عن الإسم العبري دانيئيل بمعنى: قاضي الرب أي من يقضي باسم الرب. يستخدم للذكور.
عن الإسم العبري دانيئيل بمعنى: قاضي الرب أي من يقضي باسم الرب. يستخدم للذكور.
برر: البِرُّ: الصِّدْقُ والطاعةُ. وفي التنزيل: ليس البِرَّ أَنْ
تُوَلُّوا وجُوهَكُمْ قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ ولكنْ البِرَّ مَنْ آمنَ
باللهِ؛ أَراد ولكنَّ البِرَّ بِرُّ مَنْ آمن بالله؛ قال ابن سيده: وهو
قول سيبويه، وقال بعضهم: ولكنَّ ذا الْبِرّ من آمن بالله؛ قال ابن جني:
والأَول أَجود لأَن حذف المضاف ضَرْبٌ من الاتساع والخبر أَولى من المبتدإ
لأَن الاتساع بالأَعجاز أَولى منه بالصدور. قال: وأَما ما يروى من أَن
النَّمِرَ بنَ تَوْلَب قال: سمعت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: ليس
من امْبِرِّ امْصِيامُ في امْسَفَرِ؛ يريد: ليس من البر الصيام في
السفر، فإِنه أَبدل لام المعرفة ميماً، وهو شاذ لا يسوغ؛ حكاه عنه ابن جني؛
قال: ويقال إِن النمر بن تولب لم يرو عن النبي، صلى الله عليه وسلم، غير
هذا الحديث؛ قال: ونظيره في الشذوذ ما قرأْته على أَبي عليّ بإِسناده إِلى
الأَصمعي، قال: يقال بَناتُ مَخْرٍ وبَناتُ بَخْرٍ وهن سحائب يأْتين
قَبْلَ الصيف بيضٌ مُنْتَصِباتٌ في السماء. وقال شمر في تفسير قوله، صلى الله
عليه وسلم: عليكم بالصِّدْق فإِنه يَهْدي إِلى البِرِّ؛ اختلف العلماء
في تفسير البر فقال بعضهم: البر الصلاح، وقال بعضهم: البر الخير. قال: ولا
أَعلم تفسيراً أَجمع منه لأَنه يحيط بجميع ما قالوا؛ قال: وجعل لبيدٌ
البِرَّ التُّقى حيث يقول:
وما البِرُّ إِلا مُضْمَراتٌ مِنَ التُّقى
قال: وأَما قول الشاعر:
تُحَزُّ رؤُوسهم في غيرِ بِرّ
معناه في غير طاعة وخير. وقوله عز وجل: لَنْ تنالوا البِرَّ حتى
تُنْفِقُوا مما تُحِبُّونَ؛ قال الزجاج: قال بعضهم كلُّ ما تقرّب به إِلى الله
عز وجل، من عمل خير، فهو إِنفاق. قال أَبو منصور: والبِرُّ خير الدنيا
والآخرة، فخير الدنيا ما ييسره الله تبارك وتعالى للعبد من الهُدى
والنِّعْمَةِ والخيراتِ، وخَيْرُ الآخِرَةِ الفَوْزُ بالنعيم الدائم في الجنة، جمع
الله لنا بينهما بكرمه ورحمته.
وبَرَّ يَبَرُّ إِذا صَلَحَ. وبَرَّ في يمينه يَبَرُّ إِذا صدقه ولم
يَحْنَثْ. وبَرَّ رَحِمَهُ
(* قوله «وبرّ رحمه إلخ» بابه ضرب وعلم). يَبَرُّ
إِذا وصله. ويقال: فلانٌ يَبَرُّ رَبَّهُ أَي يطيعه؛ ومنه قوله:
يَبَرُّك الناسُ ويَفْجُرُونَكا
ورجلٌ بَرٌّ بذي قرابته وبارٌّ من قوم بَرَرَةٍ وأَبْرَارٍ، والمصدر
البِرُّ. وقال الله عز وجل: لَيْسَ البِرِّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ
المشرق والمغرب ولكنَّ البِرَّ من آمن بالله؛ أَراد ولكن البِرَّ بِرُّ
من آمن بالله؛ قول الشاعر:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ
خِلالَتُهُ كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كخِلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ. وتَبارُّوا، تفاعلوا: من البِرّ. وفي حديث
الاعتكاف: أَلْبِرَّ تُرِدْنَ؛ أَي الطاعةَ والعبادَةَ. ومنه الحديث:
ليس من البر الصيام في السفر. وفي كتاب قريش والأَنصار: وإِنَّ البِرَّ دون
الإِثم أَي أَن الوفاء بما جعل على نفسه دون الغَدْر والنَّكْث.
وبَرَّةُ: اسْمٌ عَلَمٌ بمعنى البِر، مَعْرِفَةٌ، فلذلك لم يصرف، لأَنه
اجتمع فيه التعريف والتأْنيث، وسنذكره في فَجارِ؛ قال النابغة:
إِنَّا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بَيْنَنا،
فَحَمَلْتُ بَرَّةَ واحْتَمَلْتَ فَجارِ
وقد بَرَّ رَبَّه. وبَرَّتْ يمينُه تَبَرُّ وتَبِرُّ بَرّاً وبِرّاً
وبُرُوراً: صَدَقَتْ. وأَبَرَّها: أَمضاها على الصِّدْقِ والبَرُّ: الصادقُ.
وفي التنزيل العزيز: إِنه هو البَرُّ الرحيمُ. والبَرُّ، من صفات الله
تعالى وتقدس: العَطُوفُ الرحيم اللطيف الكريم. قال ابن الأَثير: في أَسماء
الله تعالى البَرُّ دون البارِّ، وهو العَطُوف على عباده بِبِرَّهِ
ولطفه. والبَرُّ والبارُّ بمعنًى، وإِنما جاء في أَسماء الله تعالى البَرُّ
دون البارّ. وبُرَّ عملُه وبَرَّ بَرّاً وبُرُوراً وأَبَرَّ وأَبَرَّه
الله؛ قال الفراء: بُرَّ حَجُّه، فإِذا قالوا: أَبَرَّ الله حَجَّك، قالوه
بالأَلف. الجوهري: وأَبَرَّ اللهُ حَجَّك لغة في بَرَّ اللهُ حَجَّك أَي
قَبِلَه؛ قال: والبِرُّ في اليمين مثلُه. وقالوا في الدعاء: مَبْرُورٌ
مَأْجُورٌ ومَبرُوراً مَأْجوراً؛ تميمٌ ترفع على إِضمار أَنتَ، وأَهلُ
الحجاز ينصبون على اذْهَبْ مَبْرُوراً. شمر: الحج المَبْرُورُ الذي لا يخالطه
شيء من المآثم، والبيعُ المبرورُ: الذي لا شُبهة فيه ولا كذب ولا خيانة.
ويقال: بَرَّ فلانٌ ذا قرابته يَبَرُّ بِرّاً، وقد برَرْتُه أَبِرُّه،
وبَرَّ حَجُّكَ يَبَرُّ بُرُوراً، وبَرَّ الحجُّ يَبِرُّ بِرّاً، بالكسر،
وبَرَّ اللهُ حَجَّهُ وبَرَّ حَجُّه. وفي حديث أَبي هريرة قال: قال رسولُ
الله، صلى الله عليه وسلم: الحجُّ المبرورُ ليس له جزاءٌ إِلا الجنةُ؛
قال سفيان: تفسير المبرور طِيبُ الكلام وإِطعام الطعام، وقيل: هو المقبولُ
المقابَلُ بالبرِّ وهو الثواب؛ يقال: بَرَّ اللهُ حَجَّه وأَبَرَّهُ
بِرّاً، بالكسر، وإِبْرَاراً. وقال أَبو قِلابَةَ لرجل قَدِمَ من الحج: بُرَّ
العملُ؛ أَرادَ عملَ الحج، دعا له أَن يكون مَبْرُوراً لا مَأْثَمَ فيه
فيستوجب ذلك الخروجَ من الذنوب التي اقْتَرَفَها. وروي عن جابر بن
عبدالله قال: قالوا: يا رسول الله، ما بِرُّ الحجِّ؟ قال: إِطعامُ الطعام
وطِيبُ الكلامِ.
ورجل بَرٌّ من قوم أَبرارٍ، وبارٌّ من قوم بَرَرَةٍ؛ وروي عن ابن عمر
أَنه قال: إِنما سماهم الله أَبْراراً لأَنهم بَرُّوا الآباءَ والأَبناءَ.
وقال: كما أَن لك على ولدك حقّاً كذلك لولدك عليك حق. وكان سفيان يقول:
حقُّ الولدِ على والده أَن يحسن اسمه وأَن يزوّجه إِذا بلغ وأَن يُحِجَّه
وأَن يحسن أَدبه. ويقال: قد تَبَرَّرْتَ في أَمرنا أَي تَحَرَّجْتَ؛ قال
أَبو ذؤيب:
فقالتْ: تَبَرَّرْتَ في جَنْبِنا،
وما كنتَ فينا حَدِيثاً بِبِرْ
أَي تَحَرَّجْتَ في سَبْيِنا وقُرْبِنا. الأَحمَر: بَرَرْتُ قسَمي
وبَرَرْتُ والدي؛ وغيرُه لا يقول هذا. وروي المنذري عن أَبي العباس في كتاب
الفصيح: يقال صَدَقْتُ وبَرِرْتُ، وكذلك بَرَرْتُ والدي أَبِرُّه. وقال
أَبو زيد: بَرَرْتُ في قسَمِي وأَبَرَّ اللهُ قَسَمِي؛ وقال الأَعور
الكلبي:
سَقَيْناهم دِماءَهُمُ فَسالَتْ،
فأَبْرَرْنَا إِلَيْه مُقْسِمِينا
وقال غيره: أَبَرَّ فلانٌ قَسَمَ فلان وأَحْنَثَهُ، فأَما أَبَرَّه
فمعناه أَنه أَجابه إِلى ما أَقسم عليه، وأَحنثه إِذا لم يجبه. وفي الحديث:
بَرَّ اللهُ قَسَمَه وأَبَرَّه بِرّاً، بالكسر، وإِبراراً أَي صدقه؛ ومنه
حديث أَبي بكر: لم يَخْرُجْ من إِلٍّ ولا بِرٍّ أَي صِدْقٍ؛ ومنه الحديث:
أَبو إِسحق: أُمِرْنا بِسَبْعٍ منها إِبرارُ القَسَمِ.
