من (ح م ر) المحلوق الرأس، وسالخ الشاة ونحوها، والمحترق غضبا وغيظا.
من (ح م ر) المحلوق الرأس، وسالخ الشاة ونحوها، والمحترق غضبا وغيظا.
حرم: الحِرْمُ، بالكسر، والحَرامُ: نقيض الحلال، وجمعه حُرُمٌ؛ قال
الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ،
وبالليل هُنَّ عليهمْ حُرُمْ
وقد حَرُمَ عليه الشيء حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بالضم،
حُرْمَةً وحَرَّمَهُ الله عليه وحَرُمَتِ الصلاة على المرأة حُرُماً وحُرْماً،
وحَرِمَتْ عليها حَرَماً وحَراماً: لغة في حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت
الصلاة على المرأة تَحْرُمُ حُروماً، وحَرُمَتِ المرأةُ على زوجها تَحْرُمُ
حُرْماً وحَراماً، وحَرُمَ عليه السَّحورُ حُرْماً، وحَرِمَ لغةٌ.
والحَرامُ: ما حَرَّم اللهُ. والمُحَرَّمُ: الحَرامُ. والمَحارِمُ: ما حَرَّم
اللهُ. ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه التي يَحْرُم على الجَبان أَن يسلكها؛
عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ الليل لهُنَّ بَهْرَجُ،
حين ينام الوَرَعُ المُحَرَّجُ
(* قوله «المحرج» كذا هو بالأصل والصحاح، وفي المحكم؛ المزلج كمعظم).
ويروى: مخارِمُ الليل أَي أَوائله. وأَحْرَمَ الشيء: جَعله حَراماً.
والحَريمُ: ما حُرِّمَ فلم يُمَسَّ. والحَريمُ: ما كان المُحْرِمون
يُلْقونه من الثياب فلا يَلْبَسونه؛ قال:
كَفى حَزَناً كَرِّي عليه كأَنه
لَقىً، بين أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ
الأَزهري: الحَريمُ الذي حَرُمَ مسه فلا يُدْنى منه، وكانت العرب في
الجاهلية إذا حَجَّت البيت تخلع ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحَرَمَ ولم
يَلْبسوها ما داموا في الحَرَم؛ ومنه قول الشاعر:
لَقىً، بين أَيدي الطائفينَ، حَريمُ
وقال المفسرون في قوله عز وجل: يا بني آدم خذوا زينَتكم عند كل مَسْجد؛
كان أَهل الجاهلية يطوفون بالبيت عُراةً ويقولون: لا نطوف بالبيت في ثياب
قد أَذْنَبْنا فيها، وكانت المرأة تطوف عُرْيانَةً أَيضاً إلاّ أنها
كانت تَلْبَس رَهْطاً من سُيور؛ وقالت امرأة من العرب:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ،
وما بَدا منه فلا أُْحِلُّهُ
تعني فرجها أَنه يظهر من فُرَجِ الرَّهْطِ الذي لبسته، فأَمَرَ اللهُ عز
وجل بعد ذكره عُقوبة آدمَ وحوّاء بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالإستتار
فقال: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد؛ قال الأَزهري: والتَّعَرِّي
وظهور السوءة مكروه، وذلك مذ لَدُنْ آدم. والحَريمُ: ثوب المُحْرم، وكانت العرب
تطوف عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بين أَيديهم في الطواف. وفي الحديث: أَن
عِياضَ بن حِمار المُجاشِعيّ كان حِرْميَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فكان إذا حج طاف في ثيابه؛ كان أشراف العرب الذي يتَحَمَّسونَ على دينهم
أَي يتشدَّدون إذا حَج أحدهم لم يأكل إلاّ طعامَ رجلٍ من الحَرَم، ولم
يَطُفْ إلاَّ في ثيابه فكان لكل رجل من أَشرافهم رجلٌ من قريش، فيكون كل
واحدٍ منهما حِرْمِيَّ صاحبه، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري،
قال: والنَّسَبُ في الناس إلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بكسر الحاء وسكون الراء.
يقال: رجل حِرْمِيّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيّ.
وحَرَمُ مكة: معروف وهو حَرَمُ الله وحَرَمُ رسوله. والحَرَمانِ: مكة
والمدينةُ، والجمع أَحْرامٌ. وأَحْرَمَ القومُ: دخلوا في الحَرَمِ. ورجل
حَرامٌ: داخل في الحَرَمِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد جمعه بعضهم
على حُرُمٍ.
والبيت الحَرامُ والمسجد الحَرامُ والبلد الحَرام. وقوم حُرُمٌ
ومُحْرِمون. والمُحْرِمُ: الداخل في الشهر الحَرام، والنَّسَبُ إلى
الحَرَم حِرْمِيٌّ، والأُنثى حِرْمِيَّة، وهو من المعدول الذي يأتي على غير
قياس، قال المبرد: يقال امرأة حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله من قولهم:
وحُرْمَةُ البيت وحِرْمَةُ البيت؛ قال الأَعشى:
لا تأوِيَنَّ لحِرْمِيٍّ مَرَرْتَ به،
بوماً، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النار
وهذا البيت أَورده ابن سيده في المحكم، واستشهد به ابن بري في أَماليه
على هذه الصورة، وقال: هذا البيت مُصَحَّف، وإنما هو:
لا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيٍّ ظَفِرْتَ به،
يوماً، وإن أُلْقِيَ الجَرْميُّ في النّار
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ،
والدَّاخِلين على عُثْمان في الدَّار
وشاهد الحِرْمِيَّةِ قول النابغة الذبياني:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي،
بذي المَجازِ، ولم تَحْسُسْ به نَغَما
من قول حِرْمِيَّةٍ قالت، وقد ظَعنوا:
هل في مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وقال أَبو ذؤيب:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحشَ غارُها
قال الأَصمعي: أَظنه عَنى به قُرَيْشاً، وذلك لأَن أَهل الحَرَمِ أَول
من اتخذ الضرائر، وقالوا في الثوب المنسوب إليه حَرَمِيّ، وذلك للفرق الذي
يحافظون عليه كثيراً ويعتادونه في مثل هذا. وبلد حَرامٌ ومسجد حَرامٌ
وشهر حرام.
والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثلاثة سَرْدٌ أَي متتابِعة وواحد فَرْدٌ،
فالسَّرْدُ ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ. وفي
التنزيل العزيز: منها أَربعة حُرُمٌ؛ قوله منها، يريد الكثير، ثم قال:
فلا تَظْلِموا فيهنَّ أَنفسكم لما كانت قليلة.
والمُحَرَّمُ: شهر الله، سَمَّتْه العرب بهذا الإسم لأَنهم كانوا لا
يستَحلُّون فيه القتال، وأُضيف إلى الله تعالى إعظاماً له كما قيل للكعبة
بيت الله، وقيل: سمي بذلك لأَنه من الأشهر الحُرُمِ؛ قال ابن سيده: وهذا
ليس بقوي. الجوهري: من الشهور أَربعة حُرُمٌ كانت العرب لا تستحل فيها
القتال إلا حَيّان خَثْعَم وطَيِّءٌ، فإنهما كانا يستَحِلاَّن الشهور، وكان
الذين يَنْسؤُون الشهور أَيام المواسم يقولون: حَرّمْنا عليكم القتالَ في
هذه الشهور إلاَّ دماء المُحِلِّينَ، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في
هذه الشهور، وجمع المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ. الأَزهري:
كانت العرب تُسَمِّي شهر رجب الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ في الجاهلية؛ وأَنشد
شمر قول حميد بن ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ،
شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما
قال: وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وقال: قاله ابن الأَعرابي؛ وقال
الآخر:أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما،
وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما
وروى الأَزهري بإسناده عن أُم بَكْرَةَ: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
خَطَبَ في صِحَّته فقال: أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق
السموات والأرض، السَّنَة اثنا عشر شهراً، منها أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ
مُتَوالِياتٌ: ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين
جُمادَى وشعبان. والمُحَرَّم: أَول الشهور. وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دخل في
الشهر الحرام؛ قال:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِماً،
فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ
فقوله مُحْرِماً ليس من إحْرام الحج، ولكنه الداخل في الشهر الحَرامِ.
والحُرْمُ، بالضم: الإحْرامُ بالحج. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت
أُطَيِّبُه، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّهِ ولِحُرْمِه أَي عند إِحْرامه؛
الأَزهري: المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل وأَراد الإِحْرام
والإهْلالَ بما يكون به مُحْرِماً من حج أَو عمرة، وكانت تُطَيِّبُه إذا
حَلّ من إحْرامه؛ الحُرْمُ، بضم الحاء وسكون الراء: الإحْرامُ بالحج،
وبالكسر: الرجل المُحْرِمُ؛ يقال: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ. والإِحْرامُ: مصدر
أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة
وباشَرَ أَسبابهما وشروطهما من خَلْع المَخِيط، وأَن يجتنب الأشياء التي منعه
الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك، والأَصل فيه المَنْع، فكأنَّ
المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء. ومنه حديث الصلاة: تَحْرِيمُها
التكبير، كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام
والأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالِها، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ
لمنعه المصلي من ذلك، وإنما سميت تكبيرَة الإحْرام أَي الإِحرام
بالصلاة.والحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه، وكذلك المَحْرَمَةُ
والمَحْرُمَةُ، بفتح الراء وضمها؛ يقال: إن لي مَحْرُماتٍ فلا تَهْتِكْها، واحدتها
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يريد أن له حُرُماتٍ. والمَحارِمُ: ما لا يحل
إستحلاله.
وفي حديث الحُدَيْبية: لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله
إلا أَعْطيتُهم إياها؛ الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛
يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإحْرامِ، وحُرْمَةَ الشهر الحرام.
وقوله تعالى: ذلك ومن يُعَظِّمْ حُرُماتِ الله؛ قال الزجاج: هي ما وجب
القيامُ به وحَرُمَ التفريطُ فيه، وقال مجاهد: الحُرُماتُ مكة والحج
والعُمْرَةُ وما نَهَى الله من معاصيه كلها، وقال عطاء: حُرُماتُ الله معاصي
الله.وقال الليث: الحَرَمُ حَرَمُ مكة وما أَحاط إلى قريبٍ من الحَرَمِ، قال
الأَزهري: الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ
خليلُ الله، عليه السلام، مشَاعِرَها وكانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية
والإسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن ما دون المَنارِ إلى
مكة من الحَرَمِ وما وراءها ليس من الحَرَمِ، ولما بعث الله عز وجل
محمداً، صلى الله عليه وسلم، أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك، وكتب مع
ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش: أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ
من إرْثِ إبراهيم، فما كان دون المنار، فهو حَرَم لا يحل صيده ولا
يُقْطَع شجره، وما كان وراء المَنار، فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن
صائده مُحْرِماً. قال: فإن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى: أَوَلم
يَرَوْا أَنَّا جعلنا حَرَماً آمناً ويُتَخَطَّف الناس من حولهم؛ كيف
يكون حَرَماً آمناً وقد أُخِيفوا وقُتلوا في الحَرَمِ؟ فالجواب فيه أَنه عز
وجل جعله حَرَماً آمناً أَمراً وتَعَبُّداً لهم بذلك لا إخباراً، فمن آمن
بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً وانتهاءً إلى ما أُمِرَ به، ومن
أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ، ومن
أَقَرَّ وركب النهيَ فصاد صيد الحرم وقتل فيه فهو فاسق وعليه الكفَّارة فيما
قَتَلَ من الصيد، فإن عاد فإن الله ينتقم منه. وأَما المواقيت التي يُهَلُّ
منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ، وهي من الحلّ، ومن أَحْرَمَ منها
بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام
مُحْرِماً عن الرَّفَثِ وما وراءَه من أَمر النساء، وعن التَّطَيُّبِ بالطيبِ،
وعن لُبْس الثوب المَخيط، وعن صيد الصيد؛ وقال الليث في قول الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ
قال: المُحَرَّمُ هو الحَرَمُ. وتقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ
وحَرامٌ، ورجل حَرامٌ أَي مُحْرِم، والجمع حُرُم مثل قَذالٍ وقُذُلٍ،
وأَحْرَم بالحج والعمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالاً من قبلُ كالصيد
والنساء. وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في الإحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إذا
صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه؛
وأََما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي:
قَسَماً، ما غيرَ ذي كَذِبٍ،
أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه
(* قوله «أن نبيح الخدن» كذا بالأصل، والذي في نسختين من المحكم: أن
نبيح الحصن).
قال ابن سيده: فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ، وأَحسن من ذلك
أَن يقول والحُرُمَة، بضم الراء، فتكون من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو
يكون أَتبع الضم الضم للضرورة كما أتبع الأَعشى الكسر الكسر أَيضاً
فقال:أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها،
وقد تُكْرَهُ الحربُ بعد السِّلِمْ
إلاَّ أن قول الأَعشى قد يجوز أَن يَتَوَجَّه على الوقف كما حكاه سيبويه
من قولهم: مررت بالعِدِلْ.
وحُرَمُ الرجلِ: عياله ونساؤه وما يَحْمِي، وهي المَحارِمُ، واحدتها
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة مَحْرُمة. ورَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ
تَزْويجُها؛ قال:
وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا
كما بَراها الله، إلا إنما
مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا
كما بَراها الله أَي كما جعلها. وقد تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والمَحْرَمُ:
ذات الرَّحِم في القرابة أَي لا يَحِلُّ تزويجها، تقول: هو ذو رَحِمٍ
مَحْرَمٍ، وهي ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الجوهري: يقال هو ذو رَحِمٍ منها إذا لم
يحل له نكاحُها. وفي الحديث: لا تسافر امرأة إلا مع ذي مَحْرَمٍ منها،
وفي رواية: مع ذي حُرْمَةٍ منها؛ ذو المَحْرَمِ: من لا يحل له نكاحها من
الأَقارب كالأب والإبن والعم ومن يجري مجراهم.
والحُرْمَة: الذِّمَّةُ. وأَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ
إذا كانت له ذمة؛ قال الراعي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً،
ودَعا فلم أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
ويروى: مَخْذولا، وقيل: أَراد بقوله مُحْرِماً أَنهم قتلوه في آخر ذي
الحِجَّةِ؛ وقال أَبو عمرو: أَي صائماً. ويقال: أَراد لم يُحِلَّ من نفسه
شيئاً يوقِعُ به فهو مُحْرِمٌ. الأزهري: روى شمر لعُمَرَ أَنه قال الصيام
إحْرامٌ، قال: وإنما قال الصيامُ إحْرام لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ
صيامَه، ويقال للصائم أَيضاً
مُحْرِمٌ؛ قال ابن بري: ليس مُحْرِماً في بيت الراعي من الإحْرام ولا من
الدخول في الشهر الحَرام، قال: وإنما هو مثل البيت الذي قبله، وإنما
يريد أَن عثمان في حُرْمةِ الإسلام وذِمَّته لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً
يُوقِعُ به، ويقال للحالف مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه به، ومنه قول الحسن في الرجل
يُحْرِمُ في الغضب أَي يحلف؛ وقال الآخر:
قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً،
غادَرُوه لم يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يريد: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري:
الحُرْمة المَهابة، قال: وإذا كان بالإنسان رَحِمٌ وكنا نستحي مه قلنا: له
حُرْمَةٌ، قال: وللمسلم على المسلم حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قال أَبو زيد: يقال
هو حُرْمَتُك وهم ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غائباً وشاهداً ومن
وجب عليه حَقُّه. ويقال: أَحْرَمْت عن الشيء إذا أَمسكتَ عنه، وذكر أَبو
القاسم الزجاجي عن اليزيدي أَنه قال: سألت عمي عن قول النبي، صلى الله
عليه وسلم: كلُّ مُسْلم عن مسلم مُحْرِمٌ، قال: المُحْرِمُ الممسك، معناه
أَن المسلم ممسك عن مال المسلم وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين
الدارميّ:
أَتتْني هَناتٌ عن رجالٍ، كأَنها
خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ
أَحَلُّوا على عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ،
وفي اللهِ جارٌ لا ينامُ وطالِبُ
قال: وأَنشد المفضل لأَخْضَرَ بن عَبَّاد المازِنيّ جاهليّ:
لقد طال إعْراضي وصَفْحي عن التي
أُبَلَّغُ عنكْم، والقُلوبُ قُلوبُ
وطال انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ
ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي
كرِهْتُ، ومنها في القُلوب نُدُوبُ
فلا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ،
فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً في المَقالِ ومنكُُمُ،
إذا ما ارْتَمَيْنا في المَقال، عُيوبُ
ويقال: أَحْرَمْتُ الشيء بمعنى حَرَّمْتُه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ:
إلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كأنها
رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قال: والضمير في كأنها يعود على رِكابٍ تقدم ذكرها. وتَحَرَّم منه
بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ. وأََحْرَمَ القومُ إذا دخلوا في الشهر
الحَرامِ؛ قال زهير:
جَعَلْنَ القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَهُ،
وكم بالقَنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمة لا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بيت زهير:
وكم بالقنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
أي ممن يَحِلُّ قتالُه وممن لا يَحِلُّ ذلك منه. والمُحْرِمُ:
المُسالمُ؛ عن ابن الأَعرابي، في قول خِداش بن زهير:
إذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ،
من الناس، إلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هكذا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، برفع الغيث، قال ابن سيده: وأَراها لغة في
صابَ أَو على حذف المفعول كأنه إذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الغيث
بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مرة أُخرى:
إذا شَرِبوا بالغَيْثِ
والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ من هذا أُخِذَ.
وحُرْمَةُ الرجل: حُرَمُهُ وأَهله. وحَرَمُ الرجل وحَريمُه: ما يقاتِلُ عنه
ويَحْميه، فجمع الحَرَم أَحْرامٌ، وجمع الحَريم حُرُمٌ. وفلان مُحْرِمٌ بنا أَي
في حَريمنا. تقول: فلان له حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بنا بصحبةٍ أَو بحق
وذِمَّةِ. الأَزهري: والحَريمُ
قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ المسجد. وحكي عن ابن واصل الكلابي:
حَريم الدار ما دخل فيها مما يُغْلَقُ عليه بابُها وما خرج منها فهو
الفِناءُ، قال: وفِناءُ البَدَوِيِّ ما يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وهو
من الحَضَرِيّ إذا كانت تحاذيها دار أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ ما بينهما.
وحَريمُ الدار: ما أُضيف إليها وكان من حقوقها ومَرافِقها. وحَريمُ
البئر: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى على جانبيها ونحو ذلك؛ الصحاح: حَريم
البئر وغيرها ما حولها من مَرافقها وحُقوقها. وحَريمُ النهر: مُلْقى طينه
والمَمْشى على حافتيه ونحو ذلك. وفي الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً،
هو الموضع المحيط بها الذي يُلْقى فيه ترابُها أَي أَن البئر التي يحفرها
الرجل في مَواتٍ فَحريمُها ليس لأَحد أَن ينزل فيه ولا ينازعه عليها،
وسمي به لأَنه يَحْرُمُ منع صاحبه منه أَو لأَنه مُحَرَّمٌ على غيره
التصرفُ فيه.
الأَزهري: الحِرْمُ المنع، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه
الإعطاء والرَّزْقُ. يقال: مَحْرُومٌ ومَرْزوق. وحَرَمهُ الشيءَ
يَحْرِمُهُ وحجَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً
(* قوله «وحرماً» أي بكسر فسكون، زاد في
المحكم: وحرماً ككتف) وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً،
وأَحْرَمَهُ لغةٌ ليست بالعالية، كله: منعه العطيّة؛ قال يصف امرأة:
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي حَرَّمَتْهُم على نفسها. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قومها أَي
حَرَمَتْهُم أَن ينكحوها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: كل مُسلمٍ
عن مسلم مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ؛ قال أَبو العباس: قال ابن الأَعرابي
يقال إنه لمُحْرِمٌ عنك أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه؛ قال الأَزهري: وهذا
بمعنى الخبر، أَراد أَنه يَحْرُمُ على كل واحد منهما أَن يُؤْذي صاحبَهُ
لحُرْمة الإسلام المانِعَتِه عن ظُلْمِه. ويقال: مُسلم مُحْرِمٌ وهو الذي
لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، يريد أَن المسلم مُعْتَصِمٌ
بالإسلام ممتنع بحُرْمتِهِ ممن أَراده وأَراد ماله.
والتَّحْرِيمُ: خلاف التَّحْليل. ورجل مَحْروم: ممنوع من الخير. وفي
التهذيب: المَحْروم الذي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. وقوله تعالى: في أَموالهم
حقٌّ معلوم للسائل والمَحْروم؛ قيل: المَحْروم الذي لا يَنْمِي له مال،
وقيل أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الذي لا يكاد يَكْتَسِبُ. وحَرِيمةُ
الربِّ: التي يمنعها من شاء من خلقه. وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ في
اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قَمِرَ ولم يَقْمُرْ هو؛ وأَنشد:
ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لم يَصْطَدِ
ويُخَطُّ خَطٌّ
فيدخل فيه غِلمان وتكون عِدَّتُهُمْ في خارج من الخَطّ فيَدْنو هؤلاء من
الخط ويصافحُ أَحدُهم صاحبَهُ، فإن مسَّ الداخلُ الخارجَ فلم يضبطه
الداخلُ قيل للداخل: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإن ضبطه الداخلُ
فقد حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ. وحَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ
ومَحَكَ. وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها من ذوات الظِّلْف حِراماً
واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الفحل، وما أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وهي حَرْمَى، وجمعها حِرامٌ
وحَرامَى، كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه فَعْلَى التي لها فَعْلانُ نحو
عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، والاسم الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول
عن اللحياني، وكذلك الذِّئْبَةُ والكلبة وأكثرها في الغنم، وقد حكي ذلك
في الإبل. وجاء في بعض الحديث: الذين تقوم عليهم الساعةُ تُسَلَّطُ عليهم
الحِرْمَةُ أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل في ذكور
الأَناسِيِّ، وقيل: الإسْتِحْرامُ لكل ذات ظِلْفٍ خاصةً. والحِرْمَةُ،
بالكسر: الغُلْمةُ. قال ابن الأثير: وكأنها بغير الآدمي من الحيوان أَخَصُّ.
وقوله في حديث آدم، عليه السلام: إنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائةَ سنةٍ
لم يَضْحَكْ؛ هو من قولهم: أَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمَةٍ لا
تهْتَكُ، قال: وليس من اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: والحِرْمةُ في الشاء
كالضَّبْعَةِ في النُّوقِ، والحِنَاء في النِّعاج، وهو شهوة البِضاع؛ يقال:
اسْتَحْرَمَت الشاةُ وكل أُنثى من ذوات الظلف خاصةً إذا اشتهت الفحل. وقال
الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ
إذا أَرادت الفحل. وشاة حَرْمَى وشياه حِرامٌ وحَرامَى مثل عِجالٍ
وعَجالى، كأَنه لو قيل لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قال ابن بري: فَعْلَى
مؤنثة فَعْلان قد تجمع على فَعالَى وفِعالٍ نحو عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شاة
حَرْمَى فإنها، وإن لم يستعمل لها مذكَّر، فإنها بمنزلة ما قد استعمل لأَن
قياس المذكر منه حَرْمانُ، فلذلك قالوا في جمعه حَرامَى وحِرامٌ، كما
قالوا عَجالَى وعِجالٌ.
والمُحَرَّمُ من الإبل مثل العُرْضِيِّ: وهو الذَّلُول الوَسَط
(* قوله
«وهو الذلول الوسط» ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم
بكسرها ولعله أقرب للصواب) الصعبُ التَّصَرُّفِ حين تصَرُّفِه. وناقة
مُحَرَّمةٌ: لم تُرَضْ؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول ناقة مُحَرَّمَةُ
الظهرِ إذا كانت صعبةً لم تُرَضْ ولم تُذَلَّْلْ، وفي الصحاح: ناقة
مُحَرَّمةٌ أَي لم تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. وفي حديث عائشة: إنه أَراد البَداوَة
فأَرسل إليَّ ناقة مُحَرَّمةً؛ هي التي لم تركب ولم تُذَلَّل.
والمُحَرَّمُ من الجلود: ما لم يدبغ أَو دُبغ فلم يَتَمَرَّن ولم يبالغ، وجِلد
مُحَرَّم: لم تتم دِباغته. وسوط مُحَرَّم: جديد لم يُلَيَّنْ بعدُ؛ قال
الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها،
تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما
وفي التهذيب: في جنب موقها تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سوطه. قال
الأَزهري: وقد رأَيت العرب يُسَوُّون سياطَهم من جلود الإبل التي لم تدبغ،
يأخذون الشَّريحة العريضة فيقطعون منها سُيوراً عِراضاً ويدفنونها في
الثَّرَى، فإذا نَدِيَتْ ولانت جعلوا منها أَربع قُوىً، ثم فتلوها ثم علَّقوها
من شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها في الأَرض فتُقِلُّها من الأَرض ممدودةً
وقد أَثقلوها حتى تيبس.
وقوله تعالى: وحِرْم على قرية أهلكناها أَنهم لا يرجعون؛ روى قَتادةُ عن
ابن عباس: معناه واجبٌ عليها إذا هَلَكَتْ أن لا ترجع إلى دُنْياها؛
وقال أَبو مُعاذٍ النحويّ: بلغني عن ابن عباس أَنه قرأَها وحَرمَ على قرية
أَي وَجَب عليها، قال: وحُدِّثْت عن سعيد بن جبير أَنه قرأَها: وحِرْمٌ
على قرية أَهلكناها؛ فسئل عنها فقال: عَزْمٌ عليها. وقال أَبو إسحق في
قوله تعالى: وحرامٌ
على قرية أَهلكناها؛ يحتاج هذا إلى تَبْيين فإنه لم يُبَيَّنْ، قال:
وهو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل لما قال: فلا كُفْرانَ لسعيه إنا له
كاتبون، أَعْلَمنا أَنه قد حَرَّمَ أعمال الكفار، فالمعنى حَرامٌ على قرية
أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل منهم عَمَلٌ، لأَنهم لا يرجعون أَي لا يتوبون؛
وروي أَيضاً عن ابن عباس أَنه قال في قوله: وحِرْمٌ على قرية أَهلكناها،
قال: واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنه لا يرجع منهم راجع أَي لا يتوب منهم
تائب؛ قال الأَزهري: وهذا يؤيد ما قاله الزجاج، وروى الفراء بإسناده عن ابن
عباس: وحِرْمٌ؛ قال الكسائي: أَي واجب، قال ابن بري: إنما تَأَوَّلَ
الكسائي وحَرامٌ في الآية بمعنى واجب، لتسلم له لا من الزيادة فيصير المعنى
عند واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنهم لا يرجعون، ومن جعل حَراماً بمعنى
المنع جعل لا زائدة تقديره وحَرامٌ على قرية أَهلكناها أَنهم يرجعون،
وتأويل الكسائي هو تأْويل ابن عباس؛ ويقوّي قول الكسائي إن حَرام في الآية
بمعنى واجب قولُ عبد الرحمن بن جُمانَةَ المُحاربيّ جاهليّ:
فإنَّ حَراماً لا أَرى الدِّهْرَ باكِياً
على شَجْوِهِ، إلاَّ بَكَيْتُ على عَمْرو
وقرأ أَهل المدينة وحَرامٌ، قال الفراء: وحَرامٌ أَفشى في القراءة.
وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ. وحَرامٌ: اسم. وفي العرب بُطون ينسبون إلى آل
حَرامٍ
(* قوله «إلى آل حرام» هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل) بَطْنٌ من
بني تميم وبَطْنٌ في جُذام وبطن في بكر بن وائل. وحَرامٌ: مولى كُلَيْبٍ.
وحَريمةُ: رجل من أَنجادهم؛ قال الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها،
وقد جَعَلَتْني من حَريمةَ إصْبَعا
وحَرِيمٌ: اسم موضع؛ قال ابن مقبل:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لا حَيَّ بها،
بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: البقر، واحدتها حَيْرَمة؛ قال ابن أَــحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً من ظِباءٍ وحَيْرَما
قال الأَصمعي: لم نسمع الحَيْرَمَ إلا في شعر ابن أَــحمر، وله نظائر
مذكورة في مواضعها. قال ابن جني: والقولُ في هذه الكلمة ونحوها وجوبُ قبولها،
وذلك لما ثبتتْ به الشَّهادةُ من فَصاحة ابن أَــحمر، فإما أَن يكون شيئاً
أَخذه عمن نَطَقَ بلغة قديمة لم يُشارَكْ في سماع ذلك منه، على حدّ ما
قلناه فيمن خالف الجماعة، وهو فصيح كقوله في الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ
ونحو ذلك، وإما أَن يكون شيئاً ارتجله ابن أَــحمر، فإن الأَعرابي إذا
قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وارتجل ما لم يسبقه أَحد قبله، فقد
حكي عن رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كانا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لم يسمعاها ولا
سُبِقا إليها، وعلى هذا قال أَبو عثمان: ما قِيس على كلام العَرَب فهو من
كلام العرب. ابن الأَعرابي: الحَيْرَمُ البقر، والحَوْرَمُ المال الكثير
من الصامِتِ والناطق.
والحِرْمِيَّةُ: سِهام تنسب إلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قد يكون الحَرامَ،
ونظيره زَمَنٌ وزَمانٌ.
وحَريمٌ الذي في شعر امرئ القيس: اسم رجل، وهو حَريمُ بن جُعْفِيٍّ
جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قال ابن بري يعني قوله:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني،
عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما
وقد ذكر ذلك في ترجمة شعر. والحرَيمةُ: ما فات من كل مَطْموع فيه.
وحَرَمَهُ الشيء يَحْرِمُه حَرِماً مثل سَرَقَه سَرِقاً، بكسر الراء،
وحِرْمَةً
وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إذا منعه إياه؛ وقال يصف إمرأة:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
(* قوله «ونبئتها» في التهذيب: وأنبئتها)
قال ابن بري: وأَنشد أَبو عبيد شاهداً على أَحْرَمَتْ بيتين متباعد
أَحدهما من صاحبه، وهما في قصيدة تروى لشَقِيق بن السُّلَيْكِ، وتروى لابن
أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الفقيه القارئ، وخطب امرأَة فردته فقال:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قومها
لتَنكِح في معشرٍ آخَرينا
فإن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي،
فإن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا،
وأُقْسِمُ باللهِ لا تَفْعَلِينا
فإمّا نَكَحْتِ فلا بالرِّفاء،
إذا ما نَكَحْتِ ولا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ في غُرْبة،
تُجََنُّ الحَلِيلَة منه جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ،
وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إذا ما نُقِلْتِ إلى دارِهِ
أَعَدَّ لظهرِكِ سوطاً مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ في مارِدٍ،
تَظَلُّ الحَمامُ عليه وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه،
إذا ما دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ في شِدْقِه،
إذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طينا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ
وبين ثَناياهُ غِسْلاً لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مما تُُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ
حتى يَمْلاسَّ فلا يقدر أَحد على ارتقائه، والوُكُونُ: جمع واكِنٍ مثل جالس
وجُلوسٍ، وهي الجاثِمة، يريد أَن الحمام يقف عليه فلا يُذْعَرُ
لارتفاعه، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: المضروب بالماء، شبَّه ما رَكِبَ
أَسنانَه وأنيابَِ من الخضرة بالخِطميّ المضروب بالماء. والحَرِمُ، بكسر
الراء: الحِرْمانُ؛ قال زهير:
وإنْ أَتاه خليلٌ يوم مَسْأَلةٍ
يقولُ: لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وإنما رَفَعَ يقولُ، وهو جواب الجزاء، على معنى التقديم عند سيبويه
كأَنه قال: يقول إن أَتاه خليل لا غائب، وعند الكوفيين على إضمار الفاء؛ قال
ابن بري: الحَرِمُ الممنوع، وقيل: الحَرِمُ الحَرامُ. يقال: حِرْمٌ
وحَرِمٌ وحَرامٌ بمعنى. والحَريمُ: الـصديق؛ يقال: فلان حَريمٌ
صَريح أَي صَديق خالص. قال: وقال العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ
الله لا أَفعلُ ذلك، ويمينُ الله لا أَفعلُ ذلك، معناهما واحد. قال:
وقال أَبو زيد يقال للرجل: ما هو بحارِم عَقْلٍ، وما هو بعادِمِ عقل،
معناهما أَن له عقلاً. الأزهري: وفي حديث بعضهم إذا اجتمعت حُرْمتانِ طُرِحت
الصُّغْرى للكُبْرى؛ قال القتيبي: يقول إذا كان أَمر فيه منفعة لعامَّة
الناس ومَضَرَّةٌ على خاصّ منهم قُدِّمت منفعة العامة، مثال ذلك: نَهْرٌ
يجري لشِرْب العامة، وفي مَجْراه حائطٌ لرجل وحَمَّامٌ يَضُرُّ به هذا
النهر، فلا يُتْرَكُ إجراؤه من قِبَلِ هذه المَضَرَّة، هذا وما أَشبهه، قال:
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: في الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ؛ هو أَن يقول
حَرامُ الله لا أَفعلُ كما يقول يمينُ اللهِ، وهي لغة العقيلِييّن، قال:
ويحتمل أَن يريد تَحْريمَ الزوجة والجارية من غير نية الطلاق؛ ومنه قوله
تعالى: يا أَيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لك، ثم قال عز وجل:
قد فرض الله لكم تَحِلَّةَ أَيْمانِكم؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها:
آلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من نسائه وحَرَّمَ فجعل الحَرامَ
حلالاً، تعني ما كان حَرّمهُ على نفسه من نسائه بالإيلاء عاد فأَحَلَّهُ
وجعل في اليمين الكفارةَ. وفي حديث عليّ
(* قوله «وفي حديث عليّ إلخ» عبارة
النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ) في الرجل يقول لامرأته: أَنتِ عليَّ
حَرامٌ، وحديث ابن عباس: من حَرّمَ امرأَته فليس بشيءٍ، وحديثه الآخر: إذا
حَرَّمَ الرجل امرأَته فهي يمينٌ يُكَفِّرُها. والإحْرامُ والتَّحْريمُ
بمعنى؛ قال يصف بعيراً:
له رِئَةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ،
فما فيه للفُقْرَى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ
قال ابن بري: الذي رواه ابن وَلاَّد وغيره: له رَبَّة، وقوله مَزْعَم
أَي مَطْمع. وقوله تعالى: للسائل والمَحْرُوم؛ قال ابن عباس: هو
المُحارِف.أَبو عمرو: الحَرُومُ الناقة المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ التي
لا تَرْغُو، والخَزُوم المنقطعة في السير، والزَّحُوم التي تزاحِمُ على
الحوض.
والحَرامُ: المُحْرِمُ. والحَرامُ: الشهر الحَرامُ. وحَرام: قبيلة من
بني سُلَيْمٍ؛ قال الفرزدق:
فَمَنْ يَكُ خائفاً لأذاةِ شِعْرِي،
فقد أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ
وحَرَام أَيضاً: قبيلة من بني سعد بن بكر.
والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قال رؤبة:
دَيَّثْتُ من قَسْوتِهِ التَّحرِيما
يقال: هو بعير مُحَرَّمٌ أَي صعب. وأَعرابيّ مُحَرَّمٌ
أَي فصيح لم يخالط الحَضَرَ. وقوله في الحديث: أَما عَلِمْتَ أَن الصورة
مُحَرَّمةٌ؟ أَي مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذات حُرْمةٍ، والحديث الآخر:
حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي أَي تَقَدَّسْتُ عنه وتعالَيْتُ، فهو في حقه
كالشيء المُحَرَّم على الناس. وفي الحديث الآخر: فهو حَرامٌ بحُرمة الله أَي
بتحريمه، وقيل: الحُرْمةُ الحق أَي بالحق المانع من تحليله. وحديث
الرضاع: فَتَحَرَّمَ بلبنها أَي صار عليها حَراماً. وفي حديث ابن عباس:
وذُكِرَ عنده قولُ عليٍّ أَو عثمان في الجمع بين الأَمَتَيْن الأُختين:
حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فقال: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي
منهن ولا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بعضهن من بعض؛ قال ابن الأَثير: أَراد ابن
عباس أَن يخبر بالعِلَّة التي وقع من أجلها تَحْريمُ الجمع بين الأُختين
الحُرَّتَين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إحداهما من الأخرى إذ لو كان ذلك لم
يَحِلَّ وطءُ الثانية بعد وطء الأولى كما يجري في الأُمِّ مع البنت،
ولكنه وقع من أجل قرابة الرجل منهما فَحُرمَ عليه أَن يجمع الأُختَ إلى
الأُخت لأَنها من أَصْهاره، فكأَن ابن عباس قد أَخْرَجَ الإماءَ من حكم
الحَرائر لأَنه لا قرابة بين الرجل وبين إمائِه، قال: والفقهاء على خلاف ذلك
فإنهم لا يجيزون الجمع بين الأُختين في الحَرائر والإماء، فالآية
المُحَرِّمةُ قوله تعالى: وأَن تجمعوا بين الأُختين إلاَّ ما قد سلف، والآية
المُحِلَّةُ قوله تعالى: وما مَلكتْ أَيْمانُكُمْ.
حور: الحَوْرُ: الرجوع عن الشيء وإِلى الشيء، حارَ إِلى الشيء وعنه
حَوْراً ومَحاراً ومَحارَةً وحُؤُورواً: رجع عنه وإِليه؛ وقول العجاج:
في بِئْرِ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
أَراد: في بئر لا حُؤُورٍ، فأَسكن الواو الأُولى وحذفها لسكونها وسكون
الثانية بعدها؛ قال الأَزهري: ولا صلة في قوله؛ قال الفرّاء: لا قائمة في
هذا البيت صحيحة، أَراد في بئر ماء لا يُحِيرُ عليه شيئاً. الجوهري: حارَ
يَحُورُ حَوْراً وحُؤُوراً رجع. وفي الحديث: من دعا رجلاً بالكفر وليس
كذلك حارَ عليه؛ أَي رجع إِليه ما نسب إِليه؛ ومنه حديث عائشة: فَغَسلْتها
ثم أَجْفقتها ثم أَحَرْتها إِليه؛ ومنه حديث بعض السلف: لو عَيَّرْتُ
رجلاً بالرَّضَعِ لخشيتُ أَن يَحُورَ بي داؤه أَي يكونَ عَلَيَّ مَرْجِعُه.
