صورة كتابية صوتية من قِرْدَع بمعنى قمل يكون في الإبل والدجاج.
صورة كتابية صوتية من قِرْدَع بمعنى قمل يكون في الإبل والدجاج.
خدع: الخَدْعُ: إظهار خلاف ما تُخْفيه. أبو زيد: خَدَعَه يَخْدَعُه
خِدْعاً، بالكسر، مثل سَحَرَه يَسْحَرُه سِحْراً؛ قال رؤْية:
وقد أُداهِي خِدْعَ مَن تَخَدَّعا
وأجاز غيره خَدْعاً، بالفتح، وخَدِيعةً وخُدْعةً أَي أَراد به المكروه
وختله من حيث لا يعلم. وخادَعَه مُخادَعة وخِــداعــاً وخَدَّعَه واخْتَدَعه:
خَدَعه. قال الله عز وجل: يُخادِعون اللهَ؛ جازَ يُفاعِلُ لغير اثنين
لأَن هذا المثال يقع كثيراً في اللغة للواحد نحو عاقَبْتُ اللِّصَّ وطارَقْت
النعلَ. قال الفارسي: قرئَ يُخادِعون الله ويَخْدَعُون الله؛ قال:
والعرب تقول خادَعْت فلاناً إذا كنت تَرُوم خَدْعه وعلى هذا يوجه قوله تعالى:
يُخادِعون الله وهو خادِعُهم؛ معناه أَنهم يُقدِّرون في أَنفسهم أَنهم
يَخْدَعون اللهَ، والله هو الخادع لهم أَي المُجازي لهم جَزاءَ خِــداعِــهم؛
قال شمر: روي بيت الراعي:
وخادَعَ المَجْدَ أَقْوامٌ، لهم وَرَقٌ
راح العِضاهُ به، والعِرْقُ مَدْخُول
قال: خادَعَ ترك، ورواه أَبو عمرو: خادَع الحَمْد، وفسره أَي ترك الحمدَ
أَنهم ليسوا من أَهله. وقيل في قوله يُخادعون الله: أَي يُخادعون
أَولياء الله. وخدعته: ظَفِرْت به؛ وقيل: يخادعون في الآية بمعنى يخدعون بدلالة
ما أَنشده أَبو زيد:
وخادَعْت المَنِيَّةَ عنكَ سِرّاً
أَلا ترى أَن المنيَّة لا يكون منها خــداع؟ وكذلك قوله: وما يخادعون إلاّ
أَنفسهم، يكون على لفظ فاعَل وإن لم يكن الفعل إلاّ من واحد كما كان
الأوَّل كذلك، وإذا كانوا قد استجازُوا لتشاكُلِ الأَلفاظ أَن يُجْزوا على
الثاني ما لا يصح في المعنى طلباً للتشاكل، فأَنْ يَلْزَم ذلك ويُحافَظَ
عليه فيما يصح به المعنى أَجْدَرُ نحو قوله:
أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ علينا،
فنَجْهَلَ فوقَ جَهْلِ الجاهِلِينا
وفي التنزيل: فمن اعْتَدَى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم؛
والثاني قِصاص ليس بعُدْوان. وقيل: الخَدْع والخَدِيعة المصدر، والخِدْعُ
والخِــداعُ الاسم، وقيل الخَدِيعَةُ الاسم. ويقال: هو يَتخادَعُ أَي يُري
ذلك من نفسه. وتَخادَع القومُ: خدَع بعضُهم بعضاً. وتخادع وانْخَدَعَ: أَرى
أَنه قد خُدع، وخَدَعْتُه فانْخَدَع. ويقال: رجل خَــدَّاع وخَدُوعٌ
وخُدَعةٌ إِذا كان خَِبّاً. والخُدْعةُ: ما تَخْدَعُ به. ورجل خُدْعة،
بالتسكين، إِذا كان يُخْدَع كثيراً، وخُدَعة: يَخْدَع الناس كثيراً. ورجل
خَــدَّاعٌ وخَدِعٌ؛ عن اللحياني، وخَيْدَعٌ وخَدُوعٌ: كثير الخِــداعِ، وكذلك
المرأَة بغير هاء؛ وقوله:
بِجِزْعٍ من الوادي قَلِيلٍ أَنِيسُه
عَفا، وتَخَطَّتْه العُيون الخَوادِعُ
يعني أَنها تَخْدَع بما تسْتَرِقُه من النظر. وفي الحديث: الحَرْبُ
خَدْعةٌ وخُدْعةٌ، والفتح أَفصح، وخُدَعةٌ مثل هُمَزة. قال ثعلب: ورويت عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، خَدْعة، فمن قال خَدْعة فمعناه من خُدِع فيها
خَدْعةً فزَلَّت قدَمُه وعَطِبَ فليس لها إِقالة؛ قال ابن الأَثير: وهو
أَفصح الروايات وأَصحها، ومن قال خُدْعةٌ أَراد هي تُخْدَعُ كما يقال رجل
لُعْنةٌ يُلْعَن كثيراً، وإِذا خدَعَ القريقين صاحبه في الحرب فكأَنما
خُدعت هي؛ ومن قال خُدَعة أَراد أَنها تَخْدَعُ أَهلها كما قال عمرو بن
مَعْدِيكرب:
الحَرْبُ أَوَّلُ ما تكونُ فَتِيَّةً،
تَسْعَى بِبِزَّتِها لكلِّ جَهُول
ورجل مُخَدَّعٌ: خُدِع في الحَرْب مرة بعد مرة حتى حَذِقَ وصار
مُجَرَّباً، والمُخَدَّعُ أَيضاً: المُجَرِّبُ للأُمور؛ قال أَبو ذؤَيب:
فتَنازَلا وتواقَفَتْ خَيْلاهما،
وكِلاهُما بَطَلُ اللِّقاء مُخَدَّعُ
ابن شميل: رجل مُخَدَّع أَي مُجَرَّس صاحب دَهاء ومَكر، وقد خُدِع؛
وأَنشد:
أُبايِعُ بَيْعاً من أَرِيبٍ مُخَدَّع
وإِنه لذو خُدْعةٍ وذو خُدُعات أَي ذو تجريب للأُمور.
وبعير به خادِعٌ وخالِعٌ: وهو أَن يزول عصَبُه في وَظِيف رجله إِذا
برَك، وبه خُوَيْدِعٌ وخُوَيْلِعٌ، والخادِعُ أَقل من الخالع.
والخَيْدع: الذي لا يوثَق بمودَّته. والخيْدَعُ: السَّراب لذلك، وغُولٌ
خَيْدَعٌ منه، وطريق خَيْدَع وخادع: جائر مخالف للقصد لا يُفْطَن له؛ قال
الطرمَّاح:
خادِعةُ المَسْلَكِ أَرْصادُها،
تُمْسِي وُكُوناً فوقَ آرامِها
وطريقٌ خَدُوع: تَبِين مرة وتَخْفَى أُخرى؛ قال الشاعر يصف الطريق:
ومُسْتَكْرَه من دارِسِ الدَّعْس داثِرٍ،
إِذا غَفَلَتْ عنه العُيونُ خَدُوع
والخَدُوع من النوق: التي تَدِرُّ مرة وترفع لبنها مرة. وماء خادِعٌ: لا
يُهْتَدَى له. وخَدَعْتُ الشيءَ وأَخْدَعْته: كتمته وأَخْفَيْته.
والخَدْع: إِخفاءُ الشيء، وبه سمي المِخْدَعُ، وهو البيت الصغير الذي
يكون داخل البيت الكبير، وتضم ميمه وتفتح. والمِخدع: الخِزانة.
والمُخْدَع: ما تحت الجائز الذي يوضع على العرش، والعرشُ: الحائطُ
يُبْنَى بين حائطي البيت لا يبلغ به أَقْصاه، ثم يوضع الجائز من طَرف العَرْش
الداخل إِلى أَقْصى البيت ويُسْقف به؛ قال سيبويه: لم يأْت مُفْعل اسماً
إِلا المُخْدَع وما سواه صفة. والمَخْدَع والمِخْدَع: لغة في المُخْدع،
قال: وأَصله الضم إِلا أَنهم كسروه اسْتِثقالاً، وحكى الفتح أَبو سليمان
الغَنَويّ، واختلف في الفتح والكسر القَنانيّ وأَبو شَنْبَل، ففتح
أَحدُهما وكسر الآخر؛ وبيت الأَخطل:
صَهْباء قد كَلِفَتْ من طُول ما حُبِستْ
في مخْدَعٍ، بين جَنَّاتٍ وأَنهارِ
يروى بالوجوه الثلاثة.
