من (ح ب ب) نسبة إلى حَبَّات.
من (ح ب ب) نسبة إلى حَبَّات.
صحب: صَحِـبَه يَصْحَبُه صُحْبة، بالضم، وصَحابة، بالفتح، وصاحبه: عاشره. والصَّحْب: جمع الصاحب مثل راكب وركب. والأَصْحاب: جماعة الصَّحْب مثل فَرْخ وأَفْراخ.
والصاحب: الـمُعاشر؛ لا يتعدَّى تَعَدِّيَ الفعل، أَعني أَنك لا تقول:
زيد صاحِبٌ عَمْراً، لأَنهم إِنما استعملوه استعمال الأَسماء،
نحو غلام زيد؛ ولو استعملوه استعمال الصفة لقالوا: زيد صاحِبٌ عمراً، أَو زيد صاحبُ عَمْرو، على إِرادة التنوين، كما تقول: زيد ضاربٌ عمراً، وزيد ضاربُ عمْرٍو؛ تريد بغير التنوين ما تريد بالتنوين؛ والجمع أَصحاب، وأَصاحيبُ، وصُحْبان،
مثل شابّ وشُبّان، وصِحاب مثل جائع وجِـياع، وصَحْب وصَحابة وصِحابة، حكاها جميعاً الأَخفش، وأَكثر الناس على الكسر دون الهاءِ، وعلى الفتح معها، والكسر معها عن الفراء خاصة. ولا يمتنع أَن تكون الهاء مع الكسر من جهة القياس، على أَن تزاد الهاء لتأْنيث الجمع. وفي حديث قيلة: خرجت
أَبتغي الصَّحابة إِلى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم؛ هو بالفتح جمع صاحب،ولم يجمع فاعِل على فَعالة إِلا هذا؛ قال امرؤُ القيس:
فكانَ تَدانِـينا وعَقْدُ عِذارهِ، * وقال صِحابي: قَدْ شَـأَونَك، فاطْلُب
قال ابن بري: أَغنى عن خبر كان الواو التي في معنى مع، كأَنه قال: فكان تدانينا مع عقد عذاره، كما قالوا: كل رجل وضَيْعَتُه؛ فكل مبتدأ، وضيعته معطوف على كل، ولم يأْت له بخبر، وإِنما أَغنى عن الخبر كون الواو في معنى مع، والضيعة هنا: الحرفة، كأَنه قال: كل رجل مع حرفته. وكذلك قولهم: كل رجل وشأْنه. وقال الجوهري: الصَّحابة، بالفتح:
الأَصْحاب، وهو في الأَصل مصدر، وجمع الأَصْحاب أَصاحِـيب.
وأَما الصُّحْبة والصَّحْب فاسمان للجمع. وقال الأَخفش: الصَّحْبُ جمع، خلافاً لمذهب سيبويه، ويقال: صاحب وأَصْحاب، كما يقال: شاهِد وأَشهاد، وناصِر وأَنْصار. ومن قال: صاحب وصُحْبة، فهو كقولك فارِه وفُرْهَة، وغلامٌ رائِق، والجمع
رُوقَة؛ والصُّحْبَةُ مصدر قولك: صَحِبَ يَصْحَبُ صُحْبَةً. وقالوا في النساءِ: هنَّ صواحِبُ يوسف. وحكى الفارسي عن أَبي الحسن: هنّ صواحبات يوسف، جمعوا صَواحِبَ جمع السلامة، كقوله:
فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها
وقوله:
جَذْب الصَّرارِيِّـين بالكُرور
والصِّحابَة: مصدر قولك صاحبَك اللّهُ وأَحْسَن صحابَتَك. وتقول للرجل عند التوديع: مُعاناً مُصاحَـباً. ومن قال: مُعانٌ مَصاحَبٌ، فمعناه: أَنت معان مُصاحَب. ويقال: إِنه لَـمِصْحاب لنا بما يُحَبّ؛ وقال الأَعشى:
فقد أَراكَ لنا بالوُدِّ مصْحابا
وفُلانٌ صاحِبُ صِدْقٍ. واصْطَحَب الرجلان، وتصاحبا،
واصْطَحَبَ القوم: صَحِبَ بعضهم بعضاً؛ وأَصله اصْتَحَب، لأَن تاء الافتعال تتغير عند الصاد مثل اصطحب، وعند الضاد مثل اضْطَربَ، وعند الطاء مثل اطَّلَب، وعند الظاء مثل اظَّلَم،
وعند الدال مثل ادَّعى، وعند الذال مثل اذّخَر، وعند الزاي مثل ازْدَجَر، لأَن التاء لانَ مَخْرَجُها فلم توافق هذه الحروف لشدة مخارجها، فأُبْدِلَ منها ما يوافقها، لتخفّ على اللسان، ويَعْذُبَ اللفظ به.
وحمارٌ أَصْحَبُ أَي أَصْحَر يضرب لونه إِلى الحمرة.
وأَصْحَبَ: صار ذا صاحب وكان ذا أَصحاب.
وأَصْحَبَ: بلغ ابنه مبلغ الرجال، فصار مثله، فكأَنه صاحبه. واسْتَصْحَبَ الرجُلَ: دَعاه إِلى الصُّحْبة؛ وكل ما لازم شيئاً فقد
استصحبه؛ قال:
إِنّ لك الفَضْلَ على صُحْبَتي، * والـمِسْكُ قدْ يَسْتَصْحِبُ الرّامِكا
الرامِك: نوع من الطيب رديء خسيس.
وأَصْحَبْتُه الشيء: جعلته له صاحباً، واستصحبته الكتاب وغيره.
وأَصْحَبَ الرجلَ واصْطَحَبه: حفظه. وفي الحديث: اللهم اصْحَبْنا بِصُحْبَةٍ واقلِبْنا بذمة؛ أَي احفظنا بحفظك في سَفَرنا، وأَرجِعنا بأَمانتك وعَهْدِك إِلى بلدنا. وفي التنزيل: ولا هم منا يُصْحَبون ؛ قال: يعني الآلهة لا تمنع أَنفسنا، ولا هم منا يُصْحَبون: يجارون أَي الكفار؛ أَلا ترى أَن العرب تقول: أَنا جارٌ لك؛ ومعناه: أُجِـيرُك وأَمْنَعُك. فقال: يُصْحَبون بالإِجارة. وقال قتادة: لا يُصْحَبُون من اللّهِ بخير؛ وقال أَبو عثمان المازنيّ: أَصْحَبْتُ الرجلَ أَي مَنَعْتُه؛ وأَنشد قَوْلَ الـهُذَليّ:
يَرْعَى بِرَوْضِ الـحَزْنِ، من أَبِّه، * قُرْبانَه، في عابِه، يُصْحِبُ
يُصْحِبُ: يَمْنَعُ ويَحْفَظُ وهو من قوله تعالى: ولا هم منا يُصْحَبون
أَي يُمْنعون. وقال غيره: هو من قوله صَحِبَك اللّه أَي حَفِظَكَ وكان لك جاراً؛ وقال:
جارِي وَمَوْلايَ لا يَزْني حَريمُهُما، * وصاحِـبي منْ دَواعي السُّوءِ مُصْطَحَبُ
وأَصْحبَ البعيرُ والدابةُ: انقادا. ومنهم مَن عَمَّ فقال: وأَصْحَبَ
ذلَّ وانقاد من بعد صُعوبة؛ قال امرؤ القيس:
ولَسْتُ بِذِي رَثْيَةٍ إِمَّرٍ، * إِذا قِـيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحبا
الإِمَّرُ: الذي يأْتَمِرُ لكل أَحد لضَعْفِه، والرَّثْيَةُ: وجَع المفاصل. وفي الحديث: فأَصْحَبَت الناقةُ أَي انقادت، واسترسلت، وتبعت صاحبها.
قال أَبو عبيد: صحِـبْتُ الرجُلَ من الصُّحْبة، وأَصْحَبْتُ أَي انقدت
له؛ وأَنشد:
تَوالى بِرِبْعِـيِّ السّقابُ، فأَصْحَبا
والـمُصْحِبُ الـمُستَقِـيمُ الذَّاهِبُ لا يَتَلَبَّث؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا ابن شهابٍ، لَسْتَ لي بِصاحِب، * مع الـمُماري ومَعَ الـمُصاحِب
فسره فقال: الـمُمارِي الـمُخالِفُ، والـمُصاحِبُ الـمُنْقاد، من الإِصْحابِ. وأَصْحَبَ الماءُ: علاه الطُّحْلُب والعَرْمَضُ، فهو ماءٌ مُصْحِبٌ. وأَدِيمٌ مُصْحِبٌ عليه صُوفُه أَو شَعره أَو وبَرُه، وقد أَصْحَبْته: تركت ذلك عليه. وقِربَةٌ مُصْحِـبَة: بقي فيها من صوفها شيء ولم تُعْطَنْهُ. والـحَمِـيتُ: ما ليس عليه شعر.
ورجل مُصْحِب: مجنون.
وصَحَبَ الـمَذْبوحَ: سلَخه في بعض اللغات.
وتَصَحَّب من مُجالَسَتِنا: استَحْيا. وقال ابن برزح (1)
(1 قوله «برزح» هكذا في النسخ المعتمدة بيدنا.)
إِنه يَتَصَحَّبُ من مجالستنا أَي يستَحْيِـي منها. وإِذا قيل: فلان
يتسَحَّب علينا، بالسين، فمعناه: أَنه يَتمادَحُ ويَتَدَلَّل. وقولهم في
النداءِ: يا صاحِ، معناه يا صاحبي؛ ولا يجوز ترخيم المضاف إِلاّ في هذا وحده، سُمِـعَ من العرب مُرخَّماً. وبنو صُحْب: بَطْنان، واحدٌ في باهِلَة، وآخر في كلْب. وصَحْبانُ: اسم رجلٍ.
حبب: الحُبُّ: نَقِيضُ البُغْضِ. والحُبُّ: الودادُ والـمَحَبَّةُ،
وكذلك الحِبُّ بالكسر. وحُكِي عن خالد ابن نَضْلَة: ما هذا الحِبُّ
الطارِقُ؟وأَحَبَّهُ فهو مُحِبٌّ، وهو مَحْبُوبٌ، على غير قياس هذا الأَكثر، وقد قيل مُحَبٌّ، على القِياس. قال الأَزهري: وقد جاء الـمُحَبُّ شاذاً في الشعر؛ قال عنترة:
ولقد نَزَلْتِ، فلا تَظُنِّي غيرَه، * مِنِّي بِمَنْزِلةِ المُحَبِّ الـمُكْرَمِ
وحكى الأَزهري عن الفرَّاءِ قال: وحَبَبْتُه، لغة. قال غيره: وكَرِهَ
بعضُهم حَبَبْتُه، وأَنكر أَن يكون هذا البيتُ لِفَصِيحٍ، وهو قول عَيْلانَ بن شُجاع النَّهْشَلِي:
أُحِبُّ أَبا مَرْوانَ مِنْ أَجْل تَمْرِه، * وأَعْلَمُ أَنَّ الجارَ بالجارِ أَرْفَقُ
فَأُقْسِمُ، لَوْلا تَمْرُه ما حَبَبْتُه، * ولا كانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ ومُشْرِقِ
وكان أَبو العباس المبرد يروي هذا الشعر:
وكان عِياضٌ منه أَدْنَى ومُشْرِقُ وعلى هذه الروايةِ لا كون فيه إِقواء.
وحَبَّه يَحِبُّه، بالكسر، فهو مَحْبُوبٌ. قال الجوهري: وهذا شاذ لأَنه لا يأْتي في المضاعف يَفْعِلُ بالكسر، إِلاّ ويَشرَكُه يَفْعُل بالضم، إِذا كان مُتَعَدِّياً، ما خَلا هذا الحرفَ. وحكى سيبويه: حَبَبْتُه وأَحْبَبْتُه بمعنى. أَبو زيد: أَحَبَّه اللّه فهو مَحْبُوبٌ. قال: ومثله مَحْزُونٌ، ومَجْنُونٌ، ومَزْكُومٌ، ومَكْزُوزٌ، ومَقْرُورٌ، وذلك أَنهم يقولون: قد فُعِلَ بغير أَلف في هذا كله، ثم يُبْنَى مَفْعُول على فُعِلَ، وإِلاّ فلا وَجْهَ له، فإِذا قالوا: أَفْعَلَه اللّه، فهو كلُّه بالأَلف؛ وحكى اللحياني عن بني سُلَيْم: ما أَحَبْتُ ذلك، أَي ما أَحْبَبْتُ، كما قالوا: ظَنْتُ ذلك، أَي ظَنَنْتُ، ومثله ما حكاه سيبويه من قولهم ظَلْتُ. وقال:
في ساعةٍ يُحَبُّها الطَّعامُ
أَي يُحَبُّ فيها. واسْتَحَبَّه كأَحَبَّه.
والاسْتِحْبابُ كالاسْتِحْسانِ.
وإِنه لَمِنْ حُبَّةِ نَفْسِي أَي مِمَّنْ أُحِبُّ. وحُبَّتُك: ما أَحْبَبْتَ أَن تُعْطاهُ، أَو يكون لك. واخْتَرْ
حُبَّتَك ومَحَبَّتَك من الناس وغَيْرِهِم أَي الذي تُحِبُّه.
والـمَحَبَّةُ أَيضاً: اسم للحُبِّ.
