِي الخَلاءِ فَيَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهُ، والسَّادِسُ الحَفِيظُ، قَالَهُمَا عُبَيْدُ بنُ عُميْرٍ، وَالسَّابِع الَّذِي يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوب ثمَّ يُذْنِبُ ثمَّ يَتُوبُ، قُلْتُ: ويُرِيدُ بالمُسبِّح: صلاَةَ الضُّحَى عنْدَ ارْتفَاعِ النَّهَارِ وشِدَّةِ الحرِّ، وَمِنْه صَلاَةُ} الأَوَّابِينَ حِينَ تَرْمَضُ الفِصَالُ.
( {وآبَهُ اللَّهُ: أَبْعَدَهُ) ، دُعَاءٌ عَلَيْهِ، وَذَلِكَ إِذا أَمرْتَه بِخُطَّة فَعصَاكَ ثُمَّ وَقَعَ فِيمَا يَكْرَهُ فأَتَاكَ فأَخْبَرَكَ بذلكَ، فعنْدَ ذَلِك تَقُولُ لَهُ:} آبَكَ اللَّه، وأَنشد:
! فَآبَكَ هَلاَّ واللَّيَالِي بِغِرَّةٍ
تُلِمُّ وفِي الأَيَّام عَنْكَ غُفُولُ (و) يُقَالُ لِمَنْ تَنْصَحُهُ وَلاَ يَقْبَلُ ثمَّ يَقَعُ فِيمَا حَذَّرْتَه مِنْهُ: ( {آبَكَ، و) كَذَلِك (} آبَ لَكَ، مِثْل وَيْلَكَ) .
{وائْتَابَ مِثْلُ آبَ، فَعَلَ وافْتَعلَ بمعْنًى قَالَ الشَّاعِر:
ومَنْ يَتَّقْ فإِنَّ الله مَعْهُ
وَرِزْقُ اللَّهِ} مُؤْتَابٌ وغَادى
وقَال سَاعِدَةُ بنُ العَجْلاَنِ:
أَلاَ يَا لَهْفَ أَفْلَتَنِي حُصَيْبُ
فَقَلْبِي منْ تَذَكُّرهِ بَليدُ
فَلَوْ أَنِّي عَرَفْتُكَ حِينَ أَرْمِي
{لآبَكَ مُرْهَفٌ مِنْهَا حَدِيدُ
يَجُوزُ أَنْ يكونَ آبَكَ مُتَعَدِّياً بِنَفْسِه أَي جَاءَكَ مُرْهَفٌ، ويجوزُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ آبَ إِلَيْكَ، فَحَذَفَ وَأَوْصَلَ.
(} وَآبَتِ الشَّمْسُ) {تَؤُوبُ (} إِيَاباً {وأُيُوباً، الأَخِيرةُ عَن سيبويهِ، أَيْ (غَابَتْ) فِي} مَآبِهَا أَيْ فِي مَغِيبِهَا كَأَنَّهَا رَجَعَتْ إِلى مَبْدَئِهَا، قَالَ تُبَّعٌ:
فَرَأَى مَغِيبَ الشَّمْسِ عِنْدَ {مَآبهَا
فِي عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ
وَقَالَ آخر:
يُبَادِرُ الجَوْنَةَ أَنْ} تَؤُوبَا
وَفِي الحَدِيثِ: (شَغَلُونَا عَنْ صَلاَةِ الوُسْطَى حَتّى {آبَتِ الشَّمْسُ، مَلأَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ نَاراً أَي غَرَبَتْ، مِنَ} الأَوْبِ: الرُّجُوعِ، لأَنَّهَا تَرْجِعِ بالغُرُوبِ إِلى المَوْضِع الَّذِي طَلَعَتْ مِنْهُ وَفِي (لِسَان الْعَرَب) وَلَو استُعْمل ذَلِك فِي طُلُوعها لَكَانَ وَجْهاً، لكنه لم يُسْتَعْمَل.
( {وتَأَوَّبَه} وَتَأَيَّبَهُ) ، على المُعَاقَبَةِ (: أَتَاهُ لَيْلاَ، والمَصْدَرُ) المِيميّ القِيَاسِيُّ ( {المُتَأَوَّبُ} والمُتَأَيَّبُ) كِلاَهُمَا على صيغَة المَفْعُولِ.
وفُلانٌ سَرِيعُ الأَوْبَةِ، وقَوْمٌ يُحَوِّلُونَ الوَاوَ يَاءً فيقُولُون سَرِيعُ {الأَيْبَةِ، وأُبْتُ إِلى بَنِي فلَان} وتَأَوَّبْتُهُم إِذا أَتَيْتَهُمْ لَيْلاَ، كَذَا فِي (الصِّحَاح) ، {وتَأَوَّبْتُ، إِذا جِئْتُ أَوَّلَ اللَّيْل فأَنَا} مُتَأَوِّبٌ! ومُتَأَيِّبٌ. ( {وائْتَيَبْتُ المَاءَ) ، من بَابِ الافْتِعَالِ مثل} أُبْتُه {وتَأَوَّبْتُه (: وَرَدْتُه لَيْلا) قَالَ الهُذَلِيّ:
أَقَبَّ رَبَاع بِنُزْهِ الفَلاَ
ةِ لاَ يَرِد المَاءَ إِلاَّ} ائْتيَابَا
وَمَنْ رَوَاهُ (انْتِيَابَا) فَقَدْ صحَّفَهُ.
( {وأَوِبَ كفَرِحَ: غضِب،} وأَوْأَبْته) مثالُ أَفْعَلْتُه، نَقله الصَّاغانيّ.
( {والتّأْوِيبُ) فِي السَّيْرِ نَهَاراً نَظِيرُ الإِسَآد لَيْلا، أَو هُوَ (السَّيْرُ جَميعَ النَّهَارِ) والنُّزُولُ باللَّيْلِ، قَالَ سَلامةُ بن جنْدَل:
يوْمَان يوْمُ مقامَات وأَنْدِيَة
وَيَوْمُ سَيْرٍ إِلى الأَعْدَاءِ} تَأْوِيبِ
قَالَ ابنُ المُكَرَّم: التَّأْوِيبُ عنْدَ العرَبِ سَيْرُ النَّهَارِ كُلِّه إِلى اللَّيْلِ، يُقَالُ: أَوَّبَ القَوْمُ تَأْوِيباً، أَيْ سَارُوا بالنَّهارِ. وأَسْأَدُوا، إِذَا سَارُوا باللَّيل، (أَوْ) هُوَ (تَبَارِى الرِّكَابِ فِي السَّيْرِ) . قَالَ شيخُنَا: غَيْرُ مَعْرُوفٍ فِي الدَّوَاوِين والمعروفُ الأَوَّلُ، قُلْت: هُوَ فِي لِسَان الْعَرَب والأَساس والتَّكْمِلَة ( {كالمُآوَبَةِ مُفَاعَلَةٌ، رَاجِعٌ للْمَعْنَى الأَخيرِ، كَما هُوَ عَادَتُه قَالَ:
وإِنْ} تُؤَاوبْهُ تَجِدْهُ مِئوَبا
(ورِيحٌ {مُؤَوِّبَةٌ: تَهُبُّ النَّهارَ كُلَّهُ) وَالَّذِي قالَهُ ابنُ بَرِّيّ: مُؤَوِّبةٌ فِي قَول الشَّاعِر:
قَدْ حَالَ بَيْنَ دَرِيسَيْه} مُؤَوِّبَةٌ
مَسْعٌ لَهَا بِعَضَاهِ الأَرْضِ تَهْزِيزُ
وَهُوَ رِيحٌ تَأْتِي عنْد اللَّيْل.
(والآيِبةُ) بالمدِّ (: شَرْبَةُ القَائلَةِ) ، نَقَلَه الصاغَانِيّ.
( {وآبَةُ) قَرَأْتُ فِي (مُعْجم الْبلدَانِ) قَالَ أَبُو سَعْدٍ: قَالَ الحافظُ أَبُو بَكْر أَحْمَدُ بنُ مُوسَى بن مِرْدُوَيْه: هيَ مِن قُرَى أَصْبَهَانَ، قَالَ: وقَالَ غَيْرُه: إِنها (: د) ويُقَالُ: قَرْيَةٌ (مِن ساوةَ) منْها جرِيرُ بنُ عَبْدِ الحمِيدِ} - الآبِيُّ، سَكن الرَّيّ، قَالَ: قُلْتُ أَنَا: أَمَّا آبَةُ بُلَيْدَةٌ تُقَابِلُ ساوَةَ، تُعْرَفُ بَيْنَ العَامَّة بِآوَةَ فَلاَ شَكَّ فِيهَا، وأَهْلِهَا شِيعَة، وأَهْلُ سَاوَةَ سُنَّةٌ، ولاَ تَزَالُ الحُرُوبُ بَيْنَهُمَا قَائمَةً على المَذْهَبِ، قَالَ أَبُو طاهِر السِّلَفيّ: أَنْشَــدَنِي القاضِي أَبُو نَصْرِ بنُ العَلاَءِ الميمَنْدِيّ بِأَهْرَ مِنْ مُدُن أَذْرَبِيجَانَ لنَفْسِه:
وَقَائلَة أَتُبْغِضُ أَهْلَ {آبَهْ
وهُمْ أَعْلاَمُ نَظْمٍ والكتَابَهْ
فَقُلْتُ إِلَيْك عنِّي إِنَّ مِثْلِي
يُعَادِي كُلَّ مَنْ عَادَى الصَّحَابَهْ
وإِلَيْهَا فِيمَا أَحْسَبُ يُنْسَبُ الوَزِيرُ أَبُو سَعْد منْصُورُ بنُ الحسيْنِ الآبِيُّ، صَحِبَ الصَّاحِبَ بنَ عَبَّاد، ثُمَّ وزَرَ لمَجْد الدَّوْلَةِ رُسْتمَ بنِ فَخْرِ الدَّوْلَةِ بن (رُكن الدولة بن) بُوَيْهِ، وكَانَ أَدِيباً شَاعِراً مُصنِّفاً، وهُو مُؤَلفُ كتاب (نثر الدُّرَر) وتارِيخ الرَّيِّ، وأَخُوه أَبُو منْصُور مُحَمَّدٌ كَانَ مِنْ عُظَمَاءِ الكُتَّابِ، وَزَرَ لملِكِ طَبَرِسْتَانَ، انْتهى، ورأَيتُ فِي بعضِ التَّوَارِيخِ أَنَّ جَرِيرَ بنَ عَبْدِ الحَمِيدِ المُتَقَدِّمَ ذِكْرُه نسْبَتُهُ إِلى قَرْيَةٍ بِأَصْبَهَان، كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلاً، وَهُوَ القَاضي أَبُو عَبُدِ اللَّه الرَّازِيُّ الضَّبِّيُّ، نَسَبَهُ الدارَقُطْنِي.
(و) آبَةُ (: د بإِفْرِيقِيَّةَ) نقل الصاغانيّ، ومَا رَأَيْتُهُ فِي (المُعْجم) ، وإِنما قَالَ فِيهِ، وآبَةُ أَيْضاً: قَرْيَةٌ منْ قُرَى البَهْنَسَا مِنْ صَعِيدِ مِصْرَ: أَخْبَرَنِي بذلك القَاضِي المُفَضَّلُ قَاضي الجُيُوشِ بمصْرَ قُلْتُ وكَذَا رأَيْتُها فِي كِتَاب القَوَانِينِ لابنِ الجَيْعَانِ وذَكَر أَنَّها مُشْتَمِلَةٌ على 1434 فَدَّاناً وعبْرَتُهَا 9600 دِينَار وتُذْكَرُ مَعَ بَسْقَنُونَ، وهُمَا الآنَ وَقْفٌ عَلَى الحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْن، ثُمَّ ظَهَرَ أَنَّهُ تَصَحَّفَ ذلكَ علَى الصَّاغانيّ وتَبِعَه المُصَنِّفِ، فإِنَّمَا هِيَ أُبّه بضَمَ فَشَدِّ مُوَحَّدَة، وقَدْ تَقَدَّمَ ذِكْرُها فِي أَبب.
(} وَمآبُ: د) وَفِي (لِسَان الْعَرَب) : مَوْضِعٌ (بالبَلْقَاءِ) مِن أَرْضِ الشَّأْمِ، قَالَ عبدُ اللَّهِ بنُ رَوَاحَةَ:
فَلاَ وأَبِى مَآبَ لَنَأْتِبَنْهَا
وإِنْ كَانَتْ بِهَا عَرَبٌ ورُومُ
وَفِي المراصد: هِيَ مدينَةٌ فِي طَرَفِ الشَّأْمِ مِنْ أَرْضِ البَلْقَاء.
( {والمُؤَوَّبُ) هُوَ (المُدَوَّرُ والمُقَوّرُ) ، بالقَافِ، كَذَا فِي النّسخ، وَفِي بَعْضهَا بالغَيْنِ المُعْجَمَةِ، (المُلَمْلَمُ) ،} وَأَوَّبَ الأَديمَ: قَوَّرَهُ، عَنْ ثَعْلَبٍ (ومِنْهُ) المَثَلُ: (أَنَا حُجَيْرُهَا) بتَقْدِيم الحَاءِ المُهْمَلَةِ عَلَى الجِيمِ تَصْغِيرُ حِجْر، وهُوَ الغَارَ (المُؤَوَّبُ) ، المُقَوَّرُ، (وعُذَيْقُهَا المُرَجَّبُ) ، عَن ابْن الأَعرابيّ.
( {وآبُ شَهْرٌ) عَجَمِيٌّ (مُعَرَّبٌ) مِنَ الشُّهُورِ الرُّوميَّةِ، وَقد جاءَ ذِكرُهُ فِي أَشْعَارِ العَرَبِ كثيرا.
(} والمَآبُ) فِي قَوْله تَعَالَى: {2. 004 طُوبَى لَهُم وَحسن {مَآب} (الرَّعْد: 29) أَيْ حُسْنُ (المَرْجع و) حُسْنُ (المُنْقَلَبِ) والمُسْتَقرّ.
(و) قولُهُم (بَيْنَهُمَا ثَلاَثُ} مَآوِبَ) أَي (ثَلاَثُ رَحَلاَت بالنَّهَارِ) نقلَهُ الصاغانيّ.
( {والأَوْبَاتُ) هِيَ مِنَ الدَّابَّةِ (القَوَائِمُ واحِدَتُهَا: أَوْبَةٌ) .
} ومَآبَةُ البِئرِ: مِثْلُ مَبَاءَتهَا حَيْثُ يَجُتَمعُ أُليه المَاءُ فِيهَا.
وقِيلَ: لاَ يَكُونُ الإِيَابُ إِلاَّ الرُّجُوعَ إِلى أَهْلِهِ لَيْلاً.
وَفِي التَّهْذِيب يُقَالُ للرَّجُل يَرْجعُ باللَّيْلِ إِلَى أَهْلِهِ: قَدْ {تَأَوَّبَهُمْ،} وائْتَابَهمْ فَهُوَ {مُؤْتَابٌ} ومُتَأَوِّبٌ.
(ومُخَيِّسٌ) كمُحَدِّث ابنُ ظَبْيَانَ ( {الأَوَّابِيُّ، تَابِعِيٌّ) رَوَى عَن عبدِ اللَّهِ بنِ عَمْرِو بنِ الْعَاصِ وغَيْرِه (نِسْبَةٌ إِلى بَنِي} أَوَّاب: قَبِيلَةٍ) مِنْ تُجِيبَ، ذَكَره ابنُ يُونُسَ.
واستَدْرَكَ شيخُنَا عَلَى المُصَنِّفِ:
! أَيُّوبُ، قيلَ هُوَ فَيْعُول مِنَ الأَوْب كقَيُّوم، وقِيلَ: هُوَ فَعُّول كسَفُّود، قَالَ البَيْضَاوِيُّ: كَانَ أَيُّوبَ رُوميًّا مِنْ أَوْلاَدِ عيص بنِ إِسْحَاقَ عَلَيْهِ الصلاةُ والسلامُ، وأَوَّلُ منْ سُمِّيَ بهذَا الاسْمِ منَ العربِ جدُّ عَديِّ بنِ زَيْدِ بنِ حِمَّانَ بن زَيْد بن أَيَّوب، من بَنِي امرىء القَيْس بن زَيْدِ مَنَاةَ بن تَميم، قَالَهُ أَبُو الفَرَج الأَصْبَهَانِيُّ فِي الأَغاني. اه.
قُلْتُ: وأَيُّوبُ الَّذِي ذَكَره: بَطْنٌ بالكُوفَةِ، وَهُوَ ابنُ مَجْرُوفِ بنِ عامرِ بنِ العصَبَةِ بنِ امْرِىءِ القَيْسِ بنِ زيْدِ مَنَاةَ، فَوَلَدُ أَيُّوبَ إِبْرَاهيمُ وسَلْمٌ وثَعْلَبَةُ وزَيْد، مِنْهُم عدِيُّ بنُ زَيْدِ بنِ حِمَّانَ بنِ زَيْدِ بنِ مَجْرُوف الشَّاعِرُ وَمِنْهُم مُقَاتِلُ بنُ حَسَّانَ بنِ ثَعْلَبةَ بنِ أَوْسِ بنِ إِبْرَاهِيمَ بنِ أَيُّوبع الَّذِي نُسِبَ إِليهِ قَصْرُ مُقَاتِل، وَقَالَ ابنُ الكَلْبيِّ. لاَ أَعرِفُ فِي الجاهِلِيَّة مِنَ العَرَبِ أَيُّوب وإِبْراهيمَ غَيْرَ هاذَيْن، وإِنَّمَا سُمِّيَا بهذَينِ الاسْمَيْنِ للنَّصْرَانِيَّةِ، كَذَا قَالَ البلاَذُرِيُّ.

قُرْيَرُ

قُرْيَرُ:
قرأت بخط عبد الله بن عليّ بن محمد بن سليمان بن داود الفارسي في جزء فيه أخبار رواها أبو هاشم وريزة بن محمد بن وريزة الغساني المصري بإسناده إلى وريزة قال: أنبأنا محمد بن نافع الخزاعي أخبرنا محمد بن المؤمل العدوي أنبأنا الوريزة أنبأنا العباس بن إسماعيل بن حمّاد القريري قال: بلد بين نصيبين والرقّة، قال أنشــدني الزبير لإبراهيم بن إسماعيل بن داود:
فخرت عليّ بأنها عربية، ... فتعرّضت لمفاخر نقّاض
فأجبتها: إني ابن كسرى وابن من ... دان الملوك له بغير تراضي
ولقد أقي عرضي بما ملكت يدي، ... إن العروض وقاية الأعراض

طُنُبٌ

طُنُبٌ:
بالضم، جمع طنب، وهو حبل الخباء والسّرادق: منزل من منازل حاجّ البصرة بين ماويّة وذات العشر وهو ماء لبني العنبر، قال العسكري:
ربيب بن ثعلبة التميمي له صحبة وكان ينزل الطّنب فقيل له الطنبي، روى عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، وروى عنه بنوه، وأنشد ابن الأعرابي قال أنشــدني الهجيمي:
ليست من اللاتي تلهّى بالطّنب، ... ولا الخبيرات مع الشاء المغبّ
قال: الطنب خبراء بماويّة وماوية ماء لبني العنبر ببطن فلج.

مَمْنُون

مَمْنُون
الجذر: م ن ن

مثال: أَنَا ممنونٌ لك
الرأي: مرفوضة
السبب: لعدم ورودها بهذا المعنى في المعاجم.
المعنى: شاكرٌ لك

الصواب والرتبة: -أنا شاكرٌ لك [فصيحة]-أنا ممنونٌ لك [صحيحة]
التعليق: ورد الفعل «مَنَّ» في لغة العرب بمعنى «أحسن» أو «أنعم»؛ وبذلك يكون الشخص المُنْعَم عليه ممنونًا عليه، وهو ما يستلزم حدوث الشكر منه. وعلى هذا يكون استخدام اللفظ «ممنون» بمعنى «شاكر» جائزًا بنوع من المجاز المرسل. (وانظر: ممتن).
(مَمْنُون) :
وسأل نافع عن قوله تعالى: (لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ) .
فقال ابن عباس: غير منقوص. ولما سأله ابن الأزرق: وهل تعرف العرب
ذلك، قال: نعم، أما سمعت قول زهير بن أي سلمى: فَضْلَ الجوادِ على الخيلِ البِطاءِ فلا. . . يُعْطِي بذلك مَمْنُوْناً ولا نَزِقا
(تق، ك، ط)
= الكلمة من آية القلم، خطابا للمصطفى عليه الصلاة والسلام.
(وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4) .
ومعها (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) فى آيات. فصلت 8، الانشقاق 25، والتين 6.
ومن مادتها جاء: المَن 16 مرة.
و (رَيْبَ الْمَنُونِ) فى آية الطور
فسَّره الطبرى كذلك، بغير منقوص ولامقطوع، من قولهم: حبل مَنِين.
وفي معنى الكلمة عند الفراء: غير مقطوع، والعربُ تقول ضعفت منتى عن السفر.
ويقال للضعيف: المنين. وهذا من ذاك، والله أعلم (المعاني - 3 / 172) .
وعن مجاهد: غير محسوب. وعن الحسن: غير مكدرٍ بالمن، وقيل: غير مقدر.
وهو التفضل لأن الجزاء مقدر والفضل غير مقدر. ذكره الماوردى (جامع
القرطبى) .
ومما قاله الزمخشري فيها:. غير ممنون به عليك، لأنه ثواب تستوجبه على عملك وليس بتفضل ابتداء وإنما تُمَنُّ الفواضل، لا الأجور على الأعمال (الكشاف) .
أنكره أبو حيان ورأى فيها دسيسة اعتزال " - البحر المحيط.
وكذلك أنكره ناصر الدين ابن المنير الإسكندرى المالكى قاضى القضاة قال:
". . ما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - يرضى من الزمخشري بفسير الآية هكذا،
وهو - صلى الله عليه وسلم - يقول: " لا يدخل أحدكم الجنة بعمله) قيل: ولا أنت يارسول الله،
قال: (ولا أنا، إلا أن يتغمــدني الله بفضل منه ورحمة "
لقد بلغ الزمخشري سوء الأدب إلى حدٍّ يوجب الحدَّ! وحاصل قوله أن الله لا منة له على أحد ولا فضل فى دخول الجنة لأنه قام بواجب عليه، نعوذ باللْه من الجرأة عليه. ويهدينا تدبر ما فى القرآن من آيات المن، إلى أن للهِ تعالى أن يمن على عباده
تفضلًا، وتذكيرا بنعمه. وإنَّما يكره المن من البشر حين يكون على وجه الحساب والعدّ والتفضل، وأصل المن فى اللغة القطع. قاله ابن السكيت فى (تهذيب الألفاظ) . ومعه: اصطناع الخير، أصلا ثانيا فى (مقاييس اللغة: 5 / 267)
ومن معاني المن ما يوزن به، والممنون الموزون. ومنه جاءت المِنة بمعنى النعمة
ذات الوزن والقيمة. وبملحظ من الوزن جاء الممنون بمعنى المحسوب المعدود من متفضل يعد مِتنه على من نالته.
وقال الراغب: وذلك مستقبح من الناس وفيه قالوا: المنة تهدم الصنيعة، لأنها تقطع الشكر وتنقص النعمة.
والمنون: المنية تنقص العدد وتقطع المدد (المفردات) .

زبي

زبي


زَبَى(n. ac. زَبْي)
a. Carried, bore.
b. Drove on.
c. [acc. & Bi], Smote with, inflicted upon (evil).

زَبَّيَتَزَبَّيَa. Dug out.

زُبْيَةa. Hill.
b. Hollow, cavity; well.
ز ب ي : الزُّبْيَةُ حُفْرَةٌ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ يُصَادُ فِيهَا الْأَسَدُ وَنَحْوُهُ وَالْجَمْعُ زُبًى مِثْلُ: مُدْيَةٍ وَمُدًى. 
زبي
زُبًى [جمع]: مف زُبْيَة: أماكن مرتفعة لا يعلوها الماء "بلَغ السَّيْلُ الزُّبى [مثل]: يُضرب للأمر إذا اشتدَّ حتَّى جاوز الحدَّ". 
(ز ب ي) : (الزُّبْيَةُ) حُفْرَةٌ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ يُصَادُ بِهَا الذِّئْبُ أَوْ الْأَسَدُ وَتَزَبَّاهَا اتَّخَذَهَا وَيُنْشَدُ
وَلَا تَكُونَنَّ مِنْ اللَّذَ كِيدَا ... حِينَ تَزَبَّى زُبْيَةً فَاصْطِيدَا
وَفِي حَدِيثِ الْأَعْرَابِيِّ تَرَدَّى فِي زُبْيَةٍ أَيْ رَكِيَّةٍ.
ز ب ي

زبي زبية وتزباها: اتخذها وهي حفرة يصاد فيها السيبع. وكأن يديه الزابيان وهما نهران في سافلة الفرات. ويقال: الزوابي لهما ولما حولهما وقد يقال للواحد: الزاب بطرح الياء كما يقال للبازي: الباز.

ومن المجاز: زبيت لفلان إذا عملت له منصوبة. وفي مثل " بلغ السيل الزبى " إذا اشتد الأمر.
[ز ب ي] الزُّبْيَةُ: الرَّابِيَةُ التي لا يَعْلُوها الماءُ. والزُّيْبَةُ: الحَفيرَةُ التي يَسْتَتِرُ فِيها الصًّائِدُ. والزُّبْيَةُ: حَفِيرَةٌ يُشَتَويَ فِيها ويُخْتَبَزُ. وزبَّى اللحم: طرحه فيها، قال:

(طَارَ جَرادِي بَعدَ ما زَبَّيْتَهْ ... )

(لو كانَ رَأْسِي حَجراً رَمِيْتُهْ ... )

والزُّبْيَةُ: حُفْرَةٌ تُحْفَرُ للأَسَدِ، وقد زَبَّاها وتَزَبّاها، قال:

(فَكَانَ والأَمْرَ الَّذِي قَدْ كِيداَ ... )

(كاللَّذْ تَزَبَّي زُبْيَةً فَاصْطِيدَا ... )

وَقَالَ عَلْقمَة:

(تَزَبَّي بذِي الأَرْطَي لها ووَرَاءها ... رِجالٌ فَبّدَّتْ نَبْلَهم وكَلِيبُ)

ويُروَي: ((وأَراَدَها رِجالٌ)) . وتَزَبَّي فِيها كَتَزَبَّاها. والزّابِيانِ: نَهرانِ بنَاحِيَةَ الفُراتُ، ويُسَمَّى ما حَولَهْما من الأَنهارِ الزَّوابِي، وربُمَّا حَذَفُوا الياءَ، فَقَالُوا: الزَّابَانِ، كما قَالُوا في البَازِي: بَازٌ. والأُزْبِيُّ: السُّرْعَةُ والنَّشاطُ، قال: (بِشَمَجَى المَشْيِ عَجُولِ الوَثْبِ ... )

(حتَّى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ ... )

والأُزْبِيٌّ: ضَرْبٌ من سَيْرِ الإبلِ. والأُزْبِيٌّ: الصَّوْتُ، قالَ صَخْرُ الغَيِّ:

(كًَأَنَّ أُزْبِيَّها إِذا رُدِمَتْ ... هزْمُ بَغاةٍ في إثْرِ مَا فَقَدُوا)

وزَبَي الشَّيءَ يَزْبِيه: سَاقَه، قال:

(تِلكَ استَفِدْها وَأَعْطِ الحُكْمَ وَالِيها ... فإِنَّها بَعضُ ما تَزْبِي لكَ الرَّقِمُ)

وزَبَي الشَّيءَ: حَمَلَه، قال الكُمَيْتُ:

(أَهْمَدان مَهْلاً تُصَبِّحْ بُيُوتَكم ... بجَهْلِكُمُ أُمُّ الدُّهَيْمِ وما تَزْبِي)

وازْدَباهُ كَزَباهُ. وتَزَابَي عَنْه: تَكَبَّرَ، هّذه عن ابنِ الأَعرابِيّ، وأَنْشَدَ:

(حتى تُرُوحي أُصُلاً تَزَابَيَهْ ... )

(تَزَابَيَ الغانَةِ فَوْقَ الزّازَيَهْ ... )

أي: تكَبَّرِينَ عنه، فَلا تُرِيدِينَه، ولا تَعْرِضِينَ له؛ لأَنْكَ قد سَمْنِتِ، وقولُه: ((فَوقَ الزّازَيَهْ)) أَرادَ على الزِّيزَاءَ، فَغَيَّرَه.

زبي: الزُّبْيةُ: الرابِيةُ

التي لا يعلوها الماء، وفي المثل: قد بَلَغَ السَّيْلُ الزُّبَى. وكتبَ

عثمانُ إِلى علي، رضي الله عنه لما حُوصِر: أَمَّا بعد فقد بلغَ

السَّيْلُ الزُّبَى وجاوَزَ الحِزامُ الطُّبْيَيْنِ، فإِذا أَتاك كِتابي هذا

فأَقْبِلْ إِليَّ، عليَّ كنتَ أَمْ لي؛ يضرب مثلاً للأَمر يتَفاقَمُ أَو

يتَجاوَزُ الحدَّ حتى لا يُتَلافَى. والزُّبَى: جمع زُبْية وهي الرابية لا

يعلوها الماء، قال: وهي من الأَضداد، وقيل: إِنما أَراد الحفرة التي

تُحْفَرُ للأَسد ولا تحفرُ إِلا في مكان عالٍ من الأَرض لئلا يبلغها السيل

فتَنْطَمَّ. والزُّبْيةُ: حُفرة بتَزَبََّى فيها الرجل للصيد وتُحْتَفَرُ

للذئب فيُصْطاد فيها. ابن سيده: الزُّبْية حُفْرة يَستتر فيها الصائد.

والزُّبْية: حَفِيرة يُشْتَوىَ فيها ويُخْتَبَزُ، وزَبَّى اللحمَ وغيره:

طَرَحه فيها؛ قال:

طارَ جَرادي بََعْدَما زَبَّيْتُه،

لو كانَ رأْسي حَجراً رَمَيْتُه

والزُّبْية: بئر أَو حُفْرة تُحْفَر للأَسد، وقد زَباها وتَزَبَّاها؛

قال:

فكانَ، والأَمرَ الذي قَد كِيدا،

كاللَّذْ تَزَبَّى زُبْيةً فاصْطِيدا

وتَزَبَّى فيها: كتَزَبَّاها؛ وقال علقمة:

تَزَبَّى بذي الأَرْطى لها، ووراءَها

رِجالٌ فَبدَّتْ نَبْلَهم وكَلِيبُ

ويروى: وأَرادها رجال. وقال الفراء: سميت زُبْيةُ الأَسدِ زُبْية

لارتفاعها عن المَسِيل، وقيل: سميت بذلك لأَنهم كانوا يحْفِرونها في موضع عالٍ.

ويقال قد تَزَبَّيْت زُبْيةً؛ قال الطرماح:

يا طَيِّءَ السَّهْلِ والأَجْبالِ مَوْعِدُكم

كمُبْتَغى الصَّيدِ أَعْلى زُبْيةِ الأَسَدِ

والزُّبْيةُ أَيضاً: حُفْرة النمل، والنملُ لا تفعل ذلك إِلا في موضع

مرتفع. وفي الحديث: أَنه نَهَى عن مَزابي القُبُور؛ قال ابن الأَثير: هي ما

يُنْدَبُ به الميتُ ويُناحُ عليه به، من قولهم: ما زَباهُم إِلى هذا

أَي ما دَعاهم، وقيل: هي جمع مِزْباةٍ من الزُّبْيةِ وهي الحُفْرة، قال:

كأَنه، والله أَعلم، كَرِهَ أَن يُشَقَّ القَبرُ ضريحاً كالزُّبْية ولا

يُلْحَد، قال: ويُعَضِّدُه قوله اللَّحْدُ لنا والشَّقُّ لغيرنا، قال: وقد

صَحِّفَه بعضُهم فقال نَهى عن مَراثي القُبور. وفي حديث علي، كرم الله

وجهَه: أَنه سئل عن زُبْيةٍ أَصْبَحَ الناسُ يتدافَعُون فيها فَهَوَى فيها

رجل فتَعَلَّقَ بآخر، وتعلق الثاني بثالث والثالثُ برابع فوَقَعُوا

أَربعَتُهم فيها فخدَشَهم الأَسد فماتوا، فقال: على حافِرِها الدّيةُ: للأَول

ربعها، وللثاني ثلاثة أَرباعها، وللثالث نصفها، وللرابع جميع الدية،

فأُخْبِرَ

النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، فأَجاز قضاءه؛ الزُّبْيةُ: حُفَيْرَةٌ

تُحْفَر للأَسَدِ والصَّيْدِ ويُغَطَّى رأْسُها بما يسترها لِيَقَع فيها،

قال: وقد رُوِي الحُكم فيها بغير هذا الوجه.

والزابِيانِ: نَهَرانِ بناحية الفُرات، وقيل: في سافِلة الفُرات، ويسمى

ما حَولَهما

(* قوله «ويسمى ما حولهما إلخ» عبارة التكملة: وربما سموهما

مع ما حواليهما من الانهاء الزوابي). من الأَنهار الزَّوابي: وربما حذفوا

الياء فقالوا الزّابانِ والزّابُ كما قالوا في البازي بازٌ.

والأُزْبِيُّ: السُّرْعةُ والنَّشاطُ في السير، على أُفْعول. واستثقل

التشديد على الواو، وقيل: الأُزْبِيُّ العَجَبُ من السير والنَّشاط؛ قال

منظور بن حَبَّةَ:

بِشَمَجَى المَشْيِ عَجُولِ الوَثْبِ،

أَرْأَمْتُها الأَنْساعَ قَبْلَ السَّقْبِ،

حتى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ

والأُزبيُّ: ضَرْبٌ من سير الإِبل. والأَزَابِيُّ: ضُروب مختلفة من

السَّير، واحدها أُزْبِيٌّ. وحكى ابن بري عن ابن جني قال: مَرَّ بنا فلان وله

أَزابِيُّ منكرة أَي عَدْوةٌ شديد، وهو مُشْتَقٌ من الزُّبْية.

والأُزْبِيُّ: الصَّوْت؛ قال صخر الغيّ:

كأَنَّ أُزْبِيَّها، إِذا رُدِمَتْ،

هَزْمُ بُغاةٍ في إِثْرِ ما فَقَدُوا

وزَبَى الشّيءَ يَزْبِيهِ: ساقَه؛ قال:

تِلْكَ اسْتَفِدْها، وأَعْطِ الحُكْمَ والِيَهَا،

فَإِنَّها بَعْضُ ما تَزْبي لَكَ الرَّقِمُ

وفي حديث كعب بن مالك: جَرَتْ بينه وبين رَجل مُحاوَرةٌ قال كعب: فقلت

له كَلِمةً أُزْبِيهِ بها أَي أُزْعِجُه وأُقْلِقُه، من قولهم أَزْبَيْتُ

الشَّيءَ أُزْبِيه إِذا حَمَلْتَه، ويقال فيه زَبَيْتُه لأَن الشَّيءَ

إِذا حُمِل أُزْعِجَ وأُزِيلَ عن مكانه. وزَبَى الشَّيءَ: حمله: قال

الكميت:

أَهَمْدانُ مَهْلاً لا تُصَبِّحْ بُيُوتَكُمْ،

بِجَهْلِكُمْ، أُمُّ الدُّهَيْمِ وما تَزْبي

يُضرب الدُّهَيْمُ وما تَزْبي للدّاهِية إِذا عَظُمَت وتَفَاقَمَتْ.

وزَبَيْتُ الشَّيءَ أَزْبِيه زَبْياً: حَمَلْتُه. وازْدَباهُ: كزَباه.