والخِــداعُ: المَنْع. والخِــداعُ: الحِيلة. وخدَع الضَّبُّ يخْدَع خَدْعاً
وانْخَدع: اسْتَرْوَح رِيحَ الإِنسانِ فدَخل في جُحْره لئلاّ
يُحْتَرَشَ، وقال أَبو العَمَيْثل: خدَع الضبُّ إِذا دخل في وِجاره مُلتوياً، وكذلك
الظبيُ في كِناسه، وهو في الضبّ أَكثر. قال الفارسي: قال أَبو زيد
وقالوا إِنك لأَخْدَع من ضَبّ حَرَشْتَه، ومعنى الحَرْش أَن يَمسح الرجلُ على
فم جُحْر الضب يتسمَّع الصوت فربما أَقبل وهو يرى أَن ذلك حية، وربما
أَرْوَحَ ريح الإِنسان فخَدَعَ في جُحره ولم يخرج؛ وأَنشد الفارسي:
ومُحْتَرِشٍ ضَبَّ العَداوةِ منهمُ،
بحُلْوِ الخَلا، حَرْشَ الضِّبابِ الخَوادِع
حُلْوُ الخَلا: حُلْوُ الكلامِ. وضب خَدِعٌ أَي مُراوِغٌ. وفي المثل:
أَخْدَعُ من ضب حَرَشْتَه، وهو من قولك: خَدَعَ مني فلان إِذا توارى ولم
يَظْهَر. وقال ابن الأَعرابي: يقال أَخْدَعُ من ضب إِذا كان لا يُقدر عليه،
من الخَدْع؛ قال ومثله:
جعل المَخادِعَ للخِــداعِ يُعِدُّها،
مما تُطِيفُ ببابِه الطُّلاَّبُ
والعرب تقول: إِنه لضَبُّ كَلَدةٍ لا يُدْرَك حَفْراً ولا يُؤخَذُ
مُذَنِّباً؛ الكَلَدةُ: المكانُ الصُّلْب الذي لا يَعمل فيه المِحْفار؛ يضرب
للرجل الدَّاهيةِ الذي لا يُدْرك ما عنده. وخدَع الثعلبُ إِذا أَخذ في
الرَّوَغانِ. وخدَع الشيءُ خَدْعاً: فسَد. وخدَع الرِّيقُ خَدْعاً: نقَص،
وإِذا نقَص خَثُرَ، وإِذا خثر أَنْتَنَ؛ قال سويد بن أَبي كاهل يصف ثغْر
امرأَة:
أَبْيَضُ اللَّوْنِ لَذِيذٌ طَعْمُه،
طيِّبُ الرِّيقِ، إِذا الرِّيقُ خَدَعْ
لأَنه يَغْلُظ وقت السَّحَر فيَيْبَس ويُنْتِنُ. ابن الأَعرابي: خدَعَ
الريقُ أَي فسَد. والخادِعُ: الفاسد من الطعام وغيره. قال أَبو بكر:
فتأْويل قوله: يخادعون الله وهو خادِعُهم، يُفسدون ما يُظهرون من الإِيمان بما
يُضمرون من الكفر كما أَفسد اللهُ نِعمَهم بأَن أَصدرهم إِلى عذاب
النار. قال ابن الأَعرابي: الخَدْعُ منع الحقّ، والخَتْمُ مَنْع القلب من
الإِيمان. وخدَعَ الرجلُ: أَعطى ثم أَمسك. يقال: كان فلان يُعطي ثم خدَع أَي
أَمسَك ومنَعَ. وخدَع الزمانُ خَدْعاً: قَلَّ مطَرُه. وفي الحديث: رَفَع
رجل إِلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، ما أَهَمَّه من قَحْطِ المطر
فقال: قَحَط السَّحابُ وخَدَعتِ الضِّبابُ وجاعتِ الأَعْراب؛ خدَعَت أَي
اسْتَترتْ وتَغَيَّبَتْ في جِحرَتها. قال الفارسي: وأَما قوله في الحديث:
إِنَّ قبْل الدَّجّال سِنِينَ خَــدَّاعــةً، فيرون أَنّ معناه ناقصة الزكاة
قليلة المطر، وقيل: قليلة الزَّكاء والرَّيْع من قولهم خدَعَ الزمانُ قلّ
مطره؛ وأَنشد الفارسي:
وأَصبحَ الدهْرُ ذو العلاَّتِ قد خَدَعا
وهذا التفسير أَقرب إِلى قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في قوله: سِنين
خــدَّاعــة، يريد التي يَقِلُّ فيها الغيْث ويَعُمُّ بها المَحْلُ. وقال
ابن الأَثير في قوله: يكون قبل الساعة سِنُون خــدَّاعــة أَي تكثر فيها
الأَمطار ويقل الرَّيْع، فذلك خِــداعُــها لأَنها تُطمِعُهم في الخِصْب بالمطر ثم
تُخْلِف، وقيل: الخَــدَّاعــة القليلة المطر من خَدَع الريقُ إِذا جَفَّ.
وقال شمر: السِّنون الخَوادِعُ القليلة الخير الفواسدُ. ودينار خادِعٌ أَي
ناقصٌ. وخدَع خيرُ الرجل: قلّ. وخدع الرجلُ: قلّ مالُه. وخدَع الرجلُ
خَدْعاً: تخلَّق بغير خُلُقِه. وخُلُقٌ خادِعٌ أَي مُتلوِّن. وخلُق فلان
خادِعٌ إِذا تَخَلَّق بغير خُلُقه. وفلان خادِعُ الرأْي إِذا كان مُتلوِّناً
لا يثبُت على رأْي واحد. وخدَع الدهْر إِذا تلوَّن. وخدَعتِ العينُ
خَدْعاً: لم تَنم. وما خَدَعتْ بعَيْنه نَعْسةٌ تَخْدَعُ أَي ما مَرَّت بها؛
قال المُمَزّق العَبْدي:
أَرِقْتُ، فلم تَخْدَعْ بعَيْنَيَّ نَعْسَةٌ،
ومَنْ يَلْقَ ما لاقَيْتُ لا بُدَّ يَأْرَقُ
أَي لم تدخل بعَيْنيَّ نعْسة، وأَراد ومن يلق ما لاقيت يأْرَقُ لا بدّ
أَي لا بدّ له من الأَرَقِ. وخدَعَت عينُ الرجل: غارَتْ؛ هذه عن اللحياني.
وخَدَعَتِ السُّوقُ خَدْعاً وانخدعت: كسَدَت؛ الأَخيرة عن اللحياني.
وكلُّ كاسدٍ خادِعٌ. وخادَعْتُه: كاسَدْتُه. وخدَعتِ السوقُ: قامت فكأَنه
ضِدّه. ويقال: سُوقهم خادِعةٌ أَي مختلفة مُتلوِّنة. قال أَبو الدينار في
حديثه: السوق خادعةٌ أَي كاسدة. قال: ويقال السوق خادعة إِذا لم يُقدر على
الشيء إِلا بغَلاء. قال الفراء: بنو أَسد يقولون إِنَّ السعْر لمُخادِع،
وقد خدَع إِذا ارتفع وغَلا. والخَدْعُ: حَبْس الماشِية والدوابّ على غير
مَرْعًى ولا عَلَفٍ؛ عن كراع. ورجُل مُخدَّع: خُدِع مراراً؛ وقيل في قول
الشاعر:
سَمْح اليَمِين، إِذا أَرَدْتَ يَمِينَه،
بسَفارةِ السُّفَراء غَيْر مُخَدَّعِ
أَراد غير مَخْدُوع، وقد روى جِدّ مُخَدَّع أَي أَنه مُجَرَّب، والأَكثر
في مثل هذا أَن يكون بعد صفة من لفظ المضاف إِليه كقولهم أَنت عالِمٌ
جِدُّ عالم.
والأَخْدَعُ: عِرْق في موضع المِحْجَمتين وهما أَخدعان. والأَخْدَعانِ:
عِرْقان خَفِيّانِ في موضع الحِجامة من العُنق، وربما وقعت الشَّرْطةُ
على أَحدهما فيَنْزِفُ صاحبه لأَن الأَخْدَع شُعْبَةٌ مِنَ الوَرِيد. وفي
الحديث: أَنه احْتَجَمَ على الأَخْدَعَين والكاهِل؛ الأَخدعانِ: عرقان في
جَانِبَي العُنق قد خَفِيا وبَطَنا، والأَخادِعُ الجمع؛ وقال اللحياني:
هما عِرقان في الرقبة، وقيل: الأَخدعانِ الوَدَجانِ. ورجل مَخْدُوع: قُطِع
أَخْدَعُه. ورجلٌ شديدُ الأَخْدَع أَي شديدُ موضع الأَخدع، وقيل: شديد
الأَخْدعِ، وكذلك شديدُ الأَبْهَر. وأَمّا قولهم عن الفَرس: إِنه لشَديد
النَّسا فيراد بذلك النَّسا نفسُه لأَنَّ النَّسا إِذا كان قصيراً كان
أَشدَّ للرِّجْل، وإِذا كان طويلاً اسْترخَت الرّجْل. ورجل شديد الأَخْدَع:
مُمتنِع أَبِيّ، ولَيِّنُ الأَخْدَعِ: بخلاف ذلك. وخَدَعَه يَخْدَعُه
خَدْعاً: قطع أَخْدَعَيْه، وهو مَخْدُوعٌ. وخَدَعَ ثوبَه خَدْعاً وخُدْعاً:
ثناه؛ هذه عن اللحياني.
والخُدْعةُ: قبيلة من تَمِيم. قال ابن الأَعرابي: الخُدَعةُ رَبيعة بن
كَعْب بن زيدِ مَناةَ بن تميم؛ وأَنشد غيره في هذه القبيلة من تميم:
أَذُودُ عن حَوْضِه ويَدْفَعُنِي؛
يا قَوْمِ، مَن عاذِرِي مِنَ الخُدَعَهْ؟
وخَدْعةُ: اسم رجل، وقيل: اسم ناقة كان نَسَب بها ذلك الرجل؛ عنه
أَيضاً؛ وأَنشد:
أَسِير بِشَكْوَتِي وأَحُلُّ وحْدِي،
وأَرْفَعُ ذِكْرَ خَدْعةَ في السَّماعِ
قال: وإِنما سمي الرجل خَدْعةَ بها، وذلك لإِكثاره من ذكرها وإِشادَته
بها.
قال ابن بري، رحمه الله: أَهمل الجوهري في هذا الفصل الخَيْدَعَ، وهو
السِّنَّوْرُ.
ودع: الوَدْعُ والوَدَعُ والوَدَعاتُ: مناقِيفُ صِغارٌ تخرج من البحر
تُزَيَّنُ بها العَثاكِيلُ، وهي خَرَزٌ بيضٌ جُوفٌ في بطونها شَقٌّ كَشَقِّ
النواةِ تتفاوت في الصغر والكبر، وقيل: هي جُوفٌ في جَوْفها دُوَيْبّةٌ
كالحَلَمةِ؛ قال عَقِيلُ بن عُلَّفَة:
ولا أُلْقِي لِذي الوَدَعاتِ سَوْطِي
لأَخْدَعَه، وغِرَّتَه أُرِيدُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده:
أُلاعِبُه وزَلَّتَه أُرِيدُ
واحدتها ودْعةٌ وودَعةٌ. ووَدَّعَ الصبيَّ: وضَعَ في عنُقهِ الوَدَع.
