قال زبّان بن سيّار:
تنحّ إليكم يا ابن كوز فإننا، ... وإن ذدتنا، راعون برقة أحدبــا
قعس: القَعَس: نقيض الــحَدَب، وهو خروج الصدر ودخول الظهر؛ قَعِسَ
قَعَساً، فهو أَقْعَسُ ومُتَقاعِس وقَعِسٌ كقولهم أَنكَِد ونَكِد وأَجرب
وجَرِب، وهذا الضرْب يعتقب عليه هذان المِثالان كثيراً، والمرأَة قَعْساء
والجمع قُعْس. وفي حديث الزَّبْرِقان: أَبغضُ صِبيانِنا إِلينا الأُقَيْعِسُ
الذكر، وهو تصغير الأَقْعَس. والقَعَسُ في القَوْس: نُتُوُّ باطنها من
وسَطها ودخولُ ظاهرها، وهي قَوْس قَعْساء؛ قال أَبو النجم ووصف صائداً:
وفي اليدِ اليُسرى على مَيْسورِها
نَبْعِيَّةٌ قد شُدَّ من تَوْثِيرِها،
كَبْداءُ قَعْساءُ على تَأْطِيرِها
ونملةٌ قَعْساء: رافعة صدرها وذَنبها، والجمع قُعْس وقَعْساوات على غلبة
الصفة. والأَقْعَسُ: الذي في صدره انكباب إِلى ظهره. والقُعاس: التِواء
يأْخذ في العُنُق من ريح كأَنها تَهصِرُه إِلى ما وراءه. والقَعَسُ:
النبات. وعِزَّةٌ قَعْساء: ثابتة؛ قال:
والعِزَّة القَعْساء لِلأَعَزّ
ورجل أَقْعَس: ثابت عزيزٌ مَنِيع. وتَقَاعس العِزّ أَي ثبت وامتنع ولم
يُطَأْطِئْ رأْسه فاقْعَنْسَسَ أَي فثبت معه؛ قال العجاج:
تَقاعَس العِزُّ بِنا فاقْعَنْسَسا،
فَبَخَسَ الناسَ وأَعْيا البُخَّسَا
أَي بَخَسَهم العِزُّ أَي ظلمهم حقوقَهم. وتَقَعَّسَتِ الدابة: ثبتت فلم
تبرح مكانها. وتَقَعْوَس الرجل عن الأَمر أَي تأَخَّر ولم يتَقدَّم فيه؛
ومنه قول الكميت:
كما يَتَقاعَسِ الفَرَسُ الجَرُورُ
وفي حديث الأُخْدُود: فَتَقاعَسَتْ أَن تقع فيها؛ وقوله:
صَدِيق لَرَسْمِ الأَشجَعِيِّين، بَعْدَما
كَسَتْني السِّنُونَ القُعْسُ شَيبَ المفارِقِ
إِنما أَراد السِّنين الثابتة، ومعنى ثباتها طُولها.
وقَعَسَ وتَقاعَس واقْعَنْسَسَ: تأَخر ورجع إِلى خلف. وفي الحديث: أَنه
مَدَّ يَده إِلى حذيفة فتَقاعَسَ عنه أَو تَقَعَّسَ أَي تأَخر؛ قال
الراجز:
بِئْسَ مُقامُ الشَّيْخ أَمْرِسْ أَمْرِسْ،
إِمَّا على قَعْوٍ، وإِمَّا اقْعَنْسِسْ
وإِنما لم يدغم هذا لأَنه ملحق باحْرَنْجَم؛ يقول: إِن استقَى ببكرة وقع
حبلها في غير موضعه فيقال له أَمْرِسْ، وإِن استقَى بغير بكرة ومَتَح
أَوجعه ظهره فيقال له اقْعَنْسِسْ واجذب الدَّلْوَ؛ قال أَبو عليّ: نون
افعنلل بابها إِذا وقعت في ذوات الأَربعة أَن تكون بين أَصلين نحو
اخْرَنْطَمَ واحْرَنجَمَ، واقْعَنْسَسَ ملحق بذلك فيجب أَن يحتذى به طريق ما أُلحق
بمثاله، فلتكن السين الأُولى أَصلاً كما أَن الطاء المقابلة لها من
اخْرَنْطَمَ أَصل، وإِذا كانت السين الأُولى من اقْعَنْسَسَ أَصلاً كانت
الثانية الزائدة بلا ارتياب ولا شبهة.
واقْعَنْسَسَ البعير وغيره: امتنع فلم يتبع، وكل ممتنع مُقْعَنْسِس.
والمُقْعَنسِسُ: الشديد، وقيل: المتأَخر. وجمل مُقْعَنْسِسٌ: يمتنع أَن
يُقاد. قال المبرد: وكان سيبويه يقول في تصغير مُقْعَنْسِس مُقَيْعِس
ومُقَيْعِيس، قال: وليس القياس ما قال لأَن السين ملحقة فالقياس قُعَيْسِس
وقُعَيْسِيس، حتى يكون مثل حُرَيْجِم وحُرَيْجِيم في تحقير مُحْرَنْجِم.
وعِزٌّ مُقْعَنْسِس: عَزَّ أَن يُضام. وكل مُدخلٍ رأْسَه في عنقه كالممتنع
من الشيء: مُقْعَنْسِس. ومَقاعِس، بفتح الميم: جمع المُقْعَنْسِس بعد
حذف الزيادات والنون والسين الأَخيرة، وإِنما لم تحذف الميم، وإِن كانت
زائدة، لأَنها دخلت لمعنى اسم الفاعل، وأَنت في التعويض بالخيار، والتعويضُ
أَن تدخل ياءً ساكنة بين الحرفين اللذين بعد الأَلف، تقول: مَقاعِس وإِن
شئت مَقاعِيس، وإِنما يكون التعويض لازماً إِذا كانت الزيادة رابعة نحو
قِنديل وقَناديل، فقِسْ عليه.
والإِقْعاسُ: الغنى والإِكثار. وفرس أَقْعَسُ إِذا اطمأَنَّ صُلبه من
صَهْوَتِه وارتفعت قَطاتُه، ومن الإِبل التي مال رأْسها وعنقها نحو ظهرها؛
ومنه قولهم: ابنُ خَمْسٍ عَشاء خَلِفاتٍ قُعْس أَي مكثُ الهلال لخمس
خَلَوْنَ من الشعر إِلى أَن يغيب مُكْثُ هذه الحوامل في عَشائها.
والقِنْعاسُ: الناقة العظيمة الطويلة السَّنَمة، وقيل: الجمل؛ قال جرير:
وابنُ اللَّبُون، إِذا ما لُزَّ في قَرَنٍ،
لم يستطِع صَوْلَة البُزْلِ القَناعِيسِ
وليلٌ أَقْعَس: طويل كأَنه لا يبرح. والقَعْسُ: التراب المُنْتِن.
وقَعَسَ الشيءَ قَعْساً: عطفه كقَعَشَه. والقَوْعَسُ: الغليظ العنُق
الشديد الظهر من كل شيء. وتَقَعْوَسَ الشيخ: كَبِرَ كَتَقَعْوشَ.
والقَعْوَسُ: الشيخ الكبير. وتَقَعْوَسَ البيت: انهدم. والقَعْوَسُ:
الخفيف.وقولهم: هو أَهون من قُعَيْسٍ على عَمَّتِه؛ قيل كان غلاماً من بني
تميم، وإِنَّ عَمَّتَه استعارت عَنْزاً من امرأَة فرهنتها قُعَيْساً ثم نحرت
العنز وهَربت، فضرب به المثل في الهوان.
وبعيرٌ أَقْعَسُ: في رجليه قِصَر وفي حارِكِه انْصِباب؛ وقال ان
الأَعرابي: الأَقْعَسُ الذي قد خرجت عجيزته، وقال غيره: هو المنكبُّ على صدره،
قال أَبو العباس: والقول قول صاحبنا؛ وأَنشد:
أَقْعَسُ أَبْدى، في اسْتِه اسْتِيخارُ
وفي الحديث: حتى تأْتي فَتَيات قُعْساً؛ القَعَس: نُتُوُّ الصدر خلقة،
والرجل أَقْعَس، والمرأة قَعْساء، والجمع قُعْس.
وقَعْسان: موضع، والأَقْعسُ: جبَل. وقُعَيسِسٌ وقُعَيْسٌ: اسمان.
ومُقاعِس: قببيلة. وبنو مُقاعِس: بَطْن من بني سعد، سمي مُقاعسِاً لأَنه
تَقاعَس عن حِلْف كان بين قومه، واسمه الحرث، وقيل: إِنما سمي مُقاعِساً يوم
الكُلاب لأَنهم لمّا التَقَوْا همْ وبنو الحرث بن كعب تنادى أُولئك: يا
لَلْحرث وتنادى هؤلاء: يا لَلْحرث فاشتبه الشِّعاران لقالوا: يا
لَمُقاعِس قال الجوهري: ومُقاعِس أَبو حي من تميم، وهو لقب، واسمه الحرث بن عمرو
بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم. وعمرو ابن قِعاس: من شعرائهم. أَبو
عبيدة: الأَقْعَسان هما أَقْعَسُ ومُقاعِس ابنا ضَمْرَة بن ضَمْرة من بني
مجاشع، والأَقْعَسان: الأَقْعَسُ وهُبَيْرة ابنا ضَمْضَم.
