من (ح ش ر) مؤنث حَشْرِي.
من (ح ش ر) مؤنث حَشْرِي.
حشر: حَشَرَهُم يَحْشُرُهم ويَحْشِرُهم حَشْراً: جمعهم؛ ومنه يوم
المَحْشَرِ. والحَشْرُ: جمع الناس يوم القيامة. والحَشْرُ: حَشْرُ يوم القيامة.
والمَحْشَرُ: المجمع الذي يحشر إِليه القوم، وكذلك إِذا حشروا إِلى بلد
أَو مُعَسْكَر أَو نحوه؛ قال الله عز وجل: لأَوَّلِ الحَشْرِ ما ظننتم
أَن يخرجوا؛ نزلت في بني النَّضِير، وكانوا قوماً من اليهود عاقدوا النبي،
صلى الله عليه وسلم، لما نزل المدينة أَن لا يكونوا عليه ولا له، ثم
نقضوا العهد ومايلوا كفار أَهل مكة، فقصدهم النبي، صلى الله عليه وسلم،
ففارقوه على الجَلاءِ من منازلهم فَجَلَوْا إِلى الشام. قال الأَزهري: هو أَول
حَشْرٍ حُشِر إِلى أَرض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة إِليها، قال:
ولذلك قيل: لأَوّل الحشر، وقيل: إِنهم أَول من أُجْلِيَ من أَهل الذمة من
جزيرة العرب ثم أُجلي آخرهم أَيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، منهم
نصارى نَجْرَانَ ويهودُ خيبر. وفي الحديث: انقطعت الهجرة إِلاَّ من ثلاث:
جهاد أَو نيَّة أَو حَشْرٍ، أَي جهاد في سبيل الله، أَو نية يفارق بها
الرجل الفسق والفجور إِذا لم يقدر على تغييره، أَو جَلاءٍ ينال الناسَ
فيخرجون عن ديارهم. والحَشْرُ: هو الجَلاءُ عن الأَوطان؛ وقيل: أَراد بالحشر
الخروج من النفير إِذا عم. الجوهري: المَحْشِرُ، بكسر الشين، موضع
الحَشْرِ.
والحاشر: من أَسماء سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لأَنه قال:
أَحْشُر الناسَ على قَدَمِي؛ وقال، صلى الله عليه وسلم: لي خمسة أَسماء:
أَنا محمد وأَحمد والماحي يمحو الله بي الكفر، والحاشر أَحشر الناس على
قدمي، والعاقب. قال ابن الأَثير: في أَسماء النبي، صلى الله عليه وسلم،
الحاشر الذي يَحْشُر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره. وقوله، صلى الله
عليه وسلم: إِني لي أَسماء؛ أَراد أَن هذه الأَسماء التي عدّها مذكورة في
كتب الله تعالى المنزلة على الأُمم التي كذبت بنبوَّته حجة عليهم. وحَشَرَ
الإِبلَ: جمعها؛ فأَما قوله تعالى: ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ ثم إِلى
ربهم يُحْشَرُونَ؛ فقيل: إِن الحشر ههنا الموت، وقيل: النَّشْرُ،
والمعنيان متقاربان لأَنه كله كَفْتٌ وجَمْعٌ. الأَزهري: قال الله عز وجل:
وإِذا الوحوش حُشرت، وقال: ثم إِلى ربهم يحشرون؛ قال: أَكثر المفسرين تحشر
الوحوش كلها وسائر الدواب حتى الذباب للقصاص، وأَسندوا ذلك إِلى النبي، صلى
الله عليه وسلم، وقال بعضهم: حَشْرُها موتها في الدنيا. قال الليث: إِذا
أَصابت الناسَ سَنَةٌ شديدة فأَجحفت بالمال وأَهلكت ذوات الأَربع، قيل:
قد حَشَرَتْهُم السنة تَحْشُرهم وتَحْشِرهم،وذلك أَنها تضمهم من النواحي
إِلى الأَمصار. وحَشَرَتِ السنةُ مال فلان: أَهلكته؛ قال رؤبة:
وما نَجا، من حَشْرِها المَحْشُوشِ،
وَحْشٌ، ولا طَمْشٌ من الطُّموشِ
والحَشَرَةُ: واحدة صغار دواب الأَرض كاليرابيع والقنافذ والضِّبابِ
ونحوها، وهو اسم جامع لا يفرد الواحد إِلاَّ أَن يقولوا: هذا من الحَشَرَةِ،
ويُجْمَعُ مُسَلَّماً؛ قال:
يا أُمَّ عَمْرٍو مَنْ يكن عُقْرَ حوَّا
ء عَدِيٍّ يأَكُلُ الحَشَراتِ
(* قوله: «يا أم عمرو» إلخ كذا في نسخة المؤلف).
وقيل: الحَشَراتُ هَوامُّ الأَرض مما لا اسم له. الأَصمعي: الحَشَراتُ
والأَحْراشُ والأَحْناشُ واحد، وهي هوام الأَرض. وفي حديث الهِرَّةِ: لم
تَدَعْها فتأْكل من حَشَراتِ الأَرض؛ وهي هوام الأَرض، ومنه حديث
التِّلِبِّ: لم أَسمع لحَشَرَةِ الأَرضِ تحريماً؛ وقيل: الصيد كله حَشَرَةٌ، ما
تعاظم منه وتصاغر؛ وقيل: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْل الأَرضِ حَشَرَةٌ.
والحَشَرَةُ أَيضاً: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْلِ الأَرض كالدُّعاعِ والفَثِّ.
وقال أَبو حنيفة: الحَشَرَةُ القِشْرَةُ التي تلي الحَبَّة، والجمع
حَشَرٌ. وروي ابن شميل عن ابن الخطاب قال: الحَبَّة عليها قشرتان، فالتي تلي
الحبة الحَشَرَةُ، والجمع الحَشَرُ، والتي فوق الحَشَرَةِ القَصَرَةُ.
قال الأَزهري: والمَحْشَرَةُ في لغة أَهل اليمن ما بقي في الأَرض وما
فيها من نبات بعدما يحصد الزرع، فربما ظهر من تحته نبات أَخضر فتلك
المَحْشَرَةُ. يقال: أَرسلوا دوابهم في المَحْشَرَةِ.
وحَشَرَ السكين والسِّنانَ حَشْراً: أَحَدَّهُ فَأَرَقَّهُ وأَلْطَفَهُ؛
قال:
لَدْنُ الكُعُوبِ ومَحْشُورٌ حَدِيدَتُهُ،
وأَصْمَعٌ غَيْرُ مَجْلُوزٍ على قَضَمِ
المجلوز: المُشدَّدُ تركيبه من الجَلْزِ الذي هو الليُّ والطَّيُّ.
وسِنانٌ حَشْرٌ: دقيق؛ وقد حَشَرْتُه حَشْراً. وفي حديث جابر: فأَخذتُ
حَجَراً من الأَرض فكسرته وحَشَرْتُه، قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية وهو
من حَشَرْتُ السِّنان إِذا دَقَّقْته، والمشهور بالسين، وقد تقدم.
وحَرْبَةٌ حَشْرَةٌ: حَدِيدَةٌ. الأَزهري في النوادر: حُشِرَ فلان في ذكره وفي
بطنه، وأُحْثِلَ فيهما إِذا كانا ضخمين من بين يديه. وفي الحديث: نار
تطرد الناسَ إِلى مَحْشَرهم؛ يريد به الشام لأَن بها يحشر الناس ليوم
القيامة. وفي الحديث الآخر: وتَحْشُرُ بقيتهم إِلى النار؛ أَي تجمعهم وتسوقهم.
وفي الحديث: أَن وَفْدَ ثَقِيفٍ اشترطوا أَن لا يُعْشَرُوا ولا
يُحْشرُوا؛ أَي لا يُنْدَبُونَ إِلى المغازي ولا تضرب عليهم البُعُوث، وقيل: لا
يحشرون إِلى عامل الزكاة ليأْخذ صدقة أَموالهم بل يأْخذها في أَماكنهم؛
ومنه حديث صُلْحِ أَهلِ نَجْرانَ: على أَن لا يُحْشَرُوا؛ وحديث النساء: لا
يُعْشَرْنَ ولا يُحْشَرْن؛ يعني للغَزَاةِ فإِن الغَزْوَ لا يجب عليهن.
