الصيغة التركية للاسم العربي جودة.
الصيغة التركية للاسم العربي جودة.
جود: الجَيِّد: نقيض الرديء، على فيعل، وأَصله جَيْوِد فقلبت الواو ياء
لانكسارها ومجاورتها الياء، ثم أُدغمت الياء الزائدة فيها، والجمع جِياد،
وجيادات جمع الجمع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
كم كان عند بَني العوّامِ من حَسَب،
ومن سُيوف جِياداتٍ وأَرماحِ
وفي الصحاح في جمعه جيائد، بالهمز على غير قياس. وجاد الشيءُ جُودة
وجَوْدة أَي صار جيِّداً، وأَجدت الشيءَ فجاد، والتَّجويد مثله. وقد قالوا
أَــجْوَدْت كما قالوا: أَطال وأَطْوَلَ وأَطاب وأَطْيَبَ وأَلان وأَلْيَن
على النقصان والتمام. ويقال: هذا شيء جَيِّدٌ بَيِّن الجُودة والجَوْدة.
وقد جاد جَوْدة وأَجاد: أَتى بالجَيِّد من القول أَو الفعل. ويقال: أَجاد
فلان في عمله وأَجْوَد وجاد عمله يَجود جَوْدة، وجُدْت له بالمال جُوداً.
ورجل مِجْوادٌ مُجِيد وشاعر مِجْواد أَي مُجيد يُجيد كثيراً. وأَجَدْته
النقد: أَعطيته جياداً. واستجدت الشيء: أَعددته جيداً. واستَجاد الشيءَ:
وجَده جَيِّداً أَو طلبه جيداً.
ورجل جَواد: سخيّ، وكذلك الأُنثى بغير هاء، والجمع أَجواد، كسَّروا
فَعالاً على أَفعال حتى كأَنهم إِنما كسروا فَعَلاً. وجاودت فلاناً فَجُدْته
أَي غلبته بالجود، كما يقال ماجَدْتُه من المَجْد. وجاد الرجل بماله
يجُود جُوداً، بالضم، فهو جواد. وقوم جُود مثل قَذال وقُذُل، وإِنما سكنت
الواو لأَنها حرف علة، وأَجواد وأَجاودُ وجُوُداء؛ وكذلك امرأَة جَواد ونسوة
جُود مثل نَوارٍ ونُور؛ قال أَبو شهاب الهذلي:
صَناعٌ بِإِشْفاها، حَصانٌ بشَكرِها،
جَوادٌ بقُوت البَطْن، والعِرْقُ زاخِر
قوله: العرق زاخر، قال ابن برّي: فيه عدّة أَقوال: أَحدها أَن يكون
المعنى أَنها تجود بقوتها عند الجوع وهيجان الدم والطبائع؛ الثاني ما قاله
أَبو عبيدة يقال: عرق فلان زاخر إِذا كان كريماً ينمى فيكون معنى زاخر أَنه
نامٍ في الكرم؛ الثالث أَن يكون المعنى في زاخر أَنه بلغ زُخارِيَّه،
يقال بلغ النبت زخاريه إِذا طال وخرج زهره؛ الرابع أَن يكون العرق هنا
الاسم من أَعرق الرجل إِذا كان له عرق في الكرم. وفي الحديث: تــجَوَّدْتُــها لك
أَي تخيرت الأَجود منها. قال أَبو سعيد: سمعت أَعرابيّاً قال: كنت أَجلس
إِلى قوم يتجاوبون ويتجاودون فقلت له: ما يتجاودون؟ فقال: ينظرون أَيهم
أَجود حجة.
وأَجواد العرب مذكورون، فأَجواد أَهل الكوفة: هم عكرمة بن ربعي وأَسماء
بن خارجة وعتاب بن ورقاء الرياحي؛ وأَجواد أَهل البصرة: عبيد الله بن
أَبي بكرة ويكنى أَبا حاتم وعمر بن عبدالله بن معمر التيمي وطلحة بن عبدالله
بن خلف الخزاعي وهؤلاء أَجود من أَجواد الكوفة؛ وأَجواد الحجاز: عبدالله
بن جعفر بن أَبي طالب وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب وهما أَجود من
أَجواد أَهل البصرة، فهؤلاء الأَجواد المشهورون؛ وأَجواد الناس بعد ذلك
كثير، والكثير أَجاود على غير قياس، وجُود وجُودة، أَلحقوا الهاء للجمع
كما ذهب إِليه سيبويه في الخؤْولة، وقد جاد جُوداً؛ وقول ساعدة:
إِني لأَهْواها وفيها لامْرِئٍ،
جادت بِنائلها إِليه، مَرْغَبُ
إِنما عداه بإِلى لأَنه في معنى مالت إِليه.
ونساء جُود؛ قال الأَخطل:
وهُنَّ بالبَذْلِ لا بُخْلٌ ولا جُود
واستجاده: طلب جوده. ويقال: جاد به أَبواه إِذا ولداه جواداً؛ وقال
الفرزدق:
قوم أَبوهم أَبو العاصي، أَجادَهُمُ
قَرْمٌ نَجِيبٌ لجدّاتٍ مَناجِيبِ
وأَجاده درهماً: أَعطاه إِياه. وفرس جواد: بَيِّنُ الجُودة، والأُنثى
جواد أَيضاً؛ قال:
نَمَتْهُ جَواد لا يُباعُ جَنِينُها
وفي حديث التسبيح: أَفضل من الحمل على عشرين جواداً. وفي حديث سليم بن
صرد: فسرت إِليه جواداً أَي سريعاً كالفرس الجواد، ويجوز أَن يريد سيراً
جواداً، كما يقال سرنا عُقْبَةً جَواداً أَي بعيدة.
وجاد الفرس أَي صار رائعاً يجود جُودة، بالضم، فهو جواد للذكر والأُنثى
من خيل جياد وأَجياد وأَجاويد.
وأَجياد: جبل بمكة، صانها الله تعالى وشرّفها، سمي بذلك لموضع خيل تبع،
وسمي قُعَيْقِعان لموضع سلاحه. وفي الحديث: باعده الله من النار سبعين
خريفاً للمُضَمِّرِ المُجِيد؛ المجيد: صاحب الجواد وهو الفرس السابق الجيد،
كما يقال رجل مُقْوٍ ومُضْعِف إِذا كانت دابته قوية أَو ضعيفة.
وفي حديث الصراط: ومنهم من يمر كأَجاويد الخيل، هي جمع أَجواد، وأَجواد
جمع جواد؛ وقول ذروة بن جحفة أَنشده ثعلب:
وإِنك إِنْ حُمِلتَ على جَواد،
رَمَتْ بك ذاتَ غَرْزٍ أَو رِكاب
معناه: إن تزوجت لم ترض امرأَتك بك؛ شبهها بالفرس أَو الناقة النفور
كأَنها تنفر منه كما ينفر الفرس الذي لا يطاوع وتوصف الأَتان بذلك؛ أَنشد
ثعلب:
إِن زَلَّ فُوه عن جَوادٍ مِئْشِيرْ،
أَصْلَقَ ناباهُ صِياحَ العُصْفورْ
(* قوله «زل فوه» هكذا بالأصل والذي يظهر أنه زلقوه أي أنزلوه عن جواد
إلخ قرع بنابه على الأخرى مصوتاً غيظاً.)
والجمع جياد وكان قياسه أَن يقال جِواد، فتصح الواو في الجمع لتحركها في
الواحد الذي هو جواد كحركتها في طويل، ولم يسمع مع هذا عنهم جِواد في
التكسير البتة، فأَجروا واو جواد لوقوعها قبل الأَلف مجرى الساكن الذي هو
واو ثوب وسوط فقالوا جياد، كما قالوا حياض وسياط، ولم يقولوا جواد كما
قالوا قوام وطوال.
وقد جاد في عدوه وجوّد وأَجود وأَجاد الرجل وأَجود إِذا كان ذا دابة
جواد وفرس جواد؛ قال الأَعشى:
فَمِثْلُكِ قد لَهَوْتُ بها وأَرضٍ
مَهَامِهَ، لا يَقودُ بها المُجِيدُ
واستَجادَ الفرسَ: طلبه جَواداً. وعدا عَدْواً جَواداً وسار عُقْبَةً
جَواداً أَي بعيدة حثيثة، وعُيْبَتَين جوادين وعُقَباً جياداً وأَجواداً،
كذلك إِذا كانت بعيدة. ويقال: جوّد في عدوه تجويداً.
وجاد المطر جَوْداً: وبَلَ فهو جائد، والجمع جَوْد مثل صاحب وصَحْب،
وجادهم المطر يَجُودهم جَوْداً. ومطر جَوْد: بَيِّنُ الجَوْد غزيز، وفي
المحكم يروي كل شيء. وقيل: الجود من المطر الذي لا مطر فوقه البتة. وفي حديث
الاستسقاء: ولم يأْت أَحد من ناحية إِلا حدَّث بالجَوْد وهو المطر الواسع
الغزير. قال الحسن: فأَما ما حكى سيبويه من قولهم أَخذتنا بالجود وفوقه
فإِنما هي مبالغة وتشنيع، وإِلاَّ فليس فوق الجَوْد شيء؛ قال ابن سيده:
هذا قول بعضهم، وسماء جَوْد وصفت بالمصدر، وفي كلام بعض الأَوائل: هاجت
بنا سماء جَوْد وكان كذا وكذا، وسحابة جَوْد كذلك؛ حكاه ابن الأَعرابي.
وجِيدَت الأَرضُ: سقاها الجَوْد؛ ومنه الحديث: تركت أَهل مكة وقد جِيدُوا
أَي مُطِروا مَطَراً جَوْداً. وتقول: مُطِرْنا مَطْرَتين جَوْدَين. وأَرض
مَجُودة: أَصابها مطر جَوْد؛ وقال الراجز:
والخازِبازِ السَّنَمَ المجُودا
وقال الأَصمعي: الجَوْد أَن تمطر الأَرض حتى يلتقي الثريان؛ وقول صخر
الغيّ:
يلاعِبُ الريحَ بالعَصْرَينِ قَصْطَلُه،
والوابِلُونَ وتَهْتانُ التَّجاويد
يكون جمعاً لا واحد له كالتعَّاجيب والتَّعاشيب والتباشير، وقد يكون جمع
تَجْواد، وجادت العين تَجُود جَوْداً وجُؤُوداً: كثر دمعها؛ عن
اللحياني. وحتف مُجِيدٌ: حاضر، قيل: أُخذ من جَوْدِ المطر؛ قال أَبو
خراش:غَدَا يَرتادُ في حَجَراتِ غَيْثٍ،
فصادَفَ نَوْءَهُ حَتْفٌ مُجِيدُ
وأَجاده: قتله. وجاد بنفسه عند الموت يَجُودُ جَوْداً وجو وداً: قارب
أَن يِقْضِيَ؛ يقال: هو يجود بنفسه إِذا كان في السياق، والعرب تقول: هو
يَجُود بنفسه، معناه يسوق بنفسه، من قولهم: إِن فلاناً لَيُجاد إِلى فلان
أَي يُساق إِليه. وفي الحديث: فإِذا ابنه إِبراهيم، عليه السلام، يَجُود
بنفسه أَي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإِنسان ماله يجود به؛ قال: والجود
الكرم يريد أَنه كان في النزع وسياق الموت.
ويقال: جِيدِ فلان إِذا أَشرف على الهلاك كأَنَّ الهلاك جاده؛ وأَنشد:
وقِرْنٍ قد تَرَكْتُ لدى مِكَرٍّ،
إِذا ما جادَه النُّزَفُ اسْتَدانا
ويقال: إِني لأُجادُ إِلى لقائك أَي أَشتاق إِليك كأَنَّ هواه جاده
الشوق أَي مطره؛ وإِنه لَيُجاد إِلى كل شيءٍ يهواه، وإِني لأُجادُ إِلى
القتال: لأَشتاق إِليه. وجِيدَ الرجلُ يُجادُ جُواداً، فهو مَجُود إِذا عَطِش.
والجَوْدة: العَطشة. وقيل: الجُوادُ، بالضم، جَهد العطش. التهذيب: وقد
جِيدَ فلان من العطش يُجاد جُواداً وجَوْدة؛ وقال ذو الرمة:
تُعاطِيه أَحياناً، إِذا جِيدَ جَوْدة،
رُضاباً كطَعْمِ الزَّنْجِبيل المُعَسَّل
أَي عطش عطشة؛ وقال الباهلي:
ونَصْرُكَ خاذِلٌ عني بَطِيءٌ،
كأَنَّ بِكُمْ إِلى خَذْلي جُواداً
أَي عطشاً.
ويقال للذي غلبه النوم: مَجُود كأَن النوم جاده أَي مطره. قال:
والمَجُود الذي يُجْهَد من النعاس وغيره؛ عن اللحياني؛ وبه فسر قول
لبيد:ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرى،
عاطِفِ النُّمْرُقِ، صَدْقِ المُبْتَذَل
أَي هو صابر على الفراش الممهد وعن الوطاءِ، يعني أَنه عطف نمرقه ووضعها
تحت رأْسه؛ وقيل: معنى قوله ومجود من صبابات الكرى، قيل معناه شَيِّق،
وقال الأَصمعي: معناه صبّ عليه من جَوْد المطر وهو الكثير منه.
والجُواد: النعاس. وجادَه النعاس: غلبه. وجاده هواها: شاقه. والجُود:
الجوع؛ قال أَبو خراش:
تَكادُ يَداه تُسْلِمانِ رِداءَه
من الجُود، لما استَقْبلته الشَّمائلُ
يريد جمع الشَّمال، وقال الأَصمعي: من الجُود أَي من السخاءِ. ووقع
القوم في أَبي جادٍ أَي في باطل.
والجُوديُّ: موضع، وقيل جبل، وقال الزجاج: هو جبل بآمد، وقيل: جبل
بالجزيرة استوت عليه سفينة نوح، على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام؛ وفي
التنزيل العزيز: واستوت على الجوديّ؛ وقرأَ الأَعمش: واستوت على الجودي،
بإِرسال الياء وذلك جائز للتخفيف أَو يكون سمي بفعل الأُنثى مثل حطي، ثم
أُدخل عليه الأَلف واللام؛ عن الفراءِ؛ وقال أُمية ابن أَبي الصلت:
سبحانه ثم سبحاناً يعود له،
وقَبلنا سبَّح الجُوديُّ والجُمُدُ
وأَبو الجُوديّ: رجل؛ قال:
لو قد حداهنْ أَبو الجُودِيّ،
بِرَجَزٍ مُسْحَنْفِرِ الرَّوِيّ،
مُبسْتَوِياتٍ كَنَوى البَرْنيّ
وقد روي أَبو الجُوديّ، بالذال، وسنذكره.
والجِودِياء، بالنبطية أَو الفارسية: الكساء؛ وعربه الأَعشى فقال:
وبَيْداءَ، تَحْسَبُ آرامَها
رِجالَ إِيادٍ بأَجْيادِها
وجَودان: اسم. الجوهري: والجاديُّ الزعفران؛ قال كثير عزة:
يُباشِرْنَ فَأْرَ المِسْكِ في كلِّ مَهْجَع،
ويُشْرِقُ جادِيٌّ بِهِنَّ مَفُيدُ
المَفِيدُ: المَدوف.
أثر: الأَثر: بقية الشيء، والجمع آثار وأُثور. وخرجت في إِثْره وفي
أَثَره أَي بعده. وأْتَثَرْتُه وتَأَثَّرْته: تتبعت أَثره؛ عن الفارسي.
ويقال: آثَرَ كذا وكذا بكذا وكذا أَي أَتْبَعه إِياه؛ ومنه قول متمم بن نويرة
يصف الغيث:
فَآثَرَ سَيْلَ الوادِيَّيْنِ بِدِيمَةٍ،
تُرَشِّحُ وَسْمِيّاً، من النَّبْتِ، خِرْوعا
أَي أَتبع مطراً تقدم بديمة بعده.
والأَثر، بالتحريك: ما بقي من رسم الشيء. والتأْثير: إِبْقاءُ الأَثر في
الشيء. وأَثَّرَ في الشيء: ترك فيه أَثراً. والآثارُ: الأَعْلام.
والأَثِيرَةُ من الدوابّ: العظيمة الأَثَر في الأَرض بخفها أَو حافرها بَيّنَة
الإِثارَة. وحكى اللحياني عن الكسائي: ما يُدْرى له أَيْنَ أَثرٌ وما
يدرى له ما أَثَرٌ أَي ما يدرى أَين أَصله ولا ما أَصله.
والإِثارُ: شِبْهُ الشِّمال يُشدّ على ضَرْع العنز شِبْه كِيس لئلا
تُعانَ.
والأُثْرَة، بالضم: أَن يُسْحَى باطن خف البعير بحديدة ليُقْتَصّ
أَثرُهُ. وأَثَرَ خفَّ البعير يأْثُرُه أَثْراً وأَثّرَه: حَزَّه. والأَثَرُ:
سِمَة في باطن خف البعير يُقْتَفَرُ بها أَثَرهُ، والجمع أُثور.
والمِئْثَرَة والثُّؤْرُور، على تُفعول بالضم: حديدة يُؤْثَرُ بها خف
البعير ليعرف أَثرهُ في الأَرض؛ وقيل: الأُثْرة والثُّؤْثور والثَّأْثور،
كلها: علامات تجعلها الأَعراب في باطن خف البعير؛ يقال منه: أَثَرْتُ
البعيرَ، فهو مأْثور، ورأَيت أُثرَتَهُ وثُؤْثُوره أَي موضع أَثَره من
الأَرض. والأَثِيَرةُ من الدواب: العظيمة الأَثرِ في الأَرض بخفها أَو
حافرها.وفي الحديث: من سَرّه أَن يَبْسُطَ اللهُ في رزقه ويَنْسَأَ في أَثَرِه
فليصل رحمه؛ الأَثَرُ: الأَجل، وسمي به لأَنه يتبع العمر؛ قال زهير:
والمرءُ ما عاش ممدودٌ له أَمَلٌ،
لا يَنْتَهي العمْرُ حتى ينتهي الأَثَرُ
وأَصله من أَثَّرَ مَشْيُه في الأَرض، فإِنَّ من مات لا يبقى له أَثَرٌ
ولا يُرى لأَقدامه في الأَرض أَثر؛ ومنه قوله للذي مر بين يديه وهو يصلي:
قَطَع صلاتَنا قطع الله أَثره؛ دعا عليه بالزمانة لأَنه إِذا زَمِنَ
انقطع مشيه فانقطع أَثَرُه. وأَما مِيثَرَةُ السرج فغير مهموزة.
والأَثَر: الخبر، والجمع آثار. وقوله عز وجل: ونكتب ما قدّموا وآثارهم؛
أَي نكتب ما أَسلفوا من أَعمالهم ونكتب آثارهم أَي مَن سنّ سُنَّة حَسَنة
كُتِب له ثوابُها، ومَن سنَّ سُنَّة سيئة كتب عليه عقابها، وسنن النبي،
صلى الله عليه وسلم، آثاره.
والأَثْرُ: مصدر قولك أَثَرْتُ الحديث آثُرُه إِذا ذكرته عن غيرك. ابن
سيده: وأَثَرَ الحديثَ عن القوم يأْثُرُه ويأْثِرُه أَثْراً وأَثارَةً
وأُثْرَةً؛ الأَخيرة عن اللحياني: أَنبأَهم بما سُبِقُوا فيه من الأَثَر؛
وقيل: حدّث به عنهم في آثارهم؛ قال: والصحيح عندي أَن الأُثْرة الاسم وهي
المَأْثَرَةُ والمَأْثُرَةُ. وفي حديث عليّ في دعائه على الخوارج: ولا
بَقِيَ منكم آثِرٌ أَي مخبر يروي الحديث؛ وروي هذا الحديث أَيضاً بالباء
الموحدة، وقد تقدم؛ ومنه قول أَبي سفيان في حديث قيصر: لولا أَن يَأْثُرُوا
عني الكذب أَي يَرْوُون ويحكون. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه حلف
بأَبيه فنهاه النبي، صلى الله عليه وسلم، عن ذلك، قال عمر: فما حلفت به
ذاكراً ولا آثراً؛ قال أَبو عبيد: أَما قوله ذاكراً فليس من الذكر بعد
النسيان إِنما أَراد متكلماً به كقولك ذكرت لفلان حديث كذا وكذا، وقوله ولا
آثِراً يريد مخبراً عن غيري أَنه حلف به؛ يقول: لا أَقول إِن فلاناً قال
وأَبي لا أَفعل كذا وكذا أَي ما حلفت به مبتدئاً من نفسي، ولا رويت عن أَحد
أَنه حلف به؛ ومن هذا قيل: حديث مأْثور أَي يُخْبِر الناسُ به بعضُهم
بعضاً أَي ينقله خلف عن سلف؛ يقال منه: أَثَرْت الحديث، فهو مَأْثور وأَنا
آثر؛ قال الأَعشى:
إِن الذي فيه تَمارَيْتُما
بُيِّنَ للسَّامِعِ والآثِرِ
ويروى بَيَّنَ. ويقال: إِن المأْثُرة مَفْعُلة من هذا يعني المكرمة،
وإِنما أُخذت من هذا لأَنها يأْثُرها قَرْنٌ عن قرن أَي يتحدثون بها. وفي
حديث عليّ، كرّم الله وجهه: ولَسْتُ بمأْثور في ديني أَي لست ممن يُؤْثَرُ
عني شرّ وتهمة في ديني، فيكون قد وضع المأْثور مَوْضع المأْثور عنه؛ وروي
هذا الحديث بالباء الموحدة، وقد تقدم. وأُثْرَةُ العِلْمِ وأَثَرَته
وأَثارَتُه: بقية منه تُؤْثَرُ أَي تروى وتذكر؛ وقرئ:
(* قوله: «وقرئ إلخ»
حاصل القراءات ست: أثارة بفتح أو كسر، وأثرة بفتحتين، وأثرة مثلثة
الهمزة مع سكون الثاء، فالأثارة، بالفتح، البقية أي بقية من علم بقيت لكم من
علوم الأولين، هل فيها ما يدل على استحقاقهم للعبادة أو الأمر به، وبالكسر
من أثار الغبار أريد منها المناظرة لأنها تثير المعاني. والأثرة بفتحتين
بمعنى الاستئثار والتفرد، والأثرة بالفتح مع السكون بناء مرة من رواية
الحديث، وبكسرها معه بمعنى الأثرة بفتحتين وبضمها معه اسم للمأثور المرويّ
كالخطبة اهـ ملخصاً من البيضاوي وزاده). أَو أَثْرَةٍ من عِلْم
وأَثَرَةٍ من علم وأَثارَةٍ، والأَخيرة أَعلى؛ وقال الزجاج: أَثارَةٌ في معنى
علامة ويجوز أَن يكون على معنى بقية من علم، ويجوز أَن يكون على ما يُؤْثَرُ
من العلم. ويقال: أَو شيء مأْثور من كتب الأَوَّلين، فمن قرأَ:
أَثارَةٍ، فهو المصدر مثل السماحة، ومن قرأَ: أَثَرةٍ فإِنه بناه على الأَثر كما
قيل قَتَرَةٌ، ومن قرأَ: أَثْرَةٍ فكأَنه أَراد مثل الخَطْفَة
والرَّجْفَةِ. وسَمِنَتِ الإِبل والناقة على أَثارة أَي على عتيق شحم كان قبل ذلك؛
قال الشماخ:
وذاتِ أَثارَةٍ أَكَلَتْ عليه
نَباتاً في أَكِمَّتِهِ فَفارا
قال أَبو منصور: ويحتمل أَن يكون قوله أَو أَثارة من علم من هذا لأَنها
سمنت على بقية شَحْم كانت عليها، فكأَنها حَمَلَت شحماً على بقية شحمها.
وقال ابن عباس: أَو أَثارة من علم إِنه علم الخط الذي كان أُوتيَ بعضُ
الأَنبياء. وسئل النبي، صلى الله عليه وسلم، عن الخط فقال: قد كان نبيّ
يَخُط فمن وافقه خَطّه أَي عَلِمَ مَنْ وافَقَ خَطُّه من الخَطَّاطِين خَطَّ
ذلك النبيّ، عليه السلام، فقد علِمَ عِلْمَه. وغَضِبَ على أَثارَةٍ قبل
ذلك أَي قد كان
(* قوله: «قد كان إلخ» كذا بالأصل، والذي في مادة خ ط ط
منه: قد كان نبي يخط فمن وافق خطه علم مثل علمه، فلعل ما هنا رواية، وأي
مقدمة على علم من مبيض المسودة). قبل ذلك منه غَضَبٌ ثم ازداد بعد ذلك
غضباً؛ هذه عن اللحياني. والأُثْرَة والمأْثَرَة والمأْثُرة، بفتح الثاء
وضمها: المكرمة لأَنها تُؤْثر أَي تذكر ويأْثُرُها قرن عن قرن يتحدثون بها،
وفي المحكم: المَكْرُمة المتوارثة. أَبو زيد: مأْثُرةٌ ومآثر وهي القدم
في الحسب. وفي الحديث: أَلا إِنَّ كل دم ومأْثُرَةٍ كانت في الجاهلية
فإِنها تحت قَدَمَيّ هاتين؛ مآثِرُ العرب: مكارِمُها ومفاخِرُها التي تُؤْثَر
عنها أَي تُذْكَر وتروى، والميم زائدة. وآثَرَه: أَكرمه. ورجل أَثِير:
مكين مُكْرَم، والجمع أُثَرَاءُ والأُنثى أَثِيرَة.
وآثَرَه عليه: فضله. وفي التنزيل: لقد آثرك الله علينا. وأَثِرَ أَن
يفعل كذا أَثَراً وأَثَر وآثَرَ، كله: فَضّل وقَدّم. وآثَرْتُ فلاناً على
نفسي: من الإِيثار. الأَصمعي: آثَرْتُك إِيثاراً أَي فَضَّلْتُك. وفلان
أَثِيرٌ عند فلان وذُو أُثْرَة إِذا كان خاصّاً. ويقال: قد أَخَذه بلا
أَثَرَة وبِلا إِثْرَة وبلا اسْتِئثارٍ أَي لم يستأْثر على غيره ولم يأْخذ
الأَجود؛ وقال الحطيئة يمدح عمر، رضي الله عنه:
ما آثَرُوكَ بها إِذ قَدَّموكَ لها،
لكِنْ لأَنْفُسِهِمْ كانَتْ بها الإِثَرُ
أَي الخِيَرَةُ والإِيثارُ، وكأَنَّ الإِثَرَ جمع الإِثْرَة وهي
الأَثَرَة؛ وقول الأَعرج الطائي:
أَراني إِذا أَمْرٌ أَتَى فَقَضَيته،
فَزِعْتُ إِلى أَمْرٍ عليَّ أَثِير
قال: يريد المأْثور الذي أَخَذَ فيه؛ قال: وهو من قولهم خُذْ هذا
آثِراً. وشيء كثير أَثِيرٌ: إِتباع له مثل بَثِيرٍ.
واسْتأْثَرَ بالشيء على غيره: خصَّ به نفسه واستبدَّ به؛ قال الأَعشى:
اسْتَأْثَرَ اللهُ بالوفاءِ وبالـ
ـعَدْلِ، ووَلَّى المَلامَة الرجلا
وفي الحديث: إِذا اسْتأْثر الله بشيء فَالْهَ عنه. ورجل أَثُرٌ، على
فَعُل، وأَثِرٌ: يسْتَأْثر على أَصحابه في القَسْم. ورجل أَثْر، مثال
فَعْلٍ: وهو الذي يَسْتَأْثِر على أَصحابه، مخفف؛ وفي الصحاح أَي يحتاج
(*
قوله: «أي يحتاج» كذا بالأصل. ونص الصحاح: رجل أثر، بالضم على فعل بضم العين،
إذا كان يستأثر على أصحابه أي يختار لنفسه أخلاقاً إلخ). لنفسه أَفعالاً
وأَخلاقاً حَسَنَةً. وفي الحديث: قال للأَنصار: إِنكم ستَلْقَوْنَ
بَعْدي أَثَرَةً فاصْبروا؛ الأَثَرَة، بفتح الهمزة والثاء: الاسم من آثَرَ
يُؤْثِر إِيثاراً إِذا أَعْطَى، أَراد أَنه يُسْتَأْثَرُ عليكم فَيُفَضَّل
غيرُكم في نصيبه من الفيء. والاستئثارُ: الانفراد بالشيء؛ ومنه حديث عمر:
فوالله ما أَسْتَأْثِرُ بها عليكم ولا آخُذُها دونكم، وفي حديثة الآخر
لما ذُكر له عثمان للخلافة فقال: أَخْشَى حَفْدَه وأَثَرَتَه أَي إِيثارَه
وهي الإِثْرَةُ، وكذلك الأُثْرَةُ والأَثْرَة؛ وأَنشد أَيضاً:
ما آثروك بها إِذ قدَّموك لها،
لكن بها استأْثروا، إِذا كانت الإِثَرُ
وهي الأُثْرَى؛ قال:
فَقُلْتُ له: يا ذِئْبُ هَل لكَ في أَخٍ
يُواسِي بِلا أُثْرَى عَلَيْكَ ولا بُخْلِ؟
وفلان أَثيري أَي خُلْصاني. أَبو زيد: يقال قد آثَرْت أَن أَقول ذلك
أُؤَاثرُ أَثْراً. وقال ابن شميل: إِن آثَرْتَ أَنْ تأْتينا فأْتنا يوم كذا
وكذا، أَي إِن كان لا بد أَن تأْتينا فأْتنا يوم كذا وكذا. ويقال: قد
أَثِرَ أَنْ يَفْعلَ ذلك الأَمر أَي فَرغ له وعَزَم عليه. وقال الليث: يقال
لقد أَثِرْتُ بأَن أَفعل كذا وكذا وهو هَمٌّ في عَزْمٍ. ويقال: افعل هذا
يا فلان آثِراً مّا؛ إِن اخْتَرْتَ ذلك الفعل فافعل هذا إِمَّا لا.
واسْتَأْثرَ الله فلاناً وبفلان إِذا مات، وهو ممن يُرجى له الجنة ورُجِيَ له
الغُفْرانُ.
