من (ح ر س) من يحفظ الشيء ويقوم عليه، ومن يعيش عرسا أي دهرا.
من (ح ر س) من يحفظ الشيء ويقوم عليه، ومن يعيش عرسا أي دهرا.
حرس: حَرَسَ الشيء يَحْرُسُه ويَحْرِسُه حَرْساً: حفظه؛ وهم الحُرَّاسُ
والحَرَسُ والأَحْراسُ. واحْتَرس منه: تَحَرَّزَ. وتَحَرَّسْتُ من فلان
واحْتَرَسْتُ منه بمعنى أَي تحفظت منه. وفي المثل: مُحْتَرِسٌ من مثله وهو
حارِسٌ؛ يقال ذلك للرجل الذي يُؤْتَمَنُ على حفظ شيء لا يؤمن أَن يخون
فيه. قال الأَزهري: الفعل اللازم يَحْتَرِسُ كأَنه يحترز، قال: ويقال
حارسٌ وحَرَسٌ للجميع كما يقال خادِمٌ وخَدَمٌ وعاسٌّ وعَسَسٌ. والحَرَسُ:
حَرَسُ السلطان، وهم الحُرَّاسُ، الواحد حَرَسِيٌّ، لأَنه قد صار اسم جنس
فنسب إِليه، ولا تقل حارِسٌ إِلا أَن تذهب به إِلى معنى الحِراسَة دون
الجنس. وفي حديث معاوية، رضي اللَّه عنه: أَنه تناول قُصَّة شعر كانت في يد
حَرَسِيٍّ؛ الحرسي، بفتح الراءِ: واحد الحُرَّاس. والحَرَس وهم خَدَمُ
السلطان المرتبون لحفظه وحِراسَتِه.
والبناء الأَحْرَسُ: هو القديم العادِيُّ الذي أَتى عليه الحَرْس، وهو
الدهر. قال ابن سيده: وبناء أَحْرَسُ أَصم.
وحَرَسَ الإِبل والغنم يَحْرُِسها واحْتَرَسَها: سرقها ليلاً فأَكلها،
وهي الحَرائِس. وفي الحديث: أَن غِلْمَةً لحاطب بن أَبي بَلْتَعَةَ
احْتَرَسُوا ناقة لرجل فانتحروها. وقال شمر: الاحْتِراسُ أَن يؤْخذ الشيء من
المرعى، ويقال للذي يسرق الغنم: مُحْتَرِس، ويقال للشاة التي تُسْرَق:
حَرِيسَة. الجوهري: الحَريسَة الشاة تسرق ليلاً. والحَريسة: السرقة.
والحَريسَة أَيضاً: ما احْتُرِس منها. وفي الحديث: حَريسَة الجبل ليس فيها قَطْع؛
أَي ليس فيما يُحْرَس بالجبل إِذا سُرِق قطع لأَنه ليس بحرز.
والحَريسَة، فعيلة بمعنى مفعولة أَي أَن لها من يَحْرُسها ويحفظها، ومنهم من يجعل
الحَريسَة السرقة نفسها. يقال: حَرَس يَحْرِس حَرْساً إِذا سرق، فهو حارس
ومُحْتَرِس، أَي ليس فيما يُسْرَق من الجبل قطع. وفي الحديث الآخر: أَنه
سئل عن حريسة الجبل فقال: فيها غُرْم مثلها وجَلَداتٌ نكالاً فإِذا آواها
المُراح ففيها القطع. ويقال للشاة التي يدركها الليل قبل أَن تصل إِلى
مُراحِها: حَرِيسة. وفي حديث أَبي هريرة: ثمن الحَريسَة حرام لعينها أَي
أَكل المسروقة وبيعها وأَخذ ثمنها حرام كله. وفلان يأْكل الحِراساتِ إِذا
تَسَرَّق غَنَمَ الناس فأَكلها. والاحتراس أَن يُسْرَق الشيء من المرعى.
والحَرْسُ: وقت من الجهر دون الحُقْب.
والحَرْسُ: الدهر؛ قال الراجز:
في نِعْمَةٍ عِشْنا بذاك حَرْسا
والجمع أَحْرُس؛ قال:
وقَفْتُ بعَرَّافٍ على غيرِ مَوْقِف،
على رَسْمِ دارٍ قد عَفَتْ مُنذُ أَحْرُسِ
وقال امرؤ القيس:
لِمَنْ طَلَلٌ دائِرٌ آيُهُ،
تَقادَمَ في سالِف الأَحْرُسِ؟
والمُسْنَدُ: الدهر. وأَحْرَسَ بالمكان: أَقام به حَرْساً؛ قال رؤبة:
وإِرَمٌ أَحْرَسُ فوقَ عَنْزِ
العَنْز: الأَكَمَة الصغيرة. والإِرَمُ: شبه عَلَمٍ يُبْنى فوق القارَة
يستدل به على الطريق. قال الأَزهري: والعَنْزُ قارة سوداء، ويروى:
وإِرَمٌ أَعْيَسُ فوق عنز
والمِحْراسُ: سهم عظيم القدر. والحَرُوسُ: موضع. والحَرْسانِ:
الجَبَلانِ يقال لأَحدهما حَرْسُ قَسا؛ وقال:
هُمُ ضَرَبُوا عن قَرْحِها بِكَتِيبَةٍ،
كبَيْضاءِ حَرْسٍ في طَرائِفِها الرَّجْلُ
(* قوله «عن قرحها» الذي في ياقوت: عن وجهها.)
البيضاء: هَضْبَةٌ في الجَبَلِ.
رقب: في أَسماءِ اللّه تعالى: الرَّقِـيبُ: وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ؛ فَعِـيلٌ بمعنى فاعل.
وفي الحديث: ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم. وفي
الحديث: ما مِن نَبـيٍّ إِلاَّ أُعْطِـيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه. والرَّقيبُ: الـحَفِـيظُ.
ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً، بالكسر فيهما، ورُقُوباً، وترَقَّبَه، وارْتَقَبَه: انْتَظَرَه ورَصَدَه.
والتَّرَقُّبُ: الانتظار، وكذلك الارْتِقابُ. وقوله تعالى: ولم تَرْقُبْ
قَوْلي؛ معناه لم تَنتَظِرْ قولي. والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ.
ورَقِـيبُ الجَيْشِ: طَلِـيعَتُهم. ورَقِـيبُ الرجُلِ: خَلَفُه من ولدِه
أَو عَشِـيرتِه. والرَّقِـيبُ: الـمُنْتَظِرُ. وارْتَقَبَ: أَشْرَفَ وعَلا.
والـمَرْقَبُ والـمَرْقَبةُ: الموضعُ الـمُشْرِفُ، يَرْتَفِعُ عليه الرَّقِـيبُ، وما أَوْفَيْتَ عليه من عَلَمٍ أَو رابِـيةٍ لتَنْظُر من بُعْدٍ.وارْتَقَبَ المكانُ: عَلا وأَشْرَف؛ قال:
بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه
أَي أَشْرَفَتْ؛ الجِدُّ هنا: الجَدَدُ من الأَرض.
شمر: الـمَرْقَبة هي الـمَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ، وجَمْعه
مَراقِبُ. وقال أَبو عمرو: الـمَراقِبُ: ما ارتَفَعَ من الأَرض؛ وأَنشد:
ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ، أَشْرَفْتُ رأْسَها، * أُقَلِّبُ طَرْفي في فَضاءِ عَريضِ
ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه، وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً: حَرَسَه، حكاه
ابن الأَعرابي، وأَنشد:
يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الـحُوتِ
يَصِفُ رَفِـيقاً له، يقول: يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً على الرَّحِـيلِ كحِرْصِ الـحُوتِ على الماءِ؛ ينظر النَّجْمَ حِرْصاً على طُلوعِه،
حتى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ.
والرِّقْبةُ: التَّحَفُّظُ والفَرَقُ.
ورَقِـيبُ القومِ: حارِسُــهم، وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبةٍ
ليَحْرُسَهم. والرَّقِـيبُ: الــحارِسُ الحافِظُ. والرَّقَّابةُ: الرجُل الوَغْدُ،
الذي يَرْقُب للقوم رَحْلَهم، إِذا غابُوا. والرَّقِـيبُ: الـمُوَكَّل
بالضَّريبِ. ورَقِـيبُ القِداحِ: الأَمِـينُ على الضَّريبِ؛ وقيل: هو
أَمِـينُ أَصحابِ الـمَيْسِرِ؛ قال كعب بن زهير:
لها خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ، * مكانَ الرَّقِـيبِ من الياسِرِينا
وقيل: هو الرجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الـحُرْضَة في الـمَيْسِرِ،
ومعناه كلِّه سواءٌ، والجمعُ رُقَباءُ. التهذيب، ويقال: الرَّقِـيبُ اسمُ
السَّهْمِ الثالِثِ من قِدَاحِ الـمَيْسِرِ؛ وأَنشد:
كَـمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ للضُّـ * ـرَباءِ، أَيْديهِمْ نَواهِدْ
قال اللحياني: وفيه ثلاثةُ فُروضٍ، وله غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِـباء إِن
فَازَ، وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِـباءَ إِن لم يَفُزْ. وفي حديث حَفْرِ
زَمْزَم: فغارَ سَهْمُ اللّهِ ذي الرَّقِـيبِ؛ الرَّقِـيبُ: الثالِثُ من
سِهام الميسر. والرَّقِـيبُ: النَّجْمُ الذي في الـمَشْرِق، يُراقِبُ
الغارِبَ. ومنازِلُ القمرِ، كل واحدٍ منها رَقِـيبٌ لِصاحِـبِه، كُـلَّما
طَلَع منها واحِدٌ سقَطَ آخر، مثل الثُّرَيَّا، رَقِـيبُها الإِكلِـيلُ إِذا
طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غَابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا. ورَقِـيبُ النَّجْمِ: الذي يَغِـيبُ بِطُلُوعِه، مثل الثُّرَيَّا رَقِـيبُها الإِكليلُ؛ وأَنشد الفراء:
أَحَقّاً، عبادَ اللّهِ، أَنْ لَسْتُ لاقِـياً * بُثَيْنَةَ، أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِـيبُها؟
وقال المنذري: سمعت أَبا الهيثم يقول: الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ.
ويقال: إِنَّ رَقِـيبَ الثُرَيَّا من الأَنْواءِ الإِكليلُ، لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حتى تَغِـيبَ؛ كما أَنَّ الغَفْرَ رَقِـيبُ الشَّرَطَيْنِ، لا يَطْلُع الغَفْرُ
حتى يَغِـيبَ الشَّرَطانِ؛ وكما أَن الزُّبانيَيْن رَقِـيبُ البُطَيْنِ، لا يَطْلُع أَحدُهما إلا بِسُقُوطِ صاحِـبِه وغَيْبُوبَتِه، فلا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه؛ وكذلك الشَّوْلَةُ رَقِـيبُ الـهَقْعَةِ، والنَّعائِمُ رَقِـيبُ الـهَنْعَةِ، والبَلْدَة رَقِـيبُ الذِّرَاعِ. وإِنما قيلَ للعَيُّوق: رَقِـيبُ الثُّرَيَّا، تَشْبِـيهاً برَقِـيبِ الـمَيْسِرِ؛ ولذلك قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَد رابـئِ الضُّـ * ـرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لا يَتَتَلَّع
النَّجْمُ ههنا: الثُّرَيَّا، اسمٌ عَلَم غالِبٌ. والرَّقِـيب: نَجْمٌ من نُجومِ الـمَطَرِ، يُراقبُ نَجْماً آخَر.
وراقبَ اللّهَ تعالى في أَمرِهِ أَي خافَه.
وابنُ الرَّقِـيبِ: فَرَسُ الزِّبْرقانِ بن بَدْرٍ، كأَنه كان يُراقِبُ
الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه.
والرُّقْبى: أَن يُعْطِـيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ داراً أَو أَرْضاً، فأَيـُّهما ماتَ، رَجَعَ ذلك المالُ إِلى وَرَثَتِهِ؛ وهي من الـمُراقَبَة، سُمِّيَتْ بذلك لأَن كلَّ واحدٍ منهما يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه. وقيل: الرُّقْبَـى: أَن تَجْعَلَ الـمَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه، فإِن ماتَ، سكَنه فلانٌ، فكلُّ واحدٍ منهما يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه.
وقد أَرْقَبه الرُّقْبَـى، وقال اللحياني: أَرْقَبَه الدارَ: جَعَلَها لَه رُقْبَـى، ولِعَقبِه بعده بمنزلةِ الوقفِ. وفي الصحاح: أَرْقَبْتُه داراً أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فكانت للباقي مِنْكُما؛ وقُلْتَ: إِن مُتُّ قَبْلَك، فهي لك، وإِن مُتَّ قَبْلِـي، فهي لِـي؛ والاسمُ الرُّقْبى. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم، في العُمْرَى والرُّقْبَـى: انها لمن أُعْمِرَها، ولمن أُرْقِـبَها، ولوَرَثَتِهِما من بعدِهِما. قال أَبو عبيد: حدثني ابنُ عُلَيَّة، عن حَجَّاج، أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عن الرُّقْبَـى، فقال: هو أَن يقول الرجل للرجل، وقد وَهَبَ له داراً: إِنْ مُتَّ قَبْلِـي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك. قال أَبو عبيد: وأَصلُ الرُّقْبَـى من الـمُراقَبَة، كأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما، إِنما يَرْقُبُ موت صاحِـبِه؛ أَلا ترى أَنه يقول: إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فهي لك؟ فهذا يُنْبِـئك عن الـمُراقَبة. قال: والذي كانوا يُريدون من هذا أَن يكون الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل على صاحِـبِه بالشيءِ، فَيَسْتَمْتِـعَ به ما دامَ حَيّاً، فإِذا ماتَ الموهوبُ له، لم يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ منه شيءٌ، فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِـيِّ، صلى اللّه عليه وسلّم، بنَقْضِ ذلك، أَنه مَنْ مَلَك شيئاً حَيَاتَه، فهُو لوَرَثَتِهِ من
بَعْدِه. قال ابن الأَثير: وهي فُعْلى من الـمُراقَبَةِ. والفُقهاءُ فيها مُختَلِفون: منهم مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِـيكاً، ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة؛ قال: وجاء في هذا الباب آثارٌ كثيرةٌ، وهي أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِـبَةً، واشترط فيها شرطاً أَنَّ الـهِبَة جائزةٌ، وأَنَّ الشرط باطِلٌ.
ويقال: أَرْقَبْتُ فلاناً داراً، وأَعْمَرْتُه داراً إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بهذا الشرط، فهو مُرْقَب، وأَنا مُرْقِبٌ.
ويقال: وَرِثَ فلانٌ مالاً عن رِقْبَةٍ أَي عن كلالةٍ، لم يَرِثْهُ عن
آبائِه؛ وَوَرِثَ مَجْداً عن رِقْبَةٍ إِذا لم يكن آباؤُهُ أَمْجاداً؛ قال
الكميت:
كان السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً، * تلك الـمَكارِمُ لم يُورَثْنَ عن رِقَبِ
أَي وَرِثَها عن دُنًى فدُنًى من آبائِهِ، ولم يَرِثْهَا من وراءُ وَراءُ.
والـمُراقَبَة، في عَرُوضِ الـمُضارِعِ والـمُقْتَضَبِ، أَن يكون
الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِـيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ؛ سمي بذلك لأَن آخرَ السَّببِ
الذي في آخِرِ الجزءِ، وهو النُّونُ من مَفاعِـيلُن، لا يثبت مع آخِر
السَّببِ الذي قَبْلَه، وهو الياءُ في مَفاعِـيلُن، وليست بمعاقَبَةٍ، لأَنَّ
الـمُراقَبَة لا يَثْبُت فيها الجزآن الـمُتراقِـبانِ، وإِنما هو من
الـمُراقَبَة الـمُتَقَدّمة الذِّكْر، والـمُعاقَبة يَجْتمعُ فيها الـمُتعاقِـبانِ.
التهذيب، الليث: الـمُراقَبَة في آخِرِ الشِّعْرِ عند التَّجْزِئَة بين
حَرْفَيْنِ، وهو أَن يَسْقُط أَحدهما، ويَثْبُتَ الآخَرُ، ولا يَسْقُطانِ
مَعاً، ولا يَثْبُتان جَمِـيعاً، وهو في مَفَاعِيلُن التي للـمُضارع لا يجوز أَن يتمَّ، إِنما هو مَفاعِـيلُ أَو مَفاعِلُنْ.
والرَّقِـيبُ: ضَرْبٌ من الـحَيَّاتِ، كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ؛ وفي
التهذيب: ضَرْبٌ من الـحَيَّاتِ خَبيث، والجمعُ رُقُبٌ ورقِـيباتٌ.
