(الْــحصين) أَبُو الْــحصين كنية الثَّعْلَب
(الْــحصين) أَبُو الْــحصين كنية الثَّعْلَب
حصن: حَصُنَ المكانُ يَحْصُنُ حَصانةً، فهو حَصِين: مَنُع، وأَحْصَنَه
صاحبُه وحَصَّنه. والحِصْنُ: كلُّ موضع حَصِين لا يُوصَل إلى ما في
جَوْفِه، والجمع حُصونٌ. وحِصْنٌ حَصِينٌ: من الحَصانة. وحَصَّنْتُ القرية إذا
بنيتَ حولَها، وتَحَصَّنَ العَدُوُّ. وفي حديث الأَشعث: تَحَصَّنَ في
مِحْصَنٍ
(* قوله «في محصن» كذا ضبط في الأصل، وقال شارح القاموس كمنبر،
والذي في بعض نسخ النهاية كمقعد). المِحْصَنُ: القصرُ والحِصْنُ. وتَحَصَّنَ
إذا دخل الحِصْنَ واحْتَمى به. ودرْعٌ حَصِين
وحَصِينــة: مُحْكمَة؛ قال ابن أَحمر:
همُ كانوا اليَدَ اليُمْنى، وكانوا
قِوامَ الظِّهْرِ والدِّرعَ الــحَصِينــا.
ويروى: اليدَ العُلْيا، ويروى: الوُثْقَى؛ قال الأََعشى:
وكلُّ دِلاصٍ، كالأَضاةِ، حَصِينــةٍ،
ترى فَضْلَها عن رَبِّها يَتَذَبْذَبُ
(* قوله «عن ربها» كذا في الأصل،
وفي التهذيب والمحكم عن ريعها). وقال شمر: الــحَصِينــة من الدروع الأَمينة
المُتدانية الحِلَق التي لا يَحِيكُ فيها السِّلاح؛ قال عَنْترة
العَبْسيُّ:
فَلَقَّى أَلَّتي بَدَناً حَصِينــاً،
وعَطْعَطَ ما أَعَدَّ من السِّهام. وقال الله تعالى في قصة داود، على
نبينا وعليه الصلاة والسلام: وعَلَّمْناه صنعةَ لَبُوسٍ لكم لتُحْصِنَكم
مِنْ بأْسِكم؛ قال الفراء: قُرئ لِيُحْصِنَكم ولِتُحْصِنَكم ولنحصنكم، فمن
قرأَ ليُحْصِنكم فالتذكير لِلَّبُوس، ومن قرأَ لتُحْصِنَكم ذهب إلى
الصنعة، وإن شئت جعلته للدرع لأَنها هي اللبوسُ وهي مؤنثة، ومعنى ليُحْصِنَكم
ليمنعكم ويُحْرِزَكم، ومن قرأَ لِنُحْصِنَكم، بالنون، فمعنى لنُحْصِنَكم
نحنُ، الفعلُ لله عز وجل. وامرأَة حَصانٌ، بفتح الحاء: عفيفة بَيِّنة
الحَصانةِ والحُصْنِ ومتزوِّجَةٌ أَيضاً من نسوة حُصُنٍ وحَصاناتٍ، وحاصِنٌ
من نِسْوَةٍ حَواصِنَ وحاصِنات، وقد حَصُنَت تَحْصُنُ حِصْناً وحُصْناً
وحَصْناً إذا عَفَّتْ عن الرِّيبة، فهي حَصانٌ؛ أَنشد ابن بري:
الحُصْنُ أَدْنى، لو تآيَيْتِهِ،
مِنْ حَثْيِكِ التُّرْبَ على الرَّاكِبِ.
وحَصَّنَت المرأَةُ نفسَها وتَحَصَّنَتْ وأَحْصَنَها وحَصَّنها
وأَحْصَنَت نفسها. وفي التنزيل العزيز: والتي أَحْصَنَتْ فَرْجَها. وقال شمر:
امرأَة حَصانٌ وحاصِنٌ وهي العفيفة، وأَنشد:
وحاصِن منْ حاصِنات مُلْسِ
مِنَ الأَذَى، ومن قِرافِ الوَقْسِ.
وفي الصحاح: فهي حاصِنٌ وحَصانٌ وحَصْناء أَيضاً بَيِّنة الحَصانةِ.
والمُحْصَنةُ: التي أَحصنها زوجها، وهن المُحْصَنات، فالمعنى أَنهن
أُحْصِنَّ بأَزْواجِهنَّ. والمُحْصَنات: العَفائِفُ من النساء. وروى الأَزهري عن
ابن الأَعرابي أَنه قال: كلامُ العرب كلُّه على أَفْعَلَ فهو مُفْعِل إلا
ثلاثة أَحرف: أَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ، وأَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ، وأَسْهَبَ
في كلامِهِ فهو مُسْهَب؛ زاد ابن سيده: وأَسْهَمَ فهو مُسْهَم. وفي
الحديث ذِكْرُ الإحْصان والمُحْصَناتِ في غير موضع، وأَصل الإحْصانِ المنعُ،
والمرأَة تكون مُحْصَنة بالإسلام والعَفافِ والحريّة والتزويج. يقال:
أَحْصَنَت المرأَة، فهي مُحْصَنة ومُحْصِنَة، وكذلك الرجل. والمُحْصَنُ،
بالفتح: يكون بمعنى الفاعل والمفعول؛ وفي شعر حسَّان يُثْني على عائشة، رضي
الله عنها:
حَصَانٌ رَازانٌ ما تُزَنُّ بِريبةٍ،
وتُصْبِحُ غَرْثَى من لُحومِ الغَوافِل.
وكلُّ امرأَةٍ عفيفةٍ مُحْصَنةٌ ومُحْصِنَةٌ، وكلُّ امرأَة متزوِّجة
مُحْصَنةٌ، بالفتح لا غير؛ وقال:
أَحْصَنُوا أُمَّهُمُ مِنْ عَبْدِهم،
تلك أَفْعالُ القِزام الوَكَعهْ أَي زَوَّجُوا. والوَكَعة: جمع
أَوْكَعَ. يقال: عبدٌ أَوْكَعُ، وكان قياسُهُ وُكع، فشُبِّه بفاعِل فجُمِع
جَمْعَه، كما قالوا أَعْزَل وعُزَّل كأَنه جمع عازِل؛ وقال أَبو عبيد: أَجمع
القرَّاء على نصب الصاد في الحرف الأََول من النساء، فلم يختلفوا في فتح
هذه لأَن تأْويلها ذوات الأَزواج يُسْبَيْنَ فيُحِلُّهنَّ السِّباء لِمَنْ
وطئِها من المالِكين لها، وتنقطع العِصْمةُ بينهنَّ وبين أَزواجهن بأَن
يَحِضْنَ حيضة ويَطْهُرْنَ منها، فأَما سوى الحرف الأول فالقُرَّاءُ
مختلفون: فمنهم من يكسر الصاد، ومنهم من يفتحها، فمَنْ نَصَبَ ذَهَبَ إلى ذوات
الأَزواج اللاتي قد أَحْصَنَهُنَّ أَزواجُهن، ومَنْ كسَر ذهبَ إلى أَنهن
أَسْلَمْنَ فأَحْصَنْ أَنفسهن فهنَّ مُحْصِنات. قال الفراء:
والمُحْصَنات من النساء، بِنَصْب الصاد، أَكثر في كلام العرب. وأَحْصَنَتْ المرأَةُ:
عَفَّت، وأَحْصَنَها زَوْجُها، فهي مُحْصَنة ومُحْصِنة. ورجل مُحْصَنٌ:
متزوِّج، وقد أَحْصَنَه التزوّجُ. وحكى ابن الأَعرابي: أَحْصَنَ الرجلُ
تزوجَ، فهو مُحصَن، بفتح الصاد فيهما نادر. قال الأَزهري: وأَما قوله
تعالى: فإِذا أُحْصِنَّ فإِن أَتَيْنَ بفاحشةٍ فعليهنَّ نِصْفُ ما على
المُحْصَناتِ من العذاب؛ فإن ابن مسعود قرأَ: فإذا أَحْصَنَّ، وقال: إِحْصانُ
الأَمةِ إسلامُها، وكان ابن عباس يقرؤها: فإِذا أُحْصِنَّ، على ما لم
يسمَّ فاعله، ويفسره: فإِذا أُحْصِنَّ بِزَوْجٍ، وكان لا يرَى على الأَمة
حدّاً ما لم تزوّج، وكان ابن مسعود يرى عليها نِصْفَ حدّ الحرَّة إذا أَسلمت
وإن لم تزوّج، وبقوله يقولُ فقهاء الأَمصار، وهو الصواب. وقرأَ ابن كثير
ونافع وأَبو عمرو وعبد الله بن عامر ويعقوب: فإِذا أُحْصِنّ، بضم
الأَلف، وقرأَ حفص عن عاصم مثلَه، وأَما أَبو بكر عن عاصم فقد فتح الأَلف،
وقرأَ حمزة والكسائي فإِذا أُحْصَنَّ، بفتح الألف، وقالَ شمر: أَصلُ
الحَصانةِ المنعُ، ولذلك قيل: مَدِينةَ حَصينــة ودِرْعٌ حَصِينــة؛ وأَنشد يونس:
زَوْجٌ حصان حُصْنُها لم يُعْقَم.
وقال: حُصْنُها تَــحْصِينُــها نفسَها. وقال الزجاج في قوله تعالى:
مُحْصِنينَ غيرَ مُسافحِين؛ قال: مُتَزَوِّجين غير زُناةٍ، قال: والإحْصانُ
إِحْصانُ الفرج وهو إِعْفافُه؛ ومنه قوله تعالى: أَحْصَنَتْ فَرْجَها؛ أَي
أَعفَّتْه. قال الأَزهري: والأَمة إذا زُوِّجَتْ جازَ أَن يقال قد
أُحْصِنَت لأَن تزويجها قد أَحْصَنَها، وكذلك إذا أُعْتِقَتْ فهي مُحْصَنة، لأَن
عِتْقَها قد أَعَفَّها، وكذلك إذا أَسْلَمت فإِن إسْلامَها إِحْصانٌ لها.
قال سيبويه: وقالوا بناءٌ حَصِينٌ وامرأَة حَصَان، فَرقوا بين البِنَاء
والمرأَةِ حين أَرادُوا أَن يخبروا أَن البناء مُحْرِز لمن لجأَ إليه،
وأَن المرأَة مُحْرِزة لفَرْجها. والحِصَانُ: الفحلُ من الخيل، والجمع
حُصُنٌ. قال ابن جني: قولهم فرَسٌ
حِصانٌ بَيِّنُ التحصُّن هو مُشْتَقٌّ من الحَصانةِ لأَنه مُحْرِز
لفارسه، كما قالوا في الأُنثى حِجْر، وهو من حَجَر عليه أَي منعه. وتَحَصَّنَ
الفَرسُ: صارَ حِصاناً. وقال الأَزهري: تَحَصَّنَ إذا تَكَلَّف ذلك،
وخَيْلُ العرب حُصونها. قال الأَزهري: وهُمْ إلى اليوم يُسَمُّونها حُصوناً
ذُكورَها وإناثَها، وسئل بعض الحُكَّام عن رجلٍ جعل مالاً له في الحُصونِ
فقال: اشْتَرُوا خَيْلاً واحْمِلوا عليها في سبيل الله؛ ذهب إلى قول
الجعفي:
ولقد عَلِمْتُ على تَوَقِّي الرَّدَى
أَن الحُصونَ الخَيْلُ، لا مَدَرُ القُرى.
وقيل: سُمِّيَ الفرسُ حِصاناً لأَنه ضُنَّ بمائه فلم يُنْزَ إلا على
كريمة، ثم كثُر ذلك حتى سَمَّوا كلَّ ذَكَر من الخيل حِصاناً، والعرب تسمي
السِّلاحَ كلَّه حِصْناً؛ وجعل ساعِدةُ الهذليّ النّصالَ أَحْصِنة فقال:
وأَحْصِنةٌ ثُجْرُ الظُّباتِ كأَنَّها،
إذا لم يُغَيِّبْها الجفيرُ، جَحِيمُ.
الثُّجْرُ: العراضُ، ويروى: وأَحصَنه ثجرُ الظبات أَي أَحْرَزَه؛ وقول
زهير:
وما أَدْرِي، وسَوْفَ إِخالُ أَدْرِي،
أَقومٌ آلُ حِصْنٍ أَم نِساءُ
يريد حِصْنَ بنَ حُذَيْفَةَ الفزاريَّ. والحَواصِنُ من النساء:
الحَبالى؛ قال:
تُبِيل الحَواصِنُ أَبْوالَها
والمِحْصَنُ
(* زاد في المحكم: وأحصنت المرأة حملت وكذلك الأتان، قال
رؤبة:
قد أحصنت مثل دعاميص الرفق * أجنة في مستكنات الحلق
عدّاه لما كان معناه حملت، والمحصن القفل إلخ).: القُفْلُ. والمِحْصَنُ
أَيضاً: المِكْتلةُ التي هي الزَّبيلُ، ولا يقال مِحْصَنة. والحِصْنُ:
الهِلالُ. وحُصَيْنٌ: موضع؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَقول، إذا ما أَقلعَ الغَيْثُ عَنْهُمُ:
أَمَا عَيْشُنا يومَ الــحُصَيْن بعائد؟
والثعلبُ يُكْنى أَبا الحِصْنِ. قال الجوهري: وأَبو الــحُصَيْن كنية
الثعلب؛ وأَنشد ابن بري:
لله دَرُّ أَبي الــحُصَيْنِ لقدْ بَدَتْ
منه مَكايِدُ حُوَّلِيٍّ قُلَّبِ.
قال: ويقال له أَبو الهِجْرِس وأَبو الحِنْبِص. والحِصْنانِ: موضعٌ،
النسب إليه حِصْنيٌّ كراهية اجتماع إعرابين، وهو قول سيبويه، وقال بعضهم:
كراهية اجتماع النونين، قال الجوهري: وحِصْنانِ بلد. قال اليَزِيديُّ:
سأَلني والكسائيَّ المهديُّ عن النِّسْبة إلى البحرين وإلى حِصْنَين لِمَ
قالوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانِيٌّ فقال الكسائي: كرهوا أََن يقولوا حِصْنانيٌّ
لاجتماع النونين، وقلتُ أَنا: كرهوا أن يقولوا بَحْرِيٌّ فيُشْبه
النِّسبةَ إلى البَحْر. وبنو حِصْنٍ: حَيٌّ. والحِصْنُ: ثَعْلبة بن عُكابَة
وتَيْم اللاتِ وذُهْل. ومِحْصَن: اسمٌ. ودارةُ مِحْصَن: موضعٌ؛ عن كراع.