والأَثْرُ والإِثْرُ والأُثُرُ، على فُعُلٍ، وهو واحد ليس بجمع:
فِرِنْدُ السَّيفِ ورَوْنَقُه، والجمع أُثور؛ قال عبيد بن الأَبرص:
ونَحْنُ صَبَحْنَا عامِراً يَوْمَ أَقْبَلوا
سُيوفاً، عليهن الأُثورُ، بَواتِكا
وأَنشد الأَزهري:
كأَنَّهم أَسْيُفٌ بِيضٌ يَمانِيةٌ،
عَضْبٌ مَضارِبُها باقٍ بها الأُثُرُ
وأَثْرُ السيف: تَسَلْسُلُه وديباجَتُه؛ فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي
من قوله:
فإِنِّي إِن أَقَعْ بِكَ لا أُهَلِّكْ،
كَوَقْع السيفِ ذي الأَثَرِ الفِرِنْدِ
فإِن ثعلباً قال: إِنما أَراد ذي الأَثْرِ فحركه للضرورة؛ قال ابن سيده:
ولا ضرورة هنا عندي لأَنه لو قال ذي الأَثْر فسكنه على أَصله لصار
مفاعَلَتُن إِلى مفاعِيلن، وهذا لا يكسر البيت، لكن الشاعر إِنما أَراد توفية
الجزء فحرك لذلك، ومثله كثير، وأَبدل الفرنْدَ من الأَثَر. الجوهري: قال
يعقوب لا يعرف الأَصمعي الأَثْر إِلا بالفتح؛ قال: وأَنشدني عيسى بن عمر
لخفاف بن ندبة وندبة أُمّه:
جَلاهَا الصيْقَلُونَ فأَخُلَصُوها
خِفاقاً، كلُّها يَتْقي بأَثْر
أَي كلها يستقبلك بفرنده، ويَتْقِي مخفف من يَتَّقي، أَي إِذا نظر
الناظر إِليها اتصل شعاعها بعينه فلم يتمكن من النظر إِليها، ويقال تَقَيْتُه
أَتْقيه واتَّقَيْتُه أَتَّقِيه. وسيف مأْثور: في متنه أَثْر، وقيل: هو
الذي يقال إِنه يعمله الجن وليس من الأَثْرِ الذي هو الفرند؛ قال ابن
مقبل:إِني أُقَيِّدُ بالمأْثُورِ راحِلَتي،
ولا أُبالي، ولو كنَّا على سَفَر
قال ابن سيده: وعندي أَنَّ المَأْثور مَفْعول لا فعل له كما ذهب إِليه
أَبو علي في المَفْؤُود الذي هو الجبان. وأُثْر الوجه وأُثُرُه: ماؤه
ورَوْنَقُه وأَثَرُ السيف: ضَرْبَته. وأُثْر الجُرْح: أَثَرهُ يبقى بعدما
يبرأُ. الصحاح: والأُثْر، بالضم، أَثَر الجرح يبقى بعد البُرء، وقد يثقل مثل
عُسْرٍ وعُسُرٍ؛ وأَنشد:
عضب مضاربها باقٍ بها الأُثر
هذا العجز أَورده الجوهري:
بيضٌ مضاربها باقٍ بها الأَثر
والصحيح ما أَوردناه؛ قال: وفي الناس من يحمل هذا على الفرند. والإِثْر
والأُثْر: خُلاصة السمْن إِذا سُلِئَ وهو الخَلاص والخِلاص، وقيل: هو
اللبن إِذا فارقه السمن؛ قال:
والإِثْرَ والضَّرْبَ معاً كالآصِيَه
الآصِيَةُ: حُساءٌ يصنع بالتمر؛ وروى الإِيادي عن أَبي الهيثم أَنه كان
يقول الإِثر، بكسرة الهمزة، لخلاصة السمن؛ وأَما فرند السيف فكلهم يقول
أُثْر. ابن بُزرُج: جاء فلان على إِثْرِي وأَثَري؛ قالوا: أُثْر السيف،
مضموم: جُرْحه، وأَثَرُه، مفتوح: رونقه الذي فيه. وأُثْرُ البعير في ظهره،
مضموم؛ وأَفْعَل ذلك آثِراً وأَثِراً. ويقال: خرجت في أَثَرِه وإِثْرِه،
وجاء في أَثَرِهِ وإتِْرِه، وفي وجهه أَثْرٌ وأُثْرٌ؛ وقال الأَصمعي:
الأُثْر، بضم الهمزة، من الجرح وغيره في الجسد يبرأُ ويبقى أَثَرُهُ. قال
شمر: يقال في هذا أَثْرٌ وأُثْرٌ، والجمع آثار، ووجهه إِثارٌ، بكسر الأَلف.
قال: ولو قلت أُثُور كنت مصيباً. ويقال: أَثَّر بوجهه وبجبينه السجود
وأَثَّر فيه السيف والضَّرْبة.
الفراء: ابدَأْ بهذا آثراً مّا، وآثِرَ ذي أَثِير، وأَثيرَ ذي أَثيرٍ
أَي ابدَأْ به أَوَّل كل شيء. ويقال: افْعَلْه آثِراً ما وأَثِراً ما أَي
إِن كنت لا تفعل غيره فافعله، وقيل: افعله مُؤثراً له على غيره، وما زائدة
وهي لازمة لا يجوز حذفها، لأَن معناه افعله آثِراً مختاراً له مَعْنيّاً
به، من قولك: آثرت أَن أَفعل كذا وكذا. ابن الأَعرابي: افْعَلْ هذا
آثراً مّا وآثراً، بلا ما، ولقيته آثِراً مّا، وأَثِرَ ذاتِ يَدَيْن وذي
يَدَيْن وآثِرَ ذِي أَثِير أَي أَوَّل كل شيء، ولقيته أَوَّل ذِي أَثِيرٍ،
وإِثْرَ ذي أَثِيرٍ؛ وقيل: الأَثير الصبح، وذو أَثيرٍ وَقْتُه؛ قال عروة بن
الورد:
فقالوا: ما تُرِيدُ؟ فَقُلْت: أَلْهُو
إِلى الإِصْباحِ آثِرَ ذِي أَثِير
وحكى اللحياني: إِثْرَ ذِي أَثِيرَيْن وأَثَرَ ذِي أَثِيرَيْن وإِثْرَةً
مّا. المبرد في قولهم: خذ هذا آثِراً مّا، قال: كأَنه يريد أَن يأْخُذَ
منه واحداً وهو يُسامُ على آخر فيقول: خُذْ هذا الواحد آثِراً أَي قد
آثَرْتُك به وما فيه حشو ثم سَلْ آخَرَ. وفي نوادر الأَعراب: يقال أَثِرَ
فُلانٌ بقَوْل كذا وكذا وطَبِنَ وطَبِقَ ودَبِقَ ولَفِقَ وفَطِنَ، وذلك
إِذا إِبصر الشيء وضَرِيَ بمعرفته وحَذِقَه.
والأُثْرَة: الجدب والحال غير المرضية؛ قال الشاعر:
إِذا خافَ مِنْ أَيْدِي الحوادِثِ أُثْرَةً،
كفاهُ حمارٌ، من غَنِيٍّ، مُقَيَّدُ
ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِنكم ستَلْقَوْن بَعْدي أُثْرَةً
فاصبروا حتى تَلْقَوني على الحوض.
وأَثَر الفَحْلُ الناقة يأْثُرُها أَثْراً: أَكثَرَ ضِرابها.
حسس: الحِسُّ والحَسِيسُ: الصوتُ الخَفِيُّ؛ قال اللَّه تعالى: لا
يَسْمَعُون حَسِيسَها. والحِسُّ، بكسر الحاء: من أَحْسَسْتُ بالشيء. حسَّ
بالشيء يَحُسُّ حَسّاً وحِسّاً وحَسِيساً وأَحَسَّ به وأَحَسَّه: شعر به؛
وأَما قولهم أَحَسْتُ بالشيء فعلى الحَذْفِ كراهية التقاء المثلين؛ قال
سيبويه: وكذلك يفعل في كل بناء يُبْنى اللام من الفعل منه على السكون ولا تصل
إِليه الحركة شبهوها بأَقَمْتُ. الأَزهري: ويقال هل أَحَسْتَ بمعنى
أَحْسَسْتَ، ويقال: حَسْتُ بالشيء إِذا علمته وعرفته، قال: ويقال أَحْسَسْتُ
الخبَرَ وأَحَسْتُه وحَسَيتُ وحَسْتُ إِذا عرفت منه طَرَفاً. وتقول: ما
أَحْسَسْتُ بالخبر وما أَحَسْت وما حَسِيتُ ما حِسْتُ أَي لم أَعرف منه
شيئا ً
(* عبارة المصباح: وأحس الرجل الشيء إحساساً علم به، وربما زيدت
الباء فقيل: أحسّ به على معنى شعر به. وحسست به من باب قتل لغة فيه،
والمصدر الحس، بالكسر، ومنهم من يخفف الفعلين بالحذف يقول: أحسته وحست به،
ومنهم من يخفف فيهما بإبدال السين ياء فيقول: حسيت وأَحسيت وحست بالخبر من
باب تعب ويتعدى بنفسه فيقال: حست الخبر، من باب قتل. اهـ. باختصار.). قال
ابن سيده: وقالوا حَسِسْتُ به وحَسَيْتُه وحَسِيت به وأَحْسَيْتُ، وهذا
كله من محوَّل التضعيف، والاسم من كل ذلك الحِسُّ. قال الفراء: تقول من
أَين حَسَيْتَ هذا الخبر؛ يريدون من أَين تَخَبَرْته. وحَسِسْتُ بالخبر
وأَحْسَسْتُ به أَي أَيقنت به. قال: وربما قالوا حَسِيتُ بالخبر وأَحْسَيْتُ
به، يبدلون من السين ياء؛ قال أَبو زُبَيْدٍ:
خَلا أَنَّ العِتاقَ من المَطايا
حَسِينَ به، فهنّ إِليه شُوسُ
قال الجوهري: وأَبو عبيدة يروي بيت أَبي زبيد:
أَحَسْنَ به فهن إليه شُوسُ
وأَصله أَحْسَسْنَ، وقيل أَحْسَسْتُ؛ معناه ظننت ووجدت.
وحِسُّ الحمَّى وحِساسُها: رَسُّها وأَولها عندما تُحَسُّ؛ الأَخيرة عن
اللحياني. الأَزهري: الحِسُّ مس الحُمَّى أَوّلَ ما تَبْدأُ، وقال
الأَصمعي: أَول ما يجد الإِنسان مَسَّ الحمى قبل أَن تأْخذه وتظهر، فذلك
الرَّسُّ، قال: ويقال وَجَدَ حِسّاً من الحمى. وفي الحديث: أَنه قال لرجل متى
أَحْسَسْتَ أُمَّْ مِلْدَمٍ؟ أَي متى وجدت مَسَّ الحمى.
وقال ابن الأَثير: الإِحْساسُ العلم بالحواسِّ، وهي مَشاعِرُ الإِنسان
كالعين والأُذن والأَنف واللسان واليد، وحَواسُّ الإِنسان: المشاعر الخمس
وهي الطعم والشم والبصر والسمع واللمس. وحَواسُّ الأَرض خمس: البَرْدُ
والبَرَدُ والريح والجراد والمواشي.
والحِسُّ: وجع يصيب المرأَة بعد الولادة، وقيل: وجع الولادة عندما
تُحِسُّها، وفي حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنه مَرَّ بامرأَة قد ولدت فدعا
لها بشربة من سَوِيقٍ وقال: اشربي هذا فإِنه يقطع الحِسَّ. وتَحَسَّسَ
الخبر: تطلَّبه وتبحَّثه. وفي التنزيل: يا بَنيَّ اذهبوا فَتحَسَّسوا من يوسف
وأَخيه. وقال اللحياني: تَحَسَّسْ فلاناً ومن فلان أَي تَبَحَّثْ،
والجيم لغيره. قال أَبو عبيد: تَحَسَّسْت الخبر وتَحَسَّيته، وقال شمر:
تَنَدَّسْتُه مثله. وقال أَبو معاذ: التَحَسُّسُ شبه التسمع والتبصر؛ قال:
والتَجَسُّسُ، بالجيم، البحث عن العورة، قاله في تفسير قوله تعالى: ولا
تَجَسَّسوا ولا تَحَسَّسُوا. ابن الأَعرابي: تَجَسَّسْتُ الخبر وتَحَسَّسْتُه
بمعنى واحد. وتَحَسَّسْتُ من الشيء أَي تَخَبَّرت خبره. وحَسَّ منه خبراً
وأَحَسَّ، كلاهما: رأَى. وعلى هذا فسر قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى
منهم الكُفْرَ. وحكى اللحياني: ما أَحسَّ منهم أَحداً أَي ما رأَى. وفي
التنزيل العزيز: هل تُحِسُّ منهم من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم
من أَحد، وقيل في قوله تعالى: هل تحس منهم من أَحد، معناه هل تُبْصِرُ هل
تَرى؟ قال الأَزهري: وسمعت العرب يقول ناشِدُهم لِضَوالِّ الإِبل إِذا
وقف على
(* كذا بياض بالأَصل.) ... أَحوالاً وأَحِسُّوا ناقةً صفتها كذا
وكذا؛ ومعناه هل أَحْسَستُم ناقة، فجاؤوا على لفظ الأَمر؛ وقال الفراء في
قوله تعالى: فلما أَحسَّ عيسى منهم الكفر، وفي قوله: هل تُحِسُّ منهم من
أَحد، معناه: فلما وَجَد عيسى، قال: والإِحْساسُ الوجود، تقول في الكلام:
هل أَحْسَسْتَ منهم من أَحد؟ وقال الزجاج: معنى أَحَسَّ علم ووجد في
اللغة. ويقال: هل أَحسَست صاحبك أَي هل رأَيته؟ وهل أَحْسَسْت الخبر أَي هل
عرفته وعلمته. وقال الليث في قوله تعالى: فلما أَحس عيسى منهم الكفر؛ أَي
رأَى. يقال: أَحْسَسْتُ من فلان ما ساءني أَي رأَيت. قال: وتقول العرب ما
أَحَسْتُ منهم أَحداً، فيحذفون السين الأُولى، وكذلك في قوله تعالى:
وانظر إِلى إِلهك الذي ظَلْتَ عليه عاكفاً، وقال: فَظَلْتُم تَفَكَّهون،
وقرئ: فَظِلْتُم، أُلقيت اللام المتحركة وكانت فَظَلِلْتُم. وقال ابن
الأَعرابي: سمعت أَبا الحسن يقول: حَسْتُ وحَسِسْتُ ووَدْتُ ووَدِدْتُ وهَمْتُ
وهَمَمْتُ. وفي حديث عوف بن مالك: فهجمت على رجلين فلقت هل حَسْتُما من
شيء؟ قالا: لا. وفي خبر أَبي العارِم: فنظرت هل أُحِسُّ سهمي فلم أَرَ
شيئاً أَي نظرت فلم أَجده.
وقال: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار؛ زعموا أَن رجلين كانا يوقدان
بالطريق ناراً فإِذا مرَّ بهما قوم أَضافاهم، فمرَّ بهما قوم وقد ذهبا،
فقال رجل: لا حَساسَ من ابْنَيْ مُوقِدِ النار، وقيل: لا حَسَاسَ من ابني
موقد النار، لا وجود، وهو أَحسن. وقالوا: ذهب فلان فلا حَساسَ به أَي لا
يُحَسُّ به أَو لا يُحَسُّ مكانه. والحِسُّ والحَسِيسُ: الذي نسمعه مما
يمرّ قريباً منك ولا تراه، وهو عامٌّ في الأَشياء كلها؛ وأَنشد في صفة
بازٍ:
تَرَى الطَّيْرَ العِتاقَ يَظَلْنَ منه
جُنُوحاً، إِن سَمِعْنَ له حَسِيسا
وقوله تعالى: لا يَسْمَعُون حَسِيسَها أَي لا يسمعون حِسَّها وحركة
تَلَهُّبِها. والحَسيسُ والحِسُّ: الحركة. وفي الحديث: أَنه كان في مسجد
الخَيْفِ فسمع حِسَّ حَيَّةٍ؛ أَي حركتها وصوت مشيها؛ ومنه الحديث: إِن
الشيطان حَسَّاس لَحَّاسٌ؛ أَي شديد الحسَّ والإَدراك. وما سمع له حِسّاً ولا
جِرْساً؛ الحِسُّ من الحركة والجِرْس من الصوت، وهو يصلح للإِنسان وغيره؛
قال عَبْدُ مَناف بن رِبْعٍ الهُذَليّ:
وللقِسِيِّ أَزامِيلٌ وغَمْغَمَةٌ،
حِسَّ الجَنُوبِ تَسُوقُ الماءَ والبَرَدا
والحِسُّ: الرَّنَّةُ. وجاءَ بالمال من حِسَّه وبِسِّه وحَسِّه وبَسِّه،
وفي التهذيب: من حَسِّه وعَسِّه أَي من حيث شاءَ. وجئني من حَسِّك
وبَسِّك؛ معنى هذا كله من حيث كان ولم يكن. وقال الزجاج: تأْويله جئ به من
حيث تُدركه حاسَّةٌ من حواسك أَو يُدركه تَصَرُّفٌ من تَصَرٍّفِك. وفي
الحديث أَن رجلاً قال: كانت لي ابنة عم فطلبتُ نَفْسَها، فقالت: أَو تُعْطيني
مائة دينار؟ فطلبتها من حَِسِّي وبَِسِّي؛ أَي من كل جهة. وحَسَّ، بفتح
الحاء وكسر السين وترك التنوين: كلمة تقال عند الأَلم. ويقال: إِني لأَجد
حِسّاً من وَجَعٍ؛ قال العَجَّاجُ:
فما أَراهم جَزَعاً بِحِسِّ،
عَطْفَ البَلايا المَسَّ بعد المَسِّ
وحَرَكاتِ البَأْسِ بعد البَأْسِ،
أَن يَسْمَهِرُّوا لضِراسِ الضَّرْسِ
يسمهرّوا: يشتدوا. والضِّراس: المُعاضَّة. والضَّرْسُ: العَضُّ. ويقال:
لآخُذَنَّ منك الشيء بِحَسٍّ أَو بِبَسٍّ أَي بمُشادَّة أَو رفق، ومثله:
لآخذنه هَوْناً أَو عَتْرَسَةً. والعرب تقول عند لَذْعة النار والوجع
الحادِّ: حَسِّ بَسِّ، وضُرِبَ فما قال حَسٍّ ولا بَسٍّ، بالجر والتنوين،
ومنهم من يجر ولا ينوَّن، ومنهم من يكسر الحاء والباء فيقول: حِسٍّ ولا
بِسٍّ، ومنهم من يقول حَسّاً ولا بَسّاً، يعني التوجع. ويقال: اقْتُصَّ من
فلان فما تَحَسَّسَ أَي ما تَحَرَّك وما تَضَوَّر. الأَزهري: وبلغنا أَن
بعض الصالحين كان يَمُدُّ إِصْبعه إِلى شُعْلَة نار فإِذا لذعته قال:
حَسِّ حَسِّ كيف صَبْرُكَ على نار جهنم وأَنت تَجْزَعُ من هذا؟ قال
الأَصمعي: ضربه فما قال حَسِّ، قال: وهذه كلمة كانت تكره في الجاهلية، وحَسِّ
مثل أَوَّهْ، قال الأَزهري: وهذا صحيح. وفي الحديث: أَنه وضع يده في
البُرْمَة ليأْكل فاحترقت أَصابعه فقال: حَسِّ؛ هي بكسر السين والتشديد، كلمة
يقولها الإِنسان إِذا أَصابه ما مَضَّه وأَحرقه غفلةً كالجَمْرة
والضَّرْبة ونحوها. وفي حديث طلحة، رضي اللَّه عنه: حين قطعت أَصابعه يوم أُحُدٍ
قال: حَسَّ، فقال رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم: لو قلت بسم اللَّه
لرفعتك الملائكة والناس ينظرون. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللَّه عليه
وسلم، كان ليلة يَسْري في مَسِيره إِلى تَبُوك فسار بجنبه رجل من أَصحابه
ونَعَسا فأَصاب قَدَمُه قَدَمَ رسول اللَّه، صلى اللَّه عليه وسلم، فقال:
حَسِّ؛ ومنه قول العجاج، وقد تقدم.
وبات فلانٌ بِحَسَّةٍ سَيِّئة وحَسَّةِ سَوْءٍ أَي بحالة سَوْءٍ وشدّة،
والكسر أَقيس لأَن الأَحوال تأْتي كثيراً على فِعْلَة كالجِيْئَةِ
والتَّلَّةِ والبِيْئَةِ. قال الأَزهري: والذي حفظناه من العرب وأَهل اللغة:
بات فلان بجيئة سوء وتلة سوء وبيئة سوء، قال: ولم أَسمع بحسة سوء لغير
الليث.
وقال اللحياني: مَرَّتْ بالقوم حَواسُّ أَي سِنُونَ شِدادٌ.
والحَسُّ: القتل الذريع. وحَسَسْناهم أَي استَأْصلناهم قَتْلاً.
وحَسَّهم يَحُسُّهم حَسّاً: قتلهم قتلاً ذريعاً مستأْصلاً. وفي التنزيل العزيز:
إِذ تَحُسُّونهم بإِذنه؛ أَي تقتلونهم قتلاً شديداً، والاسم الحُساسُ؛ عن
ابن الأَعرابي؛ وقال أَبو إِسحق: معناه تستأْصلونهم قتلاً. يقال:
حَسَّهم القائد يَحُسُّهم حَسّاً إِذا قتلهم. وقال الفراء: الحَسُّ القتل
والإِفناء ههنا. والحَسِيسُ؛ القتيل؛ قال صَلاءَةُ بن عمرو الأَفْوَهُ:
إِنَّ بَني أَوْدٍ هُمُ ما هُمُ،
للحَرْبِ أَو للجَدْبِ، عامَ الشُّمُوسْ
يَقُونَ في الجَحْرَةِ جِيرانَهُمْ،
بالمالِ والأَنْفُس من كل بُوسْ
نَفْسِي لهم عند انْكسار القَنا،
وقد تَرَدَّى كلُّ قِرْنٍ حَسِيسْ
الجَحْرَة: السنة الشديدة. وقوله: نفْسي لهم أَي نفسي فداء لهم فحذف
الخبر. وفي الحديث: حُسُّوهم بالسيف حَسّاً؛ أَي استأْصلوهم قتلاً. وفي حديث
علي: لقد شَفى وحاوِح صَدْري حَسُّكم إِياهم بالنِّصال. والحديث الآخر:
كما أَزالوكم حَسّاً بالنصال، ويروى بالشين المعجمة. وجراد محسوسٌ: قتلته
النار. وفي الحديث: أَنه أُتِيَ بجراد مَحْسوس. وحَسَّهم يَحُسُّهم:
وَطِئَهم وأَهانهم.
وحَسَّان: اسم مشتق من أَحد هذه الأَشياءِ؛ قال الجوهري: إِن جعلته
فَعْلانَ من الحَسِّ لم تُجْره، وإِن جعلته فَعَّالاً من الحُسْنِ أَجريته
لأَن النون حينئذ أَصلية.
والحَسُّ: الجَلَبَةُ. والحَسُّ: إِضْرار البرد بالأَشياء. ويقال:
أَصابتهم حاسَّة من البرد. والحِسُّ: برد يُحْرِق الكلأَ، وهو اسم، وحَسَّ
البَرْدُ. والكلأَ يَحُسُّه حَسّاً، وقد ذكر أَن الصاد لغة؛ عن أَبي حنيفة.
ويقال: إِن البرد مَحَسَّة للنبات والكلإِ، بفتح الجيم، أَي يَحُسُّه
ويحرقه. وأَصابت الأَرضَ حاسَّةٌ أَي بَرْدٌ؛ عن اللحياني، أَنَّته على معنى
المبالغة أَو الجائحة. وأَصابتهم حاسَّةٌ: وذلك إِذا أَضرَّ البردُ أَو
غيره بالكلإِ؛ وقال أَوْسٌ:
فما جَبُنُوا أَنَّا نَشُدُّ عليهمُ،
ولكن لَقُوا ناراً تَحُسُّ وتَسْفَعُ
قال الأَزهري: هكذا رواه شمر عن ابن الأَعرابي وقال: تَحُسُّ أَي
تُحْرِقُ وتُفْني، من الحاسَّة، وهي الآفة التي تصيب الزرع والكلأَ فتحرقه.
وأَرض مَحْسوسة: أَصابها الجراد والبرد. وحَسَّ البردُ الجرادَ: قتله. وجراد
مَحْسُوس إِذا مسته النار أَو قتلته. وفي الحديث في الجراد: إِذا حَسَّه
البرد فقتله. وفي حديث عائشة: فبعثت إِليه بجراد مَحْسُوس أَي قتله
البرد، وقيل: هو الذي مسته النار. والحاسَّة: الجراد يَحُسُّ الأَرض أَي
يأْكل نباتها. وقال أَبو حنيفة: الحاسَّة الريح تَحْتِي التراب في الغُدُرِ
فتملؤها فيَيْبَسُ الثَّرَى. وسَنَة حَسُوس إِذا كانت شديدة المَحْل قليلة
الخير. وسنة حَسُوس: تأْكل كل شيء؛ قال:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسا،
تأْكلُ بَعْدَ الخُضْرَةِ اليَبِيسا
أَراد تأْكل بعد الأَخضر اليابس إِذ الخُضرة واليُبْسُ لا يؤكلان
لأَنهما عَرَضانِ. وحَسَّ الرأْسَ يَحُسُّه حَسّاً إِذا جعله في النار فكلما
شِيطَ أَخذه بشَفْرَةٍ. وتَحَسَّسَتْ أَوبارُ الإِبل: تَطَايَرَتْ وتفرّقت.
وانْحَسَّت أَسنانُه: تساقطت وتَحاتَّتْ وتكسرت؛ وأَنشد للعجاج:
في مَعْدِنِ المُلْك الكَريمِ الكِرْسِ،
ليس بمَقْلوع ولا مُنْحَسِّ
قال ابن بري: وصواب إِنشاد هذا الرجز بمعدن الملك؛ وقبله:
إِن أَبا العباس أَولَى نَفْسِ
وأَبو العباس هو الوليد بن عبد الملك، أَي هو أَولى الناس بالخلافة
وأَولى نفس بها، وقوله:
ليس بمقلوع ولا منحس
أَي ليس بمحوّل عنه ولا مُنْقَطِع.
الأَزهري: والحُساسُ مثل الجُذاذ من الشيء، وكُسارَةُ الحجارة الصغار
حُساسٌ؛ قال الراجز يذكر حجارة المنجنيق:
شَظِيَّة من رَفْضَّةِ الحُساسِ،
تَعْصِفُ بالمُسْتَلْئِم التَّرَّاسِ
والحَسُّ والاحْتِساسُ في كل شيء: أَن لا يترك في المكان شيء. والحُساس:
سمك صِغار بالبحرين يجفف حتى لا يبقى فيه شيء من مائه، الواحدة حُساسَة.
قال الجوهري: والحُساس، بالضم، الهِفُّ، وهو سمك صغار يجفف. والحُساسُ:
الشُّؤْمُ والنَّكَدُ. والمَحْسوس: المشؤوم؛ عن اللحياني. ابن الأَعرابي:
الحاسُوس المشؤوم من الرجال. ورجل ذو حُساسٍ: ردِيء الخُلُقِ؛ قال:
رُبَّ شَريبٍ لك ذي حُساسِ،
شَرابُه كالحَزِّ بالمَواسِي
فالحُساسُ هنا يكون الشُّؤْمَ ويكون رَداءة الخُلُق. وقال ابن الأَعرابي
وحده: الحُساسُ هنا القتل، والشريب هنا الذي يُوارِدُك على الحوض؛ يقول:
انتظارك إِياه قتل لك ولإِبلك.
والحِسُّ: الشر؛ تقول العرب: أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ؛ الإِسُّ هنا
الأَصل، تقول: أَلحق الشر بأَهله؛ وقال ابن دريد: إِنما هو أَلصِقوا
الحِسَّ بالإِسِّ أَي أَلصقوا الشر بأُصول من عاديتم. قال الجوهري: يقال
أَلْحِقِ الحِسَّ بالإِسِّ، معناه أَلحق الشيء بالشيء أَي إِذا جاءَك شيء من
ناحية فافعل مثله. والحِسُّ: الجَلْدُ.
وحَسَّ الدابة يَحُسُّها حَسّاً: نفض عنها التراب، وذلك إِذا فَرْجَنها
بالمِحَسَّة أَي حَسَّها. والمِحَسَّة، بكسر الميم: الفِرْجَوْنُ؛ ومنه
قول زيد بن صُوحانَ حين ارْتُثَّ يوم الجمل: ادفنوني في ثيابي ولا
تَحُسُّوا عني تراباً أَي لا تَنْفُضوه، من حَسَّ الدابة، وهو نَفْضُكَ التراب
عنها. وفي حديث يحيى بن عَبَّاد: ما من ليلة أَو قرية إِلا وفيها مَلَكٌ
يَحُسُّ عن ظهور دواب الغزاة الكَلالَ أَي يُذْهب عنها التَّعَب بَحسِّها
وإِسقاط التراب عنها. قال ابن سيده: والمِحَسَّة، مكسورة، ما يُحَسُّ به
لأَنه مما يعتمل به.
وحَسَسْتُ له أَحِسُّ، بالكسر، وحَسِسْتُ حَِسّاً فيهما: رَقَقْتُ له.
تقول العرب: إِن العامِرِيَّ ليَحِسَّ للسَّعْدِي، بالكسر، أَي يَرِقُّ
له، وذلك لما بينهما من الرَّحِم. قال يعقوب: قال أَبو الجَرَّاحِ
العُقَيْلِيُّ ما رأَيت عُقيليّاً إِلا حَسَسْتُ له؛ وحَسِسْتُ أَيضاً، بالكسر:
لغة فيه؛ حكاها يعقوب، والاسم الحَِسُّ؛ قال القُطامِيُّ:
أَخُوكَ الذي تَملِكُ الحِسَّ نَفْسُه،
وتَرْفَضُّ، عند المُحْفِظاتِ، الكتائِفُ
ويروى: عند المخطفات. قال الأَزهري: هكذا روى أَبو عبيد بكسر الحاء،
ومعنى هذا البيت معنى المثل السائر: الحَفائِظُ تُحَلِّلُ الأَحْقادَ، يقول:
إِذا رأَيتُ قريبي يُضام وأَنا عليه واجدٌ أَخرجت ما في قلبي من
السَّخِيمة له ولم أَدَعْ نُضْرَته ومعونته، قال: والكتائف الأَحقاد، واحدتها
كَتِيفَة. وقال أَبو زيد: حَسَسْتُ له وذلك أَن يكون بينهما رَحِمٌ
فَيَرِقَّ له، وقال أَبو مالك: هو أَن يتشكى له ويتوجع، وقال: أَطَّتْ له مني
حاسَّةُ رَحِم. وحَسَِسْتُ له حَِسّاً: رَفَقْتُ؛ قال ابن سيده: هكذا وجدته
في كتاب كراع، والصحيح رَقَقْتُ، على ما تقدم. الأَزهري: الحَسُّ
العَطْفُ والرِّقَّة، بالفتح؛ وأَنشد للكُمَيْت:
هل مَنْ بكى الدَّارَ راجٍ أَن تَحِسَّ له،
أَو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ؟
وفي حديث قتادة، رضي اللَّه عنه: إِن المؤمن ليَحِسُّ للمنافق أَي يأْوي
له ويتوجع. وحَسِسْتُ له، بالفتح والكسر، أُحِسُّ أَي رَقَقْتُ له.