أَبو سعيد: بَرَّتْ سِلْعَتُه إِذا نَفَقَتْ، قال والأَصل في ذلك أَن
تُكافئه السِّلْعَةُ بما حَفِظها وقام عليها، تكافئه بالغلاء في الثمن؛ وهو
من قول الأَعشى يصف خمراً:
تَخَيَّرَها أَخو عاناتَ شَهْراً،
ورَجَى بِرَّها عاماً فعاما
والبِرُّ: ضِدُّ العُقُوقُ، والمَبَرَّةُ مثله. وبَرِرْتُ والدي،
بالكسر، أَبَرُّهُ بِرّاً وقد بَرَّ والدَه يَبَرُّه ويَبِرُّه بِرّاً،
فَيَبَرُّ على بَرِرْتُ ويَبِرُّ على بَرَرْتُ على حَدِّ ما تقدَّم في اليمين؛
وهو بَرٌّ به وبارٌّ؛ عن كراع، وأَنكر بعضهم بارٌّ. وفي الحديث:
تَمَسَّحُوا بالأَرضِ فإِنها بَرَّةٌ بكم أَي تكون بيوتكم عليها وتُدْفَنُون
فيها. قال ابن الأَثير: قوله فإنها بكم برة أي مشفقة عليكم كالوالدة البَرَّة
بأَولادها يعني أَن منها خلقكم وفيها معاشكم وإِليها بعد الموت معادكم؛
وفي حديث زمزم: أَتاه آتٍ فقال: تحْفِرْ بَرَّة؛ سماها بَرَّةً لكثرة
منافعها وسعَةِ مائها. وفي الحديث: أَنه غَيَّرَ اسْمَ امرأَةٍ كانت
تُسَمَّى بَرَّةَ فسماها زينب، وقال: تزكي نفسها، كأَنه كره ذلك. وفي حديث حكِيم
بن حِزامٍ: أَرأَيتَ أُموراً كنتُ أَبْرَرْتُها أَي أَطْلُبُ بها
البِرِّ والإِحسان إِلى الناس والتقرّب إِلى الله تعالى. وجمعُ البَرّ
الأَبْرارُ، وجمعُ البارّ البَرَرَةُ. وفلانٌ يَبَرُّ خالقَه ويَتَبَرَّرهُ أَي
يطيعه؛ وامرأَة بَرّةٌ بولدها وبارّةٌ. وفي الحديث، في بِرّ الوالدين: وهو
في حقهما وحق الأَقْرَبِين من الأَهل ضِدُّ العُقوق وهو الإِساءةُ
إِليهم والتضييع لحقهم. وجمع البَرِّ أَبْرارٌ، وهو كثيراً ما يُخَصُّ
بالأَولياء، والزُّهَّاد والعُبَّدِ، وفي الحديث: الماهِرُ بالقرآن مع
السَّفَرَةِ الكرامِ البَرَرَةِ أَي مع الملائكة. وفي الحديث: الأَئمةُ من قريش
أَبْرارُها أُمراءُ أَبْرارِها وفُجَّارُها أُمراءُ فُجَّارها؛ قال ابن
الأَثير: هذا على جهة الإِخبار عنهم لا طريقِ الحُكْمِ فيهم أَي إِذا صلح
الناس وبَرُّوا وَلِيَهُمُ الأَبْرارُ، وإِذا فَسَدوا وفجَرُوا وَلِيَهُمُ
الأَشرارُ؛ وهو كحديثه الآخر: كما تكونون يُوَلَّى عليكم. والله يَبَرُّ
عبادَه: يَرحَمُهم، وهو البَرُّ. وبَرَرْتُه بِرّاً: وَصَلْتُه. وفي
التنزيل العزيز: أَن تَبَرُّوهم وتُقْسِطوا إِليهم. ومن كلام العرب السائر:
فلانٌ ما يعرف هِرّاً من بِرٍّ؛ معناه ما يعرف من يَهُرِهُّ أَي من
يَكْرَهُه ممن يَبِرُّه، وقيل: الهِرُّ السِّنَّوْرُ، والبِرُّ الفأْرةُ في بعض
اللغات، أَو دُوٍيْبَّة تشبهها، وهو مذكور في موضعه؛ وقيل: معناه ما
يعرف الهَرْهَرَة من البَرْبَرَةِ، فالهَرْهَرة: صوتُ الضأْن،
والبَرْبَرَةُ: صوتُ المِعْزى. وقال الفزاري: البِرُّ اللطف، والهِرُّ العُقُوق. وقال
يونس: الهِرُّ سَوْقُ الغنم، والبِرُّ دُعاءُ الغَنَمِ. وقال ابن
الأَعرابي: البِرُّ فِعْلُ كل خير من أَي ضَرْبٍ كان، والبِرُّ دُعاءُ الغنم
إِلى العَلَفِ، والبِرُّ الإِكرامُ، والهِرُّ الخصومةُ، وروى الجوهري عن ابن
الأَعرابي: الهِرُّ دعاء الغنم والبِرُّ سَوْقُها. التهذيب: ومن كلام
سليمان: مَنْ أَصْلَحَ جُوَّانِيَّتَهُ بَرَّ اللهُ بَرَّانِيَّته؛ المعنى:
من أَصلح سريرته أَصلح الله علانيته؛ أُخذ من الجَوِّ والبَرِّ،
فالجَوُّ كلُّ بَطْن غامضٍ، والبَرُّ المَتْنُ الظاهر، فهاتان الكلمتان على
النسبة إِليهما بالأَلف والنون. وورد: من أَصْلحَ جُوَّانيَّهُ أَصْلح الله
بَرَّانِيَّهُ. قالوا: البَرَّانيُّ العلانية والأَلف والنون من زياداتِ
النَّسبِ، كما قالوا في صنعاء صنعاني، وأَصله من قولهم: خرج فلانٌ بَرّاً
إِذا خرج إِلى البَرِّ والصحراء، وليس من قديم الكلام وفصيحه. والبِرُّ:
الفؤاد، يقال هو مُطمْئَنِنُّ البِرِّ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
أَكُونُ مَكانَ البِرِّ منه ودونَهُ،
وأَجْعَلُ مالي دُونَه وأُؤَامِرُهْ
وأَبَرَّ الرجُلُ: كَثُرَ ولَدهُ. وأَبَرّ القومُ: كثروا وكذلك
أَعَرُّوا، فَأَبَرُّوا في الخير وأَعَرُّوا في الشرّ، وسنذكر أَعَرُّوا في
موضعه.والبَرُّ، بالفتح: خلاف البُحْرِ. والبَرِّيَّة من الأَرَضِين، بفتح
الباء: خلاف الرِّيفِيَّة. والبَرِّيَّةُ: الصحراءُ نسبت إِلى البَرِّ، كذلك
رواه ابن الأَعرابي، بالفتح، كالذي قبله. والبَرُّ: نقيض الكِنّ؛ قال
الليث: والعرب تستعمِله في النكرة، تقول العرب: جلست بَرّاً وخَرَجْتُ
بَرّاً؛ قال أَبو منصور: وهذا من كلام المولَّدين وما سمعته من فصحاء العرب
البادية. ويقال: أَفْصَحُ العرب أَبَرُّهم. معناه أَبعدهم في البَرِّ
والبَدْوِ داراً. وقوله تعالى: ظهر الفَسادُ في البَرِّ والبَحْرِ؛ قال
الزجاج: معناه ظهر الجَدْبُ في البَرِّ والقَحْطُ في البحر أَي في مُدُنِ
البحر التي على الأَنهار. قال شمر: البَرِّيَّةُ الأَرضَ المنسوبةُ إِلى
البَرِّ وهي بَرِّيَّةً إِذا كانت إِلى البرِّ أَقربَ منها إِلى الماء،
والجمعُ البرَارِي. والبَرِّيتُ، بوزن فَعْلِيتٍ: البَرِّيَّةُ فلما سكنت
الياء صارت الهاء تاء، مِثْل عِفرِيتٍ وعِفْرِية، والجمع البَرَارِيتُ. وفي
التهذيب: البَرِّيتُ؛ عن أَبي عبيد وشمر وابن الأَعرابي. وقال مجاهد في
قوله تعالى: ويَعْلَمُ ما في البَرِّ والبَحْرِ؛ قال: البَرُّ القِفارُ
والبحر كلُّ قرية فيها ماءٌ. ابن السكيت: أَبَرَّ فلانٌ إِذا ركب البَر. ابن
سيده: وإِنه لمُبِرٌّ بذلك أَي ضابطٌ له. وأَبَرَّ عليهم: غلبهم.
والإِبرارُ: الغلبةُ؛ وقال طرفة:
يَكْشِفُونَ الضُّرَّ عن ذي ضُرِّهِمْ،
ويُبِرُّونَ على الآبي المُبرّ
أي يغلبون؛ يقال أَبَرَّ عليه أَي غلبه. والمُبِرُّ: الغالب. وسئل رجل
من بني أَسَد: أَتعرف الفَرَسَ الكريمَ؟ قال: أَعرف الجوادَ المُبَِّر من
البَطِيءِ المُقْرِفِ؛ قال: والجوادُ المُبِرُّ الذي إِذا أُنِّف
يَأْتَنِفُ السَّيْرَ، ولَهَزَ لَهْزَ العَيْرِ، الذي إِذا عَدَا اسْلَهَبَّ،
وإِذا قِيد اجْلَعَبَّ، وإِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ. ويقال: أَبَرَّهُ
يُبِرُّه إِذا قَهَره بفَعالٍ أَو غيره؛ ابن سيده: وأَبَرَّ عليهم شَرّاً؛
حكاه ابن الأَعرابي، وأَنشد:
إِذا كُنْتُ مِنْ حِمَّانَ في قَعْرِ دارِهِمْ،
فَلَسْتُ أُبالي مَنْ أَبَرَّ ومَنْ فَجَرْ
ثم قال: أَبرَّ من قولهم أَبرَّ عليهم شَرّاً، وأَبرَّ وفَجَرَ واحدٌ
فجمع بينهما. وأَبرّ فلانٌ على أَصحابه أَي علاهم. وفي الحديث: أَن رجلاً
أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: إِنَّ ناضِح فلان قد أَبرّ عليهم
أَي اسْتَصْعَبَ وغَلَبَهُم.
وابْتَرَّ الرجل: انتصب منفرداً من أَصحابه. ابن الأَعرابي:
البَرَابِيرُ أَن يأْتي الراعي إِذا جاع إِلى السُّنْبُلِ فَيَفْرُكَ منه ما أَحبَّ
وَينْزِعَه من قُنْبُعِه، وهو قشره، ثم يَصُبَّ عليه اللبنَ الحليبَ
ويغْليَه حتى يَنْضَجَ ثم يجعَله في إِناءِ واسع ثم يُسَمِّنَه أَي
يُبَرِّدَه فيكون أَطيب من السَّمِيذِ. قال: وهي الغَديرَةُ، وقد
اغْتَدَرنا.والبَريرُ: ثمر الأَراك عامَّةً، والمَرْدُ غَضُّه، والكَباثُ نَضِيجُه؛
وقيل: البريرُ أَوَّل ما يظهر من ثمر الأَراك وهو حُلْو؛ وقال أَبو
حنيفة: البَرِيرُ أَعظم حبّاً من الكَبَاث وأَصغر عُنقُوداً منه، وله
عَجَمَةٌ مُدَوّرَةٌ صغيرة صُلْبَة أَكبر من الحِمَّص قليلاً، وعُنْقُوده يملأُ
الكف، الواحدة من جميع ذلك بَرِيرَةٌ. وفي حديث طَهْفَةَ: ونستصعد
البَريرَ أَي نَجْنيه للأَكل؛ البَريرُ: ثمر الأَراك إِذا اسوَدَّ وبَلَغَ،
وقيل: هو اسم له في كل حال؛ ومنه الحديث الآخر: ما لنا طعامٌ إِلاَّ
البَريرُ.