وكل شيء تغير من حال إِلى حال، فقد حارَ يَحُور حَوْراً؛ قال لبيد:
وما المَرْءُ إِلاَّ كالشِّهابِ وضَوْئِهِ،
يِحُورُ رَماداً بعد إِذْ هو ساطِعُ
وحارَتِ الغُصَّةُ تَحُورُ: انْحَدَرَتْ كأَنها رجعت من موضعها،
وأَحارَها صاحِبُها؛ قال جرير:
ونُبِّئْتُ غَسَّانَ ابْنَ واهِصَةِ الخُصى
يُلَجْلِجُ مِنِّي مُضْغَةً لا يُحِيرُها
وأَنشد الأَزهري:
وتِلْكَ لَعَمْرِي غُصَّةٌ لا أُحِيرُها
أَبو عمرو: الحَوْرُ التَّحَيُّرُ، والحَوْرُ: الرجوع. يقال: حارَ بعدما
كارَ. والحَوْرُ: النقصان بعد الزيادة لأَنه رجوع من حال إِلى حال. وفي
الحديث: نعوذ بالله من الحَوْرِ بعد الكَوْرِ؛ معناه من النقصان بعد
الزيادة، وقيل: معناه من فساد أُمورنا بعد صلاحها، وأَصله من نقض العمامة بعد
لفها، مأْخوذ من كَوْرِ العمامة إِذا انقض لَيُّها وبعضه يقرب من بعض،
وكذلك الحُورُ، بالضم. وفي رواية: بعد الكَوْن؛ قال أَبو عبيد: سئل عاصم
عن هذا فقال: أَلم تسمع إِلى قولهم: حارَ بعدما كان؟ يقول إِنه كان على
حالة جميلة فحار عن ذلك أَي رجع؛ قال الزجاج: وقيل معناه نعوذ بالله من
الرُّجُوعِ والخُروج عن الجماعة بعد الكَوْرِ، معناه بعد أَن كنا في
الكَوْرِ أَي في الجماعة؛ يقال كارَ عِمامَتَهُ على رأْسه إِذا لَفَّها، وحارَ
عِمامَتَهُ إِذا نَقَضَها. وفي المثل: حَوْرٌ في مَحَارَةٍ؛ معناه نقصان
في نقصان ورجوع في رجوع، يضرب للرجل إِذا كان أَمره يُدْبِرُ. والمَحارُ:
المرجع؛ قال الشاعر:
نحن بنو عامِر بْنِ ذُبْيانَ، والنَّا
سُ كهَامٌ، مَحارُهُمْ للقُبُورْ
وقال سُبَيْعُ بن الخَطِيم، وكان بنو صُبْح أَغاروا على إِبله فاستغاث
بزيد الفوارس الضَّبِّيّ فانتزعها منهم، فقال يمدحه:
لولا الإِلهُ ولولا مَجْدُ طالِبِها،
لَلَهْوَجُوها كما نالوا مِن الْعِيرِ
واسْتَعْجَلُوا عَنْ خَفِيف المَضْغِ فازْدَرَدُوا،
والذَّمُّ يَبْقَى، وزادُ القَوْمِ في حُورِ
اللَّهْوَجَة: أَن لا يُبالغ في إِنضاج اللحم أَي أَكلوا لحمها من قبل
أَن ينضج وابتلعوه؛ وقوله:
والذم يبقى وزاد القوم في حور
يريد: الأَكْلُ يذهب والذم يبقى. ابن الأَعرابي: فلان حَوْرٌ في
مَحارَةٍ؛ قال: هكذا سمعته بفتح الحاء، يضرب مثلاً للشيء الذي لا يصلح أَو كان
صالحاً ففسد. والمَحارة: المكان الذي يَحُور أَو يُحارُ فيه. والباطل في
حُورٍ أَي في نقص ورجوع. وإِنك لفي حُورٍ وبُورٍ أَي في غير صنعة ولا
إِجادة. ابن هانئ: يقال عند تأْكيد المَرْزِئَةِ عليه بِقِلَّةِ النماء: ما
يَحُور فلان وما يَبُورُ، وذهب فلان في الحَوَارِ والبَوَارِ، بفتح
الأَول، وذهب في الحُورِ والبُورِ أَي في النقصان والفساد. ورجل حائر بائر،
وقد حارَ وبارَ، والحُورُ الهلاك وكل ذلك في النقصان والرجوع. والحَوْرُ:
ما تحت الكَوْرِ من العمامة لأَنه رجوع عن تكويرها؛ وكلَّمته فما رَجَعَ
إِلَيَّ حَوَاراً وحِواراً ومُحاوَرَةً وحَوِيراً ومَحُورَة، بضم الحاء،
بوزن مَشُورَة أَي جواباً.
وأَحارَ عليه جوابه: ردَّه. وأَحَرْتُ له جواباً وما أَحارَ بكلمة،
والاسم من المُحاوَرَةِ الحَوِيرُ، تقول: سمعت حَوِيرَهما وحِوَارَهما.
والمُحاوَرَة: المجاوبة. والتَّحاوُرُ: التجاوب؛ وتقول: كلَّمته فما أَحار
إِليَّ جواباً وما رجع إِليَّ خَوِيراً ولا حَوِيرَةً ولا مَحُورَةً ولا
حِوَاراً أَي ما ردَّ جواباً. واستحاره أَي استنطقه. وفي حديث علي، كرم الله
وجهه: يرجع إِليكما ابنا كما بِحَوْرِ ما بَعَثْتُما بِه أَي بجواب ذلك؛
يقال: كلَّمته فما رَدَّ إِليَّ حَوْراً أَي جواباً؛ وقيل: أَراد به
الخيبة والإِخْفَاقَ. وأَصل الحَوْرِ: الرجوع إِلى النقص؛ ومنه حديث عُبادة:
يُوشِك أَن يُرَى الرجُل من ثَبَجِ المسلمين قُرَّاء القرآن على لسان
محمد، صلى الله عليه وسلم، فأَعاده وأَبْدَأَه لا يَحُورُ فيكم إِلا كما
يَحُور صاحبُ الحمار الميت أَي لا يرجع فيكم بخير ولا ينتفع بما حفظه من
القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه. وفي حديث سَطِيحٍ: فلم يُحِرْ
جواباً أَي لم يرجع ولم يَرُدَّ. وهم يَتَحاوَرُون أَي يتراجعون الكلام.
والمُحاوَرَةُ: مراجعة المنطق والكلام في المخاطبة، وقد حاوره.
والمَحُورَةُ: من المُحاوَرةِ مصدر كالمَشُورَةِ من المُشاوَرَة كالمَحْوَرَةِ؛
وأَنشد:
لِحاجَةِ ذي بَتٍّ ومَحْوَرَةٍ له،
كَفَى رَجْعُها من قِصَّةِ المُتَكَلِّمِ
وما جاءتني عنه مَحُورَة أَي ما رجع إِليَّ عنه خبر.
وإِنه لضعيف الحَوْرِ أَي المُحاوَرَةِ؛ وقوله:
وأَصْفَرَ مَضْبُوحٍ نَظَرْتُ حَِوارَهُ
على النَّارِ، واسْتَوْدَعْتُهُ كَفَّ مُجْمِدِ
ويروى: حَوِيرَه، إِنما يعني بحواره وحويره خروجَ القِدْحِ من النار أَي
نظرت الفَلَجَ والفَوْزَ.
واسْتَحار الدارَ: اسْتَنْطَقَهَا، من الحِوَارِ الذي هو الرجوع؛ عن ابن
الأَعرابي.
أَبو عمرو: الأَحْوَرُ العقل، وما يعيش فلانٌ بأَحْوَرَ أَي ما يعيش
بعقل يرجع إِليه؛ قال هُدْبَةُ ونسبه ابن سيده لابن أَــحمر:
وما أَنْسَ مِ الأَشْياءِ لا أَنْسَ قَوْلَها
لجارَتِها: ما إِن يَعِيشُ بأَحْوَرَا
أَراد: من الأَشياء. وحكى ثعلب: اقْضِ مَحُورَتَك أَي الأَمر الذي أَنت
فيه.
والحَوَرُ: أَن يَشْتَدَّ بياضُ العين وسَوادُ سَوادِها وتستدير حدقتها
وترق جفونها ويبيضَّ ما حواليها؛ وقيل: الحَوَرُ شِدَّةُ سواد المُقْلَةِ
في شدّة بياضها في شدّة بياض الجسد، ولا تكون الأَدْماءُ حَوْراءَ؛ قال
الأَزهري: لا تسمى حوراء حتى تكون مع حَوَرِ عينيها بيضاءَ لَوْنِ
الجَسَدِ؛ قال الكميت:
ودامتْ قُدُورُك، للسَّاعِيَيْـ
ن في المَحْلِ، غَرْغَرَةً واحْوِرارَا
أَراد بالغَرْغَرَةِ صَوْتَ الغَلَيانِ، وبالاحورار بياضَ الإِهالة
والشحم؛ وقيل: الحَوَرُ أَن تسودّ العين كلها مثل أَعين الظباء والبقر، وليس
في بني آدم حَوَرٌ، وإِنما قيل للنساء حُورُ العِينِ لأَنهن شبهن بالظباء
والبقر.
وقال كراع: الحَوَرُ أَن يكون البياض محدقاً بالسواد كله وإِنما يكون
هذا في البقر والظباء ثم يستعار للناس؛ وهذا إِنما حكاه أَبو عبيد في
البَرَج غير أَنه لم يقل إِنما يكون في الظباء والبقر. وقال الأَصمعي: لا
أَدري ما الحَوَرُ في العين وقد حَوِرَ حَوَراً واحْوَرَّ، وهو أَحْوَرُ.
وامرأَة حَوْراءُ: بينة الحَوَرِ. وعَيْنٌ حَوْراءٌ، والجمع حُورٌ، ويقال:
احْوَرَّتْ عينه احْوِرَاراً؛ فأَما قوله:
عَيْناءُ حَورَاءُ منَ العِينِ الحِير
فعلى الإِتباع لعِينٍ؛ والحَوْراءُ: البيضاء، لا يقصد بذلك حَوَر عينها.
والأَعْرابُ تسمي نساء الأَمصار حَوَارِيَّاتٍ لبياضهن وتباعدهن عن
قَشَفِ الأَعراب بنظافتهن؛ قال:
فقلتُ: إِنَّ الحَوارِيَّاتِ مَعْطَبَةٌ،
إِذا تَفَتَّلْنَ من تَحْتِ الجَلابِيبِ
يعني النساء؛ وقال أَبو جِلْدَةَ:
فَقُلْ للحَوَارِيَّاتِ يَبْكِينَ غَيْرَنا،
ولا تَبْكِنا إِلاَّ الكِلابُ النَّوابِحُ
بكَيْنَ إِلينا خفيةً أَنْ تُبِيحَها
رِماحُ النَّصَارَى، والسُّيُوفُ الجوارِحُ
جعل أَهل الشأْم نصارى لأَنها تلي الروم وهي بلادها. والحَوارِيَّاتُ من
النساء: النَّقِيَّاتُ الأَلوان والجلود لبياضهن، ومن هذا قيل لصاحب
الحُوَّارَى:
مُحَوَّرٌ؛ وقول العجاج:
بأَعْيُنٍ مُحَوَّراتٍ حُورِ
يعني الأَعين النقيات البياض الشديدات سواد الحَدَقِ.
وفي حديث صفة الجنة: إِن في الجنة لَمُجْتَمَعاً للحُورِ العِينِ.
والتَّحْوِيرُ: التببيض. والحَوارِيُّونَ: القَصَّارُونَ لتبييضهم
لأَنهم كانوا قصارين ثم غلب حتى صار كل ناصر وكل حميم حَوارِيّاً. وقال بعضهم:
الحَوارِيُّونَ صَفْوَةُ الأَنبياء الذين قد خَلَصُوا لَهُمْ؛ وقال
الزجاج: الحواريون خُلْصَانُ الأَنبياء، عليهم السلام، وصفوتهم. قال: والدليل
على ذلك قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الزُّبَيْرُ ابن عمتي
وحَوارِيَّ من أُمَّتِي؛ أَي خاصتي من أَصحابي وناصري. قال: وأَصحاب النبي، صلى
الله عليه وسلم، حواريون، وتأْويل الحواريين في اللغة الذين أُخْلِصُوا
ونُقُّوا من كل عيب؛ وكذلك الحُواَّرَى من الدقيق سمي به لأَنه يُنَقَّى من
لُباب البُرِّ؛ قال: وتأْويله في الناس الذي قد روجع في اختِياره مرة بعد
مرة فوجد نَقِيّاً من العيوب. قال: وأَصل التَّحْوِيرِ في اللغة من حارَ
يَحُورُ، وهو الرجوع. والتَّحْوِيرُ: الترجيع، قال: فهذا تأْويله، والله
أَعلم. ابن سيده: وكلُّ مُبالِغٍ في نُصْرَةِ آخر حوَارِيٌّ، وخص بعضهم
به أَنصار الأَنبياء، عليهم السلام، وقوله أَنشده ابن دريد:
بَكَى بِعَيْنِك واكِفُ القَطْرِ،
ابْنَ الحَوارِي العَالِيَ الذِّكْرِ
إِنما أَراد ابنَ الحَوارِيِّ، يعني الحَوارِيِّ الزُّبَيرَ، وعنى بابنه
عَبْدَ اللهِو بْنَ الزبير. وقيل لأَصحاب عيسى، عليه
السلام: الحواريون للبياض، لأَنهم كانوا قَصَّارين. والحَوارِيُّ:
البَيَّاضُ، وهذا أَصل قوله، صلى الله عليه وسلم، في الزبير: حَوارِيَّ من
أُمَّتي، وهذا كان بدأَه لأَنهم كانوا خلصاء عيسى وأَنصاره، وأَصله من
التحوير التبييض، وإِنما سموا حواريين لأَنهم كانوا يغسلون الثياب أَي
يُحَوِّرُونَها، وهو التبييض؛ ومنه الخُبْزُ الحُوَّارَى؛ ومنه قولهم: امرأَة
حَوارِيَّةٌ إِذا كانت بيضاء. قال: فلما كان عيسى بن مريم، على نبينا وعليه
السلام، نصره هؤلاء الحواريون وكانوا أَنصاره دون الناس قيل لناصر نبيه
حَوارِيُّ إِذا بالغ في نُصْرَتِه تشبيهاً بأُولئك. والحَوارِيُّونَ:
الأَنصار وهم خاصة أَصحابه. وروى شمر أَنه قال: الحَوارِيُّ الناصح وأَصله
الشيء الخالص، وكل شيء خَلَصَ لَوْنُه، فهو حَوارِيٌّ. والأَحْوَرِيُّ:
الأَبيض الناعم؛ وقول الكميت:
ومَرْضُوفَةٍ لم تُؤْنِ في الطَّبْخِ طاهِياً،
عَجِلْتُ إِلى مُحْوَرِّها حِينَ غَرْغَرَا
يريد بياض زَبَدِ القِدْرِ. والمرضوفة: القدر التي أُنضجت بالرَّضْفِ،
وهي الحجارة المحماة بالنار. ولم تؤْن أَي لم تحبس. والاحْوِرَارُ:
الابْيِضاضُ. وقَصْعَةٌ مُحْوَرَّةٌ: مُبْيَضَّةٌ بالسَّنَامِ؛ قال أَبو المهوش
الأَسدي:
يا وَرْدُ إِنِّي سَأَمُوتُ مَرَّهْ،
فَمَنْ حَلِيفُ الجَفْنَةِ المُحْوَرَّهْ؟
يعني المُبْيَضَّةَ. قال ابن بري: وورد ترخيم وَرْدَة، وهي امرأَته،
وكانت تنهاه عن إِضاعة ماله ونحر إِبله فقال ذلك: الأَزهري في الخماسي:
الحَوَرْوَرَةُ البيضاء. قال: هو ثلاثي الأَصل أُلحق بالخماسي لتكرار بعض
حروفها. والحَوَرُ: خشبة يقال لها البَيْضاءُ.
والحُوَّارَى: الدقيق الأَبيض، وهو لباب الدقيق وأَجوده وأَخلصه.
الجوهري: الحُوَّارَى، بالضم وتشديد الواو والراء مفتوحة، ما حُوِّرَ من الطعام
أَي بُيّصَ. وهذا دقيق حُوَّارَى، وقد حُوِّرَ الدقيقُ وحَوَّرْتُه
فاحْوَرَّ أَي ابْيَضَّ. وعجين مُحَوَّر، وهو الذي مسح وجهه بالماء حتى صفا.
والأَحْوَرِيُّ: الأَبيض الناعم من أَهل القرى؛ قال عُتَيْبَةُ بن
مِرْدَاسٍ المعروفُ بأَبي فَسْوَةَ:
تكُفُّ شَبَا الأَنْيَابِ منها بِمِشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كَسِبْتِ الأَحْوَرِيِّ المُخَصَّرِ
والحَوُْر: البَقَرُ لبياضها، وجمعه أَحْوارٌ؛ أَنشد ثعلب:
للهِ دَرُّ منَازِل ومَنازِل،
إِنَّا بُلِينَ بها ولا الأَحْوارُ
والحَوَرُ: الجلودُ البِيضُ الرِّقَاقُ تُعمل منها الأَسْفَاطُ، وقيل:
السُّلْفَةُ، وقيل: الحَوَرُ الأَديم المصبوغ بــحمرة. وقال أَبو حنيفة: هي
الجلود الــحُمْرُ التي ليست بِقَرَظِيَّةٍ، والجمع أَحْوَارٌ؛ وقد
حَوَّرَهُ. وخُفَّ مُحَوَّرٌ بطانته بِحَوَرٍّ؛ وقال الشاعر:
فَظَلَّ يَرْشَحُ مِسْكاً فَوْقَهُ عَلَقٌ،
كأَنَّما قُدَّ في أَثْوابِه الحَوَرُ
الجوهري: الحَوَرُ جلود حمر يُغَشَّى بها السِّلالُ، الواحدةُ حَوَرَةٌ؛
قال العجاج يصف مخالف البازي:
بِحَجَباتٍ يَتَثَقَّبْنَ البُهَرْ،
كأَنَّما يَمْزِقْنَ باللَّحْمِ الحَوَرْ
وفي كتابه لِوَفْدِ هَمْدَانَ: لهم من الصدقة الثِّلْبُ والنَّابُ
والفَصِيلُ والفَارِضُ والكَبْشُ الحَوَرِيُّ؛ قال ابن الأَثير: منسوب إِلى
الحَوَرَِ، وهي جلود تتخذ من جلود الضأْن، وقيل: هو ما دبغ من الجلود بغير
القَرَظِ، وهو أَحد ما جاء على أَصله ولم يُعَلَّ كما أُعلَّ ناب.
والحُوَارُ والحِوَارُ، الأَخيرة رديئة عند يعقوب: ولد الناقة من حين
يوضع إِلى أَن يفطم ويفصل، فإِذا فصل عن أُمه فهو فصيل، وقيل: هو حُوَارٌ
ساعةَ تضعه أُمه خاصة، والجمع أَحْوِرَةٌ وحِيرانٌ فيهما. قال سيبويه:
وَفَّقُوا بين فُعَالٍ وفِعَال كما وَفَّقُوا بين فُعالٍ وفَعِيلٍ، قال: وقد
قالوا حُورَانٌ، وله نظير، سمعت العرب تقول رُقاقٌ ورِقاقٌ، والأُنثى
بالهاء؛ عن ابن الأَعرابي. وفي التهذيب: الحُوَارُ الفصيل أَوَّلَ ما ينتج.
وقال بعض العرب: اللهم أَحِرْ رِباعَنا أَي اجعل رباعنا حِيراناً؛
وقوله:أَلا تَخافُونَ يوماً، قَدْ أَظَلَّكُمُ
فيه حُوَارٌ، بِأَيْدِي الناسِ، مَجْرُورُ؟
فسره ابن الأَعرابي فقال: هو يوم مَشْؤُوم عليكم كَشُؤْم حُوارِ ناقة
ثمود على ثمود.
والمِحْوَرُ: الحديدة التي تجمع بين الخُطَّافِ والبَكَرَةِ، وهي أَيضاً
الخشبة التي تجمع المَحَالَةَ. قال الزجاج: قال بعضهم قيل له مِحْوَرٌ
للدَّوَرَانِ لأَنه يرجع إِلى المكان الذي زال عنه، وقيل: إِنما قيل له
مِحْوَرٌ لأَنه بدورانه ينصقل حتى يبيض. ويقال للرجل إِذا اضطرب أَمره: قد
قَلِقَتْ مَحاوِرُه؛ وقوله أَنشده ثعلب:
يا مَيُّ ما لِي قَلِقَتْ مَحاوِرِي،
وصَارَ أَشْبَاهَ الفَغَا ضَرائِرِي؟
يقول: اضطربت عليّ أُموري فكنى عنها بالمحاور. والحديدة التي تدور عليها
البكرة يقال لها: مِحْورٌ. الجوهري: المِحْوَرُ العُودُ الذي تدور عليه
البكرة وربما كان من حديد. والمِحْوَرُ: الهَنَةُ والحديدة التي يدور
فيها لِسانُ الإِبْزِيمِ في طرف المِنْطَقَةِ وغيرها. والمِحْوَرُ: عُودُ
الخَبَّازِ. والمِحْوَرُ: الخشبة التي يبسط بها العجين يُحَوّرُ بها الخبز
تَحْوِيراً. قال الأَزهري: سمي مِحْوَراً لدورانه على العجين تشبيهاً
بمحور البكرة واستدارته.
وحَوَّرَ الخُبْزَةَ تَحْوِيراً: هَيَّأَها وأَدارها ليضعها في
المَلَّةِ. وحَوَّرَ عَيْنَ الدابة: حَجِّرَ حولها بِكَيٍّ وذلك من داء يصيبها،
والكَيَّةُ يقال لها الحَوْراءُ، سميت بذلك لأَن موضعها يبيضُّ؛ ويقال:
حَوِّرْ عينَ بعيرك أَي حَجَّرْ حولها بِكَيٍّ. وحَوَّرَ عين البعير: أَدار
حولها مِيسَماً. وفي الحديث: أَنه كَوَى أَسْعَدَ بنَ زُرَارَةَ على
عاتقه حَوْراءَ؛ وفي رواية: وجد وجعاً في رقبته فَحَوَّرَهُ رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، بحديدة؛ الحَوْراءُ: كَيَّةٌ مُدَوَّرَةٌ، وهي من حارَ
يَحُورُ إِذا رجع. وحَوَّرَه: كواه كَيَّةً فأَدارها. وفي الحديث: أَنه
لما أُخْبِرَ بقتل أَبي جهل قال: إِن عهدي به وفي ركبتيه حَوْراءُ فانظروا
ذلك، فنطروا فَرَأَوْهُ؛ يعني أَثَرَ كَيَّةٍ كُوِيَ بها.
وإِنه لذو حَوِيرٍ أَي عداوة ومُضَادَّةٍ؛ عن كراع. وبعض العرب يسمي
النجم الذي يقال له المُشْتَري: الأَحْوَرَ. والحَوَرُ: أَحد النجوم الثلاثة
التي تَتْبَعُ بنات نَعْشٍ، وقيل: هو الثالث من بنات نعش الكبرى اللاصق
بالنعش.
والمَحارَةُ: الخُطُّ والنَّاحِيَةُ. والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ أَو
نحوها من العظم، والجمع مَحاوِرُ ومَحارٌ؛ قال السُّلَيْكُ
بْنُ السُّلَكَةِ:
كأَنَّ قَوَائِمَ النِّخَّامِ، لَمَّا
تَوَلَّى صُحْبَتِي أَصْلاً، مَحارُ
أَي كأَنها صدف تمرّ على كل شيء؛ وذكر الأَزهري هذه الترجمة أَيضاً في
باب محر، وسنذكرها أَيضاً هناك. والمَحارَةُ: مرجع الكتف. ومَحَارَةُ
الحَنَكِ: فُوَيْقَ موضع تَحْنيك البَيْطار. والمَحارَةُ: باطن الحنك.
والمَحارَةُ: مَنْسِمُ البعير؛ كلاهما عن أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي.
التهذيب: المَحارَةُ النقصان، والمَحارَةُ: الرجوع، والمَحارَةُ:
الصَّدَفة.والحَوْرَةُ: النُّقْصانُ. والحَوْرَةُ: الرَّجْعَةُ.
والحُورُ: الاسم من قولك: طَحَنَتِ الطاحنةُ فما أَحارتْ شيئاً أَي ما
رَدَّتْ شيئاً من الدقيق؛ والحُورُ: الهَلَكَةُ؛ قال الراجز:
في بِئْرٍ لا حُورٍ سَرَى وما شَعَرْ
قال أَبو عبيدة: أَي في بئر حُورٍ، ولا زَيادَةٌ. وفلانٌ حائِرٌ بائِرٌ:
هذا قد يكون من الهلاك ومن الكَسادِ. والحائر: الراجع من حال كان عليها
إِلى حال دونها، والبائر: الهالك؛ ويقال: حَوَّرَ الله فلاناً أَي خيبه
ورَجَعَهُ إِلى النقص.
والحَوَر، بفتح الواو: نبت؛ عن كراع ولم يُحَلِّه. وحَوْرانُ، بالفتح:
موضع بالشام. وما أَصبت منه حَوْراً وحَوَرْوَراً أَي شيئاً.
وحَوَّارُونَ: مدينة بالشام؛ قال الراعي:
ظَلِلْنَا بِحَوَّارِينَ في مُشْمَخِرَّةٍ،
تَمُرُّ سَحابٌ تَحْتَنَا وثُلُوجُ
وحَوْرِيتُ: موضع؛ قال ابن جني: دخلت على أَبي عَلِيٍّ فحين رآني قال:
أَين أَنت؟ أَنا أَطلبك، قلت: وما هو؟ قال: ما تقول في حَوْرِيتٍ؟ فخضنا
فيه فرأَيناه خارجاً عن الكتاب، وصَانَعَ أَبو علي عنه فقال: ليس من لغة
ابني نِزَارٍ، فأَقَلَّ الحَفْلَ به لذلك؛ قال: وأَقرب ما ينسب إِليه أَن
يكون فَعْلِيتاً لقربه من فِعْلِيتٍ، وفِعْلِيتٌ موجود.
فقع: الفَقْعُ والفِقْعُ، بالفتح والكسر: الأَبيض الرَّخْو من الكَمْأََ
ة، وهو أَرْدَؤُها؛ قال الراعي:
بِلادٌ يَبُزُّ الفَقْعُ فيها قِناعَه،
كما ابْيَضَّ شَيْخٌ، من رِفاعةَ، أَجْلَحُ
وجمع الفَقْعِ ، بالفتحِ فِقَعةٌ مثل جَبْءٍ وجِبَأَةٍ، وجمع الفِقْعِ،
بالكسر، فِقَعَةٌ أَيضاً مثل قِرْدٍ وقِرَدةٍ. وفي حديث عاتكة قالت لابن
جُرْموزٍ: يا ابن فَقْعِ القَرْدَدِ؛ قال ابن الأَثير: الفَقْعُ ضرْب من
أَردَإِ الكَمْأَةِ، والقَرْدَدُ: أَرض مرتفعة إلى جنب وَهْدةٍ. وقال
أَبو حنيفة: الفَقْعُ يَطْلُعُ من الأَرض فيظهر أَبيض، وهو رديء، والجيِّد
ما حُفِرَ عنه واستخرج، والجمع أَفْقُعٌ وفُقُوعٌ وفِقَعةٌ، قال:
ومِنْ جَنى الأَرضِ ما تأْتي الرِّعاءُ به
مِنَ ابنِ أَوْبَرَ والمُغْرُود والفِقَعهْ
ويُشَبَّه به الرجل الذليل فيقال: هو فَقْعُ قَرْقَرٍ، ويقال أَيضاً:
أَذَلُّ من فَقْعٍ بِقَرقَرٍ لأَنَّ الدَّواب تَنْجُلُه بأَرجلها؛ قال
النابغة يهجو النعمان بن المنذر:
حَدِّثوني بَني الشَّقِيقةِ ، ما يَمْـ
ـنَعُ فَقْعاً بِقَرْقَرٍ أَن يَزُولا
الليث: الفقْع كَمْءٌ يخرج من أَصل الإِجْردِّ وهو نَبْتٌ. قال: وهو من
أَرادإِ الكَمْأَةِ وأَسْرَعِها فَساداً.
والفِقِّيعُ
(* قوله «والفقيع» هو كسكيت كما في القاموس، وقال شارحه:
نقله الصاغاني عن الجاحظ، وهو غلط من الصاغاني في الضبط والصواب فيع الفقيع
كأمير.) جنس من الحَمام أَبيض على التشبيه بهذا الجنس من الكمأَة،
واحدته فِقِّيعةٌ.
والفَقَعُ: شِدَّةُ البياض، وأَبيضُ فُقاعِيٌّ: خالص منه. والفاقِعُ:
الخالِصُ الصفرةِ الناصِعُها. وقد فَقَعَ يَفْقَعُ ويَفْقُعُ فُقُوعاً إذا
خَلَصَت صفرته. وفي التنزيل: صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها وأَصْفَرُ فاقِعٌ
وفُقاعِيٌّ: شديد الصُّفرة؛ عن اللحياني. وأَــحمرُ فاقِعٌ وفُقاعيٌّ:
يخلِط حُمْرَــتَه بياض، وقيل: هو الخالص الــحُمُرة. ويقال للرجل الأَــحمر
فُقاعِيّ، وهو الشديد الــحمرة في حُمرته شَرَقٌ من إغْرابٍ؛ وأَنشد:
فُقاعِيّ، يَكادُ دَمُ الوَجْنَتَيْن
يُبادِرُ من وجْهِه الجِلدَهْ
قال الأَزهريّ: وجعله الجاحظ فَقِيعاً، وهو في نوادر أَبي زيد فُسِّرَ
مِثلَ ذلك فَقاعٌ، وقيل: الفاقِعُ الخالصُ الصّافي من الأَلْوانِ أَيَّ
لَوْنٍ كان؛ عن اللحياني. ويقال: أَصْفَرُ فاقِعٌ وأَبيضُ ناصِعٌ وأَــحمر
ناصِعٌ أَيضاً وأَــحمر قانئٌ؛ قال لبيد في الأَصفر الفاقع:
سُدُمٌ قَدِيمٌ عَهْدُه بأَنِيسِه،
مِنْ بَيْنِ أَصفَرَ فاقِعٍ ودِفانِ
(* قوله« سدم قديم» كذا بالأصل، والذي في الصحاح في غير موضع: سدماً
قليلاً)
وقال بُرْجُ بن مُسْهِرٍ الطائي في الأَــحمر الفاقع:
تَراها في الإِناءِ لَها حُمَيَّا
كُمَيْتٌ، مِثْلَ ما فَقِعَ الأَدِيم
والفَقْعُ: الضُّراطُ، وقد فَقَّعَ به. وهو يُفَقِّعُ بِمِفْقَعٍ إِذا
كان شديد الضُّراطِ. وفقع الحمارُ إِذا ضَرطَ. وإِنه لَفَقَّاعٌ أَي
ضَرَّاطٌ.
والتفْقِيعُ: التشَدُّقُ. يقال: قد فَقَّعَ إِذا تَشدَّقَ وجاء بكلام لا
معنى له. والتفْقِيعُ: صوْتُ الأَصابع إِذا ضرَب بعضها ببعض أَو
فَرْقَعَها. وفي حديث ابن عباس: أَنه نَهى عن التفْقِيعِ في الصلاة. يقال: فَقَّعَ
أَصابِعَه تَفْقِيعاً إِذا غَمَزَ مفاصِلَها فأَنْقَضَتْ، وهي
الفَرْقَعةُ أَيضاً. والتفْقِيعُ أَيضاً: أَن تأْخذ ورَقةً من الورد فتديرها ثم
تغمزها بإِصبعك فتصوت إِذا انشقت. وتَفْقِيعُ الوَردةِ: أَن تُضْرَبَ بالكف
فَتُفَقِّعَ وتَسْمَعَ لها صوتاً.
والفَقاقِيعُ: هَناتٌ كأَمثالِ القَوارِيرِ الصغار مستديرة تَتَفَقَّعُ
على الماء والشرابِ عند المَزْجِ بالماء، واحدتها فُقَّاعةٌ؛ قال عدي بن
زيد يصف فَقاقِيعَ الخمر إِذا مُزِجَتْ:
وطَفا فَوْقَها فَقاقِيعُ، كاليا
قُوتِ، حُمْرٌ يُثِيرُها التصْفِيقُ
وفي حديث أُم سلمة: وإِنْ تَفاقَعَتْ عيناكَ أَي رَمِصَتا، وقيل
ابيضَّتا، وقيل انشقَّتا.
والفُقَّاعُ: شَراب يتخذ من الشعير سمي به لما يعلوه من الزَّبَدِ.
والفَقَّاعُ: الخبيثُ.
والفاقِعُ: الغلامُ الذي قد تحَرَّكَ وقد تَفَقَّعَ؛ قال جرير:
بَني مالِكٍ، إِنَّ الفَرَزْدَقَ لَمْ يَزَلْ
يَجُرُّ المَخازِي مِنْ لَدُنْ أَنْ تَفَقَّعا
والإِفْقاعُ: سوءُ الحالِ. وأَفْقَعَ: افْتَقَرَ. وفَقِيرٌ مُفْقِعٌ:
مُدْقِعٌ فقير مجهود، وهو أَسْوأُ ما يكون من الحال. وأَصابته فاقِعةٌ أَي
داهِيةٌ. وفَواقِعُ الدهر: بَوائِقُه. وفي حديث شريح: وعليهم خِفافٌ لها
فُقْعٌ أَي خَراطِيمُ. وهو خفٌّ مُفَقَّعٌ أَي مُخَرْطَمٌ.
جبر: الجَبَّارُ: الله عز اسمه القاهر خلقه على ما أَراد من أَمر ونهي.
ابن الأَنباري: الجبار في صفة الله عز وجل الذي لا يُنالُ، ومنه جَبَّارُ
النخل. الفرّاء: لم أَسمع فَعَّالاً من أَفعل إِلا في حرفين وهو جَبَّار
من أَجْبَرْتُ، ودَرَّاك من أَدركْتُ، قال الأَزهري: جعل جَبَّاراً في
صفة الله تعالى أَو في صفة العباد من الإِجْبار وهو القهر والإِكراه لا من
جَبَرَ. ابن الأَثير: ويقال جَبَرَ الخلقَ وأَجْبَرَهُمْ، وأَجْبَرَ
أَكْثَرُ، وقيل: الجَبَّار العالي فوق خلقه، وفَعَّال من أَبنية المبالغة،
ومنه قولهم: نخلة جَبَّارة، وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول. وفي حديث
أَبي هريرة: يا أَمَةَ الجَبَّار إِنما أَضافها إِلى الجبار دون باقي
أَسماء الله تعالى لاختصاص الحال التي كانت عليها من إِظهار العِطْرِ
والبَخُورِ والتباهي والتبختر في المشي. وفي الحديث في ذكر النار: حتى يضع
الجَبَّار فيها قَدَمَهُ؛ قال ابن الأَثير: المشهور في تأْويله أَن المراد
بالجبار الله تعالى، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: حتى يضع فيها رب
العزة قدمه؛ والمراد بالقدم أَهل النار الذين قدَّمهم الله لها من شرار خلقه
كما أَن المؤمنين قَدَمُه الذين قدَّمهم إِلى الجنة، وقيل: أَراد بالجبار
ههنا المتمرد العاتي، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: إِن النار قالت:
وُكّلْتُ بثلاثة: بمن جعل مع الله إِلهاً آخر، وبكل جَبَّار عنيد،
وبالمصوِّرين. والجَبَّارُ: المتكبر الذي لا يرى لأَحد عليه حقّاً. يقال:
جَبَّارٌ بَيِّنُ الجَبَرِيَّة والجِبِرِيَّة، بكسر الجيم والباء،
والجَبْرِيَّةِ والجَبْرُوَّةِ والجَبَرُوَّةِ والجُبُرُوتِ والجَبَرُوتِ
والجُبُّورَةِ والجَبُّورَة، مثل الفَرُّوجة، والجِبْرِياءُ والتَّجْبَارُ: هو بمعنى
الكِبْرِ؛ وأَنشد الأحمر لمُغَلِّسِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ يعاتب رجلاً
كان والياً على أُوضَاخ:
فإِنك إِنْ عادَيْتَني غَضِبِ الحصى
عَلَيْكَ، وذُو الجَبُّورَةِ المُتَغَطْرفُ
يقول: إِن عاديتني غضب عليك الخليقة وما هو في العدد كالحصى. والمتغطرف:
المتكبر. ويروى المتغترف، بالتاء، وهو بمعناه.
وتَجَبَّرَ الرجل: تكبر. وفي الحديث: سبحان ذي الجَبَرُوت والمَلَكُوت؛
هو فَعَلُوتٌ من الجَبْر والقَهْرِ. وفي الحديث الآخر: ثم يكون مُلْكٌ
وجَبَرُوتٌ أَي عُتُوٌّ وقَهْرٌ. اللحياني: الجَبَّار المتكبر عن عبادة
الله تعالى؛ ومنه قوله تعالى: ولم يكن جَبَّاراً عَصِيّاً؛ وكذلك قول عيسى،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولم يجعلني جباراً شقيّاً؛ أَي متكبراً
عن عبادة الله تعالى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، حضرته
امرأَة فأَمرها بأَمر فَتَأَبَّتْ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
دَعُوها فإِنها جَبَّارَة أَي عاتية متكبرة. والجِبِّيرُ، مثال الفِسِّيق:
الشديد التَّجَبُّرِ. والجَبَّارُ من الملوك: العاتي، وقيل: كُلُّ عاتٍ
جَبَّارٌ وجِبِّيرٌ. وقَلْبٌ جَبَّارٌ: لا تدخله الرحمة. وقَلْبٌ جَبَّارٌ:
ذو كبر لا يقبل موعظة. ورجل جَبَّار: مُسَلَّط قاهر. قال الله عز وجل:
وما أَنتَ عليهم بِجَبَّارٍ؛ أَي بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهَرَهم على الإِسلام.
والجَبَّارُ: الذي يَقْتُلُ على الغَضَبِ. والجَبَّارُ: القَتَّال في غير
حق. وفي التنزيل العزيز: وإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ؛ وكذلك
قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز: إِن تُرِيدُ إِلا أَن تكونَ
جَبَّاراً في الأَرض؛ أَي قتَّالاً في غير الحق، وكله راجع إِلى معنى التكبر.