ومَحَسَّةُ المرأَة: دُبُرُها، وقيل: هي لغة في المَحَشَّة.
والحُساسُ: أَن يضع اللحم على الجَمْرِ، وقيل: هو أَن يُنْضِجَ أَعلاه
ويَتْرُكَ داخِله، وقيل: هو أَن يَقْشِرَ عنه الرماد بعد أَن يخرج من
الجمر. وقد حَسَّه وحَسْحَسَه إِذا جعله على الجمر، وحَسْحَسَتُه صوتُ
نَشِيشِه، وقد حَسْحَسَتْه النار، ابن الأَعرابي: يقال حَسْحَسَتْه النارُ
وحَشْحَشَتْه بمعنى. وحَسَسْتُ النار إِذا رددتها بالعصا على خُبْزَة
المَلَّةِ أَو الشِّواءِ من نواحيه ليَنْضَجَ؛ ومن كلامهم: قالت الخُبْزَةُ لولا
الحَسُّ ما باليت بالدَّسِّ.
ابن سيده: ورجل حَسْحاسٌ خفيف الحركة، وبه سمي الرجل. قال الجوهري:
وربما سَمَّوا الرجلَ الجواد حَسْحاساً؛ قال الراجز:
مُحِبَّة الإِبْرام للحَسْحاسِ
وبنو الحَسْحَاسِ: قوم من العرب.
برم: البَرَمُ: الذي لا يَدْخُل مع القوم في المَيْسِر، والجمع
أَبْرامٌ؛ وأَنشد الليث:
إذا عُقَبُ القُدُور عُدِدْنَ مالاً،
تَحُثُّ حَلائلَ الأَبْرامِ عِرْسِي
وأَنشد الجوهري:
ولا بَرَماً تُهْدى النساءُ لعِرْسِهِ،
إذا القَشْعُ من بَرْدِ الشتاءِ تَقَعْقَعا
وفي المثل: أَبَرَماً قَرُوناً أي هو بَرَمٌ ويأْكل مع ذلك تَمرَتَيْن
تَمرتَيْن، وفي حديث وفْدِ مَذحجِ: كِرامٌ غير أَبْرامٍ ؛ الأَبْرامُ:
اللِّئامُ، واحِدُهم بَرَمٌ، بفتح الراء، وهو في الأَصل الذي لا يَدْخُل مع
القومِ في المَيْسِر ولا يُخْرِج معهم فيه شيئاً؛ ومنه حديث عمرو بن
معديكرب: قال لعُمر أَأَبْرامٌ بَنو المُغِيرة؟ قال: ولَِمَ؟ قال نزلتُ فيهم
فما قَرَوْني غير قَوْس وثَوْرٍ وكَعْب، فقال عمر: إنَّ في ذلك
لَشِبَعاً؛ القَوْسُ: ما يَبْقى في الجُلَّة من التَّمْر، والثَّوْرُ: قطعة عظيمة
من الأَقِط، والكَعْبُ: قِطْعة من السَّمْن؛ وأما ما أَنشده ابن الأعرابي
من قول أُحَيْحة:
إنْ تُرِدْ حَرْبي، تُلاقِ فَتىً
غيرَ مَمْلوكٍ ولا بَرَمَهْ
قال ابن سيده: فإنه عَنى بالبَرَمَة البَرَمَ، والهاء مبالغة، وقد يجوز
أن يؤنث على معنى العَيْنِ والنَّفْس، قال: والتفسير لنا نحن إذ لا
يَتَّجِه فيه غير ذلك. والبَرَمةُ: ثَمَرةُ العِضاهِ، وهي أَوَّل وَهْلة
فَتْلةٌ ثم بَلَّةٌ ثم بَرَمةٌ، والجمع البَرَمُ، قال: وقد أَخطأَ أَبو حنيفة
في قوله: إن الفَتْلة قَبْل البَرَمَة، وبَرَمُ العِضاهِ كله أَصفر إلاَّ
بَرَمَة العُرْفُطِ فإنها بَيْضاء كأَنَّ هَيادِبها قُطْن، وهي مثل
زِرِّ القَمِيص أَو أَشَفُّ، وبَرَمة السَّلَم أَطيب البَرَمِ رِيحاً، وهي
صَفْراء تؤْكَل، طيِّبة، وقد تكون البَرَمَةُ للأَراكِ، والجمع بَرَمٌ
وبِرامٌ.
والمُبْرِمُ: مُجْتَني البَرَمِ، وخصَّ بعضهم به مُجْتَني بَرَمَ
الأَراك. أَبو عمرو: البَرَمُ ثَمَر الطَّلْح، واحدته بَرَمَة. ابن الأعرابي:
العُلَّفَةُ من الطَّلْم ما أَخلفَ بعد البَرَمَة وهو شبه اللُّوبياء،
والبَرَمُ ثَمَرُ الأَراك، فإذا أَدْرَك فهو مَرْدٌ، وإذا اسْوَدَّ فهو
كَباثٌ وبَريرٌ. وفي حديث خُزيمة السلمي: أَيْنَعَتِ العَنَمَةُ وسَقَطَت
البَرَمةُ؛ هي زَهْرُ الطَّلْح، يعني أنها سَقَطَتْ من أَغْصانها للجَدْب.
والبَرَمُ: حَبُّ العِنب إذا كان فوق الذَّرِّ، وقد أَبْرَمَ الكَرْمُ؛ عن
ثعلب. والبَرَمُ، بالتحريك: مصدر بَرِمَ بالأَمْرِ، بالكسر، بَرَماً إذا
سَئِمَهُ، فهو بَرِمٌ ضَجِر. وقد أَبْرَمَهُ فلان إبْراماً أي أَمَلَّه
وأَضْجَره فَبَرِمَ وتَبَرَّم به تَبَرُّماً. ويقال: لا تُبْرِمْني
بكَثرة فُضولك. وفي حديث الدعاء: السلامُ عليك غير مُوَدَّعٍ بَرَماً؛ هو مصدر
بَرِمَ به، بالكسر، يَبْرَمُ بَرَماً، بالفتح، إذا سَئِمَه ومَلَّه.
وأَبْرَمَ الأَمرَ وبَرَمَه: أَحْكَمه، والأصل فيه إبْرامُ الفَتْل إذا
كان ذا طاقيْن. وأَبْرَمَ الحَبْلَ: أَجادَ فتله. وقال أَبو حنيفة:
أَبْرَمَ الحَبْلَ جعله طاقَيْن ثم فَتَله. والمُبْرَمُ والبَريمُ: الحَبْل
الذي جمع بين مَفْتُولَيْن فَفُتِلا حَبْلاً واحداً مثل ماء مُسْخَنٌ
وسَخِينٌ، وعَسَلٌ مُعْقَدٌ وعَقِيدٌ، ومِيزانٌ مُتْرَصٌ وتَريصٌ. والمُبْرَمُ
من الثِّياب: المَفْتُول الغَزْل طاقَيْن، ومنه سمِّي المُبْرَمُ، وهو
جنسٌ من الثِّياب. والمَبارِمُ: المَغازِلُ التي يُبْرَمُ بها. والبَريمُ:
خَيْطان مُخْتلفان أَحمرُ وأَصفرُ، وكذلك كل شيء فيه لَوْنان
مُخْتلِطان، وقيل: البَريمُ خَيْطان يكونان من لَوْنَيْن. والبَريمُ: ضَوْءُ الشمس
مع بَقِيَّة سَوادِ الليل. والبَريمُ: الصبْح لِما فيه من سَوادِ الليل
وبَياض النهار، وقيل: بَريمُ الصبح خَيْطه المُخْتلط بِلَوْنَيْن، وكل
شيئين اختلَطا واجْتمعا بَريمٌ. والبَريمُ: حَبْل فيه فَوْنان مُزَيَّن
بجَوْهر تشدُّه المرأَة على وَسَطها وعَضُدِها؛ قال الكَروّس بن حصن
(* قوله
«قال الكروس بن حصن» هكذا في الأصل، وفي شرح القاموس: الكروس بن زيد، وقد
استدرك الشارح هذا الاسم على المجد في مادة كرس).
وقائلةٍ: نِعْمَ الفَتى أَنت من فَتىً؛
إذا المُرْضِعُ العَرْجاءُ جالَ بَريمُها
وفي رواية:
مُحَضَّرة لا يُجْعَل السِّتْر دُونها
قال ابن بري: وهذا البيت على هذه الرواية ذكره أَبو تَمّام للفرزدق في
باب المديح من الحماسة. أبو عبيد: البَريمُ خَيْط فيه أَلوانٌ تشدُّه
المرأَة على حَقْوَيْها. وقال الليث: البَريمُ خيط يُنْظَم فيه خَرَز فتشدُّه
المرأَة على حَقْويَهْا. والبَريمُ: ثوب فيه قَزٌّ وكتّانٌ. والبَريمُ:
خليط يُفْتَل على طاقَيْن، يُقال: بَرَمْتُه وأَبْرَمْتُه. الجوهري:
البَريمُ الحبْل المَفْتول يكون فيه لَوْنان، وربَّما شدَّتْه المرأَةُ على
وَسَطها وعَضُدها، وقد يُعلَّق على الصبيّ تدفَع به العَيْن، ومنه قيل
للجيش بَريم لأَلْوان شِعار القَبائل فيه؛ وأَنشد ابن بري للعجاج:
أَبْدى الصَّباحُ عن بَريمٍ أَخْصفَا
قال: البَريمُ حبْل فيه لَوْنان أَسود وأبيض، وكذلك الأخْصَفُ
والخَصِيفُ، ويشبَّه به الفَجْر الكاذِبُ أَيضاً، وهو ذَنَب السِّرْحان؛ قال
جامِعُ ابن مُرْخِيَة:
لقد طَرَقَتْ دَهْماء، والبُعْدُ بينها،
ولَيْل، كأثْناء اللِّفاعِ، بَهِيمُ
على عَجَلٍ، والصبحُ بالٍ كأَنه
بأَدْعَجَ من لَيْلِ التِّمام بَريمُ
قال: والبَريمُ أيضاً الماءُ الذي خالَط غيرَه؛ قال رؤبة:
حتى إذا ما خاضَتِ البَرِيما
والبَريمُ: القَطيع من الغنَم يكون فيه ضَرْبان من الضَّأْن والمَعَز.
والبَريمُ: الدمع مع الإثْمِدِ. وبَرِيمُ القوم: لَفِيفُهم. والبَرِيمُ:
الجَيْش فيه أَخْلاط من الناس. والبَرِيمان: الجَيْشان عرَب وعَجَم؛ قالت
لَيْلى الأَخْيَلِيَّة:
يا أَيها السَّدِمُ المُلَوِّي رأْسَه
لِيَقُود من أَهل الحِجاز بَرِيما
أَرادت جَيْشاً ذا لَوْنَيْن، وكلُّ ذي لَوْنَيْن بَريمٌ. ويُقال: اشْوِ
لَنا من بَرِيَميْها أَي من الكَبِد والسَّنام يُقَدَّان طُولاً
ويُلَفَّان بِخَيْط أو غيره، ويقال: سمِّيا بذلك لبَياض السَّنام وسَوادِ
الكَبِد.
والبُرُمُ: القَومُ السيِّئُو الأَخْلاق. والبَرِيمُ العُوذَة.
والبَرَم: قِنانٌ من الجبال، واحدتها بَرَمَة.
والبُرْمَةُ: قِدْر من حجارة، والجمع بَرَمٌ وبِرامٌ وبُرْمٌ؛ قال
طرَفة:جاؤوا إليك بكل أَرْمَلَةٍ
شَعْثاءَ تَحْمِل مِنْقَعَ البُرم
وأَنشد ابن بري للنابغة الذبياني:
والبائعات بِشَطَّيْ نخْلةَ البُرَمَا
وفي حديث بَرِيرَةَ: رَأَى بُرْمةً تَفُورُ؛ البُرْمة: القِدْرُ مطلقاً،
وهي في الأصل المُتَّخَذَة من الحَجر المعروف بالحجاز واليَمن.
والمُبْرِمُ: الذي يَقْتَلِعُ حِجارةَ البِرامِ من الجبل ويقطَعُها
ويُسَوِّيها ويَنْحَتها. يقال: فلان مُبْرِمٌ للَّذي يقْتَطِعُها من جَبَلها
ويَصْنعَها. ورجل مُبْرِمٌ: ثَقِيلٌ، منه، كأَنه يَقْتَطِع من جُلَسائه
شيئاً، وقيل: الغَثُّ الحديثِ من المُبْرِمِ وهو المُجْتَني ثَمَر
الأَراك. أَبو عبيدة: المُبْرِمُ الغَثُّ الحديثِ الذي يحدِّث الناسَ بالأحاديث
التي لا فائدة فيها ولا معنى لها، أُخِذَ من المُبْرِم الذ يَجْني
البَرَمَ، وهو ثمر الأراك لا طَعْم له ولا حَلاوة ولا حُمُوضة ولا معنى له.
وقال الأَصمعي: المُبْرِمُ الذي هو كَلٌّ على صاحبه لا نَفْعَ عنده ولا
خَيْر، بمنزلة البَرَم الذي لا يدخُل مع القومِ في المَيْسِر ويأْكل معهم من
لَحْمِه.
والبَيْرَمُ العَتَلَةُ، فارِسيّ معرَّب، وخصَّ بعضهم به عَتَلَة
النَّجَّار، وهو بالفارسيَّة بتفخيم الباء.
والبَرَمُ: الكُحْل؛ ومنه الخبر الذي جاء: من تسمَّع إلى حديث قومٍ
صُبَّ في أُذنه البَرَمُ؛ قال ابن الأَعرابي: قلت للمفضَّل ما البَرَمُ؟ قال:
الكُحْل المُذاب؛ قال أَبو منصور: ورواه بعضهم صُبَّ في أُذنه
البَيْرَمُ، قال ابن الأَعرابي: البَيْرَمُ البِرْطِيلُ، وقال أَبو عبيدة:
البَيْرَمُ عَتَلَةُ النَّجار، أو قال: العَتَلة بَيْرَمُ النجار. وروى ابن عباس
قال: قال رسُول الله، صلى الله عليه وسلم: من اسْتَمَع إلى حديث قومٍ
وهم له كارِهُون مَلأَ الله سمعَه من البَيْرَم والآنُكِ، بزيادة الياء.
والبُرامُ، بالضم: القُرادُ وهو القِرْشام؛ وأَنشد ابن بري لجؤية بن
عائذ النَّصْري:
مُقيماً بمَوْماةٍ كأَن بُرَامَها،
إذا زالَ في آل السَّراب، ظَليمُ
والجمع أَبْرِمَةٌ؛ عن كراع.
وبِرْمةُ: موضع؛ قال كثيِّر عَزَّة:
رَجَعْت بها عَنِّي عَشِيَّة بِرْمةٍ،
شَماتةَ أَعْداءٍ شُهودٍ وغُيَّب
وأَبْرَمُ: موضع، وقيل نَبْت
(* قوله «وابرم موضع وقيل نبت» ضبط في
الأصل والقاموس والتكملة بفتح الهمزة، وفي ياقوت بكسرها وصوبه شارح القاموس)؛
مثَّل به سيبويه وفسَّره السيرافي. وبَرامٌ وبِرامٌ: موضع؛ قال لبيد:
أَقْوى فَعُرِّيَ واسطٌ فبَِرامُ
من أَهْلِه، فَصُوَائِقٌ فَخُزامُ
وبُرْمٌ: اسم جبل؛ قال أَبو صخر الهذلي:
ولو أنَّ ما حُمِّلْتُ حُمِّلَه
شَعَفَاتُ رَضْوَى، أَو ذُرَى بُرْم
ضزن: الضَّيْزَنُ: النِّخاسُ، والضَّيْزَنُ: الشريك، وقيل: الشريك في
المرأَة. والضَّيْزَنُ: الذي يزاحم أَباه في امرأَته؛ قال أَوس بن حجر:
والفارِسيَّةُ فيهم غيرُ مُنكَرةٍ،
فكُلُّهم لأَبيه ضَيْزَنٌ سَلِفُ
(* قوله «والفارسية فيهم إلخ» كذا في الأصل والجوهري والمحكم، والذي في
التهذيب: فيكم، وفكلكم بالكاف، قال الصاغاني: الرواية بالكاف لا غير).
يقول: هم مثل المجوس يتزوَّج الرجل منهم امرأَة أَبيه وامرأَة ابنه.
والضَّيْزَنُ أَيضاً: ولد الرجل وعياله وشركاؤه، وكذلك كل من زاحم رجلاً من
أَمر فهو ضَيْزَنٌ، والجمع الضَّيازِنُ. ابن الأَعرابي: الضَّيزَنُ الذي
يتزوَّجُ امرأَة أَبيه إذا طلقها أَو مات عنها. والضَّيزَنُ: خَدُّ بَكَرةِ
السَّقْيِ التي سائبها ههنا وههنا. ويقال للنِّخاس الذي يُنْخَس به
البَكَرةُ إذا اتسع خَرْقُها: الضَّيزَنُ؛ وأَنشد:
على دَمُوكٍ تَرْكَبُ الضَّيازِنا
وقال أَبو عمرو: الضَّيْزَنُ يكون بين قَبِّ البَكرة والساعِد، والساعدُ
خشبة تعلق عليها البكرة، وقال أَبو عبيدة: يقال للفرس إذا كان لم
يتَبطَّنِ الإناث ولم يَنْزُ قطُّ الضَّيزانُ. والضَّيزَان: السَّلِفان.
والضَّيزَن: الذي يزاحمك عند الاستقاء في البئر. وفي المحكم: الضَّيزَنُ الذي
يُزاحم على الحوض؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
إن شَرِيبَيْكَ لَضَيْزنانِهْ،
وعن إِزاءِ الحَوْضِ مِلْهَزانِهْ،
خالفْ فأَصْدِرْ يومَ يُورِدانِهْ.
وقيل: الضَّيْزَنانِ المُستَقيان من بئر واحدة، وهو من التزاحُم. وقال
اللحياني: كل رجل زاحَمَ رجلاً فهو ضَيْزَنٌ له. والضَّيْزَنُ: الساقي
الجَلْدُ. والضَّيْزَنُ: الحافظ الثقة. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: بعث
بعامل ثم عَزَله فانصرف إلى منزله بلا شيء، فقالت له امرأَته: أَينَ
مَرافِقُ العَمَل؟ فقال لها: كان معي ضَيْزنانِ يحفظان ويعلمان؛ يعني الملكين
الكاتبين، أَرْضَى أَهلَه بهذا القول وعَرَّضَ بالملكين، وهو من معاريض
الكلام ومحاسنه، والياء في الضَّيْزَن زائدة. والضَّيْزنُ: ضدّ الشيء: قال:
في كلِّ يومٍ لك ضَيْزَنانِ. وضَيْزَنُ:
اسم صنم، والضَّيْزَنانِ: صَنمانِ للمُنْذِر الأَكبر كان اتخذهما بباب
الحِيرَة ليسجد لهما من دخل الحيرة امْتِحاناً للطاعة. والضَّيْزنُ: الذي
يسميه أَهل العراق البُنْدارَ، يكون مع عامل الخَراج. وحكى اللحياني:
جعلته ضَيْزَناً عليه أَي بُنْدَاراً
عليه، قال: وأَرسلته مُضْغِطاً عليه، وأَهل مكة والمدينة يقولون:
أَرسلته ضاغِطاً عليه.
كسر: كَسَرَ الشيء يَكْسِرُه كَسْراً فانْكَسَرَ وتَكَسَّرَ شُدِّد
للكثرة، وكَسَّرَه فتَكَسَّر؛ قال سيبويه: كَسَرْتُه انكساراً وانْكَسَر
كَسْراً، وضعوا كل واحد من المصدرين موضع صاحبه لاتفاقهما في المعنى لا بحسب
التَّعَدِّي وعدم التَّعدِّي. ورجل كاسرٌ من قوم كُسَّرٍ، وامرأَة
كاسِرَة من نسوة كَواسِرَ؛ وعبر يعقوب عن الكُرَّهِ من قوله رؤبة:
خافَ صَقْعَ القارِعاتِ الكُرَّهِ
بأَنهن الكُسَّرُ؛ وشيء مَكْسور. وفي حديث العجين: قد انْكَسَر، أَي
لانَ واخْتَمر. وكل شيء فَتَر، فقد انْكسَر؛ يريد أَنه صَلَح لأَنْ
يُخْبَزَ. ومنه الحديث: بسَوْطٍ مَكْسور أَي لَيِّنٍ ضعيف. وكَسَرَ الشِّعْرَ
يَكْسِرُه كَسْراِ فانْكسر: لم يُقِمْ وَزْنَه، والجمع مَكاسِيرُ؛ عن
سيبويه؛ قال أَبو الحسن: إِنما أَذكر مثل هذا الجمع لأَن حكم مثل هذا أَن يجمع
بالواو والنون في المذكر، وبالأَلف والتاء في المؤنث، لأَنهم كَسَّروه
تشبيهاً بما جاء من الأَسماء على هذا الوزن. والكَسِيرُ: المَكْسور، وكذلك
الأُنثى بغير هاء، والجمع كَسْرَى وكَسَارَى، وناقة كَسِير كما قالوا
كَفّ خَضِيب. والكَسير من الشاء: المُنْكسرةُ الرجل. وفي الحديث: لا يجوز في
الأَضاحي الكَسِيرُ البَيِّنَةُ الكَسْرِ؛ قال ابن الأَثير:
المُنْكَسِرَةُ الرِّجْل التي لا تقدر على المشي، فعيل بمعنى مفعول. وفي حديث عمر:
لا يزال أَحدهم كاسِراً وِسادَه عند امرأَة مُغْزِيَةٍ يَتَحَدَّثُ إِليها
أَي يَثْني وِسادَه عندها ويتكئ عليها ويأْخذ معها في الحديث؛
والمُغْزِيَةُ التي غَزا زوْجُها. والكواسِرُ: الإِبلُ التي تَكْسِرُ العُودَ.
والكِسْرَةُ: القِطْعَة المَكْسورة من الشيء، والجمع كِسَرٌ مثل قِطْعَةٍ
وقِطَع. والكُسارَةُ والكُسارُ: ما تَكَسَّر من الشيء. قال ابن السكيت
ووَصَفَ السُّرْفَة فقال: تَصْنعُ بيتاً من كُسارِ العِيدان، وكُسارُ
الحَطَب: دُقاقُه. وجَفْنَةٌ أَكْسارٌ: عظيمة مُوَصَّلَة لكِبَرها أَو قِدمها،
وإِناء أَكْسار كذلك؛ عن ابن الأَعرابي. وقِدْرٌ كَسْرٌ وأَكْسارٌ:
كأَنهم جعلوا كل جزء منها كَسْراً ثم جمعوه على هذا.
والمَكْسِرُ: موضع الكَسْر من كل شيء. ومَكْسِرُ الشجرة: أَصلُها حيث
تُكْسَرُ منه أَغصانها؛ قال الشُّوَيْعِر:
فَمَنَّ واسْتَبْقَى ولم يَعْتَصِرْ
من فَرْعِهِ مالاً، ولا المَكْسِرِ
وعُود صُلْبُ المَكْسِر، بكسر السين، إِذا عُرِفَتْ جَوْدَتُــه بكسره.
ويقال: فلان طَيِّبُ المَكْسِرِ إِذا كان محموداً عند الخِبْرَةِ.
ومَكْسِرُ كل شيء: أَصله. والمَكْسِرُ: المَخْبَرُ؛ يقال: هو طيب المَكْسِرِ
ورَدِيءُ المَكْسِر. ورجل صُلْبُ المَكْسِر: باقٍ على الشِّدَّةِ، وأَصله من
كَسْرِكَ العُودَ لتَخْبُرَه أَصُلْبٌ أَم رِخْوٌ. ويقال للرجل إِذا كانت
خُبْرَتُه محمودة: إِنه لطيب المَكْسِرِ.
ويقال: فلان هَشُّ المَكْسِرِ، وهو مدح وذم، فإِذا أَرادوا أَن يقولوا
ليس بمُصْلِدِ القِدْحِ فهو مدح، وإِذا أَرادوا أَن يقولوا هو خَوَّارُ
العُود فهو ذم، وجمع التكسير ما لم يبنَ على حركة أَوَّله كقولك دِرْهم
ودراهم وبَطْن وبُطُون وقِطْف وقُطُوف، وأَما ما يجمع على حركة أَوّله فمثل
صالح وصالحون ومسلم ومسلمون.
وكَسَرَ من بَرْدِ الماء وحَرِّه يَكْسِرُ كَسْراً: فَتَّرَ. وانْكَسَر
الحَرُّ: فتَر. وكل من عَجَز عن شيء، فقد انْكَسَر عنه. وكل شيء فَتَر عن
أَمر يَعْجِزُ عنه يقال فيه: انْكسَر، حتى يقال كَسَرْتُ من برد الماء
فانْكَسَر. وكَسَرَ من طَرْفه يَكْسِرُ كَسْراً: غَضَّ. وقال ثعلب: كسَرَ
فلان على طرفه أَي غَضَّ منه شيئاً. والكَسْرُ: أَخَسُّ القليل. قال ابن
سيده: أُراه من هذا كأَنه كُسِرَ من الكثير، قال ذو الرمة:
إِذا مَرَئيٌّ باعَ بالكَسْرِ بِنْتَهُ،
فما رَبِحَتْ كَفُّ امْرِئٍ يَسْتَفِيدُها
والكَسْرُ والكِسْرُ، والفتح أَعلى: الجُزْءُ من العضو، وقيل: هو العضو
الوافر، وقيل: هو العضو الذي على حِدَتِه لا يخلط به غيره، وقيل هو نصف
العظم بما عليه من اللحم؛ قال:
وعاذِلةٍ هَبَّتْ عَليَّ تَلُومُني،
وفي كَفِّها كَسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ
أَبو الهيثم: يقال لكل عظم كِسْرٌ وكَسْرٌ، وأَنشد البيت أَيضاً.
الأُمَويّ: ويقال لعظم الساعد مما يلي النصف منه إِلى المِرْفَق كَسْرُ قَبيحٍ؛
وأَنشد شمر:
لو كنتَ عَيْراً، كنتَ عَيْرَ مَذَلَّةٍ،
أَو كنتَ كِسْراً، كنتَ كِسْرَ قَبيحِ
وهذا البيت أَورد الجوهري عجزه:
ولو كنتَ كَِسْراً، كنتَ كَِسْرَ قَبيحِ
قال ابن بري: البيت من الطويل ودخله الخَرْمُ من أَوله، قال: ومنهم من
يرويه أَو كنت كسراً، والبيت على هذا من الكامل؛ يقول: لو كنت عيراً لكنت
شرَّ الأَعيار وهو عير المذلة، والحمير عندهم شرُّ ذوات الحافر، ولهذا
تقول العرب: شر الدواب ما لا يُذَكَّى ولا يُزَكَّى، يَعْنُون الحمير؛ ثم
قال: ولو كنت من أَعضاء الإِنسان لكنت شَرَّها لأَنه مضاف إِلى قبيح،
والقبيح هو طرفه الذي يَلي طَرَفَ عظم العَضُدِ؛ قال ابن خالويه: وهذا النوع
من الهجاء هو عندهم من أَقبح ما يهجى به؛ قال: ومثله قول الآخر:
لو كُنْتُمُ ماءً لكنتم وَشَلا،
أَو كُنْتُمُ نَخْلاً لكُنْتُمْ دَقَلا
وقول الآخر:
لو كنتَ ماءً كنتَ قَمْطَرِيرا،
أَو كُنْتَ رِيحاً كانَتِ الدَّبُورَا،
أَو كنتَ مُخّاً كُنْتَ مُخّاً رِيرا
الجوهري: الكَسْرُ عظم ليس عليه كبير لحم؛ وأَنشد أَيضاً:
وفي كَفِّها كِسْرٌ أَبَحُّ رَذُومُ
قال: ولا يكون ذلك إِلا وهو مكسور، والجمع من كل ذلك أَكْسارٌ وكُسورٌ.
وفي حديث عمر، رضي الله عنه، قال سعدُ بنُ الأَخْرَم: أَتيته وهو يُطْعم
الناسَ من كُسورِ إِبلٍ أَي أَعضائها، واحدها كَسْرٌ وكِسْرٌ، بالفتح
والكسر، وقيل: إِنما يقال ذلك له إِذا كان مكسوراً؛ وفي حديثه الآخر: فدعا
بخُبْز يابس وأَكسارِ بعير؛ أَكسار جمعُ قلة للكِسْرِ، وكُسورٌ جمعُ كثرة؛
قال ابن سيده: وقد يكون الكَسْرُ من الإِنسان وغيره؛ وقوله أَنشده ثعلب:
قد أَنْتَحِي للناقَةِ العَسِيرِ،
إِذِ الشَّبابُ لَيِّنُ الكُسورِ
فسره فقال: إِذ أَعضائي تمكنني. والكَسْرُ من الحساب: ما لا يبلغ سهماً
تامّاً، والجمع كُسورٌ. والكَسْر والكِسْرُ: جانب البيت، وقيل: هو ما
انحدر من جانبي البيت عن الطريقتين، ولكل بيت كِسْرانِ. والكَسْرُ
والكِسْرُ: الشُّقَّة السُّفْلى من الخباء، والكِسْرُ أَسفل الشُّقَّة التي تلي
الأَرض من الخباء، وقيل: هو ما تَكَسَّر أَو تثنى على الأَرض من الشُّقَّة
السُّفْلى. وكِسْرا كل شيء: ناحيتاه حتى يقال لناحيتي الصَّحراءِ
كِسْراها. وقال أَبو عبيد: فيه لغتان: الفتح والكسر. الجوهري: والكِسْرُ،
بالكسر، أَسفلُ شُقَّةِ البيت التي تَلي الأَرضَ من حيثُ يُكْسَرُ جانباه من عن
يمينك ويسارك؛ عن ابن السكيت. وفي حديث أُم مَعْبَدٍ: فنظر إِلى شاة في
كِسْرِ الخَيْمة أَي جانبها. ولكل بيتٍ كِسْرانِ: عن يمين وشمال، وتفتح
الكاف وتكسر، ومنه قيل: فلان مُكاسِرِي أَي جاري. ابن سيده: وهو جاري
مُكاسِرِي ومُؤاصِرِي أَي كِسْرُ بيتي إِلى جَنْبِ كِسْرِ بيته. وأَرضٌ ذاتُ
كُسُورٍ أَي ذات صُعودٍ وهُبُوطٍ.
