Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: حاصل

الكامل

الكامل:
[في الانكليزية] Perfect
[ في الفرنسية] Parfait
هو من له الكمال في شرح حكمة العين آخر المقالة الثالثة: التام هو الذي يحصل له جميع ما ينبغي أن يكون حاصلــا له وهو الكامل أيضا، وربما شرطوا أن يكون وجوده الكامل وكمالات وجوده من نفسه لا من غيره، فإن اعتبر في التام هذا القيد فلا تام في الوجود إلّا واجب الوجود تعالى، وإن لم يعتبر كانت العقول المفارقة تامّة، فإن تمّ غيره منه بأن يكون مبدأ الكمالات غيره فهو فوق التّام والذي أعطي له ما به يتمكّن من تحصيل كمالاته يسمّى بالمكتفي كالنفوس السماوية فإنّها دائما في اكتساب الكمالات بتحريك الأجرام السماوية التي يتمكّن لها من تحصيل كمالاتها واحدا بعد واحد، والذي لا يكون حاصلــا له ما به يتمكّن من تحصيل كمالاته بل يحتاج في تحصيل كمالاته إلى آخر كالنفوس الناطقة يسمّى بالناقص. ووجه الحصر أن يقال الموجود إمّا أن يكون حاصلــا له جميع ما ينبغي أو لا يكون، والأول إمّا أن تكون كمالات غيره حاصلــة منه وهو فوق التام أولا، وهو التّام والكامل، والثاني إمّا أن يكون ما به يتمكّن من تحصيل كمالاته حاصلــا له وهو المكتفي أولا وهو الناقص، انتهى كلامه، فالكامل بالمعنى الأخص وفوق التام متساويان.
والكامل عند أهل العروض اسم بحر من البحور المختصّة بالعرب وهو متفاعلن ست مرات كذا في عنوان الشرف. 

الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل والمصدر الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول

الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل والمصدر الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول: ذكر نجم الْأَئِمَّة فَاضل الْأمة الشَّيْخ الرضي الاسترآبادي فِي بحث الْمصدر أَن الْمصدر مَوْضُوع للْحَدَث الساذج. وَالْفِعْل الْمَبْنِيّ للْفَاعِل مَوْضُوع للْحَدَث الْمَنْسُوب إِلَى مَا قَامَ بِهِ من الْفَاعِل - والمبني للْمَفْعُول مَوْضُوع للْحَدَث الْمَنْسُوب إِلَى غير مَا قَامَ بِهِ من الزَّمَان وَالْمَكَان وَمَا وَقع عَلَيْهِ والآلة وَالسَّبَب. فالنسبة إِلَى مَا قَامَ بِهِ أَو إِلَى مَا عداهُ مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ مَأْخُوذ فِي مَفْهُوم الْفِعْل خَارج عَن الْمصدر لَازم فِي الْوُجُود. فَإِن أضيف الْمصدر إِلَى الْفَاعِل كَانَ مَبْنِيا للْفَاعِل. وَإِن أضيف إِلَى الْمَفْعُول كَانَ مَبْنِيا للْمَفْعُول - وَإِن لم يذكر مَعَه شَيْء مِنْهُمَا كَانَ مُحْتملا للمعنيين فَهُوَ الْقدر الْمُشْتَرك انْتهى. وَقيل الْقدر الْمُشْتَرك مَا يُطلق عَلَيْهِ ذَلِك الْمصدر. فالقدر الْمُشْتَرك فِي الْحَمد هُوَ مَا يُطلق عَلَيْهِ الْحَمد وَقس عَلَيْهِ - ثمَّ إِن الْمَعْنى المصدري من مقولة الْفِعْل إِن كَانَ مَبْنِيا للْفَاعِل - وَمن مقولة الانفعال إِن كَانَ مَبْنِيا للْمَفْعُول فَهُوَ أَمر غير قار الذَّات.
وَأما الْــحَاصِل بِالْمَصْدَرِ فَهُوَ الْهَيْئَة القارة المترتبة عَلَيْهِ كَمَا قَالُوا إِن الْحَمد بِالْمَعْنَى المصدري (ستودن) وَالْــحَاصِل بِالْمَصْدَرِ (ستايش) وَقَالَ الْفَاضِل الجلبي رَحمَه الله تَعَالَى فِي حَوَاشِيه على المطول فِي تَعْرِيف التعقيد. وَهَا هُنَا بحث شرِيف ذكره جدي الْمُحَقق فِي تَفْسِير الْفَاتِحَة يَنْبَغِي أَن يتَنَبَّه لَهُ وَهُوَ إِن صِيغ الْمصدر تسْتَعْمل إِمَّا فِي أصل النِّسْبَة وَيُسمى مصدرا. - وَإِمَّا فِي الْهَيْئَة الْــحَاصِلَــة مِنْهَا للمتعلق معنوية كَانَت أَو حسية كَهَيئَةِ الْحَرَكَة الْــحَاصِلَــة وَيُسمى الْــحَاصِل بِالْمَصْدَرِ. وَتلك الْهَيْئَة للْفَاعِل فَقَط فِي اللَّازِم كالمتحركية والقائمية من الْحَرَكَة وَالْقِيَام أَو للْفَاعِل وَالْمَفْعُول وَذَلِكَ فِي الْمُتَعَدِّي كالعالمية والمعلومية من الْعلم. وباعتباره يتَسَامَح أهل الْعَرَبيَّة فِي قَوْلهم الْمصدر الْمُتَعَدِّي قد يكون مصدرا للمعلوم. وَقد يكون مصدرا للْمَجْهُول يعنون بهما الهئتين اللَّتَيْنِ هما مَعنا الْــحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَإِلَّا لَكَانَ كل مصدر مُتَعَدٍّ مُشْتَركا وَلَا قَائِل بِهِ أحد. بل اسْتِعْمَال الْمصدر فِي الْمَعْنى الْــحَاصِل بِالْمَصْدَرِ اسْتِعْمَال الشَّيْء فِي لَازم مَعْنَاهُ انْتهى. الْمُصَاهَرَة: من الصهر فِي الْقَامُوس الصهر بِالْكَسْرِ الْقَرَابَة وَحُرْمَة الختونة فِي كنز الدقائق وَالزِّنَا أَو الْمس أَو النّظر بِشَهْوَة يُوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة وَفِي الْكَافِي وَمن زنى بِامْرَأَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها. فالزنا يُوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة أَي يثبت بهَا حرمات أَربع تحرم على آبَاء الواطي وَإِن علوا. وعَلى أَوْلَاده وَإِن سفلوا وَتحرم على الواطي أمهاتها وَإِن علون وبناتها وَإِن سفلن. وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الزِّنَا لَا يُوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة لِأَنَّهَا نعْمَة لِأَن الله تَعَالَى من عَلَيْهَا بهَا كَمَا من بِالنّسَبِ فَقَالَ وَهُوَ الَّذِي خلق من المَاء بشرا فَجعله نسبا وصهرا. والحكيم إِنَّمَا يمن بِالنعْمَةِ انْتهى. وَفِي الْهِدَايَة وَمن زنى بِامْرَأَة حرمت عَلَيْهِ أمهَا وابنتها - وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله تَعَالَى الزِّنَا لَا يُوجب حُرْمَة الْمُصَاهَرَة لِأَنَّهَا نعْمَة فَلَا تنَاول بالمحظور انْتهى أَي الْحَرَام وَذَلِكَ لِأَن الله تَعَالَى من بِهِ على عباده بقوله تَعَالَى: {فَجعله نسبا وصهرا} .

العلاقة

العلاقة: شيء بسببه يستصحب الأول الثاني كالعلية والتضايف.
(العلاقة) الصداقة وَالْحب اللَّازِم للقلب وَمَا تتبلغ بِهِ الْبَهَائِم من الشّجر وَمَا يكْتَفى بِهِ من الْعَيْش وَمَا تعلق بِهِ الْإِنْسَان من صناعَة وَغَيرهَا و (فِي علم الْبَيَان) الْمُنَاسبَة بَين الْمَعْنى الْأَصْلِيّ وَالْمعْنَى المُرَاد فِي الْمجَاز وَالْكِنَايَة (ج) علائق

(العلاقة) مَا يعلق بِهِ السَّيْف وَنَحْوه
العلاقة: بِالْفَتْح تسْتَعْمل فِي المعقولات، وبالكسر فِي المحسوسات وَهِي الْحبّ اللَّازِم للقلب وَسمي علاقَة لتعليق الْقلب بالمحبوب، وَعند المنطقيين شَيْء بِسَبَبِهِ يستصحب أَي يسْتَلْزم أَمر أمرا. وَالْمرَاد بهَا فِي تَعْرِيف الْمُتَّصِلَة اللزومية شَيْء بِسَبَبِهِ يستصحب الْمُقدم التَّالِي كالعلية والتضايف. أما الْعلية فبأن يكون الْمُقدم عِلّة للتالي أَو بِالْعَكْسِ أَو يَكُونَا معلولي عِلّة وَاحِدَة كَقَوْلِنَا إِن كَانَت الشَّمْس طالعة فالنهار مَوْجُود. وَبِالْعَكْسِ وَإِن كَانَ النَّهَار مَوْجُودا فالأرض مضيئة. وَأما التضايف فتفسيره فِي التضايف مثل إِن كَانَ زيد أَبَا عَمْرو فَيكون عَمْرو ابْنه.
العلاقة:
[في الانكليزية] Relation ،relationship ،link
[ في الفرنسية] Relation ،rapport ،lien
بالفتح رابطة بازبستن معنى بمعنى- ربط معنى بمعنى آخر- وبالكسر رابطة بازبستن جسم بجسم- ربط جسم بجسم آخر- كما في كنز اللغات، فهي بالفتح تستعمل في المعاني وبالكسر في الأمور المحسوسة كما قيل في بعض رسائل الاستعارة. قال المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح الشمسية: العلاقة بالفتح في اصطلاح المنطقيين شيء بسببه يستصحب شيء شيئا، استصحبه دعاه إلى الصحبة كما في القاموس. فالمعنى أنّ العلاقة شيء بسببه يطلب الشيء الأول أن يكون الشيء الثاني مصاحبا له وهي قد تكون موجبة ومقتضية لذلك الاستصحاب كما في القضايا الشرطية المتّصلة اللزومية وقد لا تكون كما في الشرطيات المتّصلة الاتفاقية، فالعلاقة بين اللزوميات هي ما يقتضي الاتصال بين طرفيها في نفس الأمر كالعلّية والتضايف، فالتضايف كقولنا إن كان زيد أبا عمرو كان عمرو ابنه.
وأمّا العلّية فبأن يكون المقدّم علّة موجبة للتّالي، سواء كانت علّة ناقصة أو تامة كقولنا إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود، أو معلولا له فإنّ وجود المعلول يستلزم وجود العلّة كقولنا إن كان النهار موجودا فالشمس طالعة، أو يكونا معلولي علّة واحدة لا كيف ما اتفق وإلّا لكانت الموجودات بأسرها متلازمة لكونها معلولة للواجب تعالى، بل لا بد مع ذلك من اقتضاء تلك العلة ارتباط أحدهما بالآخر بحيث يمتنع الانفكاك بينهما لئلّا يكون مجرّد مصاحبة كما في معلولي العقل الأول، أي الفلك الأول والعقل الثاني، فإنّه لا تلازم ولا ارتباط بينهما، بل مجرّد مصاحبة. والسّرّ فيه أنّه موجب لكل واحد بجهة غير ما هو جهة إيجاب الآخر، فلا يمتنع الانفكاك بينهما، بخلاف قولنا إن كان النهار موجودا فالعالم مضيء فإنّ وجود النهار وإضاءة العالم معلولان لطلوع الشمس، وطلوع الشمس مقتض لعدم الانفكاك بينهما، والعلاقة بين الاتفاقيات ما به مجرّد المصاحبة، والتوافق بين الطرفين من غير اقتضائه إياها أي تلك المصاحبة. والعلاقة بين الشرطيات المنفصلة العنادية هي ما يقتضي العناد بين طرفيها، وفي المنفصلات الاتفاقية هي ما لا يقتضي العناد والتنافي بل مجرّد أن يتفق في الواقع أن يكون بين طرفيها منافاة، انتهى ما قال المولوي عبد الحكيم. وعلاقة المجاز عندهم وعند الأصوليين.
وأهل العربية هي اتصال ما للمعنى المستعمل فيه بالمعنى الموضوع له، أي تعلّق ما للمعنى المجازي بالحقيقي أعمّ من أن يكون اتصالا في المجاورة أو في غيرها. والعمدة في حصر أنواعها الاستقراء، ويرتقي ما ذكره القوم إلى خمسة وعشرين، وضبطه ابن الحاجب في خمسة. الأولى الاشتراك في الشّكل كالإنسان للصورة المنقوشة على الجدار. الثانية الاشتراك في الوصف ويجب أن يكون الصفة ظاهرة لينتقل الذهن إليها، فيفهم الآخر باعتبار ثبوتها له، كإطلاق الأسد على الشجاع بخلاف إطلاق الأسد على الأبخر. والثالثة أنّه كائن عليه مثل العبد للمعتق لأنّه كان عبدا. والرابعة أنّه آئل إليه كالخمر للعصير لأنّه في المآل يصير خمرا.
والخامسة المجاورة مثل جري الميزاب والمراد بالمجاورة ما يعمّ كون أحدهما في الآخر بالجزئية أو الحلول وكونهما في محلّ وكونهما متلازمين في الوجود أو العقل أو الخيال أو غير ذلك. وصاحب التوضيح ضبطه في تسعة:
الكون والأول والاستعداد والمقابلة والجزئية والحلول والسّببية والشرطية والوصفية، لأنّ المعنى الحقيقي إمّا أن يكون حاصلــا بالفعل للمعنى المجازي في بعض الأزمان خاصّة أو لا، فعلى الأول إن تقدّم ذلك الزمان على زمان تعلّق الحكم بالمعنى المجازي فهو الكون عليه، وإن تأخّر فهو الأول إليه إذ لو كان حاصلــا في ذلك الزمان أو في جميع الأزمنة لم يكن مجازا بل حقيقة، وعلى الثاني إن كان حاصلــا بالقوة فهو الاستعداد، وإلّا فإن لم يكن بينهما لزوم واتصال في العقل بوجههما فلا علاقة، وإن كان فإمّا أن يكون لزوما في مجرّد الذهن وهو المقابلة أو منضمّا إلى الخارج، وحينئذ إن كان أحدهما جزءا للآخر فهو الجزئية والكلّية، وإلّا فإن كان اللازم صفة للملزوم فهو الوصفية له أعني المشابهة، وإلّا فاللزوم إمّا بأن يكون أحدهما حاصلــا في الآخر وهو الحالية والمحلّية أو سببا له وهو السّببية والمسبّبية، أو شرطا له وهو الشرطية، كذا في التلويح.

النّسبة

النّسبة:
[في الانكليزية] Proportion ،rate ،relation
[ في الفرنسية] Proportion ،rapport ،relation
بالكسر وسكون السين هي تطلق على معان. منها قياس شيء إلى شيء، وبهذا المعنى يقال النّسب بين القضايا والمفردات منحصرة في أربع: المباينة الكلّية والمساواة والعموم مطلقا ومن وجه على ما سبق في لفظ الكلّي. وفي شرح النخبة في بيان المعروف والشاذّ اعلم أنّ النّسبة تعتبر تارة بحسب الصدق وتارة بحسب الوجود كما في القضايا وتارة بحسب المفهوم كما يقال المفهومان إن لم يتشاركا في ذاتيّ فمتباينان، وإلّا فإن تشاركا في جميع الذاتيات فمتساويان كالحدّ والمحدود، وإن تشارك أحدهما الآخر في ذاتياته دون العكس فبينهما عموم مطلق، وإن تشاركا في بعضها فعموم وخصوص من وجه انتهى. وقد سبق في لفظ الشّاذ ما يوضحه، وبهذا المعنى يقول المحاسبون النّسب بين الأعداد منحصرة في أربع: التماثل والتداخل والتوافق والتباين. ومنها قياس كمية أحد العددين إلى كمية الآخر والعدد الأول يسمّى منسوبا ومقدّما والعدد الثاني يسمّى منسوبا إليه وتاليا وعليه اصطلاح المهندسين والمحاسبين كما في شرح خلاصة الحساب.
وأقول في توضيحه لا يخفى أنّه إذا قيل هذا العدد بالقياس إلى ذلك العدد كم هو يجاب بأنّه نصفه أو ثلثه أو مثلاه أو ثلاثة أمثاله ونحو ذلك لأنّ كم بمعنى چند والكمية بمعنى چندكي، فلا يجاب بأنّه موافق له أو مباين ونحو ذلك.
فالنّسبة في قولهم نسبة التباين ونسبة التوافق مثلا بالمعنى الأول أي بمعنى القياس والإضافة والتعلّق كما مرّ وإن خفي عليك الأمر بعد فاعتبر ذلك بقولك أين عدد چند است از ان عدد فإنّ معناه هو نصفه أو ثلثه ونحو ذلك، وليس معناه أهو موافق له أو مباين له، فالنسبة بهذا المعنى منحصرة في نسبة الجزء أو الأجزاء إلى الكلّ وعكسه. وبالجملة فالنسبة عندهم قياس أحد العددين إلى الآخر من حيث الكمية لا مطلقا، مثلا إذا قسنا الخمسة إلى العشرة باعتبار الكمية فالنّسبة الــحاصلــة من هذا القياس هي نسبة النصف فالمراد بالقياس المعنى الــحاصل بالمصدر أي ما حصل بالقياس. وإنّما قلنا ذلك إذ الظاهر من إطلاقاتهم أنّ المنسوب والمنسوب إليه العدد لا الكمية فإنّهم يقولون نسبة هذا العدد إلى ذلك العدد كذا، وأقسم هذا العدد على كذا أو أنسبه إليه ونحو ذلك، كقولهم الأربعة المتناسبة أربعة أعداد نسبة أولها إلى ثانيها كنسبة ثالثها إلى رابعها، ثم أقول وهذا في النسبة العددية. وأمّا في المقدار فيقال النّسبة قياس كمية أحد المقدارين إلى كمية الآخر إلى آخره، لكن هذا ليس بجامع لجميع أنواع النّسب المقدارية كما سيتضح ذلك؛ والحدّ الجامع حدّد به المتقدّمون على ما ذكر في حاشية تحرير أقليدس بأنّها أيّة قدر أحد المقدارين المتجانسين عند الآخر، وبقيد آية خرجت الإضافة في اللون ونحوه. وتفسير هذا القول إنّ النّسبة هي المعنى الذي في كمية المقادير الذي يسأل عنه بأيّ شيء. وقيل هي إضافة ما في القدر بين مقدارين متجانسين، والمقادير المتجانسة هي التي يمكن أن يفضل التضعيف على بعض كالخط مع الخط والسطح مع السطح والجسم مع الجسم، لا كالخط مع السطح أو مع الجسم ونحوه فإنّه لا يفضله بالتضعيف، ومآل القولين إلى أمر واحد.
اعلم أنّه لما كانت الأعداد إنّما يتألّف من الواحد فالنّسب التي لبعضها إلى بعض تكون لا محالة بحيث بعد كلا المنتسبين إمّا أحدهما أو ثالث أقل منهما حتى الواحد وهي النّسب العددية والمقادير التي نوعها واحد كالخطوط مثلا أو السطح فلها إمّا نسب عددية تقتضي تشارك تلك المقادير كأربعة وخمسة وكجذر اثنين وجذر ثمانية، فإنّ نسبة الأول إلى الثاني كنسبة اثنين إلى الأربعة أو نسب تختصّ بها وهي التي تكون بحيث لا يعد المنتسبين أحدهما ولا شيء غيرهما وهو يقتضي التباين بين تلك المقادير كجذر عشرة وجذر عشرين، فالنسب المقدارية أعمّ من النسب العددية فاحفظ ذلك فإنّه عظيم النفع. وبالجملة فالنّسبة العددية منحصرة في نسبة الجزء أو الأجزاء إلى الكل وعكسه كما سلف بخلاف نسب المقادير فإنّها أعم فتأمّل، هكذا يستفاد من حواشي تحرير أقليدس.

التقسيم:
اعلم أنّ النسبة قد تكون بسيطة وقد تكون مؤلّفة وقد تكون مساواة منتظمة ومضطربة. قال في تحرير أقليدس وحاشيته ما حاصلــه إنّ المقادير إذا توالت سواء كانت على نسبة واحدة أو لم تكن فإنّ نسبة الطرفين متساوية للمؤلّفة من النسب التي بين المتوالية كمقادير اب ج د فإنّ النسبة المؤلّفة من النسب الثلاث التي بين اب وب ج وج د هي متساوية لنسبة اد فنسبة الطرفين ك: آد إذا اعتبرت من غير اعتبار الأوساط فهي النسبة البسيطة، وإذا اعتبرت مع الأوساط فإن اعتبرت من حيث تألّفت منها فهي المؤلّفة، وإن اعتبرت من حيث تألّفت منها لكن رفع اعتبار الأوساط من البين فهي نسبة المساواة ولا فرق بين النسبة البسيطة والمساواة إلّا بعدم اعتبار الأوساط في البسيطة مطلقا وعدم الاعتبار بعد وجوده في المساواة.
وبالجملة فنسبة السدس مثلا إذا اعتبر كونها حاصلــة من ضرب الثلث في النصف ومؤلّفة منهما كانت نسبة مؤلّفة، وبعد اعتبار كونها مؤلّفة منهما إذا رفع اعتبار الأوساط من البين فهي نسبة المساواة وإذا لم تعتبر كونها حاصلــة من ضرب الثلث في النصف فهي نسبة بسيطة، والنسبة المثناة هي الــحاصلــة بضربها في نفسها كنصف النصف الــحاصل من ضرب النصف في نفسه، والنسبة المثلثة هي الــحاصلــة من ضرب مربع تلك النّسبة في تلك النّسبة، وعلى هذا القياس النسبة المربّعة والمخمّسة والمسدّسة ونحوها، والمثناة والمثلثة وغيرهما أخص من المؤلّفة مطلقا لأنّه كلما كانت الأجزاء المعتبرة أي النّسب التي هي بين المقادير المتوالية كلّها متساوية كانت المؤلّفة مثناة أو مثلثة أو غيرهما، والنسبة المؤلّفة والنسبة المنقسمة قد ذكرتا في لفظ التأليف ولفظ التجزئة.
ثم نسبة المساواة قد تكون منتظمة وقد تكون مضطربة، فالمساواة المنتظمة هي أن تكون مؤلّفة من أجزاء متساوية على الولاء أي الترتيب والتناظر كالمؤلّفة في صنف من مقدار من نصف وثلث وخمس، وفي صنف آخر من مقدار آخر كذلك على الترتيب. والمساواة المضطربة هي أن تكون مؤلّفة من أجزاء متساوية على التناظر لا على الولاء كالمؤلّفة في صنف من نصف وثلث وخمس في صنف آخر من ثلث ونصف وخمس أو من خمس ونصف وثلث ونحو ذلك فالمنتظمة والمضطربة لا توجد إلّا عند كون الصنفين من المقادير بخلاف مطلق المساواة فإنّ المعتبر في مطلق المساواة نسبة الأطراف دون الأوساط. والنسب المتوالية أن يكون كلّ واحد من الحدود المتوسطة بين الطرفين مشتركا بين نسبتين من تلك النسب، فإذا كانت المقادير ثلاثة كانت النسب نسبتين وإذا كانت أربعة كانت النسب ثلاثا وعلى هذا المثال يكون عدد النسب أبدا أقل من عدد المقادير بواحد مثلا في المثال المذكور أربعة مقادير والنسب ثلاثة متوالية فإنّ نسبة الطرفين كنسبة اإلى ب ونسبة ب إلى ج ونسبة ج إلى د فحدودها المتوسطة هي ب ج وكلّ منهما مشتركة بين نسبتين منها، فإنّ ب مأخوذ في النسبة الأولى والثانية وج مأخوذ بين الثانية والثالثة، فإذا أخذ نسبة اإلى ب ونسبة ج إلى د كانت النسبتان غير متواليتين لعدم اشتراك الحدود. هذا وتسمّى النّسب المتوالية متصلة كما تسمّى الغير المتوالية منفصلة، ومن النّسب المتصلة النّسب التي بين الأجناس الجبرية وبين الأعداد الثلاثة المتناسبة، ومن المنفصلة النّسب التي بين الأعداد الأربعة المتناسبة. ثم عدد الأعداد المتناسبة إن كان فردا كالثلاثة المتناسبة والخمسة المتناسبة تسمّى تلك الأعداد متناسبة الفرد ونسبها لا تكون إلّا متصلة أي متوالية، وإن كان زوجا كالأربعة المتناسبة والستة المتناسبة تسمّى متناسبة الزوج ونسبها قد تكون متصلة وقد تكون منفصلة، وتناظر النسب وتناسبها وتشابهها هو الاتحاد فيها، انتهى ما حاصلــهما. وهذا الذي ذكر إنّما هو في المقادير وعليه فقس البساطة والتأليف والمساواة وغيرها في الأعداد.
واعلم أيضا أنّ إبدال النسبة ويسمّى تبديل النسبة أيضا عندهم عبارة عن اعتبار نسبة المقدّم إلى المقدّم والتالي إلى التالي. مثلا قسنا الخمسة إلى العشرة فالخمسة حينئذ مقدّم والعشرة تال، ثم قسنا الأربعة إلى الثمانية فالأربعة مقدّم والثمانية تال. فإذا قسنا الخمسة المقدّم إلى الأربعة المقدّم الآخر وقسنا العشرة التالي إلى الثمانية التالي الآخر فهذا القياس يسمّى بالإبدال والتبديل وتفضيل النسبة عندهم أربعة أقسام. الأول أن تعتبر نسبة فضل المقدّم على التالي إلى التالي وهذا هو المتعارف المشهور في الكتب، مثلا المقدّم ثمانية والتالي ستة وفضل المقدّم على التالي اثنان فإذا اعتبرنا نسبة الاثنين إلى الستة كان ذلك تفضيل النسبة.
والثاني أن تعتبر فضل التالي على المقدّم إلى المقدّم. والثالث أن تعتبر نسبة فضل المقدّم على التالي إلى المقدّم. والرابع أن تعتبر نسبة فضل التالي على المقدّم إلى التالي. وقلب النسبة عندهم هو أن تعتبر نسبة المقدّم إلى فضله على التالي وأمثلة الجميع ظاهرة. هذا خلاصة ما ذكر عبد العلي البرجندي في شرح بيست باب وحاشيته. وغيره في حاشية تحرير اقليدس القلب عكس التفضيل ولا فرق بين أن ينسب المقدّم إلى التفاضل أو التالي إليه أو يكون الفضل للمقدّم أو للتالي كما في التفضيل انتهى.
فقد بان من هذا أنّ القلب أيضا أربعة أقسام، وعكس النسبة وخلافها عندهم جعل المقدّم تاليا في النسبة والتالي مقدّما فيها. مثلا إذا كان المقدّم ثمانية والتالي ستة فإذا قسنا الستة إلى الثمانية فقد صار الأمر بالعكس أي صار الستة مقدّما والثمانية تاليا، وتركيب النسبة عندهم هو اعتبار نسبة مجموع المقدّم والتالي إلى التالي. قال في حاشية تحرير اقليدس لا فرق في التركيب بين أن ينسب المجموع إلى المقدّم والتالي انتهى. وقدر النسبة قد مرّ ذكرها. ومنها ما هو قسم من العرض وهو عرض يكون مفهومه معقولا بالقياس إلى الغير أي لا يتقرّر معناه في الذهن إلّا مع ملاحظة الغير أي أمر خارج عنه وعن حامله لا أنّه يتوقّف عليه فخرج الإضافة عنه سواء كان مفهومه النسبة كالإضافة وتسمّى بالنسبة المكرّرة أيضا أو معروضا لها كالوضع والملك والأين والمتى والفعل والانفعال، فأقسام النسبة سبعة. وإنّما سمّي نسبة لشدة اقتضاء مفهومه إياها وإن لم يكن بعض أقسامه نفس النسبة، هكذا ذكر شارح المواقف والمولوي عبد الحكيم في حاشيته.
ومنها تعلّق إحدى الكلمتين بالأخرى وتسمّى إسنادا أيضا، فإن كانت بحيث تفيد المخاطب فائدة تامة تسمّى نسبة تامة وإسنادا أصليا، وهي إمّا نسبة إيجاب أو سلب كما مرّ في الخبر أي القضية أو غيرها كما في الإنشاء، فإنّ النسبة في أضرب مثلا هي طلب الضرب، وإن كانت بحيث لا تفيد المخاطب فائدة تامة تسمّى نسبة غير تامة وإسنادا غير أصلي، كالنسبة التقييدية في الصفة والموصوف والمضاف والمضاف إليه، هكذا يستفاد من المطول وحواشيه في بيان وجه انحصار علم المعاني في الأبواب الثمانية عقيب ذكر تعريف علم المعاني، وقد مرّ في لفظ الإسناد وفي لفظ المركّب ما يوضح هذا، وهذا المعنى من مصطلحات أهل العربية كما أنّ المعنيين الآتيين من مصطلحات أهل المعقول.
ومنها الوقوع واللاوقوع أي ثبوت شيء لشيء وتسمّى نسبة ثبوتية وانتفاء شيء عن شيء وتسمّى نسبة سلبية وغير ثبوتية، وبعبارة أخرى هي الإيجاب والسلب فإنّهما قد يستعملان بمعنى الوقوع واللاوقوع، أي ثبوت شيء لشيء وانتقائه عنه كما وقع في حاشية العضدي للتفتازاني، والشيء الأول يسمّى منسوبا ومحكوما به، والشيء الثاني يسمّى منسوبا إليه ومحكوما عليه وإدراك تلك النسبة يسمّى حكما. ثم النسبة باعتبار كونها حالة بين الشيئين ورابطة لأحدهما إلى الآخر مع قطع النظر عن تعقل الشيئين تسمّى نسبة خارجية وهي جزء مدلول القضية الخارجية، وباعتبار تعقّلها بأنها حالة بين الشيئين تسمّى نسبة ذهنية ومعقولة، وهي جزء مدلول القضية المعقولة وكلاهما من الأمور الاعتبارية كما مرّ في لفظ الصدق. ومنها مورد الوقوع واللاوقوع ومورد الإيجاب والسلب ويسمّى نسبة حكمية ونسبة تقييدية، وبالنسبة بين بين وهي رابطة بالعرض على ما قال المولوي عبد الحكيم في حاشية القطبي في روابط القضايا، الرابط بالذات أي بلا واسطة هو الوقوع واللاوقوع. وأمّا النسبة الحكمية بمعنى مورد الوقوع واللاوقوع فإنّما هي رابطة بالعرض انتهى. ثم النسبة بالمعنى الأول متفق عليها بين القدماء والمتأخّرين، وبالمعنى الثاني من تدقيقات متأخّري الفلاسفة، قالوا أجزاء القضية أربعة: المحكوم عليه وبه والنسبة الحكمية والوقوع واللاوقوع. قال أبو الفتح في حاشية الحاشية الجلالية في مباحث القضايا في بيان الروابط: النزاع بين الفريقين ليس في مجرّد إثبات النسبة الحكمية وعدم إثباتها، بل في أمر آخر أيضا هو معنى النسبة التي يتعلّق بها الإدراك الحكمي وهي الوقوع واللاوقوع، فإنّهما على رأي القدماء صفتان للمحمول ومعناهما اتحاد المحمول مع الموضوع وعدم اتحاده معه، فمعنى قولك زيد قائم أنّ مفهوم القائم متّحد مع زيد. ومعنى قولك زيد ليس بقائم أنّه ليس متحدا معه. وعلى رأي المتأخّرين صفتان للنسبة الحكمية وهي عبارة عن اتحاد المحمول مع الموضوع ومعناهما المطابقة لما في نفس الأمر وعدمها. فمعنى المثال الأول أنّ اتحاد القائم مع زيد مطابق لما في نفس الأمر، ومعنى المثال الثاني أنّه ليس مطابقا له وأنت إذا تأمّلت علمت أنّه ليس في القضية بعد تصوّر الطرفين إلّا إدراك نسبة واحدة هي نسبة المحمول إلى الموضوع بمعنى اتحاده معه أو عدم اتحاده معه على وجه الإذعان، وقد مرّ توضيح هذا في لفظ الحكم. ثم المشهور في تفسير وقوع النسبة ولا وقوعها على مذهب المتأخّرين أنّهما بمعنى مطابقتهما لما في نفس الأمر وعدم مطابقتهما له كما مرّ، ويؤيّده كلام الشيخ في الشفاء حيث قال: والتصديق هو أن يحصل في الذهن هذه الصورة مطابقة لما في نفس الأمر، والتكذيب يخالف ذلك. ولا يخفى أنّه خلاف ما يتبادر من لفظ وقوع النسبة أو لا وقوعها، ومن ألفاظ القضايا، والأظهر أن يفسّر ثبوتها في نفس الأمر بمعنى صحّة انتزاعها عن الموضوع أو المحمول أو كليهما وعدم ثبوتها في نفس الأمر بهذا المعنى أيضا انتهى.

الحال

الحال: بتخفيف اللام الصفةُ ويطلق على الزمان الذي أنت فيه وبتشديد اللام ضدَّ المؤجل والنسيئة.
الحال: لغة الصفة التي عليها الموصوف. وعند المنطقيين كيفية سريعة الزوال نحو حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة عارضة، ذكره الراغب. وقال ابن الكمال: الحال لغة نهاية الماضي وبداية المستبقل. واصطلاحا: ما يبين هيئة الفاعل أو المفعول به لفظا نحو ضربت زيدا قائما. أو معنى نحو زيد في الدار قائما. والحال عند أهل الحق معنى يرد على القلب بغير تصنع ولا اجتلاب ولا اكتساب من طرب أو حزن أو قبض أو بسط أو هيئة، وتزول بظهور صفات النفس، فإذا دام وصار ملكا يسمى مقاما. فالأحوال مواهب والمقامات مكاسب، والأحوال تأتي من عين الجود والمقامات تحصل ببذل المجهود.
الحال:
[في الانكليزية] Attribute ،quality ،situation
[ في الفرنسية] Attribut ،qualite ،situation
بتخفيف اللام في اللغة الصفة. يقال كيف حالك أي صفتك. وقد يطلق على الزمان الذي أنت فيه، سمّي بها لأنها تكون صفة لذي الحال كذا في الهداية حاشية الكافية. وجمع الحال الأحوال والحالة أيضا بمعنى الصفة. وفي اصطلاح الحكماء هي كيفية مختصة بنفس أو بذي نفس وما شأنها أن تفارق، وتسمّى بالحالة أيضا، هكذا يفهم من المنتخب وبحر الجواهر.
ويجيء في بيان الكيفيات النفسانية ما يوضح الحال.
وفي اصطلاح الأطباء يطلق على أخصّ من هذا ما في بحر الجواهر الأحوال تقال باصطلاح العام على كل عارض. وبالاصطلاح الخاصّ للأطباء على ثلاثة أشياء فقط: الأول الصحة، والثاني المرض، والثالث الحالة المتوسطة بينهما، فلا تكون العلامات والأسباب بهذا الاصطلاح من الأحوال انتهى. قوله على كل عارض أي مفارق إذ الراسخ في الموضوع يسمّى ملكة لا حالا كما يجيء. والحالة الثالثة وتسمّى بالحالة المتوسطة أيضا عندهم هي الحالة التي لا توجد فيها غاية الصحة ولا غاية المرض كما وقع في بحر الجواهر أيضا ويجيء في لفظ الصحة.
وفي اصطلاح المتكلّمين يطلق لفظ الحال على ما هو صفة لموجود لا موجودة ولا معدومة. فقيد الصفة يخرج الذوات فإنها أمور قائمة بأنفسها، فهي إمّا موجودة أو معدومة ولا [تكون] واسطة بينهما. والمراد بالصفة ما يكون قائما بغيره بمعنى الاختصاص الناعت فيدخل الأجناس والفصول في الأحوال، والأحوال القائمة بذاته تعالى كالعالمية والقادرية عند من يثبتها. وقولهم لموجود أي سواء كان موجودا قبل قيام هذه الصفة أو معه فيدخل الوجود عند من قال فإنه حال، فهذا القيد يخرج صفة المعدوم فإنها معدومة فلا تكون حالا.
والمراد بصفة المعدوم الصفة المختصة به فلا يرد الأحوال القائمة بالمعدوم كالصفات النفسية عند من قال بحاليتها. لا يقال إذا كانت صفات المعدوم معدومة فهي خارجة بقيد لا معدومة فيكون قيد لموجود مستدركا، لأنّا نقول الاستدراك أن يكون القيد الأول مغنيا عن الآخر دون العكس. نعم يرد على من قال إنها لا موجودة لا معدومة قائمة بموجود. ويجاب بأنّ ذكره لكونه معتبرا في مفهوم الحال لا للإخراج.
وقولهم لا موجودة ليخرج الأعراض فإنها متحقّقة باعتبار ذواتها، وإن كانت تابعة لمحالها في التحيّز فهي من قبيل الموجودات. وقولهم لا معدومة ليخرج السّلوب التي تتصف بها الموجودات فإنها معدومات. وأورد عليه الصفات النفسية فإنها عندهم أحوال حاصلــة للذوات حالتي وجودها وعدمها. والجواب أنّ اللام في قولهم لموجود ليس للاختصاص بل لمجرد الارتباط والحصول فلا يضرّ حصولها للمعدوم أيضا، إلّا أنّها لا تسمّى حالا إلّا عند حصولها للموجود ليكون لها تحقّق تبعي في الجملة. فالصفات النفسية للمعدومات ليست أحوالا إلّا إذا حصل تلك المعدومات، حينئذ تكون أحوالا. هذا على مذهب من قال بأنّ المعدوم ثابت ومتّصف بالأحوال حال العدم.
وأمّا على مذهب من لم يقل بثبوت المعدوم أو قال به ولم يقل باتّصافه بالأحوال فالاعتراض ساقط من أصله. وقد يفسّر الحال بأنه معلوم يكون تحقّقه بغيره ومرجعه إلى الأول، فإنّ التفسيرين متلازمان.
التقسيم
الحال إمّا معلّل أي بصفة موجودة قائمة بما هو موصوف بالحال كما يعلّل المتحركية بالحركة الموجودة القائمة بالمتحرك، ويعلل القادرية بالقدرة. وإمّا غير معلّل وهو بخلاف ما ذكر، فيكون حالا ثابتا للذات لا بسبب معنى قائم به نحو الأسودية للسواد والعرضية للعلم والجوهرية للجوهر والوجود عند القائل بكونه زائدا على الماهية، فإنّ هذه أحوال ليس ثبوتها لمحالها بسبب معان قائمة بها. فإن قلت جوّز أبو هاشم تعليل الحال بالحال في صفاته تعالى فكيف اشترط في علّة الحال أن تكون موجودة؟

