Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: جودة

يَجُودَةُ

يَــجُودَةُ:
موضع في بلاد تميم، قال جرير يهجو ربيعة الجوع:
ألا تسألان الجوّ جوّ متالع: ... أما برحت بعدي يــجودة والقصر؟
أقول وذاكم للعجيب الذي أرى: ... أمال بن مال ما ربيعة والفخر
فصبرا على ذلّ ربيع بن مالك، ... وكلّ ذليل خير عادته الصبر
وأكثر ما كانت ربيعة أنها ... خباءان شتّى لا أنيس ولا قفر
وقال عبدة بن الطبيب:
لولا يــجودة والحيّ الذين بها ... أمسى المزالف لا تذكو بها نار

جودة الفهم

جودة الفهم: صحة الانتقال من الملزومات إلى اللوازم.
جودة الفهم:
[في الانكليزية] Good understanding
[ في الفرنسية] Bonne comprehension
صحة الانتقال من الملزومات إلى اللوازم كذا في اصطلاحات السيّد الجرجاني.

جود

ج و د : جَادَ الرَّجُلُ يَجُودُ مِنْ بَابِ قَالَ جُودًا
بِالضَّمِّ تَكَرَّمَ فَهُوَ جَوَادٌ وَالْجَمْعُ أَجْوَادٌ وَالنِّسَاءُ جود وَجَادَ بِالْمَالِ بَذَلَهُ وَجَادَ بِنَفْسِهِ سَمَحَ بِهَا عِنْدَ الْمَوْتِ وَفِي الْحَرْبِ مُسْتَعَارٌ مِنْ ذَلِكَ وَجَادَ الْفَرَسُ جَوْدَةً بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ فَهُوَ جَوَادٌ وَجَمْعُهُ جِيَادٌ وَجَادَتْ السَّمَاءُ جَوْدًا بِالْفَتْحِ أَمْطَرَتْ وَأَمَّا جَادَ الْمَتَاعُ يَجُودُ فَقِيلَ مِنْ بَابِ قَالَ أَيْضًا وَقِيلَ مِنْ بَابِ قَرُبَ وَالْــجَوْدَةُ مِنْهُ بِالضَّمِّ وَالْفَتْحِ فَهُوَ جَيِّدٌ وَجَمْعُهُ جِيَادٌ وَاخْتُلِفَ فِيهِ فَقِيلَ أَصْلُهُ جَوِيدٌ وِزَانُ كَرِيمٍ وَشَرِيفٍ فَاسْتُثْقِلَتْ الْكَسْرَةُ عَلَى الْوَاوِ فَحُذِفَتْ فَاجْتَمَعَتْ الْوَاوُ وَهِيَ سَاكِنَةٌ وَالْيَاءُ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً وَأُدْغِمَتْ فِي الْيَاءِ وَقِيلَ أَصْلُهُ فَيْعِلٌ بِسُكُونِ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْأَصْلُ جَيْوِدٌ وَقِيلَ بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْكُوفِيِّينَ لِأَنَّهُ لَا يُوجَدُ فَيْعِلٌ بِكَسْرِ الْعَيْنِ فِي الصَّحِيحِ إلَّا صَيْقِلُ اسْمُ امْرَأَةٍ وَالْعَلِيلُ مَحْمُولٌ عَلَى الصَّحِيحِ فَتَعَيَّنَ الْفَتْحُ قِيَاسًا عَلَى عَيْطَلٍ وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَهُ.

وَأَجَادَ الرَّجُلُ إجَادَةً أَتَى بِالْجَيِّدِ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ. 
(جود) الْفرس فِي عدوه جاد وَالشَّيْء أجاده
الجود: صفة، هي مبدأ إفادة ما ينبغي لا بعوض، فلو وهب واحد كتابه من غير أهله، أو من أهله، لغرض دنيوي أو أخروي، لا يكون جودًا. 
جود
قال تعالى: وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِ [هود/ 44] ، قيل: هو اسم جبل بين الموصل والجزيرة، وهو في الأصل منسوب إلى الجود، والجود: بذل المقتنيات مالا كان أو علما، ويقال: رجل جَوَاد، وفرس جواد، يجود بمدّخر عدوه، والجمع: الجِيَاد، قال تعالى: بِالْعَشِيِّ الصَّافِناتُ الْجِيادُ [ص/ 31] ، ويقال في المطر الكثير: جَوْد، ووصف تعالى بالجواد. وفي الفرس جَوْدَة، وفي المال جود، وجَادَ الشيء جَوْدَة، فهو جَيِّد، لمّا نبّه عليه قوله تعالى: أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى [طه/ 50] .

جود


جَادَ (و)(n. ac. جَوْدَة
جُوْدَة)
a. Was good, excellent; was copious, abundant.
b. Was fleet, swift (horse).
c. Overcame, overpowered.
d.(n. ac. جُوْد) ['Ala], Was liberal, generous, bountiful.
e.(n. ac. جَوْد
جُوُوْد), Poured forth water (cloud); ran with
tears (eye).
جَوَّدَa. Made good, excellent.

جَاْوَدَa. Vied with in goodness, generosity &c.

أَجْوَدَ
(a. ا
or
و ), Made good, approvable.
b. Did or spoke well.

تَجَوَّدَa. Deemed good, choice.
b. Was dainty, refined.

إِسْتَجْوَدَa. Deemed good, excellent.
b. Appealed to the goodness, generosity of.

جَوْدa. Copious, abundant rain.

جَوْدَةa. see 24
جُوْدa. Liberality, generosity.

جُوْدَةa. Goodness, excellence, superiority.

أَجْوَدُ
(pl.
أَجَاْوِدُ)
a. Better, best, more excellent.
b. More liberal.

جَوَاْد
(pl.
جُوْد
أَجَاْوِدُ
أَجْوَاْد جُوَدَآءُ
أَجَاْوِيْدُ)
a. Liberal, generous, bountiful.
b. (pl.
جِيَاد
[جِوَاْد I]
أَجْيَاد [] ), Fleet, swift (
horse ).
جُوَاْدa. Thirst.
b. Drowsiness.

أَجَاْوِيْدُa. The principal men, the heads ( of a tribe).
جَيِّ [] (pl.
جِيَاد [] )
a. Good, goodly, excellent.

جَيّدًا
a. Well, excellently.
ج و د: شَيْءٌ (جَيِّدٌ) وَالْجَمْعُ (جِيَادٌ) وَ (جَيَائِدُ) بِالْهَمْزَةِ عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ. وَ (جَادَ) بِمَالِهِ يَجُودُ (جُودًا) فَهُوَ (جَوَادٌ) وَقَوْمٌ (جُودٌ) بِوَزْنِ هُودٍ وَ (أَجْوَادٌ) بِالْفَتْحِ وَ (أَجَاوِدُ) بِوَزْنِ مَسَاجِدَ وَ (جُوَدَاءُ) بِوَزْنِ فُقَهَاءَ، وَكَذَا امْرَأَةٌ (جَوَادٌ) وَنِسْوَةٌ (جُودٌ) أَيْضًا وَجَادَ الشَّيْءُ يَجُودُ (جَوْدَةً) بِفَتْحِ الْجِيمِ وَضَمِّهَا أَيْ صَارَ جَيِّدًا. وَ (الْجُودِيُّ) جَبَلٌ بِأَرْضِ الْجَزِيرَةِ اسْتَوَتْ عَلَيْهِ سَفِينَةُ نُوحٍ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ. وَقَرَأَ الْأَعْمَشُ: «وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِي» بِتَخْفِيفِ الْيَاءِ. وَ (أَجَادَ) الشَّيْءَ (فَجَادَ) وَ (جَوَّدَهُ) أَيْضًا (تَجْوِيدًا) . وَشَاعِرٌ (مِجْوَادٌ) بِالْكَسْرِ أَيْ يُجِيدُ كَثِيرًا. وَ (أَجَادَ)
النَّقْدَ أَعْطَاهُ (جِيَادًا) وَ (اسْتَجَادَهُ) عَدَّهُ جَيِّدًا. وَ (الْجِيدُ) الْعُنُقُ وَالْجَمْعُ (أَجْيَادٌ) . 
(جود) - في حَدِيثِ أبِي الدَّرْدَاءِ، رَضِي الله عنه: "التَّسْبِيح أَفضَلُ من الحَمْل على عِشْرِين جَوادًا".
الجَوادُ: الفَرسُ الجَيِّد العَدْو الذي يَبذُل ما عِنْدَه من السَّير من غير إكْراه، والجمع أَجوادٌ وجِيادٌ وجُودٌ، والمَصْدر من فِعْلِه الــجُودَة بالضَّمِّ.
- ومنه حَدِيثُ الصِّراطِ: "ومِنهُم مَنْ يَمُرّ كأَجاوِيِد الخَيْل". جَمْع: أَجْواد.
- في الحَدِيثِ: "فإذا ابنُه إبراهيمُ عَلَيْهما الصَّلاةُ والسَّلام يَجُود بنَفسِه".
: أي يُرِيدُ أن يَدْفَعَها، كما يَدْفَع الِإنسانُ مَالَه يَجُود به: أي أنَّه كَانَ في النَّزْع وسِياقَةِ المَوتِ. - في حَدِيثِ عَبدِ اللهِ بنِ سَلامَ، رضي الله عنه: "فإذا أَنَا بجَوادَّ" .
هذا من بَابِ المُضَاعَف، وإِن كان لَفظُه يُشبِه أَلفَاظَ هذا البَابِ، وقد تَقدَّم ذِكْرهُ في (جدد).
- في حديث سُلَيْمَان بنِ صُرَد: "فسرت إليه جَوادًا" .
: أي سَرِيعًا كالفَرسِ الجَوادِ. ــويجوز أن يُرِيد به سَيْراً جَوادًا، كما يقال: سِرنَا عَقَبةً جَوادًا، وعَقَبَتَيْن جَوادَيْن.
- في صِفَة مَكَّة: "وقَدْ جِيدُوا".
: أَصابَهم الجَوْدُ.
- في حَدِيثٍ: "تَجَوَّدْتُها لَكَ"
: أي تَخَيَّرت الأَجودَ مِنْها.
ج و د

جاد فلان جوداً، وجادت السماء جوداً، وجاد المتاع جودة، وجاد الفرس جودة. وجيد الرجل جواداً: عطش. ورجل جواد من قوم أجواد وأجاويد وجود. قال:

ففيهن فضل قد عرفنا مكانه ... فهن به جود وأنتم به بخل

وروض مجود: ممطور، وأصابته تجاويد من المطر. ومتاع جيد وأمتعة جياد. واستجدت الشيء وتجودته: تخيرته وطلبت أن يكون جيداً. وتجود في صنعته: تنوق فيها. وأجاد الشيء وجوده، وأحسن فيما فعل وأجاد، وصانع مجيد ومجواد. وعن النضر: أنشدني رجل رجزاً فقلت: أجاد والله، فقال: إنه كان مجواداً. وهم مجاويد. وأجدتك ثوباً: أعطيتكه جيداً. وهم يتجاودون الحديث: ينظرون أيهم أجود حديثاً. وجود في عدوه وعدا عدواً جواداً. وسرنا عقبة جواداً وعقبتين جوادين، وعقباً أجواداً وجياداً أي بعيدة طويلة. وفرس جواد من خيل جياد. وأجاد فلان: صار له فرس جواد، وهو مجيد من قوم مجاويد. قال:

وأبرح ما أدام الله قومي ... بحمد الله منتطقاً مجيداً

وأجادت فلانة: ولدت ولداً جواداً. وبت مجوداً أي عطشان.

ومن المجاز: إني لأجاد إلى لقائك، وإنه ليجاد إلى فلانة: يشتاق إليها كما تقول: يظمأ. وإنما قيل: جيد، ذهاباً إلى التفاؤل كقولهم للمهلكة مفازة. وفلان جيد: عطش. وجيد: غيث. ويجود بنفسه أي يسوق. وقال لبيد:

ومجود من صبابات الكرى ... عاطف النمرق صدق المبتذل

أي إذا ابتذل في السفر وجد صلباً.
[جود] فيه: باعده الله من النار سبعين خريفاً للمضمر "المجيد" أي صاحب الجواد وهو الفرس السابق الجيد نحو رجل مقو ومضعف أي صاحب دابة قوية أو ضعيفة. ومنه ح الصراط: منهم من يمر "كأجاويد" الخيل، هي جمع أجواد جمع جواد. ك: فناج مسلم بفتح لام مشددة. نه ومنه ح: التسبيح أفضل من الحمل على عشرين "جواداً". وح: فسرت إليه "جواداً" أي سريعاً كالفرس الجواد، أو سيراً جواداً كما يقال: سرنا عقبة جواداً، أي بعيدة. وفيه: فلم يأت أحد إلا حدث "بالجود". ك: بفتح جيم. نه: أي المطر الواسع، جادهم المطر يجودهم جوداً. ومنه ح: تركت أهل مكة وقد "جيدوا" أي مطروا مطراً جوداً. وفيه: "يجود" بنفسه، أي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإنسان ماله يجود به، يريد أنه في النزع وسياق الموت. وفيه: "تجودتها" لك، أي تخيرت الأجود منها. وفي ح ابن سلام: فإذا أنا "بجواد" جمع جادة وهي معظم الطريق وذكره هنا لظاهره. ك: وكان "أجود" ما يكون
[جود] شئ جيد على فيعل، والجمع جِيادٌ وجَيائِدُ بالهمز على غير قياس. والجود: المطر العزيز. تقول: جاد المطر جَوْداً فهو جائد، والجمع جود مثل صاحب وصحب. وهاجت لنا سماءٌ جَوْدٌ، ومُطِرنا مَطْرَتَيْنِ جَوْدَينِ. وقد جيدَت الأرضُ، فهي مَــجودَةٌ قال الراجز: رعيتها أكرم عود عودا * الصل والصفصل واليعضيدا * والخازباز السنم المجودا

وجادَ الرجُلُ بمالِه يجود جوداً بالضم، فهو جَوادٌ. وقَوْمٌ جودٌ، مثل قذالٍ وقَذَلٍ - وإنما سكنت الواو لأنها حرف علة - وأجواد وأجاود وجُوَداء. وكذلك امرأة جوادٌ ونسوةٌ جودٌ مثل نوارٍ ونورٍ. قال الشاعر، أبو شهاب الهُذَليّ:

صَنَاعٌ بإِشْفاها حَصَانٌ بشَكرِها ... جوادٌ يقوت البطن والعِرقُ زاخرُ.

وتقول: سِرْنا عُقْبَةً جَواداً، أي بعيدة، وعُقْبَتَين جوادِيْنِ، وعُقُباً جِياداً.

وجادَ الفرسُ، أي صار رائعاً، يَجُودُ جُودةً بالضم، فهو جوادٌ للذكر والاثنى، من خيل جياد وأجياد وأجاويد.

وأجياد: جبل بمكة، سمى بذلك لموضع خيل تبع، وسمى قيعقعان لموضع سلاحه. وجاد الشئ جودة وجودة، أي صار جَيِّداً. وجادَ بنفسه عند الموت يجود جؤودا . والجُواد، بالضم: العطش. قال الباهليّ: ونصرك خاذل عنى بطئ * كأن بِكُمْ إلى خَذْلي جُوادا - تقول منه: جيدَ الرَجُلِ يُجادُ فهو مَجودٌ. والــجَوْدَةُ: العَطْشة. قال ذو الرُمَّة: تَظَلُّ تُعاطِيهِ إذا جِيدَ جودة * رضابا كطعم الرنجبيل المعسل - والجودى: جبل بأرض الجزيرة استوت عليه سفينة نوح عليه السلام. وقرأ الاعمش:

(واستوت على الجودى) * بإرسال الياء، وذلك جائز للتخفيف، أو يكون سمى بفعل الانثى، مثل حطى، ثم أدخل عليه الالف واللام، عن القراء. وأجادَ الرَجُل، إذا كانَ معه فرس جواد. وأجدت الشئ فجاد. والتجويد مثله. وقد قالوا: أجْوَدْتُ كما قالوا: أطال وأَطْوَلَ، وأحال وأحْوَلَ، وأطاب وأَطْيَبَ، وأَلانَ وأَلْيَنَ، على النُقْصان والتمام. وشاعِرٌ مِجْوادٌ، أي مُجيدٌ كثيراً. وأَجَدْتُهُ النَقْدَ: أعطيته جيادا. واستجدت الشئ: عددته جَيِّداً. وجاوَدْتُ الرَجُلَ من الجودِ، كما تقول: ماجدته من المجد. والجيد: العنق، والجمع أجياد. والجَيَد بالتحريك: طول العُنُق وحُسْنُه: رجلٌ أَجْيَدُ، وامرأة جَيْداءُ، والجمع جود. والجادى: الزعفران، وقال الشاعر كُثَيِّرٌ: يُباشِرْنَ فأرَ المِسْكِ في كلِّ مَهْجَعٍ ويُشْرِقُ جاديُّ بهنَّ مفيد أي مدوف.
جود
جادَ1 يَجود، جُدْ، جَوْدةً وجُودةً، فهو جَيِّد
• جادَ العَمَلُ: حسُن، علا مستواه "العمل في غاية الــجودة والإتقان- جاد المتاعُ: صار جيدًا نفيسًا".
• جادَ الرَّجُلُ: أتى بالحسن من القول أو الفعل "شخصٌ جيِّد". 

جادَ2/ جادَ بـ/ جادَ على يَجود، جُدْ، جُودًا، فهو جَواد، والمفعول مجود
• جادَ جارَه: فاقه في الجود والكرم.
• جادَ بنفسه/ جادَ بماله: بذلها، ضحّى بها في سبيل هدف "من جاد بعرضِه ذلّ، ومن جاد بماله جلّ- *إذا جادَت الدُّنيا عليك فجُدْ بها*".
• جادَ عليه: تكرّم عليه "يجود علينا الخيِّرون بمالهم ... ونحن بمال الخيِّرين نجُودُ". 

جادَ3 يَجود، جُدْ، جَوْدًا وجُودًا، فهو جائد
• جادَ المطرُ: كثُر، غزر "مطر جائد".
• جادَتِ العينُ: كثر دمعُها "*أعينيَّ جودا ولا تَجْمُدا*".
• جادَتِِ السَّماءُ: أمطرت "سحابة جائدة". 

جادَ في يَجود، جُدْ، جُودةً وجَوْدًا، فهو جَوَاد، والمفعول مَجُود فيه
• جادَ الفرسُ في عَدْوِه: أسرع. 

أجادَ يُجيد، أجِدْ، إجادةً، فهو مُجيد، والمفعول مُجاد (للمتعدِّي)
• أجادَ الشَّخصُ: أتى بالجيِّد من قولٍ أو عملٍ "أجاد الممثِّلُ في تأدية دوره".
• أجادَ العملَ: أتقنه، صيّره جَيِّدًا "أجاد لغةً أجنبيَّةً- كافأه على إجادته". 

استجادَ يستجيد، اسْتَجِدْ، استجادةً، فهو مُستجِيد، والمفعول مُستجَاد
• استجادَ شِعرَه: عدّه أو وجده جيِّدًا "لا يستجيد بعضُ النقاد الشِّعرَ الحرّ".
• استجادَ الشَّخصَ: طلب كرمَه وجُودَه "كان الشعراءُ قديمًا يستجيدون الخلفاءَ أو الأمراءَ". 

جوَّدَ يجوِّد، تجويدًا، فهو مُجوِّد، والمفعول مُجوَّد (للمتعدِّي)
• جوَّدَ القارئُ: أتى بالتّلاوة على وجهها الحقّ وراعى أحكامَ التّجويد في القرآن "قرأ القرآن مُجوَّدًا" ° جوَّد القرآن: رتَّله ترتيلاً.
• جوَّدَ العملَ: أتقنه وأحسن صُنْعَه "جوّد صَنْعَته/ الخَطَّ- جوَّد مواشيه: حسَّن نوعيتها عن طريق سلالة مختارة". 

إجادة [مفرد]: مصدر أجادَ. 

اسْتِجادة [مفرد]: مصدر استجادَ. 

تجويد [مفرد]:
1 - مصدر جوَّدَ.
2 - (جد) تلاوة القرآن الكريم بإعطاء كلّ حرف حقّه وصفته من همس وجهر وشدّة ورخاوة ... إلخ "درس أحكامَ التلاوة والتجويد". 

جائد [مفرد]: اسم فاعل من جادَ3. 

جَوَاد1 [مفرد]: ج أجاويدُ وأجياد وجياد:
1 - صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من جادَ في.
2 - فَرَسٌ كريم "لكلِّ
 جَوَادٍ كَبْوَة [مثل]: عَثْرة وذلل، لابُدَّ للإنسان أن يخطئ، لكلّ عالِم زلّة- {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} " ° إنّ الجَوَاد قد يعثر [مثل]: يُضرب لمن يكون الغالب عليه فعل الجميل ثم تكون منه الزَّلّة- جَوَاد الحرب: معدٌّ للحرب- جَوَاد مسرَّج: حصان مُعدٌّ للركوب- جَوَاد مغمور: مَنْ يحقِّق نجاحًا سياسيًّا غير متوقّع بوصفه مرشحا حزبيًّا. 

جَوَاد2 [مفرد]: ج أجاوِدُ وأجواد وجُود وجُوَدَاء وجُودَة: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من جادَ2/ جادَ بـ/ جادَ على. 

جَوْد [مفرد]: مصدر جادَ في وجادَ3. 

جُود [مفرد]:
1 - مصدر جادَ2/ جادَ بـ/ جادَ على وجادَ3 ° فلانٌ حليفُ جُود: كريم.
2 - (سف) صفة تحمل صاحبها على بذل ما ينبغي من الخير بغير عِوَض. 

جَوْدَة [مفرد]: ج جَوْدات (لغير المصدر) وجَوَدات (لغير المصدر):
1 - مصدر جادَ1.
2 - سلامة التّكوين وإتقان الصَّنعة "جودة العالم في حسن خُلقه" ° علامة الــجَوْدَة.
جَوْدَة الفَهْم: (سف) صحَّة الانتقال من الملزومات إلى اللّوازم. 

جُودة [مفرد]: مصدر جادَ في وجادَ1. 

جَوّاد [مفرد]: صيغة مبالغة من جادَ2/ جادَ بـ/ جادَ على: "كان حاتم الطائيُّ رجلاً جوّادًا". 

جيِّد [مفرد]: ج جَيَائد (لغير العاقل) وجياد (لغير العاقل): صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من جادَ1 ° جيِّد الرَّأي: محكمه وسديده- جيِّد النَّظم: حَسَنُ السَّبك- جيِّد جدًّا: بالغ الــجودة- دَرَجَة جيّد: درجة تُمنح للدِّلالة على حسن الأداء- دَرَجَة جيّد جدًّا: تفوق منزلة درجة جيِّد- مِنْ جيّد إلى أجود: في تحسُّن مستمر. 

مِجْواد [مفرد]: ج مجاويدُ، مؤ مِجْواد ومِجْوادَة: صيغة مبالغة من جادَ1: "رجل مِجْواد- امرأة مِجْواد/ مِجْوادَة". 

مُجيد [مفرد]: اسم فاعل من أجادَ. 

مُستجيد [مفرد]: اسم فاعل من استجادَ. 
(ج ود)

الجَيّد: نقيض الرَّدِيء، أَصله: جَيْوِد، فقلبت الْوَاو يَاء لانكسارها ومجاورتها الْيَاء، ثمَّ أدغمت الْيَاء الزَّائِدَة فِيهَا.

وَالْجمع: جِيَاد.

وجِيَادات: جمع الْجمع، أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:

كم كَانَ عِنْد بني العَوّام من حَسَب ... وَمن سيوف جِيَاداتٍ وأَرْماح

وَقد جاد جَوْدة، وأَجَاد: أَتَى بالجيد من القَوْل أَو الْفِعْل.

وَرجل مِجْواد: مُجِيد.

واستجاد الشَّيْء: وجده جَيّدا أَو طلبه جَبّدا.

وَرجل جَوَاد: سخي، وَكَذَلِكَ: الْأُنْثَى بِغَيْر هَاء.

وَالْجمع: أَجْواد، كسروا " فَعَالا " على " أَفعَال " حَتَّى كَأَنَّهُمْ إِنَّمَا كسروا " فعلا ".

واجواد الْعَرَب مذكورون فأجواد أهل الْكُوفَة: عِكْرِمَة بن ربعي، وَأَسْمَاء بن خَارِجَة، وعتاب بن أَسمَاء الريَاحي، وأجواد أهل الْبَصْرَة: عبيد الله بن أبي بكرَة ويكنى أَبَا حَاتِم وَعمر ابْن عبيد الله بن معمر التَّمِيمِي وَطَلْحَة بن عبد الله ابْن خلف الْخُزَاعِيّ، وَهَؤُلَاء أَجود من أجواد الْكُوفَة، واجواد الجاز: عبد الله بن جَعْفَر بن أبي طَالب، وَعبيد الله بن الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب وهما أَجود من أجواد أهل الْبَصْرَة. فَهَؤُلَاءِ الأجواد المشهورون، وأجواد النَّاس بعد ذَلِك كثير.

وَالْكثير: أجاوِد، على غير قِيَاس، وجُود، وجُودة. الحقوا الْهَاء للْجمع كَمَا ذهب إِلَيْهِ سِيبَوَيْهٍ فِي العمومة والخئولة.

وَقد جاد جُوداً، وَقَول سَاعِدَة:

إِنِّي لأهواها وفيهَا لامرئ ... جادَت بنائلها إِلَيْهِ مَرْغَب

إِنَّمَا عداهُ بإلى لِأَنَّهُ فِي معنى: مَالَتْ إِلَيْهِ.

واستجاده: طلب جُودَه.

وأجاده درهما: أعطَاهُ إِيَّاه.

وَفرس جَوَاد: بَين الــجُودة. وَالْأُنْثَى: جَوَاد، أَيْضا، قَالَ الشَّاعِر:

نَمَته جَوَادٌ لَا يُبَاع جَنِيُها

وَقَول ذِرْوة بن حَجفَة أنْشدهُ ثَعْلَب:

وَإنَّك إِن حُمِلْتَ على جَواد ... رَمَت بك ذاتُ غَرْزٍ أَو رِكاب

مَعْنَاهُ: إِن تزوجت لم ترض امراتك بك شبهها بالفرس أَو النَّاقة النفور كَأَنَّهَا تنفر مِنْهُ كَمَا ينفر الْفرس الَّذِي لَا يطاوع.

وتوصف الأتان بذلك، أنْشد يَعْقُوب:

إِن زَلَّ فُوه عَن جَوَاد مِئشِيرْ

أصْلق ناباه صِياحَ العُصْفورْ

وَالْجمع: جِيَاد، وَكَانَ قِيَاسه أَن يُقَال: جِواد فَتَصِح الْوَاو فِي الْجمع لتحركها فِي الْوَاحِد الَّذِي هُوَ جَوَاد كحركتها فِي طَوِيل. وَلم يسمع مَعَ هَذَا عَنْهُم جواد فِي التكسير الْبَتَّةَ فأجرَوا وَاو جِواد لوقوعها قبل الْألف مُجْرى السَّاكِن الَّذِي هُوَ وَاو ثوب وسَوْط فَقَالُوا: جِيَاد؛ كَمَا قَالُوا: حِيَاض وسياط وَلم يَقُولُوا: جِواد كَمَا قَالُوا: قِوَام وطِوَال.

وَقد جاد فِي عَدْوه، وجَوَّد، وأجْوَدَ.

وأجاد الرجل، وأجْوَد: إِذا كَانَ ذَا دابَّةٍ جواد، قَالَ الْأَعْشَى:

فمثلكِ قد لهوتُ بهَا وأَرْضٍ ... مهَامِهَ لَا يَقُود بهَا المُجِيدُ

واستجاد الْفرس: طلبه جَوَادا.

وعَدَا عَدْوا جَوَادا، وَسَار عُقْبة جَوَادا: أَي حَثِيثة.

وعُقْبتين جوادين، وعُقَبا جِيَادا: كَذَلِك.

وجاد الْمَطَر جَوْدا: وَبَلَ.

ومطر جَوْد بيّن الجَوْد: يُرْوِي كل شَيْء. وَقيل: الجَود من الْمَطَر: الَّذِي لَا مطر فَوْقه الْبَتَّةَ.

قَالَ أَبُو الْحسن: فَأَما مَا حَكَاهُ سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم: أخذتنا بالجَوْد وفَوْقَه. فَإِنَّمَا هِيَ مُبَالغَة وتشنيع، وَإِلَّا فَلَيْسَ فَوق الجَوْد شَيْء، هَذَا قَول بَعضهم.

وسماء جَود: وُصِفت بِالْمَصْدَرِ، وَفِي كَلَام بعض الاوائل: هَاجَتْ بِنَا سَمَاء فَكَانَ كَذَا.

وسحابة جَوْد: كَذَلِك، حَكَاهُ ابْن الْأَعرَابِي.

وجِيدت الأَرْض: سَقَاهَا الجَود.

قَالَ الْأَصْمَعِي: الجَوْد: أَن تُمطرَ الأرضُ حَتَّى يلتقي الثَّرَيان.

وَقَول أبي صَخْر الهذليّ:

يلاعب الريحَ بالعصرين قَسْطَلُه ... والوابِلون وتَهْتانُ التجاوِيد

يكون جمعا لَا وَاحِد لَهُ كالتعاجيب، والتعاشيب، والتباشير، وَقد يكون جمع تَجْواد.

وجادت الْعين تجود جَوْدا، وجُئُوداً: كثر دمعها. عَن اللحياني.

وحَتْف مُجيد: حَاضر. قيل: أُخذ من جَوْد الْمَطَر، قَالَ أَبُو خِرَاش:

غَدا يرتادُ فِي حَجَرات غَيْث ... فصادف نوءه حَتْفٌ مُجيدُ

وأجاده: قَتله.

وجاد بِنَفسِهِ جَوْدا، وجُئُودا: قَارب أَن يَقْضِى.

وجِيد الرجل جُوَادا: إِذا عَطش.

وَقيل الجُوَاد: جَهْد العَطَش.

والمَجُود أَيْضا: الَّذِي يُجهد من النُّعاس وَغَيره، عَن اللحياني، وَبِه فسر قَول لبيد:

ومَجُودٍ من صُبَابات الْكرَى

والجُوَاد: النُّعَاس.

وجاده النُّعَاس: غَلبه.

وجاده هَواهَا: شاقه.

وَإِنِّي لأُجَاد إِلَى الْقِتَال: أَي اشتاق.

والجُود: الْجُوع، قَالَ أَبُو خرَاش:

تكَاد يَدَاهُ تُسلمان رِدَاءَهُ ... من الجُود لمّا استقبلته الشَّمَائِل

والجُودِيّ: مَوضِع. وَقيل جَبَل. وَقَالَ الزّجاج: هُوَ جبل بآمد. وَفِي التَّنْزِيل: (واسْتَوَت على الجُودِيّ) ثمَّ قَالَ أُميَّة بن أبي الصَّلْت:

سُبْحَانَهُ ثمَّ سبحانا يعود لَهُ ... وَقَبلنَا سبَّح الجُودِيّ والجُمُدُ

وَأَبُو الجُوديّ: رجل، قَالَ: لَو قد حداهنّ أَبُو الجوديّ

بِرَجَز مُسْحَنْفِرِ الرويّ

مستوياتٍ كَنَوى البَرْني

وَقد روى " أَبُو الجوذي " بِالذَّالِ وَسَيَأْتِي ذكره.

والجُودِباء، بالنبطيَّة أَو الفارسية: الكساء، وعربه الْأَعْشَى فَقَالَ:

وبيداء تحسب آرامها ... رجالَ إياد بأَجيادها

وجَوْدان: اسْم.

جود: الجَيِّد: نقيض الرديء، على فيعل، وأَصله جَيْوِد فقلبت الواو ياء

لانكسارها ومجاورتها الياء، ثم أُدغمت الياء الزائدة فيها، والجمع جِياد،

وجيادات جمع الجمع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

كم كان عند بَني العوّامِ من حَسَب،

ومن سُيوف جِياداتٍ وأَرماحِ

وفي الصحاح في جمعه جيائد، بالهمز على غير قياس. وجاد الشيءُ جُودة

وجَوْدة أَي صار جيِّداً، وأَجدت الشيءَ فجاد، والتَّجويد مثله. وقد قالوا

أَجْوَدْت كما قالوا: أَطال وأَطْوَلَ وأَطاب وأَطْيَبَ وأَلان وأَلْيَن

على النقصان والتمام. ويقال: هذا شيء جَيِّدٌ بَيِّن الــجُودة والــجَوْدة.

وقد جاد جَوْدة وأَجاد: أَتى بالجَيِّد من القول أَو الفعل. ويقال: أَجاد

فلان في عمله وأَجْوَد وجاد عمله يَجود جَوْدة، وجُدْت له بالمال جُوداً.

ورجل مِجْوادٌ مُجِيد وشاعر مِجْواد أَي مُجيد يُجيد كثيراً. وأَجَدْته

النقد: أَعطيته جياداً. واستجدت الشيء: أَعددته جيداً. واستَجاد الشيءَ:

وجَده جَيِّداً أَو طلبه جيداً.

ورجل جَواد: سخيّ، وكذلك الأُنثى بغير هاء، والجمع أَجواد، كسَّروا

فَعالاً على أَفعال حتى كأَنهم إِنما كسروا فَعَلاً. وجاودت فلاناً فَجُدْته

أَي غلبته بالجود، كما يقال ماجَدْتُه من المَجْد. وجاد الرجل بماله

يجُود جُوداً، بالضم، فهو جواد. وقوم جُود مثل قَذال وقُذُل، وإِنما سكنت

الواو لأَنها حرف علة، وأَجواد وأَجاودُ وجُوُداء؛ وكذلك امرأَة جَواد ونسوة

جُود مثل نَوارٍ ونُور؛ قال أَبو شهاب الهذلي:

صَناعٌ بِإِشْفاها، حَصانٌ بشَكرِها،

جَوادٌ بقُوت البَطْن، والعِرْقُ زاخِر

قوله: العرق زاخر، قال ابن برّي: فيه عدّة أَقوال: أَحدها أَن يكون

المعنى أَنها تجود بقوتها عند الجوع وهيجان الدم والطبائع؛ الثاني ما قاله

أَبو عبيدة يقال: عرق فلان زاخر إِذا كان كريماً ينمى فيكون معنى زاخر أَنه

نامٍ في الكرم؛ الثالث أَن يكون المعنى في زاخر أَنه بلغ زُخارِيَّه،

يقال بلغ النبت زخاريه إِذا طال وخرج زهره؛ الرابع أَن يكون العرق هنا

الاسم من أَعرق الرجل إِذا كان له عرق في الكرم. وفي الحديث: تجَوَّدْتُها لك

أَي تخيرت الأَجود منها. قال أَبو سعيد: سمعت أَعرابيّاً قال: كنت أَجلس

إِلى قوم يتجاوبون ويتجاودون فقلت له: ما يتجاودون؟ فقال: ينظرون أَيهم

أَجود حجة.

وأَجواد العرب مذكورون، فأَجواد أَهل الكوفة: هم عكرمة بن ربعي وأَسماء

بن خارجة وعتاب بن ورقاء الرياحي؛ وأَجواد أَهل البصرة: عبيد الله بن

أَبي بكرة ويكنى أَبا حاتم وعمر بن عبدالله بن معمر التيمي وطلحة بن عبدالله

بن خلف الخزاعي وهؤلاء أَجود من أَجواد الكوفة؛ وأَجواد الحجاز: عبدالله

بن جعفر بن أَبي طالب وعبيد الله بن العباس بن عبد المطلب وهما أَجود من

أَجواد أَهل البصرة، فهؤلاء الأَجواد المشهورون؛ وأَجواد الناس بعد ذلك

كثير، والكثير أَجاود على غير قياس، وجُود وجُودة، أَلحقوا الهاء للجمع

كما ذهب إِليه سيبويه في الخؤْولة، وقد جاد جُوداً؛ وقول ساعدة:

إِني لأَهْواها وفيها لامْرِئٍ،

جادت بِنائلها إِليه، مَرْغَبُ

إِنما عداه بإِلى لأَنه في معنى مالت إِليه.

ونساء جُود؛ قال الأَخطل:

وهُنَّ بالبَذْلِ لا بُخْلٌ ولا جُود

واستجاده: طلب جوده. ويقال: جاد به أَبواه إِذا ولداه جواداً؛ وقال

الفرزدق:

قوم أَبوهم أَبو العاصي، أَجادَهُمُ

قَرْمٌ نَجِيبٌ لجدّاتٍ مَناجِيبِ

وأَجاده درهماً: أَعطاه إِياه. وفرس جواد: بَيِّنُ الــجُودة، والأُنثى

جواد أَيضاً؛ قال:

نَمَتْهُ جَواد لا يُباعُ جَنِينُها

وفي حديث التسبيح: أَفضل من الحمل على عشرين جواداً. وفي حديث سليم بن

صرد: فسرت إِليه جواداً أَي سريعاً كالفرس الجواد، ويجوز أَن يريد سيراً

جواداً، كما يقال سرنا عُقْبَةً جَواداً أَي بعيدة.

وجاد الفرس أَي صار رائعاً يجود جُودة، بالضم، فهو جواد للذكر والأُنثى

من خيل جياد وأَجياد وأَجاويد.

وأَجياد: جبل بمكة، صانها الله تعالى وشرّفها، سمي بذلك لموضع خيل تبع،

وسمي قُعَيْقِعان لموضع سلاحه. وفي الحديث: باعده الله من النار سبعين

خريفاً للمُضَمِّرِ المُجِيد؛ المجيد: صاحب الجواد وهو الفرس السابق الجيد،

كما يقال رجل مُقْوٍ ومُضْعِف إِذا كانت دابته قوية أَو ضعيفة.

وفي حديث الصراط: ومنهم من يمر كأَجاويد الخيل، هي جمع أَجواد، وأَجواد

جمع جواد؛ وقول ذروة بن جحفة أَنشده ثعلب:

وإِنك إِنْ حُمِلتَ على جَواد،

رَمَتْ بك ذاتَ غَرْزٍ أَو رِكاب

معناه: إن تزوجت لم ترض امرأَتك بك؛ شبهها بالفرس أَو الناقة النفور

كأَنها تنفر منه كما ينفر الفرس الذي لا يطاوع وتوصف الأَتان بذلك؛ أَنشد

ثعلب:

إِن زَلَّ فُوه عن جَوادٍ مِئْشِيرْ،

أَصْلَقَ ناباهُ صِياحَ العُصْفورْ

(* قوله «زل فوه» هكذا بالأصل والذي يظهر أنه زلقوه أي أنزلوه عن جواد

إلخ قرع بنابه على الأخرى مصوتاً غيظاً.)

والجمع جياد وكان قياسه أَن يقال جِواد، فتصح الواو في الجمع لتحركها في

الواحد الذي هو جواد كحركتها في طويل، ولم يسمع مع هذا عنهم جِواد في

التكسير البتة، فأَجروا واو جواد لوقوعها قبل الأَلف مجرى الساكن الذي هو

واو ثوب وسوط فقالوا جياد، كما قالوا حياض وسياط، ولم يقولوا جواد كما

قالوا قوام وطوال.

وقد جاد في عدوه وجوّد وأَجود وأَجاد الرجل وأَجود إِذا كان ذا دابة

جواد وفرس جواد؛ قال الأَعشى:

فَمِثْلُكِ قد لَهَوْتُ بها وأَرضٍ

مَهَامِهَ، لا يَقودُ بها المُجِيدُ

واستَجادَ الفرسَ: طلبه جَواداً. وعدا عَدْواً جَواداً وسار عُقْبَةً

جَواداً أَي بعيدة حثيثة، وعُيْبَتَين جوادين وعُقَباً جياداً وأَجواداً،

كذلك إِذا كانت بعيدة. ويقال: جوّد في عدوه تجويداً.

وجاد المطر جَوْداً: وبَلَ فهو جائد، والجمع جَوْد مثل صاحب وصَحْب،

وجادهم المطر يَجُودهم جَوْداً. ومطر جَوْد: بَيِّنُ الجَوْد غزيز، وفي

المحكم يروي كل شيء. وقيل: الجود من المطر الذي لا مطر فوقه البتة. وفي حديث

الاستسقاء: ولم يأْت أَحد من ناحية إِلا حدَّث بالجَوْد وهو المطر الواسع

الغزير. قال الحسن: فأَما ما حكى سيبويه من قولهم أَخذتنا بالجود وفوقه

فإِنما هي مبالغة وتشنيع، وإِلاَّ فليس فوق الجَوْد شيء؛ قال ابن سيده:

هذا قول بعضهم، وسماء جَوْد وصفت بالمصدر، وفي كلام بعض الأَوائل: هاجت

بنا سماء جَوْد وكان كذا وكذا، وسحابة جَوْد كذلك؛ حكاه ابن الأَعرابي.

وجِيدَت الأَرضُ: سقاها الجَوْد؛ ومنه الحديث: تركت أَهل مكة وقد جِيدُوا

أَي مُطِروا مَطَراً جَوْداً. وتقول: مُطِرْنا مَطْرَتين جَوْدَين. وأَرض

مَــجُودة: أَصابها مطر جَوْد؛ وقال الراجز:

والخازِبازِ السَّنَمَ المجُودا

وقال الأَصمعي: الجَوْد أَن تمطر الأَرض حتى يلتقي الثريان؛ وقول صخر

الغيّ:

يلاعِبُ الريحَ بالعَصْرَينِ قَصْطَلُه،

والوابِلُونَ وتَهْتانُ التَّجاويد

يكون جمعاً لا واحد له كالتعَّاجيب والتَّعاشيب والتباشير، وقد يكون جمع

تَجْواد، وجادت العين تَجُود جَوْداً وجُؤُوداً: كثر دمعها؛ عن

اللحياني. وحتف مُجِيدٌ: حاضر، قيل: أُخذ من جَوْدِ المطر؛ قال أَبو

خراش:غَدَا يَرتادُ في حَجَراتِ غَيْثٍ،

فصادَفَ نَوْءَهُ حَتْفٌ مُجِيدُ

وأَجاده: قتله. وجاد بنفسه عند الموت يَجُودُ جَوْداً وجو وداً: قارب

أَن يِقْضِيَ؛ يقال: هو يجود بنفسه إِذا كان في السياق، والعرب تقول: هو

يَجُود بنفسه، معناه يسوق بنفسه، من قولهم: إِن فلاناً لَيُجاد إِلى فلان

أَي يُساق إِليه. وفي الحديث: فإِذا ابنه إِبراهيم، عليه السلام، يَجُود

بنفسه أَي يخرجها ويدفعها كما يدفع الإِنسان ماله يجود به؛ قال: والجود

الكرم يريد أَنه كان في النزع وسياق الموت.

ويقال: جِيدِ فلان إِذا أَشرف على الهلاك كأَنَّ الهلاك جاده؛ وأَنشد:

وقِرْنٍ قد تَرَكْتُ لدى مِكَرٍّ،

إِذا ما جادَه النُّزَفُ اسْتَدانا

ويقال: إِني لأُجادُ إِلى لقائك أَي أَشتاق إِليك كأَنَّ هواه جاده

الشوق أَي مطره؛ وإِنه لَيُجاد إِلى كل شيءٍ يهواه، وإِني لأُجادُ إِلى

القتال: لأَشتاق إِليه. وجِيدَ الرجلُ يُجادُ جُواداً، فهو مَجُود إِذا عَطِش.

والــجَوْدة: العَطشة. وقيل: الجُوادُ، بالضم، جَهد العطش. التهذيب: وقد

جِيدَ فلان من العطش يُجاد جُواداً وجَوْدة؛ وقال ذو الرمة:

تُعاطِيه أَحياناً، إِذا جِيدَ جَوْدة،

رُضاباً كطَعْمِ الزَّنْجِبيل المُعَسَّل

أَي عطش عطشة؛ وقال الباهلي:

ونَصْرُكَ خاذِلٌ عني بَطِيءٌ،

كأَنَّ بِكُمْ إِلى خَذْلي جُواداً

أَي عطشاً.

ويقال للذي غلبه النوم: مَجُود كأَن النوم جاده أَي مطره. قال:

والمَجُود الذي يُجْهَد من النعاس وغيره؛ عن اللحياني؛ وبه فسر قول

لبيد:ومَجُودٍ من صُباباتِ الكَرى،

عاطِفِ النُّمْرُقِ، صَدْقِ المُبْتَذَل

أَي هو صابر على الفراش الممهد وعن الوطاءِ، يعني أَنه عطف نمرقه ووضعها

تحت رأْسه؛ وقيل: معنى قوله ومجود من صبابات الكرى، قيل معناه شَيِّق،

وقال الأَصمعي: معناه صبّ عليه من جَوْد المطر وهو الكثير منه.

والجُواد: النعاس. وجادَه النعاس: غلبه. وجاده هواها: شاقه. والجُود:

الجوع؛ قال أَبو خراش:

تَكادُ يَداه تُسْلِمانِ رِداءَه

من الجُود، لما استَقْبلته الشَّمائلُ

يريد جمع الشَّمال، وقال الأَصمعي: من الجُود أَي من السخاءِ. ووقع

القوم في أَبي جادٍ أَي في باطل.

والجُوديُّ: موضع، وقيل جبل، وقال الزجاج: هو جبل بآمد، وقيل: جبل

بالجزيرة استوت عليه سفينة نوح، على نبينا محمد وعليه الصلاة والسلام؛ وفي

التنزيل العزيز: واستوت على الجوديّ؛ وقرأَ الأَعمش: واستوت على الجودي،

بإِرسال الياء وذلك جائز للتخفيف أَو يكون سمي بفعل الأُنثى مثل حطي، ثم

أُدخل عليه الأَلف واللام؛ عن الفراءِ؛ وقال أُمية ابن أَبي الصلت:

سبحانه ثم سبحاناً يعود له،

وقَبلنا سبَّح الجُوديُّ والجُمُدُ

وأَبو الجُوديّ: رجل؛ قال:

لو قد حداهنْ أَبو الجُودِيّ،

بِرَجَزٍ مُسْحَنْفِرِ الرَّوِيّ،

مُبسْتَوِياتٍ كَنَوى البَرْنيّ

وقد روي أَبو الجُوديّ، بالذال، وسنذكره.

والجِودِياء، بالنبطية أَو الفارسية: الكساء؛ وعربه الأَعشى فقال:

وبَيْداءَ، تَحْسَبُ آرامَها

رِجالَ إِيادٍ بأَجْيادِها

وجَودان: اسم. الجوهري: والجاديُّ الزعفران؛ قال كثير عزة:

يُباشِرْنَ فَأْرَ المِسْكِ في كلِّ مَهْجَع،

ويُشْرِقُ جادِيٌّ بِهِنَّ مَفُيدُ

المَفِيدُ: المَدوف.