فرس: الفَرَس: واحد الخيل، والجمع أَفراس، الذكر والأُنثى في ذلك سواء،
ولا يقال للأُنثى فيه فَرَسة؛ قال ابن سيده: وأَصله التأْنيث فلذلك قال
سيبويه: وتقول ثلاثة أَفراس إِذا أَردت المذكر، أَلزموه التأْنيث وصار في
كلامهم للمؤنث أَكثر منه للمذكر حتى صار بمنزلة القدَم؛ قال: وتصغيرها
فُرَيْس نادِر، وحكى ابن جِني فَرَسَة. الصحاح: وإِن أَردت تصغير الفَرس
الأُنثى خاصة لم تقُل إِلا فُرَيسَة، بالهاء؛ عن أَبي بكر بن السراج،
والجمع أَفراس، وراكبه فارس مثل لابن وتامِر. قال ابن السكيت: إِذا كان الرجل
على جافرٍ، بِرْذَوْناً كان أَو فرَساً أَو بغْلاً أَو حماراً، قلت: مرَّ
بنا فارس على بغل ومرّ بنا فارس على حمار؛ قال الشاعر:
وإِني امرؤٌ للخَيل عندي مَزيَّة،
على فارِس البِرْذَوْنِ أَو فارس البَغْلِ
وقال عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير، لا أَقول لصاحب البغل فارس ولكني
أَقول بغَّال، ولا أَقول لصاحب الحمار فارس ولكني أَقول حَمّار. والفرَس:
نجم معروف لمُشاكلته الفرس في صُورته. والفارس: صاحب الفرَس على إِرادة
النسَب، والجمع فُرْسان وفَوارس، وهو أَحَدُ ما شذَّ من هذا النَّوع فجاء
في المذكر على فَواعِل؛ قال الجوهري في جمعه على فَوارس: هو شاذ لا يُقاس
عليه لأَن فواعل إِنما هو جمع فاعلة مثل ضاربة وضَوارِب، وجمع فاعل إِذا
كان صفة للمؤنث مثل حائض وحَوائض، أَو ما كان لغير الآدميّين مثل جمل
بازل وجمال بَوازِل وجمل عاضِه وجمال عَواضِه وحائِط وحوائِط، فأَما مذكّر
ما يَعقِل فلم يُجمع عليه إِلا فَوارِس وهَوالك ونَواكِس، فأَما فوارِس
فلأَنه شيء لا يكون في المؤنث فلم يُخَفْ فيه اللّبْس، وأَما هوالك فإِنما
جاء في المثل هالِك في الهَوالِك فَجَرى على الأَصل لأَنه قد يجيء في
الأَمثال ما لا يجيء في غيرها، وأَما نواكِس فقد جاء في ضرورة الشِّعْر.
والفُرسان: الفوارس؛ قال ابن سيده: ولم نَسمَع امرأَة فارِسة، والمصدر
الفَراسة والفُرُوسة، ولا فِعْل له. وحكى اللحياني وحده: فَرَس وفَرُس إِذا
صار فارساً، وهذا شاذ. وقد فارَسه مُفارَسة إِذا صار فارساً، وهذا شاذ.
وقد فارَسه مُفارَسة وفِراساً، والفَراسة، بالفتح، مصدر قولك رجل فارِس على
الخيل. الأَصمعي: يقال فارِس بيّن الفُرُوسة والفَراسة والفُرُوسِيّة،
وإِذا كان فارساً بِعَيْنِه ونَظَرِه فهو بيّن الفِراسة، بكسر الفاء،
ويقال: إِن فلاناً لفارس بذلك الأَمر إِذا كان عالماً به. ويقال: اتقوا
فِراسة المؤمن فإِنه ينظر بنور اللَّه.
وقد فرُس فلان، بالضم، يَفْرُس فُرُوسة وفَراسة إِذا حَذِقَ أَمر الخيل.
قال: وهو يَتَفَرَّس إِذا كان يُري الناسَ أَنه فارس على الخيل. ويقال:
هو يَتَفَرَّس إِذا كان يَتَثَبَّتُ وينظرُ. وفي الحديث: أَن رسول
اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، عَرض يوماً الخيلَ وعنده عُيَيْنة بن حِصن
الفَزاري فقال له: أَنا أَعلم بالخيل منك، فقال عُيينة: وأَنا أَعلم بالرجال
منك، فقال: خيار الرِّجال الذين يَضَعُون أَسيافهم على عَواتِقِهم
ويَعْرُِضُون رِماحهم على مناكب خيلهم من أَهل نجد، فقال النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم: كذبتَ؛ خِيارُ الرجال أَهل اليمن، الإِيمان يَمانٍ وأَنا يَمانٍ،
وفي رواية أَنه قال: أَنا أَفرَسُ بالرجال؛ يريد أَبْصَرُ وأَعرَفُ.
يقال: رجل فارس بيِّن الفُروسة والفَراسة في الخيل، وهو الثُّبات عليها
والحِذْقُ بأَمرها. ورجل فارس بالأَمر أَي عالم به بصير.
والفِراسة، بكسر الفاء: في النَّظَر والتَّثَبُّت والتأَمل للشيء وابصَر
به، يقال إِنه لفارس بهذا الأَمر إِذا كان عالماً به. وفي الحديث:
عَلِّمُوا أَولادكم العَوْم والفَراسة؛ الفَراسَة، بالفتح: العِلم بركوب الخيل
وركْضِها، من الفُرُوسيَّة، قال: والفارس الحاذق بما يُمارس من الأَشياء
كلها، وبها سمي الرجل فارساً. ابن الأَعرابي: فارِس في الناس بيِّن
الفِراسة والفَراسة، وعلى الدابة بيِّن الفُرُوسِيَّة، والفُروسةُ لغة فيه،
والفِراسة، بالكسر: الاسم من قولك تفرَّسْت فيه خيراً.
وتفرَّس فيه الشيءَ: توسَّمَه. والاسم الفِراسَة، بالكسر. وفي الحديث:
اتَّقُوا فِراسَة المؤمن؛ قال ابن الأَثير: يقال بمعنيَين: أَحدهما ما دل
ظاهرُ الحديث عليه وهو ما يُوقِعُه اللَّه تعالى في قلوب أَوليائه
فيَعلمون أَحوال بعض الناس بنَوْع من الكَرامات وإِصابة الظنّ والحَدْس،
والثاني نَوْع يُتَعَلَم بالدلائل والتَّجارب والخَلْق والأَخْلاق فتُعرَف به
أَحوال الناس، وللناس فيه تصانيف كثيرة قديمة وحديثة، واستعمل الزجاج منه
أَفعل فقال: أَفْرَس الناس أَي أَجودهم وأَصدقهم فِراسة ثلاثةٌ: امرأَةُ
العزيز في يوسف، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، وابنةُ شُعَيْب في
موسى، على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، وأَبو بكر في تولية عمر بن الخطاب،
رضي اللَّه عنهما. قال ابن سيده: فلا أَدري أَهو على الفعل أم هو من باب
أَحْنَكُ الشَّاتَيْنِ، وهو يَتَفَرَّس أَي يَتثَبَّت وينظر؛ تقول منه:
رجل فارِس النَّظَر. وفي حديث الضحاك في رجل آلى من امرأَته ثم طلقها قال:
هما كَفَرَسَيْ رِهانٍ أَيُّهما سبَق أُخِذ به؛ تفسيره أَن العِدَّة، وهي
ثلاث حِيَض أَو ثلاثة أَطهار، إِنِ انْقَِضَت قَبلَ انقضاء إِيلائه وهو
أَربعة أَشهر فقد بانت منه المرأَة بتلك التطليقة، ولا شيء عليه من
الإِيلاء لأَن الأَربعة أَشهر تنقضي وليست له بزوج، وإِن مضت الأَربعة أَشهر
وهي في العِدّة بانت منه بالإِيلاء مع تلك التطليقة فكانت اثنتين،
فجَعَلَهما كَفَرَسَيْ رِهان يتسابقان إِلى غاية.