والرَّقِـيب والرَّقُوبُ مِنَ النِّساءِ: التي تُراقِبُ بَعْلَها لِـيَمُوت، فَتَرِثَه.
والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل: التي لا تَدْنُو إِلى الحوضِ من الزِّحامِ،
وذلك لكَرَمِها، سُميت بذلك، لأَنها تَرْقبُ الإِبِلَ، فإِذا فَرَغْنَ مِنْ
شُرْبِهنّ، شَربَت هي. والرَّقُوبُ من الإِبل والنِّساءِ: التي لا
يَبْقَى لها وَلَدٌ؛ قال عبيد:
لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ
وقيل: هي التي ماتَ وَلَدُها، وكذلك الرجُل؛ قال الشاعر:
فلم يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمـِّنا، * ولا كَأَبِـينا عاشَ، وهو رَقُوبُ
وفي الحديث أَنه قال: ما تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكم؟ قالوا: الذي لا
يَبْقى لَه وَلَد؛ قال: بل الرَّقُوبُ الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِهِ شيئاً.
قال أَبو عبيد: وكذلك معناه في كلامِهِم، إِنما هو عَلى فَقْدِ
الأَوْلادِ؛ قال صخر الغيّ:
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ، رَقُوبٍ * بوَاحِدِها، إِذا يَغْزُو، تُضِـيفُ
قال أَبو عبيد: فكان مَذْهَبُه عندهم على مَصائِب الدنيا، فَجَعَلها رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، على فَقْدِهِم في الآخرة؛ وليس هذا بخلافِ ذلك في المعنى، ولكنه تحويلُ الموضع إِلى غيرِه، نحو حديثه الآخر: إِنَّ الـمَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه؛ وليس هذا أَن يكونَ من سُلِبَ مالَه، ليس بمحْروبٍ. قال ابن الأَثير:
الرَّقُوبُ في اللغة: الرجل والمرأَة إِذا لم يَعِشْ لهما ولد، لأَنه
يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عليه، فنَقَلَه النبيُّ، صلى اللّه عليه
وسلم، إِلى الذي لم يُقَدِّم من الولد شيئاً أَي يموتُ قبله تعريفاً،
لأَن الأَجرَ والثوابَ لمن قَدَّم شيئاً من الولد، وأَن الاعتِدادَ به
أَعظم، والنَّفْعَ به أَكثر، وأَنَّ فقدَهم، وإِن كان في الدنيا عظيماً،
فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ على الصبرِ، والتسليم للقضاءِ في الآخرة، أَعظم، وأَنَّ المسلم وَلَدُه في الحقيقة من قَدَّمه واحْتَسَبَه، ومن لم يُرزَق ذلك، فهو كالذي لا وَلدَ له؛ ولم يقله، صلى اللّه عليه وسلم، إِبطالاً لتفسيره اللغوي، إِنما هو كقولِه: إِنما الـمَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه، ليس على أَن من أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ.
والرَّقَبَةُ: العُنُقُ؛ وقيل: أَعلاها؛ وقيل: مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ، والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ، ورِقابٌ وأَرْقُبٌ، الأَخيرة على طَرْح
الزائِدِ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرِدْ بنا، في سَمَلٍ لم يَنْضُبِ * منها، عِرَضْناتٌ، عِظامُ الأَرْقُبِ
وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ، فقال:
تَظَلُّ، على الثَّمْراءِ، منها جَوارِسٌ، * مَراضيعُ، صُهْبُ الريشِ، زُغْبٌ رِقابُها
والرَّقَب: غِلَظُ الرَّقَبة، رَقِبَ رَقَباً.
وهو أَرْقَب: بَيِّنَ الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة، ورَقَبانيٌّ أَيضاً على غير قياسٍ. والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ: الغليظُ الرَّقَبَة؛ قال سيبويه: هو من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب، والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ الـمَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ.
ويقال للأَمَةِ الرَّقَبانِـيَّةِ: رَقْباءُ لا تُنْعَتُ به الـحُرَّة.
وقال ابن دريد: يقال رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً، ولا يقال للمرأَة رَقَبانِـيَّة.
والـمُرَقَّبُ: الجلدُ الذي سُلِـخَ من قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه؛ قال سيبويه: وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة، لم تُضِفْ إِليه إِلاَّ على القياسِ.
ورَقَبَه: طَرَحَ الـحَبْلَ في رَقَبَتِه.
والرَّقَبةُ: المملوك. وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً. وفَكَّ رقَبةً: أَطْلَق أَسيراً، سُمِّيت الجملة باسمِ العُضْوِ لشرفِها. التهذيب: وقوله
تعالى في آية الصدقات: والـمُؤَلَّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ؛ قال أَهل التفسير في الرقابِ إِنهم الـمُكاتَبون، ولا يُبْتَدَأُ منه مملوك فيُعْتَقَ. وفي حديث قَسْم الصَّدَقاتِ: وفي الرِّقابِ، يريدُ الـمُكاتَبين من العبيد، يُعْطَوْنَ نَصِـيباً من الزكاةِ، يَفُكون بهِ رِقابَهم، ويَدفعونه إِلى مَوالِـيهم.
الليث يقال: أَعتق اللّهُ رَقَبَتَه، ولا يقال: أَعْتَقَ اللّه عُنُقَه. وفي
الحديث: كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً. قال ابن الأَثير: وقد تكَرَّرَتِ
الأَحاديث في ذكر الرَّقَبة، وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها، وهي في الأَصل العُنُق، فجُعِلَتْ كِنايةً عن جميع ذاتِ الإِنسانِ، تَسْمية للشيءِ ببعضِه، فإِذا قال: أَعْتِقْ رَقَبةً، فكأَنه قال: أَعْتِقْ عبداً أَو أَمَة؛ ومنه قولُهم: دَيْنُه في رَقَبَتِه. وفي حديث ابنِ سِـيرين: لَنا رِقابُ الأَرضِ، أَي نَفْس الأَرضِ، يعني ما كان من أَرضِ الخَراجِ فهو للمسلمين، ليس لأَصحابهِ الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ، لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً. وفي حديث بِلالٍ: والرَّكائِب الـمُناخَة، لكَ رِقابُهُنَّ وما عليهِنَّ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ. وفي حديث الخَيْلِ: ثم لمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في رِقابِها وظُهورِها؛ أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها، وبحَقِّ ظُهورِها الـحَمْلَ عليها.
وذُو الرُّقَيْبة: أَحدُ شُعراءِ العرب، وهو لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ، لأَنه كان أَوْقَصَ، وهو الذي أَسَرَ حاجبَ بن زُرارة يَوْمَ جَبَلَة. والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ: لَقَبُ رجلٍ من فُرْسانِ العَرَب. وفي حديث
عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذي الرَّقِـيبة وهو، بفتح الراءِ وكسرِ
القافِ، جَبَل بخَيْبَر.
خفر: الخَفَرُ، بالتحريك: شِدَّةُ الحياء؛ تقول منه: خَفِرَ، بالكسر،
وخَفِرَتِ المرأَةُ خَفَراً وخَفارَةً، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، فهي
خَفِرَةٌ، على الفعل، ومُتَخَفِّرَةٌ وخَفِيرٌ من نسوة خَفائِرَ، ومِخْفارٌ
على النَّسَبِ أَو الكثرة؛ قال:
دارٌ لِجَمَّاءِ العِظامِ مِخْفار
وتَخَفَّرَتْ: اشْتَدَّ حياؤها. والتَّخْفِيرُ: التَّسْوِير. وخَفَرَ
الرجلَ وخَفَرَ به وعليه يَخْفِرُ خَفْراً: أَجاره ومنعه وأَمَّنَهُ، وكان
له خفيراً يمنعه، وكذلك تَخَفَّرَ به. وخَفَرَه: استجار به وسأَله أَن
يكون له خفيراً، وخَفَّرَه تَخْفِيراً؛ قال أَبو جُنْدبٍ الهُذَلِيُّ:
ولكِنَّنِي جَمْرُ الغَضَا، من ورائِهِ
يُخَفِّرُنِي سَيْفي، إِذا لم أُخَفَّرِ
وفلانٌ خَفِيري أَي الذي أُجيره. والخَفِيرُ: المجير، فكل واحد منهم
خفير لصاحبه، والاسم من ذلك كله الخُفْرَةُ والخَفارَةُ والخُفارَةُ، بالفتح
والضم، وقيل: الخُفْرَةُ والخُفارَةُ والخَفارَةُ والخِفارَةُ الأَمانُ،
وهو من ذلك الأَوَّل. والخُفَرَةُ أَيضاً:
(* قوله: «والخفرة أَيضاً»
لفظ أَيضاً زائد إذ الخفرة كهمزة غير ما قبله أَعني الخفرة بضم فسكون كما
في القاموس وغيره). الخَفِيرُ الذي هو المجير. الليث: خَفِيرُ القوم
مُجيرهم الذي يكونون في ضمانه ما داموا في بلاده، وهو يَخفِر القومَ خَفارَةً.
والخَفارَةُ: الذِّمَّةُ، وانتهاكها إِخْفارٌ. والخُفارة والخِفارة
والخَفارة أَيضاً: جُعْلُ الخَفِير؛ وخَفَرْتُه خَفْراً وخُفُوراً. ويقال:
أَخْفَرْته إِذا بَعَثْتَ معه خَفِيراً؛ قاله أَبو الجرّاح العقيلي، والاسم
الخُفْرَةُ، بالضم، وهي الذمة. يقال: وَفَتْ خُفْرَتُك، وكذلك الخُفارة،
بالضم، والخِفارَة، بالكسر. وأَخْفَرَه: نقض عهده وخاسَ به وغَدَره.
وأَخْفَرَ الذمة: لم يَفِ بها. وفي الحديث: من صلى الغداة فإِنه في ذمّة
الله فلا تُخْفِرُنَّ الله في ذمته؛ أَي لا تؤذوا المؤمن؛ قال زهير:
فإِنَّكُمُ، وقَوْماً أَخْفَرُوكُمْ،
لكالدِّيباجِ مالَ به العَبَاءُ
والخُفُورُ: هو الإِخْفارُ نفسُه من قبل المُخْفِر، من غير فعل، على
خَفَر يَخْفُر. شمر: خَفَرَتْ ذِمَّةُ فلان خُفُوراً إِذا لم يُوفَ بها ولم
تَتِمَّ؛ وأَخْفَرَها الرجلُ؛ وقال الشاعر:
فَواعَدنِي وأَخْلَفَ ثَمَّ ظَنِّي،
وبِئْسَ خَليقَةُ المرءِ الخُفُورُ .
وهذا من خَفَرَتْ ذِمَّتُه خُفُوراً. وخَفَرْتُ الرجلَ: أَجَرْتُه
وحَفِظْتُه. وخَفَرْتُه إِذا كنت له خَفِيراً أَي حامياً وكفيلاً.
وتَخَفَّرْتُ به إِذا استجرت به. والخِفارةُ بالكسر والضم: الذِّمام. وأَخْفَرْتُ
الرجل إِذا نقضت عهده وذمامه، والهمزة فيه للإِزالة أَي أَزلت خُِفارَته،
كأَشكيته إِذا أَزلت شكواه؛ قال ابن الأَثير: وهو المراد في الحديث. وفي
حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: من ظلم من المسلمين أَحداً فقد أَخْفَرَ
الله، وفي رواية: ذِمَّةَ الله. وفي حديث آخر: من صلى الصبح فهو في خُفْرَةِ
الله أَي في ذمته. وفي بعض الحديث: الدموع خُفَرُ العُيون؛ الخُفَرُ جمع
خُفْرَةٍ، وهي الذمة أَي أَن الدموع التي تجري خوفاً من الله تعالى
تُجِيرُ العيون من النار؛ كقوله، صلى الله عليه وسلم: عَيْنانِ لا
تَمَسُّهُما النارُ: عين بكت من خشية الله تعالى. وفي حديث لقمان بن عاد: حَيٌّ
خَفِرٌ أَي كثير الحياء والخَفَرِ. والخَفَرُ، بالفتح: الحياء؛ ومنه حديث
أُم سلمة لعائشة: غَضُّ الأَطْرافِ وخَفَرُ الأَعْراضِ أَي الحياء من كل ما
يكره لهنّ أَن ينظرن إِليه، فأَضافت الخَفَر إِلى الأَعْراضِ أَي الذي
تستعمله لأَجل الإِعراض؛ ويروى: الأَعراض، بالفتح، جمع العِرْضِ أَي أَنهن
يستحيين ويتسترن لأَجل أَعراضهن وصونها. والخَافُورُ: نبت؛ قال أَبو
حنيفة: هو نبات تجمعه النمل في بيوتها؛ قال أَبو النجم:
وأَتَت النملُ القُرَى بِعِيرِها،
من حَسَكِ التَّلْعِ، ومن خافُورِها
غفر: الغَفُورُ الغَفّارُ، جلّ ثناؤه، وهما من أَبنية المبالغة ومعناهما
الساتر لذنوب عباده المتجاوز عن خطاياهم وذنوبهم. يقال: اللهمَّ اغفر
لنا مَغْفرة وغَفْراً وغُفْراناً، وإنك أَنت الغَفُور الغَفّار يا أَهل
المَغْفِرة. وأَصل الغَفْرِ التغطية والستر. غَفَرَ الله ذنوبه أَي سترها؛
والغَفْر: الغُفْرانُ. وفي الحديث: كان إذا خرج من الخَلاء قال: غُفْرانَك
الغُفْرانُ: مصدرٌ، وهو منصوب بإضمار أَطلُبُ، وفي تخصيصه بذلك قولان
أَحدهما التوبة من تقصيره في شكر النعم التي أَنعم بها عليه بإطعامه وهضمه
وتسهيل مخرجه، فلجأَ إِلى الاستغفار من التقصير وتَرْكِ الاستغفار من ذكر
الله تعالى مدة لبثه على الخلاء،فإِنه كان لا يترك ذكر اللّه بلسانه وقلبه
إِلا عند قضاء الحاجة، فكأَنه رأَى ذلك تقصيراً فتداركه بالاستغفار.
وقد غَفَرَه يَغْفِرُه غَفراً: ستره. وكل شيء سترته، فقد غَفَرْته؛ ومنه
قيل للذي يكون تحت بيضة الحديد على الرأْس: مِغْفَرٌ. وتقول العرب:
اصْبُغْ ثوبَك بالسَّوادِ فهو أَغْفَرُ لوَسَخِه أَي أَحْمَلُ له وأَغطى له.
ومنه: غَفَرَ اللّه ذنوبه أَي سترها. وغَفَرْتُ المتاع: جعلته في الوعاء.
ابن سيده: غَفَرَ المتاعَ في الوعاء يَغْفِرُه غَفْراً وأَغْفَرَه
أَدخله وستره وأَوعاه؛ وكذلك غَفَرَ الشيبَ بالخِضاب وأَغْفَرَه؛ قال:
حتى اكْتَسَيْتُ من المَشِيب عِمامةً
غَفراءَ، أُغْفِر لَوْنُها بِخِضابِ
ويروى: أَغْفِرُ لونها. وكلُّ ثوب يغطَّى به شيء، فهو غِفارة؛ ومنه
غِفارة الزِّنُون تُغَشَّى بها الرحالُ، وجمعها غِفارات وغَفائِر. وفي حديث
عمر لمَّا حَصَّبَ المسجدَ قال: هو أَغْفَرُ للنُّخامة أَي أَسْتَرُ لها.
والغَفْرُ والمَغْفِرةُ: التغطية على ابذنوب والعفوُ عنها، وقد غَفَرَ
ذنبه يَغْفِرُه غَفْراً وغِفْرةً حَسَنة؛ عن اللحياني، وغُفْراناً
ومَغْفِرة وغُفوراً؛ الأَخيرة عن اللحياني، وغَفيراً وغَفيرةً. ومنه قول بعض
العرب: اسلُك الغفيرة، والناقةَ الغَزيرة، والعزَّ في العَشيرة، فإِنها عليك
يَسيرة. واغْتَفَر ذنبَه مثله، فهو غَفُور، والجمع غُفُرٌ؛ فأَما قوله:
غَفَرْنا وكانت من سَجِيّتِنا الغَفْرُ
فإِنما أَنَث الغَفْرَ لأَنه في معنى المَغْفِرة. واسْتَغْفَرَ اللَّه
من ذنبه ولذنبه بمعنى، فغَفَرَ له ذنبه مَغْفِرةً وغَفُراً وغُفْراناً.