وحُصَيْنٌ: أَبو الراعي عُبَيْدُ بنُ حُصَيْنٍ النُّمَيْريّ الشاعر. وقد سمَّت
العربُ حِصْناً وحَصِينــاً.
حرز: الحِرْز: الموضع الــحصين. يقال: هذا حِرْزٌ حَرِيزٌ. والحِرْزُ: ما
أَحْرَزَك من موضع وغيره. تقول: هو في حِرْزٍ لا يُوصَل إِليه. وفي حديث
بأَجوج ومأْجوج: فَحَرِّزْ عبادي إِلى الطُور أَي ضُمَّهم إِليه واجعله
لهم حِرْزاً.
يقال: أَحْرَزْت الشيء أُحْرِزُه إِحْرازاً إِذا حفظته وضممته إِليك
وصُنْتَه عن الأَخذ. وفي حديث الدعاء: اللهم اجعلنا في حِرْزٍ حارِزٍ أَي
كَهْفٍ مَنِيع، وهذا كما يقال: شِعْرٌ شاعِرٌ، فأَجرى اسم الفاعل صفة
للشِّعْر وهو لقائله، والقياس أَن يكون حِرْزاً مُحْرِزاً أَو في حِرْزٍ
حَرِيزٍ لأَنه الفعل منه أَحْرَز، ولكن كذا روي؛ قال ابن الأَثير: ولعله لغة.
ويسمى التّعْويذُ حِرْزاً. واحْتَرَزْتُ من كذا وتَحَرَّزْتُ أَي
تَوَقَّيْتهُ.
وأَحْرَزَ الشيءَ فهو مُحْرَز وحَرِيزٌ: حازَه. والحِرْزُ: ما حِيزَ من
موضع أَو غيره أَو لُجِئَ إِليه، والجمع أَحْراز، وأَحْرَزَني المَكانُ
وحَرَّزَني: أَلْجَأَني؛ قال المتنخل الهذلي:
يا ليتَ شِعْري، وَهَمُّ المَرءِ مُنْصِبُه،
والمَرْءُ ليس له في العَيْشِ تَحْرِيزُ
واحْتَرَزَ منه وتَحَرَّزَ: جعل نفسه في حِرْزٍ منه؛ ومكان مُحْرِزٌ
وحَرِيزٌ، وقد حَرُزَ حَرازَةً وحَرَزاً. وأَحْرَزَت المرأَةُ فرجها:
أَحْصَنَتْه؛ وقوله:
ويْحَكَ يا عَلْقَمَةُ بنَ ماعِزِ
هل لك في اللَّواقِحِ الحَرائِزِ؟
قال ثعلب: اللَّواقِح السِّياط، ولم يفسر الحرائِز إِلا أَن يعني به
المعدودة أَو المُتَفَقَّدة إِذا صنعت ودبغت.
والحَرَز، بالتحريك: الخَطَر، وهو الجَوْز المَحْكوك يلعب به الصبيّ،
والجمع أَحْراز وأَخطار؛ ومن أَمثالهم فيمن طَمِع في الربح حتى فاته رأْس
المال قولهم:
واحَرَزَا وأَبْتَغِي النَّوافِلا
يريد واحَرَزَاهُ، فَحَذف وقد اختلف فيه؛ وفي حديث الصدّيق، رضي الله
عنه: أَنه كان يُوتِرُ من أَوّل الليل ويقول:
وَاحَرَزا وأَبْتَغِي النَّوافلا
ويروى: أَحْرزتُ نَهْبِي وأَبْتَغِي النوافلا؛ يريد أَنه قضى وتره
وأَمِن فَواتَه وأَحْرَز أَجْره، فإِن استيقظ من الليل تَنَفَّل، وإِلا فقد
خرج من عُهْدة الوتر. والحَرَز، بفتح الحاء: المُحْرَز، فَعَل بمعنى
مُفْعَل، والأَلفُ في واحَرَزَا مُنْقَلبةٌ عن ياءِ الإِضافة كقولهم: يا غلاما
أَقْبِل، في يا غلامي. والنوافِلُ: الزوائد، وهذا مثَل للعرب يُضربُ لمن
ظَفِر بمطلوبه وأَحْرَزَه وطلب الزيادة. أَبو عمرو في نوادره: الحَرائِزُ
من الإِبل التي لا تباع نَفاسَة بها؛ وقال الشماخ:
تُباعُ إِذا بِيعَ التِّلادُ الحَرائِزُ
ومن أَمثالهم: لا حَرِيزَ من بَيْعٍ أَي إِن أَعطيتني ثمناً أَرضاه لم
أَمتنع من بيعه؛ وقال الراجز يصف فحلاً:
يَهْدِرُ في عَقائِلٍ حَرائِزِ،
في مثل صُفْنِ الأَدَم المَخارِزِ
ابن الأَثير: وفي حديث الزكاة لا تأُخذوا من حَرَزات أَموال الناس شيئاً
أَي من خيارِها، هكذا روي بتقديم الراء على الزاي، وهي جمع حَرْزة،
بسكون الراء، وهي خيار المال لأَن صاحبَها يُحْرِزها ويصونها، والروايةُ
المشهورةُ بتقديم الزاي على الراء، وقد تقدم ذكره في موضعه.
ومن الأَسماء: حَرَّاز ومُحْرِز.
زبرق: الزِّبْرِقانُ: ليلةَ خَمْسَ عَشْرة. والزِّبْرِقانُ: القمر؛ قال
الشاعر:
تُضِيءُ له المَنابِرُ حِينَ يَرْقَى
عليها، مثل ضَوْءِ الزِّبْرِقان
وقال الليث: الزِّبْرِقان لَيْلةَ خَمْسَ عَشْرة من الشهر. يقال: ليلة
الزِّبْرِقان وليلةُ البَدْر ليلةُ أَرْبَعَ عَشْرة. والزِّبْرِقانُ: من
سادات العرب وهو الزِّبْرِقان بنُ بدر الفزاري، سمي بذلك لتسميتهم أَباه
بَدْراً، ولما لَقِيَ الزِّبْرِقانُ الحُطَيئة فسأَله عن نسبه فانتسب له
أَمَرَه بالعُدولِ إِلى حِلَّته وقال له: اسْأَلْ عن القَمَرِ ابن القمر
أَي الزِّبْرِقان بن بَدْرٍ، وقيل: سمي بالزِّبْرِقان لصُفْرةِ عمامَتِه
واسمه حُصَين، وقيل: سمي به لأَنه كان يُصَفِّرُ اسْته؛ حكاه قطرب وهو قول
شاذ؛ قال المُخَبَّل السعدي:
وأَشهَدُ مِنْ عَوْفٍ حُلولاً كَثِيرةً،
يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
قيل: يعني بسِبِّه اسْتَه، وقيل: يعني به عمامته؛ قال ابن بري: صواب
إِنشاده: وأَشهدَ، بالنصب، لأَن قبله:
أَلم تَعْلَمي، يا أُمَّ عَمْرة، أَنَّني
تَخَطَّأَني رَيْبُ المَنونِ لأَكْبَرا
وقد زَبْرَقَ
ثَوْبَه إِذا صفَّره. والزِّبْرِقانُ: الخَفِيف اللحية. وأَراهُ
زَبارِيقَ المَنِيّة أَي لمَعانَها، جمعوها على التشنيع لشأْنها والتعظيم
لها.
قهر: القَهْرُ: الغَلَبة والأَخذ من فوق. والقَهَّارُ: من صفات الله عز
وجل. قال الأَزهري: والله القاهرُ القَهّار، قَهَرَ خَلْقَه بسلطانه
وقدرته وصَرَّفهم على ما أَراد طوعاً وكرهاً، والقَهَّار للمبالغة. وقال ابن
الأَثير: القاهر هو الغالب جميع الخلق. وقَهَرَه يَقْهَرُه قَهْراً:
غلبه. وتقول: أَخَذْتُهُم قَهْراً أَي من غير رضاهم. وأَقْهَرَ الرجلُ: صار
أَصحابُه مَقْهُورين. وأَقْهَرَ الرجلَ: وَجَدَه مقهوراً؛ وقال المُخَبَّل
السَّعْدِي يهجو الزِّبْرِقانَ وقومه وهم المعروفون بالجِذاع:
تَمَنَّى حُصَيْنٌ أَن يَسُودَ جِذاعَه،
فأَمْسَى حُصَيْنٌ قد أُذلَّ وأُقْهِرا
على ما لم يسم فاعله أَي وجد كذلك، والأَصمعي يرويه: قد أَذَلَّ
وأَقْهَر أَي صار أَمره إِلى الذل والقَهْر. وفي الأَزهري: أَي صار أَصحابُه
أَذِلاءَ مقهورين، وهو من قياس قولهم أَحْمَدَ الرجلُ صار أَمره إِلى الحمد.
وحُصَين: اسم الزِّبْرِقانِ، وجِذاعُه: رَهْطُه من تميم. وقُهِرَ:
غُلِبَ.
وفخذٌ قَهِرَةٌ: قليلة اللحم. والقَهِيرة: مَحْضٌ يلقى فيه الرَّضْفُ
فإِذا غَلى ذُرَّ عليه الدقيقُ وسِيطَ به ثم أُكل؛ قال ابن سيده: وجدناه في
بعض نسخ لإِصلاح ليعقوب.
والقَهْر: موضع ببلاد بني جَعْدة؛ قال المُسَيَّبُ بن عَلَسٍ:
سُفلى العراق وأَنتَ بالقَهْرِ
ويقال: أَخَذْتُ فلاناً قُهْرَةً، بالضم، أَي اضطراراً. وقُهِرَ اللحمُ
إِذا أَخذته النار وسال ماؤه؛ وقال: فلما أَن تَلَهْوَجْنا شِواءً،
به اللَّهْبانُ مقهوراً ضَبِيحا
يقال: ضبَحَتْه النارُ وضَبَتْه وقَهَرَتْه إِذا غيرته.
هدر: الهَدَرُ: ما يَبْطُلُ من دَمٍ وغيره. هَدَرَ يَهْدِرُ، بالكسر،
ويَهْدُر، بالضم، هَدْراً وهَدَراً، بفتح الدال، أَي بطل. وهَدَرْتُه
وأَهْدَرْتُه أَنا إِهْداراً وأَهْدَرَه السُّلْطانُ: أَبطله وأَباحه. ودماؤهم
هَدَرٌ بينهم أَي مُهْتَدَرَةٌ* قوله « أي مهتدرة» عبارة القاموس مهدرة
مبنياً للمفعول محذوف المثناة الفوقية. وتَهادَرَ القوم: أَهْدَرُوا
دماءهم. وذَهَبَ دَمُ فلان هَدْراً وهَدَراً، بالتحريك، أَي باطلاً ليس فيه
قَوَدٌ ولا عَقْلٌ ولم يُدْرَكْ بثأْره. وفي الحديث: أَن رجلاً عَضَّ يَدَ
آخرَ فنَدَرَ سِنُّه فأَهْدَرَه أَي أَبطله. وفي الحديث: من اطَّلَع في
دار بغير إِذن فقد هَدَرَتْ عينُه أَي إِنْ فَقَؤُوها ذهبت باطلةً لا
قصاص فيها ولا دية. وضَرَبَهُ فهَدَر سَحْرَه أَي أَسْقَطَه، وفي الصحاح:
ضَرَبَهُ فهَدَرَتْ رِئَتُه تَهْدِر هُدُوراً أَي سقطت.
والهَدْرُ والهادِرُ: الساقط؛ الأُولى عن كراع. وبنو فلان هَدَرَةٌ
وهِدَرَةٌ وهُدَرَةٌ: ساقطون ليسوا بشيء؛ قال ابن سيده: والفتح أَقيس لأَنه
جمع هادِرٍ فهو مثل كافر وكَفَرَةٍ، وأَما هِدَرَةٌ فلا يُكَسَّرُ عليه
فاعل من الصحيح ولا المعتل، إِلا أَنه قد يكون من أَبنية الجموع، وأَما
هُدَرَةٌ فلا يوافق ما قاله النحويون لأَن هذا بناء من الجمع لا يكون إِلا
للمعتل دون الصحيح نحو غُزاة وقُضاة، اللهمّ إِلا أَن يكون اسماً للجمع،
والذي روى هُدَرَةً، بالضم، إِنما هو ابن الأَعرابي وقد أُنْكِرَ ذلك
عليه. ورجل هُدَرَةٌ، مثال هُمَزة، أَي ساقط؛ قال الــحُصَين بن بكير
الرَّبَعِيُّ:
إِني إِذا حارَ الجَبانُ الهُدَرَه،
رَكِبْتُ من قَصْدِ السَّبِيلِ مَنْجَرَه
والمَنْجَر: الطريق المستقيم. قال: وهو بالدال هنا أَجود منه بالذال
المعجمة، وهي رواية أَبي سعيد. قال ابن سيده: وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث؛
قال الأَزهري: هذا الحرف رواه أَبو عبيد عن الأَصمعي بفتح الهاء
وهُدَرَة بضم الهاء وبُدَرَة، قال: وقال بعضهم واحد الهِدَرَةِ هِدْرٌ مثل
قِرْدٍ وقِرَدَةٍ، وأَنشد بيت الــحصين بن بكير؛ وقال أَبو صخر الهذلي:
إِذا اسْتَوْسَنَتْ واسْتُثْقِلَ الهَدَفُ الهِدْرُ
وقال الباهلي في وقول العجاج:
وهَدَرَ الجَدُّ من الناسِ الهَدَرْ
فَهَدَرَ ههنا معناه أَهْدَر، أَي الجَدُّ أَسقط من لا خير فيه من
الناس. والهَدَرُ: الذين لا خير فيهم.
