(المخدع) الْــحُجْرَة فِي الْبَيْت والخزانة (ج) مخادع
(المخدع) الْــحُجْرَة فِي الْبَيْت والخزانة (ج) مخادع
صعد: صَعِدَ المكانَ وفيه صُعُوداً وأَصْعَدَ وصَعَّدَ: ارتقى
مُشْرِفاً؛ واستعاره بعض الشعراء للعرَض الذي هو الهوى فقال:
فأَصْبَحْنَ لا يَسْأَلْنَهُ عنْ بِما بِهِ،
أَصَعَّدَ، في عُلْوَ، الهَوَى أَمْ تَصَوَّبَا
أَراد عما به، فزاد الباء وفَصَل بها بين عن وما جرَّته، وهذا من غريب
مواضعها، وأَراد أَصَعَّدَ أَم صوّب فلما لم يمكنه ذلك وضع تَصوَّب موضع
صَوَّبَ.
وجَبَلٌ مُصَعِّد: مرتفع عال؛ قال ساعدة بن جُؤَيَّة:
يأْوِي إِلى مُشْمَخِرَّاتٍ مُصَعِّدَةٍ
شُمٍّ، بِهِنَّ فُرُوعُ القَانِ والنَّشَمِ
والصَّعُودُ: الطريق صاعداً، مؤنثة، والجمع أَصْعِدةٌ وصُعُدٌ.
والصَّعُودُ والصَّعُوداءُ، ممدود: العَقَبة الشاقة، قال تميم بن مقبل:
وحَدَّثَهُ أَن السبيلَ ثَنِيَّةٌ
صَعُودَاءُ، تدعو كلَّ كَهْلٍ وأَمْرَدا
وأَكَمَة صَعُودٌ وذاتُ صَعْداءَ: يَشتدّ صُعودها على الراقي؛ قال:
وإِنَّ سِياسَةَ الأَقْوامِ، فاعْلَم،
لهَا صَعْدَاءُ، مَطْلَعُها طَوِيلُ
والصَّعُودُ: المشقة، على المثل. وفي التنزيل: سأُرْهِقُه صَعُوداً؛ أَي
على مشقة من العذاب. قال الليث وغيره: الصَّعُودُ ضد الهَبُوط، والجمع
صعائدُ وصُعُدٌ مثل عجوز وعجائز وعُجُز. والصَّعُودُ: العقبة الكؤود،
وجمعها الأَصْعِدَةُ. ويقال: لأُرْهِقَنَّكَ صَعُوداً أَي لأُجَشِّمَنَّكَ
مَشَقَّةً من الأَمر، وإِنما اشتقوا ذلك لأَن الارتفاع في صَعُود أَشَقُّ
من الانحدار في هَبُوط؛ وقيل فيه: يعني مشقة من العذاب، ويقال بل جَبَلٌ
في النار من جمرة واحدة يكلف الكافرُ ارتقاءَه ويُضرب بالمقامع، فكلما وضع
عليه رجله ذابت إِلى أَسفلِ وَرِكِهِ ثم تعود مكانها صحيحة؛ قال: ومنه
اشتق تَصَعَّدَني ذلك الأَمرُ أَي شق عليّ. وقال أَبو عبيد في قول عمر،
رضي الله عنه: ما تَصَعَّدَني شيءٌ ما تَصَعَّدَتْني خِطْبَةُ النكاح أَي
ما تكاءَدتْني وما بَلَغَتْ مني وما جَهَدَتْني، وأَصله من الصَّعُود، وهي
العقبة الشاقة. يقال: تَصَعَّدَهُ الأَمْرُ إِذا شق عليه وصَعُبَ؛ قيل:
إِنما تَصَعَّبُ عليه لقرب الوجوه من الوجوه ونظَرِ بعضهم إِلى بعض،
ولأَنهم إِذا كان جالساً معهم كانوا نُظَراءَ وأَكْفاءً، وإِذا كان على
المنبر كانوا سُوقَةً ورعية.
والصَّعَدُ: المشقة. وعذاب صَعَدٌ، بالتحريك، أَي شديد. وقوله تعالى:
نَسْلُكه عذاباً صَعَداً؛ معناه، والله أَعلم، عذاباً شاقّاً أَي ذا صَعَد
ومَشَقَّة.
وصَعَّدَ في الجبل وعليه وعلى الدرجة: رَقِيَ، ولم يعرفوا فيه صَعِدَ.
وأَصْعَد في الأَرض أَو الوادي لا غير: ذهب من حيث يجيء السيل ولم يذهب
إِلى أَسفل الوادي؛ فأَما ما أَنشده سيبويه لعبد
الله بن همام السلولي:
فإِمَّا تَرَيْني اليومَ مُزْجِي مَطِيَّتي،
أُصَعِّدُ سَيْراً في البلادِ وأُفْرِعُ
فإِنما ذهب إِلى الصُّعود في الأَماكن العالية. وأُفْرِعُ ههنا:
أَنْحَدِرُ لأَنّ الإِفْراع من الأَضْداد، فقابل التَّصَعُّدَ بالتَّسَفُّل؛ هذا
قول أَبي زيد؛ قال ابن بري: إِنما جعل أُصَعِّدُ بمعنى أَنحدر لقوله في
آخر البيت وأُفرع، وهذا الذي حمل الأَخفشَ على اعتقاد ذلك، وليس فيه دليل
لأَن الإِفراع من الأَضداد يكون بمعنى الانحدار، ويكون بمعنى الإِصعاد؛
وكذلك صَعَّدَ أَيضاً يجيء بالمعنيين. يقال: صَعَّدَ في الجبل إِذا طلع
وإِذا انحدر منه، فمن جعل قوله. أُصَعِّدُ في البيت المذكور بمعنى
الإِصعاد كان قوله أُفْرِعُ بمعنى الانحدار، ومن جعله بمعنى الانحدار كان قوله
أُفرع بمعنى الإِصعاد؛ وشاهد الإِفراع بمعنى الإِصعاد قول الشاعر:
إِني امْرُؤٌ مِن يَمانٍ حين تَنْسُبُني،
وفي أُمَيَّةَ إِفْراعِي وتَصْويبي
فالإِفراع ههنا: الإِصعاد لاقترانه بالتصويب. قال: وحكي عن أَبي زيد
أَنه قال: أَصْعَدَ في الجبل، وصَعَّدَ في الأَرض، فعلى هذا يكون المعنى في
البيت أُصَعِّدُ طَوْراً في الأَرض وطَوْراً أُفْرِعُ في الجبل، ويروى:
«وإِذ ما تريني اليوم» وكلاهما من أَدوات الشرط، وجواب الشرط في قوله
إِمَّا تريني في البيت الثاني:
فَإِنيَ مِنْ قَوْمٍ سِواكُمْ، وإِنما
رِجاليَ فَهْمٌ بالحجاز وأَشْجَعُ
وإِنما انتسب إِلى فَهْمٍ وأَشجع، وهو من سَلول بن عامر، لأَنهم كانوا
كلهم من قيس عيلان بن مضر؛ ومن ذلك قول الشماخ:
فإِنْ كَرِهْتَ هِجائي فاجْتَنِبْ سَخَطِي،
لا يَدْهَمَنَّكَ إِفْراعِي وتَصْعِيدِي
وفي الحديث في رَجَزٍ:
فهو يُنَمِّي صُعُداً
أَي يزيدُ صُعوداً وارتفاعاً. يقال: صَعِدَ إِليه وفيه وعليه. وفي
الحديث: فَصَعَّدَ فِيَّ النَّظَرَ وصَوَّبه أَي نظر إِلى أَعلاي وأَسفلي
يتأَملني. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: كأَنما يَنْحَطُّ في صَعَد؛ هكذا
جاءَ في رواية يعني موضعاً عالياً يَصْعَدُ فيه وينحطّ، والمشهور: كأَنما
ينحط في صَبَبٍ.
