من (خ ب ز) من تعلم غيرها صناعة الخبز.
من (خ ب ز) من تعلم غيرها صناعة الخبز.
خبز: الــخُبْزَةُ: الطُّلْمَةُ، وهي عجين يوضع في المَلَّةِ حتى
يَنْضَجَ، والمَلَّة: الرَّماد والتراب الذي أُوقد فيه النار. والخُبْزُ: الذي
يؤكل. والخَبْزُ، بالفتح: المصدر، خَبَزَه يَخْبِزه خَبْزاً واخْتَبَزَه:
عمله. والخَبَّاز: الذي مِهْنَتُه ذلك، وحِرْفَته الخِبازَة. والاخْتِباز:
اتخاذ الخُبْز؛ حكاه سيبويه. التهذيب: اخْتَبز فلانٌ إِذا عالج دقيقاً
يعجنه ثم خَبَزَه في مَلَّة أَو تَنُّور. وخَبَزَ القومَ يَخْبِزُهم
خَبْزاً: أَطعمهم الخُبْزَ. ورجل خابِز أَي ذو خُبْز مثل تامِر ولابن. ويقال:
أَخذنا خُبْزَ مَلَّةٍ، ولا يقال أَكلنا مَلَّةً. وقول بعض العرب: أَتيت
بني فلان فَخَبَزوا وحاسُوا وأَقَطُوا أَي أَطعموني كلَّ ذلك؛ حكاها
اللحياني غيرَ مُعَدَّياتٍ أَي لم يقل خَبَزُوني وحاسُوني وأَقَطُوني.
والخَبِيز: الخُبْز المخبوز من أَيّ حَبٍّ كان. والــخُبْزة: الثَّريدة الضَّخمة،
وقيل: هي اللحم. والخَبْزُ: الضرب باليدين، وقيل: هو الضرب باليد، وقيل:
هو الضرب. والخَبْزُ: السَّوْق الشديد، خَبَزَها يَخْبِزُها خَبْزاً؛
قال:
لا تَخْبِزا خَبْزاً ونُسَّا نَسَّا،
ولا تُطِيلا بمُناخٍ حَبْسا
يأْمره بالرِّفق. والنَّسُّ: السير اللين، وقال بعضهم: إِنما يخاطِبُ
لِصَّيْنِ، ورواه: وبُسَّا بَسّا، من البَسِيسِ؛ يقول: لا تقعدوا للخَبْز
ولكن اتخذا البَسِيسة. وقال أَبو زيد: الخَبْزُ السوق الشديد، والبَسُّ:
السير الرفيق، وأَنشد هذا الرجز: وبُسَّا بَسَّا. وقال أَبو زيد أَيضاً:
البَسُّ بَسُّ السويق، وهو لَتُّهُ بالزيت أَو بالماء، فأَمر صاحِبَيْه
بِلَتّ السويق وترك المُقام على خَبْز الخُبْز ومِراسه لأَنهم كانوا في سفر
لا مُعَرَّج لهم، فحث صاحبيه على عُجالَةٍ يَتَبَلَّغُون بها ونهاهما عن
إِطالة المُقام على عجن الدقيق وخَبْزِه.
والخَبْزُ: ضَرْب البعير بيديه الأَرض، وهو على التشبيه؛ وقيل: سمي
الخَبْزُ به لضَرْبهم إِياه بأَيديهم، وليس بقويّ.
والخُبازى والخُبَّازُ: نبت بَقْلة معروفة عريضة الورق لها ثمرة
مستديرة، واحدته خُبَّازة؛ قال حميد:
وعادَ خُبَّازٌ يُسَقِّيه النَّدى
ذُراوَةً، تَنْسُجُه الهُوجُ الدُّرُجْ
وانْخَبَزَ المكان: انخفض واطمأَنَّ. وتَخَبَّزَت الإِبلُ العُشْبَ
تَخَبُّزاً إِذا خبطته بقوائمها.
والخَبيزاتُ: خَبْزَواتٌ بِصَلْعاءِ ماوِيَّةَ، وهو ماء لِبَلْعَنبر؛
حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ليست من اللاَّئي تَلَهَّى بالطُّنُبْ،
ولا الخَبِيزات مع الشَّاءِ المُغِبّْ
قال: وإِنما سُمِّين خَبيزات لأَنهن انْخَبَزْنَ في الأَرض أَي انخفضن
واطْمَأْنَنَّ فيها.
حور: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه
حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون
الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في
هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ
يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس
كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها
ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ
رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ،
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها،
وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما
كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي
الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد
الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد
لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض،
وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم
عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على
حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من
الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في
الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ
عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان
في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:
المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث
بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلهُ ولولا مَجْدُ طالِبِها،
لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،
والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل
أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في
مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان
صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في
حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا
إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما
يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح
الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر،
وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ:
ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ
إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء،
بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة،
والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار
إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا
حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛
يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به
الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:
يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان
محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما
يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من
القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ
جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛
وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ له،
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر.
وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَِوارَهُ
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي
نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن
الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش
بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت
فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها
وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ
في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال
الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ
الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْـ
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة
والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس
في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء
والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله وإِنما يكون
هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في
البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا
أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:
احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن
قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خفيةً أَنْ تُبِيحَها
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من
النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب
الحُوَّارَى:
مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم
لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:
الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال
الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل
على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي
وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصري. قال: وأَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا
ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من
لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد
مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ
يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله
أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم
به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه
عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه
السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ:
البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من
أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من
التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي
يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة
حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه
السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه
حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:
الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح وأَصله
الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:
الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ،
وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:
الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش
الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته،
وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:
الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض
حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام
أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه
فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن
مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوُْر: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل،
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:
السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي
الجلود الحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد
حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛
قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ
والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى
الحَوَرَِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير
القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين
يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ
ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:
وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد
قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى
بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛
وقوله:أَلا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة
ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً
الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ
للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له
مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد
قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها
البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه
البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور
فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ
الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز
تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً
بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الــخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في
المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها،
والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال:
حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار
حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على
عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ
يَحُورُ إِذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه
لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا
ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي
النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة
التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق
بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو
نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ
بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّامِ، لَمَّا
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في
باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ
الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:
الصَّدَفة.والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما
رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:
هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها
إِلى حال دونها، والبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه
ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:
موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال:
أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا
فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة
ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن
يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
ملل: المَلَلُ: المَلالُ وهو أَن تَمَلَّ شيئاً وتُعْرِض عنه؛ قال
الشاعر:
وأُقْسِمُ ما بي من جَفاءٍ ولا ملَل
ورجل مَلَّةٌ إِذا كان يَمَلُّ إِخوانَه سريعاً. مَلِلْت الشيء مَلَّة
ومَلَلاً ومَلالاً ومَلالة: بَرِمْت به، واسْتَمْلَلْته: كمَلِلْتُه؛ قال
ابن هَرْمة:
قِفا فَهَرِيقا الدمْع بالمَنْزِل الدَّرْسِ،
ولا تَسْتَمِلاَّ أَن يطول به عَنْسِي
وهذا كما قالوا خَلَت الدارُ واستخْلت وعَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه؛ وقال
الشاعر:
لا يَسْتَمِلُّ ولا يَكْرى مُجالِسُها،
ولا يَمَلُّ من النَّجْوَى مُناجِيها
وأَمَلَّني وأَمَلَّ عَليَّ: أَبرَمَني. يقال: أَدَلَّ فأَمَلَّ.
وقالوا: لا أَمْلاهُ أَي لا أَمَلُّه، وهذا على تحويل التضعيف والذي فعلوه في
هذا ونحوِه من قولهم لا
(* هكذا بياض في الأصل) . . . لا أَفعل؛
وإِنشادهم:من مآشِرٍ حِداءِ
(* قوله «من مآشر حداء» قبله كما في مادة حدد:
يا لك من تمر ومن شيشاء
ينشب في المسعل واللهاء
أنشب من مآشر حداء).
لم يكن واجباً فيجب هذا، وإِنما غُيِّر استحساناً فساغ ذلك فيه.
الجوهري: مَلِلْت الشيء، بالكسر، ومَلِلْت منه أَيضاً إِذا سَئِمْته، ورجل مَلٌّ
ومَلول ومَلولة ومالولةٌ ومَلاَّلة وذو مَلَّة؛ قال:
إِنك والله لَذُو مَلَّة،
يَطرِفُك الأَدْنى عن الأَبْعَدِ
قال ابن بري: الشعر لعمر بن أَبي ربيعة وصواب إِنشاده: عن الأَقدَم؛
وبعده:
قلت لها: بل أَنتِ مُعْتَلَّة
في الوَصل، يا هندُ، لِكَي تَصْرِمي
وفي الحديث: اكْلَفوا من العمل ما تُطِيقون فإِن الله لا يَمَلُّ حتى
تَمَلُّوا؛ معناه إِن الله لا يَمَلُّ أَبداً، مَلِلْتم أَو لم تَمَلُّوا،
فجرى مجرى قولهم: حتى يَشِيبَ الغراب ويبيضَّ القارُ، وقيل: معناه إِن
الله لا يَطَّرِحُكم حتى تتركوا العمل وتزهدوا في الرغبة إِليه فسمى
الفعلين مَلَلاً وكلاهما ليس بِمَلَل كعادة العرب في وضع الفعل موضع الفعل إِذا
وافق معناه نحو قولهم:
ثم أَضْحَوْا لَعِبَ الدهرُ بهم،
وكذاك الدهرُ يُودِي بالرجال
فجعل إِهلاكه إِياهم لَعِباً، وقيل: معناه إِن الله لا يقطع عنكم فَضْله
حتى تَمَلُّوا سؤاله فسمَّى فِعل الله مَلَلاً على طريق الازْدِواج في
الكلام كقوله تعالى: وجزاءُ سيئة سيئةٌ مثلها، وقوله: فمَنِ اعْتَدى عليكم
فاعْتَدوا عليه؛ وهذا باب واسع في العربية كثير في القرآن. وفي حديث
الاستسقاء: فأَلَّف اللّه السَّحاب ومَلَّتْنا؛ قال ابن الأَثير: كذا جاء في
رواية لمسلم، قيل: هي من المَلَلِ أَي كثر مطرُها حتى مَلِلناها، وقيل:
هي مَلَتْنا، بالتخفيف، من الامْتِلاء فخفف الهمزة، ومعناه أَوسَعَتْنا
سَقْياً وريًّا. وفي حديث المُغيرة: مَلِيلة الإِرْغاء أَي مَمْلولة
الصوت، فَعِيلة بمعنى مفعولة، يَصِفها بكثرة الكلام ورَفْعِ الصوت حتى تُمِلَّ
السامعين، والأُنثى مَلول ومَلولة، فملول على القياس ومَلولة على الفعل.
والمَلَّة: الرَّماد الحارُّ والجمْر. ويقال: أَكلنا خُبزَ مَلَّة، ولا
يقال أَكلنا مَلَّة. ومَلَّ الشيءَ في الجمْر يَمُلُّه مَلاًّ، فهو
مَمْلول ومَلِيل: أَدخله
(* قوله «ادخله» يعني فيه فلفظ فيه إما ساقط من قلم
الناسخ او اقتصاراً من المؤلف) . يقال: مَلَلْت الخُبرةَ في المَلَّة
مَلاًّ وأَمْلَلْتها إِذا عمِلتها في المَلَّة، فهي مَمْلولة، وكذلك كل
مَشْوِيّ في المَلَّة من قَريس وغيره. ويقال: هذا خُبز مَلَّةٍ، ولا يقال
للخبز مَلَّة، إِنما المَلة الرَّماد الحارّ والخبز يسمى المَلِيل
والمَمْلول، وكذلك اللحمُ؛ وأَنشد أَبو عبيد:
ترى التَّيْمِيَّ يَزْحَفُ كالقَرَنْبى
إِلى تَيْمِيَّةٍ، كعَصا المَلِيل
وفي الحديث: قال أَبو هريرة لما افتتَحْنا خَيبرَ إِذا أُناس من يَهُود
مجتمعون على خُبزة يَمُلُّونها أَي يجعلونها في المَلَّة. وفي حديث كعب:
أَنه مرَّ به رِجْل من جَراد فأَخذ جَرادَتين فمَلَّهما أَي شَواهما
بالمَلَّة؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
كأَنَّ ضاحِيَهُ بالنار مَمْلولُ
أَي كأَنَّ ما ظهر منه للشمس مَشْويّ بالمَلَّة من شدّة حرّه. ويقال:
أَطعَمَنا خبز مَلَّةٍ وأَطعمَنا خبزة مَلِيلاً، ولا يقال أَطعَمنا مَلَّة؛
قال الشاعر:
لا أَشْتُم الضَّيْفَ إِلاّ أَنْ أَقولَ له:
أَباتَكَ الله في أَبيات عَمَّارِ
أَباتَك الله في أَبيات مُعْتَنِزٍ
عن المَكارِم، لا عَفٍّ ولا قارِي
صَلْدِ النَّدى، زاهِدٍ في كل مَكْرُمة،
كأَنَّما ضَيْفُهُ في مَلَّة النارِ
وقال أَبو عبيد: المَلَّة الحُفْرة نفسها. وفي الحديث: قال له رجل إِنَّ
لي قَراباتٍ أَصِلُهم ويَقْطَعُونَني وأُعْطِيهم ويَكْفُرونني فقال له:
إِنما تُسِفُّهم المَلَّ؛ المَلُّ والمَلَّة: الرّماد الحارّ الذي
يُحْمى ليُدْفَن فيه الخبز ليَنْضَج، أَراد إِنما تجعل المَلَّة لهم سَفُوفاً
يَسْتَفُّونه، يعني أَن عَطاءَك إِياهم حرام عليهم ونارٌ في بطونهم.
ويقال: به مَلِيلة ومُلالٌ، وذلك حَرارة يجدها، وأَصله من المَلَّة، ومنه
قيل: فلان يتململ على فِراشه ويتَمَلَّلُ إِذا لم يستقرّ من الوجع كأَنه على
مَلَّة.
ويقال: رجل مَلِيل للذي أَحرقته الشمس؛ وقول المرار:
على صَرْماءَ فيها أَصْرَماها،
وخِرِّيتُ الفَلاة بِها مَلِيلُ
قوله: وخِرِّيتُ الفَلاةِ بها مَلِيلُ أَي أَضْحَت الشمس فلَفَحَتْه
فكأَنه مَمْلول في المَلَّة.
الجوهري: والمَلِيلة حَرارة يجدها الرجل وهي حُمَّى في العظم. وفي
المثَل: ذهبت البَلِيلة بالمَلِيلة. والبَلِيلة: الصِّحَّة من أَبَلَّ من
مَرَضه أَي صح. وفي الحديث: لا تَزال المَلِيلةُ والصُّداعُ بالعبد؛
المَلِيلة: حرارة الحُمَّى وتوهُّجُها، وقيل: هي الحُمَّى التي تكون في العظام.
والمَلِيلُ: المِحْضَأْ.
ومَلَّ القَوْسَ والسهمَ والرمح في النار: عالجها به
(* قوله «عالجها
به» هكذا في الأصل، ولعله عالجها بها) عن أَبي حنيفة: والمَلِيلةُ
والمُلالُ: الحرُّ الكامِن. ورجل مَمْلول ومَلِيل: به مَلِيلة. والمَلَّةُ
والمُلالُ: عَرَق الحُمَّى، وقال اللحياني: مُلِلْتُ مَلاًّ والاسم المَلِيلةُ
كَحُمِمْت حُمَّى والاسم الحُمَّى. والمُلال: وجع الظَّهْر؛ أَنشد ثعلب:
دَاوِ بها ظَهْرَك من مُلالِه،
من خُزُرات فيه وانْخِزالِه،
كما يُداوى العَرُّ من إِكالِه
والمُلال: التقلُّب من المرض أَو الغم؛ قال:
وهَمّ تأْخُذُ النُّجَواءُ منه،
يُعَدُّ بِصالِبٍ أَو بالمُلالِ
والفعل من ذلك مَلَّ. وتَمَلَّل الرجلُ وتَمَلْمَلَ: تَقلَّب، أَصله
تَمَلَّل فَفُكَّ بالتضعيف. ومَلَّلْته أَنا: قلَّبته. وتَمَلَّل اللحمُ على
النار: اضطرب. شَمِر: إِذا نَبا بالرجل مَضْجَعُه من غَمٍّ أَو وَصَب
قيل: قد تَمَلْمَلَ، وهو تقلُّبه على فِراشه، قال: وتَمَلْمُله وهو جالس
أَن يَتوكأَ مرة على هذا الشِّق، ومرة على ذاك، ومرة يَجْثُو على ركبتيه.
وأَتاه خَبَر فَمَلْمَله، والحِرْباءُ تَتَمَلْمَل من الحرِّ: تصعَد رأْس
الشجرة مرة وتَبْطُن فيها مرة وتظهر فيها أُخرى.
أَبو زيد: أَمَلَّ فلان على فلان إِذا شقَّ عليه وأَكثر في الطلَب.
يقال: أَمْلَلْت عليَّ؛ قال ابن مقبل:
أَلا يا دِيارَ الحَيِّ بالسَّبُعانِ،
أَمَلَّ عليها بالبِلى المَلَوانِ
وقال شمر في قوله أَمَلَّ عليها بالبِلى: أَلقى عليها، وقال غيره:
أَلَحَّ عليه حتى أَثَّر فيها. وبعير مُمَلٌّ: أَكثر رُكوبه حتى أَدْبَر
ظَهره؛ قال العجاج فأَظهر التضعيف لحاجته إِليه يصِف ناقة.