قلت: لعلّ هذا الاشتراط على مذهب غيره.
فائدة:
الحال أثبته إمام الحرمين أولا والقاضي من الأشاعرة وأبو هاشم من المعتزلة، وبطلانه ضروري لأنّ الموجود ما له تحقّق والمعدوم ما ليس كذلك، ولا واسطة بين النفي والإثبات ضرورة، فإن أريد نفي ما ذكرنا من أنّه لا واسطة بين النفي والإثبات فهو سفسطة، وإن أريد معنى آخر بأن يفسّر الموجود مثلا بما له تحقق أصالة والمعدوم بما لا تحقّق له أصلا، فيتصوّر هناك واسطة هي ما يتحقق تبعا، فيصير النزاع لفظيا. والظاهر هو أنّهم وجدوا مفهومات يتصوّر عروض الوجود لها بأن يحاذي بها أمر في الخارج فسمّوا تحققها وجودا وارتفاعها عدما، ووجدوا مفهومات ليس من شأنها ذلك كالأمور الاعتبارية التي يسمّيها الحكماء معقولات ثانية، فجعلوها لا موجودة ولا معدومة، فنحن نجعل العدم للوجود سلب الإيجاب، وهم يجعلونه عدم ملكة، كذا قيل.
وقد ظهر بهذا التأويل أيضا أنّ النزاع لفظي.
وإن شئت زيادة التحقيق فارجع إلى شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم في مقدمة الأمور العامة وأخيرها.
وفي اصطلاح الأصوليين يطلق على الاستصحاب.
وفي اصطلاح السالكين هو ما يرد على القلب من طرب أو حزن أو بسط أو قبض كذا في سلك السلوك. وفي مجمع السلوك وتسمّى الحال بالوارد أيضا. ولذا قالوا لا ورد لمن لا وارد له. أحوال عمل القلب التي ترد على قلب السّالك من صفاء الأذكار. وهذا يعني أنّ الأحوال لها علاقة بالقلب وليس بالجوارح.
وهذا المعنى الذي هو غيبي بعد حصول الصّفاء بسبب الأذكار يظهر في القلب. إذن الأحوال هي من جملة المواهب. وأمّا المقامات فمن جملة المكاسب وقيل: الحال معنى يتّصل بالقلب وهو وارد من الله تعالى. وقد يمكن تحصيله بالتكلّف ولكنه يذهب. ويقول بعض المشايخ: للحال دوام وبقاء لأنّ الموصوف إذا لم يتّصف بصفة البقاء فلا يكون حالا. بل لوائح. ولم يصل صاحبه إلى الحال. ألا ترى أنّ المحبة والشوق والقبض والبسط هي من جملة الأحوال، فإن لم يكن لها دوام فلا المحب يكون محبا ولا المشتاق مشتاقا وما لم يتّصف العبد بصفة الحال فلا يطلق عليه ذلك الاسم. ويقول بعضهم بعدم بقاء ودوام الحال، كما قال الجنيد: الحال نازلة تنزل بالقلب ولا تدوم. وفي الاصطلاحات الصوفية لكمال الدين الأحوال هي المواهب الفائضة على العبد من ربه، إمّا واردة عليه ميراثا للعمل الصالح المزكّي للنفس المصفّي للقلب، وإمّا نازلة من الحق تعالى امتنانا محضا. وإنّما سميت الأحوال أحوالا لحول العبد بها من الرسوم الخلقية ودركات البعد إلى الصفات الحقية ودرجات القرب وذلك هو معنى الترقّي.
وفي اصطلاح النّحاة يطلق لفظ يدل على الحال بمعنى الزمان الذي أنت فيه وضعا نحو قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ صيغته صيغة المستقبل بعينها، وعلى لفظ يبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به لفظا أو معنى على ما ذكره ابن الحاجب في الكافية. والمراد بالهيئة الحالة أعم من أن تكون محقّقة كما في الحال المحقّقة أو مقدّرة كما في الحال المقدّرة.
وأيضا هي أعمّ من حال نفس الفاعل أو المفعول أو متعلّقهما مثلا نحو جاء زيد قائما أبوه، لكنه يشكّل بمثل جاء زيد والشمس طالعة، إلّا أن يقال: الجملة الحالية تتضمّن بيان صفة الفاعل أي مقارنة بطلوع الشمس.
وأيضا هي أعمّ من أن تدوم الفاعل أو المفعول أو تكون كالدائم لكون الفاعل أو المفعول موصوفا بها غالبا كما في الحال الدائمة، ومن أن تكون بخلافه كما في الحال المنتقلة. ولا بدّ من اعتبار قيد الحيثية المتعلّقة بقوله يبيّن أي يبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به من حيث هو فاعل أو مفعول. فبذكر الهيئة خرج ما يبيّن الذات كالتمييز، وبإضافتها إلى الفاعل والمفعول به يخرج ما يبيّن هيئة غيرهما كصفة المبتدأ نحو: زيد العالم أخوك. وبقيد الحيثية خرج صفة الفاعل أو المفعول فإنّها تدلّ على هيئة الفاعل أو المفعول مطلقا لا من حيث إنّه فاعل أو مفعول. ألا ترى أنهما لو انسلخا عن الفاعلية والمفعولية وجعلا مبتدأ وخبرا أو غير ذلك كان بيانها لهيئتهما محالا. وهذا الترديد على سبيل منع الخلوّ لا الجمع، فلا يخرج منه نحو ضرب زيد عمروا راكبين. والمراد بالفاعل والمفعول به أعمّ من أن يكون حقيقة أو حكما فيدخل فيه الحال عن المفعول معه لكونه بمعنى الفاعل أو المفعول به، وكذا عن المصدر مثل:
ضربت الضرب شديدا فإنه بمعنى أحدثت الضرب شديدا، وكذا عن المضاف إليه كما إذا كان المضاف فاعلا أو مفعولا يصحّ حذفه وقيام المضاف إليه مقامه، فكأنّه الفاعل أو المفعول نحو: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً إذ يصح أن يقال: بل نتبع إبراهيم حنيفا، أو كان المضاف فاعلا أو مفعولا وهو جزء المضاف إليه، فكان الحال عنه هو الحال عن المضاف، وإن لم يصح قيامه مقامه كمصبحين في قوله تعالى أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ فإنّه حال عن هؤلاء باعتبار أن الدابر المضاف إليه جزؤه وهو مفعول ما لم يسمّ فاعله باعتبار ضميره المستكن في المقطوع. ولا يجوز وقوع الحال عن المفعول فيه وله لعدم كونهما مفعولين لا حقيقة ولا حكما.
اعلم أنّه جوّز البعض وقوع الحال عن المبتدأ كما وقع في چلپي التلويح، وجوّز المحقق التفتازاني والسيّد الشريف وقوع الحال عن خبر المبتدأ، وقد صرّح في هداية النحو أنّه لا يجوز الحال عن فاعل كان. فعلى مذهبهم هذا الحدّ لا يكون جامعا، والظاهر أنّ مذهب ابن الحاجب مخالف لمذهبهم، ولذا جعل الحال في: زيد في الدار قائما عن ضمير الظرف لا من زيد المبتدأ، وجعل الحال في:
هذا زيد قائما عن زيد باعتبار كونه مفعولا لأشير أو أنبه المستنبطين من فحوى الكلام.
وقوله لفظا أو معنى أي سواء كان الفاعل والمفعول لفظيا بأن يكون فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول باعتبار لفظ الكلام ومنطوقه من غير اعتبار أمر خارج يفهم من فحوى الكلام، سواء كانا ملفوظين حقيقة نحو ضربت زيدا قائما أو حكما نحو زيد في الدار قائما، فإنّ الضمير المستكن في الظرف ملفوظ حكما أو معنويا بأن يكون فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول باعتبار معنى يفهم من فحوى الكلام، نحو: هذا زيد قائما، فإنّ لفظ هذا يتضمن الإشارة والتنبيه أي أشير أو أنبّه إلى زيد قائما.
التقسيم

تنقسم الحال باعتبارات. الأول: انقسامها باعتبار انتقال معناها ولزومه إلى قسمين منتقلة وهو الغالب وملازمة وذلك واجب في ثلاث مسائل إحداها الجامدة الغير المؤوّلة بالمشتقّ نحو هذا مالك ذهبا وهذه جبّتك خزّا. وثانيتها المؤكّدة نحو وَلَّى مُدْبِراً. وثالثتها التي دلّ عاملها على تجدّد صاحبها نحو وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً. وتقع الملازمة في غير ذلك بالسماع، ومنه قائِماً بِالْقِسْطِ إذا أعرب حالا. وقول جماعة إنها مؤكّدة وهم لأنّ معناها غير مستفاد مما قبلها هكذا في المغني.
الثاني انقسامها بحسب التبيين والتوكيد إلى مبيّنة وهو الغالب وتسمّى مؤسّسة أيضا. وإلى مؤكّدة وهي التي يستفاد معناها بدونها وهي ثلاثة:
مؤكّدة لعاملها نحو ولى مدبرا، ومؤكّدة لصاحبها نحو جاء القوم طرا ونحو لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً ومؤكّدة لمضمون جملة نحو زيد أبوك عطوفا. وأهمل النحاة المؤكّدة لصاحبها، ومثّل ابن مالك وولده بتلك الأمثلة للمؤكّدة لعاملها وهو سهو هكذا في المغني.
قال المولوي عصام الدين الحال الدائمة ما تدوم ذا الحال أو تكون كالدائم له والمنتقلة بخلافها، وقد سبق إليه الإشارة في بيان فوائد قيود التعريف. وصاحب المغني سمّاها أي الحال الدائمة بالملازمة، إلّا أنّ ظاهر كلامهما يدلّ على أنها تكون دائمة لذي الحال لا أن تكون كالدائمة له فليس فيما قالا مخالفة كثيرة إذ يمكن التوفيق بين كلاميهما بأن يراد باللزوم في كلام صاحب المغني أعمّ من اللزوم الحقيقي والحكمي، فعلم من هذا أنّ المنتقلة مقابلة للدائمة وأنّ المؤكّدة قسم من الدائمة مقابلة للمؤسّسة. ومنهم من جعل المؤكّدة مقابلة للمنتقلة. فقد ذكر في الفوائد الضيائية أنّ الحال المؤكدة مطلقا هي التي لا تنتقل من صاحبها ما دام موجودا غالبا، بخلاف المنتقلة وهي قيد للعامل بخلاف المؤكّدة انتهى.

وقال الشيخ الرضي: الحال على ضربين:
منتقلة ومؤكّدة، ولكل منهما حد لاختلاف ماهيتهما. فحدّ المنتقلة جزء كلام يتقيد بوقت حصول مضمونه تعلق الحدث بالفاعل أو المفعول وما يجري مجراهما. وبقولنا جزء كلام تخرج الجملة الثانية في ركب زيد وركب مع ركوبه غلامه إذا لم تجعلها حالا. وبقولنا بوقت حصول مضمونه يخرج نحو: رجع القهقرى لأنّ الرجوع يتقيّد بنفسه لا بوقت حصول مضمونه.
وقولنا تعلق الحدث فاعل يتقيّد ويخرج منه النعت فإنّه لا يتقيد بوقت حصوله ذلك التعلّق، وتدخل الجملة الحالية عن الضمير لإفادته تقيّد ذلك التعلّق وإن لم يدلّ على هيئة الفاعل والمفعول. وقولنا وما يجري مجراهما يدخل فيه الحال عن الفاعل والمفعول المعنويين وعن المضاف إليه. وحدّ المؤكّدة اسم غير حدث يجيء مقررا لمضمون جملة. وقولنا غير حدث احتراز عن نحو رجع رجوعا، انتهى حاصل ما ذكره الرضي.
وفي غاية التحقيق ما حاصلــه أنّهم اختلفوا. فمنهم من قال لا واسطة بين المنتقلة والمؤكّدة فالمؤكّدة ما تكون مقررة لمضمون جملة اسمية أو فعلية والمنتقلة ما ليس كذلك.

ومنهم من أثبت الواسطة بينهما فقال: المنتقلة متجدّدة لا تقرّر مضمون ما قبلها سواء كان ما قبلها مفردا أو جملة اسمية أو فعلية، والمؤكّدة تقرّر مضمون جملة اسمية، والدائمة تقرّر مضمون جملة فعلية انتهى.
الثالث انقسامها بحسب قصدها لذاتها والتوطئة بها إلى قسمين: مقصودة وهو الغالب وموطئة وهي اسم جامد موصوف بصفة هي الحال في الحقيقة بأن يكون المقصود التقييد بها لا بموصوفها، فكأنّ الاسم الجامد وطّاء الطريق لما هو حال في الحقيقة، نحو قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا، ونحو فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا، فإنّ القرآن والبشر ذكرا لتوطئة ذكر عربيا وسويّا. وتقول جاءني زيد رجلا محسنا.
فما قيل القول بالموطئة إنّما يحسن إذا اشترط الاشتقاق، وأما إذا لم يشترط فينبغي أن يقال في جاءني زيد رجلا بهيّا إنّهما حالان مترادفان ليس بشيء.
الرابع انقسامها بحسب الزمان إلى ثلاثة أقسام: مقارنة وتسمّى الحال المحققة أيضا وهو الغالب نحو وَهذا بَعْلِي شَيْخاً ومقدّرة وهي المستقبلة نحو فَادْخُلُوها خالِدِينَ، أي مقدّرين الخلود ونحو وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا أي مقدّرا نبوته، ومحكية وهي الماضية نحو جاء زيد أمس راكبا.
الخامس انقسامها باعتبار تعدّدها واتحاد أزمنتها واختلافها إلى المتوافقة والمتضادة، فالمتوافقة هي الأحوال التي تتحد في الزمان والمتضادة ما ليس كذلك.
السادس انقسامها باعتبار وحدة ذي الحال وتعدّده إلى المتزادفة والمتداخلة. فالمترادفة هي الأحوال التي صاحبها واحد والمتداخلة ما ليس كذلك بل يكون الحال الثانية من ضمير الحال الأولى. وفي الإرشاد يجوز تعدّد الحال متوافقة سواء كانت مترادفة أو متداخلة، وكذا متضاده مترادفة لا غير. فالمتوافقة المتداخلة نحو جاءني زيد راكبا قارئا على أن يكون قارئا حالا من ضمير راكبا. فإن جعلت قارئا حالا من زيد يصير هذا مثالا للمتوافقة المترادفة. والمتضادة المترادفة نحو رأيت زيدا راكبا ساكنا.
فائدة:
إن كان الحالان مختلفتين فالتفريق واجب نحو لقيته مصعدا منحدرا أي لقيته وأنا مصعد وهو منحدر أو بالعكس. وإن كانتا متفقتين فالجمع أولى نحو لقيته راكبين أو لقيت راكبا زيدا راكبا أو لقيت زيدا راكبا راكبا. قال الرضي إن كانتا مختلفتين فإن كان قرينة يعرف بها صاحب كلّ واحد منهما جاز وقوعهما كيف كانتا نحو لقيت هندا مصعدا منحدرة، وإن لم تكن فالأولى أن يجعل كلّ حال بجنب صاحبه نحو لقيت منحدرا زيدا مصعدا. ويجوز على ضعف أن يجعل حال المفعول بجنبه ويؤخّر حال الفاعل، كذا في العباب. فائدة: يجتمع الحال والتمييز في خمسة أمور: الأول الاسمية. والثاني التنكير. والثالث كونهما فضلة. والرابع كونهما رافعين للإبهام.
والخامس كونهما منصوبين. ويفترقان في سبعة أمور: الأول أنّ الحال قد تكون جملة وظرفا وجارا ومجرورا والتمييز لا يكون إلّا اسما.
والثاني أنّ الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها نحو لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى بخلاف التمييز. الثالث أنّ الحال مبيّنة للهيئات والتمييز مبيّن للذوات. الرابع أنّ الحال قد تتعدّد بخلاف التمييز. الخامس أنّ الحال تتقدم على عاملها إذا كان فعلا متصرفا أو وصفا يشبهه، بخلاف التمييز على الصحيح. السادس أنّ الحال تؤكّد لعاملها بخلاف التمييز. السابع أنّ حقّ الحال الاشتقاق وحق التمييز الجمود.
وقد يتعاكسان فتقع الحال جامدة نحو هذا مالك ذهبا، والتمييز مشتقا نحو لله دره فارسا. وكثير منهم يتوهّم أنّ الحال الجامدة لا تكون إلّا مؤوّلة بالمشتق وليس كذلك. فمن الجوامد الموطئة كما مرّ. ومنها ما يقصد به التشبيه نحو جاءني زيد أسدا أي مثل أسد. ومنها الحال في نحو بعت الشاة شاة ودرهما، وضابطته أن تقصد التقسيط فتجعل لكل جزء من أجزاء المتجزئ قسطا وتنصب ذلك القسط على الحال، وتأتي بعده بجزء تابع بواو العطف أو بحرف الجر نحو بعت البرّ قفيزين بدرهم، كذا في الرضي والعباب. ومنها المصدر المؤوّل بالمشتق نحو أتيته ركضا أي راكضا، وهو قياس عند المبرّد في كل ما دلّ عليه الفعل. ومعنى الدلالة أنه في المعنى من تقسيمات ذلك الفعل وأنواعه نحو أتانا سرعة ورجلة خلافا لسيبويه حيث قصره على السماع. وقد تكون غير مصدر على ضرب من التأويل بجعله بمعنى المشتق نحو جاء البرّ قفيزين. ومنه ما كرّر للتفصيل نحو بينت حسابه بابا بابا أي مفصّلا باعتبار أبوابه، وجاء القوم ثلاثة ثلاثة أي مفصّلين باعتبار هذا العدد، ونحو دخلوا رجلا فرجلا، أو ثم رجلا أي مرتّبين بهذا الترتيب. ومنه كلّمته فاه إلى فيّ وبايعته يدا بيد انتهى.
والحال في اصطلاح أهل المعاني هي الأمر الداعي إلى التكلّم على وجه مخصوص أي الداعي إلى أن يعتبر مع الكلام الذي يؤدّى به أصل المعنى خصوصية ما هي المسمّاة بمقتضى الحال، مثلا كون المخاطب منكرا للحكم حال يقتضي تأكيد الحكم والتأكيد مقتضاها، وفي تفسير التكلّم الذي هو فعل اللسان باعتبار الذي هو فعل القلب مسامحة مبالغة في التنبيه على أنّ التكلّم على الوجه المخصوص إنما يعدّ مقتضى الحال إذا اقترن بالقصد والاعتبار، حتى إذا اقتضى المقام التأكيد ووقع ذلك في كلام بطريق الاتفاق لا يعدّ مطابقا لمقتضى الحال. وفي تقييد الكلام بكونه مؤدّيا لأصل المعنى تنبيه على أنّ مقتضيات الأحوال تجب أن تكون زائدة على أصل المعنى، ولا يرد اقتضاء المقام التجرّد عن الخصوصيات لأنّ هذا التجرّد زائد على أصل المعنى. وهذا هو مختار الجمهور، وإليه ذهب صاحب الأطول، فقال: مقتضى الحال هو الخصوصيات والصفات القائمة بالكلام.
فالخصوصية من حيث إنها حال الكلام ومرتبط به مطابق لها من حيث إنها مقتضى الحال والمطابق والمطابق متغايران اعتبارا على نحو مطابقة نسبة الكلام للواقع. وعلى هذا النحو قولهم: علم المعاني علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال أي يطابق صفة اللفظ مقتضى الحال، وهذا هو المطابق بعبارات القوم حيث يجعلون الحذف والذكر إلى غير ذلك معلّلة بالأحوال. ولذا يقول السكّاكي الحالة المقتضية للذكر والحذف والتأكيد إلى غير ذلك، فيكون الحال هي الخصوصية وهو الأليق بالاعتبار لأنّ الحال عند التحقيق لا تقتضي إلّا الخصوصيات دون الكلام المشتمل عليها كما ذهب إليه المحقّق التفتازاني، حيث قال في شرح المفتاح: الحال هو الأمر الداعي إلى كلام مكيّف بكيفية مخصوصة مناسبة. وقال في المطول: مقتضى الحال عند التحقيق هو الكلام المكيّف بكيفية مخصوصة. ومقصوده إرادة المحافظة على ظاهر قولهم هذا الكلام مطابق لمقتضى الحال، فوقع في الحكم بأنّ مقتضى الحال هو الكلام الكلّي والمطابق هو الكلام الجزئي للكلّي، على عكس اعتبار المنطقيين من مطابقة الكلّي للجزئي، فعدل عمّا هو ظاهر المنقول وعمّا هو المعقول، وارتكب التكلّف المذكور.
فائدة: قال المحقّق التفتازاني الحال والمقام متقاربان بالمفهوم والتغاير بينهما بالاعتبار، فإنّ الأمر الداعي مقام باعتبار توهّم كونه محلا لورود الكلام فيه على خصوصية، وحال باعتبار توهّم كونه زمانا له. وأيضا المقام يعتبر إضافته في أكثر الأحوال إلى المقتضى بالفتح إضافة لامية، فيقال مقام التأكيد والإطلاق والحذف والإثبات والحال إلى المقتضي بالكسر إضافة بيانية، فيقال حال الإنكار وحال خلوّ الذهن وغير ذلك. ثم تخصيص الأمر الداعي بإطلاق المقام عليه دون المحلّ والمكان والموضع إمّا باعتبار أنّ المقام من قيام السوق بمعنى رواجه، فذلك الأمر الداعي مقام التأكيد مثلا أي محل رواجه، أو لأنه كان من عادتهم القيام في تناشد الأشعار وأمثاله فأطلق المقام على الأمر الداعي لأنهم يلاحظونه في محل قيامهم. وقال صاحب الأطول: الظاهر أنهما مترادفان إذ وجه التسمية لا يكون داخلا في مفهوم اللفظ حتى يحكم بتعدد المفهوم بالاعتبار، ولذا حكمنا بالترادف.
وهاهنا أبحاث تطلب من الأطول والمطوّل وحواشيه.

الفكر

الفكر: ترتيب أمور معلومة للتأدي إلى مجهول ذكره ابن الكمال. وقال الأكمل: الفكر حركة النفس من المطالب إلى الأوائل، والرجوع منها إليها. وقال العكبري: الفكر جولان الخاطر في النفس. وقال الراغب: الفكر قوة مطرقة للعلم إلى المعلوم، والتفكر جريان تلك القوة بحسب نظر العقل، وذلك للإنسان لا للحيوان، ولا يقال إلا فيما يمكن أن يحصل له صورة في القلب. وقيل الفكر مقلوب عن الفرك، لكن يستعمل الفكر في المعاني وهي فرك الأمور وبحثها طلبا للوصول إلى حقيقتها. 
الفكر:
[في الانكليزية] Thought ،reflection
[ في الفرنسية] Pensee ،reflexion
بالكسر وسكون الكاف عند المتقدّمين من المنطقيين يطلق على ثلاثة معان. الأول حركة النفس في المعقولات بواسطة القوة المتصرّفة، أيّ حركة كانت، أي سواء كانت بطلب أو بغيره، وسواء كانت من المطالب أو إليها، فخرج بقيد الحركة الحدس لأنّه الانتقال من المبادئ إلى المطالب دفعة لا تدريجا. والمراد بالمعقولات ما ليست محسوسة وإن كانت من الموهومات فخرج التخيّل لأنّه حركة النفس في المحسوسات بواسطة المتصرّفة، وتلك القوة واحدة لكن تسمّى باعتبار الأول متفكّرة وباعتبار الثاني أي باعتبار حركة النفس بواسطتها في المحسوسات تسمّى متخيّلة؛ هذا هو المشهور.
والأولى أن يزاد قيد القصد لأنّ حركة النفس فيما يتوارد من المعقولات بلا اختيار كما في المنام لا تسمّى فكرا. ولا شكّ أنّ النفس تلاحظ المعقولات في ضمن تلك الحركة، فقيل الفكر هو تلك الحركة والنظر هو الملاحظة التي في ضمنها، وقيل لتلازمهما أنّ الفكر والنظر مترادفان. والثاني حركة النفس في المعقولات مبتدئة من المطلوب المشعور بوجه ما، مستغرقة فيها طالبة لمبادئه المؤدّية إليه إلى أن تجدها وترتّبها، فترجع منها إلى المطلوب، أعني مجموع الحركتين، وهذا هو الفكر الذي يترتّب عليه العلوم الكسبية ويحتاج في تحصيل جزئيه المادّية والصورية جميعا إلى المنطق، ويجيء تحقيق ذلك في لفظ النظر، ويرادفه النظر في المشهور بناء على التلازم المذكور. وقيل هو هاتان الحركتان والنّظر هو ملاحظة المعقولات في ضمنهما، وهذا المعنى أخصّ من الأوّل كما لا يخفى. والثالث هو الحركة الأولى من هاتين الحركتين أي الحركة من المطلوب إلى المبادئ وحدها من غير أن توجد الحركة الثانية معها وإن كانت هي المقصودة منها، وهذا هو الفكر الذي يقابله الحدس تقابلا يشبه تقابل الصاعدة والهابطة، إذ الانتقال من المبادئ إلى المطالب دفعة يقابله عكسه الذي هو الانتقال من المطالب إلى المبادي، وإن كان تدريجا، لكنّ شارح المطالع جعل الحدس بإزاء مجموع الحركتين، فإنّه لا يجامعه في شيء معيّن أصلا ويجامع الحركة الأولى، كما إذا تحرّك في المعقولات فاطّلع على مباد مترتّبة فانتقل منها إلى المطلوب دفعة. وأيضا الحدس عدم الحركة في مسافة فلا يقابل الحركة في مسافة أخرى. والتحقيق أنّ الحدس بحسب المفهوم يقابل الفكر بأيّ معنى كان إذ قد اعتبر في مفهومه الحركة وفي مفهوم الحدس عدمها. وأمّا بحسب الوجود بالنسبة إلى شيء معيّن فلا يجامع مجموع الحركتين ويجامع الأوّل والثالث كما عرفت، ولا ينافي ذلك كون عدم الحركة معتبرا في مفهومه لأنّ الحركة التي لا تجامعه ليست جزءا من ماهيته ولا شرطا لوجوده. ثم إنّ هذا المعنى أخصّ من الأول أيضا وأعمّ من الثاني لعدم اعتبار وجود الحركة الثانية فيه. وعند المتأخّرين هو الترتيب اللازم للحركة الثانية كما هو المشهور. وذكر السّيّد السّند في حاشية العضدي أنّ الحركة الثانية يطلق عليها الفكر على مذهب المتأخّرين انتهى.
ويرادف الفكر النظر في القول المشهور. وقيل الفكر هو الترتيب والنظر ملاحظة المعقولات في ضمنه، هكذا ذكر أبو الفتح في حاشية الحاشية الجلالية، ويجيء توضيح ذلك في لفظ النظر أيضا.
فائدة:
قالوا الفكر هو الذي يعدّ في خواصّ الإنسان، والمراد الاختصاص بالنسبة إلى باقي الحيوانات لا مطلقا.
فائدة:
قالوا حركة النفس واقعة في مقولة الكيف لأنّها حركتها في صور المعقولات التي هي كيفيات، وهذا على مذهب القائلين بالشّبح والمثال. وأمّا على مذهب من يقول إنّ العلم بحصول ماهيات الأشياء أنفسها فتلك الحركة من قبيل الحركة في الكيفيات النفسانية لا من الحركات النفسانية.
فائدة:
الفكر يختلف في الكيف أي السرعة والبطء وفي الكم أي القلّة والكثرة، والحدس يختلف أيضا في الكم وينتهي إلى القوة القدسية الغنية عن الفكر بالكلّية. بيان ذلك أنّ أول مراتب الإنسان في إدراك ما ليس له حاصلــا من النظريات درجة التعلّم، وحينئذ لا فكر له بنفسه، بل إنّما يفكر المتعلّم حين التعلّم بمعونة المعلّم، وفي هذا خلاف السّيّد السّند، فإنّ عنده لا فكر للمتعلّم، ثم يترقّى إلى أن يعلم بعض الأشياء بفكره بلا معونة معلّم، ويتدرّج في ذلك أي يترقّى درجة درجة في هذه المرتبة إلى أن يصير الكلّ فكريّا أي يصير كلما يمكن أن يحصل له من النظريات فكريا أي بحيث يقدر على تحصيله بفكره بلا معونة معلّم، ثم يظهر له بعض الأشياء بالحدس ويتكثّر ذلك على التدريج إلى أن يصير الأشياء كلها حدسية، وهي مرتبة القوة القدسية، ومعناه أنّه لو لم يكن بعض الأشياء حاصلــة بالفكر فهو يعلمه الآن بالحدس.
فإن قيل في تأخّر هذه المرتبة نظر إذ لا يتوقّف صيرورة الأشياء حدسيا على صيرورة الكلّ فكريا. قلت: ليس معنى صيرورة الكلّ فكريا كون الكلّ حاصلــا بالفكر بل التمكّن منه كما عرفت، ولا يراد بالتمكّن الاستعداد القريب بالنسبة إلى الجميع الذي يحصل بحصول مبادئ الجميع بالفعل ولا الاستعداد البعيد الذي حصل للعقل الهيولاني، بل الاستعداد القريب ولو بالنسبة إلى البعض. ولا خفاء في تأخّر هذه المرتبة عنه وإن كان لا يخلو عن نوع تكلّف.
ثم المراد بالقوة القدسية القوة المنسوبة إلى القدس وهو التنزّه هنا عن الرذائل الإنسانية والتعلّقات انتهى.
قال الحكماء هذه القوة القدسية لو وجدت لكان صاحبها نبيا أو حكيما إلهيا، فظهر أنّ الاختلاف في الكيف مختصّ بالفكر والاختلاف في الكم يعمّهما، هكذا يستفاد من شرح الطوالع وشرح المطالع وحواشيه في تقسيم العلم إلى الضروري والنظري.
قال الصوفية الفكر محتد الملائكة سوى إسرافيل وجبرائيل وعزرائيل وميكائيل عليهم السلام من محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
اعلم أنّ الدقيقة الفكرية أحد مفاتيح الغيب الذي لا يعلم حقيقتها إلّا الله، فإنّ مفاتيح الغيب نوعان: نوع حقّي ونوع خلقي. فالنوع الحقّي هو حقيقة الأسماء والصفات والنوع الخلقي هو معرفة تراكيب الجوهر الفرد من الذات أعني ذات الإنسان المقابل بوجوهه وجود الرحمن والفكر أحد تلك الوجوه. بلا ريب فهو مفتاح من مفاتيح الغيب، لكنه أبّن ذلك النور الوضاح الذي يستدلّ به إلى أخذ هذا المفتاح، فتفكر في خلق السموات والأرض لا فيهما، فإذا أخذ الإنسان في الترقّي إلى صور الفكر وبلغ حدّ سماء هذا الأمر أنزل الصور الروحانية إلى عالم الإحساس واستخرج الأمور الكتمانية على غير قياس، وعرج إلى السموات وخاطب أملاكها على اختلاف اللغات. وهذا العروج نوعان. فنوع على صراط الرحمن، من عرج على هذا الصراط المستقيم إلى أن بلغ من الفكر نقطة مركزه العظيم، وجال في سطح خطه القويم ظفر بالتجلّي المصون بالدّرّ المكنون في الكتاب المكنون الذي لا يمسّه إلّا المطهرون، وذلك اسم أدغم بين الكاف والنون مسماه إنّما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، وسلّم المعراج إلى هذه الدقيقة هي من الشريعة والحقيقة وأمّا النوع الآخر فهو السّحر الأحمر المودع في الخيال والتصوير المستور في الحقّ بحجب الباطل، والتزوير هو معراج الخسران وصراط الشيطان إلى مستوى الخذلان كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا، فينقلب النور نارا والقرار بوارا، فإن أخذ الله يده وأخرجه بلطفه بما أيّده جاز منه إلى المعراج الثاني فوجد الله تعالى عنده، فعلم مأوى الحقّ ومآبه، وتميّز في مقعد الصدق عن الطريق الباطل ومن يذهب ذهابه، وأحكم الأمر الإلهي فوفّاه حسابه. وإن أهمل انهلك في ذلك النار وترك على ذلك الفرار وطفح ناره على ثياب طبائعه فأكلها، ثم طلع دخانه إلى مشام روحه الأعلى فقتلها، فلا يهتدي بعدها إلى الصواب ولا يفهم معنى أمّ الكتاب، بل كلما يلقيه إليه من معاني الجمال أو من تنوّعات الكمال يذهب به إلى ضيع الضلال فيخرج به على صورة ما عنده من المحال، فلا يمكن أن يرجع إلى الحقّ.
اعلم أنّ الله خلق الفكر المحمدي من نور اسمه الهادي الرشيد، وتجلّى عليه باسميه المبدئ والمعيد، ثم نظر إليه بعين الباعث الشهيد، فلمّا حوى الفكر أسرار هذه الأسماء الحسنى وظهر بين العالم بلباس هذه الصفات العليا، خلق الله من فكر محمد صلى الله عليه وآله وسلم أرواح ملائكة السموات والأرض كلهم لحفظ الأسافل والعوالي، فلا تزال العوالم محفوظة ما دامت بهذه الملائكة ملحوظة، فإذا وصل الأجل المعلوم قبض الله أرواح هذه الملائكة ونقلهم إلى عالم الغيب بذلك القبض، فالتحق الأمر بعضه ببعض وسقطت السموات بما فيها على الأرض، وانتقل الأمر إلى الآخرة كما ينتقل إلى المعاني أمر الألفاظ الظاهرة، فافهم، كذا في الإنسان الكامل. ويقول في كشف اللغات ولطائف اللغات: الفكر في اصطلاح السّالكين هو سير السّالك بسير كشفي من الكثرة والتعيّنات (التي هي باطلة في الحقيقة أي هي عدم) إلى الحقّ، يعني بجانب وحدة الوجود المطلق الذي هو الحقّ الحقيقي. وهذا السّير عبارة عن وصول السّالك إلى مقام الفناء في الله، وتلاشي وامّحاء ذوات الكائنات في أشعّة نور وحدة الذّات كالقطرة في اليم.

المعرفة

المعرفة: عند النحاة: ما وضع ليدل على شيء بعينه وهي المضمرات والأعلام والمبهمات، وما عرف باللام، والمضاف إلى أحدهما.وعند أهل النظر: إدراك الشيء على ما هو عليه وهي مسبوقة بنسيان حاصل بعد العلم، ولذلك يسمى الحق تعالى بالعالم دون العارف.المعرفة عند القوم: سمو اليقين. وقيل سقوط الوهم لوضوح الاسم. وقيل زوال البرهان بكمال العيان. وقيل دثور الريب لظهور الغيب. وقيل هجوم الأنوار على الأبرار.
المعرفة:
[في الانكليزية] Knowledge
[ في الفرنسية] Connaissance
هي تطلق على معان. منها العلم بمعنى الإدراك مطلقا تصوّرا كان أو تصديقا. ولهذا قيل كلّ معرفة وعلم فإمّا تصوّر أو تصديق.
ومنها التصوّر كما سبق وعلى هذا يسمّى التصديق علما كما مرّ أيضا. ومنها إدراك البسيط سواء كان تصوّرا للماهية أو تصديقا بأحوالها، وإدراك المركّب سواء كان تصوّرا أو تصديقا، على هذا الاصطلاح يخصّ بالعلم، فبين المعرفة والعلم تباين بهذا المعنى، وكلاهما أخصّ من العلم بمعنى الإدراك مطلقا، وكذا الحال في المعنى الثاني للمعرفة والعلم. وبهذا الاعتبار يقال عرفت الله دون علمته. ومناسبة هذا الاصطلاح بما نسمعه من أئمة اللغة من حيث إنّ متعلّق المعرفة في هذا الاصطلاح وهو البسيط واحد ومتعلّق العلم وهو المركّب متعدّد، كما أنّهما كذلك عند أهل اللغة وإن اختلف وجه التعدّد والوحدة، فإنّ وجه التعدّد والوحدة في اللغوي يرجع إلى تقييد الاسم الأول بإسناد أمر إليه وإطلاقه عنه، سواء كان مدخوله مركّبا أو بسيطا، وفي الاصطلاحي إلى نفس المحكوم عليه. فإن كان مركّبا فهو متعلّق العلم وإن كان بسيطا فمتعلّق المعرفة. ومنها إدراك الجزئي سواء كان مفهوما جزئيا أو حكما جزئيا، وإدراك الكلّي مفهوما كلّيا كان أو حكما كلّيا على هذا الاصطلاح يخصّ بالعلم، وبالنظر إلى هذا يقال أيضا عرفت الله دون علمته، والمراد بالحكم التصديق، والنسبة بينهما على هذا على قياس المعنى الثاني والثالث، والنسبة بين تلك المعاني الثلاثة للمعرفة هي العموم من وجه، وكذا بين تلك المعاني الثلاثة للعلم، وكذا بين المعرفة بالمعنى الثاني أي بمعنى التصوّر وبين العلم بالمعنى الثالث الرابع، وكذا بين المعرفة بالمعنى الثالث والعلم بالمعنى والرابع، وكذا بين المعرفة بالمعنى الرابع والعلم بالمعنى الثالث كما لا يخفى. قيل الاصطلاح الثاني والرابع متفرّعان على الثالث لأنّ الجزئي والتصوّر أشبه بالبسيط والكلّي والتصديق بالمركّب، هذا والأقرب أن يجعل استعمال المعرفة في التصوّرات والعلم في التصديقات أصلا لأنّه عين المعنى اللغوي ثم يفرّع عليه المعنيان الآخران، هكذا في شرح المطالع وحواشيه وحواشي المطول. ومنها إدراك الجزئي عن دليل كما في التوضيح في تعريف الفقه ويسمّى معرفة استدلالية أيضا. ومنها الإدراك الأخير من الإدراكين لشيء واحد إذا تخلّل بينهما عدم بأن أدرك أولا ثم ذهل عنه ثم أدرك ثانيا. قيل المراد بالذهول هو ما يفضي إلى نسيان محوج إلى كسب جديد وإلّا فالــحاصل بعد الذهول التفات لا إدراك إلّا مجازا. والحقّ أنّ الذهول زوال الصورة عن المدركة فيكون الموجود بعده إدراكا، وإن كان بلا كسب جديد. ومنها الإدراك الذي هو بعد الجهل ويعبّر عنه أيضا بالإدراك المسبوق بالعدم والعلم يقال للإدراك المجرّد من هذين الاعتبارين بمعنى أنّه لم يعتبر فيه شيء من هذين القيدين، وبالنظر إلى هذه المعاني الثلاثة يقال: الله تعالى عالم ولا يقال عارف، إذ ليس إدراكه تعالى استدلاليا ولا مسبوقا بالعدم ولا قابلا للذهول، والنسبة بين المعرفة والعلم بهذين المعنيين هي العموم مطلقا، هكذا في حواشي المطول في تعريف علم المعاني، وباقي النّسب يظهر بأدنى توجّه.
ومنها ما هو مصطلح الصوفية. قال في مجمع السلوك: المعرفة لغة العلم، وعرفا العلم الذي تقدّمه نكرة. وفي عبارة الصوفية العلم الذي لا يقبل الشكّ إذا كان المعلوم ذات الله تعالى وصفاته، ومعرفة الذات أن يعلم أنّه تعالى موجود واحد فرد وذات وشيء وقائم ولا يشبه شيئا ولا يشبهه. وأما معرفة الصفات فأن يعرف الله تعالى حيّا عالما سميعا بصيرا مريدا متكلّما إلى غير ذلك من الصفات. وإنما لا تطلق المعرفة على الله تعالى لأنّها في الأصل اسم لعلم كان بعد أن لم يكن، وعلمه تعالى قديم.
ثم المعرفة إمّا استدلالية، وهو الاستدلال بالآيات على خالقها لأنّ منهم من يرى الأشياء فيراه بالأشياء، وهذه المعرفة على التحقيق إنّما تحصل لمن انكشف له شيء من أمور الغيب حتى استدلّ على الله تعالى بالآيات الظاهرة والغائبة، فمن اقتصر استدلاله بظاهر العالم دون باطنه فلم يستدل بالدليلين فتعطّل استدلاله بالباطن وهي درجة العلماء الراسخين في العلم.
وأمّا شهودية ضرورية وهو الاستدلال بناصب الآيات على الآيات، وهي درجة الصّدّيقين وهم أصحاب المشاهدة. قال بعض المشايخ: رأيت الله قبل كلّ شيء وهو عرفان الإيقان والإحسان، فعرفوا كلّ شيء به لا أنّهم عرفوه بشيء انتهى. ويقرب من هذا ما في شرح القصيدة الفارضية من أنّ المعرفة أخصّ من العلم لأنّها تطلق على معنيين، كلّ منهما نوع من العلم، أحدهما العلم بأمر باطن يستدلّ عليه بأثر ظاهر كما توسّمت شخصا فعلمت باطن أمره بعلامة ظاهرة منه، ومن ذلك ما خوطب به رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ. وثانيهما العلم بمشهود سبق به عهد كما رأيت شخصا رأيته قبل ذلك بمدة فعلمت أنّه ذلك المعهود، فقلت عرفته بعد كذا سنّة عهده، فالمعروف على الأول غائب وعلى الثاني شاهد. وهل التفاوت البعيد بين عارف وعارف إلّا لبعد التفاوت بين المعرفتين؟ فمن العارفين من ليس له طريق إلى معرفة الله تعالى إلّا الاستدلال بفعله على صفته وبصفته على اسمه وباسمه على ذاته، أولئك ينادون من مكان بعيد. ومنهم من يحمله العناية الأزلية فتطرقه إلى حريم الشّهود فيشهد المعروف تعالى جده بعد المشاهدة السابقة في معهد أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ويعرف به أسماءه وصفاته على عكس ما يعرفه العارف الأول، فبين العارفين بون بيّن، إذ الأول لغيبة معروفة كنائم يرى خيالا غير مطابق للواقع، والثاني لشهود معروفه كمستيقظ يرى مشهودا حقيقيا مطابقا للواقع انتهى كلامه.

قال في مجمع السلوك: أوحى الله تعالى لداود عليه السلام يا داود: أتدري ما معرفتي؟ قال:

لا. قال: حياة القلب في مشاهدتي. وقال الواسطي: المعرفة ما شاهدته حسّا والعلم ما شاهدته خبرا أي بخبر الأنبياء عليهم السلام.

وقال البعض: المعرفة اسم لعلم تقدّمه نكرة وغفلة، ولهذا لا يصحّ إطلاقه على الله تعالى.

وقال الشبلي: إذا كنت بالله تعالى متعلّقا لا بأعمالك غير ناظر إلى ما سواه فأنت كامل المعرفة. وقيل الرؤية في الآخرة كالمعرفة في الدنيا كما أنّه تعالى يعرف في الدنيا من غير إدراك كذلك يرى في العقبى من غير إدراك، لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ.
وقالوا من لم يعرف الله تعالى فالسكوت عليه حتم، ومن عرف الله تعالى فالصّمت له جزم.
ولذلك قيل من عرف الله كلّ لسانه، ولا يعارضه ما قيل: من عرف الله طال لسانه: إذ المعنى من عرف الله بالذات كلّ لسانه ومن عرف الله بالصفات طال لسانه. لأنّ الشّخص الذي له مقام التلوين يكون له معرفة الصفات، وأمّا من كان في مقام التمكين فله معرفة الذات.
وذلك مثل سيدنا موسى عند ما كان في مقام التلوين فتطاول قائلا: ربّ أرني أنظر إليك.

فجاءه الجواب: لن تراني. وأمّا نبيّنا المصطفى صلى الله عليه وسلم فلكونه في مقام التمكين فلم يتطاول بلسانه ولم يطلب الرؤية لهذا حظي بالرؤية. أو يقال: المعنى من عرف الله بمعرفته الشهودية الضرورية كلّ لسانه، ومن عرف الله بمعرفته الاستدلالية طال لسانه انتهى. وفي خلاصة السلوك: المعرفة ظهور الشيء للنفس عن ثقة، قال به عليّ بن عيسى. وقال عبد الله بن يحيى إذا أراك الاضطراب عن مقام العلم بدوام الصحبة فهو معرفة. وقيل المعرفة إحاطة العلم بالأشياء، قال عليه الصلاة والسلام: «لو عرفتم الله حقّ معرفته لزال الجبال عن دعائكم». قال أبو يزيد: حقيقة المعرفة الحياة بذكر الله وحقيقة الجهل الغفلة عن الله.
حكى أبو عليّ ثمرة المعرفة إذا ابتلي صبر وإذا أعطي النّعم شكر وإذا أصابه المكروه رضي.