وتَزابى عنه: تَكَبَّر؛ هذه عن ابن الأَعرابي؛ قال: وأَنشــدني المفضل:

يا إِبِلي ما ذامُه فَتِيبَيْهْْ

(* قوله «يا إبلي إلخ» هكذا ضبطت القوافي في التهذيب والتكملة والصحاح،

ووقع لنا ضبطه في عدة مواضع من اللسان تبعاً للأصل بخلاف ما هنا).

ماءٌ رواءٌ ونَصِيٌّ حَوْلَِيْهْ،

هَذا بأَفْواهِك حتَّى تَأْبَيْهْ،

حتى تُرُوحِي أُصُلاً تَزابَيْهْ

تَزابيَ العانةِ فَوْقَ الزَّازَيْهْ

قال: تَزابَيْه تَرَفَّعي عنه تكبراً أَي تكَبَّرِين عنه فلا تُريدينَه

ولا تَعْرِضِينَ له لأَنكِ قد سَمِنْتِ، وقوله: فوق الزَّازَيْهْ المكانُ

المرتفع، أَراد على الزَّيْزاءَةِ فغيَّره. والتَّزابي أَيضاً: مِشْيَةٌ

فيها تَمَدُّد وبُطْءٌ؛ قل رؤْبة:

إِذَا تَزَابى مِشيةً أَزائِبَا

أَراد بالأَزائِبِ

الأَزَابيَّ، وهو النَّشاطُ. ويقال: أَزَبَتْه أَزْبَةٌ وأَزَمَتْه

أَزْمة أَي سَنَة. ويقال: لَقِيتُ منه الأَزابيَّ؛ واحدُها أُزْبيٌّ، وهو

الشرُّ والأَمرُ العظيم.

أشب

[أشب] أَشَبَهُ يأْشِبُهُ أَشْباً: لامَهُ وعابَهُ. وقال أوس : ويَأْشِبُني فيها الذين يَلونها * ولو عَلِموا لم يَأْشِبوني بباطِلِ ويقال أيضاً: أَشَبْتُ القومَ، إذا خَلَطْتَ بَعْضَهُمْ ببعض. والأُشابَةُ من الناس: الأَخْلاطُ، والجمع الأَشائبُ. قال النابغة: وثِقْتُ له بالنَصْرِ إذْ قِيلَ قد غَزَتْ * قبَائِلُ من غَسَّانَ غَيرُ أَشائِبِ وتأَشَّبَ القَوْمُ: اختلطوا، وائْتَشَبوا أيضاً. يقال: جاء فلان فيمن تأَشَّبَ إليه، أي انضمَّ إليه والتَفَّ إليه. والتَأْشِيبُ: التَحْريشُ بين القومِ. وأَشِبَتِ الغَيْضَةُ، بالكسر، أي الْتَفَّتْ. وعِيصٌ أَشِبٌ، أي: مُلْتَفٌ، وعَدَدٌ أَشِبٌ. وفلان مُؤْتَشَبٌ، أي: مخلوطٌ غيرُ صريح في نَسَبِهِ. وقولهم: ضَرَبَتْ فيه فلانة بِعِرقٍ أَشِبٍ، أي: ذى التباس.
أشب
أُشابَة [مفرد]: ج أُشابات وأَشائِبُ:
1 - أخلاط من النَّاس يجتمعون من كلِّ أَوْب وصَوْب، أو الرِّعاع والسُّوقَة.
2 - (كم) مادّة مكوَّنة من اتِّحاد معــدنيــن أو أكثر أو من اتّحاد معدن بغير معدن. 
(أشب) الْغُلَام شب وَفُلَان صَار بنوه فتيانا وَالْحَيَوَان بلغ كَمَال نموه وَالله الصَّبِي جعله شَابًّا وَالْفرس وَنَحْوه أثاره
أشب بذعر وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام فِي يَوْم الْقِيَامَة: النَّاس أشابات أَو حشافات فابذعرّ من ذَلِك ثمَّ أسلّ لَهُم الْجنَّة فاشفع. أما قَوْله: أشابات فهم الأخلاط من النَّاس. والابذعرار: التَّفَرُّق. 
(أشب)
الْأَشْيَاء أشبا جمعهَا وخلطها وَفُلَانًا بِكَذَا أشبا عابه بِهِ

(أشب) الشّجر أشبا اشْتَدَّ التفافه وَكثر حَتَّى لَا مجَاز فِيهِ فَهُوَ أشب وَيُقَال مَكَان أشب وبلدة أشبة وَالْأَمر بَينهم اخْتَلَط وَفَسَد وَيُقَال أشب مَا بيني وَبَينه انْقَطَعت الْمَوَدَّة
[أشب] نه: "فتأشبت" أصحابه حوله أي اجتمعوا إليه وأطافوا حوله، والأشابة أخلاط الناس تجتمع من كل أوب. ومنه حديث حنين: حتى "تأشبوا" حوله، وروى تأشبوا أي تدانوا وتضاموا. وح: بيني وبينك "أشب" فرخص لي، الأشب كثرة الشجر. ومنه: بلدة اشيبة إذا كانت ذات شجر. ومنه في شأن امرأته: وقذفتني بين عيص "مؤتشب" أي ملتف، والعيص: أصل الشجر. 
أشب: الأَشَبُ: شِدَّةُ الْتِفَافِ الشَّجَرِ، غَيْضَةٌ أشِبَةٌ. وفي المَثَلِ: " مِنْكَ عِيْصُكَ وأن كانَ أشِباً ". والتَّأَشُّبُ: الجَمْعُ من هاهُنا وهاهُنا. وأشَائبُ: جَمْعُ أُشَابَةٍ؛ لَيْسُوا من مَكَانٍ واحِدٍ. وكذلك في الكَسْبِ مِمّا يَخْلِطُه الحَرَامُ. والمَأْشُوْبُ: المَخْلُوطُ. وأشَّبْتُ الشَّرَّ بَيْنَهم تَأْشِيْباً. وأشَبَه بشَرٍّ: رَمَاه به.،وأشَبَهُ بكذا يَأْشِبُه: أي غاظَه. وكذلك إذا لامَهُ. ورَجُلٌ أشْبَانيٌّ: وهو الشَّدِيْدُ الحُمْرَةِ. والمُؤْتَشِبُ: الأمْرُ الذي لا يُتَنَوَّقُ فيه.
أ ش ب

غيضة أشبة. والأشب شدة النفاف الشجر حتى لا مجاز فيه، ومنه الحديث: " بيني وبينك أشب ".

ومن المجاز: عدد أشب: مختلط. وفي مثل: " عيصك منك وإن كان أشباً ". وتأشبوا واتشبوا: تجمعوا من هنا وهنا. وجمع مؤتشب ومؤتشب: غير صريح. قال:

رجراجة لم تك مما يؤتشب

وعنده أشابة من الناس وأشابة من المال: تخاليط من حرام وحلال، وهم أشابات وأشائب. قال النابغة:

وثقت لهم بالنصر إذ قيل قد غزت ... قبائل من غسان غير أشائب

وأشب الشر بينهم: اشتبك، وأشّبته بينهم.
أش ب

أَشِبَ الشيءَ يأشِبُهُ أشْباً والأُشَابَةُ الاخْتِلاطُ والأُشَابة في الكَسْبِ ما خالَطَهُ الحرامُ والسُّحْتُ ورجُلٌ مأشُوب الحَسَبِ غيرُ مَحْضٍ والتَّأشُّبُ التَّجمُّع من هنا وهناك وأشِبَ الشَّجَرُ أَشَبًا فهو أشِبٌ وتَأشَّبَ الْتَفَّ وقال أبو حَنِيفَةَ الأَشَبُ شدة الْتِفَافِ الشَّجر حتى لا مَجازَ فيه وغيضَةٌ أشِبَةٌ وقولُهم عِيصُكَ مِنْكَ وإن كان أشِبًا أي وإن كانَ ذا شَوْكٍ مُشْتَبِكٍ غيرِ سَهْلٍ وضَرَبتْ فيه فلانة بِعِرْقٍ ذي أَشَبٍ أي ذِي الْتباس وأشِبَ الكلامُ بينهم أَشَبًا الْتَفَّكما تقدَّم في الشَّجِرِ وأَشَبَهُ هُوَ وأَشَبَهُ يأْشِبُهُ اشْبًا لامَهُ وقيل قَذَفَه وخَلَطَ عليه الكَذِبَ قال أبو ذُؤَيبٍ

(ويأْشِبُنِي فيها الذين يَلُونَها ... ولو عَلِمُوا لم يأشِبُوُنِي بِطائلِ)

وَأَشَّبَهُ بشَرَّ إذا رَمَاهُ بعَلامَةٍ من الشَّرِّ يُعْرَفُ بِها هذه عن اللِّحيانِيِّ وقيل رَمَاهُ به وَخَلَطَهُ وقولُهم بالفارسيَةِ زُورْ وآشُوب تَرْجَمه سِيبَوَيْه فقال زُورٌ وأُشُوبٌ وأُشْبَةُ من أسْماءِ الذِّئابِ

أشب: أَشَبَ الشيءَ يَأْشِبُه أَشْباً: خَلَطَه.

والأُشابةُ من الناس: الأَخْلاطُ، والجمع الأَشائِبُ. قال النابغة

الذُّبْياني:

وَثِقْتُ له بالنَّصْرِ، إِذْ قِيلَ قد غَزَتْ * قَبائِلُ مِن غَسَّانَ، غَيْرُ أَشائِبِ

يقول: وَثِقْتُ للممدوحِ بالنصرِ، لأَن كَتائِبَه وجُنُودَه مِن غَسَّانَ، وهم قَوْمُه وبنو عمه. وقد فَسَّر القَبائلَ في بيت بعده، وهو:

بَنُو عَمِّهِ دُنْيــا، وعَمْرُو بن عامِرٍ، * أُولئِكَ قَوْمٌ، بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ

ويقال: بها أَوْباشٌ مِن الناسِ وأَوْشابٌ من الناس، وهُمُ الضُّرُوبُ

الـمُتَفَرِّقون.

وتَأَشَّبَ القومُ: اخْتَلَطُوا، وأْتَشَبُوا أَيضاً. يقال: جاءَ فلان فيمن تَأَشَّبَ إِليه أَي انْضَمَّ إِليه والتَفَّ عليه.

والأُشابَةُ في الكَسْبِ: ما خالَطَه الحَرامُ الذي لا خَيْرَ فيه،

والسُّحْتُ.

ورَجلٌ مَأْشُوبُ الحَسَبِ: غَيْرُ مَحْضٍ، وهو مُؤْتَشِبٌ أَي مَخْلُوطٌ غَيْرُ صَرِيحٍ في نَسَبِه.

والتَّأَشُّبُ: التَّجَمُّع مِن هُنا وهُنا. يقال: هؤُلاءِ أُشابَة ليسوا مِن مَكانٍ واحِد، والجمع الأَشائِبُ.

وأَشِبَ الشَّجَرُ أَشَباً، فهو أَشِبٌ، وتَأَشَّبَ: التَفَّ. وقال أَبو حنيفة: الأَشَبُ شِدَّةُ التِفافِ الشجَرِ وكَثْرَتُه حتى لا مَجازَ فيه. يُقال: فيه موضع أَشِبٌ أَي كثير الشجَر، وغَيْضةٌ أَشِبةٌ، وغَيْضٌ أَشِبٌ أَي مُلْتَفٌّ. وأَشِبَتِ الغَيْضةُ، بالكسر، أَي التَّفَتْ.

وعَدَدٌ أَشِبٌ. وقولهم: عيصُكَ مِنْكَ، وإِنْ كانَ أَشِباً أَي وإِن كان ذا شَوْكٍ مُشْتَبِكٍ غَيْرِ سَهْلٍ. وقولهم: ضَرَبَتْ فيهِ فُلانةُ بِعِرْقٍ

ذِي أَشَبٍ أَي ذي الْتِباسٍ.

وفي الحديث: إِنّي رَجُلٌ ضَرِيرٌ بَيْنِي وبَيْنَكَ أَشَبٌ فَرَخِّصْ لي في كذا. الأَشَبُ: كثرة الشجَر، يقال بَلْدةٌ أَشِبةٌ إِذا كانت ذاتَ

شجر، وأَراد ههنا النَّخِيل. وفي حديث الأَعْشَى الحِرْمازِيِّ يُخاطِبُ سيدنا رَسولَ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في شَأْنِ امْرَأَتِه:

وقَذَفَتْني بَيْنَ عِيصٍ مُؤْتَشِبْ، * وهُنَّ شَرٌّ غالِبٌ لِمَنْ غَلَبْ

الـمُؤْتَشِبُ: الـمُلتَفُّ. والعِيصُ: أَصل الشجر.

الليث: أَشَّبْتُ الشرَّ بينهم تَأْشِيباً، وأَشِبَ الكلامُ بينهم أَشَباً: التَفَّ، كما تقدَّم في الشجر، وأَشَبَه هو؛ والتَّأْشِيبُ: التَّحْرِيشُ بين القوم. وأَشَبَه يَأْشِبُه ويَأْشُبُه أَشْباً: لامَه وعابَه.

وقيل: قَذَفَه وخَلَط عليه الكَذِبَ. وأَشَبْتُه آشِبُه: لُمْتُه. قال أَبو ذؤَيب:

ويَأْشِبُني فيها الّذِينَ يَلُونها، * ولَوْ عَلِمُوا لَمْ يَأْشِبُوني بطائِلِ

وهذا البيت في الصحاح: لم يَأْشِبُوني بِباطِلِ، والصحيح لم يَأْشِبُوني بَطائِلِ. يقول: لو عَلِمَ هؤِلاء الذين يَلُونَ أَمْرَ هذه المرأَة

أَنها لا تُولِيني إِلا شيئاً يسيراً، وهو النَّظْرة والكَلِمة، لم يَأْشِبُوني بطائِل: أَي لم يَلُومُوني؛ والطَّائلُ: الفَضْلُ. وقيل: أَشَبْتُه: عِبْتُه ووَقَعْتُ فيه. وأَشَبْتُ

القوم إِذا خَلَطْت بعضَهم بِبَعْض.

وفي الحديث أَنه قرأَ: يا أَيـُّها الناسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنّ زَلْزلَة الساعة شيءٌ عظيم. فَتَأَشَّبَ أَصحابُه إِليه أَي اجتمعوا إِليه وأَطافُوا به.

والأُشابةُ: أَخْلاطُ الناسِ تَجْتَمِعُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ. ومنه حديث العباس، رضي اللّه عنه، يومَ حُنَيْنٍ: حتَّى تَأَشَّبُوا حَوْلَ رَسولِ

اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، ويروى تنَاشَبُوا أَي تَدانَوْا وتَضامُّوا.وأَشَّبَه بشَرٍّ إِذا رمَاه بعَلامةٍ مِنَ الشَّرِّ يُعْرَفُ بها، هذه

عن اللحياني. وقيل: رَماه به وخَلَطَه. وقولهم بالفارسية: رُورُ وأُشُوبْ، ترجمة سيبويه فقال: زُورٌ وأُشُوبٌ.

وأُشْبَةُ: من أَسماءِ الذِّئاب.

أنث

(أنث) فِي الْأَمر لَان وَلم يتشدد والكلمة ألحق بهَا عَلامَة التَّأْنِيث
(أنث)
أنوثة وأناثة لَان فَهُوَ أنيث
(أنث ذكر) : إِناثٌ النُجوم:
صِغارُها، وذُكُورُها: كِبارُها.
(أ ن ث) : (الْأُنْثَيَانِ) الْأُذُنَانِ وَالْخُصْيَتَانِ أَيْضًا (وَمِنْهُ) قَوْلُ شَيْخِنَا نَزَعَ أُنْثَيَيْهِ ثُمَّ ضَرَبَ تَحْتَ أُنْثَيَيْهِ يَعْنِي نَزَعَ خُصْيَتَيْهِ ثُمَّ قَتَلَهُ.
أ ن ث: جَمْعُ (الْأُنْثَى إِنَاثٌ) وَقَدْ قِيلَ (أُنُثٌ) بِضَمَّتَيْنِ كَأَنَّهُ جَمْعُ إِنَاثٍ. وَ (الْأُنْثَيَانِ) الْخُصْيَتَانِ وَالْأُذُنَانِ أَيْضًا. 
أ ن ث

امرأة مئناث، وقد آنثت. وهذه امرأة أنثى للكاملة من النساء، كما يقال: رجل ذكر للكامل.

ومن المجاز: رجل محنث مؤنث. وسيف أنيث ومئناث ومئناثة. ونزع أنثييه ثم ضربه تحت أنثييه وهما أذناه، والأنوثة فيهما من جهة تأنيث الاسم. ويقال: أنثت في أمرك تأنيثاً: لنت ولم تشدد. وأرض أنيثة: بينة الأناثة، دميثة: بينة الدماثة.
[أنث] الأنثى: خلاف الذكر، ويجمع على إناث. وقد قيل أُنُثٌ كأنَّه جمع إناثِ. وآنَثَتِ المرأةُ، إذا وَلدت أنثى، فهي مُؤْنِثٌ. وإذا كان ذلك عادتَها فهي مئناث أيضا، لانهما يستويان في مفعال. وتأنيث الاسم، خلاف تذكيره. وقد أنثته فتأنث. والانيث: ما كان من الحديد غير ذَكَرٍ. والأُنْثَيانِ: الخُِصْيانِ. والأُنْثَيانِ أيضاً: الاذنان. قال الشاعر : وكنا إذا القيسي نب عتوده * ضربناه دون الانثيين على الكرد قال الكلابي: يقال أرض أنيثة: تنبت البقل سهلة.
أنث: الأُنْثَى: خِلاَفُ الذَّكَرِ من كُلِّ شَيْءٍ. والمُؤَنَّثُ: ذَكَرٌ في خَلْقِ أُنْثى. والإِنَاثُ: جَمَاعَةُ أُنْثى، ويَجِيْءُ في الشِّعْر: أنَاثى.
والأُنْثَيَانِ: الخُصْيَتَانِ. ومن أحْيَاءِ العَرَبِ: بَجِيْلَةُ وقُضَاعَةُ. والعُنُقُ أيضاً؛ من قَوْلهم:
ضَرَبْنَاهُ تَحْتَ الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ
والأَنِيْثُ: السَّيْفُ الذي عُمِلَ من حَدِيْدٍ غَيْرِ ذَكَرٍ. وسَيْفُ مِئْنَاثَةٌ بالهاءِ فيه: أي حَدِيْدَتُه أُنْثى.
وأرْضٌ أنِيْثَةٌ: حَسَنَةُ النَّبَاتِ، بَيِّنَةُ الإِنَاثَةِ. ومَكَانٌ أَنِيْثٌ: أسْرَعَ نَبَاتُه.
وأنِّثْ في أمْرِكَ تأْنِيْثاً: أي لَيِّنْ فيه ولا تَشَدَّدْ.
وقيل في قَوْلِه عَزَّ وجَلَّ: " إنْ يَدْعُوْنَ من دُوْنِه إلاَّ إنَاثاً ": أي مَوَاتاً مِثْلَ الحَجَرِ والخَشَبِ وغَيْرِهما.
أنث: أَنَّث بالتضعيف والمصدر تأنيث: أُنُث، أشبه الأنثى (الثعالبي لطائف 30).
وبتأنيث: باسلوب المرأة (الأنثى) في اللين ورقة الكلام وتكسر الأعضاء (الكالا) أُنْثَى، أُنْثَى في ذكر: متداخلا شيئا في شيء (ابن جبير 195)، وقد ظن رايت Wright إن الصواب ذكراً في أنثى كما في المقري (1: 124).
(وفي معجم بوشر visser ( لولب أدخل البرغي): أدخل الواحد في الآخر ملولباً: ركب ذكر في أنثى) وهذا خطأ، والصواب أن يقال: الواحد والآخر. ويؤيد هذا ما ورد في عبارة جاءت في ألف ليلة، برسل 10: 236 في الكلام عن مزهر أو عود مؤلف من اثنتين وثلاثين قطعة: فركبته الصبية ذكر في أنثى وأنثى في ذكر، وفي طبعة ماكن 4: 262: ثم ركبت الخشبة في بعضه على صورة ذكر في أنثى وأنثى في ذكر، وفي معجم الكالا: أنثى في ذكر، وجمعها إناث وذكور وهو المشبك والكلاب (انظر معجم فكتور وهو فيه مزلاج وبوابة مركبة).
انثاية: أنثى (بوشر).
أَنَاثَة: لا تقال في الكلام عن الحديد فقط (انظر لين) كما يؤيده ما جاء في المقري (2: 84).
أنث
الأنثى: خلاف الذكر، ويقالان في الأصل اعتبارا بالفرجين، قال عزّ وجلّ: وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى [النساء/ 124] ، ولمّا كان الأنثى في جميع الحيوان تضعف عن الذكر اعتبر فيها الضعف، فقيل لما يضعف عمله: أنثى، ومنه قيل: حديد أنيث ، قال الشاعر:
عندي جراز لا أفلّ ولا أنيث 
وقيل: أرض أنيث: سهل، اعتبارا بالسهولة التي في الأنثى، أو يقال ذلك اعتبارا بجودة إنباتها تشبيها بالأنثى، ولذا قال: أرض حرّة وولودة.
ولمّا شبّه في حكم اللفظ بعض الأشياء بالذّكر فذكّر أحكامه، وبعضها بالأنثى فأنّث أحكامها، نحو: اليد والأذن، والخصية، سميت الخصية لتأنيث لفظ الأنثيين، وكذلك الأذن. قال الشاعر:
ضربناه تحت الأنثيين على الكرد
وقال آخر:
وما ذكر وإن يسمن فأنثى
يعني: القراد، فإنّه يقال له إذا كبر: حلمة، فيؤنّث .
وقوله تعالى: إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا إِناثاً [النساء/ 117] فمن المفسرين من اعتبر حكم اللفظ فقال: لمّا كانت أسماء معبوداتهم مؤنثة نحو: اللَّاتَ وَالْعُزَّى وَمَناةَ الثَّالِثَةَ [النجم/ 19- 20] قال ذلك:
ومنهم- وهو أصحّ- من اعتبر حكم المعنى، وقال: المنفعل يقال له: أنيث، ومنه قيل للحديد الليّن: أنيث، فقال: ولمّا كانت الموجودات بإضافة بعضها إلى بعض ثلاثة أضرب:
- فاعلا غير منفعل، وذلك هو الباري عزّ وجلّ فقط.
- ومنفعلا غير فاعل، وذلك هو الجمادات.
- ومنفعلا من وجه كالملائكة والإنس والجن، وهم بالإضافة إلى الله تعالى منفعلة، وبالإضافة إلى مصنوعاتهم فاعلة، ولمّا كانت معبوداتهم من جملة الجمادات التي هي منفعلة غير فاعلة سمّاها الله تعالى أنثى وبكّتهم بها، ونبّههم على جهلهم في اعتقاداتهم فيها أنها آلهة، مع أنها لا تعقل ولا تسمع ولا تبصر، بل لا تفعل فعلا بوجه، وعلى هذا قول إبراهيم عليه الصلاة والسلام: يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً
[مريم/ 42] .

وأمّا قوله عزّ وجل: وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً [الزخرف/ 19] فلزعم الذين قالوا: إنّ الملائكة بنات الله.
[أن ث] الأُنْثَى خِلافُ الذَّكَرِ والجمعُ إِناثٌ وأُنُثٌ جَمْع إِناثٍ كحِمارٍ وحُمُرٍ وقُرِئَ {إِنْ يَدْعُونَ مِنْ دونه إِلاَّ أُنُثًا} النساء 177 ومن قرأ {إلا إناثا} قِيل أَرادَ إِلاّ مَوَاتًا والمَواتُ كُلُّها يُخْبَرُ عنها كما يُخْبَرُ عن المُؤَنَّثِ والتَّأْنِيثُ خِلافُ التَّذْكِير وهي الأَنَاثَةُ والأُنْثَيانِ الخُصْيَتانِ وهما أَيْضًا الأُذُنانِ يمانية وقولُ الفَرَزْدَقِ

(وكُنّا إِذا الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... ضَرَبْناهُ تَحْتَ الأًنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ)

يَعْنِي الأُذُنَيْنِ لأَنَّ الأُذُنَ أُنْثَى وقَوْلُ العَجّاجِ

(وكُلُّ أُنْثَى حَمَلَتْ أَحْجارًا ... )

يَعْنِي المَنْجَنِيق لأَنّها أُنْثَى وقولُه في صِفَةِ فَرَسٍ

(تَمَطَّقَتْ أُنَيْثياهَا بالعَرقْ ... )

(تَمَطُّقَ الشَّيْخِ العَجوزِ بالمَرَقْ ... )

عَنَتْ بأُنْثَيَيْها رَبَلَتي فَخِذَيْها والأُنْثَيانِ من أَحْياءِ العَرَبِ بَجِيلَةُ وقُضاعَةُ عن أَبِي العَمَيْثَلِ الأعَرابِيِّ وأَنْشَدَ للكُمَيْتِ

(فيا عَجَبا للأُنْثَيَيْنِ تَهادَتا ... أَذاتِيَ إِبْراقَ البَغايَا إِلى الشَّرْبِ)

وآنَثَت المَرْأَةُ وهي مُؤْنِثٌ وَلَدَت الإناثَ فإِن كانَ ذلِكَ لها عادَةً فهي مِئْناثٌ وأَرْضٌ مِئْناثٌ وأَنِيثَةٌ سَهْلَةٌ مُنْبِتَةٌ وبَلَدٌ أَنِيثٌ سَهْلٌ حكاهُ ابنُ الأَعْرابِيِّ ومِن كلامِهم بَلَدٌ أَنِيثٌ دَمِيثٌ طَيِّبُ الرِّيْعَةِ مَرْثُ العُودِ وزَعَمَ ابنُ الأَعْرابِيِّ أَنَّ المَرْأَةَ إِنَّما سُمِّيَت أُنْثَى من البَلَدِ الأَنِيث قالَ لأنَّ المَرْأَةَ أَلْيَنُ من الرَّجُلِ وسُمِّيتْ أُنثَى لِلِينها فأَصْلُ هذا البابِ على قَوْلِه إِنَّما هُو الأَنِيثُ الَّذِي هو اللَّيِّنُ وحَدِيدٌ أَنِيثٌ غَيْرُ ذَكَرٍ والأَنِيثُ من السُّيُوفِ الَّذِي من حَدِيدٍ غيرِ ذَكَرٍ وقِيلَ هو نَحْوٌ من الكَهامِ قال صَخْرُ الغَيِّ

(فيُعْلِمُه بأَنَّ العَقْلَ عِندِي ... حُسامٌ لا أَقَلُّ ولا أَنِيثُ)

والمُؤَنَّثُ كالأَنِيثِ أَنْشَدَ ثَعْلَبٌ

(وما يَسْتَوِي سَيْفَانِ سَيْفٌ مُؤَنَّث ... وسَيْفٌ إِذا ما عَضَّ بالعَظْمِ صَمَّمَا)

وسَيْفٌ مِئْناثٌ ومِئْناثَةٌ عن اللِّحْيانِيِّ تَأْنِيثُه على إِرادَةِ الشَّفْرَةِ أَو الحَدِيدَة أَو السِّلاح
أنث
أنَّثَ/ أنَّثَ في يؤنِّث، تأنيثًا، فهو مؤنِّث، والمفعول مؤنَّث
• أنَّث الشَّيءَ: جعله مؤنَّثًا، عدَّه أُنثى "وما التأنيث لاسم الشمس عيب ... وما التذكير فخرٌ للهلالِ".
• أنَّث الكلمةَ: (نح) أضاف إليها علامة التأنيث.
• أنَّث في الأمر: لان ولم يتشدّد. 

تأنَّثَ/ تأنَّثَ في يتأنَّث، تأنُّثًا، فهو متأنِّث، والمفعول متأنَّثٌ فيه
• تأنَّث الشَّخصُ: مُطاوع أنَّثَ/ أنَّثَ في: تشبَّه بالأنثى في كلامه وحركاته ومظهره "تأنَّث شابٌّ".
• تأنَّث له في الأمر: لان ولم يتشدّد معه. 

أُنْثَويّ [مفرد]: اسم منسوب إلى أنثى: خاصّ بالمرأة "لطافة أنثويّة- مظهر/ سلوك/ تصرّف أنثويّ". 

أنثى [مفرد]: ج إناث وأناثَى وأناثِيّ، جج أُنُث، مث أنثيان: جنس يلد من الناس والحيوان خِلاف الذَّكر من كلِّ شيء " {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} " ° امرأةٌ أنثى: كاملة الأنوثة. 

أُنوثة [مفرد]: مجموعة الصفات التي تميِّز الأنثى "هذه المرأة تنقصها الأنوثة".
• اللاَّأنوثة: فقدان المرأة للصفات التي تميِّزها كأنثى.
• سِنّ اللاَّأنوثة: سن اليأس. 

تأنيث [مفرد]: مصدر أنَّثَ/ أنَّثَ في.
• علامات التَّأنيث: (نح) علامات تحوِّل المذكّر إلى مؤنّث، أو تدلّ على أن الكلمة مؤنّثة وهي التاء المربوطة في: طالبة، والألف المقصورة في: كُبرَى والألف الممدودة في: خضراء. 

مِئناث [مفرد]: ج مآنيث: امرأةٌ لا تلدُ إلاّ إناثًا. 

مِئْناثَة [مفرد]: مِئْناث. 

مُؤنَّث [مفرد]:
1 - اسم مفعول من أنَّثَ/ أنَّثَ في.
2 - عكس المذكَّر.
3 - من يُشبه الأنثى من الرِّجال في كلامه ومظهره وحركاته.
• جمع المؤنَّث السَّالم: (نح) ما دلَّ على أكثر من اثنتين، وأغنى عن المتعاطفين، وخُتم بالألف والتَّاء الزائدتين. 

أنث: الأُنْثى: خلافُ الذكر من كل شيء، والجمع إِناثٌ؛ وأُنُثٌ: جمع

إِناث، كحمار وحُمُر. وفي التنزيل العزيز: إِن يَدْعُون من دونه إِلا

إِناثاً؛ وقرئ: إِلا أُنُثاً، جمع إِناث، مثل تِمارٍ وتُمُر؛ ومَن قرأَ إِلا

إِناثاً، قيل: أَراد إِلا مَواتاً مثل الحَجَر والخَشَب والشجر والمَوات،

كلُّها يخبر عنها كما يُخْبر عن المُؤَنث؛ ويقال للمَوات الذي هو خلاف

الحَيوان: الإِناثُ. الفراء: تقول العرب: اللاَّتُ والعُزَّى وأَشباهُها من

الآلهة المؤَنثة؛ وقرأَ ابن عباس: إِن يَدْعون من دونه إِلا أُثُناً؛

قال الفراءُ: هو جمع الوَثَنْ فضم الواو وهمزها. كما قالوا: وإِذا الرسل

أُقِّتَتْ. والمُؤَنَّث: ذَكَرٌ في خَلْق أُنْثى؛ والإِناثُ: جماعة

الأُنْثى ويجيءُ في الشعر أَناثى. وإِذا قلت للشيءِ تُؤَنِّثه، فالنَّعْتُ

بالهاء، مثل المرأَة، فإِذا قلت يُؤَنث، فالنعت مثل الرجل بغير هاءٍ، كقولك

مؤَنثة ومؤَنث.

ويقال للرجل: أَنَّثْتُ تَأْنيثاً أَي لِنْتَ له، ولم تَتَشَدَّد.

وبعضهم يقول: تَأَنَّثَ في أَمره وتَخَنَّثَ. والأَنِيثُ من الرجال:

المُخَنَّثُ، شِبْه المرأَة؛ وقال الكميت في الرجل الأَنيثِ:

وشَذَّبْتَ عنهم شَوْكَ كلِّ قَتادةٍ

بفارسَ، يَخْشاها الأَنِيثُ المُغَمَّزُ

والتأْنِيثُ: خلافُ التذكير، وهي الأَناثةُ.

ويقال: هذه امرأَة أُنثى إِذا مُدِحَتْ بأَنها كاملة من النساء، كما

يقال: رجل ذَكَر إِذا وُصِفَ بالكمال. ابن السكيت: يقال هذا طائرٌ وأُنْثاه،

ولا يقال: وأُنْثاتُه.

وتأْنيثُ الاسم: خلافُ تذكيره؛ وقد أَنَّثْته، فتَأَنَّثَ.

والأُنثَيان: الخُصْيتانِ، وهما أَيضاً الأُذُنانِ، يمانية؛ وأَنشد

الأَزهري لذي الرمة:

وكُنَّا، إِذا القَيْسيُّ نَبَّ عَتُودُه،

ضَرَبْناه فوقَ الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ

قال ابن سيده، وقول الفرزدق:

وكنّا، إِذا الجَبَّارُ صَعَّر خَدَّه،

ضَرَبْناه تحتَ الأُنْثَيينِ على الكَرْد

قال: يعني الأُذُنَيْن، لأَنَّ الأُذُنَ أُنثى. وأَورد الجوهري هذا

البيت على ما أَورده الأَزهري لذي الرمة، ولم يَنْسُبْه لأَحد؛ قال ابن بري:

البيت للفرزدق، قال والمشهور في الرواية:

وكنا إِذا الجَبَّار صَعَّرَ خَدَّه

كما أَورده ابن سيده. والكَرْدُ: أَصل العُنق؛ وقول العجاج:

وكلُّ أُنْثى حَمَلَتْ أَحجارا

يعني المِنْجَنيقَ لأَنها مؤَنثة؛ وقولها

(* هكذا وردت مؤنثةً.) في صفة

فرس:

تَمَطَّقَتْ أُنْثَياها بالعَرَقْ،

تَمَطُّقَ الشَّيْخِ العَجُوزِ بالمَرَقْ

عَنَتْ بأُنْثَييها: رَبَلَتَيْ فَخِذَيْها. والأُنْثَيان: من أَحياءِ

العرب بَجيلة وقُضاعة، عن أَبي العَمَيْثَل الأَعرابي؛ وأَنشد للكميت:

فيا عَجَبا للأُنْثَيَيْن تَهادَنا

أَذانيَ، إِبْراقَ البَغايا إِلى الشَّرْبِ

وآنَثَتِ المرأَةُ، وهي مُؤْنِثٌ: وَلَدَتِ الإِناثَ، فإِن كان ذلك لها

عادةً، فهي مِئْناثٌ، والرجلُ مِئْناثٌ أَيضا، لأَنهما يستويان في

مِفْعال. وفي حديث المُغيرةِ: فُضُلٌ مِئْناثٌ. المئْناثُ: التي تَلِدُ

الإِناثَ كثيراً، كالمِذْكارِ: التي تَلِدُ الذكور. وأَرض مِئْناثٌ وأَنيثةٌ:

سَهْلة مُنْبِتة، خَلِيقةٌ بالنَّبات، ليست بغليظة؛ وفي الصحاح: تُنْبتُ

البَقْلَ سَهْلةٌ.

وبلدٌ أَنِيثٌ: لَيِّنٌ سَهْل؛ حكاه ابن الأَعرابي. ومكانٌ أَنِيثٌ إِذا

أَسْرَع نباتُه وكَثُر؛ قال امرؤ القيس:

بمَيْثٍ أَنيثٍ في رياضٍ دَمِيثةٍ،

يُحيلُ سَوافِيها بماءِ فَضِيضِ

ومن كلامهم: بلد دَمِيثٌ أَنِيثٌ طَيِّبُ الرَّيْعةِ، مَرْتُ العُودِ.