حَرْف كقَوْسِ الشَّوْحَطِ المُعَطَّلِ،
لا تَحْفِل السَّوْطَ ولا قولي حَلِ
تشكُو الوَجى من أَظْلَلٍ وأَظلَلِ،
من طُولِ إِمْلالٍ وظَهْرٍ مُمْلَلِ
أَراد تشكُو الناقة وجَى أَظَلَّيْها، وهما باطِنا مَنْسِمَيها، وتشكو
ظهرَها الذي أَمَلَّه الركوب أَي أَدْبَرَه وجَزَّ وبَره وهَزَله. وطريق
مَلِيل ومُمَلٌّ: قد سلك فيه حتى صار مُعْلَماً؛ وقال أَبو دُواد:
رَفَعْناها ذَمِيلاً في
مُمَلٍّ مُعْمَلٍ لَحْبِ
وطريق مُمَلّ أَي لَحْب مسلوك. وأَمَلَّ الشيءَ: قاله فكُتِب. وأَمْلاه:
كأَمَلَّه، على تحويل التضعيف. وفي التنزيل: فليُمْلِلْ وَلِيُّه
بالعدْل؛ وهذا من أَمَلَّ، وفي التنزيل أَيضاً: فهي تُمْلى عليه بُكْرةً
وأَصِيلاً؛ وهذا من أَمْلى. وحكى أَبو زيد: أَنا أُمْلِلُ عليه الكتاب، بإِظهار
التضعيف. وقال الفراء: أَمْلَلْت لغة أَهل الحجاز وبني أَسد، وأَمْلَيْت
لغة بني تميم وقيس. يقال: أَمَلَّ عليه شيئاً يكتبه وأَمْلى عليه، ونزل
القرآن العزيز باللغتين مَعاً. ويقال: أَمللت عليه الكتاب وأَمليته. وفي
حديث زيد: أَنه أَمَلَّ عليه لا يَستوي القاعدون من المؤمنين. يقال:
أَمْلَلْت الكتاب وأَمليته إِذا أَلقيته على الكاتب ليكتبه.
ومَلَّ الثوبَ مَلاًّ: درَزَه؛ عن كراع. التهذيب: مل ثوبَه يَمُلُّه
إِذا خاطه الخياطة الأُولى قبل الكَفِّ؛ يقال منه: مَلَلت الثوبَ
بالفتح.والمِلَّة: الشريعة والدين. وفي الحديث: لا يَتوارثُ أَهلُ مِلَّتين؛
المِلَّة: الدين كملَّةِ الإِسلام والنَّصرانية واليهودية، وقيل: هي مُعْظم
الدين، وجملة ما يجيء به الرسل. وتملَّل وامتلَّ: دخل في المِلَّة. وفي
التنزيل العزيز: حتى تَتَّبِع مِلَّتهم؛ قال أَبو إِسحق: المِلة في اللغة
سُنَّتُهم وطريقهم ومن هذا أُخذ المَلَّة أَي الموضع الذي يختبزُ فيه
لأَنه يؤثَّر في مكانها كما يؤثَّر في الطريق، قال: وكلام العرب إِذا اتفَق
لفظُه فأَكثره مُشتق بعضُه من بعض. قال أَبو منصور: ومما يؤيد قولَه
قولُهم مُمَلٌّ أَي مسلوك معلوم؛ وقال الليث في قول الراجز:
كأَنه في ملَّة مَمْلول
قال: المملول من المِلَّة، أَراد كأَنه مثال مُمَثَّل مما يعبد في مِلَل
المشركين. أَبو الهيثم: المِلَّة الدية، والمِلَل الديات؛ وأَنشد:
غَنائم الفِتْيان في يوم الوَهَل،
ومن عَطايا الرؤساء في المِلَل
(* قوله «غنائم الفتيان إلخ» في هامش النهاية ما نصه: قال وأنشدني أبو
المكارم:
غنائم الفتيان أيام الوهل * ومن عطايا الرؤساء والملل
يريد إبلاً بعضها غنيمة وبعضها صلة وبعضها من ديات).
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، أَنه قال: ليس على عَرَبيٍّ مِلْك ولَسْنا
بنازِعِين من يدِ رجل شيئاً أَسلَم عليه، ولكِنَّا نُقَوِّمُهم
(* قوله
«ولكنا نقوّمهم إلخ» هكذا في الأصل، وعبارة النهاية: ولكنا نقوّمهم الملة
على آبائهم خمساً من الابل: الملة الدية وجمعها ملل؛ قال الازهري الى آخر
ما هنا وقال الصاغاني بعد ان ذكر الحديث كما في النهاية: قال الازهري
أراد إنما نقومهم كما نقوّم الى آخر ما هنا وضبط لفظ ونذر الجراح بهذا
الضبط ففي عبارة الأصل سقط ظاهر) كما نُقَوِّم أَرشَ الدِّيات ونَذَرُ
الجِراحَ، وجعل لكلِّ رأْسٍ منهم خمساً من الإِبل يَضْمَنُها عَشائِرُهم أَو
يضمنونها للذين مَلَكوهم. قال ابن الأَثير: قال الأَزهري كان أَهل الجاهلية
يَطَؤون الإِماءَ ويَلِدْن لهم فكانوا يُنْسَبُون إِلى آبائهم وهم
عَرَب، فرأَى عمر، رضي الله عنه، أَن يردّهم على آبائهم فَيَعْتِقون ويأْخُذ
من آبائهم لِمَواليهم عن كلِّ وَلَدٍ خمساً من الإِبل، وقيل: أَراد مَن
سُبِيَ من العرب في الجاهليَّة وأَدركه الإِسلام وهو عبد مَن سَباه أَن
يردّه حرّاً إِلى نسبه، ويكون عليه قيمته لِمَن سَباه خمساً من الإِبل. وفي
حديث عثمان: أَنَّ أَمَةً أَتت طَيِّئاً فأَخبرتهم أَنها حُرَّة فتزوّجت
فولَدت فجعل في وَلَدِها المِلَّة أَي يَفْتَكُّهم أَبوهم من مَوالي
أُمِّهم، وكان عثمان يعطي مكانَ كلَّ رأْسٍ رأْسَيْن، وغيرُه يعطي مكان كل
رأْس رأْساً، وآخرون يُعْطُون قيمته بالغةً ما بلغت. ابن الأَعرابي: مَلَّ
يَمِلُّ، بالكسر كسرِ الميم، إِذا أَخذ المِلَّة؛ وأَنشد:
جاءت به مُرَمَّداً ما مُلاَّ،
ما فِيَّ آلُ خَمَّ حين أَلَّى
(* قوله «وأنشد جاءت به إلخ» هكذا في الأصل).
قوله: ما مُلاَّ ما جُحِد، وقوله: ما فيَّ آل، ما صلة، والآلُ: شخصه،
وخَمَّ: تغيرت ريحُه، وقوله: أَلَّى أَي أَبْطأَ، ومُلَّ أَي أُنضِج. وقال
الأَصمعي: مَرَّ فلان يَمْتَلّ امْتِلالاً إِذا مَرَّ مَرًّا سريعاً.
المحكم: مَلَّ يَمُلُّ مَلاًّ وامْتَلَّ وتَمَلَّل أَسرع. وقال مصعب:
امْتَلَّ واسْتَلَّ وانْمَلَّ وانسَلَّ بمعنى واحد. وحمار مُلامِلٌ: سريع، وهي
المَلْمَلة. ويقال: ناقة مَلْمَلى على فَعْلَلى إِذا كانت سريعة؛
وأَنشد:يا ناقَتا ما لَكِ تَدْأَلِينا،
أَلم تكوني مَلْمَلى دَفونا؟
(* قوله «دفونا» هكذا في الأصل؛ وفي التكملة: ذقونا، بالذال والقاف).
والمُلمُول: المِكْحال. الجوهري: المُلمول الذي يكتحَل به؛ وقال أَبو
حاتم: هو المُلُمول الذي يُكْحَل وتُسْبَرُ به الجراح، ولا يقال المِيل،
إِنما المِيلُ القِطعة من الأَرض. ومُلمول البعير والثعلب: قضيبه، وحكى
سيبويه مالُّ، وجمعه مُلاَّن، ولم يفسِّره.
وفي حديث أَبي عبيد: أَنه حَمَل يوم الجِسْر فضرب مَلْمَلة الفِيل يعني
خُرْطومَه.
ومَلَل: موضع في طريق مكة بين الحرَمين، وقيل: هو موضع في طريق
البادِية. وفي حديث عائشة: أَصبح النبي، صلى الله عليه وسلم، بمَلَل ثم راحَ
وتعشَّى بسَرفٍ؛ مَلَلٌ، بوزن جَبل: موضع بين مكة والمدينة على سبعة عشر
ميلاً بالمدينة
(* قوله «سبعة عشر ميلاً بالمدينة» الذي في ياقوت: ثمانية
وعشرين ميلاً من المدينة) ومُلال: موضع؛ قال الشاعر:
رَمى قلبَه البَرْقُ المُلالِيُّ رَمْيةً،
بذكرِ الحِمَى وَهْناً، فباتَ يَهِيمُ
كفأ: كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً: جازاه. تقول: ما لي بهِ
قِبَلٌ ولا كِفاءٌ أَي ما لي به طاقةٌ على أَن أُكافِئَه. وقول حَسَّانَ بن
ثابت:
وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ
أَي جبريلُ، عليه السلام، ليس له نَظِير ولا مَثيل.
وفي الحديث: فَنَظَر اليهم فقال: مَن يُكافِئُ هؤُلاء. وفي حديث
الأَحنف: لا أُقاوِمُ مَن لا كِفَاء له، يعني الشيطانَ. ويروى: لا
أُقاوِلُ.والكَفِيءُ: النَّظِيرُ، وكذلك الكُفْءُ والكُفُوءُ، على فُعْلٍ
وفُعُولٍ. والمصدر الكَفَاءةُ، بالفتح والمدّ.
وتقول: لا كِفَاء له، بالكسر، وهو في الأَصل مصدر، أَي لا نظير له.
والكُفْءُ: النظير والمُساوِي. ومنه الكفَاءةُ في النِّكاح، وهو أَن
يكون الزوج مُساوِياً للمرأَة في حَسَبِها ودِينِها ونَسَبِها وبَيْتِها وغير ذلك.
وتَكافَأَ الشَّيْئانِ: تَماثَلا.
وَكافَأَه مُكافَأَةً وكِفَاءً: ماثَلَه. ومن كلامهم: الحمدُ للّه كِفاءَ
الواجب أَي قَدْرَ ما يكون مُكافِئاً له. والاسم: الكَفاءة والكَفَاءُ. قال:
فَأَنْكَحَها، لا في كَفَاءٍ ولا غِنىً، * زِيادٌ، أَضَلَّ اللّهُ سَعْيَ زِيادِ
وهذا كِفَاءُ هذا وكِفْأَتُه وكَفِيئُه وكُفْؤُه وكُفُؤُه وكَفْؤُه، بالفتح عن كراع، أَي مثله، يكون هذا في كل شيء. قال أَبو زيد: سمعت امرأَة من عُقَيْل وزَوجَها يَقْرآن: لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كُفىً
أَحَدٌ، فأَلقى الهمزة وحَوَّل حركتها على الفاء. وقال الزجاج: في قوله تعالى: ولم يَكُنْ له كُفُؤاً أَحَدٌ؛ أَربعةُ أَوجه القراءة، منها ثلاثة: كُفُؤاً، بضم الكاف والفاء، وكُفْأً، بضم الكاف وإِسكان الفاء، وكِفْأً، بكسر الكاف وسكون الفاء، وقد قُرئ بها، وكِفاءً، بكسر الكاف والمدّ، ولم يُقْرَأْ بها. ومعناه: لم يكن أَحَدٌ مِثْلاً للّه، تعالى ذِكْرُه. ويقال: فلان كَفِيءُ فلان وكُفُؤُ فلان.
وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر والكسائي وعاصم كُفُؤاً، مثقلاً مهموزاً. وقرأَ حمزة كُفْأً، بسكون الفاء مهموزاً، وإِذا وقف قرأَ كُفَا، بغير همز. واختلف عن نافع فروي عنه: كُفُؤاً، مثل أَبي عَمْرو، وروي: كُفْأً، مثل حمزة.
والتَّكافُؤُ: الاسْتِواء.
وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم: الـمُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ
دِماؤُهم. قال أَبو عبيد: يريد تَتساوَى في الدِّياتِ والقِصاصِ، فليس لشَرِيف على وَضِيعٍ فَضْلٌ في ذلك.
وفلان كُفْءُ فلانةَ إِذا كان يَصْلُح لها بَعْلاً، والجمع من كل ذلك:
أَكْفَاء.
قال ابن سيده: ولا أَعرف للكَفْءِ جمعاً على أَفْعُلٍ ولا فُعُولٍ.
وحَرِيٌّ أَن يَسَعَه ذلك، أَعني أَن يكون أَكْفَاء جمعَ كَفْءٍ، المفتوحِ
الأَول أَيضاً.
وشاتان مُكافَأَتانِ: مُشْتَبِهتانِ، عن ابن الأَعرابي. وفي حديث
العَقِيقةِ عن الغلام: شاتانِ مُكافِئَتانِ أَي مُتَساوِيَتانِ في السِّنِّ أَي
لا يُعَقُّ عنه إِلاّ بمُسِنَّةٍ، وأَقلُّه أَن يكون جَذَعاً، كما يُجْزِئُ في الضَّحايا. وقيل: مُكافِئَتانِ أَي مُسْتوِيتانِ أَو مُتقارِبتانِ.
واختار الخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ، قال: واللفظة مُكافِئَتانِ، بكسر الفاء، يقال: كافَأَه يُكافِئهُ فهو مُكافِئهُ أَي مُساوِيه.
قال: والمحدِّثون يقولون مُكافَأَتَانِ، بالفتح. قال: وأَرى الفتح أَولى
لإِنه يريد شاتين قد سُوِّيَ بينهما أَي مُساوًى بينهما. قال: وأَما
بالكسر فمعناه أَنهما مُساوِيتَان، فيُحتاجُ أَن يذكر أَيَّ شيء ساوَيَا،
وإِنما لو قال مُتكافِئتان كان الكسر أَولى.
وقال الزمخشري: لا فَرْق بين المكافِئَتيْنِ والمُكافَأَتَيْنِ، لأَن كل
واحدة إِذا كافَأَتْ أُختَها فقد كُوفِئَتْ، فهي مُكافِئة ومُكافَأَة، أَو يكون معناه: مُعَادَلَتانِ، لِما يجب في الزكاة والأُضْحِيَّة من
الأَسنان. قال: ويحتمل مع الفتح أَن يراد مَذْبُوحَتان، من كافَأَ الرجلُ بين البعيرين إِذا نحر هذا ثم هذا مَعاً من غير تَفْريق؛ كأَنه يريد شاتين يَذْبحهما في وقت واحد. وقيل: تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلة الأُخرى، وكلُّ شيءٍ ساوَى شيئاً، حتى يكون مثله، فهو مُكافِئٌ له. والمكافَأَةُ بين الناس من هذا.
يقال: كافَأْتُ الرجلَ أَي فَعَلْتُ به مثلَ ما فَعَلَ بي. ومنه الكُفْءُ من الرِّجال للمرأَة، تقول: إِنه مثلها في حَسَبها.
وأَما قوله، صلى اللّه عليه وسلم: لا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَ أُختها
لتَكْتَفِئَ ما في صَحْفَتها فإِنما لها ما كُتِبَ لها. فإِن معنى قوله
لِتَكْتَفِئَ: تَفتَعِلُ، من كَفَأْتُ القِدْرَ وغيرها إِذا كَبَبْتها لتُفْرِغَ ما فيها؛ والصَّحْفةُ: القَصْعةُ. وهذا مثل لإِمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتها من زوجها إِلى نَفْسِها إِذا سأَلت طلاقَها ليَصِير حَقُّ الأُخرى كلُّه من زوجِها لها. ويقال: كافَأَ الرجلُ بين فارسين برُمْحِه إِذا والَى بينهما فَطَعنَ هذا ثم هذا. قال الكميت:
نَحْر الـمُكافِئِ، والـمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ
والـمَكْثُورُ: الذي غَلَبه الأََقْرانُ بكثرتهم. يهْتَبلُ: يَحْتالُ للخلاص. ويقال: بَنَى فلان ظُلَّةً يُكافِئُ بها عينَ الشمسِ ليَتَّقيَ حَرَّها.
قال أَبو ذرّ، رضي اللّه عنه، في حديثه: ولنا عَباءَتانِ نُكافِئُ بهما عَنَّا عَيْنَ الشمسِ أَي نُقابِلُ بهما الشمسَ ونُدافِعُ، من
الـمُكافَأَة: الـمُقاوَمة، وإِنِّي لأَخْشَى فَضْلَ الحِساب.
وكَفَأَ الشيءَ والإِنَاءَ يَكْفَؤُه كَفْأً وكَفَّأَهُ فَتَكَفَّأَ، وهو مَكْفُوءٌ، واكْتَفَأَه مثل كَفَأَه: قَلَبَه. قال بشر بن أَبي خازم:
وكأَنَّ ظُعْنَهُم، غَداةَ تَحَمَّلُوا، * سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَلِيجٍ مُغْرَبِ
وهذا البيت بعينه استشهد به الجوهري على تَكَفَّأَتِ المرأَةُ في
مِشْيَتِها: تَرَهْيَأَتْ ومادَتْ، كما تَتَكَفَّأُ النخلة العَيْدانَةُ.
الكسائي: كَفَأْتُ الإِناءَ إِذا كَبَبْتَه، وأَكْفَأَ الشيءَ: أَمَاله، لُغَيّة، وأَباها الأَصمعي.
ومُكْفِئُ الظُّعْنِ: آخِرُ أَيام العَجُوزِ.
والكَفَأُ: أَيْسَرُ المَيَلِ في السَّنام ونحوه؛ جملٌ أَكْفَأُ وناقة كَفْآءُ. ابن شميل: سَنامٌ أَكْفَأُ وهو الذي مالَ على أَحَدِ جَنْبَي البَعِير، وناقة كَفْآءُ وجَمَل أَكْفَأُ، وهو من أَهْوَنِ عُيوب البعير، لأَنه إِذا سَمِنَ اسْتَقامَ سَنامُه. وكَفَأْتُ الإِناءَ: كَبَبْته. وأَكْفَأَ الشيءَ: أَمالَه، ولهذا قيل: أَكْفَأْتُ القَوْسَ إِذا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْها نَصْباً حتى تَرْمِيَ عنها. غيره: وأَكْفَأَ القَوْسَ : أَمَالَ رأْسَها ولم يَنْصِبْها نَصْباً حين يَرْمِي عليها(1)
(1 قوله «حين يرمي عليها» هذه عبارة المحكم وعبارة الصحاح حين يرمي عنها.). قال ذو الرمة:
قَطَعْتُ بها أَرْضاً، تَرَى وَجْهَ رَكْبِها، * إِذا ما عَلَوْها، مُكْفَأً، غيرَ ساجِعِ
أَي مُمالاً غيرَ مُستَقِيمٍ. والساجِعُ: القاصِدُ الـمُسْتَوِي الـمُسْتَقِيمُ. والـمُكْفَأُ: الجائر، يعني جائراً غير قاصِدٍ؛ ومنه السَّجْعُ في القول.
وفي حديث الهِرّة: أَنه كان يُكْفِئُ لها الإِناءَ أَي يُمِيلُه لتَشْرَب منه بسُهولة.