والحِبابُ، بالكسر: الـمُحابَّةُ والـمُوادَّةُ والحُبُّ . قال أَبو ذؤيب:
فَقُلْتُ لقَلْبي: يا لَكَ الخَيْرُ، إِنَّما * يُدَلِّيكَ، للخَيْرِ الجَدِيدِ، حِبابُها
وقال صخر الغي:
إِنّي بدَهْماءَ عَزَّ ما أَجِدُ * عاوَدَنِي، مِنْ حِبابِها، الزُّؤُدُ
وتَحَبَّبَ إِليه: تَودَّدَ. وامرأَةٌ مُحِبَّةٌ لزَوْجِها ومُحِبٌّ أَيضاً، عن الفرَّاءِ.
الأَزهري: يقال: حُبَّ الشيءُ فهو مَحْبُوبٌ، ثم لا يقولون: حَبَبْتُه،
كما قالوا: جُنَّ فهو مَجْنُون، ثم يقولون: أَجَنَّه اللّهُ.
والحِبُّ: الحَبِيبُ، مثل خِدْنٍ وخَدِينٍ، قال ابن بري، رحمه اللّه:
الحَبِيبُ يجيءُ تارة بمعنى الـمُحِبِّ، كقول الـمُخَبَّلِ:
أَتَهْجُرُ لَيْلَى، بالفِراقِ، حَبِيبَها، * وما كان نَفْساً، بالفِراقِ، تَطِيبُ
أَي مُحِبَّها، ويجيءُ تارة بمعنى الـمحْبُوب كقول ابن الدُّمَيْنةِ:
وانّ الكَثِيبَ الفَرْدَ، مِن جانِبِ الحِمَى، * إِلَيَّ، وإِنْ لم آتهِ، لحَبِيبُ
أَي لـمَحْبُوبٌ.
والحِبُّ: الـمَحْبُوبُ، وكان زَيْدُ بن حارِثةَ، رضي اللّه عنه،
يُدْعَى: حِبَّ رَسولِ اللّه، صلة اللّه عليه وسلم؛ والأَنثى بالهاءِ. وفي الحديث: ومن يَجْتَرئُ على ذلك إِلا أُسامةُ، حِبُّ رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، أَي مَحْبُوبُه، وكان رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يُحِبُّه كثيراً. وفي حديث فاطِمَة، رضوان اللّه عليها، قال لها رسولُ اللّهِ، صلى اللّه عليه وسلم، عن عائشة: إِنَّها حِبَّةُ أَبِيكِ. الحِبُّ بالكسر: الـمَحْبُوبُ، والأُنثى: حِبَّةٌ، وجَمْعُ الحِبِّ أَحْبابٌ، وحِبَّانٌ، وحُبُوبٌ، وحِبَبةٌ، وحُبٌّ؛ هذه الأَخيرة إِما أَن تكون من الجَمْع العزيز، وإِما أَن تكون اسماً للجَمْعِ.
والحَبِيبُ والحُبابُ بالضم: الحِبُّ، والأُنثى بالهاءِ. الأَزهري: يقال للحَبِيب: حُبابٌ، مُخَفَّفٌ.
وقال الليث: الحِبَّةُ والحِبُّ بمنزلة الحَبِيبةِ والحَبِيب. وحكى ابن
الأَعرابي: أَنا حَبِيبُكم أَي مُحِبُّكم؛ وأَنشد:
ورُبَّ حَبِيبٍ ناصِحٍ غَيْرِ مَحْبُوبِ
والحُبابُ، بالضم: الحُبُّ. قال أَبو عَطاء السِّنْدِي، مَوْلى بني
أَسَد:
فوَاللّهِ ما أَدْرِي، وإِنِّي لصَادِقٌ، * أَداءٌ عَراني مِنْ حُبابِكِ أَمْ سِحْرُ
قال ابن بري: المشهور عند الرُّواة: مِن حِبابِكِ، بكسر الحاءِ، وفيه وَجْهان: أَحدهما أَن يكون مصدر حابَبْتُه مُحابَّةً وحِباباً، والثاني أَن يكون جمع حُبٍّ مثل عُشٍّ وعِشاشٍ، ورواه بعضهم: من جَنابِكِ، بالجيم والنون، أَي ناحِيَتكِ.
وفي حديث أُحُد: هو جَبَلُّ يُحِبُّنا ونُحِبُّه. قال ابن الأَثير: هذا
محمول على المجاز، أَراد أَنه جبل يُحِبُّنا
أَهْلُه، ونُحِبُّ أَهْلَه، وهم الأَنصار؛ ويجوز أَن يكون من باب الـمَجاز الصَّريح، أَي إِنَّنا نحِبُّ الجَبلَ بعَيْنِهِ لأَنه في أَرْضِ مَن نُحِبُّ.
وفي حديث أَنس، رضي اللّه عنه: انْظُروا حُبّ الأَنصار التَّمرَ، يُروى بضم الحاءِ، وهو الاسم من الـمَحَبَّةِ، وقد جاءَ في بعض الرِّوايات، باسقاط انظُروا، وقال: حُبّ الانصار التمرُ، فيجوز أَن يكون بالضم كالأَوّل، وحذف الفعل وهو مراد للعلم به، أَو على جعل التمر نفس الحُبِّ مبالغة في حُبِّهم إِياه، ويجوز أَن تكون الحاءُ مكسورة، بمعنى المحبوب، أَي مَحْبُوبُهم التمرُ، وحينئذ يكون التمر على الأَوّل، وهو المشهور في الرواية
منصوباً بالحُب، وعلى الثاني والثالث مَرْفُوعاً على خبر المبتدإِ.
وقالوا: حَبَّ بِفُلان، أَي ما أَحَبَّه إِلَيَّ؛ قال أَبو عبيد: معناه(1)
(1 قوله «قال أبو عبيد معناه إلخ» الذي في الصحاح قال الفراء معناه إلخ.)
حَبُبَ بِفُلان، بضم الباءِ، ثم سُكِّن وأُدغم في الثانية.
وحَبُبْتُ إِليه: صِرْتُ حَبِيباً، ولا نَظِير له إِلا شَرُرْتُ، مِن الشَّرِّ، وما حكاه سيبويه عن يونس قولهم: لَبُبْتُ من اللُّبِّ. وتقول: ما
كنتَ حَبيباً، ولقد حَبِبْتَ، بالكسر، أَي صِرْتَ حَبِيباً. وحَبَّذَا الأَمْرُ أَي هو حَبِيبٌ. قال سيبويه: جعلوا حَبّ مع ذا، بمنزلة الشيءِ
الواحد، وهو عنده اسم، وما بعده مرفوع به، ولَزِمَ ذا حَبَّ، وجَرَى كالمثل؛ والدَّلِيلُ على ذلك أَنهم يقولون في المؤَنث: حَبَّذا، ولا يقولون: حَبَّذِه. ومنهُ قولهم: حَبَّذا زَيْدٌ، فَحَبَّ فِعْل ماضٍ لا يَتصرَّف، وأَصله حَبُبَ، على ما قاله الفرّاءُ، وذا فاعله، وهو اسم مُبْهَم مِن أَسْماءِ الإشارة، جُعِلا شيئاً واحداً، فصارا بمنزلة اسم يُرْفَع ما بعده، وموضعه رفع بالابْتداءِ، وزيد خبره، ولا يجوز أَن يكون بدلاً مِن ذا، لأَنّك تقول حَبَّذا امرأَةٌ، ولو كان بدلاً لقلت: حَبَّذِهِ المرأَةُ. قال جرير:
يا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ جَبَلٍ، * وحَبَّذا ساكِنُ الرَّيّانِ مَنْ كانا
وحَبَّذا نَفَحاتٌ مِنْ يَمانِيةٍ، * تَأْتِيكَ، مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ، أَحيانا
الأَزهري: وأَما قولهم: حبّذا كذا وكذا، بتشديد الباء، فهو حَرْفُ
مَعْنىً، أُلِّفَ من حَبَّ وذا. يقال: حَبَّذا الإِمارةُ، والأَصل حَبُبَ ذا،
فأَدْغِمَتْ إِحْدَى الباءَين في الأُخْرى وشُدّدتْ، وذا إِشارةٌ إِلى ما
يَقْرُب منك. وأَنشد بعضهم:
حَبَّذا رَجْعُها إِلَيها يَدَيْها، * في يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارَا(2)
(2 قوله «إليها يديها» هذا ما وقع في التهذيب أيضاً ووقع في الجزء العشرين إليك.)
كأَنه قال: حَبُبَ ذا، ثم ترجم عن ذا، فقالَ هو رَجْعُها يديها إِلى
حَلِّ تِكَّتِها أَي ما أَحَبَّه، ويَدَا دِرْعِها كُمَّاها. وقال أَبو الحسن
بن كيسان: حَبَّذا كَلِمتان جُعِلَتا شيئاً واحداً، ولم تُغَيَّرا في تثنية، ولا جمع، ولا تَأْنِيث، ورُفِع بها الاسم، تقول: حَبَّذا زَيْدٌ، وحَبَّذا الزَّيْدانِ، وحَبَّذا الزَّيْدُونَ، وحَبَّذا هِنْد، وحَبَّذا أَنـْتَ. وأَنـْتُما، وأَنتُم. وحَبَّذا يُبتدأُ بها، وإِن قلت: زَيْد حَبَّذا، فهي جائزة، وهي قَبِيحة، لأَن حَبَّذا كلمة مَدْح يُبْتَدأُ بها لأَنها جَوابٌ، وإِنما لم تُثَنَّ، ولم تُجمع، ولم
تُؤَنَّثْ، لأَنك إِنما أَجْرَيْتَها على ذِكر شيءٍ سَمِعْته، فكأَنك قلت: حَبَّذا الذِّكْرُ، ذُكْرُ زَيْدٍ، فصار زيدٌ موضعَ ذكره، وصارَ ذا مشاراً إِلى الذِّكْرِيّةِ، والذِّكرُ مُذَكَّرٌ. وحَبَّذا في الحَقِيقةِ:
فِعْلٌ واسْم، حَبَّ بمنزلة نِعْم، وذا فاعل، بمنزلة الرَّجل. الأَزهري قال: وأَمـَّا حَبَّذا، فإِنه حَبَّ ذا، فإِذا وَصَلْتَ رَفَعْتَ به فقلت: حَبَّذا زَيْدٌ.
وحَبَّبَ إِليه الأَمـْرَ: جعله يُحِبُّه.
وهم يَتَحابُّون: أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً. وحَبَّ إِلَيَّ هذا الشيءُ
يَحَبُّ حُبّاً. قال ساعدة:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، * وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِكَ، تَشْعَبُ
وأَنشد الأَزهري:
دَعانا، فسَمَّانَا الشِّعارَ، مُقَدِّماً، * وحَبَّ إِلَيْنا أَن نَكُونَ الـمُقدَّما
وقولُ ساعدة: وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّب أَي حَبَّ بها إِليّ مُتَجَنِّبةً.
وفي الصحاح في هذا البيت: وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، وقال: أَراد حَبُبَ، فأَدْغَمَ، ونَقَل الضَّمَّةَ إِلى الحاءِ، لأَنه مَدْحٌ، ونَسَبَ هذا
القَوْلَ إِلى ابن السكيت.
وحَبابُكَ أَن يكون ذلِكَ، أَو حَبابُكَ أَن تَفْعَلَ ذلك أَي غايةُ مَحَبَّتِك؛ وقال اللحياني: معناه مَبْلَغُ جُهْدِكَ، ولم يذكر الحُبَّ؛ ومثله: حماداكَ. أَي جُهْدُك وغايَتُكَ.
الأَصمعي: حَبَّ بِفُلانٍ، أَي ما أَحَبَّه إِليَّ ! وقال الفرَّاءُ: معناه
حَبُبَ بفلان، بضم الباء، ثم أُسْكِنَتْ وأُدْغِمَتْ في الثانية. وأَنشد
الفرَّاءُ:
وزَادَه كَلَفاً في الحُبِّ أَنْ مَنَعَتْ، * وحَبَّ شيْئاً إِلى الإِنْسانِ ما مُنِعَا
قال: وموضِعُ ما، رفْع، أَراد حَبُبَ فأَدْغَمَ. وأَنشد شمر:
ولَحَبَّ بالطَّيْفِ الـمُلِمِّ خَيالا
أَي ما أَحَبَّه إِليَّ، أَي أَحْبِبْ بِه! والتَّحَبُّبُ: إِظْهارُ الحُبِّ.
وحِبَّانُ وحَبَّانُ: اسْمانِ مَوْضُوعانِ مِن الحُبِّ.
والـمُحَبَّةُ والـمَحْبُوبةُ جميعاً: من أَسْماءِ مَدِينةِ النبيّ، صلى
اللّه عليه وسلم، حكاهما كُراع، لِحُبّ النبيّ، صلى اللّه عليه وسلم، وأَصحابِه إِيَّاها.
ومَحْبَبٌ: اسْمٌ عَلَمٌ، جاءَ على الأَصل، لمكان العلمية، كما جاءَ
مَكْوَزةٌ ومَزْيَدٌ؛ وإِنما حملهم على أَن يَزِنوا مَحْبَباً بِمَفْعَلٍ، دون فَعْلَلٍ، لأَنهم وجدوا ما تركب من ح ب ب، ولم يجدوا م ح ب، ولولا هذا، لكان حَمْلُهم مَحْبَباً على فَعْلَلٍ أَولى، لأَنّ ظهور التضعيف في فَعْلَل، هو القِياسُ والعُرْفُ، كقَرْدَدٍ ومَهْدَدٍ. وقوله أَنشده ثعلب:
يَشُجُّ به الـمَوْماةَ مُسْتَحْكِمُ القُوَى، * لَهُ، مِنْ أَخِلاَّءِ الصَّفاءِ، حَبِيبُ
فسره فقال: حَبِيبٌ أَي رَفِيقٌ.