والحَشْرُ من القُذَذِ والآذان: المُؤَلَّلَةُ الحَدِيدَةُ، والجمعُ
حُشُورٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ:
مَطارِيحُ بالوَعْثِ مُرُّ الحُشُو
رِ، هاجَرْنَ رَمَّاحَةً زَيْزَفُونا
والمَحْشُورَةُ: كالحَشْرِ. الليث: الحَشْرُ من الآذان ومن قُذَدِ رِيشِ
السِّهامِ ما لَطُفَ كأَنما بُرِيَ بَرْياً. وأُذُنٌ حَشْرَةٌ وحَشْرٌ:
صغيرة لطيفة مستديرة؛ وقال ثعلب: دقيقة الطَّرَفِ، سميت في الأَخيرة
بالمصدر لأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي صُغِّرَتْ وأُلطفت. وقال الجوهري:
كأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي بُرِيَتْ وحُدِّدَتْ، وكذلك غيرها؛ فرس حَشْوَرٌ،
والأُنثى حَشْوَرَةٌ. قال ابن سيده: من أَفرده في الجمع ولم يؤَنث فلهذه
العلة؛ كما قالوا: رجل عَدْلٌ ونسوة عَدْلٌ، ومن قال حَشْراتٌ فعلى
حَشْرَةٍ، وقيل: كلُّ لطيف دقيق حَشْرٌ. قال ابن الأَعرابي: يستحب في البعير
أَن يكون حَشْرَ الأُذن، وكذلك يستحب في الناقة؛ قال ذو الرمة:
لها أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى لَطِيفَةٌ،
وخَدَّ كَمِرآةِ الغَرِيبَة أَسْجَحُ
(* قوله: «وخد كمرآة الغريبة» في الأساس: يقال وجه كمرآة الغريبة لأَنها
في غير قومها، فمرآتها مجلوّة أَبداً لأَنه لا ناصح لها في وجهها).
الجوهري: آذان حَشْرٌ لا يثنى ولا يجمع لأَنه مصدر في الأَصل مثل قولهم
ماء غَوْرٌ وماء سَكْبٌ، وقد قيل: أُذن حَشْرَةٌ؛ قال النمر بن تولب:
لها أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ،
كإِعْلِيط مَرْخٍ إِذا ما صَفِرْ
وسهم مَحْشُورُ وحَشْرٌ: مستوي قُذَذِ الرِّيشِ. قال سيبويه: سهم حَشْرٌ
وسهام حَشْرٌ؛ وفي شعر هذيل: سهم حَشِرٌ، فإِما أَن يكون على النسب
كطَعِمٍ، وإِما أَن يكون على الفعل توهموه وإِن لم يقولوا حَشِرَ؛ قال أَبو
عمارة الهذلي:
وكلُّ سهمٍ حَشِرٍ مَشُوفِ
المشوف: المَجْلُوُّ. وسهم حَشْرٌ: مُلْزَقٌ جيد القُذَذِ، وكذلك الريش.
وحَشَرَ العودَ حَشْراً: براه. والحَشْرُ: اللَّزجُ في القَدَحِ من
دَسَمِ اللبنِ؛ وقيل: الحَشْرُ اللَّزِجُ من اللبن كالحَشَنِ. وحُشِرَ عن
الوَطْبِ إذا كثر وسخ اللبن عليه فَقُشِرَ عنه؛ رواه ابن الأَعرابي؛ وقال
ثعلب: إِنما هو حُشِنَ، وكلاهما على صيغة فعل المفعول.
وأَبو حَشْرٍ: رجل من العرب.
والحَشْوَرُ من الدواب: المُلَزَّرِ الخَلْقُ، ومن الرجال: العظيم
البطن؛ وأَنشد:
حَشْوَرَةُ الجَنْبَيْنِ مَعْطاءُ القفَا
وقيل: الحَشْوَرُ مثال الجَرْوَلِ المنتفخ الجنبين، والأُنثى بالهاء،
والله أَعلم.
رجم: الرَّجْمُ: القتل، وقد ورد في القرآن الرَّجْمُ القتل في غير موضع
من كتاب الله عز وجل، وإِنما قيل للقتل رَجْمٌ لأَنهم كانوا إِذا قتلوا
رجلاً رَمَوْهُ بالحجارة حتى يقتلوه، ثم قيل لكل قتل رَجْمٌ، ومنه رجم
الثيِّبَيْنِ إِذا زَنَيا، وأَصله الرمي بالحجارة. ابن سيده: الرَّجْمُ
الرمي بالحجارة. رَجَمَهُ يَرْجُمُهُ رَجْماً، فهو مَرْجُوم ورَجِيمٌ.
والرَّجْمُ: اللعن، ومنه الشيطان الرَّجِيمُ
أَي المَرْجُومُ بالكَواكب، صُرِفَ إِلى فَعِيلٍ من مَفْعُولٍ، وقيل:
رَجِيم ملعون مَرْجوم باللعنة مُبْعَدٌ مطرود، وهو قول أَهل التفسير، قال:
ويكون الرَّجيمُ بمعنى المَشْتُوم المَنسْوب من قوله تعالى: لئِنْ لم
تَنْتَهِ لأَرْجُمَنَّك؛ أَي لأَسُبَّنَّكَ. والرَّجْمُ: الهِجْرانُ،
والرَّجْمُ الطَّرْدُ، والرَّجْمُ الظن، والرجم السَّب والشتم. وقوله تعالى،
حكاية عن قوم نوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: لتَكونَنَّ من
المَرْجومينَ؛ قيل: المعنى من المَرْجومين بالحجارة، وقد تَراجَمُوا
وارْتَجَمُوا؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
فهي تَرامى بالحَصى ارْتِجامها
والرَّجْمُ: ما رُجِمَ به، والجمع رُجومٌ. والرُّجُمُ والرُّجُوم:
النجوم التي يرمى بها. التهذيب: والرَّجْمُ
اسم لما يُرْجَمُ به الشيء المَرْجوم، وجمعه رُجومُ. قال الله تعالى في
الشُّهُب: وجعلناها رُجوماً للشياطين؛ أَي جعلناها مَرامي لهم.
وتَراجَمُوا بالحجارة أَي تَرامَوْا بها. وفي حديث قتادة: خلق الله هذه النجوم
لثلاثٍ: زينةً للسماء، ورُجوماً للشياطين، وعَلاماتٍ يُهْتَدى بها؛ قال ابن
الأَثير: الرُّجُومُ جمع رَجْمٍ، وهو مصدر سمي به، ويجوز أَن
يكون مصدراً لا جمعاً، ومعنى كونها رُجُوماً للشياطين أَن الشُّهُبَ
التي تَنْقَضُّ في الليل منفصلةٌ من نار الكواكب ونورِها، لا أَنهم
يُرْجَمُونَ بالكواكب أَنفسها، لأَنها ثابتة لا تزول، وما ذاك إِلا كَقَبسٍ
يُؤْخَذُ
من نار والنار ثابتة في مكانها، وقيل: أَراد بالرُّجوم الظُّنون التي
تُحْزَرُ وتُظَنُّ؛ ومنه قوله تعالى: سَيقُولونَ ثَلاثةٌ رابعهم
كَلْبُهُمْ ويقولون خَمْسَةٌ سادِسُهم كَلْبُهُمْ رَجْماً بالغيب؛ وما يعانيه
المُنَجِّمُونَ من الحَدْسِ والظن والحُكْمِ على اتصال النجوم وانفصالها،
وإِياهم عنى بالشياطين لأَنهم شياطين الإِنْس، قال: وقد جاء في بعد
الأَحاديث: من اقْتَبَسَ باباً من علم النجوم لغير ما ذكر الله فقد اقتبس
شُعْبَةً من السحر، المُنَجِّمُ كاهِنٌ والكاهن ساحر والساحر كافر؛ فجعل
المُنَجِّمَ الذي يتعلم النجوم للحكم بها وعليها وينسب التأْثيرات من الخير
والشر إِليها كافراً، نعوذ بالله من ذلك. والرَّجْمُ: القول بالظن والحَدْسِ،
وفي الصحاح: أَن يتكلم الرجل بالظن؛ ومنه قوله: رجْماً بالغيب. وفرس
مِرْجَمٌ: يَرْجُمُ الأَرض بحَوافره، وكذلك البعير، وهو مَدْحٌ، وقيل: هو
الثقيل من غير بُطْء، وقد ارْتَجَمَتِ الإِبل وتَراجَمَتْ. وجاء يَرْجُمُ
إِذا مَرَّ يَضْطَرِمُ عَدْوُهُ؛ هذه عن اللحياني. وراجَمَ عن قومه:
ناضَلَعنهم. والرِّجامُ: الحجارة، وقيل: هي الحجارة المجتمعة، وقيل: هي
كالرِّضام وهي صخور عظام أَمثال الجُزُرِ، وقيل: هي كالقُبور العادِيَّةِ،
واحدتها رُجْمةٌ، والرُّجْمةُ حجارة مرتفعة كانوا يطوفون حولها، وقيل:
الرُّجُمُ، بضم الجيم، والرُّجْمَةُ، بسكون الجيم جميعاً، الحجارة التي
تُنْصَبُ على القبر، وقيل: هما العلامةُ. والرُّجْمة والرَّجْمة: القبر، والجمع
رِجامٌ، وهو الرَّجَمُ، بالتحريك، والجمع أَرْجامٌ، سمي رَجَماً لما يجمع
عليه من الأَحجار؛ ومنه قول كَعْب ابن زُهَيْرٍ:
أَنا ابنُ الذي لم يُخْزِني في حَياتِه،
ولم أُخْزِه حتى أُغَيَّبَ في الرَّجَمْ
(* قوله «أغيب» كذا في الأصل، والذي في التهذيب: تغيب).