وفي الحديث: غِفارُ غَفَرَ اللَّه لها؛ قال ابن الأَثير: يحتمل أَن يكون
دعاءً لها بالمَغْفِرة أَو إِخباراً أَن اللَّه تعالى قد غَفَرَ لها. وفي
حديث عَمْرو بن دينار: قلت لعروة: كم لَبِثَ رسولُ اللَّه ، صلى اللَّه
عليه وسلم بمكة؟ قال: عَشْراً، قلت: فابنُ عباس يقول بِضْعَ عَشْرة؟ قال:
فغَفَره أَي قال غَفَر اللَّه له. واسْتَغْفَر اللَّه ذنبَه، على حذف
الحرف: طلب منه غَفْرَه؛ أَنشد سيبويه:
أَسْتَغْفَرُ اللهَ ذنباً لَسْتُ مُحْصِيَه،
ربّ العباد إليه القولُ والعملُ
وتَغافَرَا: دَعا كلُّ واحد منهما لصاحبه بالمَغْفِرة؛ وامرأَة غَفُور،
بغير هاء. أَبو حاتم في قوله تعالى: لِيَغعُثرَ ليَغْفِرَ اللهُ لك ما
تَقَدَّمَ من ذَنْبِكَ وما تأَخَّر؛ المعنى لَيَغْفِرَنَّ لك اللهُ، فلما حذف
النون كسر اللام وأَعْملها إِعمال لامِ كي، قال: وليس المعنى فتحنا لك
لكي يغفر اللهُ لك، وأَنْكَر الفتح سبباً للمغفرة، وأَنكر أَحمد بن يحيى هذا
القول وقال: هي لام كي، قال: ومعناه لكي يجتَمِع لك مع المغفرة تمامُ
النعمة في الفتح، فلما انضم إِلى المغفرة شيء حادث حَسُنَ فيه معنى كي؛
وكذلك قوله عز وجل: لِيَجْزِيَهم اللَّه أَحْسَنَ ما كانوا يَعْمَلون.
والغُفْرةُ: ما يغطَّى به الشيء. وغَفَرَ الأَمْرَ بِغُفْرته وغَفيرتِه:
أَصلحه بما ينبغي أَن يَصْلَح به. يقال: اغْفِروا هذا الأَمرَ
بِغُفْرتِه وغَفيرتِه أَي أَصْلحوه بما ينبغي أَن يُصْلَح. وما عندهم عَذيرةٌ ولا
غَفِيرة أَي لا يَعْذِرون ولا يَغفِرون ذنباً لأَحد؛ قال صخر الغَيّ،
وكان خرج هو وجماعة مت أَصحابهإلى بعض متوجّهاتهم فصادفوا في طريقهم بني
المصطلق، فهرب أَصحابه فصاح بهم وهو يقول:
يا قوم لَيْسَت فيهمُ غَفِيرهْ،
فامْشُوا كما تَمْشي جِمالُ الحِيرهْ
يقول: لا يغفرون ذنب أَحد منكم إِن ظفروا به، فامشوا كما تمشي جمالُ
الحيرة أَي تَثاقَلوا في سيركم ولا تُخِفّوه، وخصّ جمالَ الحيرة لأَنها كانت
تحمل الأَثقال، أَي مانِعوا عن أَنفسكم ولا تَهْرُبوا.
والمِغْفرُ والمِغْفرةُ والغِفارةُ: زَرَدٌ ينسج من الدروع على قدر
الرأْس يلبس تحت القلنسوة، وقيل: هورَفْرَفُ البيضة، وقيل: هو حَلقٌ
يَتَقَنَّعُ به المُتَسَلِّح. قال ابن شميل: المِغْفَرُ حِلَقٌ يجعلُها الرجل
أَسفلَ البيضة تُسْبَغ على العنُق فتَقِيه، قال: وربما كان المِغْفَرُ مثلَ
القلنسوة غير أَنها أَوسع يُلْقِيها الرجل على رأْسه فتبلغ الدرع، ثم
يَلْبَس البيضة فوقها، فذلك المِغْفرُ يُرفّلُ على العاتقين، وربما جُعل
المِغْفَرُ من ديباج وخَزٍّ أَسفلَ البيضة. وفي حديث الحديبية: والمغيرة
ابن شعبة عليه المِغْفَرُ؛ هو ما يلبَسُه الدارع على رأْسه من الزرد
ونحوه.والغِفارةُ، بالكسر: خرقة تلبسها المرأَة فتغطي رأْسها ما قَبَلَ منه
وما دَبَرَ غير وَسْطِ رأْسها، وقيل: الغِفارةُ خرقة تكون دون المِقْنَعة
تُوَقِّي بها المرأَة الخمارَ من الدُّهْن، والغِفارةُ الرقعة التي تكون
على حزّ القوس الذي يجري عليه الوتر، وقيل: الغِفارةُ جلدة تكون على رأْس
القوس يجري عليها الوتر، والغِفارةُ السحابة فوق السحابة، وفي التهذيب:
سَحابة تراها كأَنها فَوق سحابة، والغِفارةُ رأْسُ الجبل. والغَفْرُ
البَطْنُ؛ قال:
هو القارِبُ التالي له كلُّ قاربٍ،
وذو الصَّدَرِ النامي ، إذا بَلَغَ الغَفْرا
والغَفْرُ: زِئْبِرُ الثوب وما شاكله، واحدته غَفْرة. وغَفِر الثوبُ،
بالكسر، يَغْفَرُ غَفَراً: ثارَ زِئْبِرُه؛ واغْفارَّ اغْفِيراراً.
والغَفَرُ والغَفارُ والغَفيرُ: شَعرُ العنُقِ واللحيين والجبهة والقفا. وغَفَرُ
الجسدِ وغُفارُه: شعرُه، وقيل: هو الشعر الصغير القصير الذي هو مثل
الزَّغَب، وقيل: الغَفْرُ شعر كالزغب يكون على ساق المرأة والجبهة ونحو ذلك،
وكذلك الغَفَرُ، بالتحريك؛ قال الراجز:
قد عَلِمَت خَوْدٌ بساقَيْها الغَفَرْ
لَيَرْوِيَنْ أَو لَيَبِيدَنَّ الشَّجَرْ
والغُفارُ، بالضم: لغة في الغَفْر، وهو الزغب؛ قال الراجز:
تُبْدِي نَقيًّا زانَها خِمارُها،
وقُسْطةً ما شانَها غُفارُها
القُسْطة: عَظْمُ الساق. قال الجوهري: ولست أَرويه عن أَحد. والغَفيرةُ:
الشعر الذي يكون على الأُذُن. قال أَبو حنيفة: يقال رجل غَفِرُ القفا،
في قفاه غَفَرٌ. وامرأَة غَفِرةُ الوجهِ إِذا كان في وجهها غَفَرٌ.
وغَفَرُ الدابة: نباتُ الشعر في موضع العرف. والغَفَرُ أَيضاً: هُدْبُ الثوب
وهدبُ الخمائص وهي القُطُ دِقاقُها ولِينُها وليس هو أَطرافَ الأَرْدِيةِ
ولا الملاحفِ. وغَفَرُ الكلإِ: صِغارُه؛ وأَغْفَرت الأَرضُ: نبَتَ فيها
شيء منه. والغَفَرُ: نوع من التَّفِرة رِبْعِيٌّ ينبت في السَّهْل والآكام
كأَنه عصافيرُ خُضْرٌ قِيامٌ إِذا كان أَخضر، فإِذا يبس فكأَنه حُمْرٌ
غير قيام.
وجاء القوم جَمًّا غَفيراً وجَمَّاءَ غَفيراً، ممدود، وجَمَّ الغَفِيرِ
وجمّاء الغَفيرِ والجَمّاءَ الغَفيرَ أَي جاؤوا بجماعتهم الشريفُ والوضيع
ولم يتخلّفْ أَحد وكانت فيهم كثرة؛ ولم يَحْكِ سيبويه إِلا الجَمَّاءَ
الغَفيرَ، وقال: هو من الأَحوال التي دخلها الأَلف واللام، وهو نادر،
وقال: الغَفير وصفٌ لازم للجَمّاء يعني أَنك لا تقول الجَمّاء وتسكت. ويقال
أَيضاً: جاؤوا جَمّاءَ الغَفيرة وجاؤوا بجَمَّاءِ الغَفير والغَفيرة، لغات
كلها. والجَمّاء الغَفير: اسم وليس بفعل إِلاَّ أَنه ينصب كما تنصب
المصادر التي هي في معناه، كقولك: جاؤوني جميعاً وقاطبةً وطُرًّا وكافَّةً،
وأَدخلوا فيه الأَلف واللام كما أَدخلوهما في قولهم: أَوْرَدَها العِراكَ
أَي أَوردها عِراكاً.
وفي حديث علي، رضي الله عنه: إِذا رأَى أَحدُكم لأَخِيه غَفِيرةً في أَهلٍ
أَو مالٍ فلا يكونَنَّ له فِتْنة؛ الغَفِيرةُ: الكثرةُ والزيادةُ،من
قولهم للجمع الكثير الجَمّ الغَفِير. وفي حديث أَبي ذر: قلت يا رسول الله، كم
الرسلف قال: ثَلثمائةٍ وخمسة عَشر جَمِّ الغَفِير أَي جماعة كثيرة، وقد
ذكر في جمم مبسوطاً مستقصى. وغَفَرَ المريضُ والجريحُ يَغْفِرُ غَفْراً
وغُفِرَ على صيغة ما لم يسمَّ فاعله، كلُّ ذلك: نُكِسَ؛ وكذلك العاشِقُ
إِذا عادَه عيدُه بعد السَّلْوة؛ قال.
خَلِيليّ إِن الدارَ غَفْرٌ لِذِي الهَوَى،
كما يَغْفِرُ المَحْمُومُ، أَو صاحِبُ الكَلْمِ
وهذا البيت أَورده الجوهري: لَعَمْرُكَ إِن الدار؛ قال ابن بري: البيت
للمرّار الفقعسي، قال وصواب إِنشاده: خليلي إِن الدار بدلالة قوله بعده:
قِفَا فاسأَلا منْ مَنْزِلِ الحَيِّ دِمْنةً،
وبالأَبْرَقِ البادِي أَلِمّا على رَسْمِ
وغَفَرَ الجرحُ يَغْفِرُ غَفْراً: نُكِسَ وانتقض، وغَفِرَ، بالكسر، لغة
فيه. ويقال للرجل إِذا قام من مرضه ثم نُكِسَ: غَفَرَ يَغْفِرُ غَفْراً.
وغَفَرَ الجَلَبُ السُّوقَ يَغْفِرُها غَفْْراً: رَخّصها.
والغُفْرُ والغَفْرُ، الأَخيرة قليلة: ولدُ الأُرْوِيّة، والجمع
أَغْفارٌ وغِفَرةٌ وغُفورٌ؛ عن كراع، والأُنثى غُفْرة وأُمُّهُ مُغْفِرةٌ
والجمع مُغْفِرات؛ قال بشر:
وصَعْب يَزِلّ الغُفْرُ عن قُذُفاتِه،
بحافاته بانٌ طِوالٌ وعَرْعَرُ
وقيل: الغُفْر اسم للواحد منها والجمع؛ وحكي: هذا غُفْرٌ كثير وهي
أَرْوَى مُغْفِرٌ لها غُفْرٌ؛ قال ابن سيده: هكذا حكاه أَبو عبيد والصواب:
أُرْوِيّةٌ مُغْفِر لأَن الأَرْوَى جمع أَو اسمُ جمع. والغِفْرُ، بالكسر:
ولدُ البقرة؛ عن الهَجَريّ.
وغِفارٌ: مِيسمٌ يكون على الخد.
والمَغافرُ والمَغافِيرُ: صمغ شبيه بالناطِفِ ينضحه العُرْفط فيوضع في
ثوب ثم يُنْضَح بالماء فيُشْرب، واحدها مِغْفَر ومَغْفَر ومُغْفُر
ومُغْفور ومِغْفار ومِغْفِير. والمَغْفوراءُ: الأَرضَ ذات المَغافِير؛ وحكى أَبو
حنيفة ذلك في الرباعي؛ وأَغْفَر العُرْفُط والرِّمْثُ: ظهر فيهما ذلك،
وأَخرج مَغافِيرَه وخرج الناس يَتَغَفَّرُون ويَتَمَغْفَرُون أَي يجتَنُون
المَغافيرَ من شجره؛ ومن قال مُغْفور قال: خرجنا نتَمَغْفَر؛ ومن قال
مُغْفُر قال: خرجنا نتَغَفَّر، وقد يكون المُغْفورُ أَيضاً العُشَر
والسَّلَم والثُّمام والطلح وغير ذلك. التهذيب: يقال لصمغ الرِّمْث والعرفط
مَغافِير ومَغاثِيرُ، الواحد مُغْثور ومُغْفور ومِغْفَر ومِغْثَر، بكسر
الميم. روي عن عائشة، رضي الله عنها، أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، شَرِبَ عند
حَفْصة عسلاً فتواصَيْنا أَن نقول له: أَكَلْتَ مغافِيرَ، وفي رواية:
فقالت له سَوْدة أَكلتَ مغافِيرَ؛ ويقال له أَيضاً مَغاثِير، بالثاء
المثلثة، وله ريح كريهة منكرة؛ أَرادت صَمْغَ العرفط. والمَغافِير: صمغٌ يسيل
من شجر العرفط غير أَن رائحته ليست بطيبة. قال الليث: المِغْفارُ ذَوْبةٌ
تخرج من العرفط حلوة تُنْضح بالماء فتشرب. قال: وصَمْغُ الإِجّاصةِ
مِغفارٌ. أَبو عمرو: المَغافيرُ الصمغ يكون في الرمث وهو حلو يؤكلُ، واحدُها
مُغْفور، وقد أَغْفَر الرِّمْثُ. وقال ابن شميل: الرمث من بين الحمض له
مَغافيرُ، والمَغافيرُ: شيء يسيل من طرف عِيدانها مثل الدِّبْس في لونه،
تراه حُلواً يأْكله الإِنسان حتى يَكْدَن عليه شِدْقاه، وهو يُكْلِع شَفته
وفَمه مثل الدِّبْق والرُّبّ يعلق به، وإِنما يُغْفِر الرمثُ في
الصفَريَّة إِذا أَوْرَسَ؛ يقال: ما أَحسن مَغافيرَ هذا الرمث. وقال بعضهم: كلُّ
الحمض يُورِس عند البرد وهو بروحه وارباده يخرج
(* قوله «بروحه وارباده
يخرج» إلخ هكذا في الأصل) . مغافيره تجدُ ريحَه من بعيد. والمَغافيرُ: عسل
حلو مثل الرُّبّ إِلا أَنه أَبيض. ومَثَلُ العربِ: هذا الجَنى لا أَن
يُكَدَّ المُغْفُر؛ يقال ذلك للرجل يصيب الخير الكثير، والمُغْفُرُ هو
العود من شجر الصمغ يمسح به ما ابيضّ فيتخذ منه شيء طيب؛ وقال بعضهم: ما
استدار من الصمغ يقال له المُغْفُر، وما استدار مثل الإِصبع يقال له
الصُّعْرور، وما سال منه في الأَرض يقال له الذَّوْبُ، وقالت الغنوية: ما سال منه
فبقي شَبيه الخيوط بين الشجر والأَرض يقال له شَآبِيب الصمغ؛ وأَنشدت:
كأَنَّ سَيْلَ مَرْغِه المُلَعْلِعِ
شُؤْبوبُ صَمْغٍ، طَلْحُه لم يُقْطَعِ
وفي الحديث: أَن قادِماً قَدِم عليه من مكة فقال: كيف تركتَ الحَزْوَرة؟
قال: جادَها المطرُ فأَغْفَرَتْ بَطْحاؤها أَي أَن المطر نزل عليها حتى
صار كالغَفَر من النبات. والغَفَرُ: الزِّئْبِرُ على الثوب، وقيل: أَراد
أَن رِمْثَها قد أَغْفَرت أَي أَخرجت مَغافيرَها. والمَغافيرُ: شيء ينضحه
شجر العرفط حلو كالناطف، قال: وهذا أَشْبَه، أَلا تراه وصف شجرها فقال:
وأَبْرَم سَلمُها وأَغْدَق إِذْخِرُها. والغِفْرُ: دُوَيْبّة. والغَفْرُ:
منزل من منازل القمر ثلاثةُ أَنْجُم صغار، وهي من الميزان.
وغُفَير: اسم وغُفَيرة: اسم امرأَة. وبنو غافِرٍ: بطن. وبنو غِفارٍ، من
كنانة: رهط أَبي ذر الغِفارِيّ.