وزعم ابن الأَعرابي أَني المرأَة إِنما سميت أُنثى، من البلد الأنيث، قال:

لأَن المرأَة أَلْيَنُ من الرجل، وسميت أُنثى للينها. قال ابن سيده:

فأَصْلُ هذا الباب، على قوله، إِنما هو الأَنيثُ الذي هو اللَّيِّنُ؛ قال

الأَزهري: وأَنشــدني أَبو الهيثم:

كأَنَّ حِصانا وفِضُّها التينُ، حُرَّةً،

على حيثُ تَدْمى بالفِناءِ حَصيرُها

قال، يقوله الشماخ: والحَصانُ ههنا الدُّرَّة من البحر في صَدَفَتِها

تُدْعَى التِّينَ. والحَصِيرُ: موضعُ الحَصِير الذي يُجْلَس عليه، شَبَّه

الجاريةَ بالدُّرَّة. والأَنِيثُ: ما كان من الحَديد غيرَ ذَكَر. وحديدٌ

أَنيثٌ: غير ذَكِير. والأَنيثُ من السُّيوف: الذي من حديدٍ غير ذَكَر؛

وقيل: هو نحوٌ من الكَهام؛ قال صَخْرُ الغَيِّ:

فيُعْلِمهُ بأَنَّ العَقْل عِنْدي

جُرازٌ، لا أَفَلُّ، ولا أَنِيثُ

أَي لا أُعْطِيهِ إِلا السَّيْفَ القاطعَ، ولا أُعْطيه الدِّيةَ.

والمُؤَنَّثُ: كالأَنِيث؛ أَنشد ثعلب:

وما يَسْتَوي سَيْفانِ: سَيْفٌ مُؤَنَّثٌ،

وسَيْفٌ، إِذا ما عَضَّ بالعَظْمِ صَمَّما

وسيفٌ أَنِيثٌ: وهو الذي ليس بقاطع. وسيف مِئْناثٌ ومِئناثة، بالهاءِ،

عن اللحياني إِذا كانت حَديدتُه لَيِّنة، بالهاء، تأْنِيثُه على إِرادة

الشَّفْرة، أَو الحديدة، أَو السلاح. الأَصمعي: الذَّكَرُ من السُّيوف

شَفْرَتُه حديد ذَكَرٌ، ومَتْناه أَنيثٌ، يقول الناسُ إِنها من عَمَل الجن.

وروى إِبراهيم النحعي أَنه قال: كانوا يَكْرَهُون المُؤَنَّثَ من الطِّيب،

ولا يَرَوْنَ بذُكُورته بأْساً؛ قال شمر: أَراد بالمُؤَنَّثِ طِيبَ

النساءِ، مثل الخَلُوق والزَّعْفران، وما يُلَوِّنُ الثيابَ، وأَما ذُكورةُ

الطِّيبِ، فما لا لَوْنَ له، مثلُ الغالية والكافور والمِسْكِ والعُود

والعَنْبَر، ونحوها من الأَدهان التي لا تُؤَثِّرُ.

القصة في القرآن

القصة في القرآن
من الفنون الأدبية الرفيعة التى وردت في القرآن القصة، جاءت فيه لتساهم فيما يرمى إليه القرآن بعامة من الوعظ والنصح والإرشاد، وليكون فيها معين لا ينضب من الأسى للرسول الكريم، فيصبر كما صبر أولو العزم من الرسل، وقد أوضح القرآن هذين الهدفين من إيراد القصة فيه حين قال: ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (الأعراف 176). لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ (يوسف 111). وقال: وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ (هود 120). وعلى ضوء هذين الهدفين نزن ما ورد في القرآن من القصص فليس هو بكتاب أنشئ للقصة قصدا، ولكنه ينظر إلى القصة من هذه الزاوية التى تحقق أهدافه العامة، فلا يصح حينئذ أن يؤخذ عليه أنه لا يتناول القصة من جميع أطرافها، ولا أنه لا يتسلسل في إيراد حوادثها مرتبة منظمة، وأنه يصعب فهم القصة من القرآن، على من لم يطلع عليها في مصدر آخر، ذلك أن القرآن يأخذ من القصة ما يحقق أهدافه من التهذيب والوعظ، فحينا يقص القصة كلها، محبوكة الأطراف، موصولة الأجزاء، مرتبطا بعضها ببعض، فى تسلسل واتساق يسلمك السابق منها إلى لاحقه، حتى تصل إلى خاتمتها، وندر ذلك في القرآن، كما نراه فى سورة يوسف، وفي معظم الأحيان يأخذ من القصة بعضها، لأن في هذا البعض ما يحقق الهدف، وقد يلمح القرآن ويشير إلى القصة تلميحا يستغنى به عن الإطالة، اعتمادا على أن القصة معروفة
مشهورة. أرأيت الخطيب حين يستشهد بقصة من القصص، أتراه يعمد إلى القصة كلها فيسردها؟ أم إنه يعمد أحيانا إلى جزء من القصة يورده في خطبته، وأحيانا يكتفى بالإيماء إلى القصة والإشارة إليها، من غير أن يكون في مثل هذا العرض نقص في الخطبة، أو اعتراض على الخطيب. وقد يتكرر جزء القصة في القرآن إذا استدعى المقام تكرير هذا الجزء.
ولنأخذ قصة إبراهيم نتبين النهج القرآنى في عرضها، والسر في اتباع هذا النهج.
وقد تحدث القرآن كثيرا عن إبراهيم، فعند ما عرض له أول مرة في سورة البقرة كان في معرض الرد على اليهود والنصارى، وهنا ذكر من قصة إبراهيم ما يؤيد دعوة محمد، وبيان أن محمدا قد تبع ملة إبراهيم، وأن إبراهيم وصى بنيه من بعده وصايا هى تلك التى جاء محمد بإذاعتها، وهاك بعض ما جاء في هذا المقام تتبين به شدة المناسبة للموضع الذى جاء فيه، قال سبحانه: وَلَنْ تَرْضى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلَا النَّصارى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (البقرة 120). وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ (البقرة 124). وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْماعِيلُ رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ رَبَّنا وَاجْعَلْنا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنا مَناسِكَنا وَتُبْ عَلَيْنا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ رَبَّنا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الــدُّنْيــا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ (البقرة 127 - 131). وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (البقرة 135، 136).
وعرض القرآن مرة ثانية لإبراهيم في سورة البقرة، وهو في معرض الحديث عن انفراد الله بالألوهية، وأنه لا شريك له في السموات ولا في الأرض، فعرض من قصته في هذا المقام ما يناسبه إذ عرض هذا الحديث الذى دار بين إبراهيم، وبين الملك الذى آتاه الله الملك، فادعى الألوهية، فأفحمه إبراهيم إفحاما لم يستطع الملك أن يتخلص منه، وتتبين جمال الاستشهاد بهذا الجزء من قصة إبراهيم إذا أنت قرأت آية الوحدانية التى منها: اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ (البقرة 255). ثم قرأت قوله متعجبا: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة 258). وكان الحديث عن إبراهيم وسؤال ربه رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى (البقرة 260). مرتبطا تمام الارتباط بالحديث عن الله الذى يحيى ويميت.
وجاء بجانب من قصة إبراهيم في سورة الأنعام، وكان يتحدث عن قلة غناء عبادة غير الله، وضلال من يتخذ من دون الله إلها لا ينفع ولا يضر، وحيرته وفقدان صوابه، إذ يقول: قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ (الأنعام 71). فلا جرم ناسب المقام أن يورد هنا من قصة إبراهيم هذا الحديث الذى دار بينه وبين أبيه آزر، ينكر فيه إبراهيم على أبيه أن يتخذ من دون الله إلها، ثم يمضى القرآن مبينا كيف اهتدى إبراهيم إلى الله الحق، بعد أن رأى سواه، ليس خليقا بالألوهية، ولا يصلح للعبادة، فيقول: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْــدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام 74 - 79).
أرأيت شدة الصلة بين هذا الجزء من قصة إبراهيم، وبين المقام الذى ورد فيه.
وجاء الحديث عن استغفار إبراهيم لأبيه في سورة التوبة، بعد نهى الرسول الكريم عن استغفاره للمشركين، فكان الربط قويا متينا، ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ (التوبة 113، 114).
أما ما ورد من قصة إبراهيم في سورة هود، فهو الجزء الذى تحدث فيه عن نجاته وعذاب قومه، وذلك في معرض الحديث عن نجاة من نجا من الأنبياء، وهلاك من هلك من أقوامهم الذين لم يؤمنوا بهم، فأورد من ذلك ما حدث لنوح وقومه، وهود وقومه عاد، وصالح وقومه ثمود، يعرض من قصصهم لهذه الناحية التى عرض لها من قصة إبراهيم، التى ختمها هنا بقوله: يا إِبْراهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هذا إِنَّهُ قَدْ جاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَإِنَّهُمْ آتِيهِمْ عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ (هود 76).
وكان الحديث عن إبراهيم في سورة إبراهيم، واردا بعد الحديث عن نعم الله التى لا تحصى، وهنا ذكرهم بتلك النعمة الكبرى وهى نعمة أمنهم في حرمهم، تلك النعمة التى استجاب الله فيها دعوة إبراهيم، ويضم القرآن إلى هذه النعمة دعاء إبراهيم أن يجنبه ربه عبادة الأصنام، ولننصت إلى حديث أمن البيت الحرام، تلك النعمة التى لا تستطيع قريش إنكارها، إذ يقول: وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (إبراهيم 34 - 37). وكأنه وهو يذكّر بهذه النعمة، يبين لهم طريق شكرها بتوحيده وعبادته.
وورد جزء من قصة إبراهيم في سورة مريم، ولما كان المقام مقام تنزيه الله عن الشريك، ورد من القصة تلك المناقشة التى دارت بين إبراهيم وأبيه، يبين فيها إبراهيم خطل الرأى في الإشراك بالله، وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا إِذْ قالَ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ ما لا يَسْمَعُ وَلا يُبْصِرُ وَلا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئاً يا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ ما لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِراطاً سَوِيًّا يا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطانَ إِنَّ الشَّيْطانَ كانَ لِلرَّحْمنِ عَصِيًّا يا أَبَتِ إِنِّي أَخافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذابٌ مِنَ الرَّحْمنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطانِ وَلِيًّا قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا (مريم 41 - 46).
ولما كان الحديث في سورة الأنبياء عن وحدانية الله كذلك وأن ما سواه لا يليق به أن يكون إلها يعبد، ورد في هذه السورة من قصة إبراهيم ما يوضح هذه الحقيقة ويؤكدها في الذهن، فقص القرآن حادث تحطيمه للأصنام، حادثا عمليّا يبين قلة غنائها، وأنها لا تستطيع الدفاع عن نفسها فكيف تصلح أن تكون معبودة من دون الله، فَجَعَلَهُمْ جُذاذاً إِلَّا كَبِيراً لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ قالُوا مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هذا بِآلِهَتِنا يا إِبْراهِيمُ قالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هذا فَسْئَلُوهُمْ إِنْ كانُوا يَنْطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلى أَنْفُسِهِمْ فَقالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ (الأنبياء 58 - 64). وفي سورة الشعراء حديث عن الرسل، ودعوتهم إلى عبادة الله وحده، فبهذه الدعوى أرسل موسى إلى فرعون، وأرسل هود وأرسل صالح، فلما جاءت قصة إبراهيم تنوولت من تلك الناحية، فعرض إبراهيم ما دفعه إلى ترك عبادة ما كان قومه يعبدون، وإلى الاتجاه إلى الله وحده بالعبادة، قال سبحانه: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْراهِيمَ إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما تَعْبُدُونَ قالُوا نَعْبُدُ أَصْناماً فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ قالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قالُوا بَلْ وَجَدْنا آباءَنا كَذلِكَ يَفْعَلُونَ قالَ أَفَرَأَيْتُمْ ما كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآباؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (الشعراء 69 - 82). أى براعة في هذا العرض، وأية قوة خارقة، فالمقام في السور الثلاث تحدث عن وحدانية الله، وتعدد المعروض من قصة إبراهيم، لتأييد هذه الوحدانية، فعرض من هذه القصة مرة خوف إبراهيم من سوء مصير من يشرك بالله، وحذر والده من سوء هذا المصير، وفي موضع آخر عرض منها حادثا عمليّا يبين قلة غناء هؤلاء المعبودين من دون الله، وعرض فى موضع ثالث الأسباب التى دفعت إبراهيم إلى عبادة الله وحده. كما عرض في سورة العنكبوت ما تحدث به إلى قومه مما يدفعهم إلى تلك العبادة، إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (العنكبوت 17).
وتبدو البراعة القوية كذلك في عرض القرآن حادث تحطيم الأصنام عرضا آخر غير العرض الأول، يصور تصويرا ملموسا عجز هؤلاء الآلهة وقلة حيلتها، حين فَراغَ إِلى آلِهَتِهِمْ فَقالَ أَلا تَأْكُلُونَ ما لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ (الصافات 91 - 93). وهكذا تبين ما ذكرناه من استشهاد القرآن بما يعنيه من أجزاء القصة، وبلوغ القرآن أهدافه من ذكر هذه الأجزاء، وفي الاستطاعة تتبع ذلك فيما جاء من قصص في القرآن.

شَهْدانِج

شَهْدانِج: شنارق. حب السمنة، شَرانق. ويسمى أيضاً شهدانج البرّ (ابن البيطار 1: 280).
شهر شَهَر والمصدر شُهْر: مثل شَهَّر وأشهر بمعنى طاف بالمجرم بشكل مخز في الطرقات (معجم البيان، معجم البلاذري).
شهَّر. شهَّر نفسَه: جعل نفسه نابه الذكر (بدرون ص25) ويقال أيضاً: شهّر بنفسه (عباد 1: 249) وتعنى أيضاً: استحق التأنيب والتوبيخ، استوجب الملامة من الناس (معجم البلاذري).
شهَّر نفسَه للموت: عرضها للموت (أبو الوليد ص249) وفي مخطوطة اخرى: شاهر.
شاهر: انظر ما تقدم.
أشهر: جعله معروفاً ورائجاً (دي ساسي طرائف 1: 146).
أشهر: أعلن، أذاع، نشر (الكالا)، ويقال: أشهر الأمر: أعلن المرسوم أو قرار الحاكم. (ألكالا).
أشهر فلاناً ب: جعل المنادي يذيع أمر السلطات ففي ابن اياس: أشهر السلطانُ المنادِيّ في القاهرة بأن لا فلاّح ولا غلام يلبس زنط أحمر.
أشهر: أتهم مقدماً شهوداً (الكالا).
أشهر: شهر السيف، سلّه من غمده (أبو الوليد ص105، الواقدي طبعة هماكر ص65، 106، ألف ليلة برسل 1: 339).
أشهر: مثل شهَر وشهَّر، أف بالمجرم وهو بشكل مخز في الطرقات (الملابس ص275 رقم 17، ابن بطوطة 3: 441، ألف ليلة برسل 2: 283).
أشتهَر، اشتهر بأمّه: من ينسب إلى أمّه وليس إلى أبيه، مثل: عيسى بن مَرْيم (معجم أبي الفداء).
شَهْر: يعنى عند البربر القمر (دومب ص53، ريشاردسن صحارى 1: 134).
شَهْر: علامة مميزة. ففي النويري (مصر مخطوطة 2 ص111 و) في كلامه عن النساء المسيحيات: ويكون أحد خُفَّيْها أسود ليبقى شهرا ظاهراً والآخر أبيض.
شَهْر: ربا، فائدة من المبلغ المقترض (باين سميث 1445).
شهر أو جهر أو شهير، وفي قول بعضهم بريشهير: مِخرطة، آلة يستعملها خراطو الخزف (باين سميث 1453). وقد ذكرت فيه مرتين. وقد زودني السيد دي غويه بهذه العبارة المنقولة من مخطوطتنا رقم 201 (فهرست 3 ص61). وليركب هذه الآلة في الشهر الذي يخرط فيه الخراطون آلات النحاس.
شُهْرَة: إشعار، إعلام. إخطار تبليغ (الكالا).
شُهْرة: نداء لاعلان البيع لما قرره القضاء. بيع بالمزاد (ألكالا).
شهرة الفتيا: قيمة الفتوى (دي سلان المقدمة ص75).
شُهْرة: علامة: مميّزة. ففي الخطيب (ص14 ف) في كلامه عن جند غرناطة: كُلّ منهم بصفة يختص بسلاحه وشهرة يعرف بها.
شُهْرَة: اسم يلحقه ابن (المقدمة 2: 194).
شُهْرَة: لقب (تاريخ البربر 2: 244، 461).
شُهْرَة: شيء يسخر منه ويتهكم. الف ليلة برسل 4: 159، 358).
شَهْريّ: نسبة إلى شهر، وما يوقت بشهر (بوشر).
شِهْرِيّ: لا يدل على نفس النوع من الخيل الذي يعرف بالبِرْذُوْن، لأن ابن العوام (2: 493) يفرق بينهما. وقد أخطأ كل من بانكري وكلمنت - موليه خطأ شنيعاً حين ترجماه بفرس أصيل.
شَهْريّة: راتب شهر (بوشر) وأجرة (همبرت ص222).
شَهَرِيّة: ثوب ذو مربعات (بارت 5: 235، 704) شهريا: حيوان من حيوانات البحر الأسود من فصيلة الاسقنقور (الادريسي جوبرت 2: 404) وهذا الاسم في مخطوطة ب، وفي مخطوطة ا: شهربا.
إشهار سلوك: منشور، بيان عام (بوشر).
تشْهِير وجمعها تشاهير: فسر كاترمير في (مملوك 1، 1: 243) هذه الكلمة بغطاء السرج. ثم رجع عن ذلك (1: 2: 137) فقال هي بالأحرى الرباطات التي تختلف عرضاً وتشد على صدر الفرس.
مُشَهَّر. ثوب مشهّر: زينت حاشيته بلون آخر (المقري 2: 357) وفي بيت لفتى ظهر عذاره: وهل أفتن الأثواب إلا المشهَّر وفي عبارة للمقريزي فقلت في الملابس (ص354) أبدل شهرة بمشَهَّرة كما تتطلبه قواعد العربية وفيه: كان الأمراء والجنود يرتدون مثل السلطان أقبية أما بيض أو مشهرة أحمر وأزرق.
وفي الحديث ما نقله السيد دي غويا من الفائق (1: 632): عمر رضَه وفد إليه عامله من اليمن وعليه حُلَّة مشهَّرة وهو مرجَّل دهين فقال هكذا بعثناك فأمر بالحلَّة فنزعت وألبس جبَّة صوف الخ. ويقول الشارح: أي فاخرة موسومة بالشُهْرة لحسنها. غير أن السيد دي غويا يرى أن المعنى الذي ذكرته افضل. (انظر أيضاً مُشَهَّرة).
وثياب مشهَّرة: ثياب شنعة يلبسها المجرمون حين يطاف بهم بصورة مخزية في الطرقات. ففي البيان (1: 268): ثم أخذ أسيراً وادخل مصر على جمل فطيف به بثياب مشهرة ثم قتل.
مُشَهَّرَة: ثياب زينت حاشيتها بلون آخر (الكامل ص682، 777) انظر: مُشَهَّر.
مَشهَور: محلّى، مزين، مزخرف (ديوان امرئ القيس ص30) وانظر (ص99).
حَرْب مشهور: حرب معلنة (بوشر).
حديث مشهور: روي عن اكثر من اثنين من الصحابة (دي سلان المقدمة 2: 484) ويقول فاندنبرج (ص5): هو حديث لا يستحق الثقة على الرغم من إنه روي عن الصحابة. وفي محيط المحيط: والمشهور ما كان من الآحاد في الأصل أي في القرن الأول ثم اشتهر في القرن الآني حتى روته جماعة لا يتصوّر تواطؤهم على الكذب فيكون المتواتر بعد القرن الأول.
مُشاهِر: شهري (هلو).
مُشَاهَرة. مُشاهَرَةً: مُرَتَّب أو راتب يدفع في كل شهر، شهراً بعد شهر (المقري 2: 703) (احذف من وانظر رسالة إلى فليشر ص222) وفي حيان - بسام (3: 140 ق): فرض لكل واحد خمسة عشر ديناراً مشاهرة. (ابو حمو ص164).
مشاهرة: مرتب شهري (دومب ص57).
مشاهرة (مرتب سنة. ففي الفخري (ص359): ومشاهرته في كل سنة مائة ألف دينار.
بُنُدُقي مشاهرة: عملة في مدينة البندقية ذات قيمة خاصة، في كل وجه منها صورة يتفق الرأس على الرأس والقدم على القدم في الوجهين (لين عادات 1: 392).
اشتهار: إعلان، إذاعة، نشر (الكالا).

حَسَدَهُ

حَسَدَهُ الشيءَ، وعليه، يَحْسِدُه ويَحْسُدُه حَسَداً وحُسوداً وحَسادَةً،
وحَسَّدَه: تَمَنَّى أن تَتَحَوَّلَ إليه نِعْمَتُه وفَضيلَتُه، أو يُسْلَبَهُما،
وهو حاسِدٌ من حُسَّدٍ وحُسَّادٍ وحَسَدَةٍ، وحَسُودٌ من حُسُدٍ.
وحَسَــدَنِي اللهُ إن كنْتُ أحْسُدُكَ، أي: عاقَبَنِي على الحَسَدِ.
وتَحاسَدوا: حَسَدَ بعضُهم بعضاً.

نَصْنَصَ

(نَصْنَصَ)
(هـ) فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ «دُخِل عَلَيْهِ وَهُوَ يُنَصْنِصُ لِسانَه وَيَقُولُ: إِنَّ هَذَا أوْرَــدَني المَوارِد» أَيْ يُحَرِّكُه. يُقَالُ بِالصَّادِ وَالضَّادِ مَعًا.
وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ «حيَّةٌ نَصْنَاصٌ ونَضْناض» يُكْثِرُ تَحريكَ لسانِه. وَقِيلَ: إِذَا كَانَتْ سريعةَ التَّلَوِّي لا تَثْبُتُ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ «مَا يُنَصْنِصُ بِهَا لِسانَه» أَيْ مَا يُحَرِّكُه.

جدو

جدو


جَدَا(n. ac. جَدْو)
a. ['Ala], Benefited, served; profited.
b. ['Ala], Gave to, bestowed upon.
c. Asked for (gift).
أَجْدَوَa. Benefited, served, profited.
b. Procured, obtained.

إِجْتَدَوَإِسْتَجْدَوَa. Asked for (gift).
جَدْوَى
a. Gift, present.

جَدًى [ ]جَدَآء []
a. Gift; bounty.
b. Profit, utility, service, advantage.
جدو: أجدى بمعنى أعطى، يقال: أجدى عليه، وأجدى به. ويقول الزوزني في شرحه للبيت الرابع من معلقة امرئ القيس: ولا يجدي على صاحبه بخير.
جَدْوَى: عطية، فائدة، طائلة، عائدة (ابن بطوطة 2: 399) - وتعني أيضاً المطر على الرغم مما يقول صاحب تاج العروس فيما ينقل لين (شرح ديوان مسلم).
جدول: أنظره في جدل.
جدو
أجدى/ أجدى على/ أجدى عن يُجدي، أَجْدِ، إجداءً، فهو مُجْدٍ، والمفعول مُجْدًى (للمتعدِّي)
• أجدى الشَّيءُ: نفع "الكلام وحده لا يجدي نفعًا- غير مُجْدٍ في ملَّتي واعتقادي ... نوحُ باكٍ ولا ترنُّم شادِ" ° أجدى نفعًا: نفع، عاد بفائدة.
• أجداه/ أجدى عليه: أعطاه، جاد عليه "جاءه فقيرٌ فأجدى عليه صدقة".
• أجدى عنه: أغنى عنه "ما يُجدي عنك أخوك". 

استجدى يستجدي، اسْتَجْدِ، استجداءً، فهو مُسْتَجْدٍ، والمفعول مُسْتَجْدًى
• استجداه الفقيرُ: طلب منه العطيّة مُسترحمًا مُتوسِّلاً "ضاقت به الحال وصار يستجدي الناسَ في الشوارع". 

إجداء [مفرد]: مصدر أجدى/ أجدى على/ أجدى عن. 

استجداء [مفرد]: مصدر استجدى. 

جَدْوَى [مفرد]:
1 - عطيَّة.
2 - فائدة ومنفعة "أمرٌ عديم
 الجَدْوَى" ° بغير جدوى/ بلا جدوى/ على غير جدوى/ دون جدوى: بلا فائدة ولا منفعة.
• دِِراسة الجَدْوَى: (قص) نمط من الدراسات المنظَّمة يهدف إلى تقييم الموارد المتاحة لتحقيق غرض معيَّن مع التقييم المتلازم لقدرات وإمكانيّات تدبير هذه الموارد. 
الْجِيم وَالدَّال وَالْوَاو

الجَدَا: الْمَطَر الْعَام.

وغَيْث جَداً: لَا يعرف اقصاه.

وَكَذَلِكَ: سَمَاء جَداً، تَقول الْعَرَب: هَذِه سَمَاء جدا مَا لَهَا خلف، ذَكرُوهُ لِأَن الجدا فِي قُوَّة الْمصدر.

والجَدَا: الْعَطِيَّة، وَهُوَ من ذَلِك.

وتثنيته: جَدَوان، وجَدَيان، كِلَاهُمَا عَن اللحياني. فجَدَوان على الْقيَاس، وجَدَيان على المعاقبة.

وخيره جَداً على النَّاس: وَاسع.

والجَدْوَى: الْعَطِيَّة، كالجَدَا.

وَقد جَدَا عَلَيْهِ يَجْدُ وجَداً وأجدى وَقَول أبي الْعِيَال:

بخِلت فُطَيمة بِالَّذِي تُوليني ... إلاَّ الكلامَ وقلَّما تجدِبني

أَرَادَ: تجدي عَليّ فَحذف حرف الْجَرّ وأوصل.

وَرجل جادٍ: طَالب للجَدْوى، أنْشد الْفَارِسِي عَن احْمَد بن يحيى:

إِلَيْهِ تلجأ الهَضَّاء طُراًّ ... فَلَيْسَ بقائل هُجْرا لِجادِ

وَكَذَلِكَ: مجتد، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

لأُنْبِئتِ أَنَّا نَجْتَدِي الحَمْد إِنَّمَا ... تُكلفَّه من النُّفُوس خِيارُها أَي نطلب الْحَمد وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:

إِنِّي ليحمــدُني الخَلِيلُ إِذا اجتدى ... مَالِي ويكرهُني ذَوُو الأَضغانِ

وجدوته جَدْوا، واجتديته: اتيته أسأله حَاجَة، هَذِه عَن ابْن الْأَعرَابِي.

وَقَول حَاتِم:

ألاَ أيُّهذا المُجْتَدِينا بشَتْمِه ... تأمَّلْ رُوَيْدا إِنَّنِي مَن تعرَّفُ

لم يفسره ابْن الْأَعرَابِي، وَعِنْدِي: أَنه أَرَادَ: أيهذا الَّذِي يستقضينا حَاجَة. أَو يسألنا وَهُوَ فِي خلال ذَلِك يعيبنا ويشتمنا.

والجَدَاءُ: الْغناء.

وَمَا يُجْدِى عَليّ شَيْئا: أَي مَا يغنى.

وَلَا يَأْتِيك جَدَا الدَّهْر: أَي آخِره.

جدو

1 جَدَا عَلَيْهِ, (Msb, K,) and جَدَاهُ, first Pers\.

جَدَوْتُ, (IB, TA,) aor. ـُ (K,) inf. n. جَدْوٌ (Msb, TA) and جَدًا; (Msb;) and عَلَيْهِ ↓ اجدى, (Msb, K,) and ↓ اجداهُ, (S,) the prep. in the former of these two being suppressed in the latter; (TA;) and ↓ اجتداهُ; (TA;) He gave him a gift. (S, IB, Msb, K, * TA.) b2: [Hence,] جَدَا عَلَيْهِ شُؤْمَهُ (assumed tropical:) He drew his evil fortune, or ill luck, upon him: an ironical expression; [for it literally means he gave him, or bestowed upon him, his evil fortune.] (TA.) b3: Hence also, عَلَيْكَ ↓ اجدى (tropical:) It (a thing) sufficed thee. (Msb.) فِعْلُهُ شَيْئًا ↓ مَا أَجْدَى (tropical:) His deed, or act, did not profit him, or avail him, aught. (Msb.) And عَنْكَ هٰذَا ↓ مَا يُجْدِى (assumed tropical:) This does not stand thee in any stead; does not profit thee, or avail thee. (S.) A2: جَدَوْتُهُ, (S, IB, Msb, K, *) [aor. ـُ inf. n. جَدْوٌ; (K;) and جَدَيْتُهُ; (K in art. جدى;) and ↓ اِجْتَدَيْتُهُ, (S, Msb, K, *) and ↓ اِسْتَجْدَيْتُهُ; I sought, or demanded, (S,) or asked, (IB, Msb, K,) of him (S, IB, Msb, K) a gift, (S,) or a thing wanted. (K.) [See an ex. of the last of these verbs in a verse cited in art. تا.] Hence, مُجَادَاةٌ [inf. n. of ↓ جادى]: whence, in a trad., وَقَدْ عَرَفُوا أَنَّهُ لَيْسَ عِنْدَ مَرْوَانَ مَالٌ يُجَادُونَهُ عَلَيْهِ, meaning يَسْأَلُونَهُ عَلَيْهِ [i. e. And they knew that there was not, in the possession of Marwán, property for which they should ask as owed by him]. (TA.) 3 جَاْدَوَ see 1.4 أَجْدَوَ see 1, in five places.

A2: Also اجدى, He obtained a gift. (S, Msb.) 8 إِجْتَدَوَ see 1, in two places.10 إِسْتَجْدَوَ see 1.

جَدًا i. q. جَدْوَى, q. v. b2: Hence, (Har p. 32,) جَدًا, (K,) also written جَدًى, (ISk, TA,) or مَطَرٌ جَدًا, (S,) and, accord. to the K, ↓ جَدْوَى, but this latter is not known except as signifying “ a gift,” (TA,) A common, or general, rain; (S, K, TA;) of wide extent: (TA:) or of which the uttermost is not known. (K.) One says also سَمَآءٌ جَدًا, meaning A rain having a rain following it; making the latter word masc. because it has the force of an inf. n. (TA.) And اَلّٰهُمَّ اسْقِنَا غَدَقًا وَجَدًا طَبَقًا [O God, water us with a copious rain, and a rain that shall cover the land]: (S, TA:) occurring in a trad. respecting prayer for rain. (TA.) b3: and خَيْرٌ جَدًا Ample good; (K;) of wide extent to men. (TA.) A2: لَا آتِيكَ جَدَا الدَّهْرِ (S, * K, * TA) i. e. [I will not come to thee] ever, like يَدَ الدَّهْرِ; (S, TA;) or to the end of time. (K, TA.) جَدْوَى A gift; (S, Msb, K;) as also ↓ جَدًا: (S, K:) dual (of the former, TA) جَدْوَانِ and جَدْيَانِ; (Lh, M, K;) the former, regular; (M, TA;) the latter, anomalous, (M, K, TA,) formed by commutation. (M, TA.) You say, مَا أَصَبْتُ مِنْ فُلَانٍ جَدْوَى قَطُّ [I have not obtained from such a one a gift ever]. (TA.) And hence the prov., شَغَلَتْ شِعَابِى جَدْوَاىBَ: see art. شعب. (S in that art.) b2: See also جَدًا.

جَدَآءٌ profit, utility, or avail. (S, TA.) So in the saying, فُلَانٌ قَلِيلُ الجَدَآءِ عَنْكَ [Such a one is of little profit, utility, or avail, to thee; will stand thee in little stead]. (S.) جَدِىٌّ [originally جَدِيوٌ] Munificent, or bountiful. (TA.) جَادٍ Asking, seeking, or demanding, (S, K,) a bounty, or benefit, (S,) or gift: (K:) pl. جُدَاةٌ. (TA.) أَجْدَى [More, and most, profitable, useful, or availing]. It is said in a prov., أَجْدَى مِنَ الغَيْثِ فِى أَوَانِهِ [More profitable than rain in its season]. (Meyd.)
جدو
: (و (! الجَدَا، مَقْصور:
قالَ ابنُ السِّكِّيت: يُكْتَبُ بالألفِ والياءِ. ( {والجَدْوَى: المَطَرُ العامُّ) .) يقالُ: مَطَرٌ جَداً، أَي عامٌّ واسِعٌ؛ (أَو الَّذِي لَا يُعْرَفُ أَقْصاهُ) يقُولونَ: سَماءٌ} جَداً: لَهَا خَلَفٌ: ذَكَّرُوه لأنَّ {الجَدَا فِي قوَّةِ المَصْدرِ.
وَفِي حدِيث الاسْتِسْقاءِ: (اللهُمّ اسْقِنا غَيْثاً غَدَقاً} وجَداً طَبَقاً) .
(و) الجَدَا والجَدْوَى: (العَطِيَّةُ.
(سَاق، المصنِّفُ {الجَدْوَى مَعَ الجَدَا فِي معْنَى المَطَرِ، وَهُوَ لَا يُعْرَف إلاَّ فِي معْنَى العَطِيَّة، فَلَو قَالَ: والجَدْوَى العَطِيّة} كالجَدَا كانَ مُوافِقاً لمَا فِي الأُصُولِ.
وَمَا أَصَبْتُ مِن فلانٍ جَدْوَى قَطّ: أَي عَطِيَّة.
(و) تقولُ فِي تَثْنيةِ {جَدْوَى: (هذانِ} جَدْوانِ {وجَدْيانِ.
(قالَ ابنُ سِيدَه: كِلاهُما عَن اللَّحْيانيّ،} فجَدْوانِ على القِياسِ، وجَدْيانِ على المُعاقبَةِ؛ (نادِرٌ.
( {وجَدَا عَلَيْهِ يَجْدُو) } جَدْواً، ( {وأَجْدَى) :) أَي أَعْطَى الجَدْوَى؛ قالَ أَبو الْعِيَال:
بَخِلَتْ فُطَيْمَةُ بِالَّذِي تُولِينِي
إلاَّ الكَلامَ وقلَّما} تُجْدِينِي أَرادَ: {تُجْدِي عليَّ فحذَفَ وأَوْصَل.
(} والجادِي: طالِبُ الجَدْوَى.
(وَفِي الصِّحاحِ: السائِلُ العافِي؛ وأَنْشَدَ الفارِسِيُّ عَن أَحمدَ بنِ يَحْيَى:
إِلَيْهِ تَلْجَأُ الهَضَّاءُ طُرّاً فلَيْسَ بقائِلٍ هُجْراً {- لجَادِي قالَ ابنُ بَرِّي: هُوَ مِن الأَضْدادِ: يقالُ:} جَدَوْتُه سَأَلْته،! وجَدَوْتُه أَعْطَيْته؛ قالَ الشَّاعِرُ: {جَدَوْتُ أُناساً مُوسِرينَ فَمَا} جَدَوْا أَلا اللَّهَ {فاجْدُوهُ إِذا كُنتَ} جادِيَا وقالَ الرَّاجزُ:
أَما عَلِمْتَ أَنَّني مِنْ أُسْرَه لَا يَطْعَمُ {الجادِي لَدَيْهِمْ تَمْرَه؟ (} كالمُجْتَدِي) ؛) قالَ أَبو ذُؤَيْب:
لأُنْبِئْت أنَّا {نَجْتَدِي الحَمْدَ إِنَّما
تَكَلَّفُهُ مِن النُّفوسِ خِيارُهاأَي نَطْلُب الحَمْدَ؛ وأَنْشَدَ ابنُ الأَعْرابيِّ:
إنِّي لَيَحْمَــدُنِي الخَلِيلُ إِذا} اجْتَدَى
مَالِي ويَكْرَهُني ذَوُو الأَضْغَانِوقَوْل أَبي حاتمٍ:
أَلا أَيُّهَذا {المُجْتَدِينا بشَتْمِهِ
تأَمَّلْ رُوَيْداً إنَّني من تَعَرَّفُلم يُفَسِّره ابنُ الأعْرابيِّ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وعنْدِي أنَّه أَرادَ أَيّ هَذَا النَّوْع يَسْتَقْضِينا حَاجَة أَو يَسْأَلُنا وَهُوَ فِي خلالِ ذلِكَ يَعِيبُنا ويَشْتِمُنا.
(} وجَدَاهُ {جَدْواً} واجْتَداهُ: سَأَلَهُ حاجَةً) وطَلَبَ {جَدْواهُ
(و) يقالُ: لَا يَأْتِيكَ (} جَدا الدَّهْرِ) ، أَي (آخِرُه.
(وَفِي الصِّحاحِ: أَي يَدَ الدَّهْرِ، أَي أَبَداً.
(وخَيْرٌ {جَداً) :) أَي (واسِعٌ) على النَّاسِ.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
} أَجْدَى الرَّجُلُ: أَصَابَ الجَدْوَى.
وقَوْمٌ {جُدَاةٌ:} مُجْتَدُونَ أَي سائِلُونَ.
! واسْتَجْداهُ: طَلَبَ جَدْواهُ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ لأبي النجْمِ: جِئْنَا نُحَيِّيكَ {ونَسْتَجْدِيكا
مِن نائِلِ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِيكَا} والمُجادَاةُ: مُفاعَلَةٌ مِن جَدا؛ وَمِنْه حدِيثُ زيْدِ بنِ ثابِتٍ: (وَقد عَرَفُوا أنَّه ليسَ عنْدَ مَرْوان مالٌ {يُجَادُونَه عَلَيه) ، أَي يُسَائِلُونَه عَلَيه.
} والجَداءُ، كسَحابٍ: الغَنَاءُ.
وَمَا {يُجْدِي عَنْك هَذَا: أَي مَا يُغْنِي.
وَمَا يُجْدِي عليَّ شَيْئا كَذلِك.
وَهُوَ قَلِيلُ} الجَدَاءِ عنْكَ: أَي قَلِيلُ الغَنَاءِ والنَّفْعِ؛ قالَ ابنُ بَرِّي: شاهِدُه قَوْل مالِكِ بنِ العَجْلانِ:
لَقَلَّ {جَدَاءً على مَالِكٍ
إِذا الحَرْب شبَّتْ بأَجْدَادِها} واجْتَداهُ أَعْطاهُ؛ فَهُوَ مِن الأَضْدادِ.
{والجَدِيُّ، كغَنِيَ: السَّخِيُّ.
} وجَدْوَى: اسمُ امْرأَةٍ، قالَ ابنُ أَحْمر:
شَطَّ المَزارُ {بجَدْوَى وانْتَهَى الأَمَلُ ويقالُ:} جَدَا عَلَيْهِ شُؤْمُه، أَي جَرَّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مِن بابِ التَّعْكِيسِ كقَوْلِه تَعَالَى: {فبَشِّرْه بعَذابٍ أَليمٍ} نَقَلَه الزَّمَخْشرِيُّ.