والرَّجَمُ، بالتحريك: هو القبر نفسه. والرُّجْمَة، بالضم، واحد
الرُّحَمِ والرِّجامِ، وهي حجارة ضِخامٌ دون الرِّضامِ، وربما جمعت على القبر
ليُسَنَّمَ؛ وأَنشد ابن بري لابن رُمَيْضٍ العَنْبَرِيّ:
بَسِيلُ على الحاذَيْنِ والسَّتِّ حَيضُها،
كما صَبّ فوقَ الرُّجْمةِ الدّمَ ناسِكُ
السَّتُّ: لغة في الاسْتِ. الليث: الرُّجْمة حجارة مجموعة كأَنها قُبورُ
عادٍ والجمع رِجام. الأَصمعي: الرُّجْمةُ دون الرِّضام والرضام صخور
عِظام تجمع في مكان. أَبو عمرو: الرِّجامُ
الهِضابُ، واحدتها رُجْمة. ورِجامٌ: موضع؛ قال لبيد:
عَفَتِ الدِّيارُ: مَحَلُّها فَمُقامُها
بِمِنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها
والرَّجَمُ والرِّجامُ: الحجارة المجموعة على القبور؛ ومنه قول عبد الله
بن مُغَفَّلٍ المُزَنِيّ: لا تَرْجُموا قبري أَي لا تجعلوا عليه
الرَّجَمَ، وأَراد بذلك تسوية القبر بالأَرض، وأَن لا يكون مُسَنَّماً مرتفعاً
كما قال الضحاك في وصيته: ارْمُسُوا قبري رَمْساً؛ وقال أبو بكر: معنى
وصيته لبَنِيه لا تَرْجُمُوا قبري معناه لا تَنُوحُوا عند قبري أَي لا
تقولوا عنده كلاماً سَيِّئاً قبيحاً، من الرَّجْم السب والشتم؛ قال الجوهري:
المحدّثون يروونه لا تَرْجُمُوا، مخففاً، والصحيح تُرَجِّمُوا مشدداً، أَي
لا تجعلوا عليه الرَّجَمَ وهي الحجارة، والرَّجْماتُ: المَنارُ، وهي
الحجارة التي تجمع وكان يُطاف حولها تُشَبَّهُ بالبيت؛ وأَنشد:
كما طافَ بالرَّجْمَةِ المُرْتَجِمْ
ورَجَمَ القبر رَجْماً: عمله، وقيل: رَجَمَه يَرْجُمه رَجْماً وضع عليه
الرَّجَم، بالفتح والتحريك، التي هي الحجارة. والرَّجَمُ أَيضاً:
الحُفْرَةُ والبئر والتَّنُّور.
أَبو سعيد: ارْتَجَمَ الشيءُ وارْتَجَنَ إِذا ركب بعضُه بعضاً.
والرُّجْمَةُ، بالضم: وِجارُ الضبع.
ويقال: صار فلان مُرَجَّماً لا يوقف على حقيقة أَمره؛ ومنه الحديث
المُرَجَّمُ، بالتشديد؛ قال زهير:
وما هُوَ عنها بالحَديث المُرَجَّمِ
والرَّجْمُ: القَذْفُ بالغيب والظنّ؛ قال أَبو العِيال الهُذَليّ:
إِنَّ البَلاءَ، لَدَى المَقاوِسِ، مُخْرِجٌ
ما كا من غَيْبٍ، ورَجْمِ ظُنونِ
وكلام مُرَجَّمٌ: عن غير يقين. وفي التنزيل العزيز: لأَرْجُمَنَّكَ أَي
لأَهْجُرَنَّكَ ولأَقولنَّ عنك بالغيب ما تكره. والمَراجمُ: الكلِمُ
القَبيحة. وتَراجَموا بينهم بمَراجِمَ: تَرامَوْا. والرِّجامُ: حجر يشد
في طَرَف الحبل، ثم يُدَلَّى في البئر فتُخَضْخَض به الحَمْأَة حتى تثور،
ثم يُسْتَقَى ذلك الماءُ فتستنقى البئرُ، وهذا كله إِذا كانت البئر
بعيدة القعر لا يقدرون على أَن ينزلوا فَيُنْقُوها، وقيل: هو حجر يشد
بَعَرْقوَةِ الدَّلو ليكون أَسرع لانْحِدارها؛ قال:
كأَنَّهُما، إِذا عَلَوَا وجِيناً
ومَقْطَعَ حَرَّةٍ، بَعَثا رِجاما
وصف عَيْراً وأَتاناً يقول: كأَنما بعثا حجارة. أَبو عمرو: الرِّجامُ ما
يُبْنى على البئر ثم تُعَرَّضُ عليه الخشبةُ للدلو؛ قال الشماخ:
على رِجامَيْنِ من خُطَّافِ ماتِحَةٍ،
تَهْدِي صُدُورَهُما وُرْقٌ مَراقِيلُ
الجوهري: الرِّجامُ المِرْجاس، قال: وربما شُدّ بطرف عَرْقُوَةِ الدلو
ليكون أَسرع لانحدارها. ورجل مِرْجَمٌ، بالكسر، أَي شديد كمأَنه يُرْجَمُ
به مُعادِيه؛ ومنه قول جرير:
قد عَلِمَتْ أُسَيِّدٌ وخَضَّمُ
أَن أَبا حَرْزَمَ شيخ مِرْجَمُ
وقال ابن الأَعرابي: دفع رجل رجلاً فقال: لَتَجِدَنِّي ذا مَنْكِبٍ
مِزْحَم ورُكْنٍ مِدْعَم ولسان مِرجَم.
والمِرْجامُ: الذي تُرْجَمُ
به الحجارة. ولسان مِرْجَمٌ إذا كان قَوَّالاً.
والرِّجامانِ: خشبتان تنصبان على رأْس البئر يُنْصبُ عليهما القَعْوُ
ونحوه من المَساقي.
والرَّجائم: الجبال التي ترمي بالحجارة، واحدتها رَجِيمةٌ؛ قال أَبو
طالب:
غِفارِية حَلَّتْ بِبَوْلانَ حَلَّةً
فَيَنْبُعَ، أَو حَلَّتْ بَهَضْبِ الرَّجائم
والرَّجْمُ: الإِخْوانُ: عن كراع وحده، واحدهم رَجْمٌ ورَجَمٌ؛ قال ابن
سيده: ولا أَدري كيف هذا. وقال ثعلب: الرَّجْمُ الخَليل والنَّدِيم.
والرُّجْمَةُ: الدُّكَّانُ الذي تعتمد عليه النخلة الكريمة؛ عن كراع
وأَبي حنيفة، قالا: أَبدلوا الميم من الباء، قال: وعندي أَنها لغة
كالرُّجْبَةِ.
ومَرْجُومٌ: لقب رجل من العرب كان سيِّداً ففاخر رجلاً من قومه إِلى بعض
ملوك الحِيرة فقال له: قد رَجَمْتُك بالشرف، فسمي مَرْجُوماً؛ قال لبيد:
وقَبِيلٌ، من لُكَيْزٍ، شاهِدٌ،
رَهْطُ مَرْجُومٍ ورَهْطُ ابن المُعَلّ
ورواية من رواه مَرْحُوم، بالحاء
خطأ، وأَراد ابن المُعَلَّى وهو جَدُّ الجارودِ
بن بشير بن عمرو بن المُعَلَّى.
والرِّجامُ: موضع؛ قال:
بمِنىً، تأَبَّدَ غَوْلُها فرِجامُها
والتَّرْجُمانُ والتُّرْجُمانُ: المفسِّر، وقد تَرْجَمَهُ وتَرْجَمَ
عنه، وهو من المثل الذي لم يذكره سيبويه. قال ابن جني: أَما تَرْجُمانُ
فقد حكيت فيه تُرْجُمان، بضم أَوله، ومثاله فُعْلُلان كعُتْرُفان
ودُحْمُسان، وكذلك التاء أَيضاً
فيمن فتحها أَصلية، وإِن لم يكن في الكلام مثل جَعْفُرٍ لأَنهُ قد يجوز
مع الأَلف والنون من الأَمثله ما لولاهما لم يجز، كعُنْفُوان وخِنْذِيان
ورَيْهُقان، أَلا ترى أَنه ليس في الكلام فُعْلُوٌ ولا فِعْلِيٌ ولا
فَيْعُلٌ؟ ويقال: قد تَرْجَمَ كلامَه إِذا فسره بلسان آخر؛ ومنه
التَّرْجَمانُ، والجمع التَّراجِمُ مثل زَعْفَرانٍ وزَعافِر، وصَحْصحان وصَحاصِح؛
قال: ولك أَن تضم التاء لضمة الجيم فتقول تُرْجُمان مثل يَسْرُوع ويُسْروع؛
قال الراجز:
ومَنْهل وَرَدْتُه التِقاطا
لم أَلْقَ، إِذْ وَرَدْتُه، فُرَّاطا
إِلا الحمامَ الوُرْقَ والغَطاطا،
فهُنَّ يُلْغِطْنَ به إِلْغاطا،
كالتُّرْجُمان لَقِيَ الأَنْباطا
فضل: الفَضْل والفَضِيلة معروف: ضدُّ النَّقْص والنَّقِيصة، والجمع
فُضُول؛ وروي بيت أَبي ذؤيب:
وَشِيكُ الفُضُول بعيد الغُفُول
روي: وَشِيك الفُضُول، مكان الفُصُول، وقد تقدم في ترجمة فصل، بالصاد
المهملة. وقد فَضَل يَفْضُل
(* قوله «وقد فضل يفضل» عبارة القاموس: وقد فضل
كنصر وعلم، وأما فضل كعلم يفضل كينصر فمركبة منهما) وهو فاضِل. ورجل
فَضَّال ومُفَضَّل: كثير الفَضْل. والفَضِيلة: الدَّرَجة الرفيعة في
الفَضْل، والفاضِلة الاسم من ذلك. والفِضَال والتَّفاضُل: التَّمازِي في
الفَضْل. وفَضَّله: مَزَّاه. والتَّفاضُل بين القوم: أَن يكون بعضهم أَفضَل من
بعض. ورجل فاضِل: ذو فَضْل. ورجل مَفْضول: قد فَضَله غيره. ويقال: فَضَل
فلان على غيره إِذا غلب بالفَضْل عليهم. وقوله تعالى: وفَضَّلناهم على
كثير ممن خلقنا تَفْضِيلاً، قيل: تأْويله أَن الله فضَّلهم بالتمييز، وقال:
على كثير ممن خلقنا، ولم يقل على كل لأَن الله تعالى فَضَّل الملائكة
فقال: ولا الملائكة المقرَّبون، ولكن ابن آدم مُفَضَّل على سائر الحيوان
الذي لا يعقل، وقيل في التفسير: إِن فَضِيلة ابن آدم أَنه يمشي قائماً وأَن
الدَّواب والإِبل والحمير وما أَشبهها تمشي منكَبَّة، وابن آدم يتناول
الطعام بيديه وسائر الحيوان يتناوله بِفِيه. وفاضَلَني ففَضَلْته أَفْضُلُه
فَضْلاً: غلبته بالفَضْل، وكنت أَفضَل منه. وتَفَضَّل عليه: تَمَزَّى.