والبُرُّ: الحِنْطَةُ؛ قال المتنخل الهذلي:
لا درَّ دَرِّيَ إِن أَطْعَمْتُ نازِلَكُمْ
قِرْفَ الحَتِيِّ، وعندي البُرُّ مَكْنُوزُ
ورواه ابن دريد: رائدهم. قال ابن دريد: البُرُّ أَفصَحُ من قولهم
القَمْحُ والحنطةُ، واحدته بُرَّةٌ. قال سيبويه: ولا يقال لصاحبه بَرَّارٌ على
ما يغلب في هذا النحو لأَن هذا الضرب إِنما هو سماعي لا اطراديّ؛ قال
الجوهري: ومنع سيبويه أَن يجمع البُرُّ على أَبْرارٍ وجوّزه المبرد قياساً.
والبُرْبُورُ: الجشِيشُ من البُرِّ.
والبَرْبَرَةُ: كثرة الكلام والجَلَبةُ باللسان، وقيل: الصياح. ورجلٌ
بَرْبارٌ إِذا كان كذلك؛ وقد بَرْبَر إِذا هَذَى. الفراء: البَرْبرِيُّ
الكثير الكلام بلا منفعة. وقد بَرْبَرَ في كلامه بَرْبَرَةً إِذا أَكثر.
والبَرْبَرَةُ: الصوتُ وكلامٌ من غَضَبٍ؛ وقد بَرْبَر مثل ثَرثَرَ، فهو
ثرثارٌ. وفي حديث عليّ، كرم الله وجهه، لما طلب إِليه أَهل الطائف أَن يكتب
لهم الأَمانَ على تحليل الزنا والخمر فامتنع: قاموا ولهم تَغَذْمُرٌ
وبَرْبَرةٌ؛ البَرْبَرَةُ التخليط في الكلام مع غضب ونفور؛ ومنه حديث أُحُدٍ:
فأَخَذَ اللِّواءَ غلامٌ أَسودُ فَنَصَبَه وبَرْبَرَ.
وبَرْبَرٌ: جِيلٌ من الناس يقال إِنهم من ولَدِ بَرِّ ابن قيس بن عيلان،
قال: ولا أَدري كيف هذا، والبَرابِرَةُ: الجماعة منهم، زادوا الهاء فيه
إِما للعجمة وإِما للنسب، وهو الصحيح، قال الجوهري: وإِن شئت حذفتها.
وبَرْبَرَ التَّبْسُ لِلهِياجِ: نَبَّ. ودَلْوٌ بَرْبارٌ: لها في الماء
بَرْبَرَةٌ أَي صوت، قال رؤْبة:
أَرْوي بِبَرْبارَيْنِ في الغِطْماطِ
والبُرَيْراءُ، على لفظ التصغير: موضع، قال:
إِنَّ بِأَجْراعِ البُرَيْراءِ فالحِسَى
فَوَكْزٍ إِلى النَّقْعَينِ مِن وَبِعانِ
ومَبَرَّةُ: أَكَمَةٌ دون الجارِ إِلى المدينة، قال كيير عزة:
أَقْوَى الغَياطِلُ مِن حِراجِ مَبَرَّةٍ،
فَجُنوبُ سَهْوَةَ
(* قوله: «فجنوب سهوة» كذا بالأَصل، وفي ياقوت فخبوت،
بخاء معجمة فباء موحدة مضومتين فمثناة فوقية بعد الواو جمع خبت، بفتح
الخاء المعجمة وسكون الموحدة، وهو المكان المتسع كما في القاموس). قد
عَفَتْ، فَرِمالُها
وبَرُيرَةُ: اسم امرأَة. وبَرَّةُ: بنت مُرٍّ أُخت تميم بن مُرٍّ وهي
أُم النضر بن كنانة.
دنل: دانال: اسم أَعجمي.
دهل: اللحياني: مَضى دَهْلٌ من الليل أَي ساعة، وقيل أَي صَدْر؛ قال:
مَضى من الليلِ دَهْلٌ، وهي واحِدةٌ،
كأَنَّها طائِرٌ بالدَّوِّ مَذْعُور
هذه رواية يعقوب، ورواه اللحياني: دَهْل، بالذال المعجمة، وهي نادرة.
وقال أَبو عمرو: الدَّهْلُ الشيء اليسير. ابن الأَعرابي: الدّاهِل
المُتَحيِّر، قال الأَزهري: أَصله دالِهٌ. ولا دَهْل أَي لا تَخَفْ، نَبَطِيَّة
معرَّبة؛ قال بَشّار:
فقلت له: لا دَهْل مِن قَمْل بَعْدَما
مَلا نَيْفَقَ التُّبَّان منه بعاذِر
قال الأَزهري: وليس لا دَهْل ولا قَمْل من كلام العرب، إِنما هما من
كلام النَّبَط، يسمون الجَمل قَمْلاً.
كرك: كالكَرِكُ: الأَحمر؛ ثوب كَرِكٌ وخَوْخ كَرِكٌ؛ وأَنشد الإِيادِيُّ
لأَبي دُواد:
كَرِكٌ كلَوْنِ التِّين أَحْوى يانِعٌ،
مُتَراكبُ الأَكمامِ غير صَوادِي
والكُرْكِيُّ: طائر، والجمع الكَراكِيّ. والكَرْك: جبل. والكُرَّك:
الكُرَّجُ الذي يلعب به. قال أَبو عمر الزاهد: الكاروكَةُ القَوَّادَةُ؛
قال:لاحَظَّ في الدينارِ للكارُوكَه
قال: وقال يونس كَرَّكت الدجاجة وهي كُرُكَّة، ورأَيت في بعض حواشي
أَمالي ابن بري: أَكْرَكَت الدجاجة وهي كُرُكَّة، ونسب إلى الصاغاني.
دون: دُونُ: نقيضُ فوقَ، وهو تقصير عن الغاية، ويكون ظرفاً. والدُّونُ:
الحقير الخسيس؛ وقال:
إذا ما عَلا المرءُ رامَ العَلاء،
ويَقْنَع بالدُّونِ مَن كان دُونا
ولا يشتق منه فعل. وبعضهم يقول منه: دانَ يَدُونُ دَوْناً وأُدِين
إدانةً؛ ويروى قولُ عديّ في قوله:
أَنْسَلَ الذِّرْعانَ غَرْبٌ جَذِمٌ،
وعَلا الرَّبْرَبَ أَزْمٌ لم يُدَنْ.
وغيره يرويه: لم يُدَنّ، بتشديد النون على ما لم يسم فاعله، من دَنَّى
يُدَنِّي أَي ضَعُفَ، وقوله: أَنسل الذِّرْعانَ جمع ذَرَعٍ، وهو ولد
البقرة الوحشية؛ يقول: جري هذا الفرس وحِدَّتُه خَلَّف أَولادَ البقرة خلْفَه
وقد علا الرَّبْرَبَ شَدٌّ ليس فيه تقصير. ويقال: هذا دون ذلك أَي أَقرب
منه. ابن سيده: دونُ كلمة في معنى التحقير والتقريب، يكون ظرفاً فينصب،
ويكون اسماً
فيدخل حرف الجر عليه فيقال: هذا دونك وهذا من دونك، وفي التنزيل العزيز:
ووجَدَ من دُونهم امرأَتين؛ أَنشد سيبويه:
لا يَحْمِلُ الفارسَ إلاّ المَلْبُونْ،
أَلمحْضُ من أَمامِه ومن دُونْ.
قال: وإنما قلنا فيه إنه إِنما أََراد من دونه لقوله من أَمامه فأَضاف،
فكذلك نوى إضافة دون؛ وأَنشد في مثل هذا للجعدي:
لها فَرَطٌ يكونُ، ولا تَراهُ،
أَماماً من مُعَرَّسِنا ودُونا.
التهذيب: ويقال هذا دون ذلك في التقريب والتحقير، فالتحقير منه مرفوع،
والتقريب منصوب لأَنه صفة. ويقال: دُونُك زيدٌ في المنزلة والقرب
والبُعْد؛ قال ابن سيده: فأَما ما أَنشده ابن جني من قول بعض المولَّدين:
وقامَتْ إليه خَدْلَةُ السَّاقِ، أَعْلَقَتْ
به منه مَسْمُوماً دُوَيْنَةَ حاجِبِهْ.
قال: فإِني لا أَعرف دون تؤنث بالهاء بعلامة تأْنيث ولا بغير علامة،
أَلا ترى أَن النحويين كلهم قالوا الظروف كلها مذكرة إِلا قُدّام ووراء؟
قال: فلا أَدري ما الذي صغره هذا الشاعر، اللهم إلا أَن يكون قد قالوا هو
دُوَيْنُه، فإِن كان كذلك فقوله دُوَيْنَةَ حاجبه حسن على وجهه؛ وأَدخل
الأَخفش عليه الباءَ فقال في كتابه في القوافي، وقد ذكر أَعرابيّاً أَنشده
شعراً مُكْفَأً: فرددناه عليه وعلى نفر من أَصحابه فيهم مَن ليْسَ
بدُونِه، فأَدخل عليه الباء كما ترى، وقد قالوا: من دُونُ، يريدون من دُونِه،
وقد قالوا: دُونك في الشرف والحسب ونحو ذلك؛ قال سيبويه: هو على المثل كما
قالوا إنه لصُلْبُ القناة وإنه لمن شجرة صالحة، قال: ولا يستعمل مرفوعاً
في حال الإضافة. وأَما قوله تعالى: وإنا منا الصالحون ومنا دُون ذلك؛
فإِنه أَراد ومنا قوم دون ذلك فحذف الموصوف. وثوب دُونٌ: رَدِيٌّ. ورجل
دُونٌ: ليس بلاحق. وهو من دُونِ الناسِ والمتاعِ أَي من مُقارِبِهِما. غيره:
ويقال هذا رجل من دُونٍ، ولا يقال رجلٌ دونٌ، لم يتكلموا به ولم يقولوا
فيه ما أَدْوَنَه، ولم يُصَرَّف فعلُه كما يقال رجل نَذْلٌ
بيِّنُ النَّذَالة. وفي القرآن العزيز: ومنهم دونَ ذلك، بالنصب والموضع
موضع رفع، وذلك أَن العادة في دون أَن يكون ظرفاً
ولذلك نصبوه. وقال ابن الأَعرابي: التَّدَوُّنُ الغنَى التام. اللحياني:
يقال رضيت من فلان بمَقْصِر أَي بأَمر دُونَ ذلك. ويقال: أَكثر كلام
العرب أَنت رجل من دُونٍ وهذا شيء من دُونٍ، يقولونها مع مِن. ويقال: لولا
أَنك من دُونٍ لم تَرْضَ بذا، وقد يقال بغير من. ابن سيده: وقال اللحياني
أَيضاً
رضيت من فلان بأَمر من دُونٍ، وقال ابن جني: في شيءٍ دُونٍ، ذكره في
كتابه الموسوم بالمعرب، وكذلك أَقَلُّ الأَمرين وأَدْوَنُهما، فاستعمل منه
أَفعل وهذا بعيد، لأَنه ليس له فِعْلٌ فتكون هذه الصيغة مبنية منه، وإنما
تصاغ هذه الصيغة من الأفعال كقولك أَوْضَعُ منه وأَرْفَعُ منه، غير أَنه
قد جاء من هذا شيء ذكره سيبويه وذلك قولهم: أَحْنَكُ الشاتَيْنِ
وأَحْنَكُ البعيرين، كما قالوا: آكَلُ الشاتَيْنِ كأَنهم قالوا حَنَك ونحو ذلك،
فإِنما جاؤُوا بأَفعل على نحو هذا ولم يتكلموا بالفعل، وقالوا: آبَلُ
الناس، بمنزلة آبَلُ منه لأَن ما جاز فيه أَفعل جاز فيه هذا، وما لم يجز فيه
ذلك لم يجز فيه هذا، وهذه الأَشياء التي ليس لها فعل ليس القياس أَن يقال
فيها أَفعل منه ونحو ذلك. وقد قالوا: فلان آبَلُ منه كما قالوا أَحْنَكُ
الشاتين. الليث: يقال زيدٌ دُونَك أَي هو أَحسن منك في الحَسَب، وكذلك
الدُّونُ يكون صفة ويكون نعتاً على هذا المعنى ولا يشتق منه فعل. ابن
سيده: وادْنُ دُونَك أَي قريباً
(* قوله «أي قريباً» عبارة القاموس: أي اقترب
مني). قال جرير:
أَعَيّاشُ، قد ذاقَ القُيونُ مَراسَتي
وأَوقدتُ ناري، فادْنُ دونك فاصطلي.