جود
: (! الجَيِّدُ، ككَيِّس: ضِدُّ الرَّديءِ) ، على فَيْعل، وأَصلُه جَيْوِد، قلبت الْوَاو يَاء لانكسارها ومجاورتها الياءَ، ثمّ أُدغِمت الياءُ الزَّائِدَة فِيهَا. (ج {جِيادٌ،} وجِياداتٌ) جمعُ الجمعِ. أَنشد ابنُ الأَعرابيّ:
كمْ كانَ عِندَ بَنِي العوّامِ مِن حسَب
وَمن سُيوفٍ {جِيَاداتٍ وأَرماحِ
(و) فِي (الصّحاح) فِي جمعه (} جَيائِدُ) بِالْهَمْز على غير قِيَاس.
( {وجاد) الشّيْءُ (} يَجُود {جُودةً) ، بالضّمّ (} وجَودَة) ، بِالْفَتْح: (صَار {جَيِّداً.} وأَجادَهُ غيْرُه) فجادَ. والتجويدُ مثْلُه.
(و) قد قَالُوا ( {أَجْوَدَهُ) ، كَمَا قَالُوا: أَطالَ وأَطْولَ، وأَطابَ وأَطْيَبَ، وأَلانَ وأَلْيَنَ، على النُّقْصَان والتَّمام. وَيُقَال هاذا شيءٌ بَيِّنُ} الــجُودةِ {والــجَوْدة.
(و) قد (جاد) } جودةً، (وأَجاد: أَتَى بالجَيِّد) من القَول أَو الفِعل. وَيُقَال أَجادَ فُلانٌ فِي عَمله {وأَجْوَدَ، وجَادَ عَملُهُ} يَجُودُ {جودَةً، وجُدْت لَهُ بِالْمَالِ} جُوداً (فَهُوَ {مِجْوادٌ) ، بِالْكَسْرِ،} ومُجِيدُ، أَي يُجِيد كثيرا. وصانعٌ مِجْوَادٌ ومُجيدٌ. وأَنشدَ رَجلٌ رجزاً فَقيل أَجاد، فَقيل إِنّه كَانَ مِجْوَاداً، وهُم {مَجَاوِيدِ.
(} واستجادَهُ: وَجَدَه) {جَيِّداً أَو عَدَّه جيِّداً (أَو طَلَبَه جيِّداً) ، وتَخيَّرَه،} كتَجَوَّده. وَفِي (الأَسَاسِ) : {وأَجَدْتُك ثَوْباً: أَعطيْتُكَه جَيِّداً:
(} والجَوَاد) ، بالفتحِ (: السَّخِيّ والسَّخِيَّة) ، أَي الذَّكر والأُنثَى سَوَاء. واستدَلُّوا بقول أَبي شِهَابٍ الهُذلّي:
صَنَاعٌ بإِشْفاها حَصَانٌ بشَكْرِهَا
{جَوَادٌ بقُوتِ البَطنِ والعِرْقُ زاخرُ
وَقيل: الجَوَاد: هُوَ الّذي يُعطِي بِلَا مَسأَلة صِيَانة للآخِذ من ذُلِّ السُّؤالِ. وَقَالَ:
وَمَا الجُودُ منْ يُعْطِي إِذا مَا سأَلْتَه
ولاكنَّ مَن يُعطِي بغَيْر سُؤال
وَقَالَ الكرمانيّ:} الجُود: إِعطاءُ مَا يَنبغِي لمن يَنبغِي. وعبارةُ غيرِه: الجُودُ صفَةٌ هِيَ مبْدأُ إِفادة مَا يَنبغِي لمن يَنْبَغِي لَا لعَوضٍ. فَهُوَ أَخصُّ من الإِحسان.
(ج {أَجْوادٌ) ، كَسَّروا فَعَالاً على أَفْعالٍ، حتَّى كأَنَّهُمْ إِنَّمَا كَسَّروا فَعَلاً.
(و) الكثيرُ (} أَجَاوِدُ) ، على غير قِيَاس، ( {وجُودٌ) بضمّتين، (كقُذُل فِي قَذَال) . وَفِي بعض النُّسخ بضمّ فَسُكُون. ونِسْوَةٌ} جُودٌ مثْل نَوَارٍ ونُورٍ. قَالَ الأَخطلُ.
وَهن بالبذْل لَا بُخْلٌ وَلَا جُودُ
وإِنّما سُكِّنت الواوُ لأَنها حرْف عِلّة ( {وجُودَاءُ) ، بضمَ ممدوداً،} وجُودةٌ أَلحقوا الهاءَ للجمْع، كَمَا ذهبَ إِليه سِيبَوَيْهٍ.
(وَقد جادَ) الرَّجلُ (جُوداً) ، بالضّمّ.
( {واستجادَه: طلَبَ} جُودَه؛ {فأَجادَهُ درْهَماً: أَعطاهُ إِيَّاه) .
(وفَرَسٌ جَوَادٌ) ، للذَّكر والأُنثَى. قَالَ:
نَمَتْهُ جَوادٌ لَا يُبَاعُ جَنينُها
(بيِّن الــجُودة، بالضّمّ) ، أَي (رائعٌ. ج} جِيَادٌ) {وأَجيادٌ،} وأَجاوِيدُ. وَفِي حَدِيث الصِّراط: (ومِنهمْ من يَمُرُّ! كأَجاوِيدِ الخيْل) . هِيَ جَمْعُ أَجْوَادٍ، وأَجْوَادٌ جمْع جَوادٍ، وَكَانَ القِيَاس أَن يُقَال جِوَادٌ، فتصحّ الْوَاو فِي الْجمع لتحرُّكها فِي الواحدِ الَّذِي هُوَ جَواد، كحرَكتها فِي طوِيل، وَلم يُسمَع مَعَ هاذا عَنْهُم جِواد فِي التكسير البتَّةَ، فأَجْروْا وَاو جَوَادٍ، لوقوعها قبل الأَلف، مُجْرَى الساكنِ الّذي هُوَ واوُ ثَوْبٍ وسوْط، فَقَالُوا جِيَاد، كَمَا قَالُوا حِياض وسياط وَلم يَقُولُوا جِوَاد كَمَا قَالُوا قوَام وطوال.
(وَقد جادَ) الفرسُ (فِي عَدْوه) : صارَ رائعاً، يَجُود (جُودةً) ، بالضّمّ، وَعَلِيهِ اقتصَر فِي (اللِّسَان) ، (وجَوْدةً) ، بِالْفَتْح، كَمَا فِي بعض النُّسخ (وجوَّدَ) تجْويداً، (وأَجْوَدَ) ، كَمَا قالُوا أَطالَ وأَطْولَ، وَقد تقدَّمَ.
(واستجادَ الفرَسَ) ، إِذا (طَلَبه جَواداً) . (و) يُقَال: (جاد، وأَجْوَدَ) ، إِذا (صَار ذَا) دابَّةٍ ( {جَوَادِ) أَو فرَسٍ جَوَاد، فَهُوَ مُجِيدٌ، من قَومٍ} مَجاوِيدَ. قَالَ الأَعشى:
فمثْلِك قد لَهَوتُ بهَا وأَرْضِ
مَهَامِهَ لَا يَقُودُ بهَا {المُجيدِ
(و) فِي حَدِيث الاستسقاءِ (وَلم يأْتِ أَحدٌ من ناحِيَةِ إِلا حَدّثَ} بالجَوْد) (الجَوْدُ: المطرُ) الواسِعُ (الغزِيرُ) . وَفِي (الْمُحكم) : الّذِي يرْوِي كلَّ شيْءٍ، (أَو) الجَوْد من الْمَطَر: (الَّذِي لَا مطر فوْقَهُ) البَتّة. (جمعُ {جائدٍ) مثْل صاحبٍ وصَحْبٍ.} وجادهم المطرُ {يجُودهم جَوْداً. ومَطر} جَوْدٌ بَيِّنُ الجوْد. قَالَ أَبو الْحسن: فأَمَّا مَا حكَى سِيبَوَيْهٍ من قَوْلهم: أَخذتْنا {بالجَوْد وفَوْقَه، فإِنما هِيَ مبالغةٌ وتشنيع، وإِلاّ فَلَيْسَ فَوق الجَوْدِ شيْءٌ، قَالَ ابْن سَيّده: هَذَا قولُ بَعضهم.
(و) سماءٌ} جَوْدٌ، وُصِفت بِالْمَصْدَرِ. وَفِي كَلام بعْضِ الأَوائل: (هَاجتْ) بِنَا (سماءٌ جوْدٌ) ، وَكَانَ كَذَا وَكَذَا وسحابةٌ جوْدٌ كذالك، حَكَاهُ ابْن الأَعرابيّ. (ومَطَرَتانِ {جَوْدانِ) .
وَقد} جِيدُوا، أَي مُطِرُوا مَطَراً {جَوْداً. (} وجِيدَت الأَرضُ) : سَقاها الجَوْدُ. وَقَالَ الأَصمعيّ: الجَوْد: أَن تُمْطَرَ الأَرضُ حتَّى يَلْتقِيَ الثَّرَيَانِ. ( {وأُجِيدَتِ) الأَرضُ كذالك، وهاذه عَن الصَّاغَانِي. (فَهِيَ} مَــجُودةٌ) . أَصابَها مَطرٌ جَوْدٌ. (و) قَولُ صخْرِ الغَيّ:
يُلاعِبُ الرِّيحَ بالعَصْرَيْنِ قَصْطَلُهُ
والوابُلُونَ وتَهْتَانُ ( {التَّجَاوِيدِ)
يكون جَمْعاً (لَا واحدَ لَهُ) ، كالتَّعَاجِيب والتّعَاشِيب والتَّبَاشير، وَقد يكون جَمْعَ} تَجْوَادٍ.
(وَجَادَت العَيْنُ) تَجُود (جَوْداً) ، بِالْفَتْح، (وجُؤُوداً) ، كقُعُودٍ، (: كَثُرَ دَمْعُهَا) ، عَن اللِّحْيَانيّ.
(و) جادَ المَريضُ (بِنَفْسِهِ) عِنْد الموْت يَجُود جَوْداً وجُؤُوداً (قَارَبَ أَن يَقْضِيَ) ، يُقَال هُوَ يَجُود بنَفْسِه، إِذا كَان فِي السِّياق. وَالْعرب تَقول: هُوَ يَجُود بنَفْسه، أَي يُخرِجها ويَدْفعها كَمَا يَدْفَع الإِنسانُ مالَه، وَهُوَ مَجاز.
(وحَتْفٌ مُجِيدٌ) ، أَي (حاضِرٌ) . وَهُوَ مَجاز، قيل أُخِذَ من جَوْدِ المَطَر. قَالَ أَبو خِراش:
غَدَا يَرْتَادُ فِي حَجَرَات غَيْثٍ
فصَادَفَ نَوْأَه حَتْفٌ مُجِيدُ
( {والجُوَادُ، كغُرابٍ: العَطَش أَو شِدَّتُه) ، قَالَ الباهليّ:
ونَصْرُك خَاذِلٌ عنِّي بَطِيءٌ
كأَنَّ بكُمْ إِلى خَذْلِي} جُوَادَا
( {والــجَوْدَة: العَطْشَةُ) . قَالَ ذُو الرُّمَّة:
تُعَاطِيهِ أَحْيَاناً وَقد جِيد جَوْدَةً
رُضَاباً كطَعْمِ الزنْجبيلِ المُعَسَّلِ
وَفِي (التَّهْذِيب) (} جِيدَ) الرّجلُ ( {يُجَادُ) جُوَاداً وجَوْدَةً (فَهُوَ} مَجُودٌ) إِذا عَطِش، أَوْ {جِيد فلانٌ إِذا أَشْرَفَ على الهَلاَكِ) ، كأَنّ الهلاكَ جادَه، قَالَ خِدَاش بن زُهَير:
تَرَكْتُ الوَاهبِيَّ لَدَى مَكَرَ
إِذا مَا جَادَه النَّزْفُ استدارَ
(و) الجُوَاد: (النُّعَاس. وجادَه الهَوَى: شاقَهُ، و) النُّعَاسُ: (غَلَبَه) ، فَهُوَ مَجودٌ، كأَنَّ النَّومَ جادَه أَي مَطَرَه. والمَجُودُ: الَّذِي يُجهَد من النُّعاس وغيرِه، عَن اللِّحْيَانيّ، وَبِه فُسِّر قَول لَبِيد:
} ومَجُودٍ من صُبَابَاتِ الكَرَى
عَاطِفِ النُّمْرُقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
وَقيل: معنَى مَجُود أَي شَيِّق. وَقَالَ الأَصمعيّ: مَعْنَاهُ صُبّ عَلَيْهِ من جَودِ المَطَر، وَهُوَ الكَثِير مِنْهُ. (و) {جَاوَدَ (فلانٌ فَلاناً) } فَجَادَه، إِذا (غَلَبَهُ {بالجُودِ) ، كَمَا يُقَال: ماجَده، من الْمجد.
(و) من الْمجَاز: (إِنِّي} لأُجَادُ إِليْكَ) أَي إِلى لِقائك، أَي (أَشْتَاق وأُسَاقُ) ، كأَنّ هَواه جادَه الشّوْقُ، أَي مَطَره. وإِنه {ليُجاد إِلى كلّ شيءٍ يَهُوله.
(والجُودُ، بالضّمّ: الجُوعُ) ، كالجُوسِ، لُغَة هُذليّة، يُقَال جُوداً لَهُ وجُوساً لَهُ. قَالَ أَبو خِراش الهُذليّ يرقي زُهَير بن العَجْوَة:
تَكَادُ يَدَاه تُسْلِمَانِ إِزارَه
من الجُودِ لمَّا استقبلَتْه الشَّمائلُ
ويُروَى (من القُرّ لمَّا اسْتَدْلَقَتْه) أَي استخَرجَته من حَيث كَانَ. والشمائلُ جمع الشَّمأَل أَيضاً: الأَريحيَّة، أَي هَزّته شمائلُه. وَقَالَ: كَاد يُعطِي إِزاره، وكَرِه أَن يَقُول أَعطَى إِزارَه فَيكون قد وصفَه بالأَفْن والجُنون. ويفسَّر الجُود أَيضاً فِي الْبَيْت بالسَّخاءِ، عَن الأَصمعيّ.
(و) الجُود: اسمُ (قَلْعَةٍ) فِي جَبَلِ شَطِبٍ، نَقله الصاغانيّ.
(} وجُودَةُ) ، بالضمّ: (وادٍ باليَمَنِ) وَالصَّوَاب أَنه قعلْتٌ فِي وادٍ بِالْيمن، كَذَا صرّحَ بِهِ أَبو عُبَيْد.
( {- والجُودِيُّ) ، بالضّمّ وَتَشْديد الياءِ: موضِع، وَقَالَ الزَّجّاج: هُوَ (جَبَلٌ) بآمِدَ وَقيل جَبَلٌ (بالجَزِيرةِ) قُرْبَ الموْصِلِ، وقِيل بالشأْم، وَقيل بالهِنْد، (اسْتَوَتْ عَلَيْهِ سَفِينةُ نُوحٍ عَلَيْهِ) وعَلى نبيِّنا أَفضلُ الصّلاة و (السَّلام) ، وَكَانَ ذالك يومَ عاشوراءَ من المحرّم. وقرأَ الأَعمش: {وَاسْتَوَتْ عَلَى} - الْجُودِيّ} (هود: 44) بإِرسال الياءِ، وذالك جَائِز للتَّخْفِيف. (و) الجُودِيُّ: (جَبَلٌ بأَجَأَ) ، وَقَالَ أُميَّة بن (أَبي) الصَّلْت:
سُبْحَانَه ثُمّ سُبحاناً يعود لَهُ
وقَبْلَنا سبَّحَ الجُوديّ والجُمُدُ (وأَبُو الجُودِيُّ: تابِعيٌّ لَا يُعرف اسْمه) وَلَا يُعرف إِلاّ بكُنْيتِه، قَالَه الصاغانيّ. (و) أَبو الجُودِيّ: كُنْية سَكَنَ وَاسِطَ، روَى عَن سَعِيدِ بن المُهَاجِر الحِمْصيّ، قَالَه المِزّيّ، قَالَ الصاغانيّ: هُوَ متأَخّر، (شَيخُ شُعْبَةَ بنِ الحَجّاج) العَتَكيّ.
( {- والجَادِيُّ: الزَّعْفَرانُ) . قَالَ كُثيِّر عزّةَ:
يُباشِرْن فأَرَ المِسْك فِي كلِّ مَهْجَعٍ
ويُشْرِقُ جادِيٌّ بِهن مَفِيدُ
أَي مَدُوف، كَذَا فِي (الصّحاح) .
(و) يُقَال: (أَجادَ) فُلانٌ (بالوَلَد) إِذا (وَلدَهُ} جَوَاداً) ، وكذَا أَجَادَ بِهِ أَبَواهُ. قَالَ الفرزدق:
قَومٌ أَبوهمْ أَبو العاصِي أَجَادَ بِهم
قَرْمٌ نجيبٌ لِجَدَّاتِ مَناجِيب
( {وتَجَاوَدُوا: نَظَرُوا أَيُّهم أَجْوَدُ حُجّةً) قَالَ أَبو سعيد: سَمعْتُ أَعرابِيًّا قَالَ: كنْتُ أَجلِس إِلَى قَوْم يَتجاوبون} ويَتَجاوَدُون. فقلْت لَهُ: مَا يَتجاوَدونَ؟ فَقَالَ: يَنظُرون أَيُّهم أَجْوَدُ حُجّةً.
( {والجُودِياءُ) ، بالضّمّ، (الكِساءُ) نَبطيّة أَو فارسيّة، وعَرّبه الأَعشى فَقَالَ:
وبَيدَاءَ تحسَبُ آرامَها
رجالَ إِيادٍ} بأَجْيَادِهَا
وأَنشد شَمِرٌ لأَبي زُبَيد الطَّائيّ فِي صِفة الأَسَدِ:
حتّى إِذا مَا رَأَى الأَبْصَارَ قد غَفَلَتْ
واجْتَابَ من ظُلْمَةٍ جُودِيَّ سَمُّورِ قَالَ: {- جُوديّ بالنبظية هِيَ جودساء أرادحبة سمور
(} وأَجادَهُ النَّقْدَ: أَعطاهُ! جِيَاداً) .
(وشاعِرٌ مِجْوَادٌ) ، أَي (مُجِيدٌ) يُجِيد كَثيراً. (والجِيدُ) ، بِالْكَسْرِ، (يائيٌّ) ، وسيأْتي ذكره قَرِيبا.
( {ويَــجُودَةُ) ، بِفَتْح التّحيّة وَضم الْجِيم: (ع ببلادِ تَمِيم) وَقد تقدّم فِي الموحّدة بدل التَّحْتِيَّة ذِكْر} بَجُودات بلفْظ الجمْع، وأَنّه موَاضِعُ فِي دِيار بني سَعْد، وربَّما قَالُوا {بَــجُودة، وَبَنُو سَعْدٍ قومٌ من تَمِيم، فتأَمَّلْ.
(وجَوُّ} جَوَادَةَ) ، بِفَتْح الجيمين: موضعٌ (ببلادِ طَيْءٍ) لبني ثُعَلَ مِنْهُم.
(و) قَوْلهم: (وَقَعُوا فِي أَبي جَادٍ، أَي بَاطِلٍ) ، عَن أَبي زيد، وَهُوَ كُنْيَة رجلٍ من مُلوك حِمْيَر، وَقد تقدَّم بَيَانه.
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
{تَجوّدْتُهَا لَك، أَي تَخَيَّرتُ الأَجودَ مِنْهَا.} وأَجْوَاد الْعَرَب مذكورون. وجاد إِليه: مالَ.
{وأَجْيَادٌ: جَبَلٌ بمكَّةَ شرّفَها الله تَعَالَى، وَيُقَال} أَجْيادِين، بِفَتْح الهمزَةِ وَكسر مِنْهُم من يُصحِّفه بالنّون، سُمِّيَ بذالك لموضِع خَيْلِ تُبّع، كَمَا سُمِّيَ قُعَيْقِعَانُ لموضِع سِلاَحه.
وعَدَا عَدْواً جَوَاداً، وسارَ عُقْبَةً جَوَاداً، أَي بَعِيدَةً حَثِيثَةً، وعُقْبتَيْنِ {جَوَادَيْن، وعُقْباً} جِياداً {وأَجْوَاداً، كذالك، إِذا كَانَت بعيدَة.
وَيُقَال:} جَوَّدَ فِي عَدْوِهِ {تَجويداً،} وأَجادَه: قَتَلَه.
{وجَوْدَانُ: اسْم.
} وتَجوّدَ فِي صَنْعته: تَنَوَّقَ فِيهَا.
{وجَوَّادٌ ككَتَّانٍ ابنُ وَديعةَ بن شَلخب الأَكبر: بطْن من حَضرموت، مِنْهُم} جَوّاد بن أَجير بن جَوّاد! - الجَوَّاديّ. {وجَوْدَانُ بن عَبد الله البصْريّ، عَن جريرِ بن حازِمٍ. وجَوْدَانُ قبيلةٌ من الجَهَاضِم.
وكسَحَابٍ: جَوَادُ بنُ عَمْرِو بن محمّد الصَّدفيّ، الَّذِي نُسِبَ إِليه سَقيفةُ جَوادٍ بمصْر، روى عَنهُ ابنُ عُمير، توفِّيَ سنة 80، ذكره ابْن يُونُس.
وَيُقَال للَّذي غَلبه النَّومُ:} مَجُودٌ، كأَنَّ النَّومَ جَادَه أَي مَطَره، قَالَ لبيد:
{ومَجُودٍ من صُبَاباتِ الكَرَى
عاطِفِ النُّمْرقِ صَدْقِ المُبْتَذَلْ
وأَبو الجُودِيّ: راجز مَشْهُور، قيل فِيهِ:
لَو قد حَدَاهُنَّ أَبو} - الجُودِيِّ
بَرَجَزٍ مُسحَنْفِرِ الرَّوِيِّ
أَنشده المبرِّد فِي كتاب مَا اتَّفَق لفظُه واختلفَ مَعْنَاهُ.
ولَيلَى بنت الجُودِيّ الَّتِي عَشِقها عبد الرحمان بن أَبي بكر الصّديق وتَزوّجها، وَله فِيهَا شِعْرٌ وخبرٌ مَشْهُور.
وأَبو البركات محمّد بن عاسر الأَجدابيّ الجُوديّ، نسب لخدْمة بدْر الدِّين جُودِي القيمديّ، أَجاز لَهُ الكاشغريّ وطبقتُه، وَهُوَ جَدّ العلاّمة مُغُلْطاي لأُمّه، نقلَه الْحَافِظ.
جود: جاد. سخا وبذل، ويقال: جاد عليه (فوك، ملر ص21) وفلانة جادت بالوصل: واصلت حبيبها (بوشر).
جَوَّد. جَوّد الأكل: أكثر منه (ألف ليلة ص273) وجَوَّد: عبر عن عواطفه بوضوح ولطف، ففي عباد (1: 43): وقد رددت الطير شجوها وجَوَّدَت طربها ولهوها.
وجَوَّد القراءة: أجادها وقرأها بوضوح (فوك).
وجَوَّد القرآن: رتله ترتيلا (كما هي العادة) (عبد الواحد ص263، المقري 1: 583، 597، ابن بطوطة 2: 6 وقد كررت فيه مرتين).
وفي كتاب الخطيب (ص28 ق): إليه انتهت الرياسة بالأندلس في صناعة العربية وتجويد القرآن. وفيه (ص30 و): تجويد القرآن والامتياز بحمله. وفيه (ص30 و): معرفة بكتاب الله وتحقيقاً لحقه وإتقاناً لتجويده ومثابرة على تعليمه.
والفعل جوَّد وحده يدل على نفس المعنى.
وكلمة التجويد وحدها تدل إذاً على فن ترتيل القرآن (برتون 1: 83، المقري 1: 500، 3: 40) والذي يتقن التجويد مُجَوِّد (المقري 1: 896، ابن بطوطة 1: 358).
وجَوّد: أجاد الغناء، ففي ابن القوطية (ص48 ق): فخاطب جاريته بَزيعة المعروفة بالإمام وكانت واحدة زمانها في التجويد بأن تغني- فاندفعت وغنت.
وذكر بعده الشعر الذي غنت به.
جاود: غالبه وتأكده (هلو). أجاد، يقال: يأكل ويجيد: أي يكثر من الأكل (بدرون ص421).
تَجوّد: ذكرت في معجم فوك بمعنى تخيّر، اختار الجيد.
استجاد: تجود، طلب الجيد (راجع لين، تاريخ البربر 1: 502، 609).
جُود: كرم، إحسان (بوشر).
وجُود: زق صغير يحمله الفارس في السفر (زيشر 22: 120).
جَوْدَة، الــجَوْدة عند الدروز: تعمق العقال منهم في أمر الدين (محيط المحيط).
جُودَة: كرم، إحسان، يقال: عمل معه جودة عظيمة أي أحسن إليه كل الإحسان (بوشر).
جواد: ذكرها ميهرن (ص27) وقال: راجع ترجيل ومعناها حذاء فلاح.
جوّاد: ذكرت في معجم فوك بدل جَواد أي كريم سخِيّ.
جُوَيد، مؤنثها جُويدة، وجمعها أجاويد، وهي عند الدروز من تعمق في أمر الدين وبلغ درجة العقال منهم (محيط المحيط).
جَيِدّ: حَسَن وتستعمل بمعنى كبير.
ففي العبدري (ص84 ق): وفي يمنه في ناحية البحر على مسافة جيدة أحساء أخرى غزير، أي على مسافة كبيرة.
وجيّد وتجمع في الجزائر على جُواد: شريف، من أشراف أصحاب السيف (دوماس حياة العرب ص150، صحاري ص83، 214، 215، 256. وقبيل ص460، وعادات ص24، سندوفال ص266، 272).
أجاد. أجاد الماء: جدول ماء يجري تحت الأرض (ألكالا) وقد كتبها (أجَيْدة ألمي) ولا يمكن أن تكون غير أجاد الماء. ولست أدري كيف يمكن أن تكون هذه ذات علاقة بالأصل جاد، كما أني لا أدري من أي أصل اشتقت.
أجْوَد: فرس أصيل (كرتاس ص159) مثل جَوَاد كما جاء في مخطوطات أخرى.
تّجْويد: (راجع جوَد).
مُجَوِّد: (راجع جوَّد).
مِجواد: فرس جواد، أصيل (معجم مسلم)

جود

1 جَادَ, aor. ـُ inf. n. جُودَةٌ and جَوْدَةٌ, It (a thing, S, or a commodity, an article of household-goods, or the like, Msb, and a work, or performance, TA) was, or became, جَيِّد [i. e. good, goodly, approvable, or excellent; the verb being the contr. of رَدُؤَ, as is implied in the A and K]: (S, A, Msb, K:) in this sense, accord. to some, of the class of قَالَ; accord. to others, of the class of قَرُبَ. (Msb.) [Also said of a man, meaning He was, or became, excellent, or egregious, in some quality; sometimes, though very rarely, in a quality that is disapproved.] b2: And جاد, (S, A, Msb, K,) of the class of قال, (Msb,) aor. as above, (S, Msb,) inf. n. جُودٌ, (S, A, Msb, K,) with damm, (S, Msb,) He was liberal, bountiful, munificent, or generous: (K:) or he affected, or constrained himself, to be generous: (Msb:) or he gave without being asked, to preserve the receiver from the ignominy of asking: (MF:) or he gave what was meet to him to whom it was meet: (El-Karmánee, TA:) or he gave what was meet to him to whom it was meet, not for a compensation; so that it has a more special signification than أَحْسَنَ. (MF.) You say, جاد بِمَالِهِ [He was liberal, &c., with his property]: (S:) or جاد بِالمَالِ he affected, or constrained himself, to be generous with the property. (Msb.) b3: Hence, (Msb,) جاد بِنَفْسِهِ, (S, Msb, K,) aor. as above, (S, A,) inf. n. جَوْدٌ (TA) and جُؤُودٌ, (S, TA,) (tropical:) He gave up his spirit, (A, Msb, TA,) at death; (S, Msb;) like as one gives away his property; said of one in the agony of death: (TA:) and (tropical:) he gave away his life, in war. (Msb.) And you say also, جَادَتْ نَفْسُهُ (assumed tropical:) [His soul, or spirit, resigned itself, or departed]. (Msb in art. نفس.) b4: جاد المَطَرُ, inf. n. جَوْدٌ, The rain was, or became, copious, or abundant. (S.) And جَادَتِ السَّمَآءُ, (A, Msb,) inf. n. جَوْدٌ, with fet-h, The sky rained. (Msb.) And جَادَتِ العَيْنُ, inf. n. جَوْدٌ and جُؤُودٌ, The eye shed many, or abundant, tears. (Lh, K.) b5: جاد said of a horse, (S, A, L, Msb, K,) aor. as above, (S,) inf. n. جُودَةٌ (S, L, Msb, K) and جَوْدَةٌ; (Msb, and some copies of the K;) and ↓ جود, (A, L, K,) inf. n. تَجْوِيدٌ; (TA;) and ↓ اجاد, (L,) and ↓ أَجْوَدَ; (L, K;) He became fleet, or swift, and excellent, (L,) صَارَ رَائِعًا, (S, L, K, *) فِى عَدْوِهِ in his running. (A, L, K.) [See an ex. in a verse cited voce دَامَ, in art. دوم.] b6: See also 4, in two places. b7: جاد إِلَيْهِ He inclined to him, or it. (TA.) A2: جادهُ He overcame him in liberality, bounty, munificence, or generosity. (K.) See 3. b2: جَادَهُمْ, aor. ـُ inf. n. جَوْدٌ, It (rain) rained, or descended, upon them copiously, or abundantly. (L.) And جِيدُوا They were rained upon with a copious, or an abundant, rain. (L.) And جِيدَتِ الأَرْضُ, (S, L, K,) inf. n. جَوْدٌ; (As, TA;) and ↓ أُجِيدَت; (K;) The earth, or land, was rained upon with a copious, or an abundant, rain: (S, L, K:) or, so that the moisture of the rain met that of the soil. (As, TA.) b3: جِيدَ, (S, A, K,) aor. ـَ (S, K,) inf. n. جُوَادٌ, (S, * K, * TA,) (assumed tropical:) He (a man, S, A) thirsted, or became affected by thirst: (S, A, K:) or thirsted vehemently: (accord. to an explanation of جُوَادٌ in the K:) or was at the point of death, or destruction; (K;) as though destruction rained upon him. (TA.) b4: [Hence,] إِنِّى أُجَادُ إِلَىلِقَائِكَ (tropical:) Verily I am affected with a longing desire to meet thee: (A:) or إِنِّى لَأُجَادُ إِلَيْكَ (K, TA [in the CK, erroneously, لَاَجادُ] (tropical:) Verily I am affected with a longing desire for thee, (K, TA,) i. e., to meet thee, (TA,) and am impelled towards thee: (K:) and يُجَادُإِلَى فُلَانَةَ (tropical:) He is affected with longing desire for such a female; like as you say يَظْمَأُ. (A.) One says also, جادهُ الَهَوى (tropical:) Love affected him with longing desire, (شَاقَهُ, L, K, in the CK شاقَّهُ,) and overcame him. (K.) b5: [Also, app., جيدَ, aor. ـَ inf. n. جُوَادٌ, (as in a sense explained above,) (assumed tropical:) He became affected, or overcome, or distressed, (see مَجُودٌ,) by drowsiness, or slumber: for] جُوَادٌ is syn. with نُعَاسٌ: (L, TA:) and you say, جادهُ النُّعَاسُ (assumed tropical:) Drowsiness, or slumber, overcame him; (L;) as though sleep rained upon him. (TA.) 2 جَوَّدَ see 4: b2: and see also 1.3 جاودهُ He vied with him, or contended with him for superiority, in liberality, bounty, munificence, or generosity. (S, TA.) You say, جاودهُ

↓ فَجَادَهُ He vied with him, or contended &c., in liberality, &c., and overcame him therein. (TA.) 4 اجادهُ He made it good, goodly, approvable, or excellent; (S, A, * K;) as also أَجْوَدَهُ, (S, * K,) like as they said اطال and اطول, and احال and احول, and اطاب and اطيب, and الان and الين; (S;) and ↓ جوّدهُ, (S, * A,) inf. n. تَجْوِيدٌ. (S.) [Hence,] اجادهُ النَّقْدَ He gave him the cash, or ready money, good. (S, K.) And أَجَدْتُكَ ثَوْبًا I gave thee a garment, or piece of cloth, that was good, goodly, or excellent; or in a good state. (A, TA.) b2: He gave him a dirhem, or piece of silver. (K.) b3: أُجِيدَتِ الأَرْضُ: see 1.

A2: He, or it, slew him, or killed him. (L.) A3: اجاد, (inf. n. إِجَادَةٌ, Msb,) He said, gave utterance to, uttered, or expressed, what was good, approvable, or excellent; he said, or did, well, or excellently; أَتَى بِالجَيِّدِ (L, Msb, K) مِنْ قَوْلِ أَوْ فِعْلٍ; (Msb;) as also أَجْوَدَ; (L;) and ↓ جاد, inf. n. جَوْدَةٌ. (L.) [You say, قَالَ فَأَجَادَ He said, and said well: and فَعَلَ فَأَجَادَ He did, and did well.] And اجاد فِى

عَمَلِهِ, and اجود, He did well, or excellently, in his work. (L.) b2: Said of a horse, and اجود likewise: see 1. b3: Also He had with him a horse such as is termed جَوَاد [i. e. fleet, or swift, and excellent]: (S:) or he became possessed of such a horse; (A, K;) as also اجود. (K.) b4: أَجَادَتْ She brought forth a child, or children, of liberal, bountiful, or generous, disposition. (A.) and اجاد بِالوَلَدِ He begot the child, or children, of liberal, bountiful, or generous, disposition; (K;) and in like manner, بِهِ أَبَوَاهُ ↓ جاد [His two parents so engendered him]. (TA.) 5 تجوّد He chose what was good, goodly, approvable, or excellent, among all things. (Ham p. 299.) He affected nicety, or refinement; he was, or became, nice, exquisite, refined, or scrupulously nice and exact; or he chose what was excellent, or best, to be done; and exceeded the usual bounds; فِى صَنْعَتِهِ in his work of art, or his manufacture; syn. تَنَوَّقَ. (A, TA.) And تجوّد وَبَالَغَ فِى مَطْعَمِهِ وَمَلْبَسِهِ [He was dainty, nice, exquisite, refined, or scrupulously nice and exact; or he chose what was excellent, or best; and exceeded the usual bounds; in his food and his apparel]; (JK and K in art. نوق;) he was studious of his diet and apparel, always eating exquisite food and wearing sumptuous clothing. (TK in that art.) A2: تجوّدهُ: see 10. تَجَوَّدْتُهَا لَكَ I chose, or selected, the best, or most excellent, (↓ الأَجْوَدَ,) thereof for thee. (TA.) 6 تجاودوا They considered [or tried] which of them had the best argument, or plea, or allegation: (K, TA:) so says Aboo-Sa'eed on the authority of an Arab of the desert. (TA.) And يَتَجَاوَدُونَ الحَدِيثَ They consider, or see, [or try,] which of them will be best in narration, or talk, or discourse. (A.) b2: [Also They vied, or contended together for superiority, in liberality, bounty, munificence, or generosity.]10 استجادهُ He reckoned it, or esteemed it, good, goodly, approvable, or excellent: (S:) or he found it to be so: (K:) or he desired, or sought, that it might be so, (A, K,) and chose it, or selected it; (A;) as also ↓ تجوّدهُ. (A.) Yousay also, اِسْتَجْوَدَ رَأْيَهُ [He esteemed his judgment, or opinion, good: or found it to be so]. (TA in art. جزل.) b2: He desired, or sought, or demanded, his liberality, bounty, munificence, or generosity. (K.) b3: He desired, or sought, that he (a horse) might be such as is termed جَوَاد [i. e. fleet, or swift, and excellent]. (K.) A2: استجاد It came or happened, well. (KL.) جَوْدٌ Copious, or abundant, rain; (S, L, K;) as also ↓ جَائِدٌ: (S:) or rain that thoroughly irrigates everything: (M:) or rain that is not exceeded: (M, L, K:) accord. to some, who observe that the phrase, mentioned by Sb, أَخَذْتَنَا بِالجَوْدِوَفَوْقهَا [Thou hast assailed us with a storm of reproach or the like not to be exceeded, and with that which is above it,] is one of hyperbole and reproach. (M, L.) It is an inf. n. thus used as an epithet [and therefore applicable without variation to a fem. as to a masc. n., and to a dual and a pl. as to a sing. n.]: (L:) and is also pl. [or rather a quasi-pl. n.] of جَائِدٌ, (S, L, K,) like as صَحْبٌ is of صَاحِبٌ. (S, L.) You say مَطَرٌ جَوْدٌ [A copious, or an abundant, rain; &c.]: (L:) and سَحَابَةٌ جَوْدٌ [A cloud yielding a copious, or an abundant, rain; &c.]: (IAar, L:) and هَاجَتْ لَنَا سَمَآءٌ جَوْدٌ [A copious, or an abundant, rain, &c., became stirred up for us]: (S, K: *) and you also say, [contr. to the usage mentioned above, or as though جَوْدٌ were an epithet from جَادَ, and this originally جَوْدَ, like ضَخْمٌ from ضَخُمَ, but used as a subst.,] مَطْرَتَانِ جَوْدَانِ [Two showers of rain, copious, or abundant, &c.]. (S, K.) ↓ تَجَاوِيدُ, [app. signifying the same as جَوْدٌ used as a pl.,] occurring in the following verse of Sakhr El-Ghei, يُلَاعِبُ الرِّيحَ بِالعَصْرَيْنِ قَصْطَلُهُ وَالوَابِلُونَ وَتَهْتَانُ التَّجَاوِيدِ

[Its dust makes sport with the wind in the morning and evening, or night and day, and so do the violent showers of big drops, and the pouring of copious, or abundant, rains, &c.], (L, K, *) is a pl. having no sing.; (K;) or it may be so, like تَعَاجِيبُ and تَعَاشِيبُ and تَبَاشِيرُ; or it may be pl. of تَجْوَادٌ [an inf. n.]. (L.) You say also, امَطَرِ ↓ أَصَابَتْهُ تَجَاوِيدُ [Copious showers of rain fell upon him, or it]. (A.) b2: See also جَوَادٌ.

جَوْدَةٌ [an inf. n. of 1, (q. v.,) in two senses; as also جُودَةٌ: and an inf. n. of un., signifying] A single affection of thirst; a thirsting. (S, K.) b2: See also جُوَادٌ.

جَادِىٌّ Saffron. (S, K.) جَوَادٌ, used alike as masc. and fem., (S, K,) Liberal, bountiful, munificent, or generous: (S, * K:) or one who affects, or constrains himself, to be generous: (Msb:) or who gives without being asked, to preserve the receiver from the ignominy of asking: (MF:) or who gives what is meet to him to whom it is meet: (El-Karmánee, TA:) or who gives what is meet to him to whom it is meet, not for a compensation; so that it has a more special signification than مُحْسِنٌ: (MF:) pl. [of pauc., masc.,] أَجْوَادٌ and (of mult., TA) جُوْدٌ, (S, A, K,) like as قُذُلٌ is pl. of قَذَالٌ, but the و is made quiescent because it is an unsound letter, (S,) [in some copies of the K جُوُدٌ,] and أَجَاوِدُ, (S, K,) contr. to analogy, (TA,) or أَجَاوِيدُ, [reg., as pl. of أَجْوَادٌ,] (A,) and جُوَدَآءُ (S, K) and جُوَدَةٌ, (CK, [in some copies of the K omitted,]) or جُوْدَةٌ, or جُوُدَةٌ, [written in the latter manner in a MS. copy of the K,] with ة added to the [proper] pl. form [جُوْدٌ or جُوُدٌ], accord. to the doctrine of Sb: (TA:) جُوْدٌ is used as a fem. pl., (S, Msb,) and is like نُوْرٌ pl. of نَوَارٌ. (S.) b2: Also, applied alike to the male and the female, (S,) A courser; a fleet, or swift, and excellent, horse; (L;) a horse fleet, or swift, in running; or excellent in running, or in the motion of his legs; as also ↓ جَوْدٌ: (Bd in xxxviii. 30:) or that outstrips others: (Jel ib.:) i. q. رَائِعٌ: (S, L, K:) pl. جِيَادٌ, (S, A, Bd, L, Msb, K,) which by rule should be جِوَادٌ, like طِوَالٌ, but this latter form has not been heard from the Arabs; (L;) or جِيَادٌ is pl. of جَوْدٌ, or of جَيِّدٌ; (Bd ubi suprá;) and جَوَادٌ has also for its pl. أَجْيَادٌ, [a pl. of pauc., and irregular, or this is pl. of جَيّدٌ, and therefore, though irregularly, retains the ى substituted for و] (S, L,) and أَجْوَادٌ, [also a pl. of pauc., but agreeable with rule, or this is pl. of جَوْدٌ,] (L,) and أَجَاوِيدُ (S, L) is pl. of أَجْوَادٌ. (L.) Hence, أَقْبَلَ جَوَادًا (assumed tropical:) He came on, or advanced, like a horse that is termed جواد: and سِرْتُ إِلَيْهِ جَوَادًا (assumed tropical:) I went to him, or it, like a horse that is so termed. (Mgh in art. غذ.) You say also, عَدَا عَدْوًا جَوَادًا He ran a long run. (A, TA.) And سِرْنَا عُقْبَةً

جَوَادًا, and عُقْبَتَيْنِ جَوَادَيْنِ, and عُقَبًا جِيَادًا (S, A) and أَجْوَادًا, (A, TA,) We journeyed a long march or stage, and two long marches or stages, and long marches or stages. (S, A, TA.) جُوَادٌ [accord. to the TA inf. n. of جِيدَ, which see in two places,] (assumed tropical:) Thirst: (S, K:) or vehemence of thirst. (K.) b2: Also, [accord. to the Kجَوْدَةٌ, but this is corrected in the TA,] (assumed tropical:) Drowsiness, or slumber. (TA.) جَائِدٌ: see جَوْدٌ.

جَيِّدٌ, originally of the measure فَيْعِلٌ, (S, Msb,) as the Basrees say, i. e. جَيْوِدٌ, (Msb, TA,) the و being changed into ى because of its being meksoor and preceded by ى, and the augmentative ى being then incorporated into it; (TA;) or, as the Koofees say, of the measure فَيْعَلٌ, like عَيْطَلٌ &c., because there is found no sound word of the measure فَيْعِلٌ except صَيْقِلٌ, a woman's name, and the unsound is accorded to the sound; or, as others say, of the measure فَعِيلٌ, [and so I find in one copy of the S,] originally جَوِيدٌ, the kesreh of the و being, accord. to them, suppressed because difficult of pronunciation, and the quiescent و and ى thus coming together, [the latter receives the rejected kesreh, and] the و is changed into ى and incorporated into the [augmentative] ى; (Msb;) Good, goodly, approvable, or excellent; contr. of رَدِ ىْ; (A, K;) applied to a thing, (S,) or a commodity, an article of household-goods, or the like, (A, Msb,) and a work, or performance: (TA:) pl. جِيَادٌ (S, A, Msb, K) and جِيَادَاتٌ, (K,) the latter a pl. pl., [i. e. pl. of جِيَادٌ,] (TA,) and جَيَائِدُ, (S, K,) with hemz, [and, accord. to some,] contr. to analogy. (S.) [It is also applied to a man, meaning Excellent, or egregious, in some quality; sometimes, though very rarely, in a quality that is disapproved.]

أَجْوَدُ [Better, and best; more, and most, goodly or approvable or excellent]: see 5. b2: [More, and most, liberal, bountiful, munificent, or generous. Hence,] أَجْوَدُ مِنْ حَاتِمٍ [More liberal, &c., than Hátim]: a prov. (Meyd.) b3: [More, and most, fleet, or swift, and excellent; relating to a horse. Hence,] أَجْوَدُ مِنَ الجَوَادِ المُبِرِّ [More fleet, &c., than the courser that surpasses others]: a prov. (Meyd.) تَجَاويدُ: see جَوْدٌ, in two places.

مَجُودٌ A field, or garden, rained upon: (A:) [or rained upon copiously, or abundantly.] and أَرْضٌ مَــجْودَةٌ Land rained upon with a copious, or an abundant, rain. (S, L, K.) b2: (assumed tropical:) A man (S, A) affected with thirst: (S, A, K:) [or, with vehement thirst: (see جُوَادٌ:)] or at the point of death, or destruction. (K.) b3: And [hence,] (tropical:) Affected with longing desire. (L.) b4: Also (assumed tropical:) Overcome by drowsiness, or slumber: (TA:) or distressed by drowsiness, or slumber, &c. (Lh, L.) مُجِيدٌ: see مِجْوَادٌ. b2: Also A man possessing a horse such as is termed جَوَادِ [i. e. fleet, or swift, and excellent]: pl. مَجَاوِيدُ [by rule pl. of مِجْوَادٌ, q. v.]. (A, TA.) b3: حَتْفٌ مُجِيدٌ (tropical:) Present death. (K, TA.) مِجْوَادٌ One who says, utters, or expresses, or who does, (K, TA,) much, or often, (TA,) what is good, goodly, approvable, or excellent; (K, TA;) as also ↓ مُجِيدٌ: (TA:) [or rather the latter is a simple, not an intensive, epithet:] the former is applied to a poet, (S, A, K,) as syn. with the latter, (K,) or as meaning who says, or utters, much, or often, what is good, or excellent: (S:) and both are applied to a workman, or an artificer: pl. of the former مَجَاوِيدُ. (A.)