وفي التنزيل العزيز: يريد أَن يتفضَّل عليكم؛ معناه يريد أَن يكون له
الفَضْل عليكم في القَدْر والمنزلة، وليس من التفضُّل الذي هو بمعنى
الإِفْضال والتطوُّل. الجوهري: المتفضِّل الذي يدَّعي الفَضْل على أَقرانه؛ ومنه
قوله تعالى: يريد أَن يتفضَّل عليكم. وفَضَّلته على غيره تَفْضِيلاً إِذا
حكَمْتَ له بذلك أَو صيَّرته كذلك. وأَفْضَل عليه: زاد؛ قال ذو الإِصبع:
لاه ابنُ عَمِّك، لا أَفْضَلْتَ في حَسَب
عَنِّي، ولا انتَ دَيّاني فتَخْزُوني
الدَّيَّان هنا: الذي يَلي أَمْرَك ويَسُوسُك، وأَراد فتخزُوَني فأَسكن
للقافية لأَن القصيدة كلها مُرْدَفة؛ وقال أَوس بن حَجَر يصف قوساً:
كَتومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دون مِلْئِها،
ولا عَجْسُها عن مَوضِع الكَفِّ أَفْضَلا
والفَواضِل: الأَيادي الجميلة. وأَفْضَل الرجل على فلان وتفَضَّل بمعنى
إِذا أَناله من فضله وأَحسن إِليه. والإِفْضال: الإِحسان. وفي حديث ابن
أَبي الزناد: إِذا عَزَب المالُ قلَّت فَواضِلُه أَي إِذا بعُدت الضَّيْعة
قلَّ الرِّفْق منها لصاحبها، وكذلك الإِبلُ إِذا عَزبت قلَّ انتفاع ربها
بدَرِّها؛ قال الشاعر:
سأَبْغِيكَ مالاً بالمدينة، إِنَّني
أَرَى عازِب الأَموال قلَّتْ فواضِله
والتَّفَضُّل: التَّطوُّل على غيرك. وتفضَّلْت عليه وأَفْضَلْتُ:
تطوَّلت. ورجل مِفْضال: كثير الفَضْل والخير والمعروف. وامرأَة مِفْضالة على
قومها إِذا كانت ذات فَضْل سَمْحة. ويقال: فَضَلَ فلان على فلان إِذا غلب
عليه. وفَضَلْت الرجل: غلبته؛ وأَنشد:
شِمَالُك تَفْضُل الأَيْمان، إِلاَّ
يمينَ أَبيك، نائلُها الغَزِيرُ
وقوله تعالى: ويُؤْتِ كلَّ ذي فَضْل فَضْلَه؛ قال الزجاج: معناه من كان
ذا فَضْل في دينه فضَّله الله في الثواب وفضَّله في المنزلة في الدُّنيا
بالدِّين كما فضَّل أَصحاب سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
والفَضْل والفَضْلة: البقيَّة من الشيء. وأَفْضَل فلان من الطعام وغيره
إِذا ترك منه شيئاً. ابن السكيت: فَضِل الشيءُ يَفْضَل وفَضَل يَفْضُل،
قال: وقال أَبو عبيدة فَضِل منه شيء قليل، فإِذا قالوا يَفْضُل، ضموا
الضاد فأَعادوها إِلى الأَصل، وليس في الكلام حرف من السالم يُشْبه هذا، قال:
وزعم بعض النحويين أَنه يقال حَضِرَ القاضيَ امرأَة ثم يقولون تَحْضُر.
الجوهري: أَفْضَلْت منه الشيء واسْتَفْضَلْته بمعنى؛ وقوله أَنشده ثعلب
للحرث بن وعلة:
فلمَّا أَبَى أَرْسَلْت فَضْلة ثوبِه
إِليه، فلم يَرْجِع بحِلْم ولا عَزْم
معناه أَقلعت عن لَومه وتركتُه كأَنه كان يمسك حينئذ بفَضْلة ثوبه، فلما
أَبى أَن يقبل منه أَرسل فضلة ثوبه إِليه فخلاَّه وشأْنه، وقد أَفْضَل
فَضْلَة؛ قال:
كِلا قادِمَيْها تُفْضِل الكَفُّ نِصْفَه،
كَجِيدِ الحُبارَى رِيشُهُ قد تَزَلَّعا
وفَضَل الشيءُ يَفْضُل: مثال دخَل يدخُل، وفَضِل يَفْضَل كحذِر يحذَر،
وفيه لغة ثالثة مركبة منهما فَضِل، بالكسر، يَفْضُل، بالضم، وهو شاذ لا
نظير له، وقال ابن سيده: هو نادر جعلها سيبويه كَمِتَّ تموت؛ قال الجوهري:
قال سيبويه هذا عند أَصحابنا إِنما يجيء على لغتين، قال: وكذلك نَعِمَ
يَنْعُم ومِتَّ تَموت وكِدْت تَكُود. وقال اللحياني: فَضِل يَفْضَل كحَسِب
يَحْسَب نادر كل ذلك بمعنى. وقال ابن بري عند قول الجوهري: كِدْت تَكُود،
قال: المعروف كِدْت تَكاد.
والفَضِيلة والفُضَالة: ما فَضَل من الشيء. وفي الحديث: فَضْلُ الإِزار
في النار؛ هو ما يجرُّه الإِنسان من إِزاره على الأَرض على معنى
الخُيَلاء والكِبْر. وفي الحديث: إِن لله ملائكةً سَيَّارة فُضْلاً أَي زيادة على
الملائكة المرتبين مع الخلائق، ويروى بسكون الضاد وضمها، قال بعضهم:
والسكون أَكثر وأَصوب، وهما مصدر بمعنى الفَضْلة والزيادة. وفي الحديث: إِن
اسْمَ دِرْعه، عليه السلام، كان ذات الفُضُول، وقيل: ذو الفُضُول لفَضْلة
كان فيها وسَعة. وفَواضِل المال: ما يأْتيك من مَرافقه وغَلَّته.
وفُضُول الغنائم: ما فَضَل منها حين تُقْسَم؛ وقال ابن عَثْمة:
لك المِرْباعُ منها والصَّفَايا،
وحُكْمُك والنَّشيطَةُ والفُضُول
وفَضَلات الماء: بقاياه. والعرب تقول لبقيَّة الماء في المَزادة فَضْلة،
ولبَقيَّة الشراب في الإِناء فَضْلة، ومنه قول علقمة بن عبدة:
والفَضْلَتين. وفي الحديث: لا يمنع فَضْل؛ قال ابن الأَثير: هو أَن يسقي الرجل
أَرضه ثم تبقى من الماء بقيَّة لا يحتاج إِليها فلا يجوز له أَن يبيعها ولا
يمنع منها أَحداً ينتفع بها، هذا إِذا لم يكن الماء ملْكه، أَو على قول
من يرى أَن الماء لا يملَك، وفي رواية أُخرى: لا يمنع فَضْل الماء ليمنع
به الكَلأ؛ هو نَفْع البئر المُباحة، أَي ليس لأَحد أَن يغلب عليه ويمنع
الناس منه حتى يحوزه في إِناء ويملكه.
والفَضْلة: الثياب التي تبتذل للنوم لأَنها فَضلت عن ثياب التصرُّف.
والتفضُّل: التوشُّح، وأَن يخالف اللابس بين أَطراف ثوبه على عاتِقِه.