أَسَرَ 

(أَسَرَ) الْهَمْزَةُ وَالسِّينُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَقِيَاسٌ مُطَّرِدٌ، وَهُوَ الْحَبْسُ، وَهُوَ الْإِمْسَاكُ. مِنْ ذَلِكَ الْأَسِيرُ، وَكَانُوا يَشُدُّونَهُ بِالْقِدِّ وَهُوَ الْإِسَارُ، فَسُمِّيَ كُلُّ أَخِيذٍ وَإِنْ لَمْ يُؤْسَرْ أَسِيرًا. قَالَ الْأَعْشَى:

وَقَيَّــدَنِي الشِّعْرُ فِي بَيْتِهِ ... كَمَا قَيَّدَ الْآسِراتُ الْحِمَارَا

أَيْ: أَنَا فِي بَيْتِهِ، يُرِيدُ بِذَلِكَ بُلُوغَهُ النِّهَايَةَ فِيهِ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ أَسَرَ قَتَبَهُ، أَيْ: شَدَّهُ. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَشَدَدْنَا أَسْرَهُمْ} [الإنسان: 28] ، يُقَالُ: أَرَادَ الْخَلْقَ، وَيُقَالُ: بَلْ أَرَادَ مَجْرَى مَا يَخْرُجُ مِنَ السَّبِيلَيْنِ. وَأُسْرَةُ الرَّجُلِ رَهْطُهُ، لِأَنَّهُ يَتَقَوَّى بِهِمْ. وَتَقُولُ أَسِيرٌ وَأَسْرَى فِي الْجَمْعِ وَأَسَارَى بِالْفَتْحِ. وَالْأُسْرُ احْتِبَاسُ الْبَوْلِ.

الله

الله
صور القرآن الله المثل الأعلى في جميع صفات الكمال، فهو السميع الخبير، على كل شىء قدير، غفور رحيم، عزيز حكيم، حى قيوم، واسع عليم، بصير بالعباد، يحب المحسنين والصابرين، ولا يحب الظالمين، ويمحق الكافرين، غنى حميد، واحد قهار، نور السموات والأرض، قوى، شديد العقاب، خالق كل شىء، لا إله إلا هو، على كلّ شىء شهيد، عالم الغيب والشهادة، هو الرحمن الرحيم، الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر، الخالق البارئ المصور، له الأسماء الحسنى، يسبح له ما في السموات والأرض وهو العزيز الحكيم، الأول والآخر، والظاهر والباطن، الصمد، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، سريع الحساب، غنى عن العالمين، عليم بذات الصدور، بكل شىء محيط، علىّ كبير، عفو غفور، شاكر حليم، ليس بظلام للعبيد، يجزى المتصدقين، ولا يهدى كيد الخائنين، لا يخلف الميعاد، عزيز ذو انتقام، خير الرازقين، لطيف خبير، ذو القوة المتين. أوليس من يتصف بهذه الصفات المثالية جديرا بالعبادة والتقديس، وألا يتخذ له شريك، ولا من دونه إله.
ومن بين ما عنى القرآن به أكبر عناية إبراز صفة الإنعام التى يتصف بها الله سبحانه؛ فيوجه أنظارهم إلى النعمة الكبرى التى أودعها قلوبهم وهى نعمة الهدوء والسكينة يحسون بها، عند ما يعودون إلى بيوتهم، مكدودين منهوكى القوى، وإلى هدايتهم إلى بناء بيوت من جلود الأنعام، يجدونها خفيفة المحمل في الظعن
والإقامة، وإلى اتخاذ أثاثهم وأمتعتهم من أصوافها وأوبارها، وإلى نعمة الظل يجدون عنده الأمن والاستقرار، وإن للشمس وحرارتها لوقعا مؤلما في النفوس وعلى الأجسام، ومن أجمل وسائل الاستتار هذه الثياب تقى صاحبها الحر، وبها تتم نعمة الله، فيقول: وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ جُلُودِ الْأَنْعامِ بُيُوتاً تَسْتَخِفُّونَها يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِمَّا خَلَقَ ظِلالًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْجِبالِ أَكْناناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ كَذلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ (النحل 79 - 81).
ويوجه أنظارهم إلى ما في خلق الزوج من نعمة تسكن إليها النفس، وتجد في ظلها الرحمة والمودة، فيقول: وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (الروم 21). وهو الذى يرزقهم، ويرزق ما على الأرض من دواب، لا تستطيع أن تتكفل برزق نفسها، وَكَأَيِّنْ مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُها وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (العنكبوت 60). وينبههم إلى ما في اختلاف الليل والنهار من تجديد النشاط للجسم، وبعث القوة في الأحياء وما في الفلك المسخرة تنقل المتاجر فوق سطح البحر، فتنفع الناس، وفي الماء ينزل من السماء فيحيى الأرض بعد موتها، وفي الرياح تحمل السحاب المسخر بين السماء والأرض، ينبههم إلى نفع ذلك كله فيقول: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (البقرة 164). ويسأل عمن يلجئون إليه، حين يملأ قلبهم الرعب من ظلمة البر البحر، أليس الله هو الذى ينجيهم منه ومن كل كرب، فيقول:
قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ قُلِ اللَّهُ يُنَجِّيكُمْ مِنْها وَمِنْ كُلِّ كَرْبٍ ثُمَّ أَنْتُمْ تُشْرِكُونَ (الأنعام 63 - 64).
ويحدثهم عن نعمة تبادل الليل والنهار، وعما خلق له الليل من نعمة الهدوء والسكون، وعن الشمس والقمر يجريان في دقة ونظام، فيحسب الناس بهما حياتهم، وينظمون أعمالهم، وعن النجوم في السماء تزينها كمصابيح، ويهتدى بها السائر في ظلمات البر والبحر، وعن المطر ينزل من السماء، فتحيا به الأرض وتنبت به الجنات اليانعة، ذات الثمار المشتبهة وغير المشتبهة، وكان للمطر في الحياة العربية قدره وأثره، فعليه حياتهم، فلا جرم أكثر القرآن من الحديث عنه نعمة من أجلّ نعمه عليهم، فيقول: فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِها فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأنعام 96 - 99)، وتحدث عن هذه النعم نفسها مرارا أخرى كقوله:
اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ لِتَجْرِيَ فِي الْبَحْرِ بِأَمْرِهِ وَسَخَّرَ لَكُمُ الْأَنْهارَ وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ الْإِنْسانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ (إبراهيم 32 - 34). وتحدث إليهم عما أنعم به عليهم من أنعام، فيها دفء ومنافع، وجمال، وعاد فذكرهم بنعمة المطر وإنباته الزرع، وخص البحر بالحديث عن تسخيره، وما نستخرجه منه من اللحم والحلى، وما يجرى فوقه من فلك تمخر عبابه، فقال: وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْها جائِرٌ وَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً لَكُمْ مِنْهُ شَرابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ يُنْبِتُ لَكُمْ بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالْأَعْنابَ وَمِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومُ مُسَخَّراتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَما ذَرَأَ لَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلاماتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 5 - 18)، وللأنعام في حياة العرب بالبادية ما يستحق أن يذكروا به، وأن يسجل فضله عليهم بها. ويوجه القرآن نظرهم إلى خلقهم وما منحهم الله من نعمة السمع والبصر والعقل، فيقول: قُلْ هُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ (الملك 23). وكثيرا ما امتنّ عليهم بنعمة الرزق، فيقرّرها مرة، ويقررهم بها أخرى، فيقول حينا: اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ قَراراً وَالسَّماءَ بِناءً وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ فَتَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ (غافر 64). ويقول حينا: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (يونس 31). ويسترعى انتباههم إلى طعامهم الذى هو من فيض فضله، فيقول: فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسانُ إِلى طَعامِهِ أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً وَنَخْلًا وَحَدائِقَ غُلْباً وَفاكِهَةً وَأَبًّا مَتاعاً
لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ
(عبس 24 - 32).
وإن في إكثار القرآن من الحديث عن هذه النعم، وتوجيه أنظارهم إليها، وتقريرهم بها، ما يدفعهم إلى التفكير في مصدرها، وأنه جدير بالعبادة، وما يثير في أنفسهم شكرها وتقديس بارئها، ولا سيما أن تلك النعم ليست في طاقة بشر، وأنها باعترافهم أنفسهم من خلق العلىّ القدير. وهكذا يتكئ القرآن على عاطفة إنسانية يثيرها، لتدفع صاحبها عن طريق الإعجاب حينا، والاعتراف بالجميل حينا، إلى الإيمان بالله وإجلاله وتقديسه. كما أن ذلك الوصف يبعث في النفس حب الله المنعم، فتكون عبادته منبعثة عن حبه وشكر أياديه.
ومما عنى القرآن بإبرازه من صفات الله وحدانيته، لم يلد، ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، وقد أبرز القرآن في صورة قاطعة أنه لا يقبل الشرك ولا يغفره: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً (النساء 48)؛ ويعد الإشراك رجسا فيقول: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرامَ بَعْدَ عامِهِمْ هذا (التوبة 28).
أوليس في هذا التصوير ما يبعث في النفس النفور منه والاشمئزاز؟!
والقرآن يعرض لجميع ألوان الإشراك، فيدحضها ويهدمها من أساسها، فعرض لفكرة اتخاذ ولد، فحدثنا في صراحة عن أنه ليس في حاجة إلى هذا الولد، يعينه أو يساعده، فكل من في الوجود خاضع لأمره، لا يلبث أن ينقاد إذا دعى، وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (البقرة 116، 117). وحينا يدفع ذلك دفعا طبيعيا بأن الولد لا يكون إلا إذا كان ثمة له زوجة تلد، أما وقد خلق كل شىء، فليس ما يزعمونه ولدا سوى خلق ممن خلق:
بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (الأنعام 101، 102).
ويعرض مرة أخرى لهذه الدعوى، فيقرر غناه عن هذا الولد، ولم يحتاج إليه، وله ما في السموات وما في الأرض، فيقول: قالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ إِنْ عِنْدَكُمْ مِنْ سُلْطانٍ بِهذا أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتاعٌ فِي الــدُّنْيــا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ نُذِيقُهُمُ الْعَذابَ الشَّدِيدَ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ (يونس 68 - 70). ويعجب القرآن كيف يخيل للمشركين عقولهم أن يخصوا أنفسهم بالبنين ويجعلوا البنات لله، فيقول:
أَفَأَصْفاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلائِكَةِ إِناثاً إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيماً (الإسراء 40).
ويصور القرآن- فى أقوى صور التعبير- موقف الطبيعة الساخطة المستعظمة نسبة الولد إلى الله، فتكاد- لشدة غضبها- أن تنفجر غيظا، وتنشق ثورة، وتخر الراسيات لهول هذا الافتراء، وضخامة هذا الكذب، وأصغ إلى تصوير هذا الغضب فى قوله: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (مريم 88 - 91). أما هؤلاء الذين دعوهم أبناء الله، فليسوا سوى عباد مكرمين، خاضعين لأمره، ولن يجرؤ واحد منهم على ادعاء الألوهية، أما من تجرأ منهم على تلك الدعوى فجزاؤه جهنم، لأنه ظالم مبين، وهل هناك أقوى في هدم الدعوى من اعترف هؤلاء العباد أنفسهم الذين يدعونهم أبناء، بأنهم ليسوا سوى عبيد خاضعين، ومن جرؤ منهم على دعوى الألوهية كان جزاؤه عذاب جهنم خالدا فيها، قال تعالى: وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلهٌ مِنْ دُونِهِ فَذلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ (الأنبياء 26 - 29).
وعلى هذا النسق نفسه جرى في الرد على من زعم ألوهية المسيح، فقد جعل المسيح نفسه يتبرأ من ذلك وينفيه، إذ قال: وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (المائدة 116، 117).
وتعرض القرآن مرارا لدعوى ألوهية عيسى، وقوض هذه الدعوى من أساسها بأن هذا المسيح الذى يزعمونه إلها، ليس لديه قدرة يدفع بها عن نفسه إن أراد الله أن يهلكه، وأنه لا امتياز له على سائر المخلوقات، بل هو خاضع لأمره، مقر بأنه ليس سوى عبد الله، وليس المسيح وأمه سوى بشرين يتبوّلان ويتبرّزان، أو تقبل الفطرة الإنسانية السليمة أن تتخذ لها إلها هذا شأنه، لا يتميز عن الناس في شىء، ولا يملك لهم شيئا من الضر ولا النفع، ولننصت إلى القرآن مهاجما دعوى ألوهية عيسى قائلا: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (المائدة 17). لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا
إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقالَ الْمَسِيحُ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْواهُ النَّارُ وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ أَفَلا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآياتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّى يُؤْفَكُونَ قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ
(المائدة 72 - 76).
وإن الغريزة لتنأى عن عبادة من لا يملك الضرر ولا النفع. وتأمل جمال الكناية في قوله: يَأْكُلانِ الطَّعامَ. والمسيح مقر- كما رأيت- بعبوديته ولا يستنكف أن يكون لله عبدا، لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ وَلَا الْمَلائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعاً (النساء 172).
وهاجم القرآن بكل قوة الإشراك بالله، وهو يهاجم ببلاغته العقل والوجدان معا فيأخذ في نقاش المشركين، ليصلوا إلى الحق بأنفسهم، ويلزمهم الحجة، ويقودهم إلى الصواب، فيسألهم عمن يرزقهم، ومن يملك سمعهم وأبصارهم، ومن يخرج الحى من الميت، ويخرج الميت من الحى، ومن يدبر أمر العالم، ومن يبدأ الخلق ثمّ يعيده، ومن يهدى إلى الحق، وإذا كان المشركون أنفسهم يعترفون بأن ذلك إنما هو من أفعال الله، فما قيمة هؤلاء الشركاء إذا، وما معنى إشراكهم لله في العبادة، أو ليس من يهدى إلى الحق جديرا بأن يعبد ويتّبع، أما من لا يهتدى إلا إذا اقتيد فمن الظلم عبادته، ومن الجهل اتباعه، وليست عبادة هؤلاء الشركاء سوى جرى وراءه وهم لا يغنى من الحق شيئا، وتأمل جمال هذا النقاش الذى يثير التفكير والوجدان معا: يثير التفكير بقضاياه، ويثير الوجدان بهذا التساؤل عن الجدير بالاتباع، وتصويره المشرك، مصروفا عن الحق، مأفوكا، ظالما، يتبع الظن الذى لا يغنى عن الحق شيئا، وذلك حين يقول: قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ فَذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَماذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ قُلِ اللَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ وَما يَتَّبِعُ أَكْثَرُهُمْ إِلَّا ظَنًّا إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِما يَفْعَلُونَ (يونس 31 - 36). وفي التحدث إليهم عن الرزق، وهدايتهم إلى الحق، ما يثير في أنفسهم عبادة هذا الذى يمدهم بالرزق، ويهديهم إلى الحق، واستمع إلى هذا النقاش الذى يحدثهم فيه عن نعمه عليهم، متسائلا:
أله شريك في هذه النعم التى أسداها، وإذا لم يكن له شريك فيما أسدى، فكيف يشرك به غيره في العبادة؟ فقال مرة: قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا بِهِ حَدائِقَ ذاتَ بَهْجَةٍ ما كانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَها أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَراراً وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهاراً وَجَعَلَ لَها رَواسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حاجِزاً أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفاءَ الْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ تَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أَإِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ قُلْ لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْها بَلْ هُمْ مِنْها عَمُونَ وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَإِذا كُنَّا تُراباً وَآباؤُنا أَإِنَّا لَمُخْرَجُونَ لَقَدْ وُعِدْنا هذا نَحْنُ وَآباؤُنا مِنْ قَبْلُ إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُنْ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (النمل 59 - 71). أو ليس في إنبات الحدائق ذات البهجة، وتسيير الأنهار خلال الأرض، وإجابة المضطر إذا دعا، وكشف السوء، وجعلهم خلفاء الأرض، ما يبعث الابتهاج في النفس، والحب لله، ويدفع إلى عبادته وتوحيده ما دام هو الملجأ في الشدائد، والهادى في ظلمات البر والبحر، ومرسل الرياح بشرا بين يدى رحمته؟ ومرة يسائلهم قائلا: وَهُوَ اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (القصص 70 - 73). أوليس في الليل السرمد والنهار السرمد ما يبعث الخوف في النفس، والحب لمن جعل الليل والنهار خلفة؟!
وكثيرا ما تعجب القرآن من عبادتهم ما لا يضر ولا ينفع. والقرآن يبعث الخوف من سوء مصير هؤلاء المشركين يوم القيامة، فمرة يصورهم محاولين ستر جريمتهم بإنكارهم، حين لا يجدون لها سندا من الحق والواقع، فيقول:
وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 22 - 24).
وحينا يصورهم، وقد تبرأ شركاؤهم من عبادتهم، فحبطت أعمالهم، وضل سعيهم، وذلك حين يقول: وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (يونس 28 - 30).
وحينا يصورهم هلكى في أشد صور الهلاك وأفتكها، إذ يقول: وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ (الحج 31). أما المصير المنتظر لمن يشرك بالله فأن يلقى في جهنم ملوما مدحورا.
ومن أبرز صفات الله في القرآن قدرته، يوجّه النظر إلى مظاهرها، ويأخذ بيدهم ليدركوا آثار هذه القدرة، مبثوثة في أرجاء الكون وفي أنفسهم، فهذه الأرض هو الذى بسطها فراشا، وتلك السماء رفعها بناء، وهذه الجبال بثها في الأرض أوتادا، وهذه الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره، ووجه النظر إلى هذه الحبوب فلقها بقدرته، كما فلق النوى ليخرج منه النخل باسقات، ويوجه أنظارهم إلى ألوان المخلوقات وأنواعها وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى بَطْنِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى رِجْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْشِي عَلى أَرْبَعٍ يَخْلُقُ اللَّهُ ما يَشاءُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النور 45). وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ إِذا أَنْتُمْ بَشَرٌ تَنْتَشِرُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْها وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ وَمِنْ آياتِهِ خَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ وَمِنْ آياتِهِ مَنامُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَابْتِغاؤُكُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ وَمِنْ آياتِهِ يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّماءِ ماءً فَيُحْيِي بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ (الروم 20 - 25). خَلَقَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دابَّةٍ وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (لقمان 10). ويوجّه النظر إلى توالى الليل والنهار، وتسخير الشمس والقمر، فيقول: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ذلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْباطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ (لقمان 29، 30)؛ وكرر ذلك مرارا عدة، كقوله: أَفَلَمْ يَنْظُرُوا إِلَى السَّماءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْناها وَزَيَّنَّاها وَما لَها مِنْ فُرُوجٍ وَالْأَرْضَ مَدَدْناها وَأَلْقَيْنا فِيها رَواسِيَ وَأَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ تَبْصِرَةً وَذِكْرى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ وَنَزَّلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً مُبارَكاً فَأَنْبَتْنا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً كَذلِكَ الْخُرُوجُ (ق 6 - 11).
ويوجّه أنظارهم إلى قدرته في خلقهم، إذ يقول: هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ كَيْفَ يَشاءُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (آل عمران 6). ويقول: يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (الزمر 6).
صوّر القرآن قدرة الله الباهرة التى لا يعجزها شىء، والتى يستجيب لأمرها كل شىء، بهذا التّصوير البارع إذ قال: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (يس 82).
ولما وجّه النظر إلى مظاهر قدرته، اتخذ ذلك ذريعة إلى إقناعهم بأمر البعث، فحينا يتساءل أمن خلق السموات والأرض، ولم يجد مشقة في خلقها يعجز عن إحياء الموتى، فيقول: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى بَلى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (الأحقاف 33). ويقرر أن خلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس، لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (غافر 57). ولذا صح هذا التساؤل ليقروا: أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَأَغْطَشَ لَيْلَها وَأَخْرَجَ ضُحاها وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها وَالْجِبالَ أَرْساها مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ (النازعات 27 - 33). وسوف نكمل الحديث عن ذلك في فصل اليوم الآخر.
ومن أظهر صفات الله في القرآن علمه، وإحاطة علمه بكل شىء في الأرض وفي السماء وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (يونس 61). ويقول على لسان لقمان لابنه: يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ (لقمان 16). أرأيت هذا التصوير المؤثر لإحاطة علم الله بكل شىء، فلا يغيب عنه موضع ذرّة بين طيات صخرة أو في طبقات السموات، أو في أعماق الأرض، ويعلم الله الغيب، ومن ذلك ما يرونه بأعينهم في كل يوم من أمور غيبيّة، يدركون أنها مستورة عليهم، مع قرب بعضها منهم، إذ يقول: إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْأَرْحامِ وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً وَما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (لقمان 34). وَإِنْ تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى (طه 7). واقرأ هذا التصوير الشامل لعلمه في قوله: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ (الأنعام 59). وهكذا يصور القرآن شمول علم الله تصويرا ملموسا محسا.
ومن أظهر صفاته كذلك شدة قربه إلى الناس، ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِما عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (المجادلة 7). وأمر الرسول بأن يخبر الناس بقربه، يسمعهم ويصغى إليهم إذا دعوا، فقال: وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ (البقرة 186). ولا يستطيع فرد أن يعيش بعيدا عن عينه، يَعْلَمُ ما يَلِجُ فِي الْأَرْضِ وَما يَخْرُجُ مِنْها وَما يَنْزِلُ مِنَ السَّماءِ وَما يَعْرُجُ فِيها وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (الحديد 4). بل هو أقرب شىء إلى الإنسان، يعلم خلجات نفسه، ويدرك أسراره وخواطره لا يغيب عنه منها شىء، وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ وَنَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (ق 16).
والعدل، وقد أطال القرآن في تأكيد هذه الصفة، وأكثر من تكريرها، فكل إنسان مجزى بعمله وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ (غافر 31). مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها وَما رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (فصلت 146). ويقرر في صراحة إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (يونس 44). وإِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ (النساء 40).
وإن في تقرير هذه الصفات وتأكيدها لدفعا للمرء إلى التفكير قبل العمل، كى لا يغضب الله العالم بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، والقريب إليه قربا لا قرب أشد منه، وفي تأكيد صفتى العلم والقرب ما يبعث الخجل في الإنسان من أن يعمل ما يغضب الله وما حرمه، وفي تأكيد صفة العدل ما يبعث على محاسبة النفس لأن الخير سيعود إليها ثوابه، والشر سيرجع عليها عقابه.
وكان وصف القرآن لله بالرحمة والرأفة والحلم والغفران والشكر، أكثر من وصفه بالانتقام وشدّة العذاب، بل هو عند ما يوصف بهما، تذكر إلى جانبهما أحيانا صفات الرحمة؛ فكثيرا ما يكرر القرآن معنى قوله: إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ (البقرة 143). وقوله: وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُوراً رَحِيماً (النساء 110). وأكّد هذا الوصف حتى قال: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (الأنعام 54). وَقُلْ رَبِّ اغْفِرْ وَارْحَمْ وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ (المؤمنون 118). أَنْتَ وَلِيُّنا فَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الْغافِرِينَ (الأعراف 155). ويفتح باب رحمته وغفرانه، حتى لمن أسرف ولج في العصيان، إذ يقول: قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (الزمر 53). وبذلك كانت الصورة التى رسمها القرآن مليئة بالأمل والرجاء، تحيى في النفس التفاؤل، كما أن كثرة وصفه بالرحمة وأخواتها، تجعل عبادة الله منبعثة عن الحب، أكثر منها منبعثة عن الرهبة والخوف، ولكن لما كان كثير من النفوس يخضع بالرهبة دون الرغبة وصف القرآن الله بالعزة والانتقام وشدة العذاب، يقرن ذلك بوصفه بالرحمة حينا، ولا يقرنها بها حينا آخر، فيقول مرة: اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (المائدة 98). غافِرِ الذَّنْبِ وَقابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ (غافر 3). إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ (فصلت 43). ويقول أخرى: وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (الحشر 7). عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (المائدة 95). إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ ذُو انْتِقامٍ (آل عمران 4). وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (الزمر 37). وبرغم وصفه بالعزّة والانتقام والجبروت كانت الصفة الغالبة في القرآن هى الإنعام والرحمة والتّفضّل وأنه الملجأ والوزر، يجيب المضطرّ إذا دعاه، ويكشف السوء، وينجّى في ظلمات البرّ والبحر، فهى صورة محبّبة إلى النفوس، تدفع إلى العبادة، عبادة من هو جدير بها، لكثرة فضله وخيره وإنعامه.
وأفحم القرآن من ادّعى الألوهية من البشر إفحاما لا مخلص له منه، وذلك في الحديث الذى دار بين إبراهيم وهذا الملك الذى ادعى أنه إله، إذ يقول: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قالَ إِبْراهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِها مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (البقرة 258).
وأرشد القرآن إلى أن العقل السليم والفطرة المستقيمة يرشدان إلى وجود الله ويدلّان على وحدانيته، فهذا إبراهيم قد وجد قومه يتخذون أصناما آلهة، فلم ترقه عبادتهم، فمضى إلى الكون يلتمس إلهه، فلما رأى نورا يشع ليلا من كوكب في الأفق ظنه إلها، ولكنه لم يلبث أن رآه قد أفل، فأنكر على نفسه اتخاذ كوكب يأفل إلها، إذ الإله يجب أن يكون ذا عين لا تغفل ولا تنام، وهكذا أعجب بالقمر، واستعظم الشمس، ولكنهما قد مضيا آفلين، فأدرك إبراهيم أن ليس في كل هؤلاء من يستحق عبادة ولا تقديسا، وأنّ الله الحق هو الذى فطر السموات والأرض، واستمع إلى القرآن يصوّر تأمل إبراهيم في قوله: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بازِغاً قالَ هذا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قالَ لَئِنْ لَمْ يَهْــدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي هذا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قالَ يا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفاً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (الأنعام 74 - 79).
كان الإيمان بالله ووحدانيته، أساس الدين الإسلامى، وقد رأينا كيف عنى القرآن بإبراز صفاته التى تتصل بالإنسان خالقا له، ومنعما عليه، وعالما بكل صغيرة وكبيرة تصدر منه، وقريبا منه أقرب إليه من حبل الوريد، ورحيما به، عادلا لا يظلمه، ولا يغبنه، يهبه الرزق، ويمنحه الخير، ويجيبه إذا دعاه. أو ليس من له هذه الصفات الكاملة جديرا من الناس بالعبادة والتقديس والتنزيه عن النقص والإشراك؟
الله: علم دَال على الْإِلَه الْحق دلَالَة جَامِعَة لمعاني الْأَسْمَاء الْحسنى كلهَا وَقد مر تَحْقِيقه فِي أول الْكتاب تبركا وتيمنا.
الله: وَإِنَّمَا افتتحت بِهَذِهِ الْكَلِمَة المكرمة المعظمة مَعَ أَن لَهَا مقَاما آخر بِحَسب رِعَايَة الْحَرْف الثَّانِي تيمنا وتبركا وَهَذَا هُوَ الْوَجْه للإتيان بعد هَذَا بِلَفْظ الأحمد وَالْأَصْحَاب وَاعْلَم أَنه لَا اخْتِلَاف فِي أَن لفظ الله لَا يُطلق إِلَّا عَلَيْهِ تَعَالَى وَإِنَّمَا الِاخْتِلَاف فِي أَنه إِمَّا علم لذات الْوَاجِب تَعَالَى الْمَخْصُوص الْمُتَعَيّن أَو وصف من أَوْصَافه تَعَالَى فَمن ذهب إِلَى الأول قَالَ إِنَّه علم للذات الْوَاجِب الْوُجُود المستجمع للصفات الْكَامِلَة. وَاسْتدلَّ بِأَنَّهُ يُوصف وَلَا يُوصف بِهِ وَبِأَنَّهُ لَا بُد لَهُ تَعَالَى من اسْم يجْرِي عَلَيْهِ صِفَاته وَلَا يصلح مِمَّا يُطلق عَلَيْهِ سواهُ. وَبِأَنَّهُ لَو لم يكن علما لم يفد قَول لَا إِلَه إِلَّا الله التَّوْحِيد أصلا لِأَنَّهُ عبارَة عَن حصر الألوهية فِي ذَاته المشخص الْمُقَدّس. وَاعْترض عَلَيْهِ الْفَاضِل المدقق عِصَام الدّين رَحمَه الله بِأَنَّهُ كَيفَ جعل الله علما شخصيا لَهُ تَعَالَى لِأَنَّهُ لَا يتَحَقَّق إِلَّا بعد حُصُول الشَّيْء وحضوره فِي أذهاننا أَو القوى المثالية والوهمية لنا أَلا ترى أَنا إِذا جعلنَا العنقاء علما لطائر مَخْصُوص تصورناه بِصُورَة مشخصة بِحَيْثُ لَا يتَصَوَّر الشّركَة فِيهَا وَلَو بالمثال وَالْفَرْض وَهَذَا لَا يجوز فِي ذَاته تَعَالَى الله علوا كَبِيرا. فَإِن قلت وَاضع اللُّغَة هُوَ الله تَعَالَى فَهُوَ يعلم ذَاته بِذَاتِهِ وَوضع لفظ الله لذاته الْمُقَدّس، قلت هَذَا لَا يُفِيد فِيمَا نَحن فِيهِ لِأَن التَّوْحِيد أَن يحصل من قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله حصر الألوهية فِي عقولنا فِي ذَاته المشخص فِي أذهاننا وَلَا يَسْتَقِيم هَذَا إِلَّا بعد أَن يتَصَوَّر ذَاته تَعَالَى بِالْوَجْهِ الجزئي. هَذَا غَايَة حَاصِل كَلَامه وَقد أجَاب عَنهُ أفضل الْمُتَأَخِّرين الشَّيْخ عبد الْحَكِيم رَحمَه الله بِأَنَّهُ آلَة الْإِحْضَار وَهُوَ وَإِن كَانَ كليا لَكِن الْمحْضر جزئي وَلَا يخفى على المتدرب مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي الْوَاقِع فَهُوَ لَا يُفِيد حصر الألوهية فِي أذهاننا كَمَا هُوَ المُرَاد. وَإِن أَرَادَ أَن الْمحْضر جزئي فِي عقولنا فَمَمْنُوع، فَإِن وَسِيلَة الْإِحْضَار والموصل إِلَيْهِ إِذا كَانَ كليا كَيفَ يحصل بهَا فِي أذهاننا محْضر جزئي وَمَا الْفرق بَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الله وَبَين قَوْلنَا لَا إِلَه إِلَّا الْوَاجِب لذاته. فَإِن مَا يصدق عَلَيْهِ هَذَا الْمَفْهُوم أَيْضا جزئي فِي الْوَاقِع. فَإِن قلت التَّوْحِيد حصر الألوهية فِي ذَات مشخصة فِي نفس الْأَمر لَا فِي أذهاننا فَقَط. قلت فَهَذَا الْحصْر لَا يتَوَقَّف على جعل اسْم الله علما بل إِن كَانَ بِمَعْنى المعبود بِالْحَقِّ يحصل أَيْضا ذَلِك، وَلذَلِك يحصل بقولنَا لَا إِلَه إِلَّا الله إِلَّا الْوَاجِب لذاته كَمَا سبق وَمن ذهب إِلَى الثَّانِي قَالَ إِنَّه وصف فِي أَصله لكنه لما غلب عَلَيْهِ تَعَالَى بِحَيْثُ لَا يسْتَعْمل فِي غَيره تَعَالَى وَصَارَ كَالْعلمِ أجري مجْرى الْعلم فِي الْوَصْف عَلَيْهِ وَامْتِنَاع الْوَصْف بِهِ وَعدم تطرق الشّركَة إِلَيْهِ. وَاسْتدلَّ، بِأَن ذَاته من حَيْثُ هُوَ بِلَا اعْتِبَار أَمر آخر حَقِيقِيّ كالصفات الإيجابية الثبوتية أَو غير حَقِيقِيّ كالصفات السلبية غير مَعْقُول للبشر فَلَا يُمكن أَن يدل عَلَيْهِ بِلَفْظ. ثمَّ على الْمَذْهَب الثَّانِي قد اخْتلف فِي أَصله فَقَالَ بَعضهم إِن لفظ الله أَصله إِلَه من إِلَه الآهة وإلها بِمَعْنى عبد عبَادَة والإله بِمَعْنى المعبود الْمُطلق حَقًا أَو بَاطِلا فحذفت الْهمزَة وَعوض عَنْهَا الْألف وَاللَّام لِكَثْرَة الِاسْتِعْمَال أَو للْإِشَارَة إِلَى المعبود الْحق وَعند الْبَعْض من إِلَه إِذا فزع وَالْعَابِد يفزع إِلَيْهِ تَعَالَى وَعند الْبَعْض من وَله إِذا تحير وتخبط عقله، وَعند الْبَعْض من لاه مصدر لاه يَلِيهِ ليها ولاها إِذا احتجب وارتفع وَهُوَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِكَمَال ظُهُوره وجلائه مَحْجُوب عَن دَرك الْأَبْصَار ومرتفع على كل شَيْء وَعَما لَا يَلِيق بِهِ. وَالله أَصله الْإِلَه حذفت الْهمزَة إِمَّا بِنَقْل الْحَرَكَة أَو بحذفها وعوضت مِنْهَا حرف التَّعْرِيف ثمَّ جعل علما إِمَّا بطرِيق الْوَضع ابْتِدَاء وَإِمَّا بطرِيق الْغَلَبَة التقديرية فِي الْأَسْمَاء وَهِي تَجِيء فِي موضعهَا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
ثمَّ اعْلَم أَن حذف الْهمزَة بِنَقْل الْحَرَكَة قِيَاس وَبِغَيْرِهِ خلاف قِيَاس وَهُوَ هَا هُنَا يحْتَمل احْتِمَالَيْنِ لَكِن على الثَّانِي الْتِزَام الْإِدْغَام ووجوبه قياسي لِأَن السَّاقِط الْغَيْر القياسي بِمَنْزِلَة الْعَدَم فَاجْتمع حرفان من جنس وَاحِد أَولهمَا سَاكن وعَلى الثَّانِي الْتِزَامه على خلاف الْقيَاس لِأَن الْمَحْذُوف القياسي كالثالث فَلَا يكون المتحركان المتجانسان فِي كلمة وَاحِدَة من كل وَجه وعَلى أَي حَال فَفِي اسْم الله المتعال خلاف الْقيَاس فَفِيهِ توفيق بَين الِاسْم والمسمى لِأَنَّهُ تَعَالَى شَأْنه خَارج عَن دَائِرَة الْقيَاس وطرق الْعقل وَعند أهل الْحق وَالْيَقِين رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ. حرف الْهَاء فِي لفظ الله إِشَارَة إِلَى غيب هويته تَعَالَى وَالْألف وَاللَّام للتعريف وَتَشْديد اللَّام للْمُبَالَغَة فِي التَّعْرِيف وَلَفظ الله اسْم أعظم من أَسْمَائِهِ تَعَالَى وَقد يُرَاد بِهِ وَاجِب الْوُجُود بِالذَّاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {قل هُوَ الله أحد} وَفِي قَوْلهم والمحدث للْعَالم هُوَ الله الْوَاحِد فَلَا يلْزم اسْتِدْرَاك الْأَحَد وَالْوَاحد فيهمَا وتفصيله فِي الْأَحَد إِن شَاءَ الله الصَّمد.
الله: علم دال على الإله الحق دلالة جامعة لجميع الأسماء الحسنى.
(الله) علم على إلاله المعبود بِحَق أَصله إِلَه دخلت عَلَيْهِ ال ثمَّ حذفت همزته وأدغم اللامان
الله: تَبَارَكَ وتَعالى وجَلَّ جَلاَلُهُ- هو عَلَم دالٌّ على الإله الحقِّ دلالة جامعة لمعاني الأسماء الحسنى كلها قاله السيد في "التعريفات".