والإِحْبابُ: البُروكُ. وأَحَبَّ البَعِيرُ: بَرَكَ. وقيل: الإِحْبابُ في
الإِبلِ، كالحِرانِ في الخيل، وهو أَن يَبْرُك فلا يَثُور. قال أَبو محمد الفقعسي:
حُلْتُ عَلَيْهِ بالقَفِيلِ ضَرْبا، * ضَرْبَ بَعِيرِ السَّوْءِ إِذْ أَحَبَّا
القَفِيلُ: السَّوْطُ. وبعير مُحِبٌّ. وقال أَبو عبيدة في
<ص:293> قوله تعالى: إِنّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْر عن ذِكْرِ رَبِّي؛ أَي لَصِقْتُ بالأَرض، لِحُبّ الخَيْلِ، حتى فاتَتني الصلاةُ. وهذا غير معروف في الإِنسان، وإِنما هو معروف في الإِبل.
وأَحَبَّ البعِيرُ أَيضاً إِحْباباً: أَصابَه كَسْرٌ أَو مَرَضٌ، فلم يَبْرَحْ مكانَه حتى يَبْرأَ أَو يموتَ. قال ثعلب: ويقال للبَعِيرِ الحَسِيرِ: مُحِبٌّ. وأَنشد يصف امرأَةً، قاسَتْ عَجِيزتها بحَبْلٍ، وأَرْسَلَتْ
به إِلى أَقْرانِها:
جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسَّبَبْ، * فَهُنَّ بَعْدُ، كُلُّهُنَّ كالمُحِبّْ
أَبو الهيثم: الإِحْبابُ أَن يُشْرِفَ البعيرُ على الموت مِن شدّة
الـمَرض فَيَبْرُكَ، ولا يَقدِرَ أَن يَنْبَعِثَ. قال الراجز:
ما كان ذَنْبِي في مُحِبٍّ بارِك، أَتاهُ أَمْرُ اللّهِ، وهو هالِك
والإِحْبابُ: البُرْءُ من كلّ مَرَضٍ ابن الأَعرابي: حُبَّ: إِذا أُتْعِبَ، وحَبَّ: إِذا وقَفَ، وحَبَّ: إِذا تَوَدَّدَ، واسْتحَبَّتْ كَرِشُ المالِ: إِذا أَمْسَكَتِ الماء وطال ظِمْؤُها؛ وإِنما يكون ذلك، إِذا التقت الطَّرْفُ والجَبْهةُ، وطَلَعَ معهما سُهَيْلٌ.
والحَبُّ: الزرعُ، صغيراً كان أَو كبيراً، واحدته حَبَّةٌ؛ والحَبُّ
معروف مُستعمَل في أَشياءَ جَمة: حَبَّةٌ مِن بُرّ، وحَبَّة مِن شَعير، حتى يقولوا: حَبَّةٌ من عِنَبٍ؛ والحَبَّةُ، من الشَّعِير والبُرِّ ونحوهما،
والجمع حَبَّاتٌ وحَبٌّ وحُبُوبٌ وحُبَّانٌ، الأَخيرة نادرة، لأَنَّ
فَعلة لا تجمع على فُعْلانٍ، إِلاّ بعد طَرْحِ الزائد.
وأَحَبَّ الزَّرْعُ وأَلَبَّ: إِذا دخَل فيه الأُكْلُ، وتَنَشَّأَ فيه الحَبُّ واللُّبُّ. والحَبَّةُ السَّوْداءُ، والحَبَّة الخَضْراء، والحَبَّةُ من الشيءِ: القِطْعةُ منه. ويقال للبَرَدِ: حَبُّ الغَمامِ، وحَبُّ الـمُزْنِ، وحَبُّ قُرٍّ. وفي صفتِه، صلى اللّه عليه وسلم: ويَفْتَرُّ عن مِثْلِ حَبّ الغَمامِ، يعني البَرَدَ، شَبَّه به ثَغْرَه في بَياضِه وصَفائه وبَرْدِه.
(يتبع...)
(تابع... 1): حبب: الحُبُّ: نَقِيضُ البُغْضِ. والحُبُّ: الودادُ والـمَحَبَّةُ،... ...
قال ابن السكيت: وهذا جابِرٌ بن حَبَّةَ اسم للخُبْزِ، وهو معرفة.
وحَبَّةُ: اسم امرأَةٍ؛ قال:
أَعَيْنَيَّ! ساءَ اللّهُ مَنْ كانَ سَرَّه * بُكاؤُكما، أَوْ مَنْ يُحِبُّ أَذاكُما
ولوْ أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أُسْلِما * لِنَزْعِ القَذَى، لَمْ يُبْرِئَا لي قَذاكُما
قال ابن جني: حَبَّةُ امرأَةٌ عَلِقَها رجُل من الجِنِّ، يقال له
مَنْظُور، فكانت حَبَّةُ تَتَطَبَّبُ بما يُعَلِّمها مَنْظُور.
والحِبَّةُ: بُزورُ البقُولِ والرَّياحِينِ، واحدها حَبٌّ(1)
(1 قوله «واحدها حب» كذا في المحكم أيضاً.). الأَزهري عن الكسائي: الحِبَّةُ: حَبُّ الرَّياحِينِ، وواحده حَبَّةٌ؛ وقيل: إِذا كانت الحُبُوبُ مختلفةً من كلِّ شيءٍ شيءٌ، فهي حِبَّةٌ؛ وقيل: الحِبَّةُ، بالكسر: بُزورُ الصَّحْراءِ، مـما ليس بقوت؛ وقيل: الحِبَّةُ: نبت يَنْبُتُ في الحَشِيشِ صِغارٌ. وفي حديثِ أَهلِ النارِ: فَيَنْبُتون كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيل السَّيْلِ؛ قالوا: الحِبَّةُ إِذا كانت حُبوب مختلفة من كلّ شيءٍ، والحَمِيلُ: مَوْضِعٌ يَحْمِلُ فيه السَّيْلُ،والجمع حِبَبٌ؛ وقيل: ما كان له
حَبٌّ من النَّباتِ، فاسْمُ ذلك الحَبِّ الحِبَّة. وقال أَبو حنيفة: الحِبَّة،
بالكسر: جميعُ بُزورِ النَّباتِ، واحدتها حَبَّةٌ، بالفتح، عن الكسائي.
قال: فأَما الحَبُّ فليس إِلا الحِنْطةَ والشَّعِيرَ، واحدتها حَبَّةٌ، بالفتح، وإِنما افْتَرَقا في الجَمْع. الجوهري: الحَبَّةُ: واحدة حَبِّ الحِنْطةِ، ونحوها من الحُبُوبِ؛ والحِبَّةُ: بَزْر كلِّ نَباتٍ يَنْبُتُ وحْدَه من غير أَن يُبْذَرَ، وكلُّ ما بُذِرَ، فبَزْرُه حَبَّة، بالفتح.
وقال ابن دريد: الحِبَّةُ، بالكسر، ما كان مِن بَزْرِ العُشْبِ. قال أَبو
زياد: إِذا تَكَسَّرَ اليَبِيسُ وتَراكَمَ، فذلك الحِبَّة، رواه عنه أَبو
حنيفة. قال: وأَنشد قَوْلَ أَبي النَّجْمِ، وَوَصَفَ إِبِلَه:
تَبَقَّلَتْ، مِن أَوَّلِ التَّبَقُّلِ، * في حِبَّةٍ جَرْفٍ وحَمْضٍ هَيْكَلِ
قال الأَزهري: ويقال لِحَبّ الرَّياحِين: حِبَّةٌ، وللواحدة منها
حَبّةٌ؛ والحِبَّةُ: حَبُّ البَقْل الذي ينْتَثِر، والحَبَّة: حَبَّةُ الطَّعام،
حَبَّةٌ من بُرٍّ وشَعِيرٍ وعَدَسٍ وأَرُزٍّ، وكل ما يأْكُله الناسُ.
قال الأَزهري: وسمعت العربَ تقول: رَعَيْنا الحِبَّةَ، وذلك في آخر الصَّيْف، إِذا هاجتِ الأَرضُ، ويَبِسَ البَقْلُ والعُشْبُ، وتَناثَرتْ بُزُورُها وَوَرَقُها، فإِذا رَعَتْها النَّعَم سَمِنَتْ عليها. قال: ورأَيتهم يسمون الحِبَّةَ، بعد الانْتثارِ، القَمِيمَ والقَفَّ؛ وتَمامُ سِمَنِ
النَّعَمِ بعد التَّبَقُّلِ، ورَعْيِ العُشْبِ، يكون بِسَفِّ الحِبَّةِ والقَمِيم. قال: ولا يقع اسم الحِبَّةِ، إِلاّ على بُزُورِ العُشْبِ والبُقُولِ البَرِّيَّةِ، وما تَناثر من ورَقِها، فاخْتَلَطَ بها، مثل القُلْقُلانِ، والبَسْباسِ، والذُّرَق، والنَّفَل، والـمُلاَّحِ، وأَصْناف أَحْرارِ البُقُولِ كلِّها وذُكُورها.
وحَبَّةُ القَلْبِ: ثَمَرتُه وسُوَيْداؤُه، وهي هَنةٌ سَوْداءُ فيه؛ وقيل: هي زَنَمةٌ في جَوْفِه. قال الأَعشى:
فأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِها وطِحالَها
الأَزهري: حَبَّةُ القَلْب: هي العَلَقةُ السَّوْداء، التي تكون داخِلَ
القَلْبِ، وهي حَماطةُ القلب أَيضاً. يقال: أَصابَتْ فلانةُ حَبَّةَ
قَلْبِ فُلان إِذا شَغَفَ قَلْبَه حُبُّها. وقال أَبو عمرو: الحَبَّةُ وَسَطُ
القَلْبِ.
وحَبَبُ الأَسْنانِ: تَنَضُّدُها. قال طرفة:
وإِذا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَباً * كَرُضابِ المِسْكِ بالماءِ الخَصِرْ
قال ابن بري، وقال غير الجوهري: الحَبَبُ طَرائقُ مِن رِيقِها، لأَنّ قَلَّةَ الرِّيقِ تكون عند تغير الفم. ورُضابُ المِسْكِ: قِطَعُه.
والحِبَبُ: ما جَرَى على الأَسْنانِ من الماءِ، كقِطَعِ القَوارِير،
وكذلك هو من الخَمْرِ، حكاه أَبو حنيفة؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
لَها حِبَبٌ يَرَى الرَّاؤُون منها، * كما أَدْمَيْتَ، في القَرْوِ، الغَزالا
أَراد: يَرى الرَّاؤُون منها في القَرْوِ كما أَدْمَيْتَ الغَزالا.
الأَزهري: حَبَبُ الفَمِ: ما يَتَحَبَّبُ من بَياضِ الرِّيقِ على الأَسْنانِ.
وحِبَبُ الماء وحَبَبُه، وحَبابه، بالفتح: طَرائقُه؛ وقيل: حَبابُه
نُفّاخاته وفَقاقِيعُه، التي تَطْفُو، كأَنـَّها القَوارِيرُ، وهي اليَعالِيلُ؛ وقيل: حَبابُ الماءِ مُعْظَمُه. قال
طَرفةُ:
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيْزُومُها بِها، * كما قَسَمَ التُّرْبَ الـمُفايِلُ باليَدِ
فَدَلَّ على انه الـمُعْظَمُ. وقال ابن دريد: الحَبَبُ: حَبَبُ الماءِ،
وهو تَكَسُّره ، وهو الحَبابُ. وأَنشد الليث:
كأَنَّ صلاَ جَهِيزةَ، حِينَ قامَتْ، * حَبابُ الماءِ يَتَّبِعُ الحَبابا
ويُروى: حين تَمْشِي. لم يُشَبِّهْ صَلاها ومَآكِمَها بالفَقاقِيع،
وإِنما شَبَّهَ مَآكِمَها بالحَبابِ، الذي عليه،(1)
(1 عليه أي على الماء.)
كأَنـَّه دَرَجٌ في حَدَبةٍ؛ والصَّلا: العَجِيزةُ، وقيل: حَبابُ الماءِ
مَوْجُه، الذي يَتْبَعُ بعضُه بعضاً. قال ابن الأَعرابي، وأَنشد شمر:
سُمُوّ حَبابِ الماءِ حالاً على حالِ
قال، وقال الأَصمعي: حَبابُ الماءِ الطَّرائقُ التي في الماءِ، كأَنـَّها الوَشْيُ؛ وقال جرير:
كنَسْجِ الرِّيح تَطَّرِدُ الحَبابا
وحَبَبُ الأَسْنان: تَنَضُّدها. وأَنشد:
وإِذا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَباً، * كأَقاحي الرَّمْلِ عَذْباً، ذا أُشُرْ
أَبو عمرو: الحَبابُ: الطَّلُّ على الشجَر يُصْبِحُ عليه. وفي حديث
صِفةِ أَهل الجَنّةِ: يَصِيرُ طَعامُهم إِلى رَشْحٍ، مثْلِ حَباب المِسْكِ.
قال ابن الأَثير: الحَبابُ، بالفتح: الطَّلُّ الذي يُصْبِحُ على النَّباتِ،
شَبّه به رَشْحَهم مَجازاً، وأَضافَه إلى المِسْكِ ليُثْبِتَ له طِيبَ
الرَّائحةِ. قال: ويجوز أَن يكون شبَّهه بحَباب الماءِ، وهي نُفَّاخاتهُ
التي تَطْفُو عليه؛ ويقال لِمُعْظَم الماءِ حَبابٌ أَيضاً، ومنه حديث عليّ، رضي اللّه عنه، قال لأَبي بكر، رضي اللّه عنه: طِرْتَ بعُبابِها، وفُزْتَ بحَبابِها، أَي مُعْظَمِها.