والصُّعُدُ، بضمتين: جمع صَعُود، وهو خلاف الهَبُوط، وهو بفتحتين، خلاف
الصَّبَبِ. وقال ابن الأَعرابي: صَعِدَ في الجبل واستشهد بقوله تعالى:
إِليه يَصْعَدُ الكَلِمُ الطَّيِّبُ؛ وقد رجع أَبو زيد إِلى ذلك فقال:
اسْتَوْأَرَتِ الإِبلُ إِذا نَفَرَت فَصَعِدَتِ الجبال، ذَكره في الهمز. وفي
التنزيل: إِذ تُصْعِدُونَ ولا تَلْوُونَ على أَحَدٍ؛ قال الفراء:
الإِصْعادُ في ابتداء الأَسفار والمخارج، تقول: أَصْعَدْنا من مكة، وأَصْعَدْنا
من الكوفة إِلى خُراسان وأَشباه ذلك، فإِذا صَعِدْتَ في السُّلَّمِ وفي
الدَّرَجَةِ وأَشباهه قُلْتَ: صَعِدْتُ، ولم تقل أَصْعَدْتُ. وقرأَ الحسن:
إِذ تَصْعَدُون؛ جعل الصُّعودَ في الجبل كالصُّعُود في السلم. ابن
السكيت: يقال صَعِدَ في الجبل وأَصْعَدَ في البلاد. ويقال: ما زلنا في صَعود،
وهو المكان فيه ارتفاع. وقال أَبو صخر: يكون الناس في مَباديهم، فإِذا
يَبِسَ البقل ودخل الحرّ أَخذوا إِلى حاضِرِهِم، فمن أَمَّ القبلة فهو
مُصْعِدٌ، ومن أَمَّ العراق فهو مُنْحَدِرٌ؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله
أَبو صخر كلام عربي فصيح، سمعت غير واحد من العرب يقول: عارَضْنا الحاجَّ
في مَصْعَدِهم أَي في قَصْدِهم مكةَ، وعارَضْناهم في مُنْحَدَرِهم أَي في
مَرْجِعهم إِلى الكوفة من مكة. قال ابن السكيت: وقال لي عُمارَة:
الإِصْعادُ إِلى نجد والحجاز واليمن، والانحدار إِلى العراق والشام وعُمان. قال
ابن عرفة: كُلُّ مبتدئ وجْهاً في سفر وغيره، فهو مُصْعِدٌ في ابتدائه
مُنْحَدِرٌ في رجوعه من أَيّ بلد كان. وقال أَبو منصور: الإِصْعادُ الذهاب
في الأَرض؛ وفي شعر حسان:
يُبارينَ الأَعِنَّةَ مُصْعِداتٍ
أَي مقبلات متوجهات نحوَكم. وقال الأَخفش: أَصْعَدَ في البلاد سار ومضى
وذهب؛ قال الأَعشى:
فإِنْ تَسْأَلي عني، فَيَا رُبَّ سائِلٍ
حَفِيٍّ عَن الأَعشى، به حَيْثُ أَصْعَدا
وأَصْعَدَ في الوادي: انحدر فيه، وأَما صَعِدَ فهو ارتقى. ويقال:
أَصْعَدَ الرجلُ في البلاد حيث توجه. وأَصْعَدَتِ السفينةُ إِصْعاداً إِذا
مَدَّت شِراعَها فذهبت بها الريح صَعَداً. وقال الليث: صَعِدَ إِذا ارتقى،
وأَصْعَدَ يُصْعِدُ إِصْعاداً، فهو مُصْعِدٌ إِذا صار مُسْتَقْبِلَ حَدُورٍ
أَو نَهَر أَو واد، أَو أَرْفَعَ
(* قوله «او أرفع إلخ» كذا بالأصل
المعوّل عليه، ولعل فيه سقطاً والأصل أو أرض أَرفع بقرينة قوله الأخرى وقال
الأساس أصعد في الأرض مستقبل أرض أخرى): من الأُخرى؛ قال: وصَعَّدَ في
الوادي يُصَعّدُ تَصْعِيداً وأَصْعَدَ إِذا انحدر فيه. قال الأَزهري:
والاصِّعَّادُ عندي مثل الصُّعُود. قال الله تعالى: كأَنما يَصَّعِّد في
السماء. يقال: صَعِدَ واصَّعَّدَ واصَّاعَدَ بمعنى واحد. ورَكَبٌ مُصْعِدٌ:
ومُصَّعِّدٌ: مرتفع في البطن منتصب؛ قال:
تقول ذاتُ الرَّكَبِ المُرَفَّدِ:
لا خافضٍ جِدّاً، ولا مُصَّعِّد
وتصَعَّدني الأَمرُ وتَصاعَدني: شَقَّ عليَّ. والصُّعَداءُ، بالضم
والمدّ: تنفس ممدود. وتصَعَّدَ النَّفَسُ: صَعُبَ مَخْرَجُه، وهو الصُّعَداءُ؛
وقيل: الصُّعَداءُ النفَسُ إِلى فوق ممدود، وقيل: هو النفَسُ بتوجع، وهو
يَتَنَفَّسُ الصُّعَداء ويتنفس صُعُداً. والصُّعَداءُ: هي المشقة
أَيضاً.وقولهم: صَنَعَ أَو بَلَغَ كذا وكذا فَصاعِداً أَي فما فوق ذلك. وفي
الحديث: لا صلاةَ لمن لم يقرأْ بفاتحة الكتاب فَصاعِداً أَي فما زاد عليها،
كقولهم: اشتريته بدرهم فصاعداً. قال سيبويه: وقالوا أَخذته بدرهم
فصاعداً؛ حذفوا الفعل لكثرة استعمالهم إِياه، ولأَنهم أَمِنوا أَن يكون على
الباء، لأَنك لو قلت أَخذته بِصاعِدٍ كان قبيحاً، لأَنه صفة ولا يكون في موضع
الاسم، كأَنه قال أَخذته بدرهم فزاد الثمنُ صاعِداً أَو فذهب صاعداً.