وودَّعَ الكلبَ: قَلَّدَه الودَعَ؛ قال:
يُوَدِّعُ بالأَمْراسِ كُلَّ عَمَلَّسٍ،
مِنَ المُطْعِماتِ اللَّحْمَ غيرَ الشَّواحِنِ
أَي يُقَلِّدُها وَدَعَ الأَمْراسِ. وذُو الودْعِ: الصبيُّ لأَنه
يُقَلَّدُها ما دامَ صغيراً؛ قال جميل:
أَلَمْ تَعْلَمِي، يا أُمَّ ذِي الوَدْعِ، أَنَّني
أُضاحِكُ ذِكْراكُمْ، وأَنْتِ صَلُودُ؟
ويروى: أَهَشُّ لِذِكْراكُمْ؛ ومنه الحديث: من تَعَلَّقَ ودَعةً لا
وَدَعَ الله له، وإِنما نَهَى عنها لأَنهم كانوا يُعَلِّقُونَها مَخافةَ العين،
وقوله: لا ودَعَ اللهُ له أَي لا جعله في دَعةٍ وسُكُونٍ، وهو لفظ مبنيّ
من الودعة، أَي لا خَفَّفَ الله عنه ما يَخافُه. وهو يَمْرُدُني الوَدْعَ
ويَمْرُثُني أَي يَخْدَعُني كما يُخْدَعُ الصبيّ بالودع فَيُخَلَّى
يَمْرُثُها. ويقال للأَحمق: هو يَمْرُدُ الوْدَع، يشبه بالصبي؛ قال
الشاعر:والحِلْمُ حِلْم صبيٍّ يَمْرُثُ الوَدَعَهْ
قال ابن بري: أَنشد الأَصمعي هذا البيت في الأَصمعيات لرجل من تميم
بكماله:
السِّنُّ من جَلْفَزِيزٍ عَوْزَمٍ خلَقٍ،
والعَقْلُ عَقْلُ صَبيٍّ يَمْرُسُ الوَدَعَهْ
قال: وتقول خرج زيد فَوَدَّعَ أَباه وابنَه وكلبَه وفرسَه ودِرْعَه أَي
ودَّع أَباه عند سفره من التوْدِيعِ، ووَدَّع ابنه: جعل الوَدعَ في
عُنُقه، وكلبَه: قَلَّدَه الودع، وفرسَه: رَفَّهَه، وهو فرس مُوَدَّعُ
ومَوْدُوع، على غير قِياسٍ، ودِرْعَه، والشيءَ: صانَه في صِوانِه.
والدَّعةُ والتُّدْعةُ
(* قوله« والتدعة» أي بالسكون وكهمزة أفاده
المجد) على البدل: الخَفْضُ في العَيْشِ والراحةُ، والهاء عِوَضٌ من
الواو.والوَديعُ: الرجل الهادئ الساكِنُ ذو التُّدَعةِ. ويقال ذو وَــداعــةٍ،
وَدُعَ يَوْدُعُ دَعةً ووَــداعــةً، زاد ابن بري: ووَدَعَه، فهو وَديعٌ
ووادِعٌ أَي ساكِن؛ وأَنشد شمر قول عُبَيْدٍ الراعي:
ثَناءٌ تُشْرِقُ الأَحْسابُ منه،
به تَتَوَدَّعُ الحَسَبَ المَصُونا
أي تَقِيه وتَصُونه، وقيل أَي تُقِرُّه على صَوْنِه وادِعاً. ويقال:
وَدَعَ الرجلُ يَدَعُ إِذا صار إِلى الدَّعةِ والسُّكونِ؛ ومنه قول سويد بن
كراع:
أَرَّقَ العينَ خَيالٌ لم يَدَعْ
لِسُلَيْمى، ففُؤادِي مُنْتَزَعْ
أَي لم يَبْقَ ولم يَقِرَّ. ويقال: نال فلان المَكارِمَ وادِعاً أَي من
غير أَن يَتَكَلَّفَ فيها مَشَقّة. وتوَدَّعَ واتَّدعَ تُدْعةً وتُدَعةً
وودَّعَه: رَفَّهَه، والاسم المَوْدوعُ. ورجل مُتَّدِعٌ أَي صاحبُ دَعَةٍ
وراحةٍ؛ فأَما قول خُفافِ بن نُدْبة:
إِذا ما اسْتَحَمَّتْ أَرضُه من سَمائِه
جَرى، وهو موْدوعٌ وواعِدُ مَصْدَق
فكأَنه مفعول من الدَّعةِ أَي أَنه ينال مُتَّدَعاً من الجرْيِ متروكاً
لا يُضْرَبُ ولا يْزْجَرُ ما يسْبِقُ به، وبيت خفاف بن ندبة هذا أَورده
الجوهري وفسره فقال أَي متروك لا يضرب ولا يزجر؛ قال ابن بري: مَوْدوعٌ
ههنا من الدَّعةِ التي هي السكون لا من الترك كما ذكر الجوهري أي أَنه جرى
ولم يَجْهَدْ كما أَوردناه، وقال ابن بزرج: فرَسٌ ودِيعٌ وموْدوعٌ
ومُودَعٌ؛ وقال ذو الإِصبَع العَدواني:
أُقْصِرُ من قَيْدِه وأُودِعُه،
حتى إِذا السِّرْبُ رِيعَ أَو فَزِعا
والدَّعةُ: من وَقارِ الرجُلِ الوَدِيعِ. وقولهم: عليكَ بالمَوْدوع أَي
بالسكِينة والوقار، فإِن قلت: فإِنه لفظ مفْعولٍ ولا فِعْل له إِذا لم
يقولوا ودَعْتُه في هذا المعنى؛ قيل: قد تجيء الصفة ولا فعل لها كما حُكي
من قولهم رجل مَفْؤودٌ للجَبانِ، ومُدَرْهَمٌ للكثير الدِّرهم، ولم يقولوا
فُئِدَ ولا دُرْهِمَ. وقالوا: أَسْعَده الله، فهو مَسْعودٌ، ولا يقال
سُعِدَ إِلا في لغة شاذة. وإِذا أَمَرْتَ الرجل بالسكينةِ والوَقارِ قلت له:
تَوَدَّعْ واتَّدِعْ؛ قال الأزهري: وعليك بالموْدوعِ من غير أَن تجعل له
فعلاً ولا فاعاً مِثْل المَعْسورِ والمَيْسورِ، قال الجوهري: وقولهم عليك
بالمودوع أَي بالسكينةِ والوقار، قال: لا يقال منه ودَعه كما لا يقال من
المَعْسور والمَيْسور عَسَرَه ويَسَرَه. ووَدَعَ الشيءُ يَدَعُ
واتَّدَعَ، كلاهما: سكَن؛ وعليه أَنشد بعضهم بيت الفرزدق:
وعَضُّ زَمانٍ يا ابنَ مَرْوانَ، لم يَدَعْ
من المال إِلاّ مُسْحَتٌ أَو مُجَلَّفُ
فمعنى لم يَدَعْ لم يَتَّدِعْ ولم يَثْبُتْ، والجملة بعد زمان في موضع
جرّ لكونها صفة له، والعائد منها إِليه محذوف للعلم بموضعه، والتقدير فيه
لم يَدَعْ فيه أَو لأَجْلِه من المال إِلا مُسحَتٌ أَو مُجَلَّف، فيرتفع
مُسْحت بفعله ومجَلَّفُ عطف عليه، وقيل: معنى قوله لم يدع لم يَبْقَ ولم
يَقِرَّ، وقيل: لم يستقر، وأَنشده سلمةُ إِلا مُسْحَتاً أَو مُجَلَّفُ
أَي لم يترك من المال إِلاَّ شيئاً مُسْتأْصَلاً هالِكاً أَو مجلف كذلك،
ونحو ذلك رواه الكسائي وفسره، قال: وهو كقولك ضربت زيداً وعمروٌ، تريد
وعمْرٌو مضروب، فلما لم يظهر له الفعل رفع؛ وأَنشد ابن بري لسويد بن أَبي
كاهل:
أَرَّقَ العَيْنَ خَيالٌ لم يَدَعْ
من سُلَيْمى، فَفُؤادي مُنْتَزَعْ
أَي لم يَسْتَقِرّ. وأَودَعَ الثوبَ ووَدَّعَه: صانَه. قال الأَزهري:
والتوْدِيعُ أَن تُوَدِّعَ ثوباً في صِوانٍ لا يصل إِليه غُبارٌ ولا رِيحٌ.
وودَعْتُ الثوبَ بالثوب وأَنا أَدَعُه، مخفف. وقال أَبو زيد: المِيدَعُ
كل ثوب جعلته مِيدَعاً لثوب جديد تُوَدِّعُه به أَي تَصُونه به. ويقال:
مِيــداعــةٌ، وجمع المِيدَعِ مَوادِعُ، وأَصله الواو لأَنك ودَّعْتَ به ثوبَك
أَي رفَّهْتَه به؛ قال ذو الرمة:
هِيَ الشمْسُ إِشْراقاً، إِذا ما تَزَيَّنَتْ،
وشِبْهُ النَّقا مُقْتَرَّةً في المَوادِعِ
وقال الأَصمعي: المِيدَعُ الثوبُ الذي تَبْتَذِلُه وتُودِّعُ به ثيابَ
الحُقوق ليوم الحَفْل، وإِنما يُتَّخَذ المِيدعُ لِيودَعَ به المَصونُ.