وفي حديث الفَرَعَة: خيرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بوَبَرِه،
وتُكْفِئُ إِناءَك، وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَكُبُّ إِناءَكَ لأَنه لا يَبْقَى لك لَبن تحْلُبه فيه. وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَجْعَلُها والِهَةً بِذبْحِك ولَدَها.
وفي حديث الصراط: آخِرُ مَن يَمرُّ رجلٌ يَتَكَفَّأُ به الصراطُ، أَي
يَتَميَّل ويَتَقَلَّبُ.
وفي حديث دُعاء الطّعام: غيرَ مُكْفَإٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً
عنه رَبَّنا، أَي غير مردود ولا مقلوب، والضمير راجع إِلى الطعام. وفي رواية غيرَ مَكْفِيٍّ، من الكفاية، فيكون من المعتلِّ. يعني: أنَّ اللّه تعالى هو الـمُطْعِم والكافي، وهو غير مُطْعَم ولا مَكْفِيٍّ، فيكون الضمير راجعاً إِلى اللّه عز وجل. وقوله: ولا مُوَدَّعٍ أَي غيرَ متروك الطلب إِليه والرَّغْبةِ فيما عنده. وأَما قوله: رَبَّنا، فيكون على الأَول منصوباً على النداء المضاف بحذف حرف النداء، وعلى الثاني مرفوعاً على الابتداءِ المؤَخَّر أَي ربُّنا غيرُ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ، ويجوز أَن يكون الكلام راجعاً إِلى الحمد كأَنه قال: حمداً كثيراً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مُودَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه أَي عن الحمد.
وفي حديث الضحية: ثم انْكَفَأَ إِلى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فذبحهما،
أَي مالَ ورجع.
وفي الحديث: فأَضَعُ السيفَ في بطنِه ثم أَنْكَفِئُ عليه. وفي حديث
القيامة: وتكون الأَرضُ خُبْزةً واحدة يَكْفَؤُها الجَبَّار بيده كما يَكْفَأُ أَحدُكم خُبْزَته في السَّفَر. وفي رواية: يَتَكَفَّؤُها، يريد الــخُبْزة التي يَصْنَعُها الـمُسافِر ويَضَعُها في الـمَلَّة، فإِنها لا تُبْسَط كالرُّقاقة، وإِنما تُقَلَّب على الأَيدي حتى تَسْتَوِيَ.
وفي حديث صفة النبي، صلى اللّه عليه وسلم: أَنه كان إِذا مشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً. التَّكَفِّي: التَّمايُلُ إِلى قُدَّام
كما تَتَكَفَّأُ السَّفِينةُ في جَرْيها. قال ابن الأَثير: روي مهموزاً وغير مهموز. قال: والأَصل الهمز لأَن مصدر تَفَعَّلَ من الصحيح تَفَعُّلٌ كَتَقَدَّمَ تَقَدُّماً، وتَكَفَّأَ تَكَفُّؤاً، والهمزة حرف صحيح، فأَما إِذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تَحَفَّى تَحَفِّياً، وتَسَمَّى تَسَمِّياً، فإِذا خُفِّفت الهمزةُ التحقت بالمعتل وصار تَكَفِّياً بالكسر. وكلُّ شيءٍ أَمَلْته فقد كَفَأْتَه، وهذا كما جاءَ أَيضاً أَنه كان إِذا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَبٍ. وكذلك قوله: إِذا مَشَى تَقَلَّع، وبعضُه مُوافِقٌ بعضاً ومفسره. وقال ثعلب في تفسير قوله: كأَنما يَنْحَطُّ في صَبَبٍ: أَراد أَنه قَوِيُّ البَدَن، فإِذا مَشَى فكأَنما يَمْشِي على صُدُور قَدَمَيْه من القوَّة، وأَنشد:
الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهِمْ، * يَمْشُونَ في الدَّفَئِيِّ والأَبْرادِ
والتَّكَفِّي في الأَصل مهموز فتُرِك همزه، ولذلك جُعِل المصدر
تَكَفِّياً. وأَكْفَأَ في سَيره: جارَ عن القَصْدِ. وأَكْفَأَ في الشعر: خالَف
بين ضُروبِ إِعْرابِ قَوافِيه، وقيل: هي الـمُخالَفةُ بين هِجاءِ
قَوافِيهِ، إِذا تَقارَبَتْ مَخارِجُ الحُروفِ أَو تَباعَدَتْ. وقال بعضهم:
الإِكْفَاءُ في الشعر هو الـمُعاقَبَةُ بين الراء واللام، والنون والميم. قال الأَخفش: زعم الخليل أَنَّ الإِكْفَاءَ هو الإِقْواءُ، وسمعته من غيره من أَهل العلم.
قال: وسَأَلتُ العَربَ الفُصَحاءَ عن الإِكْفَاءِ، فإِذا هم يجعلونه الفَسادَ في آخِر البيت والاخْتِلافَ من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً، إِلاَّ أَني رأَيت بعضهم يجعله اختلاف الحُروف، فأَنشدته:
كأَنَّ فا قارُورةٍ لم تُعْفَصِ،
منها، حِجاجا مُقْلةٍ لم تُلْخَصِ،
كأَنَّ صِيرانَ الـمَها الـمُنَقِّزِ
فقال: هذا هو الإِكْفَاءُ. قال: وأَنشد آخَرُ قوافِيَ على حروف مختلفة، فعابَه، ولا أَعلمه إِلاَّ قال له: قد أَكْفَأْتَ. وحكى الجوهريّ عن الفرَّاءِ: أَكْفَأَ الشاعر إِذا خالَف بين حَركات الرَّوِيّ، وهو مثل الإِقْواءِ. قال ابن جني: إِذا كان الإِكْفَاءُ في الشِّعْر مَحْمُولاً على الإِكْفاءِ في غيره، وكان وَضْعُ الإِكْفَاءِ إِنما هو للخلافِ ووقُوعِ الشيءِ على غير وجهه، لم يُنْكَر أَن يسموا به الإِقْواءَ في اخْتلاف حُروف الرَّوِيِّ جميعاً، لأَنَّ كلَّ واحد منهما واقِعٌ على غير اسْتِواءٍ. قال الأَخفش: إِلا أَنِّي رأَيتهم، إِذا قَرُبت مَخارِجُ الحُروف، أَو كانت من مَخْرَج واحد، ثم اشْتَدَّ تَشابُهُها، لم تَفْطُنْ لها عامَّتُهم، يعني عامَّةَ العرب. وقد عاب الشيخ أَبو محمد بن بري على الجوهريّ قوله: الإِكْفَاءُ في الشعر أَن يُخالَف بين قَوافِيه، فيُجْعَلَ بعضُها ميماً وبعضها
طاءً، فقال: صواب هذا أَن يقول وبعضها نوناً لأَن الإِكْفَاءَ إِنما يكون في الحروف الـمُتقارِبة في المخرج، وأَما الطاء فليست من مخرج الميم. والـمُكْفَأُ في كلام العرب هو الـمَقْلُوب، وإِلى هذا يذهبون. قال الشاعر:
ولَمَّا أَصابَتْنِي، مِنَ الدَّهْرِ، نَزْلةٌ، * شُغِلْتُ، وأَلْهَى الناسَ عَنِّي شُؤُونُها
إِذا الفارِغَ الـمَكْفِيَّ مِنهم دَعَوْتُه، * أَبَرَّ، وكانَتْ دَعْوةً يَسْتَدِيمُها
فَجَمَعَ الميم مع النون لشبهها بها لأَنهما يخرجان من الخَياشِيم. قال وأَخبرني من أَثق به من أَهل العلم أَن ابنة أَبِي مُسافِعٍ قالت تَرْثِي أَباها، وقُتِلَ،
وهو يَحْمِي جِيفةَ أَبي جَهْل بن هِشام:
وما لَيْثُ غَرِيفٍ، ذُو * أَظافِيرَ، وإِقْدامْ
كَحِبِّي، إِذْ تَلاَقَوْا، و * وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرانْ
وأَنتَ الطَّاعِنُ النَّجلا * ءَ، مِنْها مُزْبِدٌ آنْ
وبالكَفِّ حُسامٌ صا * رِمٌ، أَبْيَضُ، خَدّامْ
وقَدْ تَرْحَلُ بالرَّكْبِ، * فما تُخْنِي بِصُحْبانْ
قال: جمعوا بين الميم والنون لقُرْبهما، وهو كثير. قال: وقد سمعت من العرب مثلَ هذا ما لا أُحْصِي.
قال الأَخفش: وبالجملة فإِنَّ الإِكْفاءَ الـمُخالَفةُ. وقال في قوله:
مُكْفَأً غير ساجِعِ: الـمُكْفَأُ ههنا: الذي ليس بِمُوافِقٍ. وفي حديث
النابغة أَنه كان يُكْفِئُ في شِعْرِه: هو أَن يُخالَفَ بين حركات الرَّويّ رَفْعاً ونَصباً وجرّاً. قال: وهو كالإِقْواء، وقيل: هو أَن يُخالَف بين قَوافِيه، فلا يلزم حرفاً واحداً.
وكَفَأَ القومُ: انْصَرَفُوا عن الشيءِ. وكَفَأَهُم عنه كَفْأً: صَرَفَهم. وقيل: كَفَأْتُهُم كَفْأً إِذا أَرادوا وجهاً فَصَرَفْتَهم عنه إِلى غيره، فانْكَفَؤُوا أَي رَجَعُوا.
ويقال: كان الناسُ مُجْتَمِعِينَ فانْكَفَؤُوا وانْكَفَتُوا، إِذا
انهزموا. وانْكَفَأَ القومُ: انْهَزَمُوا.
(يتبع...)
(تابع... 1): كفأ: كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً: جازاه. تقول: ما لي بهِ... ...
وكَفَأَ الإِبلَ: طَرَدَها. واكْتَفَأَها: أَغارَ عليها، فذهب بها.
وفي حديث السُّلَيْكِ بن السُّلَكةِ: أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم، فاكْتَفَأَها.
والكَفْأَةُ والكُفْأَةُ في النَّخل: حَمْل سَنَتِها، وهو في الأَرض زِراعةُ سنةٍ. قال:
غُلْبٌ، مَجالِيحُ، عنْدَ الـمَحْلِ كُفْأَتُها، * أَشْطانُها، في عِذابِ البَحْرِ، تَسْتَبِقُ (1)
(1 قوله «عذاب» هو في غير نسخة من المحكم بالذال المعجمة مضبوطاً كما ترى وهو في التهذيب بالدال المهملة مع فتح العين.)
أَراد به النخيلَ، وأَرادَ بأَشْطانِها عُرُوقَها؛ والبحرُ ههنا: الماءُ
الكَثِير، لأَن النخيل لا تشرب في البحر.
أَبو زيد يقال: اسْتَكْفَأْتُ فلاناً نخلةً إِذا سأَلته ثمرها سنةً، فجعل
للنخل كَفْأَةً، وهو ثَمَرُ سَنَتِها، شُبِّهت بكَفْأَةِ الإِبل.
واسْتَكْفَأْتُ فلاناً إِبِلَه أَي سأَلتُه نِتاجَ إِبِلِه سَنةً، فَأَكْفَأَنِيها أَي أَعْطاني لَبَنها ووبرَها وأَولادَها منه. والاسم: الكَفْأَة والكُفْأَة، تضم وتفتح. تقول: أَعْطِني كَفْأَةَ ناقَتِك وكُفْأَةَ ناقَتِك.
غيره: كَفْأَةُ الإِبل وكُفْأَتُها: نِتاجُ عامٍ.
ونَتَجَ الإِبلَ كُفْأَتَيْنِ. وأَكْفأَها إِذا جَعَلَها كَفْأَتين، وهو أَن يَجْعَلَها نصفين يَنْتِجُ كل عام نصفاً، ويَدَعُ نصفاً، كما يَصْنَعُ بالأَرض بالزراعة، فإِذا كان العام الـمُقْبِل أَرْسَلَ الفحْلَ في النصف الذي لم يُرْسِله فيه من العامِ الفارِطِ، لأَنَّ أَجْوَدَ الأَوقاتِ، عند العرب في نِتاجِ الإِبل، أَن تُتْرَكَ الناقةُ بعد نِتاجِها سنة لا يُحْمَل عليها الفَحْل ثم تُضْرَبُ إِذا أَرادت الفحل. وفي الصحاح: لأَنّ أَفضل النِّتاج أن تُحْمَلَ على الإِبل الفُحولةُ عاماً،
وتُتْرَكَ عاماً، كما يُصْنَع بالأَرض في الزّراعة، وأَنشد قول ذي الرمة:
تَرَى كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ، ولَم يَجِدْ * لَها ثِيلَ سَقْبٍ، في النِّتاجَيْنِ، لامِسُ
وفي الصحاح: كِلا كَفْأَتَيْها، يعني: أَنها نُتِجَتْ كلها إِناثاً، وهو
محمود عندهم. وقال كعب بن زهير:
إِذا ما نَتَجْنا أَرْبَعاً، عامَ كُفْأَةٍ، * بَغاها خَناسِيراً، فأَهْلَكَ أَرْبَعا
الخَناسِيرُ: الهَلاكُ. وقيل: الكَفْأَةُ والكُفْأَةُ: نِتاجُ الإِبل بعد حِيالِ سَنةٍ. وقيل: بعدَ حِيالِ سنةٍ وأَكثرَ. يقال من ذلك: نَتَجَ فلان إِبله كَفْأَةً وكُفْأَةً، وأَكْفَأْتُ في الشاءِ: مِثلُه في الإِبل.
وأَكْفَأَتِ الإِبل: كَثُر نِتاجُها. وأَكْفَأَ إِبلَه وغَنَمَهُ فلاناً: جَعل له أَوبارَها وأصْوافَها وأَشْعارَها وأَلْبانَها وأَوْلادَها.
وقال بعضهم: مَنَحَه كَفْأَةَ غَنَمِه وكُفْأَتَها: وَهَب له أَلبانَها
وأَولادها وأصوافَها سنةً ورَدَّ عليه الأُمَّهاتِ. ووَهَبْتُ له كَفْأَةَ
ناقتِي وكُفْأَتها، تضم وتفتح، إِذا وهبت له ولدَهَا ولبنَها ووبرها سنة.
واسْتَكْفَأَه، فأَكْفَأَه: سَأَلَه أَن يجعل له ذلك. أَبو زيد: اسْتَكْفَأَ زيدٌ عَمراً ناقَتَه إِذا سأَله أَن يَهَبَها له وولدها ووبرها سنةً. وروي عن الحرث بن أَبي الحَرِث الأَزْدِيِّ من أَهل نَصِيبِينَ: أَن أَباه اشْتَرَى مَعْدِناً بمائةِ شاة مُتْبِع، فأَتَى أُمَّه، فاسْتَأْمَرها، فقالت: إِنك اشتريته بثلثمائة شاة: أُمُّها مائةٌ، وأَولادُها مائة شاة، وكُفْأَتُها مائة شاة، فَنَدِمَ، فاسْتَقالَ صاحِبَه، فأَبَى أنْ يُقِيلَه، فَقَبَضَ الـمَعْدِنَ، فأَذابَه وأَخرج منه ثَمَنَ ألف شاةٍ، فأَثَى به صاحِبُه إِلى عليّ، كَرُّم اللّه وجهه، فقال: إِنَّ أَبا الحرث أَصابَ رِكازاً؛ فسأَله عليّ، كرّم اللّه وجهه، فأَخبره أَنه اشتراه بمائة شاة مُتْبِع. فقال عليّ: ما أَرَى الخُمُسَ إِلاّ على البائِعِ، فأَخذَ الخُمُس من الغنم؛ أَراد بالـمُتْبِع: التي يَتْبَعُها أَولادُها. وقوله أَثَى به أَي وَشَى به وسَعَى به، يَأْثُوا أَثْواً.
والكُفْأَةُ أَصلها في الإِبل: وهو أَن تُجْعَلَ الإِبل قَطْعَتَيْن يُراوَحُ بينهما في النِّتاجِ، وأَنشد شمر:
قَطَعْتُ إِبْلي كُفْأَتَيْنِ ثِنْتَيْن، * قَسَمْتُها بقِطْعَتَيْنِ نِصْفَيْن
أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهِما في عامَيْن، * أَنْتِجُ عاماً ذِي، وهذِي يُعْفَيْن
وأَنْتِجُ الـمُعْفَى مِنَ القَطِيعَيْن، * مِنْ عامِنا الجَائي، وتِيكَ يَبْقَيْن
قال أَبو منصور: لمْ يزد شمر على هذا التفسير. والمعنى: أَنَّ أُمَّ
الرجل جعلَت كُفْأَةَ مائةِ شاةٍ في كل نِتاجٍ مائةً. ولو كانت إِبلاً كان كُفْأَةُ مائةٍ من الإِبلِ خَمْسين، لأَن الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فيها
وقت ضِرابِها أَجْمَعَ، وتَحْمِلُ أَجْمَع، وليستْ مِثلَ الإِبلِ يُحْمَلُ
عليها سَنةً، وسنةً لا يُحْمَلُ عليها. وأَرادتْ أُمُّ الرجل تَكْثِيرَ
ما اشْتَرى به ابنُها، وإعلامَه أَنه غُبِنَ فيما ابْتاعَ، فَفَطَّنَتْه أَنه كأَنه اشْتَرَى الـمَعْدِنَ بِثلثمائة شاةٍ، فَنَدِمَ الابنُ واسْتَقالَ بائعَه، فأَبَى، وبارَكَ اللّهُ له في الـمَعْدِن، فَحَسَده البائع على كثرة الرِّبح، وسَعَى به إِلى عَليٍّ، رضي اللّه عنه، ليأْخذ منه الخمس، فَأَلْزَمَ الخُمُسَ البائِعَ، وأَضرَّ السَّاعِي بِنَفْسِه في
سِعايَته بصاحِبِه إليه.
والكِفاءُ، بالكسر والمَدّ: سُتْرةٌ في البيت مِنْ أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه من مُؤَخَّرِه. وقيل: الكِفاءُ الشُّقَّة التي تكون في مُؤَخَّرِ الخِبَاءِ. وقيل: هو شُقَّةٌ أَو شُقَّتان يُنْصَحُ إحداهما بالأُخرى ثم يُحْمَلُ به مُؤَخَّر الخبَاءِ. وقيل: هو كِساءٌ يُلْقَى على الخِبَاءِ كالإِزارِ حتى يَبْلُغَ الأَرضَ. وقد أَكْفَأَ البيتَ إِكْفاءً، وهو مُكْفَأٌ، إِذا عَمِلْتَ له كِفَاءً. وكِفَاءُ البيتِ: مؤَخَّرُه. وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ: رأَى شاةً في كِفَاءِ البيت، هو من ذلك، والجمعُ أَكْفِئةٌ، كَحِمارٍ وأَحْمِرةٍ.