ولا يجوز أَن تقول: وصاعداً لأَنك لا تريد أَن تخبر أَن الدرهَم مع صاعِدٍ
ثَمَنٌ لشيء كقولك بدرهم وزيادة، ولكنك أَخبرت بأَدنى الثمن فجعلته
أَولاً ثم قَرَّرْتَ شيئاً بعد شيء لأَثْمانٍ شَتَّى؛ قال: ولم يُرَدْ فيها
هذا المعنى ولم يُلْزِم الواوُ الشيئين أَن يكون أَحدهما بعد الآخر؛
وصاعِدٌ بدل من زاد ويزيد، وثم مثل الفاء إِلاَّ أَنّ الفاء أَكثر في كلامهم؛
قال ابن جني: وصاعداً حال مؤكدة، أَلا ترى أَن تقديره فزاد الثمنُ
صاعِداً؟ ومعلوم أَنه إِذا زاد الثمنُ لم يمكن إِلا صاعِداً؛ ومثله
قوله:كَفى بالنَّأْيِ من أَسْماءَ كافٍ
غير أَن للحال هنا مزية أَي في قوله فصاعداً لأَن صاعداً ناب في اللفظ
عن الفعل الذي هو زاد، وكاف ليس نائباً في اللفظ عن شيء، أَلا ترى أَن
الفعل الناصب له، الذي هو كفى ملفوظ به معه؟
والصعيدُ: المرتفعُ من الأَرض، وقيل: الأَرض المرتفعة من الأَرض
المنخفضةِ، وقيل: ما لم يخالطه رمل ولا سَبَخَةٌ، وقيل: وجه الأَرض لقوله تعالى:
فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً؛ وقال جرير:
إِذا تَيْمٌ ثَوَتْ بِصَعِيد أَرْضٍ،
بَكَتْ من خُبْثِ لُؤْمِهِم الصَّعيدُ
وقال في آخرين:
والأَطْيَبِينَ من التراب صَعيدا
وقيل: الصَّعِيدُ الأَرضُ، وقيل: الأَرض الطَّيِّبَةُ، وقيل: هو كل تراب
طيب. وفي التنزيل: فَتَيَمَّموا صَعِيداً طَيِّباً؛ وقال الفراء في
قوله: صَعيداً جُرزُاً: الصعيد التراب؛ وقال غيره: هي الأَرض المستوية؛ وقال
الشافعي: لا يَقع اسْمُ صَعيد إِلاّ على تراب ذي غُبار، فأَما البَطْحاءُ
الغليظة والرقيقة والكَثِيبُ الغليظ فلا يقع عليه اسم صعيد، وإِن خالطه
تراب أَو صعيد
(* قوله «تراب أو صعيد إلخ» كذا بالأصل ولعل الأولى تراب
أو رمل أو نحو ذلك) أَو مَدَرٌ يكون له غُبار كان الذي خالطه الصعيدَ، ولا
يُتَيَمَّمُ بالنورة وبالكحل وبالزِّرْنيخ وكل هذا حجارة. وقال أَبو
إِسحق: الصعيد وجه الأَرض. قال: وعلى الإِنسان أَن يضرب بيديه وجه الأَرض
ولا يبالي أَكان في الموضع ترابٌ أَو لم يكن لأَن الصعيد ليس هو الترابَ،
إِنما هو وجه الأَرض، تراباً كان أَو غيره. قال: ولو أَن أَرضاً كانت كلها
صخراً لا تراب عليه ثم ضرب المتيمم يدَه على ذلك الصخر لكان ذلك
طَهُوراً إِذا مسح به وجهه؛ قال الله تعالى: فَتُصْبِح صعيداً؛ لأَنه نهاية ما
يصعد إِليه من باطن الأَرض، لا أَعلم بين أَهل اللغة خلافاً فيه أَن
الصعيد وجه الأَرض؛ قال الأَزهري: وهذا الذي قاله أَبو إِسحق أَحسَبه مذهَبَ
مالك ومن قال بقوله ولا أَسْتَيْقِنُه. قال الليث: يقال للحَديقَةِ إِذا
خَرِبت وذهب شَجْراؤُها: قد صارت صعيداً أَي أَرضاً مستوية لا شَجَرَ
فيها. ابن الأَعرابي: الصعيدُ الأَرضُ بعينها. والصعيدُ: الطريقُ، سمي
بالصعيد من التراب، والجمع من كل ذلك صُعْدانٌ؛ قال حميد بن ثور:
وتِيهٍ تَشابَهَ صُعْدانُه،
ويَفْنى بهِ الماءُ إِلاَّ السَّمَلْ
وصُعُدٌ كذلك، وصُعُداتٌ جمع الجمع. وفي حديث علي، رضوان الله عليه:
إِياكم والقُعُودَ بالصُّعُداتِ إِلاَّ مَنْ أَدَّى حَقَّها؛ هي الطُّرُقُ،
وهي جمع صُعُدٍ وصُعُدٌ جمعُ صَعِيد، كطريق وطرُق وطُرُقات، مأْخوذ من
الصَّعيدِ وهو التراب؛ وقيل: هي جمع صُعْدَةٍ كظُلْمة، وهي فِناءُ باب
الدار ومَمَرُّ الناس بين يديه؛ ومنه الحديث: ولَخَرَجْتم إِلى الصُّعْداتِ
تَجْأَرُونَ إِلى الله. والصَّعِيدُ: الطريقُ يكون واسعاً وضَيِّقاً.
والصَّعيدُ: الموضعُ العريضُ الواسعُ. والصَّعيدُ: القبر.
وأَصْعَدَ في العَدْو: اشْتَدَّ.