وتودَّعَ فلان فلاناً إِذا ابتذله في حاجته. وتودَّع ثيابَ صَونِه إِذا
ابتذلها. وفي الحديث: صَلى معه عبدُ الله ابن أُنَيْسٍ وعليه ثوب
مُتَمَزِّقٌ فلما انصرف دعا له بثوب فقال: تَوَدَّعْه بخَلَقِكَ هذا أَي
تَصَوَّنْه به، يريد الْبَسْ هذا الذي دفعته إِليك في أَوقات الاحتفال والتزَيُّن.
والتَّوديعُ: أَن يجعل ثوباً وقايةَ ثوب آخر. والمِيدَعُ والميدعةُ
والمِيــداعــةُ: ما ودَّعَه به. وثوبٌ مِيدعٌ: صفة؛ قال الضبي:
أُقَدِّمُه قُدَّامَ نَفْسي، وأَتَّقِي
به الموتَ، إِنَّ الصُّوفَ للخَزِّ مِيدَعُ
وقد يُضاف. والمِيدع أَيضاً: الثوب الذي تَبْتَذِله المرأَة في بيتها.
يقال: هذا مِبْذَلُ المرأَة ومِيدعُها، ومِيدَعَتُها: التي تُوَدِّعُ بها
ثيابها. ويقال للثوب الذي يُبْتَذَل: مِبْذَلٌ ومِيدَعٌ ومِعْوز ومِفْضل.
والمِيدعُ والمِيدَعةُ: الثوب الخَلَقُ؛ قال شمر أَنشد ابن أَبي عدْنان:
في الكَفِّ مِنِّي مَجَلاتٌ أَرْبَعُ
مُبْتَذَلاتٌ، ما لَهُنَّ مِيدَعُ
قال: ما لهنَّ مِيدع أَي ما لهن من يَكْفيهنَّ العَمَل فيَدَعُهُنَّ أَي
يصونهُنَّ عن العَمَل. وكلامٌ مِيدَعٌ إِذا كان يُحْزِنُ، وذلك إِذا كان
كلاماً يُحْتَشَمُ منه ولا يستحسن.
والمِيــداعــةُ: الرجل الذي يُحب الدَّعةَ؛ عن الفراء.
وفي الحديث: إِذا لم يُنْكِر الناسُ المُنْكَرَ فقد تُوُدِّعَ منهم أَي
أُهْمِلو وتُرِكوا وما يَرْتَكِبونَ من المَعاصي حتى يُكثِروا منها، ولم
يهدوا لرشدهم حتى يستوجبوا العقوبة فيعاقبهم الله، وأَصله من التوْدِيع
وهو الترك، قال: وهو من المجاز لأَن المُعْتَنيَ بإِصْلاحِ شأْن الرجل
إِذا يَئِسَ من صلاحِه تركه واسْتراحَ من مُعاناةِ النَّصَب معه، ويجوز أَن
يكون من قولهم تَوَدَّعْتُ الشيءَ أَي صُنْتُه في مِيدَعٍ، يعني قد صاروا
بحيث يتحفظ منهم ويُتَصَوَّن كما يُتَوَقَّى شرار الناس. وفي حديث علي،
كرم الله وجهه: إِذا مََشَتْ هذه الأُمّةُ السُّمَّيْهاءَ فقد تُوُدِّعَ
منها. ومنه الحديث: اركبوا هذه الدوابَّ سالمةً وابْتَدِعُوها سالمة أَي
اتْرُكُوها ورَفِّهُوا عنها إِذا لم تَحْتاجُوا إِلى رُكُوبها، وهو
افْتَعَلَ من وَدُعَ، بالضم، ودَاعــةً ودَعةً أَي سَكَنَ وتَرَفَّهَ.
وايْتَدَعَ، فهو مُتَّدِعٌ أَي صاحب دَعةٍ، أَو من وَدَعَ إِذا تَرَكَ، يقال
اتهَدَعَ وابْتَدَعَ على القلب والإِدغام والإِظهار. وقولهم: دَعْ هذا أَي
اتْرُكْه، ووَدَعَه يَدَعُه: تركه، وهي شاذة، وكلام العرب: دَعْني وذَرْني
ويَدَعُ ويَذَرُ، ولا يقولون ودَعْتُكَ ولا وَذَرْتُكَ، استغنوا عنهما
بتَرَكْتُكَ والمصدر فيهما تركاً، ولا يقال ودْعاً ولا وَذْراً؛ وحكاهما
بعضهم ولا وادِعٌ، وقد جاء في بيت أَنشده الفارسي في البصريات:
فأَيُّهُما ما أَتْبَعَنَّ، فإِنَّني
حَزِينٌ على تَرْكِ الذي أَنا وادِعُ
قال ابن بري: وقد جاء وادِعٌ في شعر مَعْنِ بن أَوْسٍ:
عليه شَرِيبٌ لَيِّنٌ وادِعُ العَصا،
يُساجِلُها حمَّاته وتُساجِلُه
وفي التنزيل: ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وما قَلى؛ أَي لم يَقْطَعِ اللهُ
الوحيَ عنك ولا أَبْغَضَكَ، وذلك أَنه، صلى الله عليه وسلم، اسْتأَخر
الوحْيُ عنه فقال ناس من الناس: إِن محمداً قد ودّعه ربه وقَلاه، فأَنزل الله
تعالى: ما ودعك ربك وما قلى، المعنى وما قَلاكَ، وسائر القُرّاء قرؤوه:
ودّعك، بالتشديد، وقرأَ عروة بن الزبير: ما وَدَعَك ربك، بالتخفيف، والمعنى
فيهما واحد، أَي ما تركك ربك؛ قال:
وكان ما قَدَّمُوا لأَنْفُسِهم
أَكْثَرَ نَفْعاً مِنَ الذي وَدَعُوا
وقال ابن جني: إِنما هذا على الضرورة لأَنّ الشاعر إذا اضْطُرَّ جاز له
أَن ينطق بما يُنْتِجُه القِياسُ، وإِن لم يَرِدْ به سَماعٌ؛ وأَنشد قولَ
أَبي الأَسودِ الدُّؤلي:
لَيْتَ شِعْرِي، عن خَلِيلي، ما الذي
غالَه في الحُبِّ حتى وَدَعَهْ؟
وعليه قرأَ بعضهم: ما وَدَعَكَ رَبُّكَ وما قَلى، لأَن الترْكَ ضَرْبٌ
من القِلى، قال: فهذا أَحسن من أَن يُعَلَّ باب اسْتَحْوَذَ واسْتَنْوَقَ
الجَمَلُ لأَنّ اسْتِعْمالَ ودَعَ مُراجعةُ أَصل، وإِعلالُ استحوذ
واستنوق ونحوهما من المصحح تركُ أَصل، وبين مراجعة الأُصول وتركها ما لا خَفاء
به؛ وهذا بيت روى الأَزهري عن ابن أَخي الأَصمعي أَن عمه أَنشده لأَنس بن
زُنَيْمٍ الليثي:
لَيْتَ شِعْرِي، عن أَمِيري، ما الذي
غالَه في الحبّ حتى ودَعْه؟
لا يَكُنْ بَرْقُك بَرْقاً خُلَّباً،
إِنَّ خَيْرَ البَرْقِ ما الغَيْثُ مَعَهْ
قال ابن بري: وقد رُوِيَ البيتان للمذكورين؛ وقال الليث: العرب لا تقول
ودَعْتُهُ فأَنا وادعٌ أَي تركته ولكن يقولون في الغابر يَدَعُ، وفي
الأَمر دَعْه، وفي النهي لا تَدَعْه؛ وأَنشد:
أَكْثَرَ نَفْعاً من الذي ودَعُوا
يعني تركوا. وفي حديث ابن عباس: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:
لَيَنْتَهيَنَّ أَقوامٌ عن وَدْعِهم الجُمُعاتِ أَو ليُخْتَمَنَّ على
قلوبهم أَي عن تَرْكهم إِيّاها والتَّخَلُّفِ عنها من وَدَعَ الشيءَ يَدَعُه
وَدْعاً إِذا تركه، وزعمت النحويةُ أَنّ العرب أَماتُوا مصدر يَدَعُ
ويَذَرُ واسْتَغْنَوْا عنه بتَرْكٍ، والنبي، صلى الله عليه وسلم، أَفصح العرب
وقد رويت عنه هذه الكلمة؛ قال ابن الأَثير: وإِنما يُحْمل قولهم على قلة
استعماله فهو شاذٌّ في الاستعمال صحيح في القياس، وقد جاء في غير حديث
حتى قرئ به قوله تعالى: ما وَدَعَك ربك وما قَلى، بالتخفيف؛ وأَنشد ابن
بري لسُوَيْدِ بن أَبي كاهِلٍ:
سَلْ أَمِيري: ما الذي غَيَّرَه
عن وِصالي، اليوَْمَ، حتى وَدَعَه؟
وأَنشد لآخر:
فَسَعَى مَسْعاتَه في قَوْمِه،
ثم لَمْ يُدْركْ، ولا عَجْزاً وَدَعْ
وقالوا: لم يُدَعْ ولم يُذَرْ شاذٌّ، والأَعرف لم يُودَعْ ولم يُوذَرْ،
وهو القياس. والوَــداعُ، بالفتح: التَّرْكُ. وقد ودَّعَه ووَادَعَه
ووَدَعَه ووادَعَه دُعاءٌ له من ذلك؛ قال:
فهاجَ جَوًى في القَلْبِ ضُمِّنَه الهَوَى،
بِبَيْنُونةٍ يَنْأَى بها مَنْ يُوادِعُ
وقيل في قول ابن مُفَرِّغٍ:
دَعيني مِنَ اللَّوْم بَعْضَ الدَّعَهْ
أي اتْرُكِيني بعضَ الترْك. وقال ابن هانئ في المرريه
(* قوله« في
المرريه» كذا بالأصل ) الذي يَتَصَنَّعُ في الأَمر ولا يُعْتَمَدُ منه على
ثِقةٍ: دَعْني من هِنْدَ فلا جَدِيدَها ودَعَتْ ولا خَلَقَها رَقَعَتْ. وفي
حديث الخَرْصِ: إِذا خَرَصْتُم فخُذُوا ودَعُوا الثلث، فإِن لم تَدَعُوا
الثلث فدَعوا الرُّبعَ؛ قال الخطابي: ذهب بعض أَهل العلم إِلى أَنه
يُتْرَكُ لهم من عُرْضِ المالِ تَوْسِعةً عليهم لأَنه إِن أُخِذَ الحقُّ منهم
مُسْتَوْفًى أَضَرَّ بهم، فإِنه يكون منها الساقِطةُ والهالِكةُ وما
يأْكله الطير والناس، وكان عمر، رضي الله عنه، يأْمر الخُرّاصَ بذلك. وقال
بعض العلماء: لا يُترك لهم شيءٌ شائِعٌ في جملة النخل بل يُفْرَدُ لهم
نَخلاتٌ مَعْدودةٌ قد عُلِمَ مِقْدارُ ثمرها بالخَرْصِ، وقيل: معناه أَنهم
إِذا لم يرضوا بِخَرْصِكُم فدَعوا لهم الثلث أَو الربع ليتصرفوا فيه
ويضمنوا حقّه ويتركوا الباقي إِلى أَن يَجِفَّ ويُؤخذ حَقُّه، لا أَنه يترك لهم
بلا عوض ولا اخراج؛ ومنه الحديث: دَعْ داعِــيَ اللَّبنِ أَي اتْرُكْ منه
في الضَّرْع شيئاً يَسْتَنْزِلُ اللَّبَنَ ولا تَسْتَقْصِ حَلْبَه.