ربأ: رَبَأَ القومَ يَرْبَؤُهم رَبْأً، وربَأَ لَهم: اطَّلَعَ لهم على شَرَفٍ. ورَبأْتُهم وارْتَبأْتُهم أَي رَقَبْتُهم، وذلك إِذا كنت لهم طَلِيعةً فوق شَرَفٍ. يقال: رَبَأَ لنا فلان وارْتبأَ إِذا اعْتانَ.
والرَّبِيئةُ: الطَّلِيعةُ، وإِنما أَنَّثوه لأَن الطَّلِيعةَ يقال له العين إِذ بعَيْنهِ ينْظُرُ والعين مؤنثة. وإِنما قيل له عَيْن لأَنه يَرْعَى أُمُورهم ويَحْرُسُهم.
وحكى سيبويه في العين الذي هو الطَّلِيعة: أَنه يذكَّر ويؤَنث، فيقال رَبِيءٌ ورَبِيئةٌ. فمن أَنَّث فعلى الأَصل، ومن ذكَّر فعلى أَنه قد نقل من الجزءِ إِلى الكل، والجمعُ: الرَّبايا.
وفي الحديث: مَثَلِي ومَثَلُكُم كرجلٍ ذَهب يَرْبَأُ أَهلَه أَي يَحْفَظُهم من عَدُوِّهم.
والاسم: الرَّبِيئةُ، وهو العين، والطَّلِيعةُ الذي ينظر للقوم لئلا
يَدْهَمَهُم عدُوّ، ولا يكون إِلاّ على جبل أَو شَرَف ينظر منه.
وارْتَبَأْتُ الجبلَ: صَعِدْتُه.
والمِرْبَأُ والـمَرْبَأُ، موضع الرَّبِيئةِ. التهذيب: الرَّبيئةُ: عَين
القوم الذي يَربَأُ لهم فوقِ مِرْبَإٍ من الأرَض، ويَرْتَبِئُ أَي يقُوم
هنالك. الـمَرْباءُ: الـمَرْقاة. عن ابن الأَعرابي، هكذا حكاه بالمدّ وفتح أَوله، وأَنشد:
كأَنَّها صَقْعاءُ في مَرْبائِها
قال ثعلب: كسرُ مرباءَ أَجود وفَتحُه لم يأْت مِثْله. ورَبَأَ
وارْتَبَأَ: أَشرف. وقال غَيْلانُ الرَّبعي:
قد أَغْتَدِي، والطيرُ فَوْقَ الأَصْواءْ، * مُرْتَبِئاتٍ، فَوْقَ أَعْلَى العَلْياءْ
ومَرْبأَةُ البازِي: مَنارةٌ يَرْبَأُ عليها، وقد خفف الراجز همزها
فقال:
باتَ، عَلَى مَرْباتِه، مُقَيَّدا
ومَرْبأَةُ البازي: الموضِعُ الذي يُشرِفُ عليه. ورَابَأَهم: حارَسَــهم.
ورَابَأْتُ فلاناً إِذا حارَسْــتَه وحارَسَــكَ.
ورَابأَ الشيءَ: راقَبَه.
والـمَرْبَأَةُ: الـمَرْقَبَةُ، وكذلك الـمَرْبَأُ والـمُرْتَبَأُ. ومنه قيل لمكان البازي الذي يَقِفُ فيه: مَرْبأٌ. ويقال: أَرض لا رِباءَ فيها ولا وِطاءَ، مـمدودان.
ورَبَأْتُ المرأَةَ وارْتَبَأْتُها أَي عَلَوْتُها. وَرَبَأْتُ بِكَ عن كذا وكذا أَرْبَأُ رَبْأً: رَفَعْتُكَ. ورَبَأْتُ بك أَرْفَعَ الأَمرِ: رَفَعْتك، هذه عن ابن جني ويقال: إِنِّي لأَرْبَأُ بك عن ذلك الأَمْرِ أَي أَرْفَعُكَ عنه. ويقال: ما عَرَفْتُ فلاناً حتى أَرْبَأَ لِي أَي أَشْرَفَ لي.
ورابَأْتُ الشيءَ ورَابَأْتُ فلاناً: حَذِرْته واتَّقَيْتُه. ورابَأَ الرجلَ: اتَّقاه، وقال البَعِيثُ:
فَرَابَأْتُ، واسْتتْمَمْتُ حَبْلاً عَقَدْته * إِلى عَظَماتٍ، مَنْعُها الجارَ مُحْكَمُ
ورَبَأَتِ الأَرضُ رَباءً: زكَتْ وارْتَفَعَتْ. وقُرئَ: فإِذا أَنْزَلْنا عَلَيها الماءَ اهْتَزَّتْ ورَبَأَتْ أَي ارْتَفَعَتْ.
وقال الزجاج: ذلك لأَنَّ النَّبْت إِذا هَمَّ أَن يَظْهَرَ ارْتَفَعَتْ له الأَرضُ. وفَعَلَ به فِعْلاً ما رَبَأَ رَبْأَه أَي ما علم ولا شَعَرَ به ولا تَهيَّأَ له ولا أَخَذَ أُهْبَته ولا أَبَهَ لَه ولا اكْتَرَثَ له. ويقال: ما رَبَأْتُ رَبْأَه وما مَأَنْتُ مَأْنَه أَي لم أُبالِ به ولم أَحتَفِل له.
وربَؤُوا له: جَمَعوا له من كل طعام، لبنٍ وتَمْرٍ وغيره.
وجاءَ يَرْبَأُ في مِشْيَته أَي يَتَثاقَل.
ضأن: الضّائنُ من الغنم: ذو الصوفِ، ويُوصَفُ به فيقال: كَبْش ضائنٌ،
والأُنثى ضائنة. والضّائنُ: خلافُ الماعز، والجمع الضّأْنُ والضّأَنُ مثل
المَعْزِ والمَعَزِ. والضَّئِينُ والضِّئينُ: تميمية. والضَّيْن
والضِّينُ، غير مهموزين؛ عن ابن الأَعرابي: كلها أَسماء لجمعهما، فالضأْن
كالرَّكْب، والضَّأَنُ كالقَعَد، والضَّئِين كالغَزِيّ والقَطِين، والضِّئِين
داخل على الضِّئِين، أَتبعوا الكسر الكسر، يطرد هذا في جميع حروف الحلق إذا
كان المثال فَعِلاَ أَو فَعِيلاَ، وأَما الضِّينُ والضَّيْنُ فشاذ نادر،
لأَن ضائناً صحيح مهموز، والضِّين والضَّين معتلّ غير مهموز، وقد حكي في
جمع الضّأْنِ أَضْؤُنٌ؛ وقوله أَنشده يعقوب في المبقلوب:
إذا ما دَعا نَعْمانُ آضُنَ سالِمٍ،
عَلَنَّ، وإن كانت مَذانِبُه حُمْرَا
(* قوله «علنّ» الذي في المحكم: عليّ). أَراد: أَضْؤُناً، فقلب، ودُعاؤه
أَن يكثر الحشيش فيه فيصير فيه الذُّبابُ، فإِذا تَرَنَّم سمع الرِّعاءُ
صوْتَه فعلموا أَن هناك رَوْضة فساقوا إِبلهم ومواشيهم إليها فَرَعَوْا
منها، فذلك دُعاء نَعْمَانَ إياهم. قال أَبو الهيثم: جمع الضائن ضَأَنٌ،
كما يقال ماعِزٌ ومَعَز، وخادِم وخَدَم، وغائب وغَيَب، وحارس وحَرَس،
وناهِل ونَهَلٌ. قال: والضّانُ أَصله ضَأْن، فخفف. والضّأْنُ: جمع الضائن،
ويُجْمَع الضَّئِينَ، والأُنثى ضائنة، والجمع ضَوائن. وفي حديث شَقيق:
مَثَلُ قُرّاءِ هذا الزمان كَمَثل غَنَمٍ ضَوائِنَ ذاتِ صُوف عِجاف؛ الضوائن
جمع ضائنة وهي الشاة من الغنم خلاف المعز. ومِعْزَى ضِئْنيَّةٌ: تأْلف
الضّأْنَ، وسِقاءٌ ضِئْنِيٌّ على ذلك اللفظ إِذا كان من مَسْكِ ضائنةٍ
وكان واسعاً، وكل ذلك من نادر معدول النسب؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إذا ما مَشَى وَرْدانُ واهْتَزَّتِ اسْتُه،
كما اهْتَزَّ ضِئْنِيٌُّ لفَرْعاء يُؤْدَلُ.
عنى بالضِّئْنِيِّ هذا النوع من الأَسْقية. التهذيب: الضِّئْنيّ السقاء
الذي يُمْخَضُ به الرائب، يسمى ضِئْنِيّاً إذا كان ضَخْماً من جلد
الضّأْن؛ قال حُميد:
وجاءتْ بضِئْنِيٍّ، كأَنَّ دَوِيّهُ
تَرَنُّمُ رَعْدٍ جاوَبَتْه الرَّواعِدُ.
وأَضْأَنَ القومُ: كثرَ ضأْنهم. ويقال: اضْأَنْ ضأْنك وامْعَزْ مَعَزَك
أَي اعْزِلْ ذا من ذا. وقد ضأَنْتُها أَي عزَلْتها. ورجل ضائنٌ إذا كان
ضعيفاً، ورجل ماعِزٌ إذا كان حازماً مانعاً ما وراءه. ورجل ضائنٌ: لَيِّنٌ
كأَنه نعجة، وقيل: هو الذي لا يزال حسن الجسم مع قلة طُعْمٍ، وقيل: هو
اللَّيِّنُ البطن المُسْترْخِية. ويقال: رملة ضائنةٌ، وهي البيضاء
العريضة؛ وقال الجَعْدِي:
إلى نَعّجٍ من ضائِنِ الرَّمْلِ أَعْفَرَا
(* قوله «وقال الجعدي إلخ» صدره كما في التكملة:
فباتت كأن بطنها طي ريطة
وزاد: والضأنة، بفتح فسكون، الخزامة إذا كانت من عقب.)
وفي حديث أَبي هريرة: قال له أَبانُ بن سعيد وَبْرٌ تدَلَّى من رأْسِ
ضالٍ؛ ضالٌ، بالتخفيف: مكان أَو جبل بعينه، يريد به تَوْهِينَ أَمره وتحقير
قدره، ويروى بالنون، وهو أَيضاً جبل في أَرض دَوْسٍ، وقيل: أَراد به
الضأْن من الغنم، فتكون أَلفه همزة.
بحر: البَحْرُ: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كان أَو عَذْباً، وهو خلاف
البَرِّ، سمي بذلك لعُمقِهِ واتساعه، قد غلب على المِلْح حتى قَلّ في
العَذْبِ، وجمعه أَبْحُرٌ وبُحُورٌ وبِحارٌ. وماءٌ بَحْرٌ: مِلْحٌ، قَلَّ أَو
كثر؛ قال نصيب:
وقد عادَ ماءُ الأَرضِ بَحْراً فَزادَني،
إِلى مَرَضي، أَنْ أَبْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
قال ابن بري: هذا القولُ هو قولُ الأُمَوِيّ لأَنه كان يجعل البحر من
الماء الملح فقط. قال: وسمي بَحْراً لملوحته، يقال: ماءٌ بَحْرٌ أَي
مِلْحٌ، وأَما غيره فقال: إِنما سمي البَحْرُ بَحْراً لسعته وانبساطه؛ ومنه
قولهم إِن فلاناً لَبَحْرٌ أَي واسع المعروف؛ قال: فعلى هذا يكون البحرُ
للملْح والعَذْبِ؛ وشاهدُ العذب قولُ ابن مقبل:
ونحنُ مَنَعْنا البحرَ أَنْ يَشْرَبُوا به،
وقد كانَ مِنْكُمْ ماؤه بِمَكَانِ
وقال جرير:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ تَحْدُوها ثمانِيَةٌ،
ما في عطائِهِمُ مَنٌَّ ولا سَرَفُ
كُوماً مَهارِيسَ مَثلَ الهَضْبِ، لو وَرَدَتْ
ماءَ الفُراتِ، لَكادَ البَحْرُ يَنْتَزِفُ وقال عديّ بن زيد:
وتَذَكَّرْ رَبِّ الخُوَرْنَقِ إِذْ أَشْـ
ـرَفَ يوماً، وللْهُدَى تَذْكِيرُ
سَرَّه مالُهُ وكَثْرَةُ ما يَمْـ
ـلِكُ، والبحرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ
أَراد بالبحر ههنا الفرات لأَن رب الخورنق كان يشرِفُ على الفرات؛ وقال
الكميت:
أُناسٌ، إِذا وَرَدَتْ بَحْرَهُمْ
صَوادِي العَرائِبِ، لم تُضْرَبِ
وقد أَجمع أَهل اللغة أَن اليَمَّ هو البحر. وجاءَ في الكتاب العزيز:
فَأَلْقِيهِ في اليَمِّ؛ قال أَهل التفسير: هو نيل مصر، حماها الله تعالى.
ابن سيده: وأَبْحَرَ الماءُ صار مِلْحاً؛ قال: والنسب إِلى البحر
بَحْرانيٌّ على غير قياس. قال سيبويه: قال الخليل: كأَنهم بنوا الاسم على
فَعْلان. قال عبدا محمد بن المكرم: شرطي في هذا الكتاب أَن أَذكر ما قاله مصنفو
الكتب الخمسة الذين عينتهم في خطبته، لكن هذه نكتة لم يسعني إِهمالها.
قال السهيلي، رحمه الله تعالى: زعم ابن سيده في كتاب المحكم أَن العرب
تنسب إِلى البحر بَحْرانيّ، على غير قياس، وإِنه من شواذ النسب، ونسب هذا
القول إِلى سيبويه والخليل، رحمهما الله تعالى، وما قاله سيبويه قط، وإِنما
قال في شواذ النسب: تقول في بهراء بهراني وفي صنعاء صنعاني، كما تقول
بحراني في النسب إلى البحرين التي هي مدينة، قال: وعلى هذا تلقَّاه جميع
النحاة وتأَوَّلوه من كلام سيبويه، قال: وإِنما اشتبه على ابن سيده لقول
الخليل في هذه المسأَبة أَعني مسأَلة النسب إِلى البحرين، كأَنهم بنوا
البحر على بحران، وإِنما أَراد لفظ البحرين، أَلا تراه يقول في كتاب العين:
تقول بحراني في النسب إِلى البحرين، ولم يذكر النسب إِلى البحر أَصلاً،
للعلم به وأَنه على قياس جار. قال: وفي الغريب المصنف عن الزيدي أَنه قال:
إِنما قالوا بَحْرانيٌّ في النسب إِلى البَحْرَيْنِ، ولم يقولوا
بَحْرِيٌّ ليفرقوا بينه وبين النسب إلى البحر. قال: ومازال ابن سيده يعثر في هذا
الكتاب وغيره عثرات يَدْمَى منها الأَظَلُّ، ويَدْحَضُ دَحَضَات تخرجه
إِلى سبيل من ضل، أَلاّ تراه قال في هذا الكتاب، وذكر بُحَيْرَة طَبَرَيَّة
فقال: هي من أَعلام خروج الدجال وأَنه يَيْبَسُ ماؤُها عند خروجه،
والحديث إِنما جاء في غَوْرٍ زُغَرَ، وإِنما ذكرت طبرية في حديث يأْجوج
ومأْجوج وأَنهم يشربون ماءها؛ قال: وقال في الجِمَار في غير هذا الكتاب: إِنما
هي التي ترمي بعرفة وهذه هفوة لا تقال، وعثرة لا لَعاً لها؛ قال: وكم له
من هذا إِذا تكلم في النسب وغيره. هذا آخر ما رأَيته منقولاً عن السهيلي.
ابن سيده: وكلُّ نهر عظيم بَحْرٌ. الزجاج: وكل نهر لا ينقطع ماؤُه، فهو
بحر. قال الأَزهري: كل نهر لا ينقطع ماؤه مثل دِجْلَةَ والنِّيل وما
أَشبههما من الأَنهار العذبة الكبار، فهو بَحْرٌ. و أَما البحر الكبير الذي
هو مغيض هذه الأَنهار فلا يكون ماؤُه إِلاَّ ملحاً أُجاجاً، ولا يكون ماؤه
إِلاَّ راكداً؛ وأَما هذه الأَنهار العذبة فماؤُها جار، وسميت هذه
الأَنهار بحاراً لأَنها مشقوقة في الأَرض شقّاً. ويسمى الفرس الواسع الجَرْي
بَحْراً؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبي
طلحة وقد ركبه عُرْياً: إِني وجدته بَحْراً أَي واسع الجَرْي؛ قال أَبو
عبيدة: يقال للفرس الجواد إِنه لَبَحْرٌ لا يُنْكَش حُضْرُه. قال الأَصمعي:
يقال فَرَسٌ بَحْرٌ وفَيضٌ وسَكْبٌ وحَثٌّ إِذا كان جواداً كثيرَ
العَدْوِ وفي الحديث: أَبى ذلك البَحرُ ابنُ عباس؛ سمي بحراً لسعة علمه
وكثرته.والتَّبَحُّرُ والاستِبْحَارُ: الانبساط والسَّعة.