ويقال: هذا النبات يَنْمي صُعُداً أَي يزداد طولاً. وعُنُقٌ صاعِدٌ أَي
طويل. ويقال فلان يتتبع صُعَداءَه أَي يرفع رأْسه ولا يُطأْطِئُه. ويقال
للناقة: إِنها لفي صَعِيدَةِ بازِلَيْها أَي قد دنت ولمَّا تَبْزُل؛
وأَنشد:
سَديسٌ في صَعِيدَةِ بازِلَيْها،
عَبَنَّاةٌ، ولم تَسْقِ الجَنِينا
والصَّعْدَةُ: القَناة، وقيل: القناة المستوية تنبت كذلك لا تحتاج إِلى
التثقيف؛ قال كعب بن جُعَيْل يصف امرأَةً شَبَّهَ قَدَّها بالقَناة:
فإِذا قامتْ إِلى جاراتِها،
لاحَتِ السَّاقُ بِخَلْخالٍ زجِلْ
صَعْدَةٌ نابِتَةٌ في حائرٍ،
أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وقال آخر:
خَريرُ الرِّيحِ في قَصَبِ الصِّعادِ
وكذلك القَصَبَةُ، والجمع صِعادٌ، وقيل: هي نحو من الأَلَّةِ،
والأَلَّةُ أَصغر من الحَرْبَةِ؛ وفي حديث الأَحنف:
إِنَّ على كُلِّ رَئِيسٍ حَقَّا.
أَن يَخْضِبَ الصَّعْدَةَ أَو تَنْدَقَّا
قال: الصَّعْدةُ القناة التي تنبت مستقيمة. والصَّعْدَةُ من النساء:
المستقيمةُ القامة كأَنها صَعْدَةُ قَناةٍ. وجوارٍ صَعْداتٌ، خفيفةٌ لأَنه
نعت، وثلاثُ صَعَداتٍ للقنا، مُثَقَّلة لأَنه اسم.
والصَّعُودُ من الإِبل: التي وَلَدَتْ لغير تمام ولكنها خَدَجَتْ لستة
أَشهر أَو سبعة فَعَطَفَتْ على ولدِ عامِ أَوَّلَ، وقيل: الصَّعُود الناقة
تُلْقي ولَدها بعدما يُشْعِرُ، ثم تَرْأَمُ ولدَها الأَوّل أَو وَلَدَ
غيرها فَتَدِرُّ عليه. وقال الليث: الصَّعُود الناقة يموت حُوارُها
فَتَرْجِعُ إِلى فصيلها فَتَدِرُّ عليه، ويقال: هو أَطيب للبنها؛ وأَنشد لخالد
بن جعفر الكلابي يصف فرساً:
أَمَرْتُ لها الرِّعاءَ، ليُكْرِمُوها،
لها لَبَنُ الخلِيَّةِ والصَّعُودِ
قال الأَصمعي: ولا تكون صَعُوداً حتى تكون خادِجاً. والخَلِيَّةُ:
الناقة تَعْطِف مع أُخرى على ولد واحد فَتَدِرَّانِ عليه، فَيَتَخلى أَهلُ
البيت بواحدة يَحْلُبُونها، والجمع صَعائد وصُعُدٌ؛ فأَما سيبويه فأَنكر
الصُّعُدَ.
وأَصْعَدَتِ الناقةُ وأَصْعَدَها، بالأَلف، وصَعَّدَها: جعلها صَعُوداً؛
عن ابن الأَعرابي. والصُّعُد: شجر يُذاب منه القارُ.
والتَّصْعِيدُ: الإِذابة، ومنه قيل: خلٌّ مُصَعَّدٌ وشرابٌ مُصَعَّدٌ
إِذا عُولج بالنار حتى يحول عما هو عليه طعماً ولوناً.
وبَناتُ صَعْدَةَ: حَميرُ الوَحْش، والنسبة إِليها صاعِديّ على غير
قياس؛ قال أَبو ذؤَيب:
فَرَمَى فأَلحَق صاعِدِيَّاً مِطْحَراً
بالكَشْحِ، فاشتملتْ عليه الأَضْلُعُ
وقيل: الصَّعْدَةُ الأَتان. وفي الحديث: أَنه خرج على صَعْدَةٍ
يَتْبَعُها حُذاقيٌّ، عليها قَوْصَفٌ لم يَبْق منها إِلا قَرْقَرُها؛
الصَّعْدَةُ: الأَتان الطويلة الظهر. والحُذاقِيُّ: الجَحْشُ. والقَوْصَفُ:
القَطيفة. وقَرْقَرُها: ظَهْرُها.
وصعَيدُ مصر: موضعٌ بها.
وصَعْدَةُ: موضع باليمن، معرفة لا يدخلها الأَلف واللام. وصُعادى
وصُعائدُ: موضعان؛ قال لبيد:
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ، في نِهاءِ صُعائِدٍ،
سَبْعاً تؤَاماً كاملاً أَيامُها
صبر: في أَسماء الله تعالى: الصَّبُور تعالى وتقدَّس، هو الذي لا
يُعاجِل العُصاة بالانْتقامِ، وهو من أَبنية المُبالَغة، ومعناه قَرِيب من
مَعْنَى الحَلِيم، والفرْق بينهما أَن المُذنِب لا يأْمَنُ العُقوبة في صِفَة
الصَّبُور كما يأْمَنُها في صِفَة الحَلِيم. ابن سيده: صَبَرَه عن الشيء
يَصْبِرُه صَبْراً حَبَسَه؛ قال الحطيئة:
قُلْتُ لها أَصْبِرُها جاهِداً:
وَيْحَك، أَمْثالُ طَرِيفٍ قَلِيلْ
والصَّبْرُ: نَصْب الإِنسان للقَتْل، فهو مَصْبُور. وصَبْرُ الإِنسان
على القَتْل: نَصْبُه عليه. يقال: قَتَلَه صَبْراً، وقد صَبَره عليه وقد
نَهَى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَنْ تُصْبَرَ الرُّوح. ورجل
صَبُورَة، بالهاء: مَصْبُور للقتل؛ حكاه ثعلب. وفي حديث النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَنه نَهَى عن قَتْل شيء من الدَّوابّ صَبْراً؛ قيل: هو أَن يُمْسك
الطائرُ أَو غيرُه من ذواتِ الرُّوح يُصْبَر حَيّاً ثم يُرْمَى بشيء حتى
يُقْتَل؛ قال: وأَصل الصَّبْر الحَبْس، وكل من حَبَس شيئاً فقد صَبَرَه؛