الْعلم

الْعلم: بالفتحتين الْعَلامَة، والشهرة، والجبل الرفيع، والراية، وَمَا يعْقد على الرمْح، وَسيد الْقَوْم، وَجمعه الْأَعْلَام، وَعند النُّحَاة مَا وضع لشَيْء بِعَيْنِه شخصا أَو جِنْسا غير متناول غَيره بِوَضْع وَاحِد وَهَذَا هُوَ الْعلم القصدي وَأما الْعلم الاتفاقي فَهُوَ الَّذِي يصير علما أَي وَاقعا على معِين بالغلبة وَكَثْرَة الِاسْتِعْمَال لَا بِالْوَضْعِ والاصطلاح وَهُوَ على ثَلَاثَة أَصْنَاف اسْم ولقب وكنية واطلب كلا فِي مَحَله.
ثمَّ اعْلَم أَن علم بِفَتْح الْفَاء وَكسر الْعين على وزن سمع مَاض مَعْرُوف من أَفعَال الْقُلُوب من الْعلم بِمَعْنى (دانستن) وَهُوَ فعل الْقلب وَأما علم بتَشْديد الْعين على وزن صرف فَإِنَّهُ من التَّعْلِيم وَهُوَ من أَفعَال الْجَوَارِح، وَأما إِطْلَاق التَّعْلِيم على إِفَادَة الإشراقين فَهُوَ على سَبِيل التنزل وَالْمجَاز. وَيُؤَيّد مَا قُلْنَا مَا قَالَ الْفَاضِل الجلبي رَحمَه الله فِي حَاشِيَته على المطول أَن قَوْله مَا لم نعلم مفعول ثَان لعلم بِالتَّشْدِيدِ وَالْأول مَحْذُوف أَي علمنَا وَلَا ضير فِي ذَلِك إِذْ لَيْسَ علم من أَفعَال الْقُلُوب حَتَّى لَا يجوز الِاقْتِصَار على أحد مفعوليه انْتهى. وَالْعلم بِكَسْر الأول وَسُكُون اللَّام مصدر علم يعلم فِي اللُّغَة بِالْفَارِسِيَّةِ (دانستن) .
ثمَّ إِنَّه قد يُطلق على مَا هُوَ مبدأ انكشاف الْمَعْلُوم وَقد يُطلق على مَا بِهِ يصير الشَّيْء منكشفا على الْعَالم بِالْفِعْلِ وَفِي مَا بِهِ الانكشاف اخْتِلَاف مَذَاهِب لَا يتَجَاوَز عشْرين احْتِمَالا عقليا وَوجه ضبط تِلْكَ الِاحْتِمَالَات أَنه إِمَّا حَقِيقَة وَاحِدَة أَو حقائق متبائنة وعَلى الأول إِمَّا زَوَال أَو حُصُول، ثمَّ الْحُصُول إِمَّا حُصُول أثر مَعْلُوم فِي الْعَالم، أَو حُدُوث أَمر فِيهِ، أَو كِلَاهُمَا والأثر إِمَّا صُورَة مَعْلُوم أَو شبحه وَالْأول إِمَّا قَائِم بِنَفسِهِ، أَو منطبع فَهِيَ الْمدْرك، أَو مُتحد مَعَه، والمنطبع إِمَّا منطبع فِي مدرك أَو فِي الْآلَة، والزوال إِمَّا زَوَال أَمر عَن الْعَالم أَو عَن الْمَعْلُوم أَو كليهمَا وعَلى الثَّانِي من الشق الأول إِمَّا إِطْلَاق الْعلم عَلَيْهَا بالاشتراك أَو بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز ثمَّ الِاشْتِرَاك إِمَّا لَفْظِي أَو معنوي وَالصَّوَاب المقبول عِنْد الفحول وَالْحق الْحَقِيقِيّ بِالْقبُولِ إِنَّه لَيْسَ حَقِيقَة نوعية أَو جنسية حَتَّى يعرف بِأَمْر جَامع منطبق على جَمِيع جزئياته بل إِطْلَاقه على الْجَمِيع من بَاب إِطْلَاق الْعين على مدلولاته المتبائنة أَلا ترى أَن نَحْو انكشاف الْوَاجِب تَعَالَى لذاته أَو لغيره على اخْتِلَاف بَين الْحُكَمَاء والمتكلمين لَيْسَ إِلَّا كنحو وجوده المغائر للْكُلّ تقوما وتحصلا وتخصيصا وتشخيصا فَكَمَا أَنه لَا سَبِيل لنا إِلَى اكتناه ذَاته كَذَلِك لَا سَبِيل إِلَى اكتناه صِفَاته الَّتِي من جُمْلَتهَا الْعلم الَّذِي لَيْسَ بحدوث كَيْفيَّة وَلَا بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم فِيهِ وَلَا باتحاد الْمَعْلُوم مَعَه وَلَا بِحُضُور مثل وَلَا بحدوث إِضَافَة متجددة وَلَا بِزَوَال شَيْء عَنهُ لاستلزام الْجَمِيع مفاحش لَا تلِيق بجنابه تَعَالَى عَن ذَلِك علوا كَبِيرا وَكَذَا انكشاف المفارقات لأنفسها ولمبدعها ولغيرها لَيْسَ بِحُصُول الْأَثر وَلَا بِزَوَال الْمَانِع وَكَذَا الانكشاف لأنفسنا ولغيرنا من الْوَاجِب تَعَالَى والممكن والممتنع لَيْسَ إِلَّا على أنحاء شَتَّى وطرق متبائنة فَمن رام تَوْحِيد الْكثير أَو تَكْثِير الْوَاحِد فَقَط خبط خبطا عَظِيما وَبَقِي التفتيش فِي الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق فِي فواتح كتب الْمنطق بِأَنَّهُ نَحْو من الانكشاف إِمَّا بِزَوَال أَمر منا أَو بحدوث كَيْفيَّة فِينَا أَو بِحُصُول أثر من الْمَعْلُوم صُورَة أَو شبحا أَو باتحاد الْمَعْلُوم معنى أَو بِحُضُور مثل أَو بِإِضَافَة التفاتية وَالَّذِي يحكم بِهِ الْعقل السَّلِيم والذهن الْمُسْتَقيم هُوَ أَنا تَجِد فِينَا عِنْد إحساس الْأَشْخَاص المتبائنة أمورا صَالِحَة لمعروضية الْكُلية والنوعية والجنسية وَمَا وجدنَا فِي الْخَارِج أمرا يكون شَأْنه هَذَا، ثمَّ لما فتشنا عَن تِلْكَ الْأُمُور علمنَا أَنَّهَا لَيست بِأُمُور عدمية وَإِلَّا لما كَانَت قَابِلَة لابتناء الْعُلُوم عَلَيْهَا وَلَا آثارا متغائرة للأشخاص وَإِلَّا لما تسري أَحْكَامهَا إِلَى الْأَفْرَاد ولأعينها وَإِلَّا لترتب على الْأَشْخَاص مَا يَتَرَتَّب عَلَيْهَا وَبِالْعَكْسِ عكسا كليا فَعلمنَا أَن هَا هُنَا أمرا وَاحِدًا مشخصا بتشخصين تشخصا خارجيا وَهُوَ على نَحْو الْكَثْرَة وتشخصا ذهنيا وَهُوَ على نَحْو الْوحدَة والوحدة وَالْكَثْرَة أَمْرَانِ زائدان عَلَيْهِ عارضان لَهُ حسب اقْتِضَاء ظرف التحقق وَهَذَا هُوَ قَول من قَالَ إِن الماهيات فِي الْخَارِج أَعْيَان وَفِي الأذهان صور.
ثمَّ إِن الْعُقَلَاء اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم بديهي أَو كسبي والذاهبون إِلَى كسبيته اخْتلفُوا فِي أَن كَسبه متعسر أَو متيسر وَإِلَى كل ذهب ذَاهِب، فَذهب الإِمَام الْغَزالِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه لَيْسَ بضروري بل هُوَ نَظَرِي وَلَكِن تحديده متعسر وَطَرِيق مَعْرفَته الْقِسْمَة والمثال أما الأول فَهُوَ أَن يُمَيّز عَمَّا يلتبس من الاعتقادات كَمَا تَقول الِاعْتِقَاد إِمَّا جازم أَو غير جازم والجازم إِمَّا مُطَابق أَو غير مُطَابق والمطابق إِمَّا ثَابت أَو غير ثَابت فقد حصل عَن الْقِسْمَة اعْتِقَاد جازم مُطَابق ثَابت وَهُوَ الْعلم بِمَعْنى الْيَقِين فقد تميز عَن الظَّن بِالْجَزْمِ وَعَن الْجَهْل الْمركب بالمطابقة وَعَن التَّقْلِيد الْمُصِيب الْجَازِم بالثابت الَّذِي لَا يَزُول بالتشكيك وَأما الثَّانِي فَكَأَن تَقول الْعلم إِدْرَاك البصيرة المشابه لإدراك الباصرة أَو كاعتقادنا أَن الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ وَقيل هَذَا بعيد فَإِنَّهُمَا إِن أفادا تميز أصلحا مُعَرفا وَإِلَّا لم يحصل بهما معرفَة لماهية الْعلم لِأَن مُحَصل الْمعرفَة لشَيْء لَا بُد وَأَن يُقيد تميزه عَن غَيره لِامْتِنَاع حُصُول مَعْرفَته بِدُونِ تميزه عَن غَيره.
وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَن الْكَلَام فِي تعسر مَعْرفَته بالكنه. فِي العضدي قَالَ الإِمَام الْعلم ضَرُورِيّ لِأَن غير الْعلم لَا يعلم إِلَّا بِالْعلمِ فَلَو علم الْعلم بِغَيْرِهِ لزم الدّور لكنه مَعْلُوم فَيكون لَا بِالْغَيْر وَهُوَ ضَرُورِيّ. وَالْجَوَاب بعد تَسْلِيم كَونه مَعْلُوما إِن تصور غير الْعلم إِنَّمَا يتَوَقَّف على حُصُول الْعلم بِغَيْرِهِ أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر لَا على تصور حَقِيقَة الْعلم بِالْغَيْر أَعنِي علما جزئيا مُتَعَلقا بذلك الْغَيْر وَالَّذِي يُرَاد حُصُوله بِالْغَيْر إِنَّمَا هُوَ تصور حَقِيقَة الْعلم لَا حُصُول جزئي مِنْهُ فَلَا دور للِاخْتِلَاف انْتهى.
وَالْحَاصِل أَن الإِمَام الْغَزالِيّ اسْتدلَّ على مَا ادَّعَاهُ بِأَن الْعلم لَو كَانَ كسبيا مكتسبا من غَيره لدار لِأَن غَيره إِنَّمَا يعلم بِهِ. وخلاصة الْجَواب أَن غير الْعلم إِنَّمَا يعلم بِعلم خَاص مُتَعَلق بِهِ لَا بتصور حَقِيقَة الْعلم وَالْمَقْصُود تصور حَقِيقَته بِغَيْرِهِ فَلَا دور فَافْهَم. وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره فِي شرح المواقف وَاعْلَم أَن الْغَزالِيّ صرح فِي الْمُسْتَصْفى بِأَنَّهُ يعسر تَحْدِيد الْعلم بِعِبَارَة محررة جَامِعَة للْجِنْس والفصل الذاتيين فَإِن ذَلِك متعسر فِي أَكثر الْأَشْيَاء بل فِي أَكثر المدركات الحسية فَكيف لَا يعسر فِي الإدراكات الْخفية.
ثمَّ قَالَ إِن التَّقْسِيم الْمَذْكُور يقطع الْعلم عَن مظان الِاشْتِبَاه والتمثيل بِإِدْرَاك الباصرة بفهمك حَقِيقَة فَظهر أَنه إِنَّمَا قَالَ بعسر التَّحْدِيد الْحَقِيقِيّ دون التَّعْرِيف مُطلقًا وَهَذَا كَلَام مُحَقّق لَا بعد فِيهِ لكنه جَار فِي غير الْعلم كَمَا اعْترف بِهِ انْتهى - وَذهب الإِمَام الرَّازِيّ رَحمَه الله تَعَالَى إِلَى أَنه بديهي لضَرُورَة أَن كل أحد يعلم بِوُجُودِهِ وَهَذَا علم خَاص بديهي وبداهة الْخَاص يسْتَلْزم بداهة الْعَام - وَفِيه نظر من وَجْهَيْن: أَحدهَا أَن الضَّرُورِيّ إِنَّمَا هُوَ حُصُول علم جزئي بِوُجُودِهِ وَهَذَا الْحُصُول لَيْسَ تصور ذَلِك الجزئي وَغير مُسْتَلْزم لَهُ فَلَا يلْزم تصور الْمُطلق أصلا فضلا عَن أَن يكون ضَرُورِيًّا، وتوضيحه أَن بَين حُصُول الشَّيْء وتصوره فرقا بَينا فَإِن ارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس الناطقة بِنَفسِهَا فِي ضمن الجزئيات حُصُول تِلْكَ الْمَاهِيّة لَا تصورها كحصول الشجَاعَة للنَّفس الْمُوجب لاتصافها بهَا من غير أَن تتصورها وارتسام مَاهِيَّة الْعلم فِي النَّفس بِصُورَة تِلْكَ الْمَاهِيّة ومثالها يُوجب تصورها لَا حُصُولهَا كتصور الشجَاعَة الَّذِي لَا يُوجب اتصاف النَّفس بالشجاعة.
ومحصول التَّوْضِيح أَن الْفرق بَين حُصُول الْعلم نَفسه لِلْعَقْلِ وَبَين تصَوره بَين فَإِن الأول منَاط الاتصاف بِنَفس الْعلم دون العالمية بِالْعلمِ وَالثَّانِي منَاط العالمية بِالْعلمِ فَإِن حُصُول الشجَاعَة نَفسهَا مُوجب للاتصاف بهَا لَا لتصورها وَالْعلم بهَا وتصورها يُوجب العالمية بهَا لَا لحصولها والاتصاف بهَا نعم كم من شُجَاع لَا يعلم أَن الشجَاعَة مَا هِيَ وَهُوَ شُجَاع وَكم من جبان يعلم مَاهِيَّة الشجَاعَة وَهُوَ جبان وَثَانِيهمَا وُرُود المنعين الْمَشْهُورين من منع كَون الْعَام ذاتيا وَكَون الْخَاص مدْركا بالكنه.
وَحَاصِله أَن ذَلِك الاستلزام مَوْقُوف على أَمريْن أَحدهمَا كَون الْعلم ذاتيا للخاص وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْمُطلق ذاتيا للْعلم الْخَاص وَثَانِيهمَا كَون الْخَاص متصورا بالكنه وَلَا نسلم أَن يكون الْعلم الْخَاص بديهيا متصورا بالكنه لم لَا يجوز أَن يكون متصورا بِالْوَجْهِ قيل إِن الْخَاص هَا هُنَا مُقَيّد والعالم مُطلق وبداهة الْمُقَيد تَسْتَلْزِم بداهة الْمُطلق لِأَنَّهُ جُزْء خارجي لمَفْهُوم الْمُقَيد فتصوره بِدُونِهِ مِمَّا لَا يتَصَوَّر وَأجِيب بِأَن منشأ هَذَا السُّؤَال عدم الْفرق بَين الْفَرد والحصة وللعلم أفرلد حصصية والفرد هُوَ الطبيعة الْمَأْخُوذَة مَعَ الْقَيْد بِأَن يكون كل من الْقَيْد وَالتَّقْيِيد دَاخِلا كزيد وَعَمْرو للْإنْسَان والحصة هِيَ الطبيعة المنضافة إِلَى الْقَيْد بِأَن يكون التَّقْيِيد من حَيْثُ هُوَ تَقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا كوجود زيد وَوُجُود عَمْرو وَعلم زيد وَعلم عَمْرو. وَلَا يخفى على الناظرين أَن هَذَا إِنَّمَا يتم إِذا كَانَ المُرَاد بِالْعلمِ الْمَعْنى المصدري وَأما إِذا كَانَ المُرَاد بِهِ مَا بِهِ الانكشاف فَلَا يتم وَأَنت تعلم أَن الْمَعْنى المصدري خَارج عَن مَحل النزاع والنزاع حِين إِرَادَة الْمَعْنى المصدري يكون لفظيا كالنزاع فِي الْوُجُود فَإِن من قَالَ بكسبيته يُرِيد مَا بِهِ الانكشاف وَيَدعِي بكسبيته لَا الْمَعْنى المصدري.
وَالْحَاصِل أَنه لَا شكّ فِي بداهة الْعلم الَّذِي يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ بدانستن لِأَنَّهُ معنى انتزاعي لَا يتخصص إِلَّا بإضافات وتخصيصات فحقيقته لَيست إِلَّا مفهومة وحقائق أَفْرَاده لَيست إِلَّا مفهوماتها كَيفَ وَلَو كَانَت مفهوماتها عارضة لحقائقها لكَانَتْ مَحْمُولَة عَلَيْهَا بالاشتقاق وَهُوَ يسْتَلْزم كَون الْعلم عَالما وَالْعلم الْخَاص بديهي وَالْعَام جُزْء مِنْهُ وبداهة الْخَاص تَسْتَلْزِم بداهة الْعَام والمنعان الْمَذْكُورَان حِينَئِذٍ مُكَابَرَة لَا تسمع لَكِن هَذَا الْمَعْنى خَارج عَن مَحل النزاع كَمَا علمت وَإِن أُرِيد أَن الْعلم بِمَعْنى مبدأ الانكشاف بديهي بِالدَّلِيلِ الْمَذْكُور فَلَا يَخْلُو عَن صعوبة لوُرُود المنعين المذكورية بِلَا مُكَابَرَة فَإِن قلت لَو كَانَ الْعلم بديهيا لما اشْتغل الْعُقَلَاء بتعريفه قلت إِنَّمَا عرف الْعلم من ذهب إِلَى كسبيته لَا إِلَى بداهته فاشتغالهم بتعريفه لَا يدل عى كسبيته بِحَسب الْوَاقِع بل بِحَسب الِاعْتِقَاد. نعم يرد أَنا لَو سلمنَا أَن الذَّاهِب إِلَى كسبيته عرفه بِحَسب اعْتِقَاده لَكِن تَعْرِيفه لدلالته على حُصُوله بِالْكَسْبِ يُنَافِي البداهة لِأَن البديهي مَا لم يُمكن حُصُوله بِالْكَسْبِ لايحصل بِغَيْر الْكسْب وَلَا أَن يُقَال إِن الْمَعْنى الْمَذْكُور للبديهي مَمْنُوع كَيفَ وَلَو كَانَ تَعْرِيف البديهي مَا ذكر للَزِمَ بطلَان البداهة فِي عدَّة من الْأُمُور الَّتِي بداهتها قَطْعِيَّة بالِاتِّفَاقِ وَقيل الْجَواب بِأَن الْكَلَام فِي كنه الْعلم فَإِذا فرض أَنه ضَرُورِيّ لَا يلْزم على صِحَّته امْتنَاع تَعْرِيفه بالرسم لجَوَاز أَن يكون كنه شَيْء ضَرُورِيًّا دون اسْمه وَبَعض وجوهه فَلم لَا يكون تَعْرِيف الْعُقَلَاء تعريفا رسميا للْعلم لَيْسَ بصواب لِأَن تَعْرِيف الشَّيْء بالرسم بعد تصَوره بالكنه مُمْتَنع إِذْ بعد تصَوره بالكنه إِذا قصد تَعْرِيفه بِالْوَجْهِ يكون التَّعْرِيف لذَلِك الْوَجْه الْمَجْهُول لَا لذَلِك الشَّيْء.
وَلَا يخفى على من لَهُ نظر ثاقب أَن بَين علم الشَّيْء بِالْوَجْهِ وَالْعلم بِوَجْه ذَلِك الشَّيْء فرق بَين فَإِن الْوَجْه فِي الأول مُتَصَوّر تبعا وبالعرض ومرآة وَآلَة لتصور ذَلِك الشَّيْء الَّذِي قصد تصَوره بذلك الْوَجْه وَفِي الثَّانِي أَولا وبالذات من غير أَن يكون تصَوره آلَة لتصور غَيره ومرآة لَهُ فَإِن قلت إِن الْعلم من صِفَات النَّفس وَعلمهَا بِنَفسِهَا وصفاتها حضوري وَهُوَ لَا يَتَّصِف بالبداهة والكسبية قلت إِن المُرَاد بِالصِّفَاتِ الصِّفَات الانضمامية أَي الصِّفَات العينية الخارجية الْغَيْر المنتزعة وَالْكَلَام فِي الْعلم الْمُطلق وَهُوَ لَيْسَ من الصِّفَات الانضمامية وَبعد تَسْلِيمه عدم اتصاف الحضوري بالبداهة مَمْنُوع - اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يخترع اصْطِلَاح آخر وَلَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح، وَفِي بعض شُرُوح سلم الْعُلُوم وَالْحق أَن الْعلم نور قَائِم بِذَاتِهِ وَاجِب لذاته وَلَيْسَ تَحت شَيْء من المقولات فَإِن الْعلم إِنَّمَا حَقِيقَته مبدأ انكشاف الْأَشْيَاء وظهورها بِأَن يكون هُوَ بِنَفسِهِ مظْهرا ومصداقا لحمله والممكن لما كَانَ فِي ذَاته فِي بقْعَة الْقُوَّة وحيز الليسية كَانَ فِي ذَاته أمرا ظلمانيا لَا ظَاهرا وَلَا مظْهرا فَلَا يكون علما وَلَا فِي حد ذَاته عَالما فَكَمَا أَن قوامه ووجوده إِنَّمَا هُوَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْجَاعِل الْحق كَذَلِك عالميته إِنَّمَا هِيَ بِالْعرضِ من تِلْقَاء إفَاضَة الْعَالم الْحق فمصداق حمل الْوُجُود وَالْعلم على الْوَاجِب نفس ذَاته وعَلى الْمُمكن هُوَ من حَيْثُ استناده إِلَى الله تَعَالَى فَكَمَا أَن وجود الْمُمكن هُوَ وجود الْوَاجِب كَذَلِك علمه هُوَ علم الْوَاجِب تَعَالَى بل الْعلم هُوَ الْوُجُود بِشَرْط كَونه مُجَردا فَالْوَاجِب سُبْحَانَهُ يَجْعَل الْعقل أمرا نورانيا ينْكَشف الْأَشْيَاء عِنْد قِيَامهَا بهَا وَلَيْسَ الْعلم أمرا زَائِدا على وجودهَا الْخَاص الْمُجَرّد وَلذَا تدْرك ذَاتهَا بذاتها. نعم قد يفْتَقر إِلَى أَن يكون وجود الْمَعْلُوم لَهُ حَتَّى ينْكَشف عِنْده إِذا كَانَ هُوَ غير ذَاته وَصِفَاته وَذَلِكَ بإعلام الْمعلم وبإفاضة وجوده لَهُ فالعلم وَإِن كَانَ أظهر الْأَشْيَاء وأبينها وأوضحها لَكِن يمْتَنع تصَوره بالكنه وَنسبَة الْعُقُول إِلَيْهِ كنسبة الخدش إِلَى الشَّمْس وَنسبَة الْقَمَر إِلَيْهَا وَلذَا قَالَ المُصَنّف أَي مُصَنف السّلم فِيهِ أَن الْعلم من أجلى البديهيات وَإِنَّمَا اختفاء جَوْهَر ذَاته لشدَّة وضوحها كَمَا أَن من المحسوسات مَا يبلغ فِيهِ بذلك الْحَد حَتَّى يمْنَع عَن تَمام الْإِدْرَاك كَالْعلمِ فَإِنَّهُ مبدأ ظُهُور الْأَشْيَاء فَيجب أَن يكون ظَاهرا فِي نَفسه لَيْسَ فِيهِ شَرّ الظلمَة - وَلِهَذَا يفْتَقر إِلَى التَّشْبِيه لإِزَالَة خفائه وَأَنه لَيْسَ خفِيا فِي نَفسه بل لِأَن عقولنا أعجز عَن اكتناهه فَهَذَا التَّشْبِيه يشبه الْإِنَاء الَّذِي فِيهِ مَاء وضع لرؤية تِمْثَال الشَّمْس انْتهى.
والذاهبون إِلَى كسبية الْعلم وَأَن كَسبه متيسر اخْتلفُوا فِي تَعْرِيفه، وَالْمُخْتَار عِنْد الْمُتَكَلِّمين أَنه صفة توجب تميز شَيْء لَا يحْتَمل ذَلِك الشَّيْء نقيض ذَلِك التميز وهم لَا يطلقون الْعلم إِلَّا على الْيَقِين كَمَا ستعرف، وَعلم الْوَاجِب عِنْد الْمُتَكَلِّمين صفة أزلية تنكشف المعلومات عِنْد تعلقهَا بهَا وتعلقات علمه تَعَالَى على نَوْعَيْنِ كَمَا فصلنا فِي تعلقات علم الْوَاجِب تَعَالَى.
وَالْعلم عِنْد الْحُكَمَاء يتَنَاوَل الْيَقِين وَالشَّكّ وَالوهم والتقليد وَالْجهل، وَالْعلم الْمُطلق عِنْدهم أَي سَوَاء كَانَ حضوريا أَو حصوليا مُطلق الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك سَوَاء كَانَت نفس الْمَعْلُوم كَمَا فِي الحضوري أَو غَيره وَلَو بِالِاعْتِبَارِ كَمَا فِي الحصولي، وَسَوَاء كَانَت مُطَابقَة لما قصد تصَوره كَمَا فِي الْيَقِين أَولا كَمَا فِي الْجَهْل، وَسَوَاء احتملت الزَّوَال كَمَا فِي التَّقْلِيد وَالظَّن وَالشَّكّ وَالوهم أَولا كَمَا فِي الْيَقِين، وَسَوَاء كَانَت مرْآة لملاحظة مَا قصد تصَوره كَمَا فِي الْعلم بالكنه أَو بِالْوَجْهِ أَولا كَمَا فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء وَالْمرَاد بالصورة الْمَاهِيّة فَإِنَّهَا بِاعْتِبَار الحضوري العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْخَارِجِي عينا. وَيعلم من هَذَا التَّعْرِيف عدَّة أُمُور أَحدهَا أَن الْعلم أَمر وجودي لَا عدمي لِأَن الضَّرُورَة تشهد بِأَن وَقت الانكشاف يحصل شَيْء من شَيْء لَا أَنه يَزُول مِنْهُ لكنه لم يقم عَلَيْهِ برهَان قَاطع وَثَانِيها أَنه شَامِل للحضوري والحصولي ولعلم الْوَاجِب والممكن والكليات والجزئيات فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس وَثَالِثهَا أَنه شَامِل للمذهبين فِي الجزئيات، أَحدهمَا، أَن مدركها هُوَ النَّفس وَثَانِيهمَا أَن مدركها هُوَ الْحَواس وَرَابِعهَا أَنه شَامِل لمذهبي ارتسام صور الجزئيات المادية فِي الْآلَات أَو فِي نفس النَّفس لِأَن الْمدْرك يتَنَاوَل الْمُجَرّد وَالنَّفس والحواس وَكلمَة عِنْد لعِنْد ولفي والحضور والحصول كالمترادفين.
وَالتَّحْقِيق أَن الْمدْرك لجَمِيع الْأَشْيَاء النَّفس الناطقة سَوَاء كَانَ ارتسام الصُّور فِيهَا أَو فِي غَيرهَا وَسَيَأْتِي لَك تَفْصِيل الْمذَاهب. وَالْأَحْسَن فِي التَّعْمِيم أَن نقُول سَوَاء كَانَت تِلْكَ الصُّورَة الْحَاضِرَة عِنْد الْمدْرك عين الصُّورَة الخارجية كَمَا فِي الْعلم الحضوري أَو غَيرهَا كَمَا فِي الحصولي. وَسَوَاء كَانَت عين الْمدْرك بِالْفَتْح كَمَا فِي علم الْبَارِي تَعَالَى نَفسه أَو غَيره كَمَا فِي علمه بسلسلة الممكنات، وَسَوَاء كَانَت فِي نفس النَّفس كَمَا فِي علمهَا بالكليات أَو فِي الْآلَات كَمَا فِي علمهَا بالجزئيات، وَسَوَاء كَانَت مرْآة أَو لَا فَإِن كَانَت مرْآة فالمرآة والمرئي إِن كَانَا متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ. فَعلم الشَّيْء بالكنه وَإِن كَانَا بِالْعَكْسِ فَعلم الشَّيْء بِالْوَجْهِ، وَإِن لم يكن مرْآة فالعلم بكنه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل كنهه وَالْعلم بِوَجْه الشَّيْء إِن كَانَ الْحَاصِل وَجهه، وَالْعلم الْحَقِيقِيّ إِنَّمَا هُوَ علم الشَّيْء بالكنه لَا بِالْوَجْهِ لِأَن الْحَاصِل فِيهِ حَقِيقَة هُوَ الْوَجْه لَا الشَّيْء وَلَا تلْتَفت النَّفس إِلَى الشَّيْء فِي الْعلم بكنه الشَّيْء وَوَجهه كَمَا لَا يخفى.
وَيعلم من هَذَا الْبَيَان أَن الْعلم الْمُطلق الْمَذْكُور على نَوْعَيْنِ النَّوْع الأول الْعلم الحضوري وَهُوَ أَن يكون الصُّورَة العلمية فِيهِ عين الصُّورَة الخارجية فَيكون الْمَعْلُوم فِيهِ بِعَيْنِه وذاته حَاضرا عِنْد الْمدْرك لَا بصورته ومثاله كَمَا فِي علم الْإِنْسَان بِذَاتِهِ وَصِفَاته كالصور الذهنية الْقَائِمَة بِالنَّفسِ فَإِن الْعلم بهَا إِنَّمَا هُوَ بِحُضُور ذواتها عِنْد الْمدْرك لَا بِحُصُول صورها عِنْده فَإِن النَّفس فِي إِدْرَاك الصُّور الذهنية لَا تحْتَاج إِلَى صُورَة أُخْرَى منتزعة من الأولى.
وَهَا هُنَا اعْتِرَاض مَشْهُور هُوَ أَن نفس الْعلم الحصولي علم حضوري مَعَ أَنه لَيْسَ عين الصُّورَة الخارجية وَالْحق أَن نفس الْعلم الحصولي من الموجودات الخارجية كَمَا سَيَجِيءُ فِي الْعلم الحضوري فَلَا تلْتَفت إِلَى مَا أُجِيب بِأَن المُرَاد بالصورة الخارجية أَعم من الْخَارِجِي وَمِمَّا يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي أَي للوجود الْخَارِجِي وَلما هُوَ مماثل لَهُ جَار مجْرَاه فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية وَلَكِن يُمكن المناقشة بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يلْزم الِاتِّحَاد بَين الحضوري والحصولي مَعَ أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِالذَّاتِ لِأَن الْعلم الحصولي حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ ومغائر للحضوري مُغَايرَة نوعية فَإِذا تعلق الْعلم بِالْعلمِ الحصولي يكون ذَلِك الْعلم عين الحضوري فَيلْزم الِاتِّحَاد بَينهمَا وَالنَّوْع الثَّانِي الْعلم الحصولي وَهُوَ الَّذِي لَا يكون إِلَّا بِحُصُول صُورَة الْمَعْلُوم فَتكون الصُّورَة العلمية فِيهِ غير الصُّورَة الخارجية وَيُقَال لَهُ الانطباعي أَيْضا كَمَا فِي إِدْرَاك الْأَشْيَاء الخارجية عَن الْمدْرك أَي الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تكون عينه وَلَا قَائِمَة بِهِ.
ثمَّ إِنَّهُم اخْتلفُوا فِي أَن الْعلم الحصولي، إِمَّا صُورَة الْمَعْلُوم الْمَوْــجُودَة فِي الذِّهْن المكيفة بالعوارض الذهنية، وَإِمَّا قبُول الذِّهْن بِتِلْكَ الصُّورَة أَو إِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم فَإِن انكشاف الْأَشْيَاء عِنْد الذِّهْن فِي الْعلم الحصولي لَيْسَ قبل حُصُول صورها فِيهِ عِنْد الْحُكَمَاء الْقَائِلين بالوجود الذهْنِي فهناك أُمُور ثَلَاثَة الصُّورَة الْحَاصِلَة وَقبُول الذِّهْن بهَا من المبدأ الْفَيَّاض وَإِضَافَة مَخْصُوصَة بَين الْعَالم والمعلوم. فَذهب بَعضهم إِلَى أَن الْعلم الحصولي هُوَ الأول وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره أَن هَذَا هُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور. وَوجه بِأَن الْعلم يُوصف بالمطابقة وَعدمهَا وَإِنَّمَا الْمَوْصُوف بهما الصُّورَة، وَفِي شرح الإشارات أَن من الصُّورَة مَا هِيَ مُطَابقَة للْخَارِج وَهِي الْعلم - وَمَا هِيَ غير مُطَابقَة وَهِي الْجَهْل فالسيد السَّنَد قدس سره يَجْعَل الْعلم من مقولة الكيف وينحصر الاتصاف بالمطابقة وَعدمهَا فِي الصُّورَة الَّتِي من مقولة الكيف وينكر ذَلِك الاتصاف فِي الانفعال وَالنِّسْبَة.
وَأَنت تعلم أَن عدم جَرَيَان الْمُطَابقَة فيهمَا مَمْنُوع لجَوَاز جريانها بِاعْتِبَار الْوُجُود النَّفس الأمري أَو الْخَارِجِي بِاعْتِبَار مبدأ الانتزاع وَلَو وَجه بِأَن الصِّفَات الَّتِي يَتَّصِف بهَا الْعلم مثل البداهة والنظرية والاكتساب من الْحَد والبرهان والانقسام إِلَى التَّصَوُّر والتصديق إِنَّمَا ينطبق على الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا على الْإِضَافَة والارتسام لَكَانَ أسلم وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّانِي فَيكون من مقولة الانفعال وَبَعْضهمْ إِلَى أَنه هُوَ الثَّالِث فَيكون من مقولة الْإِضَافَة، وَأما إِنَّه نفس حُصُول الصُّورَة فِي الذِّهْن فَلم يقل بِهِ أحد لِأَن الْعلم بِمَعْنى الْحُصُول معنى مصدري لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا لِأَنَّهُ لايكون آلَة وعنوانا لملاحظة الْغَيْر كَمَا مر.
وَلِهَذَا قَالُوا إِن من عرف الْعلم بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل تسَامح فِي الْعبارَة بِقَرِينَة أَنه قَائِل بِأَنَّهُ من مقولة الكيف فَعلم أَنه أَرَادَ الصُّورَة الْحَاصِلَة بِجعْل الْحُصُول بِمَعْنى الْحَاصِل وَالْإِضَافَة من قبيل جرد قطيفة لكنه قدم ذكر الْحُصُول تَنْبِيها على أَن الْعلم مَعَ كَونه صفة حَقِيقِيَّة يسْتَلْزم إِضَافَة إِلَى مَحَله بالحصول لَهُ، وَالْحَاصِل أَن الصُّورَة من حَيْثُ هِيَ هِيَ لما لم تكن علما بل إِنَّمَا الْعلم هُوَ الصُّورَة بِصفة حُصُولهَا فِي الذِّهْن حمل حُصُولهَا على الْعلم مُبَالغَة تَنْبِيها على أَن مدَار كَونهَا علما هُوَ الْحُصُول نعم لَو أخر ذكر الْحُصُول وَقَالَ هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة لحصل ذَلِك التَّنْبِيه لَكِن لَا فِي أول الْأَمر وَلَا يخفى أَن تَعْرِيفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ ذَلِك التسامح لَيْسَ بِجَامِع لِأَن الْمُتَبَادر من صُورَة الشَّيْء الصُّورَة الْمُطَابقَة وَلَا يَشْمَل الجهليات المركبة وَهِي الِاعْتِقَاد على خلاف مَا عَلَيْهِ الشَّيْء مَعَ الِاعْتِقَاد بِأَنَّهُ حق وَلِأَنَّهُ يخرج عَنهُ الْعلم بالجزئيات المادية عِنْد من يَقُول بارتسام صورها فِي القوى أَو الْآلَات دون نفس النَّفس.
وَالْعلم فِي فواتح كتب الْمنطق المنقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم الحصولي لِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَن يكون لَهُ دخل فِي الاكتسابات التصورية والتصديقية واختصاص بهَا وَإِنَّمَا هُوَ الْعلم الحصولي وَلذَا قَالَ الْعَلامَة الرَّازِيّ فِي الرسَالَة المعمولة فِي التَّصَوُّر والتصديق أَن الْعلم الَّذِي هُوَ مورد الْقِسْمَة إِلَى التَّصَوُّر والتصديق هُوَ الْعلم المتجدد وَالْمرَاد بالمتجدد علم يتَحَقَّق كل فَرد مِنْهُ بعد تحقق الْمَوْصُوف بعدية زمانية وَهُوَ لَيْسَ إِلَّا الْعلم الحصولي، والحضوري وَإِن كَانَ بعض أَفْرَاده كَالْعلمِ الْمُتَعَلّق بالصورة العلمية متحققا بعد تحقق الْمَوْصُوف لَكِن جَمِيع أَفْرَاده لَيْسَ كَذَلِك فَإِن علم المجردات بذواتها وصفاتها حضوري وَهِي علل لعلومها وَلَا تنفك علومها عَنْهَا فَلَيْسَ بَين علومها ومعلوماتها بعدية زمانية وتعريفه الأشمل للجهليات وللمذهبين فِي الْعلم بالأشياء والأسلم عَن ارْتِكَاب الْمجَاز الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل.
وَإِن أردْت توضيح هَذَا التَّعْرِيف وتحقيقه وتنقيحه ودرجة كَونه أشمل وَأسلم من تَعْرِيفه بِأَنَّهُ حُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل مَعَ أَن فِي هَذَا التَّعْرِيف ارْتِكَاب إِضَافَة الصّفة إِلَى الْمَوْصُوف كَمَا مر بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور فاستمع لما يَقُول هَذَا الْغَرِيب الْقَلِيل البضاعة أَن المُرَاد بالصورة إِمَّا نفس مَاهِيَّة الْمَعْلُوم أَي الْمَوْجُود الذهْنِي الَّذِي لَا تترتب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية فَإِن الْمَاهِيّة بِاعْتِبَار الْحُضُور العلمي تسمى صُورَة وَبِاعْتِبَار الْوُجُود الْعَيْنِيّ أَي الْخَارِجِي تسمى عينا أَو المُرَاد بهَا ظلّ الْمَعْلُوم وشبحه الْمُخَالف لَهُ بِالْحَقِيقَةِ على اخْتِلَاف فِي الْعلم بالأشياء.
فَإِن الْمُحَقِّقين على أَن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا وَغَيرهم على أَنه بإظلالها وأشباحها الْمُخَالفَة لَهَا بالحقائق وعَلى الأول مَا هُوَ الْحَاصِل فِي الْعقل علم من حَيْثُ قِيَامه بِهِ وَمَعْلُوم بِالنّظرِ إِلَى ذَاته وعَلى الثَّانِي صُورَة الشَّيْء وظله علم وَذُو الصُّورَة مَعْلُوم وَمعنى علم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا أَن مَا فِي الذِّهْن لَو وجد فِي الْخَارِج متشخصا بتشخص زيد مثلا لَكَانَ عين زيد وبتشخص عَمْرو لَكَانَ عين عَمْرو. وَالْحَاصِل من الْحَاصِل فِي الذِّهْن نفس الْمَاهِيّة بِحَيْثُ إِذا وجد فِي الْخَارِج كَانَ عين الْعين وَبِالْعَكْسِ لَكِن هَذَا وجود ظِلِّي وَفِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وللكل أَحْكَام على حِدة وَلَا أَن مَا فِي الْخَارِج مَوْجُود فِي الذِّهْن بِعَيْنِه حَتَّى يلْزم كَون الْوَاحِد بالشخص سَوَاء كَانَ جوهرا أَو عرضا فِي مكانين فِي آن وَاحِد وَهُوَ محَال.
والوجود العلمي يُسمى وجودا ذهنيا وظليا وَغير أصيل أما تَسْمِيَته بالوجود الظلي على الْمَذْهَب الثَّانِي فَظَاهر، وَأما على الْمَذْهَب الأول فَلِأَن مُرَادهم أَنه وجود كوجود الظل فِي انْتِفَاء الْآثَار الخارجية المختصة بالوجود الْخَارِجِي كَمَا أَن الْوُجُود فِي مَا وَرَاء الذِّهْن يُسمى وجودا عينيا وأصيليا وخارجيا. فَإِن قيل إِن الْعلم بالأشياء بِأَعْيَانِهَا مُمْتَنع فَإِنَّهُ يسْتَلْزم كَون الذِّهْن حارا بَارِدًا مُسْتَقِيمًا معوجا عِنْد تصور الْحَرَارَة والبرودة والاستقامة والاعوجاج لِأَنَّهُ إِذا تصورت الْحَرَارَة تكون الْحَرَارَة حَاصِلَة فِي الذِّهْن وَلَا معنى للحار إِلَّا مَا قَامَت بِهِ الْحَرَارَة وَقس عَلَيْهِ الْبُرُودَة وَغَيرهَا وَهَذِه الصِّفَات منفية عَن الذِّهْن بِالضَّرُورَةِ وَأَيْضًا إِن حُصُول حَقِيقَة الْجَبَل وَالسَّمَاء مَعَ عظمها فِي الذِّهْن مِمَّا لَا يعقل قُلْنَا الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة وماهية مَوْــجُودَة بِوُجُود ظِلِّي لَا بهوية عَيْنِيَّة مَوْــجُودَة بِوُجُود أصيل والحار مَا تقوم بِهِ هوية الْحَرَارَة أَي ماهيتها الْمَوْــجُودَة بِوُجُود عَيْني لَا مَا تقوم بِهِ الْحَرَارَة الْمَوْــجُودَة بِوُجُود ظِلِّي فَلَا يلْزم اتصاف الذِّهْن بِتِلْكَ الصِّفَات المنفية عَنهُ والممتنع فِي الذِّهْن حُصُول هوية الْجَبَل وَالسَّمَاء وَغَيرهمَا من الْأَشْيَاء فَإِن ماهياتها مَوْــجُودَة بِوُجُود خارجي يمْتَنع أَن يحصل فِي أذهاننا وَأما مفهوماتها الْكُلية وماهياتها الْمَوْــجُودَة بالوجودات الظلية فَلَا يمْتَنع حُصُولهَا فِي الذِّهْن إِذْ لَيست مَوْصُوفَة بِصِفَات تِلْكَ الهويات لَكِن تِلْكَ الماهيات بِحَيْثُ لَو وجدت فِي الْخَارِج متشخصة بتشخص جبل الطّور وسماء الْقَمَر مثلا لكَانَتْ بِعَينهَا جبل طور وسماء قمر وَلَا نعني بِعلم الْأَشْيَاء بِأَعْيَانِهَا إِلَّا هَذَا.
وَالْحَاصِل أَن للموجود فِي الذِّهْن وجودا ظليا وَلذَلِك الْمَوْجُود فِي الْخَارِج وجود أُصَلِّي وَلكُل أَحْكَام على حِدة كَمَا أَشَرنَا إِلَيْهِ آنِفا وَالْمرَاد بِكَوْن الصُّورَة حَاصِلَة من الشَّيْء أَنَّهَا ناشئة مِنْهُ مُطَابقَة لَهُ أَو لَا بِخِلَاف صُورَة الشَّيْء فَإِن المُرَاد مِنْهَا الصُّورَة الْمُطَابقَة للشَّيْء لِأَن الْمُتَبَادر من إِضَافَة الصُّورَة إِلَى الشَّيْء مطابقتها لَهُ فتعريفه بِحُصُول صُورَة الشَّيْء فِي الْعقل لَا يَشْمَل الجهليات المركبة بِخِلَاف التَّعْرِيف الْمَذْكُور كَمَا عرفت.
ثمَّ ننقل مَا حررنا فِي تعليقاتنا على حَوَاشِي عبد الله اليزدي على تَهْذِيب الْمنطق تَحْقِيقا للمرام وتفصيلا للمقام أَن الْعقل المرادف للنَّفس الناطقة هُوَ جَوْهَر مُجَرّد عَن الْمَادَّة فِي ذَاته لَا فِي فعله وَالْعقل الَّذِي هُوَ مرادف الْملك جَوْهَر مُجَرّد فِي ذَاته وَفِي فعله. وَقد يُطلق على الْقُوَّة المدركة وَالْمرَاد بِهِ هَا هُنَا أما الأول أَو الثَّالِث. فَإِن قيل، على أَي حَال يخرج علم الله الْوَاجِب المتعال لعدم إِطْلَاق الْعقل عَلَيْهِ تَعَالَى، قُلْنَا، المُرَاد بِهِ هَاهُنَا الْمدْرك والمجرد وَقيل الْمَقْصُود تَعْرِيف الْعلم الَّذِي يتَعَلَّق بِهِ الِاكْتِسَاب أَي مَا يكون كاسبا أَو مكتسبا وَعلمه تَعَالَى لكَونه حضوريا منزه عَن ذَلِك فَلَا بَأْس بِخُرُوجِهِ لعدم دُخُوله فِي الْمُعَرّف فَإِن قيل قواعدهم كُلية عَامَّة وَهَذَا التَّخْصِيص يُنَافِي تَعْمِيم قواعدهم قُلْنَا تَعْمِيم الْقَوَاعِد إِنَّمَا هُوَ بِحَسب الْحَاجة فَهَذَا التَّخْصِيص لَا يُنَافِي التَّعْمِيم الْمَقْصُود وَإِن كَانَ منافيا لمُطلق التَّعْمِيم فَلَا ضير وَقَوْلهمْ عِنْد الْعقل يعم المذهبين دون فِي الْعقل.
وتوضيحه أَن الْمُحَقِّقين اتَّفقُوا على أَن الْمدْرك للكليات والجزئيات المادية وَغَيرهَا هُوَ النَّفس الناطقة، وعَلى أَن نِسْبَة الْإِدْرَاك إِلَى قواها كنسبة الْقطع إِلَى السكين لَا أَن مدرك الكليات هُوَ النَّفس الناطقة ومدرك الجزئيات هُوَ الْآلَات كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْمُتَأَخّرُونَ. ثمَّ بعد هَذَا الِاتِّفَاق اتَّفقُوا على أَن صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية كمحبة عَمْرو وعداوة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَاخْتلفُوا فِي أَن صور الجزئيات المادية ترتسم فِيهَا أَو فِي آلاتها. فَقَالَ بَعضهم إِنَّهَا ترتسم فِي آلاتها دون نَفسهَا لِأَن الصُّور الشخصية الجسمانية منقسمة فَلَو ارتسمت فِي النَّفس الناطقة لانقسمت بانقسامها لِأَن انقسام الْحَال يسْتَلْزم انقسام الْمحل وَهُوَ بَاطِل لِأَن النَّفس الناطقة بسيطة كَمَا تقرر فِي مَوْضِعه، وَيرد عَلَيْهِم أَن تِلْكَ الصُّور المرتسمة فِي الْآلَات عُلُوم بِنَاء على التَّعْرِيف الْمَذْكُور وَأَن الْمدْرك هُوَ الْعقل فَيلْزم أَن لَا يكون مَا قَامَ بِهِ الْعلم عَالما وَأَن يكون مَا لم يقم بِهِ الْعلم عَالما وَكِلَاهُمَا خلف، وَأَيْضًا الْمَانِع من الارتسام فِي النَّفس الناطقة هُوَ الانقسام إِلَى الْأَجْزَاء المتبائنة فِي الْوَضع لَا مُطلق الانقسام وَذَلِكَ من تَوَابِع الْوُجُود الْخَارِجِي وخواصه فَلَا يلْزم الْفساد من ارتسامها وَلَو كَانَت صور الجزئيات الجسمانية على طبق تِلْكَ الجزئيات فِي الانقسام والصغر وَالْكبر لَا متنع ارتسامها فِي الْآلَات أَيْضا كَنِصْف السَّمَاء وَالْجِبَال والأودية وأمثالها. وَقَالَ بَعضهم أَن صور الجزئيات المادية كصورة زيد ترتسم فِي النَّفس الناطقة وَهِي مدركة للأشياء كلهَا إِلَّا أَن إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية أَي الجسمانية بِوَاسِطَة الْآلَات لَا بذاتها وَذَلِكَ لَا يُنَافِي ارتسام الصُّور فِيهَا، ودليلهم الوجدان الْعَام بِأَنا إِذا رَجعْنَا إِلَى الوجدان علمنَا أَن لأنفسنا عِنْد إِدْرَاكهَا للجزئيات المادية حَالَة إدراكية انكشافية لم تكن حَاصِلَة قبل ذَلِك الْإِدْرَاك. فَإِن قيل إِن معنى عِنْد هُوَ الْمَكَان الْقَرِيب من الشَّيْء فَكيف يتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس فَكَمَا أَن فِي الْعقل لَا يَشْمَل المذهبين كَذَلِك عِنْد الْعقل لَا يَشْمَل صور الكليات والجزئيات الْغَيْر المادية لحصولها فِي الْعقل دون مَكَان قريب مِنْهُ. وَأجِيب عَنهُ بِأَن كلمة عِنْد بِحَسب الْعرف لاخْتِصَاص شَيْء بمدخولها كَمَا يُقَال هَذِه الْمَسْأَلَة كَذَا عِنْد فلَان أَي لَهَا اخْتِصَاص بِهِ. وَلَا شكّ أَن للصورة الْحَاصِلَة اخْتِصَاص بِالْعقلِ من جِهَة الْإِدْرَاك لِأَنَّهُ الْمدْرك للصورة فَيتَنَاوَل مَا ارتسم فِي النَّفس والآلات فَثَبت أَن عِنْد الْعقل يَشْمَل المذهبين دون فِي الْعقل لاخْتِصَاص كلمة فِي بالداخل. وَالْحمل على التَّوَسُّع بِحَيْثُ يتَنَاوَل الْحَاصِل فِي الْآلَات أَيْضا يدْفع الْمَحْذُور لكنه خلاف الظَّاهِر ومدار الْكَلَام على مُحَافظَة الظَّاهِر ورعاية الْمُتَبَادر فعلى هَذَا الْجَواب الْمَذْكُور إِنَّمَا يجدي نفعا لَو كَانَ عِنْد مَعَ رِعَايَة مَعْنَاهُ الْمُتَبَادر متناولا للمذهبين دونه فِي فِي - وَلَيْسَ كَذَلِك لما مر آنِفا.
ثمَّ اعْلَم أَن الصُّورَة من مقولة الكيف لكَونهَا عرضا لَا يَقْتَضِي لذاته قسْمَة وَلَا نِسْبَة فَيكون الْعلم الْمَعْرُوف بالصورة الْمَذْكُور من مقولة الكيف وَهُوَ الْمَذْهَب الْمَنْصُور كَمَا مر وَلَعَلَّ من ذهب إِلَى أَنه من مقولة الانفعال يَقُول بِأَنَّهُ من مقولة الكيف أَيْضا لَكِن لما كَانَ الْعلم أَي الصُّورَة الْمَذْكُورَة حَاصِلا بالانفعال أَي بانتقاش الذِّهْن بالصورة الناشئة من الشَّيْء وقبوله إِيَّاهَا قَالَ إِنَّه من مقولة الانفعال مُبَالغَة وتنبيها على أَن حُصُول الْعلم بالانفعال لَا بِغَيْرِهِ. وَاعْترض بِأَن الكيف من الموجودات الخارجية لِأَن الموجودات الخارجية تَنْقَسِم إِلَى الْجَوَاهِر الْخَمْسَة والأعراض التِّسْعَة فَكيف تكون الصُّورَة الذهنية أَي الْعلم من مقولة الكيف وَالْجَوَاب أَن الْعلم من الموجودات الخارجية والمعلوم من الموجودات الذهنية كَمَا مر. وَأجَاب عَنهُ جلال الْعلمَاء فِي الْحَوَاشِي الْقَدِيمَة على الشَّرْح الْجَدِيد للتجريد فِي مَبْحَث الْوُجُود الذهْنِي أَن عدهم إِيَّاهَا كيفا على سَبِيل الْمُسَامحَة وتشبيه الْأُمُور الذهنية بالأمور العينية فعلى هَذَا يكون الْعلم من الموجودات الذهنية.
فَإِن قيل الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها فَيجب أَن يكون الْعلم بالجواهر جوهرا وبالكم كَمَا وبالكيف كيفا وَهَكَذَا وَلَا يُمكن أَن يكون من مقولة الكيف مُطلقًا قُلْنَا أجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول بِأَن حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن لَا يُوجب اتصاف الذِّهْن وقيامه بِهِ كحصول الشَّيْء فِي الزَّمَان وَالْمَكَان فَمَا هُوَ جَوْهَر حَاصِل فِي الذِّهْن وموجود فِيهِ وَمَا هُوَ عرض وَكَيف قَائِم بِهِ وموجود فِي الْخَارِج وَكَون الْأَشْيَاء حَاصِلَة فِي الذِّهْن بأنفسها بِالْمَعْنَى الَّذِي ذكرنَا آنِفا لَا يُنَافِي هَذَا الْفرق وَمَا فِي هَذَا الْجَواب سيتلى عَلَيْك. وَالشَّيْخ أورد فِي الهيات الشِّفَاء إشكالين أَحدهمَا أَن الْعلم هُوَ المكتسب من صور الموجودات مُجَرّدَة عَن موادها وَهِي صور جَوَاهِر وإعراض فَإِن كَانَت صور الْإِعْرَاض إعْرَاضًا فصور الْجَوَاهِر كَيفَ تكون إعْرَاضًا فَإِن الْجَوْهَر لذاته جَوْهَر فماهيته لَا تكون فِي مَوْضُوع الْبَتَّةَ وماهيته مَحْفُوظَة سَوَاء نسبت إِلَى إِدْرَاك الْعقل لَهَا أَو نسبت إِلَى الْوُجُود الْخَارِجِي.
فَنَقُول إِن مَاهِيَّة الْجَوْهَر جَوْهَر بِمَعْنى أَنه الْمَوْجُود فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع وَهَذِه الصّفة مَوْــجُودَة لماهية الْجَوْهَر المعقولة فَإِنَّهَا مَاهِيَّة شَأْنهَا أَن تكون مَوْــجُودَة فِي الْأَعْيَان لَا فِي مَوْضُوع أَي إِن وجدت فِي الْأَعْيَان وجدت لَا فِي مَوْضُوع وَأما وجوده فِي الْعقل بِهَذِهِ الصّفة فَلَيْسَ ذَلِك فِي حَده من حَيْثُ هُوَ جَوْهَر أَي لَيْسَ حدا لجوهر أَنه فِي الْعقل لَا فِي مَوْضُوع بل حَده أَنه سَوَاء كَانَ فِي الْعقل أَو لم يكن فَإِن وجوده لَيْسَ فِي مَوْضُوع انْتهى.
وَحَاصِل الْجَواب أَنه لَا إِشْكَال فِي كَون الشي الْوَاحِد جوهرا وعرضا باعتبارين وتغاير وجودين فَإِن الْجَوْهَر على مَا عرف ماهيته إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع وَالْعرض هُوَ الْمَوْجُود فِي الْمَوْضُوع فالصورة الجوهرية لكَونهَا بِحَيْثُ إِذا وجدت فِي الْخَارِج كَانَت لَا فِي مَوْضُوع جَوْهَر وَمن حَيْثُ إِنَّهَا مَوْــجُودَة فِي الْمَوْضُوع عرض وَأَنت تعلم أَن بَين الْجَوْهَر وَالْعرض تباينا وتغايرا ذاتيا لَا اعتباريا.
وَأَيْضًا اعْترض الزَّاهِد فِي حَوَاشِيه على الرسَالَة القطبية المعمولة حَيْثُ قَالَ لَا يخفى عَلَيْك أَن القَوْل بعرضية الصُّورَة الجوهرية منَاف لحصر الْعرض فِي المقولات التسع لِأَن المقولات أَجنَاس عالية متبائنة بِالذَّاتِ اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْــجُودَة فِي الْخَارِج انْتهى. وَقَالَ فِي الْهَامِش قَوْله اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون إِلَى آخِره إِشَارَة إِلَى أَن هَذَا الْجَواب غير تَامّ وَذَلِكَ لِأَن التَّحْقِيق عِنْدهم أَن الْإِضَافَة وَغَيرهَا من المقولات التسع لَيست مَوْــجُودَة فِي الْخَارِج وَالصَّوَاب فِي الْجَواب أَن يُقَال مُرَادهم حصر الْأَعْرَاض الْمَوْــجُودَة فِي نفس الْأَمر. وَالْمَوْجُود فِيهَا هَاهُنَا أَمْرَانِ الْحَقِيقَة العلمية والحقيقة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ هِيَ وكل مِنْهُمَا مندرج فِي مقولة. الأولى من مقولة الكيف، وَالثَّانيَِة فِي مقولة أُخْرَى من مقولة الْجَوْهَر وَغَيرهَا، وَأما الْحَقِيقَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية بِأَن يكون التَّقْيِيد دَاخِلا والقيد خَارِجا أَو بِأَن يكون كل مِنْهُمَا دَاخِلا أَي الْمركب من الْعَارِض والمعروض فَلَا شكّ أَنَّهَا من الاعتبارات الذهنية وَلَيْسَ لَهَا وجود فِي نفس الْأَمر انْتهى. ضَرُورَة أَن التَّقْيِيد أَمر اعتباري فَكَذَا مَا هُوَ مركب مِنْهُ فَافْهَم. وَثَانِيهمَا أَنه إِذا حصلت حَقِيقَة جوهرية فِي الذِّهْن كَانَت تِلْكَ الْحَقِيقَة علما وعرضا فَيلْزم أَن يكون شَيْء وَاحِد علما ومعلوما وجوهرا وعرضا. وَأجَاب شَارِح التَّجْرِيد بِالْفرقِ بَين الْقيام والحصول إِلَى آخر مَا ذكرنَا آنِفا وَاعْترض عَلَيْهِ الزَّاهِد حَيْثُ قَالَ وَحَاصِله كَمَا يظْهر بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِق أَن الْقَائِم بالذهن شبح الْمَعْلُوم ومثاله وَالْحَاصِل فِيهِ عين الْمَعْلُوم وَنَفسه فَهُوَ جمع بَين المذهبين انْتهى. ثمَّ اعْلَم أَن للزاهد فِي هَذَا الْمقَام فِي تصنيفاته تَحْقِيقا تفرد بِهِ فِي زَعمه وتفاخر بِهِ فِي ظَنّه وَتكلم عَلَيْهِ أَبنَاء الزَّمَان وجرحه بعض فضلاء الدوران وَأَنا شمرت بِقدر الوسع فِي تحريره وتفصيل مجملاته وَإِظْهَار مقاصده وإبراز مضمراته بعد إتْيَان كَلَامه ليظْهر على الناظرين علو مرامه.
فَأَقُول إِنَّه قَالَ فِي حَوَاشِيه على حَوَاشِي جلال الْعلمَاء على تَهْذِيب الْمنطق. اعْلَم أَن للْعلم مَعْنيين. الأول الْمَعْنى المصدري، وَالثَّانِي الْمَعْنى الَّذِي بِهِ الانكشاف. وَالْأول حُصُول الصُّورَة وَالثَّانِي هِيَ الصُّورَة الْحَاصِلَة وَلَا شكّ أَن الْغَرَض العلمي لم يتَعَلَّق بِالْأولِ فَإِنَّهُ لَيْسَ كاسبا وَلَا مكتسبا فَالْمُرَاد بِحُصُول الصُّورَة هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة على سَبِيل الْمُسَامحَة هَذَا مَا ذهب إِلَيْهِ النّظر الْجَلِيّ. ثمَّ النّظر الدَّقِيق يحكم بِأَن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَحَقِيقَته مَا يعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (بدانش) وَهِي حَالَة إدراكية يتَحَقَّق عِنْد حُصُول الشَّيْء فِي الذِّهْن تِلْكَ الْحَالة الإدراكية تصدق على الْأَشْيَاء الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن صدقا عرضيا وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا حصل فِي الذِّهْن شَيْء يحصل لَهُ وصف يحمل ذَلِك الْوَصْف عَلَيْهِ فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية وَهَذَا الْمَحْمُول لَيْسَ نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعرضي من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى انْتهى.
فَأَقُول مستعينا بِاللَّه الْملك العلام، وَهُوَ الْهَادِي إِلَى الْحق فِي كل مقصد ومرام، أَن فِي تَحْقِيق الْعلم نظرين نظر جلي فويق، وَنظر دَقِيق خَفِي عميق. وبالقبول حري وحقيق، وَعَن الجروح الْمَذْكُورَة سليم وعتيق. أما الأول فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة والتعريف الْمَشْهُور أَعنِي حُصُول صُورَة الشَّيْء المُرَاد بِهِ الصُّورَة الْحَاصِلَة على الْمُسَامحَة لَا الْمَعْنى المصدري إِذْ لَا يتَعَلَّق بِهِ الْغَرَض العلمي لِأَنَّهُ لَا يكون كاسبا وَلَا مكتسبا كَمَا مر وَحِينَئِذٍ يرد الإشكالات الْمَذْكُورَة فَيحْتَاج فِي دَفعهَا إِلَى أجوبة لَا تَخْلُو عَن إِيرَاد كَمَا لَا يخفى وَأما الثَّانِي فَهُوَ أَن الْعلم هُوَ الْوَصْف الْعَارِض للصورة الْمَحْمُول عَلَيْهَا حملا عرضيا لَا ذاتيا وَحِينَئِذٍ لَا إِشْكَال وَلَا إِيرَاد.
وتفصيل هَذَا الْمُجْمل أَنَّك قد علمت فِيمَا مر أَن الْأَشْيَاء بعد حُصُولهَا فِي الأذهان تسمى صورا فَأَقُول إِنَّه يحصل لتِلْك الصُّور فِي الأذهان وصف لَيْسَ بحاصل لَهَا وَقت كَونهَا فِي الْأَعْيَان وَذَلِكَ الْوَصْف هُوَ الْحَالة الإدراكية أَي كَيْفيَّة كَون تِلْكَ الصُّور مدركة ومنكشفة وَهَذَا الْوَصْف هُوَ الْعلم وَإِذا حصل للصور الذهنية هَذَا الْوَصْف أَي الْحَالة الإدراكية يحصل بِسَبَب هَذَا الْوَصْف وصف آخر لتِلْك الصُّور وَهُوَ كَونهَا صورا علمية وَذَلِكَ الْوَصْف الَّذِي هُوَ الْعلم حَقِيقَة يحمل على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن حملا عرضيا وَيصدق عَلَيْهِ صدقا عرضيا فَيُقَال للصورة الإنسانية مثلا علم وَكَذَا يُقَال عَلَيْهَا إِنَّهَا صُورَة علمية وَلَيْسَ كل من هذَيْن المحمولين نفس الْمَوْضُوع وَإِلَّا لَكَانَ مَحْمُولا عَلَيْهِ حَال كَونه فِي الْخَارِج ضَرُورَة أَن الذَّات والذاتي لَا يَخْتَلِفَانِ باخْتلَاف الْوُجُود فَهَذَا الْحمل من قبيل حمل الْكَاتِب على الْإِنْسَان فالعارض من مقولة الكيف سَوَاء كَانَ معروضه من هَذِه المقولة أَو من مقولة أُخْرَى.
فَالْحَاصِل أَن الْعلم بِحَسب الْحَقِيقَة لَيْسَ نفس الْحَاصِل فِي الذِّهْن بل عَارض لَهُ وَإِطْلَاق الْعلم على الْحَاصِل فِي الذِّهْن من قبيل إِطْلَاق الْعَارِض على المعروض مثل طَلَاق الضاحك على الْإِنْسَان فالعارض الَّذِي هُوَ الْعلم كَيفَ يصدق عَلَيْهِ رسمه والمعروض تَابع للموجود الْخَارِجِي فِي الجوهرية والكيفية وَغَيرهمَا لاتحاده مَعَه وَبِهَذَا التَّحْقِيق ينْحل كثير من الإشكالات الْمَذْكُورَة.
وَأَيْضًا ينْدَفع الْإِشْكَال الْمَشْهُور فِي التَّصَوُّر والتصديق وَهُوَ أَن الْمُحَقِّقين ذَهَبُوا إِلَى أَنَّهُمَا مُخْتَلِفَانِ بِحَسب الْحَقِيقَة وَإِذا تعلق التَّصَوُّر بالتصديق يلْزم اتحادهما لِاتِّحَاد الْعلم والمعلوم وَحَاصِل الدّفع أَن التَّصَوُّر والتصديق قِسْمَانِ لما هُوَ علم بِحَسب الْحَقِيقَة لَا لما صدق هُوَ عَلَيْهِ وَالْعلم الَّذِي هُوَ عين الْمَعْلُوم هُوَ مَا يصدق عَلَيْهِ الْعلم أَي مَا هُوَ حَاصِل فِي الذِّهْن وَإِن تَأَمَّلت فِيمَا حررنا ينْدَفع مَا قيل إِن قَوْله فَيُقَال لَهُ صُورَة علمية يشْعر بِأَن الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ علم بِالْحَقِيقَةِ هِيَ الْوَصْف أَي هَذَا الْمَحْمُول أَعنِي كَونهَا صُورَة علمية، وَلَا يخفى مَا فِيهِ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ مَفْهُوم لفظ هَذَا الْمَحْمُول فَظَاهر أَنه لَيْسَ كَذَلِك لِأَنَّهُ لَيْسَ من الكيفيات النفسانية العلمية، وَإِن أَرَادَ مصداقه فَهُوَ الصُّورَة الْحَاصِلَة فَهَذَا هُوَ الَّذِي فر عَنهُ.
وتوضيح الدّفع أَن هَاهُنَا وصفين متغائرين أَحدهمَا الْحَالة الإدراكية وَهِي علم فِي الْحَقِيقَة وَثَانِيهمَا كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية وَلَيْسَ أَحدهمَا عين الآخر نعم إِذا حصلت الْحَالة الإدراكية أَي الصّفة الأولى للصورة فِي الذِّهْن يحصل لتِلْك الصُّورَة بِسَبَب الصّفة الأولى صفة أُخْرَى وَهُوَ كَونهَا صُورَة علمية فالفاء فِي قَوْله فَيُقَال للتفريع والتعقيب أَي بعد حمل ذَلِك الْوَصْف الأول على الشَّيْء الْحَاصِل فِي الذِّهْن يُقَال لَهُ صُورَة علمية أَي يحمل هَذَا الْوَصْف الثَّانِي على ذَلِك الشَّيْء. فَإِن قلت الْمَقْصُود إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته أَي الْكَيْفِيَّة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم وَلَا فَائِدَة فِي إِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعروضه مَعَ أَنه لَيْسَ بِعلم نعم لَكِن لما كَانَ إِثْبَات زِيَادَة الْوَصْف الثَّانِي وعرضيته توجب زِيَادَة الْوَصْف الأول وعرضيته لِأَن الْوَصْف الثَّانِي وَهُوَ كَون الْحَاصِل فِي الذِّهْن صُورَة علمية من لَوَازِم الْوَصْف الأول أَعنِي الْحَالة الإدراكية تعرض لإِثْبَات الْوَصْف الثَّانِي وزيادته وعرضيته. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْوَصْف الثَّانِي من لَوَازِم الْوَصْف الأول لِأَن الْوَصْف الثَّانِي اللَّازِم مُنْتَفٍ فِي ظرف الْخَارِج لِأَن الشَّيْء فِي الْخَارِج لَا تطلق عَلَيْهِ الصُّورَة العلمية فالوصف الأول الْمَلْزُوم أَيْضا يكون منتفيا عَنهُ فِي الْخَارِج.
وَبَقِي هَاهُنَا اعْتِرَاض قوي تَقْرِيره أَن قَوْله يصدق إِلَى آخِره وَقَوله حصل إِلَى آخِره وَقَوله فالعرض من مقولة الكيف إِلَى آخِره نُصُوص وشواهد على أَن الْحَالة الإدراكية من عوارض الصُّورَة الْحَاصِلَة ومحمولاتها وصفاتها مَعَ أَنَّهَا الْعلم حَقِيقَة فَيلْزم أَن يكون كل وَاحِد مِنْهَا عَالما حَقِيقَة لِأَن الْعَالم وكل مُشْتَقّ مِنْهُ يصدق على مَا قَامَ بِهِ مبدؤه ومأخذه وَهُوَ هَاهُنَا الصُّورَة الْحَاصِلَة فَتكون هِيَ عَالِمَة حَقِيقَة لَا النَّفس الناطقة الإنسانية اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال إِن الْكَيْفِيَّة الإدراكية إِذا حصلت حصلت لَهَا جهتان جِهَة النِّسْبَة إِلَى النَّفس الناطقة وجهة النِّسْبَة إِلَى الصُّورَة الْحَاصِلَة كَمَا أَن للمصدر الْمُتَعَدِّي حِين حُصُوله نسبتان نِسْبَة إِلَى الْفَاعِل وَنسبَة إِلَى الْمَفْعُول كالضرب فَإِن لَهُ علاقَة بالضارب بالصدور وبالمضروب بالوقوع. والمصدر حَقِيقَة من عوارض الْفَاعِل وَمن صِفَاته فَإِن الضَّرْب حَقِيقَة صفة الضَّارِب لَكِن لَا بعد فِي أَن يعد من صِفَات الْمَفْعُول مجَازًا نظرا إِلَى العلاقة الثَّانِيَة فَيُقَال إِن الضَّرْب صفة الْمَضْرُوب كَمَا أَنه صفة الضَّارِب وَإِن كَانَ أَحدهمَا حَقِيقَة وَالْآخر تجوزا. وَلَا مشاحة أَيْضا فِي أَن يُقَال إِن الْمصدر مَحْمُول على الْمَفْعُول فِي ضمن مُشْتَقّ من مشتقاته فَإِن الضَّرْب مَحْمُول على الْمَفْعُول بِاعْتِبَار أَن مشتقا من مشتقاته مَحْمُول عَلَيْهِ.
وَحَاصِل هَذَا الْجَواب أَنه لَا بَأْس بِكَوْن الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن عَالِمَة وَيُمكن أَن يُقَال إِن الْعلم وصف للصورة الْحَاصِلَة بِحَال متعلقها لَا بِحَال نَفسهَا فَلَا يلْزم من كَون الْعلم وَصفا للصورة ومحمولا عَلَيْهَا كَونه وَصفا لَهَا على وزن الْمَوْصُوف بِحَال الْمَوْصُوف، وَإِنَّمَا قُلْنَا إِن الْعلم وصف الصُّورَة بِحَال متعلقها لِأَن معنى الْحَالة الإدراكية الَّتِي هِيَ الْعلم حَقِيقَة حَالَة إِدْرَاك النَّفس الناطقة للصورة الْحَاصِلَة فِيهَا فَهِيَ وصف النَّفس بِحَال نَفسهَا وَالصُّورَة بِحَال متعلقها الَّذِي هُوَ النَّفس الناطقة المدركة لَهَا. والمشتق الْمَبْنِيّ للْفَاعِل إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ، والمشتق الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول إِنَّمَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ المأخذ الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. أَلا ترى أَن الضَّارِب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْمَفْعُول. والمضروب لَا يصدق على مَا قَامَ بِهِ الضَّرْب الْمَبْنِيّ للْفَاعِل. هَذَا مَا خطر بالبال، وَلَا يخفى مَا فِيهِ من الأشكال، لِأَن الْمُتَبَادر من الْإِدْرَاك الْمصدر الْمَبْنِيّ للْفَاعِل وَفِيه مَا فِيهِ أَيْضا وَلَعَلَّ الله يحدث بعد ذَلِك أمرا.
وَلَا يخفى على الذكي الوكيع مَا يرد على الزَّاهِد من الأبحاث القوية أَحدهَا أَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر فَكيف يَصح أَن يُقَال إِن المُرَاد بِحُصُول الصُّورَة الْمَعْنى الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ وَجعل ذَلِك الْمَعْنى علما حَقِيقَة لِأَن الْعلم على مَا قَالَ مبدؤ الانكشاف ومقدم عَلَيْهِ فَلَو كَانَ الْعلم عبارَة عَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ يكون مُؤَخرا عَن الْمصدر أَي عَن حُصُول الصُّورَة الملازم للانكشاف فَيلْزم أَن يكون الْعلم مُؤَخرا عَن الانكشاف أَيْضا. وَثَانِيها أَن الْعلم من الموجودات الخارجية فَلَو كَانَ وَصفا عارضا للصورة الذهنية يلْزم زِيَادَة الْعَارِض على المعروض فِي الْوُجُود فَإِن الْعَارِض فرض كيفا مَوْجُودا فِي الْخَارِج والمعروض مَوْجُود ذهني وَثَالِثهَا أَنه لَا يتَصَوَّر أَن يكون الْمَوْجُود الْخَارِجِي عارضا للوجود الذهْنِي فَإِن الْعَارِض يكون تَابعا لمعروضه فِي طرفه فَإِن وجود الْعَارِض الْمَحْمُول إِنَّمَا هُوَ وجود الْمَوْجُود الْمَوْضُوع فَيكون تَابعا لوُجُود الْمَوْضُوع وَوُجُود الْمَوْضُوع هَاهُنَا ذهني فَكيف يكون بعارضه الْمَحْمُول وجود خارجي. وَقد أجَاب عَنْهَا بعض أَبنَاء الزَّمَان بأجوبة مَا لَهَا خلاف ظَاهر بَيَان الزَّاهِد بل استحداث مَذْهَب آخر غير مذْهبه وَتَحْقِيق سوى تَحْقِيقه لم ألتفت إِلَيْهَا مَعَ أَن تردد البال وتشتت الْحَال لم يرخص أَيْضا بنقلها.
ثمَّ اعْلَم أَن هَاهُنَا تحقيقات وشبهات أذكرها للناظرين رَجَاء مِنْهُم دُعَاء بَقَاء الْإِيمَان، والتجاوز عَن جَزَاء الْعِصْيَان، قد أَشرت فِي العجالة إِلَى شُبْهَة مَشْهُورَة وجوابها بطرِيق الرَّمْز والألغاز وَهَاهُنَا أذكرها بتقرير وَاضح وتحرير لائح بِأَن البداهة والنظرية صفتان متبائنتان لَا يُمكن جَمعهمَا فِي شَيْء وَاحِد فالعلم لَا يكون إِلَّا بديهيا أَو نظريا على سَبِيل الِانْفِصَال الْحَقِيقِيّ وَهُوَ منقسم إِلَى التَّصَوُّر والتصديق المنقسمين إِلَى البديهي والنظري فَيلْزم انقسام الْعلم إِلَيْهِمَا أَيْضا فَإِن كَانَ نظريا كَمَا هُوَ الْحق أَو ضَرُورِيًّا كَمَا هُوَ مَذْهَب الإِمَام يلْزم انقسام الشَّيْء إِلَى نَفسه وَإِلَى غَيره وبطلانه أظهر من أَن يخفى. وَالْجَوَاب أَن الْعلم من حَيْثُ مَفْهُومه إِمَّا ضَرُورِيّ أَو كسبي وَلَا يلْزم مِنْهُ أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا أَو جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ كسبيا بل يجوز أَن يكون بعض مَا صدق عَلَيْهِ ضَرُورِيًّا وَالْبَعْض الآخر كسبيا. وَحَاصِل الْجَواب أَن الضَّرُورِيّ أَو الكسبي هُوَ مَفْهُوم الْعلم والمنقسم إِلَيْهِمَا إِنَّمَا هُوَ مَا صدق عَلَيْهِ الْعلم وَلَا يلْزم من كَون مَفْهُوم شَيْء ضَرُورِيًّا أَو كسبيا أَن يكون جَمِيع مَا صدق عَلَيْهِ ذَلِك الشَّيْء أَيْضا كَذَلِك. أَلا ترى أَن الضَّرُورِيّ نَظَرِي مفهوما مَعَ أَن مَا صدق عَلَيْهِ إِنَّمَا يكون ضَرُورِيًّا بديهيا. فَإِن قلت، قَوْلهم الْعلم إِمَّا تصور أَو تَصْدِيق مُنْفَصِلَة حَقِيقِيَّة أَو مَانِعَة الْجمع أَو مَانِعَة الْخُلُو فعلى الْأَوَّلين لَا يفهم أَن للْعلم قسمَيْنِ، وعَلى الثَّالِث لَا يحصل الْجَزْم بالقسمين مَعَ أَنه الْمَقْصُود. وَالْجَوَاب أَن هَذِه الْقَضِيَّة لَيست بمنفصلة وَإِنَّمَا هِيَ حملية شَبيهَة بالمنفصلة والمنافاة قد تعْتَبر فِي القضايا المنفصلات وَقد تعْتَبر فِي الْمُفْردَات بِحَسب صدقهَا على الذَّات وَهِي الحمليات الشبيهة بالمنفصلات.
وَفِي الرسَالَة القطبية فِي الْحِكْمَة العملية الْعلم هُوَ الْمَوْجُود المستلزم عدم الْغَيْبَة فَإِن كَانَ بِآلَة فَهُوَ الْعلم وَإِن كَانَ بِغَيْر وَاسِطَة فَهُوَ الْمُشَاهدَة وَإِن كَانَ بِآلَة روحانية فَهُوَ الْمَعْقُول والجازم الَّذِي لَيْسَ مطابقا هُوَ الْجَهْل الْمركب والمطابق الَّذِي لَا مُسْتَند لَهُ هُوَ التَّقْلِيد الْحق وَالَّذِي لَهُ مُسْتَند وَكفى فِي التَّصْدِيق بِنِسْبَة أحد جزئيه إِلَى الآخر تصور أحد الطَّرفَيْنِ فَقَط فَهُوَ الفطري وَإِن لم يكف فَهُوَ الفكري وَإِن كَانَ غير جازم فأقرب الطَّرفَيْنِ إِلَى الْجَزْم ظن وأوسطها شكّ وأبعدهما وهم. والجازم المطابق الَّذِي لَهُ مُسْتَند إِن كَانَ برهَان الْآن فَهُوَ الْيَقِين وَإِن كَانَ ببرهان اللم فَهُوَ علم الْيَقِين، والمشاهدة إِن كَانَت على وَجه يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ عين الْيَقِين، وَإِن كَانَ على وَجه لَا يُمكن أتم مِنْهَا فَهُوَ حق الْيَقِين انْتهى. قَالَ بعض الْحُكَمَاء لِابْنِهِ يَا بني خُذ الْعلم من أَفْوَاه الرِّجَال فَإِنَّهُم يَكْتُبُونَ أحسن مَا يسمعُونَ ويحفظون أحسن مَا يَكْتُبُونَ وَيَقُولُونَ أحسن مَا يحفظون.
الْعلم الحضوري وَالْعلم الحصولي قد عرفت تَعْرِيف كل مِنْهُمَا فِي تَحْقِيق الْعلم فَاعْلَم أَن كل وَاحِد مِنْهُمَا حَقِيقَة نوعية محصلة عِنْدهم ذاتي لما تَحْتَهُ مغائر للْآخر مُغَايرَة نوعية، وَالْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري متحدان بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار. وَفِي الحصولي متحدان بِالذَّاتِ متغائران بِالِاعْتِبَارِ فَإِن الْعلم فِي الحصولي الْمَاهِيّة من حَيْثُ إِنَّهَا مكيفة بالعوارض الذهنية، والمعلوم فِيهِ الْمَاهِيّة مَعَ قطع النّظر عَن تِلْكَ الْحَيْثِيَّة. فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن مَجْمُوع المعروض والعوراض الذهنية علم حصولي والمعروض فَقَط مَعْلُوم بِهِ فَيعلم من هَاهُنَا أَن التغاير بَينهمَا فِي الْعلم الحصولي بِالذَّاتِ، قُلْنَا، هَذَا المظنون غير صَحِيح لِأَن الْعلم عِنْدهم حَقِيقَة محصلة لَا أَمر اعتباري أَي لَيْسَ من الْأُمُور الَّتِي تحققها بِاعْتِبَار الْعقل واختراع الذِّهْن بل هُوَ أَمر مُحَقّق فِي نفس الْأَمر وَله حَقِيقَة محصلة مَوْــجُودَة بِلَا اعْتِبَار واختراع فَلَو كَانَ الْعلم أَي مَا يصدق عَلَيْهِ الْكَيْفِيَّة العلمية مَجْمُوع الْعَارِض والمعروض مَجْمُوع الْإِنْسَان وعوارضه الذهنية مثلا يلْزم أَن يكون حَقِيقَة الْعلم ملتئمة عَن الْجَوْهَر وَالْعرض أَو عَن غَيرهمَا من المقولتين المتبائنتين.
وَلَا شكّ أَن كل حَقِيقَة مركبة كَذَلِك فَهُوَ أَمر اعتباري لَيْسَ لَهُ حَقِيقَة وحدانية محصلة مَعَ أَن منَاط الانكشاف هُوَ أَن يحصل المعروض فَقَط لَا أَن يحصل مَجْمُوع المعروض والعوارض على مَا تشهد بِهِ الضَّرُورَة، أَلا ترى أَنه لَو حصل المعروض فِي الذِّهْن خَالِيا عَن الْعَوَارِض لتحَقّق الانكشاف فَإِن قيل زعم بَعضهم أَن التغاير بَين الْعلم والمعلوم فِي الحضوري تغاير اعتباري كتغاير المعالج والمعالج فَلَيْسَ بَينهمَا اتِّحَاد بِالذَّاتِ وَالِاعْتِبَار قُلْنَا التغاير على نَوْعَيْنِ تغاير بِاعْتِبَار المصداق أَي التغاير الَّذِي هُوَ مصداق تحقق المتغائرين وتغاير بعد تحقق المتغائرين وَالْمُعْتَبر فِي الِاتِّحَاد بِالذَّاتِ هُوَ نفي التغاير الأول فالتغاير الثَّانِي لَا يضر فِي ذَلِك الِاتِّحَاد فقد اشْتبهَ على هَذَا الزاعم التغاير الأول بالتغاير الثَّانِي. وتفصيل هَذَا الْإِجْمَال أَن فِي المعالج والمعالج حيثيتين حيثية الْقُوَّة الفعلية وحيثية الْقُوَّة الانفعالية وَيُقَال المعالج بِالْكَسْرِ بِالِاعْتِبَارِ الأول والحيثية الأولى والمعالج بِالْفَتْح بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي والحيثية الثَّانِيَة وَالْعلم الحضوري لَيْسَ كَذَلِك لِأَن منَاط الانكشاف فِي الْعلم الحضوري هُوَ الصُّورَة الخارجية الْحَاضِرَة. نعم هَذِه الصُّورَة من حَيْثُ إِنَّهَا منَاط الانكشاف يُقَال لَهَا علم حضوري وَمن حَيْثُ إِنَّهَا منكشفة يُقَال لَهَا مَعْلُوم حضوري وَهَاتَانِ الحيثيتان متأخرتان عَن مصداق تحققهما وَهَذَا المصداق لَيْسَ إِلَّا وَاحِد، وَالْمرَاد باتحاد الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري هُوَ الِاتِّحَاد بِاعْتِبَار المصداق وَهُوَ مُتحد فِي الْعلم الحضوري وَأَن تحدث بعد تحَققه حيثيتان بِخِلَاف المعالج والمعالج فَإِن مصداق تحققهما مُتَعَدد فيهمَا وَلَو كَانَ مصداق الْعلم والمعلوم فِي الْعلم الحضوري مُتَعَددًا بِأَن كَانَ التغاير بَينهمَا مَوْجُودا أَن تحققهما عِلّة لتحققهما مقدما على التغاير الَّذِي بعد تحققهما لَكَانَ الْعلم الحضوري صُورَة منتزعة من الْمَعْلُوم وَكَانَ علما حصوليا.
فَإِن قيل كَيفَ يكون الْعلم والمعلوم فِي الحصولي متحدين بِالذَّاتِ ومتغائرين بِالِاعْتِبَارِ قُلْنَا قَالَ الزَّاهِد أَن للشَّيْء الْحَاصِل صورته فِي الذِّهْن ثَلَاثَة اعتبارات الأول اعْتِبَاره من حَيْثُ هُوَ أَي مَعَ قطع النّظر عَن عوارضه الخارجية والذهنية وَالثَّانِي اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية وَالثَّالِث اعْتِبَاره من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية وَذَلِكَ الشَّيْء بِالِاعْتِبَارِ الأول أَي من حَيْثُ هُوَ مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالذَّاتِ لحُصُول صورته فِي الذِّهْن وموجود فِي الْخَارِج لحصوله فِي الْخَارِج بِنَفسِهِ وموجود فِي الذِّهْن لحصوله فِي الذِّهْن بصورته الْحَاصِلَة فِيهِ وَالشَّيْء الْمَذْكُور بِالِاعْتِبَارِ الثَّانِي أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الخارجية مَعْلُوم بِالْعلمِ الحصولي بِالْعرضِ لِأَن الْعلم يتَحَقَّق عِنْد انتفائه. وَأَنت تعلم أَن الْعلم صفة ذَات إِضَافَة لَا بُد لَهُ من مَعْلُوم وموجود فِي الْخَارِج فَقَط لترتب الْآثَار الخارجية عَلَيْهِ دون الذهنية وَالشَّيْء المسطور بِالِاعْتِبَارِ الثَّالِث أَي من حَيْثُ الْعَوَارِض الذهنية علم حصولي لكَونه صُورَة ذهنية للاعتبار الأول وَعلم حضوري بِنَفس هَذَا الْعلم وَمَعْلُوم بِالْعلمِ الحضوري لكَونه صفة قَائِمَة بِالنَّفسِ وَعلمهَا بذاتها وصفاتها علم حضوري وموجود فِي الْخَارِج لترتب الْآثَار الخارجية واتصاف الذِّهْن بِهِ اتصافا انضماميا وَهُوَ يَسْتَدْعِي وجود الحاشيتين فِي الْخَارِج كَمَا حققناه فِي تَحْقِيق الاتصاف. وَلَا يخفى على الوكيع أَن جَمِيع مَا ذكر على تَقْدِير أَن يكون الْعلم الحصولي عبارَة عَن الصُّورَة الْحَاصِلَة لَا عَن كَيْفيَّة إدراكية، فَإِن قلت، إِن الْعلم الحضوري على مَا عرف بِكَوْن الصُّورَة العلمية فِيهِ الصُّورَة الخارجية وَنَفس الْعلم الحصولي أَي نفس الصُّورَة الْحَاصِلَة من الشَّيْء عِنْد الْعقل علم حضوري عِنْدهم لحضورها بِنَفسِهَا عِنْد الْعقل فَيلْزم أَن يكون تِلْكَ الصُّورَة خارجية وَغير خارجية قُلْنَا جَوَابه قد مر فِي تَحْقِيق الْعلم.
وَحَاصِله أَن الصُّورَة العلمية الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن من حَيْثُ إِنَّهَا صُورَة علمية حَاصِلَة فِي الذِّهْن لَهَا وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية فَتلك الصُّورَة بِهَذِهِ الْحَيْثِيَّة خارجية وَلَا مُنَافَاة بَين كَونهَا خارجية بِهَذَا الْمَعْنى وَبَين كَونهَا لَيست بخارجية بِمَعْنى أَنَّهَا لَيست بموجودة فِي الْخَارِج أَي مَا وَرَاء الذِّهْن - فَالْمُرَاد بالموجود الْخَارِجِي فِي الْعلم الحضوري أَعم مِمَّا لَهُ وجود خارجي حَقِيقَة وَمِمَّا لَهُ وجود خارجي حكما بِأَن يكون لَهُ وجود يحذو حَذْو الْوُجُود الْخَارِجِي فِي ترَتّب الْآثَار الخارجية. وَلَا شكّ أَن مَا لَهُ وجود فِي الْخَارِج كالنار مثلا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الْآثَار الخارجية مثل الإحراق واللمعان كَذَلِك تترتب على الصُّورَة الْحَاصِلَة فِي الذِّهْن آثَار خارجية كالفرح والانبساط والحزن والانقباض وَمن أَرَادَ زِيَادَة التَّفْصِيل وَالتَّحْقِيق فَليرْجع إِلَى الْعلم والتصور والتصديق.
وَهَا هُنَا سُؤال مَشْهُور تَقْرِيره أَن الحضوري لما كَانَ عين الْمَوْجُود الْخَارِجِي وَعلم الْوَاجِب عينه فَيلْزم أَن يكون الْوَاجِب عين الممكنات وَالْجَوَاب أَن معنى كَون ذَاته تَعَالَى عين علمه أَنه يَتَرَتَّب على ذَاته مَا يَتَرَتَّب على الْعلم من انكشاف المعلومات كَمَا يُقَال إِن الْعَالم الْفُلَانِيّ عين الْكتاب أما سَمِعت أَن مقصودهم من نفي الصِّفَات عَن ذَاته تَعَالَى إِثْبَات غاياتها.
(الْعلم) الْعَالم