ورجُلٌ مُكْفَأُ الوجهِ: مُتَغَيِّرُه ساهِمُه. ورأَيت فلاناً مُكْفَأَ الوَجْهِ إِذا رأَيتَه كاسِفَ اللَّوْنِ ساهِماً. ويقال: رأَيته مُتَكَفِّئَ اللَّوْنِ ومُنْكَفِتَ اللّوْنِ(1)
(1 قوله «متكفّئ اللون ومنكفت اللون» الأول من التفعل والثاني من الأنفعال كما يفيده ضبط غير نسخة من التهذيب.)
أَي مُتَغَيِّرَ اللّوْنِ.
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه انْكَفَأَ لونُه عامَ الرَّمادة أَي تَغَيّر لونُه عن حاله. ويقال: أَصْبَحَ فلان كَفِيءَ اللّونِ مُتَغَيِّرَه، كأَنه كُفِئَ، فهو مَكْفُوءٌ وكَفِيءٌ. قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة:
وأَسْمَرَ، من قِداحِ النَّبْعِ، فَرْعٍ، * كَفِيءِ اللّوْنِ من مَسٍّ وضَرْسِ
أَي مُتَغَيِّرِ اللونِ من كثرة ما مُسِحَ وعُضَّ. وفي حديث
الأَنصاريِّ: ما لي أَرى لَوْنَك مُنْكَفِئاً؟ قال: من الجُوعِ. وقوله في الحديث:
كان لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا من مُكافِئٍ. قال القتيبي: معناه إِذا أَنْعَمَ على رجل نِعْمةً فكافَأَه بالثَّنَاءِ عليه قَبِلَ ثَنَاءَه، وإِذا أَثْنَى قَبْلَ أَن يُنْعِمَ عليه لم يَقْبَلْها. قال ابن الأَثير، وقال ابن الأَنباري: هذا غلط، إِذ كان أَحد لا يَنْفَكُّ من إِنْعام النبيِّ، صلى اللّه عليه وسلم، لأَنَّ اللّه، عز وجل، بَعَثَه رَحْمةً للناس كافَّةً، فلا يَخرج منها مُكافِئٌ ولا غير مُكافِئٍ، والثَّنَاءُ عليه فَرْضٌ لا يَتِمُّ الإِسلام إِلا به. وإنما المعنى: أَنه لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عليه إِلا من رجل يعرف حقيقة إِسلامه، ولا يدخل عنده في جُمْلة الـمُنافِقين الذين يَقولون بأَلسنتهم ما ليس في قلوبهم.
قال: وقال الأَزهريّ: وفيه قول ثالث: إِلاّ من مُكافِئٍ أَي مُقارِبٍ
غير مُجاوِزٍ حَدَّ مثلِه، ولا مُقصِّر عما رَفَعَه اللّه إليه.
طلم: الطُّلْمة، بالضم: الــخُبْزةُ وهي التي تُسَمِّيها الناس المَلَّةَ،
وإِنما المَلَّةُ اسمُ الحُفْرةِ نفْسِها، فأَما التي يُمَلُّ فيها فهي
الطُّلْمةُ والــخُبْزَةُ والمَليلُ. وفي الحديث عن النبي، صلى الله عليه
وسلم: أَنه رأى رَجُلاً يُعالِجُ طُلْمةً لأَصحابه في سَفَرٍ وقد عَرِقَ
من حَرِّ النارِ فتأَذَّى فقال: لا تَمَسُّه النارُ أَبداً، وفي رواية: لا
تَطْعَمُه النارُ بعدَها. والتَّطْليمُ: ضَرْبُكَ الــخُبْزَةَ، وقال ابن
الأَثير: الطُّلْمَةُ هي الــخُبْزةُ تُجْعَل في المَلَّة، وهي الرَّمادُ
الحارُّ. وأَصلُ الطَّلْمِ: الضرْبُ ببَسْطِ الكَفِّ، وقيل: الطُّلْمةُ
صفيحةٌ من حجارة كالطابَقِ يُخْبَزُ عليها، وقد طَلَمها يَطْلِمها
وطَلَّمها. وطَلَّمَ العَرَقَ عن جَبينه: مسحَه؛ قال حسانُ بن ثابت:
تَظَلُّ جِيادُنا مُتَمَطِّراتٍ،
يُطَلِّمُهنَّ بالخُمُرِ النساءُ
قال ابن الأَثير: والمشهور في الرواية تُلَطِّمُهنَّ، وهو بمعناه،
ومَثَلُ العربِ: إِن دونَ الطُّلْمةِ خَرْطَ قَتادِ هَوْبَر؛ قال: وهَوْبَر
مكانٌ؛ وأَنشد شمر:
تَكَلَّفْ ما بَدا لَكَ غيرَ طُلْمٍ،
فَفيما دونَه خَرْطُ القَتادِ
والطُّلْمُ: جمعُ الطُّلْمةِ. والطُّلاَّمُ: التَّنَوُّمُ وهو حَبُّ
الشاهْدانِج. والطَّلَمُ: وسَخُ الأَسنانِ من تَرْكِ السِّواك، والله
أَعلم.
حبر: الحِبْرُ: الذي يكتب به وموضعه المِحْبَرَةُ، بالكسر
(* قوله: «وموضعه المحبرة بالكسر» عبارة المصباح: وفيها ثلاث لغات أجودها فتح الميم والباء، والثانية ضم الباء، والثالثة كسر الميم لأنها آلة مع فتح الباء).
في الجَمالِ والبَهاء. وسأَل عبدالله بن سلام كعباً عن الحِبْرِ فقال: هو الرجل الصالح، وجمعه أَحْبَارٌ وحُبُورٌ؛ قال كعب بن مالك:
لَقَدْ جُزِيَتْ بِغَدْرَتِها الحُبُورُ،
كذاكَ الدَّهْرُ ذو صَرْفٍ يَدُورُ
وكل ما حَسُنَ من خَطٍّ أَو كلام أَو شعر أَو غير ذلك، فقد حُبِرَ حَبْراً وحُبِّرَ. وكان يقال لطُفَيْلٍ الغَنَوِيِّ في الجاهلية: مُحَبِّرٌ، لتحسينه الشِّعْرَ، وهو مأْخوذ من التَّحْبِيرِ وحُسْنِ الخَطِّ والمَنْطِقِ. وتحبير الخط والشِّعرِ وغيرهما: تحسينه. الليث: حَبَّرْتُ الشِّعْر والكلامَ حَسَّنْتُه، وفي حديث أَبي موسى: لو علمت أَنك تسمع لقراءتي لحَبَّرْتُها لك تَحْبِيراً؛ يريد تحسين الصوت. وحَبَّرتُ الشيء تَحْبِيراً
إِذا حَسَّنْتَه. قال أَبو عبيد: وأَما الأَحْبارُ والرُّهْبان فإِن
الفقهاء قد اختلفوا فيهم، فبعضهم يقول حَبْرٌ وبعضهم يقول حِبْرٌ، وقال
الفراء: إِنما هو حِبْرٌ، بالكسر، وهو أَفصح، لأَنه يجمع على أَفْعالٍ دون
فَعْلٍ، ويقال ذلك للعالم، وإِنما قيل كعب الحِبْرِ لمكان هذا الحِبْرِ الذي
يكتب به، وذلك أَنه كان صاحب كتب. قال: وقال الأَصمعي لا أَدري أَهو
الحِبْرُ أَو الحَبْر للرجل العالم؛ قال أَبو عبيد: والذي عندي أَنه الحَبر،
بالفتح، ومعناه العالم بتحبير الكلام والعلم وتحسينه. قال: وهكذا يرويه
المحدّثون كلهم، بالفتح. وكان أَبو الهيثم يقول: واحد الأَحْبَارِ حَبْرٌ
لا غير، وينكر الحِبْرَ. وقال ابن الأَعرابي: حِبْرٌ وحَبْرٌ للعالم،
ومثله بِزرٌ وبَزْرٌ وسِجْفٌ وسَجْفٌ. الجوهري: الحِبْرُ والحَبْرُ واحد
أَحبار اليهود، وبالكسر أَفصح؛ ورجل حِبْرٌ نِبْرٌ؛ وقال الشماخ:
كما خَطَّ عِبْرانِيَّةً بيمينه
بِتَيْماءَ حَبْرٌ، ثم عَرِّضَ أَسْطُرَا
رواه الرواة بالفتح لا غير؛ قال أَبو عبيد: هو الحبر، بالفتح، ومعناه
العالم بتحبير الكلام. وفي الحديث: سميت سُورةَ المائدة وسُورَةَ الأَحبار
لقوله تعالى فيها: يحكم بها النبيون الذي أَسلموا للذين هادوا والربانيون
والأَحْبَارُ؛ وهم العلماء، جمع حِبْرٍ وحَبْر، بالكسر والفتح، وكان
يقال لابن عباس الحَبْرُ والبَحْرُ لعلمه؛ وفي شعر جرير:
إِنَّ البَعِيثَ وعَبْدَ آلِ مُقَاعِسٍ
لا يَقْرآنِ بِسُورَةِ الأَحْبَارِ
أَي لا يَفِيانِ بالعهود، يعني قوله تعالى: يا أَيها الذين آمنوا
أَوْفُوا بالعُقُودِ. والتَّحْبِيرُ: حُسْنُ الخط؛ وأَنشد الفرّاء فيما روى
سلمة عنه:
كَتَحْبِيرِ الكتابِ بِخَطِّ، يَوْماً،
يَهُودِيٍّ يقارِبُ أَوْ يَزِيلُ
ابن سيده: وكعب الحِبْرِ كأَنه من تحبير العلم وتحسينه. وسَهْمٌ
مُحَبَّر: حَسَنُ البَرْي. والحَبْرُ والسَّبْرُ والحِبْرُ والسِّبْرُ، كل ذلك:
الحُسْنُ والبهاء. وفي الحديث: يخرج رجل من أَهل البهاء قد ذهب حِبْرُه
وسِبْرُه؛ أَي لونه وهيئته، وقيل: هيئته وسَحْنَاؤُه، من قولهم جاءت
الإِبل حَسَنَةَ الأَحْبَارِ والأَسْبَارِ، وقيل: هو الجمال والبهاء وأَثَرُ
النِّعْمَةِ. ويقال: فلان حَسَنُ الحِبْر والسَّبْرِ والسِّبْرِ إِذا كان
جيملاً حسن الهيئة؛ قال ابن أَحمر وذكر زماناً:
لَبِسْنا حِبْرَه، حتى اقْتُضِينَا
لأَعْمَالٍ وآجالٍ قُضِينَا
أَي لبسنا جماله وهيئته. ويقال: فلان حسن الحَبْر والسَّبْرِ، بالفتح
أَيضاً؛ قال أَبو عبيد: وهو عندي بالحَبْرِ أَشْبَهُ لأَنه مصدر حَبَرْتُه
حَبْراً إِذا حسنته، والأَوّل اسم. وقال ابن الأَعرابي: رجل حَسَنُ
الحِبْر والسِّبْر أَي حسن البشرة. أَبو عمرو: الحِبْرُ من الناس الداهية
وكذلك السِّبْرُ.
والحَبْرُ والحَبَرُ والحَبْرَة والحُبُور، كله: السُّرور؛ قال العجاج:
الحمدُ للهِ الذي أَعْطى الحَبَرْ
ويروى الشَّبَرْ مِن قولهم حَبَرَني هذا الأَمْرُ حَبْراً أَي سرني، وقد
حرك الباء فيهما وأَصله التسكين؛ ومنه الحَابُورُ: وهو مجلس الفُسَّاق.
وأَحْبَرَني الأَمرُ: سَرَّني. والحَبْرُ والحَبْرَةُ: النِّعْمَةُ، وقد
حُبِرَ حَبْراً. ورجل يَحْبُورٌ يَفْعُولٌ من الحُبُورِ. أَبو عمرو:
اليَحْبُورُ الناعم من الرجال، وجمعه اليَحابِيرُ مأْخوذ من الحَبْرَةِ وهي
النعمة؛ وحَبَرَه يَحْبُره، بالضم، حَبْراً وحَبْرَةً، فهو مَحْبُور. وفي
التنزيل العزيز: فهم في رَوْضَةٍ يُحْبَرُون؛ أَي يُسَرُّونَ، وقال
الليث: يُحْبَرُونَ يُنَعَّمُونَ ويكرمون؛ قال الزجاج: قيل إِن الحَبْرَةَ
ههنا السماع في الجنة. وقال: الحَبْرَةُ في اللغة كل نَغْمَةٍ حَسَنَةٍ
مُحَسَّنَةٍ. وقال الأَزهري: الحَبْرَةُ في اللغة النَّعمَةُ التامة. وفي
الحديث في ذكر أَهل الجنة: فرأَى ما فيها من الحَبْرَة والسرور؛ الحَبْرَةُ،
بالفتح: النِّعْمَةُ وسعَةُ العَيْشِ، وكذلك الحُبُورُ؛ ومنه حديث
عبدالله: آل عِمْرَانَ غِنًى والنِّساءُ مَحْبَرَةَ أَي مَظِنَّةٌ للحُبُورِ
والسرور. وقال الزجاج في قوله تعالى: أَنتم وأَزواجكم تُحْبَرُون؛ معناه
تكرمون إِكراماً يبالغ فيه. والحَبْرَة: المبالغة فيما وُصِفَ بجميل، هذا
نص قوله. وشَيْءٌ حِبرٌ: ناعمٌ؛ قال المَرَّارُ العَدَوِيُّ:
قَدْ لَبِسْتُ الدَّهْرَ من أَفْنَانِهِ،
كُلَّ فَنٍّ ناعِمٍ منه حَبِرْ
وثوب حَبِيرٌ: جديد ناعم؛ قال الشماخ يصف قوساً كريمة على أَهلها:
إِذا سَقَطَ الأَنْدَاءُ صِينَت وأُشْعِرَتْ
حَبِيراً، وَلَمْ تُدْرَجْ عليها المَعَاوِزُ
والجمع كالواحد. والحَبِيرُ: السحاب، وقيل: الحَبِيرُ من السحاب الذي
ترى فيه كالتَّثْمِيرِ من كثرة مائه. قال الرِّياشي: وأَما الحَبِيرُ بمعنى
السحاب فلا أَعرفه؛ قال فإِن كان أَخذه من قول الهذلي:
تَغَذَّمْنَ في جَانِبَيْهِ الخَبِيـ
رَلَمَّا وَهَى مُزْنُه واسْتُبيحَا
فهو بالخاء، وسيأْتي ذكره في مكانه.
والحِبَرَةُ، والحَبَرَةُ: ضَرْبٌ من برود اليمن مُنَمَّر، والجمع
حِبَرٌ وحِبَرات. الليث: بُرُودٌ حِبَرةٌ ضرب من البرود اليمانية. يقال:
بُرْدٌ حَبِيرٌ وبُرْدُ حِبَرَة، مثل عِنَبَةٍ، على الوصف والإِضافة؛ وبُرُود
حِبَرَةٌ. قال: وليس حِبَرَةٌ موضعاً أَو شيئاً معلوماً إِنما هو وَشْيٌ
كقولك قَوْب قِرْمِزٌ، والقِرْمِزُ صِبْغُهُ. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، لما خَطَبَ خديجة، رضي الله عنها، وأَجابته استأْذنت
أَباها في أَن تتزوجه، وهو ثَمِلٌ، فأَذن لها في ذلك وقال: هو الفحْلُ لا
يُقْرَعُ أَنفُهُ، فنحرت بعيراً وخَلَّقَتْ أَباها بالعَبيرِ وكَسَتْهُ
بُرْداً أَحْمَرَ، فلما صحا من سكره قال: ما هذا الحَبِيرُ وهذا العَبِيرُ
وهذا العَقِيرُ؟ أَراد بالحبير البرد الذي كسته، وبالعبير الخَلُوقَ الذي
خَلَّقَتْهُ، وبالعقير البعيرَ المَنْحُورَ وكان عُقِرَ ساقُه. والحبير
من البرود: ما كان مَوْشِيّاً مُخَطَّطاً. وفي حديث أَبي ذر: الحمد لله
الذي أَطعمنا الحَمِير وأَلبسنا الحبير. وفي حديث أَبي هريرة: حين لا
أَلْبَسُ الحَبيرَ. وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: مَثَلُ الحواميم في
القرآن كَمَثَلِ الحِبَرَاتِ في الثياب.
والحِبْرُ: بالكسر: الوَشْيُ؛ عن ابن الأَعرابي. والحِبْرُ والحَبَرُ:
الأَثَرُ من الضِّرْبَة إِذا لم يدم، والجمع أَحْبَارٌ وحُبُورٌ، وهو
الحَبَارُ والحِبار. الجوهري: والحَبارُ الأَثَرُ؛ قال الراجز:
لا تَمْلإِ الدَّلْوَ وَعَرِّقْ فيها،
أَلا تَرى حِبَارَ مَنْ يَسْقِيها؟
وقال حميد الأَرقط:
لم يُقَلِّبْ أَرْضَها البَيْطَارُ،
ولا لِحَبْلَيْهِ بها حَبَارُ
والجمعُ حَبَاراتٌ ولا يُكَسِّرُ.
وأَحْبَرَتِ الضَّرْبَةُ جلده وبجلده: أَثرت فيه. وحُبِرَ جِلْدُه
حَبْراً إِذا بقيت للجرح آثار بعد البُرْء. والحِبَارُ والحِبْرُ: أَثر الشيء.
الأَزهري: رجل مُحَبَّرٌ إِذا أَكلت البراغيث جِلْدَه فصار له آثار في
جلده؛ ويقال: به حُبُورٌ أَي آثار. وقد أَحْبَرَ به أَي ترك به أَثراً؛
وأَنشد لمُصَبِّحِ بن منظور الأَسَدِي، وكان قد حلق شعر رأْس امرأَته،
فرفعته إِلى الوالي فجلده واعتقله، وكان له حمار وجُبَّة فدفعهما للوالي
فَسَرَّحَهُ:
لَقَدْ أَشْمَتَتْ بي أَهْلَ فَيْدٍ، وغادَرَتْ
بِجِسْمِيَ حِبْراً، بِنْتُ مَصَّانَ، بادِيَا
وما فَعَلتْ بي ذاك، حَتَّى تَرَكْتُها
تُقَلِّبُ رَأْساً، مِثْلَ جُمْعِيَ، عَارِيَا
وأَفْلَتَني منها حِماري وَجُبَّتي،
جَزَى اللهُ خَيْراً جُبَّتي وحِمارِيَا
وثوبٌ حَبِيرٌ أَي جديد.