وكُسُورُ الأَودية والجبال: معاطفُها وجِرَفَتها وشِعابُها، لا يُفْرد
لها واحدٌ، ولا يقال كِسْرُ الوادي. ووادٍ مُكَسَّرٌ: سالتْ كُسُوره؛ ومنه
قول بعض العرب: مِلْنا إِلى وادي كذا فوجدناه مُكَسِّراً. وقال ثعلب:
واد مُكَسَّرٌ: بالفتح، كأَن الماء كسره أَي أَسال معَاطفَه وجِرَفَتَه،
وروي قول الأَعرابي: فوجدناه مُكَسَّراً، بالفتح. وكُسُور الثوب والجلد:
غٌضُونُه.
وكَسَرَ الطائرُ يَكْسِرُ كَسْراً وكُسُوراً: ضمَّ جناحيه جتى يَنْقَضَّ
يريد الوقوعَ، فإِذا ذكرت الجناحين قلت: كَسَرَ جناحيه كَسْراً، وهو
إِذا ضم منهما شيئاً وهو يريد الوقوع أَو الانقضاض؛ وأَنشد الجوهري
للعجاج:تَقَضِّيَ البازِي إِذا البازِي كَسَرْ
والكاسِرُ: العُقابُ، ويقال: بازٍ كاسِرٌ وعُقابٌ كاسر؛ وأَنشد:
كأَنها كاسِرٌ في الجَوّ فَتْخاءُ
طرحوا الهاء لأَن الفعل غالبٌ. وفي حديث النعمان: كأَنها جناح عُقابٍ
كاسِرٍ؛ هي التي تَكْسِرُ جناحيها وتضمهما إِذا أَرادت السقوط؛ ابن سيده:
وعُقاب كاسر؛ قال:
كأَنها، بعدَ كلالِ الزاجرِ
ومَسْحِه، مَرُّ عُقابٍ كاسِرِ
أَراد: كأَنّ مَرَّها مَرُّ عُقابٍ؛ وأَنشده سيبويه:
ومَسْحِ مَرُّ عُقابٍ كاسِرِ
يريد: ومَسْحِه فأَخفى الهاء. قال ابن جني: قال سيبويه كلاماً يظن به في
ظاهره أَنه أَدغم الحاء في الهاء بعد أَن قلب الهاء حاء فصارت في ظاهر
قوله ومَسْحّ، واستدرك أَبو الحسن ذلك عليه، وقال: إِن هذا لا يجوز
إِدغامه لأَن السين ساكنة ولا يجمع بين ساكنين؛ قال: فهذا لعمري تعلق بظاهر
لفظه فأَما حقيقة معناه فلم يُرِدْ مَحْضَ الإِدغام؛ قال ابن جني: وليس
ينبغي لمن نظر في هذا العلم أَدنى نظر أَن يظنَّ بسيبويه أَنه يتوجه عليه هذا
الغلط الفاحش حتى يخرج فيه من خطإِ الإِعراب إِلى كسر الوزن، لأَن هذا
الشعر من مشطور الرجز وتقطيع الجزء الذي فيه السين والحاء ومسحه« مفاعلن»
فالحاء بإِزاء عين مفاعلن، فهل يليق بسيبويه أَن يكسر شعراً وهو ينبوع
العروض وبحبوحة وزن التفعيل، وفي كتابه أَماكن كثيرة تشهد بمعرفته بهذا
العلم واشتماله عليه، فكيف يجوز عليه الخطأ فيما يظهر ويبدو لمن يَتَسانَدُ
إِلى طبعه فضلاً عن سيبويه في جلالة قدره؟ قال: ولعل أَبا الحسن الأَخفش
إِنما أَراد التشنيع عليه وإِلا فهو كان أَعرف الناس بجلاله؛ ويُعَدَّى
فيقال: كَسَرَ جَناحَيْه. الفراء: يقال رجل ذو كَسَراتٍ وهَزَراتٍ، وهو
الذي يُغْبَنُ في كل شيء، ويقال: فلان يَكْسِرُ عليه الفُوقَ إِذا كان
غَضْبانَ عليه؛ وفلان يَكْسِرُ
عليه الأَرْعاظَ غَضَباً. ابن الأَعرابي: كَسَرَ الرجلُ إِذا باع
(*
قوله« كسر الرجل إِذا باع إلخ» عبارة المجد وشرحه: كسر الرجل متاعه إذا باعه
ثوباً ثوباً.) متاعه ثَوْباً ثَوْباً، وكَسِرَ إِذا كَسِلَ.
وبنو كِسْرٍ: بطنٌ من تَغْلِب.
وكِسْرى وكَسْرى، جميعاً بفتح الكاف وكسرها: اسم مَلِكِ الفُرْس، معرّب،
هو بالفارسية خُسْرَوْ أَي واسع الملك فَعَرَّبَتْه العربُ فقالت:
كِسْرى؛ وورد ذلك في الحديث كثيراً، والجمع أَكاسِرَةٌ وكَساسِرَةٌ وكُسورٌ
علىغير قياس لأَن قياسه كِسْرَوْنَ، بفتح الراء، مثل عِيسَوْنَ ومُوسَوْنَ،
بفتح السين، والنسب إِليه كِسْرِيّ، بكسر الكاف وتشديد الياء، مثل
حِرْميٍّ وكِسْرَوِيّ، بفتح الراء وتشديد الياء، ولا يقال كَسْرَوِيّ بفتح
الكاف. والمُكَسَّرُ: فَرَسُ سُمَيْدَعٍ. والمُكَسَّرُ: بلد؛ قال مَعْنُ بنُ
أَوْسٍ:
فما نُوِّمَتْ حتى ارتُقي بِنقالِها
من الليل قُصْوى لابَةٍ والمُكَسَّرِ
والمُكَسِّرُ: لقب رجلٍ؛ قال أَبو النجم:
أَو كالمُكَسِّرِ لا تَؤُوبُ جِيادُه
إِلا غَوانِمَ، وهي غَيْرُ نِواء
محص: مَحَصَ الظبيُ في عَدْوِه يَمْحَصُ مَحْصاً: أَسْرَعَ وعَدا
عَدْواً شديداً؛ قال أَبو ذؤيب:
وعاديّة تُلْقي الثِّيابَ كَأَنَّها
تُيوسُ ظِباءٍ، مَحْصُها وانتِبارُها
وكذلك امْتَحَصَ؛ قال:
وهُنَّ يَمْحَصْن امْتِحاصَ الأَظْبِ
جاء بالمصدر على غير الفعل لأَن مَحَصَ وامْتَحَصَ واحد. ومَحَصَ في
الأَرض مَحْصاً: ذهب. ومحَصَ بها مَحْصاً: ضَرطَ. والمَحْصُ: شدة الخلق.
والمَمْحُوصُ والمَحْص والمَحِيصُ والمُمَحَّصُ: الشديدُ الخلق، وقيل: هو
الشديد من الإِبل. وفرس مَحْصٌ بيَّن المَحْصِ: قليلُ لحمِ القوائم؛ قال
الشماخ يصف حمارَ وحش:
مَحْصُ الشَّوى، شَنِجُ النَّسا، خاظِي المَطا،
سَحْلٌ يُرَجِّع خَلفَها التَّنْهاقا
ويستحب من الفرس أَن تُمْحَصَ قوائمُه أَي تخلُصَ من الرَّهَل، يقال
منه: فرس مَمْحُوصُ القوائمِ إِذا خَلَصَ من الرَّهَل. وقال أَبو عبيدة: في
صفات الخيل المُمَحَّصُ والمَحْصُ، فأَما المُمَحَّصُ فالشديد الخلق،
والأُنثى مُمَحَّصةٌ؛ وأَنشد:
ممَحَّصُ الخَلْق وَأًى فُرافِصَهْ
كلٌّ شَدِيدٌ أَسْرهُ مُصامِصَهْ
قال: والمُمَحَّصُ والفُرافِصةُ سواءٌ. قال: والمَحْصُ بمنزلة
المَمَحَّصِ، والجمع مِحاصٌ ومِحاصاتٌ؛ وأَنشد:
مَحْص الشَّوى مَعْصوبة قَوائِمُه
قال: ومعنى مَحْص الشَّوى قليل اللحم إِذا قلت مَحَص كذا
(* قوله «إِذا
قلت محص كذا» هو كذلك في الأصل.) ؛ وأَنشد:
مَحْصُ المُعَذَّرِ أَسْرَفت حَجَباتُه،
يَنْضُو السوابِقَ زاهِقٌ قَرِدُ
وقال غيره: المَمْحُوص السنانِ المجْلوُّ؛ وقال أُسامة الهذلي:
أَشْفَوْا بمَمْحوصِ القِطاعِ فُؤادَه
والقِطاعُ: النِّصالُ، يصف عَيْراً رُمِي بالنِّصال حتى رق فؤادُه من
الفزع.
وحبل مَحِصٌ ومَحِيصٌ: أَمْلَس أَجْرَدُ ليس له زِئْبِرٌ. ومَحِصَ
الحبلُ يَمْحَصُ مَحَصاً إِذا ذهب وبرُه حتى يَمّلِص. وحبل مَحِصٌ ومَلِصٌ
بمعنى واحد. ويقال للزمام الجيِّد الفَتْل: مَحِصٌ ومَحْصٌ في الشِّعْر؛
وأَنشد:
ومَحْص كساق السَّوْذَقانِيّ نازَعَتْ
بِكَفِّيَ جَشَّاء البُغامِ خَفُوق
(* قوله «ومحص كساق السوذقاني البيت» هو هكذا في الأَصل.)
أَراد مَحِص فخفّفه وهو الزمام الشديد الفتل. قال: والخفوق التي يَخْفِق
مِشْفراها إِذا عَدَت. والمَحِيصُ: الشديد الفَتْل؛ قال امرؤ القيس يصف
حماراً:
وأَصْدَرَها بادِي النَّواجِذ قارِحٌ،
أَقَبُّ ككَرِّ الأَنْدَرِيِّ مَحِيصُ
وأَورد ابن بري هذا البيت مستشهداً به على المَحِيص المفتول الجسم.
أَبو منصور: مَحّصْت العَقَبَ من الشحم إِذا نَقَّيْتَه منه لتَفْتلَه
وَتَراً. ومَحَصَ به الأَرضَ مَحْصاً: ضَرَبَ. والمَحْصُ: خُلُوصُ الشيء.
ومَحَصَ الشيءَ يَمْحَصُه مَحْصاً ومَحَّصَه: خَلَّصَه، زاد الأَزهري: من
كل عيب؛ وقال رؤبة يصف فرساً:
شدِيدُ جَلْزِ الصُّلْبِ مَمْحوصُ الشَّوى
كالكَرِّ، لا شَخْتٌ ولا فيه لَوى
أَراد باللَّوى العِوَجَ. وفي التنزيل: وليُمَحِّصَ ما في قُلوبِكم،
وفيه: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا؛ أَي يُخَلِّصهم، وقال الفراء: يعني
يُمحِّص الذنوبَ عن الذين آمنوا، قال الأَزهري: لم يزد الفراء على هذا،
وقال أَبو إِسحق: جعل اللّه الأَيامَ دُوَلاً بين الناس لِيُمَحِّصَ
المؤمنين بما يقع عليهم من قَتْلٍ أَو أَلَمٍ أَو ذهاب مال، قال: ويَمْحَق
الكافرين؛ أَي يَسْتأْصِلُهم. والمَحْصُ في اللغة: التَّخْليصُ والتنقية. وفي
حديث الكسوف: فَرَغَ من الصلاة وقد أَمْحَصَت الشمسُ أَي ظهرت من الكسوف
وانجلَت، ويروى: امّحصَت، على المطاوعة وهو قليل في الرباعي، وأَصل
المَحْص التخليصُ. ومَحَصْت الذهَبَ بالنار إِذا خَلَّصْته مما يَشُوبه. وفي
حديث عليّ: وذَكَرَ فتْنةً فقال: يُمْحَصُ الناسُ فيها كما يُمْحَصُ ذهبُ
المعدن أَي يُخَلَّصون بعضُهم من بعض كما يُخَلَّص ذهبُ المعدن من
التراب، وقيل: يُخْتَبرُون كما يُخْتَبر الذهب لتُعْرَفَ جَوْدتــه من رَداءتِه.
والمُمَحَّصُ: الذي مُحِّصَت عنه ذنوبُه؛ عن كراع، قال ابن سيده: ولا
أَدري كيف ذلك إِنما المَمَحَّصُ الذَّنْبُ. وتمحِيصُ الذنوب: تطهيرُها
أَيضاً. وتأْويل قول الناس مَحِّصْ عنا ذنوبَنا أَي أَذْهِب ما تعلق بنا من
الذنوب. قال فمعنى قوله: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا، أَي يخَلِّصهم من
الذنوب. وقال ابن عرفة: وليُمَحِّصَ اللّه الذين آمنوا، أَي يَبْتَليهم،
قال: ومعنى التَّمْحِيص النَّقْص. يقال: مَحَّصَ اللّه عنك ذنوبَك أَي
نقصها فسمى اللّه ما أَصابَ المسلمين من بَلاءٍ تَمْحِيصاً لأَنه يَنْقُص
به ذنوبَهم، وسَمّاه اللّه من الكافرين محْقاً.
والأَمْحَصُ: الذي يقْبَل اعتذارَ الصادق والكاذب.
ومُحِصَت عن الرجل يدُه أَو غيرُها إِذا كان بها ورَمٌ فأَخَذ في
النقصان والذهاب؛ قال ابن سيده: هذه عن أَبي زيد وإِنما المعروف من هذا حَمَصَ
الجرْحُ.
والتَّمْحِيص: الاختبار والابتلاء؛ وأَنشد ابن بري:
رأَيت فُضَيْلاً كان شيئاً مُلَفَّقاً،
فكشَّفَه التَّمْحِيصُ حتى بَدا لِيَا
ومَحَص اللّهُ ما بِك ومَحَّصَه: أَذْهَبَه. الجوهري: مَحَصَ المذبوحُ
برِجْلِه مثل دَحَص.
رجح: الرَّاجِحُ: الوازِنُ.
ورَجَحَ الشيءَ بيده: رَزَنشه ونَظر ما ثِقْلُه.
وأَرْجَحَ الميزانَ أَي أَثقله حتى مال. وأَرْجَحْتُ لفلان ورَجَّحْت
تَرْجيحاً إِذا أَعطيته راجِحاً. ورَجَح الشيءُ يَرْجَحُ ويَرْجِحُ
ويَرْجُحُ رُجوحاً ورَجَحاناً ورُجْحاناً، ورَجَح الميزان يَرْجَحُ ويَرْجِحُ
ويَرْجُحُ رُجْحاناً: مال. ويقال: زِنْ وأَرْجِحْ، وأَعْطِ راجِحاً.
ورَجَحَ في مجلِسه يَرْجُح: ثَقُل فلم يَخِفَّ، وهو مَثَل.
والرَّجَاحة: الحِلم، على المَثَل أَيضاً، وهم ممن يصفون الحِلم
بالثِّقَل كما يصفون ضده بالخِفَّة والعَجَل.
وقوم رُجَّحٌ ورُجُحٌ ومَراجِيحُ ومَراجِحُ: حُلَماءُ؛ قال الأَعشى:
من شَبابٍ تَراهُمُ غَيرَ مِيلٍ،
وكُهولاً مَراجِحاً أَحْلاما
واحدهم مِرْجَحٌ ومِرْجاح؛ وقيل: لا واحد للمَراجِح ولا المَراجِيح من
لفظها.
والحِلْمُ الراجِحُ: الذي يَزِنْ بصاحبه فلا يُخِفُّه شيء. وناوَأْنا
قوماً فَرَجَحْناهم أَي كنا أَوْزَنَ منهم وأَحلم.
وراجَحْته فَرَجَحْته أَي كنتُ أَرْزَنَ منه؛ قال الجوهري: وقوم
مَراجِيحُ في الحِلم.
وأَرْجَحَ الرجلَ: أَعطاه راجِحاً.
وامرأَة رَجاحٌ وراجِحٌ: ثقيلة العَجيزة من نسوة رُجَّح؛ قال:
إِلى رُجَّح الأَكفالِ، هِيفٍ خُصُورُها،
عِذابِ الثنايا، رِيقُهُنَّ طَهُورُ
الأَزهري: ويقال للجارية إِذا ثَقُلَتْ روادفُها فَتَذَبْذَبَتْ: هي
تَرْتَجِحُ عليها؛ ومنه قوله:
ومَأْكَماتٍ يَرْتَجِحْنَ رُزَّما
وجمعُ المرأَة الرَّجاح رُجُح، مثل قَذال وقُذُل؛ قال رؤْبة:
ومِنْ هَوايَ الرُّجُحُ الأَثائِثُ
وجِفانٌ رُجُحٌ: مَلأَى مُكْتَنِزة؛ قال أُمَيَّة بنُ أَبي الصَّلْتِ:
إِلى رُجُحٍ من الشِّيزَى، مِلاءٍ
لُبابَ البُرِّ، يُلْبَكُ بالشِّهادِ
وقال الأَزهري: مملوءة من الزُّبْدِ واللحم؛ قال لبيد:
وِذا شَتَوْا، عادَتْ على جِيرانهم
رُجُحٌ يُوَفِّيها مَرابِعُ كُومُ
أَي قصاع يملؤُها نُوق مَرابع. وكتائبُ رُجُحٌ: جَرَّارة ثقيلة؛ قال
الشاعر:
بكتائبٍ رُجُحٍ تَعَوَّدَ كَبْشُها
نَطْحَ الكِباشِ، كأَنهنَّ نُجُومُ
ونَخِيلٌ مَراجِيحُ إِذا كانت مواقير؛ قال الطرماح:
نَخْلُ القُرَى شالَتْ مَراجِيحُه
بالوِقْرِ، فانْزالَتْ بأَكْمامِها
انزالت: تدلت أَكمامها حين ثقلت ثمارها. وقال الليث: الأَراجِيحُ
الفَلَواتُ كأَنها تَتَرَجَّحُ بمن سار فيها أَي تُطَوِّحُ به يميناً وشمالاً؛
قال ذو الرمة:
بِلالٍ أَبي عَمْرٍو، وقد كان بيننا
أَراجيحُ، يَحْسِرْنَ القِلاصَ النَّواجِيا
أَي فَيافٍ تَرَجَّحُ برُكْبانها.
والأُرْجُوحَة والمَرْجُوحة: التي يُلْعَبُ بها، وهي خشبة تؤْخذ فيوضع
وسطها على تَلٍّ، ثم يجلس غلامٌ على أَحد طرفيها وعلامٌ آخر على الطرف
الآخر، فَتَرَجَّحُ الخشبة بهما ويتحرّكان، فيميل أَحدهما بصاحبه الآخر.
وتَرَجَّحَتِ الأُرْجُوحة بالغلام أَي مالت.
ويقال للحبل الذي يُرْتَجَحُ به: الرُّجَّاحةُ والنُّوَّاعةُ
والنُّوَّاطةُ والطُّوَّاحةُ.
وأَراجِيحُ الإِبل: اهتزازها في رَتَكانِها، والفعل الارْتِجاحُ؛ قال:
على رَبِذٍ سَهْوِ الأَراجِيحِ مِرْجَمِ
قال أَبو الحسن: ولا أَعرف وجه هذا لأَن الاهتزاز واحد والأَراجيح جمع،
والواحد لا يخبر به عن الجمع، وقد ارْتَجَحَتْ.
وناقة مِرْجاحٌ، وبعير مِرْجاحٌ. والمِرْجاحُ من الإِبل: ذو
الأَرَاجِيح.والتَّرَجُّحُ: التَّذَبْذُبُ بين شيئين عامٌّ في كل ما
يشبهه.
نوع: النَّوْعُ أَخَصُّ من الجِنس، وهو أَيضاً الضرْبُ من الشيء، قال
ابن سيده: وله تَحْديدٌ مَنْطِقيّ لا يليق بهذا المكان، والجمع أَنواعٌ،
قلّ أَو كثُر. قال الليث: النوْعُ والأَنواعُ جماعة، وهو كل ضرب من الشيء
وكل صِنْفٍ من الثياب والثمار وغير ذلك حتى الكلام؛ وقد تَنَوَّعَ الشيء
أَنواعاً.
وناعَ الغُصْنُ يَنوعُ: تمايَلَ. وناعَ الشيءُ نَوْعاً: تَرَجَّحَ.
والتنَوُّعُ: التذَبْذُبُ.
والنُّوعُ، بالضم: الجُوعُ، وصرَّف سيبويه منه فِعْلاً فقال: ناعَ
يَنوعُ نَوْعاً، فهو نائِعٌ. يقال: رَماه الله بالجوعِ والنُّوعِ، وقيل:
النُّوعُ إِتْباعٌ للجُوعِ، والنائِعُ إِتباعٌ للجائعِ، يقال: رجل جائعٌ
نائِعٌ، وقيل: النُّوعُ العطَشُ وهو أَشبه لقولهم في الدّعاء على الإِنسان:
جُوعاً ونوعاً، والفعل كالفعل، ولو كان الجُوع نُوعاً لم يحسن تكريره،
وقيل: إِذا اختلف اللفظان جاز التكرير، قال أَبو زيد: يقال جُوعاً له
ونُوعاً، وجُوساً له وجُوداً، لم يَزِدْ على هذا، وقيل: جائِعٌ نائِعٌ أَي
جائعٌ، وقيل عطشانُ، وقيل إِتباع كقولك حَسَنٌ بَسَنٌ، قال ابن بري: وعلى هذا
يكون من باب بُعْداً له وسُحقاً مما تَكَرَرَ فيه اللفظانِ المختلفانِ
بمعنى، قال: وذلك أَيضاً تقوية لمن يزعم أَنه إِتباع لأَن الإِتباع أَن
يكون الثاني بمعنى الأَوَّل، ولو كان بمعنى العطش لم يكن إِتباعاً لأَنه ليس
من معناه،قال: والصحيح أَنَّ هذا ليس إِتباعاً لأَن الإِتباع لا يكون
بحرف العطف، والآخرُ أَنَّ له معنى في نفسه يُنْطَقُ به مفرداً غير تابع،
والجمع نِياعٌ. يقال: قوم جِياعٌ نِياعٌ؛ قال القطامي:
لَعَمْرُ بَني شِهابٍ ما أَقامُوا
صدورَ الخيلِ والأَسَلَ النِّياعا
يعني الرِّماح العِطاش إِلى الدِّماء، قال: والأَسَلُ أَطرافُ
الأَسِنَّةِ، قال ابن بري: البيت لدريد بن الصِّمّةِ؛ وقول الأَجْدع بن مالك أَنشد
يعقوب في المقلوب:
خَيْلانِ من قَوْمي ومن أَعْدائِهِمْ،
خَفَضُوا أَسِنَّتَهُمْ وكلُّ ناعي
قال: أَراد نائِعٌ أَي عطشانُ إِلى دَمِ صاحِبه فقَلب؛ قال الأَصمعي: هو
على وجهه إِنما هو فاعِلٌ من نَعَيْتُ وذلك أَنهم يقولون يا لثاراتِ
فلانٍ:
ولقد نَعَيْتُكَ، يومَ حِرْمِ صَواِئقٍ،
بمعابِلٍ زُرْقٍ وأَبْيَضَ مِخْذَمِ
أَي طَلَبْتُ دَمَك فلم أَزلْ أَضْرِبُ القومَ وأَطعنُهُم وأَنْعاكَ
وأَبكيكَ حتى شفيت نفسي وأَخذْتُ بثأْري؛ وأَنشد ابن بري لآخر:
إِذا اشْتَدَّ نُوعِي بالفَلاةِ ذَكَرْتُها،
فقامَ مَقامَ الرّيِّ عِنْدِي ادِّكارُها
والنَّوْعةُ: الفاكِهةُ الرَّطْبةُ الطرِيَّةُ. قال أَبو عدنان: قال لي
أَعرابي في شيء سأَلته عنه: ما أَدري على أَيِّ مِنْواعٍ هو. وسُئِلَت
هِنْدُ ابنة الخُسِّ: ما أَشدُّ الأَشياء
(* قوله« ما اشد الاشياء إلخ» كذا
بالأصل هنا، وتقدم في مادة ضيع: ما أحدّ شيء؟ قالت: ناب جائع يلقي في
معى ضائع) ؟ فقالت: ضِرْسٌ جاِئعٌ يَقْذِفُ في مِعًى نائِعٍ ويقال للغصن
إِذا حرَّكته الرياح فتحرك: قد ناعَ يَنُوعُ نَوَعاناً، وتَنَوَّعَ
تَنَوُّعاً، واستَناع اسْتِناعةً، وقد نَوَّعَتْه الرياحُ تَنْويعاً إِذا
ضَرَبَتْه وحرَّكَتْه؛ وقال ابن دريد: ناعَ يَنوعُ ويَنِيعُ إِذا تمايَلَ، قال
الأَزهري: والخائِعُ اسم جبل يقابله جبل آخر يقال له نائِعٌ؛ وأَنشد
لأَبي وَجْزة السَّعْدي في ذكرهما:
والخائِعُ الجَوْنُ آتٍ عن شَمائِلِهمْ،
ونائِعُ النَّعْفِ عن أَيمانِهِمْ يَفَعُ
قال: ونُوَيعةُ اسم وادٍ بعَيْنِه؛ قال الراعي:
بَنُوَيْعَتَيْنِ فشاطئ التَّسْريرِ
واسْتَناعَ الشيءُ: تمادى؛ قال الطِّرمّاحُ:
قُلْ لِباكي الأَمواتِ: لا تَبْكِ للنا
سِ، ولا يَسْتَنِعْ به فَنَدُهْ
والاسْتِناعةُ: التَّقَدُّم في السير؛ قال القُطامِيّ يصف ناقَتَه:
وكانت ضَرْبةً من شَدْقَمِيٍّ،
إِذا ما احْتُثَّتِ الإِبلُ اسْتَناعا
سبأ: سَبَأَ الخَمْرَ يَسْبَؤُها سَبْأً وسِباءً ومَسْبَأً واستَبَأَها:
شَراها. وفي الصحاح: اشتراها لِيَشْرَبَها. قال ابراهيم بن هَرْمةَ:
خَوْدٌ تُعاطِيكَ، بعد رَقْدَتِها، * إِذا يُلاقِي العُيونَ مَهْدَؤُها
كأْساً بِفِيها صَهْباء، مُعْرَقة، * يَغْلُو بأَيدي التِّجارِ مَسْبَؤُها
مُعْرَقةٌ أَي قليلةُ المِزاجِ أَي إِنها من جَوْدَتِــها يَغْلُو اشتِراؤُها. واسْتَبَأَها: مِثله. ولا يقال ذلك إِلاَّ في الخَمرِ خاصة. قال مالك بن أَبي كعب:
بَعَثْتُ إِلى حانُوتِها، فاسْتَبَأْتُها * بغيرِ مِكاسٍ في السِّوام، ولا غَصْبِ
والاسم السِّباءُ، على فِعالٍ بكسر الفاءِ. ومنه سميت الخمر سَبِيئةً.
قال حَسَّانُ بن ثابِتٍ رضي اللّه تعالى عنه:
كأَنَّ سَبِيئةً من بَيْتِ رأس، * يكونُ مِزاجَها عسلٌ وماءُ
وخبر كأَنَّ في البيت الثاني وهو:
على أَنْيابها، أَو طَعْمُ غَضٍّ * مِنَ التُّفَّاحِ، هَصَّرَه اجْتِناءُ
وهذا البيت في الصحاح:
كأَنَّ سَبِيئةً في بيت رأْسٍ
قال ابن بري: وصوابه مِن بَيْتِ رأْسٍ، وهو موضع بالشام.
والسَّبَّاءُ: بَيَّاعُها. قال خالد بن عبداللّه لعُمر بن يوسف الثَّقفي: يا ابن السَّبَّاءِ، حكى ذلك أَبو حنيفة. وهي السِّباءُ والسَّبِيئةُ، ويسمى الخَمَّار سَبَّاءً. ابن الأَنباري: حكى الكسائي: السَّبَأُ الخَمْرُ، واللَّظَأُ: الشيءُ الثَّقيل(1)
(1 قوله «اللظأ الشيء الثقيل» كذا في التهذيب بالظاء المشالة أيضاً والذي في مادة لظأ من القاموس الشيء القليل.)،
حكاهما مهموزين مقصورين. قال: ولم يحكهما غيره. قال: والمعروف في الخَمْرِ السِّباءُ، بكسر السين والمدّ، وإِذا اشتريت الخمر لتحملها إِلى بلد آخر قلت: سَبَيْتُها، بلا همز. وفي حديث عمر رضي اللّه عنه: أَنه دَعا بالجِفانِ فسَبَأَ الشَّرابَ فيها.
قال أبو موسى: المعنى في هذا الحديث، فيما قيل: جَمَعَها وخَبَأَها.
وسَبَأَتْه السِّياطُ والنارُ سَبْأً: لَذَعَتْه، وقيل غَيَّرتْه
ولَوَّحَتْه، وكذلك الشمسُ والسَّيْرُ والحُمَّى كلهن يَسْبَأُ الإِنسانَ أَي
يُغَيِّره. وسَبَأْتُ الرجلَ سَبْأً: جَلَدْتُه. وسَبَأَ جِلْدَه سَبْأً: أَحْرَقَه، وقيل سلَخَه.
وانْسَبَأَ هو وسَبَأْتُه بالنار سَبْأً إِذا أَحْرَقْته بها.