والوَــداعُ: تَوْدِيعُ الناس بعضهم بعضاً في المَسِيرِ. وتَوْدِيعُ
المُسافِرِ أَهلَه إِذا أَراد سفراً: تخليفُه إِيّاهم خافِضِينَ وادِعِينَ،
وهم يُوَدِّعُونه إِذا سافر تفاؤُلاً بالدَّعةِ التي يصير إِليها إِذا
قَفَلَ. ويقال ودَعْتُ، بالتخفيف، فَوَوَدَعَ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
وسِرْتُ المَطِيّةَ مَوْدُوعةً،
تُضَحّي رُوَيْداً، وتُمْسي زُرَيْقا
وهو من قولهم فرَسٌ ودِيعٌ ومَوْدُوعٌ وموَدَّعٌ. وتَوَدَّعَ القومُ
وتَوادَعُوا: وَدَّعَ بعضهم بعضاً. والتوْدِيعُ عند الرَّحِيل، والاسم
الوَادع، بالفتح. قال شمر: والتوْدِيعُ يكون للحيّ والميت؛ وأَنشد بيت
لبيد:فَوَدِّعْ بالسَّلام أَبا حُرَيْزٍ،
وقَلَّ وداعُ أَرْبَدَ بالسلامِ
وقال القطامي:
قِفي قَبْلَ التَّفَرُّقِ يا ضُباعا،
ولا يَكُ مَوْقِفٌ مِنْك الوَــداعــا
أَراد ولا يَكُ مِنْكِ مَوْقِفَ الوَــداعِ وليكن موقف غِبْطةٍ وإِقامة
لأَنَّ موقف الوداع يكون لِلفِراقِ ويكون مُنَغَّصاً بما يتلوه من
التبارِيحِ والشوْقِ. قال الأَزهريّ: والتوْدِيعُ،وإِن كان أَصلُه تَخْليفَ
المُسافِرِ أَهْله وذَوِيه وادِعينَ، فإِنّ العرب تضعه موضع التحيةِ والسلام
لأَنه إِذا خَلَّفَ دعا لهم بالسلامة والبقاء ودَعوْا بمثْلِ ذلك؛ أَلا
ترى أَن لبيداً قال في أخيه وقد مات:
فَوَدِّعْ بالسلام أَبا حُرَيْزٍ
أَراد الدعاء له بالسلام بعد موته، وقد رثاه لبيد بهذا الشعر وودَّعَه
تَوْدِيعَ الحيّ إِذا سافر، وجائز أَن يكون التوْدِيعُ تَرْكَه إِياه في
الخفْضِ والدَّعةِ. وفي نوادر الأَعراب: تُوُدِّعَ مِنِّي أَي سُلِّمَ
عَلَيَّ. قال الأَزهري: فمعنى تُوُدِّعَ منهم أَي سُلِّمَ عليهم للتوديع؛
وأَنشد ابن السكيت قول مالك بن نويرة وذكر ناقته:
قاظَتْ أُثالَ إِلى المَلا، وتَرَبَّعَتْ
بالحَزْنِ عازِبةً تُسَنُّ وتُودَعُ
قال: تُودَعُ أَي تُوَدَّعُ، تُسَنُّ أَي تُصْقَلُ بالرَّعْي. يقال:
سَنَّ إِبلَه إِذا أَحْسَنَ القِيامَ عليها وصَقَلَها، وكذلك صَقَلَ فَرَسَه
إِذا أَراد أَن يَبْلُغَ من ضُمْرِه ما يبلغ الصَّيْقَلُ من السيف، وهذا
مثل؛ وروى شمر عن محارب: ودَّعْتُ فلاناً من وادِع السلام. ووَدَّعْتُ
فلاناً أَي هَجَرْتُه. والوَــداعُ: القِلى.
والمُوادَعةُ والتَّوادُعُ: شِبْهُ المُصالحةِ والتَّصالُحِ.
والوَدِيعُ: العَهْدُ. وفي حديث طَهْفةَ: قال عليه السلام: لكم يا بني نهْدٍ
ودائِعُ الشِّرْكِ ووضائعُ المال؛ ودائِعُ الشرْكِ أَي العُهودُ والمَواثِيقُ،
يقال: أَعْطَيْتُه وَدِيعاً أَي عَهْداً. قال ابن الأَثير: وقيل يحتمل
أَن يريدوا بها ما كانوا اسْتُودِعُوه من أَمْوالِ الكفار الذين لم يدخلوا
في الإِسلام، أَراد إِحْلالَها لهم لأَنها مال كافر قُدِرَ عليه من غير
عَهْدٍ ولا شرْطٍ، ويدل عليه قوله في الحديث: ما لم يكن عَهْدٌ ولا
مَوْعِدٌ. وفي الحديث: أَنه وادَعَ بَني فلان أَي صالَحَهم وسالَمَهم على ترك
الحرب والأَذى، وحقيقة المُوادعةِ المُتاركةُ أَي يَدَعُ كل واحد منهما ما
هو فيه؛ ومنه الحديث: وكان كعب القُرَظِيُّ مُوادِعاً لرسول الله، صلى
الله عليه وسلم. وفي حديث الطعام: غَيْرَ مَكْفُورٍ ولا مُوَدَّعٍ ،لا
مُسْتَغْنًى عنه رَبّنا أَي غير مَتْرُوكِ الطاعةِ، وقيل: هو من الوَــداعِ
وإِليه يَرْجِعُ. وتَوادَعَ القوم: أَعْطى بعضُهم بعضاً عَهْداً، وكله من
المصالحة؛ حكاه الهرويّ في الغريبين. وقال الأَزهري: تَوادَعَ الفَريقانِ
إِذا أَعْطى كل منهم الآخرِينَ عهداً أَن لا يَغْزُوَهُم؛ تقول: وادَعْتُ
العَدُوَّ إِذا هادَنْتَه مُوادَعةً، وهي الهُدْنةُ والمُوادعةُ. وناقة
مُوَدَّعةٌ: لا تُرْكَب ولا تُحْلَب. وتَوْدِيعُ الفَحلِ: اقْتِناؤُه
للفِحْلةِ. واسْتَوْدَعه مالاً وأَوْدَعَه إِياه: دَفَعَه إِليه ليكون عنده
ودِيعةً. وأَوْدَعَه: قَبِلَ منه الوَدِيعة؛ جاء به الكسائي في باب
الأَضداد؛ قال الشاعر:
اسْتُودِعَ العِلْمَ قِرْطاسٌ فَضَيَّعَهُ،
فبِئْسَ مُسْتَودَعُ العِلْمِ القَراطِيسُ
وقال أَبو حاتم: لا أَعرف أَوْدَعْتُه قَبِلْتُ وَدِيعَته، وأَنكره شمر
إِلا أَنه حكى عن بعضهم اسْتَوْدَعَني فُلانٌ بعيراً فأَبَيْتُ أَن
أُودِعَه أَي أَقْبَلَه؛ قال الأَزهري: قاله ابن شميل في كتاب المَنْطِقِ
والكسائِيُّ لا يحكي عن العرب شيئاً إِلا وقد ضَبَطَه وحفِظه. ويقال:
أَوْدَعْتُ الرجل مالاً واسْتَوْدَعْتُه مالاً؛ وأَنشد:
يا ابنَ أَبي ويا بُنَيَّ أُمِّيَهْ،
أَوْدَعْتُكَ اللهَ الذي هُو حَسْبِيَهْ
وأَنشد ابن الأَعرابي:
حتى إِذا ضَرَبَ القُسُوس عَصاهُمُ،
ودَنا منَ المُتَنَسِّكينَ رُكُوعُ،
أَوْدَعْتَنا أَشْياءَ واسْتَوْدعْتَنا
أَشْياءَ، ليْسَ يُضِيعُهُنَّ مُضِيعُ
وأَنشد أَيضاً:
إِنْ سَرَّكَ الرّيُّ قُبَيْلَ النَّاسِ،
فَوَدِّعِ الغَرْبَ بِوَهْمٍ شاسِ
ودِّعِ الغَرْبَ أَي اجعله ودِيعةً لهذا الجَمَل أَي أَلْزِمْه
الغَرْبَ.والوَدِيعةُ:واحدة الوَدائِعِ، وهي ما اسْتُودِعَ. وقوله تعالى:
فمُسْتَقَرٌّ ومُسْتَوْدَعٌ؛ المُسْتَوْدَعُ ما في الأَرحام، واسْتَعاره علي،
رضي الله عنه، للحِكْمة والحُجّة فقال: بهم يَحفظ اللهُ حُجَجَه حتى
يودِعوها نُظراءَهُم ويَزرَعُوها في قُلوبِ أَشباهِهِم؛ وقرأَ ابن كثير وأَبو
عمرو: فمستقِرّ، بكسر القاف، وقرأَ الكوفيون ونافع وابن عامر بالفتح وكلهم
قال: فَمُسْتَقِرّ في الرحم ومستودع في صلب الأَب، روي ذلك عن ابن مسعود
ومجاهد والضحاك. وقال الزجاج: فَلَكُم في الأَرْحامِ مُسْتَقَرٌّ ولكم
في الأَصْلاب مُسْتَوْدَعٌ، ومن قرأَ فمستقِرّ، بالكسر، فمعناه فمنكم
مُسْتَقِرٌّ في الأَحياء ومنكم مُسْتَوْدَعٌ في الثَّرى. وقال ابن مسعود في
قوله: ويعلم مُسْتَقَرَّها ومُسْتَوْدَعها أَي مُستَقَرَّها في الأَرحام
ومُسْتَوْدَعَها في الأَرض. وقال قتادة في قوله عز وجل: ودَعْ أَذاهُم
وتَوَكَّلْ على الله؛ يقول: اصْبِرْ على أَذاهم. وقال مجاهد: ودع أَذاهم أَي
أَعْرِضْ عنهم؛ وفي شعر العباس يمدح النبي، صلى الله عليه وسلم:
مِنْ قَبْلِها طِبْتَ في الظِّلالِ وفي
مُسْتَوْدَعٍ، حيثُ يُخْصَفُ الوَرَقُ
المُسْتَوْدَعُ: المَكانُ الذي تجعل فيه الوديعة، يقال: اسْتَوْدَعْتُه
ودِيعةً إِذا اسْتَحْفَظْتَه إَيّاها، وأَراد به الموضع الذي كان به آدمُ
وحوّاء من الجنة، وقيل: أَراد به الرَّحِمَ.