وقال أهل الإشارات: العارف من لا يشغله شاغل طرفة عين. قال الجنيد: العارف الذي نطق الحقّ عن سرّه وهو ساكت. وقيل الذي ضاقت الدنيا عليه بسعتها. وقيل: الناس على أربعة أصناف: الثابت الذي يعمل للدرجات، والمحبّ الذي يعمل للزلفى القريبة، والعارف الذي يعمل لرضاء ربه من غير حفظ لنفسه منه.
ومنها ما هو مصطلح النحاة وهي اسم وضع لشيء بعينه. وقيل اسم وضع ليستعمل في شيء بعينه ويقابلها النكرة. اعلم أنّ التعريف عبارة عن جعل الذات مشارا بها إلى خارج إشارة وضعية ويقابلها التنكير وهو جعل الذات غير مشار بها إلى خارج في الوضع، والمراد بالذات المعنى المستقلّ بالمفهومية الذي يصلح أن يحكم عليه وبه، وهو معنى الاسم فقط، فإنّ معنى الفعل والجملة لدخول النسبة فيه خارج عن تلك الصلاحية، وكذا معنى الحرف. ثم لا يخفى أنّ المشار به إلى خارج إنّما هو اللفظ الدالّ على الذات وإنّما نسب إليها مجازا أو أراد بالذات ما يدلّ عليها مجازا، فالتعريف والتنكير من عوارض الذات أي من عوارض ما يكون مدلوله الذات، فلا يجريان في غير الاسم. فعلى هذا لو بدّل الذات بالاسم لكان أنسب. والمراد بالخارج مقابل الذهن. وإنّما قيل إلى خارج لأنّ كلّ اسم موضوع للدلالة على ما سبق في علم المخاطب بكون ذلك الاسم دالا عليه، ومن ثمّة لا يحسن أن يخاطب بلسان إلّا من سبق معرفته بذلك اللسان، فعلى هذا كلّ لفظ فهو إشارة إلى ما ثبت في ذهن المخاطب أنّ ذلك اللفظ موضوع له، فلو لم يقل إلى خارج لدخل في الحدّ جميع الأسماء معارفها ونكراتها. وتوضيحه أنّ المعرفة يشار بها إلى ما في الذهن من حيث حضوره فيه، ولهذا قيل المعرفة يقصد بها معيّن عند السامع من حيث هو معيّن كأنه إشارة إليه بذلك الاعتبار. وأمّا النكرة فيقصد بها التفات الذهن إلى المعيّن من حيث ذاته ولا يلاحظ فيها تعيينه وإن كان معيّنا في نفسه، لكن بين مصاحبة التعيين وملاحظته فرق جلي. ولا شكّ في أنّ الأمر الحاضر في الذهن وإن كان أمرا ذهنيا إلّا أنه مع قيد الحضور في الذهن أمر خارج عن الذهن لأنّ الموجود في الذهن مجرّد ذاته لا مع قيد الحضور فيه، فالمراد بالخارج المعيّن من حيث هو معيّن، وقد يقيّد الخارج بالمختصّ ويجعل فائدته الاحتراز عن الضمائر العائدة إلى ما لم يختص بشيء قبله نحو: أرجل قائم أبوه، ونحو: ربّه رجلا وربّ رجل وأخيه، ويا لها قصة، فإنّ هذه الضمائر نكرات إذ لم يسبق اختصاص المرجوع إليه بحكم. ولو قلت ربّ رجل كريم وأخيه، وربّ شاة سوداء وسخلتها لم يجز لأنّ الضمير معرفة لرجوعه إلى نكرة مخصصة بالصفة. وفيه بحث لأنّه إن كانت هذه الضمائر إشارة إلى ما في الذهن من حيث حضوره فيه كان الظاهر كونها معرفة لا نكرة، وإن كانت إشارة إليه من حيث ذاته خرجت من قيد خارج فلم يحتج إلى قيد مختص. وأيضا معنى التعريف هو التعيين أي الإشارة إلى معلوم حاضر في ذهن السامع من حيث هو معلوم وإن كان مبهما كما سبق، وهذا المعنى موجود في الضمير العائد إلى النكرة، فلا وجه للحكم بكونه نكرة. وأيضا لمّا اعتبر مجرّد الإشارة إلى الخارج فاعتبار التخصيص الغير الواصل إلى حدّ التعيين مستبعد جدا. ولما كان الحقّ إدخال تلك الضمائر في المعارف لم يقيّد الخارج بالمختص. وإنّما قيل إشارة وضعية ليخرج عن الحدّ النكرات المعيّنة عند المخاطب نحو أتيت رجلا إذا علمه المتكلّم بعينه إذ ليس في رجلا إشارة لا وضعا ولا استعمالا إلى معيّن؛ ويدخل في الحدّ تعريف الأعلام المشتركة إذ يشار بها إلى معيّن بحسب الوضع.
فالمعرفة على هذا ما أشير به إلى خارج إشارة وضيعة. وعند من قيّد الخارج بالمختصّ هي ما أشير به إلى خارج مختصّ إشارة وضعية، والنكرة ما ليس كذلك.
ثم اعلم أنّ الجمهور على أنّ المعتبر في المعرفة التعيين عند الاستعمال دون الوضع، فعرّفوا المعرفة بما وضع ليستعمل في شيء بعينه أي متلبّس بعينه أي في شيء معيّن من حيث إنّه معيّن. وحاصلــه الإشارة إلى أنّه معهود ومعلوم بوجه ما، وبهذا خرج النكرة لأنّ معاني النكرات وإن أوجبت معلوميتها للسامع لكن ليس في اللفظ إشارة إلى تلك المعلومية. ولمّا اعتبر التعيين عند الاستعمال دخل في الحدّ المضمرات والمبهمات وسائر المعارف، فإنّ لفظ أنا لا يستعمل إلّا في الاشخاص المعيّنة إذ لا يصحّ أن يقال إنا ويراد به متكلّم لا بعينه، وليست موضوعة لواحد منها وإلّا لكانت في غيره مجازا، ولا لكلّ واحد منها وإلّا لكانت مشتركة موضوعة أوضاعا بعدد الأفراد. وأيضا لا قدرة على وضعها لأمور متعيّنة لا يمكن ضبطها وملاحظتها حين الوضع، فوجب أن تكون موضوعة لمفهوم كلّي شامل لكلّ الأفراد، ويكون الغرض من وضعها له استعمالها في أفراده المعيّنة دونه، فما سوى العلم معارف استعمالية لا وضعية، فالشيء المذكور في التعريف أعمّ ممّا وضع اللفظ المستعمل فيه له كالأعلام وممّا وضع لما يصدق عليه كما في سائر المعارف. وهذا هو الذي اختاره المحقّق التفتازاني. وقال في التلويح بأنّه الأحسن.
وذهب بعض المتأخّرين إلى أنّ المعتبر التعيين عند الوضع وعرّفوها بما وضع لشيء بعينه.
فالموضوع له لا بدّ أن يكون معيّنا سواء كان الوضع خاصا كما في العلم أو عاما كما في غيره من المعارف، ولا يلزم المجاز ولا الاشتراك وتعدّد الأوضاع. ويرد على قولهم لا قدرة على وضعها لأمور الخ أنّه كيف صحّ منكم اشتراط أن لا يستعمل إلّا في واحد معيّن من طائفة من المعيّنات فيما ضبطتم للمستعمل فيه يمكن أن يضبط الموضوع له ويوضع له، ولو صحّ ما ذكرتموه لكانت أنت وأنا وهذا مجازات لا حقائق لها إذ لا تستعمل فيما وضعت هي لها من المفهومات الكلّية، بل لا يصحّ استعمالها فيها أصلا، وهذا مستبعد جدا، كيف لا ولو كانت كذلك لما اختلف أئمّة اللغة في عدم استلزام المجاز الحقيقة ولما احتيج في نفي الاستلزام أن يتمسّك في ذلك بأمثلة نادرة، وهذا هو الذي اختاره السّيّد السّند وصاحب الأطول وغيرهما، وقالوا بأنّه هو الحقّ الحقيق بالتحقيق ويجيء لذلك توضيح في لفظ الوضع.
هذا كلّه خلاصة ما في المطول وحواشيه والأطول في بيان فائدة تعريف المسند إليه.

اعلم أنّ المعارف بحسب الاستقراء ستّ:
المضمرات والأعلام والمبهمات وما عرّف باللام وما عرّف بالنداء والمضاف إلى إحدى هذه الخمسة، ولم يذكر المتقدّمون ما عرّف بالنداء لرجوعه إلى ذي اللام إذ أصل يا رجل يا أيّها الرجل، ويذكر هاهنا المعرّف باللام والإضافة. فأقول اشتهر فيما بينهم أنّ لام التعريف يكون للعهد الخارجي ولتعريف الجنس وللعهد الذهني وللاستغراق وكذلك المعرّف بالإضافة. وذهب المحقّقون إلى أنّ اللام لتعريف العهد والجنس لا غير، إلّا أنّ القوم أخذوا بالــحاصل وجعلوه أربعة أقسام: توضيحا وتسهيلا، وجعلوا تعريف الاستغراق من أقسام تعريف الجنس، واختلفوا في المعهود الذهني.
فبعضهم جعله من أقسام العهد الخارجي وقال إذا ذكر بعض أفراد الجنس خارجا أو ذهنا فحمل الفرد على ذلك البعض أولى من حمله على جميع الأفراد ويسمّى المعهود خارجيا أو ذهنيا، وإلى هذا ذهب صاحب التوضيح كما صرّح به الفاضل الچلپي في حاشية التلويح في بيان ألفاظ العموم، وإلى هذا يشير أيضا ما وقع في الاتقان حيث قال: التعريف باللام نوعان:

عهدية وجنسية، وكلّ منهما ثلاثة أقسام:
فالعهدية إمّا أن يكون مصحوبها معهودا ذكريا نحو كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا، فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ وضابطته أنّ يسدّ الضمير مسدّها مع مصحوبها أو معهودا ذهنيا نحو إِذْ هُما فِي الْغارِ أو معهودا حضوريا نحو الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي. قال ابن عصفور وكذا كلّ ما وقع بعد اسم الإشارة نحو جاءني هذا الرجل، وبعد أيّ في النداء نحو يا أيّها الرجل، أو إذا الفجائية نحو خرجت فإذا الأسد، أو في اسم الزمان الحاضر نحو الآن انتهى نظرك. والجنسية إمّا لاستغراق الأفراد وهي التي يخلفها لفظ كلّ حقيقة نحو وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً ومن دلائلها صحة الاستثناء من مدخولها نحو إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا أو وصفه بالجمع نحو أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا وإمّا لاستغراق خصائص الأفراد وهي التي يخلفها لفظ كلّ مجازا نحو ذلك الكتاب أي الكتاب الكامل في الهداية الجامع لصفات جميع الكتب المنزّلة وخصائصها. وإمّا لتعريف الماهية والحقيقة والجنس وهي التي لا يخلفها كلّ لا حقيقة ولا مجازا نحو جعلنا من الماء كل شيء حيّا، ومثل هذا في المغني أيضا. وبعضهم جعله أي المعهود الذهني من أقسام الجنس ولذا حقّق صاحب المفتاح أنّ لام التعريف للإشارة إلى تعيين حصّة من مفهوم مدخوله أو تعيين نفس المفهوم والعهد الذهني والاستغراق من أقسام لام تعريف الجنس. واعلم أنّ معنى التعريف مطلقا هو الإشارة إلى أنّ مدلول اللفظ معهود أي معلوم حاضر في الذهن فلا فرق بين لام الجنس ولام العهد في الحقيقة إذ كلّ منهما إشارة إلى معهود غايته أنّ المعهود في أحدهما جنس وفي الآخر حصّة منه، فتسمية أحدهما بلام الجنس والآخر بلام العهد اصطلاح عائد إلى معروض التعيين، أي التعريف، لا إلى التعيين نفسه. ولهذا قال أئمة الأصول حقيقة التعريف العهد لا غير، وإلى هذا أشار السّكّاكي واختار في اللام أنّ معناها العهد، أي الإشارة إلى أنّ مدلول اللفظ معهود أي معلوم حاضر في ذهن السامع. وإذا كانت اللام موضوعة لمعنى العهد مطلقا أي سواء كان الحاضر ماهية أو حصة منها كان تعريف الحقيقة قسما من العهد، كما أنّ ما سمّوه تعريف عهد قسم آخر منه، وهذا كلام حقّ. هكذا يستفاد من الأطول وحواشي المطول، وبهذا ظهر فساد ما في بعض شروح المغني أنّ الألف واللام عند السّكّاكي إنّما هي لتعريف العهد الذهني خاصة. وأمّا الجنسية والاستغراقية والعهدية خارجيا فكلّها داخلة في العهد الذهني انتهى. واعلم أيضا أنّه إذا دخلت اللام على اسم الجنس فإمّا أن يشار بها إلى حصّة معيّنة منه فردا كان أو أفرادا مذكورة تحقيقا أو تقديرا، ويسمّى لام العهد الخارجي والأول وهو ما كان مذكورا تحقيقا بأن يذكر سابقا في كلامك أو كلام غيرك صريحا أو غير صريح هو العهد التحقيقي، والثاني وهو ما كان مذكورا تقديرا بأن يكون معلوما حقيقة أو ادعاء لغرض وهو العهد التقديري. وأمّا أن يشار بها إلى الجنس نفسه وحينئذ إمّا أن يقصد الجنس من حيث هو كما في التعريفات وفي نحو قولنا الرجل خير من المرأة ويسمّى لام الحقيقة والطبيعة، وإمّا أن يقصد الجنس من حيث هو موجود في ضمن الأفراد بقرينة الأحكام الجارية عليه الثابتة له في ضمنها، فأمّا في جميعها كما في المقام الخطابي وهو الاستغراق أو في بعضها وهو المعهود الذهني. فإن قلت هلّا جعلت العهد الخارجي كالذهني راجعا إلى الجنس؟ قلت:
لأنّ معرفة الجنس غير كافية في تعيين شيء من أفراده، بل يحتاج فيه إلى معرفة أخرى. ثم الظاهر أنّ الاسم في المعهود الخارجي له وضع آخر بإزاء خصوصية كلّ معهود. ومثله يسمّى وضعا عاما، ولا حاجة إلى ذلك في العهد الذهني والاستغراق، والتعريف الجنسي إذا جعل أسماء الأجناس موضوعة للماهيات من حيث هي. هذا خلاصة ما قال عضد الملّة في الفوائد الغياثية، فهذا صريح في أنّ لام الحقيقة ولام الطبيعة بمعنى واحد، وهو قسم من لام الجنس مقابل للعهد الذهني والاستغراق، والمفهوم من المطول والإيضاح أنّ لام الجنس ولام الحقيقة بمعنى واحد كذا في الأطول.
فائدة:
قولهم لام الجنس تشير إلى نفس الحقيقة معناه أنّ لام الجنس تشير إلى مطلق المفهوم أي مفهوم المسمّى، سواء كان حقيقيا أو مجازيا، فإنّها كما تدخل على الحقيقة تدخل على المجاز أيضا، كقولك الأسد الذي يرمي خير من الأسد المفترس، وسواء اقتصر الحكم على المفهوم أو أفضي صرفه إلى الفرد، وليس معناه أنّها تشير إلى نفس المفهوم من غير زيادة كما توهّم، وإلّا لم يصح جعل العهد الذهني والاستغراق داخلين تحته. وقد تكون الإشارة إلى نفس الحقيقة لدعوى اتحاده مع شيء، وجعل منه قوله تعالى أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وهو الذي قصده جار الله حيث قال: إنّ معنى التعريف في «المفلحون» الدلالة على أن المتقين هم الذين إن حصلت صفة المفلحين وتحقّقوا بما هم فيه وتصوّروا بصورتهم الحقيقية فهم هم لا يعدون تلك الحقيقة، كما تقول لصاحبك هل عرفت الأسد وما جبل إليه من فرط الإقدام أنّ زيدا هو هو. وقد يشار بها إلى تعيين الجنس من حيث انتسابه إلى المسند إليه فيرجع التعيين إلى الانتساب كما في بيت حسّان ووالدك العبد أي المعروف بالعبودية، فظهر أنّ تعريف الجنس ليس تعريفا لفظيا لا يحكم به إلّا بضبط أحكام اللفظ من غير حظّ المعنى فيه، كما قال بعض محقّقي النحاة، كلّ لام تعريف سوى لام العهد لا معنى للتعريف فيها، فإنّ الناظرين في المعاني لهم شرب آخر ولا يعتبرون التعريف اللفظي، ولذلك تراهم طووا ذكر علم الجنس بأقسامه في مقام التعرض للعلم وأحكامه؛ فلام الجنس تشير إلى نفس الحقيقة باعتبار حضورها وتعيّنها وعهديتها في الذهن. ولذا قال السّكّاكي لا بدّ في تعريف الجنس من تنزيله منزلة المعهود بوجه من الوجوه الخطابية إمّا لكون ذلك الشيء محتاجا إليه على طريق التحقيق أو على طريق التحكّم، فهو لذلك حاضر في الذهن، أو لأنّه عظيم الخطر معقود به الهمم لذلك على أحد الطريقين، أو لأنّه لا يغيب عن الجنس على أحد الطريقين، وإمّا لأنّه جار على الألسن كثير الدور في الكلام على أحد الطريقين، فإن قلت لم لم يجعل علم الجنس موضوعا بجوهره لما وضع له المعرّف بلام الجنس؟ قلت: لأنّ اعتبار التعين الذهني تكلّف إذ ليس نظر أرباب وضع اللفظ إلّا على الأمور الخارجية، وذو اللام يدعو إليه لئلّا يلغو اللام، ولا داعي إليه في نحو أسامة كذا في الأطول.
فائدة:
الاستغراق مطلقا باللام كان أو غيره ضربان: حقيقي نحو عالم الغيب والشّهادة وعرفي نحو جمع الأمير الصاغة أي صاغة بلده أو مملكته. وفسّر المحقّق التفتازاني الحقيقي بالشمول لكلّ ما يتناوله اللفظ بحسب اللغة وكأنّه أراد أعم من التناول بحسب المعنى المجازي أو الحقيقي والعرفي بالشمول لما يتناوله اللفظ بحسب متفاهم العرف. والعرف إذا أطلق يراد به العرف العام فيتّجه أنّه يبقى الشمول شرعا واصطلاحا واسطة وأنّ الظاهر لغوي وعرفي. وفسّر في شرح المفتاح السّيد السند أيضا الحقيقي بما كان شموله للأفراد على سبيل الحقيقة بأن لا يخرج فرد والعرفي مما يعدّ شمولا في عرف الناس، وإن خرج عنه كثير من أفراد المفهوم. هذا ولا يخفى عليك أنّ التقسيم إلى الحقيقي والعرفي لا يختص الاستغراق بل هو تخصيص من غير مخصّص إذ المعرّف باللام أيضا لواحد منها يكون عرفيا وحقيقيا، فنحو أدخل السوق عرفي إذ المراد سوق من أسواق البلد لا أسواق الدنيا، بل الإشارة إلى الحقيقة من حيث هي أيضا كذلك لأنّك ربما تقول في بلد البطيخ خير من العنب لأنّ بطيخه خير من عنبه، فالإشارة في كلّ من البطيخ والعنب إلى جنس خاص منهما بمعونة العرف. ولذا قد يعكس ذلك في بلد آخر وهذه دقيقة قد أبدعها السّكّاكي واتخذها من جاء بعده مذهبا. والحق أن لا استغراق إلّا حقيقيا والتصرّف في أمثال هذا المثال في الاسم المعرّف حيث خصّ ببعض مفهومه بقرينة التعارف فأريد بالصاغة إحدى الصاغتين، وأدخل اللام فاستفيد العموم كذا في الأطول.
فائدة:
الفرق بين المعرّف بلام الحقيقة والطبيعة وبين أسماء الأجناس التي ليست فيها دلالة على البعضية والكلّية نحو رجعى وذكرى ونحوهما من المصادر لأنّ المصادر ليس فيها القصد إلّا إلى الحقيقة المتحدة بالإجماع هو أنّ المعرّف بلام الحقيقة يقصد فيه الإشارة إلى الحقيقة باعتبار حضورها في الذهن وليس أسماء الأجناس المذكورة كذلك. والفرق بينه وبين علم الجنس هو أنّ علم الجنس يدلّ بجوهره على حضور الماهية في الذهن بخلاف المعرّف باللام فإنّه يدلّ على الحضور بالآلة. ومثل هذا الفرق بين المعهود الخارجي وعلم الشخص. وأيضا المعرّف باللام كثيرا ما لا يدلّ على المعهود بشخصه بخلاف علم الشخص. والفرق بين المعرّف بلام الاستغراق وبين كل مضافا إلى النكرة أنّ المعرّف مستعمل في الماهية بخلاف كلّ مضافا إلى النكرة، وأيضا في المعرّف باللام إشارة إلى حضورها في الذهن دون كلّ مضافا إلى النكرة، هكذا في المطول وأبي القاسم.
والفرق بين المعهود الذهني وبين النكرة هو أنّ النكرة تفيد أنّ ذلك الاسم بعض من جملة الحقيقة نحو أدخل سوقا سواء كانت موضوعة للحقيقة مع وحدة أو كانت موضوعة للحقيقة المتحدة، لأنّها مع التنوين تفيد الماهية مع وحدة لا بعينها، فإطلاقها على الواحد حقيقة بخلاف المعرّف باللام نحو أدخل السوق فإنّ المراد به نفس الحقيقة والبعضية مستفادة من القرينة، فإنّ الدخول أفاد أنّ الحقيقة المتحدة المرادة بالمعرّف باللام متحدة مع معهود، فإطلاقه على الواحد مجاز. وبالجملة قولك أدخل سوقا يأتي لواحد من حاق اللفظ فالنكرة أقوى في الإتيان لواحد، ولذا قالوا المعهود الذهني في المعنى كالنكرة وإن كان في اللفظ معرفة صرفة لوجود اللام وعدم التنوين، ولذا يجري عليه أحكام المعارف تارة من وقوعه مبتدأ وذا حال ووصفا للمعرفة ونحو ذلك، وأحكام النكرات تارة أخرى كتوصيفه بالجملة في قول الشاعر:
ولقد أمرّ على اللئيم يسبّني وفي قوله تعالى كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً. هذا حاصل ما في الأطول. لكن في المطول أنّ إطلاق المعرّف بلام الحقيقة وكذا علم الجنس على الواحد حقيقة إذ لم يستعمل إلّا فيما وضع له، والفرق بين المعرّف والنكرة أنّ إرادة البعض في النكرة بنفس اللفظ، وفي المعرّف بالقرينة. واعترض عليه بأنّ الموضوع له الماهية المطلقة والمستعمل فيه هو الماهية المخلوطة، ولا شك في تغايرهما فينبغي أن يكون مجازا. وأجيب بأن الموضوع له هو الماهية لا بشرط شيء، وهي تتحقّق في ضمن المخلوطة، فالمستعمل فيه ليس إلّا الماهية لا بشرط شيء، والفرد المنتشر إنّما فهم من القرينة، وإنّما سمّي معهودا باعتبار مطابقته للماهية المعهودة فله عهد بهذا الاعتبار فسمّي معهودا ذهنيا. قال صاحب الأطول: لا يخفى أنّ المعرّف في مقام الاستغراق أيضا كالنكرة لأنّه يأتي للوحدات من غير إشارة إلى تعيينها، غايته أنّه متحد مع الماهية المعهودة كالمعهود الذهني، والمعرّف بلام الحقيقة من المصادر كالنكرة منها في المعنى، فلا وجه لتخصيص هذا الحكم بهذا القسم. ويمكن أن يقال يراد أنّ هذا في المعنى كالنكرة في اعتبار البلغاء وليس غيره كذلك. ولذا لم يعامل معه معاملة النكرة، ونظرهم في هذا التخصيص محمود لأنّ مناط الإفادة وهو الفرد في هذا القسم مبهم فلم يعتدّ بتعيين تعلّق بالمفهوم بخلاف ما إذا أريد جميع الأفراد فإنّها لتعيّنها بالعموم نائبة مناب المتعيّن.
فائدة:
اعلم أنّ التعريف باللام والنداء وبالإضافة جاء لمدلول اللفظ من الخارج. وأمّا تعريف باقي المعارف فمن جوهر اللفظ ولوضعه للأمر المأخوذ مع التعيّن. وما ذكره السّيّد السّند ناقلا عن الرّضي أنّ تعريف الموصول واسم الإشارة والضمير من الخارج كالمعرّف باللام والنداء والإضافة والانقسام إلى الخمسة بحسب تفاوت ما يستفاد منه مزيّف لأنّ الخارج في الموصول ونظيريه قرينة المراد من اللفظ لا الإشارة إلى تعيّنه كما قال، ولأنّ تفاوت ما يستفاد منه أزيد من الخمسة كذا في الأطول.

العطف

العطف: ثني أحد الطرفين إلى الآخر. ويستعار للميل والشفقة إذا عدي بعلى. وعطفه عن حاجته: صرفه عنها.
العطف: عند النحاة: تابع يدل على معنى مقصود بالنسبة مع متبوعه يتوسط بينه وبين متبوعه أحد الحروف العشرة كقام زيد وعمرو، فعمرو تابع مقصود بنسبة القيام إليه مع زيد.
العطف:
[في الانكليزية] Inflexion ،conjunction ،coordination
[ في الفرنسية] Inflexion ،conjonction ،coordination
بالفتح وسكون الطاء المهملة في اللغة الإمالة. وعند النحاة يطلق على المعنى المصدري وهو أن يميل المعطوف إلى المعطوف عليه في الإعراب أو الحكم كما وقع في المكمل، وعلى المعطوف وهو مشترك بين معنيين الأول العطف بالحرف ويسمّى عطف النّسق بفتح النون والسين أيضا لكونه مع متبوعه على نسق واحد، وهو تابع يقصد مع متبوعه متوسطا بينهما إلى إحدى الحروف العشرة، وهي الواو والفاء وثم وحتى وأو وأمّا وأم ولا وبل ولكن، وقد يجيء إلّا أيضا على قلّة كما في المغني. والمراد بكون المتبوع مقصودا أن لا يذكر لتوطئة ذكر التابع، فخرج جميع التوابع.
أمّا غير البدل فلعدم كونه مقصودا. وأمّا البدل فلكونه مقصودا دون المتبوع. ولا يخرج المعطوف بلا وبل ولكن وأم وأمّا وأو لعدم كون متبوعه مذكورا توطئة. وقيد التوسّط لزيادة التوضيح لأنّ الحدّ تام بدونه جمعا ومنعا هكذا في شروح الكافية؛ إلّا أنّهم زادوا قيد النسبة فإنهم قالوا هو تابع مقصود بالنسبة مع متبوعه لأنّهم أرادوا تعريف نوع منه وهو عطف الاسم على الاسم. وأمّا نحن فأردنا تعريفه بحيث يشتمل غيره أيضا كعطف الجملة على الجملة التي لا محلّ لها من الإعراب لظهور أنّ التابع هناك غير مقصود بالنسبة مع متبوعه، إذ لا نسبة هناك مع المتبوع، كما وقع في الهداد.
التقسيم
في المغني العطف ثلاثة أقسام. الأول العطف على اللفظ وهو الأصل، نحو ليس زيد بقائم ولا قاعد بالجر، وشرطه إمكان توجّه العامل إلى المعطوف. فلا يجوز في نحو ما جاءني من امرأة ولا زيد إلّا الرفع عطفا على الموضع لأنّ من الزائدة لا تعمل في المعارف.
والثاني العطف على المحلّ ويسمّى بالعطف على الموضع أيضا نحو ليس زيد بقائم ولا قاعدا بالنصب، وله عند المحقّقين شروط ثلاثة.
أولها إمكان ظهور ذلك المحلّ في الفصيح. ألا ترى أنّه يجوز في ليس زيد بقائم أن تسقط الباء فتنصب؛ وعلى هذا فلا يجوز مررت بزيد وعمروا خلافا لابن جنّي لأنّه يجوّز مررت زيدا. ثانيها أن يكون الموضع بحق الأصالة فلا يجوز هذا ضارب زيدا وأخيه خلافا للبغداديين لأنّ الوصف المستوفي بشروط العمل الأصل أعماله لا الإضافة. ثالثها وجود المحرز أي الطالب لذلك المحلّ خلافا للكوفيين وبعض البصريين. ولذا امتنع أن زيدا وعمروا قائمان وذلك لأنّ الطالب لرفع زيد هو الابتداء أي التجرّد عن العوامل اللفظية وقد زال بدخول إنّ ومن الغريب قول أبي حيان، إنّ من شرط العطف على الموضع أنّ يكون للمعطوف عليه لفظا وموضع فجعل صورة المسألة شرطا لها، ثم إنّه أسقط الشرط الأول ولا بد منه. الثالث العطف عل التوهّم ويسمّى في القرآن العطف على المعنى نحو ليس زيد قائما ولا قاعد بالخفض على توهّم دخول الباء في الخبر، وشرط جوازه صحّة دخول ذلك العامل المتوهّم وشرط حسنه كثرة دخوله هناك كما في المثال المذكور، ويقع هذا في المجرور كما عرفت وفي المجزوم نحو: لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ لأنّ معنى لولا أخرتني فأصّدّق ومعنى إن أخّرتني أصّدّق واحد. وفي المنصوب نحو قام القوم غير زيد وعمروا بالنصب فإنّ غير زيد في موضع إلّا زيدا. قال سيبويه: إنّ من الناس من يغلطون فيقولون إنّهم أجمعون ذاهبون، وإنّك وزيد ذاهبان وذلك أنّ معناه معنى الابتداء. ومراده بالغلط ما عبّر عنه غيره بالتوهّم. وفي المنصوب اسما نحو قوله تعالى: وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ فيمن فتح الباء كأنّه قيل وهبنا له إسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب، وفعلا كقراءة بعضهم: وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ حملا على معنى ودّوا أن تدهن. وفي المركّبات كما قيل في قوله تعالى أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ إنّه على معنى أرأيت كالذي حاجّ وكالذي مرّ، انتهى ما في المغني.
فائدة:
عطف الاسمية على الفعلية وبالعكس فيه ثلاثة مذاهب، الجواز مطلقا والمنع مطلقا والجواز في الواو فقط.
فائدة:
عطف الخبر على الإنشاء وبالعكس منعه البيانيون وابن مالك وابن عصفور ونقله عن الأكثرين وأجازه الصفار وجماعة، ووفّق الشيخ بهاء الدين السبكي بينهما وحاصلــه أنّ أهل البيان متفقون على المنع بلاغة، وأكثر النحاة قائلون بجوازه لغة كذا في المغني وشرحه. وفي الارشاد عطف الفعل على الاسم جائز ويجوز عكسه، وعطف الجملة على المفرد ويجوز عكسه، وعطف الماضي على المضارع وعكسه أيضا، ويحتاج كلّ إلى تأويل بالوفاق.
فائدة:
عطف القصة على القصة هو أن يعطف جمل مسوقة لغرض على جمل مسوقة لغرض آخر لمناسبة بين الغرضين. فكلّما كانت المناسبة أشدّ كان العطف أحسن من غير نظر إلى كون تلك الجمل خبرية أو إنشائية. فعلى هذا يشترط أن يكون المعطوف والمعطوف عليه جملا متعددة. وقد يراد بها عطف حاصل مضمون أحدهما على حاصل مضمون الأخرى من غير نظر إلى الإنشائية والخبرية، هكذا ذكر المولوي عبد الحكيم في حاشية الخيالي في الخطبة.

فقوله تعالى: فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا إلى قوله وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا ليس من باب عطف الجملة على الجملة بل من باب ضمّ جمل مسوقة لغرض إلى جمل أخرى مسوقة لغرض آخر. والمقصود بالعطف المجموع.
ويجوز أن يراد به عطف الــحاصل على الــحاصل، يعني أنّه ليس المعتمد بالعطف هو الأمر حتى يطلب له مشاكل من أمر أو نهي يعطف عليه، بل المعتمد بالعطف هو الجملة من حيث إنّها وصف ثواب المؤمنين، فهي معطوفة على الجملة من حيث إنّها وصف عقاب الكافرين كما تقول زيد يعاقب بالقيد والإزهاق وبشّر عمروا بالعفو والإطلاق. ثم هذا المثال يمكن أن يجعل من عطف قصة على قصة بالمعنى الأول، وإن لم يكن فيه جمل بل جملتان بأن يقال فيه عطف قصة عمرو الدالة على أحسن حاله على قصة زيد الدالة على أسوإ حاله، لكنه اقتصر من القصتين على ما هو العمدة فيهما إذ يفهم منه الباقي منهما، فكأنّه قال: زيد يعاقب بالقيد والإزهاق فما أسوأ حاله وما أخسره إلى غير ذلك وبشر عمروا بالعفو والإطلاق فما أحسن حاله وما أربحه، هكذا في المطول وحواشيه في باب الوصل والفصل.
فائدة:
عطف التلقين وهو أن يلقّن المخاطب المتكلّم بالعطف كما تقول أكرمك فيقول المخاطب وزيدا أي قل وزيدا أيضا، وعلى هذا قوله تعالى قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي بعد قوله إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً أي قل وَمِنْ ذُرِّيَّتِي. قيل عليه تلقين القائل يقتضي أن يقال ومن ذريتك وأجاب عنه جدّي رحمة الله عليه في حاشيته على البيضاوي بأنّ معنى عطف التلقين أن يقول المخاطب للمتكلّم قل وهذا أيضا عطفا على ما قلت على وجه ينبغي لك لا على وجه قلت أنا مثل أن تقول ومن ذريتك لا أن تقول ومن ذريتي. وإنّما قال المخاطب ومن ذريتي مناسبا لحاله. فائدة:
عطف أحد المترادفين على الآخر ويسمّى بالعطف التفسيري أيضا، أنكر المبرّد وقوعه في القرآن. وقيل المخلّص في هذا أن يعتقد أنّ مجموع المترادفين يحصّل معنى لا يوجد عند انفرادهما. فإنّ التركيب يحدث أمرا زائدا. وإذا كانت كثرة الحروف تفيد زيادة المعنى فكذلك كثرة الألفاظ. وقد يعطف الشيء على نفسه تأكيدا كما في فتح الباري شرح صحيح البخاري.
فائدة:
عطف الخاص على العام التنبيه على فضله حتى كأنّه ليس من جنس العام. وسمّاه البعض بالتجريد كأنّه جرّد من الجملة وأفرد بالذّكر تفصيلا ومنه: حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى.
فائدة:
عطف العام على الخاص أنكر بعضهم وجوده فأخطأ، والفائدة فيه واضحة، وهو التعميم وأفراد الأول بالذكر اهتماما بشأنه، ومنه قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي والنّسك العبادة فهو أعمّ كذا في الاتقان.
فائدة:
جمعوا على جواز العطف على معمولي عامل واحد نحو إنّ زيدا ذاهب وعمرا جالس، وعلى معمولات عامل واحد نحو أعلم زيد عمرا بكرا جالسا وأبو بكر خالدا سعيدا منطلقا، وأجمعوا على منع العطف على معمول أكثر من عاملين نحو إنّ زيدا ضارب أبوه لعمرو وأخاك غلامه بكر وأمّا معمولا عاملين مختلفين فإن لم يكن أحدهما جارا فقال ابن مالك هو ممتنع إجماعا، نحو كان زيد آكلا طعامك عمرو وتمرك بكر، وليس كذلك بل نقل الفارسي الجواز مطلقا عن جماعة، وقيل إنّ منهم الأخفش. وإن كان أحدهما جارا فإن كان الجار مؤخرا نحو زيد في الدار والحجرة عمرو أو عمرو الحجرة فنقل المهدوي أنّه ممتنع إجماعا وليس كذلك، بل هو جائز عند من ذكرناه، وإن كان الجار مقدّما نحو في الدار زيد والحجرة عمرو فالمشهور عن سيبويه المنع وبه قال المبرّد وابن السّرّاج. ومنع الأخفش الإجازة. قال الكسائي والفراء والزجاج فصل قوم منهم الأعلم فقالوا إن ولي المخفوض العاطف كالمثال جاز لأنّه كذا سمع، ولأنّ فيه تعادل المتعاطفات، وإلّا امتنع نحو في الدار زيد وعمرو الحجرة. والثاني عطف البيان وهو تابع يوضّح أمر المتبوع من الدال عليه لا على معنى فيه. فبقيد الإيضاح خرج التأكيد والبدل وعطف النّسق لعدم كونها موضّحة للمتبوع.
وبقولنا من الدّال عليه أي على المتبوع لا على معنى فيه أي في المتبوع خرج الصفة فإنّ الصّفة تدلّ على معنى في المتبوع بخلاف عطف البيان فإنّه يدلّ على نفس المتبوع نحو اقسم بالله أبو حفص عمر، ولا يلزم من ذلك أن يكون عطف البيان أوضح من متبوعه بل ينبغي أن يحصل من اجتماعهما إيضاح لم يحصل من أحدهما على الانفراد، فيصحّ أن يكون الأول أوضح من الثاني، كذا في العباب والفوائد الضيائية، وقد ذكر ما يتعلّق بهذا في لفظ التوضيح أيضا.
فائدة:
يفترق عطف البيان والبدل في أمور ثمانية. الأول: أنّ العطف لا يكون مضمرا ولا تابعا لمضمر لأنّه في الجوامد نظير النعت في المشتقّ، وأمّا البدل فيكون تابعا لضمير بالاتفاق نحو قوله تعالى: وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وكذا يكون مضمرا تابعا لمضمر نحو رأيته إياه، أو لظاهر كرأيت زيدا إياه وخالف في ذلك ابن مالك، والصّواب في الأول قول الكوفيين أنّه توكيد كما في قمت أنت. الثاني: أنّ البيان لا يخالف متبوعه في تعريفه وتنكيره ولا يختلف النحاة في جواز ذلك في البدل نحو بِالنَّاصِيَةِ، ناصِيَةٍ كاذِبَةٍ. الثالث أنّه لا يكون جملة بخلاف البدل نحو قوله تعالى: ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ، وهو أصح الأقوال في عرفت زيدا أيؤمن هو الرابع: أنّه لا يكون تابعا لجملة بخلاف البدل نحو قوله تعالى اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ، اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْئَلُكُمْ أَجْراً الخامس: أنّه لا يكون فعلا تابعا لفعل بخلاف البدل نحو قوله تعالى: وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ يَلْقَ أَثاماً، يُضاعَفْ لَهُ الْعَذابُ السادس: أنّه لا يكون بلفظ الأول ويجوز ذلك في البدل بشرط أن يكون مع الثاني زيادة بيان كقراءة يعقوب وَتَرى كُلَّ أُمَّةٍ جاثِيَةً كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعى إِلى كِتابِهَا بنصب كلّ الثاني، قاله ابن الطراوة وتبعه على ذلك ابن مالك وابنه، وحجتهم أنّ الشيء لا يبيّن بنفسه. والحقّ جواز ذلك في عطف البيان أيضا. السابع: أنّه ليس في النية إحلاله محلّ الأول بخلاف البدل فإنّه في حكم تكرير العامل، ولذا تعيّن البدل في نحو أنا الضارب الرجل زيد. الثامن: أنّه ليس في التقدير من جملة أخرى بخلاف البدل ولذا تعيّن البدل في نحو هند قام عمرو أخوها، ونحو مررت برجل قام عمرو أخوه، ونحو زيدا ضربت عمروا أخاه. وإن شئت الزيادة على هذا فارجع إلى المغني.