وانْسَبَأَ الجِلْد: انْسَلَخَ. وانْسَبَأً جلْدُه إِذا تَقَشَّر. وقال:
وقد نَصَلَ الأَظفارُ وانْسَبَأَ الجِلْدُ
وإِنك لتريدُ سُبْأَةً أَي تُرِيد سَفَراً بَعِيداً يُغَيِّرُك. التهذيب: السُّبْأَةُ: السَّفَر البعيد، سمي سُبْأَةً لأَن الإِنسان إِذا طال سَفَرُه سَبَأَتْهُ الشمسُ ولَوَّحَتْه، وإِذا كان السفر قريباً قيل: تريد سَرْبةً.والـمَسْبَأُ: الطريقُ في الجبل.
وسَبَأَ على يَمِينٍ كاذبة يَسْبَأُ سَبْأً: حَلَف، وقيل: سبَأَ على يَمِينٍ يَسْبَأُ سَبْأً مَرَّ عليها كاذباً غير مُكْتَرِثٍ بها.
وأَسْبَأَ لأَمر اللّه: أَخْبَتَ. وأَسْبَأَ على الشيءِ: خَبَتَ له قَلْبُه.
وسَبَأُ: اسم رجل يَجْمع عامَّةَ قَبائل اليَمن، يُصْرَفُ على إِرادة
الحَيِّ ويُتْرَك صرْفُه على إرادة القَبِيلة. وفي التنزيل: «لقَدْ كانَ
لِسَبَإٍ في مَساكِنِهم» وكان أَبو عمرو يَقرأُ لِسَبَأَ. قال:
مَنْ سَبَأَ الحاضِرِينَ مَأْرِبَ، إِذْ * يَبْنُونَ، مِنْ دُونِ سَيْلِها، العَرِما
وقال:
أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلدانُ مِنْ سَبَإٍ، * كأَنهم، تَحتَ دَفَّيْها، دَحارِيجُ
وهو سَبَأُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ، يُصرف ولا يُصرف، ويمدُّ ولا يمدّ. وقيل: اسم بلدة كانت تَسْكُنها بِلْقِيسُ. وقوله تعالى:
وجِئْتُك مِنْ سَبَإٍ بنَبَإٍ يقين. القُرَّاءُ على إِجْراءِ سَبَإٍ، وإِن لم
يُجْروه كان صواباً. قال: ولم يُجْرِه أَبو عمرو بن العَلاءِ. وقال
الزجاج: سَبَأٌ هي مدينة تُعرَف بِمَأْرِب مِن صَنْعاءَ على مَسِيرةِ ثلاثِ ليالٍ، ومن لم يَصْرِفْ فلأَنه اسم مدينة، ومن صرفه فلأَنه اسم البلَد، فيكون مذكراً سمي به مذكر. وفي الحديث ذكر سَبَأ قال: هو اسم مدينة بلقيس باليمن. وقالوا: تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبا وأَيادِي سَبا، فبنوه. وليس بتخفيف عن سَبَإٍ لأَن صورة تحقيقه ليست على ذلك، وإِنما هو بدل وذلك لكثرته في كلامهم، قال:
مِنْ صادِرٍ، أَو وارِدٍ أَيْدِي سَبَا
وقال كثير:
أَيادِي سَبَا، يا عَزَّ، ما كُنْتُ بَعْدَكُمْ، * فَلَمْ يَحْلَ للعَيْنَيْنِ، بَعْدَكِ، مَنْزِلُ
وضَرَبَتِ العَرَبُ بِهِم الـمَثَلَ في الفُرْقة لأَنه لـمَّا أَذْهَبَ اللّهُ عنهم جَنَّتَهم وغَرَّقَ مكانَهُم تَبَدَّدُوا في البلاد. التهذيب: وقولهم ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَا أَي مُتَفَرِّقين، شُبِّهُوا بأَهلِ سَبأ لـمَّا مَزَّقهم اللّه في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ، فأَخذ كلُّ طائفةٍ منهم طريقاً على حِدةٍ. واليَدُ: الطَّرِيق، يقال: أَخَذَ القَومُ يَدَ
بَحْرٍ. فقيل للقوم، إِذا تَفَرَّقوا في جهاتٍ مختلفة: ذَهَبوا أَيدي سَبَا أَي فَرَّقَتْهم طُرُقُهم التي سَلَكُوها كما تَفَرَّقَ أَهل سَبأ في مذاهبَ
شَتَّى. والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأَنه كثر في كلامهم، فاسْتَثْقَلوا فيه الهمزة، وإِن كان أَصله مهموزاً. وقيل: سَبَأٌ اسم رجل ولَدَ عشرة بَنِينَ، فسميت القَرْية باسم أَبِيهم.
والسَّبائِيَّةُ والسَّبَئِيةُ من الغُلاةِ ويُنْسَبُون إِلى عبداللّه ابن سَبَإٍ.
شعر: شَعَرَ به وشَعُرَ يَشْعُر شِعْراً وشَعْراً وشِعْرَةً
ومَشْعُورَةً وشُعُوراً وشُعُورَةً وشِعْرَى ومَشْعُوراءَ ومَشْعُوراً؛ الأَخيرة عن
اللحياني، كله: عَلِمَ. وحكى اللحياني عن الكسائي: ما شَعَرْتُ
بِمَشْعُورِه حتى جاءه فلان، وحكي عن الكسائي أَيضاً: أَشْعُرُ فلاناً ما
عَمِلَهُ، وأَشْعُرُ لفلانٍ ما عمله، وما شَعَرْتُ فلاناً ما عمله، قال: وهو كلام
العرب.
ولَيْتَ شِعْرِي أَي ليت علمي أَو ليتني علمت، وليتَ شِعري من ذلك أَي
ليتني شَعَرْتُ، قال سيبويه: قالوا ليت شِعْرَتي فحذفوا التاء مع الإِضافة
للكثرة، كما قالوا: ذَهَبَ بِعُذَرَتِها وهو أَبو عُذْرِها فحذفوا التاء
مع الأَب خاصة. وحكى اللحياني عن الكسائي: ليتَ شِعْرِي لفلان ما
صَنَعَ، وليت شِعْرِي عن فلان ما صنع، وليتَ شِعْرِي فلاناً ما صنع؛
وأَنشد:يا ليتَ شِعْرِي عن حِمَارِي ما صَنَعْ،
وعنْ أَبي زَيْدٍ وكَمْ كانَ اضْطَجَعْ
وأَنشد:
يا ليتَ شِعْرِي عَنْكُمُ حَنِيفَا،
وقد جَدَعْنا مِنْكُمُ الأُنُوفا
وأَنشد:
ليتَ شِعْرِي مُسافِرَ بنَ أبي عَمْـ
ـرٍو، ولَيْتٌ يَقُولُها المَحْزُونُ
وفي الحديث: ليتَ شِعْرِي ما صَنَعَ فلانٌ أَي ليت علمي حاضر أَو محيط
بما صنع، فحذف الخبر، وهو كثير في كلامهم.
وأَشْعَرَهُ الأَمْرَ وأَشْعَرَه به: أَعلمه إِياه. وفي التنزيل: وما
يُشْعِرُكمْ أَنها إِذا جاءت لا يؤمنون؛ أَي وما يدريكم. وأَشْعَرْتُه
فَشَعَرَ أَي أَدْرَيْتُه فَدَرَى. وشَعَرَ به: عَقَلَه. وحكى اللحياني:
أَشْعَرْتُ بفلان اطَّلَعْتُ عليه، وأَشْعَرْتُ به: أَطْلَعْتُ عليه، وشَعَرَ
لكذا إِذا فَطِنَ له، وشَعِرَ إِذا ملك
(* قوله: «وشعر إِذا ملك إِلخ»
بابه فرح بخلاف ما قبله فبابه نصر وكرم كما في القاموس). عبيداً.
وتقول للرجل: اسْتَشْعِرْ خشية الله أَي اجعله شِعارَ قلبك.
واسْتَشْعَرَ فلانٌ الخوف إِذا أَضمره.
وأَشْعَرَه فلانٌ شَرّاً: غَشِيَهُ به. ويقال: أَشْعَرَه الحُبُّ مرضاً.
والشِّعْرُ: منظوم القول، غلب عليه لشرفه بالوزن والقافية، وإِن كان كل
عِلْمٍ شِعْراً من حيث غلب الفقه على علم الشرع، والعُودُ على المَندَلِ،
والنجم على الثُّرَيَّا، ومثل ذلك كثير، وربما سموا البيت الواحد
شِعْراً؛ حكاه الأَخفش؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقويّ إِلاَّ أَن يكون على
تسمية الجزء باسم الكل، كقولك الماء للجزء من الماء، والهواء للطائفة من
الهواء، والأَرض للقطعة من الأَرض. وقال الأَزهري: الشِّعْرُ القَرِيضُ
المحدود بعلامات لا يجاوزها، والجمع أَشعارٌ، وقائلُه شاعِرٌ لأَنه يَشْعُرُ
ما لا يَشْعُرُ غيره أَي يعلم. وشَعَرَ الرجلُ يَشْعُرُ شِعْراً وشَعْراً
وشَعُرَ، وقيل: شَعَرَ قال الشعر، وشَعُرَ أَجاد الشِّعْرَ؛ ورجل شاعر،
والجمع شُعَراءُ. قال سيبويه: شبهوا فاعِلاً بِفَعِيلٍ كما شبهوه
بفَعُولٍ، كما قالوا: صَبُور وصُبُرٌ، واستغنوا بفاعل عن فَعِيلٍ، وهو في أَنفسهم
وعلى بال من تصوّرهم لما كان واقعاً موقعه، وكُسِّرَ تكسيره ليكون
أَمارة ودليلاً على إِرادته وأَنه مغن عنه وبدل منه. ويقال: شَعَرْتُ لفلان
أَي قلت له شِعْراً؛ وأَنشد:
شَعَرْتُ لكم لَمَّا تَبَيَّنْتُ فَضْلَكُمْ
على غَيْرِكُمْ، ما سائِرُ النَّاسِ يَشْعُرُ
ويقال: شَعَرَ فلان وشَعُرَ يَشْعُر شَعْراً وشِعْراً، وهو الاسم، وسمي
شاعِراً لفِطْنَتِه. وما كان شاعراً، ولقد شَعُر، بالضم، وهو يَشْعُر.
والمُتَشاعِرُ: الذي يتعاطى قولَ الشِّعْر. وشاعَرَه فَشَعَرَهُ يَشْعَرُه،
بالفتح، أَي كان أَشْعر منه وغلبه. وشِعْرٌ شاعِرٌ: جيد؛ قال سيبويه:
أَرادوا به المبالغة والإِشادَة، وقيل: هو بمعنى مشعور به، والصحيح قول
سيبويه، وقد قالوا: كلمة شاعرة أَي قصيدة، والأَكثر في هذا الضرب من
المبالغة أَن يكون لفظ الثاني من لفظ الأَول، كَوَيْلٌ وائلٌ ولَيْلٌ لائلٌ.
وأَما قولهم: شاعِرُ هذا الشعر فليس على حدذ قولك ضاربُ زيدٍ تريد المنقولةَ
من ضَرَبَ، ولا على حدها وأَنت تريد ضاربٌ زيداً المنقولةَ من قولك يضرب
أَو سيضرب، لأَمن ذلك منقول من فعل متعدّ، فأَما شاعرُ هذا الشعرِ فليس
قولنا هذا الشعر في موضع نصب البتة لأَن فعل الفاعل غير متعدّ إِلاَّ
بحرف الجر، وإِنما قولك شاعر هذا الشعر بمنزلة قولك صاحب هذا الشرع لأَن
صاحباً غير متعدّ عند سيبويه، وإِنما هو عنده بمنزلة غلام وإِن كان مشتقّاً
من الفعل، أَلا تراه جعله في اسم الفاعل بمنزلة دَرّ في المصادر من قولهم
لله دَرُّكَ؟ وقال الأَخفش: الشاعِرُ مثلُ لابِنٍ وتامِرٍ أَي صاحب
شِعْر، وقال: هذا البيتُ أَشْعَرُ من هذا أَي أَحسن منه، وليس هذا على حد
قولهم شِعْرٌ شاعِرٌ لأَن صيغة التعجب إِنما تكون من الفعل، وليس في شاعر من
قولهم شعر شاعر معنى الفعل، إِنما هو على النسبة والإِجادة كما قلنا،
اللهم إِلاَّ أَن يكون الأَخفش قد علم أَن هناك فعلاً فحمل قوله أَشْعَرُ
منه عليه، وقد يجوز أَن يكون الأَخفش توهم الفعل هنا كأَنه سمع شَعُرَ
البيتُ أَي جاد في نوع الشِّعْر فحمل أَشْعَرُ منه عليه. وفي الحديث: قال
رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن من الشِّعْر لَحِكمَةً فإِذا أَلْبَسَ
عليكم شَيْءٌ من القرآن فالْتَمِسُوهُ في الشعر فإِنه عَرَبِيٌّ.
والشَّعْرُ والشَّعَرُ مذكرانِ: نِبْتَةُ الجسم مما ليس بصوف ولا وَبَرٍ
للإِنسان وغيره، وجمعه أَشْعار وشُعُور، والشَّعْرَةُ الواحدة من
الشَّعْرِ، وقد يكنى بالشَّعْرَة عن الجمع كما يكنى بالشَّيبة عن الجنس؛ يقال
رأَى
(* قوله: «يقال رأى إلخ» هذا كلام مستأنف وليس متعلقاً بما قبله
ومعناه أَنه يكنى بالشعرة عن الشيب: انظر الصحاح والاساس). فلان الشَّعْرَة
إِذا رأَى الشيب في رأْسه. ورجل أَشْعَرُ وشَعِرٌ وشَعْرانيّ: كثير شعر
الرأْس والجسد طويلُه، وقوم شُعْرٌ. ورجل أَظْفَرُ: طويل الأَظفار،
وأَعْنَقُ: طويل العُنق. وسأَلت أَبا زيد عن تصغير الشُّعُور فقال: أُشَيْعار،
رجع إِلى أَشْعارٍ، وهكذا جاء في الحديث: على أَشْعارِهم وأَبْشارِهم.
ويقال للرجل الشديد: فلان أَشْعَرُ الرَّقَبَةِ، شبه بالأَسد وإِن لم يكن
ثمّ شَعَرٌ؛ وكان زياد ابن أَبيه يقال له أَشْعَرُ بَرْكاً أَي أَنه كثير
شعر الصدر؛ وفي الصحاح: كان يقال لعبيد الله بن زياد أَشْعَرُ بَرْكاً.
وفي حديث عمر: إِن أَخا الحاجِّ الأَشعث الأَشْعَر أَي الذي لم يحلق شعره
ولم يُرَجّلْهُ. وفي الحديث أَيضاً: فدخل رجل أَشْعَرُ: أَي كثير الشعر
طويله. وشَعِرَ التيس وغيره من ذي الشعر شَعَراً: كَثُرَ شَعَرُه؛ وتيس
شَعِرٌ وأَشْعَرُ وعنز شَعْراءُ، وقد شَعِرَ يَشْعَرُ شَعَراً، وذلك كلما
كثر شعره.
والشِّعْراءُ والشِّعْرَةُ، بالكسر: الشَّعَرُ النابت على عانة الرجل
ورَكَبِ المرأَة وعلى ما وراءها؛ وفي الصحاح: والشِّعْرَةُ، بالكسر، شَعَرُ
الرَّكَبِ للنساء خاصة. والشِّعْرَةُ: منبت الشِّعرِ تحت السُّرَّة،
وقيل: الشِّعْرَةُ العانة نفسها. وفي حديث المبعث: أَتاني آتٍ فَشَقَّ من
هذه إِلى هذه، أَي من ثُغْرَةِ نَحْرِه إِلى شِعْرَتِه؛ قال: الشِّعْرَةُ،
بالكسر، العانة؛ وأَما قول الشاعر:
فأَلْقَى ثَوْبَهُ، حَوْلاً كَرِيتاً،
على شِعْراءَ تُنْقِضُ بالبِهامِ
فإِنه أَراد بالشعراء خُصْيَةً كثيرة الشعر النابت عليها؛ وقوله
تُنْقِضُ بالبِهَامِ عَنى أُدْرَةً فيها إِذا فَشَّتْ خرج لها صوت كتصويت
النَّقْضِ بالبَهْم إِذا دعاها. وأَشْعَرَ الجنينُ في بطن أُمه وشَعَّرَ
واسْتَشْعَرَ: نَبَتَ عليه الشعر؛ قال الفارسي: لم يستعمل إِلا مزيداً؛ وأَنشد
ابن السكيت في ذلك:
كلُّ جَنِينٍ مُشْعِرٌ في الغِرْسِ
وكذلك تَشَعَّرَ. وفي الحديث: زكاةُ الجنين زكاةُ أُمّه إِذا أَشْعَرَ،
وهذا كقولهم أَنبت الغلامُ إِذا نبتتْ عانته. وأَشْعَرَتِ الناقةُ: أَلقت
جنينها وعليه شَعَرٌ؛ حكاه قُطْرُبٌ؛ وقال ابن هانئ في قوله:
وكُلُّ طويلٍ، كأَنَّ السَّلِيـ
ـطَ في حَيْثُ وارَى الأَدِيمُ الشِّعارَا
أَراد: كأَن السليط، وهو الزيت، في شهر هذا الفرس لصفائه. والشِّعارُ:
جمع شَعَرٍ، كما يقال جَبَل وجبال؛ أَراد أَن يخبر بصفاء شعر الفرس وهو
كأَنه مدهون بالسليط. والمُوَارِي في الحقيقة: الشِّعارُ. والمُوارَى: هو
الأَديم لأَن الشعر يواريه فقلب، وفيه قول آخر: يجوز أَن يكون هذا البيت
من المستقيم غير المقلوب فيكون معناه: كأَن السليط في حيث وارى الأَديم
الشعر لأَن الشعر ينبت من اللحم، وهو تحت الأَديم، لأَن الأَديم الجلد؛
يقول: فكأَن الزيت في الموضع الذي يواريه الأَديم وينبت منه الشعر، وإِذا
كان الزيت في منبته نبت صافياً فصار شعره كأَنه مدهون لأَن منابته في الدهن
كما يكون الغصن ناضراً ريان إِذا كان الماء في أُصوله. وداهية شَعْراءُ
وداهية وَبْراءُ؛ ويقال للرجل إِذا تكلم بما ينكر عليه: جئتَ بها
شَعْراءَ ذاتَ وبَرٍ. وأَشْعَرَ الخُفَّ والقَلَنْسُوَةَ وما أَشبههما وشَعَّرَه
وشَعَرَهُ خفيفة؛ عن اللحياني، كل ذلك: بَطَّنَهُ بشعر؛ وخُفٌّ مُشْعَرٌ
ومُشَعَّرٌ ومَشْعُورٌ. وأَشْعَرَ فلان جُبَّتَه إِذا بطنها بالشَّعر،
وكذلك إِذا أَشْعَرَ مِيثَرَةَ سَرْجِه.
والشَّعِرَةُ من الغنم: التي ينبت بين ظِلْفَيْها الشعر فَيَدْمَيانِ،
وقيل: هي التي تجد أُكالاً في رَكَبِها.
وداهيةٌ شَعْراء، كَزَبَّاءَ: يذهبون بها إِلى خُبْثِها. والشَّعْرَاءُ:
الفَرْوَة، سميت بذلك لكون الشعر عليها؛ حكي ذلك عن ثعلب.
والشَّعارُ: الشجر الملتف؛ قال يصف حماراً وحشيّاً:
وقَرَّب جانبَ الغَرْبيّ يَأْدُو
مَدَبَّ السَّيْلِ، واجْتَنَبَ الشَّعارَا
يقول: اجتنب الشجر مخافة أَن يرمى فيها ولزم مَدْرَجَ السيل؛ وقيل:
الشَّعار ما كان من شجر في لين ووَطاءٍ من الأَرض يحله الناس نحو الدَّهْناءِ
وما أَشبهها، يستدفئُون به في الشتاء ويستظلون به في القيظ. يقال: أَرض
ذات شَعارٍ أَي ذات شجر. قال الأَزهري: قيده شمر بخطه شِعار، بكسر الشين،
قال: وكذا روي عن الأَصمعي مثل شِعار المرأَة؛ وأَما ابن السكيت فرواه
شَعار، بفتح الشين، في الشجر. وقال الرِّياشِيُّ: الشعار كله مكسور إِلا
شَعار الشجر. والشَّعارُ: مكان ذو شجر. والشَّعارُ: كثرة الشجر؛ وقال
الأَزهري: فيه لغتان شِعار وشَعار في كثرة الشجر. ورَوْضَة شَعْراء: كثيرة
الشجر. ورملة شَعْراء: تنبت النَّصِيَّ. والمَشْعَرُ أَيضاً: الشَّعارُ،
وقيل: هو مثل المَشْجَرِ. والمَشاعر: كُل موضع فيه حُمُرٌ وأَشْجار؛ قال ذو
الرمة يصف ثور وحش:
يَلُوحُ إِذا أَفْضَى، ويَخْفَى بَرِيقُه،
إِذا ما أَجَنَّتْهُ غُيوبُ المَشاعِر
يعني ما يُغَيِّبُه من الشجر. قال أَبو حنيفة: وإِن جعلت المَشْعَر
الموضع الذي به كثرة الشجر لم يمتنع كالمَبْقَلِ والمَحَشِّ. والشَّعْراء:
الشجر الكثير. والشَّعْراءُ: الأَرض ذات الشجر، وقيل: هي الكثيرة الشجر.
قال أَبو حنيفة: الشَّعْراء الروضة يغم رأْسها الشجر وجمعها شُعُرٌ،
يحافظون على الصفة إِذ لو حافظوا على الاسم لقالوا شَعْراواتٌ وشِعارٌ.
والشَّعْراء أَيضاً: الأَجَمَةُ. والشَّعَرُ: النبات والشجر، على التشبيه
بالشَّعَر.
وشَعْرانُ: اسم جبل بالموصل، سمي بذلك لكثرة شجره؛ قال الطرماح:
شُمُّ الأَعالي شائِكٌ حَوْلَها
شَعْرانُ، مُبْيَضٌّ ذُرَى هامِها
أَراد: شم أَعاليها فحذف الهاء وأَدخل الأَلف واللام، كما قال زهير:
حُجْنُ المَخالِبِ لا يَغْتَالُه السَّبُعُ
أَي حُجْنٌ مخالبُه. وفي حديث عَمْرِو بن مُرَّةَ:
حتى أَضاء لي أَشْعَرُ جُهَيْنَةَ؛ هو اسم جبل لهم.
وشَعْرٌ: جبل لبني سليم؛ قال البُرَيْقُ:
فَحَطَّ الشَّعْرَ من أَكْنافِ شَعْرٍ،
ولم يَتْرُكْ بذي سَلْعٍ حِمارا
وقيل: هو شِعِرٌ. والأَشْعَرُ: جبل بالحجاز.
والشِّعارُ: ما ولي شَعَرَ جسد الإِنسان دون ما سواه من الثياب، والجمع
أَشْعِرَةٌ وشُعُرٌ. وفي المثل: هم الشَّعارُ دون الدِّثارِ؛ يصفهم
بالمودّة والقرب. وفي حديث الأَنصار: أَنتم الشَّعارُ والناس الدِّثارُ أَي
أَنتم الخاصَّة والبِطانَةُ كما سماهم عَيْبَتَه وكَرِشَهُ. والدثار: الثوب
الذي فوق الشعار. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: إِنه كان لا ينام في
شُعُرِنا؛ هي جمع الشِّعار مثل كتاب وكُتُب، وإِنما خصتها بالذكر لأَنها
أَقرب إِلى ما تنالها النجاسة من الدثار حيث تباشر الجسد؛ ومنه الحديث
الآخر: إِنه كان لا يصلي في شُعُرِنا ولا في لُحُفِنا؛ إِنما امتنع من
الصلاة فيها مخافة أَن يكون أَصابها شيء من دم الحيض، وطهارةُ الثوب شرطٌ في
صحة الصلاة بخلاف النوم فيها. وأَما قول النبي، صلى الله عليه وسلم،
لَغَسَلَةِ ابنته حين طرح إِليهن حَقْوَهُ قال: أَشْعِرْنَها إِياه؛ فإِن أَبا
عبيدة قال: معناه اجْعَلْنَه شِعارها الذي يلي جسدها لأَنه يلي شعرها،
وجمع الشِّعارِ شُعُرٌ والدِّثارِ دُثُرٌ. والشِّعارُ: ما استشعرتْ به من
الثياب تحتها.
والحِقْوَة: الإِزار. والحِقْوَةُ أَيضاً: مَعْقِدُ الإِزار من
الإِنسان. وأَشْعَرْتُه: أَلبسته الشّعارَ. واسْتَشْعَرَ الثوبَ: لبسه؛ قال
طفيل:وكُمْتاً مُدَمَّاةً، كأَنَّ مُتُونَها
جَرَى فَوْقَها، واسْتَشْعَرَتْ لون مُذْهَبِ
وقال بعض الفصحاء: أَشْعَرْتُ نفسي تَقَبُّلَ أَمْرَه وتَقَبُّلَ
طاعَتِه؛ استعمله في العَرَضِ.
والمَشاعِرُ: الحواسُّ؛ قال بَلْعاء بن قيس:
والرأْسُ مُرْتَفِعٌ فيهِ مَشاعِرُهُ،
يَهْدِي السَّبِيلَ لَهُ سَمْعٌ وعَيْنانِ
والشِّعارُ: جُلُّ الفرس. وأَشْعَرَ الهَمُّ قلبي: لزِقَ به كلزوق
الشِّعارِ من الثياب بالجسد؛ وأَشْعَرَ الرجلُ هَمّاً: كذلك. وكل ما أَلزقه
بشيء، فقد أَشْعَرَه به. وأَشْعَرَه سِناناً: خالطه به، وهو منه؛ أَنشد ابن
الأَعرابي لأَبي عازب الكلابي:
فأَشْعَرْتُه تحتَ الظلامِ، وبَيْنَنا
من الخَطَرِ المَنْضُودِ في العينِ ناقِع
يريد أَشعرت الذئب بالسهم؛ وسمى الأَخطل ما وقيت به الخمر شِعاراً فقال:
فكفَّ الريحَ والأَنْداءَ عنها،
مِنَ الزَّرَجُونِ، دونهما شِعارُ
ويقال: شاعَرْتُ فلانة إِذا ضاجعتها في ثوب واحد وشِعارٍ واحد، فكنت لها
شعاراً وكانت لك شعاراً. ويقول الرجل لامرأَته: شاعِرِينِي. وشاعَرَتْه:
ناوَمَتْهُ في شِعارٍ واحد. والشِّعارُ: العلامة في الحرب وغيرها.
وشِعارُ العساكر: أَن يَسِموا لها علامة ينصبونها ليعرف الرجل بها رُفْقَتَه.
وفي الحديث: إِن شِعارَ أَصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان في
الغَزْوِ: يا مَنْصُورُ أَمِتْ أَمِتْ وهو تفاؤل بالنصر بعد الأَمر
بالإِماتة. واسْتَشْعَرَ القومُ إِذا تداعَوْا بالشِّعار في الحرب؛ وقال
النابغة:
مُسْتَشْعِرِينَ قَد آلْفَوْا، في دِيارهِمُ،
دُعاءَ سُوعٍ ودُعْمِيٍّ وأَيُّوبِ
يقول: غزاهم هؤلاء فتداعوا بينهم في بيوتهم بشعارهم. وشِعارُ القوم:
علامتهم في السفر. وأَشْعَرَ القومُ في سفرهم: جعلوا لأَنفسهم شِعاراً.
وأَشْعَرَ القومُ: نادَوْا بشعارهم؛ كلاهما عن اللحياني. والإِشْعارُ:
الإِعلام. والشّعارُ: العلامة. قالالأَزهري: ولا أَدري مَشاعِرَ الحجّ إِلاَّ
من هذا لأَنها علامات له. وأَشْعَرَ البَدَنَةَ: أَعلمها، وهو أَن يشق
جلدها أَو يطعنها في أَسْنِمَتِها في أَحد الجانبين بِمِبْضَعٍ أَو نحوه،
وقيل: طعن في سَنامها الأَيمن حتى يظهر الدم ويعرف أَنها هَدْيٌ، وهو الذي
كان أَو حنيفة يكرهه وزعم أَنه مُثْلَةٌ، وسنَّة النبي، صلى الله عليه
وسلم، أَحق بالاتباع. وفي حديث مقتل عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً رمى
الجمرة فأَصاب صَلَعَتَهُ بحجر فسال الدم، فقال رجل: أُشْعِرَ أَميرُ
المؤمنين، ونادى رجلٌ آخر: يا خليفة، وهو اسم رجل، فقال رجل من بني لِهْبٍ:
ليقتلن أَمير المؤمنين، فرجع فقتل في تلك السنة. ولهب: قبيلة من اليمن فيهم
عِيافَةٌ وزَجْرٌ، وتشاءم هذا اللِّهْبِيُّ بقول الرجل أُشْعر أَمير
المؤمنين فقال: ليقتلن، وكان مراد الرجل أَنه أُعلم بسيلان الدم عليه من الشجة
كما يشعر الهدي إِذا سيق للنحر، وذهب به اللهبي إِلى القتل لأَن العرب
كانت تقول للملوك إِذا قُتلوا: أُشْعِرُوا، وتقول لِسُوقَةِ الناسِ:
قُتِلُوا، وكانوا يقولون في الجاهلية: دية المُشْعَرَةِ أَلف بعير؛ يريدون دية
الملوك؛ فلما قال الرجل: أُشْعِرَ أَمير المؤمنين جعله اللهبي قتلاً
فيما توجه له من علم العيافة، وإِن كان مراد الرجل أَنه دُمِّيَ كما
يُدَمَّى الهَدْيُ إِذا أُشْعِرَ، وحَقَّتْ طِيَرَتُهُ لأَن عمر، رضي الله عنه،
لما صَدَرَ من الحج قُتل. وفي حديث مكحول: لا سَلَبَ إِلا لمن أَشْعَرَ
عِلْجاً أَو قتله، فأَما من لم يُشعر فلا سلب له، أَي طعنه حتى يدخل
السِّنانُ جوفه؛ والإِشْعارُ: الإِدماء بطعن أَو رَمْيٍ أَو وَجْءٍ بحديدة؛
وأَنشد لكثيِّر:
عَلَيْها ولَمَّا يَبْلُغا كُلَّ جُهدِها،
وقد أَشْعَرَاها في أَظَلَّ ومَدْمَعِ
أَشعراها: أَدمياها وطعناها؛ وقال الآخر:
يَقُولُ لِلْمُهْرِ، والنُّشَّابُ يُشْعِرُهُ:
لا تَجْزَعَنَّ، فَشَرُّ الشِّيمَةِ الجَزَعُ
وفي حديث مقتل عثمان، رضي الله عنه: أَن التُّجِيبِيَّ دخل عليه
فأَشْعَرَهُ مِشْقَصاً أَي دَمَّاهُ به؛ وأَنشد أَبو عبيدة:
نُقَتِّلُهُمْ جِيلاً فَجِيلاً، تَراهُمُ
شَعائرَ قُرْبانٍ، بها يُتَقَرَّبُ
وفي حديث الزبير: أَنه قاتل غلاماً فأَشعره. وفي حديث مَعْبَدٍ
الجُهَنِيِّ: لما رماه الحسن بالبدعة قالت له أُمه: إِنك قد أَشْعَرْتَ ابني في
الناس أَي جعلته علامة فيهم وشَهَّرْتَهُ بقولك، فصار له كالطعنة في
البدنة لأَنه كان عابه بالقَدَرِ. والشَّعِيرة: البدنة المُهْداةُ، سميت بذلك
لأَنه يؤثر فيها بالعلامات، والجمع شعائر. وشِعارُ الحج: مناسكه وعلاماته
وآثاره وأَعماله، جمع شَعيرَة، وكل ما جعل عَلَماً لطاعة الله عز وجل
كالوقوف والطواف والسعي والرمي والذبح وغير ذلك؛ ومنه الحديث: أَن جبريل
أَتى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: مر أُمتك أَن يرفعوا أَصواتهم
بالتلبية فإِنها من شعائر الحج.