وطائِرٌ أَوْدَعُ: تحتَ حنَكِه بياض. والوَدْعُ والوَدَعُ: اليَرْبُوعُ،
والأَوْدَع أَيضاً من أَسماء اليربوع.
والوَدْعُ: الغَرَضُ يُرْمَى فيه. والوَدْعُ: وثَنٌ. وذاتُ الوَدْعِ:
وثَنٌ أَيضاً. وذات الوَدْعِ: سفينة نوح، عليه السلام، كانت العرب تُقْسِمُ
بها فتقول: بِذاتِ الودْع؛ قال عَدِيّ بن زيد العبّادِي:
كَلاّ، يَمِيناً بذاتِ الوَدْعِ، لَوْ حَدَثَتْ
فيكم، وقابَلَ قَبْرُ الماجِدِ الزّارا
يريد سفينةَ نوح، عليه السلام، يَحْلِفُ بها ويعني بالماجِدِ النُّعمانَ
بنَ المنذِرِ، والزَّارُ أَراد الزارة بالجزيرة، وكان النعمان مَرِضَ
هنالك. وقال أَبو نصر: ذاتُ الودْعِ مكةُ لأَنها كان يعلق عليها في
سُتُورِها الوَدْعُ؛ ويقال: أَراد بذات الوَدْعِ الأَوْثانَ. أَبو عمرو:
الوَدِيعُ المَقْبُرةُ. والودْعُ، بسكون الدال: جائِرٌ يُحاطُ عليه حائطٌ
يَدْفِنُ فيه القومُ موتاهم؛ حكاه ابن الأَعرابي عن المَسْرُوحِيّ؛
وأَنشد:لَعَمْرِي، لقد أَوْفى ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً
على ظَهْرِ وَدْعٍ، أَتْقَنَ الرَّصْفَ صانِعُهْ
وفي الوَدْعِ، لو يَدْري ابنُ عَوْفٍ عشِيّةً،
غِنى الدهْرِ أَو حَتْفٌ لِمَنْ هو طالِعُهْ
قال المسروحيّ: سمعت رجلاً من بني رويبة بن قُصَيْبةَ بن نصر بن سعد بن
بكر يقول: أَوْفَى رجل منا على ظهر وَدْعٍ بالجُمْهُورةِ، وهي حرة لبني
سعد بن بكر، قال: فسمعت قائلاً يقول ما أَنْشَدْناه، قال: فخرج ذلك الرجل
حتى أَتى قريشاً فأَخبر بها رجلاً من قريش فأَرسل معه بضعة عشر رجلاً،
فقال: احْفِرُوه واقرؤوا القرآن عنده واقْلَعُوه، فأَتوه فقلعوا منه فمات
ستة منهم أَو سبعة وانصرف الباقون ذاهبة عقولهم فَزَعاً، فأَخبروا صاحبهم
فكَفُّوا عنه، قال: ولم يَعُدْ له بعد ذلك أَحد؛ كلّ ذلك حكاه ابن
الأَعرابي عن المسروحيّ، وجمع الوَدْعِ وُدُوعٌ؛ عن المسروحي أَيضاً.
والوَــداعُ: وادٍ بمكةَ، وثَنِيّةُ الوَــداعِ منسوبة إِليه. ولما دخل
النبي، صلى الله عليه وسلم، مكة يوم الفتح استقبله إِماءُ مكةَ يُصَفِّقْنَ
ويَقُلْن:
طَلَعَ البَدْرُ علينا
من ثَنيّاتِ الوداعِ،
وجَبَ الشكْرُ علينا،
ما دَعا للهِ داعِ
ووَدْعانُ: اسم موضع؛ وأَنشد الليث:
ببيْض وَدْعانَ بِساطٌ سِيُّ
ووادِعةُ: قبيلة إِما أَن تكون من هَمْدانَ، وإِمّا أَن تكون هَمْدانُ
منها، وموْدُوعٌ: اسم فرس هَرِمِ بن ضَمْضَمٍ المُرّي، وكان هَرِمٌ قُتِلَ
في حَرْبِ داحِسٍ؛ وفيه تقول نائحتُه:
يا لَهْفَ نَفْسِي لَهَفَ المَفْجُوعِ،
أَنْ لا أَرَى هَرِماً على مَوْدُوعِ
جدع: الجَدْعُ: القَطْعُ، وقيل: هو القطع البائن في الأَنف والأُذن
والشَّفةِ واليد ونحوها، جَدَعَه يَجْدَعُه جَدْعاً، فهو جادِعٌ. وحمار
مُجَدَّع: مَقْطُوع الأُذن؛ قال ذو الخِرَقِ الطُّهَوِيّ:
أَتانِي كلامُ التَّغْلَبيّ بن دَيْسَقٍ،
ففي أَيِّ هذا، وَيْلَه، يَتَترَّعُ؟
يقول الخَنى، وأَبغَضُ العُجْمِ، ناطِقاً
إِلى ربه، صوتُ الحِمارِ اليُجَدَّعُ
أَراد الذي يُجدَّع فأدخل اللام على الفعل المضارع لمضارعة اللام الذي
كما تقول هو اليَضْرِبُك، وهو من أَبيات الكتاب وقال أَبو بكر بن السراج:
لما احتاج إِلى رفع القافية قلب الاسم فعلاً وهو من أَقبح ضرورات الشعر،
وهذا كما حكاه الفراء من أَن رجلاً أَقبل فقال آخر: هاهوذا، فقال السامع:
نِعْمَ الهاهوذا، فأَدخل اللام على الجملة من المبتدإِ والخبر تشبيهاً له
بالجملة المركبة من الفعل والفاعل؛ قال ابن بري: ليس بيتُ ذي الخِرَق
هذا من أَبيات الكتاب كما ذكر الجوهري وإِنما هو في نوادر أَبي زيد. وقد
جَدِعَ جَدَعاً، وهو أَجْدَعُ بيِّن الجَدَعِ، والأُنثى جَدْعاء؛ قال أَبو
ذؤيب يصف الكلاب والثور:
فانْصاعَ من حَذرٍ وسَدَّ فُروجَه
غُبْرٌ ضَوارٍ: وافِيانِ وأَجْدَعُ
أجْدع أَي مَقْطوع الأُذن. وافيانِ: لم يُقْطع من آذانهما شيء، وقيل: لا
يقال جَدعَ ولكن جُدعَ من المَجْدُوع.
والجَدَعةُ: ما بَقِي منه بعد القَطْع. والجَدَعةُ: موضع الجَدْع، وكذلك
العَرَجةُ من الأَعْرج، والقَطَعة من الأَقْطَع. والجَدْعُ: ما انقطع من
مَقادِيم الأَنف إِلى أَقْصاه، سمي بالمصدر.