وثوب فُضُل ورجل فُضُل: متفضِّل في ثوب واحد؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يَتْبَعها تِرْعِيَّة جافٍ فُضُل،
إِنْ رَتَعَتْ صَلَّى، وإِلاَّ لم يُصَل
وكذلك الأُنثى فُضُل؛ قال الأَعشى:
ومُسْتَجِيبٍ تَخال الصَّنْجَ يَسْمَعُه،
إِذا تُرَدّدُ فيه القَيْنَةُ الفُضُلُ
وإِنها لحسَنة الفِضْلة من التفضُّل في الثوب الواحد، وفلان حسَن
الفِضْلة من ذلك. ورجل فُضُل، بالضم، مثل جنُب ومُتَفَضِّل، وامرأَة فُضُل مثل
جُنُب أَيضاً، ومُتَفَضِّلة، وعليها ثوب فُضُل: وهو أَن تخالف بين طرفيه
على عاتقها وتتوشَّح به؛ وأَنشد أَبيات الراعي:
يَسُوقها تِرْعِيَّة جافٍ فُضُل
الأَصمعي: امرأَة فُضُل في ثوب واحد. الليث: الفِضَال الثوب الواحد
يتفضَّل به لرجل يلبسه في بيته:
وأَلقِ فِضالَ الوَهْن عنه بوَثْبَةٍ
حَواريَّةٍ، قد طال هذا التَّفَضُّل
وإِنه لحسَن الفِضْلة؛ عن أَبي زيد، مثل الجِلْسة والرِّكْبة؛ قال ابن
بري: ومنه قول الهذلي:
مَشْيَ الهَلُوكِ عليه الخَيْعَل الفُضُل
الجوهري: تَفَضَّلَت المرأَة في بيتها إِذا كانت في ثوب واحد كالخَيْعَل
ونحوه. وفي حديث امرأَة أَبي حذيفة قالت: يا رسول الله إِن سالماً مولى
أَبي حذيفة يراني فُضُلاً أَي متبذلة في ثياب مَهْنَتي. يقال: تفضَّلت
المرأَة إِذا لبست ثياب مَِهْنَتِها أَو كانت في ثوب واحد، فهي فُضُل
والرجُلُ فُضُل أَيضاً. وفي حديث المغيرة في صِفة امرأَة فُضُل: صَبَأَتْ
كأَنها بُغاثٌ، وقيل: أَراد أَنها مُختالة تُفْضِل من ذيلها.
والمِفْضَل والمِفْضَلة، بكسر الميم: الثوب الذي تتفضَّل فيه المرأَة.
والفَضْلة: اسم للخمر؛ ذكره أَبو عبيد في باب أَسماء الخمر، وقال أَبو
حنيفة: الفَضْلة ما يلحق من الخَمْر بعد القِدَم؛ قال ابن سيده: وإِنما
سميت فَضْلة لأَن صَمِيمها هو الذي بقي وفَضَل؛ قال أَبو ذؤيب:
فما فَضْلة من أَذْرِعات هَوَتْ بها
مُذكَّرَة عُنْسٌ، كَهادِية الضَّحْل
والجمع فَضَلات وفِضَال؛ قال الشاعر:
في فِتْيَةٍ بُسُطِ الأَكُفِّ مَسامِحٍ،
عند الفِضَال قديمُهم لم يَدْثُرِ
قال الأَزهري: والعرب تسمي الخمر فِضَالاً؛ ومنه قوله:
والشَّارِبُون، إِذا الذَّوارِعُ أُغْلِيَتْ،
صَفْوَ الفِضالِ بِطارِفٍ وتِلادِ
وقوله في الحديث: شهدت في دار عبد الله بن جُدْعان حِلْفاً لو دُعِيت
إِلى مثله في الإِسلام لأَجَبْت؛ يعني حِلْف الفُضُول، سمي به تشبيهاً
بحلْف كان قديماً بمكة أَيّام جُرْهُم على التناصف والأَخذ للضعيف من
القويِّ، والغريب من القاطِن، وسمي حِلْف الفُضُول لأَنه قام به رجال من جُرْهُم
كلهم يسمى الفَضْل: الفضل بن الحرث، والفضل بن وَدَاعة، والفضل بن
فَضَالة، فقيل حِلْف الفُضُول جمعاً لأَسماء هؤلاء كما يقال سَعْد وسُعود،
وكان عقَده المُطَيَّبون وهم خَمْس قبائل، وقد ذكر مستوفى في ترجمة حلف.
ابن الأَعرابي: يقال للخيَّاط القَرارِيُّ والفُضُولِيُّ.
والفَضْل وفَضِيلة: اسمان. وفُضَيْلة: اسم امرأَة؛ قال:
لا تذْكُرا عندي فُضَيْلة، إِنها
متى ما يراجعْ ذِكْرها القَلْب يَجْهَلِ
وفُضَالة: موضع؛ قال سلمى بن المقعد الهذلي:
عليكَ ذَوِي فضالة فاتَّبِعْهم،
وذَرْني إِن قُرْبي غير مُخْلي
سكر: السَّكْرَانُ: خلاف الصاحي. والسُّكْرُ: نقيض الصَّحْوِ.
والسُّكْرُ ثلاثة: سُكْرُ الشَّبابِ وسُكْرُ المالِ وسُكْرُ السُّلطانِ؛ سَكِرَ
يَسْكَرُ سُكْراً وسُكُراً وسَكْراً وسَكَراً وسَكَرَاناً، فهو سَكِرٌ؛ عن
سيبويه، وسَكْرانُ، والأُنثى سَكِرَةٌ وسَكْرَى وسَكْرَانَةٌ؛ الأَخيرة
عن أَبي علي في التذكرة. قال: ومن قال هذا وجب عليه أَن يصرف سَكْرَانَ في
النكرة. الجوهري: لغةُ بني أَسد سَكْرَانَةٌ، والاسم السُّكْرُ، بالضم،
وأَسْكَرَهُ الشَّرَابُ، والجمع سُكَارَى وسَكَارَى وسَكْرَى، وقوله
تعالى: وترى الناسَ سُكَارَى وما هم بِسُكَارَى؛ وقرئ: سَكْرَى وما هم
بِسَكْرَى؛ التفسير أَنك تراهم سُكَارَى من العذاب والخوف وما هم بِسُكَارَى
من الشراب، يدل عليه قوله تعالى: ولكنَّ عذاب الله شديد، ولم يقرأْ أَحد
من القراء سَكَارَى، بفتح السين، وهي لغة ولا تجوز القراءة بها لأَن
القراءة سنَّة. قال أَبو الهيثم: النعت الذي على فَعْلاَنَ يجمع على فُعَالى
وفَعَالى مثل أَشْرَان وأُشَارى وأَشَارى، وغَيْرَانَ وقوم غُيَارَى
وغَيَارَى، وإِنما قالوا سَكْرَى وفَعْلى أَكثر ما تجيء جمعاً لفَعِيل بمعنى
مفعول مثل قتيل وقَتْلى وجريح وجَرْحَى وصريع وصَرْعَى، لأَنه شبه
بالنَّوْكَى والحَمْقَى والهَلْكَى لزوال عقل السَّكْرَانِ، وأَما النَّشْوَانُ
فلا يقال في جمعه غير النَّشَاوَى، وقال الفرّاء: لو قيل سَكْرَى على أَن
الجمع يقع عليه التأْنيث فيكون كالواحدة كان وجهاً؛ وأَنشد بعضهم:
أَضْحَتْ بنو عامرٍ غَضْبَى أُنُوفُهُمُ،
إِنِّي عَفَوْتُ، فَلا عارٌ ولا باسُ
وقوله تعالى: لا تَقْرَبُوا الصلاة وأَنتم سُكارَى؛ قال ثعلب: إِنما قيل
هذا قبل أَن ينزل تحريم الخمر، وقال غيره: إِنما عنى هنا سُكْرَ
النَّوْمِ، يقول: لا تقربوا الصلاة رَوْبَى. ورَجُلٌ سِكِّيرٌ: دائم السُّكر.
ومِسْكِيرٌ وسَكِرٌ وسَكُورٌ: كثير السُّكْرِ؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،
وأَنشد لعمرو ابن قميئة:
يا رُبَّ مَنْ أَسْفاهُ أَحلامُه
أَن قِيلَ يوماً: إِنَّ عَمْراً سَكُورْ
وجمع السَّكِر سُكَارَى كجمع سَكرْان لاعتقاب فَعِلٍ وفَعْلان كثيراً
على الكلمة الواحدة. ورجل سِكِّيرٌ: لا يزال سكرانَ، وقد أَسكره الشراب.
وتساكَرَ الرجلُ: أَظهر السُّكْرَ واستعمله؛ قال الفرزدق:
أَسَكْرَان كانَ ابن المَرَاغَةِ إِذا هجا
تَمِيماً، بِجَوْفِ الشَّامِ،أَم مُتَساكِرُ؟
تقديره: أَكان سكران ابن المراغة فحذف الفعل الرافع وفسره بالثاني فقال:
كان ابن المراغة؛ قال سيبويه: فهذا إِنشاد بعضهم وأَكثرهم ينصب السكران
ويرفع الآخر على قطع وابتداء، يريد أَن بعض العرب يجعل اسم كان سكران
ومتساكر وخبرها ابن المراغة؛ وقوله: وأَكثرهم ينصب السكران ويرفع الآخر على
قطع وابتداء يريد أَن سكران خبر كان مضمرة تفسيرها هذه المظهرة، كأَنه
قال: أَكان سكران ابن المراغة، كان سكران ويرفع متساكر على أَنه خبر ابتداء
مضمر، كأَنه قال: أَم هو متساكر.