(الْعلم) إِدْرَاك الشَّيْء بحقيقته وَالْيَقِين وَنور يقذفه الله فِي قلب من يحب والمعرفة وَقيل الْعلم يُقَال لإدراك الْكُلِّي والمركب والمعرفة تقال لإدراك الجزئي أَو الْبَسِيط وَمن هُنَا يُقَال عرفت الله دون عَلمته وَيُطلق الْعلم على مَجْمُوع مسَائِل وأصول كُلية تجمعها جِهَة وَاحِدَة كعلم الْكَلَام وَعلم النَّحْو وَعلم الأَرْض وَعلم الكونيات وَعلم الْآثَار (ج) عُلُوم وعلوم الْعَرَبيَّة الْعُلُوم الْمُتَعَلّقَة باللغة الْعَرَبيَّة كالنحو وَالصرْف والمعاني وَالْبَيَان والبديع وَالشعر والخطابة وَتسَمى بِعلم الْأَدَب وَيُطلق الْعلم حَدِيثا على الْعُلُوم الطبيعية الَّتِي تحْتَاج إِلَى تجربة ومشاهدة واختبار سَوَاء أَكَانَت أساسية كالكيمياء والطبيعة والفلك والرياضيات والنبات وَالْحَيَوَان والجيولوجيا أَو تطبيقية كالطب والهندسة والزراعة والبيطرة وَمَا إِلَيْهَا

(الْعلم) الْعَلامَة والأثر والفصل بَين الْأَرْضين وَشَيْء مَنْصُوب فِي الطَّرِيق يهتدى بِهِ ورسم فِي الثَّوْب وَسيد الْقَوْم والجبل والراية (ج) أَعْلَام

الجسم

الجسم: ما له طول وعرض وعمق، ولا تخرج أجزاء الجسم عن كونها أجساما وإن قطع وجزىء بخلاف الشخص فإنه يخرج عن كونه شخصا بتجزئته، كذا عبر عنه الراغب.
الجسم:
[في الانكليزية] Body ،organism ،huge body
[ في الفرنسية] Corps ،organisme ،corps corpulent

بالكسر وسكون السين المهملة بالفارسية:
تن وكلّ شيء عظيم الخلقة كما في المنتخب.
وعند أهل الرّمل اسم لعنصر الأرض. وهو ثمانية أنواع من التراب، كما سيأتي في لفظ مطلوب. إذن يقولون: تراب انكيس للجسم الأوّل إلى تراب العتبة الداخل الذي هو الجسم السّابع. وعند الحكماء يطلق بالاشتراك اللفظي على معنيين أحدهما ما يسمّى جسما طبيعيا لكونه يبحث عنه في العلم الطبيعي، وعرّف بأنه جوهر يمكن أن يفرض فيه أبعاد ثلاثة متقاطعة على زوايا قائمة. وإنّما اعتبر في حده الفرض دون الوجود لأنّ الأبعاد المتقاطعة على الزوايا القائمة ربما لم تكن موجودة فيه بالفعل كما في الكرة والأسطوانة والمخروط المستديرين، وإن كانت موجودة فيه بالفعل كما في المكعّب مثلا فليست جسميته باعتبار تلك الأبعاد الموجودة فيه لأنها قد تزول مع بقاء الجسمية الطبعية بعينها. واكتفى بإمكان الفرض لأنّ مناط الجسمية ليس هو فرض الأبعاد بالفعل حتى يخرج الجسم عن كونه جسما طبعيا لعدم فرض الأبعاد فيه، بل مناطها مجرد إمكان الفرض سواء فرض أو لم يفرض. ولا يرد الجواهر المجردة لأنّا لا نسلّم أنّه يمكن فرض الأبعاد فيها، بل الفرض محال، كالمفروض على قياس ما قيل في الجزئي والكلي. وتصوير فرض الأبعاد المتقاطعة أن تفرض في الجسم بعدا ما كيف اتفق وهو الطول، ثم بعدا آخر في أيّ جهة شئت من الجهتين الباقيتين مقاطعا له بقائمة وهو العرض، ثم بعدا ثالثا مقاطعا لهما على زوايا قائمة وهو العمق، وهذا البعد الثالث لا يوجد في السطح، فإنّه يمكن أن يفرض فيه بعدان متقاطعان على قوائم، ولا يمكن أن يفرض فيه بعد ثالث مقاطع للأولين إلّا على حادة ومنفرجة. وليس قيد التقاطع على زوايا قوائم لإخراج السطح كما توهّمه بعضهم، لأنّ السطح عرض فخرج بقيد الجوهر، بل لأجل أن يكون القابل للأبعاد الثلاثة خاصة للجسم فإنّه بدون هذا القيد لا يكون خاصة له.
فإن قيل كيف يكون خاصة للجسم الطبعي مع أنّ التعليمي مشارك له فيه؟. أجيب بأنّ الجسم الطبعي تعرض له الأبعاد الثلاثة المتقاطعة على قوائم فتكون خاصة له، والتعليمي غير خارج عنه تلك الأبعاد الثلاثة لأنها مقوّمة له.
وبالجملة فهذا حدّ رسميّ للجسم لا حدّ ذاتي، سواء قلنا إنّ الجوهر جنس للجواهر أو لازم لها، لأن القابل للأبعاد الثلاثة إلى آخره من اللوازم الخاصة لا من الذاتيات، لأنه إمّا أمر عدمي فلا يصلح أن يكون فصلا ذاتيا للجسم الذي هو من الحقائق الخارجية، وإمّا وجودي، ولا شكّ في قيامه بالجسم فيكون عرضا، والعرض لا يقوّم الجوهر، فلا يصح كونه فصلا أيضا. كيف والجسم معلوم بداهة لا بمعنى أنه محسوس صرف لأنّ إدراك الحواس مختص بسطوحه وظواهره، بل بمعنى أنّ الحسّ أدرك بعض أعراضه كسطحه، وهو من مقولة الكمّ ولونه وهو من مقولة الكيف وأدّى ذلك إلى العقل، فحكم العقل بعد ذلك بوجود ذات الجسم حكما ضروريا غير مفتقر إلى تركيب قياسي.

إن قيل: هذا الحدّ صادق على الهيولى التي هي جزء الجسم المطلق لكونها قابلة للأبعاد. قلنا: ليست قابلة لها بالذات بل بواسطة الصورة الجسمية، والمتبادر من الحدّ إمكان فرض الأبعاد نظرا إلى ذات الجوهر فلا يتناول ما يكون بواسطة. فإن قلت: فالحد صادق على الصورة الجسمية فقط. قلنا: لا بأس بذلك لأن الجسم في بادئ الرأي هو هذا الجوهر الممتد في الجهات، أعني الصورة الجسمية. وأما أنّ هذا الجوهر قائم بجوهر آخر فممّا لا يثبت إلّا بأنظار دقيقة في أحوال هذا الجوهر الممتدّ المعلوم وجوده بالضرورة، فالمقصود هاهنا تعريفه.
وثانيهما ما يسمّى جسما تعليميا إذ يبحث عنه في العلوم التعليمية أي الرياضية ويسمّى ثخنا أيضا كما سبق، وعرّفوه بأنه كمّ قابل للأبعاد الثلاثة المتقاطعة على الزوايا القائمة.
والقيد الأخير للاحتراز عن السطح لدخوله في الجنس الذي هو الكمّ. قيل الفرق بين الطبيعي والتعليمي ظاهر، فإنّ الشمعة الواحدة مثلا يمكن تشكيلها بأشكال مختلفة تختلف مساحة سطوحها فيتعدد الجسم التعليمي. وأما الجسم الطبيعي ففي جميع الأشكال أمر واحد، ولو أريد جمع المعنيين في رسم يقال هو القابل لفرض الأبعاد المتقاطعة على الزوايا القائمة ولا يذكر الجوهر ولا الكم. التقسيم
الحكماء قسّموا الجسم الطبيعي تارة إلى مركّب يتألف من أجسام مختلفة الحقائق كالحيوان وإلى بسيط وهو ما لا يتألف منها كالماء، وقسّموا المركّب إلى تام وغير تام والبسيط إلى فلكي وعنصري وتارة إلى مؤلّف يتركّب من الأجسام سواء كانت مختلفة كالحيوان أو غير مختلفة كالسرير المركّب من القطع الخشبية المتشابهة في الماهية وإلى مفرد لا يتركب منها. قال في العلمي حاشية شرح هداية الحكمة والنسبة بين هذه الأقسام أنّ المركب مباين للبسيط الذي هو أعمّ مطلقا من المفرد، إذ ما لا يتركّب من أجسام مختلفة الحقائق قد لا يتركّب من أجسام أصلا، وقد يتركّب من أجسام غير مختلفة الحقائق.
وبالجملة فالمركب مباين للبسيط وللمفرد أيضا، فإنّ مباين الأعمّ مباين الأخصّ والمركّب أخصّ مطلقا من المؤلّف، إذ كلّ ما يتركّب من أجسام مختلفة الحقائق مؤلّف من الأجسام بلا عكس كلي، والبسيط أعمّ من وجه من المؤلّف لتصادقهما في الماء مثلا وتفارقهما في المفرد المباين للمؤلّف وفي المركب.
وأما عند المتكلمين فعند الأشاعرة منهم هو المتحيز القابل للقسمة في جهة واحدة أو أكثر. فأقلّ ما يتركّب منه الجسم جوهران فردان أي مجموعهما لا كلّ واحد منهما. وقال القاضي: الجسم هو كلّ واحد من الجوهرين لأنّ الجسم هو الذي قام به التأليف اتفاقا، والتأليف عرض لا يقوم بجزءين على أصول أصحابنا لامتناع قيام العرض الواحد الشخصي بالكثير، فوجب أن يقوم بكل من الجوهرين المؤلّفين على حدة، فهما جسمان لا جسم واحد، وليس هذا نزاعا لفظيا راجعا إلى أنّ لفظ الجسم يطلق على ما هو مؤلّف في نفسه أي فيما بين أجزائه الداخلة فيه، أو يطلق على ما هو مؤلّف مع غيره كما توهّمه الآمدي، بل هو نزاع في أمر معنوي هو أنه هل يوجد ثمة أي في الجسم أمر موجود غير الأجزاء هو الاتصال والتأليف كما يثبته المعتزلة، أو لا يوجد؟ فجمهور الأشاعرة ذهبوا إلى الأول فقالوا: الجسم هو مجموع الجزءين، والقاضي إلى الثاني، فحكم أنّ كلّ واحد منهما جسم.
وقالت المعتزلة الجسم هو الطويل العريض العميق. واعترض عليه الحكماء بأنّ الجسم ليس جسما بما فيه من الأبعاد بالفعل. وأيضا إذا أخذنا شمعة وجعلنا طولها شبرا وعرضها شبرا ثم جعلنا طولها ذراعا وعرضها إصبعين مثلا فقد زال ما كان، وجسميتها باقية بعينها، وهذا غير وارد لأنه مبني على إثبات الكمية المتصلة. وأما على الجزء وتركّب الجسم منه كما هو مذهب المتكلّمين فلم يحدث في الشمعة شيء لم يكن ولم يزل عنها شيء قد كان، بل انقلب الأجزاء الموجودة من الطول إلى العرض أو بالعكس.
أو نقول المراد أنه يمكن أن يفرض فيه طول وعرض وعمق، كما يقال الجسم هو المنقسم والمراد قبوله للقسمة. ثم اختلف المعتزلة بعد اتفاقهم على ذلك الحدّ في أقل ما يتركّب منه الجسم من الجواهر الفردة. فقال النّظّام لا يتألف الجسم إلّا من أجزاء غير متناهية. وقال الجبّائي يتألف الجسم من أجزاء ثمانية بأن يوضع جزءان فيحصل الطول وجزءان آخران على جنبه فيحصل العرض، وأربعة أخرى فوق تلك الأربعة فيحصل العمق. وقال العلّاف من ستة بأن يوضع ثلاثة على ثلاثة. والحق أنه يمكن من أربعة أجزاء بأن يوضع جزءان وبجنب أحدهما ثالث وفوقه جزء آخر وبذلك يتحصل الأبعاد الثلاثة. وعلى جميع التقادير فالمركّب من جزءين أو ثلاثة ليس جوهرا فردا ولا جسما عندهم، سواء جوّزوا التأليف أم لا.
وبالجملة فالمنقسم في جهة واحدة يسمّونه خطا وفي جهتين سطحا، وهما واسطتان بين الجوهر الفرد والجسم عندهم، وداخلتان في الجسم عند الأشاعرة، والنزاع لفظي وقيل معنوي. ووجه التطبيق بين القولين على ما ذكره المولوي عبد الحكيم في حاشية شرح المطالع أنّ المراد إنّ ما يسمّيه كل أحد بالجسم ويطلقه هل يكفي في حصوله الانقسام مطلقا أو الانقسام في الجهات الثلاث؟ فالنزاع لفظي، بمعنى أنه نزاع في ما يطلق عليه لفظ الجسم، وليس لفظيا بمعنى أن يكون النزاع راجعا إلى مجرد اللفظ والاصطلاح لا في المعنى انتهى.
وما عرفه به بعض المتكلّمين كقول الصالحية من المعتزلة الجسم هو القائم بنفسه، وقول بعض الكرّامية هو الموجود، وقول هشام هو الشيء فباطل لانتقاض الأوّل بالباري تعالى والجوهر الفرد، وانتقاض الثاني بهما وبالعرض أيضا، وانتقاض الثالث بالثلاثة أيضا على أنّ هذه الأقوال لا تساعد عليها اللغة، فإنّه يقال زيد أجسم من عمرو أي أكثر ضخامة وانبساط أبعاد وتأليف أجزاء. فلفظ الجسم بحسب اللغة ينبئ عن التركيب والتأليف، وليس في هذه الأقوال إنباء عن ذلك. وأما ما ذهب إليه النّجّار والنّظّام من المعتزلة من أنّ الجسم مجموع أعراض مجتمعة، وأنّ الجواهر مطلقا أعراض مجتمعة فبطلانه أظهر.
فائدة: قال المتكلّمون الأجسام متجانسة بالذات أي متوافقة الحقيقة لتركّبها من الجواهر الفردة، وأنها متماثلة لا اختلاف فيها، وإنّما يعرض الاختلاف لا في ذاتها، بل بما يحصل فيها من الأعراض بفعل القادر المختار.
هذا ما قد أجمعوا عليه إلّا النّظّام، فإنّه يجعل الأجسام نفس الأعراض، والأعراض مختلفة بالحقيقة، فتكون الأجسام على رأيه أيضا كذلك. وقال الحكماء بأنها مختلفة الماهيات.
فائدة: الجسم المركّب لا شك في أنّ أجزاءه المختلفة موجودة فيه بالفعل ومتناهية.
وأما الجسم البسيط فقد اختلف فيه. فذهب جمهور الحكماء إلى أنه غير متألّف من أجزاء بالفعل بل بالقوة، فإنّه متصل واحد في نفسه كما هو عند الحسّ، لكنه قابل لانقسامات غير متناهية، على معنى أنه لا تنتهي القسمة إلى حدّ لا يكون قابلا للقسمة، وهذا كقول المتكلمين أنّ الله تعالى قادر على المقدورات الغير المتناهية مع قولهم بأنّ حدوث ما لا نهاية محال. فكما أنّ مرادهم أنّ قادريته تعالى لا تنتهي إلا حدّ إلّا ويصح منه الإيجاد بعد ذلك، فكذلك الجسم لا يتناهى في القسمة إلى حدّ إلّا ويتميّز فيه طرف عن طرف فيكون قابلا للقسمة الوهمية. وذهب بعض قدماء الحكماء وأكثر المتكلّمين من المحدثين إلى أنّه مركّب من أجزاء لا تتجزأ موجودة فيه بالفعل متناهية. وذهب بعض قدماء الحكماء كأنكسافراطيس والنّظّام من المعتزلة إلى أنّه مؤلّف من أجزاء لا تتجزأ موجودة بالفعل غير متناهية. وذهب البعض كمحمد الشهرستاني والرازي إلى أنّه متصل واحد في نفسه كما هو عند الحسّ قابل لانقسامات متناهية. وذهب ديمقراطيس وأصحابه إلى أنّه مركّب من بسائط صغار متشابهة الطّبع، كلّ واحد منها لا ينقسم فكّا أي بالفعل، بل وهما ونحوه، وتألّفها إنما يكون بالتّماسّ والتجاور لا بالتداخل كما هو مذهب المتكلمين. وذهب بعض القدماء من الحكماء إلى أنّه مؤلّف من أجزاء موجودة بالفعل متناهية قابلة للانقسام كالخطوط، وهو مذهب أبي البركات البغدادي، فإنّهم ذهبوا إلى تركّب الجسم من السطوح والسطوح من الخطوط والخطوط من النقط.
فائدة: اختلف في حدوث الأجسام وقدمها فقال الملّيّون كلهم من المسلمين واليهود والنصارى والمجوس إلى أنها محدثة بذواتها وصفاتها وهو الحق. وذهب أرسطو ومن تبعه كالفارابي وابن سينا إلى أنها قديمة بذواتها وصفاتها. قالوا الأجسام إمّا فلكيات أو عنصريات. أمّا الفلكيات فإنها قديمة بموادّها وصورها الجسمية والنوعية وأعراضها المعينة من الأشكال والمقادير إلّا الحركات والأوضاع المشخّصة فإنها حادثة قطعا. وأمّا مطلق الحركة والوضع فقديمة أيضا وأمّا العنصريات فقديمة بموادّها وبصورها الجسمية بنوعها لأنّ المادة لا تخلو عن الصورة الجسمية التي هي طبيعة واحدة نوعية لا تختلف إلّا بأمور خارجة عن حقيقتها فيكون نوعها مستمر الوجود بتعاقب أفرادها أزلا وأبدا، وقديمة بصورها النوعية بجنسها لأنّ مادّتها لا يجوز خلوها عن صورها النوعية بأسرها، بل لا بدّ أن تكون معها واحدة منها، لكن هذه متشاركة في جنسها دون ماهيتها النوعية، فيكون جنسها مستمر الوجود بتعاقب أنواعها. نعم الصورة المشخّصة فيهما أي في الصورة الجسمية والنوعية والأعراض المختصة المعينة محدثة، ولا امتناع في حدوث بعض الصور النوعية. وذهب من تقدّم أرسطو من الحكماء إلى أنها قديمة بذواتها محدثة بصفاتها، وهؤلاء قد اختلفوا في تلك الذوات القديمة.
فمنهم من قال إنّه جسم واختلف فيه، فقيل إنه الماء، ومنه إبداع الجواهر كلها من السماء والأرض وما بينهما، وقيل الأرض وحصل البواقي بالتلطيف، وقيل النار وحصل البواقي بالتكثيف، وقيل البخار وحصلت العناصر بعضها بالتلطيف وبعضها بالتكثيف، وقيل الخليط من كلّ شيء لحم وخبز وغير ذلك. فإذا اجتمع من جنس منها شيء له قدر محسوس ظن أنّه قد حدث ولم يحدث، إنما حدث الصورة التي أوجبها الاجتماع ويجئ في لفظ العنصر أيضا.
ومنهم من قال إنه ليس بجسم، واختلف فيه ما هو. فقالت الثنوية من المجوس النور والظلمة وتولّد العالم من امتزاجهما. وقال الحرمانيون منهم القائلون بالقدماء الخمسة النفس والهيولى وقد عشقت النفس بالهيولى لتوقّف كمالاتها على الهيولى فحصل من اختلاطها المكوّنات. وقيل هي الوحدة فإنها تحيّزت وصارت نقطا واجتمعت النقط خطا والخطوط سطحا والسطوح جسما. وقد يقال أكثر هذه الكلمات رموز لا يفهم من ظواهرها مقاصدهم. وذهب جالينوس إلى التوقّف. حكي أنّه قال في مرضه الذي مات فيه لبعض تلامذته أكتب عني أني ما علمت أنّ العالم قديم أو محدث وأن النفس الناطقة هي المزاج أو غيره. وأما القول بأنها حادثة بذواتها وقديمة بصفاتها فلم يقل به أحد لأنّه ضروري البطلان.
فائدة: الأجسام باقية خلافا للنّظّام فإنه ذهب إلى أنها متجددة آنا فآنا كالأعراض. وإن شئت توضيح تلك المباحث فارجع إلى شرح المواقف وشرح الطوالع.