ومنه الحديث: نهى عن المَصْبُورة ونَهَى عن صَبْرِ ذِي الرُّوح؛
والمَصبُورة التي نهى عنها؛ هي المَحْبُوسَة على المَوْت. وكل ذي روح يصبر حيّاً
ثم يرمى حتى يقتل، فقد، قتل صبراً. وفي الحديث الآخر في رَجُل أَمسَك
رجُلاً وقَتَلَه آخر فقال: اقْتُلُوا القاتل واصْبُروا الصَّابرَ؛ يعني
احْبِسُوا الذي حَبَسَه للموْت حتى يَمُوت كفِعْلِهِ به؛ ومنه قيل للرجُل
يقدَّم فيضربَ عنقه: قُتِل صَبْراً؛ يعني أَنه أُمسِك على المَوْت، وكذلك لو
حَبَس رجُل نفسَه على شيء يُرِيدُه قال: صَبَرْتُ نفسِي؛ قال عنترة يذكُر
حرْباً كان فيها:
فَصَبَرْتُ عارِفَةً لذلك حُرَّةً
تَرْسُو، إِذا نَفْسُ الجبان تَطَلَّعُ
يقول: حَبَست نفساً صابِرة. قال أَبو عبيد: يقول إِنه حَبَس نفسَه،
وكلُّ من قُتِل في غير مَعْرَكة ولا حَرْب ولا خَطَإٍ، فإِنه مَقْتول
صَبْراً. وفي حديث ابن مسعود: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، نَهَى عن
صَبْرِ الرُّوح، وهو الخِصاءُ، والخِصاءُ صَبْرٌ شديد؛ ومن هذا يَمِينُ
الصَّبْرِ، وهو أَن يحبِسَه السلطان على اليمين حتى يحلِف بها، فلو حلَف
إِنسان من غيرِ إِحلاف ما قيل: حلَف صَبْراً. وفي الحديث: مَنْ حَلَف على
يَمِين مَصْبُورَةٍ كاذِباً، وفي آخر: على يَمِينِ صَبْرٍ أَي أُلْزِم بها
وحُبِس عليها وكانت لازِمَة لصاحِبها من جِهَة الحَكَم، وقيل لها مَصْبُورة
وإِن كان صاحِبُها في الحقيقة هو المَصْبُور لأَنه إِنما صُبِرَ من
أَجْلِها أَي حُبس، فوُصِفت بالصَّبْر وأُضيفت إِليه مجازاً؛ والمَصْبورة: هي
اليَمِين، والصَّبْر: أَن تأْخذ يَمِين إِنسان. تقول: صَبَرْتُ يَمِينه
أَي حلَّفته. وكلُّ من حَبَسْتَه لقَتلٍ أَو يَمِين، فهو قتلُ صَبْرٍ.
والصَّبْرُ: الإِكراه. يقال: صَبَرَ الحاكم فُلاناً على يَمين صَبْراً أَي
أَكرهه. وصَبَرْت الرَّجل إِذا حَلَّفته صَبْراً أَو قتلتَه صَبْراً.
يقال: قُتِل فلانٌ صَبْراً وحُلِّف صَبْراً إِذا حُبِس. وصَبَرَه: أَحْلَفه
يَمِين صَبْرٍ يَصْبِرُه. ابن سيده: ويَمِين الصَّبْرِ التي يُمْسِكُكَ
الحَكَم عليها حتى تَحْلِف؛ وقد حَلَف صَبْراً؛ أَنشد ثعلب:
فَأَوْجِعِ الجَنْبَ وأَعْرِ الظَّهْرَا،
أَو يُبْلِيَ اللهُ يَمِيناً صَبْرَا
وصَبَرَ الرجلَ يَصْبِرُه: لَزِمَه.
والصَّبْرُ: نقِيض الجَزَع، صَبَرَ يَصْبِرُ صَبْراً، فهو صابِرٌ
وصَبَّار وصَبِيرٌ وصَبُور، والأُنثى صَبُور أَيضاً، بغير هاء، وجمعه صُبُرٌ.
الجوهري: الصَّبر حَبْس النفس عند الجزَع، وقد صَبَرَ فلان عند المُصِيبة
يَصْبِرُ صَبْراً، وصَبَرْتُه أَنا: حَبَسْته. قال الله تعالى: واصْبِرْ
نفسَك مع الذينَ يَدْعُون رَبَّهم. والتَّصَبُّرُ: تكلُّف الصَّبْرِ؛
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
أَرَى أُمَّ زَيْدٍ كُلَّمَا جَنَّ لَيْلُها
تُبَكِّي على زَيْدٍ، ولَيْسَتْ بَأَصْبَرَا
أَراد: وليست بأَصْبَرَ من ابنها، بل ابنها أَصْبَرُ منها لأَنه عاقٌّ
والعاقُّ أَصبَرُ من أَبَوَيْهِ. وتَصَبَّر وآصْطَبَرَ: جعل له صَبْراً.
وتقول: آصْطَبَرْتُ ولا تقول اطَّبَرْتُ لأَن الصاد لا تدغم في الطاء،
فإِن أَردت الإِدغام قلبت الطاء صاداً وقلت اصَّبَرْتُ. وفي الحديث عن
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن الله تعالى قال: إِنِّي أَنا الصَّبُور؛ قال
أَبو إِسحق: الصَّبُور في صفة الله عز وجلّ الحَلِيم. وفي الحديث: لا
أَحَدَ أَصْبَرُ على أَذًى يَسْمَعُه من الله عزَّ وجلَّ؛ أَي أَشدّ حِلْماً
على فاعِل ذلك وترك المُعاقبة عليه. وقوله تعالى: وتَتَواصَوْا
بالصَّبْرِ؛ معناه: وتَوَاصَوْا بالصبر على طاعة الله والصَّبْرِ على الدخول في
مَعاصِيه. والصَّبْرُ: الجَراءة؛ ومنه قوله عز وجلّ: فما أَصْبَرَهُمْ على
النار؛ أَي ما أَجْرَأَهُم على أَعمال أَهل النار. قال أَبو عمرو: سأَلت
الحليحي عن الصبر فقال: ثلاثة أَنواع: الصَّبْرُ على طاعة الجَبَّار،
والصَّبْرُ على معاصِي
(* قوله: «الحليحي» وقوله: «والصبر على معاصي إلخ»
كذا بالأَصل). الجَبَّار، والصَّبر على الصَّبر على طاعته وتَرْك معصيته.