وهَدَرَ البعيرُ يَهْدِرُ هَدْراً وهَدِيراً وهُدُوراً: صَوَّتَ في غير
شِقْشِقَةٍ، وكذلك الحمام يَهْدِرُ، والجَرَّةُ تَهْدِرُ هَدِيراً
وتَهْداراً؛ قال الأَخطل يصف خمراً:
كُمَّتْ ثلاثَةَ أَحوال بِطِينَتِها،
حتى إِذا صَرَّحَتْ من بعدِ تَهْدارِ
وجَرَّةٌ هَدُورٌ، بغير هاء؛ قال:
دَلَفْتُ لهم بباطِيَةٍ هَدُور
الجوهري: هَدَرَ البعيرُ هدِيراً أَي رَدَّدَ صوته في حَنْجَرَتِه. وفي
الحديث: هَدَرْتَ فأَطْنَبْتَ؛ الهَدِيرُ: تَرَدُّدُ صوت البعير في
حنجرته، وإِبل هَوادِرُ، وكذلك هَدَّرَ تَهْدِيراً. وفي المثل: كالمُهَدِّرِ
في العُنَّةِ؛ يُضْرَبُ مَثَلاً للرجل يصيح ويُجَلِّبُ وليس وراء ذلك شيء
كالبعير الذي يحبس في الحظيرة ويمنع من الضِّرابِ، وهو يُهَدِّرُ؛ قال
الوليد بن عقبة يخاطب معاوية:
قَطَعْتَ الدَّهْرَ كالسَّدِمِ المُعَنَّى،
تُهَدِّرُ في دِمَشْقَ فما تَرِيمُ
وجَرَّة النبيذ تَهْدِرُ، وهَدَرَ الطائر وهَدَلَ يَهْدِرُ ويَهْدِلُ
هَدِيراً وهَدِيلاً. الأَصمعي: هَدَرَ الغلام وهدَلَ إِذا صوّت. قال أَبو
السَّمَيْدَعِ: هَدَرَ الغلام إِذا أَراغَ الكلامَ وهو صغير. وجَوْفٌ
أَهْدَرُ أَي منتفخ. وهَدَرَ العَرْفَجُ أَي عَظُمَ نباتُه. والهادِرُ:
اللبنُ الذي خَثُرَ أَعلاه ورَقَّ أَسفله، وذلك بعد الحُزُور. وهَدَرَ
العُشْبُ هَدِيراً: كَثُرَ وتَمَّ. وقال أَبو حنيفة: الهادِرُ من العشب الكثيرُ،
وقيل: هو الذي لا شيء أَطول منه، وقد هَدَرَ يَهْدِرُ هُدُوراً. وأَرض
هادِرَة: كثيرة العشب متناهية. ابن شميل: يقال للبَقْلِ قد هَدَر إِذا بلغ
إِناه في الطُّول والعِظَمِ، وكذلك قد هَدَرَت الأَرضُ هَدِيراً إِذا
انتهى بقلها طولاً.
والهَدَّارُ: موضع أَو واد، وفي حديث مُسَيْلِمة ذكر الهَدَّار، هو بفتح
الهاء وتشديد الدال، ناحية باليمامة كان بها مولد مسيلمة. وقوله في
الحديث: لا تتزوّجنَّ هَيْدَرَةً أَي عجوزاً أَدبرت شهوتها وحَرارَتُها،
وقيل: هو بالذال المعجمة من الهَذْر، وهو الكلام الكثير، والياء زائدة. وأَبو
الهَدَّار: اسم شاعر؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
يَمْتَحِقُ الشيخُ أَبو الهَدَّارِ،
مثلَ امْتِحاقِ قَمَرِ السِّرارِ
الجوهري: هَدَرَ الشرابُ يَهْدِرُ هَدْراً وتَهْداراً أَي غلى.
عدا: العَدْو: الحُضْر. عَدَا الرجل والفرسُ وغيره يعدو عدْواً
وعُدُوّاً وعَدَوانًا وتَعْداءً وعَدَّى: أَحْضَر؛ قال رؤبة:
من طُولِ تَعْداءِ الرَّبيعِ في الأَنَقْ
وحكى سيبويه: أَتيْته عَدْواً، وُضع فيه المصدرُ على غَيْر الفِعْل،
وليس في كلِّ شيءٍ قيل ذلك إنما يُحكى منه ما سُمع. وقالوا: هو مِنِّي
عَدْوةُ الُفَرَس، رفعٌ، تريد أَن تجعل ذلك مسافَة ما بينك وبينه، وقد أَعْداه
إذا حَمَله على الحُضْر. وأَعْدَيْتُ فرسي: اسْتَحضَرته. وأَعْدَيْتَ في
مَنْطِقِكَ أَي جُرت. ويقال للخَيْل المُغِيرة: عادِيَة؛ قال الله
تعالى: والعادِياتِ ضَبْحاً؛ قال ابن عباس: هي الخَيْل؛ وقال علي، رضي الله
عنه: الإِبل ههنا. والعَدَوانُ والعَدَّاء، كلاهما: الشَّديدُ العَدْوِ؛
قال:
ولو أَّنَّ حيًّا فائتُ المَوتِ فاتَه
أَخُو الحَرْبِ فَوقَ القارِحِ العَدَوانِ
وأَنشد ابن بري شاهداً عليه قول الشاعر:
وصَخْر بن عَمْرِو بنِ الشَّرِيد، فإِنَّه
أَخُو الحَرْبِ فَوقَ السَّابحِ العَدَوانِ
وقال الأَعشى:
والقارِحَ العَدَّا، وكلّ طِمِرَّةٍ
لا تَسْتَطِيعُ يَدُ الطَّويلِ قَذالَها
أَراد العَدَّاءِ، فقَصَر للضرورة، وأَراد نيلَ قَذالها فحَذَف للعلم
بذلك. وقال بعضهم: فَرسٌ عَدَوانٌ إذا كت كثير العَدْو، وذئْبٌ عَدَوانٌ
إذا كان يَعْدُو على الناس والشَّاءِ؛ وأَنشد:
تَذْكُرُ، إذْ أَنْتَ شَديدُ القَفْزِ،
نَهْدُ القُصَيْرى عَدَوانُ الجَمْزِ،
وأَنْتَ تَعْدُو بِخَرُوف مُبْزِي
والعِداء والعَداءَ: الطَّلَق الواحد، وفي التهذيب: الطَّلَق الواحد
للفرس؛ وأَنشد:
يَصرَعُ الخَمْسَ عَداءً في طَلَقْ
وقال: فمن فَتَحَ العينَ قال جازَ هذا إلى ذاك، ومن كَسَر العِدَاء
فمعناه أَنه يُعادِي الصيدَ، من العَدْو وهو الحُضْر، حتى يَلْحقَه.
وتَعادىَ القومُ: تَبارَوْا في العَدْو. والعَدِيُّ: جماعةُ القومِ
يَعْدون لِقِتال ونحوه، وقيل: العَدِيّ أَول من يَحْمل من الرَّجَّالة، وذلك
لأَنهم يُسْرِعُونَ العَدْوَ، والعَدِيُّ أَولُ ما يَدْفَع من الغارةِ
وهو منه؛ قال مالك بن خالد الخُناعِي الهُذلي:
لمَّا رأَيتُ عَدِيَّ القَوْمِ يَسْلُبُهم
طَلْحُ الشَّواجِنِ والطَّرْفاءُ والسَّلَمُ
يَسْلُبهم: يعني يتعلق بثيابهم فيُزِيلُها عنهم، وهذا البيت استشهد به
الجوهري على العَدِيِّ الذين يَعْدون على أَقْدامِهم، قال: وهو جمع عادٍ
مثل غازٍ وغَزِيٍّ؛ وبعده:
كَفَتُّ ثَوْبيَ لا أُلْوي إلى أَحدٍ،
إِني شَنِئتُ الفَتَى كالبَكْر يُخْتَطَم
والشَّواجِنُ: أَوْدية كثيرةُ الشَّجَر الواحدة شاجِنة، يقول: لمَّا
هَرَبوا تَعَلَّقت ثيابُهم بالشَّجَر فَتَرَكُوها. وفي حديث لُقْمان: أَنا
لُقْمانُ بنُ عادٍ لِعاديَةٍ لِعادٍ؛ العاديَة: الخَيْل تَعْدو، والعادي
الواحدُ أَي أَنا للجمع والواحد، وقد تكون العاديةُ الرجال يَعْدونَ؛
ومنه حديث خيبر: فَخَرَجَتْ عادِيَتُهم أَي الذين يَعْدُون على أَرجُلِهِم.
قال ابن سيده: والعاديةُ كالعَدِيِّ، وقيل: هو من الخَيْلِ خاصَّة، وقيل:
العاديةُ أَوَّلُ ما يحمِل من الرجَّالةِ دون الفُرْسان؛ قال أبو ذؤيب:
وعادية تُلْقِي الثِّيابَ كأَنما
تُزَعْزِعُها، تحتَ السَّمامةِ، رِيحُ
ويقال: رأَيْتُ عَدِيَّ القوم مقبلاً أَي مَن حَمَل من الرَّجَّالة دون
الفُرْسان. وقال أَبو عبيد: العَدِيُّ جماعة القَوْم، بلُغةِ هُذَيل.
وقوله تعالى: ولا تَسُبُّوا الذين يَدْعون من دون اللهِ فيَسُبُّوا اللهِ
عَدْواً بغير علم، وقرئ: عُدُوّاً مثل جُلُوس؛ قال المفسرون: نُهُوا قبل
أَن أَذِن لهم في قتال المشركين أَن يَلْعَنُوا الأَصْنامَ التي عَبَدوها،
وقوله: فيَسُبُّوا الله عَدْواً بغير علم؛ أَي فيسبوا الله عُدْواناً
وظُلْماً، وعَدْواً منصوب على المصدر وعلى إرادة اللام، لأَن المعنى
فيَعْدُون عَدْواً أَي يظْلِمون ظلماً، ويكون مَفْعولاً له أَي فيسُبُّوا الله
للظلم، ومن قرأَ فيَسُبُّوا الله عُدُوّاً فهو بمعنى عَدْواً أَيضاً.
يقال في الظُّلْم: قد عَدَا فلان عَدْواً وعُدُوّاً وعُدْواناً وعَدَاءً أَي
ظلم ظلماً جاوز فيه القَدْر، وقرئ: فيَسُبُّوا الله عَدُوّاً، بفتح
العين وهو ههنا في معنى جماعة، كأَنه قال فيسُبُّوا الله أَعداء، وعَدُوّاً
منصوب على الحال في هذا القول؛ وكذلك قوله تعالى: وكذلك جعلنا لكل نبيٍّ
عَدُوّاً شياطينَ الإِنس والجنّ؛ عَدُوّاً في معنى أَعداءً، المعنى كما
جعلنا لك ولأُمتك شياطينَ الإنس والجن أَعداء، كذلك جعلنا لمن تَقَدَّمك
من الأَنبياء وأُممهم، وعَدُوّاً ههنا منصوب لأَنه مفعول به، وشياطينَ
الإِنس منصوب على البدل، ويجوز أَن يكون عَدُوّاً منصوباً على أَنه مفعول
ثان وشياطين الإنس المفعول الأول. والعادي: الظالم، يقال: لا أَشْمَتَ
اللهُ بك عادِيَكَ أَي عَدُوَّك الظالم لَكَ. قال أَبو بكر: قولُ العَرَب
فلانٌ عَدوُّ فلانٍ معناه فلان يعدو على فلان بالمَكْروه ويَظْلِمُه. ويقال:
فلان عَدُوُّك وهم عَدُوُّك وهما عَدُوُّك وفلانةُ عَدُوَّةُ فلان
وعَدُوُّ فلان، فمن قال فلانة عدُوَّة فلانٍ قال: هو خبَر المُؤَنَّث، فعلامةُ
التأْنيثِ لازمةٌ له، ومن قال فلانة عدوُّ فلان قال ذكَّرت عدوّاً لأَنه
بمنزلة قولهم امرأَةٌ ظَلُومٌ وغَضوبٌ وصَبور؛ قال الأَزهري: هذا إِذا
جَعَلْت ذلك كُلَّه في مذهبِ الاسم والمَصْدرِ، فإِذا جَعَلْتَه نعتاً
مَحْضاً قلت هو عدوّك وهي عدُوَّتُك وهم أَعداؤك وهُنَّ عَدُوَّاتُك. وقوله
تعالى: فلا عُدْوان إِلاَّ على الظالمين؛ أَي فلا سَبيل، وكذلك قوله: فلا
عُدْوانَ عليَّ؛ أَي فلا سبيل عليَّ. وقولهم: عَدَا عليه فَضَربه بسيفه،
لا يُرادُ به عَدْوٌ على الرِّجْلين ولكن مِنَ الظُّلْم. وعَدَا
عَدْواً: ظَلَمَ وجار. وفي حديث قتادَةَ بنِ النُّعْمان: أَنه عُدِيَ عليه أَي
سُرِقَ مالُه وظُلِمَ. وفي الحديث: ما ذِئبْان عادِيانِ أَصابا فَرِيقَةَ
غَنَمٍ؛ العادي: الظَّالِمُ، وأَصله من تجاوُزِ الحَدِّ في الشيء. وفي
الحديث: ما يَقْتُلُه المُحْرِمُ كذا وكذا والسَّبُعُ العادِي أَي
الظَّالِمُ الذي يَفْتَرِسُ الناسَ. وفي حديث علي، رضي الله عنه: لا قَطْعَ على
عادِي ظَهْرٍ. وفي حديث ابن عبد العزيز: أُتيَ برَجُل قد اخْتَلَس طَوْقاً
فلم يَرَ قَطْعَه وقال: تِلك عادِيَةُ الظَّهْرِ؛ العادِية: من عَدَا
يَعْدُو على الشيء إِذا اخْتَلَسه، والظَّهْرُ: ما ظَهَرَ مِنَ الأَشْياء،
ولم يرَ في الطَّوْق قَطعاً لأَنه ظاهِرٌ على المَرْأَة والصَّبيّ. وقوله
تعالى: فمن اضْطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ قال يعقوب: هو فاعِلٌ من عَدَا
يَعْدُو إذا ظَلَم وجارَ. قال: وقال الحسن أَي غيرَ باغٍ ولا عائِدٍ
فقلب، والاعْتداءُ والتَّعَدِّي والعُدْوان: الظُّلْم. وقوله تعالى: ولا