وسمي البَحْرُ بَحْراً لاسْتبحاره، وهو انبساطه وسعته. ويقال: إِنما سمي
البَحْر بَحْراً لأَنه شَقَّ في الأَرض شقّاً وجعل ذلك الشق لمائه
قراراً. والبَحْرُ في كلام العرب: الشَّقُّ. وفي حديث عبد المطلب: وحفر زمزم
ثم بَحَرَها بَحراً أَي شقَّها ووسَّعها حتى لا تُنْزَفَ؛ ومنه قيل للناقة
التي كانوا يشقون في أُذنها شقّاً: بَحِيرَةٌ.
وبَحَرْتُ أُذنَ الناقة بحراً: شققتها وخرقتها. ابن سيده: بَحَرَ
الناقةَ والشاةَ يَبْحَرُها بَحْراً شقَّ أُذنها بِنِصْفَين، وقيل: بنصفين
طولاً، وهي البَحِيرَةُ، وكانت العرب تفعل بهما ذلك إِذا نُتِجَتا عشرةَ
أَبْطن فلا يُنْتَفَع منهما بلبن ولا ظَهْرٍ، وتُترك البَحِيرَةُ ترعى وترد
الماء ويُحَرَّمُ لحمها على النساء، ويُحَلَّلُ للرجال، فنهى الله تعالى
عن ذلك فقال: ما جَعَلَ اللهُ من بَحِيرَةٍ ولا سائبةٍ ولا وصِيلةٍ ولا
حامٍ؛ قال: وقيل البَحِيرَة من الإِبل التي بُحِرَتْ أُذنُها أَي شُقت
طولاً، ويقال: هي التي خُلِّيَتْ بلا راع، وهي أَيضاً الغَزِيرَةُ، وجَمْهُها
بُحُرٌ، كأَنه يوهم حذف الهاء. قال الأَزهري: قال أَبو إِسحق النحوي:
أَثْبَتُ ما روينا عن أَهل اللغة في البَحِيرَة أَنها الناقة كانت إِذا
نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبطن فكان آخرها ذكراً، بَحَرُوا أُذنها أَي شقوها
وأَعْفَوا ظهرها من الركوب والحمل والذبح، ولا تُحلأُ عن ماء ترده ولا تمنع من
مرعى، وإِذا لقيها المُعْيي المُنْقَطَعُ به لم يركبها. وجاء في الحديث:
أَن أَوَّل من بحر البحائرَ وحَمَى الحامِيَ وغَيَّرَ دِين إِسمعيل
عَمْرُو بن لُحَيِّ بن قَمَعَة بنِ جُنْدُبٍ؛ وقيل: البَحِيرَةُ الشاة إِذا
ولدت خمسة أَبطُن فكان آخرها ذكراً بَحَرُوا أُذنها أَي شقوها وتُرِكَت
فلا يَمَسُّها أَحدٌ. قال الأَزهري: والقول هو الأَوَّل لما جاء في حديث
أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عن أَبيه أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له:
أَرَبُّ إِبلٍ أَنتَ أَم ربُّ غَنَمٍ؟ فقال: من كلٍّ قد آتاني اللهُ
فأَكْثَرَ، فقال: هل تُنْتَجُ إِبلُك وافيةً آذانُها فَتَشُقُّ فيها وتقول
بُحُرٌ؟ يريد به جمع البَحِيرة. وقال الفرّاء: البَحِيرَةُ هي ابنة
السائبة، وقد فسرت السائبة في مكانها؛ قال الجوهري: وحكمها حكم أُمها. وحكى
الأَزهري عن ابن عرفة: البَحيرة الناقة إِذا نُتِجَتْ خمسة أَبطن والخامس
ذكر نحروه فأَكله الرجال والنساء، وإِن كان الخامس أُنثى بَحَروا أُذنها
أَي شقوها فكانت حراماً على النساء لحمها ولبنها وركوبها، فإِذا ماتت حلت
للنساء؛ ومنه الحديث: فَتَقَطَعُ آذانَها فتقُولُ بُحُرٌ؛ وأَنشد شمر لابن
مقبل:
فيه من الأَخْرَجِ المُرْتَاعِ قَرْقَرَةٌ،
هَدْرَ الدَّيامِيِّ وَسْطَ الهجْمَةِ البُحُرِ
البُحُرُ: الغِزارُ. والأَخرج: المرتاعُ المُكَّاءٌ. وورد ذكر البَحِيرة
في غير موضع: كانوا إِذا ولدت إِبلهم سَقْباً بَحَروا أُذنه أَي شقوها،
وقالوا: اللهم إِن عاش فَقَنِيٌّ، وإِن مات فَذَكيٌّ؛ فإِذا مات أَكلوه
وسموه البحيرة، وكانوا إِذا تابعت الناقة بين عشر إِناث لم يُرْكب ظهرُها،
ولم يُجَزّ وبَرُها، ولم يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ضَيْفٌ، فتركوها
مُسَيَّبَةً لسبيلها وسموَّها السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أُنثى شقوا أُذنها
وخلَّوا سبيلها، وحرم منها ما حرم من أُمّها، وسَمّوْها البحِيرَةَ،
وجمعُ البَحِيرَةِ على بُحُرٍ جمعٌ غريبٌ في المؤنث إِلا أَن يكون قد حمله
على المذكر، نحو نَذِيرٍ ونُذُرٍ، على أَن بَحِيرَةً فعيلة بمعنى مفعولة
نحو قتيلة؛ قال: ولم يُسْمَعْ في جمع مثله فُعُلٌ، وحكى الزمَخْشري
بَحِيرَةٌ وبُحُرٌ وصَريمَةٌ وصُرُمٌ، وهي التي صُرِمَتْ أُذنها أَي
قطعت.واسْتَبْحَرَ الرجل في العلم والمال وتَبَحَّرَ: اتسع وكثر ماله.
وتَبَحَّرَ في العلم: اتسع. واسْتَبْحَرَ الشاعرُ إِذا اتَّسَعَ في القولِ؛ قال
الطرماح:
بِمِثْلِ ثَنائِكَ يَحْلُو المديح،
وتَسْتَبْحِرُ الأَلسُنْ المادِحَهْ
وفي حديث مازن: كان لهم صنم يقال له باحَر، بفتح الحاء، ويروى بالجيم.
وتَبَحَّر الراعي في رعْيٍ كثير: اتسع، وكلُّه من البَحْرِ لسعته.
وبَحِرَ الرجلُ إِذا رأَى البحر فَفَرِقَ حتى دَهِشَ، وكذلك بَرِقَ إِذا
رأَى سَنا البَرْقِ فتحير، وبَقِرَ إِذا رأَى البَقَرَ الكثيرَ، ومثله
خَرِقَ وعَقِرَ. ابن سيده: أَبْحَرَ القومُ ركبوا البَحْرَ.
ويقال للبَحْرِ الصغير: بُحَيْرَةٌ كأَنهم توهموا بَحْرَةً وإِلا فلا
وجه للهاء، وأَما البُحَيْرَةُ التي في طبرية وفي الأَزهري التي بالطبرية
فإِنها بَحْرٌ عظيم نحو عشرة أَميال في ستة أَميال وغَوْرُ مائها، وأَنه
(* قوله «وغور مائها وأنه إلخ» كذا بالأَصل المنسوب للمؤلف وهو غير تام).
علامة لخروج الدجال تَيْبَس حتى لا يبقى فيها قطرة ماء، وقد تقدم في هذا
الفصل ما قاله السهيلي في هذا المعنى.
وقوله: يا هادِيَ الليلِ جُرْتَ إِنما هو البَحْرُ أَو الفَجْرُ؛ فسره
ثعلب فقال: إِنما هو الهلاك أَو ترى الفجر، شبه الليل بالبحر. وقد ورد ذلك
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِنما هو الفَجْرُ أَو البَجْرُ، وقد
تقدم؛ وقال: معناه إِن انتظرت حتى يضيء الفجر أَبصرب الطريق، وإِن خبطت
الظلماء أَفضت بك إِلى المكروه. قال: ويروى البحر، بالحاء، يريد غمرات
الدنيا شبهها بالبحر لتحير أَهلها فيها.
والبَحْرُ: الرجلُ الكريمُ الكثيرُ المعروف. وفَرسٌ بَحْرٌ: كثير
العَدوِ، على التشبيه بالبحر. والبَحْرُ: الرِّيفُ، وبه فسر أَبو عليّ قوله عز
وجل: ظهر الفساد في البَرِّ والبَحْرِ؛ لأَن البحر الذي هو الماء لا يظهر
فيه فساد ولا صلاح؛ وقال الأَزهري: معنى هذه الآية أَجدب البر وانقطعت
مادة البحر بذنوبهم، كان ذلك ليذوقوا الشدَّة بذنوبهم في العاجل؛ وقال
الزجاج: معناه ظهر الجدب في البر والقحط في مدن البحر التي على الأَنهار؛
وقول بعض الأَغفال:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ من صُيَيْرِ،
مِنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، أَو البُحَيْرِ
قال: يجوز أَن يَعْني بالبُحَيْرِ البحر الذي هو الريف فصغره للوزن
وإقامة القافية. قال: ويجوز أَن يكون قصد البُحَيْرَةَ فرخم اضطراراً. وقوله:
من صُيَيْر مِن صِيرِ مِصْرَيْنِ يجوز أَن يكون صير بدلاً من صُيَيْر،
بإِعادة حرف الجر، ويجوز أَن تكون من للتبعيض كأَنه أَراد من صُيَيْر كائن
من صير مصرين، والعرب تقول لكل قرية: هذه بَحْرَتُنا. والبَحْرَةُ:
الأَرض والبلدة؛ يقال: هذه بَحْرَتُنا أَي أَرضنا. وفي حديث القَسَامَةِ:
قَتَلَ رَجُلاً بِبَحْرَةِ الرِّعاءِ على شَطِّ لِيَّةَ، البَحْرَةُ:
البَلْدَةُ. وفي حديث عبدالله بن أُبيّ: اصْطَلَحَ أَهلُ هذه البُحَيْرَةِ أَن
يَعْصِبُوه بالعِصَابَةِ؛ البُحَيْرَةُ: مدينة سيدنا رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، وهي تصغير البَحْرَةِ، وقد جاء في رواية مكبراً. والعربُ
تسمي المُدُنَ والقرى: البحارَ. وفي الحديث: وكَتَبَ لهم بِبَحْرِهِم؛ أَي
ببلدهم وأَرضهم. وأَما حديث عبدالله ابن أُبيّ فرواه الأَزهري بسنده عن
عُرْوَةَ أَن أُسامة ابن زيد أَخبره: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، ركب
حماراً على إِكافٍ وتحته قَطِيفةٌ فركبه وأَرْدَفَ أُسامةَ، وهو يعود سعد
بن عُبادَةَ، وذلك قبل وَقْعَةِ بَدْرٍ، فلما غشيت المجلسَ عَجاجَةُ
الدابة خَمَّرَ عبدُالله بنُ أُبيّ أَنْفَه ثم قال: لا تُغَبِّرُوا، ثم نزل
النبي، صلى الله عليه وسلم، فوقف ودعاهم إِلى الله وقرأَ القرآنَ، فقال
له عبدُالله: أَيها المَرْءُ إِن كان ما تقول حقّاً فلا تؤذنا في مجلسنا
وارجعْ إِلى رَحْلك، فمن جاءَك منَّا فَقُصَّ عليه؛ ثم ركب دابته حتى دخل
على سعد بن عبادة، فقال له: أَي سَعْدُ أَلم تسمعْ ما قال أَبو حُباب؟
قال كذا، فقال سعدٌ: اعْفُ واصفَحْ فوالله لقد أَعطاك اللهُ الذي أَعطاك،
ولقد اصطلح أَهلُ هذه البُحَيْرةِ على أَن يُتَوِّجُوه، يعني يُمَلِّكُوهُ
فَيُعَصِّبوه بالعصابة، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أَعطاكَ شَرِقَ
لذلك فذلك فَعَلَ به ما رأَيْتَ، فعفا عنه النبي، صلى الله عليه وسلم.
والبَحْرَةُ: الفَجْوَةُ من الأَرض تتسع؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو نصر
البِحارُ الواسعةُ من الأَرض، الواحدة بَحْرَةٌ؛ وأَنشد لكثير في وصف
مطر:يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ أَراكٍ وتَنْضُبٍ،
وزُرْقاً بأَجوارِ البحارِ تُغادَرُ
وقال مرة: البَحْرَةُ الوادي الصغير يكون في الأَرض الغليظة.
والبَحْرةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ مع سَعَةٍ، وجَمْعُها بِحَرٌ وبِحارٌ؛ قال النمر
بن تولب:
وكأَنها دَقَرَى تُخايِلُ، نَبْتُها
أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
(* قوله «تخايل إلخ» سيأتي للمؤلف في مادّة دقر هذا البيت وفيه تخيل بدل
تخايل وقال أي تلوّن بالنور فتريك رؤيا تخيل إليك أنها لون ثم تراها
لوناً آخر، ثم قطع الكلام الأول فقال نبتها أنف فنبتها مبتدأ إلخ ما
قال).الأَزهري: يقال للرَّوْضَةِ بَحْرَةٌ. وقد أَبْحَرَتِ الأَرْضُ إِذا
كثرت مناقع الماء فيها. وقال شمر: البَحْرَةُ الأُوقَةُ يستنقع فيها الماء.
ابن الأَعرابي: البُحَيْرَةُ المنخفض من الأَرض.
وبَحِرَ الرجلُ والبعيرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ إِذا اجتهد في العدوِ
طالباً أَو مطلوباً، فانقطع وضعف ولم يزل بِشَرٍّ حتى اسودَّ وجهه وتغير. قال
الفراء: البَحَرُ أَن يَلْغَى البعيرُ بالماء فيكثر منه حتى يصيبه منه
داء. يقال: بَحِرَ يَبْحَرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ؛ وأَنشد:
لأُعْلِطَنَّه وَسْماً لا يُفارِقُه،
كما يُجَزُّ بِحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ
قال: وإِذا أَصابه الداءُ كُويَ في مواضع فَيَبْرأُ. قال الأَزهري:
الداء الذي يصيب البعير فلا يَرْوَى من الماء، هو النِّجَرُ، بالنون والجيم،
والبَجَرُ، بالباء والجيم، وأَما البَحَرُ، فهو داء يورث السِّلَّ.
وأَبْحَرَ الرجلُ إِذا أَخذه السِّلُّ. ورجلٌ بَجِيرٌ وبَحِرٌ: مسْلُولٌ ذاهبُ
اللحم؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ،
وآبقٌ، مِن جَذْبِ دَلْوَيْها، هَجِرْ
أَبو عمرو: البَحِيرُ والبَحِرُ الذي به السِّلُّ، والسَّحِيرُ: الذي
انقطعت رِئَتُه، ويقال: سَحِرٌ. وبَحِرَ الرجلُ. بُهِتَ. وأَبْحَرَ الرجل
إذا اشتدَّتْ حُمرةُ أَنفه. وأَبْحَرَ إِذا صادف إِنساناً على غير اعتمادٍ
وقَصدٍ لرؤيته، وهو من قولهم: لقيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ أَي بارزاً ليس
بينك وبينه شيء.