وفَرَسَ الذَبيحَة يَفْرِسُها فَرْساً: قطع نُِخاعَها، وفَرَّسَها
فَرْساً: فصَل عُنُقها ويقال للرجل إِذا ذبح فنَخَع: قد فَرَس، وقد كُرِه
الفَرْس في الذّبيحَة؛ رواه أَبو عبيدة بإِسناده عن عمر، قال أَبو عبيدة:
الفَرْس هو النَّخْعُ، يقال: فَرَسْت الشاة ونَخَعْتُها وذلك أَن تَنتَهي
بالذبح إِلى النُِّخاع، وهو الخَيْطُ الذي في فَقار الصُّلْب مُتَّصِل
بالفقار، فنهى أَن يُنْتهى بالذبح إِلى ذلك الموضع؛ قال أَبو عبيد: أما
النَّخْع فعلى ما قال أَبو عبيدة، وأَما الفَرْس فقد خُولف فيه فقيل: هو الكسر
كأَنه نهى أَن يُكْسَرَ عظمُ رقبة الذبيحة قبل أَن تَبْرُدَ، وبه
سُمِّيت فَريسة الأَسد لِلْكسر. قال أَبو عبيد: الفَرْس، بالسين، الكسر،
وبالصاد، الشق. ابن الأَعرابي: الفرس أَن تُدَقّ الرقبَة قبل أَن تُذْبَح الشاة
وفي الحديث: أَمَرَ مُنادِيَه فنادَى: لا تَنْخَعُوا ولا تَفْرِسوا.
وفَرَسَ الشيءَ فَرْساً: دَّقَه وكَسَرَهُ؛ وفَرَسَ السَّبُعُ الشيءَ
يفرِسُه فَرْساً. وافْتَرَسَ الدَّابة: أَخذه فدَقَّ عُنُقَه؛ وفَرَّسَ الغَنم:
أَكثر فيها من ذلك. قال سيبويه: ظَلَّ يُفَرِّسُها ويُؤَكِّلُها أَي
يُكثِر ذلك فيها. وسَبُعٌ فَرَّاس: كثير الافتراس؛ قال الهذلي:
يا مَيّ لا يُعْجِز الأَيامَ ذُو حِيَدٍ،
في حَوْمَةِ المَوْتِ، رَوَّامٌ وفَرَّاسُ
(* قوله «يا مي إلخ» تقدم في عرس: يا مي لا يعجز الأَيام مجترئ في حومة
الموت رزام وفرَّاس).
والأَصل في الفَرْس دَقُّ العُنُق، ثم كَثُرَ حتى جُعِل كل قتل فَرْساً؛
يقال: ثَوْر فَرِيس وبقرة فَريس. وفي حديث يأْجوج ومأْجوج: إِن اللَّه
يُرْسِل النِّغَف عليهم فيُصْبِحُون فَرْسَى أَي قَتْلَى، الواحد فَرِيسٌ،
من فَرَسَ الذئب الشاة وافترسها إِذا قتلها، ومنه فَرِيسة الأَسد.
وفَرْسَى: جمع فريس مثل قَتْلى وقَتِيل.قال ابن السِّكِّيت: وفَرَسَ الذئبُ
الشاة فَرْساً، وقال النضر بن شُمَيل: يقال أَكل الذئب الشاة ولا يقال
افْتَرَسها. قال ابن السكيت: وأَفْرَسَ الراعي أَي فَرَسَ الذئب شاة من
غَنَمه. قال: وأَفْرَسَ الرجلُ الأَسدَ حِمارَه إِذا تركه له لِيَفْتَرِسَه
ويَنْجُوَ هو. وفَرَّسه الشيءَ: عَرَّضَه له يَفْترِسه؛ واستعمل العجاج ذلك
في النُّعَرِ فقال:
ضَرْباً إِذا صَابَ اليآفِيخَ احْتَفَرْ،
في الهامِ دُخْلاناً يُفَرِّسْنَ النُّعَرْ
أَي أَنّ هذه الجراحات واسعة، فهي تمكِّن النُّعَر مما تُرِيده منها؛
واستعمله بعض الشُّعراء في الإِنسان فقال، أَنشده ابن الأَعرابي:
قد أَرْسَلُوني في الكَواعِبِ رَاعياً
فَقَدْ، وأَبي، رَاعِي الكَواعِبِ، أَفْرِسُ
(* قوله «أفرس مع قوله في البيت بعده ان تفرسا» كذا بالأصل، فإن صحت
الرواية ففيه عيب الاصراف)
أَتَتْهُ ذِئابٌ لا يُبالِين رَاعِياً،
وكُنَّ ذِئاباً تَشْتَهِي أَن تُفَرَّسا
أَي كانت هذه النساء مُشْتَهِيات للتَّفْرِيس فجعلهُنَّ كالسَّوامِ إِلا
أَنهنَّ خالَفْن السَّوام لأَنَّ السَّوام لا تشتهي أَن تُفَرِّسَ، إِذ
في ذلك حَتْفُها، والنساء يَشْتَهِين ذلك لما فيه من لذَّتهنّ، إِذْ
فَرْس الرجال النساء ههنا إِنما هو مُواصَلَتُهُنَّ؛ وأَفْرِسُ من قوله:
فَقَدْ، وأَبي راعِي الكَواعِبِ، أَفْرِسُ
موضوع موضع فَرَسْت كأَنه قال: فقد فَرَسْتُ؛ قال سيبويه: قد يَضَعون
أَفْعَلُ موضع فَعَلْت ولا يَضَعُون فَعَلْتُ في موضع أَفْعَل إِلا في
مُجازاة نحو إِن فَعَلْتَ فَعَلْتُ. وقوله: وأَبي خَفْضٌ بواو القَسَم،
وقوله: رَاعِي الكواعِب يكون حالاً من التَّاء المقدَّرة، كأَنه قال: فَرَسْت
رَاعِياً للكواعب أَي وأَنا إِذ ذاك كذلك، وقد يجوز أَن يكون قوله وَأَبي
مُضافاً إِلى راعِي الكواعِب وهو يريد بِرَاعي الكَواعِب ذاتَهُ:
أَتَتْهُ ذِئابٌ لا يُبالين رَاعِياً
أَي رجالُ سُوء فُجَّارٌّ لا يُبالُون من رَعَى هؤلاء النساء فنالوا
منهنّ إِرادَتَهُم وهواهُمْ ونِلْنَ منهم مثلَ ذلك، وإِنما كَنَى بالذِّئاب
عن الرجال لأَن الزُّناة خُبَثاء كما أَن الذئاب خَبيثة، وقال تَشْتَهِي
على المبالغة، ولو لم يُرِد المُبالَغة لقال تريد أَن تُفَرِّس مكان
تَشْتَهِي، على أَن الشهوة أَبلغ من الإِرادة، والعقلاء مُجْمعُون على أَن
الشَّهوة غير محمودة البَتَّة. فأَما المراد فمِنْه محمود ومنه غير محمود.
والفَريسَة والفَرِيسُ: ما يَفْرِسُه؛ أَنشد ثعلب:
خافُوه خَوْفَ الليثِ ذي الفَرِيس
وأَفرسه إِياه: أَلقاه له يَفْرِسُه. وفَرَسَه فَرْسَةً قَبيحة: ضَرَبه
فدخل ما بين وِرْكَيْه وخرجَتْ سُرَّته.
والمَفْرُوسُ: المكسُور الظهر. والمَفْروس والمفزور والفَريسُ:
الأَــحْدَب. والفِرْسَة: الــحَدْبَــة، بكسر الفاء. والفِرْسَة: الرِّيح التي
تُــحْدِب، وحكاها أَبو عُبَيد بفتح الفاء، وقيل: الفِرْسَة قَرْحة تكون في
الــحَدَب، وفي النَّوبة أَعلى
(* قوله «وفي النوبة أَعلى» هكذا في الأَصل، ولعل
فيه سقطاً. وعبارة القاموس وشرحه في مادة فرص: والفرصة، بالضم، التوبة
والشرب، نقله الجوهري، والسين لغة، يقال: جاءت فرصتك من البئر أَي نوبتك.)،
وذلك مذكور في الصاد أَيضاً. والفَرْصَة: ريح الــحَدَب، والفَرْس: ريح
الــحَدَب. الأَصمعي: أَصابته فَرْسَة إِذا زالت فَقْرة من فَقار ظهره، قال:
وأَمّا الرِّيح التي يكون منها الــحَدَب فهي الفَرْصَة، بالصاد. أَبو زيد:
الفِرسَة قَرْحَة تكون في العُنُق فَتَفْرِسها أَي تدقها؛ ومنه فَرَسْتُ
عُنُقه. الصحاح: الفَرْسَة ريح تأْخذُ في العُنُق فَتَفْرِسُها. وفي حديث
قَيْلَة: ومعها ابنة لها أَــحْدَبَــها الفِرْسَة أَي ريح الــحدَب فيَصير
صاحبها أَــحْدَب. وأَصاب فُرْسَتَه أَي نُهْزَته، والصاد فيها أَعرف.
وأَبو فِراسٍ: من كُناهُم، وقد سَمَّت العرَب فِراساً وفَراساً.
والفَرِيسُ: حَلْقَة من خَشب معطوفة تُشَدُّ في رأْس حَبْل؛ وأَنشد:
فلو كانَ الرِّشا مِئَتَيْنِ باعاً،
لَكان مَمرُّ ذلك في الفَرِيسِ
الجوهري: الفَريس حَلْقَة من خَشب يقال لها بالفارسيَّة جَنْبر.