والحِبْرُ والحَبْرُ والحَبْرَةُ والحُبْرَةُ والحِبِرُ والحِبِرَةُ، كل
ذلك: صُفْرة تَشُوبُ بياضَ الأَسْنَان؛ قال الشاعر:
تَجْلُو بأَخْضَرَ مِنْ نَعْمَانَ ذا أُشُرٍ،
كَعارِضِ البَرْق لم يَسْتَشْرِبِ الحِبِرَا
قال شمر: أَوّله الحَبْرُ وهي صفرة، فإِذا اخْضَرَّ، فهو القَلَحُ،
فإِذا أَلَحَّ على اللِّثَةِ حتى تظهر الأَسْناخ، فهو الحَفَرُ والحَفْرُ.
الجوهري: الحِبِرَة، بكسر الحاء والباء، القَلَح في الأَسنان، والجمع بطرح
الهاء في القياس، وأَما اسم البلد فهو حِبِرٌّ، بتشديد الراء. وقد
حَبِرتْ أَسنانه تَحْبَرُ حَبَراً مثال تَعِبَ تَعَباً أَي قَلِحَتْ، وقيل:
الحبْرُ الوسخ على الأَسنان. وحُبِرَ الجُرْحُ حَبْراً أَي نُكسَ وغَفَرَ،
وقيل: أَي برئ وبقيت له آثار.
والحَبِيرُ: اللُّغام إِذا صار على رأْس البعير، والخاء أَعلى؛ هذا قول
ابن سيده. الجوهري: الحَبِيرُ لُغامُ البعير. وقال الأَزهري عن الليث:
الحَبِيرُ من زَبَدِ اللُّغامِ إِذا صار على رأْس البعير، ثم قال الأَزهري:
صحف الليث هذا الحرف، قال: وصوابه الخبير، بالخاء، لِزَبَدِ أَفواه
الإِبل، وقال: هكذا قال أَبو عبيد. وروى الأَزهري بسنده عن الرِّياشِي قال:
الخبير الزَّبَدُ، بالخاء.
وأَرض مِحْبَارٌ: سريعة النبات حَسَنَتُهُ كثيرة الكلإِ؛ قال:
لَنَا جِبَالٌ وحِمًى مِحْبَارُ،
وطُرُقٌ يُبْنَى بِهَا المَنارُ
ابن شميل: الأَرض السريعةُ النباتِ السهلةُ الدَّفِئَةُ التي ببطون
الأَرض وسَرَارتِها وأَراضَتِها، فتلك المَحابِيرُ. وقد حَبِرَت الأَرض، بكسر
الباء، وأَحْبَرَتْ؛ والحَبَارُ: هيئة الرجل؛ عن اللحياني، حكاه عن أَبي
صَفْوانَ؛ وبه فسر قوله:
أَلا تَرى حَبَارَ مَنْ يَسْقيها
قال ابن سيده: وقيل حَبَارُ هنا اسم ناقة، قال: ولا يعجبني.
والحُبْرَةُ: السِّلْعَةُ تخرج في الشجر أَي العُقْدَةُ تقطع ويُخْرَطُ
منها الآنية.
والحُبَارَى: ذكر الخَرَبِ؛ وقال ابن سيده: الحُبَارَى طائر، والجمع
حُبَارَيات
(* عبارة المصباح: الحبارى طائر معروف، وهو على شكل الأوزة،
برأسه وبطنه غبرة ولون ظهره وجناحيه كلون السماني غالباً، والجمع حبابير
وحباريات على لفظه أَيضاً). وأَنشد بعض البغداديين في صفة صَقْرٍ:
حَتْف الحُبَارَياتِ والكَراوين
قال سيبويه: ولم يكسر على حَِبَارِيَّ ولا حَبَائِرَ ليَفْرُقُوا بينها
وبين فَعْلاء وفَعَالَةٍ وأَخواتها. الجوهري: الحُبَارَى طائر يقع على
الذكر والأُنثى، واحدها وجمعها سواء. وفي المثل: كُلُّ شيء يُحِبُّ ولَدَهُ
حتى الحُبَارَى، لأَنها يضرب بها المَثلُ في المُوقِ فهي على مُوقها تحب
ولدها وتعلمه الطيران، وأَلفه ليست للتأْنيث
(* قوله: «وألفه ليست
للتأنيث» قال الدميري في حياة الحيوان بعد أَن ساق عبارة الجوهري هذه، قلت:
وهذا سهو منه بل ألفها للتأنيث كسماني، ولو لم تكن له لانصرفت اهـ. ومثله
في القاموس. قال شارحه: ودعواه أنها صارت من الكلمة من غرائب التعبير،
والجواب عنه عسير). ولا للإِلحاق، وإِنما بني الاسم عليها فصارت كأَنها من
نفس الكلمة لا تنصرف في معرفة ولا نكرة أَي لا تنوّن. والحبْرِيرُ
والحُبْرور والحَبَرْبَرُ والحُبُرْبُورُ واليَحْبُورُ: وَلَدُ الحُبَارَى؛ وقول
أَبي بردة:
بازٌ جَرِيءٌ على الخَزَّانِ مُقْتَدِرٌ،
ومن حَبَابِيرِ ذي مَاوَانَ يَرْتَزِقُهْ
قال ابن سيده: قيل في تفسيره: هو جمع الحُبَارَى، والقياس يردّه، إِلا
أَن يكون اسماً للجمع. الأَزهري: وللعرب فيها أَمثال جمة، منها قولهم:
أَذْرَقُ من حُبَارَى، وأَسْلَحُ من حُبَارَى، لأَنها ترمي الصقر بسَلْحها
إِذا أَراغها ليصيدها فتلوث ريشه بِلَثَقِ سَلْحِها، ويقال: إِن ذلك يشتد
على الصقر لمنعه إِياه من الطيران؛ ومن أَمثالهم في الحبارى: أَمْوَقُ من
الحُبَارَى؛ ذلك انها تأْخذ فرخها قبل نبات جناحه فتطير معارضة له
ليتعلم منها الطيران، ومنه المثل السائر في العرب: كل شيء يحب ولده حتى
الحبارى ويَذِفُّ عَنَدَهُ. وورد ذلك في حديث عثمان، رضي الله عنه، ومعنى قولهم
يذف عَنَدَهُ أَي تطير عَنَدَهُ أَي تعارضه بالطيران، ولا طيران له لضعف
خوافيه وقوائمه. وقال ابن الأَثير: خص الحبارى بالذكر في قوله حتى
الحبارى لأَنها يضرب بها المثل في الحُمْق، فهي على حمقها تحب ولدها فتطعمه
وتعلمه الطيران كغيرها من الحيوان. وقال الأَصمعي: فلان يعاند فلاناً أَي
يفعل فعله ويباريه؛ ومن أَمثالهم في الحبارى: فلانٌ ميت كَمَدَ الحُبارَى،
وذلك أَنها تَحْسِرُ مع الطير أَيام التَّحْسير، وذلك أَن تلقي الريش ثم
يبطئ نبات ريشها، فإِذا طار سائر الطير عجزت عن الطيران فتموت كمداً؛
ومنه قول أَبي الأَسود الدُّؤَلي:
يَزِيدٌ مَيّتٌ كَمَدَ الحُبَارَى،
إِذا طُعِنَتْ أُمَيَّةُ أَوْ يُلِمُّ
أَي يموت أَو يقرب من الموت. قال الأَزهري: والحبارى لا يشرب الماء
ويبيض في الرمال النائية؛ قال: وكنا إِذا ظعنا نسير في جبال الدهناء فربما
التقطنا في يوم واحد من بيضها ما بين الأَربع إِلى الثماني، وهي تبيض أَربع
بيضات، ويضرب لونها إِلى الزرقة، وطعمها أَلذ من طعم بيض الدجاج وبيض
النعام، قال: والنعام أَيضاً لا ترد الماء ولا تشربه إِذا وجدته. وفي حديث
أَنس: إِن الحبارى لتموت هُزالاً بذنب بني آدم؛ يعني أَن الله تعالى يحبس
عنها القطر بشؤم ذنوبهم، وإِنما خصها بالذكر لأَنها أَبعد الطير
نُجْعَةً، فربما تذبح بالبصرة فتوجد في حوصلتها الحبة الخضراء، وبين البصرة وبين
منابتها مسيرة أَيام كثيرة. واليَحبُورُ: طائر.
ويُحابِرُ: أَبو مُرَاد ثم سميت القبيلة يحابر؛ قال:
وقد أَمَّنَتْني، بَعْدَ ذاك، يُحابِرٌ
بما كنتُ أُغْشي المُنْدِيات يُحابِرا
وحِبِرٌّ، بتشديد الراء: اسم بلد، وكذلك حِبْرٌ. وحِبْرِيرٌ: جبل معروف.
وما أَصبت منه حَبَرْبَراً أَي شيئاً، لا يستعمل إِلا في النفي؛ التمثيل
لسيبويه والتفسير للسيرافي. وما أَغنى فلانٌ عني حَبَرْبَراً أَي شيئاً؛
وقال ابن أَحمر الباهلي:
أَمانِيُّ لا يُغْنِينَ عَنِّي حَبَرْبَرا
وما على رأْسه حَبَرْبَرَةٌ أَي ما على رأْسه شعرة. وحكى سيبويه: ما
أَصاب منه حَبَرْبَراً ولا تَبَرْبَراً ولا حَوَرْوَراً أَي ما أَصاب منه
شيئاً. ويقال: ما في الذي تحدّثنا به حَبَرْبَرٌ أَي شيء. أَبو سعيد: يقال
ما له حَبَرْبَرٌ ولا حَوَرْوَرٌ. وقال الأَصمعي: ما أَصبت منه
حَبَرْبَراً ولا حَبَنْبَراً أَي ما أَصبت منه شيئاً. وقال أَبو عمرو: ما فيه
حَبَرْبَرٌ ولا حَبَنْبَرٌ، وهو أَن يخبرك بشيء فتقول: ما فيه
حَبَنْبَرٌ.ويقال للآنية التي يجعل فيها الحِبْرُ من خَزَفٍ كان أَو من قَوارِير:
مَحْبَرَةٌ ومَحْبُرَةٌ كما يقال مَزْرَعَة ومَزْرُعَة ومَقْبَرَة
ومَقْبُرَة ومَــخْبَزَة ومَــخْبُزَةٌ. الجوهري: موضع الحِبْرِ الذي يكتب به
المِحْبَرَة، بالكسر.
وحِبِرٌّ: موضع معروف في البادية. وأَنشد شمر عجز بيت: فَقَفا حِبِرّ.
الأَزهري: في الخماسي الحَبَرْبَرَةُ القَمِيئَةُ المُنافِرَةُ، وقال:
هذه ثلاثية الأَصل أُلحقت بالخماسي لتكرير بعض حروفها.
والمُحَبَّرُ: فرس ضرار بن الأَزوَرِ الأَسَدِيِّ. أَبو عمرو:
الحَبَرْبَرُ والحَبْحَبِيُّ الجمل الصغير.
خبر: الخَبِيرُ: من أَسماء الله عز وجل العالم بما كان وما يكون.
وخَبُرْتُ بالأَمر
(* قوله: «وخبرت بالأمر» ككرم. وقوله: وخبرت الأمر من باب
قتل كما في القاموس والمصباح). أَي علمته. وخَبَرْتُ الأَمرَ أَخْبُرُهُ
إِذا عرفته على حقيقته. وقوله تعالى: فاسْأَلْ بهِ خَبِيراً؛ أَي اسأَل عنه
خبيراً يَخْبُرُ.
والخَبَرُ، بالتحريك: واحد الأَخبْار. والخَبَرُ: ما أَتاك من نَبإِ عمن
تَسْتَخْبِرُ. ابن سيده: الخَبَرُ النَّبَأُ، والجمع أَخْبَارٌ،
وأَخابِير جمع الجمع. فأَما قوله تعالى: يومئذٍ تُحَدِّثُ أَخَبْارَها؛ فمعناه
يوم تزلزل تُخْبِرُ بما عُمِلَ عليها. وخَبَّرَه بكذا وأَخْبَرَه:
نَبَّأَهُ. واسْتَخْبَرَه: سأَله عن الخَبَرِ وطلب أَن يُخْبِرَهُ؛ ويقال:
تَخَبَّرْتُ الخَبَرَ واسْتَخْبَرْتُه؛ ومثله تَضَعَّفْتُ الرجل
واسْتَضْعَفْتّه، وتَخَبَّرْتُ الجواب واسْتَخْبَرْتُه. والاسْتِخْبارُ والتَّخَبُّرُ:
السؤال عن الخَبَر. وفي حديث الحديبية: أَنه بعث عَيْناً من خُزَاعَةَ
يَتَخَبَّر له خَبَرَ قريش أَي يَتَعَرَّفُ؛ يقال: تَخَبْرَ الخَبَرَ
واسْتَخْبَر إِذا سأَل عن الأَخبْارِ ليعرفها.
والخابِرُ: المُخْتَبِرُ المُجَرِّبُ ورجل خابر وخَبِير: عالم
بالخَبَرِ. والخَبِيرُ: المُخْبِرُ؛ وقال أَبو حنيفة في وصف شجر: أَخْبَرَني بذلك
الخَبِرُ، فجاء به على مثال فَعِلٍ؛ قال ابن سيده: وهذا لا يكاد يعرف
إِلاَّ أَن يكون على النسب. وأَخْبَرَهُ خُبُورَهُ: أَنْبأَهُ ما عنده.
وحكي اللحياني عن الكسائي: ما يُدْرَى له أَيْنَ خَبَرٌ وما يُدُرَى له
ما خَبَرٌ أَي ما يدرى، وأَين صلة وما صلة. والمَخْبَرُ: خلاف
المَنْظَرِ، وكذلك المَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ، بضم الباء، وهو نقيض المَرْآةِ
والخِبْرُ والخُبْرُ والخِبْرَةُ والخُبْرَةُ والمَخْبَرَةُ والمَخْبُرَةُ،
كله: العِلْمُ بالشيء؛ تقول: لي به خِبْرٌ، وقد خَبَرَهُ يَخْبُره خُبْراً
وخُبْرَةً وخِبْراً واخْتَبَره وتَخَبَّرهُ؛ يقال: من أَين خَبَرْتَ هذا
الأَمر أَي من أَين علمت؟ وقولهم: لأَخْبُرَنَّ خُبْرَكَ أَي
لأَعْلَمَنَّ عِلْمَك؛ يقال: صَدَّقَ الخَبَرَ الخُبْرُ. وأَما قول أَبي الدرداء:
وجدتُ الناسَ اخْبُرْ نَقْلَه؛ فيريد أَنك إِذا خَبَرْتَهُم قليتهم،
فأَخرج الكلام على لفظ الأَمر، ومعناه الخَبَرُ. والخُبْرُ: مَخْبُرَةُ
الإِنسان. والخِبْرَةُ: الاختبارُ؛ وخَبَرْتُ الرجل أَخْبُرُه خُبْرِاً
وخُبْرَةً. والخِبْيرُ: العالم؛ قال المنذري سمعت ثعلباً يقول في قوله:
كَفَى قَوْماً بِصاحِبِهمْ خَبِيرا
فقال: هذا مقلوب إِنما ينبغي أَن يقول كفى قوماً بصاحبهم خُبْراً؛ وقال
الكسائي: يقول كفى قوم. والخَبِيرُ: الذي يَخْبُرُ الشيء بعلمه؛ وقوله
أَنشده ثعلب:
وشِفَاءُ عِيِّكِ خابِراً أَنْ تَسْأَلي
فسره فقال: معناه ما تجدين في نفسك من العيّ أَن تستخبري. ورجل
مَخْبَرانِيٌّ: ذو مَخْبَرٍ، كما قالوا مَنْظَرانِيّ أَي ذو مَنْظَرٍ. والخَبْرُ
والخِبْرُ: المَزادَةُ العظيمة، والجمع خُبُورٌ، وهي الخَبْرَاءُ أَيضاً؛
عن كراع؛ ويقال: الخِبْرُ، إِلاَّ أَنه بالفتح أَجود؛ وقال أَبو الهيثم:
الخَبْرُ، بالفتح، المزادة، وأَنكر فيه الكسر؛ ومنه قيل: ناقة خَبْرٌ
إِذا كانت غزيرة. والخَبْرُ والخِبْرُ: الناقة الغزيرة اللبن. شبهت
بالمزادة في غُزْرِها، والجمع كالجمع؛ وقد خَبَرَتْ خُبُوراً؛ عن اللحياني.
والخَبْراءُ: المجرَّبة بالغُزْرِ. والخَبِرَةُ: القاع يُنْبِتُ السِّدْرَ،
وجمعه خَبِرٌ، وهي الخَبْراءُ أَيضاً، والجمع خَبْراوَاتٌ وخَبَارٌ؛ قال
سيبويه: وخَبَارٌ كَسَّرُوها تكسير الأَسماء وَسَلَّموها على ذلك وإِن
كانت في الأَصل صفة لأَنها قد جرت مجرى الأَسماء. والخَبْراءُ: مَنْقَعُ
الماء، وخص بعضهم به منقع الماء في أُصول السِّدْرِ، وقيل: الخَبْراءُ القاع
ينبت السدر، والجمع الخَبَارَى والحَبارِي مثل الصحارَى والصحارِي
والخبراوات؛ يقال: خَبِرَ الموضعُ، بالكسر، فهو خَبِرٌ؛ وأَرض خَبِرَةٌ.
والخَبْرُ: شجر السدر والأَراك وما حولهما من العُشْبِ؛ واحدته
خَبْرَةٌ. وخَبْراءُ الخَبِرَةِ: شجرها؛ وقيل: الخَبْرُ مَنْبِتُ السِّدْرِ في
القِيعانِ. والخَبْرَاءُ: قاع مستدير يجتمع فيه الماء، وجمعه خَبَارَى
وخَبَاري. وفي ترجمة نقع: النَّقائهعُ خَبَارَى في بلاد تميم. الليث:
الخَبْراءُ شَجْراءُ في بطن روضة يبقى فيها الماء إِلى القيظ وفيها ينْبت
الخَبْرُ، وهو شجر السدر والأَراك وحواليها عُشْبٌ كثير، وتسمى الخَبِرَةَ،
والجمع الخَبِرُ. وخَبْرُ الخَبِرَةِ: شجرُها قال الشاعر:
فَجادَتْكَ أَنْواءُ الرَّبيعِ، وهَلِّلَتْ
عليكَ رِياضٌ من سَلامٍ ومن خَبْرِ
والخَبْرُ من مواقع الماء: ما خَبِرَ المَسِيلُ في الرؤوس فَتَخُوضُ
فيه. وفي الحديث: فَدَفعنا في خَبَارٍ من الأَرض؛ أَي سهلة لينة. والخَبارُ
من الأَرض: ما لانَ واسْتَرخَى وكانت فيهع جِحَرَةٌ. والخَبارُ:
الجَراثيم وجِحَرَةُ الجُرْذانِ، واحدته خَبارَةٌ. وفي المثل: من تَجَنَّبَ
الخَبَارَ أَمِنَ العِثارَ. والخَبارُ: أَرض رِخْوَةٌ تتعتع فيه الدوابُّ؛
وأَنشد:
تَتَعْتَع في الخَبارِ إِذا عَلاهُ،
ويَعْثُر في الطَّرِيقِ المُسْتَقِيمِ
ابن الأَعرابي: والخَبارُ ما اسْتَرْخَى من الأَرض وتَحَفَّرَ؛ وقال
غيره: وهو ما تَهَوَّرَ وساخَتْ فيه القوائم. وخَبِرَتِ الأَرضُ خَبَراً:
كثر خَبارُها. والخَبْرُ: أَن تزرع على النصف أَو الثلث من هذا، وهي
المُخابَرَةُ، واشتقت من خَيْبَرَ لأَنها أَول ما أُقْطِعَتْ كذلك.