قال: ودون بمعنى خلف وقدّام. ودُونك الشيءَ ودونك به أَي خذه. ويقال في
الإغراء بالشيء: دُونَكه. قالت تميم للحجاج: أَقْبِرْنا صالحاً، وقد كان
صَلَبه، فقال: دُونَكُموه. التهذيب: ابن الأَعرابي يقال ادْنُ دُونك أَي
اقترِبْ؛ قال لبيد:
مِثْل الذي بالغَيْلِ يَغْزُو مُخْمَداً،
يَزْدادُ قُرْباً دُونه أَن يُوعَدا.
مُخْمد: ساكن قد وَطَّن نفسه على الأَمر؛ يقول: لا يَرُدُّه الوعيدُ فهو
يتقدَّم أَمامه يَغشى الزَّجْرَ؛ وقال زهير بن خَبَّاب:
وإن عِفْتَ هذا، فادْنُ دونك، إنني
قليلُ الغِرار، والشَّرِيجُ شِعاري.
الغِرار: النوم، والشريج: القوس؛ وقول الشاعر:
تُريكَ القَذى من دُونها، وهي دُونه،
إذا ذاقَها من ذاقَها يَتَمَطَّقُ.
فسره فقال: تُريك هذه الخمرُ من دونها أَي من ورائها، والخمر دون القذى
إليك، وليس ثم قذًى ولكن هذا تشبيه؛ يقول: لو كان أَسفلها قذى لرأَيته.
وقال بعض النحويين: لدُونَ تسعة معانٍ: تكون بمعنى قَبْل وبمعنى أَمامَ
وبمعنى وراء وبمعنى تحت وبمعنى فوق وبمعنى الساقط من الناس وغيرهم وبمعنى
الشريف وبمعنى الأَمر وبمعنى الوعيد وبمعنى الإغراء، فأَما دون بمعنى قبل
فكقولك: دُون النهر قِتال ودُون قتل الأَسد أَهوال أَي قبل أَن تصل إلى
ذلك. ودُونَ بمعنى وراء كقولك: هذا أَمير على ما دُون جَيحونَ أَي على ما
وراءَه. والوعيد كقولك: دُونك صراعي ودونك فتَمرَّسْ بي. وفي الأَمر:
دونك الدرهمَ أَي خذه. وفي الإِغراء: دونك زيداً أَي الزمْ زيداً
في حفظه. وبمعنى تحت كقولك: دونَ قَدَمِك خَدُّ عدوّك أَي تحت قدمك.
وبمعنى فوق كقولك: إن فلاناً لشريف، فيجيب آخر فيقول: ودُون ذلك أَي فوق
ذلك. وقال الفراء: دُونَ تكون بمعنى على، وتكون بمعنى عَلَّ، وتكون بمعنى
بَعْد، وتكون بمعنى عند، وتكون إغراء، وتكون بمعنى أَقلّ من ذا وأَنقص من
ذا، ودُونُ تكون خسيساً. وقال في قوله تعالى: ويعملون عمَلاً دُون ذلك؛
دون الغَوْص، يريد سوى الغَوْص من البناء؛ وقال أَبو الهيثم في قوله:
يَزيدُ يَغُضُّ الطَّرفَ دُوني.
أَي يُنَكِّسُه فيما بيني وبينه من المكان. يقال: ادْنُ دونك أَي
اقترِبْ مني فيما بيني وبينك. والطَّرفُ: تحريك جفون العينين بالنظر، يقال
لسرعة من الطَّرف واللمْح. أَبو حاتم عن الأَصمعي: يقال يكفيني دُونُ هذا،
لأَنه اسم. والدِّيوانُ: مُجْتَمع الصحف؛ أَبو عبيدة: هو فارسي معرب؛ ابن
السكيت: هو بالكسر لا غير، الكسائي: بالفتح لغة مولَّدة وقد حكاها سيبويه
وقال: إنما صحَّت الواو في دِيوان، وإن كانت بعد الياء ولم تعتل كما
اعتلت في سيد، لأَن الياء في ديوان غير لازمة، وإنما هو فِعّال من دَوَّنْتُ،
والدليل على ذلك قولهم: دُوَيْوِينٌ، فدل ذلك أَنه فِعَّال وأَنك إنما
أَبدلت الواو بعد ذلك، قال: ومن قال دَيْوان فهو عنده بمنزلة بَيْطار،
وإنما لم تقلب الواو في ديوان ياء، وإن كانت قبلها ياء ساكنة، من قِبَل أَن
الياء غير ملازمة، وإنما أُبدلت من الواو تخفيفاً، أَلا تراهم قالوا
دواوين لما زالت الكسرة من قِبَل الواو؟ على أَن بعضهم قد قال دَياوِينُ،
فأَقرّ الياء بحالها، وإن كانت الكسرة قد زالت من قِبَلها، وأَجرى غير
اللازم مجرى اللازم، وقد كان سبيله إذا أَجراها مجرى الياء اللازمة أَن يقول
دِيّانٌ، إلا أَنه كره تضعيف الياء كما كره الواو في دَياوِين؛ قال:
عَداني أَن أَزورَكِ، أُمَّ عَمروٍ،
دَياوِينٌ تُنَفَّقُ بالمِدادِ.
الجوهري: الدِّيوانُ أَصله دِوَّانٌ، فعُوِّض من إحدى الواوين ياء لأَنه
يجمع على دَواوينَ، ولو كانت الياء أَصلية لقالوا دَياوين، وقد دُوِّنت
الدَّواوينُ. قال ابن بري: وحكى ابن دريد وابن جني أَنه يقال دَياوين.
وفي الحديث: لا يَجْمَعهم ديوانُ حافظٍ؛ قال ابن الأَثير: هو الدفتر الذي
يكتب فيه أَسماء الجيش وأَهلُ العطاء. وأَول من دَوَّنَ الدِّيوان عمر،
رضي الله عنه، وهو فارسي معرب. ابن بري: وديوان اسم كلب؛ قال الراجز:
أَعْدَدْتُ ديواناً لدِرْباسِ الحَمِتْ،
متى يُعايِنْ شَخْصَه لا يَنْفَلِتْ.
ودِرْباس أَيضاً: كلب أَي أَعددت كلبي لكلب جيراني الذي يؤذيني في
الحَمْتِ.
دنا: دَنا من الشيء دنُوّاً ودَناوَةً: قَرُبَ. وفي حديث الإيمان:
ادْنُهْ؛ هو أَمْرٌ بالدُّنُوِّ والقُرْبِ، والهاء فيه للسكت، وجيءَ بها لبيان
الحركة. وبينهما دناوة أَي قَرابة. والدَّناوةُ: القَرابة والقُربى.