وقولهم: ذهب بين الصَّحْوَة والسَّكْرَةِ إِنما هو بين أَن يعقل ولا
يعقل.
والمُسَكَّرُ: المخمور؛ قال الفرزدق:
أَبا حاضِرٍ، مَنْ يَزْنِ يُعْرَفْ زِناؤُهُ،
ومَنْ يَشرَبِ الخُرْطُومَ، يُصْبِحْ مُسَكَّرا
وسَكْرَةُ الموت: شِدَّتُهُ. وقوله تعالى: وجاءت سَكْرَةُ الموت بالحق؛
سكرة الميت غَشْيَتُه التي تدل الإِنسان على أَنه ميت. وقوله بالحق أَي
بالموت الحق. قال ابن الأَعرابي: السَّكْرَةُ الغَضْبَةُ.
والسَّكْرَةُ: غلبة اللذة على الشباب.
والسَّكَرُ: الخمر نفسها. والسَّكَرُ: شراب يتخذ من التمر والكَشُوثِ
والآسِ، وهو محرّم كتحريم الخمر. وقال أَبو حنيفة: السَّكَرُ يتخذ من التمر
والكُشُوث يطرحان سافاً سافاً ويصب عليه الماء. قال: وزعم زاعم أَنه
ربما خلط به الآس فزاده شدّة. وقال المفسرون في السَّكَرِ الذي في التنزيل:
إِنه الخَلُّ وهذا شيء لا يعرفه أَهل اللغة. الفراء في قوله: تتخذون منه
سَكَراً ورزقاً حسناً، قال: هو الخمر قبل أَن يحرم والرزق الحسن الزبيب
والتمر وما أَشبهها. وقال أَبو عبيد: السَّكَرُ نقيع التمر الذي لم تمسه
النار، وكان إِبراهيم والشعبي وأَبو رزين يقولون: السَّكَرُ خَمْرٌ. وروي
عن ابن عمر أَنه قال: السَّكَرُ من التمر، وقال أَبو عبيدة وحده:
السَّكَرُ الطعام؛ يقول الشاعر:
جَعَلْتَ أَعْرَاضَ الكِرامِ سَكَرا
أَي جعلتَ ذَمَّهم طُعْماً لك. وقال الزجاج: هذا بالخمر أَشبه منه
بالطعام؛ المعنى: جعلت تتخمر بأَعراض الكرام، وهو أَبين مما يقال للذي
يَبْتَرِكُ في أَعراض الناس. وروى الأَزهري عن ابن عباس في هذه الآية قال:
السَّكَرُ ما حُرِّمَ من ثَمَرَتها، والرزق ما أُحِلَّ من ثمرتها. ابن
الأَعرابي: السَّكَرُ الغَضَبُ؛ والسَّكَرُ الامتلاء، والسَّكَرُ الخمر،
والسَّكَرُ النبيذ؛ وقال جرير:
إِذا رَوِينَ على الخِنْزِيرِ مِن سَكَرٍ
نادَيْنَ: يا أَعْظَمَ القِسِّينَ جُرْدَانَا
وفي الحديث: حرمت الخمرُ بعينها والسَّكَرُ من كل شراب؛ السَّكَر، بفتح
السين والكاف: الخمر المُعْتَصَرُ من العنب؛ قال ابن الأَثير: هكذا رواه
الأَثبات، ومنهم من يرويه بضم السين وسكون الكاف، يريد حالة السَّكْرَانِ
فيجعلون التحريم للسُّكْرِ لا لنفس المُسْكِرِ فيبيحون قليله الذي لا
يسكر، والمشهور الأَول، وقيل: السكر، بالتحريك، الطعام؛ وأَنكر أَهل اللغة
هذا والعرب لا تعرفه. وفي حديث أَبي وائل: أَن رجلاً أَصابه الصَّقَرُ
فَبُعِثَ له السَّكَرُ فقال: إِن الله لم يجعل شفاءكم فيما حرم عليكم.
والسَّكَّار: النَّبَّاذُ. وسَكْرَةُ الموت: غَشْيَتُه، وكذلك سَكْرَةُ
الهَمِّ والنوم ونحوهما؛ وقوله:
فجاؤونا بِهِمْ، سُكُرٌ علينا،
فَأَجْلَى اليومُ، والسَّكْرَانُ صاحي
أَراد سُكْرٌ فأَتبع الضم الضم ليسلم الجزء من العصب، ورواه يعقوب
سَكَرٌ. وقال اللحياني: ومن قال سَكَرٌ علينا فمعناه غيظ وغضب. ابن الأَعرابي:
سَكِرَ من الشراب يَسْكَرُ سُكْراً، وسَكِرَ من الغضب يَسْكَرُ سَكَراً
إِذا غضب، وأَنشد البيت. وسُكِّرَ بَصَرُه: غُشِيَ عليه. وفي التنزيل
العزيز: لقالوا إِنما سُكِّرَتْ أَبصارُنا؛ أَي حُبِسَتْ عن النظر
وحُيِّرَتْ. وقال أَبو عمرو بن العلاء: معناها غُطِّيَتْ وغُشِّيَتْ، وقرأَها
الحسن مخففة وفسرها: سُحِرَتْ. التهذيب: قرئ سُكِرت وسُكِّرت، بالتخفيف
والتشديد، ومعناهما أُغشيت وسُدّت بالسِّحْرِ فيتخايل بأَبصارنا غير ما نرى.
وقال مجاهد: سُكِّرَتْ أَبصارنا أَي سُدَّت؛ قال أَبو عبيد: يذهب مجاهد
إِلى أَن الأَبصار غشيها ما منعها من النظر كما يمنع السَّكْرُ الماء من
الجري، فقال أَبو عبيدة: سُكِّرَتْ أَبصار القوم إِذا دِيرَ بِهِم
وغَشِيَهُم كالسَّمادِيرِ فلم يُبْصِرُوا؛ وقال أَبو عمرو بن العلاء: سُكِّرَتْ
أَبصارُنا مأْخوذ من سُكْرِ الشراب كأَن العين لحقها ما يلحق شارب
المُسكِرِ إِذا سكِرَ؛ وقال الفراء: معناه حبست ومنعت من النظر. الزجاج: يقال
سَكَرَتْ عَيْنُه تَسْكُرُ إِذا تحيرت وسَكنت عن النظر، وسكَرَ الحَرُّ
يَسْكُرُ؛ وأَنشد:
جاء الشِّتاءُ واجْثَأَلَّ القُبَّرُ،
وجَعَلَتْ عينُ الحَرُورِ تَسْكُرُ
قال أَبو بكر: اجْثَأَلَّ معناه اجتمع وتقبَّض. والتَّسْكِيرُ للحاجة:
اختلاط الرأْي فيها قبل أَن يعزم عليها فإِذا عزم عليها ذهب اسم التكسير،
وقد سُكِرَ.
وسَكِرَ النَّهْرَ يَسْكُرُه سَكْراً: سَدَّفاه. وكُلُّ شَقٍّ سُدَّ،
فقد سُكِرَ، والسِّكْرُ ما سُدَّ بِهِ. والسَّكْرُ: سَدُّ الشق ومُنْفَجِرِ
الماء، والسِّكْرُ: اسم ذلك السِّدادِ الذي يجعل سَدّاً للشق ونحوه. وفي
الحديث أَنه قال للمستحاضة لما شكت إليه كثرة الدم: اسْكُرِيه، أَي
سُدِّيه بخرقة وشُدِّيه بعضابة، تشبيهاً بِسَكْر الماء، والسَّكْرُ المصدر.
ابن الأَعرابي: سَمَرْتُه ملأته. والسِّكْرُ، بالكسر: العَرِمُ.
والسِّكْرُ أَيضاً: المُسَنَّاةُ، والجمع سُكُورٌ. وسَكَرَتِ الريحُ تَسْكُرُ
سُكُوراً وسَكَراناً: سكنت بعد الهُبوب. وليلةٌ ساكِرَةٌ: ساكنة لا ريح فيها؛
قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
تُزَادْ لَياليَّ في طُولِها،
فَلَيْسَتُ بِطَلْقٍ ولا ساكِرَهْ
وفي التهذيب قال أَوس:
جَذَلْتُ على ليلة ساهِرَهْ،
فَلَيْسَتْ بِطَلْقٍ ولا ساكرهْ
أَبو زيد: الماء السَّاكِرُ السَّاكِنُ الذي لا يجري؛ وقد سَكَر
سُكُوراً. وسُكِرَ البَحْرُ: رَكَدَ؛ أَنشد ابن الأَعرابي في صفة بحر:
يَقِيءُ زَعْبَ الحَرِّ حِينَ يُسْكَرُ
كذا أَنشده يسكر على صيغة فعل المفعول، وفسره بيركد على صيغة فعل
الفاعل.والسُّكَّرُ من الحَلْوَاءِ: فارسي معرَّب؛ قال:
يكونُ بَعْدَ الحَسْوِ والتَّمَزُّرِ
في فَمِهِ، مِثْلَ عصير السُّكَّرِ
والسُّكَّرَةُ: الواحدة من السُّكَّرِ. وقول أَبي زياد الكلابي في صفة
العُشَرِ: وهو مُرُّ لا يأْكله شيء ومَغافِيرهِ سُكَّرٌ؛ إِنما أَراد مثل
السُّكَّرِ في الحلاوةِ. وقال أَبو حنيفة: والسُّكَّرُ عِنَبٌ يصيبه
المَرَقُ فينتثر فلا يبقى في العُنْقُودِ إِلاَّ أَقله، وعناقِيدُه أَوْساطٌ،
هو أَبيض رَطْبٌ صادق الحلاوة عَذْبٌ من طرائف العنب، ويُزَبَّبُ
أَيضاً. والسَّكْرُ: بَقْلَةٌ من الأَحرار؛ عن أَبي حنيفة. قال: ولم
يَبْلُغْنِي لها حِلْيَةٌ.