والفِرْناس، مثل الفِرْصاد: من أَسماء الأَسد مأْخوذة من الفَرْسِ، وهو
دقّ العُنُق، نونه زائدة عند سيبويه. وفي الصحاح: وهو الغليظ الرَّقبة.
وفِرْنَوْس: من أَسمائه؛ حكاه ابن جني وهو بناء لم يحكه سيبويه. وأَسد
فُرانِس كفِرْناس: فُعانِل من الفَرْس، وهو مما شذَّ من أَبنية الكتاب.
وأَبو فِراس: كُنية الأَسد.
والفِرس، بالكسر: ضرب من النَّبات، واختَلَف الأَعراب فيه فقال أَبو
المكارِم: هو القَصْقاص، وقال غيره: هو الحَبَنٌ، وقال غيره: هو
الشَِّرْشَِرُ، وقال غيره: هو البَرْوَقُ.
ابن الأَعرابي: الفَراس تمر أَسود وليس بالشِّهْرِيزِ؛ وأَنشد:
إِذا أَكلُوا الفَراسَ رأَيت شاماً
على الأَنْثال منهمْ والغُيُوبِ
قال: والأَنْثال التِّلال.
وفارِسُ: الفُرْسُ، وفي الحديث: وخَدَمَتْهم فارِسُ والرُّوم؛ وبِلادُ
الفُرْس أَيضاً؛ وفي الحديث: كنت شاكِياً بفارس فكنتُ أُصلي قاعدا فسأَلت
عن ذلك عائشة؛ يريد بلادَ فارِس، ورواه بعضهم بالنون والقاف جمع نِقْرِس،
وهو الأَلم المعرُوف في الأَقدام، والأَول الصحيح. وفارِس: بلدٌ ذو
جِيل، والنسب إِليه فارسيّ، والجمع فُرْس؛ قال ابن مُقْبِل:
طافَت به الفُرْسُ حتى بَدَّ ناهِضُها
وفَرْسٌ: بلد؛ قال أَبو بثينة:
فأَعْلُوهم بِنَصْلِ السَّيف ضرْباً،
وقلتُ: لعلَّهم أَصحابُ فَرْسِ
ابن الأَعرابي: الفَرسن التفسير
(* قوله «الفرسن التفسير» هكذا في
الأصل.)، وهو بيانُ وتفصيلُ الكتاب. وذُو الفَوارِس: موضع؛ قال ذو
الرُّمَّة:أَمْسى بِوَهْبِينَ مُجْتَازاً لِطِيَّتِهِ،
مِنْ ذِي الفَوارِس، تَدْعُوا أَنفَه الرِّبَبُ
وقوله هو:
إِلى ظُعْنٍ يَقْرِضْنَ أَجْوازَ مُشْرِفٍ،
شِمالاً، وعن أَيْمانِهِنَّ الفَوارِسُ
يجوز أَن يكون أَراد ذُو الفَوارِس. وتَلُّ الفَوارس: موضع معروف، وذكر
أَنَّ ذلك في بعض نسخ المصنف، قال وليس ذلك في النسخ كلها. وبالدَّهْناء
جِبال من الرَّمْل تسمَّى الفَوارِس؛ قال الأَزهري: وقد رأَيتها.
والفِرْسِنُ، بالنون، للبعير: كالحافِر للدابة؛ قال ابن سيده: الفِرْسِن
طَرف خُفّ البعير، أُنثى، حكاه سيبويه في الثلاثي، قال: والجمع فَراسِن،
ولا يقال فِرْسِنات كما قالوا خَناصِر ولم يقولوا خِنْصِرات. وفي
الحديث: لا تَحْقِرَنَّ من المعروف شيئاً، ولو فِرْسِن شاة. الفِرْسِن: عَظْم
قليل اللحم، وهو خُفّ البعير كالحافر للدابة، وقد يستعار للشَّاة فيقال
فِرْسِن شاة، والذي للشّاة هو الظِّلْف، وهو فِعْلِن والنون زائدة، وقيل
أَصلية لأَنها من فَرَسْت.
وفَرَسان، بالفتح: لقَب قبيلة. وفِراس بن غَنْم: قبيلة، وفِراس بن عامر
كذلك.
وجه: الوَجْهُ: معروف، والجمع الوُجُوه. وحكى الفراء: حَيِّ الأُجُوهَ
وحَيِّ الوُجُوه. قال ابن السكيت: ويفعلون ذلك كثيراً في الواو إذا
انضمت. وفي الحديث: أَنه ذكر فِتَناً كوُجُوهِ البَقَرِ أَي يُشْبِه بَعْضُها
بعضاً لأَن وُجُوهَ البقر تتشابه كثيراً؛ أَراد أَنها فِتَنٌ
مُشْتَبِهَةٌ لا يُدْرَى كيف يُؤْتَى لها. قال الزمخشري: وعندي أَن المراد تأْتي
نواطِحَ للناس ومن ثم قالوا نَواطِحُ الدَّهْرِ لنوائبه. ووَجْهُ كُلِّ شيء:
مُسْتَقْبَلُه، وفي التنزيل العزيز: فأَيْنَما تُوَلُّوا فثَمَّ وَجْهُ
اللهِ. وفي حديث أُمّ سلمة: أَنها لما وَعَظَتْ عائشة حين خرجت إلى
البصرة قالت لها: لو أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عَارَضَكِ ببعض
الفَلَواتِ ناصَّةً قَلُوصاً من مَنْهَلٍ إلى مَنْهَلٍ قد وَجِّهْتِ
سدافَتَه وتَرَكْتِ عُهَّيْداهُ في حديث طويل؛ قولها: وَجَّهْتِ
سِدافَتَه أَي أَخذتِ وَجْهاً هَتَكْتِ سِتْرَك فيه، وقيل: معناه أَزَلْتِ
سِدافَتَهُ، وهي الحجابُ، من الموضع الذي أُمِرْتِ أَن تَلْزَمِيه وجَعَلْتِها
أَمامَكِ. القتيبي: ويكون معنى وَجَّهْتِهَا أَي أَزَلْتِهَا من المكان
الذي أُمِرْتِ بلزومه وجَعَلْتِهَا أَمامَكِ. والوَجْهُ: المُحَيَّا.
وقوله تعالى: فأَقِمْ وَجْهَكَ للدِّين حَنِيفاً؛ أَي اتَّبِع الدِّينَ
القَيِّمَ، وأَراد فأَقيموا وجوهكم، يدل على ذلك قوله عز وجل بعده:
مُنِيبِينَ إليه واتَّقُوهُ؛ والمخاطَبُ النبيُّ، صلى الله عليه وسلم، والمراد
هو والأُمَّةُ، والجمع أَوْجُهٌ ووُجُوهٌ. قال اللحياني: وقد تكون
الأَوْجُهُ للكثير، وزعم أَن في مصحف أُبَيٍّ أَوْجُهِكُمْ مكان وُجُوهِكُمْ،
أُراه يريد قوله تعالى: فامسحوا بوُجُوهِكُمْ. وقوله عز وجل: كلُّ شيءٍ
هالكٌ إلا وَجْهَهُ؛ قال الزجاج: أَراد إلا إيَّاهُ. وفي الحديث: كانَتْ
وُجُوهُ بُيُوت أَصحابِهِ شارعةً في المسجد؛ وَجْهُ البيتِ: الخَدُّ
الذي يكون فيه بابه أَي كانت أَبواب بيوتهم في المسجد، ولذلك قيل لَخَدِّ
البيت الذي فيه الباب وَجْهُ الكَعْبةِ. وفي الحديث: لتُسَوُّنَّ
صُفُوفَكُمْ أَو لَيُخالِفَنَّ الله بين وُجُوهكم؛ أَراد وُجوهَ القلوب، كحديثه
الآخر: لا تَخْتَلِفُوا فتَخْتَلِفَ قُلُوبكم أَي هَوَاها وإرادَتُها.
وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ: لا تَفْقَهُ حتى تَرَى للقرآن وُجُوهاً أَي
تَرَى له مَعَانيَ يحتملها فتَهابَ الإقْدامَ عليه. ووُجُوهُ البلد:
أَشرافُه. ويقال: هذا وَجْهُ الرأْيِ أَي هو الرأْيُ نَفْسُه. والوَجْه
والجِهَةُ بمعنىً، والهاء عوض من الواو، والاسم الوِجْهَةُ والوُجْهَةُ، بكسر
الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع
مع الهاء في المصادر. واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَلَ،
صارت الواو ياء لكسرة ما قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بُنِيَ
عليه قولك قعدت تُجاهَكَ وتِجَاهَكَ أَي تِلْقاءَك. ووَجْهُ الفَرَسِ: ما
أَقبل عليك من الرأْس من دون مَنَابت شعر الرأْس. وإنه لعَبْدُ الوَجْهِ
وحُرُّ الوَجْهِ، وإنه لسَهْلُ الوَجْهِ إذا لم يكن ظاهر الوَجْنَةِ.