والباحِر، بالحاء: الأَحمق الذي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ وبقي كالمبهوت،
وقيل: هو الذي لا يَتَمالكُ حُمْقاً. الأَزهري: الباحِرُ الفُضولي، والباحرُ
الكذاب. وتَبَحَّر الخبرَ: تَطَلَّبه. والباحرُ: الأَحمرُ الشديدُ
الحُمرة. يقال: أَحمر باحرٌ وبَحْرانيٌّ. ابن الأَعرابي: يقال أَحْمَرُ
قانِئٌ وأَحمرُ باحِرِيٌّ وذَرِيحِيٌّ، بمعنى واحد. وسئل ابن عباس عن المرأَة
تستحاض ويستمرّ بها الدم، فقال: تصلي وتتوضأُ لكل صلاة، فإِذا رأَتِ
الدَّمَ البَحْرانيَّ قَعَدَتْ عن الصلاة؛ دَمٌ بَحْرَانيٌّ: شديد الحمرة
كأَنه قد نسب إِلى البَحْرِ، وهو اسم قعر الرحم، منسوب إِلى قَعْرِ الرحم
وعُمْقِها، وزادوه في النسب أَلِفاً ونوناً للمبالغة يريد الدم الغليظ
الواسع؛ وقيل: نسب إِلى البَحْرِ لكثرته وسعته؛ ومن الأَول قول العجاج:
وَرْدٌ من الجَوْفِ وبَحْرانيُّ
أَي عَبِيطٌ خالصٌ. وفي الصحاح: البَحْرُ عُمْقُ الرَّحِمِ، ومنه قيل
للدم الخالص الحمرة: باحِرٌ وبَحْرانيٌّ. ابن سيده: ودَمٌ باحِرٌ
وبَحْرانيٌّ خالص الحمرة من دم الجوف، وعم بعضُهم به فقال: أَحْمَرُ باحِرِيٌّ
وبَحْرَانيٌّ، ولم يخص به دم الجوف ولا غيره. وبَناتُ بَحْرٍ: سحائبُ يجئنَ
قبل الصيف منتصبات رقاقاً، بالحاء والخاء، جميعاً. قال الأَزهري: قال
الليث: بَناتُ بَحْرٍ ضَرْبٌ من السحاب، قال الأَزهري: وهذا تصحيف منكر
والصواب بَناتُ بَخْرٍ. قال أَبو عبيد عن الأَصمعي: يقال لسحائب يأْتين قبل
الصيف منتصبات: بَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ، بالباء والميم والخاء، ونحو
ذلك قال اللحياني وغيره، وسنذكر كلاًّ منهما في فصله.
الجوهري: بَحِرَ الرجلُ، بالكسر، يَبْحَرُ بَحَراً إِذا تحير من الفزع
مثل بَطِرَ؛ ويقال أَيضاً: بَحِرَ إِذا اشتدَّ عَطَشُه فلم يَرْوَ من
الماء. والبَحَرُ أَيضاً: داءٌ في الإِبل، وقد بَحِرَتْ.
والأَطباء يسمون التغير الذي يحدث للعليل دفعة في الأَمراض الحادة:
بُحْراناً، يقولون: هذا يَوْمُ بُحْرَانٍ بالإِضافة، ويومٌ باحُوريٌّ على غير
قياس، فكأَنه منسوب إِلى باحُورٍ وباحُوراء مثل عاشور وعاشوراء، وهو
شدّة الحر في تموز، وجميع ذلك مولد؛ قال ابن بري عند قول الجوهري: إِنه مولد
وإِنه على غير قياس؛ قال: ونقيض قوله إِن قياسه باحِرِيٌّ وكان حقه أَن
يذكره لأَنه يقال دم باحِرِيٌّ أَي خالص الحمرة؛ ومنه قول المُثَقِّب
العَبْدِي:
باحِريُّ الدَّمِ مُرَّ لَحْمُهُ،
يُبْرئُ الكَلْبَ، إِذا عَضَّ وهَرّ
والباحُورُ: القَمَرُ؛ عن أَبي علي في البصريات له. والبَحْرانِ: موضع
بين البصرة وعُمانَ، النسب إِليه بَحْريٌّ وبَحْرانيٌّ؛ قال اليزيدي:
كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه النسبةَ إِلى البَحْرِ؛ الليث: رجل
بَحْرانيٌّ منسوب إِلى البَحْرَينِ؛ قال: وهو موضع بين البصرة وعُمان؛ ويقال: هذه
البَحْرَينُ وانتهينا إِلى البَحْرَينِ. وروي عن أَبي محمد اليزيدي قال:
سأَلني المهدي وسأَل الكسائي عن النسبة إِلى البحرين وإِلى حِصْنَينِ:
لِمَ قالوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانيٌّ؟ فقال الكسائي: كرهوا أَن يقولوا
حِصْنائِيٌّ لاجتماع النونين، قال وقلت أَنا: كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه
النسبة إِلى البحر؛ قال الأَزهري: وإِنما ثنوا البَحْرَ لأَنَّ في ناحية
قراها بُحَيرَةً على باب الأَحساء وقرى هجر، بينها وبين البحر الأَخضر
عشرة فراسخ، وقُدِّرَت البُحَيرَةُ ثلاثةَ أَميال في مثلها ولا يغيض
ماؤُها، وماؤُها راكد زُعاقٌ؛ وقد ذكرها الفرزدق فقال:
كأَنَّ دِياراً بين أَسْنِمَةِ النَّقا
وبينَ هَذالِيلِ البُحَيرَةِ مُصْحَفُ
وكانت أَسماء بنت عُمَيْسٍ يقال لها البَحْرِيَّة لأَنها كانت هاجرت
إِلى بلاد النجاشي فركبت البحر، وكلُّ ما نسب إِلى البَحْرِ، فهو
بَحْريٌّ.وفي الحديث ذِكْرُ بَحْرانَ، وهو بفتح الباء وضمها وسكون الحاء، موضع
بناحية الفُرْعِ من الحجاز، له ذِكْرٌ في سَرِيَّة عبدالله بن جَحْشٍ.
وبَحْرٌ وبَحِيرٌ وبُحَيْرٌ وبَيْحَرٌ وبَيْحَرَةُ: أَسماء.
وبنو بَحْريّ: بَطْنٌ.
وبَحْرَةُ ويَبْحُرُ: موضعان. وبِحارٌ وذو بِحارٍ: موضعان؛ قال الشماخ:
صَبَا صَبْوَةً مِن ذِي بِحارٍ، فَجاوَرَتْ،
إِلى آلِ لَيْلى، بَطْنَ غَوْلٍ فَمَنْعَجِ
صوف: الصُّوفُ للضأْن وما أَشبهه؛ الجوهري: الصوف للشاة والصُّوفةُ أَخص
منه. ابن سيده: الصوفُ للغنم كالشَّعَر للمَعَزِ والوَبَرِ للإبل،
والجمع أَصوافٌ، وقد يقال الصوف للواحدة على تسمية الطائفة باسم الجميع؛ حكاه
سيبويه؛ وقوله:
حَلْبانَةٍ رَكْبانةٍ صَفُوفِ،
تَخْلِطُ بين وبَرٍ وصُوفِ
قال ثعلب: قال ابن الأَعرابي معنى قوله تخلط بين وبر وصوف أَنها تباع
فيشترى بها غنم وإبل، وقال الأصمعي: يقول تُسْرِعُ في مِشْيَتِها، شبّه
رَجْع يديها بقَوْسِ الندَّافِ الذي يَخْلِط بين الوبر والصوف، ويقال لواحدة
الصوف صُوفةٌ، ويصغر صُوَيْفة.
وكبش أَصْوَفُ وصَوِفٌ على مثال فَعِل، وصائفٌ وصافٌ وصافٍ، الأَخيرة
مقلوبة، وصوفانيٌّ، كل ذلك: كثير الصوف، تقول منه: صافَ الكَبْشُ بعدما
زَمِرَ يَصُوفُ صَوْفاً، قال: وكذلك صوِف الكَبْشُ، بالكسر، فهو كبش صَوِفٌ
بَيِّنُ الصَّوَفِ؛ حكاه أَبو عبيد عن الكسائي، والأُنثى صافةٌ
وصُوفانةٌ. ولِيّةٌ صافةٌ: يُشْبِه شعرُها الصوفَ؛ قال تأَبط شرّاً:
إذا أَفْزَعُوا أُمَّ الصَّبِيَّينِ، نَفَّضُوا
غَفارِيَّ شُعْثاً، صافَةً لم تُرَجَّلِ
أَبو الهيثم: يقال كبش صُوفانٌ ونعجة صوفانة. الأَصمعي: من أَمثالهم في
المال يملكه من لا يسأْهِلُه: خَرْقاءُ وجدت صُوفاً؛ يضرب للأحمق يصيب
مالاً فيُضَيِّعُه في غير موضعه. وصُوفُ البحر: شيء على شكل هذا الصُّوفِ
الحيواني، واحدته صُوفةٌ. ومن الأَبَدِيَّات قولهم: لا آتيك ما بَلَّ
بَحْرٌ صُوفةً، وحكى اللحياني: ما بَلَّ البحرُ صُوفةً.
والصُّوفانَةُ: بقلة معروفة وهي زغْباء قصيرة؛ قال أَبو حنيفة: ذكر أَبو
نصر أَنه من الأَحْرار ولم يُحلِّه، وأَخَذَ بصُوفَةِ رَقَبَتِه
وصُوفِها وصافِها: وهي زَغَبات فيها، وقيل: هي ما سال في نُقْرَتِها، التهذيب:
وتسمى زَغَباتُ القَفا صوفةَ القَفا. ابن الأَعرابي: خُذْ بصوفةِ قفاه
وبصُوف قفاه وبقَرْدَتِه وبكَرْدَتِه. ويقال: أَخذه بصُوفِ رقَبَتِه وبطُوف
رَقَبَتِه وبطافِ رَقَبَتِه وبظُوفِ رَقَبَتِه وبظافِ رقبتِه وبقُوفِ
رقبته وبقافِ رقبته أَي بجلد رقبته؛ وقال أَبو السَّميدع: وذلك إذا تبعه وظن
أَن لن يدركه فلَحِقَه، أَخذ برقبته أَم لم يأْخذ؛ وقال ابن دريد أَي
بشعره المتدَلي في نُقْرةِ قفاه؛ وقال الفراء إذا أَخذه بقفاه جمعاء، وقال
أَبو الغوث أَي أَخذه قهراً، قال: ويقال أَيضاً أَعطاه بصوف رقبته كما
يقال أَعطاه برُمَّته. وقال أَبو عبيد: أَعْطاه مَجّاناً ولم يأْخذ
ثمناً.وصَوَّفَ الكرْمُ: بدت نوامِيه بعد الصِّرام.
والصوفةُ: كل من ولي شيئاً من عمل البيت، وهم الصُّوفان. الجوهري:
وصُوفةُ أَبو حَيّ من مُضَرَ وهو الغوث بن مُرّ بن أُدِّ بن طابخةَ بن إلياسَ
بن مُضَرَ، كانوا يَخْدُِمُون الكعبة في الجاهلية ويجيزون الحاجَّ أَي
يُفِيضون بهم. ابن سيده: وصُوفةُ حَيٌّ من تميم وكانوا يُجِيزون الحاجّ في
الجاهلية من مِنًى، فيكونون أَوّل من يدفع. يقال في الحج: أَجِيزي
صُوفةُ، فإذا أَجازت قيل: أَجِيزي خِنْدِفُ، فإذا أَجازت أُذِنَ للناس كلهم في
الإجازة، وهي الإفاضة؛ وفيهم يقول أَوْسُ بن مَغْراء السعدي:
ولا يَريمُونَ في التعريف مَوْقِفَهُمْ
حتى يقالَ: أَجِيزُوا آل صُوفانا
قال ابن بري: وكانت الإجازة بالحج إليهم في الجاهلية، وكانت العرب إذا
حجت وحضرت عرفةَ لا تدفع منها حتى يدفع بها صوفُة، وكذلك لا يَنْفِرُون من
مِنًى حتى تَنْفِرَ صُوفةُ، فإذا أَبطأَتْ بهم قالوا: أَجيزي صوفةُ؛
وقيل: صوفة قبيلة اجتمعت من أَفْناء قبائل.
وصافَ عني شَرُّه يصُوفُ صَوْفاً: عَدَلَ. وصافَ السهْمُ عن الهَدَفِ
يَصُوفُ ويَصِيفُ: عدل عنه، وهو مذكور في الياء أَيضاً لأَنها كلمة واوية
ويائية؛ ومنه قولهم: صافَ عني شرُّ فلان، وأَصافَ اللّه عني شَرَّه.
ليل: اللَّيْلُ: عقيب النهار ومَبْدَؤُه من غروب الشمس. التهذيب:
اللَّيْلُ ضد النهار واللَّيْلُ ظلام الليل والنهارُ الضِّياءُ، فإِذا أَفرَدْت
أَحدهما من الآخر قلت ليلة يوم، وتصغير ليلةٍ لُيَيْلِيَةٌ، أَخرجوا
الياء الأَخيرة من مَخْرَجها في الليالي، يقول بعضهم: إِنما كان أَصل تأْسيس
بِنائها لَيْلاً مقصور، وقال الفراء: ليلة كانت في الأَصل لَيْلِية،
ولذلك صغِّرت لُيَيْلِيَة، ومثلها الكَيْكَةُ البَيْضة كانت في الأَصل
كَيْكِية، وجمعها الكَياكي. أَبو الهيثم: النَّهار اسم وهو ضدُّ الليل،
والنهارُ اسم لكل يوم، واللَّيْل اسم لكل ليلة، لا يقال نَهار ونَهاران ولا ليل
ولَيْلان، إِنما واحد النهار يوم وتثنيته يومان وجمعه أَيام، وضدّ اليوم
ليلة وجمعها لَيال، وكان الواحد لَيْلاة في الأَصل، يدلُّ على ذلك جمعهم
إِياها اللَّيالي وتصغيرهم إِياها لُيَيْلِيَة، قال: وربما وضعت العرب
النهار في موضع اليوم فيجمعونه حينئذ نُهُر؛ وقال دُرَيْد بن الصِّمَّة:
وَغارة بين اليوم والليلِ فَلْتَةً،
تَدارَكْتُها وَحْدي بسِيدٍ عَمَرَّد
فقال: بين اليوم والليلِ، وكان حقُّه بين اليوم والليلة لأَن الليلة ضدّ
اليوم واليوم ضد الليلة، وإِنما الليلة ضد النهار كأَنه قال بين النهار
وبين الليل، والعرب تستَجِيز في كلامها: تعالى النهارُ، في معنى تعالى
اليوم. قال ابن سيده: فأَما ما حكاه سيبويه من قولهم سير عليه لَيْلٌ، وهم
يريدون ليل طويل، فإِنما حذف الصفة لما دل من الحال على موضعها، واحدته
لَيلة والجمع لَيالٍ على غير قياس، توهَّموا واحدته لَيْلاة، ونظيره
مَلامِح ونحوها مما حكاه سيبويه، وتصغيرها لُيَيْلِيَة، شذّ التحقير كما شذّ
التكسير؛ هذا مذهب سيبويه في كل ذلك، وحكى ابن الأَعرابي لَيْلاة؛
وأَنشد:في كلِّ يَوْمٍ ما وكلِّ لَيْلاهْ
حتى يقولَ كلُّ راءٍ إِذ رَاهْ:
يا وَيْحَهُ من جَمَلٍ ما أَشْقاهْ
وحكى الكسائي: لَيايِل جمع لَيْلة، وهو شاذ؛ وأَنشد ابن بري للكميت:
جَمَعْتُك والبَدْرَ بنَ عائشةَ الذي
أَضاءتْ به مُسْحَنْكِكاتُ اللَّيَايِل
الجوهري: الليل واحد بمعنى جمع، وواحده ليلة مثل تَمْرة وتَمْر، وقد جمع
على لَيالٍ فزادوا فيه الياء على غير قياس، قال: ونظيره أَهل وأَهالٍ،
ويقال: كأَنَّ الأَصل فيها لَيْلاة فحذفت. واللَّيْنُ: اللَّيْل على
البدل؛ حكاه يعقوب؛ وأَنشد:
بَناتُ وُطَّاءٍ على خَدِّ اللَّيْنْ،
لا يَشْتَكِينَ عَمَلاً ما أَنْقَيْنْ،
ما دامَ مُخٌّ في سُلامَى أَو عَيْنْ
قال ابن سيده: هكذا أَنشده يعقوب في البدل ورواه غيره:
بَناتُ وُطّاءٍ على خَدّ اللَّيْلْ
لأُمِّ مَنْ لم يَتَّخِذْهُنَّ الوَيْلْ
وليلة لَيْلاءُ ولَيْلى: طويلة شديدة صعبة، وقيل: هي أَشد لَيالي الشهر
ظلمة، وبه سميت المرأَة ليلى، وقيل: اللَّيْلاء ليلة ثلاثين، ولَيْلٌ
أَلْيَلُ ولائلٌ ومُلَيَّلٌ كذلك، قال: وأَظنهم أَرادوا بِمُلَيَّل الكثرة
كأَنهم توهَّموا لُيِّل أَي ضُعِّف ليالي؛ قال عمرو بن شَأْس:
وكان مجُودٌ كالجَلامِيدِ بعدَما
مَضى نصفُ لَيْلٍ، بعد لَيْلٍ مُلَيَّلِ
(* قوله «وكان مجود» هكذا في الأصل).