وحَبابُ الرَّمْلِ وحِبَبهُ: طَرائقُه، وكذلك هما في النَّبِيذ.
والحُبُّ: الجَرَّةُ الضَّخْمةُ. والحُبُّ: الخابِيةُ؛ وقال ابن دريد: هو
الذي يُجْعَلُ فيه الماءُ، فلم يُنَوِّعْه؛ قال: وهو فارِسيّ مُعَرّب.
قال، وقال أَبو حاتم: أَصلُه حُنْبٌ، فَعُرِّبَ، والجَمْعُ أَحْبابٌ
وحِبَبةٌ(2)
(2 قوله «وحببة» ضبط في المحكم بالكسر وقال في المصباح وزان عنبة.)
وحِبابٌ. والحُبَّةُ، بالضم: الحُبُّ؛ يقال: نَعَمْ وحُبَّةً وكَرامةً؛ وقيل في تفسير الحُبِّ والكَرامةِ: إِنَّ الحُبَّ الخَشَباتُ الأَرْبَعُ التي
تُوضَعُ عليها الجَرَّةُ ذاتُ العُرْوَتَيْنِ، وإِنّ الكَرامةَ الغِطاءُ الذي
يَوضَعُ فوقَ تِلك الجَرّة، مِن خَشَبٍ كان أَو من خَزَفٍ.
والحُبابُ: الحَيَّةُ؛ وقيل: هي حَيَّةٌ ليست من العَوارِمِ. قال أَبو
عبيد: وإِنما قيل الحُبابُ اسم شَيْطانٍ، لأَنَّ الحَيَّةَ يُقال لها
شَيْطانٌ. قال:
تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ، كأَنـَّه * تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِيِ خِرْوَعٍ، قَفْرِ
وبه سُمِّي الرَّجل. وفي حديثٍ: الحُبابُ شيطانٌ؛ قال ابن الأَثير: هو بالضم اسم له، ويَقَع على الحَيَّة أَيضاً، كما يقال لها شَيْطان، فهما مشتركان فيهما. وقيل: الحُبابُ حيَّة بعينها، ولذلك غُيِّرَ اسم
حُبابٍ، كراهية للشيطان.
والحِبُّ: القُرْطُ مِنْ حَبَّةٍ واحدة؛ قال ابن دُرَيْد: أَخبرنا أَبو
حاتم عن الأَصمعي أَنه سأَل جَنْدَلَ بن عُبَيْدٍ الرَّاعِي عن معنى قول أَبيه الرَّاعِي(1)
(1 قوله «الراعي» أي يصف صائداً في بيت من حجارة منضودة تبيت الحيات قريبة منه قرب قرطه لو كان له قرط تبيت الحية إلخ وقبله:
وفي بيت الصفيح أبو عيال * قليل الوفر يغتبق السمارا
يقلب بالانامـــل مرهفات * كساهنّ المناكب والظهارا
أفاده في التكملة.) :
تَبِيتُ الحَيّةُ النَّضْناضُ مِنْهُ * مَكانَ الحِبِّ، يَسْتَمِعُ السِّرارا
ما الحِبُّ؟ فقال: القُرْطُ؛ فقال: خُذُوا عن الشيخ، فإِنه عالِمٌ. قال
الأَزهريّ: وفسر غيره الحِبَّ في هذا البيت، الحَبِيبَ؛ قال: وأُراه
قَوْلَ ابن الأَعرابي.
والحُبابُ، كالحِبِّ. والتَّحَبُّبُ: أَوَّلُ الرِّيِّ.
وتَحَبَّبَ الحِمارُ وغَيْرُه: امْتَلأَ من الماءِ. قال ابن سيده: وأُرَى حَبَّبَ مَقُولةً في هذا الـمَعنى، ولا أَحُقُّها. وشَرِبَتِ الإِبلُ حتى حَبَّبَتْ: أَي تَمَلأَتْ رِيّاً. أَبو عمرو: حَبَّبْتُه فتَحَبَّبَ، إِذا مَلأْتَه للسِّقاءِ وغَيْرِه.
وحَبِيبٌ: قبيلةٌ. قال أَبو خِراش:
عَدَوْنا عَدْوةً لا شَكَّ فِيها، * وخِلْناهُمْ ذُؤَيْبةَ، أَو حَبِيبا
وذُؤَيْبة أَيضاً: قَبِيلة. وحُبَيْبٌ القُشَيْرِيُّ من شُعَرائهم.
وذَرَّى حَبّاً: اسم رجل. قال:
إِنَّ لها مُرَكَّناً إِرْزَبَّا، * كأَنه جَبْهةُ ذَرَّى حَبَّا
وحَبَّانُ، بافتح: اسم رَجل، مَوْضُوعٌ مِن الحُبِّ.
وحُبَّى، على وزن فُعْلى: اسم امرأَة. قال هُدْبةُ بن خَشْرمٍ:
فَما وَجَدَتْ وَجْدِي بها أُمُّ واحِدٍ، * ولا وَجْدَ حُبَّى بِابْنِ أُمّ كِلابِ
رحب: الرُّحْبُ، بالضم: السَّعةُ.
رَحُبَ الشيءُ رُحْباً ورَحابةً، فهو رَحْبٌ ورَحِـيبٌ ورُحابٌ،
وأَرْحَبَ: اتَّسَعَ. وأَرْحَبْتُ الشيءَ: وسَّعْتُه. قال الـحَجَّاجُ، حِـينَ قَتَلَ ابن القِرِّيَّة: أَرْحِبْ يا غُلامُ جُرْحَه! وقيل للخيل: أَرْحِبْ، وأَرْحِـبي أَي تَوَسَّعِـي وتَباعَدي
وتَنَحِّي؛ زجر لها؛ قال الكميت بن معروف:
نُعَلِّمُها: هَبِي، وهَلاَ، وأَرْحِبْ، * وفي أَبْياتِنا ولَنا افْتُلِـينا
وقالوا: رَحُبَتْ عليكَ وطُلَّتْ أَي رَحُبَتِ البِـلادُ عليك وطُلَّتْ.
وقال أَبو إِسحق: رَحُبَتْ بِلادُكَ وطُلَّت أَي اتَّسَعَتْ وأَصابَها
الطَّلُّ.
وفي حديث ابن زِمْلٍ: على طَريقٍ رَحْبٍ أَي واسِعٍ. ورجُل رَحْبُ الصَّدْرِ، ورُحْبُ الصدر، ورحِـيبُ الجَوْفِ: واسِعُهما. وفلان رحِـيبُ الصَّدْر أَي واسع الصدر؛ وفي حديث ابن عوف، رضي اللّه عنه: قَلِّدوا أَمْرَكُم رَحْب الذِّراع أَي واسِعَ القُوَّةِ عند الشَّدائد. ورَحُبَت الدَّارُ وأَرْحَبَتْ بمعنى أَي اتَّسَعَتْ. وامرأَةٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ.
والرَّحْبُ، بالفتح، والرَّحِـيبُ: الشيء الواسِعُ، تقول منه: بلد
رَحْبٌ، وأَرضٌ رَحْبةٌ؛ الأَزهري: ذهب الفراء إِلى أَنه يقال بَلَدٌ رَحْبٌ، وبِلادٌ رَحْبةٌ، كما يقال بَلَدٌ سَهْلٌ، وبِلادٌ سَهْلة، وقد رَحُبَت
تَرْحُبُ، ورَحُبَ يَرْحُبُ رُحْباً ورَحابةً، ورَحِـبَتْ رَحَباً؛ قال
الأَزهري: وأَرْحَبَتْ، لغة بذلك المعنى.
وقِدْرٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ.
وقول اللّه، عز وجل: وضاقَتْ عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ؛ أَي على رُحْبِها وسَعَتها. وفي حديث كَعْب بن مالك: فنحنُ، كما قال اللّه تعالى: وضاقَت عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ.
وأَرضٌ رَحِـيبةٌ: واسِعةٌ.
ابن الأَعرابي: والرَّحْبةُ ما اتَّسع من الأَرض، وجمعُها رُحَبٌ، مثل قَرْيةٍ وقُرًى؛ قال الأَزهري: وهذا يجيء شاذاً في باب الناقص، فأَما السالم فما سمعت فَعْلةً جُمعت على فُعَلٍ؛ قال: وابن الأَعرابي ثقة، لا يقول إِلا ما قد سَمِعَه.
وقولهم في تحية الوارد: أَهْلاً ومَرْحَباً أَيْ صادَفْتَ أَهْلاً ومَرْحَباً. وقالوا: مَرْحَبَك اللّهُ ومَسْهَلَكَ. وقولهم: مَرْحَباً وأَهْلاً أَي أَتَيْتَ سَعةً، وأَتَيْتَ أَهْلاً، فاسْتَـأْنِس ولا تَسْتَوْحِشْ. وقال الليث: معنى قول العرب مَرْحَباً: انزل في الرَّحْب والسَّعةِ، وأَقِمْ، فلَكَ عِندنا ذلك. وسئل الخليل عن نصب مَرْحَباً، فقال: فيه كَمِـينُ الفِعْل؛ أَراد: به انْزِلْ أَو أَقِمْ، فنُصِب بفعل مضمر، فلما عُرِف معناه المراد به، أُمِـيتَ الفِعلُ. قال الأَزهري، وقال غيره، في قولهم
مَرْحَباً: أَتَيْتَ أَو لَقِـيتَ رُحْباً وسَعةً، لا ضِـيقاً؛ وكذلك إِذا
قال: سَهْلاً، أَراد: نَزَلْت بلَداً سَهْلاً، لا حَزْناً غَلِـيظاً.
شمر: سمعت ابن الأَعرابي يقول: مَرْحَبَكَ اللّهُ ومَسْهَلَكَ ! ومَرْحَباً بك اللّهُ؛ ومَسْهَلاً بك اللّهُ ! وتقول العرب: لا مَرْحَباً
بك ! أَي لا رَحُبَتْ عليك بلادُك! قال: وهي من المصادر التي تقع في الدُّعاءِ للرجل وعليه، نحو سَقْياً ورَعْياً، وجَدْعاً وعَقْراً؛ يريدون سَقاكَ اللّهُ ورَعاكَ اللّهُ؛ وقال الفراءُ: معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً؛ كأَنه وُضِعَ مَوْضِعَ التَّرْحِـيبِ. ورَحَّبَ بالرجل تَرْحِـيباً: قال له مَرْحَباً؛ ورَحَّبَ به دعاه إِلى الرَّحْبِ والسَّعَةِ. وفي الحديث: قال لِخُزَيمةَ بن حُكَيْمٍ: مَرْحَباً، أَي لَقِـيتَ رَحْباً وسَعةً؛ وقيل: معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً؛ فجعلَ الـمَرْحَبَ موضع التَّرْحِـيب.ورَحَبةُ المسجِد والدارِ، بالتحريك: ساحَتُهما ومُتَّسَعُهما. قال سيبويه: رَحَبةٌ ورِحابٌ،
كرَقَبةٍ ورِقابٍ، ورَحَبٌ ورَــحَباتٌ. الأَزهري، قال الفراءُ: يقال للصَّحْراءِ بين أَفْنِـيَةِ القوم والـمَسْجِد: رَحْبةٌ ورَحَبةٌ؛ وسميت الرَّحَبةُ رَحَبةً، لسَعَتِها بما رَحُبَتْ أَي بما اتَّسَعَتْ. يقال: منزل رَحِـيبٌ ورَحْبٌ. ورِحابُ الوادِي: مَسايِلُ الماءِ من جانِـبَيْه فيه، واحدتها رَحَبةٌ. ورَحَبةُ الثُّمام: مُجْـتَمَعُه ومَنْبِتُه.
ورَحائبُ التُّخوم: سَعةُ أَقْطارِ الأَرض.
والرَّحَبةُ: مَوضِعُ العِنَبِ، بمنزلة الجَرينِ للتَّمر، وكلُّه من
الاتساع. وقال أَبو حنيفة: الرَّحْبةُ والرَّحَبةُ، والتثقيل أَكثر: أَرض
واسِعةٌ، مِنْباتٌ، مِحْلالٌ.
وكلمة شاذة تحكى عن نصر بن سَيَّارٍ: أَرَحُبَكُم الدُّخولُ في طاعةِ ابن الكِرْمانِـي أَي أَوَسِعَكم، فعَدَّى فَعُلَ، وليست مُتَعدِّيةً عند النحويين، إِلا أَن أَبا علي الفارسي حكى أَن هذيلاً تعديها إِذا كانت قابلة للتعدّي بمعناها؛ كقوله:
ولم تَبْصُرِ العَيْنُ فيها كِلابا
قال في الصحاح:لم يجئْ في الصحيح فَعُلَ، بضم العين، متعدياً غير هذا.
وأَمـَّا المعتل فقد اختلفوا فيه، قال الكسائي: أَصل قُلْتُه قَوُلْتُه،
وقال سيبويه: لا يجوز ذلك، لأَنه لا يتعدّى، وليس كذلك طُلْته، أَلا ترى أَنك تقول طويل؟ الأَزهري، قال الليث: هذه كلمة شاذة على فَعُلَ مُجاوِزٌ، وفَعُلَ لا يكون مُجاوِزاً أَبداً. قال الأَزهري: لا يجوز رَحُبَكُم عند النحويين، ونصر ليس بحجة.
والرُّحْبَـى، على بناءِ فُعْلَى: أَعْرَضُ ضِلَعٍ في الصدرِ، وإِنما
يكون الناحِزُ في الرُّحْبَيَيْنِ، وهما مَرْجِعا الـمِرْفقين.
والرُّحْبَيانِ:الضِّلَعانِ اللتان تَلِـيانِ الإِبْطَيْنِ في أَعْلَى
الأَضْلاع؛ وقيل: هما مَرْجِعا الـمِرْفقين، واحدهما رُحْبَـى.