ويقال: ما تَزْدادُ منِّا إلا قُرْباً ودَناوةً؛ فرق بين مصدرِ دنا ومصدر
دَنُؤَ، فجعل مصدر دَنا دَناوةً ومصدر دَنُؤَ دَناءَةً؛ وقول ساعدة بن
جُؤيَّة يصف جبلاً:
إذا سَبَلُ العَماء دَنا عليه،
يَزِلُّ بِرَيْدِهِ ماءٌ زَلولُ
أَراد: دَنا منه. وأَدْنَيْته ودَنَّيْته. وفي الحديث: إذا أكَلْتُم
فسَمُّوا الله ودَنُّوا وسَمِّتُوا؛ معنى قوله دَنُّوا كُلُوا مم يَلِيكُم
وما دَنا منكم وقرب منكم، وسمِّتُوا أَي ادْعُوا للُمطْعِم بالبركة،
ودَنُّوا: فِعْلٌ من دَنا يَدْنُو أَي كُلُوا مما بين أَيدِيكم. واسْتَدْناه:
طلب منه الدُّنُوَّ، ودنَوْتُ منه دُنُوّاً وأَدْنَيْتُ غيري. وقال
الليث: الدُّنُوُّ غيرُ مهموز مصدرُ دَنا يَدْنُو فهو دانٍ، وسُمِّيت
الدُّنْيا لدُنُوِّها، ولأَنها دَنتْ وتأَخَّرَت الآخرة، وكذلك السماءُ الدُّنْيا
هي القُرْبَى إلينا، والنسبة إلى الدُّنيا دُنياوِيٌّ، ويقال
دُنْيَوِيٌّ ودُنْيِيٌّ؛ غيره: والنسبة إلى الدُّنيا دُنْياوِيٌّ؛ قال: وكذلك
النسبة إلى كل ما مُؤَنَّتُه نحو حُبْلَى ودَهْنا وأَشباه ذلك؛ وأَنشد:
بوَعْساء دَهْناوِيَّة التُّرْبِ طَيِّب
ابن سيده: وقوله تعالى ودَانِيةً عليهم ظِلالُها؛ إنما هو على حذف
الموصوف كأنه قال وجزاهم جَنَّة دانيةً عليهم فحذف جنة وأَقام دانية مُقامها؛
ومثله ما أَنشده سيبويه من قول الشاعر:
كأنَّكَ من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ،
يُقَعْقَعُ خَلْفَ رِجْلَيْهِ بِشَنِّ
أَراد جَمَلٌ من جمالِ بن أُقَيْشٍ. وقال ابن جني: دانِيةً عليهم
ظِلالُها، منصوبة على الحال معطوفة على قوله: متكئين فيها على الأَرائِك؛ قال:
هذا هو القول الذي لا ضرورة فيه؛ قال وأَما قوله:
كأَنَّك من جِمالِ بَني أُقَيْشٍ
البيت، فإنما جاز ذلك في ضرورة الشِّعْر، ولو جاز لنا أَن نَجِدَ مِنْ
بعض المواضع اسماً لجعلناها اسماً ولم نحمل الكلام على حذف الموصوف وإقامة
الصفة مقامه، لأَنه نوع من الضرورة، وكتاب الله تعالى يَجِلّ عن ذلك؛
فأَما قول الأَعشى:
أَتَنْتَهُون ولَنْ يَنْهَى ذَوي شَطَطٍ،
كالطَّعْنِ يَذْهَبْ فيه الزَّيْتُ والفُتُلُ
فلو حملته على إقامة الصفة موضع الموصوف لكان أَقبح من تأَوُّل قوله
تعالى: ودانية عليهم ظلالها؛ على حذف الموصوف لأَن الكاف في بيت الأَعشى هي
الفاعلة في المعنى، ودانيةً في هذا القول إنما هي مَفْعول بها، والمفعول
قد يكون اسماً غير صريح نحو ظَنَنْتُ زيداً يقوم، والفاعل لا يكون إلا
إسماً صريحاً محضاً، فَهُمْ على إمْحاضه إسماً أَشدُّ مُحافظة من جميع
الأَسماء، أَلا ترى أَن المبتدأ قد يقع غيرَ اسمٍ محضٍ وهو قوله: تَسْمَعُ
بالمُعَيْديِّ خيرٌ مِن
أَن تَراهُ؟ فتسمع كما ترى فعل وتقديره أَن تسمع، فحذْفُهم أَنْ
ورفْعُهُم تَسمعُ يدل على أَن المبتدأ قد يمكن أَن يكون عندهم غيرَ اسمٍ صريح،
وإذا جاز هذا في المبتدأ على قُوَّة شبِهه بالفاعل في المفعول الذي يبعُد
عنهما أَجْوَزُ؛ فمن أَجل ذلك ارتفع الفعل في قول طَرَفة:
أَلا أَيُّهَذا الزَّاجِرِي أَحْضُرُ الوَغَى،
وأَنْ أَشْهَدَ اللَّذَّاتِ، هلْ أَنتَ مُخلِدي؟
عند كثير من الناس، لأَنه أَراد أَنْ أَحْضُرَ الوَغَى. وأَجاز سيبويه
في قولهم: مُرْهُ يَحْفِرُها أَن يكون الرفعُ على قوله أَنْ يَحْفِرَها،
فلما حُذِفت أَن ارتفع الفعل بعدها، وقد حَمَلَهم كثرةُ حذفِ أَن مع غير
الفاعل على أَن اسْتَجازُوا ذلك فيما لم يُسَمَّ فاعِلُه،وإِن كان ذلك
جارياً مَجْرى الفاعل وقائماً مقامه؛ وذلك نحو قول جميل:
جَزِعْتُ حِذارَ البَيْنِ، يَوْمَ تَحَمَّلُوا،
وحُقَّ لِمِثْلي، يا بُثَيْنَةُ، يَجْزَعُ
أَراد أَن يَجْزَع، على أَن هذا قليل شاذ، على أَنّ حذف أَنْ قد كثُر في
الكلام حتى صار كلا حَذْفٍ، أَلا ترى أَن جماعة استَخَفّوا نصف أَعْبُدَ
من قوله عزّ اسمُه: قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تأْمُرُونِّي أَعْبُدَ؟ فلولا
أَنهم أَنِسُوا بحَذْفِ أَنْ من الكلام وإِرادَتِها لَمَا اسْتَخَفُّوا
انْتِصابِ أَعْبُدَ. ودَنَت الشمسُ للغُروبِ وأَدْنَت، وأَدْنَت
النَّاقَةُ إِذا دَنا نِتاجُها.
والدُّنْيا: نَقِيضُ الآخرة، انْقَلَبت الواو فيها ياءً لأَن فُعْلى
إِذا كانت اسماً من ذوات الواو أُبدلت واوُها ياءً، كما أُبدلت الواو مكان
الياء في فَعْلى، فأَدخَلوها عليها في فُعْلى ليَتكافآ في التغيير؛ قال
ابن سيده: هذا قول سيبويه، قال: وزدته أَنا بياناً. وحكى ابن الأَعرابي: ما
له دُنْياً ولا آخِرةٌ، فنَوّن دُنْياً تشبيهاً لها بفُعْلَلٍ، قال:
والأَصل أَن لا تُصْرَفَ لأَنها فُعْلى، والجمع دُناً مثل الكُبْرى والكُبَر
والصُّغْرى والصُّغَر، قال الجوهري: والأَصل دُنَوٌ، فحذفت الواو
لاجتماع الساكنين؛ قال ابن بري: صوابه فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح ما
قبلها، ثم حذفت الأَلف لالتقاء الساكنين، وهما الأَلف والتنوين. وفي حديث
الحج: الجَمْرة الدُّنْيا أَي القَرِيبة إِلى مِنىً، وهي فُعْلى من
الدُّنُوِّ. والدُّنْيا أَيضاً: اسمٌ لهذه الحَياةِ لبُعْدِ الآخرة عَنْها،
والسماء الدُّنْيا لقُرْبها من ساكِني الأَرْضِ. ويقال: سماءُ الدُّنْيا،
على الإِضافة. وفي حديث حَبْسِ الشمسِ: فادَّنى بالقَرْيَةِ؛ هكذا جاء في
مسلم، وهو افْتَعَلَ من الدُّنُوِّ، وأَصلُه ادْتَنى فأُدْغِمَتِ التاءُ
في الدالِ. وقالوا: هو ابن عَمّي دِنْيَةً، ودِنْياً، منوَّنٌ، ودِنْيَا،
غير مُنَوَّنٍ، ودُنْيَا، مقصور إِذا كان ابنَ عَمِّه لَحّاً؛ قال
اللحياني: وتقال هذه الحروف أَيضاً في ابنِ الخالِ والخالَةِ، وتقال في ابن
العَمَّة أَيضاً. قال: وقال أَبو صَفْوانَ هو ابنُ أَخِيه وأُخْتِه
دِنْيَا، مثل ما قيل في ابنِ
العَمِّ وابنِ الخالِ، وإِنما انْقَلَبت الواو في دِنْيةً ودِنْياً ياء
لمجاورةِ الكسرةِ وضعفِ الحاجِزِ، ونَظِيرُهُ فِتْيةٌ وعِلْيَةٌ، وكأَنَّ
أَصلَ ذلك كلِّه دُنْيا أَي رَحِماً أَدْنى إِليَّ من غيرها، وإِنما
قَلَبوا ليَدُلّ ذلك على أَنه ياءُ تأْنيثِ الأَدْنى، ودِنْيَا داخلة عليها.
قال الجوهري: هو ابن عَمٍّ دِنْيٍ ودُنْيَا ودِنْيا ودِنْية. التهذيب:
قال أَبو بكر هو ابن عمٍّ دِنْيٍ ودِنْيةٍ ودِنْيا ودُنْيا، وإِذا قلت
دنيا، إِذا ضَمَمْت الدال لَم يَجُز الإِجْراءُ، وإِذا كسرتَ الدالَ جازَ
الإِجْراءُ وتَرك الإِجْراء، فإِذا أَضفت العمَّ إِلى معرفة لم يجز الخفض
في دِنْيٍ، كقولك: ابن عمك دِنْيٌ ودِنْيَةٌ وابن عَمِّكَ دِنْياً لأَن
دِنْياً نكرة ولا يكون نعتاً لمعرفة. ابن الأَعرابي: والدُّنا ما قرُبَ من
خَيْرٍ أَو شَرٍّ.
ويقال: دَنا وأَدْنى ودَنَّى إِذا قَرُبَ، قال: وأَدْنى إِذا عاشَ
عَيْشاً ضَيِّقاً بعد سَعَةٍ. والأَدْنى: السَّفِلُ. أَبو زيد: من أَمثالهم
كلُّ دَنِيٍّ دُونَه دَنِيٌّ، يقول: كلُّ قريبٍ وكلُّ خُلْصانٍ دُونَه
خُلْصانٌ. الجوهري: والدَّنِيُّ القَريب، غيرُ مهموزٍ. وقولهم: لقيته أَدْنى
دَنيٍّ أَي أَوَّلَ شيء، وأَما الدنيءُ بمعنى الدُّونِ فمهموز. وقال ابن
بري: قال الهروي الدَّنيُّ الخَسِيسُ، بغير همز، ومنه قوله سبحانه:
أَتَسْتَبْدِلون الذي هو أَدْنى؛ أَي الذي هو أَخَسُّ، قال: ويقوِّي قوله كونُ
فعله بغير همز، وهو دَنِيَ يَدْنى دَناً ودَنايَةً، فهو دَنيٌّ.
الأَزهري في قوله: أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى؛ قال الفراءُ هو من
الدَّناءَةِ؛ والعرب تقول إِنه لَدَنيٌّ يُدَنِّي في الأُمورِ تَدْنِيَةً، غير
مَهموزٍ، يَتْبَع خسيسَها وأَصاغرَها، وكان زُهَير الفُرْقُبيُّ يهمز
أَتَسْتَبْدلون الذي هو أَدْنى، قال الفراء: ولم نَرَ العرب تهمز أَدْنى إِذا
كان من الخِسَّةِ، وهم في ذلك يقولون: إِنه لَدانئٌ خبيث، فيهمزون. وقال
الزجاج في معنى قوله أَتستبدلون الذي هو أَدْنى ، غير مَهْموزِ: أَي
أَقْرَبُ، ومعنى أَقْرَبُ أَقلُّ قيمةً كما تقول ثوب مُقارِبٌ، فأَما الخسيس
فاللغة فيه دَنُؤَ دَناءةً، وهو دَنيءٌ بالهمز، وهو أَدْنَأُ منه. قال
أَبو منصور: أَهل اللغة لا يهمزون دَنُوَ في باب الخِسَّة، وإِنما يهمزونه
في باب المُجون والخُبْثِ. قال أَبو زيد في النوادر: رجل دَنيءٌ من قوم
أَدْنِياءَ، وقد دَنُؤَ دَناءَةً، وهو الخَبيث البَطْنِ والفَرْجِ. ورجل
دَنيٌّ من قوم أَدْنِياءَ، وقد دَنَي يَدْنى ودَنُوَ يَدْنُو دُنوّاً: وهو
الضعيف الخَسيسُ الذي لا غَناء عنده المُقَصِّرُ في كلِّ ما أَخَذَ فيه؛
وأَنشد:
فلا وأَبِيك ما خُلُقي بوَعْرٍ،
ولا أَنا بالدَّنِّي ولا المُدَنِّي
وقال أَبو الهيثم: المُدَنِّي المُقَصِّر عما ينبغي له أَن يَفْعَله؛
وأَنشد:
يا مَنْ لِقَوْمٍ رأْيُهُم خَلْفٌ مُدَنْ
أَراد مُدَنِّي فَقَيَّد القافية.