والشَّعِيرَةُ والشِّعارَةُ
(* قوله: «والشعارة» كذا بالأصل مضبوطاً
بكسر الشين وبه صرح في المصباح، وضبط في القاموس بفتحها). والمَشْعَرُ:
كالشِّعارِ. وقال اللحياني: شعائر الحج مناسكه، واحدتها شعيرة. وقوله تعالى:
فاذكروا الله عند المَشْعَرِ الحرام؛ هو مُزْدَلِفَةُ، وهي جمعٌ تسمى
بهما جميعاً. والمَشْعَرُ: المَعْلَمُ والمُتَعَبَّدُ من مُتَعَبَّداتِهِ.
والمَشاعِرُ: المعالم التي ندب الله إِليها وأَمر بالقيام عليها؛ ومنه سمي
المَشْعَرُ الحرام لأَنه مَعْلَمٌ للعبادة وموضع؛ قال: ويقولون هو
المَشْعَرُ الحرام والمِشْعَرُ، ولا يكادون يقولونه بغير الأَلف واللام. وفي
التنزيل: يا أَيها الذين آمنوا لا تُحِلُّوا شَعائرَ الله؛ قال الفرّاء:
كانت العرب عامة لا يرون الصفا والمروة من الشعائر ولا يطوفون بينهما
فأَنزل الله تعالى: لا تحلوا شعائر الله؛ أَي لا تستحلوا ترك ذلك؛ وقيل:
شعائر الله مناسك الحج. وقال الزجاج في شعائر الله: يعني بها جميع متعبدات
الله التي أَشْعرها الله أَي جعلها أَعلاماً لنا، وهي كل ما كان من موقف
أَو مسعى أَو ذبح، وإِنما قيل شعائر لكل علم مما تعبد به لأَن قولهم
شَعَرْتُ به علمته، فلهذا سميت الأَعلام التي هي متعبدات الله تعالى شعائر.
والمشاعر: مواضع المناسك. والشِّعارُ: الرَّعْدُ؛ قال:
وقِطار غادِيَةٍ بِغَيْرِ شِعارِ
الغادية: السحابة التي تجيء غُدْوَةً، أَي مطر بغير رعد. والأَشْعَرُ:
ما استدار بالحافر من منتهى الجلد حيث تنبت الشُّعَيْرات حَوالَي الحافر.
وأَشاعرُ الفرس: ما بين حافره إِلى منتهى شعر أَرساغه، والجمع أَشاعِرُ
لأَنه اسم. وأَشْعَرُ خُفِّ البعير: حيث ينقطع الشَّعَرُ، وأَشْعَرُ
الحافرِ مِثْلُه. وأَشْعَرُ الحَياءِ: حيث ينقطع الشعر. وأَشاعِرُ الناقة:
جوانب حيائها. والأَشْعَرانِ: الإِسْكَتانِ، وقيل: هما ما يلي
الشُّفْرَيْنِ. يقال لِناحِيَتَيْ فرج المرأَة: الإِسْكَتانِ، ولطرفيهما: الشُّفْرانِ،
وللذي بينهما: الأَشْعَرانِ. والأَشْعَرُ: شيء يخرج بين ظِلْفَي الشاةِ
كأَنه ثُؤْلُولُ الحافر تكوى منه؛ هذه عن اللحياني. والأَشْعَرُ: اللحم
تحت الظفر.
والشَّعِيرُ: جنس من الحبوب معروف، واحدته شَعِيرَةٌ، وبائعه
شَعِيرِيٌّ. قال سيبويه: وليس مما بني على فاعِل ولا فَعَّال كما يغلب في هذا
النحو. وأَما قول بعضهم شِعِير وبِعِير ورِغيف وما أَشبه ذلك لتقريب الصوت من
الصوت فلا يكون هذا إِلا مع حروف الحلق.
والشَّعِيرَةُ: هَنَةٌ تصاغ من فضة أَو حديد على شكل الشَّعيرة تُدْخَلُ
في السِّيلانِ فتكون مِساكاً لِنِصابِ السكين والنصل، وقد أَشْعَرَ
السكين: جعل لها شَعِيرة. والشَّعِيرَةُ: حَلْيٌ يتخذ من فضة مثل الشعير على
هيئة الشعيرة. وفي حديث أُم سلمة، رضي الله عنها: أَنها جعلت شَارِيرَ
الذهب في رقبتها؛ هو ضرب من الحُلِيِّ أَمثال الشعير.
والشَّعْراء: ذُبابَةٌ يقال هي التي لها إِبرة، وقيل: الشَّعْراء ذباب
يلسع الحمار فيدور، وقيل: الشَّعْراءُ والشُّعَيْرَاءُ ذباب أَزرق يصيب
الدوابَّ. قال أَبو حنيفة: الشَّعْراءُ نوعان: للكلب شعراء معروفة، وللإِبل
شعراء؛ فأَما شعراء الكلب فإِنها إِلى الزُّرْقَةِ والحُمْرَةِ ولا تمس
شيئاً غير الكلب، وأَما شَعْراءُ الإِبل فتضرب إِلى الصُّفْرة، وهي أَضخم
من شعراء الكلب، ولها أَجنحة، وهي زَغْباءُ تحت الأَجنحة؛ قال: وربما
كثرت في النعم حتى لا يقدر أَهل الإِبل على أَن يجتلبوا بالنهار ولا أَن
يركبوا منها شيئاً معها فيتركون ذلك إِلى الليل، وهي تلسع الإِبل في
مَراقِّ الضلوع وما حولها وما تحت الذنب والبطن والإِبطين، وليس يتقونها بشيء
إِذا كان ذلك إِلا بالقَطِرانِ، وهي تطير على الإِبل حتى تسمع لصوتها
دَوِيّاً، قال الشماخ:
تَذُبُّ صِنْفاً مِنَ الشَّعْراءِ، مَنْزِلُهُ
مِنْها لَبانٌ وأَقْرَابٌ زَهالِيلُ
والجمع من كل ذلك شَعارٍ. وفي الحديث: أَنه لما أَراد قتل أُبَيّ بن
خَلَفٍ تطاير الناسُ عنه تَطايُرَ الشُّعْرِ عن البعير ثم طعنه في حلقه؛
الشُّعْر، بضم الشين وسكن العين: جمع شَعْراءَ، وهي ذِبَّانٌ أَحمر، وقيل
أَزرق، يقع على الإِبل ويؤذيها أَذى شديداً، وقيل: هو ذباب كثير الشعر. وفي
الحديث: أَن كعب بن مالك ناوله الحَرْبَةَ فلما أَخذها انتفض بها
انتفاضةً تطايرنا عنه تطاير الشَّعارِيرِ؛ هي بمعنى الشُّعْرِ، وقياس واحدها
شُعْرورٌ، وقيل: هي ما يجتمع على دَبَرَةِ البعير من الذبان فإِذا هيجتْ
تطايرتْ عنها.
والشَّعْراءُ: الخَوْخُ أَو ضرب من الخوخ، وجمعه كواحده. قال أَبو
حنيفة: الشَّعْراء شجرة من الحَمْضِ ليس لها ورق ولها هَدَبٌ تَحْرِصُ عليها
الإِبل حِرْصاً شديداً تخرج عيداناً شِداداً. والشَّعْراءُ: فاكهة، جمعه
وواحده سواء.
والشَّعْرانُ: ضَرْبٌ من الرِّمْثِ أَخْضَر، وقيل: ضرب من الحَمْضِ
أَخضر أَغبر.
والشُّعْرُورَةُ: القِثَّاءَة الصغيرة، وقيل: هو نبت.
والشَّعارِيرُ: صغار القثاء، واحدها شُعْرُور. وفي الحديث: أَنه
أُهْدِيَ لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، شعاريرُ؛ هي صغار القثاء. وذهبوا
شَعالِيلَ وشَعارِيرَ بِقُذَّانَ وقِذَّانَ أَي متفرّقين، واحدهم شُعْرُور،
وكذلك ذهبوا شَعارِيرَ بِقِرْدَحْمَةَ. قال اللحياني: أَصبحتْ شَعارِيرَ
بِقِرْدَحْمَةَ وقَرْدَحْمَةَ وقِنْدَحْرَةَ وقَنْدَحْرَةَ وقَِدْحَرَّةَ
وقَِذْحَرَّةَ؛ معنى كل ذلك بحيث لا يقدر عليها، يعني اللحياني أَصبحت
القبيلة. قال الفراء: الشَّماطِيطُ والعَبادِيدُ والشَّعارِيرُ
والأَبابِيلُ، كل هذا لا يفرد له واحد. والشَّعارِيرُ: لُعْبة للصبيان، لا يفرد؛
يقال: لَعِبنَا الشَّعاريرَ وهذا لَعِبُ الشَّعاريرِ.
وقوله تعالى: وأنه هو رَبُّ الشِّعْرَى؛ الشعرى: كوكب نَيِّرٌ يقال له
المِرْزَمُ يَطْلعُ بعد الجَوْزاءِ، وطلوعه في شدّة الحرّ؛ تقول العرب:
إِذا طلعت الشعرى جعل صاحب النحل يرى. وهما الشِّعْرَيانِ: العَبُورُ التي
في الجوزاء، والغُمَيْصاءُ التي في الذِّراع؛ تزعم العرب أَنهما أُختا
سُهَيْلٍ، وطلوع الشعرى على إِثْرِ طلوع الهَقْعَةِ. وعبد الشِّعْرَى
العَبُور طائفةٌ من العرب في الجاهلية؛ ويقال: إِنها عَبَرَت السماء عَرْضاً
ولم يَعْبُرْها عَرْضاً غيرها، فأَنزل الله تعالى: وأَنه هو رب الشعرى؛
أَي رب الشعرى التي تعبدونها، وسميت الأُخرى الغُمَيْصاءَ لأَن العرب قالت
في أَحاديثها: إِنها بكت على إِثر العبور حتى غَمِصَتْ.
والذي ورد في حديث سعد: شَهِدْتُ بَدْراً وما لي غير شَعْرَةٍ واحدة ثم
أَكثر الله لي من اللِّحَى بعدُ؛ قيل: أَراد ما لي إِلا بِنْتٌ واحدة ثم
أَكثر الله لي من الوَلَدِ بعدُ.
وأَشْعَرُ: قبيلة من العرب، منهم أَبو موسى الأَشْعَرِيُّ، ويجمعون
الأَشعري، بتخفيف ياء النسبة، كما يقال قوم يَمانُونَ. قال الجوهري:
والأَشْعَرُ أَبو قبيلة من اليمن، وهو أَشْعَرُ بن سَبَأ ابن يَشْجُبَ بن
يَعْرُبَ بن قَحْطانَ. وتقول العرب: جاء بك الأَشْعَرُونَ، بحذف ياءي
النسب.وبنو الشُّعَيْراءِ: قبيلة معروفة.
والشُّوَيْعِرُ: لقب محمد بن حُمْرانَ بن أَبي حُمْرَانَ الجُعْفِيّ،
وهو أَحد من سمي في الجاهلية بمحمد، والمُسَمَّوْنَ بمحمد في الجاهلية سبعة
مذكورون في موضعهم، لقبه بذلك امرؤ القيس، وكان قد طلب منه أَن يبيعه
فرساً فأَبى فقال فيه:
أَبْلِغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَنِّي
عَمْدَ عَيْنٍ قَلَّدْتُهُنَّ حَرِيمَا
حريم: هو جد الشُّوَيْعِرِ فإِن أَبا حُمْرانَ جَدَّه هو الحرث بن
معاوية بن الحرب بن مالك بن عوف بن سعد بن عوف بن حريم بن جُعْفِيٍّ؛ وقال
الشويعر مخاطباً لامرئ القيس:
أَتَتْنِي أُمُورٌ فَكَذِّبْتُها،
وقد نُمِيَتْ لِيَ عاماً فَعاما
بأَنَّ امْرأَ القَيْسِ أَمْسَى كَثيباً،
على آلِهِ، ما يَذُوقُ الطَّعامَا
لَعَمْرُ أَبيكَ الَّذِي لا يُهانُ
لقد كانَ عِرْضُكَ مِنِّي حَراما
وقالوا: هَجَوْتَ، ولم أَهْجُهُ،
وهَلْ يجِدَنْ فيكَ هاجٍ مَرَامَا؟
والشويعر الحنفيّ: هو هانئ بن تَوْبَةَ الشَّيْبانِيُّ؛ أَنشد أَبو
العباس ثعلب له:
وإِنَّ الذي يُمْسِي، ودُنْياه هَمُّهُ،
لَمُسْتَمْسِكٌ مِنْها بِحَبْلِ غُرُورِ
فسمي الشويعر بهذا البيت.
فرد: الله تعالى وتقدس هو الفَرْدُ، وقد تَفَرَّدَ بالأَمر دون خلقه.
الليث: والفَرْد في صفات الله تعالى هو الواحد الأَحد الذي لا نظير له ولا
مثل ولا ثاني. قال الأَزهري: ولم أَجده في صفات الله تعالى التي وردت في
السنَّة، قال: ولا يوصف الله تعالى إِلا بما وصف به نفسه أَو وصفه به
النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: ولا أَدري من أَين جاء به الليث. والفرد:
الوتر، والجمع أَفراد وفُرادَى، على غير قياس، كأَنه جمع فَرْدانَ. ابن
سيده: الفَرْدُ نصف الزَّوْج، والفرد: المَنْحَرُ (قوله «المنحر» كذا
بالأصل وكتب بهامشه السيد مرتضى صوابه المتحد وفي القاموس الفرد المتحد.)
والجمع فِرادٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
تَخَطُّفَ الصَّقْرِ فِرادَ السِّرْبِ
والفرد أَيضاً: الذي لا نظير له، والجمع أَفراد. يقال: شيء فَرْدٌ
وفَرَدٌ وفَرِدٌ وفُرُدٌ وفارِدٌ.
والمُفْرَدُ: ثورُ الوَحْشِ؛ وفي قصيدة كعب:
تَرْمِي الغُيوبَ بَعَيْنَي مُفْرَدٍ لَهِقٍ
المفرد: ثور الوحش شبَّه به الناقة. وثور فُرُدٌ وفارِدٌ وفَرَدٌ
وفَرِدٌ وفَرِيد، كله بمعنى مُنْفَرِدٍ. وسِدْرَةٌ فارِدَةٌ: انفردت عن سائر
السِّدْر. وفي الحديث: لا تُعَدُّ فارِدَتُكُم؛ يعني الزائدة على الفريضة
أَي لا تضم إِلى غيرها فتعد معها وتُحْسَب. وفي حديث أَبي بكر: فمنكم
المُزْدَلِفُ صاحِب العِمامة الفَرْدَة؛ إِنما قيل له ذلك لأَنه كان إِذا ركب
لم يَعْتَمّ معه غيرُه إِجلالاً له. وفي الحديث: جاءه رجل يشكو رجلاً من
الأَنصار شَجَّه فقال:
يا خَيْرَ مَنْ يَمْشي بِنَعْلٍ فَرْدِ،
أَوْهَبَه لِنَهْدَةٍ ونَهْدِ
(* قوله «وأهبه» كذا بألف قبل الواو هنا وفي النهاية أيضاً في مادة ن هـ
د وسيأتي للمؤلف فيها وهبه.) أَراد النعل التي هي طاق واحد ولم تُخْصَفْ
طاقاً على طاق ولم تُطارَقْ، وهم يمدحون برقَّة النعال، وإِنما يلبسها
ملوكهم وساداتهم؛ أَراد: يا خير الأَكابر من العرب لأَنَّ لبس النَّعال
لهم دون العجم. وشجرة فارِدٌ وفَارِدَةٌ: متَنَحِّية؛ قال المسيب بن علس:
في ظِلِّ فاردَةٍ منَ السِّدْرِ
وظبية فاردٌ: منفردة انقطعت عن القطيع. قوله: لا بَغُلَّ فارِدَتكم؛
فسره ثعلب فقال: معناه من انفرد منكم مثل واحد أَو اثنين فأَصاب غنيمة
فليردَّها على الجماعة ولا يَغُلَّها أَي لا يأْخذها وحده. وناقة فارِدَةٌ
ومِفْرادٌ: تَنْفَرِدُ في المراعي، والذكر فاردٌ لا غير.
وأَفرادُ النجوم: الدَّرارِيُّ التي تطلع في آفاق السماء، سميت بذلك
لَتَنَحِّيها وانفرادها من سائر النجوم. والفَرُودُ من الإِبل: المتنحية في
المرعى والمشرب؛ وفَرَدَ بالأَمر يَفْرُد وتَفَرَّدَ وانْفَرَدَ
واسْتَفْرَدَ؛ قال ابن سيده: وأُرَى اللحياني حكى فَرِدَ وفَرُدَ واسْتَفْرَدَ
فلاناً: انَفَردَ به. أَبو زيد: فَرَدْتُ بهذا الأَمرِ أَفْرُدُ به
فُروُداً إِذا انفَرَدْتَ به. ويقال: اسْتَفْرَدْتُ الشيء إِذا أَخذته فَرْداً
لا ثاني له ولا مِثْلَ؛ قال الطرماح يذكر قِدْحاً من قِداحِ الميسر:
إِذا انْتَخَت بالشَّمال بارِحةً،
حال بَريحاً واسْتَفْرَدَتْهُ يَدُه
والفارِدُ والفَرَدُ: الثور؛ وقال ابن السكيت في قوله:
طاوِي المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّيْقَلِ الفَرَدِ
قال: الفَرَدُ والفُرُدُ، بالفتح والضم، أَي هو منقطع القَرِينِ لا مثل
له في جَوْدَتِــه. قال: ولم أَسمع بالفَرَدِ إِلا في هذا البيت.
واسْتَفْرَدَ الشيءَ: أَخرجه من بين أَصحابه. وأَفرده: جعله فَرْداً.
وجاؤوا فُرادَى وفِرادَى أَي واحداً بعد واحد. أَبو زيد عن الكلابيين:
جئتمونا فرادى وهم فُرادٌ وأَزواجٌ نَوَّنُوا. قال: وأَما قوله تعالى:
ولقد جئتمونا فُرادَى؛ فإِن الفراء قال: فرادى جمع. قال: والعرب تقول قومٌ
فرادى، وفُرادَ يا هذا فلا يجرونها، شبهت بِثُلاثَ ورُباعَ. قال: وفُرادَى
واحدها فَرَدٌ وفَرِيدٌ وفَرِدٌ وفَرْدانُ، ولا يجوز فرْد في هذا
المعنى؛ قال وأَنشدني بعضهم:
تَرَى النُّعَراتِ الزُّرْقَ تحتَ لَبانِه،
فُرادَ ومَثْنى، أَضعَفَتْها صَواهِلُهْ
وقال الليث: الفَرْدُ ما كان وحده. يقال: فَرَدَ يَفْرُدُ وأَفْرَدْتُه
جعلته واحداً. ويقال: جاء القومُ فُراداً وفُرادَى، منوناً وغير منون،
أَي واحداً واحداً.
وعددت الجوز أَو الدارهم أَفراداً أَي واحداً واحداً. ويقال: قد استطرد
فلان لهم فكلما استفرد رجلاً كرّ عليه فَجدَّله. والفَرْدُ: الجانِب
الواحد من اللَّحْي كأَنه يتوهم مُفْرداً، والجمع أَفراد. قال ابن سيده: وهو
الذي عناه سيبويه بقوله: نحو فَرْدٍ وأَفْراداٍ، ولم يعن الفرد الذي هو
ضد الزوج لأَن ذلك لا يكاد يجمع. وفَرْدٌ: كَثِيبٌ منفرد عن الكثبانِ غَلب
عليه ذلك، وفيه الأَلف واللام
(* قوله: وفيه الألف واللام يخالف قوله
فيما بعد: ولم نسمع فيه الفرد.) ، حتى جعل ذلك اسماً له كزيد، ولم نسمع
فيه الفرد ؛ قال:
لَعَمْري لأَعْرابيَّة في عَباءَةٍ
تَحُلُّ الكَثِيبَ من سُوَيْقَةَ أَو فَرْداً
وفَرْدَةُ أَيضاً: رملة معروفة؛ قال الراعي:
إِلى ضَوءِ نارٍ بَيْنٍ فَرْدَةَ والرَّحَى
وفَرْدَةُ: ماء من مياه جَرْم.
والفَريدُ والفَرائِدُ: المَحالُ التي انفردت فوقعت بين آخر المَحالاتِ
السِّتِّ التي تلي دَأْيَ العُنُق، وبين الست التي بيت العَجْبِ وبين
هذه، سميت به لانفرادها، واحدتها فَريدَة؛ وقيل: الفَريدة المَحالةُ التي
تَخْرُجُ من الصَّهْوَة التي تَلي المَعاقِمَ وقد تَنْتَأُ من بعض الخيل،
وإِنما دُعِيت فَريدَة لأَنها وقَعَتْ بين فِقارِ الظهر وبين مَحال الظهر
(* قوله «وبين محال الظهر» كذا في الأصل المعتمد وهي عين قوله بين فقار
الظهر فالأَحسن حذف أحدهما كما صنع شارح القاموس حين نقل عبارته.)
ومعَاقِمِ العَجُزِ؛ المَعاقِمُ: مُلْتَقى أَطراف العِظامِ ومعاقِمِ العجز.
والفَريدُ والفَرائدُ: الشَّذْرُ الذي يَفْصِل بين اللُّؤْلؤ والذهب، واحدته
فَريدَةٌ، ويقال له: الجاوَرْسَقُ بلسان العجم، وبَيَّاعُه الفَرَّادُ.
والفَريدُ: الدُّرُّ إِذا نُظمَ وفُصِلَ بغيره، وقيل: الفَريدُ، بغير هاء،
الجوهرة النفيسة كأَنها مفردة في نوعِها، والفَرَّادُ صانِعُها. وذَهَبٌ
مُفَرَّدٌ: مَفَصَّلٌ بالفريد. وقال إِبراهيم الحربي: الفَريدُ جمع
الفَريدَة وهي الشَّذْرُ من فضة كاللؤْلؤَة. وفَرائِدُ الدرِّ:
كِبارُها.ابن الأَعرابي: وفَرَّدَ الرجلُ إِذا تَفَقَّه واعتزل الناس وخلا
بمراعاة الأَمر والنهي. وقد جاء في الخبر: طوبى للمفرِّدين وقال القتيبي في
هذا الحديث: المُفَرِّدون الذين قد هلَك لِداتُهُم من الناس وذهَب القَرْنُ
الذي كانوا فيه وبَقُواهم يذكرون الله؛ قال أَبو منصور: وقول ابن
الأَعرابي في التفريد عندي أَصوب من قول القتيبي. وفي الحديث عن أَبي هريرة:
أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان في طريق مكة على جبل يقال له
بُجْدانُ فقال: سيروا هذا بُجْدانُ، سَبَقَ المُفَرِّدون، وفي رواية: طوبى
للمُفَرِّدين، قالوا: يا رسول الله، ومن المُفَرِّدون؟ قال: الذاكرون الله
كثيراً والذاكراتُ، وفي رواية قال: الذين اهتزوا في ذكر الله.
ويقال: فَرَدَ
(* قوله «ويقال فرد» هو مثلث الراء.) برأْيه وأَفْرَدَ
وفَرَّد واستَفْرَدَ بمعنى انْفَرَد به. وفي حديث الحديبية: لأُقاتِلَنَّهم
حتى تَنْفَرِدَ سالِفَتي أَي حتى أَموتَ؛ السالفة: صفحة العنق وكنى
بانفرادها عن الموت لأَنها لا تنفرد عما يليها إِلا به. وأَفْرَدْتُه: عزلته،
وأَفْرَدْتُ إِليه رسولاً. وأَفْرَدَتِ الأُنثى: وضعت واحداً فهي
مُفْرِدٌ وموُحِدٌ ومُفِذٌّ؛ قال: ولا يقال ذلك في الناقة لأَنها لا تلد إِلاَّ
واحداً؛ وفَرِدَ وانْفَرَدَ بمعنى؛ قال الصمة القشيري:
ولم آتِ البُيوتَ مُطَنَّباتٍ،
بأَكْثِبَةٍ فَرِدْنَ من الرَّغامِ
وتقول: لِقيتُ زيداً فَرْدَيْنِ إِذا لم يكن معكما أَحد. وتَفَرَّدْتُ
بكذا واستَفْرَدْتُه إِذا انفَرَدْتَ به.
والفُرُودُ: كواكِبُ
(* قوله «والفرود كواكب» كذا بالأَصل وفي القاموس
والفردود، زاد شارحه كسرسور كما هو نص التكملة، وفي بعض النسخ الفرود.)
زاهِرَةٌ حَولَ الثُّرَيَّا. والفُرودُ: نجوم حولَ حَضارِ، وحِضارِ هذا
نَجم وهو أَحد المُحْلِفَيْنِ؛ أَنشد ثعلب:
أَرى نارَ لَيْلى بالعَقِيقِ كأَنَّها
حَضارِ، إِذا ما أَعرضَتْ، وفُرودُها
وفَرُودٌ وفَرْدَة: اسما مَوْضِعَيْنِ؛ قال بعض الأَغفال:
لَعَمْرِي لأَعْرابِيَّةٌ في عَباءَةٍ
تَحُلُّ الكَثِيبَ مِنْ سوُيْقَةَ أَو فرْدا،
أَحَبّ إِلى القَلْبِ الذي لَجَّ في الهَِوِى،
من اللاَّبِساتِ الرَّيْطَ يُظْهِرْنَه كَيْدا
أَرْدَفَ أَحَدَ البيتين ولم يُرْدِفِ الآخر. قال ابن سيده: وهذا نادر؛
ومثله قول أَبي فرعون:
إِذا طَلَبْتُ الماءَ قالَتْ: لَيْكا،
كأَنَّ شَفْرَيْها، إِذا ما احتَكَّا،
حَرْفا بِرامٍ كُسِرا فاصْطَكَّا
قال: ويجوز أَن يكون قوله أَو فَرْداً مُرَخَّماً من فَرْدَة، رخمه في
غير النداءِ اضطراراً، كقول زهير:
خُذوا حَظَّكُم، يا آلَ عِكْرِمَ، واذْكُروا
أَواصِرنا، والرِّحْمُ بالغَيْبِ تُذْكَرُ
أَراد عِكرمةَ: والفُرُداتُ: اسم موضع؛ قال عمرو بن قمِيئَة:
نَوازِع للخالِ، إِنْ شِمْنَه
على الفُرُداتِ يَسِحُّ السِّجالا
فرر: الفَرّ والفِرارُ: الرَّوَغان والهِرب.
فَرَّ يَفِرُّ فراراً: هرب. ورجل فَرورٌ وفَرورةٌ وفَرَّار: غير
كَرَّارٍ، وفَرٌّ، وصف بالمصدرْ، فالواحد والجمع فيه سواء. وفي حديث الهجرة: قال
سُراقةُ ابن مالك حين نظر إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، وإِلى أَبي
بكر، رضي الله عنه، مُهاجِرَيْنِ إِلى المدينة فمرّا به فقال: هذان فَرُّ
قريشٍ، أَفلا أَردّ على قريش فَرَّها؟ يريد الفارَّين من قريش؛ يقال منه
رجل فَرٌّ ورجلان فَرٌّ، لا يثنى ولا يجمع. قالالجوهري: رجل فَرٌّ، وكذلك
الاثنان والجمع والمؤنث، يعني هذان الفَرّان؛ قال أَبو ذؤيب يصف صائداً
أَرسل كلابه على ثور وحشي فحمل عليها فَفَرَّت منه فرماه الصائد بسهم
فأَنفذ به طُرَّتَيْ جنبيه:
فَرمى ليُنْفِذَ فرَّها، فهَوى له
سَهْم، فأَنْفَذ طُرَّتَيْهِ المِنْزَعُ
وقد يكون الفَرُّ جمعٍ فارٍّ كشارب وشَرْبٍ وصاحب وصَحْبٍ؛ وأَراد:
فأَنفذ طُرَّتيه السهم فلما لم يستقم له قال: المِنْزَع.