وقيل: الرُّحْبـى ما بين مَغْرِز العُنق إِلى مُنْقَطَعِ الشَّراسِـيف؛
وقيل: هي ما بين ضِلَعَي أَصل العُنق إِلى مَرْجع الكَتِف. والرُّحْبـى: سِمةٌ تَسِمُ بها العرَبُ على جَنْبِ البَعِـير.
والرُّحَيْباءُ من الفرس: أَعْلَى الكَشْحَيْنِ، وهما رُحَيْباوانِ.
الأَزهري: الرُّحْبَـى مَنْبِضُ القَلْبِ من الدَّوابِّ والانسانِ أَي
مكانُ نَبْض قلبه وخَفَقانِه. ورَحْبةُ مالك بن طَوْقٍ: مَدينةٌ أَحْدَثَها مالكٌ على شاطِـئِ الفُراتِ.
ورُحابةُ: موضعٌ معروفٌ.
ابن شميل: الرِّحابُ في الأَودية، الواحدة رحْبةٌ، وهي مواضع
مُتَواطِئةٌ يَسْتَنْقِـعُ فيها الماءُ، وهي أَسْرَعُ الأَرض نباتاً، تكون عند مُنْتَهَى الوادِي، وفي وَسَطِه، وقد تكون في المكانِ الـمُشْرِف، يَسْتَنْقِـعُ فيها الماءُ، وما حَوْلَها مُشْرِفٌ عليها، وإِذا كانت في الأَرضِ الـمُسْتَوِيَةِ نزلَها الناسُ، وإِذا كانت في بطن الـمَسايِل لم يَنْزلْها الناسُ؛ فإِذا كانت في بطن الوادي، فهي أُقْنَةٌ أَي حُفْرةٌ تُمْسِكُ الماءَ، ليست بالقَعِـيرة جِدّاً، وسَعَتُها قَدْرُ غلْوةٍ، والناسُ يَنْزِلُون ناحيةً منها، ولا تكون الرِّحابُ في الرَّمل، وتكون في بطون الأَرضِ، وفي ظَواهِرِها.
وبنُو رَحْبةَ: بَطْنٌ مِن حِمْيَر. وبنُو رَحَبٍ: بَطْن من هَمْدانَ.
وأَرْحَبُ: قَبِـيلَةٌ من هَمْدانَ.
وبنُو أَرْحَبَ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، إِليهم تُنْسَبُ النَّجائبُ
الأَرْحَبِـيَّةُ. قال الكميت، شاهداً على القبيلة بني أَرْحَبَ.
يَقُولونَ: لَمْ يُورَثْ، ولَوْلا تُراثُه، * لقد شَرِكَتْ فيه بَكِـيلٌ وأَرْحَبُ
الليث: أَرْحَبُ حَيٌّ، أَو موضع يُنْسَبُ إِليه النَّجائبُ الأَرْحَبِـيَّةُ؛ قال الأَزهري: ويحتمل أَن يكون أَرْحَبُ فَحْلاً تُنْسَبُ إِليه
النجائب، لأَنها من نَسْلِه.
والرَّحِـيبُ: الأَكُولُ. ومَرْحَبٌ: اسم.
ومَرْحَبٌ: فَرَسُ عبدِاللّه بن عَبْدٍ.
والرُّحابةُ: أُطُمٌ بالمدينة؛ وقول النابغة الجعدي:
وبعضُ الأَخِلاَّءِ، عِنْدَ البَلا * ءِ والرُّزْءِ، أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبِ
وكيفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ * خَلالَـتُه كأَبِـي مَرْحَبِ؟
أَراد كخَلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ، يَعْنِـي به الظِّلَّ.
خيس: الخَيْسُ، بالفتح: مصدر خاسَ الشيءُ يَخِيسُ خَيْساً تَغَيَّرَ
وفَسَد وأَنْتَن. وخاسَتِ الجيفة أَي أَرْوَحَتْ. وخاسَ الطعامُ والبيع
خَيْساً: كَسَدَ حتى فسد، وهو من ذلك كأَنه كَسَدَ حتى فسد. قال الليث: يقال
للشيء يبقى في موضع فيَفْسُد ويتغير كالجوز والتمر: خائسٌ، وقد خاسَ
يَخِيسُ، فإِذا أَنتن، فهو مَغِلٌ، قال: والزاي في الجوز واللحم أَحسن من
السين.
وخَيَّسَ الشيءَ: لَيَّنَه. وخيَّسَ الرجلَ والدابة تَخْيِيساً
وخاسَهما: ذللهما. وخاسَ هو: ذَلَّ ويقال: إِنْ فعل فلان كذا فإِنه يُخاسُ
أَنْفُه أَي يُذَلُّ أَنفه. والتَّخْيِيس: التذليل.
الليث: خُوسَ المُتَخَيِّسُ وهو الذي قد ظهر لحمه وشحمه من السمن. وقال
الليث: الإِنسان يُخَيَّسُ في المُخَيَّسِ حتى يبلغ شدّة الغمّ والأَذَى
ويذلّ ويهان، يقال: قد خاسَ فيه. وفي الحديث: أَن رجلاً سار معه على جمل
قد نَوَّقَه وخَيَّسه؛ أَي راضه وذلله بالركوب. وفي حديث معاوية: أَنه
كتب إِلى الحسين بن علي، رضوان اللَّه عليه: إِني لم أَكِسْك ولم أَخِسْك
أَي لم أُذِلَّكَ ولم أُهِنْكَ ولم أُخْلِفْكَ وَعْداً. ومنه المُخَيَّسُ
وهو سِجْنٌ كان بالعراق؛ قال ابن سيده: والمُخَيَّسُ السجن لأَنه
يُخَيِّسُ المحبوسين وهو موضع التذليل، وبه سمي سجن الحجاجك مُخَيَِّساً، وقيل:
هو سجن بالكوفة بناه أَمير المؤمنين علي بن أَبي طالب، رضوان اللَّه
عليه. وفي حديث علي: أَنه بنى حَبْساً وسماه المُخَيَّسَ؛ وقال:
أَما تَراني كَيِّساً مُكَيّسا،
بَنَيْتُ بعد نافِعٍ مُخَيَّسا
باباً كبيراً وأَمِيناً كُيِّسا
نافع: سجن بالكوفة كان غير مستوثق البناء، وكان من قَصَب فكان المحبوسون
يَهْرُبُون منه، وقيل: إِنه نقب وأُفْلِتَ منه المُحَبَّسون فهدمه علي،
رضي اللَّه عنه، وبنى المُخَيَّسُ لهم من مَدَرٍ. وكل سجن مُخَيَّسٌ
ومُخَيَّسٌ أَيضاً؛ قال الفرزدق:
فلم يَبْقَ إِلا داخِرٌ في مُخَيَّسٍ،
ومُنْجَحِرٌ في غيرِ أَرْضِكَ في جُحْرِ
والإِبل المُخَيَّسَةُ: التي لم تُسَرَّحْ، ولكنها خُيِّسَتْ للنحر أَو
القَسْم؛ وأَنشد للنابغة:
والأُدْمُ قد خُيِّسَتْ فُتْلاً مَرافِقُها،
مَشدودةً برحالِ الحِيرَةِ الجُدُدِ
وقال أَبو بكر في قولهم: دَعْ فلاناً يَخِيسُ، معناه دعه يلزم موضعه
الذي يلازمه، والسجن يسمى مُخَيَّساً لأَنه يُخَيَّسُ فيه الناس ويُلْزَمُون
نزوله. والمُخَيَّسُ، بالفتح: موضع التخييس، وبالكسر: فاعله.
وخاس الرجلَ خَيْساً: أَعطاه بسِلْعَتِه ثمناً مّا ثم أَعطاه أَنقص منه،
وكذلك إِذا وعده بشيء ثم أَعطاه أَنقص مما وعده به. وخاسَ عَهْدَه
وبعهده: نقضه وخانه. وخاسَ فلانٌ ما كان عليه أَي غَدَرَ به. وقال الليث: خاسَ
فلانٌ بوعده يَخِيسُ إِذا أَخلف، وخاسَ بعهده إِذا غَدَر ونَكَثَ.
الجوهري: خاسَ به يَخِيسُ ويَخُوس أَي غدر به، وفي الحديث: لا أَخِيسُ بالعهد؛
أَي لا أَنقضه.
والخَيْسُ: الخير. يقال: ما لَه قَلَّ خَيْسُه. والخَيْسُ: الغم، يقال
للصبي: ما أَظرفه قَلَّ خَيْسُه أَي قل غمه؛ وقال ثعلب: معنى قَلَّ
خَيْسُه قلت حركته، قال: وليست بالعالية.
والخِيْسُ: الدَّرُّ، قال أَبو منصور: وروى عمرو عن أَبيه في قول العرب
أَقَلَّ اللَّهُ خِيسَه أَي دَرَّه، وعُرِضَ على الرياشي يدعو العربُ
بعضُهم لبعض فيقول: أَقَلَّ اللَّه خِيسَكَ أَي لَبَنَكَ، فقال: نعم العرب
تقول هذا إِلا أَن الأَصمعي لم يعرفه. وروي عن أَبي سعيد أَنه قال: قَلَّ
خَيسُ فلان أَي قَلَّ خَطَؤُه. ويقال: أَقْلِلْ من خَيسِك أَي من كذبك.
والخِيسُ،. بالكسر، والخِيسَةُ: الشجر الكثير الملتف. وقال أَبو حنيفة:
الخِيسُ والخِيسَةُ المجتمع من كل الشجر. وقال مرة: هو الملتف من القَصَبِ
والأَشاء والنَخْلِ؛ هذا تعبير أَبي حنيفة، وقيل: لا يكون خيْساً حتى
تكون فيه حَلْفاء. والخِيسُ: مَنْبِتُ الطَّرْفاء واَنواع الشجر. وخِيسٌ
أَخْيَسُ: مستحكِم؛ قال:
أَلْجأَهُ لَفْحُ الصِّبا وأَدْمَسا،
والطَّلُّ في خِيسِ أَراطى أَخْيَسا
وجَمْعُ الخِيسِ أَخْياسٌ. وموضع الأَسد أَيضاً: خِيسٌ، قال
الصَّيْداويُّ: سأَلت الرِّياشي عن الخِيسة فقال: الأَجَمَة؛ وأَنشد:
لِحاهُمُ كأَنها أَخْياسُ
ويقال: فلان في عِيصٍ أَخْيَسَ أو عددٍ أَخْيَسَ أَي كثير العدد؛ وقال
جَنْدَل:
وإِنَّ عِيصي عِيصُ عِزٍّ أَخْيَسُ،
أَلَفُّ تَحْمِيهِ صَفاةٌ عِرْمِسُ
أَبو عبيد: الخِيسُ الأَجَمَة، والخِيسُ: ما تَجَمَّع في أُصول النخلة
مع الأَرض، وما فوق ذلك الركائب. ومُخَيَّس: اسم صنم لبني القَيْنِ.
فصل: الليث: الفَصْل بَوْنُ ما بين الشيئين. والفَصْل من الجسد: موضع
المَفْصِل، وبين كل فَصْلَيْن وَصْل؛ وأَنشد:
وَصْلاً وفَصْلاً وتَجْميعاً ومُفْتَرقاً،
فَتْقاً ورَتْقاً وتأْلِيفاً لإِنسان ابن سيده: الفَصْل الحاجِز بين
الشيئين، فَصَل بينهما يفصِل فَصْلاً فانفصَل، وفَصَلْت الشيء فانصَل أَي
قطعته فانقطع.
والمَفْصِل: واحد مَفاصِل الأَعضاء. والانْفصال: مطاوِع فصَل.
والمَفْصِل: كل ملتقى عظمين من الجسد. وفي حديث النخعي: في كل مَفْصِل من الإِنسان
ثلُث دِيَة الإِصبع؛ يريد مَفْصِل الأَصابع وهو ما بين كل أَنْمُلَتين.
والفاصِلة: الخَرزة التي تفصِل بين الخَرزتين في النِّظام، وقد فَصَّلَ
النَّظْمَ. وعِقْد مفصَّل أَي جعل بين كل لؤلؤتين خرزة. والفَصْل: القضاء
بين الحق والباطل، واسم ذلك القَضاء الذي يَفْصِل بينهما فَيْصَل، وهو
قضاء فَيْصَل وفاصِل. وذكر الزجاج: أَن الفاصِل صفة من صفات الله عز وجل
يفصِل القضاء بين الخلق.
وقوله عز وجل: هذا يوم الفَصْل؛ أَي هذا يوم يفصَل فيه بين المحسن
والمسيء ويجازي كل بعمله وبما يتفضل الله به على عبده المسلم. ويوم الفَصْل:
هو يوم القيامة، قال الله عز وجل: وما أَدراك ما يومُ الفَصْل. وقَوْل
فَصْل: حقٌّ ليس بباطل. وفي التنزيل العزيز: إِنَّه لقَوْل فَصْل. وفي صفة
كلام سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فَصْل لا نَزْر ولا هَذْر أَي
بيِّن ظاهر يفصِل بين الحق والباطل؛ ومنه قوله تعالى: إِنه لقول فَصْل؛
أَي فاصِل قاطِع، ومنه يقال: فَصَل بين الخَصْمين، والنَّزْر القليل،
والهَذْر الكثير. وقوله عز وجل: وفَصْل الخطاب؛ قيل: هو البيّنة على المدَّعى
واليمين على المدَّعي عليه، وقيل: هو أَن يفصِل بين الحق والباطل؛ ومنه
قوله: إِنه لقول فَصْل؛ أَي يفصِل بين الحق والباطل، ولولا كلمة الفَصْل
لقضي بينهم. وفي حديث وَفْدِ عبد القيس: فمُرْنا بأَمر فَصْل أَي لا رجعة
فيه ولا مردَّ له.