والجَبَّارُ: العظيمُ القَوِيُّ الطويلُ؛ عن اللحياني: قال الله تعالى: إِن
فيها قوماً جَبَّارِينَ؛ قال اللحياني: أَراد الطُّولَ والقوّة
والعِظَمَ؛ قال الأَزهري: كأَنه ذهب به إِلى الجَبَّار من النخيل وهو الطويل الذي
فات يَدَ المُتَناول. ويقال: رجل جَبَّار إِذا كان طويلاً عظيماً
قويّاً، تشبيهاً بالجَبَّارِ من النخل. الجوهري: الجَبَّارُ من النخل ما طال
وفات اليد؛ قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّارٌ رِواءٌ أُصُولُه،
عليه أَبابِيلٌ من الطَّيْرِ تَنْعَبُ
ونخلة جَبَّارَة أَي عظيمة سمينة. وفي الحديث: كَثافَةُ جلد الكافر
أَربعون ذراعاً بذراع الجَبَّار؛ أَراد به ههنا الطويل، وقيل: الملك، كما
يقال بذراع الملك، قال القتيبي: وأَحسبه مَلِكاً من ملوك الأَعاجم كان تام
الذراع. ابن سيده: ونخلة جَبَّارة فَتِيَّة قد بلغت غاية الطول وحملت،
والجمع جَبَّار؛ قال:
فاخِراتٌ ضُلُوعها في ذُراها،
وأَنَاضَ العَيْدانُ والجَبَّارُ
وحكى السيرافي: نخلة جَبَّارٌ، بغير هاء. قال أَبو حنيفة: الجَبَّارُ
الذي قد ارتقي فيه ولم يسقط كَرْمُه، قال: وهو أَفْتَى النخل
وأَكْرَمُه.قال ابن سيده: والجَبْرُ المَلِكُ، قال: ولا أَعرف مم اشتق إِلا أَن ابن
جني قال: سمي بذلك لأَنه يَجْبُر بِجُوده، وليس بِقَوِيٍّ؛ قال ابن
أَــحمر:
اسْلَمْ بِراوُوقٍ حُيِيتَ به،
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
قال: ولم يسمع بالجَبْرِ المَلِكِ إِلا في شعر ابن أَــحمر؛ قال: حكى ذلك
ابن جني قال: وله في شعر ابن أَــحمر نظائر كلها مذكور في مواضعه. التهذيب:
أَبو عمرو: يقال لِلْمَلِك جَبْرٌ. قال: والجَبْرُ الشُّجاعُ وإِن لم
يكن مَلِكاً. وقال أَبو عمرو: الجَبْرُ الرجل؛ وأَنشد قول ابن أَــحمر:
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الجَبْرُ
أَي أَيها الرجل. والجَبْرُ: العَبْدُ؛ عن كراع. وروي عن ابن عباس في
جبريل وميكائيل: كقولك عبدالله وعبد الرحمن؛ الأَصمعي: معنى إِيل هو
الربوبية فأُضيف جبر وميكا إِليه؛ قال أَبو عبيد: فكأَنَّ معناه عبد إِيل، رجل
إِيل. ويقال: جبر عبد، وإِيل هو الله. الجوهري: جَبْرَئيل اسم، يقال هو
جبر أُضيف إِلى إِيل؛ وفيه لغات: جَبْرَئِيلُ مثال جَبْرَعِيل، يهمز ولا
يهمز؛ وأَنشد الأَخفش لكعب ابن مالك:
شَهِدْنا فما تَلْقى لنا من كَتِيبَةٍ،
يَدَ الدَّهرِ، إِلا جَبْرَئِيلٌ أَمامُها
قال ابن بري: ورفع أَمامها على الإِتباع بنقله من الظروف إِلى الأَسماء؛
وكذلك البيت الذي لحسان شاهداً على جبريل بالكسر وحذف الهمزة فإِنه قال:
ويقال جِبريل، بالكسر؛ قال حسان:
وجِبْرِيلٌ رسولُ اللهِ فِينا،
ورُوحُ القُدْسِ ليسَ له كِفاءٌ
وجَبْرَئِل، مقصور: مثال جَبْرَعِلٍ وجَبْرِين وجِبْرِين، بالنون.
والجَبْرُ: خلاف الكسر، جَبَر العظم والفقير واليتيم يَجْبُرُه جَبْراً
وجُبُوراً وجِبَارَةٍ؛ عن اللحياني. وجَبَّرَهُ فَجَبر يَجْبُرُ جَبْراً
وجُبُوراً وانْجَبَرَ واجْتَبَر وتَجَبَّرَ. ويقال: جَبَّرْتُ الكَسِير
أُجَبِّره تَجْبيراً وجَبَرْتُه جَبْراً؛ وأَنشد:
لها رِجْلٌ مجَبَّرَةٌ تَخُبُّ،
وأُخْرَى ما يُسَتِّرُها وجاحُ
ويقال: جَبَرْتُ العظم جَبْراً وجَبَرَ العظمُ بنفسه جُبُوراً أَي
انجَبَر؛ وقد جمع العجاج بين المتعدي واللازم فقال:
قد جَبَر الدِّينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
واجْتَبَر العظم: مثل انْجَبَر؛ يقال: جَبَرَ اللهُ فلاناً فاجْتَبَر
أَي سدّ مفاقره؛ قال عمرو بن كلثوم:
مَنْ عالَ مِنَّا بَعدَها فلا اجْتَبَرْ،
ولا سَقَى الماءَ، ولا راءَ الشَّجَرْ
معنى عال جار ومال؛ ومنه قوله تعالى: ذلك أدنى أَن لا تعولوا؛ أَي لا
تجوروا وتميلوا. وفي حديث الدعاء: واجْبُرْني واهدني أَي أَغنني؛ من جَبَرَ
الله مصيبته أَي رَدَّ عليه ما ذهب منه أَو عَوَّضَه عنه، وأَصله من
جَبْرِ الكسر.
وقِدْرٌ إِجْبارٌ: ضدّ قولهم قِدْرٌ إِكْسارٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه
جابراً في نفسه، أَو أَرادوا جمع قِدْرٍ جَبْرٍ وإِن لم يصرحوا بذلك، كما
قالوا قِدْرٌ كَسْرٌ؛ حكاها اللحياني.
والجَبائر: العيدان التي تشدّها على العظم لتَجْبُرَه بها على استواء،
واحدتها جِبارَة وجَبِيرةٌ. والمُجَبِّرُ: الذي يَجْبُر العظام
المكسورة.والجِبارَةُ والجَبيرَة: اليارَقَةُ، وقال في حرف القاف: اليارَقُ
الجَبِيرَةُ والجِبارَةُ والجبيرة أَيضاً: العيدان التي تجبر بها العظام. وفي
حديث عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: وجَبَّار القلوب على فِطِراتِها؛ هو من
جبر العظم المكسور كأَنه أَقام القلوب وأَثبتها على ما فطرها عليه من
معرفته والإِقرار به شقيها وسعيدها. قال القتيبي: لم أَجعله من أَجْبَرْتُ
لأَن أَفعل لا يقال فيه فَعَّال، قال: يكون من اللغة الأُخْرَى. يقال:
جَبَرْت وأَجْبَرَتُ بمعنى قهرت. وفي حديث خسف جيش البَيْدَاء: فيهم
المُسْتَبْصِرُ والمَجْبُور وابن السبيل؛ وهذا من جَبَرْتُ لا أَجْبَرْتُ. أَبو
عبيد: الجَبائر الأَسْوِرَة من الذهب والفضة، واحدتها جِبَارة
وجَبِيرَةٌ؛ وقال الأَعشى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضَا
بِ ومِعصماً، مِثْلَ الجِبَارَهْ
وجَبَرَ الله الدين جَبْراً فَجَبَر جُبُوراً؛ حكاها اللحياني، وأَنشد
قول العجاج:
قَدْ جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجبَرْ
والجَبْرُ أَن تُغْنِيَ الرجلَ من الفقر أَو تَجْبُرَ عظمَه من الكسر.
أَبو الهيثم: جَبَرْتُ فاقةَ الرجل إِذا أَغنيته. ابن سيده: وجَبَرَ
الرجلَ أَحسن إِليه. قال الفارسي: جَبَرَه أَغناه بعد فقر، وهذه أَليق
العبارتين. وقد استَجْبَرَ واجْتَبَرَ وأَصابته مصيبة لا يَجْتَبِرُها أَي لا
مَجْبَرَ منها.
وتَجَبَّرَ النبتُ والشجر: اخْضَرَّ وأَوْرَقَ وظهرت فيه المَشْرَةُ وهو
يابس، وأَنشد اللحياني لامرئ القيس:
ويأْكُلْنَ من قوٍّ لَعَاعاً وَرِبَّةً،
تَجَبَّرَ بعدَ الأَكْلِ، فَهْوَ نَمِيصُ
قوّ: موضع. واللعاع: الرقيق من النبات في أَوّل ما ينبت. والرِّبَّةُ:
ضَرْبٌ من النبات. والنَّمِيصُ: النبات حين طلع ورقة؛ وقيل: معنى هذا
البيت أَنه عاد نابتاً مخضرّاً بعدما كان رعي، يعني الرَّوْضَ. وتَجَبَّرَ
النبت أَي نبت بعد الأَكل. وتَجَبَّر النبت والشجر إِذا نبت في يابسه
الرَّطْبُ. وتَجَبَّرَ الكَلأُ أُكل ثم صلح قليلاً بعد الأَكل. قال: ويقال
للمريض: يوماً تراه مُتَجَبِّراً ويوماً تَيْأَسُ منه؛ معنى قوله متجبراً
أَي صالح الحال. وتَجَبَّرَ الرجُل مالاً: أَصابه، وقيل: عاد إِليه ما ذهب
منه؛ وحكى اللحياني: تَجَبَّرَ الرجُل، في هذا المعنى، فلم يُعَدِّه.
التهذيب: تَجَبَّر فلان إِذا عاد إِليه من ماله بعضُ ما ذهب.
والعرب تسمي الخُبْزَ جابِراً، وكنيته أَيضاً أَبو جابر. ابن سيده:
وجابرُ بنُ حَبَّة اسم للخبز معرفة؛ وكل ذلك من الجَبْرِ الذي هو ضد
الكسر.وجابِرَةُ: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، كأَنها جَبَرَتِ
الإِيمانَ. وسمي النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة بعدة أَسماء: منها
الجابِرَةُ والمَجْبُورَةُ. وجَبَرَ الرجلَ على الأَمر يَجْبُرُه جَبْراً
وجُبُوراً وأَجْبَرَه: أَكرهه، والأَخيرة أَعلى. وقال اللحياني: جَبَرَه لغة
تميم وحدها؛ قال: وعامّة العرب يقولون: أَجْبَرَهُ. والجَبْرُ: تثبيت وقوع
القضاء والقدر. والإِجْبارُ في الحكم، يقال: أَجْبَرَ القاضي الرجلَ على
الحكم إِذا أَكرهه عليه.
أَبو الهيثم: والجَبْرِيَّةُ الذين يقولون أَجْبَرَ اللهُ العبادَ على
الذنوب أَي أَكرههم، ومعاذ الله أَن يُكره أَحداً على معصيته ولكنه علم
ما العبادُ. وأَجْبَرْتُهُ: نسبته إلى الجَبْرِ، كما يقال أَكفرته: نسبته
إِلى الكُفْرِ. اللحياني: أَجْبَرْتُ فلاناً على كذا فهو مُجْبَرٌ، وهو
كلام عامّة العرب، أَي أَكرهته عليه. وتميم تقول: جَبَرْتُه على الأَمر
أَجْبرُهُ جَبْراً وجُبُوراً؛ قال الأَزهري: وهي لغة معروفة. وكان الشافعي
يقول: جَبَرَ السلطانُ، وهو حجازي فصيح. وقيل للجَبْرِيَّةِ جَبْرِيَّةٌ
لأَنهم نسبوا إِلى القول بالجَبْرِ، فهما لغتان جيدتان: جَبَرْتُه
وأَجْبَرْته، غير أَن النحويين استحبوا أَن يجعلوا جَبَرْتُ لجَبْرِ العظم بعد
كسره وجَبْرِ الفقير بعد فاقته، وأَن يكون الإِجْبارُ مقصوراً على
الإِكْراه، ولذلك جعل الفراء الجَبَّارَ من أَجْبَرْتُ لا من جَبَرْتُ، قال:
وجائز أَن يكون الجَبَّارُ في صفة الله تعالى من جَبْرِه الفَقْرَ
بالغِنَى، وهو تبارك وتعالى جابر كل كسير وفقير، وهو جابِرُ دِينِه الذي ارتضاه،
كما قال العجاج:
قد جَبَرَ الدينَ الإِلهُ فَجَبَرْ
والجَبْرُ: خلافُ القَدَرِ. والجبرية، بالتحريك: خلاف القَدَرِيَّة،
وهو كلام مولَّد.
وحربٌ جُبَارٌ: لا قَوَدَ فيها ولا دِيَةَ. والجُبَارُ من الدَّمِ:
الهَدَرُ. وفي الحديث: المَعْدِنُ جُبَارٌ والبِئْرُ جُبَارٌ والعَجْماءُ
جُبَارٌ؛ قال:
حَتَمَ الدَّهْرُ علينا أَنَّهُ
ظَلَفٌ، ما زال منَّا، وجُبَار
وقال تَأَبَّط شَرّاً:
بِهِ من نَجاءِ الصَّيْفِ بِيضٌ أَقَرَّها
جُبَارٌ، لِصُمِّ الصَّخْرِ فيه قَراقِرُ
جُبَارٌ يعني سيلاً. كُلُّ ما أَهْلَكَ وأَفْسَدَ: جُبَارٌ. التهذيب:
والجُبارُ الهَدَرُ. يقال: ذهب دَمُه جُبَاراً. ومعنى الأَحاديث: أَن تنفلت
البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إِنساناً أَو شيئاً فجرحها هدَر،
وكذلك البئر العادِيَّة يسقط فيها إِنسان فَيَهْلِكُ فَدَمُه هَدَرٌ،
والمَعْدِن إِذا انهارَ على حافره فقتله فدمه هدر. وفي الصحاح: إِذا انهار على
من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مُستَأْجرُه. وفي الحديث: السائمةُ جُبَار؛
أَي الدابة المرسَلة في رعيها.
ونارُ إِجْبِيرَ، غير مصروف: نار الحُباحِبِ؛ حكاه أَبو علي عن أَبي
عمرو الشيباني. وجُبَارٌ: اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية من أَسمائهم
القديمة؛ قال:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبَارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِنْ يَفُتْني،
فمُؤنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيَارِ
الفراء عن المُفَضَّل: الجُبَارُ يوم الثلاثاء. والجَبَارُ: فِناءُ
الجَبَّان. والجِبَارُ: الملوك، وقد تقدّمَ بذراعِ الجَبَّار. قيل:
الجَبَّارُ المَلِكُ واحدهم جَبْرٌ. والجَبَابِرَةُ: الملوك، وهذا كما يقال هو كذا
وكذا ذراعاً بذراع الملك، وأَحسبه ملكاً من ملوك العجم ينسب إِليه
الذراع.
وجَبْرٌ وجابِرٌ وجُبَيْرٌ وجُبَيْرَةُ وجَبِيرَةُ: أَسماء، وحكى ابن
الأَعرابي: جِنْبَارٌ من الجَبْرِ؛ قال ابن سيده: هذا نص لفظه فلا أَدري من
أَيِّ جَبْرٍ عَنَى، أَمن الجَبْرِ الذي هو ضدّ الكسر وما في طريقه أَم
من الجَبْرِ الذي هو خلاف القَدَرِ؟ قال: وكذلك لا أَدري ما جِنْبَارٌ،
أَوَصْفٌ أَم عَلَم أَم نوع أَم شخص؟ ولولا أَنه قال جِنْبَارٌ، من
الجَبْرِ لأَلحقته بالرباعي ولقلت: إِنها لغة في الجِنبَّارِ الذي هو فرخ
الحُبَارَى أَو مخفف عنه، ولكن قوله من الجَبْرِ تصريحٌ بأَنه ثلاثي، والله
أَعلم.
سود: السَّواد: نقيضُ البياض؛ سَوِدَ وَسادَ واسودَّ اسْوِداداً
واسْوادّ اسْوِيداداً، ويجوز في الشعر اسْوَأَدَّ، تحرك الأَلف لئلاَّ يجمع بين
ساكنين؛ وهو أَسودُ، والجمع سُودٌ وسُودانٌ. وسَوَّده: جعله أَسودَ،
والأَمر منه اسْوادَدْ، وإِن شئت أَدغمْتَ، وتصغيرُ الأَسود أُسَيِّدٌ، وإِن
شئت أُسَيْوِدٌ أَي قد قارب السَّوادَ، والنسْبَةُ إِليه أُسَيْدِيٌّ،
بحذف الياء المتحركة، وتَصغير الترخيم سُوَيْدٌ.
وساوَدْتُ فلاناً فَسُدْتُه أَي غَلَبْتُه بالسواد من سواد اللونِ
والسُّودَدِ جميعاً. وسَوِدَ الرجلُ: كما تقول عَوِرَت عَيْنُه وَسَوِدْتُ
أَنا؛ قال نُصَيْبٌ: سَوِدْتُ فلم أَمْلِكْ سَوادي، وتحتَه
قميص من القُوهِيِّ، بيضٌ بَنائقُهْ
ويُرْوَى:
سَوِدْتُ فلم أَملك وتحتَ سَوادِه
وبعضهم يقول: سُدْتُ؛ قال أَبو منصور: وأَنشد أَعرابي لِعنترةَ يَصِفُ
نفسَه بأَنه أَبيضُ الخُلُق وإِن كان أَسودَ الجلدِ:
عليّ قميصٌ من سَوادٍ وتحتَه
قميصُ بَياضٍ، . . . بنَائقُه
(* لم نجد هذا البيت في ما لدينا من شعر عنترة المطبوع.)
وكان عنترةُ أَسْوَدَ اللون، وأَراد بقميصِ البياضِ قَلْبَه. وسَوَّدْتُ
الشيءَ إِذا غَيَّرْتَ بَياضَه سَوَاداً. وأَسوَدَ الرجُلُ وأَسأَدَ:
وُلِدَ له ولد أَسود. وساوَدَه سِواداً: لَقِيَه في سَوادِ الليلِ.
وسَوادُ القومِ: مُعْظَمُهم. وسوادُ الناسِ: عَوامُّهُم وكلُّ عددٍ
كثير.ويقال: أَتاني القومُ أَسوَدُهم وأَــحمرُــهم أَي عَرَبُهم وعَجَمُهم.
ويقال: كَلَّمُتُه فما رَدَّ عليَّ سوداءَ ولا بيضاءَ أَي كلمةً قبيحةً ولا
حَسَنَةً أَي ما رَدَّ عليّ شيئاً.
والسواد: جماعةُ النخلِ والشجرِ لِخُضْرَته واسْوِدادِه؛ وقيل: إِنما
ذلك لأَنَّ الخُضْرَةَ تُقارِبُ السوادَ. وسوادُ كلِّ شيءٍ: كُورَةُ ما
حولَ القُرَى والرَّساتيق. والسَّوادُ: ما حَوالَي الكوفةِ من القُرَى
والرَّساتيقِ وقد يقال كُورةُ كذا وكذا وسوادُها إِلى ما حَوالَيْ قَصَبَتِها
وفُسْطاطِها من قُراها ورَساتيقِها. وسوادُ الكوفةِ والبَصْرَة:
قُراهُما. والسَّوادُ والأَسْوِداتُ والأَساوِدُ: جَماعةٌ من الناس، وقيل: هُم
الضُّروبُ المتفرِّقُون. وفي الحديث: أَنه قال لعمر، رضي الله عنه: انظر
إِلى هؤلاء الأَساوِدِ حولك أَي الجماعاتِ المتفرقة. ويقال: مرّت بنا
أَساودُ من الناسِ وأَسْوِداتٌ كأَنها جمع أَسْوِدَةٍ، وهي جمعُ قِلَّةٍ
لسَوادٍ، وهو الشخص لأَنه يُرَى من بعيدٍ أَسْوَدَ. والسوادُ: الشخص؛ وصرح
أَبو عبيد بأَنه شخص كلِّ شيء من متاع وغيره، والجمع أَسْودةٌ، وأَساوِدُ
جمعُ الجمعِ. ويقال: رأَيتُ سَوادَ القومِ أَي مُعْظَمَهم. وسوادُ العسكرِ:
ما يَشتملُ عليه من المضاربِ والآلات والدوابِّ وغيرِها. ويقال: مرت بنا
أَسْوِداتٌ من الناس وأَساوِدُ أَي جماعاتٌ. والسَّوادُ الأَعظمُ من
الناس: هُمُ الجمهورُ الأَعْظمُ والعدد الكثير من المسلمين الذين تَجمعوا
على طاعة الإِمام وهو السلطان. وسَوادُ الأَمر: ثَقَلُه. ولفلانٍ سَوادٌ
أَي مال كثيرٌ.
والسَّوادُ: السِّرارُ، وسادَ الرجلُ سَوْداً وساوَدَه سِواداً، كلاهما:
سارَّه فأَدْنى سوادَه من سَوادِه، والاسم السِّوادُ والسُّوادُ؛ قال
ابن سيده: كذلك أَطلقه أَبو عبيد، قال: والذي عندي أَن السِّوادَ مصدر
ساوَد وأَن السُّوادَ الاسم كما تقدّم القول في مِزاحٍ ومُزاحٍ. وفي حديث ابن
مسعود: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له: أُذُنَكَ على أَن
تَرْفَعَ الحجاب وتَسْمَعَ سِوادِي حتى أَنهاك؛ قال الأَصمَعي: السِّوادُ، بكسر
السين، السِّرارُ، يقال منه: ساوَدْتُه مُساودَة وسِواداً إِذا
سارَرْتَه، قال: ولم نَعْرِفْها بِرَفْع السين سُواداً؛ قال أَبو عبيدة: ويجوز
الرفع وهو بمنزلة جِوارٍ وجُوارٍ، فالجُوارُ الاسمُ والجِوارُ المصدرُ.
قال: وقال الأَــحمر: هو من إِدْناء سَوادِكَ من سَوادِه وهو الشخْص أَي
شخْصِكَ من شخصه؛ قال أَبو عبيد: فهذا من السِّرارِ لأَنَّ السِّرارَ لا يكون
إِلا من إِدْناءِ السَّوادِ؛ وأَنشد الأَــحمر:
مَن يَكُنْ في السِّوادِ والدَّدِ والإِعْـ
ـرامِ زيراً، فإِنني غيرُ زِيرِ
وقال ابن الأَعرابي في قولهم لا يُزايِلُ سَوادي بَياضَكَ: قال الأَصمعي
معناه لا يُزايِلُ شخصي شخصَكَ. السَّوادُ عند العرب: الشخصُ، وكذلك
البياضُ. وقيل لابنَةِ الخُسِّ: ما أَزناكِ؟ أَو قيل لها: لِمَ حَمَلْتِ؟
أَو قيل لها: لِمَ زَنَيْتِ وأَنتِ سيَّدَةُ قَوْمِكِ؟ فقالت: قُرْبُ
الوِساد، وطُولُ السِّواد؛ قال اللحياني: السِّوادُ هنا المُسارَّةُ، وقيل:
المُراوَدَةُ، وقيل: الجِماعُ بعينه، وكله من السَّوادِ الذي هو ضدّ
البياض. وفي حديث سلمان الفارسي حين دخل عليه سعد يعوده فجعل يبكي ويقول: لا
أَبكي خوفاً من الموت أَو حزناً على الدنيا، فقال: ما يُبْكِيك؟ فقال:
عَهِد إِلينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليَكْف أَحدَكم مثلُ زاد الراكب
وهذه الأَساوِدُ حَوْلي؛ قال: وما حَوْلَه إِلاَّ مِطْهَرَةٌ
وإِجَّانَةٌ وجَفْنَةٌ؛ قال أَبو عبيد: أَراد بالأَساودِ الشخوصَ من المتاع الذي
كان عنده، وكلُّ شخص من متاع أَو إِنسان أَو غيرِه: سوادٌ، قال ابن
الأَثير: ويجوز أَن يُريدَ بالأَساودِ الحياتِ، جَمْعَ أَسودَ، شَبَّهَها بها
لاسْتضرارِه بمكانها. وفي الحديث: إِذا رأَى أَحدكم سواداً بليل فلا يكن
أَجْبنَ السَّوادَينِ فإِنه يخافُك كما تخافُه أَي شخصاً. قال: وجمع
السَّوادِ أَسوِدةٌ ثم الأَساودُ جمع الجمع؛ وأَنشد الأَعشى:
تناهَيْتُمُ عنا، وقد كان فيكُمُ
أَساوِدُ صَرْعَى، لم يُسَوَّدْ قَتِيلها
يعني بالأَساوِدِ شُخوصَ القَتْلى. وفي الحديث: فجاء بعُودٍ وجاءَ
بِبَعرةٍ حتى زعموا فصار سواداً أَي شخصاً؛ ومنه الحديث: وجعلوا سَواداً
حَيْساً أَي شيئاً مجتمعاً يعني الأَزْوِدَة. وفي الحديث: إِذا رأَيتم
الاختلاف فعليكم بالسَّواد الأَعظم؛ قيل: السواد الأَعظمُ جُمْلَة الناس
ومُعْظَمُهم التي اجْتَمَعَتْ على طاعة السلطان وسلوك المنهج القويم؛ وقيل: التي
اجتمعت على طاعة السلطان وبَخِعَت لها، بَرّاً كان أَو فاجراً، ما أَقام
الصلاةَ؛ وقيل لأَنَس: أَين الجماعة؟ فقال: مع أُمرائكم.
والأَسْوَدُ: العظيمُ من الحيَّات وفيه سوادٌ، والجمع أَسْوَدات
وأَساوِدُ وأَساويدُ، غَلَبَ غَلَبَةَ الأَسماء، والأُنثى أَسْوَدَة نادرٌ؛ قال
الجوهري في جمع الأَسود أَساوِد قال: لأَنه اسم ولو كان صفة لَجُمِِع على
فُعْلٍ. يقال: أَسْوَدُ سالِخٌ غير مضاف، والأُنثى أَسْوَدَة ولا توصف
بسالخةٍ. وقوله، صلى الله عليه وسلم، حين ذكر الفِتَنَ: لَتَعُودُنَّ فيها
أَساوِدَ صُبّاً يَضِربُ بعضكم رقاب بعض؛ قال الزهري: الأَساودُ
الحياتُ؛ يقول: يَنْصَبُّ بالسيف على رأْس صاحِبِه كما تفعلُ الحيةُ إِذا ارتفعت
فَلَسعت من فَوْقُ، وإِنما قيل للأَسود أَسْودُ سالِخٌ لأَنه يَسْلُخُ
جِلْدَه في كلِّ عام؛ وأَما الأَرقم فهو الذي فيه سواد وبياض، وذو
الطُّفُيَتَيْنِ الذي له خَطَّان أَسودان. قال شَمِير: الأَسودُ أَخْبثُ الحيات
وأَعظمها وأَنكاها وهي من الصفة الغالبة حتى استُعْمِل استِعْمال
الأَسماءِ وجُمِعَ جَمْعَها، وليس شيءٌ من الحيات أَجْرَأَ منه، وربما عارض
الرُّفْقَةَ وتَبَِعَ الصَّوْتَ، وهو الذي يطلُبُ بالذَّحْلِ ولا يَنْجُو
سَلِيمُه، ويقال: هذا أَسود غير مُجْرًى؛ وقال ابن الأَعرابي: أَراد بقوله
لَتَعُودُنَّ فيها أَساوِدَ صُبّاً يعني جماعاتٍ، وهي جمع سوادٍ من الناس
أَي جماعة ثم أَسْوِدَة، ثم أَساوِدُ جمع الجمع. وفي الحديث: أَنه أَمر
بقتل الأَسوَدَين في الصلاة؛ قال شَمِر: أَراد بالأَسْوَدَينِ الحيةَ
والعقربَ.
والأَسْوَدان: التمر والماء، وقيل: الماء واللبن وجعلهما بعض الرُّجَّاز
الماءَ والفَثَّ، وهو ضرب من البقل يُختَبَزُ فيؤكل؛ قال:
الأَسْودانِ أَبرَدا عِظامي،
الماءُ والفَثُّ دَوا أَسقامي
والأَسْودانِ: الحَرَّةُ والليل لاسْوِدادهما، وضافَ مُزَبِّداً
المَدَنيَّ قومٌ فقال لهم: ما لكم عندنا إِلا الأَسْوَدانِ فقالوا: إِن في ذلك
لمَقْنَعا التمر والماءِ، فقال: ما ذاك عَنَيْتُ إِنما أَردت الحَرَّةَ
والليل. فأَما قول عائشة، رضي الله عنها: لقد رأَيْتُنا مع رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، ما لنا طعام إِلا الأَسْودان؛ ففسره أَهل اللغة بأَنه
التمر والماءُ؛ قال ابن سيده: وعندي أَنها إِنما أَرادت الحرة والليلَ،
وذلك أَن وجود التمر والماء عندهم شِبَعٌ ورِيٌّ وخِصْبٌ لا شِصْبٌ، وإِنما
أَرادت عائشة، رضي الله عنها، أَن تبالغ في شدة الحال وتَنْتَهيَ في ذلك
بأَن لا يكون معها إِلا الحرة والليل أَذْهَبَ في سوء الحال من وجود
التمر والماء؛ قال طرفة:
أَلا إِنني شَرِبتُ أَسوَدَ حالِكاً،
أَلا بَجَلي من الشرابِ، أَلا بَجَلْ
قال: أَراد الماء؛ قال شَمِرٌ: وقيل أَراد سُقِيتُ سُمَّ أَسوَدَ. قال
الأَصمعي والأَــحمر: الأَسودان الماء والتمر، وإِنما الأَسود التمر دون
الماءِ وهو الغالب على تمر المدينة، فأُضيف الماءُ إِليه ونعتا جميعاً بنعت
واحد إِتباعاً، والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان يُسَمَّيان معاً
بالاسم الأَشهر منهما كما قالوا العُمَران لأَبي بكر وعمر، والقمران للشمس
والقمر. والوَطْأَة السَّوْداءُ: الدارسة، والــحمراء: الجديدة. وما ذقت عنده
من سُوَيْدٍ قَطْرَةً، وما سقاهم من سُوَيْدٍ قَطْرةً، وهو الماءُ نفسه
لا يستعمل كذا إِلا في النفي. ويقال للأَعداءِ: سُودُ الأَكباد؛ قال:
فما أَجْشَمْتُ من إِتْيان قوم،
هم الأَعداءُ فالأَكبادُ سُودُ
ويقال للأَعداء: صُهْبُ السِّبال وسود الأَكباد، وإِن لم يكونوا كذلك
فكذلك يقال لهم.
وسَواد القلب وسَوادِيُّه وأَسْوَده وسَوْداؤُه: حَبَّتُه، وقيل: دمه.
يقال: رميته فأَصبت سواد قلبه؛ وإِذا صَغَّروه ردّوه إِلى سُوَيْداء، ولا
يقولون سَوْداء قَلْبه، كما يقولون حَلَّق الطائر في كبد السماء وفي
كُبَيْد السماء. وفي الحديث: فأَمر بسواد البَطن فشُوِيَ له الكبد.
والسُّوَيْداءُ: الاسْت. والسَّوَيْداء: حبة الشُّونيز؛ قال ابن
الأَعرابي: الصواب الشِّينِيز. قال: كذلك تقول العرب. وقال بعضهم: عنى به الحبة
الخضراء لأَن العرب تسمي الأَسود أَخضر والأَخضر أَسود. وفي الحديث: ما
من داءٍ إِلا في الحبة السوداءِ له شفاء إِلا السام؛ أَراد به الشونيز.
والسَّوْدُ: سَفْحٌ من الجبل مُسْتَدِقٌّ في الأَرض خَشِنٌ أَسود،
والجمع أَسوادٌ، والقِطْعَةُ منه سَوْدةٌ وبها سميت المرأَة سَوْدَةَ. الليث:
السَّوْدُ سَفْحٌ مستو بالأَرض كثير الحجارة خشنها، والغالب عليها أَلوان
السواد وقلما يكون إِلا عند جبل فيه مَعْدِن؛ والسَّود، بفتح السين
وسكون الواو، في شعر خداش بن زهير:
لهم حَبَقٌ، والسَّوْدُ بيني وبينهم،
يدي لكُمُ، والزائراتِ المُحَصَّبا
هو جبال قيس؛ قال ابن بري: رواه الجرميُّ يدي لكم، بإِسكان الياءِ على
الإِفراد وقال: معناه يدي لكم رهن بالوفاءِ، ورواه غيرهُ يُديَّ لكم جمع
يد، كما قال الشاعر:
فلن أَذكُرَ النُّعمانَ إِلا بصالح،
فإِن له عندي يُدِيّاً وأَنعُما
ورواه أَبو شريك وغيره: يَديّ بكم مثنى بالياءِ بدل اللام، قال: وهو
الأَكثر في الرواية أَي أَوقع الله يديّ بكم. وفي حديث أَبي مجلز: وخرج إِلى
الجمعة وفي الطريق عَذِرات يابسة فجعل يتخطاها ويقول: ما هذه
الأَسْوَدات؟ هي جمع سَوْداتٍ، وسَوْداتٌ جمع سودةٍ، وهي القِطعة من الأَرض فيها
حجارة سُودٌ خَشِنَةٌ، شَبَّهَ العَذِرةَ اليابسة بالحجارة السود.
والسَّوادِيُّ: السُّهْريزُ.
والسُّوادُ: وجَع يأْخُذُ الكبد من أَكل التمر وربما قَتل، وقد سُئِدَ.
وماءٌ مَسْوَدَةٌ يأْخذ عليه السُّوادُ، وقد سادَ يسودُ: شرب
المَسْوَدَةَ. وسَوَّدَ الإِبل تسويداً إِذا دَقَّ المِسْحَ الباليَ من شَعَر فداوى
به أَدْبارَها، يعني جمع دَبَر؛ عن أَبي عبيد.
والسُّودَدُ: الشرف، معروف، وقد يُهْمَز وتُضم الدال، طائية. الأَزهري:
السُّؤدُدُ، بضم الدال الأُولى، لغة طيء؛ وقد سادهم سُوداً وسُودُداً
وسِيادةً وسَيْدُودة، واستادهم كسادهم وسوَّدهم هو.
والمسُودُ: الذي ساده غيره. والمُسَوَّدُ: السَّيّدُ. وفي حديث قيس بن
عاصم: اتقوا الله وسَوِّدوا أَكبَرَكم. وفي حديث ابن عمر: ما رأَيت بعد
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَسْوَدَ من معاوية؛ قيل: ولا عُمَر؟ قال:
كان عمر خيراً منه، وكان هو أَسودَ من عمر؛ قيل: أَراد أَسخى وأَعطى
للمال، وقيل: أَحلم منه.
قال: والسَّيِّدُ يطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم
والحليم ومُحْتَمِل أَذى قومه والزوج والرئيس والمقدَّم، وأَصله من سادَ
يَسُودُ فهو سَيْوِد، فقلبت الواو ياءً لأَجل الياءِ الساكنة قبلها ثم أُدغمت.
وفي الحديث: لا تقولوا للمنافق سَيِّداً، فهو إِن كان سَيِّدَكم وهو
منافق، فحالكم دون حاله والله لا يرضى لكم ذلك. أَبو زيد: اسْتادَ القومُ
اسْتِياداً إِذا قتلوا سيدهم أَو خطبوا إِليه. ابن الأَعرابي: استاد فلان في
بني فلان إِذا تزوّج سيدة من عقائلهم. واستاد القوم بني فلان: قتلوا
سيدهم أَو أَسروه أَو خطبوا إِليه. واستادَ القومَ واستاد فيهم: خطب فيهم
سيدة؛ قال:
تَمنَّى ابنُ كُوزٍ، والسَّفاهةُ كاسْمِها،
لِيَسْتادَ مِنا أَن شَتَوْنا لَيالِيا
أَي أَراد يتزوجُ منا سيدة لأَن أَصابتنا سنة. وفي حديث عمر بن الخطاب،
رضي الله عنه: تَفَقَّهوا قبل أَن تُسَوَّدوا؛ قال شَمِر: معناه تعلَّموا
الفقه قبل أَن تُزَوَّجوا فتصيروا أَرباب بيوت فَتُشْغَلوا بالزواج عن
العلم، من قولهم استاد الرجلُ، يقول: إِذا تَزوّج في سادة؛ وقال أَبو
عبيد: يقول تعلموا العلم ما دمتم صِغاراً قبل أَن تصيروا سادَةً رُؤَساءَ
منظوراً إِليهم، فإِن لم تَعَلَّموا قبل ذلك استحيتم أَن تَعَلَّموا بعد
الكبر، فبقِيتم جُهَّالاً تأْخذونه من الأَصاغر، فيزري ذلك بكم؛ وهذا شبيه
بحديث عبدالله بن عمر، رضي الله عنهما: لا يزال الناس بخير ما أَخذوا
العلم عن أَكابرهم، فإِذا أَتاهم من أَصاغرهم فقد هلكوا، والأَكابر أَوْفَرُ
الأَسنان والأَصاغرُ الأَحْداث؛ وقيل: الأَكابر أَصحاب رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، والأَصاغر مَنْ بَعْدَهم من التابعين؛ وقيل: الأَكابر أَهل
السنة والأَصاغر أَهل البدع؛ قال أَبو عبيد: ولا أُرى عبدالله أَراد
إِلا هذا. والسَّيِّدُ: الرئيس؛ وقال كُراع: وجمعه سادةٌ، ونظَّره بقَيِّم
وقامة وعَيِّل وعالةٍ؛ قال ابن سيده: وعندي أَن سادةً جمع سائد على ما
يكثر في هذا النحو، وأَما قامةٌ وعالةٌ فجمْع قائم وعائل لا جمعُ قَيِّمٍ
وعيِّلٍ كما زعم هو، وذلك لأَنَّ فَعِلاً لا يُجْمَع على فَعَلةٍ إِنما
بابه الواو والنون، وربما كُسِّر منه شيء على غير فَعَلة كأَموات
وأَهْوِناء؛ واستعمل بعض الشعراء السيد للجن فقال:
جِنٌّ هَتَفْنَ بليلٍ،
يَنْدُبْنَ سَيِّدَهُنَّهْ
قال الأَخفش: هذا البيت معروف من شعر العرب وزعم بعضهم أَنه من شعر
الوليد والذي زعم ذلك أَيضاً. . . . .
(* بياض بالأصل المعول عليه قبل ابن
شميل بقدر ثلاث كلمات) ابن شميل: السيد الذي فاق غيره بالعقل والمال والدفع
والنفع، المعطي ماله في حقوقه المعين بنفسه، فذلك السيد. وقال عكرمة:
السيد الذي لا يغلبه غَضَبه. وقال قتادة: هو العابد الوَرِع الحليم. وقال
أَبو خيرة: سمي سيداً لأَنه يسود سواد الناس أَي عُظْمهم. الأَصمعي: العرب
تقول: السيد كل مَقْهور مَغْمُور بحلمه، وقيل: السيد الكريم. وروى مطرّف
عن أَبيه قال: جاءَ رجل إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: أَنت سيد
قريش؟ فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: السيدُ الله، فقال: أَنت
أَفضلُها قولاً وأَعْظَمُها فيها طَوْلاً، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
لِيَقُلْ أَحدكم بقوله ولا يَسْتَجْرِئَنَّكُم؛ معناهُ هو الله الذي يَحِقُّ
له السيادة، قال أَبو منصور: كره النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يُمْدَحَ في وجهه وأَحَبَّ التَّواضع لله تعالى، وجَعَلَ السيادة للذي ساد الخلق
أَجمعين، وليس هذا بمخالف لقوله لسعد بن معاذ حين قال لقومه الأَنصار:
قوموا إِلى سيدكم، أَراد أَنه أَفضلكم رجلاً وأَكرمكم، وأَما صفة الله، جل
ذكره، بالسيد فمعناه أَنه مالك الخلق والخلق كلهم عبيده، وكذلك قوله:
أَنا سيّدُ ولد آدم يوم القيامة ولا فَخْرَ، أَراد أَنه أَوَّل شفيع وأَول
من يُفتح له باب الجنة، قال ذلك إِخباراً عما أَكرمه الله به من الفضل
والسودد، وتحدُّثاً بنعمة الله عنده، وإِعلاماً منه ليكون إِيمانهم به على
حَسَبهِ ومُوجَبهِ، ولهذا أَتبعه بقوله ولا فخر أَي أَن هذه الفضيلة التي
نلتها كرامة من الله، لم أَنلها من قبل نفسي ولا بلغتها بقوَّتي، فليس
لي أَن أَفْتَخِرَ بها؛ وقيل في معنى قوله لهم لما قالوا له أَنت
سَيِّدُنا: قولوا بِقَوْلِكُم أَي ادْعوني نبياً ورسولاً كما سماني الله، ولا
تُسَمُّوني سَيِّداً كما تُسَمُّونَ رؤُساءكم، فإِني لست كأَحدهم ممن يسودكم
في أَسباب الدنيا. وفي الحديث: يا رسولَ الله مَنِ السيِّد؟ قال: يوسفُ
بن إِسحقَ بن يعقوبَ بن إِبراهيم، عليه السلام، قالوا: فما في أُمَّتِك
من سَيِّدٍ؟ قال: بلى من آتاه الله مالاً ورُزِقَ سَماحَةً، فأَدّى شكره
وقلَّتْ شِكايَتهُ في النَّاس. وفي الحديث: كل بني آدم سَيِّدٌ، فالرجل
سيد أَهل بيته، والمرأَة سيدة أَهل بيتها. وفي حديثه للأَنصار قال: من
سيدكم؟ قالوا: الجَدُّ بنُ قَيس على أَنا نُبَخِّلُه، قال: وأَي داءٍ أَدْوى
من البخل؟ وفي الحديث أَنه قال للحسن بن علي، رضي الله عنهما: إِن ابْني
هذا سيدٌ؛ قيل: أَراد به الحَليم لأَنه قال في تمامه: وإِن الله يُصْلِحُ
به بين فئتين عظيمتين من المسلمين. وفي حديث: قال لسعد بن عبادة: انظروا
إِلى سيدنا هذا ما يقول؛ قال ابن الأَثير: كذا رواه الخطابي. وقيل:
انظروا إِلى من سَوَّدْناه على قومه ورأْسْناه عليهم كما يقول السلطانُ
الأَعظم: فلان أَميرُنا قائدُنا أَي من أَمَّرناه على الناس ورتبناه لقَوْد
الجيوش. وفي رواية: انظروا إِلى سيدكم أَي مُقَدَّمِكُم. وسمى الله تعالى
يحيى سيداً وحصوراً؛ أَراد أَنه فاق غيره عِفَّة ونزاهة عن الذنوب.