والسَّكَرَةُ: المُرَيْرَاءُ التي تكون في الحنطة.
والسَّكْرَانُ: موضع؛ قال كُثيِّر يصف سحاباً:
وعَرَّسَ بالسَّكْرَانِ يَوْمَيْنِ، وارْتَكَى
يجرُّ كما جَرَّ المَكِيثَ المُسافِرُ
والسَّيْكَرَانُ: نَبْتٌ؛ قال:
وشَفْشَفَ حَرُّ الشَّمْسِ كُلَّ بَقِيَّةٍ
من النَّبْتِ، إِلاَّ سَيْكَراناً وحُلَّبَا
قال أَبو حنيفة: السَّيْكَرانُ مما تدوم خُضْرَتُه القَيْظَ كُلَّهُ
قال: وسأَلت شيخاً من الأَعراب عن السَّيْكَرانِ فقال: هو السُّخَّرُ ونحن
نأْكله رَطْباً أَيَّ أَكْلٍ، قال: وله حَبٌّ أَخْضَرُ كحب الرازيانج.
ويقال للشيء الحارّ إِذا خَبَا حَرُّه وسَكَنَ فَوْرُه: قد سَكَرَ يَسْكُرُ.
وسَكَّرَهُ تَسْكِيراً: خَنَقَه؛ والبعيرُ يُسَكِّرُ آخر بذراعه حتى
يكاد يقتله. التهذيب: روي عن أَبي موسى الأَشعري أَنه قال: السُّكُرْكَةُ
خمر الحبشة؛ قال أَبو عبيد: وهي من الذرة؛ قال الأَزهري: وليست بعربية،
وقيده شمر بخطه: السُّكْرُكَةُ، الجزم على الكاف والراء مضمومة. وفي الحديث:
أَنه سئل عن الغُبَيْراء فقال: لا خير فيها، ونهى عنها؛ قال مالك:
فسأَلت زيد بن أَسلم: ما الغبيراء؟ فقال: هي السكركة، بضم السين والكاف وسكون
الراء، نوع من الخمور تتخذ من الذرة، وهي لفظة حبشية قد عرّبت، وقيل:
السُّقُرْقَع. وفي الحديث: لا آكل في سُكُرُّجَة؛ هي، بضم السين والكاف
والراء والتشديد، إِناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأُدْمِ، وهي فارسية،
وأَكثر ما يوضع فيها الكوامخ ونحوها.
نضح: النَّضْحُ: الرَّشُّ.
نَضَح عليه الماءَ يَنْضَحُه
(* قوله «نضح عليه الماء ينضحه إلخ» بابه
ضرب ومنع وكذلك نضخ بالخاء المعجمة كما في المصباح.) نَضْحاً إِذا ضربه
بشيء فأَصابه منه رَشاشٌ. ونَضَح عليه الماءُ: ارْتَشَّ. وفي حديث قتادة:
النَّضْحُ من النَّضْحِ؛ يريد من أَصابه نَضْحٌ من البول وهو الشيء اليسير
منه فعليه أَن يَنْضَحَه بالماء وليس عليه غسله؛ قال الزمخشري: هو أَن
يصيبه من البول رَشاشٌ كرؤُوس الإِبَرِ؛ وقال الأَصمعي: نَضَحْتُ عليه
الماءَ نَضْحاً وأَصابه نَضْحٌ من كذا. وقال ابن الأَعرابي: النَّضْح ما كان
على اعتماد وهو ما نَضَحْته بيدك معتمداً، والناقة تَنْضَحُ ببولها.
والنَّضْحُ: ما كان على غير اعتماد، وقيل: هما لغتان بمعنى واحد، وكله رش.
والقربةُ تَنْضَحُ من غير اعتماد . . . فَوطِئَ
(* قوله «اعتماد . . .
فوطئ» هو هكذا مع البياض في الأصل.) على ماء فنَضَح عليه وهو لا يريد ذلك؛
ومنه نَضْحُ البول في حديث إِبراهيم: أَنه لم يكن يرى بنَضْح البول
بأْساً. وحكى الأَزهري عن الليث: النَّضْح كالنَّضْخ ربما اتفقا وربما
اختلفا. ويقولون: النَّضْح ما بقي له أَثر كقولك على ثوبه نَضْحُ دَمٍ، والعين
تَنْضَحُ بالماء نَضْحاً إِذا رأَيتها تفور، وكذلك تَنْضَخُ العين؛ وقال
أَبو زيد: يقال نَضَخَ عليه الماءُ يَنْضَخُ، فهو ناضخٌ؛ وفي الحديث:
يَنْضَخُ البحرُ ساحلَه. وقال الأَصمعي: لا يقال من الخاء فَعَلْتُ، إِنما
يقال أَصابه نَضْخ من كذا؛ وقال أَبو الهيثم: قول أَبي زيد أَصح، والقرآن
يدل عليه، قال الله تعالى: فيهما عينان نَضَّاختان؛ فهذا يشهد به. يقال:
نَضَخَ عليه الماء لأَن العين النَّضَّاخة هي الفَعَّالة، ولا يقال لها:
نَضَّاخة حتى تكون ناضحة؛ قال ابن الفرج: سمعت جماعة من قيس يقولون:
النَّضح والنَّضْخُ واحد؛ وقال أَبو زيد: نَضَحْتُه ونَضَخْته بمعنى واحد؛
قال: وسمعت الغَنَوِيّ يقول: النَّضْح والنَّضْخُ وهو فيما بان أَثره وما
رق بمعنى واحد. قال: وقال الأَصمعي: النَّضْح الذي ليس بينه فُرَجٌ،
والنَّضْخُ أَرَقّ منه؛ وقال أَبو لَيْلى: النَّضْحُ والنَّضْخُ ما رَقَّ
وثَخُن بمعنى واحد.
ونَضَحَ البيتَ يَنْضِحُه، بالكسر، نَضْحاً: رَشَّه؛ وقيل: رشه رشّاً
خفيفاً. وانْتَضَح عليهم الماء أَي تَرَشَّش. وفي الحديث: المدينة كالكِير
تَنْفي خَبَثَها وتَنْضَحُ طِيبَها، روي بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء
المهملة، من النَّضْح وهو رش الماء، وهو مذكور في بضع. ونَضَح الماءُ
العطشَ يَنْضِحُه: رَشَّه فذهب به أَو كاد يذهب به. ونَضَح الماءُ المالَ
يَنْضِحُه: ذهب بعطشه أَو قارب ذلك.
والنَّضَحُ، بفتح الضاد، والنضيح: الحوض لأَنه يَنْضَح العطش أَي
يَبُلُّه؛ وقيل: هما الحوض الصغير، والجمع أَنضاح ونُضُحٌ. وقال الليث: النضيح
من الحياض ما قَرُب من البئر حتى يكون الإِفراغ فيه من الدلو ويكون
عظيماً؛ وقال الأَعشى:
فَغَدَوْنا عليهمُ بُكْرَةَ الوِرْ
دِ، كما تُورِدُ النَّضِيحَ الهِياما
قال ابن الأَعرابي: سمي بذلك لأَنه يَنْضِحُ عطشَ الإِبل أَي يَبُلُّه.
قال أَبو عبيد وقال أَبو عمرو: نَضَحْتُ الرِّيَّ، بالضاد؛ وقال
الأَصمعي: فإِن شرب حتى يَرْوَى قال نَصَحْتُ، بالصاد، نَصْحاً ونَصَعْتُ به
ونَقَعْتُ.
قال: والنَّضْحُ والنَّشْحُ واحد، وهو أَن يشرب دون الرِّيّ.
والنَّضْحُ: سقي الزرع وغيره بالسانية. ونَضَحَ زرعَه: سقاه بالدَّلْو.
والناضحُ: البعير أَو الثور أَو الحمار الذي يستقى عليه الماء، والأُنثى
بالهاء، ناضحة وسانية. وفي الحديث: ما سُقِيَ من الزرع نَضْحاً ففيه نصف
العشر؛ يريد ما سقي بالدِّلاءِ والغُروب والسَّواني ولم يُسْقَ فَتْحاً.