وقال ابن الأَعرابي: قال عُمر: أَفضل الصَّبر التَّصَبر. وقوله: فَصَبْرٌ
جَمِيل؛ أَي صَبْرِي صَبْرٌ جَمِيل. وقوله عز وجل: اصْبِرُوا وصَابِرُوا؛
أَي اصْبِرُوا واثْبُتُوا على دِينِكم، وصابروا أَي صابروا أَعداءَكُم
في الجِهاد. وقوله عز وجل: اسْتَعِينوا بالصَّبْرِ؛ أَي بالثبات على ما
أَنتم عليه من الإِيمان. وشَهْرُ الصَّبْرِ: شهر الصَّوْم. وفي حديث
الصَّوْم: صُمْ شَهْرَ الصَّبْر؛ هُوَ شهرُ رمضان وأَصل الصَّبْرِ الحَبْس،
وسُمِّي الصومُ صَبْراً لِمَا فيه من حَبْس النفس عن الطَّعام والشَّرَاب
والنِّكاح. وصَبَرَ به يَصْبُرُ صَبْراً: كَفَلَ، وهو بِهِ صَبِيرٌ
والصَّبِيرُ: الكَفِيل؛ تقول منه: صَبَرْتُ أَصْبُرُ، بالضَّم، صَبْراً وصَبَارة
أَي كَفَلْت به، تقول منه: اصْبُرْني يا رجل أَي أَعْطِنِي كَفِيلاً.
وفي حديث الحسَن: مَنْ أَسْلَفَ سَلَفاً فَلا يأْخُذَنَّ به رَهْناً ولا
صَبِيراً؛ هو الكفِيل. وصَبِير القوم: زَعِيمُهم المُقَدَّم في أُمُورِهم،
والجمع صُبَراء. والصَّبِيرُ: السحاب الأَبيض الذي يصبرُ بعضه فوق بعض
درجاً؛ قال يصِف جَيْشاً:
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذاتِ الصبِير
قال ابن بري: هذا الصدر يحتمل أَن يكون صدراً لبيت عامر بن جوين الطائي
من أَبيات:
وجارِيَةٍ من بَنَات المُلُو
ك، قَعْقَعْتُ بالخيْل خَلْخالَها
كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيـ
ـرِ، تأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
قال: أَي رُبَّ جارية من بَنات المُلُوك قَعْقَعتُ خَلْخَالَها لَمَّا
أَغَرْت عليهم فهَرَبَتْ وعَدَت فسُمِع صَوْت خَلْخَالِها، ولم تكن قبل
ذلك تَعْدُو. وقوله: كَكِرْفِئَة الغَيْث ذات الصَّبِيرِ أَي هذه الجارية
كالسَّحابة البَيْضاء الكَثِيفة تأْتي السَّحاب أَي تقصِدُ إِلى جُمْلَة
السَّحاب. وتأْتالُه أَي تُصْلِحُه، وأَصله تأْتَوِلُهُ من الأَوْل وهو
الإِصْلاح، ونصب تأْتالَها على الجواب؛ قال ومثله قول لبيد:
بِصَبُوحِ صَافِيَة وجَذْب كَرِينَةٍ،
بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبهامُها
أَي تُصْلِح هذه الكَرِينَة، وهي المُغَنِّية، أَوْتار عُودِها
بِإِبْهامِها؛ وأَصله تَأْتَوِلُه إِبْهامُها فقلبت الواو أَلفاً لتحركها وانفتاح
ما قبلها؛ قال: وقد يحتمل أَن يكون كَكِرْفِئَة الغيْث ذات الصبير
للْخَنْسَاء، وعجزه:
تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمِي لَها
وقبله:
ورَجْراجَة فَوْقَها بَيْضُنا،
عليها المُضَاعَفُ، زُفْنا لَها
والصَّبِير: السحاب الأَبيض لا يكاد يُمطِر؛ قال رُشَيْد بن رُمَيْض
العَنَزيّ:
تَرُوح إِليهمُ عَكَرٌ تَراغَى،
كأَن دَوِيَّها رَعْدُ الصَّبِير
الفراء: الأَصْبار السحائب البيض، الواحد صِبْر وصُبْر، بالكسر والضم.
والصَّبِير: السحابة البيضاء، وقيل: هي القطعة من السحابة تراها كأَنها
مَصْبُورة أَي محبُوسة، وهذا ضعيف. قال أَبو حنيفة: الصَّبير السحاب يثبت
يوماً وليلة ولا يبرَح كأَنه يُصْبَرُ أَي يحبس، وقيل: الصَّبِير السحاب
الأَبيض، والجمع كالواحد، وقيل: جمعه صُبُرٌ؛ قال ساعدة بن جؤية:
فارْمِ بِهم لِيَّةَ والأَخْلافا،
جَوْزَ النُّعامَى صُبُراً خِفافا
والصُّبَارة من السحاب: كالصَّبِير.
وصَبَرَه: أَوْثقه. وفي حديث عَمَّار حين ضرَبه عُثمان: فلمَّا عُوتِب
في ضَرْبه أَياه قال: هذه يَدِي لِعَمَّار فَلْيَصْطَبِر؛ معناه فليقتصّ.
يقال: صَبَرَ فلان فلاناً لوليّ فلان أَي حبسه، وأَصْبَرَه أَقَصَّه منه
فاصْطَبر أَي اقتصَّ. الأَحمر: أَقادَ السلطان فلاناً وأَقَصَّه
وأَصْبَرَه بمعنى واحد إِذا قَتَلَه بِقَوَد، وأَباءَهُ مثلهُ. وفي الحديث: أَن
النبي، صلى الله عليه وسلم، طَعَن إِنساناً بقضِيب مُدَاعَبة فقال له:
أَصْبِرْني، قال: اصْطَبر، أَي أَقِدْني من نفسك، قال: اسْتَقِدْ. يقال:
صَبَر فلان من خصْمه واصْطَبَر أَي اقتصَّ منه. وأَصْبَرَه الحاكم أَي
أَقصَّه من خصْمه.
وصَبِيرُ الخُوانِ: رُقَاقَة عَرِيضَة تُبْسَطُ تحت ما يؤكل من الطعام.
ابن الأَعرابي: أَصْبَرَ الرجل إِذا أَكل الصَّبِيرَة، وهي الرُّقاقة
التي يَغْرُِفُ عليها الخَبَُاز طَعام العُرْس.
والأَصْبَِرةُ من الغَنَم والإِبل؛ قال ابن سيده ولم أَسمع لها بواحد:
التي تَرُوح وتَغْدُو على أَهلها لا تَعْزُب عنهم؛ وروي بيت عنترة:
لها بالصَّيْف أَصْبِرَةٌ وجُلّ،
وسِتُّ من كَرائِمِها غِزَارُ
الصَّبرُ والصُّبْرُ: جانب الشيء، وبُصْره مثلُه، وهو حَرْف الشيء
وغِلَظه. والصَّبْرُ والصُّبْرُ: ناحية الشيء وحَرْفُه، وجمعه أَصْبار.