إِن يَسْمَعُوا عَوْراءَ أصَْغَوْا في أَذَنْ
ويقال للخسيس: إِنه لَدنيٌّ من أَدْنِياءَ، بغير همز، وما كان دَنِيّاً
ولَقَدْ دَنِيَ يَدْنى دَنىً ودَنايَةً. ويقال للرجل إِذا طَلَب أَمراً
خسيساً: قد دَنَّى يُدَنِّي تَدْنِية. وفي حديث الحُدَيْبِيَة: علامَ
نُعْطِي الدَّنِيَّة في دِينِنا أَي الخَصْلَة المَذْمُومَة؛ قال ابن
الأَثير: الأَصل فيه الهمز، وقد يخفف، وهو غير مهموز أَيضاً بمعنى الضعيف
الخسيس.وتَدَنَّى فلان أَي دَنا قَلِيلاً. وتَدانَوْا أَي دَنا بعضهم من بعض.
وقوله عز وجل: ولَنُذِيقَنَّهم من العَذاب الأَدْنى دون العَذاب
الأَكْبَر؛ قال الزجاج: كلُّ ما يُعَذَّبُ به في الدنيا فهو العذابُ الأَدْنى،
والعذابُ الأَكْبَر عذابُ الآخِرةِ. ودانَيْت الأَمْرَ: قارَبْته. ودانَيْت
بَيْنَهما: جَمَعْت. ودانَيْت بَيْنَ الشَّيْئَيْن: قَرَّبْت بَيْنَهما
ودانَيْتُ القَيْدَ في البَعيرِ أَو لِلْبَعير: ضَيَّقْته عليه، وكذلك
دَانى القَيْدُ قَيْنَيِ البَعِير؛ قال ذو الرمة:
دَانى لهُ القَيْدُ، في دَيْمُومَةٍ قُذُفٍ،
قَيْنَيْهِ، وانْحَسَرَتْ عَنْه الأَناعِيمُ
وقوله:
ما لي أَراهُ دانِفاً قدْ دُنْيَ لهْ
إِنما أَراد قد دُنِيَ لهُ. قال ابن سيده: وهو من الواو من دَنَوْتُ،
ولكن الواو قلبت ياء من دُنِيَ لانكسار ما قبلها، ثم أُسْكِنَت النون فكان
يجب، إِذْ زالت الكسرة، أَن تعود الواو، إِلا أَنه لما كان إِسكان النون
إِنما هو للتخفيف كانت الكَسْرَة المنويَّة في حكم الملفوظ بها، وعلى
هذا قاس النحويون فقالوا في شَقِيَ قد شَقْيَ، فتركوا الواوَ التي هي لامٌ
في الشِّقْوة والشَّقاوة مقلوبة، وإِن زالت كسرة القاف من شَقِيَ،
بالتخفيف، لما كانت الكسرةُ مَنْويَّةً مقدرة، وعلى هذا قالوا لقَضْوَ الرجلُ،
وأَصله من الياء في قَضَيْت، ولكنها قُلِبت في لقَضُو لانضمام الضاد
قبلها واواً، ثم أَسكنوا الضاد تخفيفاً فتركوا الواو بحاله ولم يردّوها إِلى
الياء، كما تركوا الياء في دنيا بحالها ولم يردّوها إِلى الواو، ومثله من
كلامهم رَضْيُوا، قال ابن سيده: حكاه سيبويه بإِسكان الضاد وترك الواو
من الرضوان ومر صريحاً لهؤلاء، قال: ولا أَعلم دُنْيَ بالتخفيف إِلا في
هذا البيت الذي أَنشدناه، وكان الأَصمعي يقول في هذا الشعر الذي فيه هذا
البيت: هذا الرجز ليس بعتيق كأَنه من رَجَز خَلَفٍ الأَحمر الأَحمر أَو
غيره من المولدين. وناقَةٌ مُدْنِيةٌ ومُدْنٍ: دَنا نِتاجُها، وكذلك
المرأَة. التهذيب: والمُدَنِّي من الناس الضعيف الذي إِذا آواه الليلُ لم
يَبْرَحْ ضعفاً وقد دَنَّى في مَبِيِتِه؛ وقال لبيد:
فيُدَنِّي في مَبِيتٍ ومحَلّ
والدَّنِيُّ من الرجال: الساقط الضعيف الذي إِذا آواه الليل لم يَبْرَحْ
ضَعْفاً، والجمع أَدْنِياءُ. وما كان دَنِيّاً ولقد دَنِيَ دَناً
ودَنايَة ودِنايَة، الياء فيه منقلبة عن الواو لقرب الكسرة؛ كل ذلك عن
اللحياني. وتَدانَتْ إِبلُ الرجل: قَلَّت وضَعُفَت؛ قال ذو الرمة:
تَباعَدْتَ مِني أَنْ رأَيْتَ حَمُولِتي
تَدانَتْ، وأَنْ أَحْنَى عليكَ قَطِيعُ
ودَنَّى فلانٌ: طَلَبَ أَمْراً خسِيساً، عنه أَيضاً. والدَّنا: أَرض
لكَلْب؛ قال سَلامة بن جَنْدل:
من أَخْدَرِيَّاتِ الدَّنا التَفَعَتْ له
بُهْمَى الرِّفاغِ، ولَجَّ في إِحْناقِ
الجوهري: والدَّنا موضع بالبادية؛ قال:
فأَمْواهُ الدَّنا فعُوَيْرِضاتٌ
دَوارِسُ بعدَ أَحْياءٍ حِلالِ
والأَدْنيانِ: واديانِ. ودانِيا: نبيٌّ
من بني إِسرائيل يُقال له دانِيالُ.
خطط: الخَطُّ: الطريقةُ المُسْتَطِيلةُ في الشيء، والجمع خُطُوطٌ؛ وقد
جمعه العجّاج على أَخْطاطٍ فقال:
وشِمْنَ في الغُبارِ كالأَخْطاطِ
ويقال: الكَلأُ خُطوطٌ في الأَرض أَي طَرائقُ لم يَعُمَّ الغَيْثُ
البلادَ كُلَّها. وفي حديث عبد اللّه بن عَمرو في صفة الأَرض الخامسةِ: فيها
حيّاتٌ كسلاسِلِ الرَّمْلِ وكالخطائط بين الشَّقائِق؛ واحدتها خَطِيطةٌ،
وهي طرائقُ تُفارِقُ الشَّقائق في غِلَظِها ولِينِها. والخَطُّ: الطريق،
يقال: الزَمْ ذلك الخَطَّ ولا تَظْلِمْ عنه شيئاً؛ قال أَبو صخر الهذلي:
صُدُود القِلاصِ الأُدْمِ في ليلةِ الدُّجَى،
عن الخَطِّ لم يَسْرُبْ لها الخَطِّ سارِبُ
وخَطَّ القلَمُ أَي كتب. وخَطَّ الشيءَ يَخُطُّه خَطّاً: كتبه بقلم أَو
غيره؛ وقوله:
فأَصْبَحَتْ بَعْدَ، خَطَّ، بَهْجَتِها
كأَنَّ، قَفْراً، رُسُومَها، قَلَما
أَراد فأَصبحت بعد بهجتها قفراً كأَنَّ قلماً خَطَّ رُسومَها.
والتَّخْطِيطُ: التَّسْطِيرُ، التهذيب: التخْطيطُ كالتَّسْطِير، تقول:
خُطِّطَت عليه ذنوبُه أَي سُطِّرت.
وفي حديث معاوية بن الحكم: أَنه سأَل النبيَّ، صلّى اللّه عليه وسلّم،
عن الخَطِّ فقال: كان نبيٌّ من الأَنبياء يَخُطُّ فمن وافَقَ خَطَّه
عَلِمَ مثل عِلْمِه، وفي رواية: فمن وافَق خطَّه فذاكَ. والخَطُّ: الكتابة
ونحوها مما يُخَطُّ. وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي أَنه قال في
الطَّرْقِ: قال ابن عباس هو الخَطُّ الذي يَخُطُّه الحازِي، وهو عِلْم قديم تركه
الناس، قال: يأْتي صاحِبُ الحاجةِ إِلى الحازِي فيُعْطِيه حُلْواناً
فيقول له: اقْعُدْ حتى أَخُطَّ لك، وبين يدي الحازي غُلام له معَه مِيلٌ له،
ثم يأْتي إِلى أَرْضٍ رخْوَةٍ فيَخُطُّ الأُسْتاذ خُطوطاً كثيرة بالعجلة
لئلا يَلْحَقها العدَدُ، ثم يرجِعُ فيمحو منها على مَهَلٍ خَطَّيْنِ
خطين، فإِن بقي من الخُطوط خَطَّانِ فهما علامة قضاء الحاجة والنُّجْح، قال:
والحازِي يمحو وغلامه يقول للتفاؤل: ابْنَيْ عِيان، أَسْرِعا البَيان؛
قال ابن عباس: فإِذا مَحا الحازِي الخُطوطَ فبقي منها خَطٌّ واحد فهي
علامة الخَيْبةِ في قضاء الحاجة؛ قال: وكانت العرب تسمي ذلك الخطّ الذي يبقى
من خطوط الحازي الأَسْحَم، وكان هذا الخط عندهم مشْؤُوماً. وقال
الحَرْبيُّ: الخطُّ هو أَن يخُطّ ثلاثة خُطوط ثم يَضْرِب عليهن بشعِير أَو نَوىً
ويقول: يكون كذا وكذا، وهو ضَرْبٌ من الكَهانة؛ قال ابن الأَثير: الخَطُّ
المشار إِليه علم معروف وللناس فيه تَصانِيفُ كثيرة وهو معمول به إِلى
الآن، ولهم فيه أَوْضاعٌ واصْطلاحٌ وأَسامٍ، ويستخرجون به الضمير وغيره،
وكثيراً ما يُصِيبُون فيه. وفي حديث ابن أُنَيْسٍ: ذهَب بي رسول اللّه،
صلّى اللّه عليه وسلّم، إِلى منزله فدَعا بطعام قليل فجعلت أُخَطِّطُ حتى
يَشْبَعَ رسولُ اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، أَي أَخُطُّ في الطعام
أُرِيهِ أَني آكُل ولست بآكِلٍ. وأَتانا بطعام فخَطَطْنا فيه أَي أَكَلْناه،
وقيل: فحطَطْنا، بالحاء المهملة غير معجمة، عَذَّرْنا. ووصف أَبو
المَكارم مَدْعاةً دُعِيَ إِليها قال: فحَطَطْنا ثم خَطَطْنا أَي اعتمدنا على
الأَكل فأَخذنا، قال: وأَما حَطَطْنا فمعناه التَّعْذِيرُ في الأَكل.