والفُرَّى: الكَتيبةُ المنهزمة، وكذلك الفُلَّى. وأَفَرَّه غيرُه
وتَفارُّوا أَي تهاربوا. وفرس مِفَرٌّ، بكسر الميم: يصلح للفِرار عليه؛ ومنه
قوله تعالى: أَين المِفَرُّ. والمَفِرُّ، بكسر الفاء: الموضع. وأَفَرَّ به:
فَعَل به فِعْلاً يَفِرُّ منه. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه
وسلم، قال لعدي بن حاتم: ما يُفِرُّك عن الإِسلام إِلا أَن يقال لا إِله
إِلا الله. التهذيب: يقال أَفْرَرْت الرجلَ أُفِرُّه إِفْراراً إِذا عملت به
عملاً يَفِرُّ منه ويهرب، أَي يحملك على الفرار إِلا التوحيد؛ وكثير من
المحدثين يقولونه بفتح الياء وضم الفاء قال: والصحيح الأَول؛ وفي حديث
عاتكة:
أَفَرَّ صِياحُ القومِ عَزْمَ قلوبهم،
فَهُنَّ هَواء، والحُلوم عَوازِبُ
أَي حملها على الفرار وجعلها خالية بعيدة غائبة العقول. والفَرورُ من
النساء: النَّوارُ. وقوله تعالى: أَين المَفَرُّ؛ أَي أَين الفِرارُ،
وقرئ: أَين المَفِرّ، أَي أَين موضع الفرار؛ عن الزجاج؛ وقد
أَفْرَرْته.وفَرَّ الدابةَ يَفُرُّها، بالضم، فَرًا: كشف عن أَسنانها لينظر ما
سِنُّها. يقال: فَرَرْتُ عن أَسنان الدابة أَفُرُّ عنها فَرّاً إِذا كشفت
عنها لتنظر إِليها. أَبو ربعي والكلابي: يقال هذا فُرُّ بني فلانٍ وهو وجههم
وخيارهم الذي يَفْترُّونَ عنه؛ قال الكميت:
ويَفْتَرُّ منكَ عن الواضِحات،
إِذا غيرُكَ القَلِحُ الأَثْعَلُ
ومن أَمثالهم: إِنَّ الجَوادَ عينُه فُرارُهُ. ويقال: الخبيثُ عينُه
فرُارُه؛ يقول: تعرف الجودة في عينه كما تَعرف سنَّ الدابة إِذا فَرَرْتَها،
وكذلك تعرف الخبث في عينه إِذا أَبصرته. الجوهري: إِن الجوادَ عينُه
فُراره، وقد يفتح، أَي يُغْنيك شخصه ومَنْظَرُه عن أَن تختبره وأَن تَفُرَّ
أَسنانه. وفَرَرْتُ الفرس أَفُرُّه فرًّا إِذا نظرت إِلى أَسنانه. وفي
خطبة الحجاج: لقد فُرِرْت عن ذَكاءٍ وتَجْرِبةٍ. وفي حديث ابن عمر، رضي الله
عنهما، أَراد أَن يشتري بَدَنَةً فقال: فُرَّها. وفي حديث عمر: قال لابن
عباس، رضي الله عنه: كان يبلغني عنك أَشياء كرهتُ أَن أَفُرَّك عنها أَي
أَكشفك. ابن سيده: ويقال للفرس الجواد عينه فِرارُه؛ تقوله إِذا رأَيته،
بكسر الفاء، وهو مثل يضرب للإِنسان يسأَل عنه أَي أَنه مقيم لم يبرح.
وفَرَّ الأَمرَ وفَرَّ عنه: بحث، وفُرَّ الأَمرُ جَذَعاً أَي استقبله. ويقال
أَيضاً: فُرَّ الأَمرُ جَذَعاً أَي رجع عوده على بدئه؛ قال:
وما ارْتَقَيْتُ على أَرجاءِ مَهْلَكةٍ،
إِلا مُنيتُ بأَمرٍ فُرَّ لي جَذَعا
وأَفَرَّت الخيلُ والإِبل للإِثْناءِ، بالأَلف: سقطت رواضعُها وطلع
غيرُها.
وافْتَرَّ الإِنسان: ضحك ضَحِكاً حسناً وافْتَرَّ فلان ضاحكاً أَي أَبدى
أَسنانه. وافْتَرَّ عن ثَغْره إِذا كَشَرَ ضاحكاً؛ ومنه الحديث في صفة
النبي، صلى الله عليه وسلم:
ويَفْتَرُّ عن مثل حَبِّ الغَمام
أَي يَكْشِرُ إِذا تبسم من غير قَهْقَهَة، وأَراد بحب الغمام البَرَدَ؛
شبَّه بياض أَسنانه به. وافْتَرَّ يَفْتَرُّ، افتعل، من فَرَرْتُ
أَفُرُّ. ويقال: فُرَّ فلاناً عما في نفسه أَي استنطقه ليدل بنطقه عما في نفسه.
وافْتَرَّ البرقُ: تلأْلأَ، وهو فوق الانْكِلالِ في الضحك والبرق،
واستعاروا ذلك للزمن فقالوا: إِن الصَّرْفةَ نابُ الدهرِ الذي يَفْتَرُّ عنه،
وذلك أَن الصَّرْفة إِذا طلعت خرج الزهر واعْتَمَّ النبت. وافْتَرَّ
الشيءَ: استنشقه؛ قال رؤْبة:
كأَنما افْتَرَّ نشُوقاً مَنْشَقا
ويقال: هو فُرَّةُ قومه أَي خيارهم، وهذا فُرَّةُ مالي أَي خِيرته.
اليزيدي: أَفْرَرْتُ رأْسه بالسيف إِذا فلقته.
والفَرِيرُ والفُرارُ: ولد النعجة والماعزة والبقرة. ابن الأَعرابي:
الفَريرُ ولد البقر؛ وأَنشد:
يَمْشِي بنو عَلْكَمٍ هَزْلى وإِخوتُهم،
عليكم مثل فحلِ الضأْنِ، فُرْفُور
قال: أَراد فُرَار فقال فُرْفُور، والأُنثى فُرارةٌ، وجمعها فُرارٌ
أَيضاً، وهو من أَولاد المعز ما صغر جسمه؛ وعَمَّ ابن الأَعرابي بالفَرِيرِ
ولد الوحشية من الظِّباء والبقر ونحوهما. وقال مرة: هي الخِرْفان
والحُمْلان؛ ومن أَمثالهم:
نَزْوُ الفُرارِ اسْتَجْهل الفُرارا
قال المؤرج: هو ولد البقرة الوحشية يقال له فُرارٌ وفَرِيرٌ، مثل طُوالٍ
وطَويلٍ، فإِذا شبَّ وقوي أَخذ في النَّزَوان، فمتى ما رآه غيرُه نَزا
لِنَزْوِه؛ يضرب مثلاً لمن تُتَّقى مصاحبته. يقول: إِنك إِن صاحبتَه فعلتَ
فعلَه. يقال: فُرارٌ جمع فُرارةٍ وهي الخِرْفان، وقيل: الفَرير واحد
والفُرارُ جمع. قال أَبو عبيدة: ولم يأْت على فُعالٍ شيء من الجمع إِلا
أَحرف هذا أَحدها، وقيل: الفَرِيرُ والفُرارُ والفُرارَةُ والفُرْفُر
والفُرْفُورُ والفَرورُ والفُرافِرُ الحَمَل إِذا فطم واستَجْفر وأَخصب وسَمِن؛
وأَنشد ابن الأَعرابي في الفُرارِ الذي هو واحد قول الفرزدق:
لَعَمْري لقد هانتْ عليكَ ظَعِينةٌ،
فَرَيْتَ برجليها الفُرارَ المُرَنَّقا
والفُرارُ: يكون للجماعة والواحد. والفُرار: البهْم الكبار، واحدها
فُرْفُور. والفَرِيرُ: موضع المَجَسَّة من مَعْرفة الفرس، وقيل: هو أَصل
مَعْرفة الفرس.
وفَرْفَرَ الرجلُ إِذا استعجل بالحماقة. ووقع القوم في فُرَّةٍ
وأُفُرَّة أَي اختلاط وشدة. وفُرَّةُ الحرّ وأُفُرَّتهُ: شدته، وقيل: أَوله.
ويقال: أَتانا فلان في أُفُرَّةِ الحر أَي في أَوله، ويقال: بل في شدته، بضم
الهمزة وفتحها والفاء مضمومة فيهما؛ ومنهم من يقول: في فُرَّةِ الحر،
ومنهم من يقول: في أَفُرَّةِ الحر، بفتح الأَلف. وحكى الكسائي أَن منهم من
يجعل الأَلف عيناً فيقول: في عَفُرَّة الحرِّ وعُفُرّةِ الحر؛ قال أَبو
منصور: أُفُرَّةٌ عندي من باب أَفَرَ يأْفِر، والأَلف أَصلية على فُعُلَّةٍ
مثل الخُضُلَّةِ. الليث: ما زال فلان في أُفُرَّةِ شَرٍّ من فلان.
والفَرْفَرَةُ: الصياح. وفَرْفَرَه: صاح به؛ قال أَوس بن مغراء السعدي:
إِذا ما فَرْفَروه رَغَا وبالا
والفَرْفَرةُ: العجلة. ابن الأَعرابي: فَرَّ يَفِرُّ إِذا عقل بعد
استرخاء. والفَرْفَرةُ: الطيش والخفة؛ ورجلٌ فَرْفارٌ وامرأَة فَرْفارةٌ.
والفَرْفَرةُ: الكلام. والفَرْفارُ: الكثير الكلام كالثَّرْثارِ. وفَرْفَر في
كلامه: خلَّط وأَكثر. والفُرافِرُ: الأَخْرَقُ. وفَرْفَر الشيءَ: كسره.
والفُرافِرُ والفَرْفار: الذي يُفَرْفِرُ كل شيء أَي يكسره. وفَرْفَرْت
الشيء: حركته مثل هَرْهَرْته؛ يقال: فَرْفَرَ الفرسُ إِذا ضرب بفأْس
لجامه أَسنانه وحرك رأْسه؛ وناس يَرْوُونه في شعر امرئ القيس بالقاف، قال
ابن بري هو قوله:
إِذا زُعْتُه من جانِبَيْهِ كِلَيْهما،
مشى الهَيْذَبى في دَفِّه ثم فَرْفَرا
ويروى قَرْقَرا. والهَيْذَبى، بالذال المعجمة: سير سريع من أَهْذَبَ
الفرسُ في سيره إِذا أَسرع، ويروى الهَيْدَبى، بدال غير معجمة، وهي مِشْية
فيها تبختر، وأَصله من الثوب الذي له هدب لأَن الماشي فيه يتبختر؛ قال:
والرواية الصحيحة فَرْفَر، بالفاء، على ما فسره؛ ومن رواه قَرْقَر، بالقاف،
فبمعنى صَوَّت. قال: وليس بالجيد عندهم لأَن الخيل لا توصف بهذا.
وفَرْفَر الدابةُ اللجامَ: حركه. وفرس فُرفِرٌ: يُفَرْفِرُ اللجام في فيه.
وفَرْفَرَني فَرْفاراً: نفضني وحركني. وفَرْفَر البعيرُ: نفض جسده. وفَرْفَرَ
أَيضاً: أَسرع وقارب الخَطْو؛ وأَنشد بيت امرئ القيس:
مشى الهَيْذَبى في دَفِّه ثم فَرْفَرا
وفَرْفَر الشيءَ: شققه. وفَرْفَر إِذا شقق الزِّقاقَ وغيرها.
والفَرْفار: ضرب من الشجر تتخذ منه العِساسُ والقِصاعُ؛ قال:
والبَلْطُ يَبْرِي حُبَرَ الفَرْفارِ
البَلط: المِخرطة. والحُبَر: العُقَد. وفَرْفَرَ الرجل إِذا أَوقد
بالفَرْفار، وهي شجرة صَبُور على النار. وفَرْفَر إِذا عمل الفَرْفار، وهو
مَرْكب من مراكب النساء والرِّعاءِ شِبْه الحَوِيَّة والسَّوِيَّة.
والفُرْفُور والفُرافِرُ: سَوِيق يتخذ من اليَنْبُوتِ، وفي مكان آخر:
سويقُ يَنْبوتِ عُمان.
والفُرْفُر: العصفور، وقيل: الفُرْفُر والفُرْفُور العصفور الصغير.
الجوهري: الفُرْفُور طائر؛ قال الشاعر:
حجازيَّة لم تَدْرِ ما طَعْمُ فُرْفُرٍ،
ولم تأْتِ يوماً أَهلَها بِتُبُشِّرِ
قال: التُّبُشِّر الصَّعْوة. وفي حديث عون بن عبد الله: ما رأَيت أَحداً
يُفَرْفِرُ الدنيا فَرْفَرَةَ هذا الأَعرج؛ يعني أَبا حازم، أَي يذمها
ويمزِّقها بالذم والوقيعة فيها. ويقال الذئب يُفَرْفِرُ الشاة أَي
يمزقها.وفَرِير: بطن من العرب.
فتن: الأَزهري وغيره: جِماعُ معنى الفِتْنة الابتلاء والامْتِحانُ
والاختبار، وأَصلها مأْخوذ من قولك فتَنْتُ الفضة والذهب إِذا أَذبتهما بالنار
لتميز الرديء من الجيِّدِ، وفي الصحاح: إِذا أَدخلته النار لتنظر ما
جَوْدَتُــه، ودينار مَفْتُون. والفَتْنُ: الإِحْراقُ، ومن هذا قوله عز وجل:
يومَ هم على النارِ يُفْتَنُونَ؛ أَي يُحْرَقون بالنار. ويسمى الصائغ
الفَتَّان، وكذلك الشيطان، ومن هذا قيل للحجارة السُّود التي كأَنها
أُحْرِقَتْ بالنار: الفَتِينُ، وقيل في قوله: يومَ همْ على النار يُفْتَنُونَ،
قال: يُقَرَّرونَ والله بذنوبهم. ووَرِقٌ فَتِينٌ أَي فِضَّة مُحْرَقَة.
ابن الأَعرابي: الفِتْنة الاختبار، والفِتْنة المِحْنة، والفِتْنة المال،
والفِتْنة الأَوْلادُ، والفِتْنة الكُفْرُ، والفِتْنةُ اختلافُ الناس
بالآراء، والفِتْنةُ الإِحراق بالنار؛ وقيل: الفِتْنة في التأْويل الظُّلْم.
يقال: فلان مَفْتُونٌ بطلب الدنيا قد غَلا في طلبها. ابن سيده: الفِتْنة
الخِبْرَةُ. وقوله عز وجل: إِنا جعلناها فِتْنةً
للظالمين؛ أي خِبْرَةً، ومعناه أَنهم أُفْتِنوا بشجرة الزَّقُّوم
وكذَّبوا بكونها، وذلك أَنهم لما سمعوا أَنها تخرج في أَصل الجحيم قالوا:
الشجر يَحْتَرِقُ في النار فكيف يَنْبُت الشجرُ في النار؟ فصارت فتنة لهم.
وقوله عز وجل: ربَّنا لا تَجْعَلْنا فِتْنةً للقوم الظالمين، يقول: لا
تُظْهِرْهُم علينا فيُعْجبُوا ويظنوا أَنهم خير منا، فالفِتْنة ههنا إِعجاب
الكفار بكفرهم.
ويقال: فَتَنَ الرجلُ بالمرأَة وافْتَتَنَ، وأَهل الحجاز يقولون:
فتَنَتْه المرأَةُ إِذا وَلَّهَتْه وأَحبها، وأَهل نجد يقولون: أَفْتَنَتْه؛
قال أَعْشى هَمْدانَ فجاء باللغتين:
لئِنْ فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمْسِ أَفْتَنَتْ
سَعِيداً، فأَمْسَى قد قَلا كلَّ مُسْلِم
قال ابن بري: قال ابن جني ويقال هذا البيت لابن قيسٍ، وقال الأَصمعي:
هذا سمعناه من مُخَنَّثٍ وليس بثَبَتٍ، لأَنه كان ينكر أَفْتَنَ، وأَجازه
أَبو زيد؛ وقال هو في رجز رؤبة يعني قوله:
يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ
وقوله أَيضاً:
إِني وبعضَ المُفْتِنِينَ داوُدْ،
ويوسُفٌ كادَتْ به المَكايِيدْ
قال: وحكى أَبو القاسم الزجاج في أَماليه بسنده عن الأَصمعي قال:
حدَّثنا عُمر بن أَبي زائدة قال حدثتني أُم عمرو بنت الأَهْتم قالت: مَرَرْنا
ونحن جَوَارٍ بمجلس فيه سعيد بن جُبير، ومعنا جارية تغني بِدُفٍّ معها
وتقول:
لئن فتنتني لهي بالأَمس أَفتنت
سعيداً، فأَمسى قد قلا كل مسلم
وأَلْقى مَصابيحَ القِراءةِ، واشْترى
وِصالَ الغَواني بالكتابِ المُتَمَّمِ
فقال سعيد: كَذَبْتُنَّ كذَبْتنَّ. والفِتْنةُ: إِعجابُك بالشيء، فتَنَه
يَفْتِنُه فَتْناً وفُتُوناً، فهو فاتِنٌ، وأَفْتَنَه؛ وأَباها الأَصمعي
بالأَلف فأَنشد بيت رؤبة:
يُعْرِضْنَ إِعْراضاً لدِينِ المُفْتِنِ
فلم يعرف البيت في الأُرجوزة؛ وأَنشد الأَصمعي أَيضاً:
لئن فتَنَتْني لَهْيَ بالأَمسِ أَفتنتْ
فلم يَعْبأْ به، ولكن أَهل اللغة أَجازوا اللغتين. وقال سيبويه: فتَنَه
جعل فيه فِتْنةً، وأَفْتَنه أَوْصَلَ
الفِتْنة إليه. قال سيبويه: إِذا قال أَفْتَنْتُه فقد تعرض لفُتِنَ،
وإِذا قال فتَنْتُه فلم يتعرَّض لفُتِنَ. وحكى أَبو زيد: أُفْتِنَ الرجلُ،
بصيغة ما لم يسم فاعله، أَي فُتِنَ. وحكى الأَزهري عن ابن شميل: افْتَتَنَ
الرجلُ وافْتُتِنَ لغتان، قال: وهذا صحيح، قال: وأَما فتَنْتُه ففَتَنَ
فهي لغة ضعيفة. قال أَبو زيد: فُتِنَ الرجلُ يُفْتَنُ فُتُوناً إِذا
أَراد الفجور، وقد فتَنْته فِتْنةً وفُتُوناً، وقال أَبو السَّفَر:
أَفْتَنْتُه إِفْتاناً، فهو مُفْتَنٌ، وأُفْتِنَ الرجل وفُتِنَ، فهو مَفْتُون إِذا
أَصابته فِتْنة فذهب ماله أَو عقله، وكذلك إِذا اخْتُبِرَ. قال تعالى:
وفتَنَّاك فُتُوناً. وقد فتَنَ وافْتَتَنَ، جعله لازماً ومتعدياً،
وفتَّنْتُه تَفْتِيناً فهو مُفَتَّنٌ أَي مَفْتُون جدّاً. والفُتُون أَيضاً:
الافْتِتانُ، يتعدَّى ولا يتعدَّى؛ ومنه قولهم: قلب فاتِنٌ أَي مُفْتَتِنٌ؛
قال الشاعر:
رَخِيمُ الكلامِ قَطِيعُ القِيا
مِ، أَمْسى فُؤادي بها فاتِنا
والمَفْتُونُ: الفِتْنة، صيغ المصدر على لفظ المفعول كالمَعْقُول
والمَجْلُودِ. وقوله تعالى: فسَتُبْصِرُ ويُبْصِرُونَ بأَيَّكُمُ المَفْتُونُ؛
قال أَبو إِسحق: معنى المَفْتُونِ الذي فُتِنَ بالجنون؛ قال أَبو
عبيدة: معنى الباء الطرح كأَنه قال أَيُّكم المَفْتُونُ؛ قال أَبو إِسحق: ولا
يجوز أَن تكون الباء لَغْواً، ولا ذلك جائز في العربِية، وفيه قولان
للنحويين: أَحدهما أَن المفْتُونَ ههنا بمعنى الفُتُونِ، مصدر على المفعول،
كما قالوا ما له مَعْقُولٌ ولا مَعْقُودٌ رَأْيٌ، وليس لفلان مَجْلُودٌ
أَي ليس له جَلَدٌ ومثله المَيْسُورُ والمَعْسُورُ كأَنه قال بأَيِّكم
الفُتون، وهو الجُنون، والقول الثاني فسَتُبْصِر ويُبْصِرُونَ في أَيِّ
الفَريقينِ المَجْنونُ أَي في فرقة الإِسلام أَو في فرقة الكفر، أَقامَ الباء
مقام في؛ وفي الصحاح: إِن الباء في قوله بأَيِّكم المفتون زائدة كما زيدت
في قوله تعالى: قل كفى بالله شهيداً؛ قال: والمَفْتُون الفِتْنةُ، وهو
مصدر كالمَحْلُوفِ والمَعْقول، ويكون أَيُّكم الابتداء والمفتون خبره؛
قال: وقل وقال المازني المَفتون هو رفع بالابتداء وما قبله خبره كقولهم بمن
مُروُرُك وعلى أَيِّهم نُزُولُك، لأَن الأَول في معنى الظرف، قال ابن
بري: إِذا كانت الباء زائدة فالمفتون الإِنسان، وليس بمصدر، فإِن جعلت الباء
غير زائدة فالمفتون مصدر بمعنى الفُتُونِ. وافْتَتَنَ في الشيء: فُتِن
فيه. وفتَنَ إِلى النساءِ فُتُوناً وفُتِنَ إِليهن: أَراد الفُجُور بهنَّ.
والفِتْنة: الضلال والإِثم. والفاتِنُ: المُضِلُّ عن الحق. والفاتِنُ:
الشيطان لأَنه يُضِلُّ العِبادَ، صفة غالبة. وفي حديث قَيْلَة: المُسْلم
أَخو المُسْلم يَسَعُهُما الماءُ والشجرُ ويتعاونان على الفَتَّانِ؛
الفَتَّانُ: الشيطانُ الذي يَفْتِنُ الناس بِخداعِه وغروره وتَزْيينه المعاصي،
فإِذا نهى الرجلُ أَخاه عن ذلك فقد أَعانه على الشيطان. قال:
والفَتَّانُ أَيضاً اللص الذي يَعْرِضُ للرُّفْقَةِ في طريقهم فينبغي لهم أَن
يتعاونوا على اللِّصِّ، وجمع الفَتَّان فُتَّان، والحديث يروى بفتح الفاء
وضمها، فمن رواه بالفتح فهو واحد وهو الشيطان لأَنه يَفْتِنُ الناسَ عن
الدين، ومن رواه بالضم فهو جمع فاتِنٍ أَي يُعاوِنُ أَحدُهما الآخرَ على
الذين يُضِلُّون الناسَ عن الحق ويَفْتِنونهم، وفَتَّانٌ من أَبنية المبالغة
في الفِتْنة، ومن الأَول قوله في الحديث: أَفَتَّانٌ أَنت يا معاذ؟
وروى الزجاج عن المفسرين في قوله عز وجل: فتَنْتُمْ
أَنفُسَكُمْ وتَرَبَّصْتُم؛ استعملتموها في الفِتْنة، وقيل:
أَنَمْتُموها. وقوله تعالى: وفتَنَّاكَ فُتُوناً؛ أَي أَخلَصناكَ إِخلاصاً. وقوله
عز وجل: ومنهم من يقول ائْذَنْ لي ولا تَفْتِنِّي؛ أَي لا تُؤْثِمْني
بأَمرك إِيايَ بالخروج، وذلك غير مُتَيَسِّرٍ لي فآثَمُ؛ قال الزجاج: وقيل
إِن المنافقين هَزَؤُوا بالمسلمين في غزوة تَبُوكَ فقالوا يريدون بنات
الأَصفر فقال: لا تَفْتِنِّي أَي لا تَفْتِنِّي ببنات الأَصفر، فأَعلم
الله سبحانه وتعالى أَنهم قد سقَطوا في الفِتْنةِ أَي في الإِثم. وفتَنَ
الرجلَ أَي أَزاله عما كان عليه، ومنه قوله عز وجل: وإِن كادوا ليَفتِنونك
عن الذي أَوْحَيْنا إِليك؛ أَي يُمِيلُونك ويُزِيلُونك. ابن الأَنباري:
وقولهم فتَنَتْ فلانة فُلاناً، قال بعضهم: معناه أَمالته عن القصد،
والفِتْنة في كلامهم معناه المُمِيلَةُ عن الحق. وقوله عز وجل: ما أَنتم عليه
بفاتِنينَ إِلا من هو صالِ الجحِيمِ: فسره ثعلب فقال: لا تَقْدِرون أَن
تَفْتِنُوا إِلا من قُضِيَ
عليه أَن يدخل النار، وعَدَّى بفاتِنين بِعَلَى لأَن فيه معنى قادرين
فعدَّاه بما كان يُعَدَّى به قادرين لو لفِظَ به، وقيل: الفِتْنةُ الإِضلال
في قوله: ما أَنتم عليه بفاتنين؛ يقول ما أَنتم بِمُضِلِّين إِلا من
أَضَلَّه الله أَي لستم تُضِلُّونَ إِلا أَهلَ
النار الذين سبق علم الله في ضلالهم؛ قال الفراء: أَهل الحجاز يقولون ما
أَنتم عليه بفاتِنينَ، وأَهل نجد يقولون بمُفْتِنينَ من أَفْتَنْتُ
والفِتْنةُ: الجُنون، وكذلك الفُتُون. وقوله تعالى: والفِتْنةُ أَشدُّ من
القَتْلِ؛ معنى الفِتْنة ههنا الكفر، كذلك قال أَهل التفسير. قال ابن سيده:
والفِتْنةُ الكُفْر. وفي التنزيل العزيز: وقاتِلُوهم حتى لا تكونَ
فِتْنة. والفِتْنةُ: الفَضِيحة. وقوله عز وجل: ومن يرد الله فِتْنَتَه؛ قيل:
معناه فضيحته، وقيل: كفره، قال أَبو إِسحق: ويجوز أَن يكون اختِبارَه بما
يَظْهَرُ به أَمرُه. والفِتْنة: العذاب نحو تعذيب الكفار ضَعْفَى
المؤمنين في أَول الإِسلام ليَصُدُّوهم عن الإِيمان، كما مُطِّيَ بلالٌ على
الرَّمْضاء يعذب حتى افْتَكَّه أَبو بكر الصديق، رضي الله تعالى عنه،
فأَعتقه. والفِتْنةُ: ما يقع بين الناس من القتال. والفِتْنةُ: القتل؛ ومنه قوله
تعالى: إِن خِفْتم أَن يَفْتِنَكُمُ الذين كفروا؛ قال: وكذلك قوله في
سورة يونس: على خَوْفٍ من فرعونَ
ومَلَئِهِم أَن يَفْتِنَهُم؛ أَي يقتلهم؛ وأَما قول النبي، صلى الله
عليه وسلم: إِني أَرى الفِتَنَ خِلالَ بُيوتِكم، فإِنه يكون القتل والحروب
والاختلاف الذي يكون بين فِرَقِ المسلمين إِذا تَحَزَّبوا، ويكون ما
يُبْلَوْنَ به من زينة الدنيا وشهواتها فيُفْتَنُونَ بذلك عن الآخرة والعمل
لها. وقوله، عليه السلام: ما تَرَكْتُ فِتْنةً أَضَرَّ على الرجال من
النساء؛ يقول: أَخاف أَن يُعْجُبوا بهنَّ فيشتغلوا عن الآخرة والعمل لها.
والفِتْنةً: الاختِبارُ. وفتَنَه يَفْتِنُه: اختَبَره. وقوله عز وجل: أَوَلا
يَرَوْنَ أَنهم يُفْتَنُونَ في كل عام مرة أَو مرتين: قيل: معناه
يُخْتَبَرُونَ بالدعاء إِلى الجهاد، وقيل: يُفْتَنُونَ بإِنزال العذاب
والمكروه.والفَتْنُ: الإِحرَاق بالنار. الشيءَ في الناريَفْتِنُه: أَحرقه.
والفَتِينُ من الأَرض: الحَرَّةُ التي قد أَلْبَسَتْها كُلَّها حجارةٌ سُودٌ
كأَنها مُحْرَقة، والجمع فُتُنٌ. وقال شمر: كل ما غيرته النارُ
عن حاله فهو مَفْتُون، ويقال للأَمة السوداء مَفْتونة لأَنها كالحَرَّةِ
في السواد كأَنها مُحْترقَة؛ وقال أَبو قَيْسِ ابنُ الأَسْلَتِ:
غِراسٌ كالفَتائِنِ مُعْرَضاتٌ،
على آبارِها، أَبداً عُطُونُ
وكأَنَّ واحدة الفَتائن فَتينة، وقال بعضهم: الواحدة فَتِينة، وجمعها
فَتِين؛ قال الكميتُ:
ظَعَائِنُ من بني الحُلاَّفِ، تَأْوي
إِلى خُرْسٍ نَواطِقَ، كالفَتِينا
(* قوله «من الحلاف» كذا بالأصل بهذا الضبط، وضبط في نسخة من التهذيب
بفتح الحاء المهملة).