تَعاوَنُوا على الإِثم والعُدْوان؛ يقول: لا تَعاوَنوا على المَعْصية
والظُّلْم. وعَدَا عليه عَدْواً وعَدَاءً وعُدُوّاً وعُدْواناً وعِدْواناً
وعُدْوَى وتَعَدَّى واعْتَدَى، كُلُّه: ظَلَمه. وعَدَا بنُو فلان على بني
فلان أَي ظَلَمُوهم. وفي الحديث: كَتَبَ ليَهُود تَيْماءَ أَن لَهُم
الذمَّةَ وعليهم الجِزْيَةَ بلا عَداء؛ العَداءُ، بالفتح والمد: الظُّلْم
وتَجاوُز الحدّ. وقوله تعالى: وقاتِلُوا في سبيل الله الذين يُقاتِلُونَكم ولا
تَعْتَدوا؛ قيل: معناه لا تقاتِلُوا غَيْرَ مَن أُمِرْتُم بقِتالِه ولا
تَقتلوا غَيْرَهُمْ، وقيل: ولا تَعْتَدوا أَي لا تُجاوزوا إِلى قَتْل
النِّساءِ والأَطفال. وعَدَا الأَمرَ يَعْدُوه وتَعَدَّاه، كلاهما:
تَجاوَزَة. وعَدَا طَوْرَه وقَدْرَهُ: جاوَزَهُ على المَثَل. ويقال: ما يَعْدُو
فلانٌ أَمْرَك أَي ما يُجاوِزه. والتَّعَدِّي: مُجاوَزَةُ الشيء إِلى
غَيْرِه، يقال: عَدَّيْتُه فتَعَدَّى أَي تَجاوزَ. وقوله: فلا تَعْتَدُوها أَي
لا تَجاوَزُوها إِلى غيرها، وكذلك قوله: ومَنْ يَتَعَدَّ حُدودَ الله؛
أَي يُجاوِزْها. وقوله عز وجل: فمن ابْتَغَى وَرَاء ذلك فأُولئِكَ هم
العادُون؛ أَي المُجاوِذُون ما حُدَّ لهم وأُمِرُوا به، وقوله عز وجل: فمن
اضطُرَّ غيرَ باغٍ ولا عادٍ؛ أَي غَيْرَ مُجاوِزٍ لما يُبَلِّغه ويُغْنِيه
من الضرورة، وأَصل هذا كله مُجاوَزة الحدّ والقَدْر والحَقّ. يقال:
تَعَدَّيْت الحَقَّ واعْتَدَيْته وعَدَوْته أَي جاوَزْته. وقد قالت العرب:
اعْتَدى فلانٌ عن الحق واعْتَدى فوقَ الحقِّ، كأَن معناه جاز عن الحق إِلى
الظلم. وعَدَّى عن الأَمر: جازه إِلى غَيْرِه وتَرَكه. وفي الحديث:
المُعْتَدِي في الصَّدَقَةِ كمانِعِها، وفي رواية: في الزَّكاة؛ هُو أَن
يُعْطِيَها غَيْرَ مُسْتَحِقِّها، وقيل: أَرادَ أَنَّ الساعِيَ إِذا أَخذَ
خِيارَ المال رُبَّما منعَه في السَّنة الأُخرى فيكون الساعي سبَبَ ذلك فهما
في الإِثم سواء. وفي الحديث: سَيكُون قومٌ يَعْتَدُون في الدُّعاءِ؛ هو
الخُروج فيه عنِ الوَضْعِ الشَّرْعِيِّ والسُّنَّة المأْثورة. وقوله
تعالى: فمن اعْتَدَى عَلَيكم فاعْتَدُوا عليه بمِثْلِ ما اعْتَدَى عَليكم؛
سَمَّاه اعْتِداء لأَنه مُجازاةُ اعْتِداءٍ بمثْل اسمه، لأَن صورة الفِعْلين
واحدةٌ، وإِن كان أَحدُهما طاعةً والآخر معصية؛ والعرب تقول: ظَلَمني
فلان فظلَمته أَي جازَيْتُه بظُلْمِه لا وَجْه للظُّلْمِ أَكثرُ من هذا،
والأَوَّلُ ظُلْم والثاني جزاءٌ ليس بظلم، وإن وافق اللفظُ اللفظَ مثل
قوله: وجزاءُ سيِّئةٍ سيئةٌ مثلُها؛ السيئة الأُولى سيئة، والثانية مُجازاة
وإن سميت سيئة، ومثل ذلك في كلام العرب كثير. يقال: أَثِمَ الرجلُ
يَأْثَمُ إِثْماً وأَثَمه اللهُ على إِثمه أَي جازاه عليه يَأْثِمُه أَثاماً.
قال الله تعالى: ومن يَفعلْ ذلك يَلْق أَثاماً؛ أَي جزاءً لإِثْمِه. وقوله:
إِنه لا يُحِبُّ المُعْتدين؛ المُعْتَدون: المُجاوِزون ما أُمرُوا به.
والعَدْوَى: الفساد، والفعلُ كالفعل. وعَدا عليه اللِّصُّ عَداءً
وعُدْواناً وعَدَواناً: سَرَقَه؛ عن أَبي زيد. وذئبٌ عَدَوانٌ: عادٍ. وذِئْبٌ
عَدَوانٌ: يَعْدُو على الناسِ؛ ومنه الحديث: السلطانُ ذو عَدَوانٍ وذو
بَدَوانٍ؛ قال ابن الأَثير: أَي سريعُ الانصِرافِ والمَلالِ، من قولك: ما
عَداك أَي ما صَرَفَك. ورجلٌ مَعْدُوٌّ عليه ومَعْدِيٌّ عليه، على قَلْب
الواوِ ياءً طَلَب الخِّفَّةِ؛ حكاها سيبويه؛ وأَنشد لعبد يَغُوث بن وَقَّاص
الحارثِي:
وقد عَلِمَتْ عِرْسِي مُلَيْكَة أَنَّني
أَنا الليث، مَعْدِيّاً عليه وعادِيا
أُبْدِلَت الياءُ من الواو اسْتِثْقالاً. وعدا عليه: وَثَب؛ عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد لأَبي عارِمٍ الكلابي:
لقد عَلمَ الذئْب الذي كان عادِياً،
على الناس، أَني مائِرُ السِّهم نازِعُ
وقد يكون العادي هنا من الفساد والظُّلم. وعَداهُ عن الأَمْرِ عَدْواً
وعُدْواناً وعَدّاه، كلاهما: صَرَفَه وشَغَله. والعَداءُ والعُدَواءُ
والعادية، كلُّه: الشُّغْلُ يَعْدُوك عن الشيء. قال مُحارب: العُدَواءُ عادةُ
الشُّغْل، وعُدَواءُ الشُّغْلِ موانِعُه. ويقال: جِئْتَني وأَنا في
عُدَواءَ عنكَ أَي في شُغْلٍ؛ قال الليث: العادِيةُ شُغْلٌ من أَشْغال الدهر
يَعْدُوك عن أُمورك أَي يَشْغَلُك، وجمعها عَوَادٍ، وقد عَداني عنك أَمرٌ
فهو يَعْدُوني أَي صَرَفَني؛ وقول زهير:
وعادَكَ أَن تُلاقِيها العَدَاء
قالوا: معنى عادَكَ عَداكَ فقَلبَه، ويقال: معنى قوله عادَكَ عادَ لك
وعاوَدَك؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابِي:
عَداكَ عن رَيَّا وأُمِّ وهْبِ،
عادِي العَوادِي واختلافُ الشَّعْبِ
فسره فقال: عادي العوادي أَشدُّها أَي أَشدُّ الأَشغالِ، وهذا كقوله
زيدٌ رجُلُ الرجالِ أَي أَشدُّ الرجالِ. والعُدَواءُ: إِناخةٌ قليلة.
وتعادَى المكانُ: تَفاوَتَ ولم يَسْتوِ. وجَلَس على عُدَواءَ أَي على غير
استقامة. ومَرْكَبٌ ذُو عُدَواءَ أَي ليس بمُطْمَئِنٍّ؛ قال ابن سيده: وفي بعض
نسخ المصنف جئتُ على مركبٍ ذِي عُدَواءٍ مصروف، وهو خطأٌ من أَبي عُبَيد
إِن كان قائله، لأَنَّ فُعَلاء بناءٌ لا ينصرف في معرفة ولا نكرة.
والتَّعادِي: أَمكنةٌ غير مستويةٍ. وفي حديث ابن الزبير وبناء الكعبة:
وكان في المسجد جَراثِيمُ وتَعادٍ أَي أَمكنة مختلفة غير مُستوية؛ وأَما
قول الشاعر:
منها على عُدَواء الدار تَسقِيمُ
(* قوله «منها على عدواء إلخ» هو عجز بيت صدره كما في مادة سقم: هام الفؤاد بذكراها وخامره)
قال الأَصمعي: عُدَواؤه صَرْفُه واختلافه، وقال المؤرّج: عُدَواء على
غير قَصْدٍ، وإذا نام الإنسانُ على مَوْضِعٍ غير مُسْتو فيهِ ارْتفاعٌ
وانْخفاضٌ قال: نِمْتُ على عُدَواءَ. وقال النضر: العُدَواءُ من الأَرض
المكان المُشْرِف يَبْرُكُ عليه البعيرُ فيَضْطَجعُ عليه، وإلى جنبه مكانٌ
مطمئنٌ فيميل فيه البعير فيتَوهَّنُ، فالمُشْرِف العُدَواءُ، وتَوَهُّنه
أَن يَمُدَّ جسمَه إلى المكان الوَطِئ فتبقى قوائمه على المُشْرِف ولا
يَسْتَطيع أَن يقومَ حتى يموت، فتَوَهُّنه اضطجاعُه. أَبو عمرو: العُدَواءُ
المكان الذي بعضه مرتفع وبعضه مُتطأْطِئٌ، وهو المُتَعادِي. ومكانٌ
مُتَعادٍ: بعضُه وبعضُه مُتطامِن ليس بمُسْتوٍ. وأَرضٌ مُتعادِيةٌ: ذاتُ
جِحَرة ولَخاقِيق. والعُدَواءُ، على وَزْن الغُُلَواءِ: المكان الذي لا
يَطْمَئِنُ مَن قَعَد عليه.
وقد عادَيْتُ القِدْر: وذلك إذا طامَنْتَ إحدى الأَثافيِّ ورَفَعْت
الأُخْرَيَيْن لتميل القِدْر على النار.وتعادَى ما بينهم: تَباعَدَ؛ قال
الأَعشى يصف ظَبْيَة وغَزالها:
وتعادَى عنه النهارَ، فمَا تَعْـ
ـجُوه إلا عُفافةٌ أَو فُواقُ
يقول: تباعَدُ عن وَلَدها في المَرعى لئلا يَسْتَدِلَّ الذَّئبُ بها على
ولدِها. والعُدَواءُ: بُعْدُ الدار. والعَداءُ: البُعْد، وكذلك
العُدَواءُ. وقومٌ عِدًى: متَابعدون، وقيل: غُرباءُ، مقصورٌ يكتب بالياء،
والمَعْنيان مُتقارِبانِ، وهُم الأَعْداءُ أَيضآً لأن الغَريبَ بَعِيدٌ؛ قال
الشاعر:
إذا كنتَ في قَوْمٍ عِدًى لستَ منهم،
فكُلْ ما عُلِفْتَ من خَبِيثٍ وطَيِّب
قال ابن بري: هذا البيتُ يُروى لِزُرارة بنِ سُبَيعٍ الأَسَدي، وقيل: هو
لنَضْلة بنِ خالدٍ الأَسَدِي، وقال ابن السيرافي: هو لدُودانَ بنِ
سَعْدٍ الأَسَدِي، قال: ولم يأَتِ فِعَلٌ صفَةً إلا قَوْمٌ عِدًى، ومكانٌ
سِوًى، وماءٌ رِوًى، وماءٌ صِرًى، ومَلامةٌ ثِنًى، ووادٍ طِوًى، وقد جاء
الضمُّ في سُوًى وثُنًى وطُوًى، قال: وجاء على فِعَل من غير المعتلِّ لحمٌ
زِيَمٌ وسَبْيٌ طِيَبَة؛ قال عليّ بنُ حمزة: قومٌ عِدًى أَي غُربَاءُ،
بالكسرة، لا غيرُ، فأما في الأعداءِ فيقال عِدًى وعُُدًى وعُداةٌ. وفي حديث
حبيب بن مسلَمة لما عَزَله عُمر، رضي الله عنه، عن حِمْصَ قال: رَحِمَ
الله عُمَرَ يَنزِعُ قَوْمَه ويَبْعثُ القَوْمَ العِدَىَ
(* في النهاية:
العدى بالكسر الغرباء والاجانب والأعداء، فأما بالضم قهم الأعداء خاصة.) ؛
العِدَى، بالكسر: الغُرَباءَ، أراد أنه يعزل قَوْمه من الولايات ويوَلي
الغُربَاء والأَجانِبَ؛ قال: وقد جاء في الشعر العِدَى بمعنى الأَعْداءِ؛
قال بشر بن عبد الرحمن بن كعب بن مالك الأَنصاري:
فأَمَتْنا العُداةَ من كلِّ حَيٍّ
فاسْتَوَى الرَّكْضُ حِينَ ماتَ العِداءُ
قال: وهذا يتوجه على أَنه جمع عادٍ، أَو يكون مَدَّ عِدًى ضرورة؛ وقال
ابن الأعرابي في قول الأَخطل:
أَلا يا اسْلَمِي يا هِنْدُ، هِنْدَ بَني بَدْرِ،
وإنْ كان حَيَّانا عِدًى آخِرَ الدهْرِ
قال: العِدَى التَّباعُد. وقَوْمٌ عِدًى إذا كانوا مُتَباعِدِيِن لا
أَرحامَ بينهم ولا حِلْفَ. وقومٌ عِدًى إذا كانوا حَرْباً، وقد رُوِي هذا
البيتُ بالكسر والضم، مثل سِوًى وسُوًى. الأَصمعي: يقال هؤلاء قومِ عدًى ،
مقصور، يكون للأعداء وللغُرَباء، ولا يقال قوم عُدًى إلا أَن تدخل الهاء
فتقول عُداة في وزن قضاة، قال أَبو زيد: طالتْ عُدَواؤهُمْ أَي تباعُدُهم
وتَفَرُّقُهم.