وصُبْرُ الشيء: أَعلاه. وفي حديث ابن مسعود: سِدْرة المُنْتَهى صُبْرُ الجنة؛
قال: صُبْرُها أَعلاها أَي أَعلى نواحيها؛ قال النمر بن تَوْلَب يصف
روضة:عَزَبَتْ، وباكَرَها الشَّتِيُّ بِدِيمَة
وَطْفاء، تَمْلَؤُها إِلى أَصْبارِها
وأَدْهَقَ الكأْس إِلى أَصْبارها ومَلأَها إِلى أَصْبارها أَي إِلى
أَعالِيها ورأْسها. وأَخذه بأَصْباره أَي تامّاً بجميعه.
وأَصْبار القبر: نواحيه وأَصْبار الإِناء: جوانِبه. الأَصمعي: إِذا
لَقِيَ الرجل الشِّدة بكمالها قيل: لَقِيها بأَصْبارها.
والصُّبْرَة: ما جُمِع من الطعام بلا كَيْل ولا وَزْن بعضه فوق بعض.
الجوهري: الصُّبرة واحدة صُبَرِ الطعام. يقال: اشتريت الشيء صُبْرَةً أَي
بلا وزن ولا كيل. وفي الحديث: مَرَّ على صُبْرَة طَعام فأَدخل يَدَه فيها؛
الصُّبْرة: الطعام المجتمِع كالكُومَة. وفي حديث عُمَر: دخل على النبي،
صلى الله عليه وسلم، وإِنَّ عند رجليه قَرَظاً مَصْبُوراً أَي مجموعاً، قد
جُعل صُبْرة كصُبْرة الطعام. والصُّبْرَة: الكُدْس، وقد صَبَّرُوا
طعامهم.
وفي حديث ابن عباس في قوله عز وجل: وكان عرْشهُ على الماء، قال: كان
يَصْعَد إِلى السماء بُخَارٌ من الماء، فاسْتَصْبَر فعاد صَبِيراً؛
اسْتَصْبَرَ أَي استكْثَف، وتراكَم، فذلك قوله: ثم اسْتَوى إِلى السماء وهي
دُخَان؛ الصَّبِير: سَحاب أَبيض متكاثِف يعني تَكَاثَفَ البُخار وتَراكَم فصار
سَحاباً. وفي حديث طَهْفة: ويسْتَحْلب الصَّبِير؛ وحديث ظبيان:
وسَقَوْهُم بِصَبِير النَّيْطَل أَي سَحاب الموْت والهَلاك.
والصُّبْرة: الطعام المَنْخُول بشيء شبِيه بالسَّرَنْد
(* قوله:
«بالسرند» هكذا في الأَصل وشرح القاموس). والصُّبْرَة: الحجارة الغليظة
المجتمعة، وجمعها صِبَار. والصُّبَارة، بضم الصاد: الحجارة، وقيل: الحجارة
المُلْس؛ قال الأَعشى:
مَنْ مُبْلِغٌ شَيْبان أَنَّ
المَرْءَ لم يُخلَق صُبارَهْ؟
قال ابن سيده: ويروى صِيَارَهْ؛ قال: وهو نحوها في المعنى، وأَورد
الجوهري في هذا المكان:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْراً بأَنَّ
المَرْءَ لم يُخْلَق صُبارَهْ؟
واستشهد به الأَزهري أَيضاً، ويروى صَبَارهْ، بفتح الصاد، وهو جمع
صَبَار والهاء داخلة لجمع الجمع، لأَن الصَّبَارَ جمع صَبْرة، وهي حجارة
شديدة؛ قال ابن بري: وصوابه لم يخلق صِبارهْ، بكسر الصاد، قال: وأَما صُبارة
وصَبارة فليس بجمع لصَبْرة لأَن فَعالاً ليس من أَبنية الجموع، وإِنما ذلك
فِعال، بالكسر، نحو حِجارٍ وجِبالٍ؛ وقال ابن بري: البيت لَعَمْرو بن
مِلْقَط الطائي يخاطب بهذا الشعر عمرو بن هند، وكان عمرو بن هند قتل له أَخ
عند زُرارَةَ بن عُدُس الدَّارِمِي، وكان بين عمرو بن مِلْقَط وبين
زُرارَة شَرٌّ، فحرّض عَمرو ابن هند على بني دارِم؛ يقول: ليس الإِنسان بحجر
فيصبر على مثل هذا؛ وبعد البيت:
وحَوادِث الأَيام لا
يَبْقَى لها إِلاَّ الحجاره
ها إِنَّ عِجْزَةَ أُمّه
بالسَّفْحِ، أَسْفَلَ مِنْ أُوارَهْ
تَسْفِي الرِّياح خِلال كَشْـ
ـحَيْه، وقد سَلَبوا إِزَارَهْ
فاقتلْ زُرَارَةَ، لا أَرَى
في القوم أَوفى من زُرَارَهْ
وقيل: الصُّبارة قطعة من حجارة أَو حديد.
والصُّبُرُ: الأَرض ذات الحَصْباء وليست بغليظة، والصُّبْرُ فيه لغة؛ عن
كراع.
ومنه قيل للحَرَّة: أُم صَبَّار ابن سيده: وأُمُّ صَبَّار، بتشديد
الباء، الحرَّة، مشتق من الصُّبُرِ التي هي الأَرض ذات الحَصْباء، أَو من
الصُّبَارة، وخَصَّ بعضهم به الرَّجْلاء منها. والصَّبْرة من الحجارة: ما
اشتد وغَلُظ، وجمعها الصَّبار؛ وأَنشد للأَعشى:
كأَن تَرَنُّمَ الهَاجَاتِ فيها،
قُبَيْلَ الصُّبح، أَصْوَات الصَّبَارِ
الهَاجَات: الضَّفادِع؛ شبَّه نَقِيق الضفادع في هذه العين بوقع
الحجارة. والصَّبِير: الجَبَل. قال ابن بري: اذكر أَبو عمر الزاهد أَن أُم
صَبَّار الحرّة، وقال الفزاري: هي حرة ليلى وحرَّة النار؛ قال: والشاهد لذلك
قول النابغة:
تُدافِع الناسَ عنّا حِين نَرْكَبُها،
من المظالم تُدْعَى أُمَّ صَبَّار
أَي تَدْفَعُ الناس عنّا فلا سَبِيل لأَحد إِلى غَزْوِنا لأَنها تمنعهم
من ذلك لكونها غَلِيظة لا تَطَؤُها الخيل ولا يُغار علينا فيها؛ وقوله:
من المظالم هي جمع مُظْلِمة أَي هي حَرَّة سوداء مُظْلِمة. وقال ابن
السكِّيت في كتاب الأَلفاظ في باب الاختلاط والشرِّ يقع بين القوم: وتدعى
الحرَّة والهَضْبَةُ أُمَّ صَبَّار. وروي عن ابن شميل: أَن أُم صَبَّار هي
الصَّفَاة التي لا يَحِيك فيها شيء. قال: والصَّبَّارة هي الأَرض الغَلِيظة
المُشْرفة لا نبت فيها ولا تُنبِت شيئاً، وقيل: هي أُم صَبَّار، ولا
تُسمَّى صَبَّارة، وإِنما هي قُفٌّ غليظة.