وفَصَل من الناحية أَي خرج. وفي الحديث: من فَصَل في سبيل الله فمات أَو
قتِل فهو شهيد أَي خرج من منزله وبلده. وفاصَلْت شريكي.
والتفصيل: التبيين. وفَصَّل القَصَّاب الشاةَ أَي عَضَّاها.
والفَيْصَل: الحاكم، ويقال القضاء بين الحق والباطل، وقد فَصَل الحكم.
وحكم فاصِل وفَيْصَل: ماض، وحكومة فَيْصَل كذلك. وطعنة فَيْصَل: تفصِل بين
القِرْنَيْن. وفي حديث ابن عمر: كانت الفَيْصَل بيني وبينه أَي القطيعة
التامة، والياء زائدة. وفي حديث ابن جبير: فلو علم بها لكانت الفَيْصَل
بيني وبينه.
والفِصال: الفِطام؛ قال الله تعالى: وحَملُه وفِصالُه ثلاثون شهراً؛
المعنى ومَدى حَمْلِ المرأَة إِلى منتهى الوقت الذي يُفْصَل فيه الولد عن
رَضاعها ثلاثون شهراً؛ وفَصَلت المرأَة ولدها أَي فطمَتْه. وفَصَل المولودَ
عن الرضاع يَفْصِله فَصْلاً وفِصالاً وافْتَصَلَه: فَطَمه، والاسم
الفِصال، وقال اللحياني: فَصَلته أُمُّه، ولم يخص نوعاً. وفي الحديث: لا رَضاع
بعد فِصال، قال ابن الأَثير: أَي بعد أَن يُفْصَل الولد عن أُمِّه، وبه
سمي الفَصِيل من أَولاد الإِبل، فَعِيل بمعنى مَفْعول، وأَكثر ما يطلق في
الإِبل، قال: وقد يقال في البقر؛ ومنه حديث أَصحاب الغار: فاشتريت به
فَصِيلاً من البقر، وفي رواية: فَصِيلةً، وهو ما فُصِل عن اللبن من أَولاد
البقر. والفَصِيل: ولد الناقة إِذا فُصِل عن أُمه، والجمع فُصْلان
وفِصال، فمن قال فُصْلان فعلى التسمية كما قالوا حرث وعبَّاس، قال سيبويه:
وقالوا فِصْلان شبهوه بغُراب وغِرْبان، يعني أَن حكْم فَعِيل أَن يكسَّر على
فُعْلان، بالضم، وحكم فُعال أَن يكسَّر على فِعْلان، لكنهم قد أَدخلوا
عليه فَعِيلاً لمساواته في العدَّة وحروف اللين، ومنْ قال فِصال فعلى الصفة
كقولهم الحرث والعبَّاس، والأُنثى فَصِيلة.
ثعلب: الفَصِيلة القطعة من أَعضاء الجسد وهي دون القَبيلة. وفَصِيلة
الرجل: عَشِيرته ورَهْطه الأَدْنَوْن، وقيل: أَقرب آبائه إِليه؛ عن ثعلب،
وكان يقال لعباس فَصِيلة النبي، صلى الله عليه وسلم؛ قال ابن الأَثير:
الفَصِيلة من أَقرب عَشِيرة الإِنسان، وأَصل الفَصِيلة قطعة من لحم الفخِذ؛
حكاه عن الهروي. وفي التنزيل العزيز: وفَصِيلته التي تُؤْوِيِه. وقال
الليث: الفَصِيلة فخذ الرجل من قومه الذين هو منهم، يقال: جاؤوا بفَصِيلَتهم
أَي بأَجمعهم.
والفَصْل: واحد الفُصول.
والفاصِلة التي في الحديث: من أَنفق نفقة فاصلة في سبيل الله فبسبعمائة،
وفي رواية فله من الأَجْر كذا، تفسيرها في الحديث أَنها التي فَصَلَتْ
بين إِيمانه وكفره، وقيل: يقطعها من ماله ويَفْصِل بينها وبين مال نفسه.
وفَصَلَ عن بلد كذا يَفْصِلُ فُصُولاً؛ قال أَبو ذؤَيب:
وَشِيكُ الفُصُول، بعيدُ الغُفُو
ل، إِلاَّ مُشاحاً به أَو مُشِيحا
ويروى: وَشِيك الفُضُول. ويقال: فَصَل فلان من عندي فُصُولاً إِذا خرج،
وفَصَل مني إِليه كتاب إِذا نفذ؛ قال الله عز وجل: ولما فَصَلَتِ
العِيرُ؛ أَي خرجت، فَفَصَلَ يكون لازماً وواقعاً، وإِذا كان واقعاً فمصدره
الفَصْل، وإِذا كان لازماً فمصدره الفصُول. والفَصِيل: حائط دون الحِصْن، وفي
التهذيب: حائط قصير دون سُورِ المدينة والحِصْن. وفَصَل الكَرْمُ: ظهر
حبُّه صغيراً أَمثال البُلْسُنِ.
والفَصْلة: النخلة المَنْقولة المحوَّلة وقد افْتَصَلَها عن موضعها؛ هذه
عن أَبي حنيفة. وقال هجري: خير النخل ما حوِّل فسيله عن منبته،
والفَسِيلة المحوَّلة تسمى الفَصْلة، وهي الفَصْلات، وقد افتصلنا فَصْلات كثيرة
في هذه السنة أَي حوَّلناها.
ويقال: فَصَّلْت الوِشاح إِذا كان نظمه مفصّلاً بأَن يجعل بين كل
لؤلؤتين مَرْجانة أَو شَذْرة أَو جوهرة تفصل بين كل اثنتين من لون واحد.
وتَفْصيل الجَزور: تَعْضِيَتُه، وكذلك الشاة تفصَّل أَعضاء.
والمفاصِل: الحجارة الصُّلْبة المُتَراصِفة، وقيل: المَفاصِل ما بين
الجَبلين، وقيل: هي منفصَل الجبل من الرمْلة يكون بينها رَضْراض وحصى صِغار
فيَصْفو ماؤه ويَرِقُّ؛ قال أَبو ذؤيب:
مَطافِيلَ أَبكار حديثٍ نِتاجُها،
يُشاب بماء مثل ماء المفاصِل
هو جمع المَفْصِل، وأَراد صفاء الماء لانحداره من الجبال لا يمرُّ بتراب
ولا بطين، وقيل: ماء المَفاصِل هنا شيء يسيل من بين المَفْصِلين إِذا
قطع أَحدهما من الآخر شبيه بالماء الصافي، واحدها مَفْصِل. التهذيب:
المَفْصِل كل مكان في الجبل لا تطلع عليه الشمس، وأَنشد بيت الهذلي، وقال أَبو
عمرو: المَفْصِل مَفْرق ما بين الجبل والسَّهْل، قال: وكل موضعٍ مَّا بين
جبلين يجري فيه الماء فهو مَفْصِل. وقال أَبو العميثل: المَفاصِل صُدوع
في الجبال يسيل منها الماء، وإِنما يقال لما بين الجبلين الشِّعب. وفي
حديث أَنس: كان على بطنه فَصِيل من حجر أَي قطعة منه، فَعِيل بمعنى مفعول.
والمَفْصِل، بفتح الميم: اللسان؛ قال حسان:
كِلْتاهما عَرق الزُّجاجة، فاسْقِني
بزُجاجة أَرْخاهما للمَفْصِل
ويروى المِفْصَل، وفي الصحاح: والمِفْصَل، بالكسر، اللسان؛ وأَنشد ابن
بري بيت حسان:
كلتاهما حَلَب العَصِير، فعاطِني
بزُجاجة أَرخاهما للمِفْصَل
والفَصْل: كلُّ عَرُوض بُنِيت على ما لا يكون في الحَشْو إِمَّا صحة
وإِمَّا إِعلال كمَفاعِلن في الطويل، فإِنها فَصْل لأَنها قد لزمها ما لا
يلزم الحَشْو لأَن أَصلها إِنما هو مَفاعيلن، ومفاعيلن في الحَشْو على
ثلاثة أَوجه: مفاعيلن ومَفاعِلن ومفاعيلُ، والعَروض قد لزمها مَفاعِلن فهي
فَصْل، وكذلك كل ما لزمه جنس واحد لا يلزم الحَشْو، وكذلك فَعِلن في البسيط
فَصْل أَيضاً؛ قال أَبو إِسحق: وما أَقلّ غير الفُصُول في الأَعارِيض،
وزعم الخليل أَن مُسْتَفْعِلُن في عَروض المُنْسَرِح فَصْل، وكذلك زعم
الأَخفش؛ قال الزجاج: وهو كما قال لأَن مستفعلن هنا لا يجوز فيها فعلتن فهي
فَصْل إِذ لزمها ما لا يلزم الحَشْو، وإِنما سمي فَصْلاً لأَنه النصف من
البيت.
والفاصِلة الصغرى من أَجزاء البيت: هي السببان المقرونان، وهو ثلاث
متحركات بعدها ساكن نحو مُتَفا من مُتَفاعِلُن وعلتن من مفاعلتن، فإِذا كانت
أَربع حركات بعدها ساكن مثل فَعَلتن فهي الفاصِلة الكُبْرى، قال: وإِنما
بدأْنا بالصغرى لأَنها أَبسط من الكُبْرى؛ الخليل: الفاصِلة في العَروض
أَن يجتمع ثلاثة أَحرف متحركة والرابع ساكن مثل فَعَلَت، قال: فإِن اجتمعت
أَربعة أَحرف متحركة فهي الفاضِلة، بالضاد المعجمة، مثل فعَلتن.
قال: والفَصل عند البصريين بمنزلة العِماد عند الكوفيين، كقوله عز وجل:
إِن كان هذا هو الحقَّ من عندك؛ فقوله هو فَصْل وعِماد، ونُصِب الحق
لأَنه خبر كان ودخلتْ هو للفَصْل، وأَواخر الآيات في كتاب الله فَواصِل
بمنزلة قَوافي الشعر، جلَّ كتاب الله عز وجل، واحدتها فاصِلة.
وقوله عز وجل: كتاب فصَّلناه، له معنيان: أَحدهما تَفْصِيل آياتِه
بالفواصِل، والمعنى الثاني في فَصَّلناه بيَّنَّاه. وقوله عز وجل: آيات
مفصَّلات، بين كل آيتين فَصْل تمضي هذه وتأْتي هذه، بين كل آيتين مهلة، وقيل:
مفصَّلات مبيَّنات، والله أَعلم، وسمي المُفَصَّل مَفصَّلاً لقِصَر أَعداد
سُوَرِه من الآي. وفُصَيْلة: اسم.
شذر: الشَّذْر: قِطَعٌ من الذهب يُلْقَطُ من المعْدِن من غير إِذابة
الحجارة، ومما يصاغ من الذهب فرائد يفصل بها اللؤلؤ والجوهر. والشَّذْرُ
أَيضاً: صغار اللؤلؤ، شبهها بالشذر لبياضها. وقال شمر: الشَّذْرُ هَنَاتٌ
صِغار كأَنها رؤوس النمل من الذهب تجعل في الخَوْقِ وقيل: هو خَرَزٌ يفصل
به النَّظْمُ، وقيل: هو اللؤلؤ الصغير، واحدته شَذْرَةٌ؛ قال الشاعر:
ذَهِبَ لَمَّا أَنْ رآها ثُرْمُلَهْ،
وقالَ: يا قَوْم رَأَيْتُ مُنْكَرَه،
شَذْرةَ وَادٍ، وَرَأَيْتُ الزُّهَرَهْ
وأَنشد شَمِرٌ للمَرَّارِ الأَسَدِيّ يصف ظَبْياً:
أَتَيْنَ على اليَمِينِ، كَأَنَّ شَذْراً
تَتابَعَ في النِّظامِ لَه زَلِيلُ
وشَذَّرَ النَّظْمَ: فَصَّلَهُ. فأَما قولهم: شَذَّر كلامَه بِشِعِرٍ،
فمولَّد وهو على المَثَلِ. والتَّشَذُّرُ: النَّشاطُ والسُّرْعة في
الأَمر. وتَشَذَّرَتِ الناقةُ إِذا رأَت رِعْياً يَسُرُّها فحرّكت برأْسها
مَرَحاً وفَرَحاً. والتَّشَذُّر: التَّهَدُّدُ؛ ومنه قول سليمان ابن صُرَد:
بلغني عن أَمير المؤمنين ذَرْءٌ من قول تَشَذَّرَ لي فيه بشَتْمٍ وإِيعاد
فَسِرْتُ إِليه جَوَاداً أَي مسرعاً؛ قال أَبو عبيد: لست أَشك فيها
بالذال، قال: وقال بعضهم تَشَزَّرَ، بالزاي، كأَنه من النظر الشَّزْر، وهو
نَظَرُ المُغْضَبِ، وقيل: التَّشَذُّر التَّهيُّؤُ للشَّرِّ، وقيل:
التَّشَذُّرُ التوعد والتَّهَدُّدُ؛ وقال لبيد:
غُلْبٌ تَشَذَّرُ بالذُّحُولٍ، كأَنها
جِنُّ البَدِيِّ، رَوَاسِياً أَقْدَامُها
ابن الأَعرابي: تَشَذَّرَ فلان وتَقَتَّرَ إِذا تَشَمَّرَ وتَهَيَّأَ
للحَمْلَة. وفي حديث حُنَينٍ: أَرى كتيبة حَرْشَفٍ كأَنهم قد تَشَذَّرُوا
أَي تهيَّأُوا لها وتأَهَّبُوا. ويقال: شَذَّرَ به وشَتَّرَ به إِذا
سَمَّعَ به. ويقال للقوم في الحرب إِذا تطاولوا: تَشَذَّرُوا. وتَشَذَّرَ
فُلانٌ إِذا تهيأَ للقتال. وتَشَذَّرَ فَرَسَهُ أَي ركبه من ورائه.