والنواضح من الإِبل: التي يستقى عليها، واحدها ناضح؛ ومنه الحديث: أَتاه
رجل فقال: إِن ناضح بني فلان قد أَبَدَ عليهم. وفي حديث معاوية قال
للأَنصار وقد قعدوا عن تلقيه لما حج: ما فَعَلَتْ نَواضِحُكم؟ كأَنه
يُقَرِّعُهم بذلك لأَنهم كانوا أَهل حَرْثٍ وزَرْعٍ وسَقْيٍ، وقد تكرر ذكره في
الحديث مفرداً ومجموعاً. والنَّضَّاح: الذي يَنْضَحُ على البعير أَي يسوق
السانية ويسقي نخلاً؛ قال أَبو ذؤيب:
هَبَطْنَ بَطْنَ رُهاط واعْتَصَبْنَ، كما
يَسْقِي الجُذُوعَ، خِلالَ الدُّورِ، نَضَّاحُ
وهذه نخل تُنْضَحُ أَي تُسْقَى. ويقال: فلان يَسْقي بالنَّضْحِ، وهو
مصدر.
والنَّضْحاتُ: الشيء اليسير المتفرق من المطر. قال شمر: وقد قالوا في
نَضَحَ المطرُ، بالحاء والخاء. والناضحُ: المطر؛ وقد نَضَحَتْنا السماء.
والنَّضْحُ أَمْثَلُ من الطَّلّ: وهو قَطْرٌ بين قَطْرَيْن. قال: ويقال لكل
شيء يَتَحَلَّب من ماء أَو عَرَقٍ أَو بول: يَنْضَحُ: وأَنشد:
يَنْضَحْنَ في حافاته بالأَبْوال
ونَضَحَ الرجلُ بالعَرَق نَضْحاً: فَضَّ به، وكذلك الفرس. والنَّضِيحُ
والتَّنْضاحُ: العرق؛ قال الراجز:
تَنْضَحُ ذِفْراه بماء صَبِّ
والنَّضُوحُ: الوَجُور في أَيّ الفم كان. ونَضَحَتِ العين تَنْضَحُ
نَضْحاً وانْتَضَحَت: فارت بالدمع؛ وعيناه تَنْضَحانِ. والنَّضْحُ يدعوه
الهَمَلانُ: وهو أَن تمتلئ العين دمعاً ثم تَنْفَضِحَ هَمَلاناً لا ينقطع.
ونَضَحَتِ الخابية والجَرَّة تَنْضَحُ إِذا كانت رقيقة فخرج الماء من
الخَزَف ورشَحَتْ؛ وكذلك الجبل الذي يتحلب الماء بين صخوره. ومَزادةٌ نَضُوح:
تَنْضَِح الماءَ؛ ونَضَحَتْ ذِفْرَى البعير بالعَرَق نَضْحاً؛ وقال
القَطامِيّ:
حَرَجاً كأَنَّ، من الكُحَيْلِ، صُبابةً،
نَضَحَتْ مَغابِنُها به نَضَحَانا
قال: ورواه المُؤَرِّجُ نُضِخَتْ.
واسْتَنْضَح الرجلُ وانْتَضَح: نَضَح شيئاً من ماء على فرجه بعد الوضوء؛
وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه عَدَّ عَشْرَ خِلالٍ من
السنَّة وذكر فيها الانتضاحَ بالماءِ، وهو أَن يأْخذ ماء قليلاً فيَنْضَحَ به
مذاكيره ومُؤْتَزَرَه بعد فراغه من الوضوء، لينفي بذلك عنه الوَسْواس: وفي
خبر آخر: انْتِفاض الماء، ومعناهما واحد. وفي حديث عطاء: وسئل عن نَضَحِ
الوضوء؛ هو بالتحريك، ما يَتَرَشَّشُ منه عند التَّوَضُّؤ كالنَّشَرِ.
ونَضَح بالبول على فخذيه: أَصابهما به؛ وكذلك نَضَحَ بالغبار.
ونَضَحَ الجُلَّة يَنْضِحُها نَضْحاً: رَشَّها بالماء ليَتَلازَب
قَمْرُها ويلزم بعضُه بعضاً. ونَضَحَ الجُلَّة أَيضاً: نثر ما فيها؛ وقول
الشاعر:
يَنْضَحُ بالبَوْلِ، والغُبارُ على
فَخْذَيْه، نَضْحَ العِيدِيَّةِ الجُلَلا
يفسر بكل واحد من هاتين. ونَضَحَ الرِّيّ نَضْحاً: شَرِبَ دونه؛ وقيل:
هو أَن يشرب حتى يَرْوَى، فهو من الأَضداد؛ وقال شمر: يقال نَضَحْتُ
الأَدِيمَ بللته أَن لا ينكسر؛ قال الكميت:
نَضَحْتُ أَدِيمَ الوُدِّ بيني وبينكم
بِآصِرةِ الأَرْحامِ، لو تَتَبَلَّلُ
نَضَحْتُ أَي وَصَلْتُ. والنَّضُوحُ، بالفتح: ضرب من الطيب؛ وقد
انْتَضَحَ به. والنَّضْحُ: منه ما كان رقيقاً كالماء، والجمع نُضُوح وأَنْضِحَة،
والنَّضْخُ ما كان منه غليظاً كالخَلُوق والغالية. وفي حديث الإِحرام:
ثم أَصبح محرماً يَنْضَحُ طِيباً أَي يفوح. النَّضُوح: ضرب من الطيب تفوح
رائحته، وأَصل النَّضْح الرَّشْح فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح؛ ومنه
حديث عليّ: وجد فاطمة وقد نَضَحَتِ البيتَ بنَضُوح أَي طَيَّبته وهي في
الحج. وأَرض مُنْضِحة: واسعة. ونَضَّحَتِ الغنم: شَبِعَت. ونَضَحْناهم
بالنَّبْل نَضْحاً: رميناهم ورَشَقْناهم. ونَضَحْناهم نَضْحاً: وذلك إِذا
فرَّقوها فيهم. وفي حديث هجاء المشركين: كما تَرْمُون نَضْحَ النَّبْل.
ويقال: انِْضَحْ عَنَّا الخيلَ أَي ارْمِهم. وفي الحديث أَنه قال للرُّماة
يوم أُحُد: انْضَِحوا عنا الخيل لا نُؤْتَى من خَلْفِنا أَي ارموهم
بالنُّشَّاب. ونَضَحَ عنه: ذَبَّ ودفع. ونَضَح الرجل: ردَّ عنه؛ عن كراع.
ونَضَحَ الرجلُ عن نفسه إِذا دفع عنها بحُجَّة. وهو يَنْضَح عن فلان أَي
يَذُبُّ عنه ويدفع. ورأَيته يَتَنَضَّحُ مما قُرِف به أَي ينتفي ويَتَنَصَّل
منه. وقال شُجاعٌ: مَضَحَ عن الرجل ونَضَح عنه وذَبَّ بمعنى واحد.
ويقال: هو يناضِحُ عن قومه ويُنافِحُ عنهم أَي يذب عنهم؛ وأَنشد:
ولو بَلا، في مَحْفِلٍ، نِضاحِي
أَي ذَبِّي ونَضْحِي عنه. وقَوْس نَضُوح: شديدة الدفع والحَفْز للسهم،
حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد لأَبي النجم:
أَنْحَى شِمالاً هَمَزَى نَضُوحا
أَي مدَّ شماله في القوس. هَمَزَى يعني القوسَ أَنها شديدة.
والنَّضُوحُ: من أَسماء القوس كما تَنْضَحُ بالنبل.
والنَّضَّاحة: الآلة التي تُسَوَّى من النحاس أَو الصُّفْر للنَّفْطِ
وزَرْقِه؛ ابن الأَعرابي: المِنْضَحَة والمَنْضَحة الزَّرَّاقة؛ قال
الأَزهري: وهي عند عوامِّ الناس النَّضَّاحة ومعناهما واحد.
وقال ابن الفرج: سمعت شُجاعاً السُّلَمِيّ يقول: أَمْضَحْتَ عِرْضِي
وأَنْضَحْتَه إِذا أَفسدته؛ وقال خَليفة: أَنضَحْتُه إِذا أَنْهَبْتَه
الناس.وانْتَضَحَ من الأَمر: أَظهر البراءة منه. والرجل يُرْمَى أَو يُقْرَف
بتُهَمَة فيَنْتَضِح منه أَي يُظْهِرُ التَبَرِّي منه. وإِذا ابتدأَ
الدقيق في حب السُّنْبُل وهو رطب فقد نَضَحَ وأَنْضَح، لغتان؛ قال ابن سيده:
وأَنْضَحَ الدقيقُ بدأَ في حَبِّ السنبل وهو رَطْبٌ. ونَضَح الغَضا
نَضْحاً: تَفَطَّرَ بالوَرَقِ والنبات وعَمَّ بعضُهم به الشجر؛ قال أَبو طالب
بن عبد المطلب:
بُورِكَ المَيِّتُ الغَرِيبُ، كما بُو
رِكَ نَضْحُ الرُّمَّانِ والزَّيْتُونِ
فأَما قول أَبي حنيفة نُضُوح الشجر فلا أَدري أَرآه للعرب أَم هو
أَقْدَمَ فجمع نَضْحَ الشجر على نُضُوح، لأَن بعض المصادر قد يجمع كالمرض
والشُّغْل والعقل، قالوا: أَمراض وأَشغال وعُقُول. ونَضَح الزَّرعُ: غَلُظَت
جثته.