البصر

البصر: قوة مودعة في العصبتين المجوفتين اللتين تلتقيان ثم تفترقان تتأدى إلى العين بها الأضواء والألوان والأشكال.
البصر:
[في الانكليزية] The vision
[ في الفرنسية] La vue
بفتح الموحدة والصاد المهملة بينائى.
وهو عند الحكماء قوّة مودعة في ملتقى العصبتين المجوّفتين النابتتين من غور البطنين المقدّمين من الدماغ، يتيامن النابت منهما يسارا، ويتياسر النابت منهما يمينا حتى يلتقيا ويتقاطعا ويصير تجويفهما واحدا ثم يتفرقا، وينفذ النابت يمينا إلى الحدقة اليمنى والنابت يسارا إلى الحدقة اليسرى، فذلك الملتقى هو الذي أودع فيه القوّة الباصرة، ويسمّى بمجمع النور. وسبب تجويفهما الاحتياج إلى كثرة الروح الحاملة للقوّة الباصرة، بخلاف باقي الحواس الظاهرة. ومدركاتها تسمّى مبصرات والمبصر بالذات هو الضوء واللون. وأمّا ما سواهما من الأشكال والصغر والكبر والقرب والبعد ونحوها فبواسطتهما. واختلفوا في الأطراف أي النقطة والخطّ والسطح فقيل هي أيضا مبصرة بالذات. وقيل بالواسطة وليس المراد بالمبصر بالذات ما لا يتوقف إبصاره على إبصار غيره وبالمبصر بالواسطة ما يتوقّف إبصاره على إبصار غيره حتى يرد أنّ المدرك بالذات هو الضوء لا غير، إذ اللّون مرئي بواسطة الضوء، بل المراد بالمرئي بالذات وبالعرض أن يكون هناك رؤية واحدة متعلّقة بشيء، ثم تلك الرؤية بعينها متعلّقة بشيء آخر فيكون الشيء الآخر مرئيا ثانيا وبالعرض، والأوّل مرئيا أولا، وبالذات على قياس قيام الحركة بالسفينة وراكبها.
ونحن إذا رأينا لونا مضيئا فهناك رؤيتان.
أحدهما متعلّقة بالضوء أولا وبالذات. والأخرى متعلّقة باللّون كذلك، وإن كانت هذه الأخرى مشروطة بالرؤية الأولى. ولهذا انكشف كلّ منهما عند الحسّ انكشافا تاما، بخلاف ما عداهما فإنها لا تتعلق بشيء منها رؤية ابتداء، بل الرؤية المتعلّقة بلون الجسم ابتداء متعلّق هي بعينها ثانيا بمقداره وشكله وغيرهما فهي مرئية بتلك الرؤية لا برؤية أخرى؛ ولهذا لم تنكشف انكشاف الضوء واللون عند الحسّ.
ومن زعم أنّ الأطراف مرئية بالذات جعلها مرئية برؤية أخرى مغايرة لرؤية اللون.
فائدة:
اختلف الحكماء في كيفية الإبصار.
والمذاهب المشهورة فيه ثلاثة. المذهب الأول وهو مذهب الرياضيين أنه يخرج من العين جسم شعاعي على هيئة مخروط متحقّق رأسه يلي العين وقاعدته يلي المبصر، والإدراك التّام إنما يحصل من الموضع الذي هو موضع سهم المخروط. ثم إنهم اختلفوا فيما بينهم على وجوه ثلاثة. الأول أن ذلك المخروط مصمت.
الثاني أنه ملتئم من خطوط شعاعية مستقيمة هي أجسام دقاق قد اجتمع أطرافها عند مركز البصر وامتدت متفرّقة إلى المبصر، فما وقع عليه أطراف تلك الخطوط أدركه البصر وما وقع بينها لا يدركه. ولذلك تخفى على البصر الأجزاء التي في غاية الصغر كالمسامات. الثالث أنه يخرج من العين جسم شعاعي دقيق كأنه خطّ مستقيم ينتهي إلى المبصر ثم يتحرك على سطحه حركة سريعة جدا في طول المرئي وعرضه فيحصل الإدراك. واحتجوا بأن الإنسان إذا رأى وجهه في المرآة فليس ذلك لانطباع صورته فيها، وإلّا كانت منطبعة في موضع منها ولم تختلف باختلاف أمكنة الرائي من الجوانب، بل لأن الشعاع خرج من العين إلى المرآة ثم انعكس بصقالتها إلى الوجه. ألا يرى أنه إذا قرّب الوجه إليها يخيل أن صورته مرتسمة في سطحها وإذا بعد عنها توهّم أنها غائرة فيها مع علمنا بأنّ المرآة ليس فيها غور بذلك المقدار.
والمذهب الثاني هو مذهب أرسطو وأتباعه من الطبعيين أنه إنما يحصل بانعكاس صورة المرئي بتوسّط الهواء المشفّ إلى الرطوبة الجليدية التي في العين وانطباعها في جزء منها، وذلك الجزء زاوية رأس مخروط متوهّم لا وجود له أصلا، وقاعدته سطح المرئي ورأسه عند الباصرة. ولذلك يرى القريب أعظم من البعيد لأنّ الوتر الواحد كلّما قرب من النقطة التي خرج منها إليه خطان مستقيمان محيطان بزاوية كان أقصر ساقا فأوتر عند تلك النقطة زاوية أعظم، وكلّما بعد عنها كان أطول ساقا فأوتر عندها زاوية أصغر. والنفس إنّما تدرك الصّغر والكبر في المرئي باعتبار تلك الزاوية، فإنها إذا كانت صغيرة كان الجزء الواقع من الجليدية فيها صغيرا فيرتسم فيه صورة المرئي فيرى صغيرا، وإذا كانت كبيرة كان الجزء الواقع فيها كبيرا فيرتسم صورته فيه فيرى كبيرا.
وهذا إنما يستقيم إذا جعل الزاوية موضعا للإبصار كما ذهبنا. وأما إذا جعل موضعه قاعدة المخروط كما يقتضيه القول بخروج الشّعاع فيجب أن يرى كما هو سواء خرجت الخطوط الشعاعية من زاوية ضيّقة أو غير ضيّقة، هكذا قالوا، وفيه بحث إذ ليس الإبصار حاصلــا بمجرّد القاعدة، بل لرأس المخروط فيه مدخل أيضا، فجاز أن يتفاوت حاصل المرئي صغرا وكبرا بتفاوت رأسه دقّة وغلظا.
ثم إنهم لا يريدون بالانطباع المذكور أنّ الصورة منفعلة من البصر إلى الرطوبة الجليدية، بل المراد به أنّ الصورة إنما تحصل فيها عند المقابلة عن واهب الصّور لاستعداد يحصل بالمقابلة، وليس في قوّة البشر تعليل هذا.
وذلك لأنّ الإبصار ليس بمجرد الانطباع المذكور، وإلّا لزم رؤية الشيء شيئين بسبب انطباعه في جليدتي العينين بل لا بدّ مع ذلك من تأدّي الشبح في العصبتين المجوّفتين إلى ملتقاهما بواسطة الروح التي فيهما ومنه إلى الحسّ المشترك. والمراد من التأدية أنّ انطباعها في الجليدة معدّ لفيضان الصّورة من واهب الصّور على الملتقى، وفيضانها عليه معدّ لفيضانها على الحسّ المشترك.
والمذهب الثالث هو مذهب طائفة من الحكماء وهو أنّ الإبصار ليس بخروج الشعاع ولا بالانطباع بل بأنّ الهواء المشفّ الذي بين البصر والمرئي يتكيّف بكيفية الشعاع الذي في البصر ويصير بذلك آلة للإبصار. وهذا المذهب في حكم المذهب الأول لأنّه مبني على الشعاع. قال الإمام الرازي: إنّا نعلم بالضرورة أنّ العين على صغرها لا يمكن أن يخيل نصف كرة العالم إلى كيفيتها، ولا أن يخرج منها ما يتّصل بنصف كرته ولا أن يدخل فيها صورة نصفه. فالمذاهب الثلاثة باطلة ظاهرة الفساد بتأمّل قليل. ومن المحتمل أن يقال الإبصار شعور مخصوص وذلك الشعور حالة إضافية، فمتى كانت الحاسّة سليمة وسائر الشروط حاصلــة والموانع مرتفعة حصلت للمبصر هذه الإضافة من غير أن يخرج عن عينه جسم أو ينطبع فيها صورة؛ فليس يلزم من إبطال الشعاع أو الانطباع صحة الآخر، إذ ليسا على طرفي النقيض، انتهى. وملخّصه على ما قيل إنه إذا قابل المرئي على الرائي على وجه مخصوص خلق الله الرؤية من غير اتصال شعاع ولا انطباع صورة.
فائدة:
قال الفلاسفة وتبعهم المعتزلة إنّ الإبصار يتوقّف على شرائط ممتنع حصوله بدونها ويجب حصوله معها وهي سبعة. الأول المقابلة.
والثاني عدم البعد المفرط. والثالث عدم القرب المفرط فإنّ المبصر إذا قرّب البصر جدا بطل الإبصار. والرابع عدم الصغر المفرط.
والخامس عدم الحجاب بالكثيف بين الرائي والمرئي. والسادس كون المرئي مضيئا إمّا من ذاته أو من غيره. والسابع كونه كثيفا أي مانعا للشعاع من النفوذ فيه. وما قيل من أنه قد يضاف إلى هذه السبعة ثلاثة أخرى هي سلامة الحاسّة والقصد إلى الإحساس وتوسّط الشفاف بين الرائي والمرئي ففيه أنّ هذا الأخير يغني عنه اشتراط عدم الحجاب؛ لكنّ الأوّلين لا بدّ أن يعدّا من الشروط، فالحقّ أنّ الشروط تسعة.
والأشاعرة ينكرونها ويقولون لا نسلّم وجوب الرؤية عند اجتماع تلك الشرائط، فإنّا نرى الجسم الكبير من البعيد صغيرا وما ذلك إلّا لأنّا نرى بعض أجزائه دون البعض مع تساوي الكلّ في حصول الشرائط.
فائدة:
أجمعت الأئمة من الأشاعرة على أنّ رؤيته تعالى في الدنيا والآخرة على ما هو عليه جائزة عقلا، واختلفوا في جوازها سمعا في الدنيا، فأثبته البعض ونفاه آخرون. وهل يجوز أن يرى في المنام؟ فقيل لا، وقيل نعم. والحقّ أنّه لا مانع من هذه الرؤيا وإن لم تكن رؤية حقيقة. ولا خلاف بيننا وبين معاشر الأشاعرة في أنّه تعالى يري ذاته. والمعتزلة حكموا بامتناع رؤيته عقلا لذوي الحواسّ واختلفوا في رؤيته لذاته. قال الإمام الرازي: الأمة في وقوع الرؤية على قولين: الأول يصحّ ويرى والثاني لا يصحّ ولا يرى.

الإسناد

الإسناد
انظر: الأسانيد.
الإسناد: نسبة أحد الجزأين إلى الآخر هبه أفاد المخاطب ما يصح السكوت عليه أم لا.
الإسناد:
[في الانكليزية] Attribution ،cross reference
[ في الفرنسية] Attribution ،renvoi
عند أهل النظر والمحدّثين ستعرف في لفظ السند. وعند أهل العربية يطلق على معنيين:
أحدهما نسبة إحدى الكلمتين إلى الأخرى أي ضمّها إليها وتعلّقها [بها] فالمنسوب يسمّى مسندا والمنسوب إليه مسندا إليه، وهذا فيما سوى المركبات التقييدية شائع. وأما فيها فالمستفاد من إطلاقاتهم أن المنسوب يسمّى مضافا أو صفة؛ والمنسوب إليه يسمّى مضافا إليه أو موصوفا.
قال المولوي عبد الحكيم في حاشية حاشية الفوائد الضيائية ما حاصلــه: إن الشائع في عرفهم أن النسبة عبارة عن الثبوت والانتفاء، وهي صفة مدلول الكلمة، فإضافتها إلى الكلمة إمّا بحذف المضاف أي نسبة مدلول إحدى الكلمتين إلى مدلول الأخرى أو بحمل النسبة على المعنى اللغوي. فعلى الأول يكون إطلاق المسند والمسند إليه على الالفاظ مجازا تسمية للدالّ بوصف المدلول، وعلى الثاني حقيقة. ثم المراد بالاسناد والنسبة والضم الــحاصل بالمصدر المبني للمفعول وهي الحالة التي بين الكلمتين أو مدلولهما ولذا عبّر عنه الرّضي بالرابط بين الكلمتين، والمراد بالكلمة هاهنا أعم من الحقيقية ملفوظة كانت أو مقدرة، ومن الحكمية. والكلمة الحكمية ما يصحّ وقوع المفرد موقعه فدخل فيه إسناد الجمل التي لها محل من الإعراب، وكذا الإسناد الشرطي إذ الإسناد في الشرطية عندهم في الجزاء، والشرط قيد له. نعم يخرج الإسناد الشرطي على ما حققه السيّد السّند والمنطقيون من أن مدلول الشرطية تعليق حصول الجزاء بحصول الشرط، لا الإخبار بوقوع الجزاء وقت وقوع الشرط، إذ ليس المسند إليه والمسند فيهما كلمة حقيقة وهو ظاهر، ولا حكما إذ المقصود حينئذ تعليق الحكم بالحكم فتكون النسبة في كلّ واحد منهما ملحوظة تفصيلا، لا بدّ فيها من ملاحظة المسند إليه والمسند قصدا لا إجمالا، فلا يصح التعبير عنهما بالمفرد، انتهى. فالموافق لمذهبهم هو أن يقال: الإسناد ضمّ كلمة أو ما يجري مجراها إلى الأخرى، أو ضمّ إحدى الجملتين إلى الأخرى.
تنبيه
قال صاحب الأطول في بحث المسند في قوله: وأما تقييد الفعل بالشرط الخ، الكلام التّام هو الجزاء والشرط قيد له إما لمسنده نحو إن جئتني أكرمك، أي اكرمك على تقدير مجيئك، وإمّا لمجموعه نحو: إن كان زيد أبا عمرو فأنا أخ له، فإنّ التقييد ليس للفعل ولا لشبهه بل للنسبة. وهذا هو المنطبق بجعل الإسناد إليه من خواص الاسم ولحصر الكلام في المركّب من اسمين أو فعل واسم فقد رجع الشرطيات عندهم إلى الحمليات إلّا أنه يخالف ما ذهب إليه الميزانيون من أنّ كلّا من الشرط والجزاء خرج عن التمام بدخول أداة الشرط على الجملتين، والجزاء محكوم به والشرط محكوم عليه والنسبة المحكوم بها بينهما ليس من نسبتي الشرط [والجزاء]. قال السيّد السّند ليس كون الشرط قيدا للجزاء إلّا ما ذكره السكّاكي.

وفي كلام النحاة برمّتهم حيث قالوا: كلم المجازاة تدل على سببية الأول ومسبّبية الثاني إشارة إلى أنّ المقصود هو الارتباط بين الشرط والجزاء، فينبغي أن تحفظ هذه الإشارة وتجعل مذهب عامتهم ما يوافق الميزانيين، وكيف لا ولو كان الحكم في الجزاء لكان كثير من الشرطيات المقبولة في العرف كواذب، وهو ما لا يتحقق شرطه فيكون قولك إن جئتني أكرمك كاذبا إذا لم يجيء المخاطب مع أنه لا يكذبه العرف، وذلك لأن انتفاء قيد الحكم يوجب كذبه. وفيه أنه لا يخص كلام السكّاكي لأن حصر الكلام في القسمين المذكورين يقتضيه اقتضاء بيّنا وجعل الإسناد إليه من خواص الاسم ظاهر فيه، ولا يلزم كذب القضايا المذكورة لأنه يجوز أن يكون المراد بالجزاء في قولك إن جئتني أكرمك، أني بحيث أكرمك على تقدير مجيئك. وفي قولك إن كان زيد حمارا فهو حيوان أنه كائن بحيث يكون حيوانا على تقدير الحمارية. وفي قولك إن كان الآن طلوع الشمس كان النهار موجودا أنه يكون النهار بحيث يتصف بالوجود على تقدير طلوع الشمس الآن وعلى هذا القياس. وإشارة قولهم كلم المجازاة تدلّ الخ إلى أنّ المقصود هو الارتباط بينهما غير سديدة، بل هو كقولهم: في للظرفية، أي لظرفية مجرورها لغيره وله نظائر لا تحصى، ولم يقصد بشيء أن المقصود الارتباط بينهما.
فإن قلت إذا دار الأمر بين ما قاله الميزانيون وبين ما قاله النحاة فهل يعتبر كل منهما مسلكا لأهل البلاغة أو يجعل الراجح مسلكا وأيّهما أرجح؟
قلت الأرجح تقليل المسلك تسهيلا على أهل الخطاب والاصطلاح، ولعلّ الأرجح ما اختاره النحاة لئلا يخرج الجزاء عن مقتضاه كما خرج الشرط، إذ مقتضى التركيب أن يكون كلاما تاما، وأيضا هو أقرب إلى الضبط إذ فيه تقليل أقسام الكلام، ولو اعتبره الميزانيون لاستغنوا عن كثير من مباحث القضايا والأقيسة فكن حافظا لهذه المباحث الشريفة.
التقسيم
الإسناد بهذا المعنى إمّا أصلي ويسمّى بالتام أيضا وإمّا غير أصلي ويسمّى بغير التّام أيضا. فالإسناد الأصلي هو أن يكون اللفظ موضوعا له ويكون هو مفهوما منه بالذات لا بالعرض، وغير الأصلي بخلافه. فقولنا ضرب زيد مثلا موضوع لإفادة نسبة الضرب إلى زيد وهي المفهومة منه بالذات والتعرّض للطرفين إنما هو لضرورة توقّف النسبة عليهما. وقولنا غلام زيد موضوع لإفادة الذات والتعرّض للنسبة إنما هو للتبعية، وكذا الحال في إسناد المركبات التوصيفية وإسناد الصفات إلى فاعلها فإنها موضوعة لذات باعتبار النسبة، والمفهوم منها بالذات هو الذات باعتبار النسبة، والنسبة إنما تفهم بالعرض. ولا شك أن اللفظ إنما وضع لإفادة ما يفهم منه بالذات لا ما يفهم منه بالعرض، وتلوح لك حقيقة ذلك بالتأمّل في المركّبات التامّة إنشائية كانت أو خبرية، وفي غيرها من المركبات التقييدية وما في معناها.
هذا خلاصة ما حققه السيّد الشريف في حاشية العضدي في تعريف الجملة في مبادئ اللغة.
ومن الاسناد الغير الأصلي إسناد المصدر إلى فاعله ولذا لا يكون المصدر مع فاعله كلاما ولا جملة كما يجيء في لفظ الكلام. ومنه إسناد اسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبّهة واسم التفضيل والظرف أيضا على ما قالوا.
والإسناد الأصلي هو إسناد الفعل أو ما هو فعل في صورة الاسم كالصفة الواقعة بعد حرف النفي أو الاستفهام، كذا في الأطول في باب المسند إليه في بحث التقوى.
اعلم أنّ المراد بالإسناد الواقع في حدّ الفاعل هو هذا المعنى صرّح به في غاية التحقيق حيث قال: المراد بالإسناد في حدّ الفاعل أعم من أن يكون أصليا أو لا، مقصودا لذاته أو لا. وثانيهما الإسناد الأصلي فالإسناد الغير الأصلي على هذا لا يسمّى إسنادا. وعرّف بأنه نسبة إحدى الكلمتين حقيقة أو حكما إلى الأخرى بحيث تفيد المخاطب فائدة تامة، أي من شأنه أن يقصد به إفادة المخاطب فائدة يصحّ السكوت عليها، أي لو سكت المتكلّم لم يكن لأهل العرف مجال تخطئته. ونسبته إلى القصور في باب الإفادة وإن كان بعد محتاجا إلى شيء كالمفعول به والزمان والمكان ونحوها، فدخل في الحدّ إسناد الجملة الواقعة خبرا أو صفة أو صلة ونحوها؛ فإن تلك الجمل بسبب وقوعها موقع المفرد وإن كانت غير مفيدة فائدة تامة، لكن من شأنها أن يقصد بها الإفادة إذا لم تكن واقعة في مواقع المفرد. وكذا دخل إسناد الجملة التي علم مضمونها المخاطب، كقولنا:
السماء فوقنا، فإنها وإن لم تكن مفيدة باعتبار العلم بمضمونها، لكنّها مفيدة عند عدم العلم به. فالإسناد الأصلي على نوعين: أحدهما ما هو مقصود لذاته بأن يلتفت إلى النسبة قصدا بأن يلاحظ المسند والمسند إليه مفصّلا، كما في قولنا: زيد قائم، وأ قائم الزيدان. وثانيهما ما هو غير مقصود لذاته بأن لا يلتفت إلى النسبة قصدا بل إلى مجموع المسند والمسند إليه من حيث هو مجموع كإسناد جملة قائمة مقام المفرد، والواقعة صلة، ونحو ذلك. ويتضح ذلك في لفظ القضية. فبقيد الإفادة خرج الاسناد الغير الأصلي. ولما كانت الإفادة غير مقيدة بشيء يشتمل الحدّ الاسناد الخبري وهو النسبة الحاكية عن نسبة خارجية. والإسناد الانشائي وهو ما لا يكون كذلك. وعرّف الإسناد الخبري بأنه ضمّ كلمة أو ما يجري مجراها كالمركّبات التقييدية وما في معناها إلى الأخرى بحيث يفيد أن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى أو منفي عنه، فإنّ مفاد الخبر هو الوقوع واللاوقوع لا الحكم بهما، وهذا أوفق بإطلاق المسند والمسند إليه على اللفظ على ما هو اصطلاحهم، فهو أولى من تعريف المفتاح بأنه الحكم بمفهوم لمفهوم بأنه ثابت له أو منفي عنه؛ لكن صاحب المفتاح أراد التنبيه على أنّ هذا الاطلاق على ضرب من المسامحة وتنزيل الدالّ منزلة المدلول لشدّة الاتصال بينهما.
وتعريفه المنطبق على مذهب الميزانيين هو أنه ضمّ كلمة أو ما يجري مجراها إلى الأخرى، أو ضم إحدى الجملتين بحيث يفيد الحكم بأن مفهوم إحداهما ثابت لمفهوم الأخرى، أو عنده، أو مناف لمفهوم الأخرى، أو ينفي ذلك كذا في الأطول.

فائدة:
قيل في نحو: زيد عرف، ثلاثة أسانيد مترتبة في التقديم والتأخير، أولها إسناد عرف إلى زيد بطريق القصد وامتناع إسناد الفعل إلى المبتدأ قبل عود الضمير ممنوع. وثانيها إسناده إلى ضمير زيد. وثالثها إسناده إلى زيد بطريق الالتزام بواسطة أن عود الضمير إلى زيد يستدعي صرف الإسناد إليه مرة ثانية. أما وجه تقديم الأول على الثاني فلأنّ الإسناد نسبة لا تتحقق قبل تحقق الطرفين وبعد تحققهما لا تتوقف على شيء آخر. ولا شك أن ضمير الفاعل إنما يكون بعد الفعل والمبتدأ قبله. فكلّ ما يتحقق الفعل أسند إلى زيد لتحقق الطرفين.
ثم إذا تحقّق الضمير انعقد بينهما الحكم. وأما وجه تقديم الثاني على الثالث فظاهر كذا في المطول في آخر باب المسند.

فائدة:
المسند فعلي وسببي فالمسند الفعلي كما ذكر في المفتاح ما يكون مفهومه محكوما بثبوته للمسند إليه أو بالانتفاء عنه بخلاف السببي، فإن: زيد ضرب حكم فيه بثبوت الضرب لزيد، وزيد ما ضرب حكم فيه بنفي الضرب عنه، بخلاف زيد ضرب أبوه فإنه لم يحكم فيه بثبوت ضرب أبوه لزيد بل بثبوت أمر يدلّك عليه ذلك المذكور، وهو كائن بحيث ضرب أبوه؛ فالمسند السببي سمّي مسندا لأنه دال على المسند الحقيقي، والمسند السببي ما أسند فيه شيء إلى ما هو متعلّق المسند إليه، وصار ذلك سببا لإسناد أمر حاصل بالقياس إليه إلى المسند إليه، نحو: زيد أبوه منطلق، فإن أبوه منطلق أسند فيه شيء إلى متعلق زيد، وصار ذلك سببا لإسناد كون زيد بحيث ينطلق أبوه إليه. وعلى هذا يلزم أن يكون منطلق أبوه في: زيد منطلق أبوه مسندا سببيا، ولا يكون نحو: زيد مررت به، وزيد كسرت سرج فرس غلامه فعليا ولا سببيا. هذا هو مختار صاحب الاطول. وذكر الفاضل في شرح المفتاح أن المسند في: زيد منطلق أبوه فعلي بخلافه في: زيد أبوه منطلق؛ فإنّ في المثال الأول اسم الفاعل مع فاعله ليس بجملة، فالمحكوم به في زيد منطلق أبوه هو المفرد، بخلاف زيد أبوه منطلق، وهذا خبط ظاهر لأن اللازم مما ذكر أن لا يكون منطلق مع أبوه جملة، ولم يلزم منه أن يكون المسند هو منطلق وحده. وقال صاحب التلخيص: والمراد بالسببي نحو زيد أبوه منطلق، وقال في المطول لم يفسّر المصنف له لإشكاله وتعسّر ضبطه، وكان الأولى أن يمثل بالجملة الفعلية أيضا نحو: زيد انطلق أبوه. ويمكن أن يفسر بأنه جملة علقت على المبتدأ بعائد بشرط أن لا يكون ذلك العائد مسندا إليه في تلك الجملة، فخرج نحو: زيد منطلق أبوه، لأنه مفرد، ونحو: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ لأن تعليقها على المبتدأ ليس بعائد، ونحو: زيد قائم، وزيد هو قائم، لأن العائد مسند إليه، ودخل فيه نحو:
زيد أبوه قائم، وزيد ما قام أبوه، وزيد مررت به، وزيد ضرب عمرا في داره، وزيد كسرت سرج فرس غلامه، وزيد ضربته، ونحو قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا لأنّ المبتدأ أعم من أن يكون قبل دخول العوامل أو بعدها، والعائد أعم من الضمير وغيره. فعلى هذا، المسند السببي هو مجموع الجملة التي وقعت خبر مبتدأ. وهاهنا بحث طويل الذيل وتحقيق شريف لصاحب الأطول تركناه حذرا من الاطناب.
اعلم أنّ الاسناد في الحديث أن يقول المحدّث: حدّثنا فلان عن فلان عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم، وهو يسمّى بعلم أصول الحديث أيضا وقد سبق في المقدمة.

وعد

وعد
وَعَدَه خَيْراً وشَرّاً، وَعْداً وَمَوْعِداً ومَوْعِدَةً وعِدَةً. والمِيْعَادُ: لا يكونُ إلاّ وَقْتاً أو مَوْضِعاً. وأوْعَدْتُه: تَهَدَّدْتَه. واتَّعَدَ: وَثِقَ بِعِدَتِكَ. وأرْضٌ واعِدَةٌ وشَجَرٌ واعِدٌ: يُرْجى خَيْرُهُما.
[وعد] نه: فيه: دخل حائطًا فإذا فيه جملان يصرفان و"يوعدان"، وعيد فحل الإبل: هديره إذا أراد أن يصول، أوعد إيعادًا، والوعد يستعمل في الخير والشر بالتقييد، وعند الإطلاق ينصرف العدة والوعد إلى الخير، والإيعاد والوعيد إلى الشر. ك: قضى ابن الأشوع "بالوعد" بإنجازه. وفيه: إن "موعدكم" الحوض، أي مكان وفاء الوعد وألا فمكان الوعد المدينة المشرفة. وح: والله "الموعد"، مصدر أو مكان أو زمان، والحمل بحذف أو تجوز، أي يظهر يوم القيامة أنكم على الحق في الإنكار أو أنى عليه في الإكثار - ومر في مل من م. ن: من أجل ذلك "وعد" المتقون، فإنه لما وعدهم بالجنة ورغبهم فيها كثر سؤال العباد إياها بالثناء عليه. غ: "ما أخلفنا "موعدك"" أي عهدك. وهذه غداة "تعد" البرد - إذا عرفت أمارات ذلك فيها. ش: و"توعدهم"، التوعد: التهدد. وح: "وعد" صهره - يجيء في وفى.
و ع د

وعدته كذا. وأوعدته بالعقوبة وتوعدته. وقد أخلف وعده وعدته وموعده وموعدته وموعوده وميعاده، وهذا الوقت والمكان ميعادهم وموعدهم، وتواعدوا واتعدوا، ووعدته فاتعد: قبل الوعد نحو وعظته فاتعظ. واشتدّ الوعيد.

ومن المجاز: وعدته شراً " الشيطان يعدكم الفقر " وأصبحت أرضهم واعدة إذا رُجيَ خيرها، وقد وعدت. ويوم وعام واعد. ورأيت شجرها ونباتها واعداً. وفرس واعد يعد الجري. قال في صفة النخل:

كيف تراها واعداً صغارها ... تسوء شنّاء العدا كبارها

وأنشد ابن دريد:

راحت ركائبهم وفي أكوارها ... ألفان من عم الأثيل الواعد

ما إن رأيت ولا سمعت بأركبٍ ... حملت حدائق كالظّلام الرّاكد

أراد السجل بالنخل الموهوب. وقال سويد:

رعى غير مذعور بهنّ وراقه ... لعاع تهاداه الدّكادك واعد

وقال ابن ميّادة يصف مطراً:

سبقت أوائله أواخر نوئه ... بمشرّع عذبٍ ونبتٍ واعد

وقال خفاف:

جدّ سبوحاً غير ذي سقطةٍ ... مستفراً ميعته واعد

وقال:

إذا ما استحمّت أرضه من سمائه ... جرى وهو مودوع وواعد مصدق

وأوعد الفحل وعيداً شديداً إذا هدر وهم أن يصول. قال أبو النجم:

يرعد أن يوعد قلب الأعزل
[وعد] الوَعْدُ يستعمل في الخير والشر. قال الفراء: يقال: وعدتُه خيراً ووعدتُه شرًّا. قال الشاعر : أَلا عَلِّلاني كلُّ حيٍّ مُعلَّلِ * ولا تَعِداني الشَرَّ والخيرُ مُقْبِلُ - فإذا أسقطوا الخير والشر قالوا في الخير الوَعْدُ والعِدَةُ، وفي الشر الإيعادُ والوَعيدُ. قال الشاعر : وإنِّي وإنْ أوْعَدْتُهُ أو وَعَدْتُهُ * لمُخْلِفُ إيعادي ومُنْجِزُ مَوْعِدي - فإن أدخلوا الباء في الشر جاءوا بالألف. قال الراجز: أَوْعَدَني بالسجنِ والأَداهمِ * رِجْلي ورِجْلي شَثْنَةُ المناسِمِ - تقديره: أوْعَدَني بالسجن، وأوْعَدَ رِجلي بالأداهم. ثم قال: رِجْلي شَثْنَةٌ، أي قويَّةٌ على القيد. والعِدَةُ: الوَعْدُ، والهاء عوضٌ من الواو، ويجمع على عِداتٍ، ولا يجمع الوَعْدُ. والنسبة إلى عِدَةٍ عِدِيٌّ، وإلى زنة زنى، فلا ترد الواو كما تردها في شية. والفراء يقول: عدوى وزنوى، كما يقال شيوى. قال: وقول الشاعر زهير: إن الخليط أجدوا البين فانجردوا * وأخلفوك عدا الامر الذى وعدوا - أراد عدة الامر، فحذف الهاء عند الاضافة. والميعادُ: المُواعدَةُ، والوقتُ، والموضعُ. وكذلك الموعد، لان ما كان فاء الفعل منه واو أو ياء ثم سقطتا في المستقبل نحو: يعد، ويزن، ويهب، ويضع، ويئل ، فإن المفعل منه مكسور في الاسم والمصدر جميعا، ولا تبالي منصوبا كان يفعل منه أو مكسورا، بعد أن تكون الواو منه ذاهبة، إلا أحرفا جاءت نوادر: قالوا: دخلوا موحد موحد ، وفلان بن مورق، وموكل اسم رجل أو موضع، وموهب اسم رجل، وموزن موضع، هذا سماع والقياس فيه الكسر. فإن كانت الواو من يفعل فيه ثابتة نحو يوجل ويوجع ويوسن ففيه الوجهان. فإن أردت به المكان والاسم كسرته، وإن أردت به المصدر نصبته فقلت موجل وموجل. فإن كان مع ذلك معتل الآخر فالمفعل منه منصوب، ذهبت الواو في يفعل أو ثبتت، كقولك: المولى والموفى والموعى، من يلى ويفى ويعى. ويقال: تواعد القوم، أي وَعَدَ بعضهم بعضاً. هذا في الخير، وأمَّا في الشرّ فيقال اتَّعَدوا. والاتِّعادُ أيضاً: قَبول الوعد، وأصله الاوْتِعادُ، قلبوا الواوَ تاءً ثم أدغموا. وناس يقولون: ائتعد يأتعد فهو مؤتعد بالهمز، كما قالوا يأتسر في أيسار الجزور. والتوعد: التهدد. ويوم واعِدٌ، إذا وَعَدَ أوَّله بحرٍّ: أو برد. وأرضٌ واعِدَةٌ، إذا رُجيَ خيرُها من النبت. ووَعيدُ الفحل: هديره إذا هَمَّ أن يصول.
وعد:
وعده يوماً يجمع فيه أهل المملكة (كليلة ودمنة 1:30، ابن الأثير 3:359:6): وعدتني للقبة التي في جنتي. (أشارت إلى القبة التي في حديقتي وقالت إن موعدها معي فيها) (المقري 14:541:2).
واعد فلاناً: وعده ب (فهرست المخطوطات، ليدن 2:155:1): وواعدوه بخمسمائة درهم قبض منها ثلاثمائة.
وعد: وعده الأمر قال انه يجريه له أو ينيله إياه ويؤمله به (بقطر).
وعد فلاناً ووعد ب: ضرب له موعداً في المكان الفلاني (البربرية 441:1): واعدهم بمرسى تونس (409:2، وانظر 2:455).
أوعد فلاناً وأوعد ب: وعد فلاناً بشيء (بقطر).
أوعد نفسه بالباطل: تعلل بالأوهام الباطلة (بقطر).
وعد إلى فلان ووعد أن: أمر فلاناً بكذا (عبّاد 204:2)؛ إلا إنني اشك أن وعد إلى هنا ينبغي أن تكون أوعز إلى.
تواعدوا الصباح: اتفقوا، فيما بينهم، على أن يباشروا القتال صباح اليوم الثاني (حيّان 51، ابن الأثير 12:356:6): تواعدوا يوماً يحضر مازيار عنده.
اتّعد له أو لهم واتعّد إلى أو إليهم: في الحديث عن شخصين أو أكثر حددوا وقتاً أو موضعاً، للقيام بعمل معين (معجم الطرائف، الجغرافيا، البربرية 4:568:11 و1:203:2).
وَعْد: وقت محدد (كليلة ودمنة 3:29): فلما تم الحول أنفذ إليه الملك أن قد جاء الوعد فماذا صنعتَ.
وعد: اتفاق، عهد (مخطوطة صيغ العقود 7): والوعد بينهما يوم كذا ووقت كذا في شهر كذا.
وعد: قدَر (زيتشر 679:11، ألف ليلة 202:3، 11): كل حي ووعدَه، (لين: (أي كل حي وما قدر عليه)، ليل الوعد = ليلة القدر (المقري 7:572:1).
وعدة: وعد Promesse ( بقطر).
وعد: أجل، موعد الدفع؛ تمام وعدة: انتهاء الأجل، حلول موعد الاستحقاق؛ وعدة ثلاثين يوم: استحقاق كمبيالة، اصطلاح تجاري، أجل الثلاثين يوماً (بقطر).
موعِد: ميعاد (الأغاني 5:64، قرطاس 7:1:6، مولر 1:18).
اجتماعات مواعد: لقاءات بأوقات محددة (الإدريسي كليم 6: قسم الخامس): بها أسواق واجتماعات مواعد يأتونها من أقاصي البلاد المتجاورة والأقطار المصاقبة.
موعود والجمع مواعيد: وعود أيضاً في (بقطر).
موعود: أمر، حكم (الكالا): order, commandement.
ميعاد: الوعد (ومثال ذلك ما ورد في القرآن الكريم، الجزء الثالث 7) والجمع ميعادات (فوك).
ميعاد: ملقى (بقطر، عبّاد 171:1، ألف ليلة برسل 12:162:2).
ميعاد: وقت محدد مسبقاً (النويري أسبانيا 425): وأتى الناس أفواجاً عند الميعاد؛ في الميعاد: أي في الوقت المحدد أو الأجل، وكذلك الوقت المعين للدفع؛ ميعاد الدفع وقت حلول الأجل؛ ميعاد الساعي: يوم وصول أو رحيل ساعي البريد؛ فوت الميعاد اصطلاح قانوني يتعلق بسقوط الحق لغواتهِ، أي لعدم تنفيذه في وقته؛ فوات ميعاد: تقادم، حق اكتساب بمرور الزمن أو التقادم المكسب Presciption وكذلك طريقة الحصول على الملكية أو حجبها عن الخصم في المحكمة؛ أو سقوط الدين بسبب عدم المطالبة به في الوقت المحدد؛ فات ميعاده: سقط بالتقادم (بقطر).
ميعاد: الميعاد الجديد: العهد الجديد: مجموعة القوانين (مخطوطة الأسكوريال). موعد والجمع مواعيد: موعظة دينية (مملوك 47:2:2، المقري 1: - 585، الإدريسي كليم 3، القسم الخامس (أورشليم): مائدة العشاء السري ما زالت موجودة ولها ميعاد في يوم الخميس.
ميعادة: اتفاق، معاهدة (أماري دبلوماسية 2:178) (التصحيح من الناشر).
(وع د)

وَعَدهُ الْأَمر وَبِه عِدَةً ووَعْداً ومَوْعِداً ومَوْعِدَةً ومَوْعُوداً ومَوْعُودَةً، وَهُوَ من المصادر الَّتِي جَاءَت على مَفعول ومَفْعُولة كالمحلوف والمرجوع والمصدوقة والمكذوبة. قَالَ ابْن جني: وَمِمَّا جَاءَ من المصادر مجموعا معملا قَوْلهم:

مَوَاعِيد عُرْقُوبٍ أَخَاهُ بِيَتْرَب

والوَعْدُ من المصادر الْمَجْمُوعَة قَالُوا: الوُعود. حَكَاهُ ابْن جني. وَقَوله تعال (ويَقُولونَ مَتى هَذَا الوَعْدُ إنْ كُنْتمْ صَادِقينَ) أَي إنجاز هَذَا الوَعْدِ أرونا ذَلِك. وَقَوله (وَإذْ وَاعَدْنا مُوسى أرْبَعِينَ لَيْلَةً) وَيقْرَأ وَعَدْنا، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: اخْتَار جمَاعَة من أهل اللُّغَة: وَإِذ وَعَدنا - بِغَيْر ألف - وَقَالُوا: إِنَّمَا اخترنا هَذَا لِأَن المواعدة إِنَّمَا تكون من الْآدَمِيّين فَاخْتَارُوا وعدنا وَقَالُوا: دليلنا قَوْله (إنَّ اللهَ وَعَدَكمْ وَعْدَ الحَقّ) وَمَا أشبهه. قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَكرُوهُ لَيْسَ مثل هَذَا، وَأما واعدنا هَذَا فجيد لِأَن الطَّاعَة فِي الْقبُول بِمَنْزِلَة المُوَاعَدَةِ فَهُوَ من الله تَعَالَى وَعْدٌ وَمن مُوسَى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قبُول وَاتِّبَاع فَجرى مجْرى المُواعَدَةِ.

والميعادُ: وَقت الوَعْدِ وموضعه. وَقد تواعد الْقَوْم واتَّعَدُوا.

ووَاعَدَهُ الْوَقْت والموضع. وَفِي التَّنْزِيل (وَوَاعَدْنا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَة) وقريء ووعدنا قَالَ ثَعْلَب فوَاعَدْنا من اثْنَيْنِ ووَعَدْنا من وَاحِد. وَقَالَ:

فَوَاعِدْ بِهِ سَرْحَتْي مالِك ... أَو الَّذِي بَينهمَا أسْهَلا

ووَاعَدَه فوَعده: كَانَ أَكثر وَعدا مِنْهُ.

وَفرس واعِدٌ: يعدك جَريا بعد جري.

وَأَرْض واعِدَةٌ: كَأَنَّهَا تَعِد بالنبات.

وسحاب واعِدٌ: كَأَنَّهُ وعَد بالمطر.

وَيَوْم واعِدٌ: يَعدُ بِالْحرِّ.

والوعِيدُ التهدد وَقد أوْعدَه وتَوَعَّدَه. قَالَ الْفراء: يُقَال: وَعَدْتُه خيرا ووعَدْتُه شرا، بِإِسْقَاط الْألف، فَإِذا اسقطوا الْخَيْر وَالشَّر قَالُوا فِي الْخَيْر وَعَدْتُه. وَفِي الشَّرّ: أوْعَدْته. وَفِي الْخَيْر الوَعْدُ والعِدَةُ، وَفِي الشَّرّ: الإيعاد والوَعيدُ. فَإِذا قَالُوا: أوْعَدْتُه بِالشَّرِّ أثبتوا الْألف مَعَ الْبَاء، وَأنْشد لبَعض الرجاز:

أوْعدَنِي بالسِّجْنِ والأدَاهِمِ ... رِجْلِي ورِجْلِي شَشْنَةُ المناسِمِ

وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أوْعدْته خيرا، وَهُوَ نَادِر، وَأنْشد:

يَبْسُطُنِني مَرَّةً ويُوعِدُنِي ... فَضْلاً طَرِيفا إِلَى أياديه
و ع د : وَعَدَهُ وَعْدًا يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَيُعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْبَاءِ فَيُقَالُ وَعَدَهُ الْخَيْرَ وَبِالْخَيْرِ وَشَرًّا وَبِالشَّرِّ وَقَدْ أَسْقَطُوا لَفْظَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ وَقَالُوا فِي الْخَيْرِ وَعَدَهُ وَعْدًا وَعِدَةً وَفِي الشَّرِّ وَعَدَهُ وَعِيدًا فَالْمَصْدَرُ فَارِقٌ وَأَوْعَدَهُ إيعَادًا وَقَالُوا أَوْعَدَهُ خَيْرًا وَشَرًّا بِالْأَلِفِ أَيْضًا وَأَدْخَلُوا الْبَاءَ مَعَ الْأَلِفِ فِي الشَّرِّ خَاصَّةً وَالْخُلْفُ فِي الْوَعْدِ عِنْدَ الْعَرَبِ كَذِبٌ وَفِي
الْوَعِيدِ كَرَمٌ قَالَ الشَّاعِرُ 
وَإِنِّي وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ ... لَمُخْلِفُ إيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي
وَلِخَفَاءِ الْفَرْقِ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ انْتَحَلَ أَهْلُ الْبِدَعِ مَذَاهِبَ لِجَهْلِهِمْ بِاللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ وَقَدْ نُقِلَ أَنَّ أَبَا عَمْرٍو بْنِ الْعَلَاءِ قَالَ لِعَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ وَهُوَ طَاغِيَةُ الْمُعْتَزِلَةِ لَمَّا انْتَحَلَ الْقَوْلَ بِوُجُوبِ الْوَعِيدِ قِيَاسًا عَلَى الْعَجَمِيَّةِ مِنْ الْعُجْمَةِ أُتِيتَ أَبَا عُثْمَانَ إنَّ الْوَعْدَ غَيْرُ الْوَعِيدِ وَيُمْكِنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ الْوَعْدَ حَاصِلٌ عَنْ كَرَمٍ وَهُوَ لَا يَتَغَيَّرُ فَنَاسَبَ أَنْ لَا يَتَغَيَّرَ مَا حَصَلَ عَنْهُ.

وَالْوَعِيدُ حَاصِلٌ عَنْ غَضَبٍ فِي الشَّاهِدِ وَالْغَضَبُ قَدْ يَسْكُنُ وَيَزُولُ فَنَاسَبَ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ مَا حَصَلَ عَنْهُ وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا فَقَالَ الْوَعْدُ حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى وَمَنْ أَوْلَى بِالْوَفَاءِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى وَالْوَعِيدُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ عَفَا فَقَدْ أَوْلَى الْكَرَمَ وَإِنْ وَاخَذَ فَبِالذَّنْبِ وَإِنَّمَا حُذِفَتْ الْوَاوُ مِنْ يَعِدُ وَشِبْهِهِ لِوُقُوعِهَا بَيْنَ يَاءٍ مَفْتُوحَةٍ وَكَسْرَةٍ وَحُذِفَتْ مَعَ بَاقِي حُرُوفِ الْمُضَارَعَةِ طَرْدًا لِلْبَابِ أَوْ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الدَّلَالَةِ عَلَى الْمُضَارَعَةِ وَيُسَمَّى هَذَا الْحَذْفُ اسْتِدْرَاجَ الْعِلَّةِ وَأَمَّا يَهَبُ وَيَضَعُ وَنَحْوُهُ فَأَصْلُهُ الْكَسْرُ وَالْحَذْفُ لِوُجُودِ الْعِلَّةِ فِي الْأَصْلِ ثُمَّ فُتِحَ بَعْدَ الْحَذْفِ لِمَكَانِ حَرْفِ الْحَلْقِ وَأَمَّا يَذَرُ فَفُتِحَتْ بَعْدَ الْحَذْفِ حَمْلًا عَلَى يَدَعُ وَالْعَرَبُ كَثِيرًا مَا تَحْمِلُ الشَّيْءَ عَلَى نَظِيرِهِ وَقَدْ تَحْمِلُهُ عَلَى نَقِيضِهِ وَالْحَذْفُ فِي يَسَعُ وَيَطَأُ مِمَّا مَاضِيهِ مَكْسُورٌ شَاذٌّ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فَعِلَ بِالْكَسْرِ مُضَارِعُهُ يَفْعَلُ بِالْفَتْحِ وَاسْتَثْنَوْا أَفْعَالًا تَأْتِي فِي الْخَاتِمَةِ لَيْسَتْ هَذِهِ مِنْهَا.

وَالْعِدَةُ تَكُونُ بِمَعْنَى الْوَعْدِ وَالْجَمْعُ عِدَاتٌ وَأَمَّا الْوَعْدُ فَقَالُوا لَا يُجْمَعُ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ.

وَالْمَوْعِدُ يَكُونُ مَصْدَرًا وَوَقْتًا وَمَوْضِعًا وَالْمِيعَادُ يَكُونُ وَقْتًا وَمَوْضِعًا وَالْمَوْعِدَةُ مِثْلُ الْمَوْعِدِ وَوَاعَدْتُهُ مَوْضِعَ كَذَا مُوَاعَدَةً.