الفراء: السَّيِّدُ الملك والسيد الرئيس والسيد السخيُّ وسيد العبد مولاه،
والأُنثى من كل ذلك بالهاء. وسيد المرأَة: زوجها. وفي التنزيل: وأَلْفَيَا
سيدها لدى الباب؛ قال اللحياني: ونظنّ ذلك مما أَحدثه الناس، قال ابن سيده:
وهذا عندي فاحش، كيف يكون في القرآن ثم يقول اللحياني: ونظنه مما أَحدثه
الناس؛ إِلا أَن تكون مُراوِدَةُ يوسف مَمْلُوكَةً؛ فإِن قلت: كيف يكون
ذلك وهو يقول: وقال نسوة في المدينة امرأَة العزيز؟ فهي إِذاً حرّة،
فإِنه
(* قوله «فإنه إلخ» كذا بالأصل المعوّل عليه ولعله سقط من قلم مبيض
مسودة المؤلف قلت لا ورود فانه إلخ أو نحو ذلك والخطب سهل). قد يجوز أَن
تكون مملوكة ثم يُعْتِقُها ويتزوّجها بعد كما نفعل نحن ذلك كثيراً بأُمهات
الأَولاد؛ قال الأَعشى:
فكنتَ الخليفةَ من بَعْلِها،
وسَيِّدَتِيَّا، ومُسْتادَها
أَي من بعلها، فكيف يقول الأَعشى هذا ويقول اللحياني بعد: إِنَّا نظنه
مما أَحدثه الناس؟ التهذيب: وأَلفيا سيدها معناه أَلفيا زوجها، يقال: هو
سيدها وبعلها أَي زوجها. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، أَن امرأَة
سأَلتها عن الخضاب فقالت: كان سيدي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يكره ريحه؛
أَرادت معنى السيادة تعظيماً له أَو ملك الزوجية، وهو من قوله: وأَلفيا
سيدها لدى الباب؛ ومنه حديث أُم الدرداء: حدثني سيدي أَبو الدرداء.
أَبو مالك: السَّوادُ المال والسَّوادُ الحديث والسواد صفرة في اللون
وخضرة في الظفر تصيب القوم من الماء الملح؛ وأَنشد:
فإِنْ أَنتُمُ لم تَثْأَرُوا وتسَوِّدوا،
فكونوا نَعَايَا في الأَكُفِّ عِيابُها
(* قوله «فكونوا نعايا» هذا ما في الأَصل المعوّل عليه وفي شرح القاموس
بغايا) يعني عيبة الثياب؛ قال: تُسَوِّدُوا تَقْتلُوا. وسيِّد كلِّ شيء:
أَشرفُه وأَرفَعُه؛ واستعمل أَبو إِسحق الزجاج ذلك في القرآن فقال: لأَنه
سيد الكلام نتلوه، وقيل في قوله عز وجل: وسيداً وحصوراً، السيد: الذي
يفوق في الخير. قال ابن الأَنباري: إِن قال قائل: كيف سمى الله، عز وجل،
يحيى سيداً وحصوراً، والسيد هو الله إِذ كان مالك الخلق أَجمعين ولا مالك
لهم سواه؟ قيل له: لم يُرِد بالسيد ههنا المالك وإِنما أَراد الرئيسَ
والإِمامَ في الخير، كما تقول العرب فلان سيدنا أَي رئيسنا والذي نعظمه؛
وأَنشد أَبو زيد:
سَوَّارُ سيِّدُنا وسَيِّدُ غيرِنا،
صَدْقُ الحديث فليس فيه تَماري
وسادَ قومَه يَسُودُهم سيادَةً وسُوْدَداً وسَيْدُودَةً، فهو سيِّدٌ،
وهم سادَةٌ، تقديره فَعَلَةٌ، بالتحريك، لأَن تقدير سَيِّدٍ فَعْيِلٌ، وهو
مثل سَرِيٍّ وسَراةٍ ولا نظير لهما، يدل على ذلك أَنه يُجمعُ على سيائدَ،
بالهمز، مثلَ أَفيل وأَفائلَ وتَبيعٍ وتَبائعَ؛ وقال أَهل البصرة: تقدير
سَيِّدٍ فَيْعِلٌ وجُمِعَ على فَعَلَةٍ كأَنهم جمعوا سائداً، مِثلَ
قائدٍ وقادةٍ وذائدٍ وذادةٍ؛ وقالوا: إِنما جَمَعَتِ العربُ الجَيِّد
والسَّيِّدَ على جَيائِدَ وسَيائدَ، بالهمز على غير قياس، لأَنّ جَمْعَ فَيْعِلٍ
فياعلُ بلا همز، والدال في سُودَدٍ زائدةٌ للإِلحاق ببناء فُعْلَلٍ،
مِثلِ جُندَبٍ وَبُرْقُعٍ. وتقول: سَوَّدَه قومه وهو أَسودُ من فلان أَي
أَجلُّ منه: قال الفراء: يقال هذا سَيِّدُ قومِه اليوم، فإِذا أَخبرت أَنه
عن قليل يكون سيدَهم قلت: هو سائدُ قومِه عن قليل. وسيد
(* هنا بياض
بالأصل المعوّل عليه.). . . وأَساد الرجلُ وأَسْوَدَ بمعنى أَي وَلدَ غلاماً
سيداً؛ وكذلك إِذا ولد غلاماً أَسود اللون. والسَّيِّد من المعز:
المُسِنُّ؛ عن الكسائي. قال: ومنه الحديث: ثَنِيٌّ من الضأْن خير من السيد من
المعز؛ قال الشاعر:
سواء عليه: شاةُ عامٍ دَنَتْ له
لِيَذْبَحَها للضيف، أَم شاةُ سَيِّدِ
كذا رواه أَبو علي عنه؛ المُسِنُّ من المعز، وقيل: هو المسنّ، وقيل: هو
الجليل وإِن لم يكن مسنّاً. والحديث الذي جاء عن النبي، صلى الله عليه
وسلم: أَن جبريل قال لي: اعلم يا محمد أَن ثنية من الضأْن خير من السيِّد
من الإِبل والبقر، يدل على أَنه معموم به. قال: وعند أَبي علي فَعْيِل من
«س و د» قال: ولا يمتَنع أَن يكون فَعِّلاً من السَّيِّد إِلا أَن السيدَ
لا معنى له ههنا. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، أُتِيَ
بكبش يطَأُ في سواد وينْظرُ في سواد ويَبْرُكُ في سواد لِيُضَحِّيَ به؛
قوله: ينظر في سواد، أَراد أَنَّ حدقته سوداء لأَن إِنسان العين فيها؛ قال
كثير:
وعن نَجْلاءَ تَدْمَعُ في بياضٍ،
إِذا دَمَعَتْ وتَنظُرُ في سوادِ
قوله: تدمع في بياض وتنظر في سواد، يريد أَن دموعها تسيل على خدٍّ أَبيض
ونظرها من حدقة سوداء، يريد أَنه أَسوَدُ القوائم
(* قوله «يريد أنه
أسود القوائم» كذا بالأصل المعوّل عليه ولعله سقط قبله ويطأ في سواد كما هو
واضح)، ويَبْرُك في سواد يريد أَن ما يلي الأَرض منه إِذا برك أَسْودُ؛
والمعنى أَنه أَسود القوائم والمَرابض والمحاجر. الأَصمعيُّ: يقال جاءَ
فلان بغنمه سُودَ البطون، وجاءَ بها حُمرَ الكُلَى؛ معناهما مهازِيل.
والحمارُ الوحْشِيُّ سَيِّد عانَته، والعرب تقول: إِذا كثر البياض قلَّ
السواد؛ يعنون بالبياض اللبن وبالسواد التمر؛ وكل عام يكثر فيه الرَّسْلُ يقلّ
فيه التمر. وفي المثل: قال لي الشَّرُّ أَقِمْ سوادَك أَي اصبر.
وأُمُّ سُويْدٍ: هي الطِّبِّيجَةُ.
والمِسْأَدُ: نِحْيُ السمن أَو العسل، يُهْمَز ولا يُهمز، فيقال مِسادٌ،
فإِذا همز، فهو مِفْعَلٌ، وإِذا لم يُهْمَز، فهو فِعَالٌ؛ ويقال: رمى
فلان بسهمه الأَسودِ وبسهمه المُدْمَى وهو السهم الذي رُمِيَ به فأَصاب
الرمِيَّةَ حتى اسودّ من الدم وهم يتبركون به؛ قال الشاعر:
قالَتْ خُلَيْدَةُ لمَّا جِئْتُ زائِرَها:
هَلاَّ رَمَيْتَ ببَعْضِ الأَسْهُمِ السُّودِ؟
قال بعضهم: أَراد بالأَسهم السود ههنا النُّشَّابَ، وقيل: هي سهام
القَنَا؛ قال أَبو سعيد: الذي صح عندي في هذا أَن الجَمُوحَ أَخا بني ظَفَر
بَيَّتَ بني لِحْيان فَهُزم أَصحابُه، وفي كنانته نَبْلٌ مُعَلَّمٌ بسواد،
فقالت له امرأَته: أَين النبل الذي كنتَ ترمي به؟ فقال هذا البيت: قالت
خُلَيْدَةُ.
والسُّودانيَّةُ والسُّودانةُ: طائر من الطير الذي يأْكل العنب والجراد،
قال: وبعضهم يسميها السُّوادِيَّةَ.
ابن الأَعرابي: المُسَوَّدُ أَن تؤخذ المُصْرانُ فتُفْصَدَ فيها الناقةُ
وتُشَدّ رأْسُها وتُشْوَى وتؤكل.
وأَسْوَدُ: اسم جبل. وأَسْوَدَةُ: اسم جبل آخر.
والأَسودُ: عَلَمٌ في رأْس جبل؛ وقول الأَعشى:
كَلاَّ، يَمِينُ اللَّهِ حتى تُنزِلوا،
من رأْس شاهقةٍ إِلينا، الأَسْوَدا
وأَسْودُ العَيْنِ: جبل؛ قال:
إِذا ما فَقَدْتُمْ أَسْوَدَ العينِ كنْتُمُ
كِراماً، وأَنتم ما أَقامَ أَلائِمُ
قال الهَجَرِيُّ: أَسْوَدُ العينِ في الجَنُوب من شُعَبَى. وأَسْوَدَةُ:
بِئر. وأَسوَدُ والسَّودُ: موضعان.
والسُّوَيْداء: موضعٌ بالحِجاز. وأَسْوَدُ الدَّم: موضع؛ قال النابغةُ
الجعدي:
تَبَصَّرْ خَلِيلِي، هل تَرَى من ظعائنٍ
خَرَجْنَ بنصف الليلِ، من أَسْوَدِ الدَّمِ؟
والسُّوَيْداءُ: طائرٌ. وأَسْودانُ: أَبو قبيلة وهو نَبْهانُ. وسُوَيْدٌ
وسَوادةُ: اسمان. والأَسْوَدُ: رجل.
صبغ: الصَّبْغُ والصِّباغُ: ما يُصْطَبَغُ به من الإِدامِ؛ ومنه قوله
تعالى في الزَّيْتُون: تَنْبَتُ بالدُّهْنِ وصِبْغٍ للآكِلِين، يعني
دُهْنَه؛ وقال الفراء: يقول الآكلونَ يَصْطَبِغُون بالزَّيت فجعل الصِّبْغَ
الزيت نفسَه، وقال الزجاج: أَراد بالصَّبْغ الزيتونَ، قال الأَزهري: وهذا
أَجود القولين لأَنه قد ذكر الدُّهن قبله، قال: وقوله تَنْبُتُ بالدُّهْن
أَي تنبت وفيها دُهْن ومعها دُهْن كقولك جاءني زيد بالسيف أَي جاءني ومعه
السيف. وصَبَغَ اللقمةَ يَصْبُغُها صَبْغاً: دَهَنها وغمَسها، وكلُّ ما
غُمِسَ، فقد صُبِغَ، والجمع صِباغٌ؛ قال الراجز:
تَزَجَّ مِنْ دُنْياكَ باليَلاغِ،
وباكِرِ المِعْدَةَ بالدِّباغِ
بالمِلْحِ ، أَو ما خَفَّ من صِباغِ
ويقال: صَبَغَتِ الناقةُ مَشافِرَها في الماء إذا غَمَسَتْها، وصَبَغَ
يدَه في الماء؛ قال الراجز:
قد صَبَغَتْ مَشافِراً كالأَشْبارْ،
تُرْبِي على ما قُدَّ يَفْرِيهِ الفَارْ،
مَسْكَ شَبُوبَينِ لها بأَصْبارْ
قال الأَزهري: وسمَّتِ النصارى غَمْسَهم أَوْلادَهم في الماء صَبْغاً
لغَمْسِهم إياهم فيه. والصَّبْغُ: الغَمْسُ. وصَبَغَ الثوبَ والشَّيْبَ
ونحوَهما يَصْبَغُه ويَصْبُغُه ويَصْبِغُه ثلاتُ لغاتٍ؛ الكسر عن اللحياني،
صَبْغاً وصِبْغاً وصِبَغةً؛ التثقيل عن أَبي حنيفة. قال أَبو حاتم: سمعت
الأَصمعي وأَبا زيد يقولان صَبَغْتُ الثوبَ أَصْبَغُه وأَصْبُغُه صِبَغاً
حسناً، الصاد مكسورة والباء متحركة، والذي يصبغ به الصِّبْغُ، بسكون
الباء، مثل الشِّبَعِ والشِّبْع؛ وأَنشد:
واصْبَغْ ثِيابي صِبَغاً تَحْقِيقا،
مِن جَيِّدِ العُصْفُرِ لا تَشْرِيقا
قال: والتَّشْرِيقُ الصَّبْغُ الخفيفُ. والصِّبْغُ والصِّباغُ
والصِّبْغةُ: ما يُصْبَغُ به وتُلَوَّنُ به الثياب، والصَّبْغُ المصدر، والجمع
أَصْباغٌ وأَصْبِغةٌ.
واصْطَبَغَ: اتَّخَذَ الصِّبْغَ، والصِّباغُ: مُعالِجُ الصّبْغِ،
وحِرْفته الصِّباغةُ. وثيابٌ مُصَبَّغةٌ إِذا صُبِغَتْ، شُدِّدَ للكثرة. وفي
حديث علي في الحج: فوجَد فاطمة لَبِسَتْ ثياباً صَبِيغاً أَي مَصْبوغة غير
بيض، وهي فَعِيل بمعنى مَفْعول. وفي الحديث: فَيُصْبَغُ في النار صَبْغةً
أَي يُغْمَسُ كما يُغْمَسُ الثوبُ في الصِّبْغ. وفي حديث آخر: اصْبُغُوه
في النار. وفي الحديث: أَكْذَبُ الناسِ الصبّاغُون والصَّوّاغُون؛ هم
صَبّاغو الثياب وصاغةُ الحُلِيِّ لأَنهم يَمْطُلُون بالمَواعِيد، وأَصله
الصَّبْغُ التغيير. وفي حديث أَبي هريرة: رأَى قوماً يَتَعادَوْنَ فقال: ما
لهم؟ فقالوا: خرج الدَّجّالُ، فقال: كَذِبةٌ كَذَبَها الصّباغُون، وروي
الصوَّاغون. وقولهم: قد صَبَغُوني في عَيْنِكَ، يقال: معناه غَيَّروني
عندك وأَخبروا أَني قد تغيرت عما كنت عليه. قال: والصَّبْغُ في كلام العرب
التَّغْيِيرُ، ومنه صُبِغَ الثوبُ إذا غُيِّرَ لَونُه وأُزِيلَ عن حاله
إلى حالِ سَوادٍ أَو حُمْرةٍ أَو صُفْرةٍ، قال: وقيل هو مأْخوذ من قولهم
صَبَغُوني في عينك وصَبغوني عندك أَي أَشارُوا إليك بأَني موضع لما
قَصَدْتَني به، من قوْلِ العرب صَبَغْتُ الرجلَ بعيني ويدي أَي أَشَرْتُ إليه؛
قال الأَزهري: هذا غلط إذا أَرادت بإشارةٍ أَو غيرها قالوا صَبَعْت،
بالعين المهملة؛ قال أَبو زيد.
وصِبْغةُ الله: دِينُه، ويقال أَصلُه. والصِّبغةُ: الشرِيعةُ والخِلقةُ،
وقيل: هي كل ما تُقُرِّبَ به. وفي التنزيل: صِبْغةَ الله ومَنْ
أَحْسَنُ من اللهِ صِبْغةً؛ وهي مشتقٌّ من ذلك، ومنه صَبْغُ النصارى أَولادهم في
ماء لهم؛ قال الفراء: إنما قيل صِبْغةَ لأَن بعض النصارى كانوا إذا
وُلِدَ المولود جعلوه في ماءٍ لهم كالتطهير فيقولون هذا تطهير له كالخِتانة.
قال الله عز وجل: قل صبغة الله، يأْمر بها محمداً، صلى الله عليه وسلم،
وهي الخِتانةُ اخْتَتَنَ إِبراهيم، وهي الصِّبْغَةُ فجرت الصِّبْغة على
الخِتانة لصَبْغهم الغِلْمانَ في الماء، ونصب صبغةَ الله لأَنه رَدَّها
على قوله بل مِلَّةَ إبراهيم أَي بل نَتَّبِع مِلَّة إبراعهيم ونتَّبِع
صبغةَ الله، وقال غير الفراء: أَضمر لها فعلاً اعْرِفُوا صِبْغة الله
وتدبَّرُوا صبغة الله وشبه ذلك. ويقال: صبغةُ الله دِينُ الله وفِطْرته. وحكي
عن أَبي عمرو أَنه قال: كل ما تُقُرِّبَ به إلى الله فهو الصبغة.
وتَصَبَّغَ فلان في الدين تَصَبُّغاً وصِبغةً حَسَنةً؛ عن اللحياني. وصَبَغَ
الذَّمِّيُّ ولدَه في اليهوديّة أَو النصرانية صِبْغةً قبيحة: أَدخلها فيها.
وقال بعضهم: كانت النصارى تَغْمِسُ أَبناءها في ماء يُنَصِّرونهم بذلك،
قال: وهذا ضعيف.
والصَّبَغُ في الفرس: أَن تَبْيَضَّ الثُّنّةُ كلُّها ولا يَتَّصلَ
بياضُها ببَياضِ التَّحْجِِيلِ. والصَّبَغُ أَيضاً: أَن يَبْيَضَّ الذنَبُ
كله والناصيةُ كلها، وهو أَصْبَغُ. والصَّبَغُ أَيضاً: أَخَفُّ من
الشَّعَل، وهو أَن تكون في طرَف ذنَبه شَعرات بِيض، يقال من ذلك فرس أَصْبَغُ.
قال أَبو عبيدة: إذا شابت ناصية الفرس فهو أَسْعَفُ، فإِذا ابيضت كلها فهو
أَصْبَغُ، قال: والشَّعَلُ بَياض في عُرْضِ الذنَب، فإِن ابيض كله أَو
أَطْرافُه فهو أَصْبَغُ، قال: والكَسَعُ أَن تبيضَّ أَطْرافُ الثُّنَنِ،
فإِن ابيضت الثنن كلها في يد أَو رجل ولم تتصل ببياض التحجيل فهو
أَصْبَغُ.والصَّبْغاءُ من الضأْن: البيضاءُ طرَفِ الذنب وسائرُها أَسود، والاسم
الصُّبْغةُ. أَبو زيد: إِذا ابيض طَرَفُ ذنَب النعجةِ فهي صَبْغاء، وقيل:
الأَصبغُ من الخيل الذي ابيضت ناصِيته أَو ابيضت أَطراف ذنبه،
والأَصْبَغُ من الطير ما ابيض أَعلى ذنبه، وقيل ما ابيض ذنَبُه. وفي حديث أَبي
قتادة: قال أَبو بكر كلاَّ لا يُعْطِيهِ أُصَيْبِغَ قُريش، يصفه بالعَجْزِ
والضَّعْفِ والهَوان، فشبه بالأَصبغ وهو نوع من الطيور ضعيف، وقيل شَبَّهه
بالصَّبْغاءِ النَّباتِ، وسيجيء، ويروى بالضاد المعجمة والعين المهملة
تصغير ضَبُع على غير قياس تَحْقيراً له.
وصَبَغَ الثوبُ يَصْبُغُ صُبوغاً: اتَّسَعَ وطالَ لغة في سَبَغَ.
وصَبَّغَتِ الناقةُ: أَلْقَتْ ولدَها لغة في سَبَّغَتْ. الأَصمعي: إذا أَلقت
الناقةُ ولدَها وقد أَشْعَرَ قيل: سَبَّغْتْ، فهي مُسبِّغٌ؛ قال الأَزهري:
ومن العرب من يقول صَبَّغَتْ فهي مُصَبِّغٌ، بالصاد، والسينُ أَكثر.
ويقال: ناقة صابِغٌ إذا امْتَلأَ ضَرْعُها وحَسُنَ لونه، وقد صَبُغَ ضَرعُها
صُبوغاً، وهي أَجْوَدُها مَحْلبة وأَحَبُّها إلى الناسِ. وصَبَغَتْ
عَضَلةُ فلان أَي طالتْ تَصْبُغ، وبالسين أَيضاً. وصَبَغَتِ الإِبلُ في
الرعْي تَصْبُغُ، فهي صابغةٌ؛ وقال جندل يصف إِبلاً:
قَطَعْتُها بِرُجَّعٍ أَبْلاءِ ،
إذا اغْتَمَسْنَ مَلَثَ الظَّلْماءِ
بالقَوْمِ ، لم يَصْبُغْنَ في عَشاءِ
ويروى: لم يَصْبُؤْنَ في عَشاء. يقال: صَبأَ في الطعام إذا وضَعَ فيه
رأْسَه. وقال أَبو زيد: يقال ما تَرَكْتُه بِصِبْغ الثَّمَنِ أَي لم أَتركه
بثَمَنِه الذي هو ثمنه، وما أَخذته بِصِبْغ الثمن أَي لم آخذه بثمنه
الذي هو ثمنه، ولكني أَخذته بِغلاَءٍ.
ويقال: أَصْبَغَتِ النخلةُ فهي مُصْبِغٌ إذا ظَهر في بُسْرِها
النُّضْجُ، والبُسْرةُ التي قد نَضِجَ بعضها هي الصُّبْغةُ، تقول: نَزَعْتُ منها
صُبْغةً أَو صُبْغَتَينِ، والصاد في هذا أَكثر. وصَبَّغَت الرُّطَبةُ: مثل
ذنَّبَتْ. والصَّبْغاءُ: ضَرْبٌ من نبات القُفِّ. وقال أَبو حنيفة:
الصَّبْغاء شجرة شبيهة بالضَّعةِ تأْلَفُها الظِّباء بيضاء الثمرة، قال: وعن
الأَعراب الصَّبْغاءُ مثل الثُّمامِ. قال الأَزهري: الصَّبْغاءُ نبت
معروف. وجاء في الحديث: هل رأَيتم الصَّبْغاء ما يَلي الظلَّ منها أَصفرُ
وأَبيضُ؟ وروي عن عطاء بن يسار عن أَبي سعيد الخُدْري أَن رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، قال فَيَنْبُتُونَ كما تَنْبُتُُ الحِبَّةُ في حَمِيل
السيْلِ، أَلم تَرَوْها ما يَلِي الظلَّ منها أُصَيْفِرُ أَو أَبيضُ، وما يلي
الشمسَ منها أُخَيْضِرُ؟ وإذا كانت كذلك فهي صَبْغاءُ؛ وقال: إِنَّ
الطاقَةَ الغَضَّةَ من الصبْغاء حين تَطْلُعُ الشمسُ يكون ما يلي الشمسَ من
أَعالِيها أَبيضَ وما يلي الظلَّ أَخضر كأَنها شبهت بالنعجة الصبغاء؛ قال
ابن قتيبة: شَبَّه نَباتَ لحومهم بعد إحْراقِها بنبات الطاقة من النبت
حين تطلُع، وذلك أَنها حين تطلُع تكون صَبْغاء، فما يلي الشمسَ من
أَعالِيها أَخضرُ، وما يلي الظلَّ أَبيضُ.
وبنو صَبْغاء: قوم. وقال أَبو نصر: الصَّبْغاء شجرة بيضاء الثمرةِ.
وصُبَيْغٌ وأَصْبَغُ وصبِيغٌ: أَسماء. وصِبْغٌ: اسم رجل كان يَتَعَنَّتُ
الناسَ بسُؤالات في مُشْكِل القرآن فأَمر عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، بضربه
ونفاه إلى البَصرة ونَهى عن مُجالَسَتِه.
شرب: الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده: شَرِبَ الماءَ وغيره شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً؛ ومنه قوله تعالى: فشارِبون عليه من الـحَميمِ فشارِبون شُرْبَ الـهِـيمِ؛ بالوجوه الثلاثة. قال سعيد بن يحيـى الأُموي: سمعت أَبا جريج يقرأُ: فشارِبون شَرْبَ الـهِـيمِ؛ فذكرت ذلك لجعفر بن محمد، فقال: وليست كذلك، إِنما هي: شُرْب الـهِـيمِ؛ قال الفراء: وسائر القراء يرفعون الشين. وفي حديث أَيـّامِ التَّشْريق: إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ؛ يُروى بالضم والفتح، وهما بمعنى؛ والفتح أَقل اللغتين، وبها قرأَ أَبو عمرو: شَرْب الـهِـيمِ؛ يريد أَنها أَيام لا يجوز صَومُها، وقال أَبو عبيدة: الشَّرْبُ، بالفتح، مصدر، وبالخفض والرفع، اسمان من شَرِبْتُ. والتَّشْرابُ: الشُّرْبُ؛ فأَما قول أَبي ذؤيب:
شَرِبنَ بماءِ البحرِ، ثم تَرَفَّعَتْ، * مَتى حَبَشِـيَّاتٍ، لَـهُنَّ نئِـيجُ(1)
(1 قوله «متى حبشيات» هو كذلك في غير نسخة من المحكم.)
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ ماء البحر، ثم تَصَعَّدْنَ، فأَمْطَرْن
ورَوَّيْنَ؛ والباء في قوله بماء البحر زائدة، إِنما هو شَرِبنَ ماء البحر؛ قال ابن جني: هذا هو الظاهر من الحالِ، والعُدُولُ عنه تَعَسُّفٌ؛ قال: وقال بعضهم شَرِبنَ مِن ماء البحر، فأَوْقَع الباء مَوْقِـعَ من؛ قال: وعندي أَنه لما كان شَرِبنَ في معنى رَوِينَ، وكان رَوِينَ مما يتعدَّى بالباءِ، عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ، ومثله كثير؛ منه ما مَضَى، ومنه ما
سيأْتي، فلا تَسْتَوْحِش منه.
والاسم: الشِّرْبةُ، عن اللحياني؛ وقيل: الشَّرْبُ المصدر، والشِّرْبُ
الاسم. والشِّرْبُ: الماء، والجمع أَشرابٌ.
والشَّرْبةُ من الماءِ: ما يُشْرَبُ مَرَّةً. والشَّرْبةُ أَيضاً: المرةُ الواحدة من الشُّرْبِ.
والشِّرْبُ: الـحَظُّ من الماءِ، بالكسر. وفي المثل: آخِرُها أَقَلُّها
شِرْباً؛ وأَصلُهُ في سَقْيِ الإِبل، لأَنَّ آخِرَها يرد، وقد نُزِفَ
الحوْضُ؛ وقيل: الشِّرْبُ هو وقتُ الشُّرْبِ. قال أَبو زيد: الشِّرْبُ
الـمَوْرِد، وجمعه أَشْرابٌ. قال: والـمَشْرَبُ الماء نَفسُه.
والشَّرابُ: ما شُرِب من أَيِّ نوْعٍ كان، وعلى أَيّ حال كان. وقال أَبو حنيفة: الشَّرابُ، والشَّرُوبُ، والشَّرِيبُ واحد، يَرْفَع ذلك إِلى أَبي زيد.
ورَجلٌ شارِبٌ، وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ: مُولَع بالشَّرابِ،
كخِمِّيرٍ. التهذيب: الشَّرِيبُ الـمُولَع بالشَّراب؛ والشَّرَّابُ: الكثيرُ
الشُّرْبِ؛ ورجل شَروبٌ: شديدُ الشُّرْب. وفي الحديث: مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدنيا، لم يَشْرَبها في الآخرة؛ قال ابن الأَثير: هذا من باب التَّعْلِـيقِ في البيان؛ أَراد: أَنه لم يَدْخُلِ الجنَّةَ، لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ، فإِذا لم يَشْرَبْها في الآخرة، لم يَكن قد دَخَلَ
الجنةَ.والشَّرْبُ والشُّرُوبُ: القَوم يَشْرَبُون، ويجْتَمعون على الشَّراب؛ قال ابن سيده: فأَما الشَّرْبُ، فاسم لجمع شارِب، كرَكْبٍ ورَجْلٍ؛ وقيل: هو جمع. وأَما الشُّروب، عندي، فجمع شاربٍ، كشاهدٍ وشُهودٍ، وجعله ابن الأَعرابي جمع شَرْبٍ؛ قال: وهو خطأٌ؛ قال: وهذا مـمَّا يَضِـيقُ عنه عِلْمُه لجهله بالنحو؛ قال الأَعشى:
هو الواهِبُ الـمُسْمِعاتِ الشُّرُو * بَ، بَين الـحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وقوله أَنشده ثعلب:
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا، * مِثلَ الـمَنادِيلِ، تُعاطَى الأَشرُبا(1)
(1 قوله «جلبا» كذا ضبط بضمتين في نسخة من المحكم.)
يكون جمع شَرْبٍ، كقول الأَعشى:
لها أَرَجٌ، في البَيْتِ، عالٍ، كأَنما * أَلمَّ بهِ، مِن تَجْرِ دارِينَ، أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ: جمع رَكْبٍ، ويكون جمع شَارِبٍ وراكِبٍ، وكلاهما نادر، لأَنَّ سيبويه لم يذكر أَن فاعلاً قد يُكَسَّر على أَفْعُلٍ.
وفي حديث علي وحمزة، رضي اللّه عنهما: وهو في هذا البيت في شَرْبٍ من الأَنصار؛ الشَّرْبُ، بفتح الشين وسكون الراء: الجماعة يَشْرَبُونَ الخمْر.التهذيب، ابن السكيت: الشِّرْبُ: الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ. والشِّرْبُ: النَّصِـيبُ من الماء.
والشَّرِيبةُ من الغنم: التي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ، فتَتْبَعُها الغَنمُ، هذه في الصحاح؛ وفي بعض النسخ حاشيةٌ: الصواب السَّريبةُ، بالسين المهملة. وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً. شَرِبَ معه، وهو شَرِيبـي؛ قال:
رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ، * شِرابُه كالـحَزِّ بالـمَواسي
والشَّرِيبُ: صاحِـبُكَ الذي يُشارِبُكَ، ويُورِدُ إِبلَه معَكَ، وهو
شَرِيبُك؛ قال الراجز:
إِذا الشَّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ، فخلِّه، حتى يَبُكَّ بَكَّهْ
وبه فسر ابن الأَعرابي قوله:
رُبَّ شَرِيب لك ذي حُساس
قال: الشَّرِيبُ هنا الذي يُسْقَى مَعَك. والـحُساسُ: الشُّؤْم والقَتْلُ؛ يقول: انتِظارُك إِيَّاه على الحوضِ، قَتْلٌ لك ولإِبلِك. قال: وأَما
نحن ففَسَّرْنا الـحُساسَ هنا، بأَنه الأَذَى والسَّوْرةُ في الشَّراب،
وهو شَرِيبٌ، فَعِـيلٌ بمعنى مُفاعِل، مثل نَديم وأَكِـيل.
وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ، وأَشْرَبَ الإِبل حتى شَرِبَتْ، وأَشْرَبْنَا نحن: رَوِيَتْ إِبلُنا، وأَشْرَبْنا: عَطِشْنا، أَو عَطِشَت إِبلُنا؛ وقوله:
اسْقِنِـي، فإِنَّـنِـي مُشْرِب
رواه ابن الأَعرابي، وفسره بأَنَّ معناه عطشان، يعني نفسه، أَو إِبله.
قال ويروى: فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قد وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ. التهذيب:
الـمُشْرِبُ العَطْشان. يقال: اسْقِنِي، فإِنِّي مُشْرِب. والـمُشْرِبُ:
الرجُل الذي قد عَطِشَت إِبلُه أَيضاً. قال: وهذا قول ابن الأَعرابي.
قال وقال غيره: رَجل مُشْرِبٌ قد شَرِبَت إِبله. ورجل مُشرِبٌ: حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ. قال: وهذا عنده من الأَضداد.
والـمَشْرَبُ: الماء الذي يُشْرَبُ.
والـمَشْرَبةُ: كالـمَشْرَعةِ؛ وفي الحديث: مَلْعُونٌ ملعونٌ مَن أَحاطَ
على مَشْرَبةٍ؛ الـمَشْرَبة، بفتح الراءِ من غير ضم: الموضع الذي يُشْرَبُ منه كالـمَشْرَعةِ؛ ويريد بالإِحاطة تَملُّكَه، ومنعَ غيره منه.
والـمَشْرَبُ: الوجهُ الذي يُشْرَبُ منه، ويكون موضعاً، ويكون مصدراً؛ وأَنشد:
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي، كأَنه * خَصِـيٌّ، أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ
أَي من غير وجه الشُّرْب؛ والـمَشْرَبُ: شَرِيعةُ النَّهر؛
والـمَشْرَبُ: الـمَشْروبُ نفسُه.
والشَّرابُ: اسم لما يُشْرَبُ. وكلُّ شيء لا يُمْضَغُ، فإِنه يقال فيه:
يُشْرَبُ.
والشَّرُوبُ: ما شُرِبَ. والماء الشَّرُوب والشَّريبُ: الذي بَيْنَ
العَذْبِ والـمِلْح؛ وقيل: الشَّروب الذي فيه شيء من عُذوبةٍ، وقد يَشْرَبُه الناس، على ما فيه. والشَّرِيبُ: دونه في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند ضرورة، وقد تَشْرَبُه البهائم؛ وقيل: الشَّرِيبُ العَذْبُ؛ وقيل: الماء الشَّرُوب الذي يُشْرَبُ. والمأْجُ: الـمِلْحُ؛ قال ابن هرمة:
فإِنَّكَ، بالقَرِيحةِ، عامَ تُمْهى، * شَروبُ الماء، ثم تَعُودُ مَـأْجا
قال: هكذا أَنشده أَبو عبيد بالقَرِيحة، والصواب كالقَرِيحةِ. التهذيب أَبو زيد: الماء الشَّريبُ الذي ليس فيه عُذوبةٌ، وقد يَشْرَبُه الناسُ على ما فيه. والشَّرُوبُ: دُونهُ في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند الضَّرُورة. وقال الليث: ماء شَرِيبٌ وشَرُوب فيه مَرارةٌ ومُلُوحة، ولم يمتنع من الشُّرْب؛ وماء شَرُوبٌ وماء طَعِـيمٌ بمعنى واحد. وفي حديث الشورى: جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع من عَذْبٍ مُوبٍ؛ الشَّرُوبُ من الماءِ: الذي لا يُشْرَب إِلاّ عند الضرورة، يستوي فيه المذكر والمؤَنث، ولهذا وصف به الجُرْعةَ؛ ضرب الحديث
مثلاً لرجلين: أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ، والآخر أَرفعُ وأَضرُّ. وماءٌ مُشْرِبٌ: كَشَروبٍ.
ويقال في صِفَةِ بَعِيرٍ: نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هذا؛ يقول: يكتفي إِلى منزله الذي يريدُ بشَرْبةٍ واحدة، لا يَحْتاجُ إِلى أُخرى.
وتقول: شَرَّبَ مالي وأَكَّـلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم به؛ وظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاءَ.
ورجل أُكَلةٌ وشُرَبةٌ، مثال هُمَزةٍ: كثير الأَكل والشُّرب، عن ابن
السكيت.
ورجلٌ شَرُوبٌ: شديدُ الشُّرْبِ، وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ.
ويومٌ ذو شَرَبةٍ: شديدُ الـحَرِّ، يُشْرَبُ فيه الماءُ أَكثر مما يُشْرَب على هذا الآخر. وقال اللحياني: لم تَزَلْ به شَرَبَةٌ هذا اليومَ أَي
عَطَشٌ. التهذيب: جاءَت الإِبل وبها شَرَبةٌ أَي عطَش، وقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو إِنه لذو شَرَبةٍ إِذا كان كثير الشُّرب.
وطَعامٌ مَشْرَبةٌ: يُشْرَبُ عليه الماء كثيراً، كما قالوا: شَرابٌ مَسْفَهةٌ.
وطَعامٌ ذو شَرَبة إِذا كان لا يُرْوَى فيه من الماءِ. والـمِشْرَبةُ،
بالكسر: إِناءٌ يُشْرَبُ فيه.
والشَّارِبةُ: القوم الذين مسكنهم على ضَفَّة النهر، وهم الذين لهم ماء ذلك النهر.
والشَّرَبةُ: عَطَشُ المالِ بعدَ الـجَزءِ، لأَنَّ ذلك يَدْعُوها إِلى
الشُّرْب. والشَّرَبةُ، بالتحريك: كالـحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ
والشجرة، ويُمْلأُ ماء، فيكون رَيَّها، فَتَتَرَوَّى منه، والجمع شَرَبٌ
وشَرَباتٌ؛ قال زهير:
يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ، ماؤها طَحِلٌ، * على الجُذوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابن الأَعرابي:
مِثْلُ النَّخِـيلِ يُرَوِّي، فَرْعَها، الشَّرَبُ
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ من الشَّرَباتِ، فادْلُكْ رأْسَك حتى تُنَقِّيَه.