ووَجْهُ النهار: أَوَّلُهُ. وجئتك بوَجْهِ نهارٍ أَي بأَوّل نهار. وكان ذلك
على وَجْهِ الدهرأَي أَوَّلِهِ؛ وبه يفسره ابن الأَعرابي. ويقال: أَتيته
بوَجْهِ نهارٍ وشَبابِ نهارٍ وصَدْرِ نهارٍ أَي في أَوَّله؛ ومنه قوله:
مَنْ كان مَسْروراً بمَقْتَلِ مالِكٍ،
فليأْتِ نِسْوَتَنَا بوَجْهِ نهارِ
وقيل في قوله تعالى: وَجْهَ النهارِ واكْفُروا آخِرَهُ؛ صلاة الصبح،
وقيل: هو أَوّل النهار. ووَجْهُ النجم: ما بدا لك منه. ووَجْهُ الكلام:
السبيلُ الذي تقصده به.
وجاهاهُ إذا فاخَرَهُ.
ووُجُوهُ القوم: سادتهم، واحدهم وَجْهٌ، وكذلك وُجَهَاؤهم، واحدهم
وَجِيهٌ. وصَرَفَ الشيءَ عن وَجْهِهِ أَي سَنَنِهِ.
وجِهَةُ الأَمرِ وجَهَتُهُ ووِجْهَتُه ووُجْهَتُهُ: وَجْهُهُ. الجوهري:
الاسم الوِجْهَة والوُجْهة، بكسر الواو وضمها، والواو تثبت في الأَسماء
كما قالوا وِلْدَةٌ، وإنما لا تجتمع مع الهاء في المصادرِ. وما له جِهَةٌ
في هذا الأَمرِ ولا وِجْهَةٌ أَي لا يبصر وجْهَ أَمره كيف يأْتي له.
والجِهَةُ والوِجْهَةُ جميعاً: الموضعُ الذي تَتَوَجَّهُ إليه وتقصده.
وضَلَّ وِجْهَةَ أَمْرهِ أَي قَصْدَهُ؛ قال:
نَبَذَ الجِوَارَ وضَلَّ وِجْهَةَ رَوْقِهِ،
لما اخْتَلَلْتُ فُؤَادَهُ بالمِطْرَدِ
ويروى: هِدْيَةَ رَوْقِهِ. وخَلِّ عن جِهَتِه: يريد جِهَةَ الطريقِ.
وقلت كذا على جِهَةِ كذا، وفعلت ذلك على جهة العدل وجهة الجور؛ والجهة:
النحو، تقول كذا على جهة كذا، وتقول: رجل أَحمر من جهته الحمرة، وأَسود من
جهته السواد. والوِجهةُ والوُجهةُ: القِبلةُ وشِبْهها في كل وجهة أَي
في كل وجه استقبلته وأَخذت فيه. وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ،
لأَن أَصل التاء فيهما واو.وتوَجَّه إليه: ذهب. قال ابن بري: قال أَبو زيد
تَجِهَ الرجلُ يَتْجَهُ تَجَهاً. وقال الأَصمعي: تَجَهَ،بالفتح؛ وأَنشد
أَبو زيد لمِرْداسِ بن حُصين:
قَصَرْتُ له القبيلةَ، إذ تَجِهْنا
وما ضاقَتْ بشَدّته ذِراعي
والأَصمعي يرويه: تَجَهْنا، والذي أَراده اتَّجَهْنا، فحذف أَلف الوصل
وإحدى التاءين، وقَصَرْتُ: حبَسْتُ. والقبيلةُ: اسم فرسه، وهي مذكورة في
موضعها، وقيل: القبيلة اسم فرسٍ؛ أَنشد ابن بري لطُفيلٍ:
بناتُ الغُرابِ والوجِيهِ ولاحِقٍ،
وأَعْوَجَ تَنْمي نِسْبَةَ المُتَنسِّبِ
واتَّجَهَ له رأْيٌ أَي سَنَحَ، وهو افْتَعَل، صارت الواو ياء لكسرة ما
قبلها، وأُبدلت منها التاء وأُدغمت ثم بني عليه قولك قعدت تُجاهَكَ
وتِجاهَكَ أَي تِلْقاءك. وتَجَهْتُ إليك أَتْجَهُ أَي توجهتُ لأَن أَصل التاء
فيهما واو. ووَجَّه إليه كذا: أَرسله، ووجَّهْتُهُ في حاجةٍ ووجَّهْتُ
وجْهِيَ لله وتوَجَّهْتُ نحوَكَ وإليك. ويقال في التحضيض: وَجِّهِ الحَجَرَ
وجْهةٌ مّا له وجِهَةٌ مّا له ووَجْهٌ مّا له، وإنما رفع لأَن كل حَجَرٍ
يُرْمى به فله وجْهٌ؛ كل ذلك عن اللحياني، قال: وقال بعضهم وجِّه
الحَجَرَ وِجْهةً وجِهةً مّا له ووَجْهاً مّا له، فنصب بوقوع الفعل عليه، وجعل
ما فَضْلاً، يريد وَجِّه الأَمرَ وَجْهَهُ؛ يضرب مثلاً للأَمر إذا لم
يستقم من جهةٍ أَن يُوَجِّهَ له تدبيراً من جِهةٍ أُخرى، وأَصل هذا في
الحَجَرِ يُوضَعُ في البناء فلا يستقيم، فيُقْلَبُ على وجْهٍ آخر فيستقيم.
أَبو عبيد في باب الأَمر بحسن التدبير والنهي عن الخُرْقِ: وَجِّهْ وَجْهَ
الحَجَرِ وِجْهةً مّا له، ويقال: وِجْهة مّا له، بالرفع، أَي دَبِّرِ
الأَمر على وجْهِه الذي ينبغي أَن يُوَجَّهَ عليه. وفي حُسْنِ التدبير
يقال: ضرب وجْهَ الأَمر وعيْنَه. أَبو عبيدة: يقال وَجِّه الحجر جهةٌ مّا
له، يقال في موضع الحَضِّ على الطلب، لأَن كل حجر يُرْمى به فله وجْهٌ،
فعلي هذا المعنى رفعه، ومن نصبه فكأَنه قال وَجِّه الحجر جِهَتَه، وما
فضْلٌ، وموضع المثل ضََعْ كلَّ شيء موضعه. ابن الأَعرابي: وَجِّه الحجر
جِهَةً مّا له وجهةٌ مّا له ووِجْهةً مّا له ووِجهةٌ مّا له ووَجْهاً مّا له
ووَجْهٌ مّا له.
والمُواجَهَةُ: المُقابلَة. والمُواجَهةُ: استقبالك الرجل بكلام أَو
وَجْهٍ؛ قاله الليث.
وهو وُجاهَكَ ووِجاهَكَ وتُجاهَكَ وتِجاهَكَ أَي حِذاءَكَ من تِلْقاءِ
وَجْهِكَ. واستعمل سيبويه التُّجاهَ اسماً وظرفاً. وحكى اللحياني: داريِ
وجاهَ دارِكَ ووَجاهَ دارِكَ ووُجاهَ دارك، وتبدل التاء من كل ذلك. وفي
حديث عائشة، رضي الله عنها: وكان لعلي، رضوان الله عليه، وَجْهٌ من
الناس حياةَ فاطمةَ، رِضوانُ الله عليها، أَي جاهٌ وعِزٌّ فقَدَهما
بعدها.والوُجاهُ والتُّجاهُ: الوجْهُ الذي تقصده. ولقيه وِجاهاً ومُواجَهةً:
قابَل وجْهَهُ بوجْهِه. وتواجَهَ المنزلانِ والرجلان: تقابلا. والوُجاهُ
والتُّجاه: لغتان، وهما ما استقبل شيء شيئاً، تقول: دارُ فلانٍ تُجاهَ دار
فلان. وفي حديث صلاة الخوف: وطائفةٌ وُجاهَ العدوّ أَي مُقابَلتَهم
وحِذاءَهم، وتكسر الواو وتضم؛ وفي رواية: تُجاهَ العدوِّ، والتاء بدل من
الواو مثلها في تُقاةٍ وتُخَمةٍ، وقد تكرر في الحديث.
ورجل ذو وَجْهينِ إذا لَقِيَ بخلاف ما في قلبه.
وتقول: توجَّهوا إليك ووَجَّهوا، كلٌّ يقال غير أَن قولك وَجَّهوا إليك
على معنى وَلَّوْا وُجوهَهُم، والتَّوَجُّه الفعل اللازم. أَبو عبيد: من
أَمثالهم: أَينما أُوَجِّهْ أَلْقَ سَعْداً؛ معناه أَين أَتَوَجَّه.