وَتَوَعَّدْتُهُ تَهَدَّدْتُهُ وَتَوَاعَدَ الْقَوْمُ فِي الْخَيْرِ وَعَدَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. 
وعد
الوَعْدُ يكون في الخير والشّرّ. يقال وَعَدْتُهُ بنفع وضرّ وَعْداً ومَوْعِداً ومِيعَاداً، والوَعِيدُ في الشّرّ خاصّة. يقال منه: أَوْعَدْتُهُ، ويقال: وَاعَدْتُهُ وتَوَاعَدْنَا. قال الله عزّ وجلّ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِ
[إبراهيم/ 22] ، أَفَمَنْ وَعَدْناهُ وَعْداً حَسَناً فَهُوَ لاقِيهِ
[القصص/ 61] ، وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها
[الفتح/ 20] ، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا
[المائدة/ 9] إلى غير ذلك. ومن الوَعْدِ بالشّرّ:
وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ وَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ
[الحج/ 47] وكانوا إنّما يستعجلونه بالعذاب، وذلك وَعِيدٌ، وقال: قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا
[الحج/ 72] ، إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ
[هود/ 81] ، فَأْتِنا بِما تَعِدُنا
[الأعراف/ 70] ، وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ
[الرعد/ 40] ، فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ
[إبراهيم/ 47] ، الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ
[البقرة/ 268] .
ومما يتضمّن الأمرين قول الله عزّ وجلّ:
أَلا إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌ
[يونس/ 55] ، فهذا وَعْدٌ بالقيامة، وجزاء العباد إن خيرا فخير وإن شرّا فشرّ. والمَوْعِدُ والمِيعَادُ يكونان مصدرا واسما.
قال تعالى: فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً
[طه/ 58] ، لْ زَعَمْتُمْ أَلَّنْ نَجْعَلَ لَكُمْ مَوْعِداً
[الكهف/ 48] ، مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ [طه/ 59] ، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ
[الكهف/ 58] ، قُلْ لَكُمْ مِيعادُ يَوْمٍ
[سبأ/ 30] ، وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ
[الأنفال/ 42] ، إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ [لقمان/ 33] أي: البعث إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ
[الأنعام/ 134] ، بَلْ لَهُمْ مَوْعِدٌ لَنْ يَجِدُوا مِنْ دُونِهِ مَوْئِلًا
[الكهف/ 58] . ومِنَ المُواعَدَةِ قوله: وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا
[البقرة/ 235] ، وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً
[الأعراف/ 142] ، وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً [البقرة/ 51] وأربعين وثلاثين مفعول لا ظرف. أي: انقضاء ثلاثين وأربعين، وعلى هذا قوله: وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ
[طه/ 80] ، وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ
[البروج/ 2] وإشارة إلى القيامة كقوله عزّ وجلّ:
مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ [الواقعة/ 50] . ومن الإِيعَادِ قوله: وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِراطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ
[الأعراف/ 86] ، وقال: ذلِكَ لِمَنْ خافَ مَقامِي وَخافَ وَعِيدِ
[إبراهيم/ 14] ، فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ [ق/ 45] ، لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ
[ق/ 28] ورأيت أرضهم وَاعِدَةً: إذا رجي خيرها من النّبت، ويومٌ وَاعِدٌ:
حرّ أو برد، ووَعِيدُ الفحلِ: هديره، وقوله عزّ وجلّ: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا إلى قوله:
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ [النور/ 55] وقوله:
لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ تفسير لوَعَدَ كما أنّ قوله عزّ وجلّ: لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ [النساء/ 11] تفسير الوصيّة. وقوله: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ
[الأنفال/ 7] فقوله:
أَنَّها لَكُمْ بدل من قوله: إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ، تقديره: وَعَدَكُمُ اللهُ أنّ إحدى الطائفتين لكم، إما طائفة العير، وإما طائفة النّفير. والعِدَةُ من الوَعْدِ، ويجمع على عِدَاتٍ، والوَعْدُ مصدر لا يجمع. ووَعَدْتُ يقتضي مفعولين الثاني منهما مكان، أو زمان، أو أمر من الأمور. نحو: وَعَدْتُ زيداً يوم الجمعة، ومكان كذا، وأن أفعل كذا، فقوله: أَرْبَعِينَ لَيْلَةً لا يجوز أن يكون المفعول الثاني من: واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ
[البقرة/ 51] لأنّ الوَعْدَ لم يقع في الأربعين بل انقضاء الأربعين وتمامها: لا يصحّ الكلام إلا بهذا.

وعد

1 وَعَدَ, aor. ـِ inf. n. وَعْدٌ and عِدَةٌ, (S, L, Msb, K,) [in which the ة is a substitute for the elided و,] or the latter is a quasi-inf. n., (L,) and مَوْعِدٌ and مَوْعِدَةٌ, (L, Msb, K,) or the last is a quasi-inf. n., (L,) and مَوْعُودٌ and مَوْعُودَةٌ, (L, K,) the last two being instances of inf. ns. of the measures مَفْعُولٌ and مَفْعوُلَةٌ, (L,) He promised. (TA.) It is trans. immediately, and by means of the prep. ب; (L, Msb, K;) but some say that the ب is redundant in this case; and most of the lexicologists disallow it with this form of the verb, allowing it only with أَوْعَدَ. (TA.) It is also used with reference to good and evil: (S, L, Msb, K:) you say وَعَدَهُ خَيْرًا [He promised him good]: and وَعَدَهُ شَرًّا (tropical:) [He threatened him with evil]: (Fr, Fs, S, L, Msb, K, &c.:) and, [accord. to some,] وعده بِخَيْرٍ, and بِشَرّ. (IKoot, Msb.) When neither good nor evil is mentioned, if you mean the former, you say وَعَدَ [He promised good]: and if you mean the latter, ↓ أَوْعَدَ, (Fr, T, S, L, Msb, K,) inf. n. إِيعَادٌ, with which وَعِيدٌ is syn., (S, L, Msb, K,) being one irregular inf. n., [or quasiinf. n.,] (Msb,) [He threatened,] or threatened with, evil]; and ↓ أَوْعَدَهُ [He threatened him, menaced him, or threatened him with evil]; (Msb;) as also ↓ توعّدهُ, (L, Msb,) inf. n. تَوَعُّدٌ; (S, L, K;) and ↓ اتّعدهُ. (L.) You also say خَيْرًا ↓ اوعد [He promised good]; (IAar, T, ISd, Msb, K;) but this is extr.: (L:) and بِشَرٍّ ↓ اوعد [He threatened, or threatened with, evil]: (S, L, Msb, K:) when ب is introduced after this form of the verb, it relates only to evil: (Fs, Msb:) but you also say شَرًّا ↓ اوعده. (Msb.) b2: Failure of performance, with respect to a promise, the Arabs regard as a lie; but with regard to a threat, as generosity. A poet says, وَإِنِّى وَإِنْ أَوْعَدْتُهُ أَوْ وَعَدْتُهُ لَمُخْلِفُ إِيعَادِى وَمُنْجِزُ مَوْعِدِى

[And verily I, if I threaten him or promise him, fail to perform my threat, but fulfil my promise]. (Msb.) Nay, they do not apply the term خُلْفٌ to the failure of performing a threat. (TA.) b3: يَوْمُنَا يَعِدُ بَرْدًا (tropical:) Our day promises cold. (L.) b4: وَعَدَتِ الأَرض (tropical:) The land promised good produce. (A.) b5: وَاعَدَهُ فَوَعَدَهُ: see 3.3 واعدهُ, inf. n. مُوَاعَدَةٌ, He promised him, the latter doing the same to him. (Aboo-Mo'ádh, L.) b2: وَاعَدَهُ فَوَعَدَهُ He vied with him in promising, and surpassed him therein, by promising more. (L, K. *) b3: وَاعَدهُ الوقْتَ, and المَوْضِعَ, [He appointed with him the time, and the place]. (L, K.) أَوْعَدَنِى مَوْعِدًا is a vulgar mistake. (Aboo-Bekr, L.) 4 أَوْعَدَ see 1 throughout.

A2: اوعد, (A, L,) inf. n. إِيعَادٌ, (L,) in the sense of which وَعِيدٌ is also used [as a quasi-inf. n.], (S, A, L, K) (tropical:) He (a stallion-camel) brayed, (هَدَرَ, S, A, &c.) on his being about to attack and fight with other camels. (S, A, L.) 5 تَوَعَّدَ see 1.6 تواعدوا and ↓ اتّعدوا signify the same, [They promised one another]: (K *, TA:) or the former relates to good, (S, Msb, K,) signifying they promised one another something good: (S, Msb,) and the latter, to evil, (S, L, K,) signifying they threatened one another: (L:) and this distinction is commonly admitted and observed. (TA.) b2: تَواَعَدْنَا المَوْضِعَ, [and الوَقْتَ, We appointed mutually the place, and the time]. (Msb.) 8 اتّعد, (A,) [aor. ـّ inf. n. إِتِّعَادٌ, (S, L, K,) He accepted a promise: (S, A, L, K:) originally إِوْتَعَدَ; the و being changed into ت and then incorporated [into the augmentative ت]: some persons say ائْتَعَدَ, aor. ـْ (inf. n. ائْتِعَادٌ, TA) and pronounce the act. part. n. مُؤْتَعِدٌ, with ء; (S, L, K;) like as they say يَأْتَسِرُ: (S, L:) but [if they do not change the و into ت] they should say إِيتَعَدَ, and يَاتَعِدُ, and مُوتَعِدٌ, without وَعُدَ. (IB, L.) b2: Also, He confided in the promise of another. (L.) b3: See also 1: b4: and 6.

وَعْدٌ and ↓ عِدَةٌ (in which latter the ة is a substitute for the [elided] و, S, L) and ↓ مَوْعِدٌ and ↓ مَوْعِدَةٌ and ↓ مَوْعُودٌ (A) and ↓ مَوْعُودَةٌ: (L:) see 1: A promising; a promise; (A, L;) meaning, of something good: (S, L, &c.:) pl. of the first, وُعُودٌ; (IJ, L;) or this has no pl.: (T, S, L, Msb:) and of the second, عِدَاتٌ: (T, S, L, Msb:) (and of the ↓ third, مَوَاعِدُ:] and of ↓ موعود, مَوَاعِيدُ. (L.) When عِدَة is used as a prefixed n., [in a case of wasl,] the ة is elided, (Fr, S, L,) and ى is substituted for it: (Fr, L:) a poet says, وَأَخْلَفُوكَ عِدَى الْأَمْرِ الَّذِى وَعَدُوا [And they have broken to thee the promise of the thing which they promised]. (Fr, S, L.) b2: عَطِيَّةٌ ↓ العِدَةُ [A promise is equivalent to a gift]: i. e., it is base to break it as it is to take back a gift. A proverb. (TA.) b3: الثريَّا ↓ وَعَدَهُ عِدَةَ بِالقَمَرِ [He promised him as the moon promises the Pleiades]: for the moon and the Pleiades are in conjunction once in every month. Another proverb. (TA.) [Perhaps we may also read عِدَّةَ الثُّزَيَّا القَمَرَ: see مدَاد, in art. عد.] b4: إِخْلَافُ الوَعْدِ مِنْ أَخْلَاقِ الوَغْدِ [The breaking of a promise is one of the natural habits of the mean and base]. A saying of the Arabs. (MF.) b5: وَعْدٌ also signifies The fulfilment of a promise. Ex. مَتَى هٰذَا الوَعْدُ, in the Kur, [x. 49, &c.] means, When shall be the fulfilment of this promise? (L.) b6: Also, a thing promised. (TK, art. نجز.) عِدَةٌ: see وَعْدٌ, and 1.

عِدِىٌّ Of, or relating or belonging to, a promise: rel. n. of عِدَةٌ, like زِنِىٌّ of زِنَةٌ, formed without restoring the و like as it is restored in [the rel. n. of] شِيَةٌ: [see art. شيو:] but Fr says عِدَوِىٌّ and زِنَوِىٌّ, like شِيَوِىٌّ. (S, L.) وَعِيدٌ: see 1: A threatening; a threat: (S, L, K:) also written وِعِيدٌ. (TA.) See also 4.

الوَعِيدِيَّةُ A certain sect of the خَوَارِج, who are extravagant in threatening; asserting that transgressors [who have been true believers] shall remain in hell for ever. (TA.) وَاعِدٌ (tropical:) A horse that promises run after run. (L, K.) b2: (tropical:) A beast that promises to be productive of good, and fortunate. (L.) (tropical:) See an ex. in a verse cited voce مَصْدَق. b3: (tropical:) A tree, or herbage, promising good produce. (A.) b4: (tropical:) A cloud, which, as it were, promises rain. (L, K.) b5: (tropical:) A day which promises heat; (L;) as also a year: (TA:) or of which the commencement promises heat; or cold. (S, L, K.) b6: أَرْضٌ وَاعِدَةٌ (tropical:) Land of which the herbage is hoped to prove good and productive, (As, S, A, L, K,) by reason of its first appearance. (As, L.) مَوْعِدٌ signifies A covenant, or compact. So, accord. to Mujáhid, in ch. xx. vv. 89 and 90, of the Kurn. (L.) b2: مَوْعِدٌ and مَوْعِدَةٌ: see 1, and وَعْدٌ. b3: See also مِيعَادٌ.

مِيعَادٌ (S, A, L, Msb, K) and ↓ مَوْعِدٌ (S, A, L, Msb) A time, and a place, of promise: (S, A, L, Msb, K:) [and , of appointment; an appointed time, and place]. b2: مِيعَادٌ A mutual promising, or promise. (S, K.) مَوْعُودٌ and مَوْعُودَةٌ: see 1, and وَعْدٌ b2: اليَوْمُ الموعود [The promised day; meaning] the day of resurrection. (TA.) b3: مَعْهُودٌ وَمَشْهُودٌ وَمَوْعُودٌ Past and present and future: the tenses of a verb. (Kh, in L, art. عهد.) b4: مَوْعُودٌ is one of the inf. ns. which have pls. governing as verbs; its pl. being مَوَاعِيدُ.

Ex. مَوَاعِيدَ عُرْقوب أَخَاهُ بِيَثْرِبَ [As 'Orkoob's promisings of his brother in Yethrib.] (IJ, ISd.) See عُرْقُوبٌ.
وعد
وعَدَ1 يَعِد، عِدْ، وَعْدًا وعِدَةً، فهو واعد، والمفعول مَوْعود
• وعَد فلانًا الأمرَ/ وعَد فلانًا بالأمر:
1 - منّاه به، قال إنه يجريه له أو ينيله إيّاه "وعَده بجائزة/ بهديَّة- {بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إلاَّ غُرُورًا} " ° أنجزَ حُرَّ ما وَعد [مثل]: يُضرب في الحثّ على الوفاء بالوعد- وَعد بالقمر: مَنَّى بالمستحيل، أو بغير الممكن.
2 - بشَّره " {وَاللهُ يَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَفَضْلاً} ".
3 - أخبره " {أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنْتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ} ".
4 - أنذر وهدَّد " {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ} ". 

وعَدَ2 يَعِد، عِدْ، وَعيدًا، فهو واعِد، والمفعول مَوْعود
• وعَد فلانًا: تهدّده "وعَده بالعقاب- {هَذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ} ". 

أوعدَ يُوعد، إيعادًا، فهو مُوعِد، والمفعول مُوعَد
• أوعد فلانًا:
1 - تهدّده "أوعده شرًّا- {وَلاَ تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ} ".
2 - وعَده؛ منّاه "أوعده خيرًا". 

اتَّعدَ يتّعد، اتِّعادًا، فهو مُتَّعِد، والمفعول مُتَّعَد (للمتعدِّي)
• اتَّعد القومُ: تواعدوا، وعَد بعضُهم بعضًا في الشَّرِّ.
• اتَّعد فلانٌ: قبِل الوعدَ ووَثِق به.
 • اتَّعد فلانًا: أوْعدَهُ؛ تهدَّده. 

استوعدَ يستوعد، استيعادًا، فهو مُستوعِد، والمفعول مُستوعَد
• استوعد فلانًا: طلب إليه أنْ يَعِده "استوعده إنجازُ عمَلٍ". 

تواعدَ يتواعد، تواعُدًا، فهو مُتواعِد
• تواعد القومُ: وعَد بعضُهم بعضًا في الخير "تواعدوا على اللِّقاء في النادي الثّقافيّ- {وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ} ". 

توعَّدَ يتوعَّد، توعُّدًا، فهو مُتوعِّد، والمفعول مُتوعَّد
• توعَّد فلانًا: هدَّده وخوَّفَه بالعقوبة "توعَّد تلميذًا بالعقاب- جاءني غاضبًا يصرخ ويتوعَّد". 

واعدَ يواعد، مُواعَدةً، فهو مُواعِد، والمفعول مُواعَد
• واعد صديقَه: وعَد كلٌّ منهما الآخر "واعده على العمل معًا".
• واعده الموضعَ أو الوقتَ: عاهَدَهُ على أن يُوافيَه في موضع أو في وقت معيّن " {وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ} - {وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الأَيْمَنَ} ". 

عِدَة [مفرد]: ج عِدات (لغير المصدر):
1 - مصدر وعَدَ1.
2 - وَعْد؛ ما يقطع من عهد في الخير والشَّرّ، التزام باحترام عهد والتَّقيُّد به بأمانة. 

مَعاد [مفرد]
• المَعاد: الآخرة، دار البقاء. 

مَوْعِد [مفرد]: ج مَواعِدُ:
1 - مصدر ميميّ من وعَدَ1: " {قَالُوا مَا أَخْلَفْنَا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا} ".
2 - اسم مكان من وعَدَ1 ووعَدَ2: "كان على الموعد- {وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} ".
3 - اسم زمان من وعَدَ1 ووعَدَ2: وقت محدَّد لإنجاز عمل "حان موعِدُ الإفطار- {إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ} ".
4 - عَهْد "وفى بموعده- أنت الكريم وقد قدَّمت مبتدئًا ... وَعْدًا وكلّ كريم عند مَوْعِدِه- {فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي}: عهدي". 

مَوْعِدة [مفرد]:
1 - مصدر ميميّ من وعَدَ1.
2 - وَعْد؛ ما يُقطع من عهد في الخير والشَّرّ، التزام باحترام عهد والتَّقيُّد به بأمانة " {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} ". 

مَوْعود [مفرد]: اسم مفعول من وعَدَ1 ووعَدَ2.
• اليوم المَوْعود: يوم القيامة " {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ. وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} ". 

ميعاد [مفرد]: ج مواعيدُ:
1 - مواعدة، موعد "ميعادُ الأصدقاء- كلّما قلت متى ميعادنُا ... ضحكت هند وقالت بعد غد" ° على غير ميعاد/ من غير ميعاد: مصادفة.
2 - وقت الوَعْد "زاره من غير ميعاد- صدرت الجريدة في ميعادها- {إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ} " ° ميعاد العمل: دوامه ووقته- مواعيد عُرْقوب/ مواعيد عُرْقوبيَّة: وعود كاذبة، وهو وصف حال من يعد ويخلف، وعُرْقوب كان رجلاً يُضرب به المثل لكذبه وخُلفه بالوعد.
3 - موضع الوَعْد ° أَرْض الميعاد: أرض كنعان أو أَرْض الرجوع؛ بدعة يهوديّة اختلقها اليهود زاعمين أن الله وعدها إبراهيم ونسله.
4 - (قن) أجل، تاريخ "ميعاد سقوط الحقّ". 

واعِد [مفرد]:
1 - اسم فاعل من وعَدَ1 ووعَدَ2.
2 - مَرْجُوّ خيرُه ° أَرْض واعدة: رُجيَ خيرها وتمام نبتها- سحاب واعد: كأنَّه وعد بالمطر- شباب واعد: توفَّر له من تمام الكفاية والخُلُق ما يرجى معه الخير- فرسٌ واعد: يعدك جَرْيًا بعد جَرْي- نَظْرة واعدة: مليئة بالوعود- يَوْمٌ واعد: يعدك أوّله بحرٍّ أو بردٍ. 

وَعْد [مفرد]: ج وعود (لغير المصدر):
1 - مصدر وعَدَ1.
2 - ما يُقْطَع من عهد في الخير والشرّ، التزام باحترام عَهد والتقيُّد به بأمانة "وَعْدُ الحُرِّ دَيْنٌ عليه- وَفّى بوَعْده: أتمّه- وَعْد بلا وفاء، عداوة بلا سبب [مثل]- {وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ} " ° أخلف بوعده: نكثه- قطَع الوَعْدَ على نفسه بكذا: ألزم نفسَه بشيء ما- وَعْدٌ صوريّ: التزام شكليّ-
 وَعْدٌ عرقوبيّ: التزام كاذب، وهو وصف حال من يعد ويخلف، وعُرْقوب كان رجلاً يُضرب به المثل لكذبه وخلفه بالوعد.
• الوَعْدان: عذاب الدُّنيا، وعذاب الآخرة. 

وَعيد [مفرد]:
1 - مصدر وعَدَ2.
2 - تهديد وتوعّد بالشَّرّ، إنذار بما سيحدث من دمار ونكبات " {وَصَرَّفْنَا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ} - {فَذَكِّرْ بِالْقُرْءَانِ مَنْ يَخَافُ وَعِيدِ} ".
• يوم الوَعيد: يوم القيامة " {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ} ". 
وعد
: (} وعَدَه الأَمْرَ) ، مُتَعَدِّياً بِنَفسِهِ، (و) {وعَدَه (بِهِ) . مُتَعدِّياً بالباءِ وَهُوَ رأْيُ كَثيرٍ، وَقيل: الْبَاء زائدةٌ ومَنَع جَماعَةٌ دُخُولَها مَعَ الثلاثيِّ، قَالُوا: وإِنما تكون مَعَ الرُّباعيّ، (} يَعِدُ {عِدَةً) ، بِالْكَسْرِ، وَهُوَ الْقيَاس فِي كُلِّ مِثَالٍ، ورُبَّمَا فُتِح كسَعَةٍ، (} ووَعْداً) ، وَهُوَ من المصادر المَجْموعة، قَالُوا {الوُعُودُ، حَكَاهَا ابنُ جِنِّي، وَقَوله تَعَالَى: {مَتَى هَاذَا} الْوَعْدُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (سُورَة يُونُس، الْآيَة: 48) أَي إِنجاز هاذا الوَعْد، أَرُونَا ذَلِك. وَفِي التَّهْذِيب: الوَعْدُ {والعِدَةُ يَكُونَانِ مَصْدَراً واسْماً، فأَمَّا} العِدَةُ فتُجْمَع {عِدَات،} والوَعْد لَا يُجْمَع، وَقَالَ الفراءُ {وَعَدْتُ} عِدَةً، ويَحذِفون الهاءَ إِذا أَضَافُوا، وأَنشد:
إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّوا البَيْنَ فَانْجَرَدُوا
وأَخْلَفُوكَ {عِدَى الأَمْرِ الذِي} وَعَدُوا
وَقَالَ ابْن الأَنبارِيّ وغيرُه: الفَرَّاءُ يَقُول: {عِدَةٌ} وعِدًى، قَالَ: ويُكْتَب بالياءِ. وَفِي الصّحاح {والعِدَةُ:} الوَعْدُ، والهاءُ، عِوَضٌ من الْوَاو، ويُجْمَع على {عِدَاتٍ، وَلَا يُجْمَع} الوَعْدِ، والنِّسْبَةُ إِلى {عِدَةٍ} عِدِىٌّ، وإِلى زِنَةٍ زِنِيٌّ، فَلَا تَرُدُّ الواوَ كَمَا تَرُدُّهَا فِي شِيَةٍ. الفراءُ يَقُول {- عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كَمَا يُقَال شِيَوِيٌّ. قلت: وَقَوله: وَلَا يُجْمَع، أَي لكَوْنِه مَصدَراً، والمصادِرُ لَا تُجْمَع إِلاَّ مَا شَذَّ، كالأَشْغَالِ والحُلُومِ، كَمَا قَالَه سيبويهِ وغيرُه، (} ومَوْعِداً {ومَوْعِدَةً) ، قَالَ شيخُنَا: هُوَ أَيضاً مِن المَقِيس فِي بَاب المِثَالِ، فَيُقَال فِيهِ مَفْعِلَة بِفَتْح الْمِيم وَكسر الْعين، وَمَا جَاءَ بالفَتْح فَهُوَ علِى خِلافِ القِياسِ كمَوْحَد، وَمَا مَعَه من الأَلفاظ الَّتِي جاءَ بهَا الجوهريُّ وذكَرَها ابنُ مالِكٍ وغيرُه من أَئمَّةِ الصرْفِ، وَهنا للجوهريِّ مباحثُ وقواعِدُ صَرْفِيَّة أَغفلَها المُصنِّفُ لعدَمِ إِلْمامه بذالك الفَنِّ. قلْتُ: وسَنَسُوقُ عِبَارَةَ الجَوْهَرِيِّ وسَببَ عُدولِ المُصَنِّف عَنْهَا قَرِيبا. وَفِي لِسَان الْعَرَب: ويَكُون} المَوْعِدُ مصدرَ {وَعَدْتُه، وَيكون} المَوْعِدلم يَلْتَفِتْ إِليه المُصنِّف، وزَعَم شيخُنَا سامحه الله تَعَالَى أَنه لجَهْلِه بالقَوَاعِد الصَّرْفِيَّة، وَهُوَ تَحَامُلٌ مِنْهُ عَجِيبٌ، (وَ {مَوْعُوداً} ومَوْعُودَةً) ، قَالَ ابنُ سِيدَه: هُوَ من المصادر الَّتِي جاءَت على مَفْعُولٍ ومَفْعُولَةٍ كالمَحْلُوف والمَرْجُوعِ والمَصْدُوقَة والمَكْذُوبَةِ، قَالَ ابنُ جِنِّي: وَمِمَّا جاءَ مِن المصادِر مجْمُوعاً مُعْمَلاً قولُهم:
{مَوَاعِيدَ عُرْقُوبٍ أَخَاهُ بِيَثْرِبِ
قَالَ شَيخنَا: ووُرُود مَفْعُولٍ مَصْدَراً من الثلاثي الجُمْهُورُ حَصَرُوه فِي السَّمَاعِ، وَقَصْروه على الْوَارِد، وأَبو الخَطَّاب الأَخفشُ الكبيرُ فِي جَمَاعَة قاسُوه فِي الثُّلاثيِّ، كَمَا قَاس الْكل اسْمَ مَفعولٍ مَصْدَراً فِي غيرِ الثلاثي، على مَا عُرِف فِي الصَّرْف.
(و) } وَعَدَه (خَيْراً وشَرًّ) ، فَيُنْصَبَانِ على المفعوليَّة المُطلقَة، وَقيل: على إِسقَاطَ الجَار، والصوابُ الأَوّل، كَمَا حَقَّقَه شيخُنَا، وعبارَة الفَصِيح: وَعَدْت الرجُلَ خيرا وشَرًّا قَالَ شُرَّاحُه. أَي مَنَّيْتُه بهما، قَالَ الله تَعَالَى فِي الخيرِ.
{وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً} (سُورَة الْفَتْح، الْآيَة: 29) ومثلُه كَثِيرُ، وَقَالَ فِي الشَّرِّ {قُلْ أَفَأُنَبّئُكُم بِشَرّ مّن ذالِكُمُ النَّارُ {وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} (سُورَة الْحَج، الْآيَة: 27) وأَنْشَدُوا:
إِذَا} وَعَدَتْ شَرّاً أَتَى قَبْلَ وَقْتِهِ
وَإِنْ وَعَدَتْ خَيْراً أَرَاثَ وعَتَّمَا
قلت: وصَرَّح الزمخشريّ فِي الأَساس بأَن قولَهم وَعَدْتُه شَرًّا، وَكَذَا قَول الله تَعَالَى: {الشَّيْطَانُ! يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ} (سُورَة الْبَقَرَة، الْآيَة: 268) من المَجازِ، (فَإِذا أُسْقِطَا) أَي الْخَيْر والشَّرّ (قِيلَ فِي الخَيْرِ {وَعَدَ) ، بِلَا أَلف، (وَفِي الشَّرِّ} أَوْعَدَ) ، بالأَلف، قَالَه المُطرّز، وَحَكَاهُ القُتَيْبِيّ عَن الفرَّاءه، وَقَالَ اللَّبْليّ فِي شَرْح الفَصِيح: وهاذا هُوَ المَشْهورُ عِنْد أَئِمَّة اللغَةِ. وَفِي التَّهْذِيب: كلامُ العَرَب: {وَعَدْتُ الرجُلَ خَيْراً، ووعَدْتُه شَرًّا،} وأَوْعَدْتُه خَيْراً، {وأَوْعَدْتُه شَرًّا، فإِذا لم يَذْكُرُوا الخَيْرَ قالُوا} وَعَدْتُه، وَلم يُدْخِلُوا أَلِفاً، وإِذا لم يَذْكروا الشرَّ قالُوا {أَوْعَدْتُه وَلم يُسْقِطُوا الأَلف، وأَنْشَدَ لِعَامِرِ بنِ الطفَيْل:
وإِنِّي وَإِنْ} أَوْعَدْتَه أَوْ {وَعَدْتُهُ
لأَخْلِفُ} إِيعَادِي وأُنْجِزُ {مَوْعِدِي
(وَقَالُوا:} أَوْعَدَ الخَيْرَ) ، حَكَاهُ ابنُ سِيدَه عَن ابْن الأَعرابِيِّ، وَهُوَ نادِرٌ، وأَنشد:
يَبْسُطُنهي مَرَّةً {- ويُوعدُنِي
فَضْلاً طَريفاً إِلى أَيَادَيه
(و) أَوْعَدَه (بالشَّرِّ) ، أَي إِذا أَخَلوا الباءَ لم يكن إِلاَّ فِي الشَّرِّ، كَقَوْلِك: أَوْعَدْتُه بالضَّرْبِ، وعبارةُ الفَصِيحِ: فإِذا أَدْخَلْت الباءَ قُلْتَ: أَوْعَدْتُه بِكَذا وكَذَا، تَفْنِي مِن الوَعِيد، قَالَ شُرَّاحُه: مَعْنَاهُ مِن الوَعِيد، قَالَ شُرَّاحُه: مَعْنَاهُ أَنهم إِذا أَدْخَلوا الباءَ أَتَوْا بالأَلفِ مَعَهَا، فَقَالُوا، أَوْعَدْتُه: بِكَذَا، وَلَا تَدْخُلُ البَاءُ فِي وَعَدَ بغيرٍ أَلِفٍ، فَلَا تَقُلْ وَعَدْتُه بِخَيْرٍ وبِشَر وعَلى هَذَا القولِ أَكثَرُ أَهلِ اللغةِ، قلت: وَفِي الْمُحكم: وَفِي الخَيْرِ الوَعْدُ} والعِدَةُ وَفِي الشرِّ {الإِيعادُ} والوَعِيدُ، فإِذا قَالُوا {أَوْعَدْتُه بالشرّ أَثبتُوا الأَلِفَ مَعَ الباءِ، وأَنْشَد لبعْضِ الرُّجَّازِ:
} - أَوْعَدَنِي بِالسِّجْنِ والأَدَاهِمِ
رِجْلِي ورِجْلي شَئْنَةُ المَنَاسِمِ
قَالَ الْجَوْهَرِي: تقديرُه {- أَوْعَدَني بالسِّجْنِ،} وأَوْعَدَ رِجْلِي بالأَدَاهِم، ورِجْلي شَئْنَةٌ، أَي قَوِيَّة على القَيْدِ. قلت، وحكَى ابنُ القُوطِيَّة، {وَعَدْتُهُ خَيْراً وشَرًّا، وبِخَيْر وبَشَرَ، فعلى هَذَا لَا تَخْتَصُّ الباءُ} بأَوْعَدَ، بل تكون مَعَهَا وَمَعَ وَعَدَ، فَتَقول: {أَوْعَدْته بِشرَ،} ووعَدْته بِخَيْرٍ، لَكِن الأَكْثَر مَا مَرَّ. وَحكى قُطْرَب فِي كِتاب فَعَلْت وأَفعلْت: {وَعَدْت الرَّجُلَ خَيْراً،} وأَوْعَدْتُه خيرا، و {وعدته شَرًّا،} وأَوْعَدْتُه شَرًّا. ( {والمِيعَادُ: وَقْتُه ومَوْضِعُه و) كَذَا (} المُواعَدَةُ) يكون وقتا ومَوْضِعاً، قَالَ الجوهَرِيُّ، وكذالك {المَوْعِدُ، أَي يكون وَقْتاً ومَوْضِعاً. وَفِي الأَساس: وهاذا الوَقْتُ والمَكَانُ} مِيعَادُهم {ومَوْعدُهُم.
(} وتَوَاعَدُوا {واتَّعَدُوا) بِمَعْنى واحدٍ، (أَو الأُولَى فِي الخَيْرِ، والثانِيَةُ فِي الشَّرِّ) ، وهاذا الفَرْقُ هُوَ المَشْهورُ الَّذِي عَلَيْهِ الجُمهُورُ، فَفِي اللّسَان:} اتَّعَدْت الرَّجُلَ، إِذا {أَوْعَدْتَه، قَالَ الأَعْشَى:
فَإِنْ} - تَتَّعِدْنِي {أَتَّعِدْكَ بِمِثْلِهَا
وَقَالَ أَبو الْهَيْثَم:} أَوْعَدْت الرجُلَ {أُوعِدُه} إِيعَاداً، {وتَوَعَّدْتُه} تَوَعُّداً. {واتَّعَدْت} اتِّعَادا، ( {ووَاعَدَه الوَقْتَ والمَوْضِعَ) وواعَدَه (} فَوَعَدَه: كَانَ أَكْثَرَ {وَعْداً مِنه) ، وَقَالَ أَبو مُعاذٍ:} وَاعَدْتُ زَيْداً، إِذ وَعَدَك {وَوَعَدْتَه،} ووَعَدْتُ زَيْداً، إِذا كَانَ الوَعْدُ مِنْك خاصَّةً.
(و) من المَجاز (فَرَسٌ {وَاعِداً: يَعِدُكَ جَرْياً بعْدَ جَرْيٍ) ، وعبارَةُ الأَساسِ: يَعِدُ الجَرْيَ. (و) من المَجاز أَيضاً (سَحَابٌ) واعِدٌ، (كأَنَّهُ وَعَدَ بالمَطَرِ، و) من المَجاز أَيضاً (يَوْمٌ) واعِدٌ: (يَعِدُ بالحَرِّ) وَكَذَا عَامٌ واعِدٌ، (أَو) يَوْمٌ واعِدٌ:} يَعِدُك (بالبَرْدِ أَوَّلُه) ، وَيُقَال: يَوْمُنَا يَعِدُ بَرْداً، ويَوْمٌ {واعِدٌ، إِذا} وَعَدَ أَوَّلُه بَحَرَ أَو بَرْدٍ، كَذَا فِي اللِّسَان.
(و) من المَجاز أَيضاً: (أَرْضٌ! واعِدَةٌ: رُجِيَ خَيْرُهَا مِن النَّبْتِ) ، قَالَ الأَصمعيُّ: مَرَرْتُ بأَرْضِ بني فُلانٍ غِبَّ مَطَرٍ وَقَعَ بهَا فرأَيْتُهَا وَاعِدَةً، إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وتَمَامُ نَبْتِها فِي أَوَّلِ مَا يَظْهَرُ النَّبْتُ، قَالَ سُوَيْدُ بن كُرَاع:
رَعَى غَيْرَ مَذْعُورٍ بِهِنَّ ورَاقَهُ
لُعَاعٌ تَهَادَاهُ الدَّكَادِكُ {وَاعِدُ
(و) اشتدّ (} الوَعِيدُ) وَهُوَ (التَّهْدِيد) ، وَقد أَوْعَدَه، وَقَالَ يَعقُوبُ عَن الفَرصاءِ: وَفِي الخَيْرِ {الوَعْدُ} والعِدَةُ، وَفِي الشَّرّ {الإِيعادُ} والوَعِيدُ، وَحَكَاهُ أَيضاً صاحِبُ المُوعب، قَالَ: وَقَالُوا: الجَنَّةُ لِمَن خَافَ وعيدَ الله، كسروا الْوَاو.
(و) من المَجاز: الوَعِيدُ (: هَدِيرُ الفَحْلِ) إِذا هَمَّ أَن يَصُولَ. وَفِي الحَدِيث (دَخَلَ حَائِطاً مِنْ حِيطَانِ المَدِينَةِ فإِذا فِيهِ جَمَلاَنِ يَصْرِفَانِ {ويُوعِدَانِ) ، أَي يَهْدِرَانِ، وَقد} أَوْعَدَ {يُوعِدُ} إِيعاداً.
( {والتَّوَعُّد: التَّهْدُّد،} كالإِيعادِ) ، وَقد {أَوْعَدَه} وتَوَعَّدَهُ. وَقَالَ أَبو الْهَيْثَم: {أَوْعَدْتُ الرجُلَ} أَوعِدُه {إِيعَاداً،} وتَوَعَّدْتُه {تَوَعُّداً،} واتَّعَدْت {اتِّعَاداً، ونقلَ ابنُ مَنْظُورٍ عَن الزَّجَّاجِ أَنَّ العَامَّة تُخْطِىءُ وَتقول أَوْعَدَنِي فُلاَنٌ مَوْعِداً أَقِفُ عَلَيْهِ.
(} والاتِّعَادُ: قَبُولُ {العِدَةِ، وأَصلُه الاوتِعَادُ، قَلَبُوا الوَاوَ تَاءً وأَدْغَمُوا، وناسٌ يَقُولون} ائْتَعَد {يَأْتَعِد) } ائْتِعَاداً (فَهُوَ {مُؤْتَعِدٌ، بالهَمْز) ، كَمَا قَالُوا يَأْتَسِرُو فِي ائْتِسارِ الجَزُورِ، قَالَ ابنُ بَرِّيَ: صَوَابُه} ايتَعَدَ، {يَاتَعِدُ، فَهُوَ} مُوتَعِدٌ، من غير همزٍ، وكذالك ايتَسَرَ، يَاتَسِرُ، فَهُوَ مُوتَسِرٌ، بِغَيْر هَمْزٍ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَه سِيبويه، وأَصْحَابُه يُعِلُّونَه على حَرَكَةِ مَا قَبْلَ الحَرْفِ المُعْتَلِّ، فيجعَلُونَه يَاءً إِن انْكَسَرَ مَا قَبْلَها، وأَلِفاً إِن انْفَتح مَا قَبلهَا، وواوا إِن انضمّ مَا قَبْلَها، (قَالَ) وَلَا يَجُوز بِالْهَمْز، لأَنه لَا أَصْلَ لَهُ فِي بَاب الوَعْد، واليسْرِ، وعَلى ذالك نَصَّ سِيبويهِ وجميعُ النحويِّينَ البصرِيِّينَ، كَذَا فِي اللِّسَان.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
{المَوْعِدُ: العَهْدُ، وَبِه فسّرَ مُجَاهِدٌ قولَه تَعَالَى: {مَآ أَخْلَفْنَا} مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنَا} (سُورَة طه، الْآيَة: 87) وكذالك قَوْله: {9. 028 فاءَخلفتم موعدي} (سُورَة طه، الْآيَة: 86) قَالَ: عَهْدِي.
وَيُقَال للدّابَّة والماشِيَةِ إِذا رُجِيَ خَيْرُهَا وإِقْبَالُها: واعِدٌ، وَهُوَ مَجازٌ.
وَيُقَال: هَذَا غُلامٌ تَعدُ مَخايِلُه كَرَماً، وشِيَمُه تَعِدُ جَلَداً وصَرَامَةً، وَهُوَ مَجَازٌ، وَقَالَ بعضُهم: فُلان يَتَّعِدُ إِذا وَثِقَ بَعِدَتِك، وَقَالَ:
إِنِّي ائْتَمَمْتُ أَبَا الصَّبَّاحِ {- فَاتَّعِدِي
وَاسْتَبْشِرِي بِنَوَالٍ غَيْرِ مَنْزُورِ
{وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ} (سُورَة البروج، الْآيَة: 2) يومِ الْقِيَامَة، كَقَوْلِه تَعَالَى: {مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ} (سُورَة الْوَاقِعَة، الْآيَة: 50) وَفِي الأَمْثَال (} العِدَةُ عَطِيَّةٌ) أَي تُعدُّ لَها أَو يَقْبُح إِخْلاَفُهَا كاسترِجَاعِ العَطِيَّة، وَقَوْلهمْ ( {وَعَدَه عِدَةَ الثُّرَيَّا بالقَمَرِ) ، لأَنهما يَلْتَقِيَانِ فِي كُلِّ شَهْرٍ مَرَّةً، قَالَه الميدانيُّ.
والطَّائِفَةُ} الوَعيدِيَّةُ، فِرْقَةٌ من الخَوَارِج أَفْرَطوا فِي الوَعِيدِ فَقَالُوا بِخُلوده الفُسَّاق فِي النّار.