الشَّرَبة، بفتح الراءِ: حَوْضٌ يكون في أَصل النخلة وحَوْلَها، يُمْلأُ
ماء لِتَشْرَبه؛ ومنه حديث جابر، رضي اللّه عنه: أَتانا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فَعَدَلَ إِلى الرَّبِـيع، فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ
إِلى الشَّرَبةِ؛ الرَّبِـيعُ: النهرُ. وفي حديث لَقِـيطٍ: ثم أَشْرَفْتُ عليها، وهي شَرْبةٌ واحدة؛ قال القتيبـي: إِن كان بالسكون، فإِنه أَرادأَن الماء قد كثر، فمن حيث أَردت أَن تشرب شربت، ويروى بالياءِ تحتها نقطتان، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرَبةُ: كُرْدُ الدَّبْرَةِ، وهي الـمِسْقاةُ، والجمع من كل ذلك
شَرَباتٌ وشَرَبٌ.
وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ: جَعَلَ لها شَرَباتٍ؛ وأَنشد أَبو حنيفة في
صفة نخل:
مِنَ الغُلْبِ، مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ * لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذلك من الشُّرْب.
والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ؛ وقيل: الشَّوارِبُ عُروقٌ في
الـحَلْقِ تَشْرَبُ الماء؛ وقيل: هي عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالـحُلْقوم،
وأَسْفَلُها بالرِّئةِ؛ ويقال: بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِـين، ولها قَصَبٌ
منه يَخْرُج الصَّوْت؛ وقيل: الشَّوارِبُ مَجاري الماء في العُنُقِ؛ وقيل: شَوارِبُ الفَرَسِ
ناحِـيةُ أَوْداجِه، حيث يُوَدِّجُ البَيْطارُ، واحِدُها، في التقدير، شارِبٌ؛ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ، مِن هذا، أَي شَديدُ النَّهِـيقِ. الأَصمعي، في قول أَبي ذؤَيب:
صَخِبُ الشَّوارِب، لا يَزالُ كأَنـَّه * عَبْدٌ، لآلِ أَبي رَبِـيعةَ، مُسْبَعُ
قال: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ، وإِنما يريد كَثرةَ
نُهاقِه؛ وقال ابن دريد: هي عُرُوقُ باطِن الـحَلْقِ. والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالـحُلْقُومِ؛ يقال: فيها يَقَعُ الشَّرَقُ؛ ويقال: بل هي
عُرُوق تأْخذ الماء، ومنها يَخْرُج الرِّيقُ. ابن الأَعرابي: الشَّوارِبُ
مَجاري الماءِ في العين؛ قال أَبو منصور: أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ في العين التي تَفُور في الأَرض، لا مَجارِيَ ماءِ عين الرأْس.
والـمَشْرَبةُ: أَرضٌ لَـيِّـنةٌ لا يَزالُ فيها نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ. والـمَشْرَبةُ والـمَشْرُبَةُ، بالفتح والضم: الغُرْفةُ؛ سيبويه: وهي الـمَشْرَبةُ، جعلوه اسماً كالغُرْفةِ؛ وقيل: هي كالصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفةِ.
والـمَشارِبُ: العَلاليُّ، وهو في شعر الأَعشى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان في مَشْرَبةٍ له أَي كان في غُرْفةٍ؛ قال: وجمعها مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ.
والشارِبانِ: ما سالَ على الفَم من الشَّعر؛ وقيل: إِنما هو الشَّارِبُ، والتثنية خطأٌ. والشَّارِبان: ما طالَ مِن ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبعضهم يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً واحداً، وليس بصواب، والجمع شَوارِبُ.
قال اللحياني: وقالوا إِنه لَعَظِـيمُ الشَّواربِ. قال: وهو من الواحد
الذي فُرِّقَ، فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ منه شارِباً، ثم جُمِع على هذا. وقد
طَرَّ شارِبُ الغُلامِ، وهما شارِبانِ. التهذيب: الشارِبانِ ما طالَ من ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبذلك سُمِّي شارِبا السيفِ؛ وشارِبا السيفِ: ما
اكْـتَنَفَ الشَّفْرةَ، وهو من ذلك. ابن شميل: الشارِبانِ في السيفِ، أَسْفَلَ القائِم، أَنْفانِ طَويلانِ: أَحدُهما من هذا الجانب، والآخَرُ من هذا الجانِب. والغاشِـيةُ: ما تحتَ الشَّارِبَين؛ والشارِبُ والغاشِيةُ: يكونان من حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ.
وأَشْرَبَ اللَّونَ: أَشْبَعَه؛ وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر، فقد أُشْرِبَه.
وقد اشْرابَّ: على مِثالِ اشْهابَّ.
والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ في الثوبِ، والثوبُ يَتَشَـرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه.
والإِشْرابُ: لَوْنٌ قد أُشْرِبَ من لَونٍ؛ يقال: أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذلك؛ وفيه شُرْبةٌ من حُمْرَــةٍ أَي إِشْرابٌ.
ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً، وإِنه لَـمَسْقِـيُّ الدَّم مثله، وفيه شُرْبةٌ من الـــحُمْرةِ إِذا كان مُشْرَباً حُمْرَــةً وفي صفته، صلى اللّه عليه
وسلم: أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً.
(يتبع...)
(تابع... 1): شرب: الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده:... ...
الإِشْرابُ: خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ. كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِـيَ اللونَ الآخَرَ؛ يقال: بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مخففاً، وإِذا شُدّد كان للتكثير والمبالغة.
ويقال أَيضاً: عنده شُرْبةٌ من ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ؛ ومثله
الـحُسْوةُ، والغُرْفةُ، واللُّقْمةُ.
وأُشْرِبَ فلان حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه. وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّـةَ هذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ. وفي التنزيل العزيز: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهِم العِجْلَ؛ أَي حُبَّ العِجْلِ، فحذَف المضافَ، وأَقامَ المضافَ
إِليه مُقامَه؛ ولا يجوز أَن يكون العِجْلُ هو الـمُشْرَبَ، لأَنَّ
العِجْل لا يَشْرَبُه القَلْبُ؛ وقد أُشْرِبَ في قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه. وقال الزجاج: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهم العِجْلَ بكُفْرِهم؛ قال:
معناه سُقُو حُبَّ العِجْلِ، فحذف حُبَّ، وأُقِـيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كما
قال الشاعر:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ * خَلالَـتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ.
والثَّوْب يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه. وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فيه: سَرَى.
واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَــتُها؛ وذلك إِذا كانت
من الشِّرْبانِ؛ حكاه أَبو حنيفة.
قال بعض النحويين: من الـمُشْرَبةِ حُروف يخرج معها عند الوُقوفِ عليها نحو النفخ، إِلاَّ أَنها لم تُضْغَطْ ضَغْطَ الـمَحْقُورَةِ، وهي الزاي والظاءُ والذال والضاد. قال سيبويه: وبعضُ العرب أَشَدُّ تصويباً من بعض.وأُشْرِبَ الزَّرْعُ: جَرى فيه الدَّقيقُ؛ وكذلك أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حنيفة سماعاً من العرب أَو الرُّواة.
ويقال للزرع إِذا خرج قَصَبُه: قد شَرِبَ الزرعُ في القَصَبِ، وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فيه. ابن الأَعرابي: الشُّرْبُبُ الغَمْلى من النبات.
وفي حديث أُحد: انَّ المشركين نزلوا على زَرْعِ أَهلِ المدينةِ،
وخَلَّوا فيه ظَهْرهم، وقد شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ؛ وفي رواية: شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ، وهو كناية عن اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه.
يقال: شَرَّبَ قَصَبُ الزرع إِذا صارَ الماءُ فيه؛ وشُرِّبَ السُّنْبُلُ
الدَّقيقَ إِذا صارَ فيه طُعْمٌ؛ والشُّرْبُ فيه مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِـيقَ كان ماءً، فَشَرِبَه.
وفي خديث الإِفك: لقد سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم، أَي سُقِـيَتْهُ كما يُسْقَى العَطْشانُ الماء؛ يقال: شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِـيتَه. وأُشْرِبَ قَلْبُه كذا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب، أَو اخْتَلَطَ به، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بالثوب. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ.
أَبو عبيد: وشَرَّبَ القِرْبةَ، بالشين المعجمة، إِذا كانت جديدة، فجعل فيها طيباً وماء، لِـيَطِـيبَ طَعْمُها؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الـحَفْلِ، بالضُّحَى، * سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّب
هذا قول أَبي عبيد وتفسيره، وقوله: كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّبِ؛
إِنما هو بالسين المهملة؛ قال: ورواية أَبي عبيد خطأ.
وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه.
وضَبَّةٌ شَرُوبٌ: تَشْتَهِـي الفحل، قال: وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ.
وشَرِبَ بالرجل، وأَشْرَبَ به: كَذَبَ عليه؛ وتقول: أَشْرَبْتَني ما لم
أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أَفْعَلْ.
والشَّرْبةُ: النَّخْلة التي تَنبُتُ من النَّوى، والجمع الشَّرَبَّاتُ،
والشَّرائِبُ، والشَّرابِـيبُ(1)
(1 قوله «والجمع الشربَّات والشرائب والشرابيب» هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيده وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان.).
وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الـحَبْلَ: وَضَعَه في عُنُقها؛ قال:
يا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ
وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جعلت الـحِـبالَ في أَعْناقِها؛ وأَنشد ثعلب:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حتى أَنَخْتُها * بِقُرْح، وقد أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِـينِ
وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لكل جَمَلٍ قَريناً؛ ويقول أَحدهم لناقته: لأُشْرِبَنَّكِ الـحِـبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بها.
والشَّارِبُ: الضَّعْفُ، في جميع الحيوان؛ يقال: في بعيرِك شارِبُ
خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ؛ ونِعْم البعيرُ هذا لولا أَن فيه شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ.
قال: وشَرِبَ إِذا رَوِيَ، وشَرِبَ إِذا عَطِشَ، وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ
بَعيرُه.
ويقال: ما زالَ فلان على شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي على أَمرٍ واحد.
أَبو عمرو: الشَّرْبُ الفهم. وقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ؛
ويقال للبليد: احْلُبْ ثم اشْرُبْ أَي ابْرُك ثم افْهَمْ.
وحَلَبَ إِذا بَرَكَ.
وشَرِيبٌ، وشُرَيْبٌ، والشُّرَّيْبُ، بالضم، والشُّرْبُوبُ، والشُّرْبُبُ: كلها مواضع. والشُّرْبُبُ في شعر لبيد، بالهاءِ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه؟
والشُّرْبُبُ: اسم وادٍ بعَيْنِه.
والشَّرَبَّةُ: أَرض لَـيِّـنَة تُنْبِتُ العُشْبَ، وليس بها شجر؛ قال
زهير:
وإِلاَّ فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ، فاللِّوَى، * نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع، ونَيْسِرُ
وشَرَبَّةُ، بتشديد الباءِ بغير تعريف: موضع؛ قال ساعدة بن جؤَية:
بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِـيبِ، بدُورِه * أَرْطًى، يَعُوذُ به، إِذا ما يُرْطَبُ
يُرْطَبُ: يُبَلُّ؛ وقال دَمِث الكَثِـيب، لأَنَّ الشُّرَبَّةَ موضع أَو مكان؛ ليس في الكلام فَعَلَّةٌ إِلاَّ هذا، عن كراع، وقد جاءَ له ثان، وهو قولهم: جَرَبَّةٌ، وهو مذكور في موضعه.
واشْرَأَبَّ الرجل للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً: مَدَّ عُنُقَه إِليه، وقيل: هو إِذا ارْتَفَعَ وعَلا؛ والاسم: الشُّرَأْبِـيبةُ، بضم الشين، من اشْرَأَبَّ. وقالت عائشة، رضي اللّه عنها: اشْرَأَبَّ النِّفاقُ،
وارْتَدَّت العربُ؛ قال أَبو عبيد: اشْرَأَبَّ ارتفعَ وعلا؛ وكلُّ رافِعٍ
رأْسَه: مُشْرَئِبٌّ. وفي حديث: يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ: يا أَهلَ
الجنةِ، ويا أَهلَ النار، فيَشْرَئِبُّون لصوته؛ أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم
ليَنْظُروا إِليه؛ وكلُّ رافع رأْسه مشرئبٌّ؛ وأَنشد لذي الرمة يصف الظَّبْيةَ، ورَفْعَها رأْسَها:
ذَكَرْتُكِ، إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ، * أَمامَ الـمَطايا، تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
قال: اشْرأَبَّ مأْخوذ من الـمَشْرَبة، وهي الغُرْفةُ.
بيض: البياض: ضد السواد، يكون ذلك في الحيوان والنبات وغير ذلك مما
يقبله غيره. البَيَاضُ: لون الأَبْيَض، وقد قالوا بياض وبَياضة كما قالوا
مَنْزِل ومَنْزِلة، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وجمع الأَبْيَضِ
بِيضٌ، وأَصله بُيْضٌ، بضم الباء، وإِنما أَبدلوا من الضمة كَسْرَةً
لتصحَّ الياء، وقد أَباضَ وابْيَضَّ؛ فأَما قوله:
إِن شَكْلي وإِن شكْلَكِ شَتَّى،
فالْزمي الخُصَّ واخْفِضِي تَبْيَضِضِّي
فإِنه أَرادَ تَبْيَضِّي فزاد ضاداً أُخرى ضرورة لإِقامة الوزن؛ قال ابن
بري: وقد قيل إِنما يجيء هذا في الشعر كقول الآخر:
لقد خَشِيتُ أَن أَرَى جَدْبَباَّ
أَراد جَدْباً فضاعف الباء. قال ابن سيده: فأَما ما حكى سيبويه من أَن
بعضهم قال: أَعْطِني أَبْيَضّه يريد أَبْيَضَ وأَلحق الهاء كما أَلحقها في
هُنّه وهو يريد هُنَّ فإِنه ثقل الضاد فلولا أَنه زاد ضاداً
(* قوله
«فلولا أنه زاد ضاداً إلخ» هكذا في الأصل بدون ذكر جواب لولا.) على الضاد
التي هي حرف الإِعراب، فحرفُ الإِعراب إِذاً الضادُ الأُولى والثانية هي
الزائدة، وليست بحرف الإِعراب الموجود في أَبْيَضَ، فلذلك لحقته بَيانَ
الحركة
(* قوله: بيان الحركة؛ هكذا في الأصل.). قال أَبو علي: وكان ينبغي
أَن لا تُحَرّك فحركتها لذلك ضعيفة في القياس.
وأَباضَ الكَلأُ: ابْيَضَّ ويَبِسَ. وبايَضَني فلانٌ فبِضْته، من
البَياض: كنت أَشدَّ منه بياضاً. الجوهري: وبايَضَه فباضَه يَبِيضُه أَي فاقَه
في البياض، ولا تقل يَبُوضه؛ وهذا أَشدُّ بَياضاً من كذا، ولا تقل
أَبْيَضُ منه، وأَهل الكوفة يقولونه ويحتجون بقول الراجز:
جارِية في دِرْعِها الفَضْفاضِ،
أَبْيَضُ من أُخْتِ بني إِباضِ
قال المبرد: ليس البيت الشاذ بحجة على الأَصل المجمع عليه؛ وأَما قول
الآخر:
إِذا الرجالُ شَتَوْا، واشتدَّ أَكْلُهمُ،
فأَنْتَ أَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
فيحتمل أَن لا يكون بمعنى أَفْعَل الذي تصحبه مِنْ للمفاضلة، وإِنما هو
بمنزلة قولك هو أَحْسَنُهم وجهاً وأَكرمُهم أَباً، تريد حسَنهم وجهاً
وكريمهم أَباً، فكأَنه قال: فأَنت مُبْيَضُّهم سِرْبالاً، فلما أَضافه انتصب
ما بعده على التمييز.
والبِيضَانُ من الناس: خلافُ السُّودانِ.
وأَبْيَضَت المرأَةُ وأَباضَتْ: ولدت البِيضَ، وكذلك الرجل. وفي عينِه
بَياضةٌ أَي بَياضٌ.
وبَيّضَ الشيءَ جعله أَبْيَضَ. وقد بَيَّضْت الشيء فابْيَضَّ ابْيِضاضاً
وابْياضّ ابْيِيضاضاً. والبَيّاضُ: الذي يُبَيِّضُ الثيابَ، على النسب
لا على الفعل، لأَن حكم ذلك إِنما هو مُبَيِّضٌ.
والأَبْيَضُ: عِرْق السرّة، وقيل: عِرْقٌ في الصلب، وقيل: عرق في
الحالب، صفة غالبة، وكل ذلك لمكان البَياضِ. والأَبْيضانِ: الماءُ والحنطةُ.
والأَبْيضانِ: عِرْقا الوَرِيد. والأَبْيَضانِ: عرقان في البطن لبياضهما؛
قال ذو الرمة:
وأَبْيَض قد كلَّفْته بُعد شُقّة،
تَعَقّدَ منها أَبْيَضاه وحالِبُهْ
والأَبْيَضان: عِرْقان في حالب البعير؛ قال هميان ابن قحافة:
قَرِيبة نُدْوَتُه من مَحْمَضِهْ،
كأَنما يَيْجَعُ عِرْقا أَبْيَضِهْ،
ومُلْتَقَى فائلِه وأُبُضِهْ
(* قوله «عرقا أبيضه» قال الصاغاني: هكذا وقع في الصحاح بالالف والصواب
عرقي بالنصب، وقوله وأبضه هكذا هو مضبوط في نسخ الصحاح بضمتين وضبطه
بعضهم بكسرتين، أفاده شارح القاموس.)
والأَبيضان: الشحمُ والشَّباب، وقيل: الخُبْز والماء، وقيل: الماء
واللبنُ؛ قال هذيل الأَشجعي من شعراء الحجازيين:
ولكنّما يَمْضِي ليَ الحَوْلُ كاملاً،
وما ليَ إِلاَّ الأَبْيَضَيْنِ شَرابُ
من الماءِ أو من دَرِّ وَجْناءَ ثَرّةٍ،
لها حالبٌ لا يَشْتَكي وحِلابُ
ومنه قولهم: بَيَّضْت السِّقاءَ والإِناء أَي ملأْته من الماء أَو
اللبن. ابن الأَعرابي: ذهَبَ أَبْيَضاه شحْمُه وشبابُه، وكذلك قال أَبو زيد،
وقال أَبو عبيد: الأَبْيَضانِ الشحمُ واللبن. وفي حديث سعد: أَنه سُئِل عن
السُّلْت بالبَيْضاءِ فكَرِهَه؛ البَيْضاء الحِنْطة وهي السَّمْراء
أَيضاً، وقد تكرر ذكرها في البيع والزكاة وغيرهما، وإِنما كَرِه ذلك لأَنهما
عنده جنسٌ واحد، وخالفه غيره. وما رأَيته مُذْ أَبْيضانِ، يعني يومين أَو
شهرين، وذلك لبياض الأَيام. وبَياضُ الكبدِ والقلبِ والظفرِ: ما أَحاط
به، وقيل: بَياضُ القلب من الفرس ما أَطافَ بالعِرْق من أَعلى القلب،
وبياض البطن بَنات اللبنِ وشحْم الكُلى ونحو ذلك، سمَّوْها بالعَرَض؛ كأَنهم
أَرادوا ذات البياض. والمُبَيِّضةُ، أَصحابُ البياض كقولك المُسَوِّدةُ
والمُــحَمِّرةُ لأَصحاب السواد والــحمرة. وكَتِيبةٌ بَيْضاء: عليها بَياضُ
الحديد. والبَيْضاء: الشمسُ لبياضها؛ قال الشاعر:
وبَيْضاء لم تَطْبَعْ، ولم تَدْرِ ما الخَنا،
تَرَى أَعيُنَ الفِتْيانِ من دونها خُزْرا
والبَيْضاء: القِدْرُ؛ قال ذلك أَبو عمرو. قال: ويقال للقِدْر أَيضاً
أُمُّ بَيْضاء؛ وأَنشد:
وإِذْ ما يُرِيحُ الناسَ صَرْماءُ جَوْنةٌ،
يَنُوسُ عليها رَحْلُها ما يُحَوَّلُ
فقلتُ لها: يا أُمَّ بَيْضاءَ، فِتْيةٌ
يَعُودُك منهم مُرْمِلون وعُيَّلُ
قال الكسائي: ما في معنى الذي في إِذ ما يُرِيح، قال: وصرماءُ خبر الذي.
والبِيضُ: ليلةُ ثلاثَ عَشْرةَ وأَرْبَعَ عَشْرةَ وخمسَ عَشْرة. وفي
الحديث: كان يأْمُرُنا أَن نصُومَ الأَيامَ البِيضَ، وهي الثالثَ عشَرَ
والرابعَ عشرَ والخامسَ عشرَ، سميت ليالِيها بِيضاً لأَن القمر يطلُع فيها من
أَولها إِلى آخرها. قال ابن بري: وأَكثر ما تجيء الرواية الأَيام
البِيض، والصواب أَن يقال أَيامَ البِيضِ بالإِضافة لأَن البِيضَ من صفة
الليالي. وكلَّمتُه فما ردَّ عليَّ سَوْداءَ ولا بَيْضاءَ أَي كِلمةً قبيحة ولا
حسنة، على المثل. وكلام أَبْيَضُ: مشروح، على المثل أَيضاً. ويقال:
أَتاني كلُّ أَسْودَ منهم وأَــحمر، ولا يقال أَبْيَض. الفراء: العرب لا تقول
حَمِر ولا بَيِض ولا صَفِر، قال: وليس ذلك بشيء إِنما يُنْظَر في هذا إِلى
ما سمع عن العرب. يقال: ابْيَضّ وابْياضَّ واحْمَرَّ واحْمارَّ، قال:
والعرب تقول فلانة مُسْوِدة ومُبيِضةٌ إِذا ولدت البِيضانَ والسُّودانَ،
قال: وأَكثر ما يقولون مُوضِحة إِذا وَلَدَت البِيضانَ، قال: ولُعْبة لهم
يقولون أَبِيضي حَبالاً وأَسيدي حَبالاً، قال: ولا يقال ما أَبْيَضَ
فلاناً وما أَــحْمَر فلاناً من البياض والــحمرة؛ وقد جاء ذلك نادراً في شعرهم
كقول طرفة:
أَمّا الملوكُ فأَنْتَ اليومَ ألأَمُهم
لُؤْماً، وأَبْيَضُهم سِرْبالَ طَبَّاخِ
ابن السكيت: يقال للأَسْودَ أَبو البَيْضاء، وللأبْيَض أَبو الجَوْن،
واليد البَيْضاء: الحُجّة المُبَرْهنة، وهي أَيضاً اليد التي لا تُمَنُّ
والتي عن غير سؤال وذلك لشرفها في أَنواع الحِجاج والعطاء. وأَرض بَيْضاءُ:
مَلْساء لا نبات فيها كأَن النبات كان يُسَوِّدُها، وقيل: هي التي لم
تُوطَأْ، وكذلك البِيضَةُ. وبَيَاضُ الأَرض: ما لا عمارة فيه. وبَياضُ
الجلد: ما لا شعر عليه. التهذيب: إِذا قالت العرب فلان أَبْيَضُ وفلانة
بَيْضاء فالمعنى نَقاء العِرْض من الدنَس والعيوب؛ ومن ذلك قول زهير يمدح
رجلاً.
أَشَمّ أَبْيَض فَيّاض يُفَكِّك عن
أَيدي العُناةِ وعن أَعْناقِها الرِّبَقا
وقال:
أُمُّك بَيْضاءُ من قُضاعةَ في الـ
ـبيت الذي تَسْتَظلُّ في ظُنُبِهْ
قال: وهذا كثير في شعرهم لا يريدون به بَياضَ اللون ولكنهم يريدون المدح
بالكرم ونَقاءِ العرْض من العيوب، وإِذا قالوا: فلان أَبْيَض الوجه
وفلانة بَيْضاءُ الوجه أَرادوا نقاءَ اللون من الكَلَفِ والسوادِ الشائن. ابن
الأَعرابي: والبيضاءُ حبالة الصائد؛ وأَنشد:
وبيضاء مِنْ مالِ الفتى إِن أَراحَها
أَفادَ، وإِلا ماله مال مُقْتِر
يقول: إِن نَشِب فيها عَيرٌ فجرّها بقي صاحبُها مُقْتِراً.
والبَيْضة: واحدة البَيْض من الحديد وبَيْضِ الطائر جميعاً، وبَيْضةُ
الحديد معروفة والبَيْضة معروفة، والجمع بَيْض. وفي التنزيل العزيز:
كأَنَّهُنّ بَيْضٌ مَكْنُون، ويجمع البَيْض على بُيوضٍ؛ قال:
على قَفْرةٍ طارَت فِراخاً بُيوضُها
أَي صارت أَو كانت؛ قال ابن سيده: فأَما قول الشاعر
(* قوله «فأما قول
الشاعر» عبارة القاموس وشرحه: والبيضة واحدة بيض الطير الجمع بيوض وبيضات،
قال الصاغاني: ولا تحرك الياء من بيضات إلا في ضرورة الشعر قال: أخو
بيضات إلخ.):
أَبو بَيَضاتٍ رائحٌ مُتأَوِّب،
رَفيق بمَسْحِ المَنْكِبَينِ سَبُوحُ
فشاذ لا يعقد عليه باب لأَن مثل هذا لا يحرك ثانيه.
وباضَ الطائرُ والنعامة بَيْضاً: أَلْقَتْ بَيْضَها. ودجاجة بَيّاضةٌ
وبَيُوضٌ: كثيرة البَيْضِ، والجمع بُيُضٌ فيمن قال رُسُل مثل حُيُد جمع
حَيُود، وهي التي تَحِيد عنك، وبِيضٌ فيمن قال رُسْل، كسَرُوا الباء
لِتَسْلم الياء ولا تنقلب، وقد قال بُّوضٌ أَبو منصور. يقال: دجاجة بائض بغير
هاء لأَن الدِّيكَ لا يَبِيض، وباضَت الطائرةُ، فهي بائضٌ. ورجل بَيّاضٌ:
يَبِيع البَيْضَ، وديك بائِضٌ كما يقال والدٌ، وكذلك الغُراب؛ قال:
بحيث يَعْتَشّ الغُرابُ البائضُ
قال ابن سيده: وهو عندي على النسب. والبَيْضة: من السلاح، سميت بذلك
لأَنها على شكل بَيْضة النعام. وابْتاضَ الرجل: لَبِسَ البَيْضةَ. وفي
الحديث: لَعَنَ اللّه السارقَ يَسْرِقُ البَيْضةَ فتُقْطَعُ يدُه، يعني
الخُوذةَ؛ قال ابن قتيبة: الوجه في الحديث أَن اللّه لما أَنزل: والسارقُ
والسارقةُ فاقْطَعُوا أَيْدِيَهما، قال النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم: لَعَنَ
اللّه السارقَ يَسْرِق البَيْضة فتُقْطَع يدُه على ظاهر ما نزل عليه،
يعني بَيْضةَ الدجاجة ونحوها، ثم أَعلمه اللّه بَعْدُ أَن القطع لا يكون
إِلا في رُبْع دِينار فما فوقه، وأَنكر تأْويلها بالخُوذةِ لأَن هذا ليس
موضع تَكثيرٍ لما يأْخذه السارق، إِنما هو موضع تقليل فإِنه لا يقال: قبَّح
اللّه فلاناً عرَّض نفسه للضرب في عِقْد جَوْهر، إِنما يقال: لَعَنه
اللّه تعرَّض لقطع يده في خَلَقٍ رَثٍّ أَو في كُبّةِ شعَرٍ.
وفي الحديث: أُعْطِيتُ الكَنْزَينِ الأَــحمرَ والأَبيضَ، فالأَــحمرُ
مُلْكُ الشام، والأَبْيَضُ مُلْكُ فارس، وإِنما يقال لفارس الأَبْيَض لبياض
أَلوانهم ولأَن الغالب على أَموالهم الفضة، كما أَن الغالب على أَلوان أَهل
الشام الــحمرة وعلى أَموالهم الذهب؛ ومنه حديث ظبيان وذكر حِمْير قال:
وكانت لهم البَيْضاءُ والسَّوْداءُ وفارِسُ الــحَمْراءُ والجِزْيةُ الصفراء،
أَراد بالبيضاء الخرابَ من الأَرض لأَنه يكون أَبْيَضَ لا غَرْسَ فيه
ولا زَرْعَ، وأَراد بالسَّوْداء العامِرَ منها لاخْضِرارِها بالشجر والزرع،
وأَرادَ بفارِسَ الــحَمْراء تَحَكُّمَهم عليه، وبالجزية الصفراء الذهبَ
كانوا يَجْبُون الخَراجَ ذَهَباً. وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يظهر
الموتُ الأَبْيَضُ والأَــحْمَرُ؛ الأَبْيَضُ ما يأْتي فَجْأَةً ولم يكن
قبله مرض يُغيِّر لونه، والأَــحْمرُ الموتُ بالقَتْل لأَجل الدم.
والبَيْضةُ: عِنَبٌ بالطائف أَبيض عظيم الحبّ. وبَيْضةُ الخِدْر:
الجاريةُ لأَنها في خِدْرها مكنونة. والبَيْضةُ: بَيْضةُ الخُصْية. وبَيْضةُ
العُقْر مَثَلٌ يضرب وذلك أَن تُغْصَبَ الجارية نَفْسها فتُقْتَضّ
فتُجَرَّب ببَيْضةٍ، وتسمى تلك البَيْضةُ بَيْضةَ العُقْرِ. قال أَبو منصور: وقيل
بَُْضةُ العُقْرِ بَيْضَة يَبِيضُها الديك مرة واحدة ثم لا يعود، يضْرب
مثلاً لمن يصنع الصَّنِيعة ثم لا يعود لها. وبَيْضة البلَدِ: تَرِيكة
النعامة. وبَيْضةُ البلد: السَّيِّدُ؛ عن ابن الأَعرابي، وقد يُذَمُّ
ببَيْضة البلد؛ وأَنشد ثعلب في الذم للراعي يهجو ابن الرِّقاعِ العاملي:
لو كُنتَ من أَحَدٍ يُهْجى هَجَوْتُكمُ،
يا ابن الرِّقاعِ، ولكن لستَ من أَحَدِ
تَأْبى قُضاعةُ لم تَعْرِفْ لكم نَسَباً
وابْنا نِزارٍ، فأَنْتُمْ بَيْضةُ البَلَدِ
أَرادَ أَنه لا نسب له ولا عشيرة تَحْمِيه؛ قال: وسئل ابن الأَعرابي عن
ذلك فقال: إِذا مُدِحَ بها فهي التي فيها الفَرْخ لأَن الظَّلِيم حينئذ
يَصُونُها، وإِذا ذُمَّ بها فهي التي قد خرج الفَرْخُ منها ورَمى بها
الظليمُ فداسَها الناسُ والإِبلُ. وقولهم: هو أَذَلُّ من بَيْضةِ البَلَدِ
أَي من بَيْضَةِ النعام التي يتركها؛ وأَنشد كراع للمتلمس في موضع الذم
وذكره أَبو حاتم في كتاب الأَضداد، وقال ابن بري الشعر لِصِنَّان بن عبَّاد
اليشكري وهو:
لَمَّا رأَى شمطٌ حَوْضِي له تَرَعٌ
على الحِياضِ، أَتاني غيرَ ذي لَدَدِ
لو كان حَوْضَ حِمَارٍ ما شَرِبْت به،
إِلاّ بإِذْنِ حِمارٍ آخرَ الأَبَدِ
لكنَّه حَوْضُ مَنْ أَوْدَى بإِخْوَتِه
رَيْبُ المَنُونِ، فأَمْسَى بَيْضَةَ البَلَدِ
أَي أَمسى ذليلاً كهذه البَيْضة التي فارَقَها الفرخُ فرَمَى بها الظليم
فدِيسَت فلا أَذَل منها. قال ابن بري: حِمَار في البيت اسم رجل وهو
علقمة بن النعمان بن قيس بن عمرو بن ثعلبة، وشمطٌ هو شمط ابن قيس بن عمرو بن
ثعلبة اليشكري، وكان أَوْرَدَ إِبِلَه حَوْضَ صِنَّان بن عبَّاد قائل هذا
الشعر فغضب لذلك، وقال المرزوقي: حمار أَخوه وكان في حياته يتعزَّزُ به؛
ومثله قول الآخر يهجو حسان بن ثابت وفي التهذيب انه لحسان:
أَرى الجَلابِيبَ قد عَزُّوا، وقد كَثُروا،
وابنُ الفُرَيْعةِ أَمْسَى بَيْضةَ البَلَدِ
قال أَبو منصور: هذا مدح. وابن فُرَيْعة: أَبوه
(* قوله «وابن فريعة
أبوه» كذا بالأصل وفي القاموس في مادة فرع ما نصه: وحسان بن ثابت يعرف بابن
الفريعة كجهينة وهي أُمه.). وأَراد بالجلابيب سَفِلة الناس وغَثْراءَهم؛
قال أَبو منصور: وليس ما قاله أَبو حاتم بجيد، ومعنى قول حسان أَن سَفِلة
الناس عزُّوا وكثروا بعد ذِلَّتِهِم وقلتهم، وابن فُرَيعة الذي كان ذا
ثَرْوَةٍ وثَراءٍ قد أُخِّرَ عن قديمِ شَرَفِه وسُودَدِه، واسْتُبِدَّ
بالأَمر دونه فهو بمنزلة بَيْضة البلد التي تَبِيضُها النعامة ثم تتركها
بالفلاة فلا تَحْضُنها، فتبقى تَرِكةً بالفلاة.
وروى أَبو عمرو عن أَبي العباس: العرب تقول للرجل الكريم: هو بَيْضة
البلد يمدحونه، ويقولون للآخر: هو بَيْضة البلد يذُمُّونه، قال: فالممدوحُ
يراد به البَيْضة التي تَصُونها النعامة وتُوَقِّيها الأَذَى لأَن فيها
فَرْخَها فالممدوح من ههنا، فإِذا انْفَلَقت عن فَرْخِها رمى بها الظليمُ
فتقع في البلد القَفْر فمن ههنا ذمّ الآخر. قال أَبو بكر في قولهم فلان
بَيْضةُ البلد: هو من الأَضداد يكون مدحاً ويكون ذمّاً، فإِذا مُدِح الرجل
فقيل هو بَيْضةُ البلد أُرِيدَ به واحدُ البلد الذي يُجْتَمع إِليه
ويُقْبَل قولُه، وقيل فَرْدٌ ليس أَحد مثله في شرفه؛ وأَنشد أَبو العباس
لامرأَة من بني عامر بن لُؤَيّ ترثي عمرو بن عبد وُدٍّ وتذكر قتل عليّ
إِيَّاه:لو كان قاتِلُ عَمرو غيرَ قاتله،
بَكَيْتُه، ما أَقام الرُّوحُ في جَسَدي
لكنَّ قاتلَه مَنْ لا يُعابُ به،
وكان يُدعَى قديماً بَيْضَةَ البَلَدِ
يا أُمَّ كُلْثُومَ، شُقِّي الجَيْبَ مُعْوِلَةً
على أَبيكِ، فقد أَوْدَى إِلى الأَبَدِ
يا أُمَّ كُلْثُومَ، بَكِّيهِ ولا تَسِمِي
بُكَاءَ مُعْوِلَةٍ حَرَّى على ولد
بَيْضةُ البلد: عليُّ بن أَبي طالب، سلام اللّه عليه، أَي أَنه فَرْدٌ
ليس مثله في الشرف كالبَيْضةِ التي هي تَرِيكةٌ وحدها ليس معها غيرُها؛
وإِذا ذُمَّ الرجلُ فقيل هو بَيْضةُ البلدِ أَرادوا هو منفرد لا ناصر له
بمنزلة بَيْضَةٍ قام عنها الظَّليمُ وتركها لا خير فيها ولا منفعة؛ قالت
امرأَة تَرْثي بَنِينَ لها:
لَهْفِي عليهم لَقَدْ أَصْبَحْتُ بَعْدَهُمُ
كثيرَة الهَمِّ والأَحزان والكَمَدِ
قد كُنْتُ قبل مَناياهُمْ بمَغبَطَةٍ،
فصِرْتُ مُفْرَدَةً كبَيْضَةِ البلدِ
وبَيْضَةُ السَّنام: شَحْمَته. وبَيْضَةُ الجَنِين: أَصله، وكلاهما على
المثل. وبَيْضَة القوم: وسَطُهم. وبَيْضة القوم: ساحتهم؛ وقال لَقِيطٌ
الإِيادِي:
يا قَوْمِ، بَيْضتَكُمْ لا تُفْضَحُنَّ بها،
إِنِّي أَخاف عليها الأَزْلَم الجَذَعا
يقول: احفظوا عُقْر داركم. والأَزْلَم الجَذَع: الدهر لأَنه لا يهرم
أَبداً. ويقال منه: بِيضَ الحيُّ أُصِيبَت بَيْضَتُهم وأُخِذ كلُّ شيءٍ لهم،
وبِضْناهم وابْتَضْناهم: فعلنا بهم ذلك. وبَيْضَةُ الدار: وسطها
ومعظمها. وبَيْضَةُ الإِسلام: جماعتهم. وبَيْضَةُ القوم: أَصلهم. والبَيْضَةُ:
أَصل القوم ومُجْتَمعُهم. يقال: أَتاهم العدو في بَيْضَتِهِمْ. وقوله في
الحديث: ولا تُسَلِّطْ عليهم عَدُوّاً من غيرهم فيستبيح بَيْضَتَهم؛ يريد
جماعتهم وأَصلهم أَي مُجْتمعهم وموضع سُلْطانهم ومُسْتَقَرَّ دعوتهم،
أَراد عدوّاً يستأْصلهم ويُهْلِكهم جميعهم، قيل: أَراد إِذا أُهْلِكَ أَصلُ
البَيْضة كان هلاك كل ما فيها من طُعْمٍ أَو فَرْخ، وإِذا لم يُهْلَكْ
أَصلُ البَيْضة ربما سلم بعضُ فِراخها، وقيل: أَراد بالبَيْضَة الخُوذَةَ
فكأَنه شَبَّه مكان اجتماعهم والتِئامهم ببَيْضَة الحَدِيدِ؛ ومنه حديث
الحديبية: ثم جئتَ بهم لبَيْضَتِك تَفُضُّها أَي أَصْلك وعشيرتك. وبَيْضَةُ
كل شيء حَوْزَتُه.
وباضُوهُمْ وابْتاضُوهُمْ: استأْصلوهم. ويقال: ابْتِيضَ القومُ إِذا
أُبِيحَتْ بَيْضَتُهم، وابْتاضُوهم أَي استأْصلوهم. وقد ابْتِيضَ القوم إِذا
اُخِذَتْ بَيْضَتُهم عَنْوَةً.