بلي

(بلي) الثَّوْب بلَى وبلاء رث وَالدَّار وَنَحْوهَا فنيت

بلي


بَلَى(n. ac. بِلًى [ ])
a. Was worn out, used up, consumed.

أَبْلَيَa. Wore out, used up, consumed.

بِلْيa. see 21
بَاْلِيa. Worn out, wasted, decayed; consumed.

بَلِيّa. Wearied, jaded, exhausted.

بِلًى
a. Worn, wasted; wear; wear and tear.

بَلَى
a. Yes, Yea, verily.

بَمّ
P. (pl.
بُلُوْي)
a. Bass-note (music).
بِمَ
a. Why? Wherefore?

بِمَاأَن
a. Because.
ب ل ي : بَلِيَ الثَّوْبُ يَبْلَى مِنْ بَابِ تَعِبَ بِلًى بِالْكَسْرِ وَالْقَصْرِ وَبَلَاءً بِالْفَتْحِ وَالْمَدِّ خَلُقَ فَهُوَ بَالٍ وَبَلِيَ الْمَيِّتُ أَفْنَتْهُ الْأَرْضُ.

وَبَلَاهُ اللَّهُ بِخَيْرٍ أَوْ شَرٍّ يَبْلُوهُ بَلْوًا وَأَبْلَاهُ بِالْأَلِفِ وَابْتَلَاهُ ابْتِلَاءً بِمَعْنَى امْتَحَنَهُ وَالِاسْمُ بَلَاءٌ مِثْلُ: سَلَامٍ وَالْبَلْوَى وَالْبَلِيَّةُ مِثْلُهُ.

وَبَلَى حَرْفُ إيجَابٍ فَإِذَا قِيلَ مَا قَامَ زَيْدٌ وَقُلْتَ فِي الْجَوَابِ بَلَى فَمَعْنَاهُ إثْبَاتُ الْقِيَامِ وَإِذَا قِيلَ أَلَيْسَ كَانَ كَذَا وَقُلْتَ بَلَى فَمَعْنَاهُ التَّقْرِيرُ وَالْإِثْبَاتُ وَلَا تَكُونُ إلَّا بَعْدَ نَفْيٍ إمَّا فِي أَوَّلِ الْكَلَامِ كَمَا تَقَدَّمَ وَإِمَّا فِي أَثْنَائِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {أَيَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظَامَهُ} [القيامة: 3] {بَلَى} [القيامة: 4] وَالتَّقْدِيرُ بَلَى نَجْمَعُهَا وَقَدْ يَكُونُ مَعَ النَّفْيِ اسْتِفْهَامٌ وَقَدْ لَا يَكُونُ كَمَا تَقَدَّمَ فَهُوَ أَبَدًا يَرْفَعُ حُكْمَ النَّفْيِ وَيُوجِبُ نَقِيضَهُ وَهُوَ الْإِثْبَاتُ.

وَقَوْلُهُمْ لَا أُبَالِيه وَلَا أُبَالِي بِهِ أَيْ لَا أَهْتَمُّ بِهِ وَلَا أَكْتَرِثُ لَهُ وَلَمْ أُبَالِ وَلَمْ أُبَلِ لِلتَّخْفِيفِ كَمَا حَذَفُوا الْيَاءَ مِنْ الْمَصْدَرِ فَقَالُوا لَا أُبَالِيه بَالَةً وَالْأَصْلُ بَالِيَةٌ مِثْلُ: عَافَاهُ مُعَافَاةً وَعَافِيَةً قَالُوا وَلَا تُسْتَعْمَلُ إلَّا مَعَ الْجَحْدِ وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُمْ تُبَالِي الْقَوْمُ إذَا تَبَادَرُوا إلَى الْمَاءِ الْقَلِيلِ فَاسْتَقَوْا فَمَعْنَى لَا أُبَالِي: لَا أُبَادِرُ إهْمَالًا لَهُ وَقَالَ أَبُو زَيْدٍ مَا بَالَيْتُ بِهِ مُبَالَاةً وَالِاسْمُ الْبِلَاءُ وِزَانُ كِتَابٍ وَهُوَ الْهَمُّ الَّذِي تُحَدِّثُ بِهِ نَفْسَكَ. 
[ب ل ي] بَلِيَ الثَّوْبُ بِلىً وَبَلاءً وَأَبْلاهُ هُو قالَ

(والمرءُ يُبْلِيهِ بَلاَءَ السِّربَالْ ... )

أَرَادَ إِبْلاءَ السَّرْبْاَلِ أَو أَرَادَ فَيَبْلَى بَلاءَ السَّرْبَالْ وَبَلاهُ كأَبْلاهُ قالَ العُجَيْرُ السَّلُولِيُّ

(وَقَائِلَةٍ هذا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ ... بِهِ أَبْطُنٌ بَلَّيْنَهُ وظُهُورُ)

(رَأَتْنِي تَحَادَبْتُ وَمنْ يَكُنْ ... فَتًى عَامَ عَامَ الماءِ فهو كَبِيرُ)

وقالَ ابنُ أَحْمَرَ

(لَبِسْتُ أَبِي حَتَّى تَمَلَّيْتُ عُمْرَهُ ... وَبَلَّيْتُ أَعْمَامِيْ وَبَلَّيْتُ خَالِيَا)

يُرِيدُ أَنِّي عِشْتُ المُدَّةَ الَّتِي عَاشَهَا أَبِي وقِيلَ عَامَرْتُهُ طُوْلَ حَيَاتِهِ وَبَلاَّهُ السَّفَرُ وَبَلَّى عَلَيْهِ أَنشدَ ابن الأَعْرَابِيّ

(قَلُوصَانِ عَوْجَاوَانِ بلى عَلَيْهِمَا ... دَءُوْبُ السُّرَى ثُمَّ اقْتِرَاحُ الهَوَاجِر)

وَأَبْلاهُ كذلِكَ وَفُلانٌ بِلْيُ أَسْفَارٍ إِذَا كانَ قَدْ بَلاَّه السَّفَرُ والهَمُّ وَنَحْوُهُمَا وَجَعَلَ ابنُ جِنِّيٍّ اليَاءَ في هَذَا بَدَلاً مِنَ الوَاوِ وَلِضَعْفِ حَجْرِ اللامِ كَمَا تَقَدَّمَ في قَوْلِهِم فُلانٌ مِنْ عِلْيَةِ النَّاسِ وَهُوَ بِذِي بَلَّيْ وبِلَّيْ وَبَلِيٍّ وَبِلِيٍّ وَبِلِّيَانٍ وَبَلَيَانٍ بِفَتْحِ البَاءِ واللامِ إِذَا بَعُدَ عَنْكَ حَتَّى لا تَعْرِفَ مَوْضِعَهُ وَقَالَ ابنُ جِنِّيٍّ قَوْلُهُم أَتَى عَلَى ذِي بِلِّيَانَ غَيْرُ مَصْرُوفٍ هُوَ عَلَمٌ للبُعْدِ وَقَوْلُه

(يَنَامُ وَيَذْهَبُ الأَقْوَامُ حَتَّى ... يُقَالَ أَتَوا عَلَى ذِي بِلَيَانٍ)

فَإِنَّهُ صَرَفَهُ عَلَى مَذْهَبِهِ للضَّرُورَةِ وفي حَدِيثِ خَالِدِ بن الوَلِيد إِذَا كانَ النَّاسُ بِذِي بَلِيٍّ أَرَادَ تَفَرُّقَهُمْ وَأَنْ يَكُونُوا طَوَائِفَ والبَلِيَّةُ النَّاقَةُ يَمُوتُ رَبُّهَا فَتُشَدُّ عند قَبْرِه حَتَّى تَمُوتَ وَتَبْلَى وبَلِيٌّ اسمُ قَبِيْلَةٍ
بلي
: (ي} بَلِيَ الثَّوْبُ، كرَضِيَ، {يَبْلَى) .
(قالَ شيْخُنا: جَرَى على خِلافِ قواعِدِه فإنَّه وَزَنَ الفِعْل برَضِيَ فدَلَّ على أنَّه مَكْسورُ المَاضِي مَفْتوحُ المُضارِع، ثمَّ أَتْبَعَه بالمُضارِعِ فدَلَّ على أنَّه كضَرَبَ، وَالثَّانِي لَا قائِلَ بِهِ، فَهِيَ زِيادَةٌ مفسدَةٌ.
(} بِلىً) ، بالكسْرِ والقَصْرِ، ( {وبَلاءً) ، بالفتْحِ والمدِّ وقَضيَّة يَقْتَضي الفَتْح فيهمَا وليسَ كَذلِكَ.
قالَ الجَوْهريُّ: إنْ كَسَرْتَها قَصَرْتَ، وَإِن فَتَحْتَها مَدَدْتَ.
قُلْتُ: ومثْلُه القِرَى والقَراءُ والصِّلى والصَّلاءُ.
(} وأبْلاهُ هُوَ) ؛) وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للعجَّاجِ: والمَرْءُ {يُبْلِيهِ} بَلاءَ السِّرْبالْ
كرُّ اللَّيَالِي واخْتِلافُ الأَحْوالْويقالُ للمُجِدِّ: {أَبْلِ ويُخْلِفُ الله.
قُلْتُ: وقَوْلُ العجَّاجِ: بَلاءَ السِّرْبالْ، أَي} إبْلاء السِّرْبال، أَو فيَبْلى بَلاءَ السِّرْبال.
( {وبَلاَّهُ) ، بالتَّشْديدِ؛ وَمِنْه قولُ العُجَيْر السَّلولي:
وقائِلَةٍ هَذَا العُجَيْرُ تَقَلَّبَتْ
بهِ أَبْطُنٌ} بَلَّيْنَهُ وظُهوررَأَتنِي تَجاذَبْتُ العَدَاةَ ومَنْ يَكُنْ
فَتىً عامَ عامَ عَام فَهْوَ كَبيروأَنْشَدَ ابنُ الأعْرابيِّ:
قَلُوصانِ عَوْجاوانِ {بَلَّى عَليهِما
دُؤوبُ السُّرَى ثمَّ اقْتِداحُ الهَواجِر (وَفُلَان} بلْيُ أَسْفارِ {وبلْوُها) ، بكسْر الباءِ فيهمَا: (أَي} بَلاَهُ الهَمُّ والسَّفَرُ والتَّجارِبُ) .
(وَالَّذِي فِي الصِّحاحِ والأَساسِ: ناقَةٌ {بِلْوُ سَفَرٍ} وبِلْيُ سَفَرٍ للَّتي قد {أَبْلاَها السَّفَرُ؛ والجَمْعُ} أَبْلاءٌ؛ وأَنْشَدَ الأَصْمعيُّ:
ومَنْهَلٍ من الأَنِيس نائي شَبيهِ لَوْنِ الأَرْضِ بالسَّماءِ داوَيْتُه برُجَّعٍ أَبْلاءِ قُلْتُ: وَهُوَ قَوْلُ جَنْدَل بنِ المُثَنَّى.
زادَ ابنُ سِيدَه: وكَذلِكَ الرَّجُلُ والبَعيرُ.
فكأنَّ المصنِّفَ أَخَذَه مِن هُنَا، وزادَ كابنِ سِيدَه الهَمّ والتَّجارِبَ وَلم يَشِرْ إِلَى الناقَةِ أَو البَعيرِ، وَلَا إِلَى الجَمْعِ وَهُوَ قُصُورٌ. كَمَا أنَّ الجَوْهرِيَّ لم يَذْكر الرّجلَ واقْتَصَر على {بَلاهُ السَّفَر.
(و) رجُلٌ (} بِلْيُ شَرَ) أَو خَيْرٍ ( {وبِلْوُهُ) :) أَي (قَوِيٌّ عَلَيْهِ} مُبْتَلىً بِهِ.
(و) هُوَ ( {بِلْوٌ} وبِلْيٌ مِن {أَبْلاءِ المالِ) :) أَي (قَيِّمٌ عَلَيْهِ) ؛) يقالُ ذلِكَ للرَّاعي الحَسَنِ الرِّعْيَة، وكَذلِكَ هُوَ حِبْلٌ مِن أَحْبالِها، وعِسْلٌ مِن أَعْسالِها؛ وزِرٌّ مِن أَزْرارِها؛ قالَ عمرُ بن لَجأٍ:
فصادَفَتْ أَعْصَلَ من} أَبْلائِها
يُعْجِبُه النَّزْعَ إِلَى ظمائِهاقُلِبَتِ الواوُ فِي كلِّ ذلِكَ يَاء للكسْرَةِ، وضعْفِ الحاجِزِ فصارَتِ الكسْرَةُ كأَنَّها باشَرَتِ الواوَ.
قالَ ابنُ سِيدَه: وجَعَلَ ابنُ جنِّي الياءَ فِي هَذَا بَدَلا مِن الواوِ لضعْفِ حجزِ اللامِ كَمَا سيُذْكَر فِي قوْلِهم: فلانٌ من عِلْيَةِ الناسِ.
(و) يقالُ: (هُوَ بِذِي {بَلَّى، كحَتَّى) ، الجارَّةِ، (وإلاَّ) الاسْتِثْنائِيَّة، (ورَضِيَ ويُكْسَرُ،} وبَلَيانٍ، محرَّكةً، و) بِذِي {بِلِيَّانٍ، (بكَسْرَتَيْن مُشددةَ الثَّالثِ) ، وَكَذَا بتَشْديدِ الثَّانِي وَقد مَرَّ فِي اللامِ؛ وأَنْشَدَ الكِسائيُّ فِي رجلٍ يطيلُ النَّومَ:
تَنامُ ويَذْهَبُ الأَقْوامُ حَتَّى
يُقالَ أَتَوْا على ذِي} بِلّيان ِيقالُ ذلِكَ (إِذا بَعُدَ عَنْك حَتَّى لَا تَعْرِفَ مَوْضِعَهُ) .
(وقالَ الكِسائيُّ فِي شرْحِ البيتِ المَذْكورِ: يعْنِي أنَّه أَطالَ النَّوْمَ ومَضَى أَصْحابُه فِي سَفَرِهم حَتَّى صارُوا إِلَى المَوْضِعِ الَّذِي لَا يَعْرِف مَكانَهم مِن طُولِ نَوْمِه.
قالَ ابنُ سِيدَه: وصَرَفَه على مَذْهَبِه.
وقالَ ابنُ جنِّي قَوْلُهم أَتَى على ذِي بِلِيَّانَ غَيْر مَصْروفٍ وَهُوَ عَلَم البعدِ.
وَفِي حدِيث خالِدِ بن الوَلِيدِ: (وَلَكِن ذاكَ إِذا كانَ الناسُ بِذِي {بَلِيٍّ وذِي بَلّى) .
قالَ أَبو عبيدٍ: أَرادَ تفرّقَ الناسِ وأَن يكُونوا طَوائِفَ وفِرقاً مَعَ غيرِ إمامٍ يَجْمعُهم، وكَذلِكَ كُلّ مَنْ بَعُدَ عنْكَ حَتَّى لَا تَعْرِفَ مَوْضِعَه فَهُوَ بذِي بلّيَ، وجعلَ اشْتِقاقَه مِن بَلَّ الأَرض: إِذا ذَهَبَ، أَرادَ ضِياعَ أُمورِ الناسِ بَعْده؛ وَقد ذُكِرَ هَذَا الحدِيثُ فِي بثن، وتقدَّمَ زِيادَة تَحْقيق فِي بَلل.
وقالَ ابنُ الأعْرابيِّ: يقالُ: فلانٌ بِذِي بِليَ وذِي} بِليَّان إِذا كانَ ضائِعاً بعِيداً عَن أَهْلِه.
( {والبَلِيَّةُ) ، كغنِيَّةٍ: (النَّاقَةُ) الَّتِي (يموتُ رَبُّها فَتُشَدُّ عندَ قبرِهِ) فَلَا تُعْلَفُ وَلَا تُسْقَى (حَتَّى تموتَ) جُوعاً وعَطَشاً، أَو يُحْفَرُ لَهَا وتُتْرَكُ فِيهَا إِلَى أَنْ تَموتَ، لأنَّهم (كَانُوا يقولونَ: صاحِبُها يُحْشَرُ عَلَيْهَا) .
(وَفِي الصِّحاحِ: كَانُوا يزْعمُونَ أنَّ الناسَ يُحْشَرُونَ ركباناً على} البَلايَا، ومُشاةً إِذا لم تُعْكَس مَطايَاهُم عنْدَ قُبورِهم، انتَهَى.
وَفِي حدِيثِ عبْدِ الرزَّاقِ: كَانُوا فِي الجاهِلِيَّةِ يَعْقِرُونَ عندَ القبْرِ بَقَرةً أَو ناقَةً أَو شَاة ويُسمُّونَ العَقِيرَةَ! البَلِيَّة.
وقالَ السَّهيلي: وَفِي فِعْلِهم هَذَا دَلِيلٌ على أنَّهم كَانُوا يرونَ فِي الجاهِلِيَّةِ البَعثَ والحَشْرَ بالأَجْسادِ، وهُم الأَقَلّ، وَمِنْهُم زُهَيْرٌ.
وأَوْرَدَ مثْلَ ذلِكَ الخطابيُّ وغيرُهُ. (وَقد {بُلِيَتْ، كعُنِيَ) ، هَكَذَا فِي النسخِ، وَالَّذِي فِي المُحْكَم: قالَ غَيْلان الرَّبعِيّ:
باتَتْ وباتُوا} كَبَلايا {الأَبْلاءْ
مطلنفئين عِندَها كالأَطْلاءيَصِفُ حَلْبَة قادَها أَصْحابُها إِلَى الغايَةِ، وَقد بُلِيَتْ، فقَوْلُه: وَقد} بُلِيَتْ إنَّما مرْجعُ ضَمِيره إِلَى الحَلْبة لَا إِلَى البَلِيَّة كَمَا زَعَمَه المصنِّف، فتأَمَّل ذلِكَ.
( {وبَلِيٌّ، كرَضِيَ؛) قالَ الجَوْهرِيُّ: فَعِيل؛ (قَبيلَةٌ م) مَعْروفَةٌ، وَهُوَ ابنُ عَمْرو بن الحافي بن قُضاعَةَ، (وَهُوَ} بَلَوِيٌّ) ، كعَلَوِيَ، مِنْهُم فِي الصَّحابَةِ، وَمن بعْدِهم خَلْقٌ كَثيرٌ يُنْسَبُونَ هَكَذَا.
( {وبَلْيانَةُ) ، بفتْحٍ فسكونٍ: (د بالمَغْرِبِ) .) وضَبَطَه الصَّاغانيُّ بالكسْرِ، وقالَ: بالأَنْدَلُسِ.
(} وابْتَلَيْتُهُ: اخْتَبَرْتُه) وجَرَّبْتُه.
(و) {ابْتَلَيْتُ (الرَّجُلَ} فأَبْلانِي) :) أَي (اسْتَخْبَرْتُه فأَخْبَرَني) .
(قالَ ابنُ الأعْرابيِّ: {أَبْلَى بمعْنَى أَخْبَرَ؛ وَمِنْه حدِيثُ حذيفَةَ: (لَا} أُبْلي أَحداً بَعْدَك أَبَداً) ، أَي لَا أُخْبِرُ، وأَصْلُه مِن قَوْلِهم: أَبْلَيْتُ فلَانا يَمِيناً.
(و) {ابْتَلَيْتُه: (امْتَحَنْتُه واخْتَبَرْتُه) ؛) هَكَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ: اخْتَرْتُه؛ وَمِنْه حدِيثُ حذيفَةَ: (أَنَّه أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فتَدَافَعُوها فتَقَدَّمَ حديفةُ فلمَّا سَلَّم مِن صلاتِهِ قَالَ:} لتَبْتَلُنَّ لَهَا إِمَامًا أَو لتُصَلُّنَّ وُحْداناً) .
قالَ شَمِرٌ: أَي لتَخْتارُنَّ لَهَا إِمَامًا، وأَصْلُ {الابْتِلاءِ الاخْتِبار؛ (} كَبَلَوْتُه {بَلْواً} وبَلاءً) .
(قالَ الرَّاغبُ: وَإِذا قيلَ ابتلى فلانٌ كَذَا! وأَبَلاَهُ فذلِكَ يَتَضَمَّنُ أَمْرَيْن: أَحَدُهما: تَعَرّفُ حالهُ والوُقُوفُ على مَا يُجْهَلُ مِن أَمْرِه؛ وَالثَّانِي: ظهورُ جودَتِه ورَداءَتِه، ورُبَّما قُصِدَ بِهِ الأَمْران، ورُبَّما يُقْصَدُ بِهِ أَحَدُهما، فَإِذا قيلَ فِي الله {بَلَى كَذَا أَو} ابْتَلاه، فليسَ المُراد مِنْهُ إلاَّ ظُهُور جودَتِه ورَداءَته دونَ التَّعرُّفِ لحالِهِ والوُقُوفِ على مَا يجهَلُ مِنْهُ، إِذْ كانَ اللَّهُ علاَّمَ الغُيوبِ، وعَلى هَذَا قَوْلُه تَعَالَى: {وَإِذا {ابْتَلَى إِبْرَاهِيم ربه بكلماتٍ فأَتَمَّهُنَّ} .
(والاسْمُ} البَلْوَى {والبَلِيَّةُ) ، كغَنِيَّةٍ؛ كَذَا بخطِّ الصّقليّ فِي نسخةِ الصِّحاحِ، وبخطِّ أَبي زكريَّا} البِلْيَة بالكسْرِ؛ ( {والبِلْوَةُ، بالكسْرِ) كَمَا فِي الصِّحاحِ أَيْضاً، وجَمَعَ بعيْنهما ابنُ سِيدَه زادَ:} والبَلاءُ.
(والبَلاءُ: الغَمُّ كأنَّه {يُبْلي الجِسْمَ) ، نَقَلَهُ الرَّاغبُ؛ قالَ: (والتَّكْليفُ} بَلاءٌ) مِن أَوْجُهٍ، (لأنَّه شاقٌّ على البَدَنِ) ، فصارَ بِهَذَا الوَجْه بَلاءٌ، (أَو لأنَّه اخْتِبارٌ) ، وَلِهَذَا قالَ تَعَالَى: { {ولنَبْلونَّكُم حَتَّى نَعْلَم المُجاهِدِينَ منْكُم والصَّابِرِين} ؛ أَو لأنَّ اخْتِبارَ اللَّهِ العِبادَ تارَةً بالمَسَار ليَشْكرُوا وتارَةً بالمَضارِّ ليَصْبُروا.
(و) لهَذَا قَالُوا: (} البَلاءُ يكونُ مِنْحَةً ويكونُ مِحْنَةً) ، فالمِحْنَةُ مُقْتَضِيةٌ للصَّبْرِ، والمِنْحَةُ أَعْظَمَ {البَلاءَيْنِ. وَبِهَذَا النَّظَرِ قالَ عُمَرُ، رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (} بُلِينا بالضَّرَّاءِ فصَبَرْنا! وبُلِينا بالسَّرَّاءِ فَلم نَصْبر) . وَلِهَذَا قالَ عليٌّ، رضِيَ اللَّهُ عَنهُ: (مَنْ وسِّع عَلَيْهِ دُنْيــاهُ فَلم يَعْلَم أنَّه مَكْرٌ بِهِ فَهُوَ مَخْدوعٌ عَن عَقْلِه) .
وقالَ تَعَالَى: { {ونَبْلُوكُم بالشَّرِّ والخَيْر فِتْنَة} ، {} - وليُبليَ المُؤْمِنِين مِنْهُ بَلاءً حَسَناً} ؛ وقَوْلُه: {وَفِي ذَلِكُم بَلاءٌ مِن رَبِّكم عَظِيمٌ} ، رَاجِعٌ إِلَى الأَمْرَيْن: إِلَى المِحْنَةِ الَّتِي فِي قوْلِه: {يذبحون أَبْناءَكُمْ} ، الآيَة؛ وَإِلَى المِنْحَة الَّتِي أَنْجاهُم، وكَذلِكَ قَوْلُه تَعَالَى: {وآتَيْناهُم مِن الآياتِ مَا فِيهِ بَلاءٌ مُبِينٌ} ، راجِعٌ إِلَى الأَمْرَين، كَمَا وَصَفَ كتابَه بقَوْله: {قُلْ هُوَ للَّذين آمَنُوا هُدىً} ، الآيَة، انتَهَى.
(و) يقولونَ: (نَزَلَتْ {بَلاءٍ) على الكُفَّارِ، (كقَطامِ، أَي البَلاءُ) .
قالَ الجَوْهرِيُّ: حَكَاهُ الأَحْمر عَن العَرَبِ.
(} وأَبْلاهُ عُذْراً: أَدَّاهُ إِلَيْهِ فَقَبِلَهُ) ؛ وقيلَ: بَيَّنَ وَجْهَ العذْرِ ليُزِيلَ عَنهُ اللّومَ؛ وكَذلِكَ {أَبْلاهُ جُهده ونائِلَهُ.
وَفِي الأساسِ: وحَقِيقَتُه جَعَله بالِياً لعُذْرِه، أَي خَابِراً لَهُ عالِماً بكُنْهِه.
وَفِي حدِيثِ برِّ الوَالِدَيْن: (} أَبْلِ الله تَعَالَى عُذْراً فِي بِرّها) أَي أَعْطِه وأَبْلِغ العُذْرَ فِيهَا إِلَيْهِ، المعْنَى أَحْسِن فيمَا بَيْنك وبَيْنَ اللَّهِ ببِرِّك إيَّاها.
(و) {أَبْلَى (الرَّجُلَ) يَمِيناً} إِبلاءً (أَحْلَفَهُ و) أَبْلَى الرَّجُلَ: (حَلَفَ لَهُ) فطَيَّبَ بهَا نَفْسَه؛ قالَ الشاعِرُ:
وَإِنِّي {لأُبْلِي الناسَ فِي حُبِّ غَيْرها
فأَمَّا على جُمْلٍ فإنيَ لَا} أُبْلي أَي أَحْلف للناسَ إِذا قَالُوا هَل تحبُّ غَيْرها أَنِّي لَا أُحبُّ غَيْرَها، فأَمَّا عَلَيْهَا فَإِنِّي لَا أَحْلف؛ وقالَ أَوْس:
كأنَّ جَدِيدَ الأَرضِ {يُبْلِيكَ عَنْهُمُ
تَقِيُّ اليَمِينِ بَعْدَ عَهْدِكَ حالِفُأَي يَحْلفُ لَكَ جَدِيدُ الأَرضِ أنَّه مَا حَلَّ بِهَذِهِ الدارِ أَحَدٌ لدُرُوسِ مَعاهِدِها؛ وقالَ الراجزُ:
فَأَوْجِع الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرا
أَو} يُبْلِيَ الله يَمِيناً صَبْرَا فَهُوَ (لازِمٌ مُتَعَدَ.
( {وابْتُلِيَ: اسْتُحْلِفَ واسْتُعْرِفَ) ؛ قالَ الشَّاعِرُ:
تُبَغّي أَباها فِي الرِّفاقِ} وتَبْتَلِي
وأَوْدَى بِهِ فِي لُجَّةِ البَحْرِ تَمْسَحُأَي تَسْأَلُهم أَنْ يَحْلفُوا لَهَا، وتقولُ لَهُم: ناشَدْتُكم اللَّهَ هَل تَعْرِفُونَ لأَبي خَبراً؟
وقالَ أَبو سعيدٍ: تَبْتَلِي هُنَا تَخْتَبِر؛ {والابْتِلاءُ: الاخْتِبارُ بيَمِينٍ كانَ أَو غَيْرها؛ وقالَ آخَرُ:
تُسائِلُ أَسْماءُ الرِّفاقَ وتَبْتَلي
ومِنْ دُونِ مَا يَهْوَيْنَ بابٌ وحاجبُ (و) يقالُ: (مَا} أُبالِيه {بالَةً} وبِلاءً) ، بالكسْرِ والمدِّ، ( {وبالاً} ومُبالاةً) .
قالَ ابنُ دُرَيْدٍ: {البَلاءُ هُوَ أَنْ يقولَ لَا أُبالِي مَا صَنَعْتُ} مُبالاةً {وبِلاءً، وليسَ هُوَ مِن بَلِيَ الثَّوبُ.
وَفِي كَلامِ الحَسَن: لم} يُبالِهِمْ اللَّهُ بالَةً.
وقوْلُهم: مَا! أُبالِيهِ، (أَي مَا أَكْتَرِثُ) لَهُ.
قالَ شيْخُنا: وَقد صَحَّحوا أنَّه يَتَعدَّى بالباءِ أَيْضاً كَمَا قالَهُ البَدْرُ الدّمامِيني فِي حواشِي المغْنِي، انتَهَى.
أَي يُقالُ: مَا {بالَيْتُ بِهِ، أَي لم أَكْتَرِثْ بِهِ؛ وَبِهِمَا رُوِي الحدِيثُ: (وتَبْقَى حُثالَةٌ لَا} يُبالِيهمُ اللَّهُ {بالةً) ؛ وَفِي رِوايَةٍ: (لَا} يُبالِي بِهمْ بالَةً) .
وَلَكِن صَرَّحَ الزَّمَخْشريّ فِي الأساسِ: أنَّ الأُولى أَفْصَح، وفَسَّر {المُبالاةَ هُنَا بعَدَمِ الإكْتِراثِ؛ ومَرَّ لَهُ فِي الثاءِ تَفْسِيره بعَدَمَ المُبالاةِ، والأكْثَر فِي اسْتِعْمالِهما لازِمَيْن للنَّفْي، والمعْنَى: لَا يَرْفع لَهُم قَدْراً وَلَا يُقيمُ لَهُم وَزْناً.
وَجَاء فِي الحدِيثِ: (هَؤُلَاءِ فِي الجنَّةِ وَلَا} أُبالِي وَهَؤُلَاء فِي النارِ وَلَا أُبالي.
وحَكَى الأزْهرِيُّ عَن جماعَةٍ مِن العُلماءِ أَنَّ مَعْناه لَا أَكْرَه.
قالَ الزَّمَخْشرِيُّ: وقيلَ لَا {أُبالِيهِ: قَلْبُ لَا أُبَاوِلُه مِن البَالِ أَي لَا أَخْطِرهُ ببَالِي وَلَا أُلْقِي إِلَيْهِ بَالا.
قالَ شيْخُنا:} وبالَةُ قيلَ: اسمُ مَصْدَرٍ، وقيلَ: مَصْدَر {كالمُبالاةِ؛ كَذَا فِي التَوْشيحِ.
قُلْتُ: ومَرَّ عَن ابنِ دُرَيْدٍ مَا يُشِيرُ إِلَى أنَّه مَصْدرٌ؛ قالَ ابنُ أَحْمر:
وشَوْقاً لَا} يُبالِي العَيْنَ بَالا (و) قَالُوا: (لم {أُبالِ وَلم} أُبَلْ) ، حَذَفُوا الألفَ تَخْفِيفاً لكَثْرةِ الاسْتِعْمالِ، كَمَا حَذَفُوا الياءَ مِن قوْلِهم لَا أَدْرِ، وكَذلِك يَفْعلُونَ فِي المَصْدَرِ فيَقُولونَ مَا {أُبالِيهِ بالَةً، والأصْلُ} بالِيَةً، مثْل عَافَاهُ اللَّهُ عافِيَةً، حَذَفُوا الياءَ مِنْهَا بِنَاء على قَوْلِهم لم أُبَلْ، وليسَ مِن بابِ الطاعَةِ والجابَةِ والطاقَةِ؛ كَذَا فِي الصِّحاحِ.
قالَ ابنُ بَرِّي: لم تُحْذَفِ الأَلفُ مِن قَوْلِهم: لم أُبَل تَخْفِيفاً، وإنَّما حُذِفَتْ لالْتِقاءِ الساكِنَيْنِ.
وَفِي المُحْكَم: قالَ سِيْبَوَيْه: وسَأَلْتُ الخَلِيلَ عَن قَوْلِهِم لم أُبَلْ فقالَ: هِيَ من {بالَيْتُ، ولكنَّهم لمَّا أَسْكَنُوا اللامَ حَذَفُوا الأَلِفَ لئَلاَّ يَلْتَقِي ساكِنانِ، وإنَّما فَعَلُوا ذلِكَ بالجَزْمِ لأنَّه مَوْضِعُ حَذْفٍ، فلمَّا حَذَفُوا الياءَ، الَّتِي هِيَ مِن نَفْسِ الحَرْفِ بَعْد اللامِ، صارَتْ عنْدَهُم بمنْزِلَةِ نونِ يكنْ حيثُ أُسْكِنَتْ، فإسْكانُ اللامِ هُنَا بمنْزِلَةِ حَذْف النونِ مِن يكنْ، وإنَّما فَعَلُوا هَذَا بِهَذَيْنِ حَيْثُ كَثُرَ فِي كَلامِهم حَذْفُ النونِ والحَرَكاتِ، وذلِكَ نَحْو مُذْ ولد، وإنَّما الأَصْلُ مُنْذ ولدن، وَهَذَا مِن الشَّواذ وليسَ ممَّا يُقاسُ عَلَيْهِ، (و) زَعَمَ أَنَّ نَاسا مِنَ العَرَبِ قَالُوا: (لم} أُبَلِ، بكسْرِ الَّلامِ) ، لَا يزيدُونَ على حَذْفِ الأَلفِ كَمَا حَذَفُوا عُلَبِطاً، حيثُ كَثُرَ الحَذْفُ فِي كَلامِهم، وَلم يَحْذفُوا لَا أُبالِي لأَنَّ الحَذْفَ لَا يَقْوَى هُنَا وَلَا يلزَمُه حَذْف، كَمَا أنَّهم إِذْ قَالُوا لم يكن الرَّجُل فكانتْ فِي مَوْضِع تحرّك لم تُحْذَفْ، وجَعَلُوا الأَلفَ تثبتُ مَعَ الحَرَكَةِ، أَلا تَرى أَنَّها لَا تُحْذَفُ فِي أُبالِي فِي غَيْرِ مَوْضِع الجَزْمِ، وإنَّما يحذفُ فِي المَوْضِعِ الَّذِي تُحْذَفُ مِنْهُ الحركَةُ.
( {والأَبْلاءُ: ع) .
وقالَ ياقوتُ، اسمُ بئْرٍ.
وقالَ ابنُ سِيدَه: وليسَ فِي الكَلامِ اسمٌ على أَفْعال إلاَّ الأَنْبارِ والأَبْواء والأَبْلاء.
(و) } أُبْلَى، (كحُبْلَى: ع بالمَدينَةِ) بينَ الأَرْحَضية وقُرَّانَ؛ هَكَذَا ضَبَطَه أَبو نُعَيمٍ وفَسَّره.
وقالَ عَرَّامٌ: تمْضِي مِن المدينَةِ مُصْعداً إِلَى مكَّةَ فتميلُ إِلَى وادٍ يقالُ لَهُ عُرَيْفِطان، وحِذاءَهُ جِبالٌ يقالُ لَهَا أُبْلَى فِيهَا مِياهٌ مِنْهَا بِئْر مَعُونَةَ وذُو ساعِدَةَ وذُو جَماجِم والوَسْبَا، وَهَذِه لبَني سُلَيْم وَهِي قِنانٌ مُتَّصِلَةٌ بعضُها ببعضٍ؛ قالَ فِيهَا الشاعِرُ:
أَلا لَيْتَ شِعْري هَل تغير بَعْدَنا
أَرُوم فآرام فشَابَة فالحَضْرُوهل تركتْ أُبْلَى سوادَ جِبالها
وَهل زالَ بَعْدِي عَن قنيته الحِجْرُ؟ (! وبَلَى: جَوابُ اسْتِفْهامٍ مَعْقُودٍ بالجَحْدِ) ؛ وَفِي الصِّحاحِ: جَوابٌ للتَّحْقِيقِ؛ (تُوجِبُ مَا يقالُ لَك) ، لأنَّها ترك للنَّفْي، وَهِي حَرْفٌ لأَنَّها نَقِيضةُ لَا.
قالَ سِيْبَوَيْه: ليسَ بَلَى ونَعَم اسْمَيْن، انتَهَى.
وقالَ الرَّاغبُ: بَلَى رَدٌّ للنَّفْي، نَحْو قَوْله تَعَالَى: {وَقَالُوا لن تَمسَّنا النَّار} ، الآيَةُ، {بَلَى مِن كسب سَيِّئَة} ؛ وجوابٌ لاسْتِفْهامٍ مُقْتَرنٍ بنَفْيٍ نَحْو: {أَلَسْتُ برَبِّكم؟ قَالُوا: بَلَى} ؛ ونَعَم يقالُ فِي الاسْتِفْهامِ نَحْو {هَل وَجَدْتُم مَا وَعَد رَبّكم حَقّاً؟ قَالُوا: نَعَم} ، وَلَا يُقالُ هُنَا بَلَى، فَإِذا قيلَ: مَا عنْدِي شيءٌ، فقُلْتُ بَلَى، فَهُوَ رَدُّ لكَلامِه، فَإِذا قُلْت نَعَم فإقْرارٌ منْكَ، انْتَهَى.
وقالَ الأَزْهرِيُّ: إنَّما صارَتْ بَلَى تَتَّصِل بالجَحْدِ لأنَّها رجوعٌ عَن الجَحْدِ إِلَى التّحْقِيقِ، فَهُوَ بمنْزِلَةِ بَلْ، وبَلْ سَبِيلُها أَنْ تأْتي بَعْدَ الجَحْدِ كقَوْلِكَ: مَا قامَ أَخُوكَ بَلْ أَبُوكَ، وَإِذا قالَ الرَّجُلُ للرَّجُلِ أَلا تَقومُ؟ فَقَالَ لَهُ: بَلَى، أَرادَ: بَلْ أَقُومُ، فزادُوا الألِفَ على بَلْ ليحسن السُّكوتُ عَلَيْهَا، لأنَّه لَو قالَ بَلْ كانَ يتوقَّعُ كَلاماً بَعْد بَلْ، فَزادُوا الألِفَ ليزولَ عَن المخاطبِ هَذَا التَّوهُّم.
وقالَ المبرِّدُ: بَلْ حكمُها الاسْتِدْراك أَيْنما وَقَعَتْ فِي جَحْدٍ أَو إِيجابٍ، وبَلَى يكونُ إِيجَابا للنَّفْي لَا غَيْر.
قالَ ابنُ سِيدَه: وَقد قيلَ إنَّ الإمالَةَ جائِزَةٌ فِي بَلَى، فَإِذا كانَ ذلِكَ فَهُوَ مِن الياءِ.
وقالَ بعضُ النَّحْوِيين: إنَّما جازَتِ الإمالَةُ فِي بَلَى لأنَّها شابَهَتْ بتَمامِ الكَلامِ واسْتِقلالِه بهَا وغِنائِها عمَّا بَعْدَها كالأَسْماءِ المُسْتَقِلّةِ بأَنْفُسِها، فَمن حَيْثُ جازَتْ إمالَةُ الأسْماءِ جازَتْ أَيْضاً إمالَةُ بَلَى، كَمَا جازَتْ فِي أَي وَمَتى.
( {وابْلَوْلَى العُشْبُ: طالَ واسْتَمْكَنَتْ مِنْهُ الإِبِلُ.
(و) قوْلُهم: (بِذِي} بُلَّى، كرُبَّى) ، مَرَّ ذِكْرُه (فِي الَّلامِ) ، وَكَذَا بَقِيَّة لُغاتِها.
وممَّا يُسْتدركُ عَلَيْهِ:
جَمْعُ {البَلِيَّةِ} البَلايا، قالَ الجَوْهرِيُّ: صَرَفُوا فَعائِل إِلَى فَعالَى، كَمَا قيلَ فِي إِداوة؛ وَهِي أَيْضاً جَمْعُ البَلِيَّة للناقَةِ المَذْكُورَة؛ قالَ أَبو زبيد:
{كالبَلايا رُؤُوسُها فِي الوَلايا
مَا نِجاةِ السَّمومِ حُرَّ الخُدُودِوقد} بَلَّيْتُ {وأَبْلَيْتُ؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِيُّ للطّرمَّاح:
مَنازِل لَا تَرَى الأَنْصابَ فِيهَا
وَلَا حُفَرَ} المُبَلّي للمَنُون أَي أَنَّها مَنازلُ أَهْلِ الإِسْلامِ دُونَ الجاهِلِيَّةِ. {وبَلِيَّةُ بِمَعْنى} مُبْلاةٍ أَو {مُبَلاَّة كالرَّدِيَّةِ بمعْنَى المُرَدَّاةِ، فَعِيلَةٌ بمعْنَى مُفْعَلة.
} وأَبْلاهُ اللَّهُ {ببَلِيَّةٍ وأَبْلاه إبْلاءً حَسَناً: إِذا صَنَعَ بِهِ صُنْعاً جَمِيلاً وأبْلاه مَعْروفاً؛ قالَ زُهَيْرٌ:
جَزَى اللَّهُ بالإحْسانِ مَا فَعَلا بِكُمْ
} وأَبْلاهُما خيرَ البَلاءِ الَّذِي {يَبْلُو أَي صَنَعَ بهما خيرَ الصَّنيعِ الَّذِي يَبْلُو بِهِ عِبادَه.
وأَبْلاهُ: امْتَحَنَه؛ وَمِنْه الحدِيثُ: (اللَّهُمَّ لَا} تُبْلِنا إلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَن) ، أَي لَا تَمْتَحِنَّا.
وَفِي الحدِيثِ: (إنَّما النّذْرُ مَا {ابْتُلِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ) ، أَي أُرِيد بِهِ وَجْههُ وقُصِدَ بِهِ.
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: يقالُ أَبْلَى فلانٌ إِذا اجْتَهَدَ فِي صفَةِ حَرْبٍ أَو كرمٍ.
يقالُ: أَبْلَى ذلِكَ اليومَ بَلاءً حَسَناً، قالَ: ومِثْله} بَالَى {مُبالاةً؛ وأَنْشَدَ:
مَا لي أَراكَ قَائِما} تُبالي
وأَنتَ قد قُمتَ من الهُزالِ؟ قالَ: سَمعه وَهُوَ يقولُ أَكَلْنا وشَرِبْنا وفَعَلْنا، يُعَدِّد المَكارِمَ وَهُوَ فِي ذلِكَ كاذبٌ؛ وقالَ فِي مَوْضِع آخر: معْنَى تُبالِي تَنْظُرُ أَيّهم أَحْسَن بَالا وأَنْتَ هالِكٌ، قالَ: ويقالُ {بَاَلاه مُبالاةً فاخَرَهُ،} وبَالاهُ {يُبالِيهِ إِذا ناقَضَهُ.
} وبالَى بالشَّيءِ! يُبالِي بهِ: اهْتَمَّ بِهِ {وتَبَلاّه مثْل} بَلاّهُ؛ قالَ ابنُ أَحْمر:
لَبِسْتُ أَبي حَتَّى {تَبَلَّيْتُ عُمْرَه
} وبَلَّيْتُ أَعْمامِي وبَلَّيْتُ خالِيايُريدُ: عشْتُ المدَّةُ الَّتِي عَاشَها أَبي، وقيلَ: عامَرْتُه طُول حَياتِي.
{وبَلَّى عَلَيْهِ السَّفَرَ:} أَبْلاَهُ.
وناقَةٌ {بَلِيَّة: الَّتِي ذَكَرَها المصنِّف فِي معْنى مُبْلاةٍ أَو} مُبْلاَّة، والجَمْعُ البَلايا؛ وَقد مَرَّ شاهِدُه مِن قَوْل غَيْلان الرَّبعِي.
وقالَ ابنُ الأَعْرابيِّ: {البَلِيُّ} والبَلِيَّةُ {والبَلايا الَّتِي قد أَعْيَت وصارَتْ نِضْواً هالِكاً.
} وتَبْلَى، كترضى: قَبيلَةٌ مِن العَرَبِ.
{وبَلِيٌّ، كغَنِيَ: قَرْيَةٌ ببَلَخ، مِنْهَا أَحْمَدُ بنُ أَبي سعيدٍ} البَلَويُّ رَوَى لَهُ المَالِيني.
وأَبو {بُلَيّ، مُصَغَّراً: عبيدُ بنُ ثَعْلبةَ مِن بَني مجاشع بنِ دَارِم جَدّ عَمْرو بنِ شاسٍ الصَّحابيّ.
} وبُلَيٌّ، مُصَغّراً: تَلّ قَصْر أَسْفَل حاذة بَيْنها وبينَ ذاتِ عِرْق، ورُبَّما يُثَنَّى فِي الشِّعْر؛ قالَهُ نَصْر.
{وأُبْلِيُّ، بضمٍ فسكونٍ فكسْرِ الَّلامِ وتَشْديدِ الياءِ: جَبَلٌ عندَ أَجَأَ وسُلْمَى؛ قالَ الأَخطَل:
يَنْصَبّ فِي بطن} أُبْليَ ويَبْحَثهُ
فِي كلّ مُنْبَطحٍ مِنْهُ أخاديدُ {وبَلَوْتُ الشَّيءَ: شَمَمْتُه؛ وَهُوَ مجازٌ كَمَا فِي الأساسِ.
} وبُلَيَّةُ، كسُمَيَّة: جَبَلٌ بنَواحِي اليَمامَة، عَن نَصْر. 