والمُخابَرَةُ: المزارعة ببعض ما يخرج من الأَرض، وهو الخِبْرُ أَيضاً،
بالكسر. وفي الحديث: كنا نُخابر ولا نرى بذلك بأْساً حتى أَخْبَرَ رافعٌ
أَن رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، نهى عنها. وفي الحديث: أَنه نهى عن
المُخابرة؛ قيل: هي المزارعة على نصيب معين كالثلث والربع وغيرهما؛ وقيل:
هو من الخَبارِ، الأَرض اللينة، وقيل: أَصل المُخابرة من خَيْبر، لأَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَقرها في أَيدي أَهلها على النصف من محصولها؛
فقيل: خابَرَهُمْ أَي عاملهم في خيبر؛ وقال اللحياني: هي المزارعة فعمّ
بها. والمُخَابَرَةُ أَيضاً: المؤاكرة. والخَبِيرُ: الأَكَّارُ؛ قال:
تَجُزُّ رؤُوس الأَوْسِ من كلِّ جانِبٍ،
كَجَزِّ عَقاقِيلِ الكُرومِ خَبِيرُها
رفع خبيرها على تكرير الفعل، أَراد جَزَّه خَبِيرُها أَي أَكَّارُها.
والخَبْرُ الزَّرْعُ.
والخَبِيرُ: النبات. وفي حديث طَهْفَةَ: نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ أَي
نقطع النبات والعشب ونأْكله؛ شُبّهَ بِخَبِيرَ الإِبل، وهو وبَرُها لأَنه
ينبت كما ينبت الوبر. واستخلابه: احْتِشاشُه بالمِخْلَبِ، وهو المِنْجَلُ.
والخَبِيرُ: يقع على الوبر والزرع والأَكَّار. والخَبِيرُ: الوَبَرُ؛ قال
أَبو النجم يصف حمير وحش:
حتى إذا ما طار من خَبِيرِها
والخَبِيرُ: نُسَالة الشعر، والخَبِيرَةُ: الطائفة منه؛ قال المتنخل
الهذلي:
فآبوا بالرماحِ، وهُنَّ عُوجٌ،
بِهِنَّ خَبائِرُ الشَّعَرِ السِّقَاطُ
والمَخْبُورُ: الطَّيِّب الأَدام. والخَبِيرُ: الزَّبَدُ؛ وقيل: زَبَدُ
أَفواه الإِبل؛ وأَنشد الهذلي:
تَغَذّمْنَ، في جانِبيهِ، الخَبِيـ
ـرَ لَمَّا وَهَى مُزنُهُ واسْتُبِيحَا
تغذمن من يعني الفحول أَي الزَّبَدَ وعَمَيْنَهُ.
والخُبْرُ والخُبْرَةُ: اللحم يشتريه الرجل لأَهله؛ يقال للرجل: ما
اختَبَرْتَ لأَهلك؟ والخُبْرَةُ: الشاة يشتريها القوم بأَثمان مختلفة ثم
يقتسمونها فَيُسْهِمُونَ كل واحد منهم على قدر ما نَقَدَ. وتَخَبَّرُوا
خُبْرَةً: اشْتَرَوْا شَاةً فذبحوها واقتسموها. وشاة خَبِيرَةٌ: مُقْتَسَمَةٌ؛
قال ابن سيده: أُراه على طرح الزائد. والخُبْرَةُ، بالضم: النصيب تأْخذه
من لحم أَو سمك؛ وأَنشد:
باتَ الرَّبِيعِيُّ والخامِيز خُبْرَتُه،
وطاحَ طَيُّ بني عَمْرِو بْنِ يَرْبُوعِ
وفي حديث أَبي هريرة: حين لا آكلُ الخَبِيرَ؛ قال ابن الأَثير: هكذا جاء
في رواية أَي المَأْدُومَ. والخَبير والخُبْرَةُ: الأَدام؛ وقيل: هو
الطعام من اللحم وغيره؛ ويقال: اخْبُرْ طعامك أَي دَسِّمْهُ؛ وأَتانا
بِــخُبْزَةٍ ولم يأْتنا بــخُبْزَةٍ. وجمل مُخْتَبِرٌ: كثير اللحم. والخُبْرَةُ:
الطعام وما قُدِّم من شيء. وحكي اللحياني أَنه سمع العرب تقول: اجتمعوا
على خُبْرَتِه، يعنون ذلك. والخُبْرَةُ: الثريدة الضخمة. وخَبَرَ الطعامَ
يَخْبُرُه خَبْراً: دَسَّمَهُ. والخابُور: نبت أَو شجر؛ قال:
أَيا شَجَرَ الخابُورِ ما لَكَ مُورِقاً؟
كأَنَّكَ لم تَجْزَعُ على ابنِ طَرِيفِ
والخابُور: نهر أَو واد بالجزيرة؛ وقيل: موضع بناحية الشام. وخَيْبَرُ:
موضع بالحجاز قرية معروفة. ويقال: عليه الدَّبَرَى
(* قوله: «عليه الدبرى
إلخ» كذا بالأَصل وشرح القاموس. وسيأتي في خ س ر يقول: بفيه البرى).
وحُمَّى خَيْبَرى.
نبخ: رجل نابِخَة: جَبَّار؛ قال ساعدة الهذلي:
تُخْشَى عليه من الأَمْلاكِ نَابِخَةٌ
من النَّوابِخِ، مثلُ الحادِرِ الرَّزِم
ويروى نَابِجَةٌ
(* قوله «نابجة إلخ» كذا في الأصل، وهو المناسب لقوله
من النبجة إلخ. وفي الصحاح ويروى بائجة من البوائج اهـ وهو الأولى، فانه
قال في القاموس: والنابجة الداهية. قال شارحه والصواب انه البائجة، وقد
تقدم في الموحدة فاني لم أجده في الامهات.) من النَّوابِجِ من النَّبَجة،
وهي الرابية؛ قال ابن بري: صواب إِنشاده بالياء لأَن فيه ضميراً يعود على
ابن جُعْشُم في بيت قبله وهو:
يَهْدي ابنُ جُعْشُمٍ الأَنْباءَ نحوَهُم،
لا مُنْتَأَى عن حِياضِ الموتِ والحُمَم
ابن جُعْشُم هذا: هو سراقة بن مالك بن جعشم من بني مدلج. والحمم جمع
حُمَّة، وهي القَدَر.
والحادِر: الغَلِيظ وأَراد به الأَسد. والرزم: الذي قد رزم بمكانه. ورجل
أَنْبَخُ إِذا كان جافياً.
ونَبَخَ العجينُ ينبُخُ نُبُوخاً: انتَفَخَ واخْتَمَرَ؛ وعجين
أَنْبَخانٌ وأَنْبَخانيٌّ: منتفخ مختمر؛ وقيل: هو الفاسد الحامض. وأَنْبَخَ: عَجَن
عجيناً أَنْبَخانيًّا، وهو المسترخي؛ وخُبْز أَنْبَخَانيَّة كأَنها
كُوَرُ الزنابير؛ وقيل: خُبْزَة أَنْبَخَانِيَّة؛ وقيل: الاينْبَخَانُ العجين
النَّبَّاخُ يعني الفاسدَ الحامض. أَبو مالك: ثَرِيدٌ أَنْبَخَانِيٌّ
إِذا كان له بخار وسخونة؛ وقال غيره: ثريد أَنبخانيّ إِذا سُوِّيَ من الكعك
والزيت فانتفخ حين صب عليه الماء واسترخى؛ وفي حديث عبد الملك بن عمير:
خبزة أَنبخانية أَي لينة هشة. يقال: نَبَخَ العجينُ ينبُخُ إِذا اختمر.
وعجين أَنبخان: لين مختمر، وقيل: حامض، والهمزة زائدة. والنَّبْخُ: ما
نفَطَ من اليد عن العمل فخرج عليه شبه قرح ممتلئ ماء، فإِذا تَفَقَّأَ أَو
يبس مجَلَت اليَدُ فصلبت على العمل، وكذلك من الجُدَريّ، وقيل: هو
الجُدَريّ، وقيل: هو جُدَريُّ الغنم، وقيل: النَّبْخُ الجدريّ وكل ما يتنفط
ويمتلئ ماء؛ قال كعب بن زهير:
تحَطَّمَ عنها قَيْضُها عن خَراطِمٍ،
وعن حَدَقٍ كالنَّبْخِ لم تَتَفَتَّقِ
يصف حدقة الرأْلِ أَو حدقة فرخ القطا، الواحدة من كل ذلك نبْخة؛ قال ابن
بري: البيت لزهير بن أَبي سُلمى يصف فراخ النعام وقد تحطَّم عنها بيضها
وظهرت خراطمها وظهرت أَعينها كالنَّبْخِ وهي غير مفتحة؛ وقيل: النَّبْخُ،
بسكون الباء: الجدري؛ والنَّبَخُ، بفتح الباء: ما نَفِطَ من اليد عن
العمل؛ والنَّبَخُ: آثار النار في الجسد.
والنَّبْخَة والنَّبَخَة: بَرْدِيّ يجعل بين كل لوحين من أَلواح
السفينة؛ الفتح عن كراع.
ابن الأَعرابي: أَنْبَخَ الرجلُ إِذا أَكلَ النَّبْخَ، وهو أَصل
البَرْدِيّ يؤْكل في القحط؛ ويقال للكبريتة التي تثقب بها النار: النَّبَخَة
والنَّبْخَة والنُّبْخَة كالنكتة. وتراب أَنْبَخ: أَكدر اللون كثير.
والنَّبْخَاء: الأَكمة أَو الأَرض المرتفعة؛ ومنه قول ابنة الخُسّ حين
قيل لها: ما أَحسنُ شيءٍ؟ فقالت: غَادِيَةٌ في إِثْرِ سَارِيَةٍ في
نَبْخاءَ قَاوِيَة؛ وإِنما اختارت النبخاء لأَن المعروف أَن النبات في الموضع
المشرف أَحسن. وقد قيل: في نفخاء رابية أَي ليس فيها رمل ولا حِجارة،
وسيأْتي ذكره. وروى اللحياني: في مَيْثَاءَ رابية؛ والمَيْثاء: الأَرض السهلة
اللَّيِّنة.
وأَنْبَخَ: زَرَعَ في أَرض نَبْخاءَ، وهي الرخوة؛ والنَّبْخاءُ من
الأَرض: المكان الرخو، وليس من الرمل وهو من جلد الأَرض ذي الحجارة.
وأر: وَأَرَ الرجلَ يَئِرُه وأْراً: فَزَّعَهُ وذَعَرَه؛ قال لبيد يصف
ناقته:
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها
شُعْبَةُ السَّاقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَل
ومن رواه لم يُؤْرَ بها جعله من قولهم: الدابةُ تَأْري الدابة إِذا
انضمت إِليها وأَلفت معها مَعْلَفاً واحداً. وآرَيْتُها أَنا، وهو من
الآرِيِّ. ووَأَرَ الرجلَ: أَلقاه على شَرٍّ. واسْتَوْأَرَتِ الإِبلُ: تتابعت
على نِفارٍ، وقيل: هو نِفارُها في السهل، وكذلك الغنم والوحش. قال أَبو
زيد: إِذا نفرت الإِبل فَصَعَّدَتِ الجَبَلَ فإِذا كان نِفارُها في
السَّهْلِ قيل: اسْتَأْوَرَت؛ قال: هذا كلام بني عقيل؛ قال الشاعر:
ضَمَمْنا عليهم حُجْرَتَيْهِمْ بِصادِقٍ
من الطَّعْنِ، حتى استأْوَرُوا وتَبَدَّدُوا
ابن الأَعرابي: الوَائرُ الفَزِعُ. والإِرَةُ: مَوْقِدُ النار، وقيل: هي
النار نفسها، والجمع إِراتٌ وإِرُون على ما يَطَّرِدُ في هذا النحو ولا
يُكَسَّرُ. ووَأَرَها ووَأَرَ لها وَأْراً وإِرةً: عمل لها إِرَةً. قال
أَبو حنيفة: الوُؤْرةُ في وزن الوُعْرَةِ حُفْرَة المَلَّةِ، والجمع
وُأَرٌ مثل وُعَرٍ، ومنهم من يقول أُوَرٌ مثل عُوَرٍ، صَيَّرُوا الواو لما
انضمت همزة وصيروا الهمزة التي بعدها واواً. والإِرَةُ: شحمة السَّنام.
والإِرَةُ أَيضاً: لحم يطبخ في كرش. وفي الحديث: أُهْدِيَ لهم إِرَةٌ أَي لحم
في كرش. ابن الأَعرابي: الإِرَةُ النار، والإِرَةُ الحُفْرة للنار،
والإِرَةُ اسْتِعارُ النار وشدَّتها، والإِرَةُ الخَلْعُ، وهو أَن يُغْلَى
اللحم والخل إِغلاءً ثم يحمل في الأَسفار، والإِرَةُ القَدِيدُ؛ ومنه خبر
بلال: قال لنا رسول الله،صلى الله عليه وسلم: أَمعكم شيءٌ من الإِرَةِ
أَي القديد. قال أَبو عمرو: هو الإِرَةُ والقَدِيدُ والمُشَنَّقُ
والمُشَرَّقُ والمُتَمَّرُ والموحر والمفرند
(* قوله« والموحر والمفرند» كذا
بالأصل) والوَشِيقُ. ويقال: ائْتِنا بِإِرَةٍ أَي بنارٍ. والإِرَةُ: العداوة
أَيضاً؛ وأَنشد:
لِمُعالِجِ الشَّحْناءِ ذي إِرَةٍ
وقال أَبو عبيد: الإِرَةُ الموضع الذي تكون فيه الــخُبْزَةُ، قال: وهي
المَلَّةُ.قال: والــخبزة هي المَلِيلُ. وأَرض وَئِرَةٌ، مثل فَعِلَةٍ، وهي
شديدة الأُوارِ، وهو الحَرُّ، قال: وهي مقلوبة. الليث: يقال من الإِرَةِ:
وأَرْتُ إِرَة، وهي إِرَةٌ مَوْؤُورَةٌ، قال: وهي مُسْتَوْقَدُ النار تحت
الحَمَّامِ وتحت أَتُّونِ الجِرارِ والحَصَّاصَةِ، إِذا حَفَرْتَ
حُفْرَة لإِيقاد النار. يقال: وأَرْتُها أَئِرُها وأْراً وإِرَةً. التهذيب:
الوِئارُ الممدّدة وهي مَخاضُ الطين
(*قوله« وهي مخاض الطين» عبارة القاموس
محافر الطين) الذي يُلاطُ به الحِياض؛ قال:
بذي وَدَعٍ يَحُلُّ بكُلّ وَهْدٍ
رَوايا الماء يَظَّلِمُ الوِئارا
خمر: خامَرَ الشيءَ: قاربه وخالطه؛ قال ذو الرمة:
هامَ الفُؤادُ بِذِكْراها وخامَرَهُ
منها، على عُدَواءٍ الدَّارِ. تَسْتقِيمُ
ورجل خَمِرٌ: خالطه داء؛ قال ابن سيده: وأُراه على النسب؛ قال امرؤ
القيس:
أَحارِ بْنَ عَمْرٍو كأَنِّي خَمِرْ،
ويَعْدُو على المَرْءِ ما يأْتَمِرْ
ويقال: هو الذي خامره الداء. ابن الأَعرابي: رجل خَمِرٌ أَي مُخامَرٌ؛
وأَنشد أَيضاً:
أَحار بن عمرو كأَني خمر
أَي مُخامَرٌ؛ قال: هكذا قيده شمر بخطه، قال:
وأَما المُخامِرُ فهو المُخالِطُ، مِن خامَرَهُ الداءُ إِذا خالطه؛
وأَنشد:
وإِذا تُباشِرْكَ الهُمُو
مُ، فإِنها داءٌ مُخامِرْ
قال: ونحو ذلك قال الليث في خامَرَهُ الداءُ إِذا خالط جوفه.
والخَمْرُ: ما أَسْكَرَ من عصير العنب لأَنها خامرت العقل.