أَبو زيد: يقال لوسط الدار بَيْضةٌ ولجماعة المسلمين بَيْضَةٌ ولوَرَمٍ
في ركبة الدابة بَيْضَة. والبَيْضُ: وَرَمٌ يكون في يد الفرس مثل
النُّفَخ والغُدَد؛ قال الأَصمعي: هو من العيوب الهَيِّنة. يقال: قد باضَتْ يدُ
الفرس تَبِيضُ بَيْضاً. وبَيْضَةُ الصَّيْف: معظمه. وبَيْضَة الحرّ:
شدته. وبَيْضَة القَيْظ: شدة حَرِّه؛ وقال الشماخ:
طَوَى ظِمْأَهَا في بَيْضَة القَيْظِ، بعدما
جَرَى في عَنَانِ الشِّعْرَيَيْنِ الأَماعِزُ
وباضَ الحَرُّ إِذا اشتد. ابن بزرج: قال بعض العرب يكون على الماء
بَيْضَاءُ القَيْظِ، وذلك من طلوع الدَّبَران إِلى طلوع سُهَيْل. قال أَبو
منصور: والذي سمعته يكون على الماء حَمْراءُ القَيْظِ وحِمِرُّ القيظ. ابن
شميل: أَفْرَخَ بَيْضَةُ القوم إِذا ظهر مَكْتُومُ أَمْرِهم، وأَفرخت
البَيْضَةُ إِذا صار فيها فَرْخٌ.
وباضَ السحابُ إِذا أَمْطَر؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
باضَ النَّعَامُ به فنَفَّرَ أَهلَهُ،
إِلا المُقِيمَ على الدَّوا المُتأَفِّنِ
قال: أَراد مطراً وقع بِنَوْءِ النَّعَائم، يقول: إِذا وقع هذا المطر
هَرَبَ العُقلاء وأَقام الأَحمق. قال ابن بري: هذا الشاعر وصف وَادِياً
أَصابه المطر فأَعْشَب، والنَّعَامُ ههنا: النعائمُ من النجوم، وإِنما
تُمْطِرُ النَّعَائمُ في القيظ فينبت في أُصول الحَلِيِّ نبْتٌ يقال له
النَّشْر، وهو سُمٌّ إِذا أَكله المال مَوَّت، ومعنى باضَ أَمْطَرَ، والدَّوا
بمعنى الداء، وأَراد بالمُقِيم المقيمَ به على خَطر أَن يموت،
والمُتَأَفِّنُ: المُتَنَقِّص. والأَفَن: النَّقْصُ؛ قال: هكذا فسره المُهَلَّبِيّ
في باب المقصور لابن ولاَّد في باب الدال؛ قال ابن بري: ويحتمل عندي أَن
يكون الدَّوا مقصوراً من الدواء، يقول: يَفِرُّ أَهلُ هذا الوادي إِلا
المقيمَ على المُداواة المُنَقِّصة لهذا المرض الذي أَصابَ الإِبلَ من
رَعْيِ النَّشْرِ. وباضَت البُهْمَى إِذا سَقَطَ نِصالُها. وباضَت الأَرض:
اصفرت خُضرتُها ونَفَضتِ الثمرة وأَيبست، وقيل: باضَت أَخْرجَتْ ما فيها من
النبات، وقد باضَ: اشتدَّ.
وبَيَّضَ الإِناءَ والسِّقاء: مَلأَه. ويقال: بَيَّضْت الإِناءَ إِذا
فرَّغْتَه، وبَيَّضْته إِذا مَلأْته، وهو من الأَضداد.
والبَيْضاء: اسم جبل. وفي الحديث في صفة أَهل النار: فَخِذُ الكافر في
النار مثْل البَيْضاء؛ قيل: هو اسم جبل. والأَبْيَضُ: السيف، والجمع
البِيضُ.
والمُبَيِّضةُ، بكسر الياء: فرقة من الثَّنَوِيَّة وهم أَصحاب
المُقَنَّع، سُمُّوا بذلك لتَبْيِيضهم ثيابهم خلافاً للمُسَوِّدَة من أَصحاب
الدولة العبّاسية. وفي الحديث: فنظرنا فإِذا برسول اللّه، صلّى اللّه عليه
وسلّم، وأَصحابه مُبَيِّضين، بتشديد الياء وكسرها، أَي لابسين ثياباً بيضاً.
يقال: هم المُبَيِّضةُ والمُسَوِّدَة، بالكسر؛ ومنه حديث توبة كعب بن
مالك: فرأَى رجلاً مُبَيِّضاً يزول به السرابُ، قال ابن الأَثير: ويجوز أَن
يكون مُبْيَضّاً، بسكون الباء وتشديد الضاد، من البياض أَيضاً.
وبِيضَة، بكسر الباء: اسم بلدة. وابن بَيْض: رجل، وقيل: ابن بِيضٍ،
وقولهم: سَدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ، قال الأَصمعي: هو رجل كان في الزمن
الأَول يقال له ابن بَيْضٍ عقرَ ناقَتَه على ثَنِيَّةٍ فسد بها الطريق ومنع
الناسَ مِن سلوكِها؛ قال عمرو بن الأَسود الطهوي:
سَدَدْنا كما سَدَّ ابنُ بيضٍ طَرِيقَه،
فلم يَجِدوا عند الثَّنِيَّةِ مَطْلَعا
قال: ومثله قول بَسّامة بن حَزْن:
كثوبِ ابن بيضٍ وقاهُمْ به،
فسَدَّ على السّالِكينَ السَّبِيلا
وحمزة بن بِيضٍ: شاعر معروف، وذكر النضر بن شميل أَنه دخل على المأْمون
وذكر أَنه جَرى بينه وبينه كلام في حديث عن النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، فلما فرغ من الحديث قال: يا نَضْرُ، أَنْشِدْني أَخْلَبَ بيت قالته
العرب، فأَنشدته أَبيات حمزة بن بِيضٍ في الحكَم بن أَبي العاص:
تقولُ لي، والعُيونُ هاجِعةٌ:
أَقِمْ عَلَيْنا يَوْماً، فلم أُقِم
أَيَّ الوُجوهِ انْتَجَعْتَ؟ قلتُ لها:
وأَيُّ وَجْهٍ إِلا إِلى الحَكَم
متى يَقُلْ صاحِبا سُرادِقِه:
هذا ابنُ بِيضٍ بالباب، يَبْتَسِمِ
رأَيت في حاشية على كتاب أَمالي ابن بري بخط الفاضل رضي الدين الشاطبي،
رحمه اللّه، قال: حمزة بن بِيضٍ، بكسر الباء لا غير. قال: وأَما قولهم
سدَّ ابنُ بَيْضٍ الطريقَ فقال الميداني في أَمثاله: ويروى ابن بِيضٍ، بكسر
الباء، قال: وأَبو محمد، رحمه اللّه، حمل الفتح في بائه على فتح الباء
في صاحب المثَل فعطَفَه عليه. قال: وفي شرح أَسماء الشعراء لأَبي عمر
المطرّز حمزة بن بِيض قال الفراء: البِيضُ جمع أَبْيَض وبَيْضاء.
والبُيَيْضَة: اسم ماء. والبِيضَتانِ والبَيْضَتان، بالكسر والفتح: موضع على طريق
الشام من الكوفة؛ قال الأَخطل:
فهْوَ بها سَيِّءٌ ظَنّاً، وليس له،
بالبَيْضَتَينِ ولا بالغَيْضِ، مُدَّخَرُ
ويروى بالبَيْضَتين. وذُو بِيضانَ: موضع؛ قال مزاحم:
كما صاحَ، في أَفْنانِ ضالٍ عَشِيَّةً
بأَسفلِ ذِي بِيضانَ، جُونُ الأَخاطِبِ
وأَما بيت جرير:
قَعِيدَ كما اللّهَ الذي أَنْتُما له،
أَلم تَسْمَعا بالبَيْضَتَينِ المُنادِيا؟
فقال ابن حبيب: البِيضَة، بالكسر، بالحَزْن لبني يربوع، والبَيْضَة،
بالفتح، بالصَّمّان لبني دارم. وقال أَبو سعيد: يقال لما بين العُذَيْب
والعقَبة بَيْضة، قال: وبعد البَيْضة البَسِيطةُ. وبَيْضاء بني جَذِيمة: في
حدود الخطّ بالبحرين كانت لعبد القيس وفيها نخيل كثيرة وأَحْساءٌ عَذْبة
وقصورٌ جَمَّة، قال: وقد أَقَمْتُ بها مع القَرامِطة قَيْظة. ابن
الأَعرابي: البَيْضة أَرض بالدَّوّ حفَروا بها حتى أَتتهم الريح من تحتهم فرفعتهم
ولم يصِلُوا إِلى الماء. قال شمر: وقال غيره البَيْضة أَرض بَيْضاء لا
نبات فيها، والسَّوْدة: أَرض بها نخيل؛ وقال رؤبة:
يَنْشَقُّ عن الحَزْنُ والبَرِّيتُ،
والبِيضةُ البَيْضاء والخُبُوتُ
كتبه شمر بكسر الباء ثم حكى ما قاله ابن الأَعرابي.
شرق: شَرَقَت الشمسُ تَشْرُق شُروقاً وشَرْقاً: طلعت، واسم الموضع
المَشْرِق، وكان القياس المَشْرَق ولكنه أحد ما ندر من هذا القبيل. وفي حديث
ابن عباس: نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تشرق الشمس. يقال: شَرَقَت الشمسُ
إذا طلعت، وأشْرَقَت إذا أضاءت، فإن أراد الطلوع فقد جاء في الحديث الآخر
حتى تطلع الشمس، وإن أراد الإضاءة فقد ورد في حديث آخر: حتى ترتفع
الشمس، والإضاءة مع الإرتفاع. وقوله تعالى: يا ليت بيني وبَينَك بُعْدَ
المَشْرِقَيْنِ فبئس القَرِين؛ إنما أَراد بُعْدَ المشرق والمغرب، فلما جُعِلا
اثنين غَلَّب لفظَ المشرق لأنه دالّ على الوجود والمغرب دال على العدم،
والوجودُ لا محالة أشرفُ، كما يقال القمران للشمس والقمر؛ قال:
لنا قَمراها والنجومُ الطَّوالعُ
أَراد الشمس والقمر فغَلّب القمر لشرف التذكير، وكما قالوا سُنَّة
العُمَرين يريدون أَبا بكر وعمر، رضوان الله عليهما، فآثروا الخِفَّة. وأما
قوله تعالى: رَبّ المشرقين وربّ المَغْربَيْن ورب المشارق المغارب، فقد ذكر
في فصل الغين من حرف الباء في ترجمة غرب. والشَّرْق: المَشْرِق، والجمع
أَشراق؛ قال كُثَيِّر عزّة:
إذا ضَرَبُوا يوماً بها الآل، زيَّنُوا
مَساندَ أَشْراقٍ بها ومَغاربا
والتَّشْرِيقُ: الأخذ في ناحية المشرق. يقال: شَتّانَ بَيْن مُشَرِّقٍ
ومُغرِّبٍ. وشَرِّقوا: ذهبوا إلى الشَّرْق أَو أتوا الشرق. وكل ما طلَع من
المشرق فقد شَرَّق، ويستعمل في الشمس والقمر والنجوم.
وفي الحديث: لا تَسْتَقْبلوا القِبْلة ولا تَسْتَدْبروها، ولكن شَرِّقوا
أَو غَرِّبوا؛ هذا أَمر لأَهل المدينة ومن كانت قِبْلته على ذلك
السَّمْتِ ممن هو في جهة الشمال والجنوب، فأما من كانت قبلته في جهة المَشْرِق
أو المغرب فلا يجوز له أَن يُشَرِّق ولا يُغَرِّب إنما يَجْتَنِب
ويَشْتَمِل. وفي الحديث: أناخَتْ بكم الشُّرْق الجُونُ، يعني الفِتَن التي تجيء
من قِبَل جهة المشرق جمع شارِق، ويروى بالفاء، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرْقيّ: الموضع الذي تُشْرِق فيه الشمس من الأَرض. وأَشْرَقَت الشمسُ
إشْراقاً: أضاءت وانبسطت على الأَرض، وقيل: شَرَقَت وأَشْرَقت طلعت، وحكى
سيبويه شَرَقت وأَشْرَقَت أَضاءت. وشَرِقَت، بالكسر: دَنَتْ للغروب. وآتِيك
كلَّ شارقٍ أي كلَّ يوم طلعت فيه الشمس، وقيل: الشارِقُ قَرْن الشمس.
يقال: لا آتِيك ما ذَرَّ شارِقٌ. التهذيب: والشمس تسمى شارقاً. يقال: إني
لآتِيه كلَّما ذرَّ شارِقٌ أي كلما طلع الشَّرْقُ، وهو الشمس. وروى ثعلب عن
ابن الأَعرابي قال: الشَّرْق الضوء والشَّرْق الشمس. وروى عمرو عن أَبيه
أَنه قال: الشَّرْق الشمس، بفتح الشين، والشِّرْق الضوء الذي يدخل من
شقّ الباب، ويقال له المِشْرِيق. وأَشْرَقَ وجههُ ولونُه: أَسفَر وأضاء
وتلألأ حُسْناً.
والمَشْرقة: موضع القعود للشمس، وفيه أربع لغات: مَشْرُقة ومَشْرَقة،
بضم الراء وفتحها، وشَرْقة، بفتح الشين وتسكين الراء، ومِشْراق.
وتَشَرَّقْت أي جلست فيه. ابن سيده: والمَشْرَقة والمَشْرُقة والمَشْرِقة الموضع
الذي تَشْرُق عليه الشمس، وخصَّ بعضهم به الشتاء؛ قال:
تُرِيدين الفِراقَ، وأنْتِ منِّي
بِعيشٍ مِثْل مَشْرَقة الشَّمالِ
ويقال: اقعُد في الشَّرْق أَي في الشَّمْسِ، وفي الشَّرْقة والمَشْرَقة
والمَشْرُقة.
والمِشْرِيقُ: المَشْرِقُ، عن السيرافي. ومِشْرِيقُ الباب: مدْخَلُ
الشمس فيه. وفي الحديث: أَنَّ طائراً يقال له القَرْقَفَنَّة يقع على
مِشْرِيق باب مَنْ لا يَغار على أهله فلو رأَى الرجال يدخلون عليها ما غَيَّر؛
قيل في المِشْرِيق: إنه الشق الذي يقع فيه ضِحُّ الشمس عند شروقها؛ وفي
الرواية الأُخرى في حديث وهب: إذا كان الرجل لا ينكرُ عَمَل السوء على
أهله، جاءَ طائر يقال له الفَرْقَفَنَّة فيقع على مِشْرِيق بابه فيمكث أربعين
يوماً، فإن أنكر طار، وإن لم يُنْكر مسح بجناحيه على عينيه فصار
قُنْذُعاً دَيُّوثاً. وفي حديث ابن عباس: في السماء بابٌ للتوبة يقال له
المِشْرِيق وقد رُدَّ فلم يبق إلاّ شَرْقُه أَي الضوءُ الذي يدخل من شقِّ
الباب.ومكان شَرِقٌ ومُشْرِق، وشَرِقَ شَرَقاً وأَشْرَق: أَشْرَقَت عليه الشمس
فأضاء. ويقال: أَشْرَقَت الأَرض إشراقاً إذا أنارت بإشْراق الشمس
وضِحِّها عليها. وفي التنزيل: وأَشْرَقَت الأَرضُ بنور رَبِّها.
والشَّرْقة: الشمس، وقيل: الشَّرَق والشَّرْق، بالفتح. والشَّرِقة
والشارِقُ والشَّرِيق: الشمس، وقيل: الشمس حين تَشرُق. يقال: طلعت الشَّرَق
والشَّرُق، وفي الصحاح: طلع الشَّرْق ولا يقال غرَبت الشَّرْق ولا
الشَّرَق. ابن السكيت: الشَّرَق الشمس، والشَّرْق، بسكون الراء، المكان الذي
تَشْرُق فيه الشمس. يقال: آتيك كل يوم طَلْعَةَ شَرَقِه. وفي الحديث:
كأَنَّهما ظُلَّتان سَوْداونِ بينهما شَرَقٌ؛ الشَّرَقُ: الضوءُ وهو الشمس،
والشَّرْق والشَّرْقة والشَّرَقة موضع الشمس في الشتاء، فأما في الصيف فلا
شَرقة لها، والمَشْرِقُ موقعها في الشتاء على الأَرض بعد طلوعها،
وشَرْقَتُها دَفاؤُها إلى زوالها. ويقال: ما بين المَشْرِقَيْنِ أَي ما بين
المَشْرِق والمغرب.
وأَشْرَق الرجلُ أَي دخل في شروقِ الشمس. وفي التنزيل: فأَخَذَتْهم
الصَّيْحةُ مُشْرِقِينَ؛ أَي مُصْبِحين. وأَشْرَقَ القومُ: دخلوا في وقت
الشروق كما تقول أَفْجَرُوا وأَصْبَحُوا وأَظْهَرُوا، فأما شَرَّقُوا
وغَرَّبوا فسارُوا نحوَ المَشْرِق والمغرب. وفي التنزيل: فأَتْبَعُوهم
مُشْرقينَ، أي لَحِقوهم وقت دخولهم في شروق الشمس وهو طلوعها. يقال: شَرَقَت
الشمسُ إذا طلعت، وأَشْرَقَت أَضاءت على وجه الأَرض وصَفَتْ، وشَرِقْت إذا
غابت.
والمَشْرِقان: مَشْرِقا الصيف والشتاء.
ابن الأَنباري في قولهم في النداء على الباقِلاَّ شَرْقُ الغداة طَرِيّ
قال أَبو بكر: معناه قَطْعُ الغداة أَي ما قُطِع بالغداة والْتُقِط؛ قال
الأَزهري: وهذا في الباقلاَّ الرَّطْب يُجْنَى من شجره. يقال: شَرقَتُ
الثمرةَ إذا قطعتها.
وقال الفراءُ وغيره من أَهل العربية في تفسير قوله تعالى: من شَجَرةِ
مُبارَكة زَيْتونةٍ لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة؛ يقول هذه الشجرة
ليست مما تطْلع عليها الشمسُ في وقت شُروقِها فقط أَو في وقت غروبها فقط،
ولكنها شَرْقِيَّة غرْبِيَّة تُصِيبها الشمس بالغداة والعشيَّة، فهو
أَنْضَر لها وأَجود لزيتونها وزيتِها، وهو قول أكثر أَهل التفسير؛ وقال الحسن:
لا شَرْقِيَّة ولا غَرْبِيَّة إنها ليست من شجر أَهل الدنيا أَي هي من
شجر أَهل الجنة، قال الأَزهري: والقول الأَول أَولى؛ قال وروى المنذري عن
أَبي الهيثم في قول الحرث بن حِلِّزة:
إنه شارِق الشَّقِيقة، إذ جا
ءَت مَعَدٌّ، لكل حَيٍّ لواء
قال: الشَّقِيقة مكان معلوم، وقوله شارق الشَّقِيقة أَي من جانبها
الشَّرْقي الذي يلي المَشْرِق فقال شارق، والشمس تَشْرُق فيه، هذا مفعول فجعله
فاعلاً. وتقول لِما يلي المَشْرِق من الأَكَمَةِ والجبل: هذا شارِقُ
الجبل وشَرْقِيُّه وهذا غاربُ الجبل وغَربِيُّه؛ وقال العجاج:
والفُتُن الشارق والغَرْبيّ
أَراد الفُتُنَ التي تلي المَشْرِق وهو الشَّرْقيُّ؛ قال الأزهري: وإنما
جاز أَن يفعله شارقاً لأَنه جعله ذا شَرْقٍ كما يقال سِرُّ كاتمٌ ذو
كِتْمان وماء دافِقٌ ذو دَفْقٍ.
وشَرَّقْتُ اللحم: شَبْرَقْته طولاً وشَرَرْته في الشمس ليجِفَّ لأن
لحوم الأَضاحي كانت تُشَرَّق فيها بمنى؛ قال أَبو ذؤيب:
فغدا يُشَرِّقُ مَتْنَه، فَبَدا له
أُولى سَوابِقها قَرِيباً تُوزَعُ
يعني الثور يُشَرِّقُ مَتْنَه أَي يُظْهِرُه للشمس ليجِف ما عليه من ندى
الليل فبدا له سوابقُ
الكِلابِ. تُوزَع: تُكَفّ. وتَشْريق اللحم: تَقْطِيعُه وتقدِيدُه
وبَسْطُه، ومنه سميت أيام التشريق.
وأيام التشريق: ثلاثة أَيام بعد يوم النحر لأَن لحم الأَضاحي يُشَرَّق
فيها للشمس أَي يُشَرَّر، وقيل: سميت بذلك لأَنهم كانوا يقولون في
الجاهلية: أَشْرِقْ ثَبِير كيما نُغِير؛ الإِغارةُ: الدفع، أَي ندفع للنَّفْر؛
حكاه يعقوب، وقال ابن الأَعرابي: سميت بذلك لأن الهَدْيَ والضحايا لا
تُنْحَر حتى تَشْرُق الشمسُ أَي تطلع، وقال أَبو عبيد: فيه قولان: يقال سميت
بذلك لأَنهم كانوا يُشَرِّقون فيها لُحوم الأَضاحي، وقيل: بل سميت بذلك
لأَنها كلَّها أَيام تشريق لصلاة يومِ النحر،يقول فصارت هذه الأيام تبعاً
ليوم النحر، قال: وهذا أَعجب القولين إليَّ، قال: وكان أَبو حنيفة يذهب
بالتَّشْرِيقِ إلى التكبير ولم يذهب إليه غيره، وقيل: أَشْرِق ادْخُلْ في
الشروق، وثَبِيرٌ جبل بمكة، وقيل في معنى قوله أَشْرِق ثبِير: كَيْما
نُغِير: يريد ادْخل أيها الجبل في الشروق وهوضوء الشمس، كما تقول أَجْنَب
دخل في الجنوب وأَشْمَلَ دخل في الشِّمال، كيما نُغِير أَي كيما ندفع
للنحر، وكانوا لا يُفِيضون حتى تطلع الشمس فخالفهم رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، ويقال كيما ندفع في السير من قولك أَغارَ إغارةَ الثَّعْلبِ أَي
أَسْرع ودفع في عَدْوِه. وفي الحديث: مَنْ ذَبَح قبل التشريق فلْيُعِدْ، أَي
قبل أَن يصلِّيَ صلاة العيد ويقال لموضعها المُشَرَّق. وفي حديث
مَسْروق: انْطَلِقْ بنا إلى مُشَرِّقِكم يعني المُصَلَّى. وسأل أَعرابي رجلاً
فقال: أَين مَنْزِل المُشَرَّق؟ يعني الذي يُصَلَّى فيه العيد، ويقال لمسجد
الخَيْف المُشَرَّق وكذلك لسوق الطائف. والمُشَرَّق: العيد، سمي بذلك
لأن الصلاة فيه بعد الشَّرْقةِ أَي الشمس، وقيل: المُشَرَّق مُصَلَّى العيد
بمكة، وقيل: مُصَلَّى العيد ولم يقيد بمكة ولا غيرها، وقيل: مصلى
العيدين، وقيل: المُشَرَّق المصلّى مطلقاً؛ قال كراع: هو من تشريق اللحم؛ وروى
شعبة أن سِماك بن حَرْب قال له يوم عيد: اذهب بنا إلى المُشَرَّق يعني
المصلى؛ وفي ذلك يقول الأَخطل:
وبالهَدايا إذا احْمَرَّــتْ مَدارِعُها،
في يوم ذَبْحٍ وتَشْرِيقٍ وتَنْخار
والتَّشْرِيق: صلاة العيد وإنما أُخذ من شروق الشمس لأَن ذلك وقتُها.
وفي الحديث: لا ذَبْحَ إلا بَعْد التَّشْرِيق أَي بعد الصلاة، وقال شعبة:
التَّشْرِيق الصلاة في الفطر والأَضحى بالجَبّانِ. وفي حديث عليّ، رضي
الله عنه: لا جُمْعة ولا تَشْرِيقَ إلا في مِصْرٍ جامع؛ وقوله أَنشده ابن
الأَعرابي:
قُلْتُ لِسَعْدٍ وهو بالأَزارِق:
عَلَيْكَ بالمَحْضِ وبالمَشارق
فسره فقال: معناه عليك بالشمس في الشتاء فانْعَمْ بها ولَذَّ؛ قال ابن
سيده: وعندي أن المَشارِق هنا جمع لحمٍ مُشَرَّق، وهو هذا المَشْرُور عند
الشمس، يُقَوِّي ذلك قولُه بالمحض لأَنهما مطعومان؛ يقول: كُلِ اللحم
واشْرَب اللبن المحض. والتَّشْريق: الجمالُ وإشْراقُ الوجه؛ قاله ابن
الأَعرابي في بيت المرار:
ويَزِينُهنَّ مع الجمالِ مَلاحةٌ،
والدَّلُّ والتَّشْرِيقُ والفَخْرُ
(* قوله «والفخر» كذ بالأصل، وفي شرح القاموس: والعذم، بالذال، وفسره عن
الصاغاني بالعض من اللسان بالكلام).
والشُّرُق: الغِلْمان الرُّوقة. وأُذُنٌ شَرْقاءُ: قطِعت من أَطرافها
ولم يَبِنْ منها شيء. ومِعْزة شَرْقاء: انْشَقَّتْ أُذُناها طُولاً ولم
تَبِنْ، وقيل: الشَّرْقاءُ الشاة يُشَقُّ باطنُ أُذُنِها من جانب الأُذن
شَقّاً بائناً ويترك وسط أُذُنِها صحيحاً، وقال أَبو علي في التذكرة:
الشَّرْقاءُ التي شُقَّت أُذناها شَقَّين نافذين فصارت ثلاث قطع متفرقة.
وشَرَقَتْ الشاة أَشْرُقُها شَرْقاً أَي شَقَقْت أُذُنَها. وشَرِقت الشاةُ،
بالكسر، فهي شاة شَرْقاء بيّنَة الشَّرَقِ. وفي حديث عليّ، رضي الله عنه: أن
النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى أن يُضَحَّى بِشَرْقاء أَو خَرْقاء أَو
جَدْعاء. الأَصمعي: الشَّرْقاء في الغنم المشقوقة الأُذن باثنين كأنه
زنَمة، واسم السِّمَةِ الشَّرَقة، بالتحريك، شَرَقَ أُذُنَها يَشْرِقُها
شَرْقاً إذا شَقَّها؛ والخَرْقاء: أَن يكون في الأُذن ثقب مستدير. وشاة
شَرْقاء: مقطوعة الأُذن.
والشَّرِيقُ من النساء: المُفْضاة.
والشَّرِقُ من اللحم: الأَــحمر الذي لا دَسَم له.
والشَّرَقُ: الشجا والغُصّة. والشَّرَقُ بالماء والرِّيق ونحوهما:
كالغَصَص بالطعام؛ وشَرِقَ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ؛ قال عدي بن زيد:
لو بِغَيْرِ الماء حَلْقِي شَرِقٌ،
كنتُ كالغَصّانِ بالماء اعْتِصاري
الليث: يقال شَرِقَ فلانٌ برِيقِه وكذلك غَصَّ بريقه، ويقال: أَخذَتْه
شَرْقة فكاد يموت. ابن الأَعرابي: الشُّرُق الغَرْقَى. قال الأَزهري:
والغَرَقُ أَن يدخل الماءُ في الأَنف حتى تمتلئ منافذُه. والشَّرَقُ: دخولُ
الماء الحَلْقَ حتى يَغَصَّ به، وقد غَرِقَ وشَرِقَ. وفي الحديث: فلما
بلغ ذِكْرَ موسى أَخذتْه شَرْقةٌ فركَع أي أَخذته سُعْلة منعته عن القراءة.
قال ابن الأَثير: وفي الحديث أَنه قرأَ سورة المؤمن في الصلاة فلما أتى
على ذكرِ عيسى، عليه السلام، وأُمِّه أَخذته شَرْقةٌ فركع؛ الشَّرْقة:
المرة الواحدة من الشّرَقِ، أَي شَرِقَ بدمعِه فعَيِيَ بالقراءة، وقيل:
أَراد أَنه شَرِقَ بريقه فترك القراءة وركع؛ ومنه الحديث: الحَرَقُ
والشِّرَقُ شهادةٌ؛ هو الذي يَشْرَقُ بالماء فيموت. وفي حديث أُبَيّ: لقد اصطلح
أَهل هذه البلدة على أَن يَعْصِّبُوه فشَرِقَ بذلك أَي غَصَّ به، وهو مجاز
فيما ناله من أَمْرِ رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وحَلّ به حتى كأَنه
شيء لم يقدر علي إِساغتِه وابتلاعِه فغَصَّ به.
وشَرِقَ الموضعُ بأَهله: امتلأَ فضاق، وشَرِقَ الجسدُ بالطيب كذلك؛ قال
المخبَّل:
والزَّعْفَرانُ على تَرائِبها
شَرِقاً به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ: اختلط؛ قال المسَّيب بن عَلَسٍ:
شَرِقاً بماءِ الذَّوْبِ أَسْلَمه
للمُبْتَغِيه مَعاقل الدَّبْرِ
والتَّشْريق: الصَّبغ بالزعفران غير المُشْبَع ولا يكون بالعُصْفُر.
والتَّشْويق: المُشْبَع بالزعفران. وشَرِقَ الشيءُ شَرَقاً، فهو شَرِقٌ:
اشتدت حمرته بدم أَو بحسن لون أَــحمر؛ قال الأَعشى:
وتَشْرَقُ بالقولِ الذي قد أَذَعْته،
كما شَرِقَت صَدْرُ القَناةِ من الدَّمِ
ومنه حديث عكرمة: رأَيت ابْنَينِ لسالمٍ عليهما ثياب مُشْرَقة أَي
مــحمّرة. يقال شَرِقَ الشيءُ إذا اشتدت حمرته، وأَشْرَقْته بالصِّبْغ إذا
بالَغْت في حمرته؛ وفي حديث الشعبي: سُئِل عن رجل لَطَمَ عينَ آخَرَ فشَرِقَت
بالدم ولمّا يَذْهَبْ ضَوْءُها فقال:
لها أَمْرُها، حتى إذا ما تَبَوَّأَتْ
بأَخْفافِها مَأْوًى، تَبَوَّأ مَضْجَعا
الضمير في لها للإبل يُهْمِلها الراعي حتى إذا جاءت إلى الموضع الذي
أَعجبها فأقامت فيه مالَ الراعي إلى مَضْجَعِه؛ ضربه مثلاً للعين أَي لا
يُحْكَم فيها بشيء حتى تأتيَ على آخر أمْرِها وما تؤول إليه، فمعنى شَرِقَت
بالدم أَي ظهر فيها ولم يَجْرِ منها. وصَرِيع شَرِقٌ بدمه: مُخْتَضِب.
وشَرِقَ لونُه شَرَقاً: احْمَرَّ من الخَجَلِ. والشَّرْقِيّ: صِبْغ أَــحمر.
وشَرِقَتْ عينُه واشْرَوْرَقَت: احْمَرَّــت، وشَرِقَ الدمُ فيها: ظهر.
الأَصمعي: شَرِقَ الدم بجسده يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ظهر ولم يَسِلْ، وقيل إذا
ما نَشِبَ، وكذلك شَرِقت عينُه إذابَقِي فيها دمٌ؛ قال: وإذا اختلطت
كُدورةٌ بالشمس ثم قلت شَرِقَت جاز ذلك كما يَشْرَق الشيء بالشيء يَنْشَبُ
فيه ويختلط. يقال: شَرِقَ الرجلُ يَشْرَقُ شَرَقاً إذا ما دخل الماءُ
حَلْقَه فشَرِقَ أي نَشِبَ؛ ومنه حديث عمر، رضي الله عنه، قال في الناقة
المُنْكَسرة: ولا هي بفَقِيٍّ فتشْرَق أَي تمتلئ دماً من مرض يَعْرِضُ لها
في جوفها؛ ومنه حديث ابن عمر: أَنه كان يُخْرِج يديه في السجود وهما
مُتَفَلِّقَتان قد شَرِق بينهما الدم. وشَرِقَ النخل وأَشْرَق وأَزْهَقَ
(*
قوله «وأزهق» هكذا في الأصل ولعله وأزهى.) لوَّنَ بــحمرة. قال أَبو حنيفة:
هو ظهور أَلوان البُسْر. ونَبْتٌ شَِرِقٌ أَي رَيَّان؛ قال الأَعشى:
يُضاحِك الشمسَ منها كوكَبٌ شَرِقٌ،
مُؤَزَّرٌ بعَمِيم النَّبْتِ مُكْتَهِلُ
وأَما ما جاء في الحديث من قوله: لعلكم تُدْرِكون قوماً يُؤَخِّرون
الصلاة إلى شَرِقِ المَوْتَى فصَلّوا الصلاةَ للوقت الذي تَعْرِفون ثم صَلّوا
معهم؛ فقال بعضهم: هو أن يَشْرَقَ الإنسانُ بريقِه عند الموت، وقال:
أَراد أَنهم يصلون الجمعة ولم يبق من النهار إلا بقدر ما بَقِي من نَفْس هذا
الذي قد شَرِق بريقه عند الموت، أَراد فَوْتَ وقْتِها ولم يقيّد الصلاة
في الصحاح بجمعة ولا بغيرها، وسئل عن هذا الحديث فقال: أَلم ترَ الشمسَ
إذا ارتفعت عن الحيطان وصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى؛
قال أَبو عبيد: يعني أَن طلوعها وشُروقَها إنما هو تلك الساعة للموتى
دون الأَحياء. أَبو زيد: تُكْرَه الصلاة بشَرَقِ الموتى حين تصفرُّ الشمس،
وفعلت ذلك بشَرَقِ الموتى: في ذلك الوقت. وفي الحديث: أَنه ذكر الدنيا
فقال: إنما بقي منها كشَرَقِ الموتى؛ له معنيان: أَحدهما أَنه أَراد به
آخِرَ النهار لأن الشمس في ذلك الوقت إنما تَلْبَث قليلاً ثم تغيب فشبَّه ما
بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك الساعة، والآخَرُ من قولهم شَرِقَ الميت
بريقه إذا غَصَّ به، فشَّبه قِلَّةَ ما بقي من الدنيا بما بقي من حياة
الشَّرِق بريقه إلى أَن تخرج نفسه. وسئل الحسن بن محمد بن الحنفية عنه
فقال: أَلم تَرَ إلى الشمس إذا ارتفعت عن الحيطان
فصارت بين القبور كأنها لُجّة؟ فذلك شَرَقُ الموتى. يقال: شَرِقَت الشمس
شَرَقاً إذا ضعف ضوءُها، قال: ووَجّه قولَه حين ذكر الدنيا فقال إنما
بقي منها كشَرَقِ الموتى إلى معنيين: أَحدهما أَن الشمس في ذلك الوقت إنما
تَلْبَثُ ساعة ثم تغيب فشبَّه قِلَّة ما بقي من الدنيا ببقاء الشمس تلك
الساعة من اليوم، والوجه الآخر في شَرَقِ الموتى شَرَقُ الميت برِيقِه عند
خروج نفسه. وفي بعض الروايات: واجعلوا صلاتَكم معهم سُبْحَة أَي نافلة.
وقال أبو عبيد: المُشَرَّق جبل بسوق الطائف، وقال غيره: المُشَرَّق
سُوقُ الطائف؛ وقول أبي ذؤيب:
حتى كأَنِّي للحوادِثِ مَرْوَةٌ،
بصَفا المُشَرَّق، كلَّ يومٍ تُقْرَعُ
يُفَسَّر بكلا ذَيْنِك، ورواه ابن الأعرابي: بصفا المُشَقَّر؛ قال: وهو
صفا المُشَقَّر الذي ذكره امرؤ القيس فقال:
دُوَيْنَ الصَّفا اللاَّئي يَلِينَ المُشَقَّرا
والشارِقُ: الكِلْسُ، عن كراع.
والشَّرْقُ: طائر، وجمعه شُروق، وهو من سِباع الطير؛ قال الراجز:
قد أَغْتَدِي والصُّبْحُ ذو بَرِيقِ،
بمُلْحَمٍ أَــحْمَرَ سَوْذَنِيقِ،
أَجْدَلَ أو شَرْقٍ من الشُّروقِ
قال شمر: أَنشدني أَعرابي في مجلس ابن الأَعرابي وكتبها ابن الأعرابي:
انْتَفِخي، يا أَرْنَبَ القِيعان،
وأَبْشِرِي بالضَّرْبِ والهَوانِ،
أو ضربة من شرق شاهيان،
أو توجي جائع غرثان
(* قوله «أو ضربة من شرق إلى آخر البيت» هكذا في الأصل).
قال: الشَّرْق بين الحِدَأَة والشاهين ولونه أَسود. والشارِق: صنم كان
في الجاهلية، وعبد الشارِق: اسم وهو منه. والشَّرِيقُ: اسم صنم أيضاً.
والشَّرْقِيُّ: اسم رجل راوِية أَخبار. ومِشْرِيق: موضع. وشَرِيق: اسم
رجل.
جون: الجَوْنُ: الأَسْوَدُ اليَحْمُوميُّ، والأُنثى جَوْنة. ابن سيده:
الجَوْنُ الأَسْوَدُ المُشْرَبُ حُمْرَــةً، وقيل: هو النباتُ الذي يَضْرِب
إلى السواد من شدّة خُضْرتِه؛ قال جُهَيْناءُ الأَشجعيّ:
فجاءت كأَنَّ القَسْوَرَ الجَوْنَ بَجَّها
عَسالِيجُه، والثامِرُ المُتناوِحُ.
القَسْوَرُ: نبتٌ، وبَجَّها عساليجُه أَي أَنها تكاد تَنْفَتِق من
السِّمَن. والجونُ أَيضاً: الأَــحمَرُ الخالصُ. والجَوْنُ: الأَبيض، والجمع من
كل ذلك جُون، بالضم، ونظيرُه ورْدٌ ووُرْدٌ. ويقال: كلُّ بعيرٍ جَوْنٌ
من بعيدٍ، وكلُّ لَوْن سواد مُشْرَبٍ حُمْرةً جَوْنٌ، أَو سوادٍ يُخالِط
حمرة كلون القطا؛ قال الفرزدق:
وجَوْن عليه الجِصُّ فيه مَريضةٌ،
تَطَلَّعُ منها النَّفْسُ والموتُ حاضِرُه.
يعني الأَبيضَ ههنا، يَصِفُ قَصْرَه الأَبيض؛ قال ابن بري: قوله فيه
مريضة يعني امرأَة مُنَعَّمةً قد أَضَرَّ بها النَّعيم وثقَّل جِسْمَها
وكسَّلَها، وقوله: تَطَلَّعُ منها النفس أَي من أَجلِها تخرجُ النفسُ،
والموتُ حاضرُه أَي حاضرُ الجَوْن؛ قال: وأَنشد ابن بري شاهداً على الجَوْن
الأَبيض قولَ لبيد:
جَوْن بِصارةَ أَقْفَرَتْ لِمَزاده،
وخَلا له السُّوبانُ فالبُرْعوم.
قال: الجَوْنُ هنا حمارُ الوَحش، وهو يوصَفُ بالبياض؛ قال: وأَنشد أَبو
علي شاهداً على الجَوْن الأَبيض قول الشاعر:
فبِتْنا نُعِيدُ المَشْرَفِيَّةَ فيهمُ،
ونُبْدِئ حتى أَصبحَ الجَوْنُ أَسْوَدا
قال: وشاهدُ الجَوْنِ الأَسْود قولُ الشاعر:
تقولُ خَليلَتي، لمَّا رأَتني
شَرِيحاً، بين مُبْيَضٍّ، وجَوْنِ.