والعَدُوُّ: ضِدُّ الصَّدِيق، يكون للواحد والاثنين والجمع والأُنثى
والذكَر بلفظٍ واحد. قال الجوهري: العَدُوُّ ضِدُّ الوَلِيِّ، وهو وصْفٌ
ولكِنَّه ضارع الاسم. قال ابن السكيت: فَعُولٌ إذا كان في تأْويل فاعلٍ كان
مُؤَنَّثُه بغير هاء نحو رجلٌ صَبُور وامرأَة صَبور، إلا حرفاً واحداً
جاءَ نادراً قالوا: هذه عَدُوَّة لله؛ قال الفراء: وإنما أَدخلوا فيها
الهاء تشبيهاً بصَديقةٍ لأَن الشيءَ قد يُبْنى على ضِدِّهِ، ومما وضَع به ابن
سيده من أَبي عبد الله بن الأَعرابي ما ذكره عنه في خُطْبة كتابه المحكم
فقال: وهل أَدَلُّ على قلة التفصيل والبعد عن التحصيل من قولِ أَبي عبدِ
الله بنِ الأَعرابي في كتابه النوادر: العَدوّ يكون للذكر والأُنثى بغير
هاء، والجمع أَعداءٌ وأَعادٍ وعُداةٌ وعِدًى وعُدًى، فأَوْهم أَن هذا
كلَّه لشيءٍ واحد؟ وإنما أَعداءٌ جمع عَدُوٍّ أَجروه مُجْرى فَعِيل صِفَةً
كشَرِيفٍ وأَشْرافٍ ونصِيرٍ وأَنصارٍ، لأَن فَعُولاً وفَعِيلاً متساويانِ
في العِدَّةِ والحركة والسكون، وكون حرف اللين ثالثاً فيهما إلا بحسب
اختلاف حَرفَيِ اللَّين، وذلك لا يوجبُ اختلافاً في الحكم في هذا، أَلا
تَراهم سَوَّوْا بين نَوارٍ وصَبورٍ في الجمع فقالوا نُوُرٌ وصُبُرٌ، وقد
كان يجب أَن يكسَّر عَدُوٌّ على ما كُسّرَ عليه صَبُورٌ؟ لكنهم لو فعلوا
ذلك لأَجْحفوا، إذ لو كَسَّروه على فُعُلٍ للزم عُدُوٌ، ثم لزم إسكان الواو
كراهية الحركة عليها، فإذا سَكَنَت وبعدها التنوين التقى ساكناًًً ُ ئُ
آؤآؤ ٍُى
ُْدٌ ، وليس في الكلام اسم آخره واوٌ قبلَها ضمَّة، فإن أَدَّى إلى ذلك
قياس رُفِضَ، فقلبت الضمة كسرة ولزم انقلاب الواو ياء فقيل عُدٍ،
فتَنَكَّبت العرب ذلك في كل معتلِّ اللام على فعول أَو فَعِيل أَو فَعال أَو
فِعالٍ أَو فُعالٍ على ما قد أَحكمته صناعة الإعرابِ، وأَما أَعادٍ فجمعُ
الجمع، كَسَّروا عَدُوّاً على أَعْداءٍ ثم كَسَّروا أَعْداءً على أَعادٍ
وأَصلُه أَعاديّ كأَنْعامٍ وأَناعيم لأن حرفَ اللَّين إذا ثبَت رابعاً في
الواحدِ ثبتَ في الجمع، واكان ياء، إلا ان يُضْطَرَّ إليه شاعر كقوله
أَنشده سيبويه:
والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا
ولكنهم قالوا أَعادٍ كراهة الياءَين مع الكسرة كما حكى سيبويه في جمع
مِعْطاءٍ مَعاطٍ، قال: ولا يمتنع أَن يجيء على الأَصل مَعاطِيّ كأَثافيّ،
فكذلك لا يمتنع أَن يقال أَعادِيّ، وأَما عُداةٌ فجمع عادٍ؛ حكى أَبو زيد
عن العرب: أَشْمَتً اللهُ عادِيَكَ أَي عَدُوّكَ، وهذا مُطَّرِدٌ في باب
فاعلٍ مما لامُهُ حرفُ علَّةٍ، يعني أَن يُكَسَّر على فُعلَةٍ كقاضٍ
وقُضاةٍ ورامٍ ورُماةٍ، وهو قول سيبويه في باب تكسير ما كان من الصفة
عِدَّتُه أَربعةُ أَحرف، وهذا شبيه بلفظِ أَكثرِ الناس في توهُّمِهم أَن كُماةً
جمعُ كَمِيٍّ، وفعيلٌ ليس مما يكسَّر على فُعَلةٍ، وإنما جمعُ سحٍَِمِيٍّ
أَكماءٌ؛ حكاه أَبو زيد، فأَما كُماةٌ فجمع كامٍ من قولهم كَمَى شجاعتَه
وشهادَتَه كتَمها، وأَما عِدًى وعُدًى فاسمان للجمع، لأن فِعَلاً
وفُعَلاً ليسا بصيغتي جمع إلا لِفعْلَةٍ أو فُعْلة وربما كانت لفَعْلة، وذلك
قليل كهَضْبة وهِضَب وبَدْرة وبِدر، والله أَعلم.
والعَداوة: اسمٌ عامٌّ من العَدُوِّ، يقا: عَدُوٌّ بَيِّنُ العَداوة،
وفلانٌ يُعادِي بني فلان. قال الله عز وجل: عسَى اللهُ أَن يَجْعلَ بينَكم
وبينَ الذين عادَيْتم منهمْ مَوَدَّة؛ وفي التنزيل العزيز: فإِنَّهم
عَدَوٌّ لي؛ قال سيبويه: عَدُوٌّ وصْفٌ ولكنه ضارَع الاسم، وقد يُثنَّى
ويُجمع ويُؤَنَّث، والجمع أَعْداءٌ، قال سيبويه: ولم يكسرَّ على فُعُلٍ، وإن
كان كصَبُورٍ، كراهية الإِخْلالِ والاعْتلال، ولم يكسَّر على فِعْلانٍ
كراهية الكسرة قبل الواو لأَنَّ الساكن ليس بحاجز حصِين، والأعادِي جمع
الجمع. والعِدَى، بكسر العين، الأَعْداءُ، وهوجمعٌ لا نظير له، وقالوا في
جَمْعِ عَدُوَّة عدايا لم يُسْمَعْ إلا في الشعر. وقوله تعالى
هُمفاحْذَرْهُم؛ قيل: معناه هم العَدُوُّ الأَدْنَى، وقيل: معناه هم العَدُوُّ الأَشدّ
لأَنهم كانوا أَعْداء النبي،صلى الله عليه وسلم، ويُظهرون أَنهم معه.
والعادي: العَدُوُّ، وجَمْعُه عُداةٌ؛ قالت امرأَة من العرب:
أَشْمَتَ ربُّ العالَمين عادِيَكْ
وقال الخليل في جماعة العَدُوِّ عُدًى وعِدًى، قال: وكان حَدُّ الواحد
عَدُو،بسكون الواو، ففخموا آخره بواو وقالوا عَدُوٌّ، لأنهم لم يجدوا في
كلام العرب اسماً في آخره واو ساكنة، قال: ومن العرب من يقول قومٌ عِدًى،
وحكى أَبو العباس: قومٌ عُدًى، بضم العين، إلا أَنه قال: الاخْتِيار إذا
كسرت العين أن لا تأْتيَ بالهاء، والاختيارُ إذا ضَمَمْتَ العينَ أَن
تأْتيَ بالهاء؛ وأَنشد:
مَعاذةَ وجْه اللهِ أَن أُشْمِتَ العِدَى
بلَيلى، وإن لم تَجْزني ما أَدِينُها
وقد عادَاه مُعاداةً وعِداءً، والاسمُ العَداوة، وهو الأَشدُّ عادياً.
قال أَبو العباس: العُدَى جمع عَدوّ، والرُّؤَى جمع رؤيَةٍ، والذُّرَى جمع
ذِرْوَة؛ وقال الكوفيون: إنما هو مثل قُضاة وغُزاة ودُعاة فحذفوا الهاء
فصارت عُدًى، وهو جمع عادٍ. وتَعادَى القومُ: عادَى بعضُهم بعضاً. وقومٌ
عِدًى: يكتب بالياء وإن كان أَصله الواوَ لمكان الكسرة التي في أَوَّله،
وعُدًى مثله، وقيل: العُدَى الأَعْداءُ، والعِدَى الأَعْداءُ الذين لا
قَرابة بينك وبينَهُم، قال: والقول هو الأَوّل. وقولُهم: أَعْدَى من
الذئبِ، قال ثعلب: يكون من العَدْوِ ويكون من العَداوَة، وكونُه من العَدْوِ
أَكثر، وأُراه إنما ذهب إلى أَنه لا يقال أَفْعَل من فاعَلْت، فلذلك جاز
أَن يكون من العَدْوِ لا مِنَ العَداوَة. وتَعادَى ما بينَهم: اخْتَلف.
وعَدِيتُ له: أَبْغَضْتُه؛ عن ابن الأَعرابي. ابن شميل: رَدَدْت عني
عادِيَةَ فلان أَي حِدَّته وغَضبه. ويقال: كُفَّ عنا عادِيَتَك أَي ظُلْمك
وشرّك، وهذا مصدر جاء على فاعلة كالراغِية والثاغية. يقال: سمعت راغِيَةَ
البعير وثاغية الشاة أَي رُغاء البعير وثُغاء الشاة، وكذلك عاديَةُ الرجل
عَدْوُه عليك بالمكروه.والعُدَواء: أَرض يابسة صُلْبة ورُبَّما جاءت في
البئر إذا حُفِرَتْ، قال: وقد تَكُون حَجَراً يُحادُ عنه في الحَفْرِ؛ قال
العجاج يصف ثوراً يحفر كناساً:
وإنْ أَصابَ عُدَوَاءَ احْرَوْرَفا
عَنْها، وَوَلاها الظُّلُوفَ الظُّلَّفا
أَكَّد بالظُّلَّفِ كما يقال نِعافٌ نُعَّف وبِطاحٌ بُطَّحٌ وكأَنه
جَمَعَ ظِلْفاً ظالفاً، وهذا الرجز أَورده الجوهري شاهداً على عُدَواءِ
الشُّغْلِ موانِعِه؛ قال ابن بري: هو للعجاج وهو شاهد على العُدَواء الأرضِ
ذات الحجارة لا على العُدَواء الشُّغْلِ، وفسره ابن بري أَيضاً قال :
ظُلَّف جمع ظالِف أَي ظُلُوفُهِ تمنع الأَذى عنه؛ قال الأزهري: وهذا من قولهم
أَرض ذاتُ عُدَواءَ إذا لم تكن مستقيمة وَطِيئةً وكانت مُتَعادِيةً. ابن
الأَعرابي: العُدَواءُ المكان الغَلِيظ الخَشِن. وقال ابن السكيت: زعم
أَبو عمرو أَن العِدَى الحجارة والصُّخور؛ وأَنشد قول كُثَيَّر:
وحالَ السَّفَى يَيني وبَينَك والعِدَى،
ورهْنُ السَّفَى غَمْرُ النَّقيبة ماجِدُ
أَراد بالسَّفَى ترابَ القبر، وبالعِدَى ما يُطْبَق على اللَّحد من
الصَّفائح.
وأَعْداءُ الوادي وأَعْناؤه: جوانبه؛ قال عمرو بن بَدْرٍ الهُذَلي فمدَّ
العِدَى، وهي الحجارة والصخور:
أَو اسْتَمَرّ لَمسْكَنٍ، أَثْوَى به
بِقَرارِ ملْحَدةِ العِداءِ شَطُونِ
وقال أَبو عمرو: العِداءُ، ممدودٌ، ما عادَيْت على المَيّت حينَ
تَدْفِنُه من لَبِنٍ أَو حجارة أو خشب أَو ما أَشبَهه، الواحدة عِداءة. ويقال
أَيضاً: العِدَى والعِداءُ حجر رقيق يستر به الشيء، ويقال لكلِّ حجر يوضع
على شيء يَسْتُره فهو عِدَاءٌ؛ قال أُسامة الهذلي:
تالله ما حُبِّي عَلِيّاً بشَوى
قد ظَعَنَ الحَيُّ وأَمْسى قدْ ثَوى،
مُغادَراً تحتَ العِداء والثَّرَى
معناه: ما حُبِّي عليّاً بخَطَاٍ. ابن الأعرابي: الأعْداء حِجارَة
المَقابر، قال: والأدْعاء آلام النار
(* قوله «آلام النار» هو هكذا في الأصل
والتهذيب.)
ويقال: جـئْـتُك على فَرَسٍ ذي عُدَواء، غير مُجْرىً إذا لم يكن ذا
طُمَأْنينة وسُهولة.
وعُدَوَاءُ الشَّوْق: ما بَرَّح بصاحبه.
والمُتَعَدِّي من الأفعال: ما يُجاوزُ صاحبَه إلى غيره. والتَّعَدِّي في
القافِية: حَرَكة الهاء التي للمضمر المذكر الساكنة في الوقف؛
والمُتَعَدِّي الواوُ التي تلحقُه من بعدها كقوله:
تَنْفُشُ منه الخَيْل ما لا يَغْزِ لُهُو
فحَركة الهاء هي التَّعَدِّي والواو بعدها هي المُتَعَدِّي؛ وكذلك قوله:
وامْتَدَّ عُرْشا عُنْقِهِ للمُقْتَهِي
حركة الهاء هي التَّعَدِّي والياء بعدها هي المُتَعَدِّي، وإنما سميت
هاتان الحركتان تَعَدِّياً، والياء والواوُ بعدهما مُتَعَدِّياً لأنه
تَجاوزٌ للحَدّ وخروجٌ عن الواجبِ، ولا يُعْتَدُّ به في الوزن لأنّ الوزنَ قد
تَناهى قبلَه، جعلوا ذلك في آخر البيت بمنزلة الخَزْمِ في أَوَّله.
وعَدَّاه إليه: أَجازَه وأَنْفَذَه.