والتَّخْمِيرُ: التغطية، يقال: خَمَّرَ وجْهَهُ وخَمِّرْ إِناءك. والمُخامَرَةُ:
المخالطة؛ وقال أَبو حنيفة: قد تكون الخَمْرُ من الحبوب فجعل الخمر من
الحبوب؛ قال ابن سيده: وأَظنه تَسَمُّحاً منه لأَن حقيقة الخمر إِنما هي العنب
دون سائر الأَشياء، والأَعْرَفُ في الخَمْرِ التأْنيث؛ يقال: خَمْرَةٌ
صِرْفٌ، وقد يذكَّر، والعرب تسمي العنب خمراً؛ قال: وأَظن ذلك لكونها منه؛
حكاها أَبو حنيفة قال: وهي لغة يمانية. وقال في قوله تعالى: إِني أَراني
أَعْصِرُ خَمْراً؛ إِن الخمر هنا العنب؛ قال: وأُراه سماها باسم ما في
الإِمكان أَن تؤول إِليه، فكأَنه قال: إِني أَعصر عنباً؛ قال الراعي:
يُنازِعُنِي بها نُدْمانُ صِدْقٍ
شِواءَ الطَّيرِ، والعِنَبَ الحَقِينا
يريد الخمر. وقال ابن عرفة: أَعصر خمراً أَي أَستخرج الخمر، وإِذا عصر
العنب فإِنما يستخرج به الخمر، فلذلك قال: أَعصر خمراً. قال أَبو حنيفة:
وزعم بعض الرواة أَنه رأَى يمانيّاً قد حمل عنباً فقال له: ما تحمل؟ فقال:
خمراً، فسمى العنب خمراً، والجمع خُمور، وهي الخَمْرَةُ. قال ابن
الأَعرابي: وسميت الخمر خمراً لأَنها تُرِكَتْ فاخْتَمَرَتْ، واخُتِمارُها
تَغَيُّرُ ريحها؛ ويقال: سميت بذلك لمخامرتها العقل. وروى الأَصمعي عن معمر
بن سليمان قال: لقيت أَعرابياً فقلت: ما معك؟ قال: خمر. والخَمْرُ: ما
خَمَر العَقْلَ، وهو المسكر من الشراب، وهي خَمْرَةٌ وخَمْرٌ وخُمُورٌ مثل
تمرة وتمر وتمور. وفي حديث سَمُرَةَ: أَنه باع خمراً فقال عمر: قاتَلَ
اللهُ سَمُرَةَ قال الخطابي: إِنما باع عصيراً ممن يتخذه خمراً فسماه باسم
ما يؤول إِليه مجازاً، كما قال عز وجل: إِني أَراني أَعصر خمراً، فلهذا
نَقَمَ عمر، رضي الله عنه، عليه لأَنه مكروه؛ وأَما أَن يكون سمرة باع
خمراً فلا لأَنه لا يجهل تحريمه مع اشتهاره. وخَمَر الرجلَ والدابةَ
يَخْمُره خَمْراً: سقاه الخمر، والمُخَمِّرُ: متخذ الخمر، والخَمَّارُ: بائعها.
وعنبٌ خَمْرِيٌّ: يصلح للخمر. ولَوْنٌ خَمْرِيٌّ: يشبه لون الخَمر.
واخْتِمارُ الخَمْرِ: إِدْراكُها وغليانها. وخُمْرَتُها وخُمارُها: ما خالط من
سكرها، وقيل: خْمْرَتُها وخُمارُها ما أَصابك من أَلمها وصداعها
وأَذاها؛ قال الشاعر:
لَذٌّ أَصابَتْ حُمَيَّاها مَقاتِلَهُ،
فلم تَكَدْ تَنْجَلِي عن قلبِهِ الخُمَرُ
وقيل: الخُمارُ بقية السُّكْرِ، تقول منه: رجل خَمِرٌ أَي في عَقِبِ
خُمارٍ؛ وينشد قول امرئ القيس:
أَحار بن عمرو فؤادي خمر
ورجل مَخْمُورٌ: به خُمارٌ، وقد خُمِرَ خَمْراً وخَمِرَ. ورجل
مُخَمَّرٌ: كمَخْمُور. وتَخَمَّرَ بالخَمْرِ: تَسَكَّرَ به، ومُسْتَخْمِرٌ
وخِميِّرٌ: شِرِّيبٌ للخمر دائماً. وما فلانٌ بِخَلٍّ ولا خَمْرٍ أَي لا خير فيه
ولا شر عنده. ويقال أَيضاً: ما عند فلان خل ولا خمر أَي لا خير ولا شر.
والخُمْرَةُ والخَمَرَةُ: ما خامَرَك من الريح، وقد خَمَرَتْهُ؛ وقيل:
الخُمْرَةُ والخَمَرَةُ الرائحة الطيبة؛ يقال: وجدت خَمَرَة الطيب أَي
ريحه، وامرأَة طيبة الخِمْرَةِ بالطِّيبِ؛ عن كراع.
والخَمِيرُ والخَمِيرَةُ: التي تجعل في الطين. وخَمَرَ العجينَ
والطِّيبَ ونحوهما يَخْمُره ويَخْمِرُه خَمْراً، فهو خَمِيرٌ، وخَمَّرَه: ترك
استعماله حتى يَجُودَ، وقيل: جعل فيه الخمير. وخُمْرَةُ العجين: ما يجعل فيه
من الخميرة. الكسائي: يقال خَمَرْتُ العجين ونَظَرْتُه، وهي الخُمْرَةُ
التي تجعل في العجين تسميها الناس الخَمِيرَ، وكذلك خُمْرَةُ النبيذ
والطيب. وخُبْزٌ خَمِيرٌ وخبزة خمير؛ عن اللحياني، كلاهما بغير هاء، وقد
اخْتَمَر الطيبُ والعجين. واسم ما خُمِرَ به: الخُمْرَةُ، يقال: عندي خُبْزٌ
خَمِير وحَبسٌ فَطِير أَي خبز بائت. وخُمْرةُ اللَّبَنِ: رَوْبَتُه التي
تُصَبُّ عليه لِيَرُوبَ سريعاً؛ وقال شمر: الخَمِيرُ الخُبْزُ في قوله:
ولا حِنْطَة الشَّامِ الهَرِيت خَمِيرُها
أَي خبزها الذي خُمِّرَ عجينُه فذهبت فُطُورَتُه؛ وطعام خَمِيرٌ
ومَخْمورٌ في أَطعمة خَمْرَى. والخَمُيرُ والخَمِيرَةُ: الخُمْرَةُ. وخُمْرَةُ
النبيذ والطيب: ما يجعل فيه من الخَمْرِ والدُّرْدِيِّ. وخُمْرَةُ النبيذ:
عَكَرُه، ووجدتُ منه خُمْرَةً طيبة
(* قوله: «خمرة طيبة» خاؤها مثلثة
كالخمرة محركة كما في القاموس). إِذا اخْتَمَرَ الطيِّبُ أَي وجدتُ ريحه.
ووصف أَبو ثَرْوَانَ مأْدُبَةً وبَخُورَ مِجْمَرها قال: فَتَخَمَّرَتْ
أَطْنابُنا أَي طابت روائح أَبداننا بالبَخُور. أَبو زيد: وجدت منه خَمَرَةَ
الطِّيبِ، بفتح الميم، يعني ريحه.
وخامَرَ الرجلُ بيتَه وخَمَّرَهُ: لزمه فلم يَبْرَحْهُ، وكذلك خامَرَ
المكانَ؛ أَنشد ثعلب:
وشاعِرٍ يُقالُ خَمِّرْ في دَعَهْ
ويقال للضَّبُعِ: خامِرِي أُمَّ عامِرٍ أَي اسْتَتِري. أَبو عمرو:
خَمَرْتُ الرجلَ أَخْمُرُه إِذا استحيت منه. ابن الأَعرابي: الخِمْرَةُ
الاستخفاء
(* قوله: «الخمرة الاستخفاء» ومثلها الخمر محركاً خمر خمراً كفرح
توارى واستخفى كما في القاموس). قال ابن أَحمر:
مِنْ طارِقٍ أَتى على خِمْرَةِ،
أَو حِسْبَةٍ تَنْفَعُ مَنْ يَعْتَبِرْ
قال ابن الأَعرابي: على غفلة منك. وخَمَرَ الشيءَ يَخْمُرُه خَمْراً
وأَخْمَرَهُ: سَتَرَهُ. وفي الحديث: لا تَجِدُ المؤمنَ إِلاَّ في إِحدى
ثلاثٍ: في مسجد يَعْمُرُه، أَو بيت يَخْمُرُه، أَو معيشة يُدَبِّرُها؛
يَخْمُره أَي يستره ويصلح من شأْنه. وخَمَرَ فلانٌ شهادته وأَخْمَرَها: كتمها.
وأَخْرَجَ من سِرِّ خَمِيرِهِ سِرّاً أَي باح به. واجْعَلْهُ في سرِّ
خَمِيرِك أَي اكتمه. وأَخْمَرْتُ الشيء: أَضمرته؛ قال لبيد:
أَلِفْتُكِ حتى أَخْمَرَ القومُ ظِنَّةً
عَليَّ، بَنُو أُمِّ البَنِينَ الأَكابِرُ
الأَزهري: وأَخْمَرَ فلانٌ عَليَّ ظِنَّةً أَي أَضمرها، وأَنشد بيت
لبيد.والخَمَرُ، بالتحريك: ما واراك من الشجر والجبال ونحوها. يقال: توارى
الصيدُ عني في خَمَرِ الوادي، وخَمَرُه: ما واراه من جُرُفٍ أَو حَبْلٍ من
حبال الرمل أَو غيره؛ ومنه قولهم: دخل فلان في خُمارِ الناسِ أَي فيما
يواريه ويستره منهم. وفي حديث سهل بن حُنَيْفٍ: انطلقت أَنا وفلان نلتمس
الخَمَر، هو بالتحريك: كل ما سترك من شجر أَو بناءِ أَو غيره؛ ومنه حديث
أَبي قتادة: فابْغِنَا مَكاناً خَمَراً أَي ساتراً بتكاثف شجره؛ ومنه حديث
الدجال: حتى تَنْتَهُوا إِلى جبل الخَمَرِ؛ قال ابن الأَثير: هكذا يروى
بالفتح، يعني الشجر الملتف، وفسر في الحديث أَنه جبل بيت المقدس لكثرة
شجرة؛ ومنه حديث سلمان: أَنه كتب إِلى أَبي الدرداء: يا أَخي، إِن بَعُدَتِ
الدار من الدار فإِن الرُّوح من الرُّوح قَريبٌ، وطَيْرُ السماءٍ على
أَرْفَهِ خَمَرِ الأَرض يقع الأَرْفَهُ الأَخصبُ؛ يريد أَن وطنه أَرفق به
وأَرفه له فلا يفارقه، وكان أَبو الدرداء كتب إِليه يدعوه إِلى الأَرض
المقدسة. زوفي حديث أَبي إِدريس الخَوْلانِيِّ قال: دخلت المسجد والناس
أَخْمَرُ ما كانوا أَي أَوْفَرُ. ويقال: دخل في خَمَار الناس
(* قوله: «في
خمار الناس» بضم الخاء وفتحها كما في القاموس). أَي في دهمائهم؛ قال ابن
الأَثير: ويروى بالجيم، ومنه حديث أُوَيْسٍ القَرَنِيِّ: أَكون في خَمَارِ
الناس أَي في زحمتهم حيث أَخْفَى ولا أُعْرَفُ. وقد خَمِرَ عني يَخْمَرُ
خَمَراً أَي خفي وتوارى، فهو خَمِرٌ. وأَخْمَرَتْه الأَرضُ عني مني
وعَلَيَّ: وارته. وأَخْمَرَ القومُ: تَوارَوْا بالخَمَرِ. ويقال للرجل إِذا
خَتَلَ صاحبه: هو يَدِبُّ
(* قوله: «يدب إلخ» ذكره الميداني في مجمع
الأَمثال وفسر الضراء بالشجر الملتف وبما انخفض من الأَرض، عن ابن الأَعرابي؛
والخمر بما واراك من جرف أو حبل رمل؛ ثم قال: يضرب للرجل يختل صاحبه. وذكر
هذا المثل أَيضاً اللسان والصحاح وغيرهما في ض ر ي وضبطوه بوزن سماء). له
الضَّراءَ ويَمْشِي له الخَمَرَ. ومكان خَمِرٌ: كثير الخَمَرِ، على
النسب؛ حكاه ابن الأَعرابي، وأَنشد لضباب بن واقد الطُّهَوِيِّ:
وجَرَّ المَخاضُ عَثَانِينَها
إِذا بَرَكَتْ بالمكانِ الخَمِرْ
وأَخْمَرَتِ الأَرضُ: كثر خَمَرُها. ومكان خَمِرٌ إِذا كان كثير
الخَمَرِ. والخَمَرُ: وَهْدَةٌ يختفي فيها الذئب؛ وأَنشد:
فقد جاوَزْتُما خَمَرَ الطَّرِيقِ
وقول طرفة:
سَأَحْلُبُ عَنْساً صَحْنَ سَمٍّ فَأَبْتَغِي
به جِيرَتي، إِن لم يُجَلُّوا لِيَ الخَمَرْ
قال ابن سيده: معناه إِن لم يُبَيِّنُوا لِيَ الخبرَ، ويروى يُخَلُّوا،
فإِذا كان كذلك كان الخَمَرُ ههنا الشجر بعينه. يقول: إِن لم يخلوا لي
الشجر أَرعاها بإِبلي هجوتهم فكان هجائي لم سمّاً، ويروى: سأَحلب عَيْساً،
وهو ماء الفحل، ويزعمون أَنه سم؛ ومنه الحديث: مَلِّكْهُ على عُرْبِهِمْ
وخُمُورِهِمْ؛ قال ابن الأَثير: أَي أَهل القرى لأَنهم مغلوبون مغمورون
بما عليهم من الخراج والكُلَفِ والأَثقال، وقال: كذا شرحه أَبو موسى.
وخَمَرُ الناس وخَمَرَتُهُمْ وخَمَارُهم وخُمَارُهم: جماعتهم وكثرتهم، لغةٌ
في غَمار الناس وغُمارهم أَي في زَحْمتهم؛ يقال: دخلت في خَمْرتهم
وغَمْرتهم أَي في جماعتهم وكثرتهم.
والخِمَارُ للمرأَة، وهو النَّصِيفُ، وقيل: الخمار ما تغطي به المرأَة
رأَْسها، وجمعه أَخْمِرَةٌ وخُمْرٌ وخُمُرٌ. والخِمِرُّ، بكسر الخاء
والميم وتشديد الراء: لغة في الخمار؛ عن ثعلب، وأَنشد:
ثم أَمالَتْ جانِبَ الخِمِرِّ
والخِمْرَةُ: من الخِمار كاللِّحْفَةِ من اللِّحَافِ. يقال: إِنها لحسنة
الخِمْرَةِ. وفي المثل: إِنَّ الْعَوَانَ لا تُعَلَّمُ الخِمْرَةَ أَي
إِن المرأَة المجرّبة لا تُعَلَّمُ كيف تفعل. وتَخَمَّرَتْ بالخِمار
واخْتَمَرَتْ: لَبِسَتْه، وخَمَّرَتْ به رأْسَها: غَطَّتْه. وفي حديث أُم
سلمة: أَنه كان يمسح على الخُفِّ والخِمار؛ أَرادت بالخمار العمامة لأَن
الرجل يغطي بها رأْسه كما أَن المرأَة تغطيه بخمارها، وذلك إِذا كان قد
اعْتَمَّ عِمَّةَ العرب فأَرادها تحت الحنك فلا يستطيع نزعها في كل وقت فتصير
كالخفين،، غير أَنه يحتاج إِلى مسح القليل من الرأْس ثم يمسح على العمامة
بدل الاستيعاب؛ ومنه قول عمر، رضي الله عنه، لمعاوية: ما أَشبه عَيْنَك
بِخِمْرَةِ هِنْدٍ؛ الخمرةُ: هيئة الاختمار؛ وكل مغطًّى: مُخَمَّرٌ. وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: خَمِّرُوا آنِيَتَكُمْ؛ قال
أَبو عمرو: التخمير التغطية، وفي رواية: خَمِّرُوا الإِناء وأَوْكُوا
السِّقَاءَ؛ ومنه الحديث: أَنه أُتِيَ بإِناءِ من لَبَنِ فقال: هلاَّ
خَمَّرْتَه ولو بعود تَعْرِضُه عليه.
والمُخَمَّرَةُ من الشياه: البيضاءُ الرأْسِ، وقيل: هي النعجة السوداء
ورأْسها أَبيض مثل الرَّخْماءِ، مشتق من خِمار المرأَة؛ قال أَبو زيد:
إِذا ابيض رأْس النعجة من بين جسدها، فهيمُخَمَّرة ورَخْماءُ؛ وقال الليث:
هي المختمرة من الضأْن والمِعْزَى. وفرس مُخَمَّرٌ: أَبيضٌ الرأْس وسائر
لونه ما كان. ويقال: ما شَمَّ خِمارَكَ أَي ما أَصابَكَ، يقال ذلك للرجل
إِذا تغير عما كان عليه.
وخَمِرَ عليه خَمَراً وأَخْمَرَ: حَقَدَ. وخَمَرَ الرجلَ يَخْمِرُهُ:
استحيا منه. والخَمَرُ: أَن تُخْرَزَ ناحيتا أَديم المَزَادَة ثم تُعَلَّى
بِخَرْزٍ آخَر. والخُمْرَةُ: حصيرة أَو سَجَّادَةٌ صغيرة تنسج من سَعَفِ
النخل وتُرَمَّلُ بالخيوط، وقيل: حصيرة أَصغر من المُصَلَّى، وقيل:
الخُمْرَة الحصير الصغير الذي يسجد عليه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، كان يسجد على الخُمْرَةِ؛ وهو حصير صغير قدر ما يسجد عليه ينسج
من السَّعَفِ؛ قال الزجاج: سميت خُمْرة لأَنها تستر الوجه من الأَرض. وفي
حديث أُم سلمة قال لها وهي حائض: ناوليني الخُمْرَةَ؛ وهي مقدار ما يضع
الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أَو نسيجة خوص ونحوه من النبات؛ قال:
ولا تكون خمرة إِلاَّ في هذا المقدار، وسميت خمرة لأَن خيوطها مستورة
بسعفها؛ قال ابن الأَثير: وقد تكررت في الحديث وهكذا فسرت. وقد جاء في سنن
أَبي داود عن ابن عباس قال: جاءت فأْرة فأَخذت تَجُرُّ الفَتِيلَة فجاءتْ
بها فأَلقتها بين يدي رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، على الخُمْرَةِ التي
كان قاعداً عليها فأَحرقت منها مثل موضع درهم، قال: وهذا صريح في إِطلاق
الخُمْرَةِ على الكبير من نوعها.
قال: وقيل العجين اختمر لأَن فطورته قد غطاها الخَمَرُ، وهو الاختمار.
ويقال: قد خَمَرْتُ العجين وأَخْمَرْته وفَطَرْتُه وأَفْطَرْتُه، قال:
وسمي الخَمْرُ خَمْراً لأَنه يغطي العقل، ويقال لكل ما يستر من شجر أَو
غيره: خَمَرٌ، وما ستره من شجر خاصة، فهو الضَّرَاءُ.
والخُمْرَةُ: الوَرْسُ وأَشياء من الطيب تَطْلي به المرأَة وجهها ليحسن
لونها، وقد تَخَمَّرَتْ، وهي لغة في الغُمْرَةِ. والخُمْرَةُ: بِزْزُ
العَكَابِرِ
(* قوله: «العكابر» كذا بالأَصل ولعله الكعابر). التي تكون في
عيدان الشجر.