وتَشَذَّرَتِ الناقةُ: جَمَعَتْ قُطْرَيْها وشالت بذنبها. وتَشَذَّرَ السَّوْطُ:
مال وتحرَّك؛ قال:
وكانَ ابنُ أَجْمالٍ، إِذا ما تَشَذَّرَتْ
صُدُورُ السِّياطِ، شَرْعُهُنَّ المُخَوَّفُ
وتَشَذَّرَ القومُ: تفرقوا. وذهبوا في كل وجه شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ
مِذَرَ وبِذَرَ أَي ذهبوا في كل وجه، ولا يقال ذلك في الإِقْبال؛ وذهبت غنمك
شَذَرَ مَذَرَ وشِذَرَ مِذَرَ: كذلك. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
أَن عمر، رضي الله عنه، شَرَّدَ الشِّرْكَ شَذَرَ مَذَرَ أَي فرّقه
وبَدَّده في كل وجه، ويروى بكسر الشين والميم وفتحهما. والتَّشَذُّرُ بالثوب
وبالذَّنَبِ: هو الاستثفار به.
والشَّوْذَرُ: الإِتْبُ، وهو بُرْدٌ يُشَقُّ ثم تلقيه المرأَة في عنقها
من غير كُمَّيْنِ ولا جَيْب؛ قال:
مُنْضَرِجٌ عَنْ جانِبَيْهِ الشَّوْذَرُ
وقيل: هو الإِزار، وقيل: هو المِلْحَفَةُ، فارسي معرب، أَصله شاذَر
وقيل: جاذَر. وقال الفراء: الشَّوْذَرُ هو الذي تلبسه المرأَة تحت ثوبها،
وقال الليث: الشَّوْذَرُ ثوب تَجْتابُه المرأَة والجارية إِلى طَرَفِ
عَضُدها، والله أَعلم.
شثث: الشَّثُّ: الكثير من كل شيء. والشَّثُّ: ضَرْب من الشجر؛ قال ابن
سيده: كذا حكاه ابن دريد، وأَنشد:
بوادٍ يمانٍ يُنْبِتُ الشَّثَّ فَرْعُه،
وأَسْفَلُه بالمَرْخِ والشَّبَهانِ
وقيل: الشَّثُّ شجر طَيِّبُ الريح، مُرُّ الطَّعْم يُدْبَغُ به؛ قال
أَبو الدُّقَيْشِ: ويَنْبُتُ في جبال الغَوْر، وتِهامة ونجْدٍ؛ قال الشاعر
يصف طبقات النساء:
فمنهنَّ مِثْلُ الشَّثِّ، يُعْجِبْكَ رِيحُه،
وفي غَيْبهِ سُوءُ المَذاقةِ والطَّعْمِ
واحْتاج فسَكَّنَ، كقول جرير:
سِيرُوا بني العَمِّ، فالأَهْوازُ مَنْزِلُكُمْ،
ونَهْرُ تِيرى، ولا تَعْرِفْكُمُ العربُ
وقد أَورد الأَزهري هذا البيت:
فمِنْهُنَّ مِثْلُ الشَّثِّ يُعْجِبُ رِيحُه
الأَصمعي: الشَّثُّ من شجر الجبال؛ قال تأَبط شرّاً:
كأَنَّما حَثْحَثُوا حُصّاً قَوادِمُه،
أَوْ أُمَّ خِشْفٍ، بذي شَثٍّ وطُبَّاقِ
قال الأَصمعي: هما نبتان. وفي الحديث: أَنه مَرَّ بشاةٍ مَيِّتةٍ؛ فقال
عن جِلْدها: أَليس في الشَّثِّ والقَرَظِ ما يُطَهِّرهُ؟ قال: الشَّثُّ
ما ذكرناه؛ والقَرَظُ: وَرَقُ السَّلَم، يُدبغ بهما؛ قال ابن الأَثير:
هكذا يروى الحديث بالثاء المثلثة، قال: وكذا يَتَداولُه الفقهاءُ في كتبهم
وأَلفاظهم. وقال الأَزهري في كتاب لغة الفقه: إِن الشَّبَّ، يعني بالباء
الموحدة، هو من الجواهر التي أَنبتها الله في الأَرض، يُدْبَغ به شِبه
الزاج، قال: والسَّمَاعُ بالباء، وقد صحفه بعضهم فقاله بالمثلثة، وهو شجر
مُرُّ الطَّعْم، قال: ولا أَدْري، أَيُدبغ به أَم لا؟ وقال الشافعي في
الأُم: الدِّباغ بكلِّ ما دَبَغَتْ به العربُ، من قَرَظ وشَبٍّ، بالباء
الموحدة. وفي حديث ابن الحَنَفِيَّة، ذكَر رجلاً يَلي الأَمْرَ بعد
السُّفْياني فقال: يكون بين شَثٍّ وطُبَّاقٍ؛ الطُبَّاقُ: شجر يَنْبُت بالحجاز إِلى
الطائف؛ أَراد أَن مَخْرَجَه ومُقامه المواضع التي يَنْبُتُ بها
الشَّثُّ والطُّبَّاقُ؛ وقيل: الشَّثُّ جَوْزُ البَرِّ. وقال أَبو حنيفة:
الشَّثُّ شجر مثل شجر التُّفاح القِصار في القَدْر، ووَرَقُه شبيه بورق
الخِلافِ، ولا شَوْكَ له، وله بَرَمةٌ مُورّدةٌ، وسِنَفةٌ صَغيرة، فيها ثلاثُ
حَبَّاتٍ أَو أَربعٌ سُودٌ، مثلُ الشِّئْنِيزِ تَرْعاه الحمامُ إِذا
انْتَثَرَ، واحدتُه شثَّة؛ قال ساعدة بن جؤية:
فذلِكَ ما كُنَّا بسَهْلٍ، ومَرَّةً
إِذا ما رَفَعْنا شَثَّه وصَرائمه
أَبو عمرو: الشَّثُّ النَّحْلُ العَسَّالُ؛ وأَنشد:
حَدِيثُها، إِذْ طالَ فيه النَّثُّ،
أَطْيَبُ من ذَوْبٍ، مَذاهُ الشَّثُّ
الذَّوْبُ: العسلُ. مَذَاه: مَجَّه النحلُ، كما يَمْذِي الرجلُ
المَذْيَ.
قحب: قَحَبَ يَقْحُبُ قُحاباً وقَحْباً إِذا سَعَلَ؛ ويقال: أَخذه سُعالٌ قاحِبٌ.
والقَحْبُ: سُعالُ الشَّيخ، وسُعال الكلب. ومن أَمراض الإِبل القُحابُ: وهو السُّعالُ؛ قال الجوهري: القُحابُ سُعال الخيل والإِبل، وربما جُعِل للناس. الأَزهري: القُحابُ السُّعال، فعَمَّ ولم يخصص.
ابن سيده: قَحَبَ البعيرُ يَقْحُبُ قَحْباً وقُحاباً: سَعَلَ؛ ولا يَقْحُبُ منها إِلاَّ الناحِزُ أَو الـمُغِدُّ. وقَحَبَ الرجلُ والكلبُ، وقَحَّبَ: سَعَل.
ورجل قَحْبٌ، وامرأَة قَحْبة: كثيرة السُّعال مع الـهَرَم؛ وقيل: هما
الكثيرا السُّعال مع هَرَم أَو غير هَرَم؛ وقيل: أَصل القُحاب في الإِبل، وهو فيما سوى ذلك مستعار. وبالدابة قَحْبة أَي سُعال. وسُعال قاحبٌ: شديد.والقُحابُ: فساد الجَوْف. الأَزهري: أَهل اليمن يُسَمّون المرأَةَ الـمُسِنَّة قَحْبةٌ. ويُقال للعجوز: القَحْبةُ والقَحْمَةُ؛ قال: وكذلك يقال لكل كبيرة من الغنم مُسِنَّةٍ؛ قال ابن سيده: القَحْبةُ الـمُسنة من الغنم وغيرها؛ والقحْبةُ كلمة مولدة. قال الأَزهري: قيل للبَغِـيِّ قَحْبة، لأَنها كانت في الجاهلية تُؤْذِن
طُلاَّبَها بقُحابها، وهو سُعالها. ابن سيده: القَحْبة الفاجرة، وأَصلُها من السُّعال، أَرادوا أَنها تَسْعُلُ، أَو تَتَنَحْنَحُ تَرمُزُ به؛ قال أَبو زيد: عجوز قَحْبةٌ، وشيخ قَحْبٌ، وهو الذي يأْخذه السُّعال؛ وأَنشد غيره:
شَيَّبني قبلَ إِنَى وَقْتِ الـهَرَمْ، * كلُّ عجوز قَحْبةٍ فيها صَمَمْ
ويقال: أَتَينَ نساءٌ يَقْحُبنَ أَي يَسْعُلن؛ ويقال للشابّ إِذا سَعَل:
عُمْراً وشَباباً، وللشيخ: وَرْياً وقُحاباً. وفي التهذيب: يقال للبغيضِ
إِذا سَعَلَ وَرْياً وقُحاباً؛ وللـحَبِـيبِ إِذا سَعَل: عُمْراً وشَباباً.
رمل: الرَّمْل: نوع معروف من التراب، وجمعه الرِّمال، والقطعة منها
رَمْلة؛ ابن سيده: واحدته رَمْلة، وبه سميت المرأَة، وهي الرِّمال
والأَرْمُلُ؛ قال العجاج:
يَقْطَعْنَ عَرض الأَرض بالتمحُّل،
جَوْزَ الفَلا، من أَرْمُل وأَرْمُل
ورَمَّل الطعامَ: جعل فيه الرَّمْل. وفي حديث الحُمُر الأَهلية: أَمر
أَن تُكْفأ القُدور وأَن يُرَمَّل اللحم بالتراب أَي يُلَتّ بالتراب لئلا
ينتفع به. ورَمَّل الثوب ونحوه: لَطَّخه بالدم، ويقال: أَرْمَلَ السهم
إِرْمالاً إِذا أَصابه الدم فبقي أَثره؛ وقال أَبو النجم يصف سهاماً:
مُحْمَرَّة الرِّيش على ارْتِمالها،
من عَلَقٍ أَقْبَل في شِكالها
(* قوله «شكالها» هكذا في الأصل وشرح القاموس، والذي في التكملة: سعالها
بالمهملتين مضبوطاً بضم السين).
ويقال: رُمِّل فلان بالدم وضُمِّخ بالدم وضُرِّج بالدم كُلُّه إِذا
لُطِّخَ به، وقد تَرَمَّل بدمه. الجوهري: رَمَّله بالدم فتَرَمَّل وارْتَمَلَ
أَي تَلَطَّخ؛ قال أَبو أَخزم الطائي:
إِنَّ بَنِيَّ رَمَّلوني بالدَّمِ،
شِنْشِنةٌ أَعْرِفها من أَخْزَمِ
ورَمَلَ النَّسْجَ يَرْمُله رَمْلاً ورَمَّله وأَرمله: رَقَّقه. ورَمَل
السريرَ والحصيرَ يَرْمُله رَمْلاً: زيَّنه بالجوهر ونحوه. أَبو عبيد:
رَمَلْت الحصيرَ وأَرملته، فهو مَرْمول ومُرْمَل إِذا نَسَجته وسَقَفْته.