طَنْزَةُ

طَنْزَةُ:
بفتح أوله، وسكون ثانيه، وزاي، بلفظ واحدة الطنز، وهو السخرية: بلد بجزيرة ابن عمر من ديار بكر، ينسب إليه أبو بكر محمد بن مروان ابن عبد الله القاضي الزاهد الطنزي، روى عن أبي جعفر السمناني وغيره، ومولده سنة 403، وينسب إليها أيضا الوزير أبو عبد الله مروان بن علي بن سلامة ابن مروان الطنزي، وذكر صديقنا الفقيه العماد أبو طاهر إسماعيل بن باطيس فقال: الإمام العالم الزاهد تفقه ببغداد على أبي بكر محمد بن أحمد بن الحسين الشاشي وبرع في الفقه على مذهب الشافعي، رضي الله عنه، وعاد إلى بلده فتقدّم به وسكن قلعة فنك وتوجّه رسولا إلى ديوان الخلافة وحدّث بشيء يسير عن أبي بكر بن زهراء، روى عنه الحافظ أبو القاسم الدمشقي وسعد الله بن محمد الدّقاق وكان يصفه بالفضل والعلم ولطف الخاطر، واختصر كتاب صفوة التصوف لأبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، وتوفي بعد سنة 540، قال: أنشــدني حفيده أبو زكرياء يحيى بن الحسين بن أحمد بن مروان بن علي بن سلامة الطنزي بنظاميّة بغداد لجدّ أبيه مروان بن علي:
وإذا دعتك إلى صديقك حاجة ... فأبى عليك فانه المحروم
فالرزق يأتي عاجلا من غيره، ... وشدائد الحاجات ليس تدوم
فاستغن عنه ودعه غير مذمّم، ... إن البخيل بماله مذموم
وممن ينسب إلى طنزة أبو الفضل يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد الطنزي المعروف بالحصكفي الخطيب صاحب الشعر والبلاغة، وإبراهيم بن عبد الله بن إبراهيم الطنزي، ذكره العماد في الخريدة قال: ذكر لي الفقيه أحمد بن طغان البصروي أنه لقيه في شهر رمضان سنة 568 بباعيناثا وكتب لي بخطه هذه الأبيات:
وإني لمشتاق إلى أرض طنزة ... وإن خانني بعد التفرّق إخواني
سقى الله أرضا إن ظفرت بتربها ... كحلت بها من شدّة الشوق أجفاني
وقال أيضا:
يا زاجرا في حدوه الأيانقا، ... رفقا بها تفديك روحي سائقا
فقد علاها من بدور طنزة ... من ضرب الحسن له سرادقا

وَقع

(وَقع) الرجل مَشى مشْيَة التلقيف وَهُوَ رَفعه يَده إِلَى فَوق وَالْقَوْم عرسوا وَالْإِبِل اطمأنت بِالْأَرْضِ بعد الرّيّ وَفِي الْكتاب أجمل بَين تضاعيف سطوره مَقَاصِد الْحَاجة وَحذف الفضول والصيقل على السَّيْف أقبل عَلَيْهِ بميقعته يحدده وَالْعقد أَو الصَّك كتب فِي أَسْفَله اسْمه إِمْضَاء لَهُ أَو إِقْرَارا بِهِ (مو) وَالشَّيْء تظناه وتوهمه وظنه على الشَّيْء قدره وأنزله وَالْحِجَارَة الْحَافِر قطعت سنابكه تقطيعا والدبر ظهر الْبَعِير أثر فِيهِ
(وَقع) (يَقع) وَقعا ووقوعا سقط وَالدَّوَاب ربضت وَالْإِبِل بَركت
وَيُقَال وَقع الطير على أَرض أَو شجر والمطر بِالْأَرْضِ حصل وَالْحق ثَبت وَالْقَوْل عَلَيْهِ وَجب وَالْكَلَام فِي نَفسه أثر فِيهَا وَفُلَان فِي فلَان وقيعة ووقوعا سبه واغتابه وعابه وَفِي الْعَمَل وقوعا أَخذه وَأصَاب الرِّفْق فِيهِ وَفِي الشّرك حصل فِيهِ وَفِي أَرض فلاة صَار فِيهَا وَإِلَى كَذَا وَقعا أسْرع بانطلاقه وبالعدو وَقعا ووقعة بَالغ فِي قِتَالهمْ وَالْأَمر من فلَان موقعا حسنا أَو سَيِّئًا ثَبت لَدَيْهِ وَعِنْده موقعا حسنا نَالَ مِنْهُ حظا ومنزله وَفُلَان الْبَعِير وَقعا كواه على أم رَأسه والنصل بالميقعة حدده بهَا يُقَال وَقع السكين وَالسيف وَالْحِجَارَة الْحَافِر أَصَابَته ورققته فَهُوَ وقيع وَيُقَال هَذِه نعل لَا تقع على رجْلي أَي لَا تناسب رجْلي

(وَقع) (يُوقع) وَقعا حفي واشتكى لحم قدمه من غلظ الأَرْض وَالْحِجَارَة أَو الشوك فَهُوَ وَقع

(وَقع) فِي يَده سقط فِي يَده وَنَدم
وَقع
} وَقَعَ على الشَّيءِ، وكذلكَ وقَع الشَّيءُ منْ يَدِه {يَقَعُ بفَتْحِهِما} وَقْعاً، {وُقُوعاً أَي: سَقَطَ ويُقَالُ أيْضاً:} وَقَعْتُ من كَذَا، وَعَن كَذَا.
ونَقَلَ شَيْخُنَا أنَّ الوُقُوعَ بمَعْنَى السُّقُوطِ والغُرُوبِ يُسْتَعْمَلُ بمِنْ، وبمَعْنَى النُّزُولِ بعَنْ، أوْ على.
قلتُ: وفيهِ قُصورٌ لَا يَخْفَى فتأمَّلْ.
وقولُه تَعَالَى: إنَّ عَذابَ رَبِّكَ {لواقِعٌ، أَي: واجِبٌ على الكُفّارِ، ومِنْهُ قَوْلُه تَعَالَى: وَإِذا وَقَعَ القَوْلُ عَلَيْهِمْ أخْرَجْنَا لَهُمْ دابَّةً منَ الأرْضِ، أَي: وَجَبَ، ونَقَله الزَّجَاجُ، وكذلكَ وَقَعَ الحُكْمُ عَلَيْهِمْ وقيلَ: ثَبَتَتِ الحُجَّةُ عَلَيْهِم وكذلكَ قَوْلُه تَعَالَى:} فَوَقَعَ الحَقُّ أَي: ثَبَتَ وقالَ اللَّيْثُ: {وقَعَتِ الإبِلُ} وُقُوعاً: بَرَكَتْ.
(و) {وقَعَتِ الدُّوابُّ} وُقُوعاً: رَبضَتْ، وأنْشَدَ:
( {وقَعْنَ وُقُوعَ الطَّيْرِ فِيهَا وَمَا بهَا ... سِوَى جِرَّةٍ يُرْجِعْنَها بتعَلُّلِ)
وقالَ آخَرُ:
(} وَقَعْنَ اثْنَتَيْنِ واثْنَتَيْنِ وفَرْدَةً ... يُبَادِرْنَ تَغْلِيساً سِمَالَ المَداهِنِ)
وتَقُولُ العَرَبُ: {وَقَعَ رَبِيعٌ بالأرْضِ، يَعْنُونَ بهِ أوّلَ مَطَرٍ يَقَعُ فِي الخَرِيفِ، أَي: حَصَلَ، قالَ الجَوْهَرِيُّ: وَلَا يُقَالُ: سَقَطَ، هَذَا قَوْلُ أهْلِ اللُّغَةِ. قلتُ: وَقد حكاهُ سِيَبَوَيْهِ فقالَ: سَقَطَ المَطَرُ مَكَان كَذَا فمَكَان كَذَا، ومنْهُ} مَواقِعُ الغَيْثِ: مَسَاقِطُه.
(و) {ووَقَعَتِ الطَّيْرُ} تَقَعُ! وُقُوعاً: نَزَلَتْ عنْ طَيَرانِهَا، إِذا كانَتْ على شَجَرٍ أوْ أرْضٍ مُوكِنَةً، فهُنَّ {وُقُوعٌ، بالضَّمِّ} ووُقَّعٌ، كسُكَّرٍ، وقدْ {وَقَعَ الطّائِرُ} وُقُوعاً، فَهُوَ {واقِعٌ قالَ الأخْطَلُ: كأنَّمَا كانُوا غُرابَاً} واقِعا فطارَ لَمّا أبْصَرَ الصَّواقِعا وقالَ المَرّار بنُ سَعيدٍ الفَقْعَسِيُّ:
(أَنا ابْنُ التّارِكِ البَكْرِيِّ بِشْراً ... عَلَيْهِ الطَّيْرُ تأْكُلُهُ {وُقُوعا)
ورِوايَةُ سِيَبَوَيْهِ: بِشْرٍ وقالَ عَمْرو بنُ مَعْدِ يكرِبَ رَضِي الله عَنهُ:
(تَرَى جِيفَ المَطَيِّ بحافَتَيْهِ ... كأنَّ عِظَامَهَا رَخَمٌ} وُقُوعُ)
وقالَ مُوسَى بنُ جابِرٍ الحَنَفِيُّ:)
(فَمَا نَفَرَتْ جِنِّي وَلَا فُلَّ مِبْرَدِي ... وَلَا أصْبَحَتْ طَيْرِي منَ الخَوْفِ {وُقَّعَا)
وإنَّهُ لحَسَنُ} الوِقْعَةُ، بالكَسْرِ، وأمّا بالفَتْحِ فهُو الاسمُ.
{والوَقْعُ:} وَقْعَةُ الضَّرْبِ بالشَّيءِ، يُقَالُ: سَمِعْتُ {وَقْعَ المَطَرِ، وهُوَ شِدَّةُ ضَرْبِه الأرْضَ إِذا وَبَلَ، وكُلُّ ضَرْبِ يابِسٍ فهُوَ} وَقْعٌ، نَحْو وَقْعِ الحَوافِرَ على الأرْضِ، وَمَا أشْبَهَها، قالَ ذُو الرُّمَّةِ يَصِفُ الحَمِيرَ {ووَقْعَ حَوافِرِهَا:
(} يَقْعَنَ بالسَّفْحِ ممّا قَدْ رَأيْنَ بهِ ... {وَقْعاً يَكَادُ حَصَى المَعْزاءِ يَلْتَهِبُ)
وكذلكَ وُقُوعُ الحَافِرِ.
(و) } الوقع: الْمَكَان الْمُرْتَفع من الْجَبَل نَقله الجوهريعن أبي عَمْرو وَنَصّ التَّهْذِيب: الْمَكَان الْمُرْتَفع وَهُوَ دون الجيل.
والوَقْعُ: السَّحَابُ الطِّخافُ وَهُوَ المُطْمِعُ أنْ يُمْطِرَ، وَقد ذُكِر أيْضاً بالفاءِ، عَن أبي عَمْروٍ، أَو هُو الرَّقِيقُ! كالوَقِعِ، ككَتِفٍ، وعَلى الأخِيرِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ. وقالَ أَبُو عَدْنَانَ: {الوَقْعُ: سُرْعَةُ الانْطِلاقِ والذَّهابِ.
وَفِي الصِّحاحِ:} الوَقَعُ، بالتَّحْرِيكِ: الحِجَارَةُ، الواحِدَةُ بهاءٍ قالَ الذُّبْيَانِيُّ:
(بَرَى {وَقَعُ الصَّوّانِ حَدَّ نُسُورِهَا ... فهُنَّ لِطَافٌ كالصِّعادِ الذَّوابِلِ)
قالَ: والوَقَعُ، أيْضاً: الحَفاءُ، وقَدْ} وَقِعَ الرَّجُلُ، كوَجِلَ، {يَوْقَعُ: اشْتَكَى لَحْمَ قَدَمِهِ منْ غِلَظِ الأرْضِ والحِجَارَةِ فهُوَ وَقِعٌ، ككَتِفٍ، ومنْهُ قَوْلُ أبي المِقْدامِ جَسّاسِ بنِ قُطَيْبٍ: يَا لَيْتَ لي نَعْلَيْنِ منْ جِلْدِ الضَّبُعْ وشُرُكاً من اسْتِها لَا تَنْقَطِعْ كُلَّ الحِذَاءِ يَحْتَذِي الحافِي} الوَقِعْ قالَ الأزْهَرِيُّ: هُوَ كَقَوْلِهِم: الغَرِيقُ يتَعَلَّقُ بالطُّحْلُبِ.
{والوَقْعَةُ بالحَرْبِ، ونَصُّ العَيْنِ: فِي الحَرْبِ: صَدْمَةٌ بَعْدَ صَدْمَةٍ ونَصُّ الصِّحاحِ: الوَقْعَةُ: صَدْمَةُ الحَرْبِ، والاسْمُ: الوَقِيعَةُ،} والواقِعَةُ وهُمَا: الحَرْب والقِتَالُ وقيلَ، المعْرَكَةُ، وجَمْعُ الوَقِيعَةِ: {الوَقَائِعُ، وقدْ وَقَعَ بِهمْ، ومنْهُ قَوْلُهُمْ: شَهِدْتُ} الوَقْعَةَ {والوَقِيعَةَ، وَهُوَ مجازٌ.
} ووقَائِعُ العَرَبِ: أيّامُ حُرُوبِها، وَفِي اللِّسَانِ، أيّامُ حُرُوبِهِمْ، وَفِي العُبابِ: أيّامُها الّتِي كانَتْ فِيهَا) حُرُوبُهم.
وَمن المَجَازِ: نَزَلَتْ بهِ {الوَاقِعَةُ، أَي: النّازِلَةُ الشَّديدَةُ منْ شَدائِدِ الدَّهْرِ.
(و) } الوَاقِعَةُ: اسْمٌ منْ أسْمَاءِ القِيامَة، وقالَ الزّجّاجُ فِي تَفْسيرِ قوْلِه تَعَالَى: إِذا {وَقَعَتِ الواقِعَةُ، يُقَالُ لكُلّ آتٍ} يُتَوَقَّعُ: قَدْ وَقَعَ الأمْرُ، كقَوْلِكَ: قدْ جاءَ الأمْرُ، قَالَ: {والواقِعَةُ هُنَا: السّاعَةُ، والقِيامَةُ.
وَفِي الحَديثِ: يُوشِكُ أنْ يَكُونَ خَيْرُ مالِ المُسْلِمِ غَنَماً يَتَّبِعُ بِهَا شَعَفَ الجِبَالِ،} ومَواقِع القَطْرِ، يَفِرُّ بدِينهِ منَ الفِتَنِ أَي: مساقِطه، ويُقَالُ: انْتَجَعُوا مَواقِعَ الغَيْثِ.
{ومَوْقَعَةُ الطّائِرِ بفَتْح القافِ، وعَلَيْهِ اقْتَصَرَ الجَوْهَرِيُّ وتُكْسَرُ قافُه أيْضاً نَقَلَه الصّاغَانِيُّ: مَوْضِعُ} وُقُوعِهِ الّذِي يَقَعُ عَلَيْهِ ويَعْتَادُ إتْيَانَه، والجَمْعُ: {المَواقِعُ، قَالَ الأخْيَلُ: كأنَّ مَتْنَيَّ منَ النَّفِيِّ منْ طُولِ إشْرَافِي على الطَّوِيِّ مَوَاقِعُ الطَّيْرِ على الصُّفِيِّ شَبَّهَ مَا انْتَشَرَ من ماءِ الاسْتِسْقاءِ بالدَّلْوِ على مَتْنَيْهِ} بمَوَاقِعِ الطَّيْرِ على الصَّفا إِذا زَرَقَتْ عليهِ.
{والمَوْقَعَةُ، كمَرْحَلَةٍ: جَبلٌ.
} والمُوَيْقِعُ، تَصْغَيرُ مَوْقِع: ع، بينَ الشَّأْمِ والمَدِينَةِ، المُشَرَّفَةِ، على ساكنها أفضلُ الصَّلَاة وَالسَّلَام قالَِ ابنُ الرِّقاعِ:
(يَا شَوْقُ مَا بِكَ يَوم بانَ حُدُوجُهَا ... منْ ذِي {المُوَيْقِعِ غُدْوَةً فَرَآهَا)
} والمِيقَعَةُ، بكَسْرِ المِيمِ: خَشَبَةُ القَصّارِ الّتِي يُدَّقُّ عليْهَا صارَت الواوُ يَاء، لانْكِسَارِ مَا قَبْلَها.
(و) ! المِيقَعَةُ أيْضاً: المِطْرَقَةُ، ومنهُ حديثُ ابنِ عَبّاسٍ: نَزَلَ معَ آدَمَ عليهِ السلامُ المِيقَعَةُ والسِّنْدَانُ والكَلْبَتَانِ والجَمْعُ المَوَاقِعُ، قالَ الحارِثُ بنُ حِلِّزَةَ يَصِفُ مَنَاسِمَ ناقَتِه بالصَّلابَةِ، ويُشَبِّهُها بالمَطَارِقِ: (أنْمَى إِلَى حَرْفٍ مُذَكَّرَةٍ ...تَهِصُ الحَصَى بمَوَاقِعٍ خُنْسِ)
(و) {المِيقَعَةُ أيْضاً: المَوْضِعُ الّذِي يَأْلَفُه البازِي ويَقَعُ عليهِ، ويَعْتَادُ إتْيانَه.
ويُقَالُ: المِيقَعَةُ: المِسَنُّ الطَّوِيلُ، كَمَا فِي الصِّحاحِ وقيلَ: هُوَ مَا} وُقِعَ بهِ السَّيْفُ والمِسَنُّ بكَسْرِ الميمِ.
وقَدْ {وَقَعْتُه} بالمِيقَعَةِ، فهُوَ {وَقِيعٌ: حَدَدْتُه بهَا، يُقَالُ: سِكِّينٌ وَقِيعٌ، أَي: حَدِيدٌ، وَكَذَلِكَ سَيْفٌ وَقِيعٌ، أَي: وُقِعَ} بالمِيقَعَةِ، فَعِيلٌ بمَعْنَى مَفْعُولٍ، قالَ الشَّمّاخُ يَصِفُ إبِلاً:
(بُباكِرْنَ العِضَاهَ بمُقْنَعاتٍ ... نَوَاجِذُهُنَّ كالحَدَإِ {الوَقِيعِ)