الْمَاهِيّة

الْمَاهِيّة: كَانَت فِي الأَصْل ماهوية الْيَاء للنسبة وَالتَّاء للمصدرية. ثمَّ قلبت الْوَاو يَاء وأدغمت الْيَاء فِي الْيَاء وَكسرت الْهَاء. وَقَالَ بعض الْعلمَاء الْمَاهِيّة مَأْخُوذَة عَن مَا هُوَ بإلحاق يَاء النِّسْبَة وَحذف إِحْدَى اليائين للتَّخْفِيف وإلحاق التَّاء للنَّقْل من الوصفية إِلَى الاسمية - وَقيل الأَصْل المائية ثمَّ قلبت الْهمزَة هَاء كَمَا فِي قِرَاءَة هياك فِي إياك. وَهِي فِي عرف الْحُكَمَاء بِمَا بِهِ يُجَاب عَن السُّؤَال بِمَا هُوَ فعلى هَذَا يُطلق الْمَاهِيّة على الْحَقِيقَة الْكُلية. وَرُبمَا تفسر بِمَا بِهِ الشَّيْء هُوَ هُوَ فَتطلق على الْحَقِيقَة الْكُلية والجزئية أَيْضا. والحقيقة والماهية مترادفتان فَإِن قيل التَّعْرِيف بِمَا بِهِ الشَّيْء هُوَ هُوَ لَيْسَ بمانع لِأَنَّهُ يصدق على الْعلَّة الفاعلية لِأَن الظَّاهِر أَن يكون الْبَاء فِي قَوْله مَا بِهِ للسَّبَبِيَّة وَالضَّمِير أَن للشَّيْء فَالْمَعْنى الْأَمر الَّذِي بِسَبَبِهِ الشَّيْء ذَلِك الشَّيْء.

وَلَا شكّ: أَنه يصدق على الْعلَّة الفاعلية لِأَن الْإِنْسَان مثلا إِنَّمَا يصير إنْسَانا متمايزا عَن جَمِيع مَا عداهُ بِسَبَب الْفَاعِل وإيجاده إِيَّاه ضَرُورَة أَن الْمَعْدُوم لَا يكون إنْسَانا بل لَا يكون ممتازا عَن غَيره لما تقرر من أَنه لَا تمايز فِي المعدومات فَيلْزم أَن تكون الْعلَّة الفاعلية مَاهِيَّة لمعلولاتها وَهُوَ ظَاهر الْبطلَان. قُلْنَا معنى مَا بِهِ الشَّيْء هُوَ هُوَ مَا بِهِ الشَّيْء ذَلِك الشَّيْء وَالْفَاعِل مَا بِسَبَبِهِ الشَّيْء مَوْجُود فِي الْخَارِج وَذَلِكَ إِمَّا بِأَن يكون أثر الْفَاعِل نفس مَاهِيَّة ذَلِك الشَّيْء مستتبعا لَهُ استبتاع الضَّوْء للشمس وَالْعقل يتنزع مِنْهُ الْوُجُود ويصفها بِهِ على مَا قَالَ بِهِ الإشراقيون وَغَيرهم الْقَائِلُونَ بِأَن الماهيات مجعولة فَإِنَّهُم ذَهَبُوا إِلَى أَن الْمَاهِيّة هِيَ الْأَثر الْمُتَرَتب على تَأْثِير الْفَاعِل وَمعنى التَّأْثِير الاستتباع ثمَّ الْعقل ينْزع مِنْهُ الْوُجُود ويصفها بِهِ. وَالْحَاصِل أَن الْمَاهِيّة مَا بِهِ الشَّيْء ذَلِك الشَّيْء وَالْفَاعِل مَا بِهِ الشَّيْء مَوْجُود وَكم فرق بَينهمَا وَهَا هُنَا كَلَام طَوِيل فِي حَوَاشِي صَاحب الخيالات اللطيفة والحواشي الحكيمية - وَرُبمَا يُطلق الْمَاهِيّة وَيُرَاد بهَا المجانسة أَي الْمُشَاركَة فِي الْجِنْس المنطقي أَو اللّغَوِيّ الْأَمر الشَّامِل للأنواع أَيْضا فَإِنَّهُ يُقَال مَا عنْدك بِمَعْنى أَن أَي جنس من الْأَجْنَاس عنْدك. فيجاب بِأَنَّهُ إِنْسَان أَو فرس أَو طَعَام وَإِنَّمَا يُرَاد بهَا المجانسة لِأَن معنى مَا السُّؤَال عَن الْجِنْس فَمَعْنَى الْمَاهِيّة الْمَنْسُوب إِلَى مَا أَعنِي مَا يَقع جَوَابا عَنهُ وَهُوَ الْجِنْس فَيكون معنى قَوْلهم وَالله تَعَالَى لَا يُوصف بالماهية أَنه تَعَالَى لَا يُوصف بِأَن لَهُ جِنْسا وَلَا يُقَال إِنَّه تَعَالَى مجانس لشَيْء من الْأَشْيَاء -.
وَالْمرَاد بِالْجِنْسِ فِي قَوْلهم الْمَذْكُور الْجِنْس المنطقي لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يلْزم التَّرْكِيب لِأَنَّهُ تَعَالَى لَو كَانَ مشاركا للأشياء فِي الْجِنْس المنطقي لَكَانَ مفتقرا إِلَى الْفَصْل الْمُمَيز عَن المتجانسات لِأَن الْجِنْس فِي تحصله وتقومه يكون مفتقرا إِلَى الْفَصْل كَمَا تقرر. فَيلْزم التَّرْكِيب الَّذِي يجب تَنْزِيه الله تَعَالَى عَنهُ بِخِلَاف الْجِنْس اللّغَوِيّ فَإِنَّهُ إِذا قيل إِنَّه تَعَالَى متصف بالماهية أَي المجانسة والمشاركة فِي الْجِنْس اللّغَوِيّ لَا يلْزم التَّرْكِيب فِي ذَاته تَعَالَى لجَوَاز أَن يكون لَهُ تَعَالَى حَقِيقَة نوعية بسيطة فَلَا يلْزم التَّرْكِيب. هَذَا على أصل الْمُتَكَلِّمين فَإِن للْوَاجِب تَعَالَى عِنْدهم حَقِيقَة نوعية بسيطة من غير لُزُوم التَّرْكِيب فِي ذَاته تَعَالَى. وَأما على أصل الفلاسفة فَالْوَاجِب تَعَالَى منزه عَن الْمَاهِيّة بِالْمَعْنَى اللّغَوِيّ أَيْضا لاستلزامه التَّرْكِيب مُطلقًا. فَكل شخص لَهُ مَاهِيَّة كُلية سَوَاء كَانَت نوعية أَو جنسية فَهُوَ مركب عِنْدهم فَافْهَم واحفظ - وللماهية معنى آخر يفهم من كَلَام الشَّيْخ الرئيس فِي الآهيات الشِّفَاء حَيْثُ قَالَ كل بسيط ماهيته ذَاته لِأَنَّهُ لَيْسَ هُنَاكَ شَيْء قَابل لماهيته وَصورته أَيْضا ذَاته لِأَنَّهُ لَا تركيب فِيهِ. وَأَيْضًا الْمَاهِيّة هِيَ الْحَقِيقَة المعراة عَن الْأَوْصَاف فِي اعْتِبَار الْعقل. وَمن هَا هُنَا يُقَال إِن الْوَاجِب سُبْحَانَهُ وجود خَاص قَائِم بِذَاتِهِ ذاتية مَحْضَة لَا مَاهِيَّة لَهُ لِأَن الْمَاهِيّة هِيَ الْحَقِيقَة إِلَى آخِره وَهُوَ سُبْحَانَهُ منزه عَن أَن يلْحقهُ التعرية وَأَن يخيط بِهِ الِاعْتِبَار. وَرُبمَا يفرق بَين الْحَقِيقَة والماهية بِأَن الْوُجُود مُعْتَبر فِي الْحَقِيقَة دون الْمَاهِيّة وَأَن الْمَاهِيّة تتَنَاوَل الْمَاهِيّة الْمَوْــجُودَة فِي الْخَارِج وَالْمَفْهُوم الاعتباري أَيْضا بِخِلَاف الْحَقِيقَة فَإِن الْحَقِيقَة أخص والماهية أَعم -
وَعَلَيْك أَن تشكر وَتعلم أَن للماهيات ثَلَاث اعتبارات. الأول: بِشَرْط شَيْء أَي مَعَ الْعَوَارِض فتسمى مخلوطة وَهِي فائزة بالوجود قطعا - وَالثَّانِي: بِشَرْط لَا شَيْء فتسمى مُجَرّدَة لم تُوجد قطّ لتجردها حَتَّى نفوا وجودهَا الذهْنِي وَالْحق إثْبَاته إِذْ لَا حجر فِي التَّصَوُّر. - وَالثَّالِث: لَا بِشَرْط شَيْء فتسمى مُطلقَة وَهِي فِي نَفسهَا لَا مَوْــجُودَة وَلَا مَعْدُومَة وَلَا كُلية وَلَا جزئية وَكَذَا سَائِر الْعَوَارِض أَي لَيْسَ شَيْء مِنْهَا جزؤها وَلَا عينهَا بل كلهَا خَارِجَة عَنْهَا يَتَّصِف بهَا عِنْد عروضها فمفهوم الْإِنْسَان مثلا فِي نَفسه لَا كلي وَإِلَّا لما حمل على زيد وَلَا جزئي وَإِلَّا لما حمل على كثيرين. لكنه صَالح لكل عَارض يَتَّصِف بِهِ عِنْد عروضه. فبعروض التشخص جزئي وبعروض عَدمه كلي. وَقس عَلَيْهِ فالمعروض وَاحِد والعوارض شَتَّى وَهُوَ مَعَ عَارض غَيره مَعَ آخر فَهُوَ وَاحِد بِالذَّاتِ ومختلف بالحيثيات فاتصف بالمتقابلات. فَفِي الْخَارِج يَتَّصِف بالعوارض الخارجية كالحرارة والبرودة وبتشخص بهَا. وَفِي الذِّهْن بالعوارض الذهنية كالكلية والمفهومية فالماهية وَاحِدَة وَاخْتِلَاف الْأَحْوَال باخْتلَاف الْمحَال. فَكَمَا لَا يلْزم حرارة الْمَوْجُود الذهْنِي لَا يلْزم كُلية الْمَوْجُود الْعَيْنِيّ فَافْهَم واحفظ.

ثمَّ اعْلَم أَن الْمَاهِيّة على نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: حَقِيقِيَّة أَي مَوْــجُودَة بِوُجُود أصيل. وَثَانِيهمَا: اعتبارية يَعْتَبِرهَا الْعقل إِمَّا بِأَن ينتزعها من أُمُور مَوْــجُودَة فِي الْخَارِج كالوجوب والإمكان والامتناع وَسَائِر الْأُمُور والاصطلاحية فَإِنَّهَا مفهومات انتزعها الْعقل من الموجودات العينية أَي الخارجية وَلَيْسَ لَهَا وجود أصيلي وَمعنى ثُبُوتهَا فِي نفس الْأَمر ومطابقة أَحْكَامهَا إِيَّاهَا أَن مبدأ انتزاعها أَمر فِي الْخَارِج وَأَنه بِحَيْثُ يُمكن أَن ينتزع الْعقل تِلْكَ الْأُمُور مِنْهُ ويصفه بهَا أَو يخترعها من عِنْد نَفسه كإنسان ذِي راسين وأنياب الأغوال. وَقد ظهر مِمَّا ذكرنَا فَسَاد مَا قيل إِن الاعتبارية الَّتِي وَقعت فِي مُقَابلَة الْمَوْــجُودَة قِسْمَانِ: أَحدهمَا: مَا لَا يكون لَهُ تحقق فِي نفس الْأَمر إِلَّا بِاعْتِبَار الْمُعْتَبر كالمفهومات الاصطلاحية. وَالثَّانِي: مَفْهُوم لَهُ تحقق فِي نفس الْأَمر بِدُونِ اعْتِبَاره وَإِن لم يكن مَوْجُودا كالوجوب والإمكان والحدوث وَغَيرهمَا من الْأُمُور الممتنعة الْوُجُود فِي الْخَارِج. وَقَوْلنَا أَي مَوْــجُودَة بِوُجُود أصيل أولى من قَوْلهم أَي مَوْــجُودَة فِي الْأَعْيَان لِأَن ذَلِك يَشْمَل الصِّفَات الْقَائِمَة بِالنَّفسِ الناطقة. بِخِلَاف قَوْلهم أَي مَوْــجُودَة فِي الْأَعْيَان كَمَا لَا يخفى. وَقد ظهر من هَذَا التَّحْقِيق معنى الْأُمُور الاعتبارية أَيْضا فَتَأمل.
(الْمَاهِيّة) مَاهِيَّة الشَّيْء كنهه وَحَقِيقَته أخذت من النِّسْبَة إِلَى مَا هُوَ أَو مَا هِيَ (مو) والشهرية أَو الْمُرَتّب الشهري وَهِي كلمة منسوبة إِلَى (ماه) وَمَعْنَاهَا بِالْفَارِسِيَّةِ شهر (ج) ماهيات

الجَيِّدُ

الجَيِّدُ، ككَيِّسٍ: ضِدُّ الرَّدِيءِ، ج: جِيادٌ وجِياداتٌ وجَيائِدُ.
وجادَ (يَجُودُ) جُودَةً وجَوْدَةً: صارَ جَيِّداً، وأَجَادَهُ غيرُهُ، وأجْوَدَهُ،
وجادَ وأجادَ: أتَى بالجَيِّدِ، فهو مِجْوادٌ.
واسْتَجادَهُ: وجَدَهُ، أو طَلَبَه جَيِّداً.
والجَوادُ: السَّخِيُّ، والسَّخِيَّةُ، ج: أجْوادٌ وأجاوِدُ وجُوُدٌ، كقُذُلِ، (وجُوَداءُ) . وقد جادَ جُوداً.
واسْتَجادَه: طَلَبَ جُودَهُ
فأجَادَه دِرْهَماً: أعْطاهُ إيَّاهُ.
وفَرَسٌ جَوادٌ، بَيِّنُ الــجُودَة، بالضم: رائِعٌ، ج: جِيادٌ. وقد جادَ في عَدْوِهِ جُودَةً وجَوْدَةً، وجَوَّدَ، وأجْوَدَ.
واسْتَجَادَ الفَرَسَ: طَلَبَه جَوَاداً.
وأجادَ وأجْوَدَ: صارَ ذَا جَوَادٍ.
والجَوْدُ: المَطَرُ الغَزيرُ، أو ما لا مَطَرَ فَوْقَه، جَمْعُ جائِدٍ، وهاجَتْ سَماءٌ جَوْدٌ، ومَطَرتانِ جَوْدانِ، وجِيدَتِ الأرضُ، وأُجِيدَتْ، فهي مَــجودَةٌ.
والتَّجاوِيد، لا واحدَ له.
وجادَتِ العَيْنُ جَوْداً وجُؤُوداً: كَثُرَ دَمْعُها،
وـ بنَفْسِهِ: قارَبَ أن يَقْضِيَ.
وحَتْفٌ مُجيدٌ: حاضرٌ.
والجُوادُ، كغُرابٍ: العَطَشُ، أو شِدَّتُه.
والــجَوْدَةُ: العَطْشَةُ.
جِيدَ يُجادُ، فهو مَجُودٌ: عَطِشَ، أو أشْرَفَ على الهَلاكِ،
و= النُّعاسُ.
وجادَهُ الهَوَى: شاقَه، وغَلَبَه،
وـ فلانٌ فلاناً: غَلَبَه بالجُودِ.
وإِنِّي لأجاد إليك: أشتاقُ، وأُساقُ.
والجُودُ، بالضم: الجُوعُ، وقَلْعَةٌ.
وجُودَةُ: وادٍ باليمنِ.
والجُودِيُّ: جبلٌ بالجزيرةِ اسْتَوَت عليه سفينةُ نوحٍ، عليه السلام، وجبلٌ بأَجَأَ. وأبو الجُوديِّ: تابِعِيٌّ لا يُعْرَفُ اسْمُه، والحارِثُ بنُ عُمَيْرٍ شَيْخُ شُعْبَةَ بنِ الحجَّاجِ.
والجاديُّ: الزَّعْفرانُ.
وأجَادَ بالوَلَدِ: ولدَهُ جَواداً.
وتَجاوَدُوا: نَظَروا أَيُّهُم أجْوَدُ حُجَّةً.
والجُودِياءُ: الكِساءُ.
وأجادَهُ النَّقْدَ: أعْطاهُ جِياداً.
وشاعِرٌ مِجْوادٌ: مُجيدٌ.
والجِيدُ: يائِيٌّ.
ويَــجُودَةُ: ع ببلادِ تَميمٍ.
وجَوُّ جَوادَةَ: ببلادِ طَيِّئٍ.
ووقَعوا في أبيجادٍ، أي: في باطِلٍ.

الحقيقي

الحقيقي:
[في الانكليزية] Real ،effective ،true
[ في الفرنسية] Reel ،effectif ،veritable
يطلق على معان. منها الصفة الثابتة للشيء مع قطع النظر عن غيره موجودة كانت أو معدومة، ويقابله الإضافي بمعنى الأمر النسبي للشيء بالقياس إلى غيره. ومنها الصفة الموجودة ويقابله الاعتباري الذي لا تحقّق له، سواء كان معقولا بالقياس إلى غيره أو مع قطع النظر عن الأغيار. وأما ما ذكره السّكّاكي حيث جعل الحقيقي مقابلا لما هو اعتباري ونسبي فضعيف، لأنّ الحقيقي ليس له معنى يقابل الاعتباري والنسبي بمعنى ما لا يكون اعتباريا ولا نسبيا، كذا في الأطول في بحث التشبيه في تقسيم وجه التشبيه إلى الحقيقي والإضافي. ومنها ما هو قسم من القضية الشرطية المنفصلة. قال المنطقيون الشرطية المنفصلة التي اعتبر فيها التنافي في الصدق والكذب أي في التحقق والانتفاء معا تسمّى حقيقية، كقولنا إمّا أن يكون هذا العدد زوجا وإمّا أن يكون فردا. ومنها قضية يكون الحكم فيها على الأفراد الخارجية المحقّقة والمقدّرة موجبة كانت أو سالبة، كلية كانت أو جزئية. وإنّما سمّيت حقيقية لأنها حقيقة القضية، أي وهي المتبادر عن مفهوم القضيّة عند الإطلاق فكأنّها هي حقيقة القضية.
قال المنطقيون فالحكم في الحقيقية ليس على الأفراد الموجودة في الخارج فقط، بل على كل ما قدّر وجوده من الأفراد الممكنة، سواء كانت موجودة في الخارج أو معدومة فيه، فخرج الأفراد الممتنعة. فمعنى قولنا كل ج ب، كل ما لو وجد كان ج من الأفراد الممكنة، فهو بحيث لو وجد كان ب، هكذا ذكر المتأخّرون. ولما اعتبر في هذا التفسير في عقد الوضع الاتصال وكذا في عقد الحمل فسّره صاحب الكشف ومن تبعه، فقالوا معنى قولنا كلّ ما لو وجد كان ج فهو بحيث لو وجد كان ب أنّ كلّ ما هو ملزوم لج فهو ملزوم لب. وقال الشيخ: معناه كل ما يمكن أن يصدق ج عليه بحسب نفس الأمر بالفعل فهو ب بحسب نفس الأمر. ثم تعميم [الأفراد] الخارجية بالمحقّقة للاحتراز عن [القضية] الخارجية، وهي قضية يكون الحكم فيها على الأفراد الخارجية المحقّقة فقط، فيكون معنى قولنا كل ج ب على هذا التقدير كل ج موجود في الخارج ب في الخارج. وصدقها يستلزم وجود الموضوع في الخارج محققا بخلاف الحقيقية، فإنّها تستلزم وجوده في الخارج محققا أو مقدّرا. فإنّ قولنا كلّ عنقاء طائر ليس الحكم فيها مقصورا على أفراده الموجودة في الخارج محققا بل عليها وعلى أفراده المقدّرة الوجود أيضا. واعتبار إمكان الأفراد للاحتراز عن الذهنية وهي قضية يحكم فيها على الأفراد الموجودة في الذهن فقط.
فمعنى كل ج ب على هذا التقدير كل ج في الذهن فهو ب في الذهن فقد انقسمت القضايا إلى ثلاثة أقسام.
والمشهور تقسيمها إلى الحقيقية والخارجية باعتبار أنّهما أكثر استعمالا في مباحث العلوم لا باعتبار الحصر فيهما. قيل الأولى أن تجعل الحقيقية شاملة للأفراد الذهنية والخارجية المحقّقة والمقدّرة ولا تختصّ بالأفراد الخارجية المحقّقة والمقدّرة لتشتمل القضايا الهندسية والحسابية، فإنّ الحكم فيها شامل للأفراد الذهنية أيضا.
فنقول أحوال الأشياء على ثلاثة أقسام.
قسم يتناول الأفراد الذهنية والخارجية المحقّقة والمقدّرة. وهذا القسم يسمّى بلوازم الماهيات كالزوجية للأربعة والفردية للثلاثة وتساوي الزوايا الثلاث في المثلث للقائمتين. وقسم يختصّ بالموجود في الذهن كالكلّية والجزئية والذاتية والعرضية ونحوها. وقسم يختصّ بالموجود الخارجي كالحركة والسكون، فينبغي أن تعتبر ثلاث قضايا، إحداها ما يكون الحكم فيها على جميع أفراد الموضوع ذهنيا كان أو خارجيا محققا أو مقدرا كالقضايا الهندسية والحسابية، وتسمّى هذه حقيقية. وثانيتها ما يكون الحكم فيها مخصوصا بالأفراد الخارجية مطلقا محققا أو مقدرا كقضايا الحكمة الطبيعية وتسمّى هذه القضية قضية خارجية. وثالثتها أن يكون الحكم فيها مخصوصا بالأفراد الذهنية وتسمّى هذه قضية ذهنية كالقضايا المستعملة في المنطق.
وهاهنا أبحاث تركناها حذرا من الإطناب، فمن أراد الاطّلاع عليها فليرجع إلى شرح الشمسية وحواشيه وشرح المطالع.
وأما القضية التي يحكم فيها مخصوصا بالأفراد الخارجية الموجودة المحقّقة فقط دون المقدّرة فليست معتبرة في العلوم، ولا يبحث عنها فيها، لأنّ البحث عنها يرجع إلى البحث عن الجزئيات، والجزئيات لا يبحث عنها في العلوم لوجهين. الأول أنها غير متناهية بمعنى أنّها لا يمكن ضبطها وإحاطتها، ولا يتصوّر حصرها لأنها توجد واحدة بعد واحدة وكذا تعدم. والثاني أنها متغيّرة متجدّدة لتوالي أسباب التغيّر عليها فلا يمكن ضبط أحوالها، هكذا في حواشي السلم. ومنها مقابل المجازي يقال هذا المعنى حقيقي وذاك مجازي. ومنها ما هو غير ذلك كما يقال: كلّ من المذكر والمؤنّث حقيقي ولفظي، والتعريف إمّا حقيقي أو لفظي، وكلّ من الشهر والسنة حقيقي ووسطي واصطلاحي ونحو ذلك. 

الوجود

الوجود أضرب: وجود بإحدى الحواس الخمس نحو، وجدت زيدا، ووجود بقوة الشهوة نحو: وجدت الشبع، ووجود بقوة الغضب كوجود الحزن والسخط، ووجود بالعقل أو بواسطة العقل كمعرفة الله والنبوة، ويعبر عن التمكن من الشيء بالوجود نحو {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} .
الوجود عند أهل الحقيقة: فقدان العبد بمحوا أوصافه البشرية، ووجود الحق لأنه لا بقاء للبشرية عند ظهور سلطان الحقيقة.
الوجود:
[في الانكليزية] Being ،existence ،reality
[ في الفرنسية] Etre ،existence ،realite

وبالفارسية: هستى- أي الكون ويقابله العدم- واختلف في تعريفه. فقيل لا يعرّف، فمنهم من قال لأنّه بديهي التصوّر فلا يجوز أن يعرّف إلا تعريفا لفظيا، ومنهم من قال لأنّه لا يتصوّر أصلا لا بداهة ولا كسبا. وقيل يعرّف لأنّه كسبي التصوّر. وفي تعريفه عبارات.
الأولى أنّ الموجود هو الثابت العين والمعدوم هو المنفي العين، وفائدة لفظ العين التنبيه على أنّ المعرّف هو الموجود في نفسه والمعدوم في نفسه لا الموجود لغيره والمعدوم عن غيره، ولا ما هو أعمّ منهما، فمعنى الثابت العين الذي ثبت عينه ونفسه فيشتمل الجوهر والعرض.
والثانية أنّه المنقسم إلى فاعل ومنفعل أي مؤثّر ومتأثّر وإلى حادث وقديم، والمعدوم ما لا يكون كذلك. وهذان التعريفان مختصّان بالموجود الخارجي. والثالثة أنّه ما يعلم ويخبر عنه أي يصحّ أن يعلم ويخبر منه، والمعدوم ما لا يصحّ أن يكون كذلك، وهذا التعريف يشتمل الموجود الذهني أيضا، وعلى هذا فقس تعريفات الوجود والعدم. فالوجود ثبوت العين أو ما به ينقسم الشيء إلى فاعل ومنفعل وإلى حادث وقديم، أو ما به يصحّ أن يعلم ويخبر عنه، والعدم ما لا يكون كذلك، وكلّ هذه تعريفات الشيء بالأخفى فإنّ الجمهور يعرّفون معنى الوجود والموجود ولا يعرّفون شيئا مما ذكر. قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف:
الظاهر أنّ القائل ببداهة تصوّر الوجود أراد بالوجود المعنى المصدري الانتزاعي، والقائل بكسبيته أو بامتناعه أراد به منشأ الانتزاع أي الوجود الحقيقي الذي هو حقيقة الواجب تعالى على تقدير وحدة الوجود وحقيقة ما عينه متعيّنة بنفسها على تقدير تعدّده، فالوجود الحقيقي على كلا التقديرين هو الوجود القائم بنفسه الواجب لذاته، والوجود يطلق على هذين المعنيين. قال الشيخ في إلهيات الشفاء لكلّ أمر حقيقة هو بها ما هو، فللمثلث حقيقة أنّه مثلث، وللبياض حقيقة أنّه بياض، وذلك هو الذي ربّما سمّيناه الوجود الخاص، ولم يرد به معنى الوجود الانتزاعي، فإنّ لفظ الوجود يدلّ به على معان كثيرة. ولا شكّ أنّ تصوّر الوجود الانتزاعي بالكنه بديهي ضرورة أنّ كنهه ليس إلّا ما يرتسم في الذهن عند انتزاعه عن الماهيات وفهمه من الألفاظ الدالة عليه، إذ لا نعني بكنهه غيره، وتصوّر الوجود الحقيقي بالكنه غير ممكن، أو كسبي فإنّه إن كان جزئيا حقيقيا وواجبا لذاته فتصوّره ممتنع وإلّا فكسبي. ثم لا يخفى أنّ بعد تصوّر الشيء بالكنه لا يمكن تعريفه بالرسم إذ بعد تصوّره بالكنه لا يقصد تصوره إلّا بوجه آخر، فلا يكون المعرّف حينئذ في الحقيقة ذلك الشيء، ولا يكون التعريف تعريفا له بل يكون المعرّف هو الشيء الموجود مع الوصف والتعريف تعريف له. فعلى تقدير أن يكون تصوّر الوجود بالكنه لا يمكن تعريفه إلّا تعريفا لفظيا فتأمّل انتهى. ويؤيّد إطلاق الوجود على المعنيين المذكورين ما في شرح إشراق الحكمة حيث قال: الوجود يطلق بإزاء الروابط كما يقال زيد يوجد كاتبا، فإنّه عبارة عن نسبة المحمول إلى الماهية الخارجية إلى الموضوع بالوجود أعني سيوجد مكان ما كان يعبر عنه هو، وقد يقال على الحقيقة والذات كما يقال ذات الشيء وحقيقته ووجود الشيء وعينه ونفسه أي ذاته انتهى كلامه.

التقسيم:
اعلم أنّ الوجود ينقسم إلى العيني أي الخارجي وإلى الذهني حقيقة وإلى اللفظي والخطّي مجازا إذ ليس في اللفظ والخط من الإنسان التشخّص ولا الماهية كما في الخارج والذهن، بل الاسم في اللفظي وصورته في الخطي، وكلّ من الموجود العيني والذهني يستعمل لمعنيين كما في بعض حواشي شرح المطالع: أحدهما أنّ الموجود الخارجي ما يكون اتصافه بالوجود خارج الذهن والموجود الذهني هو ما يكون اتصافه بالوجود في الذهن.
وأما قولهم تارة من أنّ النسبة من الأمور الخارجية وأخرى بأنّها ليست من الأمور الخارجية فيمكن التطبيق بينهما بأنّه لا شكّ في الفرق بين كون الخارج ظرفا لنفس الشيء وبين كونه ظرفا لوجوده. فإنّ قولنا زيد موجود في الخارج جعل فيه الخارج ظرفا لنفس الوجود وهو لا يقتضي وجود المظروف وإنّما يقتضي وجود ما جعل ظرفا لوجوده. فالموجود في هذه الصورة زيد لا وجود زيد. ففي قولنا زيد قائم في الخارج جعل الخارج ظرفا لنفس ثبوت القيام لزيد، فاللازم كون القيام ثابتا في الخارج بثبوت لغيره لا بثبوت له. وبالجملة فالمعتبر في كون الموجود خارجيا كون الخارج ظرفا لوجوده لا لنفسه وفي الذهني كون الذهن ظرفا لوجوده.
فمتى قيل إنّ النسبة من الأمور الاعتبارية أريد أنّ الخارج ليس ظرفا لوجودها. ومتى قيل إنّها من الأمور الخارجية أريد أنّ الخارج ظرف لنفسها، وكذا الحال في كون الشيء موجودا في الواقع ونفس الأمر. وقال صاحب الأطول في بحث صدق الخبر: ونحن نقول الخارجي اسم للأمر الموجود في الخارج كالذهني الذي هو اسم للأمر الموجود في الذهن، ومعنى كون الشيء موجودا في الخارج والأعيان أنّه واحد منها أو في عدادها، فظرفية الخارج للوجود مسامحة إذ الوجود ليس في عداد الأعيان.
ومعنى زيد موجود في الخارج أنّ وجوده في وجود الخارج وفي عداد وجوداته، فليس الخارج إلّا ظرفا لنفس الشيء، لكنه إذا جعل ظرفا له حقيقة اقتضى وجوده، وإذا جعل ظرفا له مسامحة لم يقتض وجوده، هكذا حقّق الخارج والواقع واحفظه فإنّه خلاف المستفيض الشائع. وثانيهما أنّ الموجود الخارجي هو ما يكون متصفا بوجود أصيل وهو مصدر الآثار ومظهر الأحكام، سواء كان ظرف الاتصاف هو الذهن أو خارجه، والموجود الذهني هو ما يكون متصفا بوجود ظلّي وذلك الاتصاف لا يكون إلّا في الذهن، يعني أنّ الموجود الخارجي ما يتصف بوجود أصيل، أي ذا أصل وعرق ليس ظلا وحكاية عن شيء به، أي بذلك الوجود يصدر عن الموجود آثاره ويظهر عنها أحكامه، أي يترتّب عليه أي على الموجود الآثار والأحكام، سواء كان ذلك الترتّب في الذهن أو خارج الذهن، فالكيفيات النفسانية التي يترتّب عليها آثارها في الذهن كالعلم من قبيل الموجودات الخارجية والموجود الذهني ما يتصف بوجود غير أصيل لا يترتّب به عليه الأحكام والآثار.
إن قيل إن أريد بالآثار والأحكام في تعريف الموجود الخارجي الآثار والأحكام الخارجية لزم الدور، وإن أريد الأعم من الخارجية والذهنية دخل في تعريف الموجود الخارجي الموجود الذهني فإنّه أيضا مبدأ الآثار في الجملة، فإنّ المعقولات الثانية آثار للمعقولات الأولى.
أجيب بأنّ المراد الآثار المطلوبة منه أي التي يطلب كلّ واحد تلك الآثار منه والأحكام المعلومة واتصافه بها لكلّ أحد كالإحراق والاشتعال والطبخ من النار، فالموجود الذهني ما يكون متصفا بوجود لا يترتّب به عليه تلك الآثار والأحكام، سواء ترتّب عليه آثار وأحكام أخر أو لا، وقيل لا حكم ولا أثر للوجود الذهني والمعقولات الثانية آثار للصور الشخصية القائمة بالذهن وهي من الموجودات الخارجية.
وقيل المراد الخارجية بمعنى ما يكون في خارج الذهن لا بمعنى ما يكون باعتبار الوجود الخارجي، فلا دور. ثم الأحكام والآثار متقاربان، وقد يقال في قوله مظهر ومصدر إشارة إلى أنّ المراد بالأحكام ما لا يكون فاعلا له وبالآثار ما يكون فاعلا له، ولو اكتفى بأحدهما لكفى أيضا. اعلم أنّ الاستعمال الأول هو الأصل إذ المتبادر من الخارج في مقابلة الذهن هو خارج الذهن، والاستعمال الثاني متفرّع عليه لأنّ إطلاق الخارج على الوجود الأصيل الذي ظرفه الذهن باعتبار التشبيه بالوجود الذي ظرفه خارج الذهن في الكون أصيل فإنّ كلّ خارجي بهذا المعنى أصيل.

تنبيه:
الموجود الذهني بالمعنى الأول أعمّ مطلقا من الذهني بالمعنى الثاني لأنّه يتناول نوعين:
الأول ما يترتّب عليه الآثار والأحكام الخارجية كوجود الكيفيات النفسانية، وهو أحد قسمي الوجود الخارجي بالمعنى الثاني، فإنّ الصورة الحاصلة من الشيء مثلا من حيث إنّها مكتنفة بالعوارض الذهنية موجودة في الذهن بوجود يحذو حذو الوجود الخارجي في ترتّب الآثار فإنّها بهذا الاعتبار صورة علمية يحصل بها الانكشاف. والثاني ما لا يترتّب عليه تلك الآثار والأحكام وهو الوجود الذهني بالمعنى الثاني فإنّ الصورة الحاصلة من الشيء من حيث هو مع قطع النظر عن العوارض الذهنية موجودة في الذهن بصورتها بوجود لا يترتّب عليه الآثار والأحكام، وأعمّ من وجه من الخارجي بالمعنى الثاني لصدقهما على وجود الكيفيات النفسانية وصدق الذهني فقط على ما لا يترتّب عليه الآثار والأحكام، وصدق الخارجي فقط على ما يترتّب عليها الأحكام والآثار في الخارج والخارجي بالمعنى الأول أخصّ من الخارجي بالمعنى الثاني مطلقا لعدم شموله وجود الكيفيات النفسانية ومباين للوجود الذهني بالمعنيين، وكذا الخارجي بالمعنى الثاني بالنسبة إلى الذهن بالمعنى الثاني.
اعلم أنّ للموجود في نفس الأمر معنيان أحدهما أنّ وجوده ليس متعلّقا بفرض فارض واعتبار معتبر سواء كان فرضا اختراعيا أو انتزاعيا. وثانيهما أنّ وجوده ليس متعلّقا بفرض اختراعي سواء كان متعلّقا بفرض انتزاعي أو لم يكن. ثم إنّ نفس الأمر بالمعنيين أعمّ مطلقا من الخارج إذ كلّ موجود في الخارج بالمعنى الأول موجود في نفس الأمر بلا عكس كلّي ومن الذهن من وجه لإمكان ملاحظة الكواذب كزوجية الخمسة فتكون موجودة في الذهن لا في نفس الأمر ومثله يسمّى ذهنيا فرضيا، وزوجية الأربعة موجودة فيهما ومثله يسمّى ذهنيا حقيقيا، والحقائق الغير المتصوّرة موجودة في نفس الأمر لا في الذهن، واعترض عليه بأنّه إن أريد من الذهن القوى السّافلة خاصة صحّ ما ذكر، لكن ما في القوى إمّا أن لا يكون من الموجود في الخارج فيلزم عدم انحصار الموجود في القسمين، وإمّا أن يكون من الموجود في الخارج فيلزم عدم صحّة ما ذكر من النسبة، بل يكون نفس الأمر أخصّ مطلقا من الخارج. وإن أريد من الذهن القوى العالية خاصة أو الأعمّ منها فيلزم عدم كون نفس الأمر أعمّ من الذهن من وجه بل هي أخصّ مطلقا منه. ويمكن أن يجاب باختيار الشقّ الأول ويقال الموجود في الذهن هو ما يكون القوى السّافلة ظرفا لوجوده، وتعتبر تلك الظرفية سواء كان بتعمّلها أو لا، والموجود في الخارج ما يكون خارج القوى السّافلة ظرفا لوجوده، وتعتبر تلك الظرفية والموجود في نفس الأمر، وإن لم يكن خاليا عن أحدهما فهو ما يصحّ للعقل أن يحكم بتحقّقه مع قطع النظر عن الطرفين، فالموجود الذهني الذي يكون بتعلّمه أي باختراع الذهن وفرضه كزوجية الخمسة ليس بموجود في نفس الأمر لعدم صحّة حكم العقل بتحقّقه مع قطع النظر عن ظرفه، والموجود في القوى السّافلة أيضا لا يكون خاليا عن أحدهما وهو ما يكون حاضرا عندها والحاضر عندها إذا اعتبر كون القوى السّافلة ظرفا لوجوده فموجود ذهني، فما لا يكون بتعمّل الذهن يصدق عليه أنّ القوى السّافلة ظرف لوجوده فهو موجود خارجي، وإذا لم يعتبر الظرفان فموجود في نفس الأمر، وإن لم يكن خارجا عن الموجود الذهني أو الخارجي والموجود الذهني الذي يكون بتعمّله إذا قطع النظر عن ظرفه فليس بموجود عند القوى العالية ولا في نفس الأمر إذ ليس له تحقّق ولا يصحّ للعقل الحكم بتحقّقه مع قطع النظر عن ظرفه، وعلى هذا فلا يرد شيء.
ويمكن أن يجاب باختيار الشقّ الرابع وهو أن يراد بالذهن القوى العالية والسّافلة جميعا، فالموجود الذهني ما يكون موجودا فيهما معا، ولا ريب أنّ ما لا يكون موجودا فيهما بموجود أصلا، وأنّه لا يمكن أن يوجد شيء في القوى السّافلة إلّا ويوجد في القوى العالية، وما ليس موجودا في القوى السّافلة فقط فموجود خارجي فلا يرد عدم الانحصار، وصحّ كون الموجود في نفس الأمر أعمّ من الموجود في الذهن من وجه إذ قد يجتمعان كما في الصوادق الحاصلة في القوى العالية والسّافلة، ويصدق الموجود في نفس الأمر فقط في الصوادق الغير الحاصلة في القوى السّافلة، وإن كانت حاصلة في القوى العالية ويصدق الموجود الذهني فقط في الكواذب الحاصلة في القوى السّافلة والعالية، هكذا ذكر العلمي في حاشية شرح هداية الحكمة.
اعلم أنّ وجود الشيء للشيء على معنيين:
الأول وجود الشيء لغيره بأن يكون محمولا عليه ومستقلا بالمفهومية كوجود الأعراض والثاني وجوده لغيره بأن يكون رابطا بين الموضوع والمحمول وغير مستقل بالمفهومية ويسمّى وجودا رابطيا.
فائدة:
المتكلّمون أنكروا الوجود الذهني لأنّه لو اقتضى تصوّر الشيء حصوله ذهنا لزم كون الذهن حارا وباردا ومستقيما ومعوجا، وأيضا حصول الجبل والسماء مع عظمهما في ذهننا مما لا يعقل، وأثبته الحكماء وأجابوا عن الوجهين بأنّ الحاصل في الذهن صورة وماهية موجودة بوجود ظلّي لا هوية عينية موجودة بوجود أصيل. والحار ما يقوم به هوية الحرارة لا صورتها وماهيتها، وكذا الحال في البارد والمستقيم والمعوج. وبأنّ الذي يمتنع حصوله في الذهن هو هوية الجبل والسماء وغيرهما وأما مفهوماتها الكلّية وماهيتها فلا. وبالجملة فالصورة الذهنية كلّية كانت كصور المعقولات أو جزئية كصور المحسوسات مخالفة للخارجية في اللوازم المستندة إلى خصوصية أحد الوجودين وإن كانت مشاركة لها في لوازم الماهية من حيث هي. وما ذكرتم امتناعه هو حكم الخارجي فلم قلتم إنّ الذهني كذلك. والتفصيل أنّ هاهنا ثلاثة اعتبارات: الأول اعتبار الشيء من حيث هو، والثاني اعتباره من حيث إنّه مقترن باللوازم الخارجية، والثالث اعتباره من حيث إنّه مقترن باللوازم الذهنية. فالشيء من حيث هو معلوم بالذات لحصول صورته في الذهن وموجود في الخارج والذهن معا لحصوله في الخارج بنفسه وفي الذهن بصورته. والشيء من حيث إنّه مقترن بالعوارض الخارجية معلوم بالعرض لتحقّق العلم عند انتفائه وموجود في الخارج فقط لترتّب الآثار الخارجية عليه دون الذهنية. والشيء المقترن بالعوارض الذهنية علم لكونه صورة ذهنية للاعتبار الأول وموجود خارجي لترتّب الآثار الخارجية عليه واتصاف الذهن اتصافا انضماميا وحصوله في الذهن بنفسه لا بصورته، فالعلم والمعلوم في الحصولي متحدان ذاتا ومتغايران اعتبارا كما أنّهما في العلم الحضوري متحدان ذاتا واعتبارا كذا في شرح المواقف.
فائدة:
الوجود مشترك في الموجودات بأسرها اشتراكا معنويا وإليه ذهب الحكماء والمعتزلة غير أبي الحسن وأتباعه، وذهب إليه جمع من الأشاعرة أيضا، إلّا أنّه مشكّك عند الحكماء متواطئ عند غيرهم. والقائلون بأنّه نفس الحقيقة في الكلّ ذهبوا إلى أنّه مشترك لفظا فيها. ونقل عن الكبشي وأتباعه أنّه مشترك لفظا بين الواجب والممكن ومشترك معنى بين الممكنات كلّها، والتفصيل في شرح المواقف.
فائدة:
ذهب الأشعري إلى أنّ الوجود نفس الحقيقة في الواجب والممكن والحكماء إلى أنّه نفس الماهية في الواجب زائد في الممكن.
وقيل إنّه زائد على الماهية في الكلّ. قال مرزا زاهد في حاشية شرح المواقف ليس المراد بعينية الوجود وزيادته حمله على الموجود حملا أوليا، وانتفاء هذا الحمل كما هو المشهور ضرورة لأنّه لا يتصوّر أن يكون مفهوم الوجود عين الحقيقة الواجبة أو الممكنة، بل المراد منهما حمله عليه حملا بالذات وحملا بالعرض. والحمل بالذات أن يكون مصداق الحمل نفس ذات الموضوع من حيث هي والحمل بالعرض أن يكون مصداقه خارجا عنها كما مرّ في موضعه. فمصداق حمل الوجود على تقدير العينية ذات الموضوع من حيث هي وعلى تقدير الغيرية ذات الموضوع مع حيثية زائدة عليه عقلي كحيثية استناده إلى الجاعل. ويقرب من ذلك ما قيل إنّ محلّ النزاع هو الوجود بمعنى مصدر الآثار. ثم قال: وتحقيق مذهب الحكماء أنّ حقيقة الوجود ليس ما يفهم منه من المعنى المصدري لأنّ هذا المعنى متحقّق باعتبار العقل وانتزاع الذهن وحقيقته متحقّقة مع قطع النظر عن ذهن الذاهن واعتبار المعتبر، كما يشهد به الضرورة العقلية. فمفهوم الوجود مغاير لحقيقته، وتلك الحقيقة على ما يحكم به النظر الدقيق منشأ لانتزاع هذا المفهوم ومصداق لحمله ومطابق لصدقه وهي في الممكن زائدة لأنّه موجود بغيره. فمصداق حمل الوجود عليه أمر زائد وفي الواجب عين لأنّه موجود بذاته فمصداق حمل الوجود عليه نفس ذاته من غير اعتبار أمر آخر، فالواجب سبحانه وجود خاص قائم بذاته ذاتية محضة لا ماهية له، فإنّ الماهية هي الحقيقة المعراة عن الأوصاف في اعتبار العقل وهو سبحانه منزّه عن أن يلحقه التعرية وأن يحيطه الاعتبار. وبالجملة فبعد تدقيق النظر يظهر أن ليس في الخارج مثلا إلّا ذات الشيء من حيث يصحّ انتزاع مفهوم الوجود عنه والعقل بضرب من التحليل ينتزع عنه الوجود ويصفه به ويحمل عليه، فهنا ثلاثة أمور: الأول المنتزع عنه وهو ذات الشيء وماهيته. والثاني الحيثية التي هي منشأ الانتزاع وهي تعلّق الشيء بالوجود الحقيقي الذي هو موجود بنفسه وواجب لذاته وارتباطه به. والثالث المنتزع وهو الوجود بالمعنى المصدري وهو أمر اعتباري وليس أفراده إلّا حصصا ولا يصدق مواطأة إلّا عليها.
ومن جوّز أن يكون له فرد غير الحصّة فقد أخطأ، كيف والمعنى المصدري الانتزاعي لا حقيقة له إلّا ما يفهم منه عند انتزاعه وذلك المفهوم لا يحمل على ما يغايره إلّا اشتقاقا.
وهذه الأمور الثلاثة كلّها متحقّقة في الممكن واثنان منها في الواجب فإنّ ذاته تعالى منشأ الانتزاع ومصداق الحمل. ويحول حول ذلك ما قيل إنّ في الممكن الوجود المطلق وحصّته والوجود الخاص زائد وفي الواجب الأول والثاني زائدان دون الثالث لانتفائه هناك، إذ عين الذات ينوب منابه في كونه مصداق الحمل. وما قيل إنّ محلّ الخلاف هو الوجود بمعنى مصدر الآثار والوجود الحقيقي الذي به الموجودية انتهى. والوجود عند الصوفية قد مرّ بيانه في لفظ الوجد.