تَابع كتاب تذييل.
قَالَ الله تَعَالَى: {9. 029 وذ {واعدنا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَة} (سُورَة الْبَقَرَة، الْآيَة: 51) قرأَ أَبو عَمْرٍ و: وَعَدْنَا بغيرِ أَلفٍ، وقرأَ ابنُ كَثِيرٍ ونَافِعٌ وابنُ عامِرٍ وعاصمٌ وحَمْزَةُ والكسَائيُّ: واعَدْنَا، بالأَلف، قَالَ أَبو إِسحَاقَ، اخْتَارَ جَمَاعَةٌ مِن أَهلِ اللغةِ (وإِذ} وَعَدْنَا) بِغَيْر أَلفٍ وَقَالُوا: إِنما اخْتَرْنَا هَذَا لأَن {المُوَاعَدَة إِنما تَكُونُ مِن الآدَمِيّينَ، فاختارَوا (} وَعَدْنا) وقالُوا: دليلنا قولُ الله تَعَالَى: {إِنَّ اللَّهَ {وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقّ} (سُورَة إِبْرَاهِيم، الْآيَة: 22) وَمَا أشبَهَه، قَالَ: وَهَذَا الَّذِي ذَكَرُوه لَيْسَ مِثْلَ هاذا. وأَمّا} وَاعَدْنَا هَذَا فجيد، لِأَن الطاعَةَ فِي القَبُولِ بمنزِلةِ {المُوَاعَدَةِ فَهُوَ من الله وَعْدٌ ومِن مُوسى قبولُ واتِّبَاعٌ، فَجَرَى مَجْرى} المُواعَدَة، وَقد أَشارَ لَهُ فِي التَّهْذِيب والمُحكم، ونُقَل مثلُ ذَلِك عَن ثَعْلبٍ. تَكْمِيل:
قَالُوا: إِذا وَعَدَ خَيْراً فَلم يَفْعَلْه قَالُوا: أَخْلَفَ فُلانٌ، وَهُوَ العَيْبُ الفاحِش، وإِذا أَوْعَدَ وَلم يَفْعَلْ فَذَلِك عِنْدهم العَفْوُ والكَرَمُ، وَلَا يُسَمُّون هاذا خُلْفاً، فإِن فَعَلَ فَهُوَ حَقُّه، قَالَ ثَقلبٌ: مَا رَأَيْنَا أَحَداً إِلاَّ وقولُه إِن الله جلَّ وَعَلاَ إِذا وَعَدَ وَفَى وإِذا أَوْعَدَ عَفَا، وَله أَن يُعَذِّب. قَالَه المُطرّز فِي الياقُوت، وحَكَى صاحبُ المُوعب عَن أَبي عمرِو بنِ العَلاَءِ أَنه قَالَ لعَمْرِو بن عُبَيْدٍ إِنّك جاهِلٌ بلُغةِ العَرَب، إِنهم لَا يععُدُّونَ العَافيَ مُخْلِفاً، إِنما يَعُدُّون مَن وَعَدَ خَيْراً فَلم يَفْعَلْ مُخْلِفاً، وَلَا يَعُدُّونَ مَن وَعَدَ شَرًّا فعَفَا مُخْلفاً. أَمَا سَمِعْت قولَ الشاعرِ:
وَلاَ يَرْهَبُ المَوْلَى ولاَ العَبْدُ صَوْلَتِي
وَلاَ اخْتَتِي مِنْ صَوْلَةِ المُتَهَدِّدِ
وإِنِّي وإِنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُه
لَمُخْلِف إِيعَادِي وَمُنْجِزُ مَوْعِدِي
وَقد أَوْسَع فِيهِ صاحبُ المُجْمل فِي رِسَالةٍ مُخْتَصَّةٍ بالفَرْق بَين الوَعْد والوَعِيد، فراجِعْهَا.
واختُلِف فِي حُكْم الوفاءِ {بالوْعد، هَل هُوَ واجِبٌ أَو سُنَّة؟ أَقوالٌ. قَالَ شيخُنَا: وأَكثرُ العلماءِ على وجوب الوفَاءِ بالوَعْدِ وتَحْرِيمِ الخَلْفِ فِيهِ، وكاَتْ العرَبُ تَستَعِيبه وتَسْتَقْبِحه، وَقَالُوا: إِخْلافُ الوَعْد من أَخلاق الوَغْد، وَقيل: الوَفَاءُ سُنَّة، والإِخلاف مكروهٌ واستَشْكَلَه بعضُ العلماءِ، وَقَالَ القَاضِي أَبو بكر بن العَرَبيّ بعد سَرْدِ كلامٍ: وخُلْفُ الوَعدِ كَذِبٌ نِفاقٌ، وإِن قَلَّ فَهُوَ مَعْصِيَةٌ. وَقد أَلَّف الحافِظُ السَّخَاوِيُّ فِي ذالك رِسَالَةً مستقلَّة سمَّاهَا (الْتِمَاس السَّعْد فِي الوَفَاءِ بالوَعْد) جمعَ فِيهَا فأَوْعَى. وكذَا الْفَقِيه أَحمد بن حَجَر المَكِّيّ أَلَمَّ على هاذا البَحْثِ فِي (الزَّواجِرِ) ، ونَقلَ احاصِلَ كلامِ السَّخاوِيّ بِرُمَّتِه، فراجِعْه، ثمّ قَالَ شيخُنَا: وأَمَّا الأَخْلافُ فِي} الإِيعاد الَّذِي هُوَ كَرَمٌ وعَفْوٌ فمُتَّفَقٌ على تَخَلُّفِه والتمدُّحِ بِترْكِه، وإِنما اختَلَفوا فِي تَخَلُّفِ الوَعِيدِ بالنِّسْبَة إِليه تَعالَى، فأَجَازَه جَمَاعَة وقالُوا: هُوَ من العَفْوِ والكَرَمِ اللائقِ بِهِ سُبْحَانَه. ومَنَعَه آخَرُونَ، وَقَالُوا: هُوَ كَذِبٌ ومُخَالِفٌ لِقَوْلِه تَعالى: {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَىَّ} (سُورَة ق، الْآيَة: 29) وَفِيه نَسْخُ الخَبَره، وَغير ذالك، وصُحِّح الأَوَّلُ وَقد أَورَدَهَا مبْسُوطَةً أَبو المُعِين النَّفسيّ فِي التَّبْصِرَة. فراجِعْهَا، وَالله أَعلَمُ.
وعد: {الوعد}: والعدة: وعد الخير.

وعد


وَعَدَ
a. [ يَعِدُ] (n. ac.
وَعْدعِدَة []
مَوْعِد
مَوْعِدَة
مَوْعُوْد
مَوْعُوْدَة), Made promises to.
b. [acc. & acc.
or
Bi], Promised; gave hope of; announced to; threatened
with; foretold; intimated to.
c.(n. ac. وَعْد
وَعِيْد), Bellowed.
وَاْعَدَa. Promised definitely; pledged.
b. Outdid in promising.

أَوْعَدَa. see I (b)
& V.
تَوَعَّدَa. Threatened, menaced; intimidated, frightened.

تَوَاْعَدَa. Made promises to each other.
b. [Ila], Agreed upon, fixed.
إِوْتَعَدَ
(a. ت
or
ي ), Received a promise; was
promised.
b. Threatened each other.

وَعْد
(pl.
وُعُوْد)
a. Promise; pledge; assurance; asseveration.

وَعْدَةa. see 1b. Vow.

وِعْدَة
(pl.
عِدَات)
a. see 1
مَوْعِد
(pl.
مَوَاْعِدُ)
a. Time or place, term of a promise.

وَاْعِدa. Promising; promiser.
b. Announcing, giving signs of; portending.

وَاْعِدَةa. fem. of
وَاْعِد
وَعِيْدa. Threats, menaces.
b. Bellowing.

وَعِيْدِيَّةa. A certain sect.

مِوْعَاْد
(pl.
مَوَاْعِيْدُ)
a. see 18b. Fulfilment of a promise.

N. P.
وَعڤدَ
(pl.
مَوَاْعِيْدُ)
a. Promised.
b. see 1
عِد
a. see 1
عِدِيّ عِدَوِيّ
a. Promissory; by way of promise.
b. Promised.

أَرْض المِيْعَاد
a. The Promised Land.
و ع د: (الْوَعْدُ) يُسْتَعْمَلُ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، يُقَالُ: (وَعَدَ) يَعِدُ بِالْكَسْرِ (وَعْدًا) . قَالَ الْفَرَّاءُ: يُقَالُ: (وَعَدْتُهُ) خَيْرًا وَوَعَدْتُهُ شَرًّا فَإِذَا أَسْقَطُوا الْخَيْرَ وَالشَّرَّ قَالُوا فِي الْخَيْرِ: (الْوَعْدُ) وَ (الْعِدَةُ) وَفِي الشَّرِّ (الْإِيعَادُ) وَ (الْوَعِيدُ) فَإِنْ أَدْخَلُوا الْبَاءَ فِي الشَّرِّ جَاءُوا بِالْأَلِفِ، فَقَالُوا: (أَوْعَدَهُ) بِالسَّجْنِ وَنَحْوِهِ. (وَالْعِدَةُ) الْوَعْدُ وَقَوْلُ الشَّاعِرِ:

وَأَخْلَفُوكَ عِدَ الْأَمْرِ الَّذِي وَعَدُوا
أَرَادَ عِدَةَ الْأَمْرِ فَحَذَفَ الْهَاءَ عِنْدَ الْإِضَافَةِ. وَ (الْمِيعَادُ الْمُوَاعَدَةُ) وَالْوَقْتُ وَالْمَوْضِعُ وَكَذَا (الْمَوْعِدُ) . (وَتَوَاعَدَ) الْقَوْمُ وَعَدَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا. هَذَا فِي الْخَيْرِ. وَأَمَّا فِي الشَّرِّ فَيُقَالُ: (اتَّعَدُوا) . (وَالِاتِّعَادُ) أَيْضًا قَبُولُ الْوَعْدِ. (وَالتَّوَعُّدُ) التَّهَدُّدُ. 

وعد: وعَدَه الأَمر وبه عِدةً ووَعْداً ومَوْعداً ومَوْعِدةٍ ومَوْعوداً

ومَوْعودةً، وهو من المَصادِرِ التي جاءَت على مَفْعولٍ ومَفْعولةٍ

كالمحلوفِ والمرجوعِ والمصدوقةِ والمكذوبة؛ قال ابن جني: ومما جاء من المصادر

مجموعاً مُعْمَلاً قوله:

مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ أَخاه بِيَثْرِبِ

والوَعْدُ من المصادر المجموعة، قالوا: الوُعودُ؛ حكاه ابن جني. وقوله

تعالى: ويقولون متى هذا الوَعْدُ إِن كنتم صادقين؛ أَي إِنجازُ هذا

الوَعْد أَرُونا ذلك؛ قال الأَزهري: الوَعْدُ والعِدةُ يكونان مصدراً واسماً،

فأَما العِدةُ فتجمع عِدات والوَعْدُ لا يُجْمَعُ. وقال الفرء: وعَدْتُ

عِدةً، ويحذفون الهاء إِذا أَضافوا؛ وأَنشد:

إِنَّ الخَلِيطَ أَجَدُّو البَيْنَ فانجَرَدُوا،

وأَخْلَفُوكَ عِدى الأَمرِ الذي وَعَدُوا

وقال ابن الأَنباري وغيره: الفراء يقول: عِدةً وعِدًى؛ وأَنشد:

وأَخْلَفُوكَ عِدَى الأَمرِ

وقال أَراد عدة الأَمر فحذف الهاء عند الإِضافة، قال: ويكتب بالياء. قال

الجوهري: والعِدةُ الوَعْدُ والهاء عوض من الواو، ويجمع على عِداتٍ ولا

يجمع الوَعْدُ، والنسبة إلى عِدَةٍ عَدِيّ وإِلى زِنةٍ زنيٌّ، فلا تردَّ

الواو كما تردُّها في شية. والفراء يقول: عِدَوِيٌّ وزِنَوِيٌّ كما يقال

شِيَوِيٌّ؛ قال أَبو بكر: العامة تخطئ وتقول أَوعَدَني فلان مَوْعِداً

أَقِفُ عليه. وقوله تعالى: وإِذْ واعدنا موسى أَربعين ليلة، ويقرأُ:

وَعَدْنا. قرأَ أَبو عمرو: وعدنا، بغير أَلف، وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر

وعاصم وحمزة والكسائي واعدنا، باللأَلف؛ قال أَبو إِسحق: اختار جماعة من

أَهل اللغة. وإِذا وعدنا، بغير أَلف، وقالوا: إِنما اخترنا هذا لأَن

المواعدة إِنما تكون من الآدميين فاختاروا وعدنا، وقالوا دليلنا قول الله عز

وجل: إِن الله وعدكم وعد الحق، وما أَشبهه؛ قال: وهذا الذي ذكروه ليس مثل

هذا. وأَما واعدنا فجيد لأَن الطاعة في القبول بمنزلة المواعدة، فهو من

الله وعد، ومن موسى قَبُول واتّباعٌ فجرى مجرى المواعدة قال الأَزهري: من

قرأَ وعدنا، فالفعل لله تعالى، ومن قرأَ واعدنا، فالفعل من الله تعالى

ومن موسى. قال ابن سيده: وفي التنزيل: وواعدنا موسى ثلاثين ليلة، وقرئ

ووعدنا؛ قال ثعلب: فواعدنا من اثنين ووعدنا من واحد؛ وقال:

فَواعِديهِ سَرْحَتَيْ مالِكٍ،

أَو الرُّبى بينهما أَسْهَلا

قال أَبو معاذ: واعدت زيداً إِذا وعَدَك ووَعَدْته. ووعدت زيداً إِذا

كان الوعد منك خاصة.

والمَوْعِدُ: موضع التواعُدِ، وهو المِيعادُ، ويكون المَوْعِدُ مصدر

وعَدْتُه، ويكون المَوْعِدُ وقتاً للعِدةِ. والمَوْعِدةُ أَيضاً: اسم

للعِدةِ. والميعادُ: لا يكون إِلا وَقْتاً أَو موضعاً. والوَعْدُ: مصدر حقيقي.

والعدة: اسم يوضع موضع المصدر وكذلك المَوْعِدةُ. قال الله عز وجل: إِلا

عن مَوْعِدةٍ وعدها إِياه. والميعادُ والمُواعَدةُ: وقت الوعد وموضعه.

قال الجوهري: وكذلك الموعِدُ لأَن ما كان فاء الفعل منه واواً أَو ياء

سقطتا في المستقبل نحو يَعِدُ ويَزِنُ ويَهَبُ ويَضَعُ ويَئِلُ، فإِن

المَفْعِل منه مكسور في الاسم والمصدر جميعاً، ولا تُبالِ أَمنصوباً كان

يَفْعَلُ منه أَو مكسوراً بعد أَن تكون الواو منه ذاهبة، إِلا أَحْرُفاً جاءَت

نوادر، قالوا: دخلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، وفلان ابن مَوْرَقٍ، ومَوْكلٌ اسم

رجل أَو موضع، ومَوْهَبٌ اسم رجل، ومَوزنٌ موضع؛ هذا سماع والقياس فيه

الكسر فإِن كانت الواو من يَفْعَلُ منه ثانية نحو يَوْجَلُ ويَوْجَعُ

ويَوْسَنُ ففيه الوجهان، فإِن أَردت به المكان والاسم كسرته، وإِن أَردت به

المصدر نصبت قلت مَوْجَلٌ ومَوْجِلٌ مَوْجِعٌ، فإِن كان مع ذلك معتل الآخر

فالفعل منه منصوب ذهبت الواو في يفعل أَو ثبتت كقولك المَوْلى والمَوْفى

والمَوْعَى من يلي ويَفِي ويَعِي. قال ابن بري: قوله في استثنائه إِلا

أَحرفاً جاءَت نوادر، قالوا دخلوا مَوْحَدَ مَوْحَدَ، قال: موحد ليس من

هذا الباب وإِنما هو معدول عن واحد فيمتنع من الصرف للعدل والصفة كأُحادَ،

ومثله مَثْنى وثُناءَ ومَثْلَثَ وثُلاثَ ومَرْبَعَ ورباع. قال: وقال

سيبويه: مَوْحَدَ فنحوه لأَنه ليس بمصدر ولا مكان وإِنما هو معدول عن واحد،

كما أَن عُمَرَ معدول عن عامر.

وقد تَواعَدَ القوم واتَّعَدُوا، والاتِّعادُ: قبول الوعد، وأَصله

الاوْتِعادُ قلبوا الواو تاء ثم أَدغموا. وناس يقولون: ائْتَعَدَ يأْتَعِدُ،

فهو مُؤْتَعِدٌ، بالهمز، كما قالوا يأْتَسِرُ في ائْتِسار الجَزُور. قال

ابن بري: ثوابه إِيتَعَد ياتَعِدُ، فهو مُوتَعِدٌ، من غير همز، وكذلك

إِيتَسَر ياتَسِرُ، فهو موتَسِرٌ، بغير همز، وكذلك ذكره سيبويه وأَصحابه

يُعِلُّونه على حركة ما قبل الحرف المعتل فيجعلونه ياء إِن انكسر ما قبلها،

وأَلفاً إِن انفتح ما قبلها، وواواً إِذا انضم ما قبلها؛ قال: ولا يجوز

بالهمز لأَنه أَصل له في باب الوعد واليَسْر؛ وعلى ذلك نص سيبويه وجميعُ

النحويين البصريين. وواعَدَه الوقتَ والموضِعَ وواعَدَه فوعَده: كان أَكبر

وعْداً منه. وقال مجاهد في قوله تعالى: ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ

بِمَلْكِنَا؛ قال: المَوْعِدُ العَهْد؛ وكذلك قوله تعالى: وأَخلفتم مَوْعِدي؛

قال: عَهْدي. وقوله عز وجل: وفي السماءِ رِزْقُكم وما تُوعَدون؛ قال: رزقكم

المطر، وما توعدون: الجنةُ. قال قتادة في قوله تعالى: واليَوْمِ

المَوْعُودِ؛ إِنه يوم القيامة.

وفرس واعِدٌ: يَعِدُك جرياً بعد جري. وأَرض واعِدةٌ: كأَنها تَعِدُ

بالنبات. وسَحاب واعِدٌ: كأَنه يَعِدُ بالمطر. ويوم واعِدٌ: يَعِدُ بالحَرِّ؛

قال الأَصمعي: مررت بأَرض بني فلان غِبَّ مطر وقع بها فرأَيتها واعِدةً

إِذا رجي خيرها وتمام نبتها في أَول ما يظهر النبت؛ قال سويد بن كراع:

رَعَى غيرَ مَذْعُورٍ بِهنَّ وَراقَه

لُعاعٌ، تَهاداهُ الدَّكادِكُ، واعِدُ

ويقال للدابّة والماشية إِذا رُجِيَ خيرها وإِقبالها: واعد؛ وقال

الراجز:كيفَ تَراها واعِداً صِغارُها،

يَسُوءُ شنَّاءَ العِدى كِبارُها؟

ويقال: يَوْمُنا يَعِدِ بَرْداً. ويَوْمٌ واعِدٌ إِذا وَعَدَ أَوَّلُه

بَحَرٍّ أَو بَرْدٍ. وهذا غلام تَعِدُ مَخايِلُه كَرَماً، وشِيَمُه تَهِدُ

جَلْداً وصَرامةً.

والوَعِيدُ والتَّوَعُّدُ: التَّهَدُّدُ، وقد أَوْعدَه وتَوَعَّدَه. قال

الجوهري: الوَعْدُ يستعمل في الخير والشرّ، قال ابن سيده: وفي الخير

الوَعْدُ والعِدةُ، وفي الشر الإِيعادُ والوَعِيدُ، فإِذا قالوا أَوْعَدْتُه

بالشر أَثبتوا الأَلف مع الباء؛ وأَنشد لبعض الرُّجاز:

أَوعَدَني بالسِّجْنِ والأَداهِمِ

رِجْلي، ورِجْلي شثْنةُ المَناسِمِ

قال الجوهري: تقديرهُ أَوعدني بالسجن وأَوعَدَ رجلي بالأَداهم ورجلي

شَثْنة أَي قويّة على القَيْد. قال الأَزهري: كلام العرب وعدْتُ الرجلَ

خَيراً ووعدته شرّاً، وأَوْعَدْتُه خيراً وأَوعَدْتُه شرّاً، فإِذا لم يذكروا

الشر قالوا: وعدته ولم يدخلوا أَلفاً، وإِذا لم يذكروا الشر قالوا:

أَوعدته ولم يسقطوا الأَلف؛ وأَنشد لعامر بن الطفيل:

وإِنّي، إِنْ أَوعَدْتُه، أَو وَعَدْتُه،

لأُخْلِفُ إِيعادِي وأُنْجِزُ مَوْعِدِي

وإِذا أَدخلوا الباء لم يكن إِلا في الشر، كقولك: أَوعَدُتُه بالضرب؛

وقال ابن الأَعرابي: أَوعَدْتُه خيراً، وهو نادر؛ وأَنشد:

يَبْسُطُني مَرَّةً، ويُوعِدُني

فَضْلاً طَرِيفاً إِلى أَيادِيهِ

قال الأَزهري: هو الوَعْدُ والعِدةُ في الخَيْر والشرّ؛ قال القطامي:

أَلا عَلِّلاني، كُلُّ حَيٍّ مُعَلَّلُ،

ولا تَعِداني الخَيْرَ، والشرُّ مُقْبِلُ

وهذا البيت ذكره الجوهري:

ولا تعداني الشرّ، والخير مُقبل

ويقال: اتَّعَدْتُ الرجلَ إِذا أَوْعَدْتَه؛ قال الأَعشى:

فإِنْ تَتَّعِدْني أَتَّعِدْك بِمِثْلها

وقال بعضهم: فلان يَتَّعِدُ إِذا وثقِ بِعِدَتكَ؛ وقال:

إِني ائْتَمَمْتُ أَبا الصَّبّاحِ فاتَّعِدي،

واسْتَبْشِرِي بِنوالٍ غير مَنْزُورِ

أَبو الهيثم: أَوْعَدْتُ الرجل أَتَوَعَّدُه إِيعاداً وتَوَعَّدْتُه

تَوَعُّداً واتَّعَدْتُ اتِّعاداً.

ووَعِيدُ الفحْل: هَديرهُ إِذا هَمَّ أَنْ يَصُولَ. وفي الحديث: دخَلَ

حائِطاً من حيطان المدينة فإِذا فيه جَمَلان يَصْرِفان ويُوعِدانِ؛ وعِيدُ

فَحْلِ الإِبل هَديرُه إِذا أَراد أَنْ يصول؛ وقد أَوْعَد يُوعدُ

إِيعاداً.

الْمِقْدَار

(الْمِقْدَار) مِقْدَار الشَّيْء مثله فِي الْعدَد أَو الْكَيْل أَو الْوَزْن أَو المساحة وَالْقَضَاء وَالْحكم (ج) مقادير وَآلَة يعين بهَا سَاعَات اللَّيْل وَالنَّهَار (يُقَال لَهَا الْآن السَّاعَة)
الْمِقْدَار: فِي اللُّغَة مَا يعرف بِهِ قدر الشَّيْء كالذراع والكيل وَالْوَزْن والمقياس وَالْعدَد. وَعند الْحُكَمَاء الْكمّ الْمُتَّصِل القار الْأَجْزَاء كالخط والسطح والجسم التعليمي. أَو غير قار الْأَجْزَاء كالزمان. وَمعنى كَون الْمِقْدَار وسطا فِي النِّسْبَة عِنْد المهندسين كَونه بَين مقدارين نِسْبَة ذَلِك الْمِقْدَار الْوسط إِلَى أحد ذَيْنك المقدارين مثل نِسْبَة الْمِقْدَار الآخر من ذَيْنك المقدارين إِلَى ذَلِك الْمِقْدَار الْوسط كالأربعة بَين الِاثْنَيْنِ وَالثَّمَانِيَة فَإِنَّهَا نصف الثَّمَانِية كَمَا أَن الِاثْنَيْنِ نصف لَهَا أَو يُقَال إِن الثَّمَانِية ضعف الْأَرْبَعَة كَمَا أَن الْأَرْبَعَة ضعف الِاثْنَيْنِ. وَمعنى كَون الْمِقْدَار الْوسط ضلع مَا يُحِيط بِهِ الطرفان أَن الْــحَاصِل من ضرب الْمِقْدَار فِي نَفسه مثل ضرب أحد الطَّرفَيْنِ فِي الآخر فَإِن الْــحَاصِل من ضرب الْأَرْبَعَة فِي نَفسهَا سِتَّة عشر كَمَا أَن الْــحَاصِل من ضرب الِاثْنَيْنِ فِي الثَّمَانِية وَبِالْعَكْسِ أَيْضا سِتَّة عشر.

مول

م و ل: (الْمَالُ) مَعْرُوفٌ وَرَجُلٌ (مَالٌ) أَيْ كَثِيرُ الْمَالِ. وَ (تَمَوَّلَ) الرَّجُلُ صَارَ ذَا مَالٍ، وَ (مَوَّلَهُ) غَيْرُهُ (تَمْوِيلًا) . 
مول: المُوْلَةُ: العَنْكَبُوْتُ. واسْمُ عَيْنِ تَبُوْكَ.
والمالُ: مَعْرُوْفٌ، وهو عِنْدَ العَرَبِ: الإِبِلُ. ورَجُلٌ مالٌ: أي ذُوْ مالٍ. وقد تَمَوَّلَ، ومَوَّلْتُه أنَا، ومُلْتَ تَمُوْلُ، ومِلْتَ تَمَالُ. واسْتَمَالَ: كَثُرَ مالُه، ومالَ يَمَالُ: مِثْلُه. ورَجُلٌ مَيِّلٌ ومَوِّلٌ: كَثِيْرُ المالِ. وأَمَلْتُه إمَالَةً: بمَعْنى مَوَّلْتُه.

مول

5 تَمَوَّلَ He became abundant in wealth. (TA, art. ثمر).

مَالٌ Whatever one possesses: (K:) property; wealth:] accord. to Mohammad [the Hanafee Imám), whatever men possess, of dirhems, or deenárs, or gold, or silver, or wheat, or barley, or bread, or beasts, or garments or pieces of cloth, or weapons, or other things: (Mgh:) [property, or wealth:] or originally what one possesses of gold and silver: then applied to anything that one acquires and possesses of substantial things: and mostly applied by the Arabs to camels, because these constitute most of their wealth: (IAth, TA:) and animals. (TA.) b2: مَالٌ Camels or sheep or goats. (S.) The مال of the people of the desert consists of what are termed نَعَمٌ, (T, Msb,) i. e. Cattle, consisting of camels or neat or sheep or goats, or all these, or camels alone; (Msb in art. نعم;) herds, or flocks, or herds and flocks. b3: مَالٌ A square in arithmetic: pl. أَمْوَالٌ. See جَذْرٌ. b4: رَجُلٌ مَالٌ, for ذُومَالٍ. (L, art. صيد.) مَالِىٌّ Of, or relating to, property or wealth.
م و ل : الْمَالُ مَعْرُوفٌ وَيُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ وَهُوَ الْمَالُ وَهِيَ الْمَالُ وَيُقَالُ مَالَ الرَّجُلُ يُمَالُ مَالًا إذَا كَثُرَ مَالُهُ فَهُوَ مَالٌ وَامْرَأَةٌ مَالَةٌ وَتَمَوَّلَ اتَّخَذَ مَالًا وَمَوَّلَهُ غَيْرُهُ.
وَقَالَ الْأَزْهَرِيُّ: تَمَوَّلَ مَالًا اتَّخَذَهُ قِنْيَةً فَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ مَا يُتَمَوَّلُ أَيْ مَا يُعَدُّ مَالًا فِي الْعُرْفِ وَالْمَالُ عِنْدَ أَهْلِ الْبَادِيَةِ النَّعَمُ. 
[مول] المالُ معروف، وتصغيره مُوَيْلٌ. والعامة تقول: مويل بتشديد الياء. ورجلٌ مالٌ، أي كثير المال، وأنشد أبو عمرو إذا كان مالاً كان مالاً مُرَزَّأً ونالَ نَداهُ كلُّ دانٍ وجانِبِ ومالَ الرجلُ يَمولُ ويَمالُ مَوْلاً ومَؤُولاً، إذا صار ذا مال. وتَمَوَّلَ مثله. وموله غيره. وزعم قوم أن المول العنكبوت، الواحدة مولة. وأنشد:

ملاى من الماء كعين الموله * ولم أسمعه عن ثقة.

مول


مَالَ (و)(n. ac. مَوْلمُؤُوةل [] )
a. Was rich, wealthy.
b.(n. ac. مَوْل), Gave wealth to; enriched.
مَوَّلَأَمْوَلَa. see I (b)
تَمَوَّلَa. Became rich, wealthy.

إِسْتَمْوَلَa. see I (a)
مَال (pl.
أَمْوَال [] )
a. Riches, wealth; fortune.
b. Property; possession.
c. Stock; cattle; flocks & herds.
d. ( pl.
reg.
&
مَالَة [] ), Rich, wealthy, affluent
opulent.
مَالَة []
a. fem. of
مَوْل
(d).
مَالِيّ []
a. Financial; monetary, pecuniary.

مَالِيَّة []
a. Wealth, opulence.
b. Finance.

مُوْل [ ]مُولَة []
a. Spider.

مَيِّل []
a. Opulent, wealthy, rich.

مَوَّال [] (pl.
مَوَاْوِيْلُ)
a. [ coll. ], Song; cantata.

مَوِّل
a. see 25
مُوَيْل
a. A little property.

ذُوْ مَال
a. see 1 (d)
م و ل

موله الله فتموّل واستمال، ومال يمال ويمول. قال:

بنيّ ردّ المهر والصّقيلا ... إني أريد اليوم أن أصولا

صولة ليث يفرس القتيلا ... مخافة الإقتار أو أعيلا

حتى أزور الموت أو أمولا ... ولم يزل جدّي لها فعولا

كأنه قال مخافة أن أقتر. ورجل مال نال: متموّل معطٍ. وأنشد ابن الأعرابيّ:

إذا كان مالاً كان نالاً مرزأ ... ونال نداه كلّ دانٍ وجانب

وخرج إلى ماله: إلى ضياعه أو إبله.
(م و ل) : (الْمَالُ) النِّصَابُ عَنْ الْغُورِيِّ وَعَنْ اللَّيْثِ مَالُ أَهْلِ الْبَادِيَةِ النَّعَمُ وَعَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - (الْمَالُ) كُلُّ مَا يَتَمَلَّكُهُ النَّاسُ مِنْ دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ حِنْطَةٍ أَوْ شَعِيرٍ أَوْ خُبْزٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ ثِيَابٍ أَوْ سِلَاحٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ (وَالْمَالُ الْعَيْنُ) هُوَ الْمَضْرُوبُ وَغَيْرُهُ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ سِوَى الْمُمَوَّهِ وَالصَّفْرَاءُ وَالْبَيْضَاءُ وَالصَّامِتُ مِثْلُهُ وَفِي اصْطِلَاحِ الْحِسَابِ (الْمَالُ) اسْمٌ لِلْمُجْتَمِعِ مِنْ ضَرْبِ الْعَدَدِ فِي نَفْسِهِ وَمَالَ يَمُولُ وَيَمَالُ وَتَمَوَّلَ بِمَعْنًى إذَا صَارَ ذَا مَالٍ وَيُقَالُ تَمَوَّلَ الشَّيْءَ إذَا اتَّخَذَهُ مَالًا وَقِنْيَةً لِنَفْسِهِ (وَمِنْهُ) الْخَمْرُ مُتَمَوَّلٌ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالتَّذْكِيرُ عَلَى تَأْوِيلِ شَيْءٍ مُتَمَوَّلٍ.
[مول] فيه: نهى عن إضاعة "المال"، قيل: أراد به الحيوان، أي يحسن إليه ولا يهملن وقيل: هو إنفاقه في الحرام وما لا يحبه الله، وقيل: أراد به التبذير وإن كان في حلال، وأصله ما يملك من الذهب والفضة، ثم أطلق على كل ما يقتني ويملك من الأعيان، وأكثر إطلاقه على الإبل لأنها كانت أكثر أموالهم، ومال الرجل وتمول- إذا صار ذا مال، وموله غيره، ورجل مال أي كثير المال كأنه جعل نفسه مالًا، وحقيقته ذو مال. ج: ومنه: هلك "المال"، أي المواشي. نه: ومنه: ما جاءك منه وأنت غير مشرف عليه فخذه و"تموله"، أي اجعله لك مالًا. ط: وفيه: لا تخالفه في نفسها ولا في "مالها"، إضافة المال إليها إما حقيقية والرجل معسر فلا تضيق عليه ما أنفق من مالها، أو مجازية، نسب مال الزوج إليها لتصرفها فيه، وعلى المعنى الثاني ينطق الحديث الآتي. وح: من أعتق عبدًا وله "مال"- أي في يده وحصل بكسبه دون ملكه- فمال العبد له، أي للمعتق- بالكسر، إلا أن يشترط السيد للعبد- فيكون تصدقًا منه. ك: بعت "مالا" بالوادي، أي عقارًا. وفيه: هلكت "الأموال"، جمع مال، أراد ما يتصور هلاكه بعدم المطر من الحيوان والنبات والعفإن شدة الغلاء يذهب أموال الناس في شراء القوت. وفيه: غير "متمول"، أي غير متخذ منها مالًا أي لا يجمع. وح: يشغلهم القيام على "أموالهم"، أي مزارعهم.
[م ول] المَالُ مَا مَلَكْتَهُ مِن جَمِيعِ الأَشْيَاءِ قَالَ سيبويه مِن شَاذِّ الإِمَالَةِ قَوْلُهُم مالٌ أَمَالُوهَا لِشَبَهِ أَلِفَها بِأَلِفِ غَزَا والأَعْرَفُ أَلا يُمَالَ لأَنَّهُ لا عِلَّةَ هُنَالِكَ تُوجِبُ الإِمَالَةَ والجَمْعُ أَمْوَالٌ وَمِلْتَ بَعْدَنَا تَمَالُ وَمُلْتَ وَتَمَوَّلْتَ كُلُّهُ كَثُرَ مَالُكَ وَرَجُلٌ مَالٌ ذُو مَالٍ وَقيلَ كَثِيرُ المَالِ قالَ سيبويه مَالٌ إِمَّا أَنْ يَكُونَ فَاعِلاً ذَهَبَتْ عَينُهُ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ فَعِلاً مِن قَوْمٍ مَالَةٍ وَمَالِينَ وَامْرَأَةٌ مَالَةٌ مِن نِسْوَةٍ مَالَةٍ وَمَالاتٍ قَالَ ابنُ جِنِّيٍّ وَحَكَى الفَرَّاءُ عن العَرَبِ رَجُلٌ مَثِلٌ إِذَا كانَ كثِيرَ المَالِ وَأَصْلُهَا مَوِلٌ بِوَزْنِ فَرِقٍ وَجَذِرٍ ثُمَّ انْقَلَبَتِ الوَاوُ أَلِفًا لِتَحرُّكِهَا وانفتَاحِ مَا قَبْلَهَأ فَصَارَتْ مَالٌ ثُمَّ إِنَّهُم أَتَوا بِالكَسْرَةِ الَّتِي كانَتْ في وَاوِ مَوِلٍ فَحَرّكُوا بِهَا الألِفَ في مَالٍ فانقَلَبَتْ هَمْزَةً فَقَالُوا مَئِلٌ وَمُلْتُهُ أَعْطَيْتُهُ المَالَ وَالمُوْلَةُ العَنْكَبُوتُ وَمُوَيْلٌ من أَسْمَاءِ رَجَبٍ عَادِيَّةً انتهى الثلاثي المعتل
(مول) - في الحديث: "خُذْهُ فتَموَّله "
: أي اتّخِذه مالًا. وقد مَوَّلتُه أنا.
ويُقال: مالَ يَمال وَيمُولُ؛ إذا كَثُرَ مالُه فهو مايِلٌ، ومالٌ: أي ذُو مالٍ.
- في حديث المُغِيرة - رضي الله عنه -: "نَهَى عن إضاعَةِ المالِ "
- ذكر الطَّحاوى من حديث السّرى، عنِ الشّعبى، عن مَسْروق، عن عبدِ الله - رضي الله عنه - مرفوعاً قال: "وإضاعة المال"
يَعنِى بالمالِ الحَيوانَ: أي لا تُضَيَّع، ويُحسَنُ إليها هكذا في الحديث.
قال: ويُقوِّيه وصِيَّتُه عند موْتِه: {وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}
وقيل: هو المال الذي جَعلَه الله تعالى قِيامًا للناس من الحيوان وغيره، كقَوْل قَيْس بنِ عاصِم لِبَنِيه: "عليكم بالمَالِ واصْطِناعه" الحديث.
وقال الطحاوى: حدّثَنا علىُّ بن مَعْبَد، حدثنا يَعْلَى بن عبيد، حدثنا محمد بن سُوقَة، عن ابن سعيد: أنّ جُبَيْر قال: سأل رجل سَعِيدَ بنَ جُبَير عن إضاعة المال، قال: "أن يَرزقَك الله تعالى رِزقاً فتُنْفِقَه فيما حَرَّم عليك"
ويُؤَيِّد القولَ الأوّلَ حديثُ سَوادةَ بنِ الرَّبِيع: "مُرْهم فليُحْسِنوا غِذاءَ رِباعِهم، وليُقَلِّموا أَظفارَهم، لا يَعبِطُوا بها ضُرُوعَ مَواشِيهم"
- في حديث مُصْعَب بن عُمَيْر : "وكانت امرأةً مَيِّلَةً"
: أي ذَاتُ مالٍ.
ورجُل مَالٌ: فَعْل، ومَيّلٌ فَيْعل. والمالُ عند العرب: الِإبِل، قال النابغة:
* ونَمنَح المالَ في الأَمحال *
مول: مول: أضفى على أحد الناس لقب مولاي (معجم البيان، معجم ابن جبير، ابن هشام 401، القلائد 59: 2، المقري 1: 98، 17، 833، 19 المقدمة 1، 535 البربرية 1: 17، 404، 3، 428، 641، 2، 128، 3).
تكول: أثبت أن شيئا ما هو مال (دي برج 28 رقم 3، محيط المحيط، معجم التنبيه). مال:) في (محيط المحيط) (المال يذكر ويؤنث يقال هو المال وهي المال).
المال: في محيط المحيط (المال عند الفقهاء ما يجرى فيه البذل والمنع) أي المال الذي يصلح للتجارة (فإن دن برج 28).
المال: البضائع (زيتشر 11: 486).
المال: مفردا وجمعا: العقارات (معجم الادريسي).
المال: الضريبة (بوشر) الضريبة النقدية (في مقابل الخرجة الضريبة العينية) (وصف مصر 11: 489، روجرز 174: 10، 176 و177 باين سميث) انظر جهة في مادة وجه.
الأموال: الواردات، الإيرادات، الدخول (معجم الجغرافيا).
المال: (عند المحاسبين) في محيط المحيط (الــحاصل من ضرب العدد في نفسه فالستة عشر مال حاصل من ضرب أربعة في أربعة. ومضروب المال في نفسه يسمى مال المال وهكذا) (الجريدة الآسيوية 1834: 1: 435 جريدة العلماء 1847 ص571 حيث استشهد كاترمير بجبر محمد بن موسى طبعة روزن ص3، 4، 5. مقدمة ابن خلدون 3: 97).
مال مال أو مال المال: انظر ما ذكره صاحب (محيط المحيط): المكعب (الجريدة الآسيوية 1: 1)، مال كعب: حاصل ضرب المكعب بالمربع (الجريدة الآسيوية 1: 1).
مول: نوع سمك (مخطوطة الاسكوريال 888 رقم 5 انظر مل في مادة مل).
مالي: كل ما يمكن أن يجري مجرى التداول التجاري (فان، دن برج 28، 2، 3).
حق مالي: دين (ابن بطوطة 3، 285).
مالية: ثروة، غنى (الخطيب 176): من أهل المالية وعلى عادة أولى المالية.
مالية: القيمة، ثمن الشيء (المقري 1: 488، 4، 5).
مالية: نوع سمك (مخطوطة الاسكوريال) انظر مول.
الموال: في محيط المحيط (الموال عند العامة تحريف الموالي).
ممول: مزدهر، ناجح (الكالا).
متمول: كل ما له قيمة (المقدمة 2؛ 273، 9، 274، 6، 13، 2 و3: 232، 12، 338، 11).

مول: المالُ: معروف ما مَلَكْتَه من جميع الأَشياء. قال سيبويه: من شاذ

الإِمالة قولهم مال، أَمالُوها لشبه أَلفها بأَلف غَزَا، قال: والأَعرف

أَن لا يمال لأَنه لا علَّة هناك توجب الإِمالة، قال الجوهري: ذكر بعضهم

أَن المال يؤنث؛ وأَنشد لحسان:

المالُ تُزْرِي بأَقوامٍ ذوِي حَسَبٍ،

وقد تُسَوِّد غير السيِّد المالُ

والجمع أَمْوال. وفي الحديث: نهى عن إِضاعة المال؛ قيل: أَراد به

الحيوان أَي يُحْسَن إِليه ولا يهمَل، وقيل: إِضاعته إِنفاقه في الحرام

والمعاصي وما لا يحبه الله، وقيل: أَراد به التبذير والإِسْراف وإِن كان في

حَلال مُباح. قال ابن الأَثير: المال في الأَصل ما يُملك من الذهب والفضة ثم

أُطلِق على كل ما يُقْتَنَى ويملَك من الأَعيان، وأَكثر ما يُطلق المال

عند العرب على الإِبل لأَنها كانت أَكثر أَموالهم.

ومِلْت بعدنا تَمال ومُلْت وتَمَوَّلْت، كله: كثُر مالُك. ويقال:

تَمَوَّل فلان مالاً إِذا اتَّخذ قَيْنة

(* قوله «قينة» كذا في الأصل، ولعله

بالكسر كما يؤخذ ذلك من مادة قنو في المصباح) ؛ ومنه قول النبي، صلى الله

عليه وسلم: فليأْكُلْ منه غير مُتَمَوِّل مالاً وغير مُتَأَثِّل مالاً،

والمعنيان مُتقارِبان. ومالَ الرجل يَمُول ويَمَالُ مَوْلاً ومُؤولاً إِذا

صار ذا مالٍ، وتصغيره مُوَيْل، والعامة تقول مُوَيِّل، بتشديد الياء، وهو

رجلٌ مالٌ، وتَمَوَّلَ مثله ومَوَّلَه غيره. وفي الحديث: ما جاءَك منه

وأَنتَ غيرُ مُشْرِف عليه فَخْذْه وتَموّله أَي اجعله لك مالاً. قال ابن

الأَثير: وقد تكرّر ذكر المال على اختلاف مُسَمَّياتِه في الحديث ويُفرَق

فيها بالقَرائن. ورجلٌ مالٌ: ذو مالٍ، وقيل: كثيرُ المال كأَنه قد جَعل

نفسَه مالاً، وحقيقته ذو مالٍ؛ وأَنشد أَبو عمرو:

إِذا كان مالاً كان مالاً مُرَزَّأً،

ونال ندَاه كلُّ دانٍ وجانِب

قال ابن سيده: قال سيبويه مال إِما أَن يكون فاعلاً ذهبت عينُه، وإِما

أَن يكون فَعْلاً من قوم مالةٍ ومالِينَ، وامرأَة مالةٌ من نسوة مالةٍ

ومالاتٍ. وما أَمْوَلَهُ أَي ما أَكثر مالَهُ. قال ابن جني: وحكى الفراء عن

العرب رجل مَئِلٌ إِذا كان كثير المال، وأَصلُها مَوِل بوزن فَرِقٍ

وحَذِرٍ، ثم انقلبت الواو أَلِفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها فصارت مالاً، ثم

إِنهم أَتوا بالكسرة التي كانت في واو مَوِل فحركوا بها الأَلف في مالٍ

فانقلبت همزة فقالوا مَئِل. وفي حديث مُصْعَب بن عمير: قالت له أُمُّه

والله لا أَلبَس خِماراً ولا أَستظِلُّ أَبداً ولا آكل ولا أَشرب حتى تَدَعَ

ما أَنتَ عليه، وكانت امرأَة مَيِّلة أَي ذات مال. يقال: مالَ يَمالُ

ويَمول فهو مالٌ ومَيِّل، على فَعْل وفَيْعِل، قال: والقياس مائِلِ. وفي

حديث الطفيل: كان رجلاً شريفاً شاعراً مَيِّلاً أَي ذا مالٍ. ومُلْتُه:

أَعطيته المال. ومالُ أَهلِ البادية: النَّعَمُ.