وناقة جَدْعاء: قُطِع سُدسُ أُذنها أَو ربعها أَو ما زاد على ذلك إِلى
النصف. والجَدْعاء من المعزَ: المَقْطوع ثلث أُذنها فصاعداً، وعم به ابن
الأَنباري جميع الشاء المُجَدَّع الأُذن. وفي الدعاء على الإِنسان: جَدْعاً
له وعَقْراً؛ نصبوها في حدّ الدعاء على إِضمار الفعل غير المستعمل
إِظهاره، وحكى سيبويه: جَدَّعْتُه تَجْديعاً وعَقَّرْتُه قلت له ذلك، وهو مذكور
في موضعه؛ فأَمّا قوله:
تَراه كأَنَّ اللهَ يَجْدَعُ أَنْفَه
وعَيْنَيْه، إِنْ مَولاه ثابَ له وَفْرُ
فعلى قوله:
يا لَيْتَ بَعْلَكِ قد غَدا
مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحا
إِنما أَراد ويفقأُ عينيه؛ واستعار بعضُ الشُّعراء الجَدْعَ والعِرْنينَ
للدّهْر فقال:
وأَصبَح الدهْرُ ذُو العِرْنِينِ قد جُدِعا
والأَعرف:
وأَصبحَ الدهرُ ذو العلاَّتِ قد جُدعا
وجَــداعِ: السَّنةُ الشديدة تذهب بكل شيء كأَنها تَجْدَعُه؛ قال أَبو
حَنْبل الطائي:
لقد آليْتُ أَغْدِر في جَــداعِ،
وإِنْ مُنِّيتُ، أُمّاتِ الرِّباعِ
وهي الجَــداعُ أَيضاً غير مبنية لمكان الأَلف واللام. والجَــداعُ: الموت
لذلك أَيضاً. والمُجادعةُ: المُخاصمةُ. وجادَعَه مُجادَعة وجِــداعــاً:
شاتَمَه وشارَّه كأَنَّ كل واحد منهما جَدَع أَنف صاحبه؛ قال النابغة
الذُّبْياني:
أَقارعُ عَوْفٍ، لا أُحاوِلُ غيرَها،
وجُوهُ قُرودٍ، تَبْتَغِي من تُجادِعُ
وكذلك التّجادُع. ويقال: اجْدَعْهم بالأَمر حتى يَذِلُّوا؛ حكاه ابن
الأَعرابي ولم يفسره. قال ابن سيده: وعندي أَنه على المثل أَي اجدع أُنوفهم.
وحكي عن ثعلب: عام تَجَدَّعُ أَفاعِيه وتجادَعُ أَي يأْكل بعضها بعضاً
لشدّته، وكذلك تركت البلاد تَجَدَّعُ وتَجادَعُ أَفاعيها أَي يأْكل بعضها
بعضاً، قال: وليس هناك أَكل ولكن يريد تقَطَّعُ. وقال أَبو حنيفة:
المُجَدَّعُ من النبات ما قُطع من أَعلاه ونَواحِيه أَو أُكل. ويقال: جَدَّع
النباتَ القَحْطُ إِذا لم يَزْكُ لانْقِطاع الغَيْثِ عنه؛ وقال ابن
مقبل:وغَيْث مَريع لم يُجَدَّعْ نَباتُه
وكَلأٌ جُــداعٌ، بالضم، أَي دَوٍ؛ قال رَبيعةُ بن مَقْرُوم الضَّبِّيّ:
وقد أَصِلُ الخَلِيلَ وإِن نآني،
وغِبَّ عَداوتي كَلأٌ جُــداعُ
قال ابن بري: قوله كَلأٌ جُــداع أي يَجْدَعُ مَن رَعاه؛ يقول: غِبّ
عَداوتي كَلأٌ فيه الجَدْع لمن رعاه، وغب بمعنى بعد. وجَدِعَ الغلامُ يَجْدَعُ
جَدَعاً، فهو جَدِعٌ: ساء غِذاؤه؛ قال أَوْس بن حَجَر:
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها،
تُصْمِتُ بالماء تَوْلَباً جَدِعا
وقد صحّف بعض العلماء هذه اللفظة، قال الأَزهري في أَثناء خطبة كتابه:
جمع سليمان بن علي الهاشميّ بالبصرة ين المُفَضَّل الضبّيّ والأَصمعي
فأَنشد المفضَّل: وذات هدم، وقل آخر البيت: جَذَعا، ففَطِن الأَصمعي لخَطئه،
وكان أَحدَثَ سِنّاً منه، فقال له: إِنما هو تولباً جَذَعا، وأَراد تقريره
على الخطاء فلم يَفْطَن المفضل لمراده، فقال: وكذلك أَنشدته، فقال له
الأَصمعي حينئذ: أَخطأْت إِنما هو: تَوْلباً جَدِعا، فقال له المفضل: جذعا
جذعا، ورفع صوته ومدّه، فقال له الأَصمعي: لو نفَخْت في الشَّبُّور ما
نفعك، تكم كلام النمل وأَصبْ، إِنما هو: جَدِعا، فقال سليمان بن علي: من
تَخْتارانِ أَجعله بينكما؟ فاتفقا على غلام من بني أَسد حافظ للشعر
فأُحْضِر، فعرَضا عليه ما اختلفا فيه فصدَّق الأَصمعي وصوّب قوله، فقال له
المفضل: وما الجَدِعُ؟ قال: السيّء الغِذاء. وأَجدَعَه وجَدَّعَه: أَساء غذاءه.
قال ابن بري: قال الوزير: جَدِعٌ فَعِلٌ بمعنى مَفْعول، قال: ولا يعرف
مثله. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً: ساء غِذاؤُه. وجَدِعَ الفَصِيلُ أَيضاً:
رُكِب صغيراً فوَهَن. وجَدَعْتُه أَي سجنْتُه وحبستُه، فهو مجُدوع؛
وأَنشد:
كأَنه من طول جَدْعِ العَفْسِ
وبالذال المعجمة أَيضاً، وهو المحفوظ. وجَدَعَ الرجلُ عِيالَه إِذا حَبس
عنهم الخير. قال أَبو الهيثم: الذي عندنا في ذلك أَنهَ الجَدْعَ
والجِذْعَ واحد، وهو حَبْسُ من تَحْبِسه على سُوءِ ولائه وعلى الإِذالةِ منك له؛
قال: والدليل على ذلك بيت أَوس:
تُصْمِت بالماء تَوْلباً جَدِعا
قال: وهو من قولك جَدَعْتُه فجَدِع كما تقول ضرَب الصَّقِيعُ النباتَ
فضَرِبَ، وكذلك صَقَع، وعَقَرْتُه فَعَقِر أَي سقَط؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:حَبَلَّق جَدَّعه الرِّعاء
ويروى: أَجْدَعَه، وهو إِذا حبَسه على مَرْعى سَوْء، وهذا يقوّي قول
أَبي الهيثم.
والجَنادِعُ: الأَحْناشُ، ويقال: هي جَنادِبُ تكون في جِحَرةِ
اليَرابِيعِ والضِّباب يَخرُجْن إِذا دَنا الحافر من قَعْر الجُحْر. قال ابن بري:
قال أَبو حنيفة الجُنْدَب الصغير يقال له جُنْدع، وجمعه جَنادِعُ؛ ومنه
قول الراعي:
بحَيٍّ نُمَيْرِيٍّ عليه مَهابةٌ
بِجَمْع، إِذا كان اللِّئامُ جَنادِعا
ومنه قيل: رأَيت جَنادِعَ الشرِّ أَي أَوائلَه، الواحدة جُنْدُعةٌ، وهو
ما دَبَّ من الشرّ؛ وقال محمد بن عبد الله الأَزْديّ:
لا أَدْفَعُ ابنَ العَمِّ يَمْشِي على شَفاً،
وإِن بَلَغَتْني مِنْ أَذاه الجَنادِعُ
وذاتُ الجَنادِعِ: الداهيةُ. الفرّاء: يقال هو الشيطان والمارِدُ
والمارِجُ والأَجْدَعُ. روي عن مسروق أَنه قال: قدمت على عمر فقال لي: ما
اسمُك؟ فقلت: مَسروقُ بن الأَجْدَع، فقال: أَنت مسروق بن عبد الرحمن، حدثنا
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنَّ الأَجدع شيطان، فكان اسمُه في الديوان
مسروق بن عبد الرحمن. وعبد الله بن جُدْعانَ
(* كذا بالأصل، وفي القاموس: وعبد الله بن جدعان جواد معروف.)
وأَجْدَعُ وجُدَيْعٌ: اسمانِ. وبنو جَدْعاءَ: بطن من العرب، وكذلك بنو
جُــداع وبنو جُــداعــةَ.
بدع: بدَع الشيءَ يَبْدَعُه بَدْعاً وابْتَدَعَه: أَنشأَه وبدأَه. وبدَع
الرَّكِيّة: اسْتَنْبَطَها وأَحدَثها. ورَكِيٌّ بَدِيعٌ: حَدِيثةُ
الحَفْر. والبَدِيعُ والبِدْعُ: الشيء الذي يكون أَوّلاً. وفي التنزيل: قُل ما
كنتُ بِدْعاً من الرُّسُل؛ أَي ما كنت أَوّلَ من أُرْسِلَ، قد أُرسل
قبلي رُسُلٌ كثير.
والبِدْعةُ: الحَدَث وما ابْتُدِعَ من الدِّينِ بعد الإِكمال. ابن
السكيت: البِدْعةُ كلُّ مُحْدَثةٍ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، في قِيام
رمضانَ: نِعْمتِ البِدْعةُ هذه. ابن الأَثير: البِدْعةُ بدْعتان: بدعةُ هُدى،
وبدْعة ضلال، فما كان في خلاف ما أَمر الله به ورسوله، صلى الله عليه
وسلم، فهو في حَيِزّ الذّمِّ والإِنكار، وما كان واقعاً تحت عُموم ما ندَب
اللهُ إِليه وحَضّ عليه أَو رسولُه فهو في حيِّز المدح، وما لم يكن له
مِثال موجود كنَوْع من الجُود والسّخاء وفِعْل المعروف فهو من الأَفعال
المحمودة، ولا يجوز أَن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به لأَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قد جعل له في ذلك ثواباً فقال: مَن سنّ سُنّة حسَنة كان
له أَجرُها وأَجرُ مَن عَمِلَ بها، وقال في ضدّه: مَن سنّ سُنّة سَيئة كان
عليه وِزْرها ووِزْر مَن عَمِلَ بها، وذلك إِذا كان في خلاف ما أَمر
الله به ورسوله، قال: ومن هذا النوع قول عمر، رضي الله عنه: نعمتِ البِدْعةُ
هذه، لمّا كانت من أَفعال الخير وداخلة في حيّز المدح سَمّاها بدعة
ومدَحَها لأَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يَسُنَّها لهم، وإِنما
صلاَّها لَيالِيَ ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن
أَبي بكر وإِنما عمر، رضي الله عنهما، جمع الناسَ عليها وندَبهم إِليها
فبهذا سماها بدعة، وهي على الحقيقة سنَّة لقوله، صلى الله عليه وسلم،
عليكم بسنّتي وسنة الخُلفاء الراشدين من بعدي، وقوله، صلى الله عليه وسلم:
اقْتَدُوا باللذين من بعدي: أَبي بكر وعمر، وعلى هذا التأْويل يُحمل الحديث
الآخَر: كلُّ مُحْدَثةٍ بدعة، إِنما يريد ما خالَف أُصولَ الشريعة ولم
يوافق السنة، وأَكثر ما يستعمل المُبْتَدِعُ عُرْفاً في الذمِّ. وقال أَبو
عَدْنان: المبتَدِع الذي يأْتي أَمْراً على شبه لم يكن ابتدأَه إِياه.