ورأيتهم عدا أَخاك وما عدَا أَخاكَ أَي ما خَلا، وقد يُخْفَض بها دون ما
، قال الجوهري: وعَدَا فعل يُسْتَثْتى به مع ما وبغير ما ، تقولُ جاءَني
القومُ ما عَدَا زيداً، وجاؤوني عدًا زيداً، تنصبُ ما بعدها بها
والفاعلُ مُضْمَر فيها. قال الأَزهري: من حروف الاستثناء قولهم ما رأَيت أَحداً
ما عَدَا زيداً كقولك ما خلا زيداً، وتَنْصب زيداً في هذَيْن، فإذا
أَخرجتَ ما خَفَضتَ ونَصَبت فقلتَ ما رأيتُ أَحداً عدَا زيداً وعدا زيدٍ وخلا
زَيْداً وخَلا زيدٍ، النصب بمعنى إلاَّوالخفضُ بمعنى سِوى.
وعَدِّ عَنَّا حاجَتَك أَي اطْلُبْها عندَ غيرِنا فإِنَّا لا نَقْدِرُ
لك عليها، هذه عن ابن الأَعرابي. ويقال: تعَدَّ ما أَنت فيه إلى غيره أَي
تجاوَزْه. وعدِّ عما أَنت فيه أَي اصرف هَمَّك وقولَك إلى غيره.
وْعَدَّيْتُ عني الهمَّ أَي نحَّيته. وتقول لمن قَصَدَك: عدِّ عنِّي إلى غيري:
ويقال: عادِ رِجْلَك عن الأَرض أَي جافِها، وما عدا فلانٌ أَن صَنعَ كذا،
وما لي عن فلانٍ مَعْدىً أَي لا تَجاوُزَ لي إلى غيره ولا قُصُور دونه.
وعَدَوْته عن الأمر: صرَفْته عنه. وعدِّ عما تَرَى أَي اصرف بصَرَك عنه.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه أُتيَ بسَطِيحَتَيْنِ فيهما نبيذٌ
فشَرِبَ من إحداهما وعَدَّى عن الأُخرى أَي تَرَكها لما رابه منها. يقال: عدِّ
عن هذا الأمرِ أَي تجاوَزْه إلى غيره؛ ومنه حديثه الآخرُ: أَنه أُهْدِيَ
له لبن بمكة فعدَّاه أَي صرفه عنه.
والإعْداءُ: إعْداءُ الحرب. وأَعداه الداءُ يُعديه إعداءً: جاوزَ غيره
إليه، وقيل: هو أَن يصيبَه مثلُ ما بصاحبِ الداءِ.
وأَعداهُ من علَّته وخُلُقِه وأَعداهُ به: جوّزه إليه، والاسم من كل ذلك
العَدْوى. وفي الحديث: لا عَدْوى ولا هامَة ولا صَفَر ولا طيرَةَ ولا
غُولَ أَي لا يُعْدي شيء شيئاً. وقد تكرر ذكر العَدْوى في الحديث، وهو اسمٌ
من الإعداء كالرَّعْوى والبَقْوَى من الإرْعاءِ والإبْقاءِ. والعَدْوى:
أن يكون ببعير جَرَب مثلاً فتُتَّقى مُخالَطَتُه بإبل أُخرى حِذار أَن
يَتعَدى ما به من الجَرَب إليها فيصيبَها ما أَصابَه، فقد أَبطَله
الإِسلامُ لأَنهم كانوا يظُنُّون أَن المرض بنفسه يتَعَدَّى، فأَعْلَمَهم
النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، أَن الأَمر ليس كذلك، وإنما الله تعالى هو الذي
يُمرض ويُنْزلُ الداءَ، ولهذا قال في بعض الأَحاديث وقد قيل له، صلى الله
عليه وسلم: إِن النُّقْبة تَبْدُو وبمشْفر البعير فتُعْدي الإِبل كلها،
فقال النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، للذي خاطبه: فمَن الذي أَعدَى البعيرَ
الأَول أَي من أَين صار فيه الجَرَب؟ قال الأَزهري: العَدْوَى أَن يكون
ببعير جَرَبٌ أَو بإنسان جُذام أَو بَرَصٌ فتَتَّقيَ مخالطتَه أَو مؤاكلته
حِذار أَن يَعْدُوَه ما به إِليك أَي يُجاوِزه فيُصيبك مثلُ ما أَصابه.
ويقال: إِنَّ الجَرَب ليُعْدي أَي يجاوز ذا الجَرَب إلى مَنْ قاربه حتى
يَجْرَبَ، وقد نَهى النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، مع إنكاره العَدْوى، أَن
يُورِدَ مُصِحٌّ على مُجْرِب لئلا يصيب الصِّحاحَ الجَرَبُ فيحقق صاحبُها
العَدْوَى. والعَدْوَى: اسمٌ من أَعْدَى يُعْدِي، فهو مُعْدٍ، ومعنى
أَعْدَى أَي أَجاز الجَرَبَ الذي به إِلى غيره، أَو أَجاز جَرَباً بغيره
إِليه، وأَصله مِنْ عَدا يَعْدُو إِذا جاوز الحدَّ. وتعادَى القومُ أَي
أَصاب هذا مثلُ داء هذا. والعَدْوَى: طَلَبُك إِلى والٍ ليُعْدِيَكَ على منْ
ظَلَمك أَي يَنْتَقِم منه. قال ابن سيده: العَدْوَى النُّصْرَة
والمَعُونَة. وأَعْداهُ عليه: نَصَره وأَعانه. واسْتَعْداهُ: اسْتَنْصَره
واستعانه. واسْتَعْدَى عليه السلطانَ أَي اسْتَعانَ به فأَنْصَفه منه. وأَعْداهُ
عليه: قَوَّاه وأَعانه عليه؛ قال يزيد ابن حذاق:
ولقد أَضاءَ لك الطَّريقُ، وأَنْهَجَتْ
سُبُلُ المكارِمِ، والهُدَى يُعْدي
أَي إِبْصارُكَ الطَّريقَ يقوِّيك على الطَّريقِ ويُعينُك؛
وقال آخر:
وأَنتَ امرؤٌ لا الجُودُ منكَ سَجيَّةٌ
فتُعْطِي، وقد يُعْدِي على النَّائِلِ الوُجْدُ
ويقال: اسْتَأْداه، بالهمزة، فآداه أَي أَعانَه وقَوَّاه، وبعضُ أَهل
اللغة يجعل الهمزة في هذا أَصلاً ويجعل العين بدلاً منها. ويقال: آدَيْتُك
وأَعْدَيْتُك من العَدْوَى، وهي المَعونة. وعادى بين اثنين فصاعِداً
مُعاداةً وعِداءً: وإلي؛ قال امرؤ القيس:
فعادَى عِداءً بين ثَوْرٍ ونَعْجَةٍ،
وبين شَبُوبٍ كالقَضِيمَةِ قَرْهَبِ
ويقال: عادى الفارِسُ بين صَيْدَيْن وبين رَجُلَين إِذا طَعَنهما طعنتين
مُتَوالِيَتَيْن. والعِدَاء، بالكسر، والمُعاداة: المُوالاة والمتابَعة
بين الاثنين يُصرَعُ أَحدهما على إِثر الآخر في طَلَقٍ واحد؛ وأَنشد
لامرئ القيس:
فعادَى عِدَاءً بين ثَوْرٍ ونَعْجةٍ
دِراكاً، ولم يُنْضَحْ بماءٍ فيُغْسَلِ
يقال: عادَى بين عَشَرة من الصَّيْد أَي والى بينها قَتْلاً ورَمْياً.
وتعادَى القومُ على نصرهم أَي تَوالَوْا وتَتابَعوا. وعِداءُ كلِّ شيءٍ
وعَدَاؤُه وعِدْوَتُه وعُدْوَتُه وعِدْوُه: طَوَارُه، وهو ما انْقادَ معه
مِن عَرْضِه وطُولِه؛ قال ابن بري: شاهده ما أَنشده أَبو عمرو بن
العلاء:بَكَتْ عَيْني، وحَقَّ لها البُكاءُ،
وأَحْرَقَها المَحابِشُ والعَدَاء
(* قوله« المحابش» هكذا في الأصل.)
وقال ابن أَحمر يخاطب ناقته:
خُبِّي، فَلَيْس إِلى عثمانَ مُرْتَجَعٌ
إِلاّ العَداءُ، وإِلا مكنع ضرر
(* قوله« إلا مكنع ضرر» هو هكذا في الأصل.)
ويقال: لَزِمْت عَداءَ النهر وعَدَاءَ الطريق والجبلِ أَي طَوَاره. ابن
شميل: يقال الْزَمْ عَدَاء الطريق، وهو أَن تأْخذَه لا تَظْلِمه. ويقال:
خُذْ عَداءَ الجبل أَي خذ في سَنَدِه تَدورُ فيه حتى تعلُوَه، وإِن
اسْتَقام فيه أَيضاً فقد أَخَذَ عَدَاءَه. وقال ابن بزرج: يقال الْزَمِ عِدْوَ
أَعْدَاءِ الطريقِ
(* قوله« عدو أعداء الطريق» هكذا في الأصل والتهذيب.)
والْزَمْ أَعْدَاء الطريق أَي وَضَحَه. وقال رجل من العرب لآخر:
أَلَبناً نسقيك أَم ماءً؟ فأَجاب: أَيَّهُما كان ولا عَدَاءَ؛ معناه لا بُدَّ من
أَحدهما ولا يكونن ثالث.
ويقال: الأَكْحَل عِرْقٌ عَداءَ الساعِدِ.
قال الأَزهري: والتَّعْداءُ التَّفْعال من كل ما مَرَّ جائز.
والعِدَى والعَدَا: الناحية؛ الأَخيرة عن كراع، والجمع أَعْداءٌ.
والعُدْوةُ: المكانُ المُتَباعِدُ؛ عن كراع. والعِدَى والعُدْوةُ والعِدْوةُ
والعَدْوَة، كلُّه: شاطئُ الوادي؛ حكى اللحياني هذه الأَخيرةَ عن يونس.
والعُدْوة: سنَدُ الوادي، قال: ومن الشاذِّ قراءة قَتادة: إِذ أَنتم
بالعَدْوةِ الدنيا.والعِدْوة والعُدْوة أَيضاً: المكان المرتفع. قال الليث:
العُدْوة صَلابة من شاطئِ الوادي، ويقال عِدْوة. وفي التنزيل: إِذ أَنتم
بالعُدْوة الدنيا وهم بالعُدْوة القُصْوى؛ قال الفراء: العُدْوة شاطئُ
الوادي، الدنيا مما يَلي المدينة، والقُصْوَى مما يلي مكة، قال ابن السكيت:
عُدْوةُ الوادي وعِدْوتُه جانبُه وحافَتُه، والجمع عِدًى وعُدًى؛ قال
الجوهري: والجمع عِداءٌ مثلُ بُرْمَةٍ وبِرامٍ ورِهْمَةٍ ورِهامٍ وعِدَياتٌ؛
قال ابن بري: قال الجوهري الجمع عِدَياتٌ، قال: وصوابه عِدَاواتٌ ولا
يجوز عِدِواتٌ على حدّ كِسِراتٍ. قال سيبويه: لا يقولون في جمع جِرْوةٍ
جِرِياتٌ، كراهة قلْب الواو ياءً، فعلى هذا يقال جِرْوات وكُلْياتٌ
بالإِسكان لا غيرُ. وفي حديث الطاعون: لو كانت لك إِبلٌ فَهَبَطت وادياً له
عُدْوتانِ؛ العدوة، بالضم والكسر: جانبُ الوادي، وقيل: العُدوة المكان المرتفع
شيئاً على ما هو منه. وعَداءُ الخَنْدَقِ وعَداء الوادي: بطنُه وعادَى
شعرَه: أَخَذَ منه. وفي حديث حُذَيْفَة: أَنه خرج وقد طَمَّ رأْسَه فقال:
إِنَّ تحت كل شَعْرةٍ لا يُصيبُها الماء جَنابةً، فمن ثَمَّ عاديتُ رأْسي
كما تَرَوْنَ؛ التفسير لشمر: معناه أَنه طَمّه واسْتَأْصله ليَصِلَ
الماءُ إِلى أُصولِ الشَّعَر، وقال غيره: عادَيْتُ رأْسِي أَي جَفَوْت شعرَه
ولم أَدْهُنْه، وقيل: عادَيْتُ رأْسي أَي عاوَدْتُه بوضْوء وغُسْلٍ.
ورَوَى أَبو عَدْنانَ عن أَبي عبيدة: عادَى شعره رَفَعَه، حكاه الهَرَويّ في
الغريبين، وفي التهذيب: رَفَعَه عند الغسلِ. وعادَيْت الوسادةَ أَي
ثَنَيْتُها. وعادَيْتُ الشيءَ: باعَدْته. وتَعادَيْتُ عنه أَي تَجَافَيْت. وفي
النوادر: فلان ما يُعادِيني ولا يُواديني؛ قال: لا يُعاديني أَي لا
يُجافِيني، ولا يُواديني أَي لا يُواتيني.
والعَدَوِيَّة: الشجر يَخْضَرُّ بعدَ ذهاب الربيع.قال أَبو حنيفة: قال
أَبو زِيادٍ العَدَوِيَّة الرَّبْل، يقال: أَصاب المالُ عَدَويَّةً، وقال
أَبو حنيفة: لم أَسمَعْ هذا من غير أَبي زِيادٍ. الليث: العَدَوِيَّة من
نبات الصيف بعد ذهاب الربيع أَن تَخْضَرَّ صغار الشجر فتَرْعاه الإِبل،
تقول: أَصابت الإِبلُ عَدَويَّةً؛ قال الأَزهري: العَدَويَّة الإِبل التي
تَرْعى العُدْوة، وهي الخُلَّة، ولم يضبط الليث تفسير العَدَويَّة فجعله
نَباتاً، وهو غلط، ثم خَلَّط فقال: والعَدَويَّة أَيضاً سِخالُ الغنم،
يقال: هي بنات أَربعين يوماً، فإِذا جُزَّت عنها عَقِيقتُها ذهب عنها هذا
الاسم؛ قال الأَزهري: وهذا غلط بل تصحيف منكر، والصواب في ذلك
الغَدَويَّة، بالغين، أَو الغَذَويَّة، بالذال، والغِذاء: صغار الغنم، واحدها
غَذِيٌّ؛ قال الأَزهري: وهي كلها مفسرة في معتل الغين، ومن قال العَدَويةُ
سِخال الغنم فقد أَبْطَل وصحَّف، وقد ذكره ابن سيده في مُحكَمِه أَيضاً فقال:
والعَدَويَّة صِغارُ الغنمِ، وقيل: هي بناتُ أَربعين يوماً.