التهذيب: الليث تقول العرب هذه لَيْلةٌ لَيْلاءُ إِذا اشتدَّت ظُلمتها،
ولَيْلٌ أَلْيَل. وأَنشد للكُميت: ولَيْلهم الأَليَل؛ قال: وهذا في ضرورة
الشعر وأَما في الكلام فلَيْلاء. وليلٌ أَلْيَلُ: شديد الظلمة؛ قال
الفرزدق:
قالوا وخاثِرُهُ يُرَدُّ عليهمُ،
والليلُ مُخْتَلِطُ الغَياطِلِ أَلْيَلُ
ولَيْلٌ أَليَلُ: مثل يَوْم أَيْوَمُ.
وأَلالَ القومُ وأَليَلوا: دخلوا في الليل.
ولايَلْتُه مُلايَلةً ولِيالاً: استأْجرته لليلة؛ عن اللحياني. وعامَله
مُلايَلةً: من الليل، كما تقول مُياوَمة من اليوم. النضر: أَلْيَلْتُ
صِرْت في الليل؛ وقال في قوله:
لَسْتُ بِلَيْلِيٍّ ولكِنِّي نَهِرْ
يقول: أَسير بالنهار ولا أَستطيع سُرى الليل. قال: وإِلى نصف النهار
تقول فعلتُ الليلةَ، وإِذا زالت الشمس قلتَ فعلتُ البارحةَ لِلَّيْلةِ التي
قد مضت. أَبو زيد: العرب تقول رأَيت الليلةَ في منامي مُذْ غُدْوةٍ إِلى
زَوال الشمس، فإِذا زالت قالوا رأَيت البارحةَ في منامي، قال: ويقال
تَقْدَمُ الإِبلُ هذه الليلةَ التي في السماء إِنما تعني أَقربَ الليلي من
يومك، وهي الليلةُ التي تليه. وقال أَبو مالك: الهِلالُ في هذه الليلةِ
التي في السماء يعني الليلةَ التي تدخلها، يُتَكَلَّم بهذا في النهار. ابن
السكيت: يقال لِلَيْلة ثمانٍ وعشرين الدَّعْجاءُ، ولليلة تسعٍ وعشرين
الدَّهماءُ، ولليلة الثلاثين اللَّيْلاءُ، وذلك أَظلمها، وليلةٌ ليْلاءُ؛
أَنشد ابن بري:
كم ليلةٍ لَيْلاءَ مُلْبِسة الدُّجَى
أُفْقَ السماء سَرَيْت غير مُهَيَّب
واللَّيْلُ: الذكَر والأُنثى جميعاً من الحُبارَى، ويقال: هو فَرْخُهما،
وكذلك فَرْخ الكَرَوان؛ وقول الفرزدق:
والشَّيْب ينْهَضُ في الشَّبابِ، كأَنه
لَيْلٌ يَصِيحُ بِجانِبَيْهِ نَهارُ
قيل: عنى باللَّيْل فَرْخَ الكَرَوان أَو الحُبارَى، وبالنَّهار فرخ
القَطاة، فحُكِيَ ذلك ليونس فقال: اللَّيْل ليلُكم والنَّهار نَهاركم هذا.
الجوهري: وذكر قوم أَن اللَّيْل ولد الكَروان، والنَّهار ولد الحُبارى،
قال: وقد جاء في ذلك في بعض الأَشعار، قال: وذكر الأَصمعي في كتاب الفَرْقِ
النَّهارَ ولم يذكُر الليلَ؛ قال ابن بري: الشعر الذي عَناه الجوهريُّ
بقوله وقد جاء ذلك في بعض الأَشعار هو قول الشاعر:
أَكَلْتُ النَّهارَ بنِصْفِ النَّهار،
ولَيْلاً أَكَلْتُ بليلٍ بَهِيم
وأُمُّ لَيْلى: الخمرُ السَّوْداء؛ عن أَبي حنيفة. التهذيب: وأُم ليلى
الخمر، ولم يقيِّدها بلون، قال: وليلى هي النَّشْوَةُ، وهو ابتداءُ
السُّكْر. وحَرَّةُ لَيْلى: معروفة في البادية وهي إِحْدَى الحِرَار. ولَيْلى:
من أَسماء النساء؛ قال الجوهري: هو اسم امرأَة، والجمع لَيَالي؛ قال
الراجز:
لم أَرَ في صَواحِبِ النِّعالِ،
اللاَّبِساتِ البُدَّنِ الحَوَالي،
شِبْهاً لِلَيْلى خِيرةِ اللَّيَالي
قال ابن بري: يقال لَيْلى من أَسماء الخمرة، وبها سميت المرأَة؛ قال:
وقال الجوهري وجمعه ليالي، قال: وصوابه والجمع لَيالٍ. ويقال للْمُضَعَّفِ
والمُحَمَّقِ: أَبو لَيْلى. قال الأَخفش علي بن سليمان: الذي صح عنده أَن
معاوية بن يزيد كان يُكْنى أَبا لَيْلى؛ وقد قال ابن همام السَّلُولِيّ:
إِنِّي أَرَى فِتْنةً تَغْلي مَرَاجِلُها،
والمُلْكُ بعد أَبي لَيْلى لمن غَلَبا
قال: ويحكى أَن معاوية هذا لما دُفِن قام مَرْوان بن الحَكَم على قبره
ثم قال: أَتَدْرُون مَن دفنتم؟ قالوا: معاوية فقال: هذا أَبو ليلى؛ فقال
أَزْنَمُ الفَزَارِي:
لا تخْدَعَنَّ بآباءٍ ونِسْبَتِها،
فالمُلْكُ بعدَ أَبي لَيْلى لمن غَلَبا
وقال المدايني: يقال إِنَّ القُرَشِيَّ إِذا كان ضعيفاً يقال له أَبو
لَيْلى، وإِنما ضعف معاوية لأَنَّ وِلايته كانت ثلاثة أَشهر؛ قال: وأَما
عثمان بن عفان، رضي الله عنه، فيقال له أَبو لَيْلى لأَنَّ له ابنة يقال
لها لَيْلى، ولما قتل قال بعض الناس:
إِنِّي أَرَى فتنةً تَغْلي مَراجِلُها،
والمُلْكُ بعد أَبي لَيْلى لِمن غَلَبا
قال: ويقال أَبو لَيْلى أَيضاً كُنْيةُ الذكَر؛ قال نوفل بن ضمرة
الضَّمْري:
إِذا ما لَيْلِي ادْجَوْجَى، رَماني
أَبو لَيْلى بِمُخْزِيةٍ وعَارِ
ولَيْلٌ ولَيْلى: موضعان؛ وقول النابغة:
ما اضْطَرَّك الحِرْزُ من لَيْلى إِلى بَرَد
تَخْتارُه مَعْقِلاً عن جُشِّ أَعْيارِ
(* قوله «وقول النابغة ما اضطرك إلخ» كذا بالأصل هنا، وفي مادة جشش وفي
ياقوت هنا ومادة برد: قال بدر بن حزان).
يروى: من لَيْلٍ ومن لَيْلى.
نظر: النَّظَر: حِسُّ العين، نَظَره يَنْظُره نَظَراً ومَنْظَراً
ومَنْظَرة ونَظَر إِليه. والمَنْظَر: مصدر نَظَر. الليث: العرب تقول نَظَرَ
يَنْظُر نَظَراً، قال: ويجوز تخفيف المصدر تحمله على لفظ العامة من المصادر،
وتقول نَظَرت إِلى كذا وكذا مِنْ نَظَر العين ونَظَر القلب، ويقول
القائل للمؤمَّل يرجوه: إِنما نَنْظُر إِلى الله ثم إِليك أَي إِنما
أَتَوَقَّع فضل الله ثم فَضْلك. الجوهري: النَّظَر تأَمُّل الشيء بالعين، وكذلك
النَّظَرانُ، بالتحريك، وقد نَظَرت إِلى الشيء. وفي حديث عِمران بن حُصَين
قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: النَّظَر إِلى وجه عليّ عِبادة؛
قال ابن الأَثير: قيل معناه أَن عليًّا، كرم الله وجهه، كان إِذا بَرَزَ
قال الناس: لا إِله إِلا الله ما أَشرفَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله
ما أَعلمَ هذا الفتى لا إِله إِلا الله ما أَكرم هذا الفتى أَي ما
أَتْقَى، لا إِله إِلا الله ما أَشْجَع هذا الفتى فكانت رؤيته، عليه السلام،
تحملُهم على كلمة التوحيد.
والنَّظَّارة: القوم ينظُرون إِلى الشيء. وقوله عز وجل: وأَغرقنا آل
فرعون وأَنتم تَنظُرون. قال أَبو إِسحق: قيل معناه وأَنتم تَرَوْنَهم
يغرَقون؛ قال: ويجوز أَن يكون معناه وأَنتم مُشاهدون تعلمون ذلك وإِن شَغَلهم
عن أَن يَروهم في ذلك الوقت شاغل. تقول العرب: دُور آل فلان تنظُر إِلى
دُور آل فلان أَي هي بإِزائها ومقابِلَةٌ لها. وتَنَظَّر: كنَظَر. والعرب
تقول: داري تنظُر إِلى دار فلان، ودُورُنا تُناظِرُ أَي تُقابِل، وقيل:
إِذا كانت مُحاذِيَةً. ويقال: حَيٌّ حِلالٌ ونَظَرٌ أَي متجاورون ينظر
بعضهم بعضاً.
التهذيب: وناظِرُ العَيْنِ النُّقْطَةُ السوداء الصافية التي في وسط
سواد العين وبها يرى النَّاظِرُ ما يَرَى، وقيل: الناظر في العين كالمرآة
إِذا استقبلتها أَبصرت فيها شخصك. والنَّاظِرُ في المُقْلَةِ: السوادُ
الأَصغر الذي فيه إِنْسانُ العَيْنِ، ويقال: العَيْنُ النَّاظِرَةُ. ابن
سيده: والنَّاظِرُ النقطة السوداء في العين، وقيل: هي البصر نفسه، وقيل: هي
عِرْقٌ في الأَنف وفيه ماء البصر. والناظران: عرقان على حرفي الأَنف
يسيلان من المُوقَين، وقيل: هما عرقان في العين يسقيان الأَنف، وقيل: الناظران
عرقان في مجرى الدمع على الأَنف من جانبيه. ابن السكيت: الناظران عرقان
مكتنفا الأَنف؛ وأَنشد لجرير:
وأَشْفِي من تَخَلُّجِ كُلِّ جِنٍّ،
وأَكْوِي النَّاظِرَيْنِ من الخُنَانِ
والخنان: داء يأْخذ الناس والإِبل، وقيل: إِنه كالزكام؛ قال الآخر:
ولقد قَطَعْتُ نَواظِراً أَوجَمْتُها،
ممن تَعَرَّضَ لي من الشُّعَراءِ
قال أَبو زيد: هما عرقان في مَجْرَى الدمع على الأَنف من جانبيه؛ وقال
عتيبة بن مرداس ويعرف بابن فَسْوة:
قَلِيلَة لَحْمِ النَّاظِرَيْنِ، يَزِينُها
شَبَابٌ ومخفوضٌ من العَيْشِ بارِدُ
تَناهَى إِلى لَهْوِ الحَدِيثِ كأَنها
أَخُو سَقْطَة، قد أَسْلَمَتْهُ العَوائِدُ
وصف محبوبته بأَسالة الخدّ وقلة لحمه، وهو المستحب. والعيش البارد: هو
الهَنِيُّ الرَّغَدُ. والعرب تكني بالبَرْدِ عن النعيم وبالحَرِّ عن
البُؤسِ، وعلى هذا سُمِّيَ النَّوْمُ بَرْداً لأَنه راحة وتَنَعُّمٌ. قال الله
تعالى: لا يذوقون فيها بَرْداً ولا شَراباً؛ قيل: نوماً؛ وقوله: تناهى
أَي تنتهي في مشيها إِلى جاراتها لِتَلْهُوَ مَعَهُنَّ، وشبهها في
انتهارها عند المشي بعليل ساقط لا يطيق النهوض قد أَسلمته العوائد لشدّة
ضعفه.وتَناظَرَتِ النخلتان: نَظَرَتِ الأُنثى منهما إِلى الفُحَّالِ فلم
ينفعهما تلقيح حتى تُلْقَحَ منه؛ قال ابن سيده: حكى ذلك أَبو حنيفة.
والتَّنْظارُ: النَّظَرُ؛ قال الحطيئة:
فما لَكَ غَيْرُ تَنْظارٍ إِليها،
كما نَظَرَ اليَتِيمُ إِلى الوَصِيِّ
والنَّظَرُ: الانتظار. ويقال: نَظَرْتُ فلاناً وانْتَظَرْتُه بمعنى
واحد، فإِذا قلت انْتَظَرْتُ فلم يُجاوِزْك فعلك فمعناه وقفت وتمهلت. ومنه
قوله تعالى: انْظُرُونا نَقْتَبِسْ من نُوركم، قرئ: انْظُرُونا
وأَنْظِرُونا بقطع الأَلف، فمن قرأَ انْظُرُونا، بضم الأَلف، فمعناه انْتَظِرُونا،
ومن قرأَ أَنْظِرُونا فمعناه أَخِّرُونا؛ وقال الزجاج: قيل معنى
أَنْظِرُونا انْتَظِرُونا أَيضاً؛ ومنه قول عمرو بن كلثوم:
أَبا هِنْدٍ فلا تَعْجَلْ علينا،
وأَنْظِرْنا نُخَبِّرْكَ اليَقِينا
وقال الفرّاء: تقول العرب أَنْظِرْني أَي انْتَظِرْني قليلاً، ويقول
المتكلم لمن يُعْجِلُه: أَنْظِرْني أَبْتَلِع رِيقِي أَي أَمْهِلْنِي. وقوله
تعالى: وُجُوهٌ يومئذ ناضِرَةٌ إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ؛ الأُولى بالضاد
والأُخرى بالظاءِ؛ قال أَبو إِسحق: يقول نَضِرَت بِنَعِيم الجنة
والنَّظَرِ إِلى ربها. وقال الله تعالى: تَعْرِفُ في وُجُوههم نَضْرَةَ النَّعِيم؛
قال أبو منصور: ومن قال إِن معنى قوله إِلى ربها ناظرة يعني منتظرة فقد
أَخطأَ، لأَن العرب لا تقول نَظَرْتُ إِلى الشيء بمعنى انتظرته، إِنما
تقول نَظَرْتُ فلاناً أَي انتظرته؛ ومنه قول الحطيئة:
نَظَرْتُكُمُ أَبْناءَ صَادِرَةٍ
لِلْوِرْدِ، طَالَ بها حَوْزِي وتَنْساسِي
وإِذا قلت نَظَرْتُ إِليه لم يكن إِلا بالعين، وإِذا قلت نظرت في الأَمر
احتمل أَن يكون تَفَكُّراً فيه وتدبراً بالقلب.
وفرس نَظَّارٌ إِذا كان شَهْماً طامِحَ الطَّرْفِ حدِيدَ القلبِ؛ قال
الراجز أَبو نُخَيْلَةَ:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّةً لم تُهْجَمِ
نَظَّارِيَّةٌ: ناقة نجيبة من نِتاجِ النَّظَّارِ، وهو فحل من فحول
العرب؛ قال جرير:
والأَرْحَبِيّ وجَدّها النَّظَّار
لم تُهْجَم: لم تُحْلَبْ.
والمُناظَرَةُ: أَن تُناظِرَ أَخاك في أَمر إِذا نَظَرْتُما فيه معاً
كيف تأْتيانه.
والمَنْظَرُ والمَنْظَرَةُ: ما نظرت إِليه فأَعجبك أَو ساءك، وفي
التهذيب: المَنْظَرَةُ مَنْظَرُ الرجل إِذا نظرت إِليه فأَعجبك، وامرأَة
حَسَنَةُ المَنْظَرِ والمَنْظَرة أَيضاً. ويقال: إِنه لذو مَنْظَرَةٍ بلا
مَخْبَرَةٍ. والمَنْظَرُ: الشيء الذي يعجب الناظر إِذا نظر إِليه ويَسُرُّه.
ويقال: مَنْظَرُه خير من مَخْبَرِه. ورجل مَنْظَرِيٌّ ومَنْظَرانيٌّ،
الأَخيرة على غير قياس: حَسَنُ المَنْظَرِ؛ ورجل مَنْظَرانيٌّ مَخْبَرانيّ.
ويقال: إِن فلاناً لفي مَنْظَرٍ ومُستَمَعٍ، وفي رِيٍّ ومَشْبَع، أَي
فيما أَحَبَّ النَّظَرَ إِليه والاستماع. ويقال: لقد كنت عن هذا المَقامِ
بِمَنْظَرٍ أَي بمَعْزَل فيما أَحْبَبْتَ؛ وقال أَبو زيد يخاطب غلاماً قد
أَبَقَ فَقُتِلَ:
قد كنتَ في مَنْظَرٍ ومُسْتَمَعٍ،
عن نَصْرِ بَهْرَاءَ ، غَيرَ ذي فَرَسِ
وإِنه لسديدُ النَّاظِرِ أَي بَرِيءٌ من التهمة ينظر بمِلءِ عينيه.