وقَدَّمَ وتَقَدَّمَ وبَيَّنَ وتبَيَّنَ بمعنى واحد. والوجْهُ: الجاهُ. ورجل
مُوَجَّهٌ ووَجِيهٌ: ذو جاه وقد وَجُهَ وَجاهةٌ. وأَوْجَهَه: جعل له
وجْهاً عند الناس؛ وأَنشد ابن بري لامرئ القيس:
ونادَمْتُ قَيْصَرَ في مُلْكِه،
فأَوْجَهَني وركِبْتُ البَريدا
ورجل وَجِيهٌ: ذو وَجاهةٍ. وقد وَجُه الرجلُ، بالضم: صار وَجِيهاً أَي
ذا جاهٍ وقَدْر. وأَوجَهَه الله أَي صَيَّرَه وَجِيهاً. ووجَّهَه
السلطانُ وأَوجَهَه: شرَّفَه. وأَوجَهْتُه: صادَفْتُه وَجِيهاً، وكلُّه من
الوَجْهِ؛ قال المُساوِرُ بن هِنْدِ بن قيْس بن زُهَيْر:
وأَرَى الغَواني، بَعْدَما أَوْجَهْنَني،
أَدْبَرْنَ ثُمَّتَ قُلْنَ: شيخٌ أَعْوَرُ
ورجل وَجْهٌ: ذو جاه. وكِساءٌ مُوَجَّهٌ أَي ذو وَجْهَينِ. وأَــحْدَبُ
مُوَجَّهٌ: له حَدَبَــتانِ من خلفه وأَمامه، على التشبيه بذلك. وفي حديث
أَهل البيت: لايُحِبُّنا الأَــحْدَبُ المُوَجَّهُ؛ حكاه الهروي في
الغريبين. ووَجَّهَتِ الأَرضَ المَطَرَةُ: صَيَّرتَهْا وَجْهاً واحداً، كما تقول:
تَرَكَتِ الأَرضَ قَرْواً واحداً. ووَجَّهَها المطرُ: قَشَرَ وَجْهَها
وأَثر فيه كحَرَصَها؛ عن ابن الأَعرابي.
وفي المثل: أَحمق ما يتَوَجَّهُ أَي لا يُحْسِنُ أَن يأْتي الغائط. ابن
سيده: فلان ما يتَوَجَّهُ؛ يعني أَنه إذا أَتى الغائط جلس مستدبر الريح
فتأْتيه الريح بريح خُرْئِه. والتَّوَجُّهُ: الإقبال والانهزام.
وتَوَجَّهَ الرجلُ: وَلَّى وكَبِرَ؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
كعَهْدِكِ لا ظِلُّ الشَّبابِ يُكِنُّني،
ولا يَفَنٌ مِمَّنْ تَوَجَّهَ دالِفُ
ويقال للرجل إذا كَبِرَ سِنُّهُ: قد تَوَجَّهَ.ابن الأَعرابي: يقال
شَمِطَ ثم شاخ ثم كَبِرَ ثم تَوَجَّهَ ثم دَلَف ثم دَبَّ ثم مَجَّ ثم ثَلَّبَ
ثم الموت. وعندي امرأَة قد أَوْجَهَتْ أَي قعدت عن الولادة.
ويقال: وَجَّهَتِ الريحُ الحصى تَوْجِيهاً إذا ساقته؛ وأَنشد:
تُوَجِّهُ أَبْساطَ الحُقُوفِ التَّياهِرِ
ويقال: قاد فلانٌ فلاناً فوَجَّه أَي انقاد واتّبع. وشيءٌ مُوَجَّهٌ إذا
جُعِلَ على جِهَةٍ واحدة لا يختلف. اللحياني: نظر فلانٌ بِوُجَيْهِ
سُوءٍ وبجُوهِ سُوءٍ وبِجيهِ سوءٍ. وقال الأَصمعي: وَجَهْتُ فلاناً إذا
ضربت في وجْهِه، فهو مَوْجوهٌ. ويقال: أَتى فلان فلاناً فأَوْجَهَهُ
وأَوْجَأَهُ إذا رَدَّهُ. وجُهتُ فلاناً بما كره فأَنا أَجُوهه إذا استقبلته به؛
قاله الفراء، وكأَن أَصله من الوَجْه فقُلِبَ، وكذلك الجاهُ وأَصله
الوَجْهُ. قال الفراء: وسمعت امرأَة تقول أَخاف أَن تجُوهَني بأَكثر من هذا
أَي تستقبلني. قال شمر: أُراه مأْخوذاً من الوَجْهِ؛ الأَزهري: كأَنه
مقلوب. ويقال: خرج القوم فوَجَّهُوا للناس الطريقَ توجيهاً إذا وَطِئُوه
وسَلَكوه حتى استبان أَثَرُ الطريق لمن يسلكه.
وأَجْهَتِ السماءُ فهي مُجْهِيَةٌ إذا أَصْبَحت، وأَجْهَت لك
السَّبيلُ أَي استبانت. وبيتٌ أَجْهَى: لا سِتْرَ عليه. وبيوتٌ جُهْوٌ، بالواو،
وعَنْزٌ جَهْواء: لا يستر ذَنَبُها حياءها. وهم وِجاهُ أَلْفٍ أَي زُهاءُ
أَلفٍ؛ عن ابن الأَعرابي.
ووَجَّهَ النخلةَ: غرسها فأَمالها قِبَلَ الشَّمال فأَقامتْها
الشَّمالُ. والوَجِيهُ من الخيل: الذي تخرج يداه معاً عند النِّتاج، واسم ذلك
الفعل التَّوْجيهُ. ويقال للولد إذا خرجت يداه من الرحم أَوّلاً: وَجِيهٌ،
وإذا خرجت رجلاه أََّْلاً: يَتْنٌ. والوجيهُ: فرس من خيل العرب نَجِيبٌ،
سمي بذلك.
والتَّوْجيهُ في القوائم: كالصَّدَفِ إلاَّ أَنه دونه، وقيل:
التَّوْجيهُ من الفَرَس تَدانِي العُجايَتَيْنِ وتَداني الحافرين والْتِواءٌ مِنَ
الرُّسْغَيْنِ. وفي قَوافي الشِّعْرِ التأْسيس والتَّوْجيهُ والقافيةُ،
وذلك في مثل قوله:
كِلِيني لهَمٍّ، يا أُمَيمَةَ، ناصِبِ
فالباء هي القافية، والأَلف التي قبل الصاد تأْسيسٌ، والصادُ تَوْجِيهٌ
بين التأْسيس والقافية، وإِنما قيل له تَوْجِيهٌ لأَن لك أَن تُغَيِّرَه
بأَيِّ حرفٍ شئتَ، واسم الحرف الدَّخِيلُ. الجوهري: التَّوْجيهُ هو الحرف
الذي بين أَلف التأْسيس وبين القافية، قال: ولك أَن تغيره بأَي حرف شئتَ
كقول امرئ القيس: أَنِّي أَفِرْ، مع قوله: جميعاً صُبُرْ، واليومُ
قَرّ، ولذلك قيل له تَوْجيهٌ؛ وغيره يقول: التوجيه اسم لحركاته إِذا كان
الرَّوِيُّ مُقَيَّداً. قال ابن بري: التَّوْجيهُ هو حركة الحرف الذي قبل
الرويِّ المقيد، وقيل له توجيه لأَنه وَجَّهَ الحرفَ الذي قبل الرَّوِيِّ
المقيد إِليه لا غير، ولم يَحْدُث عنه حرفُ لِينٍ كما حدث عن الرَّسِّ
والحَذْوِ والمَجْرَى والنَّفادِ، وأَما الحرف الذي بين أَلف التأْسيس
والرَّوِيِّ فإِنه يسمى الدَّخيلَ، وسُمِّي دَخِيلاً لدخوله بين لازمين، وتسمى
حركته الإِشباعَ، والخليل لا يجيز اختلاف التوجيه ويجيز اختلاف الإِشباع،
ويرى أَن اختلاف التوجيه سِنادٌ، وأَبو الحسن بضدّه يرى اختلاف الإِشباع
أَفحش من اختلاف التوجيه، إِلا أَنه يرى اختلافهما، بالكسر والضم،
جائزاً، ويرى الفتح مع الكسر والضم قبيحاً في التوجيه والإِشباع، والخليل
يستقبحه في التوجيه أَشدّ من استقباحه في الإِشباع، ويراه سِناداً بخلاف