وفلان بِدْعٍ في هذا الأَمر أَي أَوّل لم يَسْبِقْه أَحد. ويقال: ما هو
منّي ببِدْعٍ وبَديعً، قال الأَحوص:
فَخَرَتْ فانْتَمَتْ فقلتُ: انْظُرِيني،
ليس جَهْلٌ أَتَيْته ببدِيعِ
وأَبْدَعَ وابْتَدَعَ وتَبَدَّع: أتَى بِبدْعةٍ، قال اللهِ تعالى:
ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعوها؛ وقال رؤبة:
إِنْ كُنْتَ للهِ التَّقِيَّ الأَطْوعا،
فليس وجْهَ الحَقِّ أَن تَبَدَّعا
وبَدَّعه: نَسَبه إِلى البِدْعةِ. واسْتَبْدَعَه: عدَّه بَديعاً.
والبَدِيعُ: المُحْدَثُ العَجيب. والبَدِيعُ: المُبْدِعُ. وأَبدعْتُ الشيء:
اخْتَرَعْته لاعلى مِثال. والبَديع: من أَسماء الله تعالى لإِبْــداعِــه
الأِشياء وإِحْداثِه إِيَّاها وهو البديع الأَوّل قبل كل شيء، ويجوز أَن يكون
بمعنى مُبدِع أَو يكون من بَدَع الخلْقَ أَي بَدَأَه، والله تعالى كما قال
سبحانه: بَدِيعُ السمواتِ والأَرض؛ أَي خالقها ومُبْدِعُها فهو سبحانه
الخالق المُخْتَرعُ لا عن مثال سابق، قال أَبو إِسحق: يعني أَنه أَنشأَها
على غير حِذاء ولا مثال إِلا أَنَّ بديعاً من بَدَع لا من أَبْدع،
وأَبدعَ: أَكثر في الكلام من بَدَع، ولو استعمل بدَع لم يكن خطأ، فبَدِيعٌ
فَعِيلٌ بمعنى فاعل مثل قدير بمعنى قادر، وهو صفة من صفات الله تعالى لأَنه
بدأَ الخلق على ما أَراد على غير مثال تقدّمه.قال الليث: وقرئ بديعَ
السمواتِ والأَرضِ، بالنصب على وجه التعجب لِما قال المشركون على معنى:
بِدْعاً ما قلتم وبَدِيعاً اخْتَرَقْتم، فنصبه على التعجب، قال: والله أَعلم
أَهو ذلك أَم لا؛ فأَما قراءة العامة فالرفع، ويقولون هو اسم من أَسماء
الله سبحانه، قال الأَزهري: ما علمت أَحداً من القرّاء قرأَ بديعَ بالنصب،
والتعجبُ فيه غير جائز، وإِن جاء مثله في الكلام فنصبه على المدح كأَنه
قال أَذكر بديع السموات والأَرض. وسِقاء بَديع: جديد، وكذلك زِمام بديع؛
وأَنشد ابن الأَعرابي في السقاء لأَبي محمد الفقعسي:
يَنْصَحْنَ ماء البَدَنِ المُسَرَّى،
نَضْحَ البَدِيعِ الصَّفَقَ المُصْفَرّا
الصَّفَقُ: أَوّل ما يُجعل في السِّقاء الجديد. قال الأَزهري: فالبديعُ
بمعنى السقاء والحبْل فَعِيلٌ بمعنى مَفعول. وحَبلٌ بَديع: جَديد أَيضاً؛
حكاه أَبو حنيفة. والبديع من الحِبال: الذي ابتُدِئ فتله ولم يكن
حَبلاً فنكث ثم غُزل وأُعيد فتلُه؛ ومنه قول الشماخ:
وأَدْمَجَ دَمْج ذي شَطَنٍ بَدِيعِ
والبديعُ: الزِّقُّ الجديد والسقاء الجديد. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قال: تِهامةُ كَبَدِيعِ العَسَلِ حُلْو أَوّلُه حُلْو
آخِرُه؛ شَبَّهها بِزِقِّ العسل لأَنه لا يتغيَّر هواؤها فأَوّله طيّب
وآخره طيّب، وكذلك العسل لا يتغير وليس كذلك اللبن فإِنه يتغير، وتِهامة في
فُصول السنة كلها غَداةً ولَيالِيها أَطْيَب اللَّيالي لا تُؤذي بحَرّ
مُفْرط ولا قُرّ مُؤذ؛ ومنه قول امرأَة من العرب وصَفت زوجَها فقالت: زَوْجي
كلَيْل تِهامةَ لا حَرّ ولا قُرّ، ولا مَخافةَ ولا سآمةَ. والبديعُ:
المُبْتَدِع والمُبْتَدَع. وشيء بِدْعٌ، بالكسر، أَي مُبتدَع. وأَبدْعَ
الشاعرُ: جاء بالبديعِ. الكسائي: البِدْعُ في الخير والشرّ، وقد بَدُعَ
بَــداعــةً وبُدوعاً، ورجل بِدْعٌ وامرأَة بدْعة إِذا كان غاية في كل شيء، كان
عالماً أَو شَرِيفاً أَو شُجاعاً؛ وقد بَدُعَ الأَمْرُ بدْعاً وبَدَعُوه
وابْتَدَعُوه ورجل بِدْعٌ ورجال أَبْــداع ونساء بِدَعٌ وأَبــداع ورجُل بِدْع
غُمْر وفلان بِدْعٌ في هذا الأَمر أَي بَدِيع وقوم أَبــداع؛ عن الأَخفش.
وأُبْدِعتِ الإِبلُ: بُرِّكَت في الطريق من هُزال أَو داء أَو كَلال،
وأَبْدَعت هي: كَلَّت أَو عَطِبَت، وقيل: لا يكون الإِبْــداع إِلاَّ
بظَلَع.يقال: أَبْدَعَت به راحِلتُه إِذا ظَلَعَت، وأُبْدِعَ وأُبْدِعَ به
وأَبْدَعَ:كلَّت راحلته أَو عَطِبَت وبَقِيَ مُنْقَطَعاً به وحَسِرَ عليه
ظهرُه أَو قام به أَي وقَف به؛ قال ابن بري: شاهده قول حُميد الأَرقط:
لا يَقْدِرُ الحُمْسُ على جِبابِه
إِلاَّ بطُولِ السيْرِ وانْجِذابِه،
وتَرْكِ ما أَبْدَعَ من رِكابِه
وفي الحديث: أَنَّ رجلاً أَتَى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا
رسولَ الله إِني أُبْدِعَ بي فاحْمِلْني أَي انقُطع بي لكَلال راحلتي. وقال
اللحياني: يقال أَبدَع فلان بفلان إِذا قَطَع به وخَذلَه ولم يقم بحاجته
ولم يكن عند ظنه به، وأَبدَعَ به ظهرُه؛ قال الأَفْوه:
ولكلِّ ساعٍ سُنَّةٌ، مِمَّنْ مَضَى،
تَنْمِي به في سَعْيِه أَوْ تُبْدِعُ
وفي حديث الهَدْي: فأَزْحَفَت عليه بالطريق فَعَيَّ لشأْنها إِن هي
أَبدَعَتْ أَي انْقَطَعَت عن السير بكَلال أَو ظَلَع، كأَنه جعل انقطاعها عما
كانت مستمرّة عليه من عادة السير إِبْــداعــاً أَي إِنشاء أَمر خارج عما
اعْتِيدَ منها؛ ومنه الحديث: كيف أَصْنَعُ بما أَبْدَعَ عليَّ منها؟ وبعضهم
يرويه: أُبْدِعَت وأُبْدِعَ، على ما لم يسمّ فاعله، وقال: هكذا يستعمل،
والأَول أَوجه وأَقيس. وفي المثل: إِذا طَلَبْتَ الباطِلَ أُبْدِع بك.
قال أَبو سعيد: أُبْدِعت حُجّة فلان أَي أُبْطِلت حجّته أَي بطَلَت. وقال
غيره: أَبْدَعَ بِرُّ فلان بشُكْري وأَبْدَعَ فضْلُه وإِيجابه بوصفي إِذا
شكره على إِحسانه إِليه واعترَف بأَنَّ شكره لا يَفِي بإِحسانه. قال
الأَصمعي: بَدِعَ يَبَدَعُ فهو بَدِيعٌ إِذا سَمِن؛ وأَنشد لبَشِير ابن
النِّكْث:
فبَدِعَتْ أَرْنَبُه وخِرْنِقُهْ
أَي سَمِنت. وأَبْدَعُوا به: ضربوه. وأَبدَع يميناً: أَوجَبها؛ عن ابن
الأَعرابي.وأَبدَع بالسفر وبالحج: عزَم عليه.