والحافِرُ الوَقِيعُ} والمَوْقُوعُ: الّذِي أصابَتْهُ الحِجَارَةُ {فوَقَعَتْهُ، قالَ رُؤْبَةُ يَصِفُ حِماراً: يَرْكَبُ قَيْنَاهُ} وَقِيعاً ناعِلا أَي حافِراً مُحَدّداً، كأنَّه شُحِذَ بالأحْجَارِ، كَمَا {يُوقَعُ السَّيْفُ إِذا شُحِذَ، وقيلَ: الوَقيعُ: الحافِرُ الصُّلْبُ، والنّاعِلُ: الّذِي لَا يَحْفَى، كأنَّ عليْهِ نَعْلاً، وقالَ رُؤْبَةُ أيْضاً: لأمٍ يَدُقُّ الحَجَرَ المُدَمْلَقَا بكُلِّ} مَوْقُوعِ النُّسُورِ أخْلَقَا وقَدَمٌ {مَوْقُوعَةٌ: غَلِيظَةٌ شَدِيدَةٌ.
} والوَقِيعَةُ: لُغَةٌ فِي الوَفِيعَةُ: بالفَاءِ، هَكَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ: وَقد تَقَدَّمَ أنَّه بالقافِ لَحْنٌ، وَفِي أكْثَرِ النُّسَخِ: الوَقِيعَةُ: نُقْرَةٌ فِي جَبَلٍ أوْ سَهْلٍ، ونَصُّ الجَوْهَرِيُّ: قالَ أَبُو صاعِدٍ:! الوَقِيعَةُ: نُقْرَةٌ فِي مَتْنِ حَجرٍ فِي سَهْلٍ أَو جَبَلٍ يَسْتَنْقِعُ فيهَا الماءُ، وهِيَ تَصْغُرُ وتَعْظُمُ حَتَّى تُجَاوِزَ حَدَّ الوَقِيعَة، فتَكُونَ وٌ قِيطاً، قالَ اللَّيْث: ج: {وِقاعٌ، بالكَسْرِ،} ووَقائِعُ، قالَ عَمْروُ بنُ أحْمَرَ:
(الزّاجِرُ العِيسَ فِي الإمْليس أعْيُنُها ... مِثْلُ {الوَقَائِعِ فِي أنْصافِها السَّمَلُ)
وقالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(ونِلْنا سِقَاطاً منْ حَدِيثٍ كأنَّهُ ... جَنَى النَّحْلِ مَمْزُوجاً بماءِ الوَقائِع)
والوَقِيعَةُ: القِتالُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ وقيلَ: المَعْرَكَةُ، والجَمْعُ: الوَقَائِعُ، وهوَ مجازٌ.
وَمن المَجَازِ:} الوَقيعَةُ: غَيْبَةُ النّاسِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ يُقَالُ: وَقَعَ فِي النّاسِ: أَي: اغْتابَهُم {وُقُوعاً ووَقِيعَةً، وقيلَ: هوَ أنْ يَذْكُرَ فِي الإنْسَان مَا لَيْسَ فيهِ، ومنهُ الحديثُ: ذهَبَ رَجُلٌ} ليَقَعَ فِي خالِدٍ، أَي: يَذُزَّه ويَعِيبَه ويَغْتابَه.
{ومَوْقُوعٌ: ماءٌ بناحِيَةِ البَصْرَةِ وقيلَ: ع بناحِيَةٍ بِهَا، قُتِلَ بهِ أَبُو مَعْبَدٍ الشَّنِّيُّ الخارِجِيُّ.
(و) } وقَاعِ كقَطَامِ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ على الجاعِرَتَيْنِ أَو حَيْثُمَا كانَتْ، وقيلَ: تَكُونُ بينَ القَرْنَيْنِ، قَرْنَيِ الرَّأْسِ، قالَ عَوْفُ بنُ الأحْوَصِ:
(وكُنْتُ إِذا مُنِيتُ بخَصْمِ سَوْءٍ ... دَلَفْتُ لَهُ فأكْوِيهِ وَقَاعِ)
ونَسَبَهُ الأزْهَرِيُّ لِقَيْس بنِ زُهَيْرٍ، قالَ الكسائِيّ: وَلَا تَكُونُ إِلَّا دارَةً حَيْثُ كانَتْ، يَعْنِي ليسَ لَهَا مَوْضِعٌ مَعْلُوم.
وقدْ! وَقَعْتُه كوَضَعْتُه وَقاعِ، وقالَ شَمِرٌ: كَواهُ وَقَاعِ: إِذا كَوَى أُمَّ رَأْسِه.)
وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: أرْضٌ {وَقِيعَةٌ: لَا تَكادُ تَنْشَفُ الماءَ منَ} القِيعانِ وغَيْرِها منَ القِفَافِ والجِبَالِ، قالَ: وأمْكِنَةٌ {وُقُعٌ بضَمَّتَيْنِ: بَيِّنَةُ الوَقائِعِ، كَذَا فِي النُّسَخِ، ومِثْلُه فِي العُبابِ، والصَّوابُ: بيِّنَةُ الوَقَاعَةِ، كَمَا هُوَ نَصُّ ابنِ شُمَيْلٍ، وذكَرَهُ فِي التَّكْمِلَةِ على الصَّوابِ، ويُؤَيِّدُه نَصُّ أبي حَنيفَةَ حَيْثُ قالَ: الوَقِيعُ منَ الأرْضِ: الغَلِيظُ الّذِي لَا يَنْشَفُ الماءَ، وَلَا يُنْبِتُ، بَيِّنُ الوَقَاعَةِ، والجَمْعُ: وُقُعٌ.
} والأوْقَعُ: شِعْبٌ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
{والوَقَعَةُ، مُحَرَّكَةً: بَطْنٌ من بَنِي سَعْدِ بنِ بَكْرٍ، قالَ أَبُو دؤادٍ الرُّواسِيّ:
(يَا أُختَ دَحْوَةَ أَو يَا أُخْتَ أُخْتِهِمُ ... منْ عامِرٍ وسَلُولٍ أَو بَنِي} الوَقَعَهْ)
(و) {الوَقّاعُ كشَدّادٍ: غُلامٌ للفَرَزْدَقِ كانَ يُوَجِّهُهُ فِي قَبَائِحَ وأشْياءَ غَيْرَ جَمِيلَةٍ، فهُوَ اسمٌ على مُسمَّاهُ.
ورَجُلٌ} وَقّاعٌ {ووَقّاعَةٌ: يَغْتَابُ النّاسَ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
ورَجُلٌ} واقِعَةٌ، أَي: شُجاعٌ قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ، وقيلَ: داهِيَةٌ، وهوَ مجازٌ.
{وواقِعٌ: فَرَسُ رَبيعَةَ بنِ جُشَمَ النَّمَرِيِّ، نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
(و) } واقِعُ بنُ سَحْبَانَ المُحَدِّثُ عَن أُسَيْرِ بنِ جابِرٍ، وعنْهُ قَتَادَةُ.
وفاتَه: الحَسَنُ بنُ واقِعٍ، عنْ ضَمْرَةَ بنِ رَبيعَةَ، نَقَلَه الحافِظُ.
والنَّسْرُ! الواقِعُ: نَجْمٌ كَمَا فِي الصِّحاحِ زادَ غَيْرُه كأنَّه الطّائِرِ كاسر جناحيه من خلف حِيَال النسْر، قُرْبَ بَنَاتِ نَعْشٍ، ولمّا كانَ بحذائِهِ النَّسْرُ الطّائِرُ سُمِّيَ {واقِعاً، فالنَّسْرُ} الواقِعُ شامِيٌّ، والنَّسْرُ الطّائِرُ حَدُّهُ: مَا بَيْنَ النَّجُومِ الشَّامِيَّةِ واليَمانِيّةِ، وَهُوَ مُعْتَرِضٌ غَيْرُ مُسْتَطِيلٍ، وهُوَ نَيِّرٌ، ومَعَهُ كَوْكَبانِ غامِضَانِ وَهُوَ بَيْنَهُمَا وَقّافٌ، كأنَّهُمَا لَهُ كالجَناحَيْنِ، وَقد بَسَطُهمَا، وكأنَّهُ يَكَادُ يَطِيرُ، وَهُوَ مَعَهُما مُعْتَرِضٌ مُصْطَفٌّ، ولذلكَ جَعَلُوه طائراً، وأمَّا الواقِعُ فهوَ ثَلاثُ كَوَاكِبَ كالأثَافِيِّ، فكَوْكَبانِ مُخْتَلِفَانِ، لَيْسا على هَيْئَةِ النَّسْرِ الطّائِرِ، فهُمَا لَهُ كالجَنَاحَيْنِ، ولكنَّهُمَا مُنْضَمّانِ إليْهِ، كأنَّهُ طائِرٌ {وَقَعَ.
ويُقَالُ:} وُقِعَ فِي يَدِه، كعُنِيَ أَي: سُقِطَ فِي يَدِه، قالَهُ ابنُ دُرَيْدٍ.
ويُقَالُ: فُلانٌ يأكُلُ الوَجْبَةَ، ويَتَبَرَّزُ {الوَقْعَة، أَي: يأكُلُ فِي اليَومِ مَرَّةً، ويَتغوَّطُ مَرَّةً قالَ ابنُ الأعْرَابِيّ وابنُ السِّكِّيتِ: سُئل رَجُلٌ عَن سَيْرِه: كَيْف كَانَ سَيْرُك قالَ: كُنْتُ آكُلُ الوَجْبَةَ، وأنْجُو الوَقْعَةَ.
وأُعَرِّسُ إِذا أفْجَرْتُ، وأرْتَحِلُ إِذا أسْفَرْتُ، وأسِيرُ المَلْعَ، والخَبَبَ والوَضْعَ، فأتَيْتُكُمْ لمُسِْيِ سَبْعٍ، قالَ ابنُ الأثِيرِ: الوَقْعَةُ: المَرَّةُ من الوُقُوعِ: السُّقُوطِ، وأنْجُو: منَ النَّجْوِ: الحَدَثِ، أَي: آكُلُ مَرَّةً واحدَةً، وأُحْدِثُ مَرَّةً فِي كُلِّ يومٍ.)
} وأوْقَعَ بهِمْ فِي الحَرْبِ إيقاعاً: بالَغَ فِي قِتالهِمْ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ {كوَقَعَ بِهِم} وَقْعاً، كوضَعَ، وكذلكَ {أوْقَعَهُ} إيقاعاً، كَمَا فِي الأساسِ، وَهُوَ مجازٌ.
وقالَ ابنُ شُمَيْلٍ: سَمِعْتُ يَعْقُوبَ بنَ مَسلمَةَ الأسَدِيَّ يَقُولُ: {أوْقَعَتِ الرَّوْضَةُ} إيقاعاً: أمْسَكَتِ الماءَ وأنْشَــدني فيهِ:! مُوقِعَةٌ جُثْجاثُهَا قَدْ أنْوَرَا {والإيقاعُ منْ إِيقَاع ألْحَانِ الغِنَاءِ، وهُوَ أَن} يُوقِعَ الألْحَانَ ويُبَيِّنَها تَبْييناً، هَكَذَا هُوَ فِي اللِّسانِ والعُبابِ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ ويَبْنِيَها من البِنَاءِ، وسمَّى الخليلُ رحمهُ اللهُ تَعَالَى كِتاباً منْ كُتُبِه فِي ذَلِك المَعْنَى كتابَ الإيقاعِ.
{ومُوقِعُ بالضَّمِّ فِي قَوْلِ رُوَيْشدٍ الطّائِيِّ:
(} ومُوقِعُ تَنْطِقُ غَيْرَ السَّدادِ ... فَلَا جيدَ جِزْعُكِ يَا {مُوقِعُ)
قَبيلَةٌ نَقَلَه الصّاغَانِيُّ.
} والتَّوْقِيعُ: مَا {يُوَقَّعُ فِي الكتابِ، كَذَا فِي الصِّحاحِ والعُبابِ، وهوَ إلْحَاقُ شَيءٍ بعْدَ الفَرَاغِ منْهُ لمَنْ رُفِعَ إليْهِ، كالسُّلطانِ ونَحْوه منْ وُلاةِ الأمْرِ، كَمَا إِذا رَفْعَتَ إِلَى السّلْطَانِ أَو الْوَالِي شَكاةً، فكتَبَ تحتَ الكِتابِ، أَو على ظَهْرِه: يُنْظَرُ فِي أمْرِ هَذَا، ويُسْتَوْفَى لهَذَا حَقُّه، ورُفِعَ إِلَى جَعْفَرِ بنِ يَحْيَى كِتابٌ يُشْتَكَى فيهِ بعامِلٍ، فكتبَ على ظَهْرهِ: يَا هَذَا، قدْ قَلَّ شاكِرُوك، وكَثُرَ شاكُوك، فإمّا عَدَلْتَ، وَإِلَّا اعْتَزَلْتَ، ورُفِعَ إِلَى الصّاحبِ بنِ عَبّادٍ كِتابٌ فيهِ أنَّ إنْسَاناً هَلَكَ، وتَرَكَ يَتِيماً، وأمْوالاً جَلِيلَةً لَا تَصْلُحُ لليَتِيمِ، وقَصَدَ الكتِبُ إغْرَاءَ الصّاحِبِ بأخْذِهَا، فوَقَّعَ الصّاحِبُ فيهِ: الهالِكُ رَحِمَهُ الله، واليتيمُ أصْلَحَهُ الله، والمالُ أثْمَرَهُ اللهُ، والسّاعِي لَعَنَهُ الله، ونَحْوُ هَذَا من} التَّوقيعاتِ نَقَلَه شَيْخُنا منْ زوَهْرِ الأكَمْ فِي الأمْثَالِ والحِكَمْ لشَيْخِ مَشايِخِه أبي الوَفَاءِ الحَسَن بنِ مَسْعُودٍ اليُوسِيِّ رَحِمَهُ الله تَعَالَى، قيلَ: هُوَ مأْخُوذٌ منَ التَّوقِيعِ الّذِي هوَ مخالَفَةُ الثانِي للأوَّلِ، وقالَ الأزْهَرِيُّ:! تَوْقِيعُ الكاتِبِ فِي الكتابِ المَكْتُوبِ: أنْ يُجْمِلَ بَيْنَ تَضاعِيفِ سُطُورِه مَقَاصِدَ الحاجَةِ، ويَحْذِفَ الفُضُولَ، وهُوَ مأْخُوذٌ منْ تَوقِيعِ الدَّبَرِ ظَهْرَ البَعِيرِ، فكأنَّ {المُوَقِّعَ فِي الكِتَابِ يُؤَثِّرُ فِي الأمْرِ الّذِي كُتِبَ الكِتابُ فيهِ مَا يُؤَكِّدُه ويُوجِبُه، وَفِي زَهْرِ الأكَمِ بَعْدَ نَقَلَه هَذِه العِبارَةَ فسُمِّيَ هَذَا} تَوْقيعاً، لأنَّهُ تأْثِيرٌ فِي الكِتَابِ حِسّاً، أَو فِي الأمْرِ مَعْنىً، أوْ منَ {الوُقُوعِ، لأنَّه سَبَبٌ} لوُقُوعِ الأمْرِ المَذْكُورِ، أَو لأنَّهُ {إيقاعٌ لذلكَ المَكْتُوبِ فِي الكِتابِ،} فتَوْقِيعُ كَذَا بمعْنَى {إيقاعِه. قلتُ: وَمن أحْسَنِ مَا رَأيْتُ فِي التَّوْقِيعاتِ، قَوْلُ العَفيفِ عبدِ اللهِ بنِ جَعْفَرٍ، منْ مَشَاهِيرِ رِجَالِ زَعْلٍ، وَفَدَ على المُؤَيَّدِ صاحِبِ تَعِزَّ، فداعَبَه فِي طَلبِ الفَسْخ قالَ:
(يَا مَلِيكاً لوْ وَزَنّا نَعْلَه ... بجَمِيعِ الخَلْقِ طُرّاً وَزَنَتْ)

(إنَّ منْ غابَ عنِ الإلْفِ زَنَى ... بَعْدَ طُولِ المُكْثِ عَنْها. .)
وَلم يَكْتُبُ قافِيَةَ البَيْتِ الثَّانِي، فوَقَّعَ المُؤَيْدُ: وَزَنَتْ رحمَهُ اللهُ، فدَلَّ ذَلِك على جُوْدَةِ فَهْمِهمَا، نَقَلْتُه منْ كتابِ الأنْسابِ للنَّاشِرِيِّ.
قالَ شَيخُنا: وقدْ زَعَمَ كَثِيرٌ منْ عُلماءِ الأدَبِ وأئِمَّةِ اللِّسانِ: أنَّ التَّوقيعَ منَ الكلامِ الإسْلامِيِّ، وأنَّ العَرَبَ لَا تَعْرِفُه، وَقد صَنَّفَ فيهِ جماعَةٌ، وَلَا سيَّما أهْلُ الأنْدَلُسِ، وكلامُهُم ظاهِرٌ فِي أنَّه غَيْرُ عربِيٍّ قديم، وإنْ كانَ مأْخُوذاً منَ المعانِي العَرَبيّةِ، فتأمَّلْ.
ثمَّ قَالَ الجَوْهَرِيُّ: يُقَالُ: السُّرُورُ} تَوْقيعٌ جائِزٌ، قالَ شَيْخُنا: أَي منْ أسْبَابِ السُّرُورِ! التَّوْقِيعُ الجائِزُ، أَي: النّافِذُ الْمَاضِي الّذِي لَا يَرُدُّهُ أحَدٌ، لأنَّه يَدُلُ على كَمَالِ الإمارَةِ، وتَمَامِ الرِّياسَةِ، وَهِي للنُّفُوسِ أشْهَى منْ كُلِّ شَيءٍ، ولذلكَ جَعَلَ السُّرُورَ مُنْحَصِراً فِيهَا، وَهَذَا الكلامُ كأنَّهُ جوَابٌ منْ بَعْضِ الأكابِرِ فِي الإمْرَةِ والوَجاهَة ونُفُوذِ الإمْرَةِ كأنَّ شَخْصاً سألَ جَماعةً: مَا السُّرُورُ لدَيْهِ فكُلُّ واحِدٍ أجابَ بِمَا جُبِلَتْ عليهِ نَفْسُه، وطُبِعَتْ عَلَيْهِ سَجِيَّتُه، على حِسابِ الرَّغَباتِ وَهُوَ كَثِيرٌ.
قالُوا: سُئِلَ عالِمٌ، فقيلَ لَهُ: مَا السُّرُورُ فقالَ: مَعْنىً صَحَّ بالقِياس، ولَفْظٌ وَضَحَ بَعْدَ التِباس.
وقيلَ لشُجاعٍ: مَا السُّرُورُ فقالَ طِرْفٌ سَرِيع، وقَرْنٌ صَرِيع.
وقيلَ لمَلِكٍ: مَا السُّرُورُ فقالَ: إكْرَامُ وَدُود، وإرْغامُ حَسُود.
وقيلَ لعاقِلٍ: مَا السُّرُور فقالَ: صَدِيقٌ تُنَاجِيه، وعَدُوٌّ تُداجِيه.
وقيلَ لمِغُنٍّ: مَا السُّرُور فقالَ: مَجْلِسٌ يَقِلُّ هَذَرُه، وعُودٌ يَنْطِقُ وتَرُه.
وقيلَ لناسِكٍ: مَا السُّرُورُ فقالَ: عِبادَةٌ خالِصَةٌ منَ الرِّيَاءِ، ورِضَى النَّفْسِ بالقَضاءِ.
وقيلَ لوَزيرٍ: مَا السُّرُورُ فقالَ: تَوْقِيعٌ نافِذٌ.
قالَ شَيْخُنَا: وقَدْ وَقَعَ فِي مُحَاضَراتِ الرّاغِبِ مَا يَدُلُّ على أنَّ الّذِي قالَ ذلكَ هُوَ الفَضْلُ بنُ سَهْلٍ، فإنَّ الرّاغِبَ ذكَرَ فِي مُحَاضَراتِه بَابا منْ الأمَانِيّ بحَسَبِ أحْوَالِ المُتَمَنِّينَ، وذكَرَ فيهِ أنْوَاعاً ممّا أسْلَفْنَاهُ، قالَ فِي أوائِلِهِ: قالَ قُتَيْبَةُ بنُ مُسْلِمٍ للحُصَيْنِ بن المُنْذِر: مَا تَتَمَنَّى فقالَ: لِوَاءٌ مَنْشُور، وجُلُوسٌ على السَّرِير، وسَلامٌ عَلَيْكَ أيُّهَا الأمِير، وقِيل: لِعَبْدِ اللهِ بنِ الأهْتَم: مَا تَتَمَّنَى)
فقالَ: تَوْقِيعٌ نافِذ، وأمْرٌ جائِز، وَقيل لحَكيم: تَمَنّ مَا تَشاءُ، فقالَ: مُحادَثَةُ الإخْوَانِ، وكَفافٌ منْ عَيْش، والانْتِقالُ من ظِلٍّ إِلَى ظِلٍّ، وقالَ بعضُهُم: العَيْشُ كُلُّه فِي صِحَّةِ البَدَنِ، وكَثْرَةِ المالِ، وخُمُولِ الذِّكْرِ، ثمَّ قالَ: ووقَعَ للجَاحِظِ أمْثَالُ هَذَا مُفَرَّقاً فِي كُتُبهِ على أنْواعٍ منْ هَذَا، وَفِي هَذَا القَدْرِ كِفَايَةٌ.
ثمّ قالَ الجَوْهَرِيُّ والتَّوقِيعُ: تَظَنِّي الشَيءِ وتَوَهُّمه، يُقَالُ: {وَقِّعْ أَي: ألْقِ ظَنَّكَ على شَيءٍ، وَفِي المُحْكَمِ: التَّوْقِيعُ بالظَّنِّ والكَلامِ يَعْتَمِدُه ليَقَعَ وهَمْه.
وقالَ اللَّيْثُ: التَّوقيعُ: رَمْيٌ قَرِيبٌ لَا تُبَاعِدُه، كأنَّكَ تُرِيدُ أنْ} تُوقِعَهُ على شَيءٍ، وكذلكَ تَوقيعُ الأرْكانِ.
قالَ الجَوْهَرِيُّ: والتَّوقِيعُ: إقْبَالُ الصَّيْقَلِ على السَّيفِ {بمِيقَعَتِه يُحَدِّدُه، ومِرْماةٌ مُوَقَّعَةٌ.
والتَّوْقِيعُ: التَّعْرِيسُ، وهُوَ النُّزُولَ آخِرَ اللَّيْلِ وقَدْ} وَقَّعُوا، قالَ ذُو الرُّمَّةِ:
(إِذا وَقَّعُوا وَهْناً كَسَوْا حَيْثُ مَوَّتَتْ ... منَ الجَهْدِ أنْفَاسُ الرِّياحِ الحَواشِكِ)
وقالَ اللَّيْثُ، كَمَا فِي العُبابِ وَفِي اللِّسَانِ: قالَ الأصْمَعِيُّ: التَّوقيعُ: نَوْعٌ منَ السَّيْرِ شِبْهُ التَّلْفيفِ، وَهُوَ رَفْعَهُ يَدَهُ إِلَى فَوْقُ.
{ووَقَعَتِ الحِجَارَةُ الحافِرَ أَي: قَطَّعَتْ سَنَابِكَهُ تَقْطِيعاً هَكَذَا نَصُّ العُبابِ، ومُقْتَضَى ذلكَ أنَّهُ من الثُّلاثِيِّ، والّذِي فِي اللِّسَانِ:} وقَّعَتِ الحِجَارَةُ الحافِرَ، فقطَّعَت سَنَابِكَهُ {تَوْقيعاً، وَهَذَا أشْبَهُ لسباقِ المُصَنِّف وسياقِه، وكِلاهُمَا صَحيحٌ.
قالَ اللَّيْثُ: وَإِذا أصابَ الأرْضَ مَطَرٌ مُتَفَرِّقٌ، أَو أخْطَأَ فذلكَ} تَوْقِيعٌ فِي نَبْتِهَا، وقالَ غَيْره: هُوَ إصابَةُ المَطَرِ بَعْضَ الأرْضِ، وإخْطاؤُه بَعْضاً، وقيلَ: هُوَ إنْباتُ بَعْضِهَا دُونَ بَعْضٍ.
وَمن المَجَازِ:! المُوَقَّعُ، كمُعَظَّمٍ، الأخِيرُ عَن اللِّحْيَانِيِّ: منْ أصابَتْهُ البَلايا نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ الأخيرُ عنِ اللِّحْيَانِيِّ. والمُوَقِّعُ: المُذَلِّلُ منَ الطُّرُقِ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ أيْضاً.
(و) {المُوَقَّعُ أيْضاً: البَعِيرُ تَكْثُرُ آثارُ الدَّبَرِ عَلَيْهِ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والصّاغَانِيُّ وهوَ مجازٌ، زادَ فِي اللِّسانِ: لكَثْرَةِ مَا حُمِلَ عليهِ ورُكِبَ، فهُوَ ذَلُولٌ مُجَرَّبٌ، أنْشَدَ الجَوْهَرِيُّ للشّاعِرِ:
(فَمَا مِنْكُمُ أفْنَاءَ بكْرِ بنِ وائِلٍ ... لِغارَتِنَا إِلَّا ذَلُولٌ} مُوَقَّعُ)
وأنْشَدَ ابنُ الأعْرَابِيّ للحَكَم بنِ عَبْدَلٍ:
(مِثْلُ الحِمَارِ المُوَقَّعِ الظَّهْرِ لَا ... يُحْسِنُ مَشْياً إِلَّا إِذا ضُرِبَا)

وَفِي حَديثِ عُمَرَ رَضِي الله عَنهُ قالَ: منْ يَدُلُّنِي على نَسيجِ وَحْدِه فقالَ لَهُ أَبُو مُوسَى رضيَ اللهُ عَنهُ: مَا نَعْلَمُه غَيْرَك، فقالَ: مَا هِيَ إِلَّا إبِلٌ مُوَقَّعٌ ظُهُورُهَا ضَرَبَ ذلكَ مَثَلاً لعُيُوبِه.
وَفِي الأساسِ: {وُقِّعَتِ الدَّابَّةُ بكَثْرَةِ الرُّكُوبِ: سُحِجَتْ، فتَحاصَّ عَنْهَا الشَّعَرُ، فنَبَتَ أبْيَضَ.
والمُوَقَّعُ: السِّكّينُ المُحَدَّدُ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وقالَ ابنُ عَبّادٍ: النِّصالُ} المُوَقَّعَةُ، هِيَ: المَضْرُوبَةُ {بالمِيقَعَةِ، أَي: المِطْرَقَةِ، قالَ أَبُو وَجْزَةَ:
(حَرَّى} مُوَقَّعَةٌ ماجَ البَنَانُ بِها ... على خِضَمٍّ يُسَقَّى الماءَ عَجّاجِ)
وقَدْ ذكَرَه الجَوْهَرِيُّ بِقَوْلِه: ومِرْماةٌ {مُوَقَّعَةٌ، أَي: مُحَدَّدَةٌ، فإنَّ المُرَادَ بالمِرْمَاةِ هُوَ النَّصْلُ.
(و) } المُوَقِّعُ كمُحَدِّثِ: الخَفيف الوَطْءِ على الأرْضِ، نَقَلَه ابنُ عَبّادٍ.
{واسْتَوْقَعَ: تَخَوَّفَ مَا} يَقَعُ بهِ، قالَه اللَّيْثُ، وهُوَ شِبْهُ! التَّوَقُّعِ. (و) {اسْتَوْقَعَ السَّيْفُ: أنَى لهُ الشَّحْذُ، قالَهُ اللَّيْثُ، وَفِي الأساسِ: آنَ لَهُ أنْ يُشْحَذَ، وَفِي اللِّسانِ: احْتاجَ إِلَى الشَّحْذِ.
وقالَ الجَوْهَرِيُّ: اسْتَوْقَعَ الأمْرَ: انْتَظَرَ كَوْنَه،} كتَوَقَّعَهُ يُقَالُ: {تَوَقَّعْتُ مَجيِئَهُ، وتَنَظَّرْتُه، وَفِي الأساسِ:} تَوَقَّعَهُ: ارْتَقَبَ {وُقُوعَه، وقالَ الرّاغِبُ: أصْلُ مَعْنَاهُ: طَلَبُ} وُقُوعِ الفِعْلِ مَعَ تخَلُّفٍ واضْطِرابٍ.
وَمن المَجَازِ: {واقَعَهُ فِي المَعْرَكَةِ: حارَبَه.
وَمن المَجَازِ: واقَعَ المَرْأَةَ: باضَعَهَا، وخالَطَهَا، قالَ ابنُ سِيدَه: وأُراهُ عَن ابْنِ الأعْرَابِيِّ.
وممّا يُسْتَدْرَكُ عليْهِ:} المَوْقُوعُ: مَصْدَرُ {وَقَعَ} يَقَعُ، كالمَجْلُودِ، والمَعْقُولِ، قالَ أعْشَى باهِلَةَ.
(وألْجَأَ الكَلْبَ {مَوْقُوعُ الصَّقِيعِ بهِ ... وأْلَجأَ الْحَيَّ منْ تَنْفاحِها الحَجَرُ)
} وأوْقَعَه {إيقاعاً: أنْزَلَه وأسْقَطَه، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
} والمَوْقِعُ {والمَوْقِعَةُ، بكسرِ قافِهِما: مَوْضِعُ} الوُقُوعِ، الأخِيرَةُ عنِ اللِّحْيَانِيِّ.
{ووِقاعَةُ السِّتْرِ:} مَوْقِعُهُ إِذا أُرْسِلَ، حَكاهُ الهَرَوِيُّ فِي الغَرِيبَيْنِ، وقالَ ابنُ الأثِيرِ: هُوَ مَوْقِعُ طَرَفِ السِّتْرِ على الأرْضِ، وهِيَ {مَوْقِعُه} ومَوْقِعَتُه، ويُرْوَى: {الوَقَاعَةُ بفَتْحِ الواوِ، والمَعْنَى: ساحَةُ السِّتْرِ.
} والمِيقَعَةُ بالكَسْرِ: داءٌ يأْخُذُ الفَصِيلَ، كالحَصْبَةِ، {فيَقَعُ فَلَا يَكَادُ يَقُومُ.
} ووَقْعُ السَّيْفِ: {ووَقْعَتُه،} ووُقُوعه: هَبَّتُه ونُزُولُه بالضَّرِيبَةِ. {ووَقَعَ بهِ ماكِرٌ} وُقوُعاً ووَقِيعَةً: نَزَلَ، وَفِي المَثَلِ: الحِذَارُ أشَدُّ منَ {الوَقِيعَةِ يُضْرَبُ ذَلِك للرجل يعظم)
فِي صَدره الشَّيْء فَإِذا} وَقَعَ فيهِ كانَ أهْوَنَ ممّا ظَنّ.
{وأوْقَعَ ظَنَّهُ على الشَّيءِ، ووَقَّعَه، كِلاهُمَا: قَدَّرَه وأنْزَلَه.
} ووقَعَ بالأمْرِ: أحْدَثَهُ وأنْزَلَه.
{وأوْقَعَ فُلانٌ بفُلانٍ مَا يَسُوءُ، أيْ: أنْزَلَهُ نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ، وَهُوَ مجازٌ.
} ووَقَعَ منْهُ الأمْرُ {مَوْقعاً حَسَناً أوْ سَيِّئاً: ثَبَتَ لَدَيْه.
وأوْقَعَ بهِ الدَّهْرُ: سَطَا.
} والوِقَاعُ بالكَسْرِ: {المُوَاقَعَةُ فِي الحَرْبِ، قالَ القُطامِيُّ:
(ولَوْ تَسْتَخْبِرُ العُلَمَاءََ عَنّا ... ومنْ شَهِدَ المَلاحِمَ} والوِقاعا)
بتَغْلِبَ فِي الحُرُوبِ، ألَمْ يَكُونُواأشَدَّ قَبائِلِ العَرَبِ امْتِنَاعَا وقالَ أيْضاً:
(وكُلُّ قَبِيلَةٍ نَظَرُوا إلَيْنَا ... وخَلَّوْا بَيْنَنا كَرِهُوا الوِقاعَا)
{والوَقْعَةُ: النَّوْمَةُ فِي آخِرِ اللَّيْلِ.
والوَقْعَةُ:} وُقُوعُ الطّائِرِ على الشَّجَرِ أَو الأرْضِ، وطَيْرٌ {أواقِعُ، قالَ الشاعِرُ:
(لَكَالرَّجُلِ الحادِي، وقَدْ تَلَعَ الضُّحَى ... وطَيْرُ المَنَايا فَوْقَهُنَّ} أواقِعُ)
أرادَ: {وواقِعُ، جمعُ} الوَقْعَةِ، فهمَزَ الواوَ الأولَى.
{ووَقِيعَةُ الطّائِرِ:} مِيقَعَتُه.
وإنّه {لواقِعُ الطَّيْرِ: أَي: ساكِنٌ لَيِّنٌ، وَهُوَ مَجازٌ.
} ووَقَّعَتِ الدَّوَابُّ {تَوْقِيعاً: لُغَةٌ فِي} وَقَعَت، وَكَذَا! وَقَّعَتِ الإبِلُ تَوْقيعاً: إِذا رَبَضَتْ، وقيلَ: {وَقَّعَتْ، بالتَّشْدِيدِ: اطْمَأنَّتْ بالأرْضِ بَعْدَ الرِّيِّ، أنْشَدَ ابنُ الأعْرَابِيّ: حَتَّى إِذا} وَقَّعْنَ بالأنْبَاثِ غَيْرَ خَفيفاتٍ وَلَا غِراثِ وإنّمَا قالَ: غَيْرَ خَفِيفاتٍ إِلَى آخِره، لأنَّهَا قَدْ شَبِعَتْ ورَوِيَتْ فثَقُلَتْ.
{ووَقَعَ بهِ: لامَهُ وعَنَّفَهُ.
} ووَقِعَ فِي العَمَلِ {وُقُوعاً: أخذَ.
} ووَقَعَ فِي قَلْبِي السَّفَرُ، وَهُوَ مجازٌ.)
{وواقَعَ الأمُورَ} مُوَاقَعَةً، {ووِقاعاً: داناها، قالَ ابنُ سِيدَه: أُرَى قَوْلَ الشّاعِرِ، أنْشَدَهُ ابنُ الأعْرَابِيّ:
(ويُطْرِقُ إطْرَاقَ الشُّجَاعِ وعِنْدَهُ ... إِذا عُدَّتِ الهَيْجَا} وِقاعُ مُصادِفِ)
إنَّمَا هُوَ منْ هَذَا، قالَ: وأمّا ابنُ الأعْرَابِيّ فلَمْ يُفَسِّرْهُ.
{ووَقَعَ على أمْرَأَتِه: جامَعَها، وهُوَ مجازٌ، قالَ ابنُ سِيدَه: وأُراهُ عَن ابْنِ الأعْرَابِيِّ.
} والوَقَاعَةُ: صَلابَةُ الأرْضِ.
{والوَقْعُ: الحَصَى الصِّغارُ، واحِدَتُها وَقْعَةٌ.
} والتَّوْقِيعُ: الإصابَةُ، أنْشَدَ ثَعْلَبٌ:
(وقَدْ جَعَلَتْ بَوَائِقُ منْ أمُورٍ ... تُوَقِّعُ دُونَه وتَكُفُّ دُونِي)
{والوَقْعُ،} والوَقِيعُ: الأثَرُ الّذِي يُخَالِفُ اللَّوْنَ.
! والتَّوْقِيعُ: سَحْجٌ فِي ظهرِ الدّابَةِ، وقيلَ: فِي أطْرافِ عِظَامِ الدَّابَّةِ منَ الرُّكُوبِ، ورُبَّمَا انْحَصَّ عَنْهُ الشَّعَرُ، فنَبَتَ أبْيضَ.
ووقَعَ الحَديدَ والمُدْيَةَ والنَّصْلَ والسَّيْفَ، يَقَعُهَا وَقْعاً: أحَدَّها وضَرَبها، قالَ الأصْمَعِيُّ: يُقَالُ ذلكَ إِذا فَعَلْتَهُ بينَ حَجَرَيْنِ. ونَصْلٌ {وَقِيعٌ: مُحَدَّدٌ، وكذلكَ الشَّفْرَةُ بِغَيْرِ هاءٍ، قالَ عَنْتَرَةُ:
(وآخَرُ مِنْهُمُ أجْرَرْتُ رُمْحِي ... وَفِي البَجْلِي مِعْبَلَةُ وَقِيعُ)
والوَقِيعُ منَ السُّيُوفِ: مَا شُحِذَ بالحَجَرِ ويُقَالُ: قَعْ حَدِيدَكَ.
} والوَقِيعَةُ: المِطْرَقَةُ، وَهُوَ شاذٌ لأنَّهَا آلَةٌ، والآلَةُ إنَّمَا تأْتِي على مِفْعَلٍ، قالَ الهُذَلِيُّ:
(رأى شَخْصَ مَسْعُودِ بنِ سَعْدٍ بكَفِّهِ ... حَدِيدٌ حَدِيثٌ {بالوَقِيعَةِ مُعْتَدُ)
} والوَقِعُ، ككَتِفِ: المَرِيضُ يَشْتَكِي رجلَهُ منَ الحجَارَة.
وقالَ أَبُو زَيدٍ: يُقَالُ لغِلافِ القارُورَةِ: الوَقْعَةُ، {والوِقَاعُ} والوِقَعَةُ للجَمِيعِ. قُلْتُ: صَوَابُه بالفاءِ، وَقد تقدَّمَ.
{والوَاقِعُ: الّذِي يَنْقُرُ الرَّحَى، وهُم} الوَقَعَةُ.
وأهْلُ الكُوفَةِ يُسَمُّونَ الفِعْلَ المُتَعَدِّي {واقِعاً، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ.
وَهَذِه نَعْلٌ لَا} تَقَعُ على رِجْلِي.
ووَقَعَ الأمْرُ: حَصَلَ.)
وفُلانٌ يُسِفُّ وَلَا {يَقَعُ: إِذا دَنا منَ الأمْرِ ثُمَّ لَا يَفْعَلُه، وهُوَ مجازٌ.
} وتَوَاقَعا: تَحَارَبَا.

نصص

(ن ص ص) : (النَّصُّ) الرَّفْعُ مِنْ بَابِ طَلَبَ يُقَالُ الْمَاشِطَةُ تَنُصُّ الْعَرُوسَ فَتُقْعِدُهَا عَلَى الْمَنَصَّةِ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَهِيَ كُرْسِيُّهَا لِتُرَى مِنْ بَيْنِ النِّسَاءِ (وَمِنْهُ) نَصَصْتُ نَاقَتِي أَيْ رَفَعْتُهَا فِي السَّيْرِ (وَنَصُّ) الْحَدِيثِ إسْنَادُهُ وَرَفْعُهُ إلَى الرَّئِيسِ الْأَكْبَرِ نَصَّ فِي (ع ن) .
[نصص] قولهم: نَصَصْتَ ناقتي، قال الأصمعيُّ: النَّصُّ السيرُ الشديدُ حتَّى يستخرج أقصى ما عندها. قال: ولهذا قيل نصصت الشئ: رفعته. ومنه مِنَصَّةُ العروسِ. ونَصَصْتُ الحديث إلى فلان، أي رفعته إليه. وسيرٌ نَصٌّ ونَصيصٌ. ونَصَصْتُ الرجلَ، إذا استقصيت مسألته عن الشئ حتَّى تستخرج ما عنده. ونَصُّ كل شئ: منتهاه. وفى حديث على رضى الله عنه: " إذا بلغ النساءُ نَصَّ الحِقاقِ "، يعني منتهى بلوغ العقل. ونصنص البعير، مثل حصحص. ويقال: نصنصت الشئ: حركته. وفي حديث أبي بكر رضي الله عنه حين دخل عليه عمر رضي الله عنه وهو يُنَصْنِصُ لسانَهُ ويقول: هذا أوردني المواردَ. قال أبو عبيد: هو بالصاد لا غير. قال: وفيه لغة أخرى ليست في الحديث: نضنضت، بالضاد المعجمة.
(نصص) الْمَتَاع نَصه وغريمه ناصه
نصص وَقَالَ [أَبُو عُبَيْد -] : فِي حَدِيثه عَلَيْهِ السَّلَام حِين دفع من عَرَفَات العَنَق فَإِذا وجد فجوة نَص. قَالَ أَبُو عبيد: النَّص التحريك حَتَّى يسْتَخْرج من الدَّابَّة أقْصَى سَيرهَا قَالَ الشَّاعِر: [الرجز] وتقطع الْخرق بسير نَص
ن ص ص : نَصَصْتُ الْحَدِيثَ نَصًّا مِنْ بَابِ قَتَلَ رَفَعْتُهُ إلَى مَنْ أَحْدَثَهُ.

وَنَصَّ النِّسَاءُ الْعَرُوسَ نَصًّا رَفَعْنَهَا عَلَى الْمِنَصَّةِ وَهِيَ الْكُرْسِيُّ الَّذِي تَقِفُ عَلَيْهِ فِي جِلَائِهَا بِكَسْرِ الْمِيمِ لِأَنَّهَا آلَةٌ.