الْقَضِيَّة الخارجية

الْقَضِيَّة الخارجية: والقضية الْحَقِيقِيَّة والقضية الذهنية أَقسَام ثَلَاثَة للقضية الحملية بِاعْتِبَار وجود موضوعها.
وَاعْلَم أَن كل قَضِيَّة لَا بُد لَهَا من الحكم وَلَا بُد للْحكم من تصور الْمَحْكُوم عَلَيْهِ الَّذِي هُوَ الْمَوْجُود الذهْنِي. فالقضايا الثَّلَاث الْمَذْكُورَة مُشْتَركَة فِي اقْتِضَاء الْوُجُود الذهْنِي للموضوع ومتساوية الْإِقْدَام فِيهِ. ثمَّ إِن كَانَ الحكم على الْأَفْرَاد الذهنية فَقَط للموضوع أَو على أَفْرَاده الخارجية فَإِن كَانَ الحكم على أَفْرَاده الذهنية فَقَط مُحَققَة أَو مقدرَة فَهِيَ الْقَضِيَّة الذهنية مثل شريك الْبَارِي مُمْتَنع بِمَعْنى أَن كل مَا يُوجد فِي الْعقل ويفرضه الْعقل شريك الْبَارِي فَهُوَ مَوْصُوف فِي الذِّهْن بالامتناع فِي الْخَارِج. وَإِنَّمَا فسرنا مَعْنَاهُ بذلك بِنَاء على أَن الْمُمْتَنع لَيْسَ بموجود فِي الذِّهْن أَيْضا كَمَا سَيَأْتِي فِي الْمُوجبَة وكالقضايا المستعملة فِي الْمنطق فَإِن موضوعاتها معقولات ثَانِيَة لَا يحاذيها أَمر فِي الْخَارِج وَهِي كلهَا موجودات ذهنية بِالْفِعْلِ - أما فِي القوى الْعَالِيَة أَو القوى القاصرة. وَإِن كَانَ الحكم على الْأَفْرَاد الْمَوْــجُودَة فِي الْخَارِج فَلَا يَخْلُو إِمَّا أَن يكون الحكم على الْأَفْرَاد الْمَوْــجُودَة فِي الْخَارِج محققا أَو على الْأَفْرَاد الْمَوْــجُودَة فِي الْخَارِج مُقَدرا - فَإِن كَانَ الحكم على الْأَفْرَاد الْمَوْــجُودَة فِي الْخَارِج محققا فَهِيَ الْقَضِيَّة الخارجية مثل كل إِنْسَان حَيَوَان بِمَعْنى أَن كل إِنْسَان مَوْجُود فِي الْخَارِج فَهُوَ حَيَوَان فِي الْخَارِج وَإِن كَانَ الحكم على الْأَفْرَاد الْمَوْــجُودَة فِي الْخَارِج مُقَدرا يَعْنِي على الْأَفْرَاد الممكنة الَّتِي قدر وَفرض وجودهَا فِي الْخَارِج سَوَاء كَانَت مَوْــجُودَة فِي الْخَارِج محققا أَو لَا فَهِيَ الْحَقِيقِيَّة مثل كل إِنْسَان حَيَوَان أَي كل مَا لَو وجد فِي الْخَارِج وَكَانَ إنْسَانا فَهُوَ على تَقْدِير وجوده حَيَوَان وَقس عَلَيْهِ معنى كل عنقاء طَائِر - وَهَذَا الْوُجُود الْمُقدر إِنَّمَا اعتبروه فِي الْأَفْرَاد الممكنة لَا الممتنعة كأفراد اللاشيء وَشريك الْبَارِي.
وَقَالَ السَّيِّد السَّنَد قدس سره وَهَذَا الْقَيْد أَعنِي إِمْكَان وجود الْأَفْرَاد إِنَّمَا يحْتَاج إِلَيْهِ إِذا لم يعْتَبر إِمْكَان صدق الْوَصْف العنواني على ذَات الْمَوْضُوع بِحَسب نفس الْأَمر بل يَكْتَفِي بِمُجَرَّد فرض صدقه. أَو إِمْكَان فرض صدقه عَلَيْهِ كَمَا فِي صدق الْكُلِّي على جزئياته حَتَّى إِذا وَقع الْكُلِّي مَوْضُوع الْقَضِيَّة الْكُلية كَانَ متناولا لجَمِيع أَفْرَاده الَّتِي هُوَ كلي بِالْقِيَاسِ إِلَيْهَا سَوَاء أمكن صدقه عَلَيْهَا أَو لَا. وَإِمَّا إِذا اعْتبر إِمْكَان صدق العنوان على ذَات الْمَوْضُوع فِي نفس الْأَمر كَمَا هُوَ مَذْهَب الفارابي. أَو اعْتبر مَعَ الْإِمْكَان الصدْق بِالْفِعْلِ كَمَا هُوَ مَذْهَب الشَّيْخ فَلَا حَاجَة إِلَى اعْتِبَار إِمْكَان وجود الْأَفْرَاد انْتهى.
وَإِن أردْت أَن مُرَاد الفارابي بالإمكان هَا هُنَا مَا هُوَ فَعَلَيْك الرُّجُوع إِلَى الْوَصْف العنواني فهناك مَا لَا عين رَأَتْ وَلَا أذن سَمِعت إِن شَاءَ الله تَعَالَى وَحَاصِل الْكَلَام أَنهم إِنَّمَا قسموا القضايا إِلَى هَذِه الثَّلَاثَة لِأَن أَحْوَال الْأَشْيَاء أَي محمولاتها ثَلَاثَة لِأَنَّهَا إِمَّا شَامِلَة للأفراد الذهنية والخارجية المحققة والمقدرة لموضوعاتها وَتسَمى لَوَازِم الماهيات كالزوجية للأربعة والفردية للثَّلَاثَة وتساوي الزوايا القائمتين للمثلث.
والقضايا الَّتِي يكون محمولاتها هَذِه الْأَحْوَال تسمى حَقِيقِيَّة مثل كل أَرْبَعَة زوج وكل ثَلَاثَة فَرد وكل مثلث تَسَاوِي زواياه للقائمتين وَإِمَّا مُخْتَصَّة بالأفراد الْمَوْــجُودَة فِي الْخَارِج لموضوعاتها كالحركة والسكون والإضاءة والإحراق والقضايا الَّتِي تكون محمولاتها هَذِه الْأَحْوَال خارجية مثل كل فلك متحرك وكل أَرض سَاكِنة وكل نَار مضيئة ومحرقة. وَإِمَّا مُخْتَصَّة بالأفراد الْمَوْــجُودَة فِي الذِّهْن كالكلية والجزئية والقضايا الَّتِي تكون محمولاتها هَذِه الْأَحْوَال تسمى ذهنية مثل الْإِنْسَان كلي وَنَوع - وَالْحَيَوَان جنس وَزيد المتصور جزئي فَافْهَم.
ثمَّ اعْلَم أَن التَّسْمِيَة بالحقيقية من قبيل نِسْبَة الْفَرد إِلَى الْكُلِّي فَإِن الْقَضِيَّة لِكَثْرَة اسْتِعْمَالهَا فِي ذَلِك الْمَعْنى كَأَنَّهَا مَوْضُوعَة لَهُ وَحَقِيقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ. فالقضية فَرد من أَفْرَاد الْحَقِيقَة فنسبت إِلَيْهَا. وَلَك أَن تَقول إِن هَذَا الْمَعْنى حَقِيقَة الْقَضِيَّة وماهيتها إِذْ لم يعْتَبر فِيهِ قيد زَائِد على مفهومها الْمُتَبَادر وَهُوَ تَقْيِيد اتصاف ذَات الْمَوْضُوع بالعنوان بِكَوْنِهِ فِي الْخَارِج فَإِذا اسْتعْملت فِي ذَلِك الْمَعْنى الَّذِي هُوَ حَقِيقَتهَا بِدَلِيل التبادر وَهَذَا هُوَ مُرَاد الْعَلامَة الرَّازِيّ فِي شرح الشمسية بقوله وَتسَمى حِينَئِذٍ حَقِيقِيَّة كَأَنَّهَا حَقِيقَة الْقَضِيَّة وكما أَن القضايا الثَّلَاث الْمَذْكُورَة مُتَسَاوِيَة الْإِقْدَام فِي اقْتِضَاء الْوُجُود الذهْنِي للموضوع كَذَلِك الْقَضِيَّة الْمُوجبَة والقضية السالبة سَوَاء كَانَتَا خارجيتين أَو حقيقيتين أَو ذهنيتين مشتركتان فِي ذَلِك الِاقْتِضَاء لِأَن الحكم بِثُبُوت الْمَحْمُول للموضوع وَانْتِفَاء الْمَحْمُول عَنهُ لَا يُمكن إِلَّا بعد تصور الْمَوْضُوع. فَلَا فرق بَينهمَا فِي اقْتِضَاء الْوُجُود الذهْنِي بِحَسب الحكم وَإِنَّمَا الْفرق بَينهمَا بِأَن صدق الْمُوجبَة يتَوَقَّف على وجود الْمَوْضُوع فِي ظرف الْإِثْبَات لِأَن الحكم فِي الْمُوجبَة بِثُبُوت الْمَحْمُول للموضوع وَثُبُوت شَيْء وجودي أَو عدمي فرع ثُبُوت الْمُثبت لَهُ فِي ظرف الثُّبُوت وبحسب الثُّبُوت إِن دَائِما فدائما وَإِن سَاعَة فساعة وَإِن خَارِجا فخارجا وَإِن ذهنا فذهنا. بِخِلَاف السالبة فَإِن صدقهَا لَا يتَوَقَّف على وجود الْمَوْضُوع فِي ظرف سلب الْمَحْمُول عَن الْمَوْضُوع لِأَن سلب الْمَحْمُول عَن الْمَوْضُوع كَمَا يصدق عِنْد عدم الْمَوْضُوع وَانْتِفَاء الْمَحْمُول عَنهُ كَذَلِك يصدق عِنْد عدم الْمَوْضُوع لِأَن الْمَوْضُوع إِذا لم يكن مَوْجُودا لم يكن الْمَحْمُول ثَابتا لَهُ لما مر من أَن ثُبُوت شَيْء لشَيْء فرع ثُبُوت الْمُثبت لَهُ فِي ظرف الْإِثْبَات فَيكون الْمَحْمُول مسلوبا عَنهُ الْبَتَّةَ - فللموضوع وجودان وجود ذهني وَوُجُود فِي ظرف الْإِثْبَات أما الْوُجُود الذهْنِي فَلَا بُد مِنْهُ لأجل الحكم إيجابيا كَانَ أَو سلبيا وَأما الْوُجُود فِي ظرف الْإِثْبَات أَي ظرف كَانَ ذهنا أَو خَارِجا إِنَّمَا هُوَ لأجل صدق الْإِيجَاب وتحققه والسالبة لَا تستدعي صدقهَا هَذَا الْوُجُود. وَمن هَا هُنَا قَالُوا إِن الْإِثْبَات إِن كَانَ فِي الْخَارِج فَيجب لصدقه أَن يكون ثُبُوت الْمَوْضُوع أَيْضا محققا أَو مُقَدرا فِي الْخَارِج وَإِن كَانَ فِي الذِّهْن فليعتبر وجود الْمَوْضُوع فِي الذِّهْن وَرَاء اقْتِضَاء الحكم فَإِنَّهُ بِهَذَا الْمَعْنى فِي السالبة أَيْضا بل لصِحَّة ثُبُوت الْمَحْمُول لَهُ فَافْهَم.
ثمَّ اعْلَم أَن الْقَضِيَّة الخارجية قد يتَوَقَّف صدقهَا أَي تحققها فِي الْخَارِج على وجود الْمَوْضُوع ومبدأ الْمَحْمُول فِي الْخَارِج مثل قَوْلك زيد أسود فِي الْخَارِج وَقد يتَوَقَّف صدقهَا على وجود الْمَوْضُوع فَقَط فِي الْخَارِج كَمَا إِذا كَانَ الْمَحْمُول عدميا مثل زيد أعمى وَزيد كَاتب. وَهَاتَانِ القضيتان خارجيتان لَكِن يتَوَقَّف تحققهما على وجود الْمَوْضُوع فَقَط فِي الْخَارِج وَإِمَّا فِي قَوْلك زيد مَوْجُود فِي الْخَارِج فقضية ذهنية لِأَن الْخَارِج فِي الْقَضِيَّة الخارجية ظرف لاتصاف الْمَوْضُوع الْمَوْجُود فِي الْخَارِج بالمحمول فِيهِ فَيتَوَقَّف صدقهَا وتحققها على وجود الْمَوْضُوع فِي الْخَارِج أَو لَا ثمَّ الحكم عَلَيْهِ فِي الْخَارِج بِأَيّ مَحْمُول كَانَ وَفِي الْمِثَال الْمَذْكُور لَيْسَ كَذَلِك.
وتوضيحه أَن معنى قَوْلك زيد مَوْجُود فِي الْخَارِج أَنه مَوْجُود بِوُجُود أُصَلِّي تترتب عَلَيْهِ الْآثَار وَتظهر مِنْهُ الْأَحْكَام. وَلَا شكّ أَن كَونه كَذَلِك لَا يتَوَقَّف على كَونه مَوْجُودا أَصْلِيًّا أَو لَا حَتَّى يتَصَوَّر اتصافه بالوجود الْأَصْلِيّ أَو لَا. ثمَّ الحكم عَلَيْهِ فِي الْخَارِج بالوجود الْأَصْلِيّ أَي بالوجود فِي الْخَارِج. هَكَذَا ذكره السَّيِّد السَّنَد الشريف الشريف قدس سره فِي أم الْحَوَاشِي على الشَّرْح الْقَدِيم للتجريد وَالْحَاصِل أَنه لَا بُد فِي الْقَضِيَّة الخارجية من اتصاف الْمَوْضُوع بالوجود الْخَارِجِي أَو لَا. ثمَّ الحكم عَلَيْهِ بالمحمول فعلى هَذَا زيد كَاتب قَضِيَّة خارجية. وَزيد مَوْجُود فِي الْخَارِج قَضِيَّة ذهنية إِذْ لَيْسَ الحكم فِيهَا بالوجود فِي الْخَارِج بعد اتصاف زيد بالوجود فِيهِ وَمن أَرَادَ الِاطِّلَاع على دفع الْإِشْكَال فِي الْحمل الإيجابي على المفهومات الممتنعة مثل شريك الْبَارِي مُمْتَنع واجتماع النقيضين محَال والخلاء مَعْدُوم ونظائره فَلْينْظر إِلَى تحقيقنا فِي الْمُوجبَة واشكر شكرا جميلا واسأل لهَذَا العَاصِي الغفران وَأَجرا جزيلا.

الحال

الحال: بتخفيف اللام الصفةُ ويطلق على الزمان الذي أنت فيه وبتشديد اللام ضدَّ المؤجل والنسيئة.
الحال: لغة الصفة التي عليها الموصوف. وعند المنطقيين كيفية سريعة الزوال نحو حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة عارضة، ذكره الراغب. وقال ابن الكمال: الحال لغة نهاية الماضي وبداية المستبقل. واصطلاحا: ما يبين هيئة الفاعل أو المفعول به لفظا نحو ضربت زيدا قائما. أو معنى نحو زيد في الدار قائما. والحال عند أهل الحق معنى يرد على القلب بغير تصنع ولا اجتلاب ولا اكتساب من طرب أو حزن أو قبض أو بسط أو هيئة، وتزول بظهور صفات النفس، فإذا دام وصار ملكا يسمى مقاما. فالأحوال مواهب والمقامات مكاسب، والأحوال تأتي من عين الجود والمقامات تحصل ببذل المجهود.
الحال:
[في الانكليزية] Attribute ،quality ،situation
[ في الفرنسية] Attribut ،qualite ،situation
بتخفيف اللام في اللغة الصفة. يقال كيف حالك أي صفتك. وقد يطلق على الزمان الذي أنت فيه، سمّي بها لأنها تكون صفة لذي الحال كذا في الهداية حاشية الكافية. وجمع الحال الأحوال والحالة أيضا بمعنى الصفة. وفي اصطلاح الحكماء هي كيفية مختصة بنفس أو بذي نفس وما شأنها أن تفارق، وتسمّى بالحالة أيضا، هكذا يفهم من المنتخب وبحر الجواهر.
ويجيء في بيان الكيفيات النفسانية ما يوضح الحال.
وفي اصطلاح الأطباء يطلق على أخصّ من هذا ما في بحر الجواهر الأحوال تقال باصطلاح العام على كل عارض. وبالاصطلاح الخاصّ للأطباء على ثلاثة أشياء فقط: الأول الصحة، والثاني المرض، والثالث الحالة المتوسطة بينهما، فلا تكون العلامات والأسباب بهذا الاصطلاح من الأحوال انتهى. قوله على كل عارض أي مفارق إذ الراسخ في الموضوع يسمّى ملكة لا حالا كما يجيء. والحالة الثالثة وتسمّى بالحالة المتوسطة أيضا عندهم هي الحالة التي لا توجد فيها غاية الصحة ولا غاية المرض كما وقع في بحر الجواهر أيضا ويجيء في لفظ الصحة.
وفي اصطلاح المتكلّمين يطلق لفظ الحال على ما هو صفة لموجود لا موجودة ولا معدومة. فقيد الصفة يخرج الذوات فإنها أمور قائمة بأنفسها، فهي إمّا موجودة أو معدومة ولا [تكون] واسطة بينهما. والمراد بالصفة ما يكون قائما بغيره بمعنى الاختصاص الناعت فيدخل الأجناس والفصول في الأحوال، والأحوال القائمة بذاته تعالى كالعالمية والقادرية عند من يثبتها. وقولهم لموجود أي سواء كان موجودا قبل قيام هذه الصفة أو معه فيدخل الوجود عند من قال فإنه حال، فهذا القيد يخرج صفة المعدوم فإنها معدومة فلا تكون حالا.
والمراد بصفة المعدوم الصفة المختصة به فلا يرد الأحوال القائمة بالمعدوم كالصفات النفسية عند من قال بحاليتها. لا يقال إذا كانت صفات المعدوم معدومة فهي خارجة بقيد لا معدومة فيكون قيد لموجود مستدركا، لأنّا نقول الاستدراك أن يكون القيد الأول مغنيا عن الآخر دون العكس. نعم يرد على من قال إنها لا موجودة لا معدومة قائمة بموجود. ويجاب بأنّ ذكره لكونه معتبرا في مفهوم الحال لا للإخراج.
وقولهم لا موجودة ليخرج الأعراض فإنها متحقّقة باعتبار ذواتها، وإن كانت تابعة لمحالها في التحيّز فهي من قبيل الموجودات. وقولهم لا معدومة ليخرج السّلوب التي تتصف بها الموجودات فإنها معدومات. وأورد عليه الصفات النفسية فإنها عندهم أحوال حاصلة للذوات حالتي وجودها وعدمها. والجواب أنّ اللام في قولهم لموجود ليس للاختصاص بل لمجرد الارتباط والحصول فلا يضرّ حصولها للمعدوم أيضا، إلّا أنّها لا تسمّى حالا إلّا عند حصولها للموجود ليكون لها تحقّق تبعي في الجملة. فالصفات النفسية للمعدومات ليست أحوالا إلّا إذا حصل تلك المعدومات، حينئذ تكون أحوالا. هذا على مذهب من قال بأنّ المعدوم ثابت ومتّصف بالأحوال حال العدم.
وأمّا على مذهب من لم يقل بثبوت المعدوم أو قال به ولم يقل باتّصافه بالأحوال فالاعتراض ساقط من أصله. وقد يفسّر الحال بأنه معلوم يكون تحقّقه بغيره ومرجعه إلى الأول، فإنّ التفسيرين متلازمان.
التقسيم
الحال إمّا معلّل أي بصفة موجودة قائمة بما هو موصوف بالحال كما يعلّل المتحركية بالحركة الموجودة القائمة بالمتحرك، ويعلل القادرية بالقدرة. وإمّا غير معلّل وهو بخلاف ما ذكر، فيكون حالا ثابتا للذات لا بسبب معنى قائم به نحو الأسودية للسواد والعرضية للعلم والجوهرية للجوهر والوجود عند القائل بكونه زائدا على الماهية، فإنّ هذه أحوال ليس ثبوتها لمحالها بسبب معان قائمة بها. فإن قلت جوّز أبو هاشم تعليل الحال بالحال في صفاته تعالى فكيف اشترط في علّة الحال أن تكون موجودة؟

قلت: لعلّ هذا الاشتراط على مذهب غيره.
فائدة:
الحال أثبته إمام الحرمين أولا والقاضي من الأشاعرة وأبو هاشم من المعتزلة، وبطلانه ضروري لأنّ الموجود ما له تحقّق والمعدوم ما ليس كذلك، ولا واسطة بين النفي والإثبات ضرورة، فإن أريد نفي ما ذكرنا من أنّه لا واسطة بين النفي والإثبات فهو سفسطة، وإن أريد معنى آخر بأن يفسّر الموجود مثلا بما له تحقق أصالة والمعدوم بما لا تحقّق له أصلا، فيتصوّر هناك واسطة هي ما يتحقق تبعا، فيصير النزاع لفظيا. والظاهر هو أنّهم وجدوا مفهومات يتصوّر عروض الوجود لها بأن يحاذي بها أمر في الخارج فسمّوا تحققها وجودا وارتفاعها عدما، ووجدوا مفهومات ليس من شأنها ذلك كالأمور الاعتبارية التي يسمّيها الحكماء معقولات ثانية، فجعلوها لا موجودة ولا معدومة، فنحن نجعل العدم للوجود سلب الإيجاب، وهم يجعلونه عدم ملكة، كذا قيل.
وقد ظهر بهذا التأويل أيضا أنّ النزاع لفظي.
وإن شئت زيادة التحقيق فارجع إلى شرح المواقف وحاشيته للمولوي عبد الحكيم في مقدمة الأمور العامة وأخيرها.
وفي اصطلاح الأصوليين يطلق على الاستصحاب.
وفي اصطلاح السالكين هو ما يرد على القلب من طرب أو حزن أو بسط أو قبض كذا في سلك السلوك. وفي مجمع السلوك وتسمّى الحال بالوارد أيضا. ولذا قالوا لا ورد لمن لا وارد له. أحوال عمل القلب التي ترد على قلب السّالك من صفاء الأذكار. وهذا يعني أنّ الأحوال لها علاقة بالقلب وليس بالجوارح.
وهذا المعنى الذي هو غيبي بعد حصول الصّفاء بسبب الأذكار يظهر في القلب. إذن الأحوال هي من جملة المواهب. وأمّا المقامات فمن جملة المكاسب وقيل: الحال معنى يتّصل بالقلب وهو وارد من الله تعالى. وقد يمكن تحصيله بالتكلّف ولكنه يذهب. ويقول بعض المشايخ: للحال دوام وبقاء لأنّ الموصوف إذا لم يتّصف بصفة البقاء فلا يكون حالا. بل لوائح. ولم يصل صاحبه إلى الحال. ألا ترى أنّ المحبة والشوق والقبض والبسط هي من جملة الأحوال، فإن لم يكن لها دوام فلا المحب يكون محبا ولا المشتاق مشتاقا وما لم يتّصف العبد بصفة الحال فلا يطلق عليه ذلك الاسم. ويقول بعضهم بعدم بقاء ودوام الحال، كما قال الجنيد: الحال نازلة تنزل بالقلب ولا تدوم. وفي الاصطلاحات الصوفية لكمال الدين الأحوال هي المواهب الفائضة على العبد من ربه، إمّا واردة عليه ميراثا للعمل الصالح المزكّي للنفس المصفّي للقلب، وإمّا نازلة من الحق تعالى امتنانا محضا. وإنّما سميت الأحوال أحوالا لحول العبد بها من الرسوم الخلقية ودركات البعد إلى الصفات الحقية ودرجات القرب وذلك هو معنى الترقّي.
وفي اصطلاح النّحاة يطلق لفظ يدل على الحال بمعنى الزمان الذي أنت فيه وضعا نحو قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ صيغته صيغة المستقبل بعينها، وعلى لفظ يبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به لفظا أو معنى على ما ذكره ابن الحاجب في الكافية. والمراد بالهيئة الحالة أعم من أن تكون محقّقة كما في الحال المحقّقة أو مقدّرة كما في الحال المقدّرة.
وأيضا هي أعمّ من حال نفس الفاعل أو المفعول أو متعلّقهما مثلا نحو جاء زيد قائما أبوه، لكنه يشكّل بمثل جاء زيد والشمس طالعة، إلّا أن يقال: الجملة الحالية تتضمّن بيان صفة الفاعل أي مقارنة بطلوع الشمس.
وأيضا هي أعمّ من أن تدوم الفاعل أو المفعول أو تكون كالدائم لكون الفاعل أو المفعول موصوفا بها غالبا كما في الحال الدائمة، ومن أن تكون بخلافه كما في الحال المنتقلة. ولا بدّ من اعتبار قيد الحيثية المتعلّقة بقوله يبيّن أي يبيّن هيئة الفاعل أو المفعول به من حيث هو فاعل أو مفعول. فبذكر الهيئة خرج ما يبيّن الذات كالتمييز، وبإضافتها إلى الفاعل والمفعول به يخرج ما يبيّن هيئة غيرهما كصفة المبتدأ نحو: زيد العالم أخوك. وبقيد الحيثية خرج صفة الفاعل أو المفعول فإنّها تدلّ على هيئة الفاعل أو المفعول مطلقا لا من حيث إنّه فاعل أو مفعول. ألا ترى أنهما لو انسلخا عن الفاعلية والمفعولية وجعلا مبتدأ وخبرا أو غير ذلك كان بيانها لهيئتهما محالا. وهذا الترديد على سبيل منع الخلوّ لا الجمع، فلا يخرج منه نحو ضرب زيد عمروا راكبين. والمراد بالفاعل والمفعول به أعمّ من أن يكون حقيقة أو حكما فيدخل فيه الحال عن المفعول معه لكونه بمعنى الفاعل أو المفعول به، وكذا عن المصدر مثل:
ضربت الضرب شديدا فإنه بمعنى أحدثت الضرب شديدا، وكذا عن المضاف إليه كما إذا كان المضاف فاعلا أو مفعولا يصحّ حذفه وقيام المضاف إليه مقامه، فكأنّه الفاعل أو المفعول نحو: بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً إذ يصح أن يقال: بل نتبع إبراهيم حنيفا، أو كان المضاف فاعلا أو مفعولا وهو جزء المضاف إليه، فكان الحال عنه هو الحال عن المضاف، وإن لم يصح قيامه مقامه كمصبحين في قوله تعالى أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ فإنّه حال عن هؤلاء باعتبار أن الدابر المضاف إليه جزؤه وهو مفعول ما لم يسمّ فاعله باعتبار ضميره المستكن في المقطوع. ولا يجوز وقوع الحال عن المفعول فيه وله لعدم كونهما مفعولين لا حقيقة ولا حكما.
اعلم أنّه جوّز البعض وقوع الحال عن المبتدأ كما وقع في چلپي التلويح، وجوّز المحقق التفتازاني والسيّد الشريف وقوع الحال عن خبر المبتدأ، وقد صرّح في هداية النحو أنّه لا يجوز الحال عن فاعل كان. فعلى مذهبهم هذا الحدّ لا يكون جامعا، والظاهر أنّ مذهب ابن الحاجب مخالف لمذهبهم، ولذا جعل الحال في: زيد في الدار قائما عن ضمير الظرف لا من زيد المبتدأ، وجعل الحال في:
هذا زيد قائما عن زيد باعتبار كونه مفعولا لأشير أو أنبه المستنبطين من فحوى الكلام.
وقوله لفظا أو معنى أي سواء كان الفاعل والمفعول لفظيا بأن يكون فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول باعتبار لفظ الكلام ومنطوقه من غير اعتبار أمر خارج يفهم من فحوى الكلام، سواء كانا ملفوظين حقيقة نحو ضربت زيدا قائما أو حكما نحو زيد في الدار قائما، فإنّ الضمير المستكن في الظرف ملفوظ حكما أو معنويا بأن يكون فاعلية الفاعل ومفعولية المفعول باعتبار معنى يفهم من فحوى الكلام، نحو: هذا زيد قائما، فإنّ لفظ هذا يتضمن الإشارة والتنبيه أي أشير أو أنبّه إلى زيد قائما.
التقسيم

تنقسم الحال باعتبارات. الأول: انقسامها باعتبار انتقال معناها ولزومه إلى قسمين منتقلة وهو الغالب وملازمة وذلك واجب في ثلاث مسائل إحداها الجامدة الغير المؤوّلة بالمشتقّ نحو هذا مالك ذهبا وهذه جبّتك خزّا. وثانيتها المؤكّدة نحو وَلَّى مُدْبِراً. وثالثتها التي دلّ عاملها على تجدّد صاحبها نحو وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً. وتقع الملازمة في غير ذلك بالسماع، ومنه قائِماً بِالْقِسْطِ إذا أعرب حالا. وقول جماعة إنها مؤكّدة وهم لأنّ معناها غير مستفاد مما قبلها هكذا في المغني.
الثاني انقسامها بحسب التبيين والتوكيد إلى مبيّنة وهو الغالب وتسمّى مؤسّسة أيضا. وإلى مؤكّدة وهي التي يستفاد معناها بدونها وهي ثلاثة:
مؤكّدة لعاملها نحو ولى مدبرا، ومؤكّدة لصاحبها نحو جاء القوم طرا ونحو لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً ومؤكّدة لمضمون جملة نحو زيد أبوك عطوفا. وأهمل النحاة المؤكّدة لصاحبها، ومثّل ابن مالك وولده بتلك الأمثلة للمؤكّدة لعاملها وهو سهو هكذا في المغني.
قال المولوي عصام الدين الحال الدائمة ما تدوم ذا الحال أو تكون كالدائم له والمنتقلة بخلافها، وقد سبق إليه الإشارة في بيان فوائد قيود التعريف. وصاحب المغني سمّاها أي الحال الدائمة بالملازمة، إلّا أنّ ظاهر كلامهما يدلّ على أنها تكون دائمة لذي الحال لا أن تكون كالدائمة له فليس فيما قالا مخالفة كثيرة إذ يمكن التوفيق بين كلاميهما بأن يراد باللزوم في كلام صاحب المغني أعمّ من اللزوم الحقيقي والحكمي، فعلم من هذا أنّ المنتقلة مقابلة للدائمة وأنّ المؤكّدة قسم من الدائمة مقابلة للمؤسّسة. ومنهم من جعل المؤكّدة مقابلة للمنتقلة. فقد ذكر في الفوائد الضيائية أنّ الحال المؤكدة مطلقا هي التي لا تنتقل من صاحبها ما دام موجودا غالبا، بخلاف المنتقلة وهي قيد للعامل بخلاف المؤكّدة انتهى.

وقال الشيخ الرضي: الحال على ضربين:
منتقلة ومؤكّدة، ولكل منهما حد لاختلاف ماهيتهما. فحدّ المنتقلة جزء كلام يتقيد بوقت حصول مضمونه تعلق الحدث بالفاعل أو المفعول وما يجري مجراهما. وبقولنا جزء كلام تخرج الجملة الثانية في ركب زيد وركب مع ركوبه غلامه إذا لم تجعلها حالا. وبقولنا بوقت حصول مضمونه يخرج نحو: رجع القهقرى لأنّ الرجوع يتقيّد بنفسه لا بوقت حصول مضمونه.
وقولنا تعلق الحدث فاعل يتقيّد ويخرج منه النعت فإنّه لا يتقيد بوقت حصوله ذلك التعلّق، وتدخل الجملة الحالية عن الضمير لإفادته تقيّد ذلك التعلّق وإن لم يدلّ على هيئة الفاعل والمفعول. وقولنا وما يجري مجراهما يدخل فيه الحال عن الفاعل والمفعول المعنويين وعن المضاف إليه. وحدّ المؤكّدة اسم غير حدث يجيء مقررا لمضمون جملة. وقولنا غير حدث احتراز عن نحو رجع رجوعا، انتهى حاصل ما ذكره الرضي.
وفي غاية التحقيق ما حاصله أنّهم اختلفوا. فمنهم من قال لا واسطة بين المنتقلة والمؤكّدة فالمؤكّدة ما تكون مقررة لمضمون جملة اسمية أو فعلية والمنتقلة ما ليس كذلك.

ومنهم من أثبت الواسطة بينهما فقال: المنتقلة متجدّدة لا تقرّر مضمون ما قبلها سواء كان ما قبلها مفردا أو جملة اسمية أو فعلية، والمؤكّدة تقرّر مضمون جملة اسمية، والدائمة تقرّر مضمون جملة فعلية انتهى.
الثالث انقسامها بحسب قصدها لذاتها والتوطئة بها إلى قسمين: مقصودة وهو الغالب وموطئة وهي اسم جامد موصوف بصفة هي الحال في الحقيقة بأن يكون المقصود التقييد بها لا بموصوفها، فكأنّ الاسم الجامد وطّاء الطريق لما هو حال في الحقيقة، نحو قوله تعالى إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا، ونحو فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا، فإنّ القرآن والبشر ذكرا لتوطئة ذكر عربيا وسويّا. وتقول جاءني زيد رجلا محسنا.
فما قيل القول بالموطئة إنّما يحسن إذا اشترط الاشتقاق، وأما إذا لم يشترط فينبغي أن يقال في جاءني زيد رجلا بهيّا إنّهما حالان مترادفان ليس بشيء.
الرابع انقسامها بحسب الزمان إلى ثلاثة أقسام: مقارنة وتسمّى الحال المحققة أيضا وهو الغالب نحو وَهذا بَعْلِي شَيْخاً ومقدّرة وهي المستقبلة نحو فَادْخُلُوها خالِدِينَ، أي مقدّرين الخلود ونحو وَبَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا أي مقدّرا نبوته، ومحكية وهي الماضية نحو جاء زيد أمس راكبا.
الخامس انقسامها باعتبار تعدّدها واتحاد أزمنتها واختلافها إلى المتوافقة والمتضادة، فالمتوافقة هي الأحوال التي تتحد في الزمان والمتضادة ما ليس كذلك.
السادس انقسامها باعتبار وحدة ذي الحال وتعدّده إلى المتزادفة والمتداخلة. فالمترادفة هي الأحوال التي صاحبها واحد والمتداخلة ما ليس كذلك بل يكون الحال الثانية من ضمير الحال الأولى. وفي الإرشاد يجوز تعدّد الحال متوافقة سواء كانت مترادفة أو متداخلة، وكذا متضاده مترادفة لا غير. فالمتوافقة المتداخلة نحو جاءني زيد راكبا قارئا على أن يكون قارئا حالا من ضمير راكبا. فإن جعلت قارئا حالا من زيد يصير هذا مثالا للمتوافقة المترادفة. والمتضادة المترادفة نحو رأيت زيدا راكبا ساكنا.
فائدة:
إن كان الحالان مختلفتين فالتفريق واجب نحو لقيته مصعدا منحدرا أي لقيته وأنا مصعد وهو منحدر أو بالعكس. وإن كانتا متفقتين فالجمع أولى نحو لقيته راكبين أو لقيت راكبا زيدا راكبا أو لقيت زيدا راكبا راكبا. قال الرضي إن كانتا مختلفتين فإن كان قرينة يعرف بها صاحب كلّ واحد منهما جاز وقوعهما كيف كانتا نحو لقيت هندا مصعدا منحدرة، وإن لم تكن فالأولى أن يجعل كلّ حال بجنب صاحبه نحو لقيت منحدرا زيدا مصعدا. ويجوز على ضعف أن يجعل حال المفعول بجنبه ويؤخّر حال الفاعل، كذا في العباب. فائدة: يجتمع الحال والتمييز في خمسة أمور: الأول الاسمية. والثاني التنكير. والثالث كونهما فضلة. والرابع كونهما رافعين للإبهام.
والخامس كونهما منصوبين. ويفترقان في سبعة أمور: الأول أنّ الحال قد تكون جملة وظرفا وجارا ومجرورا والتمييز لا يكون إلّا اسما.
والثاني أنّ الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها نحو لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى بخلاف التمييز. الثالث أنّ الحال مبيّنة للهيئات والتمييز مبيّن للذوات. الرابع أنّ الحال قد تتعدّد بخلاف التمييز. الخامس أنّ الحال تتقدم على عاملها إذا كان فعلا متصرفا أو وصفا يشبهه، بخلاف التمييز على الصحيح. السادس أنّ الحال تؤكّد لعاملها بخلاف التمييز. السابع أنّ حقّ الحال الاشتقاق وحق التمييز الجمود.
وقد يتعاكسان فتقع الحال جامدة نحو هذا مالك ذهبا، والتمييز مشتقا نحو لله دره فارسا. وكثير منهم يتوهّم أنّ الحال الجامدة لا تكون إلّا مؤوّلة بالمشتق وليس كذلك. فمن الجوامد الموطئة كما مرّ. ومنها ما يقصد به التشبيه نحو جاءني زيد أسدا أي مثل أسد. ومنها الحال في نحو بعت الشاة شاة ودرهما، وضابطته أن تقصد التقسيط فتجعل لكل جزء من أجزاء المتجزئ قسطا وتنصب ذلك القسط على الحال، وتأتي بعده بجزء تابع بواو العطف أو بحرف الجر نحو بعت البرّ قفيزين بدرهم، كذا في الرضي والعباب. ومنها المصدر المؤوّل بالمشتق نحو أتيته ركضا أي راكضا، وهو قياس عند المبرّد في كل ما دلّ عليه الفعل. ومعنى الدلالة أنه في المعنى من تقسيمات ذلك الفعل وأنواعه نحو أتانا سرعة ورجلة خلافا لسيبويه حيث قصره على السماع. وقد تكون غير مصدر على ضرب من التأويل بجعله بمعنى المشتق نحو جاء البرّ قفيزين. ومنه ما كرّر للتفصيل نحو بينت حسابه بابا بابا أي مفصّلا باعتبار أبوابه، وجاء القوم ثلاثة ثلاثة أي مفصّلين باعتبار هذا العدد، ونحو دخلوا رجلا فرجلا، أو ثم رجلا أي مرتّبين بهذا الترتيب. ومنه كلّمته فاه إلى فيّ وبايعته يدا بيد انتهى.
والحال في اصطلاح أهل المعاني هي الأمر الداعي إلى التكلّم على وجه مخصوص أي الداعي إلى أن يعتبر مع الكلام الذي يؤدّى به أصل المعنى خصوصية ما هي المسمّاة بمقتضى الحال، مثلا كون المخاطب منكرا للحكم حال يقتضي تأكيد الحكم والتأكيد مقتضاها، وفي تفسير التكلّم الذي هو فعل اللسان باعتبار الذي هو فعل القلب مسامحة مبالغة في التنبيه على أنّ التكلّم على الوجه المخصوص إنما يعدّ مقتضى الحال إذا اقترن بالقصد والاعتبار، حتى إذا اقتضى المقام التأكيد ووقع ذلك في كلام بطريق الاتفاق لا يعدّ مطابقا لمقتضى الحال. وفي تقييد الكلام بكونه مؤدّيا لأصل المعنى تنبيه على أنّ مقتضيات الأحوال تجب أن تكون زائدة على أصل المعنى، ولا يرد اقتضاء المقام التجرّد عن الخصوصيات لأنّ هذا التجرّد زائد على أصل المعنى. وهذا هو مختار الجمهور، وإليه ذهب صاحب الأطول، فقال: مقتضى الحال هو الخصوصيات والصفات القائمة بالكلام.
فالخصوصية من حيث إنها حال الكلام ومرتبط به مطابق لها من حيث إنها مقتضى الحال والمطابق والمطابق متغايران اعتبارا على نحو مطابقة نسبة الكلام للواقع. وعلى هذا النحو قولهم: علم المعاني علم يعرف به أحوال اللفظ العربي التي بها يطابق اللفظ مقتضى الحال أي يطابق صفة اللفظ مقتضى الحال، وهذا هو المطابق بعبارات القوم حيث يجعلون الحذف والذكر إلى غير ذلك معلّلة بالأحوال. ولذا يقول السكّاكي الحالة المقتضية للذكر والحذف والتأكيد إلى غير ذلك، فيكون الحال هي الخصوصية وهو الأليق بالاعتبار لأنّ الحال عند التحقيق لا تقتضي إلّا الخصوصيات دون الكلام المشتمل عليها كما ذهب إليه المحقّق التفتازاني، حيث قال في شرح المفتاح: الحال هو الأمر الداعي إلى كلام مكيّف بكيفية مخصوصة مناسبة. وقال في المطول: مقتضى الحال عند التحقيق هو الكلام المكيّف بكيفية مخصوصة. ومقصوده إرادة المحافظة على ظاهر قولهم هذا الكلام مطابق لمقتضى الحال، فوقع في الحكم بأنّ مقتضى الحال هو الكلام الكلّي والمطابق هو الكلام الجزئي للكلّي، على عكس اعتبار المنطقيين من مطابقة الكلّي للجزئي، فعدل عمّا هو ظاهر المنقول وعمّا هو المعقول، وارتكب التكلّف المذكور.
فائدة: قال المحقّق التفتازاني الحال والمقام متقاربان بالمفهوم والتغاير بينهما بالاعتبار، فإنّ الأمر الداعي مقام باعتبار توهّم كونه محلا لورود الكلام فيه على خصوصية، وحال باعتبار توهّم كونه زمانا له. وأيضا المقام يعتبر إضافته في أكثر الأحوال إلى المقتضى بالفتح إضافة لامية، فيقال مقام التأكيد والإطلاق والحذف والإثبات والحال إلى المقتضي بالكسر إضافة بيانية، فيقال حال الإنكار وحال خلوّ الذهن وغير ذلك. ثم تخصيص الأمر الداعي بإطلاق المقام عليه دون المحلّ والمكان والموضع إمّا باعتبار أنّ المقام من قيام السوق بمعنى رواجه، فذلك الأمر الداعي مقام التأكيد مثلا أي محل رواجه، أو لأنه كان من عادتهم القيام في تناشد الأشعار وأمثاله فأطلق المقام على الأمر الداعي لأنهم يلاحظونه في محل قيامهم. وقال صاحب الأطول: الظاهر أنهما مترادفان إذ وجه التسمية لا يكون داخلا في مفهوم اللفظ حتى يحكم بتعدد المفهوم بالاعتبار، ولذا حكمنا بالترادف.
وهاهنا أبحاث تطلب من الأطول والمطوّل وحواشيه.

بلغ

(بلغ) الشيب فِي رَأسه ظهر والفارس مد يَده بعنان فرسه ليزِيد فِي جريه وَالشَّيْء أبلغه وَفُلَانًا الشَّيْء أبلغه إِيَّاه
(بلغ)
الشّجر بلوغا وبلاغا حَان إِدْرَاك ثمره والغلام أدْرك وَالْأَمر وصل إِلَى غَايَته وَمِنْه {حِكْمَة بَالِغَة} وَالشَّيْء بلوغا وصل إِلَيْهِ

(بلغ) بلاغة فصح وَحسن بَيَانه فَهُوَ بليغ (ج) بلغاء وَيُقَال بلغ الْكَلَام

بلغ


بَلَغَ(n. ac. بُلُوْغ)
a. Hurried along, hastened.
b. Threw open (door).
c. Deflowered.

بَلِغَ(n. ac. بَلَغ)
a. Was bewildered, dazed, stupefied.
b. see IX
بَلُغَ(n. ac. بَلُغ)
a. see IX
أَبْلَغَa. Threw open (door).
إِبْلَغَّa. Was black and white, piebald.

بُلْغَةa. see 4
بَلَغa. Black and white (colour).
b. Variegated marble.
c. Door, gate.

أَبْلَغُ
(pl.
بُلْغ)
a. Black and white, piebald.

بَلْغَآءُa. see 14
العَيْن البَلْقَآء
a. Impudence, brazenness, audacity.
بلغ
البَلْغ: البَلِيغُ من الرِّجال، قد بَلُغَ بَلاغَةً.
وبَلَغَ الشَّيْءُ يَبْلُغُ بُلُوغاً، وبَلَّغْتُه وأبْلَغْتُه. وكذلك الإبْلاغ في الرِّسالة.
وله بَلاغ وبلْغَةٌ وتَبَلُغٌ: أي كِفَايَةٌ.
والمُبَالَغَةُ: أنْ تَبْلُغَ من العَمَل جَهْدَكَ. ويقولون: " بَلَغَ مِنْي البِلَغِيْنَ " أي الجهد.
واللَّهُمَّ سَمْعٌ لا بَلْغٌ وسِمْعٌ لا بِلْغ، ويُنْصَبُ العَيْنُ والغَيْنُ.
والبَلِبْغُ من الرِّجال: الذي لا يُسْقِطُ في كلامِه كثيراً.
والتَّبْلِغَةُ: الحَبْلُ الذي يُوصَلُ به الرِّشَاءُ إلى الكَرَب، وتُجْمَعُ تَبَالِغَ. والبالِغَاءُ: الأكارعُ.
ب ل غ: (بَلَغَ) الْمَكَانَ وَصَلَ إِلَيْهِ وَكَذَا إِذَا شَارَفَ عَلَيْهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] أَيْ قَارَبْنَهُ. وَ (بَلَغَ) الْغُلَامُ أَدْرَكَ وَبَابُهُمَا دَخَلَ. وَ (الْإِبْلَاغُ) وَ (التَّبْلِيغُ) الْإِيصَالُ، وَالِاسْمُ مِنْهُ (الْبَلَاغُ) ، وَالْبَلَاغُ أَيْضًا الْكِفَايَةُ. وَشَيْءٌ (بَالِغٌ) أَيْ جَيِّدٌ. وَ (الْبَلَاغَةُ) الْفَصَاحَةُ وَ (بَلُغَ) الرَّجُلُ صَارَ (بَلِيغًا) وَبَابُهُ ظَرُفَ. وَ (الْبَلَاغَاتُ) كَالْوِشَايَاتِ. وَ ((الْبِلِغِينُ)) الدَّاهِيَةُ، وَهُوَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، وَ (بَالَغَ) فِي الْأَمْرِ إِذَا لَمْ يُقَصِّرْ فِيهِ. وَ (الْبُلْغَةُ) مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنَ الْعَيْشِ وَ (تَبَلَّغَ) بِكَذَا أَيِ اكْتَفَى بِهِ. 
[بلغ] بَلَغْتَ المكان بُلوغاً: وصلت إليه، وكذلك إذا شارفتَ عليه. ومنه قوله تعالى: {فإذا بلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أي قارَبْنَهُ. وبَلَغَ الغلامُ: أدرك. والإِبْلاغُ: الإيصالُ، وكذلك التَبْليغُ، والاسمُ منه البَلاغُ. والبَلاغُ أيضاً: الكفاية. ومنه قول الراجز * تزج مِنْ دُنْياكَ بالبَلاغ * وبَلَّغْتُ الرسالةَ. وبَلَّغَ الفارسُ، إذا مَدَّ يدَه بعنان فرسه ليزيد في جَرْيه. وشئ بالغ، أي جيد. وقد بَلَغَ في الــجودة مَبْلَغاً. ويقال: أمرُ اللهِ بَلْغٌ بالفتح، أي بالِغٌ من قوله تعالى: {إنّ الله بالغ أمره . قال الفراء: يقال اللهم سمع لا بلغ، وسمع لا بلغ، معناه يسمع به ولا يتم. وقال الكسائي: إذا سمع الرجل الخبر لا يعجبه قال: اللهم سمع لا بلغ، وسمع لا بلغ، وسمعا لا بلغا. وقولهم: أحمق بِلْغٌ بالكسر، أي هو مع حماقته يبلغ ما يريده. يقال بلغ ملغ . والبلاغة: الفصاحةُ. وبَلُغَ الرجلُ بالضم، أي صار بليغا. والبلاغات، كالوشايات. والبلغين: الداهية. وفي الحديث أن عائشة قالت لعليّ رضي الله عنهما حين أُخِذَتْ: " بَلَغْتَ مِنَّا البُِلَغينَ ". وبالَغَ فلانٌ في أمري، إذا لم يقصِّر فيه. والبُلْغَةُ: ما يُتَبَلَّغُ به من العَيش. وتَبَلَّغَ بكذا، أي اكتفَى به. وَتَبَلَّغَتْ به العِلَّةُ، أي اشتدّتْ. والبالِغاءُ: الا كارع فيه لغة أهل المدينة. قال أبو عبيد: وأصلها بالفارسية " پايها ".
ب ل غ : بَلَغَ الصَّبِيُّ بُلُوغًا مِنْ بَاب قَعَدَ احْتَلَمَ وَأَدْرَكَ وَالْأَصْلُ بَلَغَ الْحُلُمَ وَقَالَ ابْنُ الْقُطَّاعِ بَلَغَ بَلَاغًا فَهُوَ بَالِغٌ وَالْجَارِيَةُ بَالِغٌ أَيْضًا بِغَيْرِ هَاءٍ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ قَالُوا جَارِيَةٌ بَالِغٌ فَاسْتَغْنَوْا بِذِكْرِ الْمَوْصُوفِ وَبِتَأْنِيثِهِ عَنْ تَأْنِيثِ صِفَتِهِ كَمَا يُقَالُ امْرَأَةٌ حَائِضٌ.
قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: وَكَانَ الشَّافِعِيُّ يَقُولُ: جَارِيَةٌ بَالِغٌ وَسَمِعْتُ الْعَرَبَ تَقُولُهُ وَقَالُوا امْرَأَةٌ عَاشِقٌ وَهَذَا التَّعْلِيلُ وَالتَّمْثِيلُ يُفْهِمُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُذَكَّرُ الْمَوْصُوفُ وَجَبَ التَّأْنِيثُ دَفْعًا لِلَّبْسِ نَحْوَ مَرَرْتُ بِبَالِغَةٍ وَرُبَّمَا أُنِّثَ مَعَ ذِكْرِ الْمَوْصُوفِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ قَالَ ابْنُ الْقُوطِيَّةِ بَلَغَ بَلَاغًا فَهُوَ بَالِغٌ وَالْجَارِيَةُ بَالِغَةٌ وَبَلَغَ الْكِتَابُ بَلَاغًا وَبُلُوغًا وَصَلَ وَبَلَغَتْ الثِّمَارُ أَدْرَكَتْ وَنَضِجَتْ وَقَوْلُهُمْ لَزِمَ ذَلِكَ بَالِغًا مَا بَلَغَ مَنْصُوبٌ عَنْ الْحَالِ أَيْ مُتَرَقِّيًا إلَى أَعْلَى نِهَايَاتِهِ مِنْ قَوْلِهِمْ بَلَغْت الْمَنْزِلَ إذَا وَصَلْتُهُ وقَوْله تَعَالَى {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} [البقرة: 234] أَيْ فَإِذَا شَارَفْنَ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ.
وَفِي مَوْضِعٍ {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ} [البقرة: 232] أَيْ انْقَضَى أَجَلُهُنَّ وَبَالَغْتُ فِي كَذَا بَذَلْتُ الْجُهْدَ فِي تَتَبُّعِهِ.