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان مضطجعاً على رُمال سَرير
قد أَثَّر في جنبه؛ قال الشاعر:
إِذ لا يزال على طريقٍ لاحِب،
وكأَنَّ صَفْحته حَصيرٌ مُرْمَل
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: دخلت على رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
وإِذا هو جالس على رُمال سرير، وفي رواية: حَصِير؛ الرُّمالُ: ما رُمِل
أَي نُسِج؛ قال الزمخشري: ونظيره الحُطام والرُّكام لما حُطِم ورُكِم، وقال
غيره: الرِّمال جمع رَمْل بمعنى مَرْمُول كَخَلْق الله بمعنى مخلوقه،
والمراد أَنه كان السرير قد نُسِج وجهه بالسَّعَف ولم يكن على السرير وِطاء
سوى الحَصِير. والرَّوامِل: نواسِج الحَصِير، الواحدة راملة، وقد
أَرمَله؛ وأَنشد أَبو عبيد:
كأَنَّ نَسْج العنكبوت المُرْمَلُ
وقد رَمَل سريره وأَرْمَله إِذا رَمَل شَرِيطاً أَو غيره فجعله ظَهْراً
له. ويقال: خَبِيصٌ مُرْمَل إِذا عُصِد عَصْداً شديداً حتى صارت فيه
طرائق موضونة. وطعام مُرَمَّل إِذا أُلقي فيه الرَّمْل. والرَّمَل، بالتحريك:
الهَرْولة. ورَمَل يَرْمُل رَمَلاً: وهو دون المشي
(* قوله «وهو دون
المشي إلخ» هكذا في الأصل وشرح القاموس: ولعله فوق المشي ودون العدو) وفوق
العَدْو. ويقال: رَمَل الرَّجلُ يَرْمُل رَمَلاناً ورَمَلاً إِذا أَسرع في
مِشيته وهزَّ منكبيه، وهو في ذلك لا يَنْزُو، والطائف بالبيت يَرْمُل
رَمَلاناً اقتداءً بالنبي، صلى الله عليه وسلم، وبأَصحابه، وذلك بأَنهم
رَمَلوا ليَعْلم أَهلُ مكة أَن بهم قُوَّة؛ وأَنشد المبرد:
ناقته تَرْمُل في النِّقال،
مُتْلِف مالٍ ومُفيد مال
والنِّقال: المُناقَلة، وهو أَن تضع رجليها مواضع يديها؛ ورَمَلْت بين
الصَّفا والمَرْوة رَمَلاً ورَمَلاناً. وفي حديث الطواف: رَمَل ثلاثاً
ومَشَى أَربعاً. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فِيمَ الرَّمَلانُ والكَشْفُ
عن المَناكب وقد أَطَّأَ اللهُ الإِسلام؟ قال ابن الأَثير: يكثر مجيء
المصدر على هذا الوزن في أَنواع الحركة كالنَّزَوان والنَّسَلان والرَّسَفان
وأَشباه ذلك؛ وحكى الحربيُّ فيه قولاً غريباً قال: إِنه تثنية الرَّمَل
وليس مصدراً، وهو أَن يَهُزَّ منكبيه ولا يُسْرع، والسعي أَن يُسرع في
المشي، وأَراد بالرَّمَلين الرَّمَل والسعي، قال: وجاز أَن يقال للرَّمَل
والسعي الرَّمَلانِ، لأَنه لما خَفَّ اسم الرَّمَل وثَقُل اسم السعي غُلِّب
الأَخف فقيل الرَّمَلانِ، كما قالوا القَمَرانِ والعُمَرانِ، قال: وهذا
القول من ذلك الإِمام كما تراه، فإِن الحال التي شُرِع فيها رَمَلُ
الطواف، وقول عُمَر فيه ما قال يشهد بخلافه لأَن رَمَل الطواف هو الذي أَمر به
النبي، صلى الله عليه وسلم، أَصحابه في عُمْرة القضاء ليُري المشركين
قوّتهم حيث قالوا: وهَنَتْهم حُمَّى يَثْرِب وهو مسنون في بعض الأَطواف دون
البعض، وأَما السعي بين الصفا والمروة فهو شِعار قديم من عهد هاجَر
أُمِّ إِسمعيل، عليهما السلام، فإِذاً المراد بقول عمر، رضي الله عنه،
رَمَلانُ الطوافِ وحده الذي سُنَّ لأَجل الكفار، وهو مصدر، قال: وكذلك شَرَحه
أَهل العلم لا خلاف بينهم فيه فليس للتثنية وجه. والرَّمَل: ضرب من عروض
يجيء على فاعلاتن فاعلاتن؛ قال:
لا يُغْلَب النازعُ ما دام الرَّمَل،
ومن أَكَبَّ صامتاً فقد حَمَل
(* هذا البيت من الرجز لا من الرمل).
ابن سيده: الرَّمَل من الشِّعْر كل شعر مهزول غير مؤتَلِف البناء، وهو
مما تُسَمِّي العرب من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً نحو قوله:
أَقْفَرَ من أَهله مَلْحوبُ،
فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
(* قوله «فالقطبيات» هكذا في الأصل بتخفيف الطاء ومثله في القاموس،
وضبطه ياقوت بتشديدها).
ونحو قوله:
أَلا لله قَوْمٌ وَ
لَدَتْ أُختُ بني سَهْم
أَراد ولدتهم، قال: وعامة المَجْزوء يَجْعَلونه رَمَلاً؛ كذا سمع من
العرب؛ قال ابن جني: قوله وهو مما تسمي العرب، مع أَن كل لفظة ولقب استعمله
العَروضيُّون فهو من كلام العرب، تأْويله إِنما استعملته في الموضع الذي
استعمله فيه العَروضيُّون، وليس منقولاً عن موضعه لا نقل العَلَم ولا نقل
التشبيه على ما تقدم من قولك في ذينك، أَلا ترى أَن العَروض والمِصْراع
والقَبْض والعَقْل وغير ذلك من الأَسماء التي استعملها أَصحاب هذه
الصناعة قد تعلقت العربْ بها؟ ولكن ليس في المواضع التي نقلها أَهل هذا العلم
إِليها، إِنما العَروض الخَشَبة التي في وسط البيت المَبْنِيِّ لهم،
والمِصْراع أَحد صِفْقَي الباب فنقل ذلك ونحوه تشبيهاً، وأَما الرَّمَل فإِن
العرب وضعت فيه اللفظة نفسها عبارة عندهم عن الشِّعْر الذي وصفه باضطراب
البناء والنقصان عن الأَصل، فعلى هذا وضعه أَهل هذه الصناعة، لم ينقلوه
نقلاً عَلَمِيًّا ولا نقلاً تشبيهيّاً، قال: وبالجملة فإِن الرَّمَل كل ما
كان غيرَ القَصِيد من الشِّعْر وغَيْرَ الرَّجَز.
وأَرْمَل القومُ: نَفِد زادُهم، وأَرْمَلوه أَنْفدوه؛ قال السُّلَيْك
بن السُّلَكة:
إِذا أَرْمَلوا زاداً، عَقَرْت مَطِيَّةً
تَجُرُّ برجليها السَّرِيحَ المُخَدَّما
وفي حديث أُم مَعْبَد: وكان القوم مُرْمِلينَ مُسْنتين؛ قال أَبو عبيد:
المُرْمِلُ الذي نَفِدَ زاده؛ ومنه حديث أَبي هريرة: كنا مع رسول الله،
صلى الله عليه وسلم، في غَزَاة فأَرْمَلْنا وأَنْفَضْنا؛ ومنه حديث أُم
معبد؛ أَي نَفِد زادهم، قال: وأَصله من الرَّمْل كأَنهم لَصِقوا بالرَّمْلِ
كما قيل للفقير التَّرِبُ.
ورجل أَرْمَل وامرأَة أَرْمَلة: محتاجة، وهم الأَرْمَلة والأَرامِل
والأَرامِلة، كَسَّروه تكسير الأَسماء لقِلَّته، وكُلُّ جماعة من رجال ونساء
أَو رجال دون نساء أَو نساء دون رجال أَرْمَلةٌ، بعد أَن يكونوا محتاجين.
ويقال للفقير الذي لا يقدر على شيء من رجل أَو امرأَة أَرْمَلة، ولا
يقال للمرأَة التي لا زوج لها وهي مُوسِرة أَرْمَلة، والأَرامل: المساكين.
ويقال: جاءت أَرْمَلةٌ من نساء ورجال محتاجين، ويقال للرجال المحتاجين
الضعفاء أَرْمَلة، وإِن لم يكن فيهم نساء. وحكى ابن بري عن ابن قتيبة قال:
إِذا قال الرجل هذا المال لأَرامل بني فلان فهو للرجال والنساء، لأَن
الأَرامل يقع على الذكور والنساء، قال: وقال ابن الأَنباري يُدْفَع للنساء
دون الرجال لأَن الغالب على الأَرامل أَنهن النساء، وإِن كانوا يقولون
رَجُل أَرْمَل، كما أَن الغالب على الرجال أَنهم الذكور دون الإِناث وإِن
كانوا يقولون رَجُلة؛ وفي شعر أَبي طالب يمدح سيدنا رسول الله صلى الله عليه
وسلم:
ثِمَال اليَتَامى عِصْمَة للأَرامل
قال: الأَرامل المساكين من ساء ورجال. قال: ويقال لكل واحد من الفريقين
على انفراده أَرامل، وهو بالنساء أَخص وأَكثر استعمالاً، وقد تكرر ذكر
ذلك. والأَرْمَل: الذي ماتت زوجته، والأَرْمَلة التي مات زوجُها، وسواء
كانا غَنِيَّيْن أَو فقيرَين. ابن بُرُرْج: يقال إِن بَيت فلان لضَخْمٌ
وإِنهم لأَرْمَلة ما يَحْمِلونه إِلا اسْتَفْقَروا له، يعني العارية؛ قوله
إِنهم لأَرْمَلة لا يَحْمِلونه إِلا ما استفقروا له، يعني أَنهم قوم لا
يملكون الإِبل ولا يقدرون على الارتحال إِلا على إِبل يستعيرونها، من
أَفْقَرْته ظَهْرَ بَعِيرِي إِذا أَعَرْته إِياه. ويقال للذكر أَرْمَل إِذا كان
لا امرأَة له، تقوله العرب، وكذلك رجل أَيِّم وامرأَة أَيِّمة؛ قال
الراجز:
أُحِبُّ أَن أَصطاد ضَبًّا سَحْبَلا،
رَعَى الرَّبيعَ والشتاء أَرْمَلا
قال ابن جني: قَلَّما يستعمل الأَرْمَل في المُذَكَّر إِلا على التشبيه
والمُغالَطة؛ قال جرير:
كُلُّ الأَرامل قد قَضَّيتَ حاجتَها،
فَمَنْ لحاجة هذا الأَرْمَل الذَّكَر؟
(* قوله «كل الأرامل» كذا في الأصل، وفي شرح القاموس والتكملة والأساس:
هذي الأرامل).
يريد بذلك نفسه. وامرأَة أَرْمَلة: لا زوج لها؛ أَنشد ابن بري:
ليَبْكِ على مِلْحانَ ضَيْفٌ مُدَفَّعٌ،
وأَرْمَلةٌ تُزْجِي مع الليل أَرْمَلا
وقال أَبو خِرَاش:
بذي فَخَرٍ تأْوِي إِليه الأَرامِلُ
وأَنشد ابن قتيبة شاهداً على الأَرْمَل الذي لا امرأَة له قول الراجز:
رَعَى الربيعَ والشتاء أَرْمَلا
قال: أَراد ضَبًّا لا أُنثى له ليكون سَمِيناً. وأَرْملت المرأَةُ إِذا
مات عنها زوجُها، وأَرْمَلَتْ: صارت أَرْمَلة. وقال شمر: رَمَّلَت
المرأَةُ من زوجها وهي أَرْمَلة. ابن الأَنباري: الأَرْملة التي مات عنها
زوجُها؛ سُمِّيت أَرْملة لذهاب زادها وفَقْدِها كاسِبَها ومن كان عيشها صالحاً
به، من قول العرب: أَرْمَل القومُ والرجلُ إِذا ذهب زادُهم، قال: ولا
يقال له إِذا ماتت امرأَته أَرْمَل إِلاَّ في شذوذ، لأَن الرجل لا يذهب
زادُه بموت امرأَته إِذا لم تكن قَيِّمة عليه والرجلُ قَيِّمٌ عليها وتلزمه
عَيْلولتها ومؤْنتها ولا يلزمها شيء من ذلك. قال: ورُدَّ على القتيبي
قوله فيمن أَوْصى بماله للأَرامل أَنه يعطي منه الرجال الذين مات أَزواجهم،
لأَنه يقال رجل أَرمل وامرأَة أَرملة. قال أَبو بكر: وهذا مثل الوصية
للجَوارِي لا يُعْطى منه الغِلْمان ووَصيَّة الغلمان لا يُعطى منه الجواري،
وإِن كان يقال للجارية غُلامة.
والمِرْمَل: القَيْد الصَّغير.
والرَّمَل: المطر الضعيف؛ وفي الصحاح: القليل من المطر. وعامٌ أَرْمَل:
قليل المطر والنفع والخير، وسَنَة رَمْلاء كذلك. وأَصابهم رَمَلٌ من مطر
أَي قليلٌ، والجمع أَرمال، والازمان أَقوى منها
(* قوله «والازمان أقوى
منها» كذا في الأصل، ولعله الازمات بالتاء جمع أزمة) . قال شمر: لم أَسمع
الرَّمَل بهذا المعنى إِلا للأُموي. وأَرامِل العَرْفَج: أُصوله.
وأُرْمُولة العرفج: جُذْمُوره، وجمعها أَراميل
(* قوله «اراميل» عبارة القاموس:
أرامل وأراميل، وقوله بعد الرجز الهجاهج الارض إلخ، عبارته في هجج:
والهجج الارض الجدبة التي لا نبات بها والجمع هجاهج، واورد الرجز ثم قال: جمع
على ارادة المواضع) ؛ قال:
فجِئْت كالعَوْد النَّزِيع الهادِج،
قُيِّد في أَرامل العرافج،
في أَرض سَوْءٍ جَذْبةٍ هَجاهِج
الهَجاهِج: الأَرض التي لا نبتَ فيها. والرَّمَل: خطوط في يدي البقرة
الوحشية ورجليها يخالف سائر لونها، وقيل: الرُّمْلة الخَطُّ الأَسود. غيره:
يقال لوَشْي قوائم الثور الوحشي رَمَلٌ، واحدتها رَمَلة؛ قال الجعدي:
كأَنَّها، بعدما جَدَّ النَّجاء بها
بالشَّيِّطَيْن، مَهاةٌ سُرْوِلَتْ رَمَلا
ويقال للضَّبُع أُم رِمال.
ورَمْلة: مدينة بالشام. والأَرمَل: الأَبلق. قال أَبو عبيد: الأَرمَل من
الشاء الذي اسودَّت قوائمه كلها. وحكى ابن بري عن ابن خالويه قال:
الرُّمَل، بضم الراء وفتح الميم، خطوط سُودٌ تكون على ظهر الغزال وأَفخاذه،
وأَنشد بيت الجعدي أَيضاً؛ قال: وقال أَيضاً:
بذهاب الكَوْر أَمسى أَهلُه
كلَّ مَوْشِيٍّ شَواه، ذي رُمَل
ونعجة رَمْلاء: سوداء القوائم كلها وسائرها أَبيض. وغُلام أُرْمُولة:
كقولك بالفارسية زاذه؛ قال أَبو منصور: لا أَعرف الأُرْمُولة عَرَبيَّتها
ولا فارسيتها.
ورامِل ورُمَيْل ورُمَيْلة ويَرْمُول كلها: أَسماء.