وقال لبيد:
جَوْن دجُوجِيّ وخَرْق مُعَسِّف
وذهب ابن دريد وحْدَه إلى أَن الجَوْن يكون الأَــحْمَرَ أَيضاً، وأَنشد:
في جَوْنةٍ كقَفَدانِ العطَّارْ.
ابن سيده: والجَوْنةُ الشمسُ لاسْوِدادِها إذا غابت، قال: وقد يكون
لبَياضِها وصَفائِها، وهي جَوْنة بيّنة الجُونةِ فيهما. وعُرِضَت على
الحجَّاج دِرْعٌ، وكانت صافيةً، فجعل لا يَرى صَفاءها، فقال له أُنَيْسٌ
الجَرْمِيّ، وكان فَصِيحاً: إن الشمسَ لَجَوْنةٌ، يعني أَنها شديدةُ البريقِ
والصَّفاءِ فقد غلبَ صفاؤُها بياضَ الدِّرع؛ وأَنشد الأَصمعي:
غيَّرَ، يا بِنْتَ الحُلَيْسِ، لَوْني
طُولُ اللَّيالي واخْتِلافُ الجَوْنِ،
وسَفَرٌ كانَ قلِيلَ الأَوْنِ
يريد النهار؛ وقال آخر:
يُبادِرُ الجَوْنَة أَن تَغِيبا.
وهو من الأَضدادِ. والجُونةُ في الخَيْل: مثل الغُبْسة والوُرْدة، وربما
هُمز. والجَوْنةُ: عين الشمس، وإنما سُمّيَت جَوْنةً عند مغيبها لأَنها
تَسْوَدُّ حين تغيب؛ قال الشاعر:
يُبادر الجونة أَن تغيبا.
قال ابن بري: الشعر للخَطيم الضَّبابيّ
(* قوله «للخطيم الضبابي» في
الصاغاني للأجلح بن قاسط الضبابي). وصواب إنشاده بكماله كما قال:
لا تَسْقِه حَزْراً ولا حَليباً،
إن لم تَجِدْه سابحاً يَعْبوبا،
ذا مَيْعةٍ يَلْتَهِمُ الجَبُوبا،
يترك صَوَّان الصُّوَى رَكوبا
(* قوله «الصوى» رواية التكملة: الحصى)
بِزَلِقاتٍ قُعِّبَتْ تَقْعِيبا،
يَتْرك في آثارِهِ لهُوبا
يُبادِرُ الأَثْآرَ أَن تَؤُوبا،
وحاجبَ الجَوْنة أَن يَغِيبا،
كالذِّئْب يَتْلُو طَمَعاً قريبا
(* قوله «كالذئب إلخ» بعده كما في التكملة:
على هراميت ترى العجيبا أن تدعو الشيخ فلا يجيبا.)
يَصِفُ فرساً يقول: لا تَسْقِه شيئاً من اللَّبن إن لم تَجِدْ فيه هذه
الخصالَ، والحَزْرُ: الحازِرُ من اللبن وهو الذي أَخذ شيئاً من الحُموضة،
والسابحُ: الشديدُ العَدْوِ، واليَعْبوبُ: الكثيرُ الجَرْي، والمَيْعةُ:
النَّشاطُ والحدَّة، ويَلْتَهم: يَبْتلع، والجَبوبُ: وجهُ الأَرض، ويقال
ظاهرُ الأَرض، والصَّوَّانُ: الصُّمُّ من الحجارة، الواحدة صَوَّانة،
والصُّوَى: الأََعْلامُ، والرَّكوبُ: المذلَّلُ، وعنى بالزالِقات
حَوافِرَه، واللُّهوبُ: جمعُ لِهْبٍ؛ وقوله:
يبادر الأثْآرَ أن تؤوبا.
الأَوْبُ: الرجوع، يقول: يبادر أَثْآرَ الذين يطلبُهم ليُدْرِكَهم قبل
أَن يرجعوا إلى قومِهم، ويبادر ذلك قبْل مغيب الشمس، وشبَّه الفرسَ في
عَدْوِه بذئبٍ طامِعٍ في شيء يَصِيده عن قُرْبٍ فقد تناهى طمَعُه، ويقال
للشمس جَوْنة بيّنة الجُونةِ. وفي حديث أَنس: جئت إلى النبي، صلى الله عليه
وسلم، وعليه بُردةٌ جوْنِيَّة؛ منسوبة إلى الجَوْن، وهو من الأَلوان،
ويقع على الأَسْود والأَبيض، وقيل: الياء للمبالغة كما يقال في الأحْمر
أَــحْمَرِــيٌّ، وقيل: هي منسوبة إلى بني الجَوْنِ، قبيلة من الأَزْد. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: لما قَدِم الشأْم أَقْبَل على جَمَلٍ عليه جِلْدُ
كَبْشٍ جُونيٍّ أَي أَسْود؛ قال الخطابي: الكَبْشُ الجُونِيّ هو الأَسود
الذي أُشْرِب حُمْرةً، فإذا نسبوا قالوا جُونِيّ، بالضم، كما قالوا في
الدَّهْري دُهْرِيّ، قال ابن الأَثير: وفي هذا نظر إلا أَن تكون الروايةُ
كذلك. والجُونِيّ: ضربٌ من القَطا، وهي أَضْخَمُها تُعْدَلُ جُونيَّةٌ
بكُدْرِيَّتَيْن، وهنَّ سُودُ البطونِ، سُودُ بُطون الأَجْنِحة والقوادمِ،
قصارُ الأَذناب، وأَرْجُلُها أَطْوَلُ من أَرْجُلِ الكُدْرِيّ، وفي الصحاح:
سُودُ البُطونِ والأَجْنِحة، وهو أَكبرُ من الكُدْرِيّ، ولَبانُ
الجُونِيَّة أَبيضُ، بلَبانِها طَوْقانِ أَصْفَرُ وأَسْودُ، وظهْرُها أَرْقَطُ
أَغْبَرُ، وهو كلَون ظَهْرِ الكُدْرِيَّة، إلا أَنه أَحْسَنُ تَرْقِيشاً
تَعْلوه صُفْرةٌ. والجُونِيَّة: غَتْماء لا تُفْصِح بصَوْتِها إذا صاحت إنما
تُغَرْغِرُ بصوْت في حَلْقِها. قال أَبو حاتم: ووجدت بخط الأَصمعي عن
العرب: قَطاً جُؤنيٌّ، مهموز؛ قال ابن سيده: وهو عندي على توهم حركة الجيم
مُلْقاة على الواو، فكأَن الواوَ متحركةٌ بالضمة، وإذا كانت الواوُ
مضمومة كان لك فيها الهمزُ وتركُه في لغة ليست بتلك الفاشِية، وقد قرأَ أَبو
عمرو: عاداً
لُّولَى، وقرأَ ابن كثير: فاسْتَغْلَظَ فاستوى على سُؤْقِه، وهذا
النَّسَبَ إنما هو إلى الجمع، وهو نادِرٌ، وإذا وصَفوا قالوا قطاةٌ جَوْنةٌ،
وقد مَرَّ تفسير الجُونيِّ من القَطا في ترجمة كدر. والجُونةُ: جُونةُ
العطَّارِ، وربما هُمِزَ، والجمع جُوَنٌ، بفتح الواو؛ وقال ابن بري: الهمز في
جؤْنة وجُؤَنٍ هو الأَصل، والواوُ فيها منقلبةٌ عن الهمزة في لغة من
خفَّفها، قال: والجُوَن أَيضاً جمعُ جُونةٍ للآكام؛ قال القُلاخ:
على مَصاميدٍ كأَمثالِ الجُونَ.
قال: والمصاميدُ مثل المَقاحيد وهي الباقياتُ اللبن. يقال: ناقة
مِصْمادٌ ومِقْحادٌ. والجُونةُ: سُلَيْلَةٌ مُسْتديرةٌ مُغَشَّاة أَدَماً تكون
مع العطَّارين، والجمع جُوَن، وهي مذكورة في الهمزة، وكان الفارسيُّ
يَسْتَحسن تَرْكَ الهمزة؛ وكان يقول في قول الأَعشى يَصِف نساءً تَصَدَّين
للرجال حالِياتٍ:
إذا هُنَّ نازَلْنَ أقْرانَهُنَّ،
وكان المِصاعُ بما في الجُوَنْ.
ما قاله إلاّ بطالع سعد، قال: ولذلك ذكرته هنا. وفي حديثه، صلى الله
عليه وسلم: فوجدتُ لِيَدِه بَرْداً وريحاً كأَنما أَخْرَجَها من جُونة
عطَّارٍ؛ الجُونة، بالضم: التي يُعدُّ فيها الطيبُ ويُحْرز. ابن الأَعرابي:
الجَوْنةُ الفَحْمةُ. غيره: الجَوْنةُ الخابيةُ مطليَّة بالقار: قال
الأَعشى:
فقُمْنا، ولمَّا يَصِحْ دِيكُنا،
إلى جَوْنةٍ عند حَدَّادِها.
ويقال: لا أَفعله حتى تَبْيضَّ جُونةُ القار؛ هذا إذا أَردت سوادَه،
وجَوْنةُ القار إذا أَردت الخابية، ويقال للخابية جَوْنة، وللدَّلْو إذا
اسودَّت جَوْنة، وللعرَق جَوْنٌ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لماتحٍ قال لماتِحٍ
في البئر:
إن كانتِ امّاً امَّصَرت فصُرَّها،
إن امِّصارَ الدَّلْو لا يضُرُّها
أَهْيَ جُوَيْنٌ لاقِها فبِرَّها،
أَنتَ بخَيْرٍ إن وُقِيتَ شرَّها
فأَجابه:
وُدِّي أُوَقَّى خيرَها وشرّها.
قال: معناه على ودّي فأَضمر الصِّفَة وأَعْمَلَها
(* قوله «فأَضمر الصفة
وأعلمها» هكذا في الأصل والتهذيب، ولعل المراد بالصفة حرف الجر إن لم
يكن في العبارة تحريف). وقوله: أَهي جوين، أراد أخي وكان اسمه جُوَيناً،
وكل أَخ يقال له جُوَيْن وجَوْن. سلمة عن الفراء: الجَوْنان طرَفا القَوْس.
والجَوْنُ: اسمُ فرس في شعر لبيد:
تَكاثَرَ قُرْزُلٌ، والجَوْنُ فيها،
وعَجْلى والنَّعامةُ والخَيالُ.
وأَبو الجَوْن: كُنْية النَّمِرِ؛ قال القَتَّال الكلابيّ:
ولي صاحِبٌ في الغار هَدَّكَ صاحِباً،
أَبو الجَوْن، إلا أَنه لا يُعَلَّل.
وابنة الجَوْن: نائحة من كِنْدةَ كانت في الجاهلية؛ قال المُثَقَّب
العَبْدي:
نَوْح ابْنَةِ الجَوْنِ على هالِكٍ،
تَنْدُبُه رافعة المِجْلَدِ.
قال ابن بري: وقد ذكرها المعرّي في قصيدته التي رَثى فيها الشريف الظاهر
المُوسَوِيّ فقال:
من شاعر للبَيْن قال قصيدةً،
يَرْثي الشَّرِيفَ على رَوِيّ القافِ.
جَوْنٌ كبِنْتِ الجَوْن يَصْدَحُ دائباً،
ويَميسُ في بُرْدِ الجُوَيْن الضَّافي
عقرتْ رَكائبك ابنُ دَأْيةَ عادياً،
أَيّ امْرِئٍ نَطِقٍ وأَيّ قَوافِ
بُنِيَت على الإيطاءِ، سالمةً من الـ
إقْواءِ والإكْفاءِ والإصْرافِ.
والجَوْنانِ: مُعاوية وحسَّان بن الجَوْن الكِنْدِيّان؛ وإيَّاهما عنى
جريرٌ بقوله:
أَلم تَشْهَد الجَوْنَين والشِّعْبَ والغَضى،
وشَدَّاتِ قَيْسٍ، يومَ دَيْر الجَماجِم؟
ابن الأَعرابي: التَّجَوُّن تَبْييضُ بابِ العَرُوس. والتَّجوُّنُ:
تَسْويدُ باب الميت. والأَجْؤُن: أَرض معروفة؛ قال رؤبة:
بَيْنَ نَقَى المُلْقَى وَبَيْنَ الأَجْؤُنِ
(* قوله «بين إلخ» صدره كما في التكملة: دار كرقم الكاتب المرقن.
وضبط فيها دار بالرفع وقال فيها فتهمز الواو لأن الضمة عليها تستثقل).
برق: قال ابن عباس: البَرْقُ سَوط من نور يَزجرُ به الملَكُ السحاب.
والبَرْقُ: واحد بُروق السحاب. والبَرقُ الذي يَلمع في الغيم، وجمعه بُروق.
وبرَقت السماء تَبْرُق بَرْقاً وأَبْرَقتْ: جاءَت بِبَرق. والبُرْقةُ:
المِقْدار من البَرْق، وقرئ: يكاد سنَا بُرَقِه، فهذا لا محالة جمع
بُرْقة. ومرت بنا الليلةَ سحابة برّاقة وبارقةٌ أَي سحابة ذات بَرْق؛ عن
اللحياني. وأَبْرَق القوم: دخلوا في البَرْق، وأَبرقُوا البرْق: رأَوْه؛ قال
طُفَيْل:
ظعائن أَبْرَقْنَ الخَرِيفَ وشِمْنَه،
وخِفْنَ الهُمامَ أَن تُقاد قَنَابِلُهْ
قال الفارسي: أَراد أَبْرَقْن بَرْقه. ويقال: أَبرقَ الرجل إذا أَمَّ
البرقَ أَي قصَده. والبارِقُ: سحاب ذو بَرْق. والسحابة بارقةٌ، وسحابةٌ
بارقة: ذات بَرق. ويقال: ما فعلت البارقة التي رأَيتَها البارحة؟ يعني
السحابة التي يكون فيها بَرق؛ عن الأَصمعي. بَرَقَت السماء ورعَدَت بَرَقاناً
أَي لَمَعَت. وبرَق الرَّجل ورعَد يرعُد إذا تهدّد؛ قال ابن أَــحمر:
يا جَلَّ ما بَعُدَتْ عليكَ بِلادُنا
وطِلابُنا، فابْرُقْ بأَرْضِكَ وارْعُدِ
وبرَق الرجل وأبرَق: تهدَّد وأَوْعد، وهو من ذلك، كأَنه أَراه
مَخِيلةَ الأَذى كما يُري البرقُ مخيلةَ المطَر؛ قال ذو الرمة:
إذا خَشِيَتْ منه الصَّرِيمة، أَبرَقَتْ
له بَرْقةً من خُلَّبٍ غير ماطِرِ
جاء بالمصدر على برَقَ لإن أَبْرَقَ وبرَق سواء، وكان الأَصمعي ينكر
أَبْرق وأَرعد ولم يك يرى ذا الرُّمة حُجةً؛ وكذلك أَنشد بيت الكميت:
أَبْرِقْ وأَرْعِد يا يزيـ
ـدُ، فما وَعِيدُك لي بِضائرْ
فقال: هو جُرْمُقانِيّ. الليث: البَرق دخِيل في العربية وقد استعملوه،
وجمعه البِرْقان. وأَرْعَدْنا وأَبْرَقْنا بمكان كذا وكذا أَي رأَينا
البرق والرعد. ويقال: برْق الخُلَّبِ وبرقُ خُلَّبٍ، بالإضافة، وبرقٌ خُلَّبٌ
بالصفة، وهو الذي ليس فيه مطر. وأَرعَد القومُ وأَبرَقُوا أَي أَصابهم
رَعْد وبَرق. واستَبْرَقَ المكانُ إذا لَمَع بالبرق؛ قال الشاعر:
يَسْتَبْرِقُ الأُفُقُ الأَقصَى، إذا ابْتَسَمَتْ،
لَمْعَ السُّيُوفِ، سِوَى أَغْمادِها، القُضُبِ
وفي صفة أَبي إدريسَ: دخلْت مسجد دِمَشْقَ فإذا فتى بَرّاقُ الثنايا؛
وصَف ثناياه بالحُسن والضِّياء
(*قوله «والضياء» الذي في النهاية: والصفاء)
وأنها تَلْمَع إذا تبسَّم كالبرق، أَراد صفة وجهه بالبِشْر والطَّلاقة؛
ومنه الحديث: تَبْرقُ أَساريرُ وجههِ أَي تلمع وتَسْتَنِيرُ كالبَرْق.
بَرق السيفُ وغيره يَبْرُق بَرْقاً وبَرِيقاً وبرُوقاً وبَرَقاناً: لمَع
وتَلأْلأَ، والاسم البَريق. وسيفٌ إبْريق: كثير اللَّمَعان والماء؛ قال ابن
أَــحمر:
تَعَلَّق إبْرِيقاً، وأَظهر جَعْبةً
ليُهْلِكَ حَيّاً ذا زُهاء وجامِلِ
والإبْريقُ: السيفُ الشديدُ البَرِيق؛ عن كراع، قال: سمي به لفعله،
وأَنشد البيت المتقدم؛ وقال بعضهم: الإبريق السيف ههنا، سمي به لبَرِيقِه ،
وقال غيره: الإبريق ههنا قَوْس فيه تَلامِيعُ. وجاريةٌ إبريقٌ: برّاقة
الجسم. والبارِقةُ: السيوفُ على التشبيه بها لبياضها. ورأَيت البارِقةَ أي
بريقَ السلاح؛ عن اللحياني. وفي الحديث: كفى ببارقة السيوف على رأْسه
فتنةً أي لَمَعانِها. وفي حديث عَمّار، رضي الله عنه: الجنةُ تحت البارقة أي
تحت السيوف. يقال للسلاح إذا رأيت برِيقَه: رأيتُ البارقة. وأبرَق الرجل
إذا لمع بسيفه وبَرق به أيضاً، وأبرَق بسيفه يُبْرق إذا لمع به. ولا
أَفعله ما برَق في السماء نجم أَي ما طلع، عنه أَيضاً، وكله من البرق.
والبُراق: دابّة يركبها الأَنبياء، عليهم السلام، مشتقة من البَرْق،
وقيل: البراق فرس جبريل، صلى الله على نبينا وعليه وسلم. الجوهري: البراق
اسم دابة ركبها سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ليلة المِعْراج،
وذُكر في الحديث قال: وهو الدابة التي ركبها ليلة الإسْراء؛ سمي بذلك لنُصوع
لونه وشدَّة بريقه، وقيل: لسُرعة حركته شبهه فيها بالبَرْق.
وشيءٌ برّاقٌ: ذو بَرِيق. والبُرقانة: دُفْعة
(*قوله «والبرقانة دفعة»
ضبطت في الأصل الباء بالضم.) البريق. ورجل بُرْقانٌ: بَرَّاقُ البدن.
وبرَّقَ بصَرَه: لأْلأَ به. الليث: برَّق فلان بعينيه تَبْريقاً إذا لأْلأَ
بهما من شدَّة النظر؛ وأَنشد:
وطَفِقَتْ بعَيْنِها تَبْريقا
نحوَ الأَميرِ، تَبْتَغي تَطْليقا
وبرَّقَ عينيه تبريقاً إذا أَوسَعَهما وأَحدَّ النظر. وبرَّق: لوَّح
بشيء ليس له مِصْداق، تقول العرب: برَّقْت وعرَّقْت؛ عرَّقْتُ أَي قلَّلت.
وعَمِل رجل عَمَلاً فقال له صاحبه: عرَّفْتَ وبرَّقت لوَّحتَ بشيء ليس له
مِصداق. وبَرِقَ بصرُه بَرَقاً وبرَق يبرُق بُرُوقاً؛ الأَخيرة عن
اللحياني: دَهِشَ فلم يبصر، وقيل: تحيَّر فلم يَطْرِفْ؛ قال ذو الرمة:
ولو أنَّ لُقمانَ الحَكيمَ تَعَرَّضَتْ
لعَينيْهِ مَيٌّ سافِراً، كادَ يَبْرَقُ
وفي التنزيل: فإذا بَرِقَ البصر، وبَرَقَ، قُرئ بهما جميعاً؛ قال
الفراء: قرأَ عاصم وأَهل المدينة برِق، بكسر الراء، وقرأَها نافع وحده برَق،
بفتح الراء، من البَريق أَي شخَص، ومن قرأَ بَرِقَ فمعناه فَزِع؛ وأَنشد
قول طرَفة:
فنَفْسَكَ فانْعَ ولا تَنْعَني،
وداوِ الكُلومَ ولا تَبْرَقِ
يقول: لا تَفزَعْ من هَوْل الجِراح التي بك، قال: ومن قرأَ بَرَق يقول
فتح عينيه من الفزَع، وبرَقَ بصرُه أيضاً كذلك.
وأَبرَقَه الفزَعُ. والبَرَقُ أيضاً: الفزع. ورجل بَرُوقٌ: جَبان. ثعلب
عن ابن الأَعرابي: البُرْقُ الضِّبابُ، والبُرْقُ العين المُنْفتحة. وفي
حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: لكل داخل بَرْقة أَي دَهْشة، والبَرَقُ:
الدهِشُ. وفي حديث عَمرو: أَنه كتب إلى عمر، رضي الله عنهما: إنَّ البحر
خَلْق عظيم يَرْكبه خَلق ضَعيف دُود على عُود بين غرَق وبَرَق؛ البَرَقُ،
بالتحريك: الحَيْرة والدهَش. وفي حديث الدعاء: إذا برقت الأَبصار، يجوز
كسر الراء وفتحها، فالكسر بمعنى الحَيْرة، والفتح بمعنى البريق اللُّموع.
وفي حديث وَحْشِيّ: فاحتمله حتى إذا برِقَت قدماه رمَى به أَي ضَعُفتا
وهو من قولهم برَق بصره أَي ضعف.
وناقة بارق: تَشَذَّرُ بذنبها من غير لقَح؛ عن ابن الأَعرابي. وأَبرَقَت
الناقةُ بذَنبها، وهي مُبرِق وبَرُوقٌ؛ الأَخيرة شاذة: شالت به عند
اللَّقاح، وبرَقت أَيضاً، ونُوق مَبارِيقُ؛ وقال اللحياني: هو إذا شالَت
بذنبها وتلقَّحت وليست بلاقح. وتقول العرب: دَعْني من تَكْذابِك وتأْثامك
شَوَلانَ البَرُوق؛ نصب شولان على المصدر أَي أَنك بمنزلة الناقة التي
تُبْرِق بذنبها اي تشولُ به فتوهمك أَنها لاقح، وهي غير لاقح، وجمع البَرُوق
بُرْقٌ. وقول ابن الأَعرابي، وقد ذكر شهرَزُورَ: قبّحها الله إنّ رجالها
لنُزْق وإنَّ عقاربها لبُرْق أَي أَنها تشول بأَذنابها كما تشول الناقة
البَروق. وأَبرقت المرأَة بوجهها وسائر جسمها وبرَقت؛ الأَخيرة
(*قوله
«الاخيرة إلخ» ضبطت في الأصل بتخفيف الراء، ونسب في شرح القاموس برّقت
مشددة للحياني.) عن اللحياني، وبرَّقَت إذا تعرَّضت وتحسَّنت، وقيل:
أَظْهرته على عَمْد؛ قال رؤبة:
يَخْدَعْنَ بالتبْريق والتأَنُّث
وامرأَة برَّاقة وإبْريق: تفعل ذلك. اللحياني: امرأَة إبريق إذا كانت
برَّاقة. ورعَدت المرأَة وبرَقَت أَي تزيَّنت.
والبُرْقانةُ: الجَرادة المتلوّنة، وجمعها بُرْقانٌ.
والبُرْقةُ والبَرْقاء: أَرض غليظة مختلطة بحجارة ورمل، وجمعها بُرَقٌ
وبِراقٌ، شبهوه بِصِحاف لأَنه قد استعمل استعمال الأَسماء، فإذا اتسعت
البُرقة فهي الأَبْرَقُ، وجمعه أَبارق، كسِّر تكسير الأَسماء لغلبته.
الأَصمعي: الأَبْرقُ والبَرْقاء غِلَظ فيه حجارة ورمل وطين مختلطة، وكذلك
البُرْقة، وجمع البَرقاء بَرْقاوات، وتجمع البُرقة بِراقاً. ويقال: قُنْفُذُ
بُرْقةٍ كما يقال ضَبُّ كُدْية، والجمع بُرَقٌ.
وتَيْسٌ أَبرقُ: فيه سواد وبياض. قال اللحياني: من الغنم أَبرق وبَرقاء
للأُنثى، وهو من الدوابّ أَبلَق وبَلْقاء، ومن الكلاب أَبقَع وبَقْعاء.
وفي الحديث: أَبْرِقُوا فإنَّ دمَ عَفْراء أَزكى عند الله من دم
سَوْداوين، أَي ضَحُّوا بالبرقاء، وهي الشاة التي في خِلال صوفها الأَبيض طاقات
سود، وقيل: معناه اطلُبوا الدَّسَمَ والسِّمَن، من بَرَقْت له إذا دسَّمْتَ
طعامه بالسمْن. وجبَل أَبرقُ: فيه لونانِ من سواد وبياض، ويقال للجبَل
أَبرقُ لبُرْقة الرمل الذي تحته. ابن الأَعرابي: الأَبرقُ الجبل مخلوطاً
برمل، وهي البُرْقةُ ذاتُ حجارة وتراب، وحجارتها الغالب عليها البياض
وفيها حجارة حُمر وسود، والترابُ أَبيض وأَعْفر وهو يَبْرُقُ لك بلوْن
حجارتها وترابها، وإنما بَرْقُها اختلافُ ألوانها، وتُنْبِت أَسنادُها وظهرُها
البقْلَ والشجر نباتاً كثيراً يكون إلى جنبها الرَّوضُ أحياناً؛ ويقال
للعين بَرْقاء لسواد الحَدقة مع بياض الشحْمة؛ وقول الشاعر:
بمُنْحَدِرٍ من رأْسِ بَرْقاءَ، حَطَّه
تذَكُّرُ بَيْنٍ من حَبِيبٍ مُزايِلِ
(*قوله «تذكر» في الصحاح: مخافة).
يعني دَمْعاً انحدَرَ من العين، وفي المحكم: أَراد العين لاختلاطها
بلونين من سواد وبياض. ورَوْضة بَرْقاء: فيها لونان من النبْت؛ أَنشد
ثعلب:لدى رَوْضةٍ قَرْحاءَ بَرْقاء جادَها،
من الدَّلْوِ والوَسْمِيِّ، طَلٌّ وهاضِبُ
ويقال للجراد إذا كان فيه بياض وسواد: بُرْقانٌ؛ وكلُّ شيء اجتمع فيه
سواد وبياض، فهو أَبْرق. قال ابن برّي: ويقال للجَنادِب البُرْقُ؛ قال
طَهْمان الكلابي:
قَطَعْت، وحِرْباء الضُّحى مُتَشَوِّسٌ،
ولِلْبُرْقِ يَرْمَحْنَ المِتانَ نَقِيقُ
والنَّقِيق: الصَّرِير. أبو زيد: إذا أَدَمْتَ الطعام بدَسَم قليل قلت
بَرَقْتُه أَبْرُقُه بَرْقاً. والبُرْقةُ: قِلَّة الدسَم في الطعام.
وبَرَقَ الأُدْمَ بالزيت والدسَم يَبْرُقُه بَرْقاً وبُروقاً: جعل فيه شيئاً
يسيراً، وهي البَريقة، وجمعها بَرائقُ، وكذلك التبارِيقُ. وبرَق الطعامَ
يبرُقه إذا صب فيه الزيت.
والبَريقةُ: طعام فيه لبن وماء يُبْرَقُ بالسمْن والإهالةِ؛ ابن السكيت
عن أَبي صاعد: البَرِيقةُ وجمعها بَرائقُ وهي اللبن يُصَبُّ عليه إهالةٌ
أو سمن قليل. ويقال: ابْرُقوا الماء بزيت أي صبُّوا عليه زيتاً قليلاً.
وقد بَرَقُوا لنا طعاماً بزيت أو سمْن برْقاً: وهو شيء منه قليل لم
يُسَغْسِغُوه أَي لم يُكثروا دُهْنه. المُؤرِّج: بَرَّق فلان تبريقاً إذا سافر
سفراً بعيداً، وبَرَّقَ منزله أي زَيَّنه وزَوَّقَه، وبرَّقَ فلان في
المعاصي إذا أَلَحَّ فيها، وبَرَّق لي الأَمْرُ أي أعْيا علَيَّ. وبَرَق
السِّقاءُ يَبْرُق بَرْقاً وبُروقاً: أصابه حرٌّ فذابَ زُبْده وتقطَّع فلم
يجتمع. يقال: سِقاء بَرِقٌ.
والبُرَقِيُّ: الطُّفَيْلِيُّ، حجازيَّة.
والبَرَقُ: الحَمَلُ، فارسيّ معرّب، وجمعه أبْراقٌ وبِرْقانٌ وبُرقان.
وفي حديث الدجال: أن صاحِبَ رايتِه في عَجْب ذَنبه مثل أَلْيةِ البَرَقِ
وفيه هُلْباتٌ كهُلْبات الفرس؛ البرق، بفتح الباء والراء: الحمَل، وهو
تعريب بَرَهْ بالفارسية. وفي حديث قتادة: تسُوقُهم النارُ سَوقَ البَرَقِ
الكَسِير أي المكسور القَوائم يعني تسوقهم النار سَوْقاً رَفِيقاً كما
يُساق الحَمَل الظالع.
والإبْرِيقُ: إناء، وجمعه أبارِيقُ، فارسي معرب؛ قال ابن بري: شاهده قول
عديّ بن زيد:
ودَعا بالصَّبُوحِ، يوماً، فجاءَتْ
قَيْنةٌ في يَمينِها إبْرِيقُ
وقال كراع: هو الكُوز. وقال أبو حنيفة مرة: هو الكوز، وقال مرة: هو مثل
الكوز وهو في كل ذلك فارسي. وفي التنزيل: يَطُوف عليهم وِلدان مُخلَّدون
بأَكْواب وأَبارِيقَ؛ وأَنشد أبو حنيفة لشُبْرُمةَ الضَّبِّي:
كأَنَّ أَبارِيقَ الشَّمُولِ عَشِيّةً
إوَزٌّ بأَعْلى الطَّفِّ، عُوجُ الحناجِرِ
والعرب تشبه أبارِيقَ الخمر برقاب طير الماء؛ قال أبو الهِنْدِيّ:
مُفَدَّمة قَزّاً، كأنَّ رِقابَها
رِقابُ بناتِ الماء أَفْزَعَها الرَّعْد
وقال عدي بن زيد:
بأَبارِيقَ شِبْهِ أَعْناقِ طَيْرِ الـ
ـماءِ قد جِيبَ، فوْقَهُنَّ، حَنِيفُ
ويشبهون الإبْرِيق أيضاً بالظبي؛ قال عَلْقَمةُ بن عَبْدة:
كأَنَّ إبْرِيقَهم ظبيٌ على شَرَفٍ،
مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتّانِ مَلْثُومُ
وقال آخر
كأنَّ أبارِيقَ المُدامِ لدَيْهِمُ
ظِباء، بأعْلى الرَّقْمَتَيْنِ، قِيامُ
وشبّه بعضُ بني أسد أُذن الكُوز بياء حطِّي؛ فقال أبو الهندي
اليَرْبوعِيّ:
وصُبِّي في أُبَيْرِقٍ مَلِيحٍ،
كأنَّ الأُذْن منه رَجْعُ حُطِّي
والبَرْوَقُ: ما يكْسُو الأَرض من أَوّل خُضْرة النبات، وقيل: هو نبت
معروف؛ قال أبو حنيفة: البَرْوَقُ شجر ضعيف له ثمر حبٌّ أسود صغار، قال:
أَخبرني أَعرابي قال: البَرْوَقُ نبت ضعيف رَيّانُ له خِطَرةٌ دِقاقٌ، في
رُؤوسِها قَماعِيلُ صِغار مثل الحِمَّص، فيها حبّ أسود ولا يرعاها شيء ولا
تؤكل وحدها لأَنها تُورِث التَّهَبُّجَ؛ وقال بعضهم: هي بقلة سَوْء
تَنْبُت في أوّل البقل لها قَصبة مثل السِّياط وثمرة سَوْداء، واحدته
بَرْوَقة. وتقول العرب: هو أشكَرُ من بَرْوقٍ، وذلك أنه يَعِيشُ بأدْنى ندَّى
يقع من السماء، وقيل: لأَنه يخضرّ إذا رأى السحاب. وبَرِقَت الإبل والغنم،
بالكسر، تَبْرَق بَرَقاً إذا اشْتَكت بُطونها من أكل البَرْوَق؛ ويقال
أيضاً: أضْعفُ من بَرْوقةٍ؛ قال جرير:
كأَنَّ سُيوفَ التَّيْمِ عيدانُ بَرْوَقٍ،
إذا نُضِيَت عنها لحَرْبٍ جُفُونُها
وبارِقٌ وبُرَيْرِقٌ وبُرَيْقٌ وبُرْقان وبَرّاقة: أَسماء. وبنو
أبارِقَ: قبيلة. وبارِقٌ: موضع إليه تُنسب الصِّحافُ البارقية؛ قال أبو
ذؤيب:فما إنْ هُما في صَحْفةٍ بارِقِيّةٍ
جَديدٍ، أُمِرَّتْ بالقَدُومِ وبالصَّقْلِ
أَراد وبالمِصْقلة، ولولا ذلك ما عطَف العرَض على الجَوْهَر. وبِراقٌ:
ماء بالشام؛ قال:
فأَحْمَى رأْسَه بِصَعيدِ عَكٍّ،
وسائرَ خَلْقِه بَجبا بِراقِ
وبارق: قبيلة من اليمن منهم مُعَقَّر بن حِمار البارِقي الشاعر.
وبارِقٌ: موضع قريب من الكوفة؛ ومنه قول أسْود بن يَعْفُرَ:
أرضُ الخَوَرْنَقِ والسَّديرِ وبارِقٍ،
والقَصْرِ ذي الشُّرفاتِ من سِنْدادِ
قال ابن بري: الذي في شعر الأَسود: أَهلِ الخورنق بالخفض؛ وقبله:
ماذا أُؤمِّلُ بعدَ آلِ مُحَرِّقٍ،
تركوا مَنازِلَهم، وبعدَ إيادِ؟
أهلِ الخورنق ... البيت، وخفضُه على البدل من آل، وإن صحت الرواية بأَرض
فينبغي أن تكون منصوبة بدلاً من منازِلَهم. وتُبارِقُ: اسم موضع أيضاً؛
عن أبي عمرو؛ وقال عِمْران بن حِطَّانَ:
عَفا كَنَفا حَوْرانَ من أُمِّ مَعْفَسٍ،
وأقْفَر منها تُسْتَرٌ وتُبارِقُ
(*قوله «حوران» كذا هو في الأصل وشرح
القاموس بالراء، وهي من أعمال دمشق الشام، وحوران ايضاً: ماء بنجد، وأما
حوزان، بالزاي: فناحية من نواحي مرو الروذ من نواحي خراسان، أفاده ياقوت
ولعلها أنسب لقوله تستر).
وبُرْقة: موضع. وفي الحديث ذكر بُرْقةَ، وهو بضم الباء وسكون الراء،
موضع بالمدينة به مال كانت صدَقاتُ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
منها. وذكر الجوهري هنا: الإسْتبرقُ الدّيباجُ الغليظُ، فارسي معرَّب،
وتصغيره أُبَيْرِق.
برزق: البَرازِيقُ: الجماعات، وفي المحكم: جَماعاتُ الناس، وقيل: جماعات
الخيل، وقيل: هم الفُرسان، واحدهم بِرْزِيق، فارسي معرَّب، وقد تحذف
الياء في الجمع؛ قال عُمارة:
أَرْض بها الثِّيرانُ كالبَرازِقِ،
كأَنما يَمْشِينَ في اليَلامِقِ
وفي الحديث: لا تَقوم الساعة حتى يكون الناسُ بَرازِيقَ يعني جماعاتٍ،
ويروى بَرازِقَ، واحده بِرْزاق وبَرْزَقٌ. وفي حديث زياد: ألم تكن منكم
نُهاةٌ يمنعون الناسَ عن كذا وكذا وهذه البَرازِيق؛ وقال جُهَيْنة بن
جُنْدَب بن العَنْبر بن عمرو بن تميم:
رَدَدْنا جَمْعَ سابُورٍ، وأَنتم
بِمَهْواةٍ، مَتالِفُها كثيرُ
تَظَلُّ جِيادنا مُتَمَطِّراتٍ
بَرازِيقاً، تُصَبِّحُ أو تُغِيرُ
يعني جماعات الخيل. وقال زياد: ما هذه البَرازِيقُ التي تتردّد؟
وتَبَرْزَق القومُ: اجتمعوا بلا خيل ولا رِكاب؛ عن الهَجَرِيّ.
والبَرْزَق: نبات؛ قال أبو منصور: هذا منكر وأراه بَرْوقٌ فغُيِّر.
قرف: القِرْف: لِحاء الشجر، واحدته قِرْفةٌ، وجمع القِرْف قُروفٌ.
والقُرافة: كالقِرْف. والقِرْف: القِشْر. والقِرْفة: القِشرة. والقِرفة:
الطائفة من القِرْف، وكل قشر قِرف، بالكسر، ومنه قِرْف الرُّمَّانة وقِرف
الخُبْز الذي يُقْشَر ويبقى في التَّنُّور. وقولهم: تَرَكْتُه على مِثل
مَقرِف الصَّمْغة وهو موضع القِرْف أَي مَقْشِر الصمغة، وهو شبيه بقولهم
تَرَكْتُه على مِثل ليلة الصَّدَر. ويقال: صَبَغ ثوبه بقِرْفِ السِّدْر أَي
بقِشره؛ وقِرفُ كل شجرة: قِشرها. والقِرْفة: دواء معروف. ابن سيده:
والقِرْف قِشْر شجرة طيبة الريح يوضع في الدواء والطعام، غَلَبَتْ هذه الصفة
عليها غَلَبة الأَسماء لشرفها. والقِرْف من الخُبْز: ما يُقْشر منه.
وقَرَفَ الشجرة يقرِفُها قَرْفاً: نَحَتَ قِرْفَها، وكذلك قَرَف
القَرْحة فَتَقَرَّفَتْ أَي قَشَرَها، وذلك إذا يبِسَتْ؛ قال عنترة:
عُلالَتُنا في كل يومِ كريهةٍ
بأَسْيافِنا، والقَرْحُ لم يَتَقَرَّفِ
أَي لم يعله ذلك؛ وأَنشد الجوهري عجز هذا البيت:
والجُرْحُ لم يَتَقَرَّف
والصحيح ما أَوردناه. وفي حديث الخوارج: إذا رأَيتموهم فاقْرِفوهم
واقتلوهم؛ هو من قَرَفْتُ الشجرة إذا قَشَرْتَ لحاءها. وقَرَفتُ جلد الرجل إذا
اقْتَلَعْته، أَراد استأْصلوهم. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: قال له
رجل من البادية: متى تَحِلُّ لنا المَيْتة؟ قال: إذا وجَدْتَ قِرْف الأَرض
فلا تَقْرَبْها؛ أَراد ما تَقْتَرِف من بَقْل الأَرض وعُروقه أَي
تَقْتَلِع، وأَصلها أَخذ القشر منه. وفي حديث ابن الزبير: ما على أَحدكم إذا
أَتى المسجدَ أَن يُخرج قِرْفَةَ أَنفه أَي قِشْرَته، يريد المُخاط اليابس
الذي لَزِق به أَي يُنَقّي أَنفه منه. وتقرفت القَرْحة أَي تقشَّرَت. ابن
السكيت: القَرْف مصدر قَرَفْتُ القَرْحة أَقرِفُها قَرْفاً إذا
نَكَأْتَها. ويقال للجُرح إذا تَقَشَّر: قد تَقَرَّف، واسم الجِلْدة القِرْفة.