الإِشباع، والأَخفش يجعل اختلاف الإِشباع بالفتح والضم أَو الكسر سِناداً؛
قال: وحكاية الجوهري مناقضة لتمثيله، لأَنه حكى أَن التَّوْجِيهَ الحرف
الذي بين أَلف التأْسيس والقافية، ثم مثَّله بما ليس له أَلف تأْسيس نحو
قوله: أَني أَفرْ، مع قوله: صُبُرْ، واليومُ قَرّ. ابن سيده: والتَّوْجِيهُ
في قَوافي الشِّعْرِ الحرفُ الذي قبل الرَّوِيّ في القافية المقيدة،
وقيل: هو أَن تضمه وتفتحه، فإِن كسرته فذلك السِّنادُ؛ هذا قول أَهل اللغة،
وتحريره أَن تقول: إِن التَّوْجيهَ اختلافُ حركة الحرف الذي قبل
الرَّوِيَّ المقيد كقوله:
وقاتِمِ الأَعْماقِ خاوِي المُخْتَرَقْ
وقوله فيها:
أَلَّفَ شَتَّى ليس بالراعي الحَمِقْ
وقوله مع ذلك:
سِرّاً وقد أَوَّنَ تأْوينَ العُقُقْ
قال: والتوجيه أَيضاً الذي بين حرف الروي المطلق والتأْسيس كقوله:
أَلا طالَ هذا الليلُ وازْوَرَّ جانِبُهْ
فالأَلف تأْسيس، والنون توجيه، والباء حرف الروي، والهاء صلة؛ وقال
الأَحفش: التَّوْجيهُ حركة الحرف الذي إلى جنب الرَّوِيّ المقيد لا يجوز مع
الفتح غيره نحو:
قد جَبَرَ الدِّينَ الإِلهُ فجَبَرْ
التزم الفتح فيها كلها، ويجوز معها الكسر والضم في قصيدة واحدة كما
مثَّلنا. وقال ابن جني: أَصله من التَّوْجِيه، كأَن حرف الرَّوِيّ مُوَجَّهٌ
عندهم أَي كأَنَّ له وجهين: أَحدهما من قبله، والآخر من بعده، أَلا ترى
أَنهم استكرهوا اختلاف الحركة من قبله ما دام مقيداً نحو الحَمِقْ
والعُقُقْ والمُخْتَرَقْ؟ كما يستقبحون اختلافها فيه ما دام مطلقاً نحو
قوله:عَجْلانَ ذا زَادٍ وغيرَ مُزَوَّدِ
مع قوله فيها:
وبذاك خَبَّرَنا الغرابُ الأَسْوَدُ
وقوله:
عَنَمٌ يكادُ من اللَّطافَةِ يُعْقَدُ
فلذلك سميت الحركة قبل الرويّ المقيد تَوجيهاً، إَعلاماً أَن للرويّ
وجهين في حالين مختلفين، وذلك أَنه إِذا كان مقيداً فله وَجْهٌ يتقدّمه،
وإِذا كان مطلقاً فله وَجْهٌ يتأَخر عنه، فجرى مجرى الثوب المُوَجَّهِ
ونحوِه؛ قال: وهذا أَمثل عندي من قول مَنْ قال إِنما سُمِّي تَوْجيهاً لأَنه
يجوز فيه وُجُوهٌ من اختلاف الحركات، لأَنه لو كان كذلك لمَا تَشدَّد
الخليل في اختلاف الحركات قبله، ولمَا فَحُشَ ذلك عنده. والوَجِيهَةُ:
خَرَزَةٌ، وقيل: ضرب من الخَرَزِ. وبنو وَجِيهةَ: بطن.
طعج: طَعَجَها يَطْعَجُها طَعْجاً: نَكَحَها.
جنأ: جَنَأَ عليه يَجْنَأُ جُنُوءاً وجانَأَ عليه وتَجانَأَ عليه: أَكَبَّ. وفي التهذيب: جَنَأَ في عَدْوِه: إِذا أَلَحَّ وأَكَبَّ، وأَنشد: وكأَنَّه فوت الحَوالِبِ، جانِئاً، * رِيمٌ، تُضايِقُه كِلابٌ، أَخْضَعُ
تُضايِقُه: تلجئه، ريمٌ أَخْضَعُ.
وأَجْنَأَ الرَّجُلُ على الشيء: أَكَبَّ؛ قال: وإِذا أَكَبَّ الرَّجل
على الرجل يَقِيه شيئاً قيل: أَجْنأَ. وفي الحديث: فَعَلِقَ يُجانِئُ عليها يَقِيها الحجارة، أَي يُكِبُّ عليها.
وفي الحديث أَنَّ يَهُوديّاً زَنَى بامرأَة، فَأَمَرَ برَجْمِهما فَجَعَلَ الرَّجلُ يُجْنِئُ عليها أَي يُكِبُّ ويَمِيل عليها ليقيها الحجارة.
وفي رواية أُخرى: فَلَقَد رأَيْتُه يُجانِئُ عليها، مُفاعَلة من جانَأَ
يُجانِئُ؛ ويروى بالحاء المهملة، وسيجيء ان شاء اللّه تعالى.
وفي حديث هِرَقْلَ في صِفة إِسْحقَ عليه السلام: أَبْيَضُ أَجْنَأُ
خَفِيفُ العارِضَيْن.
الجَنَأُ: مَيَلٌ في الظَّهْر، وقيل: في العُنُق.
وجَنَأَتِ المرأَةُ على الولد: أَكَبَّتْ عليه. قال:
بَيْضاء صَفْراء لَمْ تَجْنَأْ على ولَدٍ، * إلاّ لأُخْرَى، ولم تَقْعُدْ على نارِ
وقال كثير عزة:
أَغاضِرَ، لوْ شَهِدْتِ، غَداةَ بِنْتُمْ، * جُنُوءَ العائداتِ على وِسادي
وقال ثعلب: جَنِئَ عليه: أَكَبَّ عليه يُكلِّمُه. وجَنِئَ الرجل
جَنَأً، وهو أَجْنأُ بَيِّنُ الجَنَإِ: أَشْرَفَ كاهِلُه على صدره؛ وفي الصحاح: رَجُل أَجْنَأُ بَيِّنُ الجَنَإِ، أَي أَــحْدَبُ الظهر. وقال ثعلب: جَنَأَ ظهرُهُ جُنُوءاً كذلك، <ص:51> والانثى جَنْواء.
وجَنِئَ الرجُل يَجْنَأُ جَنَأً: إِذا كانت فيه خِلْقةً. الأَصمعي:
جَنَأَ يَجْنَأُ جُنُوءاً: إِذا انْكَبَّ على فرسه يَتَّقِي الطعْنَ؛ وقال
مالك بن نويرة:
ونَجَّاكَ مِنَّا بَعْدَما مِلتَ جانِئاً، * ورُمْتَ حِياضَ الـمَوْتِ كلَّ مَرامِ
قال: فإِذا كان مُستقيم الظهرِ ثم أَصابه جَنَأ قيل جَنِئَ يَجْنَأُ
جَنَأً، فهو أَجْنَأُ.
الليث: الأَجْنَأُ: الذي في كاهله انْحِناء على صدره، وليس بالأَــحْدب.
أَبو عمرو: رجلٌ أَجْنَأُ وأَدنَأُ مهموزان، بمعنى الأَقْعَسِ، وهو الذي في صدره انكِباب إِلى ظهره. وظَلِيمٌ أَجْنَأُ ونَعامة جَنْآءُ، ومن حذف الهمزة قال: جَنْواء، والمصدر الجَنَأُ، وأَنشد:
أَصَكُّ، مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ، أَجْنَا والـمُجْنَأُ، بالضم: التُّرْس لا حْديدا بهِ. قال أَبو قَيْس ابن الأَسلت السُّلَمِي:
أَحْفِزُها عنِّي بذِي رَوْنَقٍ، * مُهَنَّدٍ، كالمِلْحِ قَطَّاعِ
صَدْقٍ، حُسامٍ، وادِقٍ حَدُّهُ، * ومُجْنَإٍ، أَسْمَرَ، قَرّاعِ
والوادِقُ: الماضي في الضَّريبةِ؛ وقولُ ساعِدَةَ بن جُؤَيّةَ:
إِذا ما زارَ مُجْنَأَةً، عَليْها * ثِقالُ الصَّخْرِ والخَشَبُ القَطِيلُ
انما عنى قَبراً.