أَبو عبيد عن أَصحابه: تَقادَعَ القومُ تَقادُعاً وتَعادَوْا تَعادِياً
وهو أَن يَمُوتَ بعضهم في إِثْر بعض. قال ابن سيده: وتَعادَى القومُ
وتَعادَتِ الإِبلُ جميعاً أَي مَوَّتَتْ، وقد تَعادَتْ بالقَرْحة. وتَعادَى
القوم: ماتَ بعضهم إِثْرَ بعَضٍ في شَهْرٍ واحدٍ وعامٍ واحد؛ قال:
فَما لَكِ منْ أَرْوَى تَعادَيْت بالعَمى،
ولاقَيْتِ كَلاّباً مُطِّلاً وراميا
يدعُو عليها بالهلاكِ.
والعُدْوة: الخُلَّة من النَّبَات، فإِذا نُسِبَ إِليها أَو رَعَتْها
الإِبلُ قيل إِبل عُدْويَّةٌ على القِياسِ، وإِبلٌ عَدَويَّة على غَيْرِ
القِياسِ، وعَوادٍ على النَّسَبِ بغير ياء النَّسَبِ؛ كلّ ذلك عن ابن
الأَعرابي. وإِبلٌ عادِيَةٌ وعَوادٍ: تَرْعى الحَمْضَ قال كُثَيِّر:
وإِنَّ الذي يَنْوي منَ المالِ أَهلُها
أَوارِكُ، لمَّا تَأْتَلِفْ، وعَوادِي
ويُرْوى: يَبْغِي؛ ذكَرَ امرأَةً وأَن أَهلَها يطلبُون في مَهْرِها من
المالِ ما لا يُمْكن ولا يكون كما لا تَأْتَلِفُ هذه الأَوارِكُ
والعَوادي، فكأَن هذا ضِدَّ لأَنَّ العَوادِيَ على هذَيْن القولين هي التي تَرْعى
الخُلَّةَ والتي تَرْعَى الحَمْضَ، وهما مُخْتَلِفا الطَّعْمَيْن لأَن
الخُلَّة ما حَلا من المَرْعى، والحَمْض منه ما كانت فيه مُلُوحَةٌ،
والأَوارك التي ترعى الأَراك وليسَ بحَمْضٍ ولا خُلَّة، إِنما هو شجر عِظامٌ.
وحكى الأَزهري عن ابن السكيت: وإِبلٌ عادِيَةٌ تَرْعَى الخُلَّة ولا
تَرْعَى الحَمْضَ، وإِبلٌ آركة وأَوَارِكُ مقيمة في الحَمْضِ؛ وأَنشد بيت كثير
أَيضاً وقال: وكذلك العادِيات؛ وقال:
رأَى صاحِبي في العادِياتِ نَجِيبةً،
وأَمْثالها في الواضِعاتِ القَوامِسِ
قال: ورَوَى الرَّبيعُ عن الشافعي في باب السَّلَم أَلْبان إِبلٍ عَوادٍ
وأَوارِكَ، قال: والفرق بينهما ما ذكر. وفي حديث أَبي ذرّ: فقَرَّبوها
إِلى الغابة تُصيبُ مِن أَثْلها وتَعْدُو في الشَّجَر؛ يعني الإِبلَ أَي
تَرْعى العُدْوَةَ، وهي الخُلَّة ضربٌ من المَرْعَى مَحبوبٌ إِلى الإِبل.
قال الجوهري: والعادِيةُ من الإِبل المُقِيمة في العِضاهِ لا تُفارِقُها
وليست تَرْعَى الحَمْضَ، وأَما الذي في حديث قُسٍّ: فإذا شَجَرة
عادِيَّةٌ أَي قَدِيمة كأَنها نُسِبَت إِلى عادٍ، وهمْ قومُ هودٍ النبيِّ، صلى
الله عليه وعلى نَبيِّنا وسلم، وكلّ قديمٍ يَنْسُبُونه إِلى عادٍ وإِن لم
يُدْرِكْهُم. وفي كتاب عليٍّ إِلى مُعاوية: لم يَمْنَعْنا قَدِيمُ عِزِّنا
وعادِيُّ طَوْلِنا على قَوْمِك أَنْ خَلَطْناكُم بأَنْفُسِنا.
وتَعدَّى القَوْمُ: وجَدُوا لَبَناً يَشْرَبونَه فأَغْناهُمْ عن
اشْتِراء اللَّحْمِ، وتَعَدَّوْا أَيضاً: وجَدُوا مَراعِيَ لمَواشيهِمْ
فأَغْناهُم ذلك عن اشْتِراءِ العَلَف لهَا؛ وقول سَلامَة بن جَنْدَل:
يَكُونُ مَحْبِسُها أَدْنَى لمَرْتَعِها،
ولَوْ تَعادَى ببكْءٍ كلُّ مَحْلُوب
معناه لَوْ ذَهَبَتْ أَلْبانُها كلُّها؛ وقول الكميت:
يَرْمِي بعَيْنَيْهِ عَدْوَةَ الأَمدِ الـ
أَبعدِ، هَلْ في مطافِهِ رِيَب؟
قال: عَدْوة الأَمد مَدُّ بصَره ينظُر هل يَرى رِيبةً تَريبهُ. وقال
الأَصمعي: عداني منه شر أَي بَلَغني، وعداني فلان مِنْ شَرِّه بشَرّ
يَعْدُوني عَدْواً؛ وفلان قد أَعْدَى الناس بشَرٍّ أَي أَلْزَقَ بهم منه شَرّاً،
وقد جلَسْتُ إِليه فأَعْداني شرًّا أَي أَصابني بشرِّه. وفي حديث عليّ،
رضي الله عنه، أَنه قال لطَلْحَة يومَ الجَمَل: عرَفْتَني بالحجاز
وأَنْكَرْتني بالعراق فما عَدَا مِمَّا بَدَا؟ وذلك أَنه كان بايَعه بالمَدِينة
وجاءَ يقاتله بالبَصْرة، أَي ما الذي صَرَفَك ومَنَعك وحملك على
التَّخَلّف، بعدَ ما ظهر منك من التَّقَدّم في الطاعة والمتابعة، وقيل: معناه ما
بَدَا لكَ مِنِّي فصَرَفَك عَنِّي، وقيل: معنى قوله ما عَدَا مِمَّا
بدَا أَي ما عَداك مما كان بَدَا لنا من نصرِك أَي ما شَغَلك؛ وأَنشد:
عداني أَنْ أَزُورَك أَنَّ بَهْمِي
عَجايا كلُّها، إِلاَّ قَلِيلاَ
وقال الأَصمعي في قول العامة: ما عدَا مَنْ بَدَا،
هذا خطأٌ والصواب أَمَا عَدَا مَنْ بَدَا، على الاستفهام؛ يقول: أَلمْ
يَعْدُ الحقَّ مَنْ بدأَ بالظلم، ولو أَراد الإِخبار قال: قد عَدَا منْ
بَدانا بالظلم أَي قد اعْتَدَى، أَو إنما عَدَا مَنْ بَدَا. قال أَبو
العباس: ويقال فَعَلَ فلان ذلك الأَمرَ عَدْواً بَدْواً أَي ظاهراً
جِهاراً.وعَوادي الدَّهْر: عَواقِبُه؛ قال الشاعر:
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ من يتَجَنَّبُ،
وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيك تَشْعَبُ
وقال المازني: عَدَا الماءُ يَعْدُو إِذا جَرَى؛ وأَنشد:
وما شَعَرْتُ أَنَّ ظَهْري ابتلاَّ،
حتى رأَيْتُ الماءَ يَعْدُو شَلاَّ
وعَدِيٌّ: قَبيلَةٌ. قال الجوهري: وعَدِيٌّ من قُرَيش رهطُ عُمر بن
الخطاب، رضي الله عنه، وهو عَدِيُ بن كَعْب بن لُؤَيِّ بنِ غالبِ بنِ فهْرِ
بن مالكِ بنِ النَّضْرِ، والنسبة إِليه عَدَوِيٌّ وَعَدَيِيٌّ، وحُجَّة
مَن أَجازَ ذلك أَن الياءَ في عَدِيٍّ لمَّا جَرَتْ مَجْرى الصحيح في
اعْتقابِ حَرَكات الإِعراب عليها فقالوا عَدِيٌّ وعَدِيّاً وعَدِيٍّ، جَرَى
مَجْرَى حَنِيفٍ فقالوا عَدَيِيٌّ كما قالوا حَنَفِيٌّ، فِيمَن نُسِب إِلى
حَنِيفٍ. وعَدِيُّ بن عبد مَناة: من الرِّباب رَهْطِ ذي الرُّمَّة،
والنسبة إِليهم أَيضاً عَدَوِيّ، وعَدِيٌّ في بني حَنيفة، وعَدِيٌّ في فَزارة.
وبَنُو العَدَوِيَّة: قومٌ من حَنْظلة وتَمِيمٍ.وعَدْوانُ، بالتسكين:
قَبيلَةٌ، وهو عَدْوانُ بن عَمْرو بن قَيْس عَيْلانَ؛ قال الشاعر:
عَذِيرَ الحَيِّ مِنْ عَدْوا
نَ، كانوا حيَّةَ الأَرضِ
أَراد: كانوا حَيَّاتِ الأَرْضِ، فوضَع الواحدَ موضع الجمع. وبَنُو
عِدًى: حَيٌّ من بني مُزَيْنَة، النَسَبَ إِليه عِداويٌّ نادرٌ؛ قال:
عِداوِيَّةٌ، هيهاتَ منكَ محلُّها
إِذا ما هي احْتَلَّتْ بقُدْسٍ وآرَةِ
ويروى: بقدس أُوارَةِ. ومَعْدِ يكرَبَ: من جَعله مَفْعِلاً كان له
مَخْرَج من الياء والواو، قال الأَزهري: مَعْدِيكرَب اسمان جُعِلا اسماً
واحداً فأُعْطِيا إِعراباً واحداً، وهو الفتح. وبنو عِداءٍ
(* قوله« وبنو عداء
إلخ» ضبط في المحكم بكسر العين وتخفيف الدال والمدّ في الموضعين، وفي
القاموس: وبنو عداء، مضبوطاً بفتح العين والتشديد والمدّ.): قبيلة؛ هن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَلمْ تَرَ أَنَّنا، وبَني عِداءٍ،
توارَثْنا من الآباء داءَ؟
وهم غيرُ بني عِدًى من مُزينة. وسَمَوْأَلُ بنُ عادِياءَ، ممدودٌ؛ قال
النَّمِر بن تَوْلب:
هَلاَّ سأَلْت بِعادِياءَ وبَيْتِه،
والخَلِّ والخَمْرِ التي لم تُمْنَع
وقد قصَره المُرادِي في شِعْره فقال:
بَنَى لي عادِيَا حِصْناً حَصِينــاً،
إِذا ما سامَني ضَيْمٌ أَبَيْتُ
منع: المَنْعُ: أَن تَحُولَ بين الرجل وبين الشيء الذي يريده، وهو خلافُ
الإِعْطاءِ، ويقال: هو تحجيرُ الشيء، مَنَعَه يَمْنَعُه مَنْعاً
ومَنَّعَه فامْتَنَع منه وتمنَّع.
ورجل مَنُوعٌ ومانِعٌ ومَنَّاعٌ: ضَنِينٌ مُمْسِكٌ. وفي التنزيل:
مَنَّاعٍ للخير، وفيه: وإِذا مسَّه الخيْرُ مَنُوعاً. ومَنِيعٌ: لا يُخْلَصُ
إِليه في قوم مُنَعاءَ، والاسم المَنَعةُ والمَنْعةُ والمِنْعةُ. ابن
الأَعرابي: رجل مَنُوعٌ يَمْنَع غيره، ورجل مَنِعٌ يمنع نفسه، قال:
والمَنِيعُ أَيضاً الممتنِعُ، والمَنُوع الذي منع غيره؛ قال عمرو بن
معديكرب:بَراني حُبُّ مَنْ لا أَسْتَطِيعُ،
ومَنْ هو للذي أَهْوَى مَنُوعُ
والمانِعُ: من صفات الله تعالى له معنيان: أَحدهما ما روي عن النبي، صلى
الله عليه وسلم، أَنه قال: اللهم لا مانِعَ لما أَعْطَيْتَ ولا مُعْطِيَ
لِما مَنَعْتَ، فكان عز وجل يُعْطِي من استحقَّ العطاءَ ويمنع من لم
يستحق إِلاَّ المنع، ويعطي من يشاء ويمنع من يشاء وهو العادل في جميع ذلك،
والمعنى الثاني من تفسير المانع أَنه تبارك وتعالى يمنع أَهل دينه أَي
يَحُوطُهم وينصرهم،وقيل: يمنع من يريد من خلقه ما يريد ويعطيه ما يريد، ومن
هذا يقال فلان في مَنَعةٍ أَي في قوم يحمونه ويمنعونه، وهذا المعنى في
صفة الله جل جلاله بالغ، إِذ لا منعة لمن لم يمنعه الله ولا يمتنع من لم
يكن الله له مانعاً. وفي الحديث: اللهم مَن مَنَعْتَ مَمْنُوعٌ أَي من
حََرَمْتَه فهو مَحْرُومٌ لا يعطيه أَحد غيرك. وفي الحديث: أَنه كان ينهي عن
عُقُوقِ الأُمَّهات ومَنْعٍ وهات أَي عن مَنْعِ ما عليه إِعطاؤُه وطَلبِ
ما ليس له. وحكى ابن بري عن النَّجِيرَمِيّ
(* قوله« النجيرمي» حكى ياقوت
في مجمعه فتح الجيم وكسرها مع فتح الراء): مَنَعةٌ جمع مانِعٍ. وفي
الحديث: سيَعُوذُ بهذا البيتِ قومٌ ليست لهم مَنْعةٌ أَي قوَّة تمنع من
يريدهم بسوء، وقد تفتح النون،وقيل: هي بالفتح جمعُ مانِعٍ مثل كافِرٍ
وكُفَرةٍ.