وَالْبُلْغَةُ مَا يُتَبَلَّغُ بِهِ مِنْ الْعَيْشِ وَلَا يَفْضُلُ يُقَالُ تَبَلَّغَ بِهِ إذَا اكْتَفَى بِهِ وَتَجَزَّأَ وَفِي هَذَا بَلَاغٌ وَبُلْغَةٌ وَتَبَلُّغٌ أَيْ كِفَايَةٌ وَأَبْلَغَهُ السَّلَامَ وَبَلَّغَهُ بِالْأَلِفِ وَالتَّشْدِيدِ أَوْصَلَهُ

وَبَلُغَ بِالضَّمِّ بَلَاغَةً فَهُوَ بَلِيغٌ إذَا كَانَ فَصِيحًا طَلْقَ اللِّسَانِ. 
(ب ل غ) : بَلَغَ الْمَكَانَ بُلُوغًا وَبَلَّغْتُهُ الْمَكَانَ تَبْلِيغًا وَأَبْلَغْتُهُ إيَّاهُ إبْلَاغًا (وَفِي الْحَدِيثِ) عَلَى مَا أَوْرَدَهُ الْبَيْهَقِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي السُّنَنِ الْكَبِيرِ بِرِوَايَةِ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ " مَنْ ضَرَبَ " وَفِي رِوَايَةٍ «مَنْ بَلَغَ حَدًّا فِي غَيْرِ حَدٍّ فَهُوَ مِنْ الْمُعْتَدِينَ» بِالتَّخْفِيفِ، وَهُوَ السَّمَاعُ، وَأَمَّا مَا يَجْرِي عَلَى أَلْسِنَةِ الْفُقَهَاءِ مِنْ التَّثْقِيلِ إنْ صَحَّ فَعَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي قَوْلِهِ: - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَلَا فَلْيُبَلِّغْ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ» وقَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ} [المائدة: 67] عَلَى حَذْفِ الْمَفْعُولِ الثَّانِي، وَالتَّقْدِيرُ مَنْ بَلَّغَ التَّعْزِيرَ حَدًّا، أَوْ إنَّمَا حَسُنَ الْحَذْفُ لِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: " فِي غَيْرِ حَدٍّ عَلَيْهِ "، وَاَلَّذِي يَدُلُّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَوْلُهُمْ: لَا يَجُوزُ تَبْلِيغُ غَيْرِ الْحَدِّ الْحَدَّ، وَقَوْلُ صَاحِبِ الْمَنْظُومَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ:
لَا يَبْلُغُ التَّعْزِيرُ أَرْبَعِينَا
لَمَّا لَمْ يُمْكِنْهُ اسْتِعْمَالُ التَّبْلِيغِ جَاءَ بِاللُّغَةِ الْأُخْرَى، وَمَعْنَى الْحَدِيثِ مَنْ أَقَامَ حَدًّا فِي مَوْضِعٍ لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ وَإِنَّمَا نَكَّرَهُ لِكَثْرَةِ أَنْوَاعِ الْحَدِّ وَقَوْلُهُمْ: " لَا يُبْلَغُ بِالتَّعْزِيرِ خَمْسَةٌ وَسَبْعُونَ " بِالرَّفْعِ، مِنْ بَلَغْت بِهِ الْمَكَانَ إذَا بَلَّغْتُهُ إيَّاهُ وَعَلَيْهِ قَوْلُ الْحَاكِمِ الْجُشَمِيِّ وَفِي حِدَاءِ الْأَبْصَارِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَبْلُغَ فِي التَّعْزِيرِ مَبْلَغَ الْحَدِّ، وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ) وَإِنَّمَا تُبْلِغُهُ مَحَلَّهُ بِأَنْ يُذْبَحَ فِي الْحَرَمِ (وَقَوْلُهُ) فَلَهُ أَنْ تَبْلُغَ عَلَيْهَا إلَى أَهْلِهِ الصَّوَابُ بُلُوغُهُ وَ " فَلَهُ أَنْ يَبْلُغَ " لِأَنَّ التَّبَلُّغَ الِاكْتِفَاءُ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فِيهَا.
بلغ
البُلُوغ والبَلَاغ: الانتهاء إلى أقصى المقصد والمنتهى، مكانا كان أو زمانا، أو أمرا من الأمور المقدّرة، وربما يعبّر به عن المشارفة عليه وإن لم ينته إليه، فمن الانتهاء: بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً [الأحقاف/ 15] ، وقوله عزّ وجلّ:
فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ [البقرة/ 232] ، وما هُمْ بِبالِغِيهِ [غافر/ 56] ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ [الصافات/ 102] ، لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ [غافر/ 36] ، أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ [القلم/ 39] ، أي: منتهية في التوكيد.
والبَلَاغ: التبليغ، نحو قوله عزّ وجلّ: هذا بَلاغٌ لِلنَّاسِ [إبراهيم/ 52] ، وقوله عزّ وجلّ:
بَلاغٌ فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفاسِقُونَ [الأحقاف/ 35] ، وَما عَلَيْنا إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ [يس/ 17] ، فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ [الرعد/ 40] .

والبَلَاغ: الكفاية، نحو قوله عزّ وجلّ: إِنَّ فِي هذا لَبَلاغاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ [الأنبياء/ 106] ، وقوله عزّ وجلّ: وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ
[المائدة/ 67] ، أي: إن لم تبلّغ هذا أو شيئا مما حمّلت تكن في حكم من لم يبلّغ شيئا من رسالته، وذلك أنّ حكم الأنبياء وتكليفاتهم أشدّ، وليس حكمهم كحكم سائر الناس الذين يتجافى عنهم إذا خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، وأمّا قوله عزّ وجلّ: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ [الطلاق/ 2] ، فللمشارفة، فإنها إذا انتهت إلى أقصى الأجل لا يصح للزوج مراجعتها وإمساكها.
ويقال: بَلَّغْتُهُ الخبر وأَبْلَغْتُهُ مثله، وبلّغته أكثر، قال تعالى: أُبَلِّغُكُمْ رِسالاتِ رَبِّي [الأعراف/ 62] ، وقال: يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ [المائدة/ 67] ، وقال عزّ وجلّ: فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ ما أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ [هود/ 57] ، وقال تعالى: بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ [آل عمران/ 40] ، وفي موضع: وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا [مريم/ 8] ، وذلك نحو: أدركني الجهد وأدركت الجهد، ولا يصحّ: بلغني المكان وأدركني.
والبلاغة تقال على وجهين:
- أحدهما: أن يكون بذاته بليغا، وذلك بأن يجمع ثلاثة أوصاف: صوبا في موضوع لغته، وطبقا للمعنى المقصود به، وصدقا في نفسه ، ومتى اخترم وصف من ذلك كان ناقصا في البلاغة.
- والثاني: أن يكون بليغا باعتبار القائل والمقول له، وهو أن يقصد القائل أمرا فيورده على وجه حقيق أن يقبله المقول له، وقوله تعالى: وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغاً [النساء/ 63] ، يصح حمله على المعنيين، وقول من قال : معناه قل لهم: إن أظهرتم ما في أنفسكم قتلتم، وقول من قال: خوّفهم بمكاره تنزل بهم، فإشارة إلى بعض ما يقتضيه عموم اللفظ، والبلغة: ما يتبلّغ به من العيش.
(ب ل غ)

بلغ الشَّيْء يبلغ بلوغاً: وصل وانْتهى.

وابلغه هُوَ، وبَلَّغه.

وَقَول أبي قيس بن الاسلت السّلمِيّ:

قَالَت وَلم تَقصد لقيل الخَنَى مَهْلاَ فقد ابلَغت أسْماعِي

إِنَّمَا هُوَ من ذَلِك، أَي: قد انْتَهَت فِيهِ وأنعمت.

وتبلَّغ بالشَّيْء: وصل بِهِ إِلَى مُرَاده.

وَبلغ مَبلغ فلانٍ، ومَبلغته.

والبلاغ: مَا ابلغك.

وَفِي التَّنْزِيل: (إِلَّا بلاغا من الله ورسالاته) ، أَي: لَا أجد منَجْىً إِلَّا أَن ابلغ مَا ارسلت بِهِ.

وَبلغ الْغُلَام: احْتَلَمَ، كَأَنَّهُ بلغ وَقت الْكتاب عَلَيْهِ والتكليف.

وَكَذَلِكَ: بلغت الْجَارِيَة.

وَبلغ النَّبت: انْتهى.

وتبالغ الدِّباغ فِي الْجلد: انْتهى فِيهِ، عَن أبي حنيفَة.

وبَلَغت النخلةُ، وَغَيرهَا من الشّجر: حَان إِدْرَاك ثَمَرهَا، عَنهُ أَيْضا. وَأمر بَالغ. وبَلْغٌ: قد بَلَغ أَيْن أُرِيد بِهِ، قَالَ الْحَارِث بن حِلّزة:

فهداهم بالأسودين وَأمر الل هـ بَلْغٌ يشقى بِهِ الاشقياء

وجيش بَلْغٌ، كَذَلِك.

وسَمْعٌ لَا بَلْغ، وسِمْعٌ لَا بِلْغ، وَقد ينصب كل ذَلِك، وَذَلِكَ إِذا سَمِعت امراً مُنْكرا، أَي: يُسمع بِهِ وَلَا يَبْلُغ.

وأحمق بَلْغٌ، وبِلْغٌ، أَي: صدى حماقته يبلغ مَا يُريدهُ.

وَقيل، بَالغ فِي الحُمق.

وَاتبعُوا فَقَالُوا: بِلْغٌ مِلْغ.

وَقَوله تَعَالَى: (أم لكم أَيْمَان علينا بَالِغَة) . قَالَ ثَعْلَب: مَعْنَاهُ مُوجبَة أبدا قد حلفنا لكم أَن نفى بهَا.

وَقَالَ مرّة: أَي قد انْتَهَيْت إِلَى غايتها.

وَقيل: يَمينٌ بَالِغَة: مُؤَكدَة.

وَالْمُبَالغَة: أَن تبلغ من الْأَمر جهدك.

وَأمر بَالغ: جَيِّد.

وَرجل بليغ، وبَلْغ، وبِلْغ: حسن الْكَلَام فصيحه، يبلغ بِعِبَارَة لِسَانه كُنه مَا فِي قلبه.

وَالْجمع: بُلغاء.

وَقد بلُغ بلاغة.

وقولٌ بليغ: بَالغ.

وَقد بَلُغ.

والبلَغْن: البلاغة، عَن السيرافي، وَقد مثل بِهِ سِيبَوَيْهٍ.

والبلَغْن، أَيْضا: النمام، عَن كرَاع.

وتبلغ بِهِ مرضُه: اشْتَدَّ.

وبَلغ بِهِ البَلَغينن بِكَسْر الباءَ وَفتح اللَّام وتخفيفها، عَن ابْن الْأَعرَابِي، إِذا استقصى فِي شَتمه وآذاه.

وبَلّغ الشيبُ فِي رَأسه: ظهر أول مَا يظْهر، وَقد تقدّمت بِالْعينِ. وَزعم البصريون أَن ابْن الْأَعرَابِي صحف فِي نوادره، فَقَالَ: مَكَان " بَلَّغَ ": بَلَّغ الشَّيب، فَلَمَّا قيل لَهُ، إِنَّه تَصْحِيف، قَالَ: بَلَّعَ، وبَلّغ.

قَالَ أَبُو بكر الصُّولي: وقُريء يَوْمًا على أبي الْعَبَّاس ثَعْلَب، وَأَنا حَاضر هَذَا، فَقَالَ: الَّذِي اكْتُبْ: بَلّغ، كَذَا قَالَ بالغين مُعْجمَة.

والبِالغاء: الأكارع، وَهِي بِالْفَارِسِيَّةِ: بايها.

والتَّبْلغة: سير يُدْرج على السِّية حَيْثُ انْتهى طرف الْوتر ثَلَاث مرارٍ أَو أَرْبعا، لكَي يثبت الْوتر حَكَاهُ أَبُو حنيفَة، جعل " التْبلغة " اسْما، كالتودية والتَّنهية، لَيْسَ بمصدر، فتفهمه.
بلغ:
بَلَغ (بإضمار غايته): بذل جهده في عمل شيء، ففي كليلة ودمنة (ص239): وابلغ لك في الكرامة. وفي (ص211): وذلك يمنعني من كثير مما أريد أن أبلغه من كرامتك. - وبلغ (بإضمار غايته أيضاً): وصل أعلى مراتب الشرف، ففي أخبار (ص25) شرف وبلغ - (وبإضمار غايته أيضا: يقال بلغت الأموال أي صارت من الكثرة بحيث وجبت عليها الزكاة (معجم الماوردي) وبلغ بفلان: رفعه إلى مراتب الشرف (أخبار 82). بَلَّغ بالإضمار: أوصله إلى غايته (معجم البيان، أخبار ص76) - وبلغ (بالإضمار): روى حديث الرسول (المقري 2: 663).
وبَلّغ: أعاد أقوال الإِمام (انظر مُبَلّغ) (مملوك 2، 2: 72) وفي لب الألباب 252 فسرت كلمة المُكَبِّرِ ب ((المُبْلِغ)) تكبير الإمام ولكن يجب تصحيحها ب ((المبَلِّغ)) ومثله في كوزج طرائف، ففي ص119: وكان القاضي يُبْلِغ عند التكبير، قلها: يُبَلِّغ.
وبَلَّغ: أملى كتاباً (همبرت 107) - وبلَّغهم الأمر: عرضه عليهم (بوشر) - وبلغ الحاكم شيئاً: شكاه إليه، ووشى به إلى الحاكم (بوشر).
بالغ: غالى، أفرط (بوشر) يقال بالغ في وصف الشيء أي غالى وأفرط في وصفه (بوشر) وفي نفس المعنى يقال: بالغ في شيء، ففي النويري أسبانيا 448: وله مناقب كثيرة بالغ أهل الأندلس فيها حتى قالوا يشبه بعمر بن عبد العزيز - وبالغ الثمنَ: غالى فيه. ففي حيان - بسان (تعليقاتي 181): وهو أول من بالغ الثمن بالأندلس في شراء القينات. وقد أشرت هناك، لكيلا يظن أن الصواب بالغ في الثمن، إذ ليس في مخطوطة ب كلمة ((في)) وأن فوك يذكر في معجمه (انظر: excedere) بالغ متعدياً إلى المفعول.
بَلَغ: زهرى، مرض عضو التناسل (بلجراف 2: 31).
بُلْغَة: تجمع على بُلْغات (فوك) أو بُلَغ (بوشر) أو بلاغي (دومب): وهي في المغرب نعل يتخذ من الحلفاء (فوك وفيه: avarca d'esparl أي نعل من الحلفاء) ويذكر ابن عبد الملك (ص166و) في ترجمته لابن عسكر مؤرخ ملقة (ولد نحو سنة 584 وتوفي سنة 636) شعراً لهذا العالم ((في صفة النعل المتخذة من الحلفآء وهي التي يسميها أهل الأندلس ومن صاقبهم من أهل العدوة بالبُلْغة (كذا) وهي من قصيدة طويلة في مدح المأمون أبي العلاء بن المنصور من بني عبد المؤمن، وفيها يقول:
لتبليغها المضطر تدعى ببلغة ... وإن قست بالتشبيه شبهتها نعلا
ولا تزال كلمة بلغة تستعمل اليوم في المغرب وفي مصر. وتنطق بُلغة بالضم (عوادة 598 بوشر) والأكثر بَلْغة بالفتح، ويطلقونها على ضرب من الأحذية تشبه أحذيتنا، إذ أن إمام قسطنطينية يقول: وأما البلغة فهي تقرب من النعل الرومي (معجم البربر، عوادة 598 براكس 4، وعند بوشر bottine) أو يطلق على الخف أو البابوج (سندوفال 308، فلوجل 67: 26 صفة مصر 18، القسم الثاني ص388).
بلاغ: إدراك (بوشر، دى ساسي طرائف 2: 66).
وبلوغ، وبلاغ السن: سن البلوغ (بوشر).
وبلاغات: أخبار، وشايات، ففي ابن القوطية ص44و: ((بلغت الوزراء وأكابر الناس عنه بلاغات منكرة)).
بليغ، أسلوب بليغ: رصين يبلغ أثره إلى النفس، ومؤثر (بوشر) وجرح بليغ: بالغ، عميق (ألف ليلة 1: 82) وبليغاً: بالغاً عميقاً مميتاً (بوشر).
بلوغه: لقلق (أبو الوليد 786) وهي صيغة أخرى لكلمة ((بُلُّوجة)) انظر الكلمة.
بالغ: عبد بلغ الخامسة عشر أو جاوزها (بركهارت نوبية 210 وانظر دسكيراك 506) وجرح بالغ: جرح عميق (بوشر) وشديد بالغ: عظيم الشدة والقوة (بوشر) وقاصر بالغ: شيء نهائي. (الكالا وفيه final cosa) والقاصر بالغ أي والنتيجة وللانتهاء من الأمر (الكالا).
الابالغي (تركية): تروته، سمك منقوش.
أَبْلَغ: أحسن بياناً (بوشر) وابلغ غاية: أقصى درجة (بوشر).
تبليغ = تعريف: إعلام، إشعار، تأشيرة الموظف (ابن بطوطة 3: 407).
وتبليغ: عند البلاغيين يراد به أن الشاعر استعمل الحشو من الكلام ليتوصل به إلى اقامة الوزن (معجم بدرون).
مَبْلَغ: مقدار من المال، حصة، سهم، سفتجة (بوشر).
مُبَلَّغ: الذي بُلِّغ أي أعلم بأمر والذي استلم أمراً (ابن بطوطة 3: 427) وأرى أن ترجمتها صحيحة ولذلك فإني أرى أن يكون النص ((يُنْكِر الُبَلَّغ)) بدل ((يُنْكَر المُبلِغ)).
مُبَلِّغ: شارح (أو مقرر) للدعاوى (بوشر) وواش، نمام - ومبلغ الحاكم: مخبر، عين، مرشد (إلى أصحاب الجرائم) (بوشر) - والموظف الذي يكتب التأشيرة (ابن بطوطة 3: 407) - والموظف في المسجد الجامع يعيد بصوت جهوري بعض ما يقال لإقامة الصلاة وبعض ما يقوله الإمام أو الخطيب (مملوك 2، 2: 79، وانظر صفة مصر 12: 228 وبرتون 1: 298).
مُبالغ: من يبالغ في أمر، مغالٍ - ومسهب، مفرط في الشرح، ومبهرج الكلام المفرط في تفخيمه، والمتكلف للكلام (ضد طبيعي، تلقائي) (بوشر).
بلغ
بلغْتُ المكان بلوغاً: وصلْت إليه، وكذلك إذا شارفْت عليه، قال الله تعالى:) فإذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ (أي قاربنه.
وقوله تعالى:) إنَّ الله بالِغٌ أمْرَهْ (أي يبْلغ ما يريد.
وقوله تعالى:) أيمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ (أي مُؤكَّدة.
وبلغ الغلام: أدرك. وبلغ في الــجودة مَبلغاً.
وثناء أبلغ: أي مُبالغ فيه، قال رؤبة يمدح المُسبِّح بن الحَوَارِي بن وزياد بن عمرو العَتَكي:
بَلْ قُلْ لِعَبْدِ الله بَلِّغْ وابْلُغِ ... مُسَبِّحاً حُسْنَ الثَّنَاءِ الأبْلَغِ
وشيء بالغ، أي جيد. وقال الشافعي؟ رحمه الله - في كتاب النَّكاح: جارية بالغ؛ بغير هاء وهو فصيح حُجة في اللغة. وقال الأزهري: سمعت فُصحاء العرب يقولون: جارية بالغ وامرأة عاشق ولحية ناصل، ولو قيل بالغة لم يكن خطأ، لأنه الأصل.
ويقال: بُلِغَ فلان؟ على ما لم يُسمَّ فاعله - أي جُهِد، وأنشد أبو عُبيد:
إنَّ الضَّبَابَ خَضَعَتْ رِقابُها ... للسَّيْفِ لمّا بُلِغَتْ أحِسَابُها
أي: مجهودها، وأحسابها: شُجَاعتها وقوتها ومناقِبها.
وقال ابن عبّاد: التَّبْلغة: الحبل الذي يوصل به الرِّشاء إلى الكَرَب، والجمْع: التَّبالغ.
وقال الفَرّاء: أحمق بَلْغ وبَلْغَة وبِلْغٌ؟ بالفتح والكسر -: أي هو مع حماقته يبلغ ما يريد، ويقال: بِلْغٌ مِلْغٌ.
قال: ويقال: اللهم سِمْع لا بِلْغ وسَمْع لا بَلْغٌ وسِمْعاً لا بِلْغاً وسَمْعاً لا بَلْغاً، ومعناه: نسمع به ولا يتم. وقال الكسائي: هذا إذا سمع الرجل خبراً لا يُعجبه.
ويقال: أمر الله يلْغٌ: أي بالغ، قال الحارث بن حِلّزَةَ اليشكري:
فَهَداهُمْ بالأسْوَدَيْنِ وأمْرُ ... اللهِ بَلْغٌ يَشْقى به الأشقياءُ
والبَلاغة: الفَصَاحة، وقد بلُغ الرجل؟ بالضم -: أي صار بَلِيْغاً أي فصيحاً يُبَلّغ بِفصاحته ما في قلبه نهاية مُراده وضميره.
والبَلاغُ: الكِفاية، قال:
تَزَجَّ من دُنْياكَ بالبَلاغِ ... وباكِر المعدَةَ بالدِّباغِ
بِكِسْرَةٍ جَيَّدَةِ المضاغِ ... بالمِلْحِ أوْ ما خَفَّ من صِبَاغِ
والبَلاَغُ: الاسم من الإبْلاغ والتَّبْلِيْغ. وقوله تعالى:) هذا بَلاَغٌ للناس (: أي هذا القرآن ذو بَلاغٍ للناس: أي ذو بيان كاف. وقوله تعالى:) فَهَلْ على الرُّسُلِ إلا البَلاغُ المُبيْن (أي الإبلاغ. وقوله تعالى:) لم يَلْبَثُوا إلا ساعةً من نَهارٍ بَلاغٌ (أي ذلك بَلاغٌ.
وفي حديث النبي؟ صلى الله عليه وسلم -: كل رافِعة رَفَعت علينا من البَلاغ فقد حَرَّمْتها أن تُعْضَد أو تُخَبَط إلا لعصفور قَتَب أو مَسَد مخالة أو عصا حديدة. يعني المدينة؟ على ساكِنيها السلام -، أراد: من المُبالغين في التبليغ، يروى بفتح الباء وكسرها فإن كان بالفتح فله وَجهان: أحدهما: أن البلاغ ما بلغ من الكتاب والسنة، والوجه الآخر: من ذوي البلاغ، أي الذين بلَّغُونا، أي من ذوي التبليغ، فأقام الاسم مُقامَ المصدر الحقيقي، كما تقول: أعطيتُ عطاءً.
والبلاغات: كالوشايات.
والبُلْغَة: ما يُتَبَلَّغُ به من العيش.
والبالِغَاء: الأكارع في لُغة أهل المدينة؟ على ساكِنيها السلام -، قال أبو عُبيد: أصلها بالفارسية: بايْها.
وخطيب بِلَغ؟ مثال عِنبٍ -: أي بَلِيْغ، كقولهم: أمر بِرَح أي مُبَرِّح، ولحم زيم ومكان سِوىً ودينفِيم.
والبِلَغِيْن في قول عائشة لعلي؟ رضي الله عنهما - حين ظَفِر بها: بلغت منا البِلَغِيْن: أي الدّاهية. أرادت أن الحرب قد جَهَدتْها وبَلَغَتْ منها كل مبلغ. وفي إعرابها طريقان: أحدهما أن يُجرى الأعراب على النون ويُقَرَّ ما قبلها ياء، والثاني أن تُفتح النون أبداً ويُعْرب ما قبلها فيُقال: هذه البِلَغون ولقيت البِلَغِيْنَ وأعوْذ بالله من البِلَغِيْنَ.
والإبْلاَغُ والتَّبْلِيْغُ: افيصال، قال أبو زُبيد حَرْملة بن المنذر الطائي:
مَنْ مُبْلِغٌ قَوْمَنا النّائينَ إذْ شَحَطُوا ... أنَّ الفُؤادَ إليهمْ شَيِّقٌ وَلِعُ
وقوله تعالى:) يا أيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ ما أُنْزِلَ إليكَ من رَبِّكَ (وقوله؟ صلى الله عليه وسلم - بلَّغوا عنِّي ولو آية وحدَّثوا عن بني إسرائيل ولا حَرَج.
وبَلَّغَ بكذا: أي اكتفى به، قال:
تَبَلَّغْ بأخْلاقِ الثِّيَابِ جَدِيْدَها ... وبالقَضمِ حتّى يُدْرِكَ الخضْمَ بالقَضْمِ
وقال عُبيد الله بن عُتبة بن مسعود، ويورى لقيس بن ذريح، والقطعة التي منها هذانِ البيتان موجودة في أسعارهما:
شَقَقْتِ القَلْبَ ثمَّ ذَرَأْتِ فيه ... هَوَالِ فَلِيْمَ فالتَأَمَ الفُطُوْرُ تَبَلَّغَ حيثُ لم يَبْلُغْ شَرَابٌ ... ولا حُزْنٌ ولم يَبْلُغْ سُرورُ
ويروى: " صَدَعْتِ القَلْبَ ثمَّ ذَرَرْتِ ". أي تكلّف البلوغ حتى بلغ.
وتبلّغت به العلة: أي اشتدت.
وبالَغ فلان في أمري: أي لم يُقصر.
والتركيب يدل على الوصول إلى الشيء.
بلغ
بلَغَ/ بلَغَ بـ يَبلُغ، بُلوغًا وبَلاغًا، فهو بالِغ، والمفعول مبلوغ (للمتعدِّي)
• بلَغ الغلامُ/ بلَغ الغلامُ أَشُدَّه: أدرك سنَّ الرُّشد والتَّكليف، قوي ونضِج عقلُه "بلَغ الحُلم- بلَغ الشَّجرُ: حان قطف ثماره" ° بلَغ أشدَّه: وصل مرحلة الاكتمال والقوّة.

• بلَغ المكانَ وغيرَه: وصل إليه أو شارَفَ عليه، انتهى إليه "بلغ السَّابعة من عمره- بلغ عددُ الطلاب الثلاثين- {وَإِذْ زَاغَتِ الأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ}: فزِعت، وهو مثل مضروب لشدَّة الخوف"? بلَغ الأمرُ ذروتَه/ بلَغ عنانَ السَّماء: وصل إلى أقصى ما يمكن أن يصل إليه- بلَغ السَّيْلُ الزُّبى [مثل]: يُضرب للأمر إذا اشتدَّ حتَّى جاوز الحدَّ- بلَغ غايةَ مُراده: حقَّق ما تمنَّى.
• بلَغ فلانًا النَّبأُ: وصل إلى علمه، انتهى إليه.
• بلَغ به الأمرُ: اشتدّ به، اشتدَّ عليه "بلغ به المرضُ/ الجهدُ- جرحٌ بالغ: جرح عميق".
• بلَغ الكلامُ منه كلَّ مبلغ: أَجْهده، أثّر فيه أوعليه تأثيرًا شديدًا "بلغ الجوعُ منه مبلغَه: اشتدّ عليه". 

بلُغَ يَبلُغ، بَلاغَةً، فهو بَليغ
• بلُغ الكاتبُ: صار فصيحًا وحَسُن بَيانُهُ، حسُن عنده تركيبُ الكلام واستخدامه مع فصاحة وبيان، أثَّر بأسلوبه " {وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغًا} ". 

أبلغَ يُبلغ، إبْلاغًا، فهو مُبلِغ، والمفعول مُبلَغ
• أبلغه الخبرَ/ أبلغه بالخبر/ أبلغ الخبرَ إليه/ أبلغَ الخبرَ له: أَوْصله، أَعْلَمه، أخبره به "أبلغ النَّتيجةَ للطّالب- أبلغه السَّلامَ- {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي} ".
• أبلغ الشُّرطةَ عن المجرم: وشى به إليها. 

بالغَ في يبالغ، مُبالغةً، فهو مُبالِغ، والمفعول مُبالَغ فيه
• بالغ في العمل: اجتهد فيه وبَذَل الجُهْدَ ولم يقصّر "بالغ في التَّرحيب بالضُّيوف".
• بالغ في الحقيقة: تزيَّد؛ غالى فيها وتجاوز الحدّ، أفرط "بالغ في التَّقدير/ المديح/ الدِّقّة/ القصَّة- هو يميل إلى المبالغة في سرد أحداث الماضي" ° مبالغ في كلِّ ما يقول: مجاوز الحدّ. 

بلَّغَ يبلِّغ، تَبْليغًا، فهو مُبلِّغ، والمفعول مُبلَّغ
• بلَّغ الخبرَ/ بلَّغ الخبرَ إلى النَّاس/ بلَّغ الخبرَ للنَّاس/ بلَّغ النَّاسَ بالخبر: أبلغه، أَوْصله إليهم، أَعْلَمهم به، أنهاه إليهم "بلَّغ النَّتيجةَ للطّالب- {يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} ".
• بلَّغ الشُّرطةَ عن المجرم: أبلغ عنه؛ وشى به. 

تبالغَ يتبالغ، تبالغًا، فهو مُتبالِغ
• تبالغ الشَّخصُ: تعاطى البلاغَةَ وهو غير بليغ. 

تبلَّغَ بـ يتبلَّغ، تَبَلُّغًا، فهو مُتبلِّغ، والمفعول مُتبلَّغ به
• تبلَّغ بالخبر: مُطاوع بلَّغَ: بُلِّغ به، أُخْبِر به وأُعْلِم.
• تبلَّغ بالقَلِيل: اكتفى به وقنِع "كانوا يتبلَّغون باليسير من الطعام وبالقليل من الماء". 

إبلاغ [مفرد]:
1 - مصدر أبلغَ.
2 - (قن) إخطار بمضمون ورقة من أوراق المرافعات. 

بالغ [مفرد]:
1 - اسم فاعل من بلَغَ/ بلَغَ بـ.
2 - ما وصل غايته " {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} " ° أضرار بالغة: جمَّة فادحة- اهتمام بالغٌ/ بالغُ الاهتمام: أقصى درجات الاعتناء- بالغ الأثر: بعيد الأثر- حجَّة بالغة: قاطعة- حكمة بالغة: بلغت غايتها- يمين بالغة: مؤكّدة. 

بَلاغ [مفرد]: ج بلاغات (لغير المصدر):
1 - مصدر بلَغَ/ بلَغَ بـ ° بلاغ السِّنّ: سنّ البلوغ.
2 - كِفاية أو ما يُتوصّل به إلى الغاية "في هذا الأمر بلاغ- {إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاَغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ} ".
3 - خبر أو بيان يُذاع لغرض من الأغراض، بيان أو شكوى تُرْفع للمسئول "بلاغ حربيّ/ كاذب/ للنَّائب العامّ- صدر بلاغ حكومي بشأن إجراءات السّفر" ° بلاغٌ أخير: إنذار- بلاغٌ رسميّ: موثَّق.
4 - إعلام رسميّ يُبلّغ بواسطة النَّشر أو كتاب يودعه صاحبه حكمًا في مسألة. 

بَلاغَة [مفرد]:
1 - مصدر بلُغَ ° بلاغة المنبر: قسم من علم البيان يتناول بالبحث بلاغة الخطابة من فوق المنبر- روعة البلاغة: سحرها- نَهْج البلاغة: طريقها الواضح.
2 - عكس العَيّ.
• البلاغَة: (بغ) حسن البيان وقوّة التَّأثير ومطابقة الكلام لمقتضى الحال مع فصاحته "أُعجبت ببلاغة الخطيب وقوّة
 بيانه".
• علم البَلاغَة: (بغ) العلم الذي يدرس وجوه حسن البيان، وهو يشمل علوم المعاني والبديع والبيان. 

بَلاغيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى بَلاغَة: "كان الزَّيَّات يكثر في نثره من المحسِّنات البلاغيّة" ° الصُّور البلاغيّة: المجازات اللغويّة.
2 - مختصّ في علم البلاغة.
• الاستفهام البلاغيّ: (بغ) الاستفهام الذي لا يقصد به السُّؤال عن أمر وطلب الجواب عنه وإنمّا يُقصد به النَّفي. 

بُلْغة [مفرد]: ج بُلُغات وبُلْغات وبُلَغ:
1 - نوع من الأحذية يكثر في المغرب.
2 - كفاف من العيش أو ما يُتبلَّغ به "لا يكاد يحصل على البُلغة من العيش" ° نصيبُ بُلْغةٍ: ما يكاد يكفي من العيش. 

بُلوغ [مفرد]:
1 - مصدر بلَغَ/ بلَغَ بـ.
2 - نُضج الأعضاء التناسليّة ° سِنّ البُلوغ: العمر الذي يدرك فيه المرءُ بلوغَه، سنّ المراهقة. 

بَليغ [مفرد]: ج بُلَغاءُ: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من بلُغَ ° أثر بَليغ: عميق فعَّال- أسلوب بليغ: رصين مؤثِّر يبلغ أثرُه إلى النَّفس- جُرْح بَليغ: خطير.
• التَّشبيه البَليغ: (بغ) تشبيه حُذف فيه كلّ من الأداة ووجه الشَّبه. 

تَبْليغ [مفرد]: ج تبليغات (لغير المصدر):
1 - مصدر بلَّغَ.
2 - إخْطار رسميّ، كتاب يتضمَّن الإعلام بأمر من الأمور "تسلّمتِ المرأةُ تبليغًا بحكم طلاقها".
3 - إسماع الناس كلمة الله وما أوحى به.
4 - (بغ) استعمال الشاعر للحشو من الكلام ليتوصَّل إلى إقامة الوزن. 

مُبالَغَة [مفرد]:
1 - مصدر بالغَ في ° بدون مبالغة/ بلا مبالغة: الاقتصار على الحقيقة دون مزايدة.
2 - عكس تقصير.
3 - (بغ) استعمال عبارات تتعدّى الواقع، وهي من المحسّنات المعنويَّة التي تبالغ أو تحقّر من حقيقة الأشياء.
• صِيَغ المبالغة: (نح) نوع من أسماء الفاعلين يدلّ على الكثرة والمبالغة، وكلّها سماعيّة من الفعل الثلاثيّ ومن أوزانها: فعّال، ومِفْعَال، وفَعُول، وفَعِيل، وفَعِل. 

مَبْلَغ [مفرد]: ج مَبالِغُ:
1 - مصدر ميميّ من بلَغَ/ بلَغَ بـ.
2 - مُنْتَهى، حدّ الشّيء ونهايته "بَلَغ مَبْلَغ الرِّجال: صار في سِنّ الرُشد، في سِنّ الرجولة- {ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ} " ° بلَغ الأمرُ مبلغ الجِدّ: اتّخذ طابع الجِدّ، صار جدِّيًّا.
3 - مقدار من المال، حصّة، سهم "فُقِد مَبْلغ من المال- دفع المبلغ كُلّه". 
بلغ
بَلَغَ المَكَانَ، بُلُوغاً، بالضَّمِّ: وَصَلَ إليْهِ وانْتَهَى، ومنْهُ قوْلُه تَعَالَى: لَمْ تَكُونُوا بالغِيهِ إِلَّا بشقِّ الأنْفُسِ.
أَو بَلَغَه: شارَفَ عليْهِ، وَمِنْه قولُه تَعَالَى: فَإِذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ. أَي قارَبْنَهُ: وقالَ أَبُو القاسِمِ فِي المُفْرَداتِ: البُلُوغُ والإبْلاغُ: الانْتِهَاءُ إِلَى أقْصَى المَقْصِدِ والمُنْتَهَى، مَكَاناً كَانَ، أَو زَماناً، أَو أمْرَاً منَ الأمُورِ المُقَدَّرَةِ. ورُبَّمَا يُعَبَّرُ بهِ عَن المُشارَفَةِ عليهِ، وَإِن لم يُنْتَهَ إليْهِ، فمنَ الانْتِهَاءِ: حَتَّى إِذا بَلَغَ أشُدَّهُ وبَلَغ أرْبَعِينَ سنَةً، وَمَا هُمْ ببالغِيهِ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ، ولَعلِّي أبْلُغُ الأسْبَابَ، وأيْمانٌ عَلَيْنَا بالِغَةٌ، أَي مُنْتَهِيَةٌ فِي التَّوْكيدِ، وأمّا قَوْلُه: فَإِذا بَلَغْنَ أجَلَهُنَّ فأمْسِكُوهُنَّ بمَعْرُوفٍ، فللمُشارَفَةِ فإنّهَا إِذا أنْتَهَتْ إِلَى أقْصَى الأجَلِ لَا يَصِحُّ للزَّوْجِ مُرَاجَعَتُهَا وإمْسَاكُها.
وبَلَغَ الغُلامُ: أدْرَكَ، وبَلَغَ فِي الــجَوْدَةِ مَبْلَغَاً، كَمَا فِي العُبَابِ، وَفِي المُحْكَمِ: أَي احْتَلَمَ، كأنَّهُ بَلَغَ وَقْتَ الكِتابِ عليْهِ والتَّكْليفِ، وكذلكَ: بَلَغَتِ الجارِيَةُ، وَفِي التَّهْذِيبِ: بَلَغَ الصَّبِيُّ والجارِيَةُ: إِذا أدْرَكَا وهُمَا بالغَانِ.
وثَنَاءٌ أبْلَغُ: مُبَالِغٌ فيهِ قالَ رُؤْبَةُ يَمْدَحُ المُسَبِّحَ بنَ الحَوَارِيِّ بنِ زِيادِ بنِ عَمْروٍ العَتَكِيَّ: بَلْ قُلْ لِعَبْدِ اللهِ بَلِّغْ وابْلُغِ مُسَبِّحاً حُسْنَ الثَّناءِ الأبْلَغِ)
وشَيءٌ بالِغٌ، أَي: جَيِّدٌ، وقدْ بَلَغَ فِي الــجَوْدَةِ مَبْلَغَاً.
وقالَ الشافعِيُّ رحمَهُ اللهُ فِي كتابِ النِّكَاحِ: جارِيَةٌ بالِغٌ، بغَيْرِ هاءٍ، هَكَذَا رَوَى الأزْهَرِيُّ عَن عبْدِ المَلِكِ عَن الرَّبِيعِ، عَنْهُ، قالَ الأزْهَرِيُّ: والشَّافِعِيُّ فَصِيحٌ حُجَّةٌ فِي اللُّغَةِ، قالَ: وسَمِعْتُ فُصَحاءَ العَرَبِ يَقُولُونَ: جارِيَةٌ بالِغٌ، وَهَكَذَا قَوْلُهُمْ: امْرَأَةٌ عاشِقٌ، ولِحْيَةٌ ناصِلٌ، قَالَ: ولوْ قالَ قائِلٌ: جارِيَةٌ بالِغَةٌ لمْ يَكُنْ خَطَأً، لأنَّهُ الأصْلُ، أَي: مُدْرِكَةٌ وقَدْ بَلَغَتْ.
ويُقَالُ: بُلِغَ الرَّجُلُ، كعُنِيَ: جُهِدَ وأنْشَدَ أَبُو عُبَيْدٍ: إنَّ الضِّبابَ خَضَعَتْ رِقَابُها للسَّيْفِ لما بُلِغَتْ أحْسَابُها أَي: مَجْهُودُهَا، وأحْسَابُها: شَجاعَتُها وقُوَّتُهَا ومَنَاقِبُها.
والتَّبْلِغَةُ: حَبْلٌ يُوصَلُ بهِ الرِّشَاءُ إِلَى الكَرَبِ، ومنْهُ قَوْلُهم: وَصَلَ رِشَاءَهُ بتَبْلِغَةٍ، قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وهُوَ حَبْلٌ يُوصَلُ بهِ حَتَّى يَبْلُغَ الماءَ. ج: تَبَالِغُ يُقَالُ: لَا بُدَّ لأرْشِيَتِكُمْ منْ تَبالِغَ.
وقالَ الفَرّاءُ: يُقَالُ: أحْمَقُ بَلْغٌ، بالفَتْحِ، ويُكْسَرُ، وبَلْغَةٌ، بالفَتْحِ، أَي: هُوَ مَعَ حَماقَتِهِ يَبْلُغُ مَا يُرِيدُ، أَو المُرَادُ: نِهايَةٌ فِي الحُمْقِ، بالِغٌ فيهِ.
قالَ: ويُقَالُ: اللهُمَّ سَمْعٌ لَا بَلْغٌ، وسَمْعاً لَا بَلْغاً، ويُكْسَرانِ أَي: نَسْمَعُ بهِ وَلَا يَتِمُّ، كَمَا فِي العُبَابِ، وَفِي اللِّسانِ: وَلَا يَبْلُغُنَا، يُقَالُ ذلكَ إِذا سَمِعُوا أمْراً مُنْكَراً، أَو يَقُولهُ منْ سَمِعَ خَبَراً لَا يُعْجِبُه، قالَهُ الكِسَائِيُ، أَو للخَبَرِ يَبْلُغُ واحِدَهُمْ وَلَا يُحَقِّقُونَهُ.
وأمْرُ اللهِ بَلْغٌ بالفَتْحِ أَي: بالِغٌ نافِذٌ، يَبْلُغُ أيْنَ أُرِيدَ بهِ، قالَ الحارِثُ بنُ حِلِّزَةَ:
(فهدَاهُمْ بالأسْوَدِيْنِ وأمْرُ ال ... لهِ بَلْغٌ تَشْقَى بهِ الأشْقِياءُ)
وَهُوَ من قَوْله تَعَالَى: إنَّ اللهَ بالِغُ أمْرِه.
وجَيْشٌ بَلْغٌ كذلكَ، أَي: بالغٌ.
وقالَ الفَرّاءُ: رَجُلٌ بِلْغٌ مِلْغٌ، بكَسْرِهِمَا: إتْباعٌ، أَي خَبِيثٌ مُتَناهٍ فِي الخَباثَةِ. والبَلْغُ بالفَتْحِ، ويُكْسَرُ، والبِلَغُ كعِنَبٍ، والبَلاغَي مثل: سَكَارَى وحُبَارَى ومِثْلُ الثّانِيَةِ: أمْرٌ بِرَحٌ، أَي: مُبَرِّحٌ، ولَحْمٌ زِيَمٌ، ومَكَانٌ سِوىً، ودِينٌ قِيَمٌ، وَهُوَ: البَلِيغُ الفَصِيحُ الّذِي يَبْلُغُ بعَبارَتِه كُنْهَ ضَمِيرِه، ونِهَايَةَ مُرَادِه، وجَمْعُ البَلِيغِ: بُلَغاءَ، وقدْ بَلُغَ الرَّجُلُ ككَرُمَ بَلاغَةً، قالَ شَيْخُنا: وأغْفَلَه المُصَنِّف) تَقْصِيراً، أَي: ذِكْرَ المَصْدَرِ والمَعْنَى: صارَ بَلِيغاً.
قلتُ: والبَلاغَةُ على وَجْهَيْنِ: أحَدُهُما: أنْ يَكُونَ بذاتِهِ بَلِيغاً، وذلكَ بأنْ يَجْمَعَ ثلاثَةَ أوْصَافٍ: صَوَاباً فِي مَوْضَوعِ لُغَتِه، وطِبْقاً للمَعْنَى المَقْصُودِ بهِ، وصِدْقاً فِي نَفْسِه، وَمَتى اخْتُرِمَ وَصْفٌ منْ ذلكَ كانَ ناقِصاً فِي البَلاغَة.
والثّانِي: أنْ يَكُونَ بَلِيغاً باعْتِبَارِ القائِلِ والمَقُولِ لَهُ، وهُوَ أنْ يَقْصِدَ القائِلُ بهِ أمْراً مَا، فيُوِدَهُ على وجْهٍ حَقِيقٍ أنْ يَقْبَلَهُ المَقُولُ لَهُ.
وقوْلُه تَعَالَى: وقُلْ لَهُمْ فِي أنْفُسِهِمْ قَوْلاً بَلِيغاً، يَحْتَمِل المَعْنَييْنِ، وقولُ من قالَ: معناهُ: قُل لَهُمْ إنْ أظْهَرْتُمْ مَا فِي أنْفُسِكُمْ قُتِلْتُم، وقَوْلُ من قالَ: خَوِّفْهُمْ بمَكارِهَ تَنْزِلُ بهم، فإشارَةٌ إِلَى بَعْضِ مَا يَقْتَضيه عُمُومُ اللَّفْظِ، قالَهُ الرّاغِبُ.
وقَرَأْتُ فِي مُعْجَمِ الذَّهَبِيِّ، فِي تَرْجَمَةِ صُحارِ بنِ عَيّاشٍ العَبْدِيِّ رَضِي اللهُ عَنهُ سألَهُ مُعَاويَةُ عنِ البَلاغَةِ، فَقَالَ: لَا تُخْسئْ وَلَا تُبْطئْ.
والبَلاغُ كسَحابٍ: الكِفَايَةُ، وهُوَ: مَا يُتَبَلَّغُ بهِ ويُتَوَصَّلُ إِلَى الشَيءِ المَطْلُوبِ، ومنْهُ قوْلُه تَعَالَى: إنَّ فِي هَذَا لبَلاغَاً لِقَوْمٍ عابِدِينَ، أَي: كِفَايَةً، وَكَذَا قَوْلُ الرّاجِزِ: تَزَجَّ منْ دُنْيَاكَ بالبَلاغِ وباكِرِ المِعْدَةَ بالدِّباغِ بِكَسْرَةِ جَيِّدَةِ المِضاغِ بالمِلْحِ أَو مَا خَفَّ منْ صِباغِ والبَلاغُ: الاسْمُ منَ الإبْلاغ والتَّبْلِيغِ، وهُمَا: الإيصالُ، يُقَالُ: أبْلَغَهُ الخَبَرَ إبْلاغَاً، وبَلَّغَهُ تَبْلِيغاً، والثّانِي أكْثَرُ، قالَهُ الرّاغِبُ، وقَوْلُ أبي قَيْسِ بنِ الأسْلَتِ الأنْصَارِيّ.
(قالَتْ ولَمْ تَقْصِدْ لقِيلِ الخَنَا ... مَهْلاً لَقَدْ أبْلَغْتَ أسْمَاعِي)
هُوَ منْ ذلكَ، أَي: قد انْتَهَيْتَ فِيهِ، وأوْصَلْتَ، وأنْعَمْتَ.
وقَوْلُه تَعَالَى: هَذَا بَلاغٌ للنّاسِ، أَي: هَذَا القُرْآنُ ذُو بَلاغٍ، أَي: بَيَانٍ كافٍ.
وقولُه تَعَالَى: فهَلْ على الرُّسُلِ إِلَّا البَلاغُ المُبِينُ، أَي: الإبْلاغُ وَفِي الحديثِ: كُلُّ رافِعَةٍ رَفَعَتْ عَلَيْنَا، كَذَا فِي العُبَابِ، وَفِي اللِّسانِ: عَنّا منَ البَلاغِ فقَدْ حَرَّمْتُهَا أنْ تُعْضَدَ، أَو تُخْبَطَ، إِلَّا لِعُصْفُورِ قَتَبٍ، أَو مَسَدِّ مَحالَةٍ، أَو عَصَا حَديدَةٍ، يعْنِي المدينةَ على ساكنها)
أفضل الصَّلَاة وَالسَّلَام، ويُرْوَى بفَتْحِ الباءِ وكَسْرِهَا، فإنْ كانَ بالفَتْحِ فلَهُ وَجْهَانِ، أحَدُهُما: أَي مَا بَلَغَ من القُرْآنِ والسُّنَنِ، أَو المَعْنَى: منْ ذَوِي البَلاغ، أَي: الّذِينَ بَلَّغُونا، أَي: منْ ذَوِي التَّبْلِيغِ وَقد أقامَ الاسْمُ مُقامَ المَصْدَرِ الحَقِيقِيِّ، كَمَا تَقُول: أعْطَيْتُ عَطاءً، كَذَا فِي التَّهذِيبِ والعُبَابِ، ويُرْوَى بالكَسْر، قالَ الهَرَوِيُّ: أَي: منْ المُبالغِيِنَ فِي التَّبْلِيغِ، منْ بالَغَ يُبَالغُ مُبَالَغَةً وبَلاغاً، بالكَسْرِ: إِذا اجْتَهَدَ فِي الأمْرِ ولمْ يُقَصِّرْ، والمَعْنَى كُلُّ جَماعَةٍ أوْ نَفْسٍ تُبَلِّغُ عَنَّا وتُذِيعُمَا نَقُوله، فلْتُبَلِّغْ ولْتَحْكِ، قلتُ: وقدْ ذُكِرَ هَذَا الحديثُ فِي رفع ويُرْوَى أيْضاً: منَ البَلّاغ مِثَال الحُدّاثِ، بمَعْنَى المُحَدِّثِينَ، وَقد أسْبَقْنَا الإشَارَةَ إليْهِ، وَكَانَ على المُصَنِّف أنْ يُوردَهُ هُنَا، لتَكْمُلَ لَهُ الإحاطَةُ.
والبالِغَاءُ: الأكَارِعُ بلُغَةِ أهْلِ المَدِينَةِ المُشَرَّفَةِ، قالَ أَبُو عُبيدٍ: مُعَرِّبُ بايْهَا، أَي: أنَّ الكَلِمَةَ فارِسِيَّةٌ عُرِّبَتْ، فإنّ بايْ بالفَتْحِ وإسْكَانِ الياءِ: الرَّجُلُ، وَهَا: علامَةُ الجَمْعِ عِنْدَهُم، ومَعْناهُ: الأرْجُلُ ثمَّ أُطْلِقَ على أكارِعِ الشّاةِ ونَحْوِهَا، ويُسَمُّونَهَا أيْضاً: باجْهَا، وَهَذَا هُوَ المَشْهُورُ عِنْدَهُم، وَهَذَا التَّعْرِيبُ غَرِيبٌ، فتأمَّلْ.
والبَلاغاتُ: مِثْلُ الوِشايات.
والبُلْغَةُ: بالضَّمِّ: الكِفَايَةُ وَمَا يُتَبَلَّغُ بهِ منَ العَيْشِ، زادَ الأزْهَرِيُّ: وَلَا فَضْلَ فِيهِ، تَقُولُ: فِي هَذَا بَلاغٌ، وبُلْغَةٌ، أَي: كِفَايَةٌ.
والبِلَغِينَ بكَسْرِ أوَّلهِ وفَتْحِ ثانِيَه وكَسْرِ الغَيْنِ فِي قَوْلِ عائِشَةَ رَضِي اللهُ تَعَالَى عَنْهَا لعَلِيٍّ رَضِي الله عَنهُ حينَ ظفِرَ بهَا لقد بَلَغْتَ مِنّا البِلَغِينَ هَكَذَا رُوِيَ، ويُضَمُّ أوَّلُه أَي: مَعَ فَتْحِ اللامِ، ومَعْنَاهُ الدّاهِيَةُ وهُوَ مَثَلٌ أرادَتْ: بَلَغْتَ مِنّا كُلَّ مَبْلَغٍ، وقيلَ: مَعْنَاهُ أنَّ الحَرْبَ قدْ جَهِدَتْها، وبَلَغَتْ منْهَا كُلَّ مَبْلَغٍ، وقالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ مَثْلُ قَوْلِهِمْ: لَقِيتَ مِنّا البِرَحِينَ والأقْوَرِينَ وكُلُّ هَذَا من الدَّوَاهِي، قالَ ابنُ الأثِيرِ: والأصْلُ فيهِ كأنَّهُ قيلَ: خَطْبٌ بِلْغٌ، أَي: بَلِيغٌ، وأمْرٌ بِرَحٌ، أَي: مُبَرِّحٌ، ثُمَّ جُمِعَا على السَّلامَةِ إِيذَانًا بأنَّ الخُطُوبَ فِي شِدَّةِ نكايَتِهَا بمَنْزِلَةِ العُقَلاءِ الذينَ لَهُمْ قَصْدٌ وتَعَمُّدٌ، وقَدْ نُقِلَ فِي إعْرَابِهَا طَرِيقانِ، أحَدُهُما: أنْ يُجْرَى إعْرَابُه على النُونِ، والياءُ يُقَرُّ بحالهِ، أوْ تُفْتَحُ النُّونُ أبدا، ويُعْرَبُ مَا قَبْلَهُ، فيُقَالُ: هَذِه البِلَغُونَ، ولَقِيتُ البِلَغِينَ، وأعُوذُ باللهِ منَ البِلَغِينَ، كَمَا فِي العُبَابِ.
وبَلَّغَ الفارِسُ تَبْلِيغاً: مَدَّ يَدَهُ بعِنانِ فَرَسِه، ليَزِيدَ فِي جَرْيِه، وَفِي الأساسِ: فِي عَدْوِه.
وتَبَلَّغَ بكَذا: اكْتَفَى بهِ، ووَصَلَ مُرادَه، قالَ:
(تَبَلَّغْ بأخْلاقِ الثِّيَابِ جَدِيدَها ... وبالقَضْمِ حَتَّى يُدْرَكَ الخَضْمُ بالقَضْمِ)