والـمُجْنأَةُ: حُفْرَةُ القبر. قال الهذلي وأَنشد البيت:
إِذا ما زار مجنأَة عليها
قوق: القُوقُ والقاقُ، غير مهموز، والقُوَاق: الطويل، وقيل: هو القبيح
الطول. أبو الهيثم: يقال للطويل قاقٌ وقُوقٌ وقِيقٌ وأنْقُوق، والقُوق:
الأهوج الطول؛ وأنشد:
أحْزَم لا قُوقٌ ولا حَزَنْبَلُ
والقاقُ: الأحمق الطائش؛ وأَنشد:
لا طائشٌ قاقٌ ولا غَبيّ
والقاقُ: طائر مائيّ طويل العنُق. والقُوقُ: طائر من طير الماء طويل
العنق قليل نَحْضِ الجسم؛ وأنشد:
والقُوق: طائر لم يُحَلّ. أبو عبيدة: فرس قُوق، والأنثى قُوقة، للطويل
القوائم، وإن شئت قلت قاقٌ وقاقةٌ، والقُوقةُ بالهاء للأصلع؛ عن كراع؛
وأنشد:
من القُنْبُصاتِ قُضاعِيّة
لها ولدٌ قُوقَةٌ أحدَبُ
قال ابن بري: هذا البيت أنشده ابن السكيت في باب الدَّمامةِ والقِصَر
ونسبه لبعض الهذليين، قال: وقال ابن السكيت القُوقةُ الأصلع وهذه رواية
الألفاظ؛ وأما الذي في شعره فهو:
لِزَوْجةِ سوءٍ فَشا سرُّها
عليَّ جِهاراً، فَهِيْ تَضْرِبُ
على غير ذنبٍ، قُضاعِيّةٍ،
لها ولد قُوقَة أحْدَبُ
خفض قضاعية على البدل من زوجة. وقوق: بمعنى مع
(* قوله «وقوق بمعنى مع
إلخ» هو كذلك بالأصل.) اني لها مع زوجها، والشاعر غلام من هُذَيْل شكا في
الشعر عُقوق أبيه، وأنه نفاه لأجل امرأَة كانت له، يريد نفاني لزوجة سوء؛
وأنشد ابن بري لآخر:
أيها القَسُّ الذي قد
حَلَقَ القُوقةَ حَلْقَهْ،
لو رأَيت الدَّفّ منها،
لَنَسَقْتَ الدَّفّ نَسْقَةْ
والقُوقةُ: الصَّلعةُ. ورجل مُقَوَّق: عظيم الصَّلَعة.
وقُوق: ملك رُوميّ. والدنانير القُوقيَّة: من ضرب قَيْصَر كان يسمى
قُوقاً. وفي حديث عبد الرحمن بن أبي بكر: أَجئتم بها هرقْلِيَّة قُوقِيَّةً؟
يريد:
البيعةُ لأولاد الملوك سُنَّةُ الروم والعجم، قال ذلك لما أَراد معاوية
أن يبايع أهلُ المدينة ابْنَهُ يزيد بولاية العهد. وَقُوق: اسم ملك من
ملوك الروم، وإليه تنسب الدنانير القُوقِيّة، وقيل: كان لقب قيصر قُوقاً،
وروى بالقاف والفاء من القَوْف الإتباع، كأَن بعضهم يتبع بعضاً. ودينار
قُوقيّ: ينسب إليه.
وقَاقَ النعامُ: صَوَّت؛ قال النابغة:
كأَنَّ غَدِيرَهُمْ، بجنوب سِلَّى،
نَعامٌ قَاقَ في بلدٍ قِفَارِ
أَراد غَدِير نَعامٍ فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، ومعناه أي
كان حالهم في الهزيمة حال نَعامٍ تغدو مذعورة، وهذا البيت نسبه ابن بري
لشَقِيق ابن جَزْء بن رباح الباهلي، قال ابن سيده: وإنما قضيت على ألف قَاقَ
بأنها واو لأنها عين والعين واواً أكثر منها ياء. والقَيْقُ والقَقْوُ
والقَوْقُ: صوت الغِرْغِرَةِ إذا أرادت السِّفاد وهي الدجاجة السندية.
الأزهري: قُوْقُ المرأَة وسوسها
(* قوله «وسوسها» هكذا في الأصل.) صدع
فرجها؛ وأَنشد:
نُفاثِيَّة أَيَّان ما شاءَ أَهلُها،
رأَوا قُوقَها في الخُصّ لم يَتَغَيَّبِ
نجج: نَجَّتِ القُرْحَةُ تَنِجُّ، بالكسر، نَجًّا ونَجِيجاً: رَشَحَت؛
وقيل: سالَتْ بما فيها. الأَصمعي: إِذا سال الجُرْح بما فيه، قيل: نَجَّ
يَنِجُّ نَجِيجاً؛ قال القَطِران:
فإِنْ تَكُ قُرْحةٌ خَبُثَتْ ونَجَّتْ،
فإِنَّ الله يَفعل ما يَشاء
وهذا البيت أَورده الجوهري منسوباً لجرير، ونبه عليه ابنُ بَرِّي في
أَماليه أَنه للقَطِران، كما ذكره ابن سيده. يقال: خَبُثَتِ القُرْحة إِذا
فسَدت وأَفْسَدت ما حَولها؛ يُريد أَنها، وإِن عَظُمَ فسَادُها. فاللهُ
قادرٌ على إِبْرَائِها. وفي حديث الحجاج: سأَحْمِلُك على صَعْبٍ حَدْبــاءَ
(* قوله «صعب حدبــاء» كذا ضبط صعب في الأصل بالتنوين، وكذا فيما بأيدينا من
النهاية هنا وفي حدبــر.) حِدْبــارٍ يَنِجُّ ظهرُها أَي يسيلُ قَيْحاً،
وكذلك الأُذُن إِذا سال منها الدَّمُ والقَيْحُ. وأُذُنٌ نَجَّةٌ: رافِضةٌ
بما لا يُوَافِقُها من الحديث.
ويقال: جاء بِأَدْبَرَ يَنِجُّ ظهرُه. ونَجَّ الشيءَ من فيه نَجًّا:
كمجَّه.
ونَجْنَجَ في رأْيه وتَنَجْنَجَ: اضطرَبَ. وتَنَجْنَجَ لحمُه
(* قوله
«وتنجنج لحمه إلخ» تبع الجوهري فيه. والذي في القاموس هو غلط، وإِنما هو
تبجبج، بياءين اهـ. وفي شرحه أَصل الردّ للهروي في الغريبين.) أَي كَثُرَ
واسترخَى. ونَجْنَجَ أَمْرَه إِذا ردَّد أَمْرَه ولم يُنَفِّذْه؛ وقال ذو
الرمة:
حتى إِذا لم يَجِدْ وَغْلاً ونَجْنَجَها
مَخافةَ الرَّمْيِ، حتى كلُّها هِيمُ
والنَّجْنَجَةُ: التحريك والتقليب. ويقال: نَجْنِجْ أَمْرَك فلَعَلَّك
تَجِدُ إِلى الخُرُوج سَبيلاً. ونَجْنَجَ إِذا هَمَّ بالأَمْرِ ولم
يَعْزِم عليه. الليث: النَّجْنَجةُ الجَوْلَةُ عند الفَزْعةِ؛ وقال
العجاج:ونَجْنَجَتْ بالخَوْف مَن تَنَجْنَجا
أَبو تراب: قال بعضُ غَنيٍّ: يقال لجَْلَجْتُ اللُّقْمة ونَجْنَجْتها
إِذا حَرَّكْتَها في فِيك وردَّدْتَها فلم تَبْتَلِعْها.شجاع السّلَمي:
مَجْمَجَ بي ونَجْنَجَ إِذا ذَهَب بكَ في الكلام مَذْهباً على غير
الاسْتِقامة،وردَّكَ مِنْ حالٍ إِلى حالٍ. ابن الأَعرابي: مَجَّ ونَجَّ، بمعنى
واحد؛ وقال أَوس:
أُحاذِرُ نَجَّ الخَيلِ فَوْقَ سَراتِها،
ورَبًّا غَيُوراً، وَجْهُه يتمَعَّر
نَجَّتُها: إِلْقاؤُها زَوالَها
(* هكذا في الأصل.) عن ظهورها.ونَجْنَجَ
الرجُلَ: حَرَّكَه. ونَجْنَجَه عن الأَمر: كَفَّه؛ قال:
فَنَجْنَجَها عن ماءِ حَلْيَةَ، بعدما
بَدَا حاجِبُ الإِشْراق، أَو كاد يُشْرِقُ
والنَّجْنَجَةُ: الحَبس عن المَرْعى. ونَجْنَجَ إِبلَه نَجْنَجَةً إِذا
ردّها عن الماء. الجوهري: نَجْنَجَ إِبِلَه إِذا ردَّها على الحَوض؛
وأَنشد بيت ذي الرمة:
حتى إِذا لم يجد وَغْلاً ونَجنَجَها
والنَّجْنَجَةُ: تَرْديدُ الرأْي. ونَجْنَجت عيْنُه غارت. واليَنْجُوجُ
والأَنجُوجُ: العود الذي يُتبَخَّرُ به؛ قال أَبو دواد:
يَكْتَبِينَ الأَنْجُوجَ في كَبَّةِ المَشْـ
ـتَى، وبُلْهٌ أَحْلامُهُنَّ وِسامُ
وفي حديث سَلْمَانَ: أَهْبِطَ آدَمُ من الجنة وعليه إِكْلِيلٌ، فَتحاتَّ
منه عودُ الأَنْجُوج؛ هو لغة في العود الذي يُتَبَخَّر به، والمشهور فيه
أَلَنْجوج ويَلَنْجُوج وأَلَنْجَج، والأَلف والنون زائدتان؛ وفي الحديث:
مَجامِرُهُمُ الأَلَنْجوج؛ قال ابن الأَثير: كأَنه يَلِجُّ في تَضَوُّعِ
رائحتهِ، وهو انتشارُها.