فحذف الهاء وترك النون منصوبة، ورواه بعضهم: كالفِتِىنَا. ويقال: واحدة
الفِتِينَ فِتْنَةٌ مثل عِزَةٍ وعِزِينَ. وحكى ابن بري: يقال فِتُونَ في
الرفع، وفِتِين في النصب والجر، وأَنشد بيت الكميت. والفِتْنَةُ:
الإِحْراقُ. وفَتَنْتُ الرغيفَ في النار إِذا أَحْرَقْته. وفِتْنَةُ الصَّدْرِ:
الوَسْواسُ. وفِتْنة المَحْيا: أَن يَعَْدِلَ عن الطريق. وفِتْنَةُ
المَمات: أَنْ يُسْأَلَ في القبر. وقوله عزَّ وجل: إِنَّ الذين فَتَنُوا
المؤْمنين والمؤْمناتِ ثم لم يتوبوا؛ أَي أَحرقوهم بالنار المُوقَدَةِ في
الأُخْدُود يُلْقُون المؤْمنين فيها ليَصُدُّوهم عن الإِيمان. وفي حديث
الحسن: إِنَّ الذين فتنوا المؤْمنين والمؤْمِنات؛ قال: فَتَنُوهم بالنار أَي
امْتَحَنُوهم وعذبوهم، وقد جعل الله تعالى امْتِحانَ عبيده المؤمنين
بالَّلأْواءِ ليَبْلُوَ صَبْرَهم فيُثيبهم، أَو جَزَعَهم على ما ابْتلاهم به
فَيَجْزِيهم، جَزاؤُهم فِتْنةٌ. قال الله تعالى: أَلم، أَحَسِبَ الناسُ
أَن يُتْرَكُوا أَن يقولوا آمنَّا وهم لا يُفْتَنُونَ؛ جاءَ في التفسير:
وهم لا يُبْتَلَوْنَ في أَنفسهم وأَموالهم فيُعْلَمُ بالصبر على البلاء
الصادقُ الإِيمان من غيره، وقيل: وهم لا يُفْتَنون وهم لا يُمْتَحَنُون بما
يَبِينُ به حقيقة إِيمانهم؛ وكذلك قوله تعالى: ولقد فَتَنَّا الذين من
قبلهم؛ أَي اخْتَبَرْنا وابْتَلَيْنا. وقوله تعالى مُخْبِراً عن
المَلَكَيْنِ هارُوتَ ومارُوتَ: إِنما نحن فِتْنَةٌ فلا تَكْفُر؛ معناه إِنما نحن
ابتلاءٌ واختبارٌ لكم. وفي الحديث: المؤمن خُلِقَ مُفَتَّناً أَي
مُمْتَحَناً يمتَحِنُه الله بالذنب ثم يتوب ثم يعود ثم يتوب، من فَتَنْتُه إِذا
امْتَحنْتَه. ويقال فيهما أَفْتَنْتُه أَيضاً، وهو قليل: قال ابن
الأَثير: وقد كثر استعمالها فيما أَخرجه الاخْتِبَار للمكروه، ثمَّ كَثُر حتى
استعمل بمعنى الإِثم والكفر والقتال والإِحراق والإِزالة والصَّرْفِ
عن الشيء. وفَتَّانَا القَبْرِ: مُنْكَرٌ ونَكِيرٌ. وفي حديث الكسوف:
وإِنكم تُفْتَنُونَ في القبور؛ يريد مُساءَلة منكر ونكير، من الفتنةِ
الامتحان، وقد كثرت استعاذته من فتنة القبر وفتنة الدجال وفتنة المحيا والممات
وغير ذلك. وفي الحديث: فَبِي تُفْتَنونَ وعنِّي تُسْأَلونَ أَي
تُمْتَحَنُون بي في قبوركم ويُتَعَرَّف إِيمانُكم بنبوَّتي. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: أَنه سمع رجلاً يتعوَّذ من الفِتَنِ فقال: أَتَسْأَلُ رَبَّك
أَن لا يَرْزُقَك أَهْلاً ولا مالاً؟ تَأَوَّلَ قوله عزَّ وجل: إِنما
أَموالكم وأَولادُكم فِتْنَة، ولم يُرِدْ فِتَنَ القِتالِ والاختلافِ. وهما
فَتْنَانِ أَي ضَرْبانِ ولَوْنانِ؛ قال نابغة بني جَعْدة:
هما فَتْنَانِ مَقْضِيٌّ عليه
لِسَاعَتِه، فآذَنَ بالوَداعِ
الواحد: فَتْنٌ؛ وروى أَبو عمرو الشَّيْبانيّ قول عمر بن أَحمر
الباهليّ:إِمّا على نَفْسِي وإِما لها،
والعَيْشُ فِتْنَان: فَحُلْوٌ ومُرّ
قال أَبو عمرو: الفِتْنُ الناحية، ورواه غيره: فَتْنانِ، بفتح الفاء،
أَي حالان وفَنَّانِ، قال ذلك أَبو سعيد قال: ورواه بعضهم فَنَّانِ أَي
ضَرْبانِ. والفِتانُ، بكسر الفاء: غِشاء يكون للرَّحْل من أَدَمٍ؛ قال
لبيد:فثَنَيْت كَفِّي والفِتانَ ونُمْرُقي،
ومَكانُهنَّ الكُورُ والنِّسْعانِ
والجمع فُتُنٌ.
كتم: الكِتْمانُ: نَقِيض الإعْلانِ، كَتَمَ الشيءَ يَكْتُمُه كَتْماً
وكِتْماناً واكْتَتَمه وكَتَّمه؛ قال أَبو النجم:
وكانَ في المَجْلِسِ جَمّ الهَذْرَمَهْ،
لَيْثاً على الدَّاهِية المُكَتَّمهْ
وكَتَمه إياه؛ قال النابغة:
كَتَمْتُكَ لَيْلاً بالجَمُومَينِ ساهِراً،
وهمَّيْن: هَمّاً مُسْتَكِنّاً، وظاهرا
أَحادِيثَ نَفْسٍ تشْتَكي ما يَرِيبُها،
ووِرْدَ هُمُومٍ لا يَجِدْنَ مَصادِرا
وكاتَمه إياه: ككَتَمه؛ قال:
تَعَلََّمْ، ولوْ كاتَمْتُه الناسَ، أَنَّني
عليْكَ، ولم أَظْلِمْ بذلكَ، عاتِبُ
وقوله: ولم أَظلم بذلك، اعتراض بين أَنّ وخبرِها، والاسم الكِتْمةُ.
وحكى اللحياني: إنه لحَسن الكِتْمةِ.
ورجل كُتَمة، مثال هُمَزة، إذا كان يَكْتُمُ سِرَّه. وكاتَمَني سِرَّه:
كتَمه عني. ويقال للفرَس إذا ضاق مَنْخِرهُ عن نفَسِه: قد كَتَمَ
الرَّبْوَ؛ قال بشر:
كأَنَّ حَفِيفَ مَنْخِرِه، إذا ما
كتَمْنَ الرَّبْوَ، كِيرٌ مُسْتَعارُ
يقول: مَنْخِره واسع لا يَكْتُم الرَّبو إذا كتمَ غيره من الدَّوابِّ
نفَسَه من ضِيق مَخْرَجه، وكتَمه عنه وكتَمه إياه؛ أَنشد ثعلب:
مُرَّةٌ، كالذُّعافِ، أَكْتُمها النَّا
سَ على حَرِّ مَلَّةٍ كالشِّهابِ
ورجل كاتِمٌ للسر وكَتُومٌ. وسِرٌّ كاتمٌ أَي مَكْتُومٌ؛ عن كراع.
ومُكَتَّمٌ، بالتشديد: بُولِغ في كِتْمانه. واسْتَكْتَمه الخَبَر والسِّرَّ :
سأَله كَتْمَه. وناقة كَتُوم ومِكتامٌ: لا تَشُول بذنبها عند اللَّقاح
ولا يُعلَم بحملها، كتَمَتْ تَكْتُم كُتوماً؛ قال الشاعر في وصف فحل:
فَهْوَ لجَولانِ القِلاصِ شَمّامْ،
إذا سَما فوْقَ جَمُوحٍ مِكْتامْ
ابن الأَعرابي: الكَتِيمُ الجَمل الذي لا يَرغو. والكَتِيمُ: القَوْسُ
التي لا تَنشَقُّ. وسحاب مَكْتُومٌ
(* قوله «وسحاب مكتوم» كذا في الأصل
وقد استدركها شارح القاموس على المجد، والذي في الصحاح والأساس: مكتتم): لا
رَعْد فيه. والكَتُوم أَيضاً: الناقة التي لا تَرْغُو إذا ركبها صاحبها،
والجمع كُتُمٌ؛ قال الأَعشى:
كَتُومُ الرُّغاءِ إذا هَجَّرَتْ،
وكانتْ بَقِيَّةَ ذَوْدٍ كُتُمْ
وقال آخر:
كَتُومُ الهَواجِرِ ما تَنْبِسُ
وقال الطِّرِمّاح:
قد تجاوَزْتُ بِهِلْواعةٍ
عبْرِ أَسْفارٍ كَتُومِ البُغامِ
(* قوله «عبر أسفار» هو بالعين المهملة ووقع في هلع بالمعجمة كما وقع
هنا في الأصل وهو تصحيف).
وناقة كَتُوم: لا تَرْغُو إذا رُكِبت. والكَتُومُ والكاتِمُ من
القِسِيَِّ: التي لا تُرِنُّ إذا أُنْبِضَتْ، وربما جاءت في الشعر كاتمةً، وقيل:
هي التي لا شَق فيها، وقيل: هي التي لا صَدْعَ في نَبْعِها، وقيل: هي
التي لا صدع فيها كانت من نَبْع أو غيره؛ وقال أَوس بن حجر:
كَتُومٌ طِلاعُ الكفِّ لا دُونَ مِلْئِها،
ولا عَجْسُها عَنْ مَوْضِعِ الكفِّ أَفْضَلا
قوله طِلاعُ الكَفِّ أي مِلْءٌ الكف، قال: ومثله قول الحسن أَحَبُّ
إليَّ من طِلاع الأرض ذهباً. وفي الحديث: أَنه كان اسم قَوْسِ سيدنا رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، الكَتُومَ؛ سميت به لانْخِفاضِ صوتِها إذا رُمي
عنها، وقد كتَمت كُتوماً. أَبو عمرو: كتَمَت المَزادةُ تَكْتُم كُتوماً
إذا ذهب مَرَحُها وسَيَلانُ الماءِ من مَخارِزها أَوّل ما تُسرَّب، وهي
مَزادة كَتُوم. وسِقاءٌ كَتِيم، وكتَمَ السِّقاءُ يَكْتُمُ كِتْماناً
وكُتوماً: أَمسك ما فيه من اللبن والشراب، وذلك حين تذهب عيِنته ثم يدهن
السقاءُ بعد ذلك، فإذا أَرادوا أن يستقوا فيه سرَّبوه، والتسريب: أن يصُبُّوا
فيه الماءَ بعد الدهن حتى يَكْتُمَ خَرْزُه ويسكن الماء ثم يستقى فيه.
وخَرْز كَتِيم: لا يَنْضَح الماء ولا يخرج ما فيه. والكاتِم: الخارِز، من
الجامع لابن القَزاز، وأَنشد فيه:
وسالَتْ دُموعُ العَينِ ثم تَحَدَّرَتْ،
وللهِ دَمْعٌ ساكِبٌ ونَمُومُ
فما شَبَّهَتْ إلاَّ مَزادة كاتِمٍ
وَهَتْ، أَو وَهَى مِنْ بَيْنِهنَّ كَتُومُ
وهو كله من الكَتم لأن إخفاء الخارز للمخروز بمنزلة الكتم لها، وحكى
كراع: لا تسأَلوني عن كَتْمةٍ، بسكون التاء، أي كلمة. ورجل أَكْتمُ: عظيم
البطن، وقيل: شعبان.
والكَتَمُ، بالتحريك: نبات يخلط مع الوسْمة للخضاب الأَسود. الأَزهري:
الكَتَم نبت فيه حُمرة. وروي عن أَبي بكر، رضي الله عنه، أَنه كان
يَخْتَضِب بالحِنَّاء والكَتَم، وفي رواية: يصبُغ بالحِنَاء والكَتَم؛ قال أُمية
بن أَبي الصلت:
وشَوَّذَتْ شَمْسُهمْ إذا طَلَعَتْ
بالجِلْب هِفّاً كأَنه كَتَمُ
قال ابن الأَ ثير في تفسير الحديث: يشبه أَن يراد به استعمال الكَتَم
مفرداً عن الحناء، فإن الحِناء إذا خُضِب به مع الكتم جاء أَسود وقد صح
النهي عن السواد، قال: ولعل الحديث بالحناء أَو الكَتم على التخيير، ولكن
الروايات على اختلافها بالحناء والكتم. وقال أَبو عبيد: الكَتَّم، مشدد
التاء، والمشهور التخفيف. وقال أبَو حنيفة: يُشَبَّب الحناء بالكتم ليشتدّ
لونه، قال: ولا ينبت الكتم إلاَّ في الشواهق ولذلك يَقِلُّ. وقال مرة:
الكتم نبات لا يَسْمُو صُعُداً وينبت في أَصعب الصخر فيَتَدلَّى تَدَلِّياً
خِيطاناً لِطافاً، وهو أَخضر وورقه كورق الآس أَو أصغر؛ قال الهذلي ووصف
وعلاً:
ثم يَنُوش إذا آدَ النَّهارُ له،
بَعْدَ التَّرَقُّبِ مِن نِيمٍ ومِن كَتَمِ
وفي حديث فاطمة بنت المنذر: كنا نَمتشط مع أَسماء قبل الإحرام
ونَدَّهِنُ بالمَكْتومة؛ قال ابن الأَثير: هي دُهن من أَدْهان العرب أَحمر يجعل
فيه الزعفران، وقيل: يجعل فيه الكَتَم، وهو نبت يخلط مع الوسْمة ويصبغ به
الشعر أَسود، وقيل: هو الوَسْمة.
والأَكْثَم: العظيم البطن. والأَكثم: الشبعان، بالثاء المثلثة، ويقال
ذلك فيهما بالتاء المثناة أَيضاً وسيأْتي ذكره.
ومكتوم وكَتِيمٌ وكُتَيْمة: أَسماء؛ قال:
وأَيَّمْتَ مِنَّا التي لم تَلِدْ
كُتَيْمَ بَنِيك، وكنتَ الحليلا
(* قوله «وأيمت» هذا ما في الأصل، ووقع في نسخة المحكم التي بأيدينا:
وأَيتمت، من اليتم).
أَراد كتيمة فرخم في غير النداء اضطراراً. وابنُ أُم مَكْتُوم: مؤذن
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، كان يؤذن بعد بلال لأنه كان أَعمى
فكان يقتدي ببلال. وفي حديث زمزم: أَن عبد المطلب رأَى في المنام قيل:
احْفِر تُكْتَمَ بين الفَرْث والدم؛ تُكْتَمُ: اسم بئر زمزم، سميت بذلك لأنها
كانت اندفنت بعد جُرْهُم فصارت مكتومة حتى أَظهرها عبد المطلب. وبنو
كُتامة: حي من حِمْيَر صاروا إلى بَرْبَر حين افتتحها افريقس الملك، وقيل:
كُتام قبيلة من البربر. وكُتمان، بالضم: موضع، وقيل: اسم جبل؛ قال ابن
مقبل:قد صَرَّحَ السَّيرُ عن كُتْمانَ، وابتُذِلَت
وَقعُ المَحاجِنِ بالمَهْرِيّةِ الذُّقُنِ
وكُتُمانُ: اسم ناقة.
أ: من شرطنا في هذا الكتاب أَن نرتبه كما رتب الجوهري صحاحه، وهكذا وضع
الجوهري هنا هذا الباب فقال باب الألف اللينة، لأن الألف على ضربين لينة
ومتحركة، فاللينة تسمى أَلفاً والمتحركة تسمى همزة، قال: وقد ذكرنا الهمزة
وذكرنا أَيضاً ما كانت الألف فيه منقلبة من الواو أو الياء، قال: وهذا
باب مبني على أَلفات غير منقلبات من شيء فلهذا أَفردناه. قال ابن بري :
الألف التي هي أَحد حروف المدّ واللين لا سبيل إلى تحريكها، على ذلك إجماع
النحويين، فإذا أَرادوا تحريكها ردّوها إلى أَصلها في مثل رَحَيانِ
وعَصَوانِ، وإن لم تكن منقلبة عن واو ولا ياء وأَرادوا تحريكها أَبدلوا منها همزة
في مثل رِسالة ورَسائلَ، فالهمزة بدل من الألف، وليست هي الألف لأن الألف
لا سبيل إلى تحريكها، والله أَعلم.
آ: الألف: تأْليفها من همزة ولام وفاء، وسميت أَلفاً لأنها تأْلف الحروف
كلها، وهي أَكثر الحروف دخولاً في المنطق، ويقولون: هذه أَلِفٌ
مُؤلَّفةٌ. وقد جاء عن بعضهم في قوله تعالى: أَلم، أن الألف اسم من أَسماء الله تعالى
وتقدس، والله أَعلم بما أَراد، والألف اللينة لا صَرْفَ لها إنما هي
جَرْسُ مدّة بعد فتحة، وروى الأَزهري عن أَبي العباس أَحمد بن يحيى ومحمد بن
يزيد أَنهما قالا: أُصول الأَلفات ثلاثة ويتبعها الباقيات: أَلف أَصلية
وهي في الثلاثي من الأَسماء، وأَلف قطعية وهي في الرباعي، وأَلِفٌ وصلية
وهي فيما جاوز الرباعي، قالا: فالأصلية مثل أَلِفِ أَلِفٍ وإلْفٍ وأَلْفٍ
وما أَشبهه، والقطعية مثل أَلف أَحمد وأَحمر وما أَشبهه، والوصلية مثل
أَلف استنباط واستخراج، وهي في الأفعال إذا كانت أَصلية مثل أَلف أَكَل، وفي
الرباعي إذا كانت قطعية مثل أَلف أَحْسَن، وفيما زاد عليه أَلف استكبر
واستدرج إذا كانت وصلية، قالا: ومعنى أَلف الاستفهام ثلاثة: تكون بين
الآدميين يقولها بعضهم لبعض استفهاماً، وتكون من الجَبّار لوليه تقريراً
ولعدوّه توبيخاً، فالتقرير كقوله عز وجل للمسيح: أَأَنْتَ قُلْتَ للناس؛ قال
أَحمد بن يحيى: وإنما وقع التقرير لعيسى، عليه السلام، لأَن خُصُومه كانوا
حُضوراً فأَراد الله عز وجل من عيسى أن يُكَذِّبهم بما ادّعوا عليه،
وأَما التَّوْبِيخُ لعدوّه فكقوله عز وجل: أَصطفى البنات على البنين، وقوله:
أَأَنْتُم أَعْلَمُ أَم اللهُ، أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرتها؛ وقال
أَبو منصور: فهذه أُصول الأَلفات. وللنحويين أَلقابٌ لأَلفات غيرها تعرف
بها، فمنها الأَلف الفاصلة وهي في موضعين: أَحدهما الأَلف التي تثبتها
الكتبة بعد واو الجمع ليفصل بها بين واو الجمع وبين ما بعدها مثل كَفَرُوا
وشَكَرُوا، وكذلك الأَلفُ التي في مثل يغزوا ويدعوا، وإذا استغني عنها
لاتصال المكني بالفعل لم تثبت هذه الألف الفاصلة، والأُخرى الألف التي فصلت
بين النون التي هي علامة الإناث وبين النون الثقيلة كراهة اجتماع ثلاث
نونات في مثل قولك للنساء في الأمر افْعَلْنانِّ، بكسر النون وزيادة الألف بين
النونين؛ ومنها أَلف العِبارة لأَنها تُعبر عن المتكلم مثل قولك أَنا
أَفْعَلُ كذا وأَنا أَستغفر الله وتسمى العاملة؛ ومنها الألف المجهولة مثل
أَلف فاعل وفاعول وما أَشبهها، وهي أَلف تدخل في الأفعال والأَسماء مما لا
أَصل لها، إنما تأْتي لإشباع الفتحة في الفعل والاسم، وهي إذا لَزِمَتْها
الحركةُ كقولك خاتِم وخواتِم صارت واواً لَمَّا لزمتها الحركة بسكون
الأَلف بعدها، والأَلف التي بعدها هي أَلف الجمع، وهي مجهولة أَيضاً؛ ومنها
أَلف العوض وهي المبدلة من التنوين المنصوب إذا وقفت عليها كقولك رأَيت
زيداً وفعلت خيراً وما أَشبهها؛ ومنها أَلف الصِّلة وهي أَلفٌ تُوصَلُ بها
فَتحةُ القافية، فمثله قوله:
بانَتْ سُعادُ وأَمْسَى حَبْلُها انْقَطَعا
وتسمى أَلف الفاصلة، فوصل أَلف العين بألف بعدها؛ ومنه قوله عز وجل:
وتَظُنُّون بالله الظُّنُونا؛ الألف التي بعد النون الأخيرة هي صلة لفتحة
النون، ولها أَخوات في فواصل الآيات كَقوله عز وجل: قَواريرا
وسَلْسَبِيلاً؛ وأَما فتحة ها المؤنث فقولك ضربتها ومررت بها، والفرق بين
ألف الوصل وأَلف الصلة أَن أَلف الوصل إنما اجتلبت في أَوائل الأسماء
والأفعال، وألف الصلة في أَواخر الأَسماء كما ترى؛ ومنها أَلف النون الخفيفة
كقوله عز وجل: لَنَسْفَعًا بالنَّاصِيةِ، وكقوله عز وجل: ولَيَكُوناً من
الصاغرين؛ الوقوف على لَنسفعا وعلى وَليكونا بالألف، وهذه الأَلف خَلَفٌ
من النون، والنونُ الخفيفة أَصلها الثقيلة إلا أَنها خُفّفت؛ من ذلك قول
الأعشى:
ولا تَحْمَدِ المُثْرِينَ والله فَاحْمَدا
أَراد فاحْمَدَنْ ، بالنون الخفيفة ، فوقف على الألف؛ وقال آخر:
وقُمَيْرٍ بدا ابْنَ خَمْسٍ وعِشْرِيـ
ـنَ، فقالت له الفَتاتانِ: قُوما
أَراد: قُومَنْ فوقف بالأَلف ؛ ومثله قوله :
يَحْسَبهُ الجاهِلُ ما لم يَعْلَما
شَيْخاً، على كُرْسِيِّه، مُعَمِّمَا
فنصب يَعْلم لأَنه أَراد ما لم يَعْلَمن بالنون الخفيفة فوقف بالأَلف؛
وقال أَبو عكرمة الضبي في قول امرئ القيس:
قِفا نَبْكِ مِن ذِكْرَى حَبِيبٍ ومَنْزِلِ
قال: أَراد قِفَنْ فأَبدل الأَلف من النون الخفيفة كقوله قُوما أَراد
قُومَنْ. قال أَبو بكر: وكذلك قوله عز وجل: أَلقِيَا في جَهَنَّم ؛ أَكثر
الرواية أَن الخطاب لمالك خازن جهنم وحده فبناه على ما وصفناه ، وقيل :
هو خطاب لمالك ومَلَكٍ معه، والله أَعلم؛ ومنها ألف الجمع مثل مَساجد
وجِبال وفُرْسان وفَواعِل، ومنها التفضيل والتصغير كقوله فلان أَكْرَمُ منكَ
وأَلأَمُ مِنْكَ وفلان أَجْهَلُ الناسِ ، ومنها ألف النِّداء كقولك
أَزَيْدُ ؛ تريد يا زَيْدُ، ومنها أَلف النُّدبة كقولك وازَيْداه أَعني
الأَلف التي بعد الدال ، ويشاكلها أَلف الاستنكار إذا قال رجل جاء أَبو عمرو
فيُجِيب المجيب أَبو عَمْراه، زيدت الهاء على المدّة في الاستنكار كما
زيدت في وافُلاناهْ في الندبة ، ومنها ألف التأْنيث نحو مدَّةٍ حَمْراء
وبَيْضاء ونُفَساء، ومنها أَلف سَكْرَى وحُبْلَى، ومنها أَلف التَّعايِي وهو
أَن يقول الرجل إن عُمر، ثم يُرْتَجُ عليه كلامُه فيقف على عُمر ويقول
إن عُمرا، فيمدها مستمداً لما يُفتح له من الكلام فيقول مُنْطَلِق، المعنى
إنَّ عمر منطلق إذا لم يَتعايَ، ويفعلون ذلك في الترخيم كما يقول يا
عُما وهو يريد يا عُمر، فيمدّ فتحة الميم بالأَلف ليمتدّ الصوت؛ ومنها ألفات
المدَّات كقول العرب لِلْكَلْكَلِ الكَلْكال، ويقولون للخاتَم خاتام،
وللدانَق داناق. قال أَبو بكر: العرب تصل الفتحة بالألف والضمة بالواو
والكسرة بالياء؛ فمِنَ وَصْلِهم الفتحة بالألف قولُ الراجز:
قُلْتُ وقد خَرَّتْ علَى الكَلْكَالِ: * يا ناقَتِي ما جُلْتِ عن مَجالِي
أَراد: على الكَلْكَلِ فَوَصَل فتحة الكاف بالألف، وقال آخر:
لَها مَتْنَتانِ خَظاتا كما
أَرادَ: خَظَتا ؛ ومِن وصلِهم الضمةَ بالواو ما أَنشده الفراء:
لَوْ أَنَّ عَمْراً هَمَّ أَنْ يَرْقُودا، * فانْهَضْ فَشُدَّ المِئزَرَ المَعْقُودا
أراد: أن يَرْقُدَ، فوصل ضمة القاف بالواو؛ وأَنشدَ أَيضاً:
اللهُ يَعْلَمُ أَنَّا في تَلَفُّتِنا، * يَومَ الفِراقِ، إلى إخْوانِنا صُورُ
(* قوله « إخواننا» تقدّم في صور: أحبابنا ، وكذا هو في المحكم.)
وأَنَّنِي حَيْثُما يَثْني الهَوَي بَصَرِي، * مِنْ حَيْثُما سَلَكُوا، أَدْنو فأَنْظُورُ
أَراد: فأَنْظُرُ ؛ وأَنشد في وَصْلِ الكسرة بالياء :
لا عَهْدَ لِي بِنِيضالِ ، * أَصْبحْتُ كالشَّنِّ البالِي
أَراد: بِنِضال ؛ وقال:
علَى عَجَلٍ مِنِّي أُطَأْطِئُ شِيمالِي
أَراد: شِمالِي، فوصل الكسرة بالياء ؛ وقال عنترة:
يَنْباعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرةٍ
أراد: يَنْبَعُ ؛ قال: وهذا قول أَكثر أهل اللغة، وقال بعضهم:
يَنْباعُ يَنْفَعِل من باعَ يَبُوع، والأول يَفْعَلُ مِن نَبَعَ يَنْبَعُ؛ ومنها
الألف المُحوَّلة، وهي كل ألف أصلها الياء والواو المتحركتان كقولك قال
وباعَ وقضى وغَزا وما أشبهها؛ ومنها ألف التثنية كقولك يَجْلِسانِ
ويَذْهَبانِ، ومنها ألف التثنية في الأسماء كقولك الزَّيْدان والعَمْران . وقال
أَبو زيد: سمعتهم يقولون أَيا أَياه أَقبل ، وزنه عَيا عَياه. وقال
أَبو بكر ابن الأَنباري: أَلف القطع في أَوائل الأَسماء على وجهين :
أَحدهما أَن تكون في أَوائل الأَسماء المنفردة ، والوجه الآخر أَن تكون في
أَوائل الجمع، فالتي في أَوائل الأَسماء تعرفها بثباتها في التصغير بأَن
تمتحن الأَلف فلا تجدها فاء ولا عيناً ولا لاماً، وكذلك فحَيُّوا بأَحسن
منها، والفرق بين أَلف القطع وألف الوصل أن أَلف الوصل فاء من الفعل، وألف
القطع ليست فاء ولا عيناً ولا لاماً ، وأَما ألف القطع في الجمع فمثل
أَلف أَلوان وأزواج، وكذلك أَلف الجمع في السَّتَهِ، وأَما أَلفات الوصل في
أَوائل الأَسماء فهي تسعة: أَلفَ ابن وابنة وابنين وابنتين وامرئ
وامرأَة واسم واست فهذه ثمانية تكسر الأَلف في الابتداء وتحذف في الوصل،
والتاسعة الألف التي تدخل مع اللام للتعريف ، وهي مفتوحة في الابتداء ساقطة في
الوصل كقولك الرحمن ، القارعة ، الحاقَّة، تسقط هذه الألفات في الوصل
وتنفتح في الابتداء . التهذيب: وتقول للرجل إذا ناديته: آفلان وأَفلان وآ
يا فلان ، بالمد ، والعرب تزيد آ إذا أَرادوا الوقوف على الحرف المنفرد ؛
أَنشد الكسائي:
دَعا فُلانٌ رَبَّه فَأَسْمَعا
(* قوله «دعا فلان إلخ» كذا بالأصل ، وتقدم في معي: دعا كلانا .)
بالخَيْرِ خَيْراتٍ ، وإِنْ شَرًّا فآ،
ولا أُرِيدُ الشَّرَّ إلا أَنْ تَآ
قال: يريد إلا أَن تشاء، فجاء بالتاء وحدها وزاد عليها آ، وهي في لغة
بني سعد، إلا أَن تا بأَلف لينة ويقولن أَلا تا، يقول : أَلا تَجِيء،
فيقول الآخر: بَلَى فَا أَي فَاذْهَبْ بنا، وكذلك قوله وإن شَرًّا فَآ،
يريد: إن شَرًّا فَشَرٌّ. الجوهري: آ حرف هجاء مقصورة موقوفة ، فإن
جعلتها اسماً مددتها ، وهي تؤنث ما لم تسم حرفاً، فإذا صغرت آية قلت أُيَيَّة
، وذلك إذا كانت صغيرة في الخط، وكذلك القول فيما أَشبهها من الحروف ؛
قال ابن بري: صواب هذا القول إذا صغرت آء فيمن أَنث قلت أُيية على قول
من يقول زَيَّيْتُ زاياً وَذَيَّلْتُ ذالاً، وأَما على قول من يقول
زَوَّيْتُ زَاياً فإنه يقول في تصغيرها أُوَيَّة، وكذلك تقول في الزاي
زُوَيَّة.
قال الجوهري في آخر ترجمة أَوا: آء حرف يمد ويقصر ، فإذا مَدَدْتَ
نوَّنت، وكذلك سائر حروف الهجاء ، والأَلف ينادى بها القريب دون البعيد ،
تقول: أَزَيْدُ أَقبِل، بأَلف مقصورة والأَلف من حروف المدّ واللين ، فاللينة
تسمى الأَلف ، والمتحركة تسمى الهمزة ، وقد يتجوز فيها فيقال أَيضاً
أَلف، وهما جميعاً من حروف الزَّيادات ، وقد تكون الألف ضمير الأثنين في
الأفعال نحو فَعَلا ويَفْعَلانِ ، وعلامةَ التثنية في الأَسماء ، ودَليلَ
الرفع نحو زيدان ورجُلان، وحروف الزيادات عشرة يجمعها قولك :«اليوم
تَنْساه» وإذا تحرّكت فهي همزة، وقد تزاد في الكلام للاستفهام ، تقول: أَزَيْدٌ
عندك أَم عَمْرو، فإن اجتمعت همزتان فَصَلْتَ بينهما بأَلف ؛ قال ذو
الرمة:
أَبا ظَبْيةَ الوَعْساء بَيْنَ جُلاجِلٍ
وبيْنَ النَّقا ، آ أَنْتِ أَمْ أُمُّ سالِمِ؟
قال: والأَلف على ضربين أَلف وصل وأَلف قطع، فكل ما ثبت في الوصل، فهو
زلف القطع، وما لم يثبت فهو ألف الوصل، ولا تكون إلا زائدة، وألف القطع
قد تكون زائدة مثل ألف الاستفهام، وقد تكون أَصلية مثل أَخَذَ وأَمَرَ ،
والله أَعلم .