وبنو نَظَرَى ونَظَّرَى: أَهلُ النَّظَرِ إِلى النساء والتَّغَزُّل بهن؛
ومنه قول الأَعرابية لبعلها: مُرَّ بي على بَني نَظَرَى، ولا تَمُرَّ بي
على بنات نَقَرَى، أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ فأُعجبهم
وأَرُوقُهم ولا يَعِيبُونَني من ورائي، ولا تَمُرَّ بي على النساء
اللائي ينظرنني فيَعِبْنَني حسداً ويُنَقِّرْنَ عن عيوب من مَرَّ بهن.
وامرأَة سُمْعُنَةٌ نُظْرُنَةٌ وسِمْعَنَةٌ نِظْرَنة، كلاهما بالتخفيف؛
حكاهما يعقوب وحده: وهي التي إِذا تَسَمَّعَتْ أَو تَنَظَّرَتْ فلم تَرَ
شيئاً فَظَنَّتْ. والنَّظَرُ: الفكر في الشيء تُقَدِّره وتقيسه منك.
والنَّظْرَةُ: اللَّمْحَة بالعَجَلَة؛ ومنه الحديث: أَن النبي، صلى الله
عليه وسلم، قال لعلي: لا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فإِن لك
الأُولى وليست لك الآخرةُ. والنَّظْرَةُ: الهيئةُ. وقال بعض الحكماء: من لم
يَعْمَلْ نَظَرُه لم يَعْمَلْ لسانُه؛ ومعناه أَن النَّظْرَةَ إِذا خرجت
بإِبكار القلب عَمِلَتْ في القلب، وإِذا خرجت بإِنكار العين دون القلب لم
تعمل، ومعناه أَن من لم يَرْتَدِعْ بالنظر إِليه من ذنب أَذنبه لم يرتدع
بالقول. الجوهري وغيره: ونَظَرَ الدَّهْرُ إِلى بني فلان فأَهلكهم؛ قال
ابن سيده: هو على المَثَلِ، قال: ولستُ منه على ثِقَةٍ.
والمَنْظَرَةُ: موضع الرَّبِيئَةِ. غيره: والمَنظَرَةُ موضع في رأْس جبل
فيه رقيب ينظر العدوَّ يَحْرُسُه. الجوهري: والمَنظَرَةُ المَرْقَبَةُ.
ورجلٌ نَظُورٌ ونَظُورَةٌ وناظُورَةٌ ونَظِيرَةٌ: سَيِّدٌ يُنْظَر
إِليه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في ذلك سواء. الفراء: يقال فلان
نَظُورةُ قومه ونَظِيرَةُ قومهِ، وهو الذي يَنْظُرُ إِليه قومه فيمتثلون ما
امتثله، وكذلك هو طَرِيقَتُهم بهذا المعنى. ويقال: هو نَظِيرَةُ القوم
وسَيِّقَتُهم أَي طَلِيعَتُهم. والنَّظُورُ: الذي لا يُغٌفِلُ النَّظَرَ إِلى
ما أَهمه.
والمَناظِر: أَشرافُ الأَرضِ لأَنه يُنْظَرُ منها. وتَناظَرَتِ
الدَّارانِ: تقابلتا. ونَظَرَ إِليك الجبلُ: قابلك. وإِذا أَخذت في طريق كذا
فَنَظَر إِليك الجبلُ فَخُذْ عن يمينه أَو يساره. وقوله تعالى: وتَراهُمْ
يَنْظُرونَ إِليك وهم لا يبصرون؛ ذهب أَبو عبيد إِلى أَنه أَراد الأَصنام
أَي تقابلك، وليس هنالك نَظَرٌ لكن لما كان النَّظَرُ لا يكون إِلا
بمقابلةٍ حَسُنَ وقال: وتراهم، وإِن كانت لا تعقل لأَنهم يضعونها موضع من
يعقل.والنَّاظِرُ: الحافظ. وناظُورُ الزرع والنخل وغيرهما: حَافِظُه؛ والطاء
نَبَطِيَّة.
وقالوا: انْظُرْني اي اصْغ إِليَّ؛ ومنه قوله عز وجل: وقولوا انْظُرْنا
واسمعوا. والنَّظْرَةُ: الرحمةُ. وقوله تعالى: ولا يَنْظُر إِليهم يوم
القيامة؛ أَي لا يَرْحَمُهُمْ. وفي الحديث: إِن الله لا يَنْظُر إِلى
صُوَرِكم وأَموالكم ولكن إِلى قلوبكم وأَعمالكم؛ قال ابن الأَثير: معنى النظر
ههنا الإِحسان والرحمة والعَطْفُ لأَن النظر في الشاهد دليل المحبة، وترك
النظر دليل البغض والكراهة، ومَيْلُ الناسِ إِلى الصور المعجبة والأَموال
الفائقة، والله سبحانه يتقدس عن شبه المخلوقين، فجعل نَظَرَهُ إِلى ما هو
للسَّرِّ واللُّبِّ، وهو القلب والعمل؛ والنظر يقع على الأَجسام والمعاني،
فما كان بالأَبصار فهو للأَجسام، وما كان بالبصائر كان للمعاني. وفي
الحديث: مَنِ ابتاعَ مِصَرَّاةً فهو بخير النَّظَرَيْنِ أَي خير الأَمرين
له: إِما إِمساك المبيع أَو ردُّه، أَيُّهما كان خيراً له واختاره فَعَلَه؛
وكذلك حديث القصاص: من قُتل له قتيل فهو بخير النَّظَرَيْنِ؛ يعني
القصاص والدية؛ أَيُّهُما اختار كان له؛ وكل هذه معانٍ لا صُوَرٌ. ونَظَرَ
الرجلَ ينظره وانْتَظَرَه وتَنَظَّرَه: تَأَنى عليه؛ قال عُرْوَةُ بن
الوَرْدِ:
إِذا بَعُدُوا لا يأْمَنُونَ اقْتِرابَهُ،
تَشَوُّفَ أَهلِ الغائبِ المُنتَنَظَّرِ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ المعروفَ حلَّ أَلِيَّةٍ،
ولا عِدَةً في النَّاظِرِ المُتَغَيِّبِ
فسره فقال: الناظر هنا على النَّسَبِ أَو على وضع فاعل موضع مفعول؛ هذا
معنى قوله، ومَثَّلَه بِسِّرٍ كاتم أَي مكتوم. قال ابن سيده: وهكذا وجدته
بخط الحَامِضِ
(* قوله« الحامض» هو لقب ابي موسى سليمان بن محمد بن أحمد
النحوي أخذ عن ثعلب، صحبه اربعين سنة وألف في اللغة غريب الحديث وخلق
الانسان والوحوش والنبات، روى عنه أبو عمر الزاهد وأبو جعفر الاصبهاني. مات
سنة ؟؟) ، بفتح الياء، كأَنه لما جعل فاعلاً في معنى مفعول استجاز
أَيضاً أَن يجعل مُتَفَعَّلاً في موضع مُتَفَعِّلٍ والصحيح المتَغَيِّب،
بالكسر. والتَّنَظُّرُ: تَوَقَّع الشيء. ابن سيده: والتَّنَظُّرُ تَوَقُّعُ
ما تَنْتَظِرُهُ. والنَّظِرَةُ، بكسر الظاء: التأْخير في الأَمر. وفي
التنزيل العزيز: فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ، وقرأَ بعضهم: فناظِرَةٌ، كقوله
عز وجل: ليس لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ؛ أَي تكذيبٌ. ويقال: بِعْتُ فلاناً
فأَنْظَرْتُه أَي أَمهلتُه، والاسم منه النَّظِرَةُ. وقال الليث: يقال
اشتريته منه بِنَظِرَةٍ وإِنْظارٍ. وقوله تعالى: فَنَظِرَة إِلى مَيْسَرَةٍ؛
أَي إِنظارٌ. وفي الحديث: كنتُ أُبايِعُ الناس فكنتُ أُنْظِر المُعْسِرَ؛
الإِنظار: التأْخير والإِمهال. يقال: أَنْظَرْتُه أُنْظِره. ونَظَرَ
الشيءَ: باعه بِنَظِرَة. وأَنْظَرَ الرجلَ: باع منه الشيء بِنَظِرَةٍ.
واسْتَنْظَره: طلب منه النَّظرَةَ واسْتَمْهَلَه. ويقول أَحد الرجلين لصاحبه:
بيْعٌ، فيقول: نِظْرٌ أَي أَنْظِرْني حتى أَشْتَرِيَ منك. وتَنَظَّرْه
أَي انْتَظِرْهُ في مُهْلَةٍ.
وفي حديث أَنس: نَظَرْنا النبيَّ، صلى الله عليه وسلم، ذاتَ ليلة حتى
كان شَطْرُ الليلِ. يقال: نَظَرتُهُ وانْتَظَرْتُه إِذا ارْتَقَبْتَ
حضورَه. ويقال: نَظَارِ مثل قَطامِ كقولك: انْتَظِرْ، اسم وضع موضع الأَمر.
وأَنْظَرَه: أَخَّرَهُ. وفي التنزيل العزيز: قال أَنْظِرْني إِلى يوم
يُبْعَثُونَ.
والتَّناظُرُ: التَّراوُضُ في الأَمر. ونَظِيرُك: الذي يُراوِضُك
وتُناظِرُهُ، وناظَرَه من المُناظَرَة. والنَّظِيرُ: المِثْلُ، وقيل: المثل في
كل شيء. وفلان نَظِيرُك أَي مِثْلُك لأَنه إِذا نَظَر إِليهما النَّاظِرُ
رآهما سواءً. الجوهري: ونَظِيرُ الشيء مِثْلُه. وحكى أَبو عبيدة:
النِّظْر والنَّظِير بمعنًى مثل النِّدِّ والنَّدِيدِ؛ وأَنشد لعبد يَغُوثَ بن
وَقَّاصٍ الحارِثيِّ:
أَلا هل أَتى نِظْرِيُ مُلَيْكَةَ أَنَّني
أَنا الليثُ، مَعْدِيّاً عليه وعادِيا؟
(* روي هذا البيت في قصيدة عبد يغوث على الصورة التالية:
وقد عَلِمت عِرسِي مُلَيكةُ أنني * أنا الليثُ، مَعدُوّاً عليّ
وعَاديا)
وقد كنتُ نَجَّارَ الجَزُورِ ومُعْمِلَ الْـ
ـسَطِيِّ، وأَمْضِي حيثُ لا حَيَّ ماضِيَا
ويروى: عِرْسِي مُلَيْكَةَ بدل نِظْرِي مليكة. قال الفرّاء: يقال
نَظِيرَةُ قومه ونَظُورَةُ قومه للذي يُنْظَر إِليه منهم، ويجمعان على
نَظَائِرَ، وجَمْعُ النَّظِير نُظَرَاءُ، والأُنثى نَظِيرَةٌ، والجمع النَّظائر
في الكلام والأَشياء كلها. وفي حديث ابن مسعود: لقد عرفتُ النَّظائِرَ
التي كان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، يَقُومُ بها عشرين سُورَةً من
المُفَصَّل، يعني سُوَرَ المفصل، سميت نظائر لاشتباه بعضها ببعض في الطُّول.
وقول عَديّ: لم تُخطِئْ نِظارتي أَي لم تُخْطِئْ فِراسَتي. والنَّظائِرُ:
جمع نَظِيرة، وهي المِثْلُ والشِّبْهُ في الأَشكال، الأَخلاق والأَفعال
والأَقوال. ويقال: لا تُناظِرْ بكتاب الله ولا بكلام رسول الله، وفي رواية:
ولا بِسُنَّةِ رسول الله؛ قال أَبو عبيد: أَراد لا تجعل شيئاً نظيراً لكتاب
ا ولا لكلام رسول الله فتدعهما وتأْخذ به؛ يقول: لا تتبع قول قائل من كان
وتدعهما له. قال أَبو عبيد: ويجوز أَيضاً في وجه آخر أَن يجعلهما مثلاً
للشيء يعرض مثل قول إِبراهيم النخعي: كانوا يكرهون أَن يذكروا الآية عند
الشيء يَعْرِضُ من أَمر الدنيا، كقول القائل للرجل إِذا جاء في الوقت الذي
يُرِيدُ صاحبُه: جئت على قَدَرٍ يا موسى، هذا وما أَشبهه من الكلام،
قال: والأَوّل أَشبه. ويقال: ناظَرْت فلاناً أَي صِرْتُ نظيراً له في
المخاطبة. وناظَرْتُ فلاناً بفلان أَي جعلته نَظِيراً له. ويقال للسلطان إِذا
بعث أَميناً يَسْتبرئ أَمْرَ جماعةِ قريةٍ: بَعث ناظِراً.
وقال الأَصمعي: عَدَدْتُ إِبِلَ فلان نَظائِرَ أَي مَثْنَى مثنى،
وعددتها جَمَاراً إِذا عددتها وأَنت تنظر إِلى جماعتها.
والنَّظْرَةُ: سُوءُ الهيئة. ورجل فيه نَظْرَةٌ أَي شُحُوبٌ؛ وأَنشد
شمر:وفي الهامِ منها نَظْرَةٌ وشُنُوعُ
قال أَبو عمرو: النَّظْرَةُ الشُّنْعَةُ والقُبْحُ. ويقال: إِن في هذه
الجارية لَنَظْرَةً إِذا كانت قبيحة. ابن الأَعرابي: يقال فيه نَظْرَةٌ
ورَدَّةٌ أَي يَرْتَدُّ النظر عنه من قُبْحِهِ. وفيه نَظْرَةٌ أَي قبح؛
وأَنشد الرِّياشِيُّ:
لقد رَابَني أَن ابْنَ جَعْدَةَ بادِنٌ،
وفي جِسْمِ لَيْلى نَظْرَةٌ وشُحُوبُ
وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، رأَى جارية فقال: إِن بها
نَظْرَةً فاسْتَرْقُوا لها؛ وقيل: معناه إِن بها إِصابة عين من نَظَرِ
الجِنِّ إِليها، وكذلك بها سَفْعَةٌ؛ ومنه قوله تعالى: غيرَ ناظِرِينَ
إِناهُ؛ قال أَهل اللغة: معناه غير منتظرين بلوغه وإِدراكه. وفي الحديث: أَن
عبد الله أَبا النبي، صلى الله عليه وسلم، مرّ بامرأَة تَنْظُرُ وتَعْتافُ،
فرأَتْ في وجهه نُوراً فدعته إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ منها وتُعْطِيَهُ
مائةً من الإِبل فأَبى، قوله: تَنْظُرُ أَي تَتَكَهَّنُ، وهو نَظَرُ
تَعَلُّمٍ وفِراسةٍ، وهذه المرأَة هي كاظمةُ بنتُ مُرٍّ، وكانت مُتَهَوِّدَةً قد
قرأَت الكتب، وقيل: هي أُختُ ورَقَةَ بن نَوْفَلٍ. والنَّظْرَةُ: عين
الجن. والنَّظْرَةُ: الغَشْيَةُ أَو الطائف من لجن، وقد نُظِرَ. ورجل فيه
نَظْرَةٌ أَي عيبٌ.
والمنظورُ: الذي أَصابته نَظْرَةٌ. وصبي مَنْظُورٌ: أَصابته العين.
والمنظورُ: الذي يُرْجَى خَيْرُه. ويقال: ما كان نَظِيراً لهذا ولقد
أَنْظَرْتُه، وما كان خَطِيراً ولقد أَخْطَرْتُه. ومَنْظُورُ بن سَيَّارٍ: رجلٌ.
ومَنْظُورٌ: اسمُ جِنِّيٍّ؛ قال:
ولو أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أَسْلما
لِنَزْعِ القَذَى، لم يُبْرِئا لي قَذَاكُما
وحَبَّةُ: اسم امرأَة عَلِقَها هذا الجني فكانت تَطَبَّبُ بما
يُعَلِّمُها. وناظِرَةُ: جبل معروف أَو موضع. ونَواظِرُ: اسم موضع؛ قال ابن
أَحمر:وصَدَّتْ عن نَواظِرَ واسْتَعَنَّتْ
قَتَاماً، هاجَ عَيْفِيًّا وآلا
(* قوله « عيفياً» كذا بالأصل.)
وبنو النَّظَّارِ: قوم من عُكْلٍ، وإِبل نَظَّاريَّة: منسوبة إِليهم؛
قال الراجز:
يَتْبَعْنَ نَظَّارِيَّة سَعُومَا
السَّعْمُ: ضَرْبٌ من سير الإِبل.