ومانَعْتُه الشيءَ مُمَانَعةً، ومَنُعَ الشيءُ مَناعةً، فهو مَنِيعٌ:
اعتَزَّ وتعسَّر. وفلان في عِزٍّ ومَنَعةٍ، بالتحريك وقد يُسكن، يقال:
المَنعةُ جمعٌ كما قدَّمنا أَي هو في عِزٍّ ومن يَمْنعه من عشيرتِه، وقد
تمنَّع وامرأَة مَنِيعةٌ متمنِّعةٌ: لا تؤاآتى على فاحِشةٍ، والفعلُ كالفعل،
وقد مَنُعَتْ مَناعةً، وكذلك حصِنٌ مَنِيعٌ، وقد مَنُعَ، بالضم، مَناعةً
إِذا لم يُرَمُ. وناقة مانِعٌ: مَنَعَتْ لبنها، على النسب؛ قال أُسامةُ
الهُذَلي:
كأَني أُصادِيها على غُبْرِ مانِعٍ
مُقَلِّصةٍ، قد أَهْجَرَتها فُحُولُها
ومَناعِ: بمعنى امْنَعْ. قال اللحياني: وزعم الكسائي أَن بني أَسد
يفتحون مَناعَها ودَراكَها وما كان من هذا الجنس، والكسر أَعرف. وقوسٌ
مَنْعةٌ: ممتنعةٌ مُتَأَبِّيةٌ شاقَّةٌ؛ قال عمرو بن براء:
ارْمِ سَلاماً وأَبا الغَرَّافِ،
وعاصماً عن مَنْعَةٍ قَذَّافِ
والمُتَمنِّعَتانِ: البكْرَةُ والعَناقُ يَتَمَنَّعانِ على السَّنةِ
لفَتائِهما وإِنهما يَشْبَعانِ قَبْلَ الجِلَّةِ، وهما المُقاتِلتانِ
الزمانَ على أَنفُسِهما. ورجل مَنِيعٌ: قويُّ البدن شديدُه. وحكى اللحياني: لا
مَنْعَ عن ذاك، قال: والتأْويل حقّاً أَنك إِن فعلت ذلك.
ابن الأَعرابي: المَنْعِيُّ أَكَّالُ المُنُوعِ وهي السَّرطاناتُ،
واحدها مَنْعٌ.
ومانِعٌ ومَنِيعٌ ومُنَيْعٌ وأَمْنَعُ: أَسماءٌ. ومَناعِ: هَضْبةٌ في
جبل طيِّءٍ. والمَناعةُ: اسم بلد؛ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ:
أَرَى الدَّهْر لا يَبْقَى على حَدَثانِه،
أُبُودٌ بأَطرافِ المَناعةِ جَلْعَدُ
(* قوله« بأطراف المناعة» تقدم في مادة أبد إِنشاده بأطراف المثاعد.)
قال ابن جني: المَناعةُ تحتمل أَمرين: أَحدهما أَن تكون فَعالةً من مَنَعَ،
والآخر أَن تكون مَفْعَلَةً من قولهم جائِعٌ نائِعٌ، وأَصلها مَنْوَعةٌ
فجرَت مَجْرى مَقامةٍ وأَصلُها مَقْوَةٌ.
أيد: الأَيْدُ والآدُ جميعاً: القوة؛ قال العجاج:
من أَن تبدّلت بآدِي آدا
يعني قوّة الشباب. وفي خطبة علي، كرم الله وجهه: وأَمسكها من أَن تمور
بأَيْدِه أَي بقوّته؛ وقوله عز وجل: واذكر عبدنا داود ذا الأَيْد؛ أَي ذا
القوة؛ قال الزجاج: كانت قوّته على العبادة أَتم قوة، كان يصوم يوماً
ويفطر يوماً، وذلك أَشدّ الصوم، وكان يصلي نصف الليل؛ وقيل: أَيْدُه قوّته
على إِلانةِ الحديد بإِذن الله وتقويته إِياه.
وقد أَيَّده على الأَمر؛ أَبو زيد: آد يَئِيد أَيداً إِذا اشتد وقوي.
والتأْييد: مصدر أَيَّدته أَي قوّيته؛ قال الله تعالى: إِذا أَيدتك بروح
القدس؛ وقرئ: إِذا آيَدْتُك أَي قوّيتك، تقول من: آيَدْته على فاعَلْته
وهو مؤيَد. وتقول من الأَيْد: أَيَّدته تأْييداً أَي قوَّيته، والفاعل
مؤَيِّدٌ وتصغيره مؤَيِّد أَيضاً والمفعول مُؤَيَّد؛ وفي التنزيل العزيز:
والسماء بنيناها بأَيد؛ قال أَبو الهيثم: آد يئيد إِذا قوي، وآيَدَ يُؤْيِدُ
إِيآداً إِذا صار ذا أَيد، وقد تأَيَّد. وأُدت أَيْداً أَي قوِيتُ.
وتأَيد الشيء: تقوى. ورجل أَيِّدٌ. بالتشديد، أَي قويّ؛ قال الشاعر:
إِذا القَوْسُ وَتَّرها أَيِّدٌ،
رَمَى فأَصاب الكُلى والذُّرَا
يقول: إِذا الله تعالى وتَّر القوسَ التي في السحاب رمى كُلى الإِبل
وأَسنمتَها بالشحم، يعني من النبات الذي يكون من المطر. وفي حديث حسان بن
ثابت: إن روح القدس لا تزال تُؤَيِّدُك أَي تقويك وتنصرك والآد:
الصُّلب.والمؤيدُ: مثال المؤمن: الأَمر العظيم والداهية؛ قال طرفة:
تقول وقد، تَرَّ الوظيفُ وساقُها:
أَلستَ تَرى أَنْ قد أَتيتَ بمُؤْيِدِ؟
وروى الأَصمعي بمؤيَد، بفتح الياء، قال: وهو المشدّد من كل شيء؛ وأَنشد
للمثَبِّب العَبْدي:
يَبْنى، تَجَاليدي وأَقْتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤْيَدِ
يريد بالناوي: سنامها وظهرها. والفدَن: القصر. وتجاليده: جسمه.
والإِيادُ: ما أُيِّدَ به الشيء؛ الليث: وإِيادُ كل شيء ما يقوّى به من
جانبيه، وهما إِياداه. وإِياد العسكر: الميمنة والميسرة؛ ويقال لميمنة
العسكر وميسرته: إِياد؛ قال العجاج:
عن ذي إِيادَينِ لَهَامٍ، لو دَسَرْ
برُكْنهِ أَركانَ دَمْخٍ، لانْقَعَرْ
وقال يصف الثور:
متخذاً منها إِياداً هدَفا
وكل شيء كان واقياً لشيء، فهو إِيادُه. والإِياد: كل مَعْقل أَو جبل
حصين أَو كنف وستر ولجأ؛ وقد قيل: إِن قولهم أَيده الله مشتق من ذلك؛ قال
ابن سيده: وليس بالقوي، وكل شيء كَنَفَك وسترك: فهو إِياد. وكل ما يحرز به:
فهو إِياد؛ وقال امرؤ القيس يصف نخيلاً:
فأَثَّتْ أَعاليه وآدتْ أُصولُه،
ومال بِقِنْيانً من البُسْرِ أَحمرا
آدت أُصوله: قويت، تَئيدُ أَيْداً. والإِيادُ: التراب يجعل حول الحوض
أَو الخباءَ يقوى به أَو يمنع ماء المطر؛ قال ذو الرمة يصف الظليم:
دفعناه عن بَيضٍ حسانٍ بأَجْرَعٍ،
حَوَى حَوْلَها من تُرْبهِ بإِيادِ
يعني طردناه عن بيضه. ويقال: رماه الله بإِحدى الموائد والمآود أَي
الدواهي. والإِياد: ماحَنا من الرمل. وإِياد: اسم رجل، هو ابن معدّ وهم اليوم
باليمن؛ قال ابن دريد: هما إِيادانِ: إِياد بن نزار، وإِياد بن سُود بن
الحُجر بن عمار بن عمرو. الجوهري: إِيادُ حيّ من معدّ؛ قال أَبو دُواد
الإِيادي:
في فُتوٍّ حَسَنٍ أَوجهُهُمْ،
من إِياد بن نِزار بن مُضر.
خفر: الخَفَرُ، بالتحريك: شِدَّةُ الحياء؛ تقول منه: خَفِرَ، بالكسر،
وخَفِرَتِ المرأَةُ خَفَراً وخَفارَةً، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، فهي
خَفِرَةٌ، على الفعل، ومُتَخَفِّرَةٌ وخَفِيرٌ من نسوة خَفائِرَ، ومِخْفارٌ
على النَّسَبِ أَو الكثرة؛ قال:
دارٌ لِجَمَّاءِ العِظامِ مِخْفار
وتَخَفَّرَتْ: اشْتَدَّ حياؤها. والتَّخْفِيرُ: التَّسْوِير. وخَفَرَ
الرجلَ وخَفَرَ به وعليه يَخْفِرُ خَفْراً: أَجاره ومنعه وأَمَّنَهُ، وكان
له خفيراً يمنعه، وكذلك تَخَفَّرَ به. وخَفَرَه: استجار به وسأَله أَن
يكون له خفيراً، وخَفَّرَه تَخْفِيراً؛ قال أَبو جُنْدبٍ الهُذَلِيُّ:
ولكِنَّنِي جَمْرُ الغَضَا، من ورائِهِ
يُخَفِّرُنِي سَيْفي، إِذا لم أُخَفَّرِ
وفلانٌ خَفِيري أَي الذي أُجيره. والخَفِيرُ: المجير، فكل واحد منهم
خفير لصاحبه، والاسم من ذلك كله الخُفْرَةُ والخَفارَةُ والخُفارَةُ، بالفتح
والضم، وقيل: الخُفْرَةُ والخُفارَةُ والخَفارَةُ والخِفارَةُ الأَمانُ،
وهو من ذلك الأَوَّل. والخُفَرَةُ أَيضاً:
(* قوله: «والخفرة أَيضاً»
لفظ أَيضاً زائد إذ الخفرة كهمزة غير ما قبله أَعني الخفرة بضم فسكون كما
في القاموس وغيره). الخَفِيرُ الذي هو المجير. الليث: خَفِيرُ القوم
مُجيرهم الذي يكونون في ضمانه ما داموا في بلاده، وهو يَخفِر القومَ خَفارَةً.
والخَفارَةُ: الذِّمَّةُ، وانتهاكها إِخْفارٌ. والخُفارة والخِفارة
والخَفارة أَيضاً: جُعْلُ الخَفِير؛ وخَفَرْتُه خَفْراً وخُفُوراً. ويقال:
أَخْفَرْته إِذا بَعَثْتَ معه خَفِيراً؛ قاله أَبو الجرّاح العقيلي، والاسم
الخُفْرَةُ، بالضم، وهي الذمة. يقال: وَفَتْ خُفْرَتُك، وكذلك الخُفارة،
بالضم، والخِفارَة، بالكسر. وأَخْفَرَه: نقض عهده وخاسَ به وغَدَره.
وأَخْفَرَ الذمة: لم يَفِ بها. وفي الحديث: من صلى الغداة فإِنه في ذمّة
الله فلا تُخْفِرُنَّ الله في ذمته؛ أَي لا تؤذوا المؤمن؛ قال زهير:
فإِنَّكُمُ، وقَوْماً أَخْفَرُوكُمْ،
لكالدِّيباجِ مالَ به العَبَاءُ
والخُفُورُ: هو الإِخْفارُ نفسُه من قبل المُخْفِر، من غير فعل، على
خَفَر يَخْفُر. شمر: خَفَرَتْ ذِمَّةُ فلان خُفُوراً إِذا لم يُوفَ بها ولم
تَتِمَّ؛ وأَخْفَرَها الرجلُ؛ وقال الشاعر:
فَواعَدنِي وأَخْلَفَ ثَمَّ ظَنِّي،
وبِئْسَ خَليقَةُ المرءِ الخُفُورُ .
وهذا من خَفَرَتْ ذِمَّتُه خُفُوراً. وخَفَرْتُ الرجلَ: أَجَرْتُه
وحَفِظْتُه. وخَفَرْتُه إِذا كنت له خَفِيراً أَي حامياً وكفيلاً.
وتَخَفَّرْتُ به إِذا استجرت به. والخِفارةُ بالكسر والضم: الذِّمام. وأَخْفَرْتُ
الرجل إِذا نقضت عهده وذمامه، والهمزة فيه للإِزالة أَي أَزلت خُِفارَته،
كأَشكيته إِذا أَزلت شكواه؛ قال ابن الأَثير: وهو المراد في الحديث. وفي
حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: من ظلم من المسلمين أَحداً فقد أَخْفَرَ
الله، وفي رواية: ذِمَّةَ الله. وفي حديث آخر: من صلى الصبح فهو في خُفْرَةِ
الله أَي في ذمته. وفي بعض الحديث: الدموع خُفَرُ العُيون؛ الخُفَرُ جمع
خُفْرَةٍ، وهي الذمة أَي أَن الدموع التي تجري خوفاً من الله تعالى
تُجِيرُ العيون من النار؛ كقوله، صلى الله عليه وسلم: عَيْنانِ لا
تَمَسُّهُما النارُ: عين بكت من خشية الله تعالى. وفي حديث لقمان بن عاد: حَيٌّ
خَفِرٌ أَي كثير الحياء والخَفَرِ. والخَفَرُ، بالفتح: الحياء؛ ومنه حديث
أُم سلمة لعائشة: غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الأَعْراضِ أَي الحياء من كل ما
يكره لهنّ أَن ينظرن إِليه، فأَضافت الخَفَر إِلى الأَعْراضِ أَي الذي
تستعمله لأَجل الإِعراض؛ ويروى: الأَعراض، بالفتح، جمع العِرْضِ أَي أَنهن
يستحيين ويتسترن لأَجل أَعراضهن وصونها. والخَافُورُ: نبت؛ قال أَبو
حنيفة: هو نبات تجمعه النمل في بيوتها؛ قال أَبو النجم:
وأَتَت النملُ القُرَى بِعِيرِها،
من حَسَكِ التَّلْعِ، ومن خافُورِها