والمُولةُ: العنكبوت؛ أَبو عمرو: هي العنكبوت والمُولةُ والشَّبَثُ

والمِنَنَة. قال الجوهري: زعم قوم أَن المُولَ العنكبوت، الواحدة مُولةٌ؛

وأَنشد:

حاملة دَلْوك لا محمولَهْ،

مَلأَى من المال كعَيْن المُولَهْ

قال: ولم أَسمعه عن ثِقَة.

ومُوَيْل: من أَسماء رَجَب؛ قال ابن سيده: أَراها عادِيَّة.

مول
{المالُ: مَا ملَكْتَهُ من كُلِّ شيءٍ، قَالَ الجَوْهَرِيّ: وذكرَ بعضُهُم أَنَّ المالَ يؤَنَّثُ، وأَنشدَ لِحَسّان:
(المالُ تُزْرِي بأَقوامٍ ذَوي حَسَبٍ ... وَقد تُسَوِّدُ غيرَ السَّيِّدِ المالُ)
ج:} أَمْوالٌ، وَفِي الحديثِ: نَهى عَن إضاعَةِ المالِ. قيلَ: أَرادَ بِهِ الحيوانَ، أَي يُحسَنُ إِلَيْهِ وَلَا يُهْمَلُ، وَقيل: إضاعَتُه: إنفاقُه فِي المَعاصي والحرامِ وَمَا لَا يُحِبُّه الله، وقيلَ: أَرادَ بِهِ التَّبذيرَ والإسرافَ وَإِن كانَ فِي حَلالٍ مُباحٍ. وَقَالَ ابنُ الأَثيرِ: المالُ فِي الأَصْلِ: مَا يُمْلَكُ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ، ثمَّ أُطْلِقَ على كُلِّ مَا يُقْتَنى ويُمْلَكُ من الأَعيانِ، وأَكثَرُ مَا يُطلَقُ المالُ عندَ العربِ على الإبِلِ، لأَنَّها كَانَت أَكثَرَ {أَموالِهِمْ.} ومُلْتَ، بالضَّمِّ، {تَمُولُ} وتَمالُ، {ومِلْتَ، بالكَسرِ،} تَمالُ {مَوْلاً} ومُؤُولاً: صِرْتَ ذَا مالٍ. {وتَمَوَّلْتَ} واسْتَمَلْتَ: كَثُرَ {مالُكَ.} ومَوَّلَهُ غيرُه تَمويلاً. ورَجُلٌ {مالٌ ومالٍ: ذُو مالٍ، أَو كثيرُه، كأَنَّه قد جعلَ نفسَه مَالا، وحقيقتُه ذُو مالٍ، وأَنشدَ أَبو عَمروٍ:
(إِذا كانَ} مَالا كانَ مَالا مُرَزَّأً ... ونالَ نَداهُ كُلُّ دانٍ وجانِبِ)
قَالَ ابنُ سِيدَه: قَالَ سيبوَيهِ: مالٌ إمّا أَنْ يكونَ فاعِلاً ذهَبَتْ عينُه، وإمّا أَنْ يكونَ فَعْلاً. رَجُلٌ {مَيِّلٌ، كسَيِّدٍ، والقِياسُ} مائلٌ، وَفِي حديثِ الطُّفَيْلِ: كانَ رجُلاً شريفاً شَاعِرًا {مَيِّلاً، أَي ذَا مالٍ، قَالَ ابنُ جنِّيّ: وحَكى الفَرّاءُ: رَجُلٌ مَئِلٌ، ككَتِفٍ، قَالَ: الأَصْلُ مَوِلٌ بالواوِ، ثمَّ انقلَبَتْ الواوُ أَلِفاً، لتَحَرُّكِها وانْفِتاحِ مَا قبلَها، فَصَارَت: مَال. ثُمَّ إنَّهم أَتَوا بالكَسرةِ الَّتِي كَانَت فِي واوِ} مَوِلٍ فحَرَّكوا بهَا الأَلِفَ فِي مَال فانقلَبَتْ هَمزَةً. وَقَالُوا: مَئِلٌ: أَي كثيرُهُ، وهم {مالَةٌ} ومالُونَ: كثيرو المالِ، وَهِي {مالَةٌ} ومالئةٌ، ج: {مالَةٌ أَيضاً} ومالاتٌ، قَالَه سيبويهِ. {ومُلْتُه، بالضَّمِّ: أَعطَيْتُه المالَ، عَن ابْن دُرَيْدٍ، زَاد غيرُهُ:} كأَمَلْتُهُ {إمالَةً.} والمُوْلَةُ، بالضَّمِّ: العَنكَبوتُ، عَن أَبي عَمروٍ، وَفِي الصحاحِ: زعَمَ قومٌ أَنَّ {المُوْلَ العَنكَبوتُ، الواحِدَةُ} مُولَةٌ، وأَنشدَ: حامِلَة دَلْوَك لَا مَحْمُولَهْ مَلأَى من الماءِ كعَيْنِ {المُولَهْ قَالَ: وَلم أَسمعْهُ عَن ثِقَةٍ.} ومُوَيْلٌ، كزُبَيْرٍ: من أَسماء شهر رجَب، قَالَ ابنُ سِيدَه: أُراها عادِيَّةً.)
ومِمّا يُستدرَكُ عَلَيْهِ: {تَمَوَّلَ فلانٌ} مَالا: إِذا اتَّخَذَ قَيْنَةً، وَفِي الحديثِ: مَا جاءَكَ منهُ وأَنتَ غير مُشرِفٍ عَلَيْهِ فخُذْهُ {وتَمَوَّلْهُ أَي اجْعَلْهُ لكَ مَالا. وَمَا} أَمْوَلَهُ: أَي مَا أَكثرَ {مالَه. وامرأَةٌ} مَيِّلَةٌ، ككَيِّسَةٍ: ذاتُ مالٍ. ويُصَغَّرُ المالُ على {مُوَيْلٍ، والعامَّةُ تَقول:} مُوَيِّلٌ، بتَشْديد الياءِ.! والمُولُ: المالُ، لغةُ اليَمَنِ، سمعتُها من بني واقِدٍ وبَني الجَعْدِ. وأَمّا المَوّالُ الَّذِي وَلِعَتْ بِهِ العامَّةُ فأصلُه من الياءِ، يأْتي ذِكْرُهُ فِي ولي إنْ شاءَ الله تَعَالَى.
مول
تموَّلَ يَتموَّل، تَمَوُّلاً، فهو مُتَمَوِّل، والمفعول مُتَموَّل (للمتعدِّي)
• تموَّل الرَّجلُ: ازداد مالهُ ونما واقتنى مالاً، مُدّ بالمالِ "تموّلتِ الشّركةُ بأموال عربيّة".
• تموَّل مالاً: امتلكه "تموّل ما تركه أخوه بعد مماته". 

موَّلَ يموِّل، تمويلاً، فهو مُمَوِّل، والمفعول مُمَوَّل
• موَّل المشروعَ: أمدّه بمال، قدّم له ما يحتاج إليه من مالٍ "موَّل المؤسَّسةَ/ مشروعًا ثقافيًّا". 

مال [مفرد]: ج أموال: (قص) كلّ ما يملكه الفردُ أو تملكه الجماعةُ من متاع أو عروض تجارة أو عقار أو نقود أو حيوان "قلّ/ كَثُر مالهُ- عالم المال- {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ حُبًّا جَمًّا} " ° بَيْتُ المالِ: خزينة الدولة- توظيف المال: استثماره- خرَج فلانٌ إلى مالِه: إلى ضِياعه أو إِبِلِه- كرائم الأموال: خيارها.
• المال المنقول: الشّيء المملوك الذي يمكن نقله كالبضائع والأثاث والسّيّارات.
• المال غير المنقول: (قص) الشَّيء المملوك الذي لا يمكن نقله كالأبنية والعقارات.

• مال الدَّولة/ المال العام: ما تملِكه الدَّولة.
• ذو مالٍ: غنيّ.
• رأسُ المالِ: (قص) جملة المال المستثمَر في عملٍ ما، ويقابلها الدخل الذي ينتج منها.
• تجميد الأموال: (قص) إجراء تلجأ إليه الدولُ أو المصارفُ، لا تفرج بمقتضاه عن الأرصدة الماليّة وتوقف سيولتها وانتقالها وتقيّد حرِّيَّةَ السَّحب منها.
• غسيل الأموال: (قص) تحويل أموال غير مشروعة (ناتجة عن تجارة المخدِّرات أو السِّلاح أو الجنس) إلى أموال مشروعة بتحويلها إلى البنوك ودخولها في أرقام دفتريّة يمكن سحبها أو تحويلها عبر القنوات المشروعة لاستثمارها في أعمال اقتصاديّة مسموح بها. 

ماليّ [مفرد]: اسم منسوب إلى مال.
• التَّضخُّم الماليّ: (قص) تزايد كميَّة النَّقد المتداول على مبلغ السِّلع المشتراة. 

ماليَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى مال.
2 - مصدر صناعيّ من مال: دراسة تدبير الموارد الماليّة.
3 - بيت المالِ، خزينة الدولة القسم الحكوميّ المسئول عن تجميع وإدارة وإنفاق العائدات العامّة.
• الأوراق الماليَّة: (قص) الورق النَّقديّ.
• وزارة الماليَّة: وزارة تتصرّف في أموال الدولة وتشرف على ميزانيَّتها ووارداتها ونفقاتها.
• السُّوق الماليَّة:
1 - المكان الذي تُعقد فيه الصّفقات، أي تلاقي العروض والطَّلبات وفق سعر معيّن.
2 - (قص) سوق استغلال الأموال لأجل طويل.
• السَّنة الماليَّة: أيّة فترة من 12 شهرًا متتاليًا تختارها شركة أو غيرها كأساس لإعداد التَّقارير الماليَّة أو إجراء التَّخطيط أو وضع الميزانيَّة. 

مُول [مفرد]: مركز تجاريّ، مجمّع شراء ضخم. 

مَوَّال [مفرد]: ج مَوَاوِيلُ: (دب، فن) فن جديد من الفنون الشعريّة المستحدثة التي ظهرت بين الطبقات الشعبيّة في بلاد المشرق الإسلاميّ في إطار التجديد والتطوير في نظام القصيدة العربيّة الموروثة من حيث وحدة قافيتها، طلبًا للسهولة والسيرورة بين عامّة الناس تأليفا وغناءً وسماعًا، ويغنّى الموّال عادة في صحبة ناي أو ربابة. 
(مول) : يَقال: كثرتْ مالُ فلانٍ، يُؤَنِّثُون المالَ، كما أَنَّثُوا القومَ، قالَ الله تعالى (كَذَّبت قومُ نوحٍ المُرْسَلِين) .

علم الطب

علم الطب
هو: علم يبحث فيه عن بدن الإنسان من جهة ما يصح ويمرض لحفظ الصحة وإزالة المرض
قال جالينوس: الطب حفظ الصحة وإزالة العلة. وموضعه: بدن الإنسان من حيث الصحة والمرض.
ومنفعته: لا تخفى وكفى بهذا العلم شرفا وفخرا أقوال الإمام الشافعي: العلم علمان: علم الطب للأبدان وعلم الفقه للأديان.
ويروى عن علي كرم الله وجهه: العلوم خمسة:
الفقه للأديان والطب للأبدان والهندسة للبنيان والنحو للسان والنجوم للزمان ذكره في مدينة العلوم.
قال في كشاف اصطلاحات الفنون: وموضوع الطب: بدن الإنسان وما يشتمل عليه من الأركان والأمزجة والأخلاط والأعضاء والقوى والأرواح والأفعال وأحواله من الصحة والمرض وأسبابهما من المآكل والمشرب والأهوية المحيطة بالأبدان والحركات والسكنات والاستفراغات والاحتقانات والصناعات والعادات والواردات الغريبة والعلامات الدالة على أحواله من ضرر أفعاله وحالات بدنه وما يبرز منه والتدبير بالمطاعم والمشارب واختيار الهواء وتقدير الحركة والسكون والأدوية البسيطة والمركبة وأعمال اليد لغرض حفظ الصحة وعلاج الأمراض بحسب الإمكان انتهى.
قال: وعلم الطب من فروع الطبعي وهو: علم بقوانين تتعرف منها أحوال أبدان الإنسان من جهة الصحة وعدمها لتحفظ حاصلــة وتحصل غير حاصلــة ما أمكن وفوائد القيود ظاهرة وهذا أولى ممن قال من جهة ما يصح ويزول عنه الصحة فإنه يرد عليه: إن الجنين غير الصحيح من أول الفطرة لا يصح عليه أنه زال عن الصحة أو صحته زائلة كذا في السديدي شرح الموجز فالمراد هنا بالعلم: التصديق بالمسائل ويمكن أن يراد به الملكة أي: ملكة حاصلــة بقوانين ... الخ.
وفي شرح القانوجه هو: علم بأحوال بدن الإنسان وما يتركب منه من حيث الصحة والمرض انتهى.
اعلم: أن تحقيق أول حدوث الطب عسير لبعد العهد واختلاف آراء القدماء فيه وعدم المرجح فقوم يقولون بقدمه والذين يقولون بحدوث الأجسام يقولون بحدوثه أيضا وهم فريقان:
الأول: يقول أنه خلق مع الإنسان.
والثاني: وهم الأكثر يقول: إنه مستخرج بعده إما بإلهام من الله - سبحانه وتعالى - كما هو مذهب بقراط وجالينوس وجميع أصحاب القياس وإما بتجربة من الناس كما ذهب إليه أصحاب التجربة والحيل وثاسلس المغالط وفنين وهم مختلفون في الموضع الذي به استخرج وبماذا استخرج.
فبعضهم يقول: إن أهل مصر استخرجوه ويصححون ذلك من الدواء المسمى بالرأس.
وبعضهم يقول: إن هرمس استخرجه مع سائر الصنائع.
وبعضهم يقول: أهل تونس.
وقيل: أهل سوريا وأفروجيا وهم أول من استخرج الزمر أيضا وكانوا يشفون بالألحان والإيقاعات آلام النفس.
وقيل: أهل قو وهي الجزيرة التي كان بها بقراط وآباؤه وذكر كثير من القدماء: أنه ظهر في ثلاث جزائر إحداها: رودس والثانية: تسمى: قندس والثالثة: قو.
وقيل: استخرجه الكلدانيون. وقيل: استخرجه السحرة من اليمن.
وقيل: من بابل.
وقيل: فارس.
وقيل: استخرجه الهند.
وقيل: الصقالبة.
وقيل: أقريطش.
وقيل: أهل طور سينا.
والذين قالوا بإلهام يقول بعضهم: هو إلهام بالرؤيا واحتجوا بأن جماعة رأوا في الأحلام أدوية استعملوها في اليقظة فشفتهم من أمراض صعبة وشفت كل من استعملها.
وبعضهم يقول: بإلهام من الله - سبحانه وتعالى – بالتجربة.
وقيل: إن الله - سبحانه وتعالى - خلق الطب لأنه لا يمكن أن يستخرجه عقل إنسان وهو رأي جالينوس فإنه قال كما نقله عنه صاحب عيون الأنباء.
وأما نحن فالأصوب عندنا أن نقول: إن الله - سبحانه وتعالى - خلق صناعة الطب وألهمها الناس وهو أجل من أن يدرجه العقل لأنا نجد الطب أحسن من الفلسفة التي يرون أن استخراجها كان من عند الله - سبحانه وتعالى - بإلهام منه للناس فوجود الطب بوحي وإلهام من الله - سبحانه وتعالى - قال ابن أبي صاد في آخر شرحه لمسائل حنين: وجدت الناس في قديم الزمان لم يكونوا يقنعون من هذا العلم دون أن يحيطوا علما بجل أجزائه وبقوانين طرق القياس والبرهان التي لا غنى لشيء من العلوم عنها ثم لما تراجعت الهمم عن ذلك أجمعوا على أنه لا غنى لمن يزاول هذا العلم من أحكام ستة عشر كتابا لجالينوس كان أهل الإسكندرية لخصوها لنقبائها المتعلمين ولما قصرت الهمم بالمتأخرين عن ذلك أيضا وظف أهل المعرفة على من يقنع من الطب بأن يتعاطاه دون أن يتمهر فيه أن يحكم ثلاث كتب من أصوله.
أحدها: مسائل حنين.
والثاني: كتاب الفصول لبقراط.
والثالث: أحد الكناشتين الجامعتين للعلاج وكان خيرها كناش ابن سرافيون.
وأول من شاع عنه الطب إسقلنينوس عاش تسعين سنة منها وهو صبي وقبل أن تصح له القوة الإلهية خمسون سنة وعالما معلما أربعون سنة وخلف ابنين ماهرين في الطب وعهد إليهما أن لا يعلما الطب إلا لأولادهما وأهل بيته وعهد إلى من يأتي بعده كذلك وقال ثابت: كان في جميع المعمور لإسقلنينوس اثنا عشر ألف تلميذ وإنه كان يعلم مشافهة وكان آل إسقلنينوس يتوارثون صناعة الطب إلى أن تضعضع الأمر في الصناعة على بقراط ورأى أن أهل بيته وشيعته قد قلوا ولم يأمن أن تنقرض الصناعة فابتدأ في تأليف الكتب على جهة الإيجاز.
قال علي بن رضوان: كانت صناعة الطب قبل بقراط كنزا وذخيرة يكنزها الآباء ويدخرونها للأبناء وكانت في أهل بيت واحد منسوب إلى إسقلنينوس وهذا الاسم اسم لملك بعثه الله سبحانه وتعالى يعلم الناس الطب أو اسم قوة الله تعالى علمت الناس الطب وكيف كان فهو أول من علم صناعة الطب ونسب المعلم الأول إليه على عادة القدماء في تسمية المعلم أبا للمتعلم وتناسل من المعلم الأول أهل هذا البيت المنسوبون إلى إسقلنينوس وكان ملوك اليونان والعظماء منهم ولم يكونوا غيرهم من تعلم الطب وكان تعليمهم إلى أبنائهم. فيفسر ذلك اللغز للابن وكان الطب في الملوك والزهاد فقط يقصدون به الإحسان إلى الناس من غير أجرة ولم يزل ذلك إلى أن نشأ بقراط من أهل قو ودمقراط من أهل إيديرا وكانا متعاصرين أما دمقراط فتزهد وأما بقراط فعمد إلى أن دونه بإغماض في الكتب خوفا على ضياعه وكان له ولدان: ثاسالوس ودراقر وتلميذ وهو: قولونس فعلمهم ووضع عهدا وناموسا ووصية عرف منها جميع ما يحتاج إليه الطبيب في نفسه.
وعبارة مدينة العلوم: إن أول من دون علم الطب بقراط ثم ظهر من بعده جالينوس من مدينة فرغاموس من أرض اليونانيين ولا أعلم بعد أرسطاطاليس أعلم بالطبعي من هذين بقراط وجالينوس وظهر جالينوس بعد ستمائة وخمس وستين سنة من وفاة بقراط وبينه وبين المسيح سبع وخمسون سنة المسيح أقدم منه.
واعلم: أن من وفاة جالينوس إلى هذا التاريخ - وهو ثمان وأربعون وتسعمائة سنة من هجرة نبينا صلى الله عليه وسلم -: ألف وأربعمائة وستة وسبعون سنة تقريباً.
ومن مشاهير العلماء في الطب: محمد بن زكريا أبو بكر الرازي ألف كتبا كثيرة في الطب.
ومن الكتب المختصرة النافعة غاية النفع المباركة للطلاب كتاب الموجز لابن النفيس المصري ومن المبسوطة: القانون لابن سينا وعليه شرح لابن النفيس وللعلامة الشيرازي انتهى.
حاصلــه
قلت: يحتاج القانون إلى إصلاح عبارة وتلخيص وتهذيب فقد أطال فيه وجاء بعبارات سخيفة بشعة كما لا يخفى على الماهر فيه. ومن الكتب الجديدة التأليف: كتاب الحكيم أحمد بن حسن أفندي الرشيدي المطبوع بمصر القاهرة سماه بعمدة المحتاج في علمي الأدوية والعلاج ألفه باسم إسماعيل باشا مصر وهو في أجزاء جمعه من المؤلفات العربية والإفرنجية وله كتاب بهجة الرؤساء في علاج أمراض النساء طبع بمصر القاهرة في سنة 1260، ألفه باسم محمد علي باشا وأفاد وأجاد. وله كتاب نزهة الإقبال في مداواة الأطفال وهو مجلد كبير طبع بمصر في سنة 1261 الهجرية باسم محمد علي باشا أيضاً.
ومن الكتب الجديدة كتاب المنحة في سياسة حفظ الصحة للحكيم الأجل محمد الهراوي طبع بمصر في سنة 1249، ترجمة من الفرنساوي إلى العربي وهو مجلد متوسط.
والكتب المؤلفة في هذا العلم كثيرة جدا ذكرها ملا كاتب الجلبي في كشف الظنون على ترتيب حروف الأعجام وأما الذي في مقدمة ابن خلدون فنصه هكذا: ومن فروع الطبيعيات: صناعة الطب وهي صناعة تنظر في بدن الإنسان من حيث يمرض ويصح فيحاول صاحبها حفظ الصحة وبرء المرض بالأدوية والأغذية بعد أن يتبين المرض الذي يخص كل عضو من أعضاء البدن وأسباب تلك الأمراض التي تنشأ عنها وما لكل مرض من الأدوية مستدلين على ذلك بأمزجة الأدوية وقواها على المرض بالعلامات المؤذنة بنضجه وقبوله الدواء أولا: في السجية والفضلات والنبض محاذين لذلك قوة الطبيعة فإنها المدبرة في حالتي الصحة والمرض وإنما الطبيب يحاذيها ويعينها بعض الشيء بحسب ما تقتضيه طبيعة المادة والفصل والسن ويسمى العلم الجامع لهذا كله: علم الطب. وربما أفردوا بعض الأعضاء بالكلام وجعلوه علما خاصا كالعين وعللها وأكحالها.
وكذلك ألحقوا بالفن من منافع الأعضاء ومعناها المنفعة التي لأجلها خلق كل عضو من أعضاء البدن الحيواني وإن لم يكن ذلك من موضوع علم الطب إلا أنهم جعلوه من لواحقه وتوابعه.
وإمام هذه الصناعة التي ترجمت كتبه فيها من الأقدمين: جالينوس يقال: إنه كان معاصرا لعيسى - عليه السلام - ويقال: إنه مات بصقلية في سبيل تغلب ومطاوعة اغتراب وتأليفه فيها هي الأمهات التي اقتدى بها جميع الأطباء بعده.
وكان في الإسلام في هذه الصناعة أئمة جاؤوا من وراء الغاية مثل: الرازي والمجوسي وابن سينا.
ومن أهل الأندلس أيضا كثير وأشهرهم: ابن زهر وهي لهذا العهد في المدن الإسلامية كأنها نقصت لوقوف العمران وتناقصه وهي من الصنائع التي لا تستدعيها إلا الحضارة والترف.
قف: وللبادية من أهل العمران طب يبنونه في غالب الأمر على تجربة قاصرة على بعض الأشخاص متوارثا عن مشائخ الحي وعجائزه وربما يصح منه البعض إلا أنه ليس على قانون طبيعي ولا على موافقة المزاج وكان عند العرب من هذا الطب كثير وكان فيهم أطباء معروفون كالحارث بن كلدة وغيره.
والطب المنقول في الشرعيات من هذا القبيل وليس من الوحي في شيء وإنما هو أمر كان عاديا للعرب ووقع في ذكر أحوال النبي - صلى الله عليه وسلم - من نوع ذكر أحواله التي هي عادة وجبلة لا من جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما بعث ليعلمنا الشرائع ولم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من العاديات وقد وقع له في شأن تلقيح النخل ما وقع فقال: "أنتم أعلم بأمور دنياكم" فلا ينبغي أن يحمل شيء من الطب الذي وقع في الأحاديث الصحيحة المنقولة على أنه مشروع فليس هناك ما يدل عليه اللهم1 إلا إذا استعلم على جهة التبرك وصدق العقد الإيماني فيكون له أثر عظيم في النفع وليس ذلك في الطب المزاجي وإنما هو من آثار الكلمة الإيمانية كما وقع في مداواة المبطون بالعسل والله الهادي إلى الصواب لا رب سواه. علم الطب الشرعي
قال في المنحة في سياسة حفظ الصحة: هو المعارف الطبية والطبيعية المستعملتان في الأحكام الواقعة بين الناس في المحاكم فمن ذلك يعلم أن تسميته بالطب الشرعي اصطلاح إفرنجي وحقه أن يسمى بالطب المحكمي ولذا سميناه بذلك في جميع ما يأتي.
وهو فن به يهتدي أرباب المحاكم لما يناط بها من القضايا فيعرف كل من تصدر عنه حكومة كيف تكوين الحكومات والتراتيب القانوينة التي غايتها استراحة شعبه واطمئنانه وبه يهتدي القضاة لإدراك الأشياء التي تفعل على خلاف الشرع ولمعرفة الجاني وخلاص البريء المتهم ظلما بل ولمعرفة أحكام المشاجرات المدنية الواقعة في غير الجنايات أيضا وكل من القاضي ومن تصدر عنه الحكومة من حيث أنه غير عارف للأشياء التي تكون المعارف الطبية واسطة للاهتداء إليها محتاج للالتجاء للطبيب المحكمي ليهتدي به في فعل ما هو نافع للشعب حتى لا يحكم على إنسان بأنه مذنب بغير حق.
وعلى الطبيب الذي يدعوه الحاكم لواقعة حكمية أن يحرر تقريرا بما يراه ليكون أساسا للحاكم يحكم بموجبه ومما تقدم من تفسير الطب المحكمي وما يتفرع عليه يعلم أن منفعته ليست قاصرة على تحرير التقارير التي يكتبها الطبيب بما يظهر له حين الكشف عن شيء ليتنور بذلك الحاكم فقط بل أعظم منافع هذا العلم أنه يلزم الناس باستعمال الرئيس من المعارف الطبية وما يتبعها في تكوين أحكام المشاجرات الواقعة أمام الحكام ومسائلها وسواء في الجنايات وغيرها.
وفوائد الطب المحكمي لا حصر لها إذ لا توجد حركة من حركات الإنسان في مدة معيشته مع الناس بدون أن يستدعي ذلك الطب الموجود في جميع الأماكن في كل الأزمان فهو أول الفنون الحكمية وأفضلها لأن غاية استراحة الناس واطمئنانهم وأساس المعارف الطبية المستعملة في الطب المحكمي استخراج ما هو أكثر تعلقا بالقضايا المحكمية من تلك المعارف أو ترتيبه وجعله طريقا ومذهبا يتبع ونظن أنه لا يوجد شيء تستفاد منه قواعد كلية بما يستعمل في المحاكم من المعارف الطبية أقرب من التفتيش في الفنون المحتوية على تلك المعارف.

اسم المصدر

اسم المصدر:
[في الانكليزية] Infinitive
[ في الفرنسية] Infinitif
كما يستفاد مما سبق هو اسم الحدث الغير الجاري على الفعل. وورد في كتاب شرح نصاب الصبيان للقهستاني أنّ اسم المصدر خمسة أقسام:

الأول: وصف حاصل للفاعل والقائم به ومترتّب على المعنى المصدري الذي هو التأثير.
ويقال أيضا لهذا القسم حاصل المصدر كما هو في «التلويح» مذكور، وتطلق جميع المصادر على هذا المعنى، مثل الجواز بمعنى: المرور، والثاني بمعنى أن يكون الأمر جائزا. فالأول معنى اسمي والثاني معنى مصدري.
والفرق بين المصدر وحاصل المصدر في جميع الألفاظ ظاهر بحسب المعنى. وفي بعض الألفاظ بحسب اللفظ أيضا. مثل فعل بكسر الفاء: الفحل. وبفتح الفاء: عمل؛ ويطلق حاصل المصدر أيضا على المصدر المستعمل بمعنى متعلّق فعل مثل: خلق بمعنى مخلوق، كما يستفاد ذلك من شرح العقائد في بحث أفعال العباد. ويقرب من هذا ما ذكره في أمالي ابن الحاجب وهو الاسم الذي يتوسّل به إلى الفعل مثل، أكل فإن استعمل بمعنى أكل فإنّه يقال له اسم مصدر، وإذا كان بمعنى الأكل فيقال له المصدر.

الثاني: اسم مستعمل بمعنى المصدر الذي لا يشتقّ منه فعل مثل: القهقري، وهذا مذكور في أمالي ابن الحاجب.
الثالث: مصدر معرفة مثل فجار الذي هو اسم الفجور.
الرابع: اسم بمعنى المصدر ولكنه خارج عن الأوزان القياسية مثل سقيا وغيبة الذي هو اسم للسّقي والاغتياب. وهذا في كلام العرب كثير.
الخامس: مصدر مبدأ بحرف الميم ويقال له المصدر الميمي: منصرف ومكرم. وهذا مذكور في الرضي. انتهى كلامه. أقول لا شكّ أن الأقسام الخمسة المذكورة ليست مشتركة في مفهوم عام يطلق عليه اسم المصدر كما هو دأب التقسيم، حيث يذكر أولا لفظ يكون. معناه عاما شاملا للأقسام، ثم يذكر بعده أقسامه، كما ترى في تقسيم الكلمة التي هي اللفظ الموضوع لمعنى مفرد إلى الاسم والفعل والحرف، فهنا أريد بالتقسيم تقسيم ما يطلق عليه لفظ اسم المصدر، كما يقسم العين إلى الجارية والباصرة وغيرهما، وكما قسّم أهل الأصول السبب والعلّة إلى الأقسام المعينة، هكذا ينبغي أن يفهم.

التّخصيص

التّخصيص:
[في الانكليزية] P articularization
[ في الفرنسية] P articularisation
هو في اللغة تمييز بعض الجملة بحكم.
ولذا يقال خصّ فلان بكذا كذا في كشف البزدوي. وفي عرف النحاة تقليل الاشتراك الــحاصل في النكرات، وتقليل الاشتراك الــحاصل في المعارف عندهم لا يسمّى توضيحا، بل التوضيح عندهم رفع الاحتمال الــحاصل في المعرفة وهذا هو المراد بالتخصيص والتوضيح في قولهم: الوصف قد يكون للتخصيص وقد يكون للتوضيح. وقد يطلق التخصيص على ما يعمّ تقليل الاشتراك ورفع الاحتمال، وتحقيق ذلك أنّ الوصف في النكرات إنما يقلّل الاحتمال والاشتراك، وفي المعارف يرفعه بالكلية، فإنّ رجلا في قولك رجل عالم كان يحتمل على سبيل البدلية جميع أفراده، وبذكر العالم قد زال الاحتمال حيث علم أن ليس المراد غير العالم، وبقي الاحتمال بالنسبة إلى أفراد العالم. وأما زيد في قولك زيد التاجر عند اشتراكه بين التاجر وغيره فكان محتملا لهما، وبذكر الوصف ارتفع ذلك الاحتمال بالكليّة.
لا يقال قد يرتفع الاحتمال بذكر الوصف في النكرات كما إذا لم يكن الموصوف إلّا واحدا، وقد لا يرتفع في المعارف كما إذا كان الموصوف بالتجارة من المسمين بزيد متعددا، لأنّا نقول مفهوم النكرة الموصوفة كلّي وإن كان منحصرا في فرد بحسب الواقع فلم يرتفع الاحتمال بالكليّة نظرا إلى المفهوم، وعند كون الموصوف بالتجارة من المسمين بزيد متعددا يجب ذكر الصفة الرافعة للاحتمال لأنه إنما يستعمل في واحد منهم بعينه وذكر الوصف لدفع مزاحمة الغير ليتعين المراد، فيجب ذكر ما يعين المراد بخلاف النكرة فإنها تستعمل في مفهومها الكلّي. ولذا تكون حقيقة وإن قيّدت بوصف لا توجد إلّا في واحد. ثم كون الوصف رافعا للاحتمال في سائر المعارف محلّ تردّد.
اعلم أنّ الاشتراك والاحتمال إمّا معنوي أي ناشئ من المعنى كما في النكرات وإما لفظي أي ناشئ من اللفظ، سواء كان بحسب الأوضاع المتعدّدة كما في المشترك اللفظي بالقياس إلى أفراد معنى واحد فهو ناشئ من المعنى من قبيل الاشتراك المعنوي، أو بحسب وضع واحد كما في سائر المعارف. فإنّ المعرّف بلام العهد الخارجي مثلا كالرجل يصلح أن يطلق على خصوصية كلّ فرد من المفهومات الخارجية إمّا لأنه موضوع بإزاء تلك الخصوصيات وضعا عاما وإمّا لأنه موضوع لمعنى كلّي ليستعمل في جزئياته لا فيه. وأيّا ما كان فالاحتمال ناشئ من اللفظ فقال السيّد السّند: الظاهر أنهم أرادوا الاشتراك المعنوي، لأنّ التقليل إنّما يتصور فيه بلا تمحّل كما في رجل عالم فلا تكون جارية في قولنا عين جارية صفة مخصصة، وقد يتمحّل فيحمل الاشتراك على ما هو أعمّ من المعنوي واللفظي وتجعل جارية صفة مخصصة لأنها قللت الاشتراك بأن رفعت مقتضى الاشتراك اللفظي وهو احتمال العين لمعانيه [وعينت معنى واحدا] فلم يبق في عين جارية إلّا الاشتراك المعنوي بين أفراد ذلك المعنى. وصاحب الأطول قال: الظاهر أنّ التخصيص محمول على إزالة الاشتراك لفظيا كان أو معنويا إمّا في الجملة أو بالكلية، إلّا أنه فسّر بتقليل الاشتراك لأنه الغالب في التخصيص، وقلّما يبلغ مرتبة الإزالة بالكليّة.
فإن قلت الرجل العالم خير من الجاهل في صورة الاستغراق لا يتصور أن يكون لتقليل الاحتمال، إذ لا احتمال للمستغرق بل لتقليل الشمول، فهل يجعل تقليل الشمول من التخصيص؟ قلت: قرينة الاستغراق تقوم بعد الوصف فالوصف لتقليل الاحتمال والقرينة لتعمّم ما رفع فيه بعض الاحتمال، فيكون الوصف فيه مخصصا. فإن قلت لا يتمّ ذلك في كلّ رجل عالم، قلت: دخل الكلّ على الموصوف، ولذا لا يمكن وصف الكلّ بل يجب إجراء الوصف على المضاف إليه ولو جعل تقليل الاشتراك عبارة عن رفع الاحتمال أو إزالة بعض الشمول لأنّ مقتضى الاشتراك قد يكون الشمول وإن كان الأكثر الاحتمال لهان الأمر انتهى.
وفي عرف أهل المعاني هو القصر وسيجيء. وفي عرف الأصوليين يطلق على معان. منها قصر العام على بعض مسمياته، وهذا مصطلح الشافعية والمالكية. فقيل المراد بالمسميات أجزاء المسمّى للقطع بأنّ الآحاد كزيد وعمرو مثلا ليس من أفراد مسمّى الرجال إذ مسمّاه ما فوق الاثنين من هذا الجنس، لكنّ التحقيق على ما يجيء في لفظ العام أنها الآحاد التي دلّ العام عليها باعتبار أمر اشتركت فيه، وهو معنى مسميات العام لا أفراد مدلوله.
ولولا أنهم جوّزوا التخصيص بمثل الاستثناء إلى الواحد لجاز جعل مسمّيات صيغة الجمع هي الجماعات لا الآحاد، فيتناول التعريف ما اريد به جميع المسميات أولا ثم أخرج بعض كما في الاستثناء، وما لم يرد به إلّا بعض مسمياته ابتداء كما في غيره. فالمراد بالكافرين في مثل اقتلوا الكافرين إلّا أهل الذمّة، جميع الكفار ليصحّ إخراج أهل الذمّة، فيتعلق الحكم، فيكون القصر على البعض باعتبار الحكم فقط. وفي مثل اقتلوا الكافرين ولا تقتلوا أهل الذمّة يتبيّن أنّ المراد بالكافرين غير أهل الذمّة خاصّة، فيكون القصر على البعض باعتبار الدلالة والحكم جميعا، ويكون معنى القصر في الأول أنّ اللفظ الذي يتناول جميع المسمّيات قد اقتصر الحكم على بعضها، وفي الثاني أنّ اللفظ الذي كان يتناول في نفسه قد اقتصرت دلالتها على البعض خاصّة، وحينئذ يندفع ما يتوهّم من أنّ اللفظ إن كان على عمومه فلا قصر، وإن وجدت قرينة صارفة عنه فلا عموم ولا قصر.
وقال أبو الحسين هو إخراج بعض ما تناوله الخطاب. ويردّ عليه أنّ ما أخرج فالخطاب لم يتناوله. وأجيب بأنّ المراد ما يتناوله الخطاب بتقدير عدم المخصّص كقولهم خصص العام وهذا عام مخصّص. ولا شكّ أنّ المخصّص ليس بعام، لكن المراد به كونه عاما لولا تخصيصه، وهذا ظاهر في غير استثناء.
وأمّا في الاستثناء فاللفظ عام يتناول الجميع، وإن لم يكن الخطاب أي الحكم عاما فعبارة أبي الحسين يفتقر إلى هذا التأويل في الاستثناء وغيره، وفي الإخراج أيضا لاقتضائه سابقية الدخول. وقولنا قصر العام على بعض مسمياته إنّما يفتقر إليه في غير الاستثناء فيكون أولى.
وبعضهم لم يفرّق بين العام والخطاب فزعم أنّ عبارة أبي الحسين لا يفتقر إلى التأويل لأنّ الخطاب في نفسه متناول لذلك البعض المخرج.
وقيل هو تعريف أنّ العموم للخصوص والمراد بالتخصيص هو الاصطلاحي وبالخصوص اللغوي، كأنه قيل: التخصيص تعريف أنّ المراد باللفظ الموضوع لجميع الأفراد هو البعض منها فلا دور ولا تساوي [بين] الحدّ والمحدود في الجلاء والخفاء، باعتبار أنّ من عرف حصول الخصوص عرف تحصيل الخصوص وبالعكس لأنّ الخصوص اللغوي قد عرف والتخصيص الاصطلاحي بعد لم يعرّف.
وقيل هو بيان ما لم يرد باللفظ العام. ومنها قصر العام على بعض أفراده بكلام مستقل مقترن أي غير متراخ، وهذا مصطلح الحنفية. فبقيد الكلام خرج المخصص الغير الكلامي فإنه ليس بتخصيص اصطلاحي، نحو العقل في قوله تعالى خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فإنّ العقل يخصص ذات الله تعالى. والحسّ في نحو قوله تعالى وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ فإنّ الحسّ يخصص ما لم يكن في ملك بلقيس. والعادة في نحو لا يأكل الرأس فإنه لا يتناول رأس الطير مثلا وبقيد المستقل خرج غير المستقل وهو الكلام الذي يتعلق بصدر الكلام أي ما هو صدر ومقدّم في الاعتبار سواء كان مقدما في الذّكر أو لم يكن، فلا يردّ الشرط المقدم على الجزاء، فإنّه مؤخّر اعتبارا. وكذا لا يردّ الاستثناء المقدّم على المستثنى منه ونحو ذلك. ولا يكون تاما بنفسه حتى لو ذكر منفردا لا يفيد المعنى فإنّه ليس بتخصيص عند الحنفية، بل إن كان بإلّا وأخواتها فاستثناء، وإلّا فإن كان بأن يؤدي مؤدّاها فشرط، وإلّا فإن كان بإلى وما يفيد معناها فغاية، وإلّا فصفة أو غيرها. وبقيد المقترن خرج النسخ فإنّه إذا تراخى دليل التخصيص يسمّى نسخا لا تخصيصا. ومنها قصر العام على بعض أفراده بدليل مستقلّ وبهذا المعنى يطلق التخصيص أيضا عند الحنفية.
وبهذا الاعتبار يقال النسخ تخصيص، فله عندهم معنيان. ومما ينبغي أن يعلم أنّه ليس معنى القصر عند الحنفية ثبوت الحكم للبعض ونفيه عن البعض، فإنّ هذا قول بمفهوم الصفة والشرط وهو خلاف مذهبهم بل المراد من القصر أن يدلّ على الحكم في البعض ولا يدلّ في البعض الآخر لا نفيا ولا إثباتا حتى لو ثبت ثبت بدليل آخر، ولو انعدم انعدم بالعدم الأصلي وأنّه لا بدّ في التخصيص من معنى المعارضة، ولا يوجد ذلك في الدليل الغير المستقل فإنّ الاستثناء مثلا لبيان أنّه لم يدخل تحت الصدر، لا أنّ هناك حكمين، أحدهما معارض للآخر، كما يوجد في الدليل المستقل. ومنها قصر اللفظ على بعض مسمياته وإن لم يكن ذلك اللفظ عاما فهذا أعمّ من المعنى الأول. وهذا كما يقال للعشرة إنّه عام باعتبار تعدد آحاده مع القطع بأنّ آحاده ليست مسمياتها، وإنّما مسمياتها العشرات، فإذا قصر العشرة مثلا على خمسة بالاستثناء عنه قيل قد خصّص، وكذلك المسلمون للمعهودين نحو: جاءني مسلمون فأكرمت المسلمين إلّا زيدا فإنّهم يسمّون المسلمين عامّا والاستثناء عنه تخصيصا له.
اعلم أنّ التخصيص كما يطلق على القول كما عرفت كذلك قد يطلق تجوّزا على الفعل وكذلك النسخ، صرّح بذلك في العضدي في مباحث السنة.
تقسيم

التخصيص بالمعنى الأول:
قالوا المخصّص ينقسم إلى متّصل ومنفصل لأنّه إمّا أن لا يستقل بنفسه أو يستقل، والأول المتصل والثاني المنفصل. والمخصّص المتصل خمسة: الاستثناء والشرط والصفة والغاية وبدل البعض نحو جاءني القوم أكثرهم. والمنفصل إمّا كلام أو غيره كالعقل نحو خالق كل شيء، فإنّ العقل هو المخصّص للشيء بما سوى الله تعالى، وتخصيص الصبي والمجنون من خطابات الشرع من هذا القبيل، وكالحسّ نحو أوتيت من كل شيء، وكالعادة نحو لا نأكل رأسا فإنه يقع على ما يتعارف أكله مشويا، وكالتشكيك نحو كل مملوك لي حرّ لا يقع على المكاتب؛ فهذا أي التخصيص بالمستقل تخصيص اتفاقا بين الحنفية والشافعية والمالكية، بخلاف التخصيص بغير المستقل فإنه مختلف فيه كما عرفت. هذا كلّه هو المستفاد من كشف البزدوي والتلويح والعضدي وحاشية التفتازاني.