وَنَصَصْتُ الدَّابَّةَ اسْتَحْثَثْتُهَا وَاسْتَخْرَجْتُ مَا عِنْدَهَا مِنْ السَّيْرِ وَفِي حَدِيثٍ «كَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - إذَا وَجَدَ فُرْجَةً نَصَّ» . 
(نصص) - في حديث عبد الله بن زَمْعَةَ - رضي الله عنه -: "أنه تزوَّجَ بنتَ السَّائب، فلما نُضَّتْ لِتُهْدَى إليه طَلَّقَها"
: أي أُقْعِدَت على المِنَصَّةِ؛ وهي سَريرُ العروس، ذكرها الجَبَّانُ، وقال ابن فَارِس: بفَتح المِيمِ وَأنّها الحَجَلَةُ؛ وهىِ مِن قَولهم: نصَصْتُ المَتاع: جعَلْتُ بَعْضه على بَعْضٍ، ونصَّتِ الظّبْيَة جِيدَها: رَفَعَتْه، ونصَّ الحَدِيثَ: رفَعَه، ونصَصْتُ العَرُوسَ: أقعَدْتُهَا على المِنَصَّةِ، والماشطَةُ تَنُصّ العَرُوسَ. وكلُّ شىءٍ أظهرتَه فقد نَصَصتَه.
- وفي حديث هِرَقْل: "يَنُصُّهم"
: أي يَستخرج رَأيَهم ، وهو من الرفع أيضا.

نصص


نَصَّ(n. ac. نَصّ)
a. Lifted; showed.
b. [acc. & Ila], Ascribed to.
c. Elucidated; elicited.
d. [acc. & 'Ala], Indicated to.
e. [acc. & Ila], Referred, submitted to.
f. Urged, drove on.
g. Piled.
h. Questioned, cross-questioned.
i. ( n. ac.
نَصِيْص), Went fast.
j.(n. ac. نَصِيْص), Spluttered, crackled.
k. [acc. & La
or
'Ala] [ coll. ], Dictated to (
letter ).
نَصَّصَa. see III
نَاْصَصَa. Dunned.

تَنَاْصَصَa. Crowded together.

إِنْتَصَصَa. Was erect; stood up; showed herself ( bride).
b. Shrank together.

نَصّ
(pl.
نُصُوْص)
a. Text.
b. Term, period.
c. Statute, ordinance.
d. see 25 (a) (c).
f. [ coll. ], Dictation.

نَصَّةa. Hen-sparrow.

نِصّ
a. [ coll. ], Half.
نُصَّةa. Lock of hair.

مَنْصَصَةa. Nuptial chamber.

مِنْصَصَةa. Bride's chair.

نَصِيْصa. Quick (pace).
b. Number ( of people ).
c. High, lofty.

نَصَّاْصa. Mover.

N. P.
نَصڤصَ
a. ['Ala], Indicated.
ن ص ص: (نَصَّ) الشَّيْءَ رَفَعَهُ وَبَابُهُ رَدَّ وَمِنْهُ (مِنَصَّةُ) الْعَرُوسِ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَ (نَصَّ) الْحَدِيثَ إِلَى فُلَانٍ رَفَعَهُ إِلَيْهِ. وَ (نَصُّ) كُلِّ شَيْءٍ مُنْتَهَاهُ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ: «إِذَا بَلَغَ النِّسَاءُ نَصَّ الْحِقَاقِ» يَعْنِي مُنْتَهَى بُلُوغِ الْعَقْلِ. وَ (نَصْنَصَ) الشَّيْءَ حَرَّكَهُ. وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ حِينَ دَخَلَ عَلَيْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ يُنَصْنِصُ لِسَانَهُ وَيَقُولُ: هَذَا أَوْرَــدَنِي الْمَوَارِدَ. قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ بِالصَّادِ لَا غَيْرُ. قَالَ: وَفِيهِ لُغَةٌ أُخْرَى لَيْسَتْ فِي الْحَدِيثِ: نَضْنَضَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ. 
[نصص] نه: فيه: لما دفع من عرفات سار العنق فإذا وجد فجوة "نص"، النص: التحريك حتى يستخرج أقصى سير الناقة، وأصله أقصى الشيء وغايته، ثم سمي به ضرب من السير سريع. ن: نص- بفتح نون وتشديد صاد. نه: ومنه ح أم سلمة لعائشة: ما كنت قائلة لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عارضك ببعض الفلوات "ناصة" قلوصًا من منهل إلى منهل، أي رافعة لها في السير. وح: إذا بلغ النساء "نص" الحقاق فالعصبة أولى، أي إذا بلغت غاية البلوغ من سنها الذي يصلح أن تحاقق وتخاصم عن نفسها فعصبتها أولى من أمها. وفيه: "احذروني فإني "لا أناص" عبدًا إلا عذبته، أي لا أستقصى عليه في السؤال والحساب، وهي مفاعلة منه. ومنه: ما رأيت رجلًا "أنص" للحديث من الزهري، أي أرفع له وأسند. وفيه: تزوج بنت السائب فلما "نصت" لتهدي إليه طلقها، أي أقعدت على منصة، وهي بالكسر سرير العروس، وقيل: هي بفتح ميم: حجلة، من نصصت المتاع- إذا جعلت بعضه على بعضن وكل ما أظهرته فقد نصصته. ش: ويلقى له "منصة"- بفتحتين وقد تكسر ميمه وتشديد صاد مهملة: سرير العروس. نه: ومنه ح هرقل: "ينصهم"، أي يستخرج رأيهم ويظهره، ومنه "نص" القرآن والسنة، أي ما دل ظاهر لفظهما عليه من الأحكام.
نصص قحم قَالَ أَبُو عبيد: وأصل النَصّ [هُوَ -] 3 / الف مُنْتَهى الْأَشْيَاء ومبلغ أقصاها وَمِنْه قيل: نَصصتُ الرجلَ / إِذا استقصيتَ مَسْأَلته عَن الشَّيْء حَتَّى تستخرج كل مَا عِنده وَكَذَلِكَ النصّ فِي السّير إِنَّمَا هُوَ أقْصَى مَا تقدر عَلَيْهِ الدَّابَّة فنصُّ الحِقاق إِنَّمَا هُوَ الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ مُنْتَهى الصغر وَالْوَقْت الَّذِي يخرج مِنْهُ الصَّغِير إِلَى الْكَبِير. يَقُول: فَإِذا بلغ النِّسَاء ذَلِك فالعَصبَةُ أولى بِالْمَرْأَةِ من أمّها إِذا كَانُوا مَحرما مثل الأخوةَ والأعمام بتزويجها إِن أَرَادوا وَهَذَا مِمَّا يبيّن لَك أَن الْعصبَة والأولياء لَيْسَ لَهُم أَن يزوِّجوا الْيَتِيمَة حَتَّى تُدرك وَلَو كَانَ لَهُم ذَلِك لم ينْتَظر بهَا نصَّ الحِقاق وَلَيْسَ يجوز التَّزْوِيج على الصَّغِيرَة إِلَّا لأَبِيهَا خاصّة وَلَو جَازَ لغيره مَا احْتَاجَ إِلَى ذكر الْوَقْت. وَقَوله: الحِقاق إِنَّمَا هُوَ المُحاقّة أَن تحاقّ الْأُم الْعصبَة فِيهِنَّ فَذَلِك الحِقاق فَتَقول: أَنا أحقّ وَيَقُول أُولَئِكَ: نَحن أَحَق وَهَذَا: كَقَوْلِك جادلته جِدالا ومُجادَلة وَكَذَلِكَ حاققته حِقاقا ومُحاقّة. [قَالَ -] : وَبَلغنِي عَن ابْن الْمُبَارك أَنه قَالَ: نصّ الحِقاق بُلُوغ الْعقل وَهُوَ مثل الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ مُنْتَهى الْأَمر الَّذِي تجب بِهِ الْحُقُوق وَالْأَحْكَام فَهَذَا الْعقل والإدراك وَلَا عقل يعْتد بِهِ قبل الْإِدْرَاك. وَمن رَوَاهُ: نَصّ الحقائِق فَإِنَّهُ أَرَادَ جمع حَقِيقَة وحقائق.
ن ص ص

نصَّ الحديثَ ينُصُّهُ نَصاً رفَعَه وكلُّ ما أُظْهِر فقد نُصَّ ونَصَّةِ الظَّبْيةُ جِيدَها رفَعَتْه ووُضِعَ على المِنَصَّة أي عَلَى غَايَةِ الفَضِيحةِ والشُّهْرةِ والظُّهُورِ والمِنَصَّة ما تُظْهَرُ عليه العَروس لِتُرَى وقد نَصَّها وانْتصَّتْ هي والمِنَصَّةُ الثِّيابُ المُرَفَّعَة والفُرُشُ المُوَطَّأَةُ ونَصَّ المَتاعَ نًصّا جَعَل بعضَه على بعضٍ ونَصَّ الدّابّةَ يَنُصُّها نصّا رَفَعَها في السَّيْرِ وكذلك الناقةُ وفي الحديث

كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا وجَدَ فَجْوَةً نَصَّ أي رَفَعَ ناقَتَه في السَّيْرِ والنَّصُّ والنَّصِيصُ السَّيرُ الشَّديدُ والحَثُّ ونَصُّ الأَمْرِ شِدّتُه قال أيوب بن عيابة (ولا يَسْتَوِي عند نَصِّ الأُمُورِ ... باذلُ مَعْروفِه والبَخِيلُ)

ونصَّ الرَّجُلَ نًصّا إذا سَأَلَه عن الشيءِ حتى يَسْتَقْصِيَ ما عِنْدَه ونَصُّ كلِّ شيءٍ مُنْتَهاهُ وفي الحديث

إذا بَلَغَ النِّساءُ نَصَّ الحِقَاقِ يَعْنِي إذا بَلَغَتْ غايَة الصِّغر إلى أن تَدْخُلَ في الكِبرِ فالعَصَبَةُ أَوْلَى بها من الأُمّ يُرِيدُ بذلك الإِدراكَ والغايَة والنُّصَّةُ ما أقْبَلَ على الجَبْهَةِ من الشَّعَرِ والجمعُ نُصَصٌ ونِصَاصٌ ونَصَّ الشَّيءَ حرَّكَهُ ونَصْنَص لِسانَهُ حَرّكَه كنَضْنَضَهُ غَيْر أن الصّادَ فيه أصْلٌ وليستْ بَدَلاً من ضَادٍ نضْنَضَه كما زَعَمَ قَومٌ لأنهما لَيْستَا أُخْتَيْن فتُبْدَل إحداهُما من صاحِبَتِها والنَّصْنَصَة تَحرُّكَ البَعِيرِ إذا نَهَضَ من الأرضِ ونَصْنَص البَعِيرُ فَحصَ بصَدْرِه الأرضَ ليَبْرُكَ ونَصْنَص الرَّجُلُ في مَشْيِه اهْتَزَّ مُنْتَصِباً
نصص
نَصَّ/ نَصَّ على نَصَصْتُ، يَنُصّ، انْصُصْ/ نُصَّ، نصًّا، فهو ناصّ، والمفعول مَنْصوص
• نصَّ الحديثَ: رفعه وأسنده إلى المحدِّث.
• نصَّ على الشّيء: حدَّده وعيَّنه بموجب نصّ "نصَّتِ المعاهدةُ على كذا- تنصّ المادة على كذا: تقضي به- ملتزم بنصِّ القانون". 

نصَّصَ ينصِّص، تنصيصًا، فهو مُنصِّص، والمفعول منصَّص
• نصَّص المتاعَ: جعل بعضَه فوق بعضٍ "نصّص عمالُ المطار متاعَ المسافرين".
• نصَّص الجملةَ: حدّدها وعيَّنَها بنصّ، وضعها بين علامتي تنصيص ° علامة التّنْصيص: قوسان مزدوجان (" ") يوضع بينهما كلُّ ما ينقله الكاتب من كلام غيره. 

تنصيصيَّة [مفرد]: اسم مؤنَّث منسوب إلى تنصيص.
• علامة تنصيصيَّة: قوسان مزدوجان يُرسمان هكذا: " " يُوضع بينهما كلُّ ما ينقله الكاتب من كلام غيره "أقواس تنصيصيَّة". 

مِنصَّة [مفرد]: ج مِنصَّات ومَناصُّ:
1 - كرسيّ مرتفع يعدُّ للخطيب ليخطب أو للممثِّل ليمثِّلَ وقد يُزيَّن بفُرُشٍ وثياب "اعتلى الخطيبُ المنصَّة فاهتزّت الجماهير- قتل السادات في حادث المِنَصَّة المشهور" ° مِنصَّة الشهود: منصَّة مغلقة في قاعة المحكمة يقف أو يَجْلس فيها الشاهد ليدلي بشهادته- مِنصَّة الميكروسكوب: مكان وضع الشّريحة في ميكروسكوب- مِنصَّة للعرض: منصّة تعرض عليها حيوانات كالكلاب- مِنصَّة القيادة: منصَّة أو غرفة فوق ظهر المركب منها يتمّ قيادة السَّفينة- وُضِع فلانٌ على المنصَّة: افْتُضِحَ وشُهِر.
2 - حكم وسلطة "سعى إلى منصَّة الحكم".
• مِنصَّة الوَثب: لوح مرن ذو طرف مُثبَّت يستخدم في الألعاب الرِّياضيَّة للوثب، لوح الغطس. 

نَصّ [مفرد]: ج نُصوص (لغير المصدر):
1 - مصدر نَصَّ/ نَصَّ على.
2 - (فق) ما لا يحتمل إلاّ معنًى واحدًا، ولا يحتملُ التأويل، كلام مفهوم المعنى من الكتاب والسنّة "لا اجتهاد مع النصّ".
3 - صيغة الكلام الأصليَّة كما وردت من المؤلّف "ينشر نصّ اتفاقيَّة- وثيقة بنصِّها الحرفيّ- نصوص الدستور
 الحاليّ- زوَّر نصًّا أو وثيقة" ° بنصِّه وفصِّه: حرفيًّا، بدون أدنى تغيير- نصًّا وروحًا: بالتمام والكمال.
4 - منتهى الشّيء ومبلغه "بلغ من الأمر نصَّه".
• النَّصُّ:
1 - الكتابُ والسُّنَّة.
2 - (دب) أثر مكتوب شعرًا أو نثرًا "شارح نصوص- مختارات من النصوص الأدبيَّة".
• تحليل النَّصّ: (دب) محاولة لقراءة العمل الأدبيّ قراءة فاحصة تتناول أجزاءه تفصيلاً، أو هو منهج في النقد الأدبيّ قوامه التحليل المفصَّل للمؤلَّف الأدبيّ جزءًا جزءًا.
• فنّ تحقيق النُّصوص: (دب) إعادة تكوين النصّ الأصليّ لأثر أدبيّ مُعيّن بناءً على الأدلَّة المختلفة التي استمدَّها المحقِّق من المخطوطات الأصليّة للنصّ، كما أنّه عرض لهذه الأدلّة بحيث يستطيع القارئ أن يتحقَّق من حجيَّتها ووجهة نظر المحقِّق في طريقة عرضها.
• علم النَّصّ: (لغ) العلم الذي يتناول الظاهرة اللغويّة عبر مجموعة من التخصُّصات العلميّة كعلوم القواعد واللسانيّات والتاريخ والاجتماع والاقتصاد وغيرها، وهو لا يقتصر على دراسة اللُّغة الأدبيَّة، بل يمتدّ ليشمل لغة الحديث والصحافة والاقتصاد والسياسة وغيرها، وتتمثّل مهمته في وصف العلاقات الداخليّة والخارجيّة للأبنية بمستوياتها المختلفة وشرح المظاهر العديدة لأشكال التواصل أو الترابط. 

نَصِّيّ [مفرد]: اسم منسوب إلى نَصّ.
• النَّقد النَّصِّيّ: (لغ) دراسة الكتابات والمخطوطات والمطبوعات، وذلك لتحديد الشّكل الأصْلي للنَّصّ وخاصّة لنصّ أدبيّ. 

نصِّيَّة [مفرد]: مصدر صناعيّ من نَصّ.
• النَّصِّيَّة: التَّمسُّك بالنَّصّ وخاصَّة نصًّا من الكتاب المقدَّس. 

نصص: النَّصُّ: رفْعُك الشيء. نَصَّ الحديث يَنُصُّه نصّاً: رفَعَه. وكل

ما أُظْهِرَ، فقد نُصَّ. وقال عمرو بن دينار: ما رأَيت رجلاً أَنَصَّ

للحديث من الزُّهْري أَي أَرْفَعَ له وأَسْنَدَ. يقال: نَصَّ الحديث إِلى

فلان أَي رفَعَه، وكذلك نصَصْتُه إِليه. ونَصَّت الظبيةُ جِيدَها:

رفَعَتْه.

ووُضِعَ على المِنَصَّةِ أَي على غاية الفَضِيحة والشهرة والظهور.

والمَنَصَّةُ: ما تُظْهَرُ عليه العروسُ لتُرَى،وقد نَصَّها وانتَصَّت هي،

والماشِطةُ تَنْتَصُّ عليها العروسَ فتُقْعِدُها على المِنَصَّة، وهي

تَنْتَصُّ عليها لتُرَى من بين النساء. وفي حديث عبدالله بن زمعة: أَنه

تَزَوَّج بنتَ السائب فلما نُصَّت لتُهْدَى إِليه طلَّقها، أَي أُقعِدَت على

المِنَصَّة، وهي بالكسر، سريرُ العروسِ، وقيل: هي بفتح الميم الحجَلةُ

عليها

(* قوله: عليها؛ هكذا في الأصل، ولعله: الحَجلةُ عليها العروس.) من

قولهم نَصَّصْت المتاعَ إِذا جعلت بعضه على بعض. وكل شيء أَظْهرْته، فقد

نَصَّصْته. والمِنَصّة: الثياب المُرَفّعة والفرُشُ الموَطَّأَة.

ونصَّ المتاعَ نصّاً: جعلَ بعضه على بعض. ونَصَّ الدابةَ يَنُصُّها

نصّاً: رَفَعَها في السير، وكذلك الناقة. وفي الحديث: أَن النبي، صلّى اللّه

عليه وسلّم، حين دَفَع من عرفات سار العَنَقَ فإِذا وجد فَجْوةً نَصَّ

أَي رفَع ناقتَه في السير، وقد نصَّصْت ناقتي: رفَعْتها في السير، وسير

نصٌّ ونَصِيصٌ. وفي الحديث: أَن أُم سلمة قالت لعائشة، رضي اللّه عنهما: ما

كنتِ قائلةً لو أَن رسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، عارَضَكِ ببعض

الفلوات ناصَّةً قَلُوصَك من منهلٍ إِلى آخر؟ أَي رافعةً لها في السير؛ قال

أَبو عبيد: النَّصُّ التحريك حتى تستخرج من الناقة أَقصَى سيرها؛

وأَنشد:وتَقْطَعُ الخَرْقَ بسَيْرٍ نَصِّ

والنَّصُّ والنَّصِيصُ: السير الشديد والحثُّ، ولهذا قيل: نَصَصْت الشيء

رفعته، ومنه مِنَصَّة العروس. وأَصل النَّصّ أَقصى الشيء وغايتُه، ثم

سمي به ضربٌ من السير سريع. ابن الأَعرابي: النَّصُّ الإِسْنادُ إِلى

الرئيس الأَكبر، والنَّصُّ التوْقِيفُ، والنصُّ التعيين على شيءٍ ما، ونصُّ

الأَمرِ شدتُه؛ قال أَيوب بن عباثة:

ولا يَسْتَوي، عند نَصِّ الأُمو

رِ، باذِلُ معروفِه والبَخِيل

ونَصَّ الرجلَ نصّاً إِذا سأَله عن شيءٍ حتى يستقصي ما عنده. ونصُّ كلِّ

شيءٍ: منتهاه. وفي الحديث عن عليّ، رضي اللّه عنه، قال: إِذا بلَغَ

النساءُ نَصَّ الحِقاقِ فالعَصَبَةُ أَوْلى، يعني إِذا بلغت غاية الصغر إِلى

أَن تدخل في الكبر فالعصبة أَوْلى بها من الأُمِّ، يريد بذلك الإِدراكَ

والغاية. قال الأَزهري: النصُّ أَصلُه منتهى الأَشياء ومَبْلغُ أَقْصاها،

ومنه قيل: نصَصْتُ الرجلَ إِذا استقصيت مسأَلته عن الشيء حتى تستخرج كل

ما عنده، وكذلك النصّ في السير إِنما هو أَقصى ما تقدر عليه الدابة، قال:

فنصُّ الحِقاقِ إِنما هو الإِدراكُ، وقال المبرد: نصُّ الحقاق منتهى بلوغ

العقل، أَي إِذا بلغت من سِنِّها المبلغَ الذي يصلح أَن تُحاقِقَ

وتُخاصم عن نفسها، وهو الحِقاقُ، فعصبتُها أَولى بها من أُمِّها.

ويقال: نَصْنَصْت الشيءَ حركته. وفي حديث أَبي بكر حين دخل عليه عمر،

رضي اللّه عنهما، وهو يُنَصْنِصُ لِسانَه ويقول: هذا أَوْرَــدَني المواردَ؛

قال أَبو عبيد: هو بالصاد لا غير، قال: وفيه لغة اُخرى ليست في الحديث

نَضْنَضْت، بالضاد. وروي عن كعب أَنه قال: يقول الجبار احْذَرُوني فإِني لا

أُناصُّ عبداً إِلا عذَّبْتُه أَي لا أَستقصي عليه في السؤال والحساب،

وهي مفاعلة منه، إِلا عذَّبته. ونَصَّصَ الرجلُ غريمَه إِذا استقصى عليه.

وفي حديث هرقل: يَنُصُّهم أَي يستخرجُ رأْيهم ويُظْهِرُه؛ ومنه قول

الفقهاء: نَصُّ القرآنِ ونَصُّ السنَّة أَي ما دل ظاهرُ لفظهما عليه من

الأَحكام. شمر: النَّصْنَصَة والنَّضْنَضَةُ الحركة. وكل شيءٍ قَلْقَلْتَه، فقد

نَصْنَصْته.

والنُّصَّة: ما أَقبل على الجبهة من الشعر، والجمع نُصَصٌ ونِصاصٌ.

ونَصَّ الشيءَ: حركه. ونَصْنَصَ لسانه: حركه كنَضْنَضَه، غير أَن الصاد فيه

أَصل وليست بدلاً من ضاد نَضْنَضَه كما زعم قوم، لأَنهما ليستا أُخْتَين

فتبدل إِحداهما من صاحبتها. والنَّصْنَصَةُ: تحرُّك البعير إِذا نَهَضَ من

الأَرض. ونَصْنَص البعيرُ: فَحَص بصدره في الأَرض ليبرُك. الليث:

النَّصْنَصَة إِثبات البعير ركبتيه في الأَرْض وتحرُّكه إِذا همَّ بالنهوض.

ونَصْنَص البعيرُ: مثل حَصْحَصَ. ونَصْنَص الرجل في مشيه: اهتز منتصباً.

وانْتَصَّ الشيءُ وانتصب إِذا استوى واستقام؛ قال الراجز:

فبات مُنْتَصّاً وما تَكَرْدَسَا

وروى أَبو تراب عن بعض الأَعراب: كان حَصِيصُ القومِ ونَصِيصُهم

وبَصِيصُهم كذا وكذا أَي عَدَدُهم، بالحاء والنون والباء.

ن ص ص

الماشطة تنصّ العروس فتقعدها على المنصّة، وهي تلتص عليها أي ترفعها. وانتص السنام: ارتفع وانتصب. قال مسكين الدرامي:

حتى علاها تامك ... شبّهته وانتصّ فندا

ومن المجاز: نصّ الحديث إلى صاحبه. قال:

ونصّ الحديث إلى أهله ... فإن الوثيقة في نصّه

ونصّ فلان سيّدا: نصب. قال حاجز بن الجعيد الأزدي:

أأن قد نصصت بعد ما شبت سيّدا ... تقول وتهدي من كلامك ما تهدي

ونصصت الرّجل إذا أحفيته في المسألة ورفعته إلى حدّ ما عنده من العلم حتى استخرجته. وبلغ الشيء نصّه أي منتهاه.
نصص
{نَصَّ الحَدِيثَ} يَنُصُّه {نَصّاً، وكَذَا} نَصَّ إِليْه، إِذا رَفَعَهُ. قَالَ عَمْرُو بنُ دِينَارٍ: مَا رأَيْتُ رَجُلاً {أَنَصَّ لِلْحَدِيث من الزُّهْرِيّ، أَي أَرْفَعَ لَهُ، وأَسْنَدَ وَهُوَ مَجَازٌ. وأَصْلُ النَّصِّ: رَفْعُك لِلشَّيْءِ. و} نَصَّ نَاقَتَهُ {يَنُصُّها} نَصَّاً: إِذا اسْتَخْرَجَ أَقْصَى مَا عِنْدَهَا من السَّيْرِ، وَهُوَ كَذلكَ مِنَ الرَّفْعِ، فإِنَّه إِذا رَفَعَها فِي السَّيْرِ فقَد اسْتَقْصَى مَا عِنْدَها من السَّيْرِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْد: {النَّصُّ: التَّحْرِيكُ حَتَّى تَسْتَخْرِجَ من النَّاقَةِ أَقْصَى سَيْرِهَا. وَفِي الحَدِيث: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَليْه وسَلَّم حِينَ دَفَعَ مِن عَرَفَاتٍ سَارَ العَنَقَ، فإِذا وَجَدَ فَجْوَةً نَصَّ، أَيْ رَفَعَ نَاقَتَهُ فِي السِّيْرِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ أَنَّ أُمَّ سَلَمَةَ قَالَتْ لِعَائِشَةَ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُما: مَا كُنْتِ قائِلَةً لَوْ أَنَّ رِسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم عارَضَكِ ببَعْض الفَلَواتِ} نَاصَّةً قَلُوصَكِ مِنْ مَنْهَلٍ إِلى آخَرَ، أَي يُقَالُ مِنْهُ فَعَلَ البَعِيرُ، أَي لَا يُبْنَى من! النَّصِّ فِعْلٌ يُسْنَدبالكَسْرِ ويُفْتَح، عَلَى عَادَتِه، فالَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ {المِنَصَّةً} والمَنَصَّةَ وَاحِدٌ على قَوْلِ) بَعْضِ الأَئِمَّةِ. وَمِنْهُم مَنْ فَرَقَ بَيْنَهُمَا بأَنَّ السَّرِيرَ والكُرْسِيَّ بالكَسْرِ، والحَجَلَة عَلَيْهَا بالفَتْحِ، وإِليْه مالَ المُصَنِّف، والدَّلِيلُ على ذلِكَ قولُه: هُوَ مَأْخُوذٌ من قَوْلهم: {نَصَّ المَتَاعَ يَنُصُّهُ نَصّاً، إِذا جَعَلَ بَعْضَهُ عَلَى بَعْضِ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الحَجَلَةَ غيْرُ الكُرْسِيّ والسَّرِير، فتأَمَّلْ. قَالَ ابنُ الأَعْرَابِيّ:} النَّصُّ: الإِسْنَادُ إِلى الرَّئِيسِ الأَكبَر. {والنَّصُّ: التَّوقِيفُ. والنَّصُّ: التَّعْيِينُ على شَيْءٍ مَا، وكُلُّ ذلِكَ مَجَازٌ، من النَّصِّ بمَعْنَى الرَّفْعِ والظُّهُورِ. قلْتُ: وَمِنْه أُخِذَ} نَصُّ القُرْآنِ والحَدِيثِ، وَهُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ على مَعْنَىً لَا يَحْتَملُ غيْرَهُ: وقِيلَ: نَصُّ القُرْآنِ والسُّنَّةِ: مَا دَلَّ ظَاهِرُ لَفْظِهِمَا عَليْه مِن الأَحْكَام، وَكَذَا نَصُّ الفُقَهَاءِ الَّذِي هُوَ بَمَعْنَى الدَّلِيلِ، بضَرْبٍ من المَجَازِ، كَمَا يَظْهَرُ عِنْدَ التَّأَمُّلِ. وسَيْرٌ {نَصٌّ،} ونَصِيصٌ، أَي جِدٌّ رَفِيعٌ، وَهُوَ الحَثُ فِيهِ، وَهُوَ مَجَازٌ.
وأَصْلُ {النَّصِّ: أَقْصَى الشَّيْءِ وغَايَتُهُ، ثُمَّ سُمِّيَ بِهِ ضَرْبٌ من السَّيْرِ سَرِيعٌ، كَمَا قَالَه الأَزْهَرِيّ، وأَنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ: وتَقْطَعُ الخَرْقَ بسَيْرٍ} نَصِّ وَقَالَ الأَزْهَرِيّ مَرَّةً: {النَّصُّ فِي السَّيْرِ: أَقْصَى مَا تَقَدِرُ عَلَيْهِ الدَّابَّةُ. فِي الصّحاح:} نَصُّ كُلِّ شَيْءٍ: مُنْتَهَاهُ. وَفِي حَدِيثِ عَلِيٍّ، رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنهُ: إِذا بَلَغَ النِّسَاءُ! نَصَّ الحِقَاقِ هذِه الرِّوَايَة المَشْهُورَةُ، أَو نَصَّ الحَقَائِقِ فالعَصَبَةُ أَوْلَى أَي بَلَغْنَ الغَايَةَ الَّتِي عَقَلْنَ فِيهَا وعَرَفْنَ حَقَائِقَ الأُمُورِ، أَو قَدَرْنَ فِيهَا على الحِقَاقِ، وَهُوَ الخِصَامُ، أَو حُوقَّ فِيهِنَّ، فقالَ كُلٌّ من الأَوْلِيَاءِ أَنَا أَحَقُّ. وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: نَصُّ الحِقَاق إِنّمَا هُوَ الإِدْرَاكُ، وأَصْلُه مُنْتَهَى الأَشيَاءِ، ومَبْلَغُ أَقْصَاهَا. وَقَالَ المُبَرِّدُ: نَصُّ الحِقَاقِ: مُنْتَهَى بُلُوغِ العَقْلِ، وَبِه فَسَّرَ الجَوْهَرِيُّ، أَيْ إِذا بَلَغَتْ من سِنِّهَا المَبْلَغَ الَّذِي يَصْلُحُ أَنْ تُحَاقِقَ وتُخَاصِمَ عَن نَفْسها، وَهُوَ الحِقَاقُ، فعَصَبَتُهَا أَوْلَى بِهَا من أُمِّهَا. أَو الحِقَاقُ فِي الحَدِيثِ اسْتِعَارَةٌ مِنْ حِقَاقِ الإِبِلِ، أَي انْتَهَى صِغَرُهُنَّ، وَهَذَا مِمّا يَحْتَجُّ بِهِ مَن اشْتَرَطَ الوَلِيَّ فِي نِكَاحِ الكبِيرَة. رَوَى أَبو تُرَابٍ عَن بَعْضِ الأَعْرَابِ: كَانَ {نَصِيصُ القَوْمِ وحَصِيصُهُم وبَصِيصُهُم، أَي عَدَدُهُمْ، بالنَّونِ والحَاءِ والبَاءِ. (} والنًصَّةُ: العصفورة) ، نَقله الصَّاغَانِي عَن ابْن عباد. {والنُّصَّةُ، بالضَّمِّ: الخُصْلَةُ من الشَّعْرِ، مِثْلُ القُصَّةِ مِنْهُ، أَو الشَّعْرُ الَّذِي يَقَعُ عَلَى وَجْهِهَا مِنْ مُقَدَّمِ رَأْسِهَا، عَن ابنِ دُرَيْدٍ.
ولَو قَالَ: أَو مَا أَقبَلَ على الجَبْهَةِ مِنْهُ، كَانَ أَخْصَرَ، والجَمْعُ} نُصَصٌ {ونِصَاصٌ، وَقد أُغْفِل عَنْه المُصَنِّف قُصُوراً. وحَيَّةٌ} نَصْنَاصٌ: كَثِيرَةُ الحَرَكَةِ، وهُوَ من {نَصْنَصَ الشِّيْءَ: إِذا حَرَّكَةُ.} ونَصَّصَ الرَّجُلُ غَرِيمَهُ {تَنْصِيصاً، كَذَا} نَاصَّهُ {مُنَاصَّةً، أَي اسْتَقْصَى عَليْهِ ونَاقَشَه. ومِنْهُ مَا) رُوِيَ عَن كَعْبٍ، رَضِيَ الله تَعَالَى عَنهُ، أَنَّهُ قَالَ: يَقُول الجَبَّارُ: احْذَرُونِي فإِنّي لَا} أُنَاصُّ عَبْداً إِلاّ عَذَّبْتُهُ، أَي لَا أَسْتَقْصِي عَليْه فِي السُّؤَالِ والحِسَابِ إِلاَّ عَذَّبْتُهُ، وهِيَ مُفَاعَلَةٌ من {النَّصِّ.} وانْتَصَّ الرَّجُلُ: انْقبَضَ، عَن ابنِ عَبَّادٍ. قالَ اللَّيْثُ: {انْتَصَّ السَّنَامُ: انْتَصَبَ، وَقَالَ غيْرُه: ارْتَفَعَ، ومَعْنَى انْتَصَبَ. اسْتَوَى واسْتَقامَ. وأَنشد اللَّيْثُ للعَجَّاجِ: فبَاتَ} مُنْتَصّاً وَمَا تَكَرْدَسَا {ونَصْنَصَهُ: حَرَّكَهُ وقَلْقَلَهُ، وكُلُّ شَيْءٍ قَلْقَلْتَهُ فَقَدْ} نَصْنَصْتَهُ. وَقَالَ شَمِرٌ: {النَّصْنَصَةُ والنَّضْنَضَةُ: الحَرَكَةُ: وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: وَفِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ حِينَ دَخَلَ عَليْهِ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عَنْهُمَا وهُوَ} يُنَصْنِصُ لِسَانَهُ ويَقُولُ: هذَا أَوْرَــدَنِي المَوَارِدَ قَالَ أَبُو عبَيْدٍ: هُوَ بالصَّادِ لَا غيْرُ. قالَ: وفيهِ لُغَةٌ أُخْرَى ليْسَت فِي الحَدِيث: نَضْنَضْتُ، بالضَّادِ، انْتَهَة. قلت: والصّادُ فِيهِ أَصل ليْسَتْ بَدَلاً من الضَّادِ، كَمَا زَعَمَ قَوْمٌ، لأَنَّهما ليستَا أُخْتَيْنِ فتبَدَل إِحداهُمَا من صاحِبَتِهَا. و {نَصْنَصَ البَعِيرُ، مِثْل حَصْحَصَ، كَمَا فِي الصّحاح. وَقَالَ اللَّيْثُ: أَي أَثْبَتَ رُكْبَتَيْهِ فِي الأَرْضِ وتَحَرَّكَ، إِذا هَمَّ للنُّهُوض. وَقَالَ غيْرُه:} النَّصْنَصَةُ: تَحَرُّكُ البَعِيرِ إِذا نَهَضَ من الأَرْضِ {ونَصْنَصَ البَعِيرُ: فَحَصَ بصَدْرِه فِي الأَرْضِ لِيُبْرُكَ. وممّا يُسْتَدْرَكُ عَليْه:} نَصَّت الظَّبْيَةُ جِيدَهَا: رَفَعَتْهُ. وَمن أَمْثَالِهِم: وُضِعَ فُلانٌ على {المِنَصَّةِ إِذا افْتَضَحَ وشُهِرَ.} ونَصُّ الأَمْرِ: شِدَّتُهُ، قَالَ أَيُّوبُ بنُ عباثَةَ:
(وَلَا يَسْتَوِي عِنْدَ {نَصِّ الأُمُو ... رِ باذِلُ مَعْرُوفِهِ والبَخِيلُ)
وَفِي حَدِيث هِرَقْلَ: يَنُصُّهم، أَيْ. يُسْتَخْرِجُ رَأْيَهُم ويُظْهِرُهُ. قيل: ومِنْهُ نَصُّ القُرْآنِ والسَّنَّةِ.
} ونَصْنَصَ الرَّجلُ فِي مَشْيِهِ: اهتَزَّ مُنْصِباً. {وتَنَاصَّ القَوْمُ: ازْدَحَموا. ونَصْنَصَ نَاقَتَه، كنَصَّهَا، عَن ابْنِ القَطَّاع. وَمن الْمجَاز:} نُصَّ فُلانٌ سَيِّداً، أَي نُصِبَ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.