والقَرْف: الأَديم الأَــحمر كأنه قُرِفَ أَي قُشِرَ فبَدتْ حُمْرَــتُه، والعرب
تقول: أَــحمر كالقَرْف؛ قال:
أَــحْمر كالقَرْف وأَحْوى أَدْعَج
وأَــحمر قَرِفٌ: شديد الــحمرة. وفي حديث عبد الملك: أَراك أَــحمَرَ
قَرِفاً؛ القَرِف، بكسر الراء: الشديد الــحمرة كأَنه قُرِف أَي قُشِر. وقَرَف
السِّدْرَ: قَشَرَهُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
اقْتَرِبوا قِرْفَ القِمَعْ
يعني بالقِمَع قِمَع الوَطْب الذي يُصَب فيه اللبن، وقِرْفُه ما يَلْزَق
به من وسَخ اللبن، فأَراد أَنّ هؤلاء المخاطبين أَوساخ ونصبه على النداء
أَي يا قِرْفَ القِمَع.
وقَرف الذَّنْبَ وغيره يَقْرِفُه قَرْفاً واقْتَرَفَه: اكتَسبه.
والاقتراف: الاكتساب. اقترف أَي اكتَسب، واقْتَرَفَ ذنباً أَي أَتاه وفَعَلَه.
وفي الحديث: رجل قَرَف على نفسه ذنُوباً أَي كَسَبَها. ويقال: قَرَفَ
الذنبَ واقْتَرَفه إذا عمله. وقارَفَ الذنبَ وغيرَه: داناهُ ولاصَقَهُ.
وقَرفَه بكذا أَي أَضافه إليه واتَّهَمه به. وفي التنزيل العزيز:
وَليَقْتَرِفُوا ما هُم مُقْتَرِفون. واقْتَرَفَ المالَ: اقْتَناه. والقِرْفة:
الكَسْب. وفلان يَقْرِف لعياله أَي يَكْسِب. وبَعير مُقْتَرَفٌ: وهو الذي
اشْتُرِيَ حَديثاً. وإبل مُقتَرَفَة ومُقْرَفةٌ: مُسْتَجَدَّة. وقَرَفْتُ
الرجل أَي عِبْتُه. ويقال: هو يُقْرَفُ بكذا أَي يُرْمى به ويُتَّهم، فهو
مَقْروفٌ. وقَرَفَ الرجلَ بسوء: رماه، وقَرَفْته بالشيء فاقْتَرَفَ به. ابن
السكيت: قَرْفتُ الرجلَ بالذنب قَرْفاً إذا رَمَيْتَه. الأَصمعي: قَرَف
عليه فهو يَقْرِف قَرْفاً إذا بَغى عليه. وقَرَفَ فلانٌ فلاناً إذا وَقَع
فيه، وأَصل القَرْف القَشْر. وقَرَف عليه قَرْفاً: كَذَبَ. وقَرَفَه
بالشيء: اتّهمه. والقِرْفة: التُّهَمَة. وفلان قِرْفتي أَي تُهَمَتي، أَو هو
الذي أَتَّهِمُه. وبنو فلان قِرْفَتي أَي الذين عندهم أَظُنّ طَلِبَتي.
ويقال: سَلْ بَني فلان عن ناقتك فإنهم قِرْفةٌ أَي تَجِدُ خَبَرَها عندهم.
ويقال أَيضاً: هو قَرَفٌ من ثَوْبي للذي تَتَّهِمُه. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان لا يأْخذ بالقَرَف أَي التهمة، والجمع
القِراف. وفي حديث علي، كرم اللّه وجهه: أَوَلَمْ يَنْهَ أُمَيَّةَ عِلمُها
بي عن قِرافي أَي عن تُهَمَتي بالمشاركة في دم عثمان، رضي اللّه عنه، وهو
قَرَفٌ أَن يَفْعل وقَرِفٌ أَي خَلِيق، ولا يقال: ما أَقْرَفَه ولا
أَقْرِفْ به، وأَجازهما ابن الأعرابي على مثل هذا . ورجل قَرَفٌ من كذا
وقَرَفٌ بكذا أَي قَمِن؛ قال:
والمرءُ ما دامَتْ حُشاشَتُه،
قَرَفٌ من الحِدْثانِ والأَلَمِ
والتثنية والجمع كالواحد. قال أَبو الحسن: ولا يقال قَرِفٌ ولا قَريفٌ.
وقَرَفَ الشيءَ: خَلَطَهُ. والمُقارَفةُ والقِرافُ: المخالَطة، والاسم
القَرَف. وقارفَ فلانٌ الخطيئة أَي خالطها. وقارف الشيءَ: دَاناه؛ ولا تكون
المقارفة إلا في الأَشياء الدنيّة؛ قال طرفة:
وقِرافُ من لا يَسْتَفِيقُ دَعارَةً
يُعْدي، كما يُعْدي الصحيحَ الأَجْرَبُ
وقال النابغة:
وقارَفَتْ، وهْيَ لم تَجْرَبْ، وباعَ لها
من الفَصافِصِ بالنُّمِّيِّ سِفْسِيرُ
أَي قارَبَتْ أَنْ تَجْرَب. وفي حديث الإفك: إنْ كُنْتِ قارَفْتِ ذنباً
فتوبي إلى اللّه، وهذا راجع إلى المُقاربة والمُداناة. وقارَفَ الجَرَبُ
البعيرَ قِرافاً: داناه شيء منه. والقَرَفُ: العَدْوى. وأَقْرَفَ
الجَرَبُ الصِّحاحَ: أَعْداها. والقَرَف: مُقارَفَة الوَباء. أَبو عمرو: القَرَف
الوَباء، يقال: احذَر القَرَفَ في غنمك. وقد اقْتَرَفَ فلان من مرض آل
فلان، وقد أَقْرَفُوه إقْرافاً: وهو أَن يأْتيهم وهم مَرْضَى فيُصيبَه
ذلك. وقارف فلان الغنم: رعى بالأَرض الوبيئة. والقَرَف، بالتحريك: مداناة
المرض. يقال: أَخْشى عليك القَرَف من ذلك، وقد قرِف، بالكسر. وفي الحديث:
أَن قوماً شكَوْا إلى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، وَباء أَرضهم،
فقال، صلى اللّه عليه وسلم: تَحوَّلوا فإن من القَرَف التَّلَفَ. قال ابن
الأَثير: القَرَف ملابسة الداء ومداناة المرض، والتَّلَف الهلاك؛ قال: وليس
هذا من باب العَدْوى وإنما هو من باب الطِّبِّ، فإن استصلاح الهواء من
أَعون الأَشياء على صحة الأَبدان، وفساد الهواء من أَسرع الأَشْياء إلى
الأَسقام. والقِرْفة: الهُجْنة. والمُقْرِفُ: الذي دانى الهُجْنة من الفرس
وغيره الذي أُمه عربية وأَبوه ليس كذلك لأَن الإقْراف إنما هو من قِبَل
الفَحْل، والهُجْنَة من قِبَل الأُم. وفي الحديث: أَنه رَكِبَ فرساً لأَبي
طلحة مُقْرِفاً؛ المُقْرِفُ من الخيل الهَجين وهو الذي أُمه بِرْذَوْنةٌ
وأَبوه عَربي، وقيل بالعكْس، وقيل: هو الذي دانى الهجنة من قِبَل أَبيه،
وقيل: هو الذي دانى الهجنة وقارَبَها؛ ومنه حديث عمر، رضي اللّه عنه:
كتَبَ إلى أَبي موسى في البَراذين: ما قارَفَ العِتاق منها فاجعل له سهماً
واحداً، أَي قارَبَها وداناها. وأَقْرَفَ الرجلُ وغيره: دَنا من
الهُجْنَة. والمُقْرِف أَيضاً: النَّذْل؛ وعليه وُجّه قوله:
فإن يَكُ إقْرافٌ فَمِنْ قِبَلِ الفَحْلِ
وقالوا: ما أَبْصَرَتْ عَيْني ولا أَقْرَفَتْ يدي أَي ما دنَتْ منه، ولا
أَقْرَفْتُ لذلك أَي ما دانيتُه ولا خالطت أَهله. وأَقْرَفَ له أَي
داناه؛ قال ابن بري: شاهده قول ذي الرمة:
نَتوج، ولم تُقْرِفْ لِما يُمْتَنى له،
إذا نُتِجَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَليلُها
لم تُقْرِفْ: لم تُدانِ ماله مُنْية. والمُنْية: انتِظار لَقْح الناقة
من سبعة أَيام إلى خمْسة عَشَر يوماً. ويقال: ما أَقْرَفَتْ يدي شيئاً مما
تَكرَه أَي ما دانَت وما قارَفَتْ. ووَجْه مُقْرِفٌ: غيرُ حَسَن؛ قال ذو
الرمة:
تُريكَ سُنَّةَ وَجْهٍ غيرَ مُقْرِفةٍ،
مَلْساءَ، ليس بها خالٌ ولا نَدَبُ
والمُقارفة والقِراف: الجماع. وقارَف امرأَته: جامعها. ومنه حديث عائشة،
رضي اللّه عنها: إنْ كان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لَيُصْبِح جُنُباً
من قِرافٍ غير احتلام ثم يصومُ، أَي من جماع. وفي الحديث في دَفْن أُم
كُلثوم: من كان منكم لم يُقارِف أَهله الليلة فليَدْخُل قبرَها. وفي حديث
عبد اللّه بن حُذافة: قالت له أُمه: أَمِنْتَ أَن تكون أُمُّك قارَفَتْ
بعض ما يقارِف أَهلُ الجاهلية، أَرادت الزنا. وفي حديث عائشة: جاء رجل إلى
رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فقال: إني رجل مِقْرافٌ للذنوب أَي
كثير المباشرة لها، ومِفْعالٌ من أَبنية المبالغة. والقَرْف: وِعاء من
أَدَمٍ، وقيل: يُدبَغُ بالقِرفة أَي بقُشور الرمان ويُتَّخذ فيه الخَلْع. وهو
لحم يُتَّخذ بتوابِلَ فيُفْرَغُ فيه، وجمعه قُرُوف؛ قال مُعقِّر بن
حِمار البارِقيّ:
وذُبْيانيَّة وصَّت بنيها:
بأَنْ كذَبَ القَراطِفُ والقُرُوفُ
أَي عليكم بالقَراطِف والقُروف فاغْنموها. وفي التهذيب: القَرْف شيء من
جُلود يُعمل فيه الخَلْع، والخَلع: أَن يُؤخذ لحمُ الجَزُور ويُطبَخَ
بشحمه ثم تُجعل فيه توابلُ ثم تُفْرغ في هذا الجلد. وقال أَبو سعيد في قوله
كذَب القراطف والقروف قال: القَرْف الأَديم، وجمعه قُروفٌ. أَبو عمرو:
القُروف الأَدَم الــحُمر، الواحد قَرْف. قال: والقُروف والظُّروف بمعنًى
واحد. وفي الحديث: لكل عَشْر من السرايا ما يَحْمِل القِرافُ من التَّمْر؛
القِراف: جمع قَرْف، بفتح القاف، وهو وِعاء من جلد يُدْبَغ بالقِرْفة، وهي
قشور الرُّمان. وقِرْفةُ: اسم رجل؛ قال:
أَلا أَبْلِغْ لديك بني سُوَيدٍ،
وقِرْفةً، حين مالَ به الولاءُ
وقولهم في المثل: أَمْنَعُ من أُم قِرْفة؛ هي اسم امرأَة. التهذيب: وفي
الحديث أَن جاريتين كانتا تُغَنِّيان بما تقارَفَتْ به الأَنصارُ يوم
بُعاثٍ؛ هكذا رُوي في بعض طرقه.
كلف: الكلَف: شيء يعلو الوجه كالسِّمسم. كَلِفَ وجهُه يَكْلَفُ كلَفاً،
وهو أَكلف: تغيَّر. والكلَف والكُلْفَةُ: حُمْرة كَدرة تعلو الوجه، وقيل:
لون بين السواد والــحمرة، وقيل: هو سواد يكون في الوجه، وقد كَلِفَ.
وبعير أَكلَف وناقة كلْفاء وبه كُلْفة، كلُّ هذا في الوجه خاصة، وهو لون يعلو
الجلد فيغير بشرته. وثور أَكلف وخدّ أَكلَفُ: أَسفَع؛ قال العجاج يصف
الثور:
عن حَرْفِ خَيْشومٍ وخَدٍّ أَكْلَفا
ويقال للبَهَق الكَلَف. والبعير الأَكلف: يكون في خديه سواد خَفيّ.
الأَصمعي: إذا كان البعير شديد الــحمرة يخلِط حُمرته سواد ليس بخالص فتلك
الكلفة. ويقال: كُمَيْت أَكلف للذي كلِفَت حُمرته فلم تَصْفُ ويرى في أَطراف
شعره سواد إلى الاحتراق ما هو. والكَلْفاء: الخمر التي تشتد حُمرتها حتى
تضرب إلى السواد. شمر وغيره: من أَسماء الخمر الكَلْفاء والعَذْراء.
وكَلِف بالشيء كلَفاً وكُلْفة، فهو كلِفٌ ومُكلَّف: لهِج به. أَبو زيد:
كَلِفْت منك أَمْراً كلَفاً. وكلِفَ بها أَشْد الكَلَفِ أَي أَحَبَّها.
ورجل مِكْلاف: مُحِبّ للنساء.
والمُكلَّف والمُتكلِّف: الوقّاعُ فيما لا يَعْنيه. والمُتكلِّف:
العِرِّيض لما لا يعنيه. الليث: يقال كلِفْت هذا الأَمْر وتكلَّفْتُه.
والكُلْفةُ: ما تكلَّفْت من أَمر في نائبة أَو حق. ويقال: كلِفْتُ بهذا الأَمر
أَي أُولِعْتُ به. وفي الحديث: اكلَفُوا من العمل ما تُطيقون، هو من
كَلِفْت بالأَمر إذا أُولِعْت به وأَحْبَبْته. وفي الحديث: عثمان كَلِفٌ
بأَقاربه أَي شديدُ الحبّ لهم. والكلَف: الوُلوع بالشيء مع شغل قلب ومَشقة.
وكلَّفه تكليفاً أَي أَمره بما يشق عليه. وتكلَّفت الشيء: تجشَّمْته على
مشقَّة وعلى خلاف عادتك. وفي الحديث أَراك كلِفْت بعلم القرآن، وكلِفْته إذا
تحمَّلته. ويقال: فلان يتكلف لإخوانه الكُلَف والتكاليف. ويقال: حَمَلْت
الشيء تَكْلِفة إذا لم تُطقه إلا تكلُّفاً، وهو تَفْعِلةٌ. وفي الحديث:
أَنا وأُمتي بُراءٌ من التكلُّف. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: نُهِينا
عن التكلُّف؛ أَراد كثرة السؤال والبحثَ عن الأَشياء الغامضة التي لا يجب
البحث عنها والأَخذَ بظاهر الشريعة وقبولَ ما أَتت به. ابن سيده: كَلِفَ
الأَمرَ وكلفَه تجشَّمه
(* قوله «وكلفه تجشمه» كذا بالأصل مخففاً، ولعله
كلف الأمر وتكلفه تجشمه كما يرشد إليه الشاهد بعد.) على مشقَّة وعُسْرة؛
قال أَبو كبير:
أَزُهَيْرُ، هل عن شَيْبةٍ من مَصْرِفِ،
أَم لا خُلودَ لِباذِلٍ مُتَكَلِّفِ؟
وهي الكُلَف والتكالِف، واحدتها تَكلِفة؛ وقوله:
وهُنَّ يَطْوِينَ على التكالِف
بالسَّوْمِ، أَحياناً، وبالتقاذُف
قال ابن سيده: يجوز أَن يكون من الجمع الذي لا واحد له، ويجوز أَن يكون
جمع تَكْلفة؛ ورواه ابن جني:
وهن يطوين على التكالُف
جاء به في السناد لأَن قبل هذا:
إذا احتسى، يومَ هَجِيرٍ هائف،
غُرورَ عِيدِيَّاتِها الخَوانِف
قال ابن سيده: ولم أَرَ أَحداً رواه التكالُف، بضم اللام، إلا ابن جني.
والكُلافيّ: ضرب من العنب أَبيض فيه خُضرة وإذا زُبِّب جاء زبيبه أَكلف
ولذلك سمي الكُلافي، وقيل: هو منسوب إلى كُلاف، بلد في شق اليمن معروف.
وذو كُلافٍ وكُلْفى: موضعان. التهذيب: وذو كُلاف اسم واد في شعر ابن
مقبل.
جور: الجَوْرُ: نقيضُ العَدْلِ، جارَ يَجُورُ جَوْراً. وقوم جَوَرَةٌ
وجارَةٌ أَي ظَلَمَةٌ. والجَوْرْ: ضِدُّ القصدِ. والجَوْرُ: تركُ القصدِ
في السير، والفعل جارَ يَجُورُ، وكل ما مال، فقد جارَ. وجارَ عن الطريق:
عَدَلَ. والجَوْرُ: المَيْلُ عن القصدِ. وجار عليه في الحكم وجَوَّرَهُ
تَجْويراً: نسَبه إِلى الجَوْرِ؛ قول أَبي ذؤيب:
(* قوله: «وقول أَبي ذؤيب»
نقل المؤلف في مادة س ي ر عن ابن بري أَنه لخالد ابن أُخت أَبي ذؤيب).
فإِنَّ التي فينا زَعَمْتَ ومِثْلَها
لَفِيكَ، ولكِنِّي أَراكَ تَجُورُها
إِنما أَراد: تَجُورُ عنها فحذف وعدَّى، وأَجارَ غيرَهُ؛ قال عمرو بن
عَجْلان:
وقُولا لها: ليس الطَّريقُ أَجارَنا،
ولكِنَّنا جُرْنا لِنَلْقاكُمُ عَمْدا
وطَريقٌ جَوْرٌ: جائر، وصف بالمصدر. وفي حديث ميقات الحج: وهو جَوْرٌ عن
طريقنا؛ أَي مائل عنه ليس على جادَّته، من جارَ يَجُورُ إِذا مال وضل؛
ومنه الحديث: حتى يسير الراكبُ بينَ النّطْفَتَيْنِ لا يخشى إِلاّ
جَوْراً؛ أَي ضلالاً عن الطريق؛ قال ابن الأَثير: هكذا روى الأَزهري، وشرح: وفي
رواية لا يَخْشَى جَوْراً، بحذف إِلاَّ، فإِن صح فيكون الجور بمعنى
الظلم. وقوله تعالى: ومنها جائر؛ فسره ثعلب فقال: يعني اليهود والنصارى.
والجِوارُ: المُجاوَرَةُ والجارُ الذي يُجاوِرُك وجاوَرَ الرجلَ
مُجاوَرَةً وجِواراً وجُواراً، والكسر أَفصح: ساكَنَهُ. وإِنه لحسَنُ الجِيرَةِ:
لحالٍ من الجِوار وضَرْب منه. وجاوَرَ بني فلان وفيهم مُجاوَرَةً
وجِواراً: تَحَرَّمَ بِجِوارِهم، وهو من ذلك، والاسم الجِوارُ والجُوارُ. وفي
حديث أُم زَرْع: مِلْءُ كِسائها وغَيظُ جارَتها؛ الجارة: الضَّرَّةُ من
المُجاورة بينهما أَي أَنها تَرَى حُسْنَها فَتَغِيظُها بذلك. ومنه الحديث:
كنتُ بينَ جارَتَيْنِ لي؛ أَي امرأَتين ضَرَّتَيْنِ. وحديث عمر قال
لحفصة: لا يَغُركِ أَن كانت جارَتُك هي أَوْسَم وأَحَبّ إِلى رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، منك؛ يعني عائشة؛ واذهب في جُوارِ الله. وجارُكَ: الذي
يُجاوِرُك، والجَمع أَجْوارٌ وجِيرَةٌ وجِيرانٌ، ولا نظير له إِلاَّ قاعٌ
وأَقْواعٌ وقِيعانٌ وقِيعَةٌ؛ وأَنشد:
ورَسْمِ دَارٍ دَارِس الأَجْوارِ
وتَجاوَرُوا واجْتَوَرُوا بمعنى واحد: جاوَرَ بعضهم بعضاً؛ أَصَحُّوا
اجْتَوَرُوا إِذا كانت في معنى تَجاوَرُوا، فجعلوا ترك الإِعلال دليلاً على
أَنه في معنى ما لا بد من صحته وهو تَجاوَرُوا. قال سيبويه: اجْتَوَرُوا
تَجاوُراً وتَجاوَرُوا اجْتِواراً، وضعوا كل واحد من المصدرين موضع
صاحبه، لتساوي الفعلين في المعنى وكثرة دخول كل واحد من البناءين على صاحبه؛
قال الجوهري: إِنما صحت الواو في اجْتَوَرُوا لأَنه في معنى ما لا بدّ له
أَن يخرّج على الأَصل لسكون ما قبله، وهو تَجَاوَرُوا، فبني عليه، ولو
لم يكن معناهما واحداً لاعتلت؛ وقد جاء: اجْتَارُوا مُعَلاًّ؛ قال مُليح
الهُذلي:
كدَلَخِ الشَّرَبِ المُجْتارِ زَيَّنَهُ
حَمْلُ عَثَاكِيلَ، فَهْوَ الواثِنُ الرَّكِدُ
(* قوله: «كدلخ إلخ» كذا في الأَصل).
التهذيب: عن ابن الأَعرابي: الجارُ الذي يُجاوِرُك بَيْتَ بَيْتَ.
والجارُ النِّقِّيح: هو الغريب. والجار: الشَّرِيكُ في العَقار. والجارُ:
المُقاسِمُ. والجار: الحليف. والجار: الناصر. والجار: الشريك في التجارة،
فَوْضَى كانت الشركة أَو عِناناً. والجارة: امرأَة الرجل، وهو جارُها.
والجَارُ: فَرْجُ المرأَة. والجارَةُ: الطِّبِّيجَةُ، وهي الاست. والجارُ: ما
قَرُبَ من المنازل من الساحل. والجارُ: الصِّنَارَةُ السَّيِّءُ
الجِوارِ. والجارُ: الدَّمِثُ الحَسَنُ الجِوارِ. والجارُ: اليَرْبُوعِيُّ.
والجار: المنافق. والجَار: البَراقِشِيُّ المُتَلَوِّنُ في أَفعاله. والجارُ:
الحَسْدَلِيُّ الذي عينه تراك وقلبه يرعاك. قال الأَزهري: لما كان الجار
في كلام العرب محتملاً لجميع المعاني التي ذكرها ابن الأَعرابي لم يجز
أَن يفسر قول النبي، صلى الله عليه وسلم: الجارُ أَحَقُّ بصَقَبِه، أَنه
الجار الملاصق إِلاَّ بدلالة تدل عليه، فوجب طلب الدلالة على ما أُريد به،
فقامت الدلالة في سُنَنٍ أُخرى مفسرة أَن المراد بالجار الشريك الذي لم
يقاسم، ولا يجوز أَن يجعل المقاسم مثل الشريك. وقوله عز وجل: والجارِ ذي
القُرْبَى والجارِ الجُنُبِ؛ فالجار ذو القربى هو نسيبك النازل معك في
الحِواءِ ويكون نازلاً في بلدة وأَنت في أُخْرَى فله حُرَمَةُ جِوارِ
القرابة، والجار الجنب أَن لا يكون له مناسباً فيجيء إِليه ويسأَله أَن يجيره
أَي يمنعه فينزل معه، فهذا الجار الجنب له حرمة نزوله في جواره ومَنَعَتِه
ورُكونه إِلى أَمانه وعهده. والمرأَةُ جارَةُ زوجها لأَنه مُؤْتَمَرٌ
عليها، وأُمرنا أَن نحسن إِليها وأَن لا نعتدي عليها لأَنها تمسكت بعَقْدِ
حُرْمَةِ الصِّهْرِ، وصار زوجها جارها لأَنه يجيرها ويمنعها ولا يعتدي
عليها؛ وقد سمي الأَعشى في الجاهلية امرأَته جارة فقال:
أَيا جارَتَا بِينِي فإِنَّكِ طالِقَهْ
ومَوْمُوقَةٌ، ما دُمْتِ فينا، ووَامِقَهْ
وهذا البيت ذكره الجوهري، وصدره:
أَجارَتَنَا بيني فإِنك طالقه
قال ابن بري: المشهور في الرواية:
أَيا جارتا بيني فإِنك طالقه،
كذَاكِ أُمُورُ النَّاسِ: عادٍ وطارِقَهْ
ابن سيده: وجارة الرجل امرأَته، وقيل: هواه؛ وقال الأَعشى:
يا جَارَتَا ما أَنْتِ جَارَهْ،
بانَتْ لِتَحْزُنَنا عَفَارَهْ
وجَاوَرْتُ في بَني هِلالٍ إِذا جاورتهم. وأَجارَ الرجلَ إِجَارَةً
وجَارَةً؛ الأَخيرة عن كراع: خَفَرَهُ. واسْتَجَارَهُ: سأَله أَن يُجِيرَهُ.
وفي التنزيل العزيز: وإِنْ أَحَدٌ من المشركين استجارك فأَجِرُهُ حتى
يعسْمَعَ كلامَ الله؛ قال الزجاج: المعنى إِن طلب منك أَحد من أَهل الحرب
أَن تجيره من القتل إِلى أَن يسمع كلام الله فأَجره أَي أَمّنه، وعرّفه ما
يجب عليه أَن يعرفه من أَمر الله تعالى الذي يتبين به الإِسلام، ثم
أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ لئلا يصاب بسوء قبل انتهاه إِلى مأْمنه. ويقال للذي
يستجير بك: جارٌ، وللذي يُجِيرُ: جَارٌ. والجار: الذي أَجرته من أَن يظلمه
ظالم؛ قال الهذلي:
وكُنْتُ، إِذا جَارِي دَعَا لِمَضُوفَةٍ،
أُشَمِّرُ حَتَّى يُنْصِفَ السَّاقَ مِئْزَرِي
وجارُك: المستجيرُ بك. وهم جارَةٌ من ذلك الأَمر؛ حكاه ثعلب، أَي
مُجِيرُونَ؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف ذلك، إِلاَّ أَن يكون على توهم طرح
الزائد حتى يكون الواحد كأَنه جائر ثم يكسر على فَعَلةٍ، وإِلاَّ فَلا وجه
له. أَبو الهيثم: الجارُ والمُجِيرُ والمُعِيذُ واحدٌ. ومن عاذ بالله أَي
استجار به أَجاره الله، ومن أَجاره الله لم يُوصَلْ إِليه، وهو سبحانه
وتعالى يُجِيرُ ولا يُجَارُ عليه أَي يعيذ. وقال الله تعالى لنبيه: قل
لَنْ يُجِيرَني من الله أَحدٌ؛ أَي لن يمنعنى من الله أَحد. والجارُ
والمُجِيرُ: هو الذي يمنعك ويُجْيرُك. واستْجَارَهُ من فلان فَأَجَارَهُ منه.
وأَجارَهُ الله من العذاب: أَنقذه. وفي الحديث: ويُجِيرُ عليهم أَدناهم؛
أَي إِذا أَجار واحدٌ من المسلمين حرّ أَو عبد أَو امرأَة واحداً أَو جماعة
من الكفار وخَفَرَهُمْ وأَمنَّهم، جاز ذلك على جميع المسلمين لا
يُنْقَضُ عليه جِوارُه وأَمانُه؛ ومنه حديث الدعاء: كما تُجِيرُ بين البحور؛ أَي
تفصل بينها وتمنع أَحدها من الاختلاط بالآخر والبغي عليه. وفي حديث
القسامة: أُحب أَن تُجِيرَ ابْنِي هذا برجل من الخمسين أَي تؤمنه منها ولا
تستحلفه وتحول بينه وبينها، وبعضهم يرويه بالزاي، أَي تأْذن له في ترك
اليمين وتجيزه. التهذيب: وأَما قوله عز وجل: وإِذْ زَيَّنَ لهم الشيطانُ
أَعْمَالَهُمْ وقال لا غالَب لَكُم اليومَ من الناسِ وإِني جَارٌ لكم؛ قال
الفرّاء: هذا إِبليس تمثل في صورة رجل من بني كنانة؛ قال وقوله: إِني جار
لكم؛ يريد أَجِيركُمْ أَي إِنِّي مُجِيركم ومُعيذُكم من قومي بني كنانة
فلا يَعْرِضُون لكم، وأَن يكونوا معكم على محمد، صلى الله عليه وسلم، فلما
عاين إِبليس الملائكة عَرَفَهُمْ فَنَكَصَ هارباً، فقال له الحرثُ بن
هشام: أَفراراً من غير قتال؟ فقال: إِني بريء منكم إِني أَرَى ما لا
تَرَوْنَ إِني أَخافُ الله واللهُ شديدُ العقاب. قال: وكان سيد العشيرة إِذا
أَجار عليها إِنساناً لم يخْفِرُوه. وجِوارُ الدارِ: طَوَارُها. وجَوَّرَ
البناءَ والخِبَاءَ وغيرهما: صَرَعَهُ وقَلَبهَ؛ قال عُرْوَةُ بْنُ
الوَرْدِ:
قَلِيلُ التِماسِ الزَّادِ إِلا لِنَفْسِهِ،
إِذا هُوَ أَضْحَى كالعَرِيشِ المُجَوَّرِ
وتَجَوَّرَ هُوَ: تَهَدَّمَ. وضَرَبَهُ ضربةً تَجَوَّرَ منها أَي
سَقَطَ. وتَجَوَّرَ على فِرَاشه: اضطجع. وضربه فجوّره أَي صَرَعَهُ مثل
كَوَّرَهُ فَتَجَوَّرَ؛ وقال رجل من رَبِيعةِ الجُوعِ:
فَقَلَّما طَارَدَ حَتَّى أَغْدَرَا،
وَسْطَ الغُبارِ، خَرِباً مُجَوَّرَا
وقول الأَعلم الهذلي يصف رَحِمَ امرأَةٍ هجاها:
مُتَغَضِّفٌ كالجَفْرِ باكَرَهُ
وِرْدُ الجَميعِ بِجائرٍ ضَخْمِ
قال السُّكَّريُّ: عنى بالجائر العظيم من الدلاء.
والجَوَارُ: الماءُ الكثير؛ قال القطامي يصف سفينة نوح، على نبينا وعليه
الصلاة والسلام:
وَلَوْلاَ اللهُ جَارَ بها الجَوَارُ
أَي الماء الكثير. وغَيْثٌ جِوَرٌّ: غَزِيرٌ كثير المطر، مأْخوذ من هذا،
ورواه الأَصمعي: جُؤَرٌّ له صَوْتٌ؛ قال:
لا تَسْقِهِ صَيَّبَ عَزَّافٍ جُؤَرّ
ويروى غَرَّافٍ. الجوهري: وغَيْثٌ جِوَرٌّ مثال هِجَفٍّ أَي شديد صوت
الرعد، وبازِلٌ جِوَرٌّ؛ قال الراجز:
زَوْجُكِ يا ذاتَ الثَّنَايا الغُرِّ،
أَعْيَا قَنُطْنَاهُ مَنَاطَ الجَرِّ
دُوَيْنَ عِكْمَيْ بازِلٍ جِوَرِّ،
ثم شَدَدْنا فَوْقَهُ بِمَرِّ
والجِوَرُّ: الصُّلْبُ الشديد. وبعير جِوَرٌّ أَي ضخم؛ وأَنشد:
بَيْنَ خِشَاشَيْ بازِلٍ جِوَرِّ
والجَوَّارُ: الأَكَّارُ: التهذيب: الجَوَّارُ الذي يعمل لك في كرم أَو
بستان أَكَّاراً.
والمُجَاوَرَةُ: الاعتكاف في المسجد. وفي الحديث: أَنه كان يُجَاوِرُ
بِحِراءٍ، وكان يجاور في العشر الأَواخر من رمضان أَي يعتكف. وفي حديث
عطاء: وسئل عن المُجَاوِرِ يذهب للخلاء يعني المعتكف. فأَما المُجاوَرَةُ
بمكة والمدينة فيراد بها المُقَامُ مطلقاً غير ملتزم بشرائط الاعتكاف
الشرع.والإِجارَةُ، في قول الخليل: أَن تكون القافية طاء والأُخرى دالاً ونحو
ذلك، وغيره يسميه الإِكْفاءَ. وفي المصنف: الإِجازة، بالزاي، وقد ذكر في
أَجز. ابن الأَعرابي: جُرْجُرْ إِذا أَمرته بالاستعداد للعدوّ. والجارُ:
موضع بساحل عُمانَ. وفي الحديث ذِكْرُ الجارِ، هو بتخفيف الراء، مدينة
على ساحل البحر بينها وبين مدينة الرسول، صلى الله عليه وسلم، يوم وليلة.
وجيرانُ: موضع (قوله: «وجيران موضع» في ياقوب جيران، بفتح الجيم وسكون
الياء: قرية بينها وبين أَصبهان فرسخان؛ وجيران، بكسر الجيم: جزيرة في البحر
بين البصرة وسيراف، وقيل صقع من أَعمال سيراف بينها وبين عمان. اهـ.
باختصار)؛ قال الراعي:
كأَنها ناشِطٌ حُمٌّ قَوائِمُهُ
مِنْ وَحْشِ جِيرانَ، بَينَ القُفِّ والضَّفْرِ
وجُورُ: مدينة، لم تصرف الماكن العجمة. الصحاح: جُورُ اسم بلد يذكر
ويؤنث.
وحر: الوَحَرَةُ: وزَغَة تكون في الصَّحاري أَصغرُ من العِظاءَةِ، وهي
على شكل سامِّ أَبْرَصَ، وفي التهذيب: وهي لف سوامّ أَبرص خلقةً، وجمعها
وَحَرٌ. غيره: والوَحَرَة ضرب من العظاءِ ، وهي صغيرة حمراء تعدو في
الجَبابِينِ لها ذنب دقيق تَمْصَعُ به إِذا عَدَتْ، وهي أَخبث العظاء لا تطأُ
طعاماً ولا شراباً إِلا شمته، ولا يأْكله أَحد إِلاَّ دَقِيَ بطنُه
وأَخذه قَيْءٌ وربما هلك آكله؛ قال الأَزهري: وقد رأَيت الوَحَرَةَ في البادية
وخِلقتها خلقة الوَزَغ إِلا أَنها بيضاء منقطة بــحمرة، وهي قذرة عند
العرب لا تأْكلها. الجوهري: الوحرة، بالتحريك، دويبة حمراء تلتزق بالأَرض
كالعظاء. وفي حديث الملاعنة: إِن جاءَت به أَــحمر قصيراً مثل الوَحَرَةِ فقد
كذب عليها؛ هو بالتحريك ما ذكرناه.
ووَحِرَ الرجلُ وَحَراً: أَكل ما دَبَّتْ عليه الوَحَرَةُ أَو شربه
فأَثر فيه سَمُّها. ولَبَنٌ وَحِرٌ: وقعت فيه الوَحَرَةُ. ولحم وَحِرٌ:
دَبَّ عليه الوَحَرُ. قال أَبو عمرو: الوَحَرَةُ إِذا دبت على اللحم
أَوْحَرَتْه، وإِيحارها إِياه أَن يأْخذَ آكلَه القيءُ والمَشِيُّ. وقال أَعرابي:
من أَكل الوَحَرَة، فأُمّه منتحرة، بغائط ذي جحرة. وامرأَة وَحَرةٌ:
سوداء دَميمة، وقيل حمراء. والوَحَرَةُ من الإِبل: القصيرة. ابن شميل:
الوَحَرُ أَشدّ الغضْب. يقال: إِنه لوَحِرٌ عَليَّ؛ قال ابن أَــحمر:
هل في صُدُورهمُ من ظُلْمنا وَحَرُ؟ الوَحَرُ: الغيظ والحِقْدُ
وبَلابِلُ الصدر ووساوسه،والوَحَرُ في الصدر مثل الغِلّ. وفي الحديث: الصومُ
يَذْهَبُ بوَحَرِ الصُّدور، وهو بالتحريك: غِشُّه ووساوسه، وقيل: الحقد
والغيظ، وقيل: العداوة. وفي الحديث: من سَرَّه أَن يذهب كثيرٌ من وَحَرِ صدرِه
فَلْيَصُمْ شهرَ الصَّبْر وثلاثةَ أَيام من كل شهر؛ قال الكسائي
والأَصمعي في قوله وَحِرَ صدرُه: الوَحَرُ غش الصدر وبلابله. ويقال: إِن أَصل
هذا من الدُّوَيْبَّة التي يقال لها الوَحَرَةُ، شبهت العداوة والغلّ ها،
شبهوا العداوة ولزوقها بالصدر بالتزاق الوَحَرَةِ بالأَرض. وفي صدره
وَحَرٌ ووَحْرٌ أَي وَغْرٌ من غيظ وحقد. وقد وَحِرَ صدره عليّ يَحِرُ وَحَراً،
ويَوْحَرُ أَعلى، أَي وَغِرَ، فهو وَحِرٌ. وفي صدره وَحْرٌ، بالتسكين،
أَي وَغْرٌ، وهو اسم والمصدر بالتحريك.
سمق: السَّمْقُ: سَمْقُ النبات إذا طال، سمَق النبتُ والشجر والنخل
يَسْمُق سَمْقاً وسُموقاً، فهو سامِق وسَمِيقٌ: ارتفع وعلا وطال. ونخلة
سامقة: طويلة جدّاً.
والسَّمِيقان: عُودانِ في النِّير قد لُوقِيَ بين طرفيهما يحيطان بعُنق
الثور كالطوق لُوقِيَ بين طرفيهما تحت غَبْغَب الثَّورْ وأُسِرا بخيط،
والجمع الأَسْمِقة: خشبات يدخلن في الآلة التي يُنْقَل عليها اللِّبِنُ.
والسِّمِقُّ: الطويل من الرجال؛ عن كراع. وكذِبٌ سماقٌ: خالص بَحْت؛ قال
القُلاخ بن حزن:
أَبْعَدَكُنَّ اللهُ مِنْ نِياقِ،
إن لم تُنَجِّينَ من الوِثاقِ،
بأرْبَعٍ من كَذِبٍ سُماقِ
ويقال: أُحِبُّك حُبّاً سماقاً أَي خالصاً، والميم مخففة.
والسمَّاق، بالتشديد: من شجر القِفاف والجبال وله ثمر حامض عناقيدُ فيها
حَبُّ صغار يطبخ؛ حكاه أَبو حنيفة، قال: ولا أَعلمه ينبت بشيء من أَرض
العرب إلا ما كان بالشأم، قال: وهو شديد الــحمرة. التهذيب: وأما الحبَّة
الحامضة التي يقال لها العَبْرَب فهو السُّمّاق، الواحدة سُمّاقة. وقِدر
سُمّاقِيّة وتصغيرها سُمَيْمِقَة وعَبْرَبِيّة وعَرَبْرَبِيّة بمعنى
واحد.