قَوس قزَح

قَوس قزَح: بِفَتْح الْحَاء الْمُهْملَة تركيب إضافي فكتابتها قَوس وقزح بِالْوَاو غلط. وَفِي بعض الْحَوَاشِي أَنه مركب كبعلبك. وَفِي كنز اللُّغَة قزَح اسْم جبل وَاسم إِبْلِيس عَلَيْهِ اللَّعْنَة فَمَعْنَى قَوس قزَح قَوس يحدث من وَرَاء ذَلِك الْجَبَل أَو قَوس إِبْلِيس وَسبب حدوثها مَذْكُور فِي كتب الْحِكْمَة. ثمَّ اعْلَم أَن الْحُكَمَاء اخْتلفُوا فِي قَوس قزَح وأمثالها كالهالة هَل هِيَ خيالات أم لَا - فَذهب المشاؤون إِلَى أَنَّهَا خيالات وَالْآخرُونَ إِلَى أَنَّهَا مَوْجُودَة فِي الْخَارِج وَمعنى الخيال هَا هُنَا هُوَ أَن ترى صُورَة الشَّيْء مَعَ صُورَة شَيْء مظهر لَهُ كالمرآة فتظن أَن الصُّورَة حَاصِلَــة فِيهِ فِي نفس الْأَمر قيل إِذا لم تكن الصُّورَة حَاصِلَــة فِيهِ فَكيف يتَصَوَّر رويتها فِيهِ إِذْ الروية لَا تتَعَلَّق إِلَّا بالــحاصل.
وَأجِيب بِأَن الصُّورَة وَإِن لم تكن فِي الْمظهر لَكِن الأشعة الْخَارِجَة عَن الْبَصَر تنعكس مِنْهُ وَلما كَانَت الروية بطرِيق الاسْتقَامَة لَا بطرِيق الانعكاس تظن أَن الصُّورَة حَاصِلَــة فِيهِ.
وَاعْلَم أَن مَا ذكره الْفَاضِل الْحسن الميبذي رَحمَه الله تَعَالَى فِي شرح هِدَايَة الْحِكْمَة فِي بَيَان سَبَب حدوثها ثمَّ اعْترض عَلَيْهِ وَأجَاب عَنهُ مَوْقُوف على بَيَان عدَّة اصْطِلَاحَات وَبَعض مُقَدمَات. فَاعْلَم أَن دَائِرَة الْأُفق مَذْكُورَة فِي محلهَا وَأَن فِي الْأَجْزَاء الرشية بل فِي كل صَغِير جدا لَا يرى شكل الشَّمْس وَغَيرهَا بل ضوءها ولونها لِأَن الْجِسْم لَا يرى مُشكلا إِلَّا وَهُوَ بِحَيْثُ يقسمهُ الْحس فَكيف يرى شكلا مَا لَا يَنْقَسِم فِي الْحس وَلعدم إحاطة قَاعِدَة الشعاع المخروطي مِنْهُ سطحه فَإِن الْمرْآة إِذا صغرت جدا بِحَيْثُ لَا يُحِيط قَاعِدَة الشعاع المخروطي المنعكس مِنْهَا بسطح المرئي بل يبْقى من السَّطْح شَيْء من خَارج عَنْهَا فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ لَا تُؤدِّي شكل المرئي بل ضوءه ولونه فَقَط وَأَن معنى وُقُوع تِلْكَ الْأَجْزَاء على هَيْئَة الاستدارة كَونهَا بِحَيْثُ لَو أخرج من الشَّمْس خطّ مُسْتَقِيم إِلَى أحد من تِلْكَ الْأَجْزَاء وأدير على قطر الْأُفق الْمَار بدائرة ارْتِفَاع الشَّمْس مرت الدائرة المرتسمة من طرفه الْكَائِن عِنْد الْجُزْء الْمَذْكُور على جَمِيع تِلْكَ الْأَجْزَاء وكل من الْقطر ودائرة ارْتِفَاع الشَّمْس مَذْكُور فِي مَحَله وَأَنه إِذا وضع الضَّوْء من المضيء على جسم صقيل كَالْمَاءِ والمرآة لَا ينعكس ضوءه إِلَى كل جسم بل إِلَى الْجِسْم الَّذِي وَضعه من الصَّقِيل كوضع المضيء من الصَّقِيل كَمَا يرى انعكاس الضَّوْء من الشعاع النَّافِذ فِي الكوة الْوَاقِعَة على صقيل المَاء إِلَى الْجِدَار الْمُقَابل للكوة وَأَن زَاوِيَة الشعاع مَا يحدث على سطح المرئي من الْخط الشعاعي الْخَارِج من الْبَصَر الْوَاصِل على نقطة من سطحه. وزاوية الانعكاس مَا يحدث من الْخط الانعكاسي الْخَارِج من تِلْكَ النقطة إِلَى الشَّمْس مثله هَكَذَا.
والزاوية الْوَاقِعَة على سطح الصَّقِيل بَين خطي الشعاع والانعكاس تسمى بالزاوية الأولى وَلَا بُد فِي انعكاس الضَّوْء من الشعاع النَّافِذ فِي الكوة مثلا الْوَاقِعَة صقيل المَاء إِلَى الْجِدَار الْمُقَابل للكوة من تَسَاوِي زاويتي الشعاع والانعكاس الحادثتين عَن جنبتي الزاوية الأولى على مَا يشْهد بِهِ الْحس فَإِذا لم تَجْتَمِع تِلْكَ الْأَجْزَاء الرشية على هَيْئَة الاستدارة لم ينعكس شُعَاع الْبَصَر مِنْهَا إِلَى الشَّمْس لعدم الْمُسَاوَاة الْمَذْكُورَة فَلَا يرى فِي الجو شَيْء غير مستدير على ألوان قَوس قزَح.
وَاعْلَم أَن كَيْفيَّة صيرورة الشَّيْء مرئيا فِي الْمرْآة أَنه يخرج من الحدقة شُعَاع ممتد إِلَى الْمرْآة يُقَال لَهُ شُعَاع مخروطي بَصرِي وَيُقَال لطرفه الَّذِي فِي الحدقة رَأسه وَالَّذِي فِي الْمرْآة قَاعِدَته ثمَّ ينعكس هَذَا الشعاع من الْمرْآة إِلَى المرئي وَيُقَال لَهُ الْخط الشعاعي المخروطي المنعكس وطرفه الَّذِي فِي الْمرْآة رَأسه وَالَّذِي فِي المرئي قَاعِدَته فَيرى الرَّائِي صور الْأَشْيَاء فِي المرايا بِهَذَا الْوَجْه.

التّعديل

التّعديل:
[في الانكليزية] Rectification ،parallax ،equation
[ في الفرنسية] Rectification ،parallaxe ،equation
في اللغة التّسوية. وتعديل الأركان عند أهل الشرع تسكين الجوارح في الركوع والسجود والقومة والجلسة قدر تسبيحة، ويطلق على كلّ، فإنّه صار كاسم جنس، كذا في جامع الرموز في فصل صفة الصلاة. والتعديل عند الرياضيين يطلق على معان منها ما ذكره بعض المحاسبين كما سيأتي في لفظ الجبر ولفظ الرّد ومنها التعديل الأول ويسمّى بالاختلاف الأول أيضا لأنّه أول تفاوت وجد ويسمّى بالتعديل المفرد أيضا لانفراده عن غيره بخلاف التعديل الثاني فإنّه مخلوط بالأول، هذا عند أهل الهيئة. وأهل العمل منهم أي أصحاب الزيجات يسمّونه بالتعديل الثاني لتأخره بحسب العمل عن التعديل الثالث الذي يسمّونه تعديلا أولا، وهو قوس بين الوسط والتقويم. قال عبد العلي البرجندي في حاشية الچغميني هذا في الشمس والقمر صحيح وأمّا في المتحيّرة فما بين الوسط المعدّل والتقويم هو التعديل الأول، وأمّا ما بين الوسط الغير المعدّل والتقويم فلا يسمّى عندهم باسم.
فالظاهر أنّه أراد المصنّف بالوسط الوسط المعدل أي المعدّل بالتعديل الثالث. وزاوية التعديل وقد تسمّى بالتعديل أيضا كما يستفاد من شرح التذكرة للعلي البرجندي هي الحادثة على مركز العالم بين خطين خارجين منه أحدهما وسطي والآخر تقويمي، وهذا هو قول المحقّقين منهم. ومقدار هذه الزاوية هو قوس التعديل لأنّ مقدار الزاوية قوس فيما بين ضلعيها موترة لها من دائرة مركزها رأس الزاوية وهذا هو الحق.
وقيل القوس الواقعة من فلك البروج بين طرفي الخطين أي الخطّ الخارج عن مركز الخارج والخط الخارج من مركز العالم المارّين بمركز الشمس المنتهيين إلى دائرة البروج هي تعديل الشمس. ولما كان الخطان المذكوران متقاطعين عند مركز الشمس كان هناك زاويتان متقابلتان متساويتان، إحداهما فوق مركز الشمس وتسمّى زاوية تعديلية والأخرى تحت مركز الشمس وتسمّى أيضا بزاوية تعديلية لكونها مساوية للأولى، وهذا القول ليس بصحيح، وإن شئت وجهه فارجع إلى كتب علم الهيئة.
اعلم أنّ الشمس إذا كانت صاعدة أي متوجهة من الحضيض إلى الأوج يزاد هذا التعديل على وسطها، فالمجموع هو التقويم.
وإذا كانت هابطة أي متوجهة من الأوج إلى الحضيض ينقص هذا التعديل من الوسط، فبالباقي هو التقويم، وليس في الشمس سوى هذا تعديل آخر. وأما الخمسة المتحيّرة فيزاد فيها التعديل على الوسط إذا كانت هابطة وينقص عنه إذا كانت صاعدة، فالمجموع أو الباقي هو التقويم. والحال في القمر بالعكس.
ودلائل هذه المقدمات تطلب من كتب الهيئة، وغاية هذا التعديل بقدر نصف قطر التدوير.
ومنها التعديل الثاني ويسمّى بالاختلاف الثاني أيضا وهو القوس المذكورة أي التعديل الأول باعتبار اختلافها في الرؤية صغرا وكبرا بحسب بعد مركز التدوير عن مركز العالم وقربه منه، وذلك لأنّ مركز التدوير إذا كان في حضيض الحامل فنصف قطره بسبب قربه من مركز العالم يرى أكبر وإذا كان في أوج الحامل فنصف قطره بسبب بعده عنه يرى أصغر فلذلك تختلف القوس المذكورة وهذا الاختلاف يلحق الاختلاف الأول بقدر ذلك الاختلاف في نصف القطر، فينقص منه إذا كان مركز التدوير أبعد من البعد الأوسط ويزاد عليه إذا كان أقرب منه، ويكون بعد ذلك أي بعد نقصانه عن الاختلاف الأول أو زيادته عليه تابعا له أي للاختلاف الأول في الزيادة والنقصان على الوسط، وهذا عند من وضع مراكز تداوير المتحيّرة في البعد الأوسط واستخرج الاختلاف الأول منها فيه فإنّ الاختلاف الثاني فيها قد يكون بحسب البعد الأبعد فيكون ناقصا عن الاختلاف الأول وقد يكون بحسب البعد الأقرب فيكون زائدا عليه.
وأما عند من وضع مراكز تداويرها في الأوج واستخرج الاختلاف الأول منها فيه فلا محالة يزيد الاختلاف الثاني دائما على الأول، وهكذا الحال في القمر فإنّ اختلاف الأول للقمر إنما وضع في الأوج الذي هو البعد الأبعد. ثم إنّ ما حصل من زيادة الاختلاف الثاني على الأول أو ما بقي بعد نقصه منه يسمّى تعديلا معدلا.
اعلم أنّ هذا الاختلاف في المتحيّرة يسمّى أيضا اختلاف البعد الأبعد والأقرب لاشتماله عليهما، فهو إمّا على سبيل التغليب وإمّا على أنه اختلاف بعد هو أبعد من البعد الأوسط أو أقرب منه، وهذا بخلاف ما في القمر فإنه يسمّى اختلاف البعد الأقرب فقط، إمّا لتغليب أقرب الأبعاد أعني الحضيضية على سائرها وإمّا لأنه اختلاف بعد هو أقرب من البعد الأوجي. وقيل غاية الاختلاف الثاني اختلاف البعد الأقرب وهو الموافق لما ذهب إليه صاحب المجسطي ومن تبعه من أصحاب الزيجات من تسمية الاختلاف الثاني عند كون مركز التدوير في الحضيض باختلاف البعد الأقرب، وقد يسمونها بالاختلاف المطلق أيضا. هذا وقد قيل إنّ أهل الهيئة يسمّون الاختلاف الثاني مطلقا سواء كان مركز التدوير في الحضيض أو لم يكن اختلاف البعد الأقرب لما دلّ البرهان على وجوده وإن لم يعرفوا مقداره. وأما أهل العمل أي أصحاب الزيجات فيسمّون الاختلاف الثاني عند كون مركز التدوير في الحضيض اختلاف البعد الأقرب لأنه معلوم عندهم موضوع في الجدول. وأمّا في سائر المنازل فهو غير معلوم لهم ولا بموضوع في الجدول لجزء جزء إلّا غايته، فإنها مستخرجة لسهولة تظهر في العمل، فلهذا لم يسمّوه في سائر المنازل باسم، وتوضيح السهولة التي ذكرناها أنهم استخرجوا الاختلافات الثانية لنقطة التماس بحسب كون مركز التدوير في الأبعاد المختلفة ونقلوها إلى أجزاء يكون الاختلاف الثاني لنقطة التماس عند كون مركز التدوير في الحضيض، أعني غاية الاختلاف الثاني لنقطة التماس بتلك الأجزاء ستين دقيقة، وسمّوها دقائق الحضيض، ووضعوها بإزاء أجزاء المركز.
كما أنهم وضعوا الاختلاف الأول وغاية الاختلاف الثاني لأجزاء التدوير معا بإزاء أجزاء الخاصة المعدّلة. وقد تقرّر أنّ نسبة غاية الاختلاف الثاني لنقطة التماس إلى غاية الاختلاف الثاني لجزء مفروض كنسبة الاختلاف الثاني لنقطة التماس عند كون التدوير في بعد غير الحضيض، أعني كنسبة دقائق الحضيض إلى الاختلاف الثاني لذلك الجزء في ذلك البعد، ولمّا كان المقدّم في النسبة الأولى واحدا أعني ستين دقيقة وقسمة المضروب عليه وعدمها سواء فبقاعدة الأربعة المتناسبة إذا ضرب غاية الاختلاف الثاني للجزء المفروض في دقائق الحضيض وهما معلومان من الجدول، ويكون الــحاصل الاختلاف الثاني لذلك الجزء بحسب البعد المفروض، فيحصل بهذا العمل الاختلافات الثانية لأجزاء التدوير بحسب كونها في الأبعاد المختلفة من غير أن يحتاج إلى وضع جميعها في الجدول.
فائدة:
قد فسّر صاحب التذكرة وشارحوها الاختلاف الأول والثاني بالزاوية الــحاصلــة عند مركز العالم لا بالقوس، والأمر في ذلك سهل، فإنّ الزوايا إنما تتقدر بالقسي الموترة لها فيجوز أن يفسّر الاختلاف الأول بقوس بين الوسط والتقويم وأن يفسر بزاوية حادثة على مركز العالم بين خطّين الخ، فإنّ المآل واحد كما لا يخفى.
فائدة:
هذا الاختلاف هو الاختلاف الأول بعينه في الحقيقة سواء كان مركز التدوير في البعد الأبعد أو لم يكن، إلّا أنهم لما أرادوا وضع التعديل في الجدول فرضوا مركز التدوير في بعد معيّن واستخرجوا مقادير زوايا التعديل بحسب ذلك البعد ووضعوها في جدول واستخرجوا أيضا تفاوت التعديلات بحسب وقوع مركز التدوير في أبعاد اخر بقاعدة مذكورة سابقا، ويجمعون هذا التفاوت مع التعديل المذكور أو ينقصونه منه ليحصل التعديل بحسب ما هو الواقع في البعد المفروض، ففرض بطليموس ومن تابعه مركز التدوير القمري ثابتا في الأوج وسمّوا تلك الزوايا عند كونه في الأوج بالاختلاف الأول، والزيادات عليها في سائر المنازل بالاختلافات الثانية. وبعض أصحاب الزيجات فرض مركز تدويره ثابتا في الحضيض واستخرج مقادير الزوايا ويسمّى النقصانات عنها في سائر المنازل بالاختلافات الثانية. وبعضهم فرضه ثابتا في البعد الأوسط ويسمّى الزيادات في النصف الحضيضي والنقصانات في النصف الأوجي بالاختلافات الثانية، ولا مشاحة في الاصطلاحات. والغرض من جميع ذلك تسهيل الأمر على أهل العمل، وإلّا فالاختلاف بحسب الواقع واحد، والأليق بعلم الهيئة إنما هو ذكر هذا الاختلاف. وأمّا تشقيصه إلى الاختلاف الأول والثاني فلائق بكتب العمل أي الزيجات كما لا يخفى، لكن جميع أهل الهيئة ذكروا هذين الاختلافين. هكذا ذكر العلي البرجندي في شرح التذكرة وحاشية الچغميني.
ومنها التعديل الثالث ويسمّى بالاختلاف الثالث أيضا. وأهل العمل يسمّونه بالتعديل الأول سواء كان في القمر أو في غيره لتقدمه على الأولين بحسب العمل، كذا في شرح، التذكرة. وهو يطلق على معنيين: أحدهما تعديل المركز لتعديله به، والثاني تعديل الخاصة لتعديلها به، ويسمّى أيضا فضل ما بين الخاصتين، كذا في شرح التذكرة أيضا. فتعديل المركز هو قوس من الممثل في المتحيّرة ومن المائل في القمر محصورة بين طرف خط وسطي وخط المركز المعدّل أي المخرج من مركز العالم المارّ بمركز التدوير إلى الممثل أو المائل. وتعديل الخاصة هو قوس من منطقة التدوير بين الذروة المرئية والوسطية.
وتوضيح ذلك أنّه إذا أخرج خطان أحدهما من مركز العالم إلى مركز التدوير والآخر من مركز معدل المسير إليه، فبعد إخراجهما يحصل عند مركز التدوير أربع زوايا، اثنتان منها حادّتان متساويتان، فالتي في جانب الفوق يعتبر مقدارها من منطقة التدوير وهو قوس منها ما بين الذروتين من الجانب الأقرب وتسمّى تعديل الخاصة والتي في جانب السفل يعتبر مقدارها من منطقة الممثل، وذلك بأن يخرج من مركز العالم خط مواز للخط الخارج من مركز معدّل المسير إلى مركز التدوير ويخرجان إلى سطح الممثل، فالقوس الواقعة من الممثل بين طرفي هذين الخطين من الجانب الأقرب هي مقدار تلك الزاوية وتسمّى تعديل المركز. فإذا كان مركز التدوير في النصف الهابط كانت الزاوية الــحاصلــة عند مركز معدّل المسير من الخطين من أحدهما إلى الأوج والآخر إلى مركز التدوير أعظم من الزاوية الــحاصلــة عند مركز العالم بقدر تعديل المركز، وفي النصف الصاعد الأمر بالعكس، فلذلك ينقص عن المركز، أي عن مركز التدوير في النصف الهابط، ويزاد عليه في النصف الصاعد ليحصل المركز المعدل. ثم نقول إن تقاطع الخط المارّ بمركز التدوير مع أعلى منطقته كان أقرب إلى الأوج إن كان خارجا عن مركز العالم وأبعد عنه إن كان خارجا عن مركز معدل المسير، فإن كان مركز التدوير هابطا يزاد عليه تعديل الخاصة على الخاصة الوسطية التي هي معلومة في كل حال، لأن حركات التداوير معلومة لكونها على وتيرة واحدة، وفي النصف الآخر ينقص منها لتحصل الخاصة المعدّلة المسمّاة بالخاصة المرئية، التي بها يعلم التعديل الأول والثاني. ولمّا كان ما بين الذروتين في المتحيّرة مساويا لما بين الخط الوسطي وخط المركز المعدّل لتساوي الزاويتين الحادّتين الــحاصلــتين عند مركز التدوير من إخراج هذين الخطين كما عرفت، لم يحتج في استخراج تقويمها إلى تعديل أزيد من الثلاثة أي تعديل المركز والتعديل الأول والثاني، وكان تعديل المركز والخاصة فيها واحدا. ولمّا كان خط الوسط وخط المركز المعدل في القمر ينطبق أحدهما على الآخر أبدا لكون حركة تدوير القمر متشابهة حول مركز العالم لم يحتج في القمر إلى تعديل المركز، بل إلى تعديل الخاصة، والتعديلين الأولين. هكذا يستفاد من تصانيف عبد العلي البرجندي. وكأنه لهذا التساوي والانطباق قال صاحب التذكرة في بيان التعديل الثالث للقمر: ويسمّى هذا التعديل تعديل الخاصة. وقال في بيان التعديل الثالث للمتحيّرة: ويسمّى هذا التعديل تعديل المركز والخاصة. وقال شارحه أي العلي البرجندي إنما سمّي بتعديل المركز والخاصة لتعديلهما به.
فائدة:
حال هذا التعديل في القمر في زيادته على الخاصة الوسطية ونقصه منها كحال المتحيّرة لأنّ حركة أعلى تدوير القمر وإنّ كانت مخالفة لحركة أعالي تداوير المتحيّرة لكن مركز معدل المسير في المتحيّرة فوق مركز العالم ونقطة المحاذاة في القمر تحت مركز العالم بالنسبة إلى الأوج. ومنها تعديل النقل وهو التفاوت بين بعد موضعي القمر من منطقتي الممثل والمائل عن العقدتين ويسمّى الاختلاف الرابع أيضا. وأهل العمل يسمّونه التعديل الثالث أيضا، وذلك لأنهم سمّوا الاختلاف الثالث والأول بالتعديل الأول والتعديل الثاني فسمّوا هذا بالتعديل الثالث ويعتبر ذلك التفاوت إذا أريد تحويل موضعه أي موضع القمر من المائل إلى موضعه من الممثل، وقلّما يحتاج إلى عكسه. ولهذا أي لكون الاحتياج إلى عكسه قليلا يسمّى هذا التحويل في كتب العمل نقل القمر من المائل إلى البروج، هكذا ذكر عبد العلي البرجندي في شرح التذكرة. وقال في حاشية الچغميني توضيحه أنّ وسط القمر مأخوذ من منطقة المائل لأنّه إذا أخذ ذلك من منطقة البروج لا يكون متشابها وإن اتّحد مركزاهما لاختلاف منطقتيهما، فإذا مرّت دائرة عرض بمركز التدوير تقاطع منطقة البروج على قوائم فيحدث من قوس العرض ومن القوسين الكائنتين من المائل والممثل اللتين مبدأهما العقدة ومنتهاهما دائرة العرض المذكورة مثلّث زاوية تقاطع العرضية مع الممثل فيه قائمة، وزاوية تقاطعها مع المائل حادّة، فالقوس من المائل التي هي الوسط أعظم من القوس التي هي من الممثل، أعني التقويم، والتفاوت بينهما يسمّى تعديل النقل إذ به ينقل مقدار القوس من المائل إلى القوس من الممثل، فإن كان الوسط من الربع الأول والثالث أعني مؤخرا عن إحدى العقدتين ينقص تعديل النقل منه، وإن كان من الربعين الآخرين يزاد عليه لتحصل القوس من الممثل. وهذا التفاوت ليس شيئا واحدا دائما بل إذا صار مركز التدوير إلى بعد ثمن من العقدة تقريبا صار هذا التفاوت في الغاية، وبعد ذلك يتناقص إلى أن يبلغ مركز التدوير إلى منتصف ما بين العقدتين، وحينئذ ينعدم التفاوت. وقال في شرح التذكرة: اعلم أنه ذكر المحقّق الشريف تبعا لصاحب التحفة أنّ تعديل النقل هو القوس الواقعة من الممثل بين تقاطعي الممثل مع الدائرتين المارّتين بمركز القمر، إحداهما تمرّ بقطبي الممثل والأخرى بقطبي المائل وهو سهو. ومنها تعديل النهار وهو قوس بين مطالع جزء من أجزاء فلك البروج بخط الإستواء، وبين مطالعه بالبلد، وذلك لأنّ لأجزاء فلك البروج مطالع في خط الاستواء، وكذا لها مطالع في الآفاق المائلة وبين المطالعين تفاوت، وهذا التفاوت يسمّى تعديل النهار، وتعديل نهار نقطة الانقلاب يسمّى بتعديل النهار الكلّي.
اعلم أنّ قوس فضل مطالع الاستواء على مطالع البلد وقوس فضل مغارب البلد على مغارب الاستواء في الآفاق الشمالية متساويتان، فإذا زيدتا على نهار الإستواء حصل نهار البلد وإذا نقصتا عن نهار البلد كان الباقي نهار الاستواء، وكذا الحال في الآفاق الجنوبية، إلّا أنّ الأمر فيها على عكس ذلك في الزيادة والنقصان كما يظهر بأدنى تأمّل. فتعديل النهار في الحقيقة هو مجموع القوسين لا إحداهما التي هي قوس فضل المطالع على المطالع، لكن القوم أطلقوا تعديل النهار عليها إذ بها يعرف التعديل، وتوضيحه يطلب من شرح الملخّص للسيد السند. ومنها تعديل الأيام بلياليها وهو التفاوت بين اليوم الحقيقي واليوم الوسطي كما سيجيء في لفظ اليوم. ومنها اسم عمل مخصوص يعلم به التعديلات وغيرها المجهولة أي غير المسطورة في جداول الزيجات.

ويقول في سراج الاستخراج: إذا كانوا يريدون حصة تعديل عددي من جدول التعديل وليس موجودا في سطر العدد، فيبحثون عن عددين متواليين، بحيث يكون العدد الأول أقلّ من المطلوب والثاني أكثر. فحينئذ يأخذون التفاضل بين الحصتين في العددين المذكورين.
ثم يضربون رقم التفاضل في العدد المفروض ثم يقسمون الــحاصل على التفاضل بين كلا العددين، وما يبقى خارج القسمة يضيفونه إلى حصة العدد الأقل حتى يحصلوا على المطلوب.
وهذا العمل يسمّونه التعديل.
وإذا كانت الحصّة معلومة والعدد مجهولا فتطلب حصتين متواليتين إحداهما من عدد معلوم أقلّ والثانية من عدد معلوم أكثر. ثم التفاضل ما بين كلا العددين نضربه بالتفاضل بين الحصّة المقدّمة والحصّة المعلومة. ونقسم الــحاصل على التفاضل الموضوع بين كلا الحصتين. ونضيف الخارج على العدد الأقلّ حتى يصير العدد المجهول معلوما، وهذا العمل يقال له التقويس، ذلك لأنه بهذا العمل قوس تلك الحصة يصير معلوما، وهذا الأسلوب في استخراج الطوالع من المطالع ناجح. وقريب من هذا العمل عمل التعديل الذي يعملونه من الأسطرلاب. ومبنى كلا العملين على الأربعة المتناسبة، وتحقيق هذا العمل يجب أن يكون معلوما من باب (العشرين بابا) وشرحه.

الصّدق

الصّدق:
[في الانكليزية] Truth ،correctness
[ في الفرنسية] Verite ،justesse
بالكسر وسكون الدال هو ضدّ الكذب وقد سبق في لفظ الحق، وهو مشترك بين صدق المتكلّم وصدق الخبر، ولا يجري في المركّبات الغير الخبرية من التقييدية والإنشائية. فصدق المتكلّم مطابقة خبره للواقع وكذبه عدمها.
وصدق الخبر مطابقة الخبر للواقع وكذبه عدمها والمشهور أنّ وصف الخبر بالمطابقة للواقع وصف له بحال متعلّقه، فإنّ المطابق للواقع أي النسبة الخارجية التي هي حالة بين الطرفين مع قطع النظر عن تعلّقهما الأمر الذهني المتعلق بالخبر، فمطابقة ذلك الأمر الذهني للواقع بأن يكونا ثبوتيين أو سلبيين صدق وعدمها كذب. والمحقق التفتازاني ذهب إلى أنّ المطابق له هو النسبة المعقولة التي هي جزء مدلول الخبر، أعني الوقوع واللاوقوع من حيث إنّها معقولة. فاثنينية المطابق والمطابق بالاعتبار حيث قال: بيان ذلك أنّ الكلام الذي دلّ على وقوع نسبة بين شيئين إمّا بالثبوت بأنّ هذا ذاك أو بالنفي بأنّ هذا ليس ذاك. فمع النظر عمّا في الذهن من النسبة لا بدّ أن يكون [بينهما نسبة ثبوتية أو سلبية لأنّه إمّا أن يكون] هذا ذاك، أو لم يكن، فمطابقة هذه النسبة الــحاصلــة في الذهن المفهوم من الكلام لتلك النسبة الواقعة الخارجية بأن تكونا ثبوتيتين أو سلبيتين صدق وعدمها كذب. وهذا معنى مطابقة الكلام للواقع والخارج وما في نفس الأمر. فإذا قلت أبيع وأردت به الإخبار الحالي فلا بدّ من وقوع بيع خارج حاصل بغير هذا اللفظ تقصد مطابقته لذلك الخارج، بخلاف بعت الإنشائي فإنّه لا خارج له تقصد مطابقته بل البيع يحصل في الحال بهذا اللفظ، وهذا اللفظ موجد له. ولا يقدح في ذلك أنّ النسبة من الأمور الاعتبارية دون الخارجية للفرق الظاهر بين قولنا القيام حاصل لزيد في الخارج وحصول القيام له أمر متحقّق موجود في الخارج فإنّا لو قطعنا النظر عن إدراك الذّهن وحكمه فالقيام حاصل له.
وهذا معنى وجود النسبة الخارجية انتهى.
وقال السيّد السند إنّ المطابق للواقع هو الإيجاب والسلب، ومطابقتهما للواقع أي الأمر الخارجي هو التوافق في الكيف بأن يكونا ثبوتيين أو سلبيين، ولكلّ وجهة هو مولّيها.
وهذا الذي ذكر من تفسير الصدق والكذب مذهب الجمهور. هذا كله خلاصة ما في الأطول.
والصدق والحقّ يتشاركان في المورد ويتفارقان بحسب الاعتبار، فإنّ المطابقة بين الشيئين تقتضي نسبة كل واحد منهما إلى الآخر بالمطابقة لأنّ المفاعلة تكون من الطرفين، فإذا طابقا فإن نسبنا الواقع إلى الاعتقاد كان الواقع مطابقا بالكسر والاعتقاد مطابقا بالفتح فتسمّى هذه المطابقة القائمة بالاعتقاد حقّا، وإن عكسنا النسبة كان الأمر بالعكس فتسمّى هذه المطابقة القائمة بالاعتبار صدقا. وإنما اعتبر هكذا لأنّ الحقّ والصدق حال القول والاعتقاد دون حال الواقع. والصدق في القول هو مجانبة الكذب. وفي الفعل الإتيان به وترك الانصراف عنه قبل تمامه. وفي النيّة العزم والجزم والإقامة عليه حتى يبلغ الفعل، هكذا في كليات أبي البقاء. وقال النّظّام ومن تابعه: صدق الخبر مطابقته لاعتقاد المخبر ولو خطاء أي ولو كان ذلك الاعتقاد غير مطابق للواقع، والكذب عدمها أي عدم مطابقته لاعتقاد المخبر ولو خطاء، وصدق المتكلّم مطابقة خبره للاعتقاد وكذبه عدمها. والمراد بالاعتقاد معناه الغير المشهور وهو التصديق الشامل للظّنّ والعلم وغيرهما، إذ لو حمل على المشهور وهو الجزم القابل للتشكيك لخرج مطابقة الخبر لعلم المخبر عن حدّ الصدق، ولدخل في حدّ الكذب. فقول القائل السماء تحتنا معتقدا ذلك صدق، وقولنا السماء فوقنا غير معتقد كذب. والخبر [المعلوم] المعتقد والمظنون صادق والموهوم والمشكوك كاذبان فإنّهما لا يطابقان اعتقاد المخبر لانتفائه. وليس لك أن تقول المراد عدم مطابقة الاعتقاد مع وجوده ولا اعتقاد له في المشكوك لأنّه ينافي ما هو مذهب النّظّام من انحصار الخبر في الصادق والكاذب، ولا أن تقول الخبر المشكوك ليس بخبر لأنّه لا تصديق له بل لمدلوله لأنّا نقول الدلالة على الحكم كاف في كون الكلام خبرا. فالخبر ما يدلّ على التصديق سواء تخلّف المدلول أو لا، ولولا ذلك لم يوجد خبر كاذب على هذا المذهب لأنّ الخبر الكاذب ما خالف مدلوله اعتقاد المخبر فلا اعتقاد للمخبر بخبره ولا تصديق به فلا يكون كاذبا، لأنّه مختصّ بالخبر. واحتج النّظّام بقوله تعالى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ كذّبهم في قولهم إنّك لرسول الله مع مطابقته للخارج لأنّه لم يطابق اعتقادهم.
والجواب أنّ المعنى لكاذبون في الشهادة.
وقال الجاحظ صدق الخبر مطابقته للواقع مع الاعتقاد بأنّه مطابق وكذبه عدم مطابقته للواقع مع اعتقاد أنّه غير مطابق، وغيرهما ليس بصدق ولا كذب وهو المطابقة مع اعتقاد اللامطابقة أو بدون الاعتقاد، وعدم المطابقة مع اعتقاد المطابقة أو بدون الاعتقاد. فكلّ من الصدق والكذب بتفسيره أخصّ منه بتفسير الجمهور والنّظّام لأنّه اعتبر في كلّ منهما جمع الأمرين الذين اكتفوا بواحد منهما. وصدق المتكلّم مطابقة خبره للواقع والاعتقاد وكذبه عدمها. واستدلّ الجاحظ بقوله تعالى أَفْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ، فإنّ الكفّار حصروا أخبار النبي عليه السلام بالحشر والنّشر في الافتراء والأخبار حال الجنّة على سبيل منع الخلو؛ ولا شكّ أنّ المراد بالثاني غير الكذب لأنّه قسيمه، وغير الصدق لأنّهم اعتقدوا عدمه. وردّ بأنّ المعنى أم لم يفتر فعبّر عنه أي عن عدم الافتراء بالجنّة لأنّ المجنون يلزمه أن لا افتراء له لأنّ الكذب عن عمد ولا عمد للمجنون، فيكون هذا حصرا للخبر الكاذب في نوعيه أعني الكذب عن عمد والكذب لا عن عمد.
فائدة:
اعلم أنّ المشهور فيما بين القوم أنّ احتمال الصدق والكذب من خواص الخبر لا يجري في غيره من المركبات المشتملة على نسبة. وذكر بعضهم أنّه لا فرق بين النسبة في المركّب الأخباري وغيره إلّا بأنّه إن عبّر عنها بكلام تام يسمّى خبرا وتصديقا كقولنا: زيد انسان أو فرس، وإلّا يسمّى مركّبا تقييديا وتصوّرا كما في قولنا يا زيد الإنسان أو الفرس. وأيا ما كان فالمركّب إمّا مطابق فيكون صادقا أو غير مطابق فيكون كاذبا. فيا زيد الإنسان صادق ويا زيد الفرس كاذب ويا زيد الفاضل محتمل. وردّه المحقّق التفتازاني بما حاصلــه أنّه إن أراد هذا البعض أنّه لا فرق بينهما أصلا فليس بصحيح لوجوب علم المخاطب بالنسبة في المركّب التقييدي دون الأخباري، حتى قالوا إنّ الأوصاف قبل العلم بها أخبار كما أنّ الأخبار بعد العلم بها أوصاف. وإن أراد أنّه لا فرق بينهما بحسب احتمال الصدق والكذب فكذلك لما ذكره الشيخ من أنّ الصدق والكذب إنّما يتوجهان إلى ما قصده المتكلّم إثباته أو نفيه، والنسبة [الوصفية] ليست كذلك. ولو سلّم فإطلاق الصدق والكذب على المحرك الغير التام مخالف لما هو المعتمد في تفسير الألفاظ، أعني اللغة والعرف. وإن أراد تجديد اصطلاح فلا مشاحة فيه. قال السيّد السّند: والحقّ أن يقال إنّ النّسب الذهنية في المركّبات الخبرية تشعر من حيث هي هي بوقوع نسب أخرى خارجة عنها، فلذلك احتملت عند العقل مطابقتها ولا مطابقتها وأمّا النّسب في المركّبات التقييدية فلا إشعار لها من حيث هي هي بوقوع نسب أخرى تطابقها أو لا تطابقها، بل ربما أشعرت بذلك من حيث إنّ فيها إشارة إلى نسب خبرية. بيان ذلك أنّك إذا قلت زيد فاضل فقد اعتبرت بينهما نسبة ذهنية على وجه تشعر بذاتها بوقوع نسبة أخرى خارجة عنها وهي أنّ الفضل ثابت له في نفس الأمر، لكن تلك النسبة الذهنية لا تستلزم هذه الخارجية استلزاما عقليا. فإن كانت النسبة الخارجية المشعر بها واقعة كانت الأولى صادقة وإلّا كاذبة. وإذا لاحظ العقل تلك النّسبة الذهنية من حيث هي هي جوّز معها كلا الأمرين على السّواء، وهو معنى الاحتمال. وأمّا إذا قلت يا زيد الفاضل فقد اعتبرت بينهما نسبة ذهنية على وجه لا تشعر من حيث هي أنّ الفضل ثابت له في الواقع بل من حيث إنّ فيها إشارة إلى معنى قولك زيد فاضل، إذ المتبادر إلى الأفهام أن لا يوصف شيء إلّا بما هو ثابت له. فالنّسبة الخبرية تشعر من حيث هي بما يوصف باعتباره بالمطابقة واللامطابقة أي الصدق والكذب، فهي من حيث هي محتملة لهما. وأمّا التقييدية فإنّها تشير إلى نسبة خبرية والإنشائية تستلزم نسبا خبرية، فهما بذلك الاعتبار تحتملان الصدق والكذب. وأمّا بحسب مفهوميهما فلا. وقال صاحب الأطول التحقيق الذي يعطيه الفكر العميق والذّكاء الدقيق أنّ النسبة التي لها خارج هي التي تكون حاكية عن نسبة. فمعنى ثبوت الخارج [لها] ليس إلّا كونه محكيّا، ونسب الإنشاءات ليست حاكية بل محضرة لتطلّب وجودها أو عدمها أو معرفتها أو يتحسّر على فوتها إلى غير ذلك، وكذا نسب التقييديات ليست حاكية بل محضرة لتتعين به ذات. ومعنى مطابقتها للخارج أن يكون حكايتها على ما هو عليه فلا خارج للإنشاء هذا.
والصدق عند أهل الميزان يستعمل أيضا لمعنيين آخرين، فإنّه قد يستعمل في المفردات وما في حكمها من المركّبات التقييدية، ومعناه حينئذ الحمل، ويستعمل بعلى فيقال الكاتب صادق على الإنسان أي محمول عليه. وقد يستعمل في القضايا ومعناه حينئذ الوجود والتحقّق في الواقع، ويستعمل بفي فيقال هذه القضية صادقة في نفس الأمر أي متحقّقة فيها، حتى إذا قيل كلّما صدق كل ج ب بالضرورة صدق كل ج ب دائما كان معناه كلّما تحقّق في نفس الأمر مضمون القضية الأولى تحقّق فيها مضمون الثانية. والفرق بين الصدق بهذا المعنى وبين الصدق بمعنى مطابقة حكم القضية للواقع كما هو مآل المعنى الأول يظهر في القضية التي تتحقّق نسبتها في الاستقبال، فإنّ هذه القضية صادقة في الحال بمعنى مطابقة حكمها وليست بصادقة بمعنى عدم تحقّق نسبتها، إذ لم تتحقّق النسبة بعد، بل سوف تتحقّق. هكذا يستفاد ممّا حقّقه السيّد السّند في حواشي شرح المطالع.
وعند أهل السلوك هو استواء السّرّ والعلانية وذلك بالاستقامة مع الله تعالى ظاهرا وباطنا سرّا وعلانية، وتلك الاستقامة بأن لا يخطر بباله إلّا الله. فمن اتّصف بهذا الوصف أي استوى عنده الجهر والسّر وترك ملاحظة الخلق بدوام مشاهدة الحقّ يسمّى صديقا، كذا في مجمع السلوك. وقيل الصدق قول الحقّ في مواطن الهلاك. وقيل أن تصدق في موضع لا ينجّيك منه إلّا الكذب. قال القشيري: الصدق أن لا يكون في أحوالك شيب ولا في اعتقادك ريب ولا في أعمالك عيب، كذا في الجرجاني.

المحاذاة

المحاذاة:
[في الانكليزية] Equivalence ،equality
[ في الفرنسية] Equivalence ،egalite
عند المتكلّمين والحكماء الاتحاد في الوضع كشخصين تساويا في الوضع بالقياس إلى ثالث وتسمّى موازاة أيضا، وهو من أقسام الوحدة على ما في شرح المواقف. وعند المحاسبين يطلق على طريق من طرق الضرب، وهو ان ترسم المضروب ثم ترسم المضروب فيه تحته، بحيث يكون أوّله محاذيا لآخر المضروب، ثم تضرب آخر المضروب في واحد واحد من مفردات المضروب فيه، فتضربه أوّلا في آحاد المضروب فيه وتضع الــحاصل فوقهما وتزيد لكلّ عشرة واحدا على حاصل ضربه، فيما يساره ثم تضع آحاد الــحاصل الضرب الثاني على يسار ما وضع أوّلا، وتفعل بالعشرة ما عرفت، وهكذا، ثم تمحو آخر المضروب وتنقل المضروب فيه إلى اليمين بمرتبة إن لم يكن ما قبل آخر المضروب صفرا، وإلّا فتنقل بمرتبتين أو بمراتب إن كان ما قبل آخر المضروب صفرا أو أصفارا، ثم تضرب آخر المضروب الذي صار محاذيا لأوّل المضروب فيه في كلّ واحد من مفردات المضروب فيه، وتضع الــحاصل فوقهما كما مرّ، وهكذا إلى أن يصير المضروب والمضروب فيه محاذيين. مثاله المضروب هذا العدد 707 والمضروب فيه هذا 12 فالــحاصل هذا 84 84 وصورة العمل هكذا 8484/ 707 1212
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.