قال: وأَما أُمّ صَبُّور فقال أَبو عمرو الشيباني: هي الهَضْبة التي ليس
لها منفَذ. يقال: وقع القوم في أُمّ صَبُّور أَي في أَمرٍ ملتبِس شديد
ليس له منفَذ كهذه الهَضْبة التي لا منفَذ لها؛ وأَنشد لأَبي الغريب
النصري:
أَوْقَعَه اللهُ بِسُوءٍ فعْلِهِ
في أُمِّ صَبُّور، فأَودَى ونَشِبْ
وأُمّ صَبَّار وأُمُّ صَبُّور، كلتاهما: الداهية والحرب الشديدة. وأَصبر
الرجلُ: وقع في أُم صَبُّور، وهي الداهية، وكذلك إِذا وقع في أُم
صَبَّار، وهي الحرَّة. يقال: وقع القوم في أُم صَبُّور أَي في أَمر شديد. ابن
سيده: يقال وقعوا في أُم صَبَّار وأُم صَبُّور، قال: هكذا قرأْته في
الأَلفاظ صَبُّور، بالباء، قال: وفي بعض النسخ: أُم صيُّور، كأَنها مشتقَّة من
الصِّيارة، وهي الحجارة. وأَصْبَرَ الرجلُ إِذا جلس على الصَّبِير، وهو
الجبل. والصِّبَارة: صِمَام القارُورَة وأَصبر رأْسَ الحَوْجَلَة
بالصِّبَار، وهو السِّداد، ويقال للسِّداد القعولة والبُلْبُلَة
(* قوله:
«القعولة والبلبلة» هكذا في الأصل وشرح القاموس). والعُرْعُرة. والصَّبِرُ:
عُصَارة شجر مُرٍّ، واحدته صَبِرَة وجمعه صُبُور؛ قال الفرزدق:
يا ابن الخَلِيَّةِ، إِنَّ حَرْبي مُرَّة،
فيها مَذاقَة حَنْظَل وصُبُور
قال أَبو حنيفة: نَبات الصَّبِر كنَبات السَّوْسَن الأَخضر غير أَن ورقَ
الصَّبرِ أَطول وأَعرض وأَثْخَن كثيراً، وهو كثير الماء جدّاً. الليث:
الصَّبِرِ، بكسر الباء، عُصارة شجر ورقها كقُرُب السَّكاكِين طِوَال
غِلاظ، في خُضْرتها غُبْرة وكُمْدَة مُقْشَعِرَّة المنظَر، يخرج من وسطها ساقٌ
عليه نَوْر أَصفر تَمِهُ الرِّيح. الجوهري: الصَّبِر هذا الدَّواء
المرُّ، ولا يسكَّن إِلاَّ في ضرورة الشعر؛ قال الراجز:
أَمَرُّ من صَبْرٍ وحُضَضْ
وفي حاشية الصحاح: الحُضَضُ الخُولان، وقيل هو بظاءين، وقيل بضاد وظاء؛
قال ابن بري: صواب إِنشاده أَمَرَّ، بالنصب، وأَورده بظاءين لأَنه يصف
حَيَّة؛ وقبله:
أَرْقَشَ ظَمْآن إِذا عُصْرَ لَفَظْ
والصُّبَارُ، بضم الصاد: حمل شجرة شديدة الحموضة أَشد حُموضَة من
المَصْل له عَجَمٌ أَحمر عَرِيض يجلَب من الهِنْد، وقيل: هو التمر الهندي
الحامض الذي يُتَداوَى به.
وصَبَارَّة الشتاء، بتشديد الراء: شدة البَرْد؛ والتخفيف لغة عن
اللحياني. ويقال: أَتيته في صَبَارَّة الشتاء أَي في شدَّة البَرْد. وفي حديث
علي، رضي الله عنه: قُلْتم هذه صَبَارَّة القُرّ؛ هي شدة البرد كَحَمَارَّة
القَيْظ.
أَبو عبيد في كتاب اللَّبَن: المُمَقَّر والمُصَبَّرُ الشديد الحموضة
إِلى المَرارة؛ قال أَبو حاتم: اشتُقَّا من الصَّبِر والمَقِر، وهما
مُرَّان.
والصُّبْرُ: قبيلة من غَسَّان؛ قال الأَخطل:
تَسْأَله الصُّبْرُ من غَسَّان، إِذ حَضَرُوا،
والحَزْنُ: كيف قَراك الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟
الصُّبْر والحَزْن: قبيلتان، ويروى: فسائل الصُّبْر من غَسَّان إِذْ
حضروا، والحَزْنَ، بالفتح، لأَنه قال بعده:
يُعَرِّفونك رأْس ابن الحُبَاب، وقد
أَمسى، وللسَّيْف في خَيْشُومه أَثَرُ
يعني عُمير بن الحُباب السُّلَمي لأَنه قُتِل وحُمِل رأْسهُ إِلى قَبائل
غَسَّان، وكان لا يبالي بِهِم ويقول: ليسوا بشيء إِنما هم جَشَرٌ.
وأَبو صَبْرَة
(*
قوله: «أَبو صبرة أَلخ» عبارة القاموس وأَبو صبيرة كجهينة طائر احمر
البطن اسود الظهر والرأس والذنب): طائر أَحمرُ البطنِ أَسوَدُ الرأْس
والجناحَيْن والذَّنَب وسائره أَحمر.
وفي الحديث: مَنْ فَعَل كذا وكذا كان له خيراً من صَبِير ذَهَباً؛ قيل:
هو اسم جبل باليمن، وقيل: إِنما هو مِثْلُ جَبَلِ صِيرٍ، بإِسقاط الباء
الموحدة، وهو جبلَ لطيّء؛ قال ابن الأَثير: وهذه الكلمة جاءت في حديثين
لعليّ ومعاذ: أَما حديث علي فهو صِيرٌ، وأَما رواية معاذ فصَبِير، قال: كذا
فَرق بينهما بعضهم.
سنج: ابن الأَعرابي: السُّنُجُ العُنَّابُ.
ابن سيده: السِّنَاجُ أَثَرُ دُخانِ السِّراجِ في الجِرَارِ والحائط.
وسَنْجَةُ الميزان: لغة في صَنْجَتِهِ، والسين أَفصح.