والحَطُّ: ضِدُّ الخَطِّ، والماشي يَخُطُّ برجله الأَرضَ على التشبيه بذلك؛
قال أَبو النجم:
أَقْبَلْتُ مِنْ عندِ زِيادٍ كالخَرِفْ،
تَخطُّ رِجْلايَ بِخَطٍّ مُخْتَلِفْ،
تُكَتِّبانِ في الطَّرِيقِ لامَ أَلِفْ
والخَطُوط، بفتح الخاء، من بقر الوحش: التي تخُطُّ الأَرض بأَظْلافِها،
وكذلك كل دابّة. ويقال: فلان يخُطّ في الأَرض إِذا كان يفكِّر في أَمره
ويدبّره. والخَطُّ: خَطُّ الزاجر، وهو أَن يخُطّ بإِصْبَعِه في الرمل
ويَزْجُر. وخَطَّ الزاجِرُ في الأَرض يخُطُّ خطّاً: عَمِلَ فيها خَطّاً
بإِصْبَعِه ثم زَجَر؛ قال ذو الرمة:
عَشِيّةَ ما لي حِيلةٌ غَيْرَ أَنَّنِي،
بَلَقْطِ الحصى والخَطِّ في التُّرْبِ، مولَعُ
وثوب مُخَطَّطٌ وكِساء مُخَطَّط: فيه خُطوط، وكذلك تمر مُخَطَّط ووَحْشٌ
مُخَطَّطٌ. وخَطَّ وجْهُه واخْتَطَّ: صارَتْ فيه خُطوط. واخْتَطَّ
الغلامُ أَي نبتَ عِذارُه.
والخُطَّةُ: كالخَطِّ كأَنها اسم للطريقة.
والمِخَطُّ، بالكسر: العود الذي يَخُطّ به الحائكُ الثوبَ. والمِخْطاطُ:
عُود تُسَوَّى عليه الخُطوطُ. والخَطُّ: الطَّرِيقُ؛ عن ثعلب؛ قال
سلامةُ بن جَنْدل:
حتى تركْنا وما تُثْنَى ظَعائننا،
يأْخُذْنَ بينَ سَوادِ الخَطِّ فاللُّوبِ
والخَطُّ: ضَربٌ من البَضْعِ
(* قوله «البضع» بالفتح والضم بمعنى
الجماع.)، خَطَّها يَخُطُّها خَطّاً. وفي التهذيب: ويقال خَطَّ بها قُساحاً.
والخِطُّ والخِطَّةُ: الأَرض تُنْزَلُ من غير أَن ينزِلها نازِلٌ قبل ذلك.
وقد خَطَّها لنَفْسِه خَطّاً واخْتَطَّها: وهو أَن يُعَلِّم عليها
عَلامةً بالخَطِّ ليُعلم أَنه قد احْتازَها
(* قوله «احتازها» في النهاية:
اختارها.) ليَبْنِيَها داراً، ومنه خِطَطُ الكوفةِ والبصرةِ. واخْتَطَّ فلان
خِطَّةً إِذا تحَجَّر موضعاً وخَطَّ عليه بِجِدار، وجمعها الخِطَطُ.
وكلُّ ما حَظَرْتَه، فقد خطَطْتَ عليه. والخِطّةُ، بالكسر: الأَرضُ. والدار
يَخْتَطُّها الرَّجل في أَرض غير مملوكةٍ ليَتَحجَّرها ويَبْنيَ فيها،
وذلك إِذا أَذِن السلطان لجماعة من المسلمين أَنْ يَخْتَطُّوا الدُّورَ في
موضع بعينه ويتخذوا فيه مَساكِنَ لهم كما فعلوا بالكوفة والبصرة وبغداد،
وإِنما كسرت الخاء من الخِطَّة لأَنها أُخرجت على مصدر بُني على فعله
(*
قوله «على فعله» كذا في الأصل وشرح القاموس بدون نقط لما بعد اللام،
وعبارة المصباح: وإنما كسرت الخاء لأَنها أُخرجت على مصدر افتعل مثل اختطب
خطبة وارتد ردّة وافترى فرية.) ، وجمع الخِطَّةِ خِطَطٌ. وسئل إِبراهيمُ
الحَربيّ عن حديث النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: أَنه وَرَّث النساء
خِطَطَهُنَّ دون الرِّجال، فقال: نَعَم كان النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم،
أَعْطَى نِساء خِطَطاً يَسْكُنَّها في المدينة شبْه القَطائِع، منهنَّ أُمُّ
عبد، فجعلها لهنَّ دون الرِّجال لا حَظَّ فيها للرجال. وحكى ابن بري عن
ابن دريد أَنه يقال خِطٌّ للمكَان الذي يَخْتَطُّه لنفسه، من غير هاء،
يقال: هذا خِطُّ بني فلان. قال: والخُطُّ الطريق، يقال: الزَمْ هذا الخُطَّ،
قال: ورأَيته في نسخة بفتح الخاء.
ابن شميل: الأَرضُ الخَطيطةُ التي يُمْطَرُ ما حَوْلَها ولا تُمْطَر هي،
وقيل: الخَطِيطةُ الأَرض التي لم تمطر بين أَرْضَين مَمْطورَتَين، وقيل:
هي التي مُطِر بعضُها. وروي عن ابن عباس أَنه سئل عن رجل جعل أَمْرَ
امْرأَتِه بيدِها فقالت له: أَنتَ طالق ثلاثاً، فقال ابن عباس: خطَّ اللّه
نَوْءَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نفسَها ثلاثاً وروي: خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها،
بالهمز، أَي أَخْطأَها المطر؛ قال أَبو عبيد: من رواه خَطَّ اللّه
نوْءَها جعله من الخَطِيطةِ، وهي الأَرض التي لم تمطر بين أَرضين ممطورتين،
وجمعها خَطائطُ. وفي حديث أَبي ذرّ في الخَطائطِ: تَرْعَى الخَطائطَ
ونَرِدُ المَطائطَ؛ وأَنشد أَبو عبيدة لهميان بن قُحافةَ:
على قِلاصٍ تَخْتَطِي الخَطائطَا،
يَتْبَعْنَ مَوَّارَ المِلاطِ مائطا
وقال البَعِيثُ:
أَلا إِنَّما أَزْرَى بحَارَك عامِداً
سُوَيْعٌ، كخطَّافِ الخَطِيطةِ، أَسْحَمُ
وقال الكميت:
قِلاتٌ بالخَطِيطةِ جاوَرَتْها،
فَنَضَّ سِمالُها، العَيْنُ الذَّرُورُ
القِلاتُ: جمع قَلْتِ للنُّقْرة في الجبل، والسِّمالُ: جمع سَمَلةٍ وهي
البقِيَّةُ من الماء، وكذلك النَّضِيضةُ البقيةُ من الماء، وسمالُها
مرتفع بنَضَّ، والعينُ مرتفع بجاورَتْها، قال ابن سيده: وأَما ما حكاه ابن
الأَعرابي من قول بعض العرب لابنه: يا يُنَيَّ الزم خَطِيطةَ الذُّلِّ
مَخافةَ ما هو أَشدُّ منه، فإِنَّ أَصل الخَطِيطةِ الأَرضُ التي لم تمطر،
فاستعارها للذلِّ لأَن الخطيطة من الأَرضين ذليلة بما بُخِسَتْه من حقّها.
وقال أَبو حنيفة: أَرض خِطٌّ لم تُمْطَر وقد مُطر ما حولَها.
والخُطَّةُ، بالضم: شِبْه القِصَّة والأَمْرُ. يقال: سُمْتُه خُطَّةَ
خَسْفٍ وخُطَّة سَوْء؛ قال تأَبَّط شَرّاً:
هُما خُطَّتا: إِمَّا إِسارٌ ومِنَّةٌ،
وإِمَّا دَمٌ، والقَتْلُ بالحُرِّ أَجْدَرُ
أَراد خُطَّتانِ فحذف النون اسْتِخْفافاً. وفي حديث الحديبية: لا
يَسْأَلوني خُطَّةً يُعَظّمون فيها حُرُماتِ اللّه إِلاَّ أَعطَيتهم إِيَّاها،
وفي حديثها أَيضاً: إِنه قد عرَض عليكم خُطَّة رُشْدٍ فاقبلوها أَي
أَمراً واضحاً في الهُدَى والاسْتِقامةِ. وفي رأْسِه خُطَّةٌ أَي أَمْرٌ مّا،
وقيل: في رأْسه خُطَّةٌ أَي جَهْلٌ وإِقدامٌ على الأُمور. وفي حديث
قيْلةَ: أَيُلامُ ابن هذه أَن يَفْصِلَ الخُطَّةَ ويَنْتَصِرَ من وراء
الحَجَزة؟ أَي أَنه إِذا نزل به أَمْرٌ مُلْتَبِسٌ مُشْكِلٌ لا يُهْتَدى له إِنه
لا يَعْيا به ولكنه يَفْصِلُه حتى يُبْرِمَه ويخرُجَ منه برأْيِه.
والخُطَّةُ: الحالُ والأَمْرُ والخَطْبُ. الأَصمعي: من أَمْثالهم في الاعْتزام
على الحاجة: جاءَ فلان وفي رأْسه خُطَّةٌ إِذا جاءَ وفي نفسه حاجةٌ وقد
عزَم عليها، والعامَّةُ تقول: في رأْسه خُطْيَةٌ، وكلام العرب هو
الأَول.وخَطَّ وجهُ فلان واخْتَطَّ. ابن الأَعرابي: الأَخَطُّ الدَّقِيقُ
المَحاسِنِ. واخْتَطَّ الغُلامُ أَي نبتَ عِذارُه. ورجل مُخطَّطٌ: جَمِيلٌ.
وخَطَطْتُ بالسيفِ وسطَه، ويقال: خَطَّه بالسيف نِصفين.
وخُطَّةُ: اسم عَنْز، وفي المثل: قَبَّحَ اللّه عَنْزاً خَيْرُها
خُطَّةُ. قال الأَصمعي: إِذا كان لبعض القوم على بعض فَضِيلةٌ إِلاَّ أَنها
خَسيسةٌ قيل: قَبَّحَ اللّهُ مِعْزَى خيْرُها خُطَّةُ، وخُطةُ اسم عنز كانت
عَنز سَوْء؛ وأَنشد:
يا قَومِ، مَنْ يَحْلُبُ شاةً مَيِّتهْ؟
قد حُلِبَت خُطَّةُ جَنْباً مُسْفَتهْ
ميتة ساكنةٌ عند الحَلب، وجَنْباً عُلْبةٌ، ومُسْفَتةٌ مَدْبوغة. يقال:
أَسْفَت الزقّ دَبَغَه.
الليث: الخَطُّ أَرض ينسب إِليها الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ، فإِذا جعلت
النسبةَ اسماً لازماً قلت خَطِّيَّة، ولم تذكر الرماحَ، وهو خَطُّ عُمانَ.
قال أَبو منصور: وذلك السِّيفُ كلُّه يسمى الخَطَّ، ومن قُرى الخَطِّ
القَطِيفُ والعُقَيْرُ وقَطَرُ. قال ابن سيده: والخَطُّ سِيفُ البَحْرَينِ
وعُمانَ، وقيل: بل كلُّ سِيفٍ خَطٌّ، وقيل: الخَطُّ مَرْفَأُ السفُن
بالبحرين تُنْسب إِليه الرماح. يقال: رُمْح خَطِّيٌّ، ورِماح خَطِّيَّة
وخِطِّيَّةٌ، على القياس وعلى غير القياس، وليست الخطّ بمنْبِتٍ للرِّماح،
ولكنها مَرْفَأُ السفُن التي تحْمِلُ القَنا من الهِنْدِ كما قالوا مِسْكُ
دارِينَ وليس هنالك مسك ولكنها مرفأُ السفن التي تحمل المِسك من الهِند.