واسْتَخْمَر الرجلَ: استعبده؛ ومنه حديث معاذ: من اسْتَخْمَرَ قوماً
أَوَّلُهُمْ أَحْرارٌ وجِيرانٌ مستضعفون فله ما قَصَرَ في بيته. قال أَبو
عبيد: كان ابن المبارك يقول في قوله من استخمر قوماً أَي استعبدهم، بلغة
أَهل اليمن، يقول: أَخذهم قهراً وتملك عليهم، يقول: فما وَهَبَ المَلِكُ من
هؤلاء لرجل فَقَصَرَهُ الرجل في بيته أَي احتبسه واختاره واستجراه في
خدمته حتى جاء الإِسلام وهو عنده عبد فهو له. ابن الأَعرابي: المُخامَرَةُ
أَن يبيع الرجل غلاماً حُرّاً على أَنه عبده؛ قال أَبو منصور: وقول معاذ
من هذا أُخذ، أَراد من استعبد قوماً في الجاهلية ثم جاء الإِسلام، فله ما
حازه في بيته لا يخرج من يده، وقوله: وجيران مستضعفون أَراد ربما استجار
به قوم أَو جاوروه فاستضعفهم واستعبدهم، فلذلك لا يخرجون من يده، وهذا
مبني على إِقرار الناس على ما في أَيديهم.
وأَخْمَرَهُ الشيءَ: أَعطاه إِياه أَو مَلَّكَهُ؛ قال محمد بن كثير: هذا
كلام عندنا معروف باليمن لا يكاد يُتكلم بغيره؛ يقول الرجل: أَخْمِرني
كذا وكذا أَي أَعطنيه هبة لي، ملكني إِياه، ونحو هذا.
وأَخْمَر الشيءَ: أَغفله؛ عن ابن الأَعرابي.
واليَخْمُورُ: الأَجْوَفُ المضطرب من كل شيء.
واليَخْمُورُ أَيضاً: الودع، واحدته يَخْمُورَةٌ.
ومِخْمَرٌ وخُمَيْرٌ: اسمان. وذو الخِمَار: اسم فرس الزبير بن العوّام
شهد عليه يوم الجمل.
وباخَمْرَى: موضع بالبادية، وبها قبر إِبراهيم
(* قوله: «وبها قبر
إِبراهيم إلخ» عبارة القاموس وشرحه: بها قبر إِبراهيم بن عبدالله المحض بن
الحسن المثني بن الحسن السبط الشهيد ابن علي إلخ. ثم قال: خرج أي بالبصرة
سنة ؟؟ وبايعه وجوه الناس، وتلقب بأمير المؤمنين فقلق لذلك أَبو جعفر
المنصور فأرسل إليه عيسى بن موسى لقتاله فاستشهد السيد إبراهيم وحمل رأسه إلى
مصر اهـ. باختصار). بن عبدالله بن الحسن بن علي بن أَبي طالب، عليهم
السلام.
فرن: الفُرْنُ: الذي يُخْبَزُ عليه الفُرْنيُّ، وهو خُبْز غليظ نسب إِلى
موضعه، وهو غير التَّنُّورِ؛ قال أَبو خِراشٍ الهُذَلِيُّ يمدح دُبَيَّة
السُّلَمِيّ:
نُقاتِلُ جُوعَهمْ بمُكَلَّلاتٍ
من الفُرْنِيِّ، يَرْعَبُها الجَميلُ
ويروى: نُقابل، بالباء؛ قال ابن بري: صوابه يقابل بالياء والباء،
والضمير يعود إِلى دُبَيَّة؛ وقبله:
فنِعْمَ مُعَرَّسُ الأَضْيافِ تَذْحى،
رِحالَهُمُ، شآمِيَةٌ بَلِيلُ
يقال: ذَحاه يَذْحُوه ويَذْحَاه طرده، بذال معجمة. وقال الخليلُ:
الفُرنيّ طعام، واحدته فُرْنِيَّةٌ. وقال ابن دريد: الفُرْن شيء يُخْتَبَز فيه،
قال: ولا أَحسبه عربيّاً. غيره: الفُرْنُ المَخْبَز، شآمية، والجمع
أَفْرانٌ. والفُرنْيَّةُ: الــخُبْزَة المُسْتديرة العظيمة، منسوبة إِلى
الفُرْنِ. والفُرْنِيُّ: طعام يتخذ، وهي خُبْزَةَ مُسَلَّكَة مُصَعْنَبَة
مضمومة الجوانب إِلى الوسط، يُسَلَّكُ بعضها في بعض ثم تُرَوَّى لبناً وسمناً
وسُكَّراً، واحدته فُرْنِيَّة. والفارِنَة: خَبَّازة هذا الفُرْنِيّ
المذكور، ويسمى ذلك المُخْتَبَزُ فُرْناً. وفي كلام بعض العرب: فإِذا هي مثل
الفُرْنِيَّة الحمراء. والفُرْنِيُّ: الرجل الغليظُ ا لضخمُ؛ قال
العجاج:وطاحَ، في المَعْرَكةِ، الفُرْنِيُّ
قال ابن بري: والفُرْنِيُّ أَيضاً الضخم من الكلاب، وأَنشد بيت العجاج
هذا.
نسس: النَّسُّ: المَضاءُ في كل شيء، وخص بعضهم به السرعة في الوِرْدِ؛
قال
سَوْقي حُدائي وصَفيري النَّسُّ
الليث: النس لزوم المَضاء في كل أَمر وهو سرعة الذهاب لوِرْدِ الماء
خاصة:
وبَلَد تُمْسي قَطاهُ نُسَّا
قال الأَزهري: وهم الليث فيما فَسَّر وفيما احتج به، أَما النَّسُّ
(*
قوله «أَما النس إلخ» لم يأت بمقابل أَما، وهو بيان الوهم فيما احتج به
وسيأتي بيانه عقب إِعادة الشطر المتقدم.) فإِن شمراً قال: سمعت ابن
الأَعرابي يقول: النَّس السوق الشديد، والتَّنْساس السير الشديد؛ قال
الحطيئة:وقَدْ نَظَرْتُكمُ إِيناءَ صادِرَةٍ
لِلْخِمْسِ، طال بها حَوْزي وتَنْساسي
لَمّا بَدا ليَ مِنْكُم عَيْبُ أَنْفُسِكُمْ،
ولم يَكُنْ لِجِراحي عِنْدَكُمْ آسِي،
أَزْمَعْتُ أَمْراً مُرْيِحاً من نَوالِكُمُ
ولَنْ تَرى طارِداً لِلْمَرْءِ كالْياسِ
(* لهذه الأبيات رواية أِخرى
تختلف عن هذه الرواية.)
يقول: انتظرتكم كما تَنْتظر الإِبلُ الصادرة التي ترد الخِمْس ثم تُسْقى
لتَصْدُر. والإِيناءُ: الانتظار. والصادرة، الراجعة عن الماء؛ يقول:
انتظرتكم كما تَنْتظرُ هذه الإِبلُ الصادرةُ الإِبل الخوامسَ لتشرب معها.
والحَوْز: السوق قليلاً قليلاً. والتَّنْساس: السوق الشديد، وهو أَكثر من
الحَوْز. ونَسْنَس الطائر إِذا أَسرع في طَيَرانِه. ونَسَّ الإِبل
يَنُسُّها نَسّاً ونَسْنَسَها: ساقها؛ والمِنَسَّةُ منه، وهي العصا التي
تَنُسُّها بها، على مِفْعَلةٍ بالكسر، فإِن همزت كان من نَسَأْتُها، فأَما
المِنْسَأَة
(* قوله «فان همزت إلخ، وقوله فأَما المنسأة إلخ» كذا بالأَصل.)
التي هي العصا فمن نَسَأْتُ أُ سُقْتُ. وقال أَبو زيد: نَسَّ الإِبلَ
أَطلقها وحَلَّها. الكسائي: نَسَسْتُ الناقةَ والشاة أَنُسُّها نَسّاً إِذا
زجرتها فقلت لها: إِسْ إِسْ؛ وقال غيره: أَسَسْتُ؛ وقال ابن شميل:
نَسَّسْتُ الصبي تَنْسِيساً، وهو أَن تقول له: إِسْ إِسْ ليبولَ أَو يَخْرَأَ.
الليث: النَّسِيسَةُ في سرعة الطَيران. يقال: نَسْنَسَ ونَصْنَصَ.
والنَّسُّ: اليُبْس، ونَسَّ اللحمُ والخبزُ يَنُسُّ ويَنِسُّ نُسُوساً
ونَسِيساً: يبس؛ قال:
وبَلَد تُمْسِي قَطاهُ نُسَّا
أَي يابسة من العطش. والنَّسُّ ههنا ليس من النَّسِّ الذي هو بمعنى
السوق ولكنها القطا التي عطشت فكأَنها يَبِست من شدة العطش.
ويقال: جاءنا بخبز ناسٍّ وناسَّةٍ
(* قوله «ناس وناسة» كذا بالأصل.) وقد
نَسَّ الشيءُ يَنُسُّ ويَنِسُّ نَسّاً. وأَنْسَسْتُ الدابة: أَعطشتها.
وناسَّةٌ والنَّاسَّة؛ الأَخيرة عن ثعلب: من أَسماء مكة لقلة مائها،
وكانت العرب تسمي مكة النَّاسَّة لأَن من بغى فيها أَو أَحدث فيها حدثاً
أَخرج عنها فكأَنها ساقته ودفعته عنها؛ وقال ابن الأَعرابي في قول
العجاج:حَصْبَ الغُواةِ العَوْمَجَ المَنْسُوسا
قال: المَنْسُوسُ المطرود والعَوْمَجُ الحية.
والنَّسِيسُ: المَسوق؛ ومنه حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه كان يَنُسُّ
أَصحابه أَي يمشي خلفهم. وفي النهاية: وفي ضفته، صلى اللَّه عليه وسلم،
كان يَنُسُّ أَصحابه أَي يسوقهم يقدِّمهم ويمشي خلفهم. والنَّسُّ: السوق
الرقيق. وقال شمر: نَسْنَسَ ونَسَّ مثل نَشَّ ونَشْنَشَ، وذلك إِذا ساق
وطرد، وحديث عمر: كان يَنُسُّ الناس بعد العشاء بالدِّرَّة ويقول: انصرفوا
إِلى بيوتكم؛ ويروى بالشين، وسيأْتي ذكره. ونَسَّ الحطبُ يَنِسُّ
نُسُوساً: أَخرجت النار زَبَدَه على رأْسه، ونَسِيسه: زَبَدُه وما نَسَّ منه.
والنَّسِيسُ والنَّسِيسَة: بقية النَّفْسِ ثم استعمل في سِواه؛ وأَنشد
أَبو عبيد لأَبي زبيد الطائي يصف أَسداً:
إِذا عَلِقَتْ مَخالِبُه بِقِرْنٍ،
فَقَدْ أَوْدى، إِذا بَلَغَ النَّسِيس
كأَنَّ، بنحره وبمنكبيه،
غَبِيراً باتَ تَعْبَؤُهُ عَرُوس
وقال: أَراد بقية النفس بقية الروح الذي به الحياة، سمي نَسيساً لأَنه
يساق سوقاً، وفلان في السِّياق وقد ساق يَسُوق إِذا حَضَرَ رُوحَه الموتُ.
ويقال: بلغ من الرجل نَسِيسُه إِذا كان يموت، وقد أَشرف على ذهاب
نَكِيثَتِه وقد طُعِنَ في حَوْصِه مثله. وفي حديث عمر: قال له رجل شَنَقْتُها
بِجَبُوبَة حتى سكن نَسِيسُها أَي ماتت.والنَّسِيسُ: بقية النفس. ونَسِيس
الإِنسانِ وغيره ونَسْناسه، جميعاً: مجهوده، وقيل: جهده وصبره؛ قال:
ولَيْلَةٍ ذاتِ جَهامٍ أَطْباقْ،
قَطَعْتُها بِذاتِ نَسناسٍ باقْ
النَّسْناسُ: صبرها وجهدها؛ قال أَبو تراب: سمعت الغنوي يقول: ناقة ذات
نَسْناسٍ أَي ذات سير باقٍ، وقيل: النَّسِيسُ الجهد وأَقصى كل شيء.
الليث: النَّسِيسُ غاية جهد الإِنسان؛ وأَنشد:
باقي النَّسِيسِ مُشْرِفٌ كاللَّدْنِ
ونَسَّت الجُمَّةُ: شَعِثَتْ. والنَّسْنَسَةُ: الضعف.
والنِّسْناس والنَّسْناس: خَلْقٌ في صورة الناس مشتق منه لضعف خلقهم.
قال كراع: النِّسْناسُ والنَّسناس فيما يقال دابة في عِدادِ الوحش تصاد
وتؤكل وهي على شكل الإِنسان بعين واحدة ورجل ويد تتكلم مثل الإِنسان.
الصحاح: النِّسْناس والنَّسْناس جنس من الخلق يَثبُ أَحَدُهم على رِجْلٍ
واحدةٍ. التهذيب: النِّسْناسُ والنَّسْناس خَلْق على صورة بني آدم أَشبهوهم في
شيء وخالفوهم في شيء وليسوا من بني آدم، وقيل: هم من بني آدم. وجاء في
حديثٍ: أَنَّ حَيّاً من قوم عاد عَصَوْا رسولهم فمسخهم اللَّه نَسْناساً،
لكل إِنسان منهم يد ورجل من شِقٍّ واحد، يَنْقُزُون كما يَنْقُزُ الطائر
ويَرْعَوْن كما ترعى البهائم، ونونها مكسورة وقد تفتح. وفي الحديث عن أَبي
هريرة قال: ذهب الناس وبقي النِّسْناسُ، قيل: مَنِ النِّسْناسُ؟ قال:
الذين يتشبهون بالناس وليسوا من الناس، وقيل: هم يأْجوج ومأْجوج. ابن
الأَعرابي: النُّسُسُ الأُصول الرديّئَة. وفي النوادر: ريح نَسْناسَةٌ
وسَنْسَانَةٌ بارِدَةٌ، وقد نَسْنَسَتْ وسَنْسَنَتْ إِذا هبت هبوباً بارداً.
ويقال: نَسْناسٌ مِن دُخان وسَنْسانٌ يريد دخان نار.
والنَّسِيسُ: الجوع الشديد. والنِّسْناسُ، بكسر النون: الجوع الشديد؛ عن
ابن السكيت، وأَما ابن الأَعرابي فجعله وصفاً وقال: جُوعٌ نِسْناسٌ،
قال: ونعني به الشديد؛ وأَنشد:
أَخْرَجَها النِّسْناسُ من بَيْت أَهْلِها
وأَنشد كراع:
أَضَرَّ بها النِّسْناسُ حتى أَحَلَّها
بِدارِ عَقِيلٍ، وابْنُها طاعِمٌ جَلْدُ
أَبو عمرو: جوع مُلَعْلِعٌ ومُضَوِّرٌ ونِسْناسٌ ومُقَحِّزٌ ومُمَشْمِش
بمعنى واحد.
والنَّسِيسَةُ: السعي بين الناس. الكلابي: النَّسِيسة الإيِكالُ بين
الناس. والنَّسائسُ: النَّمائم. يقال: آكَلَ بين الناس إِذا سعى بينهم
بالنَّمائم، وهي النَّسائِسُ جمع نَسِيسة. وفي حديث الحجاج: من أَهل الرَّسِّ
والنَّسِّ، يقال: نَسَّ فلان لفلان إِذا تَخَبَّر. والنَّسِيسَة:
السِّعاية.
كفن: الكَفَنُ: معروف. ابن الأَعرابي: الكَفْنُ التغطية. قال أَبو
منصور: ومنه سمي كَفَنُ الميت لأَنه يستره. ابن سيده: الكَفَنُ لباس الميت
معروف، والجمع أَكفان، كَفَنه َكْفِنُه كَفْناً وكَفَّنه تَكْفِيناً. ويقال:
ميت مَكْفونٌ ومُكَفَّنٌ؛ وقول امرئِ القيس:
على حَرَجٍ كالقَرِّ يَحْمِلُ أَكفاني
أَراد بأَكْفانه ثيابه التي تُواريه، وورد ذكر الكَفَن في الحديث
كثيراً، وذكر بعضهم في قوله: إِذا كَفَنَ أَحدُكم أَخاه فلْيُحْسِن كَفْنَه،
أَنه بسكون الفاء على المصدر أَي تكفينه، قال: وهو الأَعم لأَنه يشتمل على
الثوب وهيئته وعمله، قال: والمعروف فيه الفتح. وفي الحديث: فأَهدى لنا
شاةً وكَفَنَها أَي ما يُغَطِّيها من الرُّغْفان. ويقال: كَفَنْتُ
الــخُبزةَ في المَلَّة إِذا وارَيْتَها بها. والكَفْنُ: غزْل الصُّوف. وكَفَن
الرجلُ الصوفَ: غَزَله. الليث: كَفَن الرجلُ يَكْفِنُ أَي غزل الصوف.
والكَفْنةُ: شجرة من دِقِّ الشجر صغيرة جَعْْدة، إِذا يَبستْ صَلُبتْ
عِيدانُها كأَنها قِطَعٌ شُقِّقتْ عن القَنا، وقيل: هي عُشْبة منتشرة
النَبْتة على الأَرض تَنبُتُ بالقِيعان وبأَرض نجدٍ، وقال أَبو حنيفة:
الكَفْنة من نبات القُفّ، لم يَزِدْ على ذلك شيئاً وكَفَنَ يَكْفِنُ: اخْتلى
الكَفْنة؛ قال ابن سيده: وأَما قوله:
يَظَلُّ في الشاءِ يَرْعاها ويَعْمِتُها،
ويَكْفِن الدهرَ إِلاَّ رَيْث يَهْتَبِد
فقد قيل: معناه يَخْتَلي من الكَفْنة لمَراضع الشاء؛ قاله أَبو
الدُّقَيْش، وقيل: معناه يغزل الصوف؛ رواه الليث؛ وروى عمرو عن أَبيه هذا
البيت:فَظَلَّ يَعْمِتُ في قَوْطٍ وراجِلةٍ،
يُكَفِّتُ الدَّهْرَ إِلاَّ رَيْثَ يَهْتَبِدُ
قال: يُكَفِّتُ يَجْمع ويحْرص إِلا ساعة يَقْعُدُ يَطَّبِخُ الهَبيدَ،
والراجلة: كَبْش الراعي يحْملُ عليه متاعه، وقال له الكَرَّاز. وطعام
كَفْنٌ: لا مِلْح فيه. وقوم مُكْفِنُون: لا مِلح عندهم؛ عن الهَجَريّ. قال:
ومنه قول علي بن أَبي طالب، عليه السلام، في كتابه إِلى عامله مَصْقَلة بن
هُبَيرة: ما كان عليك أَن لو صُمْتَ لله أَياماً، وتصدَّقْتَ بطائفة من
طعامك مُحْتَسِباً، وأَكلت طَعامَكَ مِراراً كَفْناً، فإِن تلك سيرةُ
الأَنبياء وآدابُ الصالحين.
والكَفْنة: شجر.