وقال أَبو حنيفة: الخَطِّيُّ الرِّماح، وهو نِسْبةٌ قد جرَى مَجْرى الاسم
العلم، ونِسْبته إِلى الخَطّ خَطِّ البحرين وإِليه ترفأُ الشفن إِذا جاءَت
من أََرض الهند، وليس الخَطِّيّ الذي هو الرماح من نبات أَرض العرب، وقد
كثر مجيئه في أَشْعارها؛ قال الشاعر في نباته:
وهَل يُنْبِتُ الخَطِّيَّ إِلاّ وشِيجهُ،
وتُغْرَسُ، إلاَّ في مَنابِتِها، النَّخْلُ؟
وفي حديث أُمِّ زَرْع: فأَخذ خَطِّيّاً؛ الخَطِّيّ، بالفتح: الرمح
المنسوب إِلى الخَطّ. الجوهري: الخَط موضع باليمامة، وهو خَطُّ هَجَرَ تُنْسب
إِليه الرِّماحُ الخَطِّيَّةُ لأَنها تحمل من بلاد الهند فتُقوّم به.
وقوله في الحديث: إِنه نام حتى تُسمع غَطِيطُه أَو خَطِيطُه؛ الخَطِيطُ:
قريب من الغَطِيطِ وهو صوت النائم، والغين والخاء متقاربتان.
وحِلْسُ الخِطاط: اسم رجل زاجر. ومُخَطِّطٌ: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:
إِلاَّ أَكُنْ لاقَيْتُ يَوْمَ مُخَطِّطٍ،
فقد خَبَّرَ الرُّكْبانُ ما أَتَوَدَّدُ
وفي النوادر: يقال أَقم على هذا الأَمْرِ بخُطَّةٍ وبحُجَّةٍ معناهما
واحد. وقولهم: خُطَّةٌ نائيةٌ أَي مَقْصِدٌ بعيد. وقولهم: خذ خُطّةً أَي خذ
خُطة الانْتِصاف، ومعناه انتصف. والخُطَّةُ أَيضاً من الخَطِّ:
كالنُّقْطة من النَّقْطِ اسم ذلك. وقولهم: ما خَطَّ غُبارَه أَي ما
شَقَّه.
سوس: السُّوسُ والسَّاسُ: لغتان، وهما العُثَّة التي تقع في الصوف
والثياب والطعام. الكسائي: ساس الطعامُ يَساسُ وأَساسَ يُسِيسُ وسَوَّسَ
يُسَوِّسُ إِذا وقع فيه السُّوسُ؛ وأَنشد لزُرارة بن صَعْب بن دَهْرٍ،
ودَهْرٌ: بطنٌ من كلاب، وكان زُرارةُ خرج مع العامرية في سفر يَمْتارون من
اليَمامة، فلما امتاروا وصَدَروا جعل زُرارةُ بن صَعْب يأْخذه بطنُه فكان
يتخلف خلف القوم فقالت العامرية:
لقد رأَيتُ رجلاً دُهْرِيًّا،
يَمْشِي وَراء القوم سَيْتَهِيَّا،
كأَنه مُضْطَغِنٌ صَبِيًّا
تريد أَنه قد امتلأَ بطنه وصار كأَنه مُضْطَغِنٌ صبيّاً من ضِخَّمِه،
وقيل: هو الجاعل الشيء على بطنه يَضُمُّ عليه يَدَه اليسرى؛ فأَجابها
زُرارة:
قد أَطْعَمَتْني دَقَلاً حَوْلِيَّا،
مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيَّا
الدقَلُ: ضَرْبٌ رَديءٌ من التمر. وحَجْرِيَّا: يريد أَنه منسوب إِلى
حَجْر اليمامة، وهو قصبتها. ابن سيده: السُّوس العُثُّ، وهو الدود الذي
يأْكل الحبَّ، واحدته سُوسة، حكاه سيبويه. وكل آكلِ شيء، فهو سُوسُه، دوداً
كان أَو غيره والسَّوْس، بالفتح: مصدر ساسَ الطعامُ يَساسُ ويَسُوسُ؛ عن
كراع، سَوْساً إِذا وقع فيه السُّوسُ، وسِيسَ وأَساسَ وسَوَّسَ واسْتاسَ
وتَسَوَّسَ؛ وقول العجاج:
يَجْلُو، بِعُودِ الإِسْحِل المُفَصَّمِ،
غُروبَ لا ساسٍ ولا مُثَلَّمِ
والمُفَصَّم: المُكَسَّر. والساسُ: الذي قد ائتكَل، وأَصله سائسٌ، وهو
مثل هائر وهارٍ وصائفٍ وصافٍ؛ قال العجاج:
صافي النُّحاسِ لم يُوَشَّغْ بالكَدَرْ،
ولم يُخالِطْ عُودَه ساسُ النَّخَرْ
ساسُ النخر أَي أَكل النخر. يقال: نَخِرَ يَنْخَر نَخَراً. وطعامٌ
وأَرْْضٌ ساسَةٌ ومَسُوسَة. وساسَت الشاة تَساسُ سَوساً وإِساسَةً، وهي
مُسِيسٌ: كَثُرَ قملُها. وأَساسَتْ مثله؛ وقال أَبو حنيفة: ساسَت الشجرةُ
تَساسُ سِياساً وأَساسَتْ أَيضاً، فهيَ مُسِيسٌ.
أَبو زيد: الساسُ، غير مهموز ولا ثقيل، القادحُ في السنّ.
والسَّوَسُ: مصدر الأَسْوَس، وهو داءٌ يكون في عَجْزِ الدابة بين الورك
والفخذُ يورِثُه ضَعْفَ الرِّجْل. ابن شميل: السُّواسُ داء يأْخذ الخيل
في أَعناقها فيُيَبِّسُها حتى تموت. ابن سيده: والسَّوَسُ داء في عَجُز
الدابة، وقيل: هو داء يأْخذ الدابة في قوائمها. والسَّوْسُ: الرِّياسَةُ،
يقال ساسوهم سَوْساً، وإِذا رَأَّسُوه قيل: سَوَّسُوه وأَساسوه. وسَاس
الأَمرَ سِياسةً: قام به، ورجل ساسٌ من قوم ساسة وسُوَّاس؛ أَنشد ثعلب:
سادَة قادة لكل جَمِيعٍ،
ساسَة للرجال يومَ القِتالِ
وسَوَّسَه القومُ: جَعَلوه يَسُوسُهم. ويقال: سُوِّسَ فلانٌ أَمرَ بني
فلان أَي كُلِّف سِياستهم. الجوهري: سُسْتُ الرعية سِياسَة. وسُوِّسَ
الرجلُ أُمور الناس، على ما لم يُسَمَّ فاعله، إِذا مُلِّكَ أَمرَهم؛ ويروى
قول الحطيئة:
لقد سُوِّسْت أَمرَ بَنِيك، حتى
تركتهُم أَدقَّ من الطَّحِين
وقال الفراء: سُوِّسْت خطأٌ. وفلان مُجَرَّبٌ قد ساسَ وسِيسَ عليه أَي
أَمَرَ وأُمِرَ عليه. وفي الحديث: كان بنو إِسرائيل يَسُوسُهم أَنبياهم
أَي تتولى أُمورَهم كما يفعل الأُمَراء والوُلاة بالرَّعِيَّة.
والسِّياسةُ: القيامُ على الشيء بما يُصْلِحه. والسياسةُ: فعل السائس.
يقال: هو يَسُوسُ الدوابَّ إِذا قام عليها وراضَها، والوالي يَسُوسُ
رَعِيَّتَه. أَبو زيد: سَوَّسَ فلانٌ لفلان أَمراً فركبه كما يقول سَوَّلَ له
وزَيَّنَ له. وقال غيره: سَوَّسَ له أَمراً أَي رَوَّضَه وذلَّلَه.
والسُّوسُ: الأَصل. والسُّوسُ: الطبْع والخُلُق والسَجِيَّة. يقال:
الفصاحة من سُوسِه. قال اللحياني: الكرم من سُوسِه أَي من طبعه. وفلان من
سُوسِ صِدْقٍ وتُوسِ صِدْقٍ أَي من أَصل صدْق.
وسَوْ يكون وسَوْ يفعل: يريدون سوف؛ حكاه ثعلب، وقد يجوز أَن تكون الفاء
مزيدة فيها ثم تحذف لكثرة الاستعمال، وقد زعموا أَن قولهم سأَفعل مما
يريدون به سوف نفعل فحذفوا لكثرة استعمالهم إِياه، فهذا أَشذ من قولهم سَوْ
نفعل.
والسُّوسُ: حَشيشة تشبه القَتَّ؛ ابن سيده: السُّوسُ شجر ينبت ورقاً في
غير أَفنان؛ ويقال أَبو حنيفة؛ هو شجر يغمى به البيوت ويدخل عصيره في
(*
كذا بياض بالأصل، ولعل محله في الأدوية، كما يؤخذ من ابن البيطار) ...،
وفي عروقه حلاوة شديدة، في فروعه مرارة، وهو ببلاد العرب كثير.
والسَّوَاسُ: شجر، واحدته سَواسَة؛ قال أَبو حنيفة: السَّواسُ من العضاه
وهو شبيه بالمَرْخ له سَنِفَةٌ مثل سَنِفَة المَرْخ وليس له شوك ولا
ورق، يطول في السماء ويُستظل تحته. وقال بعض العرب: هي السَّواسِي، قال أَبو
حنيفة: فسأَلته عنها، فقال: السَّواسِي والمَرْخُ هؤلاء الثلاثة
متشابهة، وهي أَفضل ما اتخذ منه زَنْدٌ يقتدح به ولا يَصْلِدُ؛ وقال
الطِّرِمَّاح:
وأَخْرَجَ أُمُّه لسَواسِ سَلْمَى،
لِمَعْفُورِ الضَّبا ضَرِمِ الجَنِينِ
والواحدة: سَواسَة. وقال غيره: أَراد بالأَخْرَج الرَّمادَ، وأَراد
بأُمه الزنْدَةَ أَنه قطع من سَواسِ سَلْمَى، وهي شجرة تنبت في جبل سلمى.
وقوله لمعفور الضبا أَراد أَن الزندة شجرة إِذا قِيلَ الزَّنْدُ فيها أُخرجت
شيئاً أَسود فينعفر في التراب ولا يَرِي، لأَنه لا نار فيه، فهو الولد
المعفور النار فذلك الجنين الضَّرِمُ، وذكر معفور الضبا لأَنه نسبه إِلى
أَبيه، وهو الزند الأَعلى. وسَوَاسُ: موضع؛ أَنشد ثعلب:
وإِنَّ امْرأً أَمسى، ودُونَ حَبيبهِ
سَواسٌ، فَوادي الرَّسِّ والهَمَيانِ،
لَمُعْتَرفٌ بالنأْي بعد اقْتِرابِه،
ومَعْذُورَةٌ عيناه بالهَمَلانِ