ويُقَالُ: هَذَا تَبَلُّغٌ، أَي: بُلْغَةٌ.
وتَبَلَّغَ المَنْزِلَ: إِذا تَكَلَّفَ إليهِ البُلُوغَ حَتَّى بلغَ، ومنْهُ قَوْلُ قَيْسِ بنِ ذَرِيحٍ:
(شَقَقْتِ القَلْبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ فيهِ ... هَوَاكِ فليمَ فالْتَأَمَ الفُطُورُ)

(تَبَلَّغَ حَيْثُ لمْ يَبْلُغْ شَرابٌ ... وَلَا حُزْنٌ ولمْ يَبْلُغْ سُرُورُ)
أَي: تَكَلَّفَ البُلُوغَ حَتَّى بَلَغَ.
وتَبَلَّغَتْ بهِ العِلَّةُ، أَي: اشْتَدَّتْ، نَقَلَه الجَوْهَرِيُّ والزَّمَخْشَرِيُّ، والصّاغَانِيُّ.
وبالَغَ فِي أمْرِي مُبَالَغَةً، وبِلاغاً: اجْتَهَدَ ولمْ يُقَصِّرْ، وَهَذَا قَدْ تَقَدَّمَ بعَيْنِه، فهُوَ تَكْرارٌ.
وممّا يستدْرَكُ عليهِ: البَلاغُ: الوُصُولُ إِلَى الشَّيءِ.
وبَلَغَ فُلانٌ مَبْلَغَتَه كمَبْلَغِه.
وبَلَغَ النَّبْتُ: انْتَهَى.
وتَبَالَغَ الدِّباغُ فِي الجِلْدِ: انْتَهَى فيهِ، عَن أبي حَنِيفَةَ. وبَلَغَتِ النَّخْلَةُ وغَيْرُهَا من الشَّجَرِ: حانَ إدْرَاكُ ثَمَرِهَا، عَنْهُ أيْضاً.
وَفِي التَّنْزيل: بَلَغَنِيَ الكِبَرُ وامْرَأتِي عاقِرٌ وَفِي مَوْضِعٍ: وقَدْ بَلَغْتُ منَ الكِبَرِ عِتِيّاً، قالَ الرّاغِبُ: وذلكَ مِثْلُ: أدْرَكَنِي الجَهْدُ، وأدْرَكْتُ الجَهْدَ، وَلَا يَصِحُّ بَلَغَنِي المَكَانُ، وأدْرَكَنِي.
والمَبَالِغُ: جَمْعُ المَبْلَغِ، يُقَالُ: بَلَغَ فِي العِلْمِ المَبَالِغَ.
والمَبْلَغُ، كمَقْعَدٍ: النَّقْدُ منَ الدَّراهِمِ والدَّنانِيرِ، مُوَلَّدَةٌ.
وبَلَغَ اللهُ بهِ، فَهُوَ مَبْلُوغٌ بهِ.
وأبْلَغْتُ إليْهِ: فَعَلْتُ بهِ مَا بَلَغَ بهِ الأذَى والمَكْرُوهَ البَلِيغَ.
وتَبَالَغَ فِيهِ الهَمُّ والمَرَضُ: تَنَاهَى.
وتَبَالَغَ فِي كَلامِه: تَعَاطَى البَلاغَةَ، أَي الفَصَاحَةَ ولَيْسَ منْ أهْلِها، يُقَالُ: مَا هُوَ ببَلِيغٍ وَلَكِن يَتَبَالَغُ.
وقولُه تَعَالَى: أمْ لَكُم أيْمَانٌ عليْنَا بالِغَةٌ قالَ ثَعْلَبٌ: مَعْنَاهُ مُوَجَبَةٌ أبدا، قدْ حَلَفْنَا لكُمْ أنْ نَفِيَ بِهَا، وقالَ مَرَّةً: أَي قد انْتَهَتْ إِلَى غايَتِها، وقيلَ: يَمِينٌ بالِغَةٌ، أَي: مُؤَكَّدَةٌ.
والمُبَالَغَةُ: أنْ تَبْلُغَ فِي الأمْرِ جَهْدَكَ.)
والبِلَغْنُ، بكَسْرٍ ففَتْحٍ: البَلاغَةُ، عَن السِّيرافِيِّ، ومَثَّلَ بهِ سِيبَوَيْهِ.
والبِلَغْنُ أيْضاً: النَّمّامُ عَن كُراع.
وقيلَ: هُوَ الّذِي يُبلِّغُ للنّاسِ بَعْضِهِمْ حديثَ بَعْضٍ.
وبَلَغَ بهِ البِلَغينَ، بكَسْرِ الباءِ وفَتْحِ اللامِ، وتَخْفيفها، عَن ابنِ الأعْرابِيِّ: إِذا اسْتَقْصَى فِي شَتْمِه وأذاهُ. والبُلاّغُ، كرُمّانِ: الحُدّاثُ.
وَفِي نَوَادِرِ الأعْرابِ، لابنِ الأعْرابِيِّ: بَلَّغَ الشَّيْبُ فِي رَأْسِه تَبْلِيغاً: ظَهَرَ أوَّلَ مَا يَظْهَرُ، وكذلكَ بَلَّعَ بالعَينِ المُهْمَلَةِ، وزَعَمَ البَصْرِيُّونَ أنّ الغَيْنَ المُعْجَمَةَ تَصْحِيفٌ من ابنِ الأعْرَابِيِّ، ونَقَلَ أَبُو بَكْرٍ عَن ثَعْلَبٍ: بَلَّغَ، بالغَيْنِ مُعْجَمَةً، سَماعاً، وهُوَ حاضِرٌ فِي مجْلِسِه.
والتَّبْلِغَةُ: سَيْرٌ يُدْرَجُ على السِّيَةِ حَيْثُ انْتَهَى طَرَفُ الوَتَرِ ثلاثَ مِرارٍ، أوْ أرْبعاً، لكَي يَثْبُتَ الوَتَرُ، حَكَاهُ أَبُو حَنِيفَةَ، وجَعَله اسْماً، كالتَّوْدِيَةِ، والتَّنْهِيَةِ.
والبُلْغَةُ، بالضَّمِّ: مَداسُ الرجلِ، مِصْرِيَّةٌ مُوَلَّدَةٌ.
وحَمْقَاءُ بِلْغَةٌ، بالكَسْرِ: تأْنِيثُ قَوْلِهِمْ: أحْمَقُ بِلْغٌ.
وَأَبُو البَلاغِ جِبْرِيلُ، كسَحابٍ: مُحَدِّثُ ذكَرَهُ ابنُ نُقْطَةَ.
وسَمَّوْا بالِغاً.
ب ل غ

أبلغه سلامى وبلغه. بولغت ببلاغ الله: بتبليغه. قال الكميت:

فهل تبلغنيهم على نأي دارهم ... نعم ببلاغ الله وجناه ذعلب

وبلغ في العلم المبالغ. وبلغ الصبي. وبلغ الله به فهو مبلوغ به. وبلغ مني ما قلت، وبلغ منه البلغين. وأبلغت إلى فلان: فعلت به ما بلغ به الأذى والمكروه البليغ. واللهم سمعاً لا بلغاً. وتبالغ فيه المرض والهم إذا تناهى. وتبلغ بالقليل: اكتفى به، وما هي إلا بلغة أتبلغ بها. وتبلغت به العلة: اشتدت. وبلغ الرجل بلاغة فهو بليغ وهذا قول بليغ. وتبالغ في كلامه: تعاطى البلاغة وليس من أهلها، وما هو ببليغ ولكن يتبالغ، وبلغ الفارس: مد يده بعنان فرسه ليزيد في عدوه. ووصل رشاءه بتبلغة وهو حبيل يوصل به حتى يبلغ الماء وهو الدرك، ولا بد لأرشيتكم من تبالغ.
[بلغ] نه فيه: "البلاغ" ما يتبلغ ويتوصل به إلى الشيء المطلوب. ومنه في ح الاستسقاء: واجعل ما أنزلت لنا قوة و"بلاغاً" إلى حين. ط: أي اجعل الخير المنزل سبباً لقوتنا ومدداً لنا مدداً طويلاً. نه ومنه ح: كل رافعة رفعت علينا من "البلاغ" فليبلغ عنا يروى بفتح باء وكسرها، ومعنى الفتح أنه ما بلغ به من القرآن والسنن، أو من ذوي البلاغ أي الذين بلغونا يعني ذوي التبليغ فأقام الاسم مقام المصدر، ومعنى الكسر المبالغين في التبليغ، من بالغ يبالغ مبالغة وبلاغاً إذا اجتهد في الأمر، ويتم في رافعة. وفي ح عائشة لعلي يوم الجمل: قد بلغت منا "البلغين" بكسر باء وضمها مع فتح لام وهو مثل معناه بلغت منا كل مبلغ، مثل لقيت منه البرحين أي الدواهي، وخطب بلغ أي بليغ، وجمع جمع السلامة تشبيهاً للخطوب في شدة النكاية بالعقلاء. غ: هذا "بلاغ" أي ذو بلاغ أي بيان. والبليغ من يبلغ بلسانه كنه ما في ضميره. وأحمق "بلغ" أي مع حمقه يبلغ ما يريد.

بلغ: بَلغَ الشيءُ يَبْلُغُ بُلُوغاً وبَلاغاً: وصَلَ وانْتَهَى،

وأَبْلَغَه هو إِبْلاغاً هو إِبْلاغاً وبَلَّغَه تَبْلِيغاً؛ وقولُ أَبي قَيْسِ

بنِ الأَسْلَتِ السُّلَمِيِّ:

قالَتْ، ولَمْ تَقْصِدْ لِقِيلِ الخَنى:

مَهْلاً فقد أَبْلَغْتَ أَسْماعي

إِنما هو من ذلك أَي قد انْتَهَيْتَ فيه وأَنْعَمْتَ. وتَبَلَّغَ

بالشيء: وصَلَ إِلى مُرادِه، وبَلَغَ مَبْلَغَ فلان ومَبْلَغَتَه. وفي حديث

الاسْتِسْقاء: واجْعَلْ ما أَنزلتَ لنا قُوّةً وبلاغاً إِلى حين؛ البَلاغُ: ما

يُتَبَلَّغُ به ويُتَوَصَّلُ إِلى الشيء المطلوب. والبَلاغُ: ما

بَلَغَكَ. والبَلاغُ: الكِفايةُ؛ ومنه قول الراجز:

تَزَجَّ مِنْ دُنْياكَ بالبَلاغِ،

وباكِرِ المِعْدةَ بالدِّباغِ

وتقول: له في هذا بَلاغٌ وبُلْغةٌ وتَبَلُّغٌ أَي كِفايةٌ، وبَلَّغْتُ

الرِّساةَ. والبَلاغُ: الإِبْلاغُ. وفي التنزيل: إِلاَّ بَلاغاً من الله

ورسالاتِه، أَي لا أَجِدُ مَنْحجى إِلا أَن أُبَلِّغَ عن اللهِ ما أُرْسِلْتُ

به. والإِبلاغُ: الإِيصالُ، وكذلك التبْلِيغُ، والاسم منه البَلاغُ،

وبَلَّغْتُ الرِّسالَ. التهذيب: يقال بَلَّغْتُ القومَ بلاغاً اسم يقوم مقام

التبْلِيغِ. وفي الحديث: كلُّ رافِعةٍ رَفَعَتْ عَنّا

(* قوله« رفعت عنا»

كذا بالأصل، والذي في القاموس: علينا، قال شارحة:وكذا في العباب.) من البلاغ

فَلْيُبَلِّغْ عَنّا، يروى بفتح الباء وكسرها، وقيل: أَراد من

المُبَلِّغِين، وأَبْلغْتُه وبَلَّغْتُه بمعنى واحد، وإِن كانت الرواية من البلاغ

بفتح الباء فله وجهان: أَحدهما أَن البَلاغَ ما بلغ من القرآن والسنن،

والوجهُ الآخر من ذوي البَلاغِ أي الذين بَلَّغُونا يعني ذوي التبليغ،

فأَقام الاسم مقام المصدر الحقيقي كما تقول أَعْطَيْتُه عَطاء، وأَما الكسر

فقال الهرويّ: أُراه من المُبالِغين في التبْليغ، بالَغَ يُبالِغُ مُبالَغةً

وبِلاغاً إِذا اجْتَهد في الأَمر، والمعنى في الحديث: كلُّ جماعةٍ أَو نفس

تُبَلِّغُ عنا وتُذِيعُ ما تقوله فَلْتُبَلِّغْ ولْتَحْكِ. وأَما قوله

عز وجل: هذا بَلاغٌ للناس وليُنْذَرُوا به، أَي أَنزلناه ليُنْذَر الناسُ

به. وبَلَّغَ الفارِسُ إِذا مَدَّ يدَه بِعِنانِ فرسه ليزيد في جَرْيِه.

وبَلَغَ الغُلامُ: احْتَلَمَ كأَنه بَلَغَ وقت الكتابِ عليه والتكليفِ،

وكذلك بَلَغَتِ الجاريةُ. التهذيب: بلغ الصبيُّ والجارية إِذا أَدْركا،

وهما بالِغانِ. وقال الشافعي في كتاب النكاح: جارية بالِغٌ، بغير هاء، هكذا

روى الأَزهريّ عن عبد الملك عن الربيع عنه، قال الأَزهري: والشافعي

فَصِيحٌ حجة في اللغة، قال: وسمعت فُصَحاء العرب يقولون جارية بالغ، وهكذا قولهم

امرأَة عاشِقٌ ولِحيةٌ ناصِلٌ، قال: ولو قال قائل جارية بالغة لم يكن

خطأً لأَنه الأَصل. وبَلَغْتُ المكانَ بُلُوغاً: وصلْتُ إِليه وكذلك إِذا

شارَفْتَ عليه؛ ومنه قوله تعالى: فإِذا بَلَغْن أَجَلَهُنّ، أَي

قارَبْنَه. وبَلَغَ النبْتُ: انتهَى. وتَبالَغ الدِّباغُ في الجلد: انتهى فيه؛ عن

أَبي حنيفة. وبَلَغتِ النخلةُ وغيرُها من الشجر: حان إدْراكُ ثمرها؛ عنه

أَيضاً. وشيءٌ بالغ أَي جيِّدٌ، وقد بلَغَ في الــجَوْدةِ مَبْلغاً.

ويقال: أَمْرُ اللهِ بَلْغ، بالفتح، أَي بالِغٌ من وقوله تعالى: إِن الله

بالغ أَمره. وأَمرٌ بالِغٌ وبَلْغٌ: نافِذٌ يَبْلُغُ أَين أُرِيدَ به؛ قال

الحرث بن حِلِّزةَ:

فهَداهُمْ بالأَسْودَيْنِ وأَمْرُ الْـ

ـلَهِ بَلْغٌ بَشْقَى به الأَشْقِياءُ

وجَيْشٌ بَلْغٌ كذلك. ويقال: اللهم سَمْعٌ لا بَلْغٌ وسِمْعٌ لا بِلْغٍ،

وقد ينصب كل ذلك فيقال: سَمعاً لا بَلْغاً وسِمْعاً لا بِلْغاً، وذلك

إِذا سمعت أَمراً منكراً أَي يُسْمَعُ به ولا يَبْلُغُ. والعرب تقول للخبر

يبلغ واحدَهم ولا يحققونه: سَمْعٌ لا بَلْغٌ أَي نسمعه ولا يَبْلُغنا.

وأَحْمَقُ بَلْغٌ وبِلْغٌ أَي هو من حَماقَتِه

(* قوله« من حماقته» عبارة

القاموس: مع حماقته.) يبلغ ما يريده، وقيل: بالغ في الحُمْقِ، وأَتْبَعُوا

فقالوا: بِلْغٌ مِلْغٌ.

وقوله تعالى: أَمْ لكم أَيمان علينا بالغةٌ؛ قال ثعلب: معناه مُوجَبَةٌ

أَبداً قد حلفنا لكم أَن نَفِيَ بها، وقال مرة: أَي قد انتهت إِلى غايتها،

وقيل: يمينٌ بالغة أَي مؤكَّدةٌ. والمُبالَغةُ: أَن تَبْلُغَ في الأَمر

جُهْدَك. ويقال: بُلِغَ فلان أَي جُهِدَ؛ قال الراجز:

إِنَّ الضِّبابَ خَضَعَتْ رِقابُها

للسيفِ، لَمَّا بُلِغَتْ أَحْسابُها

أَي مَجْهودُها

(* قوله« أي مجهودها» كذا بالأصل، ولعله جهدت ليطابق

بلغت،) وأَحْسابُها شَجاعَتُها وقوّتُها ومَناقِبُها. وأَمرٌ بالغ: جيد.

والبَلاغةُ: الفَصاحةُ. والبَلْغُ والبِلْغُ: البَلِيغُ من الرجال. ورجل

بَلِيغٌ وبِلْغٌ: حسَنُ الكلام فَصِيحُه يبلغ بعبارة لسانه كُنْهَ ما في

قلبه، والجمعُ بُلَغاءُ، وقد بَلُغَ، بالضم، بَلاغةً أَي صار بَلِيغاً.

وقولٌ بَلِيغٌ: بالِغٌ وقد بَلُغَ. والبَلاغاتْ: كالوِشاياتِ.

والبِلَغْنُ: البَلاغةُ؛ عن السيرافي، ومثَّل به سيبويه. والبِلَغْنُ

أَيضاً: النّمَّام؛ عن كراع. والبلغن: الذي يُبَلِّغُ للناسِ بعضِهم حدِيثَ

بعض. وتَبَلَّغَ به مرضُه: اشتَّدّ.

وبَلَغَ به البِلَغِينَ بكسر الباء وفتح اللام وتخفيفها؛ عن ابن

الأَعرابي، إِذا اسْتَقْصَى في شَتْمِه وأَذاهُ. والبُلَغِينُ والبِلَغِينُ.

الدّاهيةُ: وفي الحديث: أَن عائشة قالت لأَمير المؤمنين عليّ، عليه السلام،

حين أُخِذَتْ يومَ الجملِ: قد بَلَغْتَ مِنّا البُِلَغِينَ؛ معناه أَنَّ

الحَرْبَ قد جَهَدَتْنا وبَلَغَتْ منا كل مَبْلَغٍ، يروى بكسر الباء

وضمها مع فتح اللام، وهو مَثَلٌ، معناه بَلَغْتَ منا كل مَبْلَغٍ. وقال أَبو

عبيد في قولها قد بَلَغْتَ منا البُِلَغِينَ: إنه مثل قولهم لَقِيتَ منا

البُرَحِينَ والأَقْوَرِينَ، وكل هذا من الدَّواهِي، قال ابن الأَثير:

والأَصل فيه كأَنه قيل: خَطْبٌ بُلَغٌ وبِلَغٌ أَي بَلِيغٌ، وأَمْرٌ بُرَحٌ

وبِرَحٌ أَي مُبَرِّح، ثم جمعا على السلامة إِيذاناً بأَنَّ الخطوب في

شدّة نِكايَتِها بمنزلة العُقلاء الذين لهم قَصْد وتعمُّد.

وبالَغَ فلان في أَمْرِي إذا يُقَصِّر فيه.

والبُلْغَةُ: ما يُتَبَلَّغُ به من العيش، زاد الأَزهري: ولا فَضْلَ

فيه.وتَبَلَّغ بكذا أَي اكتفَى به. وبَلَّغَ الشيْبُ في رأْسه: ظهر أَوّلَ

ما يظهر، وقد ذكرت في العين المهملة أَيضاً، قال: وزعم البصريون أَن ابن

الأَعرابي صحّف في نوادِرِه فقال مكان بَلّعَ بَلَّغَ الشيبُ، فلما قيل

له إِنه تصحيف قال: بَلَّعَ وبَلَّغَ. قال أَبو بكر الصُّوليُّ: وقرئ

يوماً على أَبي العباس ثعلب وأَنا حاضر هذا ، فقال: الذي أَكتب بَلَّغ، كذا

قال بالغين معجمة.

والبالِغاءُ: الأَكارِعُ في لغة أَهل المدينة، وهي بالفارسية بايْها.

والتَّبْلِغةُ: سَيْر يُدْرج على السِّيَة حيث انتهى طرَفُ الوَتَر ثلاث

مِرارٍ أَو أَربعاً لِكَيْ يَثْبُتَ الوتر؛ حكاه أَبو حنيفة جعل التبلغة

اسماً كالتَّوْدِيةِ والتَّنْهِيةِ ليس بمصدر، فتفهَّمه.

بلغ

1 بُلُوغٌ [inf. n. of بَلَغَ] and إِبْلَاغٌ [inf. n. of ↓ ابلغ, but it seems that ابلاغ is here a mistranscription for بَلَاغٌ, which is, like بُلُوغٌ, an inf. n. of بَلَغَ, and this observation will be found to be confirmed by a statement immediately following this sentence,] signify The reaching, attaining, arriving at, or coming to, the utmost point of that to which, or towards which, one tends or repairs or betakes himself, to which one directs his course, or which one seeks, pursues, endeavours to reach, desires, intends, or purposes; whether it be a place, or a time, or any affair or state or event that is meditated or intended or determined or appointed: and sometimes, the being at the point thereof: so says Abu-1-Kásim in the Mufradát. (TA: [in which it is said, in the supplement to the present art., that بَلَاغٌ signifies The reaching, attaining, arriving at, or coming to, a thing.]) You say, بَلَغَ المَكَانَ, (S, K,) and المَنْزِلَ, (Msb,) [aor. ـُ inf. n. بُلُوغٌ (S, K) [and بَلَاغٌ, as shown above], He reached, attained, arrived at, or came to, (S, Msb, K,) the place, (S, K,) and the place of abode: (Msb:) and (so in the S, but in the K “ or,”) he was, or became, at the point of reaching it, attaining it, &c. (S, K.) فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَ, in the Kur [ii. 232], means And they have fully attained, or ended, their term. (Msb.) But فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ, in the same [lxv. 2], means And when they are near to attaining, or ending, their term: (S, TA:) or are at the point of accomplishing their term. (Msb, TA.) It has the first of the meanings explained above in the phrase, بَلَغَ أَشُدَّهُ [Kur xii. 22 &c., He attained his manly vigour, or full maturity, &c.]. (TA.) And in بَلَغَأَرْبَعِينَ سَنَةً [Kur xlvii. 14, He attained the age of forty years]. (TA.) and in بَلَغَ مَعَهُ السَّعْىَ [Kur xxxvii. 100, He attained to working with him]. (TA.) In the Kur [iii. 35], occurs the phrase, وَقَدْ بَلَغَنِىَ الكِبَرُ [When old age hath come to me, or overtaken me]: and in another place [xix. 9], وَ قَدْ بَلَغْتُ مِنَ الكِبَرِ عُتِيًّا [And I have reached the extreme degree of old age: so explained in the Expos. of the Jel]: phrases like أَدْرَكَنِىَ الجَهْدُ and أَدْرَكْتُهُ. (Er-Rághib, TA.) You say also, مَا بَلَغَ ↓ لَزِمَهُ ذٰلِكَ بَالِغًا with the accus. case as a denotative of state; meaning [That clave to him, or adhered to him, &c.,] rising to its highest degree or point; from بَلَغَ المَنْزِلَ, explained above. (Msb.) [But مَا بَلَغَ ↓ بَالِغًا more frequently means Whatever point, degree, amount, sum, quantity, number, or the like, it may reach, attain, arrive at, come to, or amount to.] And ↓ بَلَغَ فُلَانٌ مَبْلَغَهُ and ↓ مَبْلَغَتُهُ [Such a one reached, or attained, his utmost point or scope or degree]. (TA.) And ↓ بَلَغَ فِى العِلْمِ المَبَالِغَ [He attained, in knowledge, or science, the utmost degrees of proficiency]. (TA.) And بَلَغَ فِى

↓ الــجَوْدَةِ مَبْلَغًا [It reached a consummate degree in goodness]. (S, K, * TA.) And بَلَغَ مِنَ الــجَوْدَةِ

↓ مَبْلَغًا [He attained a consummate degree of goodliness]: said of a boy that has attained to puberty. (O, TA.) And بَلَغَ غَايَتَهُ فِى الطَّلَبِ [He did his utmost, or used his utmost power or ability, in seeking to attain an object]. (Msb in art. جهد.) And بَلَغَ أَقْصَى مَجْهُودِ بَعِيرِهِ فِى السَّيْرِ [He exerted the utmost endeavour, or effort, or power, or strength, of his camel, in journeying]. (S in art. نكث.) And بَلَغَ جَهْدَ دَابَّتِهِ i. q. جَهَدَهَا [He jaded, harassed, distressed, fatigued, or wearied, his beast]: (K in art. جهد:) and in like manner, بَلَغَ مَشَقَّتَهُ and بَلَغَ مِنْهُ المَشَقَّةَ i. q. جَهَدَهُ [and شَقَّ عَلَيْهِ, i. e. He, or it, jaded him, harassed him, &c.; ditressed him, afflicted him, oppressed him, overpowered him: thus in each of these instances, as in many similar cases, the verb with the inf. n. that follows is equivalent to the verb of that inf. n.]. (Msb in art. جهد.) [And, elliptically, بَلَغَ مِنْهُ i. q. بَلَغَ مِنْهُ المشَقَّةَ , explained above: and often meaning It took, or had, an effect upon him; it affected him: frequently said of wine and the like: and of a saying; as in the Ksh and Bd in iv. 66, where يَبْلُغُ مِنْهُمْ is followed by وَيُؤَثِرُ فِيهِ as an explicative: see also بَلِيغٌ.] and بَلَغْتَ مِنَّا البُلَغِينَ, (S, K,) and البِلَغِينَ, and كُلَّ مَبْلَغٍ: (K:) see البُلَغِينَ below. And بَلَغْتُ مِنَ الأَمْرِ المَشَقَّةَ [I experienced distress from the affair, or event]. (TA in art. مض.) [See also an ex. voce إِبِدٌ. بَلَغَنِى also signifies It has come to my knowledge, or been related to me, or been told me; or it came to my knowledge, &c.: and in this case it is generally followed by أَنَّ, or by أَنْ as a contraction of أَنَّ: for exs., see these two particles. And in like manner, بَلَغَنِى عَنْهُ Information has come to me, or information came to me, from him, or concerning him, that such a thing has happened, or had happened.] And بَلَغَ said of a letter or writing, inf. n. بَلَاغٌ and بُلُوغٌ, It reached, arrived, or came. (Msb.) And said of a plant, or of herbage, It attained its full growth: (TA:) and of a tree, such as a palm-tree &c., its fruit became ripe: (AHn, TA:) and of fruit, it became ripe. (Msb.) Also, said of a boy, (T, S, M, &c.,) aor. ـُ inf. n. بُلُوغٌ, or, as IKoot says, بَلَاغٌ, (Msb,) He attained to puberty, virility, ripeness, or maturity; syn. أَدْرَكَ, (T, S, Msb, K,) and اِحْتَلَمَ; (M, Msb;) and attained a consummate degree of goodliness (بَلَغَ مِنَ الــجَوْدَةِ مَبْلَغًا): (O, TA:) as though he attained the time of the writing of his marriage-contract, and of his having duties or obligations imposed upon him: (TA:) and in like manner one says of a girl, بَلَغَ, (T, TA,) or بَلَغَتْ. (TA.) b2: بَلَغَ اللّٰهُ بِهِ [God caused him to reach, attain, arrive at, or come to, his appointed end, or term of life; أَجَلَهُ, or the like, being understood]. (TA.) You say, بَلَغَ اللّٰهُ بِكَ أَكْلَأَ العُمُرِ, i. e. [May God cause thee to reach, or attain,] the extreme, or most distant, period of life! (S and TA in art. كلأ.) And فَعَلْتُ بِهِ مَا بَلَغَ بِهِ الأَذَى وَ المَكْرُوهْ [I did with him that which caused him to come to what was annoying, or hurtful, and evil]. (TA.) And بَلَغَ بِهِ البِلَغِينَ: see the last word of this phrase below. b3: بُلِغَ, like عُنِىَ, He (a man) was, or became, jaded, harasssed, distressed, fatigued, or wearied. (K.) A2: بَلُغَ, [aor. ـُ (S, Msb, K,) inf. n. بَلَاغَةٌ, (S, Msb,) He was, or became بَلِيغ, i. e. فَصِيح [more properly signifying chaste, or perspicuous, in speech, but here meaning eloquent]; (S, * Msb, K;) and sharp, or penetrating, or effective, in tongue; (Msb;) attaining, by his speech, or diction, the utmost scope of his mind and desire. (K, * TA.) The difference between بَلَاغَةٌ and فَصَاحَةٌ is this: that the latter is an attribute of a single word and of speech and of the speaker; but the former is an attribute only of speech and the speaker: (Kull:) بلاغة in the speaker is A faculty whereby one is enabled to compose language suitable to the exigency of the case, i. e., to the occasion of speaking [or writing], with chasteness, or perspicuity, or eloquence, thereof: in language, it is suitableness to the exigency of the case, i. e., to the occasion of speaking [or writing], with chasteness or perspicuity, or eloquence, thereof. (KT.) 2 تَبْلِيغٌ and ↓ إِبْلَاغٌ [inf. ns. of بلّغ and ابلغ] signify The causing to reach, attain, arrive, or come; bringing, conveying, or delivering: (S, K, TA:) the former is the more common. (Er-Rághib, TA.) [You say, بلّغهُ المَكَانَ He caused him, or it, to reach, attain, arrive at, or come to, the place. And بلّغهُ مَقْصُودَهُ He caused him to attain his object of aim or endeavour &c.] and بَلَّغْتُ الرِّسَالَةَ [I brought, conveyed, or delivered, the message]. (S.) And بلّغهُ السَّلَامَ, (Msb,) and الخَبَرَ, (TA,) as also ↓ ابلغهُ, (Msb, TA,) He brought, conveyed, delivered, or communicated, to him the salutation, (Msb,) and he brought, &c., or told, to him the news, or information. (TA.) [and بَلَّغَنِى عَنْ فُلَانٍ He told me from such a one, or on the part of such a one, some piece of information, or that some event had happened, &c.]

A2: بلّغ الفَارِسُ, (S, A, K,) inf. n. تَبْلِيغٌ, (K,) The horseman stretched forth, or extended, his hand, or arm, with the rein of his horse, [or gave the rein to his horse,] in order that he might increase in his running. (S, A, K.) A3: بلّغ الشَّيْبُ فِى رَأْسِهِ Hoariness began to appear on his head; accord. to IAar; as also بلّع, with the unpointed ع: the Basrees assert that the former is a mistranscription; but it is related as heard from Th, by Aboo-Bekr Es-Soolee. (TA.) 3 بالغ, (S, Msb, K, &c.,) inf. n. مُبَالَغَةٌ (JK, K, &c.) and بِلَاغٌ, (K.) He exceeded the usual, or ordinary, or the just, or proper, bounds, or degree, in a thing; acted egregiously, or immoderately, or extravagantly, therein: (KL:) he strove, or laboured; exerted himself, or his power or efforts or endeavours or ability; employed himself vigorously, strenuously, laboriously, sedulously, earnestly, with energy or effectiveness; took pains, or extraordinary pains: (K, TA:) he did not fall short of doing what was requisite, or what he ought; did not flag, or was not remiss: (S, K, TA:) he exerted unsparingly his power or ability, or effort or endeavour, or the utmost thereof: (Msb:) he accomplished, or did, or attained, the utmost of his power or ability, or effort or endeavour; he did his utmost: (JK:) فِى أَمْرٍ [in an affair]: (S, K, TA:) or فِى كَذَا, meaning in the pursuit of such a thing. (Msb.) بالغ فِى كَذَا may be rendered as above, or He did such a thing much, exceedingly, egregiously, extraordinarily, immoderately, extravagantly, excessively, vehemently, energetically, superlatively, excellently, consummately, thoroughly. Hence مُبَالَغَةٌ in explanations of words; meaning Intensiveness; muchness; extraordinariness; excessiveness; vehemence; energy; emphasis; hyperbole; &c.; and sometimes, frequentative signification. Thus, إِسْمُ مُبَالَغَةٍ means A noun of intensiveness; or an intensive epithet: as شَكُورٌ

“ very thankful,” or “ very grateful; ” and حَمَّادٌ

“ a great praiser,” or “ a frequent praiser. ”]4 ابلغ, inf. n. إِبْلَاغٌ: see 2, in two places. [Hence,] ابلغ الأَمْرَ جَهْدَهُ [He brought his utmost power or ability, or effort or endeavour, to the performance, or accomplishment, of the affair]. (TA.) And أَبْلَغْتُ إِلَيْهِ i. e. فَعَلْتُ بِهِ مَا بَلَغَ بِهِ الأَذَى وَ المَكْرُوهَ [I did with him that which caused him to come to what was annoying, or hurtful, and evil]. (TA.) A2: See also 1, first sentence; where it is said that إِبْلَاغٌ is syn. with بُلُوغٌ; but this is app. a mistake.

A3: [مَا أَبْلَغَهُ, and أَبْلِغْ بِهِ, How eloquent is he !].5 تبلّغ المَنْزِلَ He constrained himself to reach, or attain, the place of abode, until, or so that, he did reach [it], or attain [it]. (K.) b2: تبلّغ بِهِ He was satisfied, or content, with it, (S, Msb, K,) and attained his desire [thereby]. (TA.) b3: تَبَلَّغَتْ بِهِ العِلَّةُ The disease, or malady, distressed him; afflicted him; became vehement, or severe, in him. (S, Z, Sgh, K.) 6 تبالغ الدِّبَاغُ فِى الجِلْدِ The tan attained its utmost effect in the skin. (AHn.) And تبالغ فِيهِ الهَّمُ, and المَرَضَ, Anxiety, or disquietude of mind, or grief, attained its utmost degree in him, and so disease, or the disease. (TA.) [This verb seems properly to signify It reached, or attained, by degrees.]

A2: تبالغ فِى كَلَامِهِ He affected eloquence (بَلَاغَة) in his speech, not being of those characterized thereby: [whence] one says, مَا هُوَ بِبَلِيغٍ

وَلٰكِنْ يَتَبَالِغُ [He is not eloquent, but he affects eloquence]. (TA.) بَلْغٌ: see what next follows, in three places: A2: and see بَالِغٌ, in two places: b2: and بَلِيغٌ, in two places.

اللّٰهُمَ سِمْعٌ لَا بِلْغٌ, and ↓ سَمْعٌ لَا بَلْغٌ, (Ks, Fr, S, K,) and ↓ سَمْعًا لَا بَلْغًا, (Ks, S, K,) and سِمْعًا لَا بِلْغًا, (K,) O God, may we hear of it (or may it be heard of, IB) but may it not be fulfilled; (Fr, S, K;) or, may it not reach us, or come to us: said on hearing of a displeasing, or hateful, or an evil, event: (L:) or on hearing tidings not pleasing to one: (Ks, S, K:) or on the coming of tidings not held to be true. (TA.) [See also art. سمع.]

A2: أَحْمَقُ بِلْغٌ, (S, K,) and ↓ بَلْغٌ, and ↓ بَلْغَةٌ, (K,) Stupid, or foolish, but, notwithstanding his stupidity, or foolishness, attaining his desire: (S, K:) or stupid, or foolish, in the utmost degree: (K, TA:) fem. حَمْقَآءُ بِلْغَةٌ. (TA.) b2: رَجُلٌ بِلْغٌ مِلْغٌ (S, * K) A man who is bad, evil, or wicked, (Fr, K,) in the utmost degree. (Fr, TA.) b3: See also بَلِيغٌ.

بِلَغٌ: see بَلِيغٌ.

بَلْغَةٌ: see بِلْغٌ.

بُلْغَةٌ A sufficiency of the means of subsistence, (T, S, Msb, K,) such that nothing remains over and above it: (T, Msb:) and simply a sufficiency; enough; (JK, Msb, TA;) as also ↓ بَلَاغٌ, (JK, S, Msb, K,) meaning a thing that suffices, or contents, and enables one to attain what he seeks; (TA;) and ↓ تَبَلُّغٌ. (JK, Msb, TA.) You say, فِى هٰذَا بُلْغَةٌ, and ↓ بَلَاغٌ, and ↓ تَبَلُّغٌ, In this is a sufficiency, or enough. (Msb, TA.) And it is said in the Kur [xxi. 106], لِقَوْمٍ ↓ إِنَّ فِى هٰذَا لَبَلَاغًا عَابِدِينَ Verily in this is a sufficiency [for a people serving God]: (Bd, TA:) or a means of attaining the object sought after, or desired. (Bd.) بِلَغْنٌ: see بَلَاغَةٌ.

A2: Also A calumniator, or slanderer: (Kr, TA:) or one who conveys people's discourse to others. (TA.) البُلَغِينَ, (S,) or البِلَغِينَ, (JK,) or both, (K,) Calamity, misfortune, or disaster: (S, K:) or distress, or affliction. (JK.) Hence the saying of 'Áïsheh to 'Alee, (S, K,) when she was taken prisoner [by him], (S,) بَلَغْتَ مِنَّا البُلَغِينَ, (S, K,) and البِلَغِينَ, (K,) i. e., الدَّاهِيَةَ; meaning بَلَغْتَ

↓ مِنَّا كُلَّ مَبْلَغٍ [Thou hast distressed us, or afflicted us, in the utmost degree]: (K:) it is said to mean that the war harassed her, and distressed her in the utmost degree. (TA.) It is like البُرَحِينَ [and البِرَحِينَ] and الأَطْوَرِينَ; all meaning calamities, misfortunes, or disasters: (A'Obeyd, TA:) and is as though they said خَطْبٌ بِلَغٌ [and بُلَغٌ], meaning بَلِيغٌ, and then formed the pl. thus because they considered calamities [as personified, i. e.,] as rational beings having purpose, or design. (IAth, TA.) It is invariably thus, terminating with ى and ن: or one may say in the nom. case البُلَغُونَ, and in the accus. and gen. البُلَغِينَ. (O, K. *) You say also, بَلَغَ بِهِ البِلَغِينَ [lit. He caused him to come, i. e. he brought him, to calamity, misfortune, or disaster, or to distress, or affliction]; meaning he went to the utmost point in reviling him, and annoying him, or molesting him. (IAar, TA.) بَلَاغٌ is a subst. from تَبْلِيغٌ and إِبْلَاغٌ, meaning The bringing, conveyance, delivery, or communication, (S, K, &c.,) of a message [&c.]. (Jel in iii. 19, &c.) [It often occurs in the Kur as meaning The communication, or announcement, of what is revealed.] b2: In a trad., in which it is said, كُلُّ رَافِعَةٍ رَفَعَتْ إِلَيْنَا مِنَ البَلَاغِ, [in the CK رُفِعَتْ علينا,] it means What is communicated, or announced, (مَا بَلَغَ,) of the Kur-án and of the [statutes, or ordinances, &c., termed] سُنَن: or the meaning is, مِنْ ذَوِى البَلَاغِ, i. e., التَّبْلِيغِ, [of those who have the office of communicating, or announcing,] the simple subst. being put in the place of the inf. n.: (K, TA:) but some relate it differently, saying ↓ مِنَ البُلَّاغِ [of the communicators, or announcers,] like حُدَّاث in the sense of مُحَدِّثُون: (TA:) and some say, ↓ مِنَ البِلَاغِ, meaning مِنَ المُبَالِغِينَ فِى التَّبْلِيغِ, i. e. of those who do their utmost in communicating, or announcing. (Hr, K.) [See this trad. cited and explained more fully in the first paragraph of art. رفع.] b3: هٰذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ, in the Kur [xiv. last verse], means This Kur-án contains a sufficient exposition, or demonstration, for men. (TA.) b4: See also بُلْغَةٌ, in three places.

بِلَاغٌ: see بَلَاغٌ.

بَلِيغٌ i. q. فَصِيحٌ [properly signifying Chaste in speech, but here meaning eloquent]; (S, * Msb, K;) sharp, or penetrating, or effective, in tongue; (Msb;) one who attains, by his speech, or diction, the utmost scope of his mind and desire; (K, * TA;) [possessing the faculty of بَلَاغَة; (see بَلُغَ;)] as also ↓ بَلْغٌ, and ↓ بِلْغٌ, and ↓ بِلَغٌ, and ↓ بَلضاغَى, like سَكَارَي, [in the CK like سُكَارَي,] and ↓ بُلَاغَي, like حُبَارَي: (K:) or ↓ بَلْغٌ signifies a man who does not commit mistakes often in his speech: (JK:) the pl. of بَلِيغٌ is بُلَغَآءُ. (TA.) Applied to a saying, [&c.,] it also signifies Effectual, or producing an effect. (Ksh and Bd and Jel in iv. 66.) b2: [Also Surpassing in any quality: and superlative.] It is also applied to a calamity or the like [as meaning Great, severe, distressing, or afflictive]. (IAth.) بَلَاغَةٌ i. q. فَصَاحَةٌ, [as meaning Eloquence; (see بَلُغَ, of which it is the inf. n.;)] (S, Msb, *) as also ↓ بِلَغْنٌ. (Seer, TA.) b2: And [the pl.] بَلَاغَاتٌ Slanders, or calumnies. (S, K.) بَلَاغَى and بُلَاغَى: see بَلِيغٌ.

بُلَّاغٌ: see بَلَاغٌ.

بَالِغٌ Reaching, attaining, arriving at, or coming to, a place [or time, or an affair or a state or an event that is meditated or intended or determined or appointed; reaching, &c., to the utmost point or degree: and sometimes, being at the point of reaching &c.: see 1, first sentence]. (TA.) Yousay also, ↓ جَيْشٌ بَلْغٌ, meaning بَالِغٌ [An army reaching, or arriving at, its appointed place]. (K, TA.) And ↓ أَمْرُ اللّٰهِ بَلْغٌ, i. e. بَالِغٌ, (S, K,) meaning [The decree of God] reacheth, or attaineth, its intended object: (K:) from the saying in the Kur [lxv. 3], إِنَّ اللّٰهَ بَالِغٌ أَمْرَهُ (S) Verily God attaineth his purpose. (Bd, Jel.) and بَالِغٌ فِى الحُمْقِ Reaching the utmost point, or degree, in stupidity, or foolishness. (TA.) and لَزِمَهُ ذٰلِكَ بَالِغًا مَا بَلَغَ: see 1: and see the sentence there next following it. (Msb.) أَيْمَانٌ بَالِغَةٌ, in the Kur lxviii. 39, means Firm covenants: (Jel:) or covenants confirmed by oaths in the utmost degree: (Bd:) or rendered obligatory for ever; sworn to, that they shall be constantly observed: or that have reached their utmost point: (Th, TA:) or يَمِينٌ بَالِغَةٌ means [an oath, or a covenant,] confirmed. (TA.) b2: Attaining, or having attained, to puberty, virility, ripeness, or maturity; applied to a boy: (T, IKoot, IKtt, Msb:) and in like manner, without ة, applied to a girl; (T, IAmb, Msb, K;) thus applied, with the mention of the noun qualified by it, by Esh-Sháfi'ee (T, Msb) and other chaste persons, of the Arabs; (T, TA;) or بَالِغَةٌ; (IKoot, Msb;) or the latter is also thus applied, with the mention of the noun which it qualifies, (T, Msb, K,) not being wrong because it is the original form; (T, TA;) and seems to be necessarily used when the noun which it qualifies is not mentioned, to prevent ambiguity. (Msb.) b3: A good, a goodly, or an excellent, thing. (S, K.) أَبْلَغُ [More, and most, effectual or efficacious: see بَلِيغٌ]. b2: ثَنَآءٌ أَبْلَغُ i. q. فِيهِ ↓ مُبَالَغٌ [Praise, or eulogy, or commendation, in which the usual, or ordinary, or the just, or proper, bounds are exceeded; such as is egregious, or immoderate, or extravagant; &c.: see 3]. (K.) تَبْلِغَةٌ A rope, or cord, with which the main well-rope (الرِّشَآء) is joined to [that which is called] the كَرَب: (K:) or a rope, or cord, that is joined to the رِشَآء so that it may reach the water: (Z, TA:) pl. تَبَالِغُ. (K.) b2: Also A thong that is wound upon the curved extremity of a bow, where the bow-string ends, three times, or four, in order that the bow-string may become firm, or fast. (AHn, TA.) تَبَلُّغٌ [an inf. n. (of 5, q. v.,) used as a subst.]: see بُلْغَةٌ, in two places.

مَبْلَغٌ [The place, and the time, which a person, or thing, reaches, attains, arrives at, or comes to: the utmost point to which, or towards which, one tends, or repairs, or betakes himself; to which one directs his course; or which one seeks, pursues, endeavours to reach, desires, intends, or purposes; whether it be a place, or a time, or any affair or state or event that is meditated or intended or determined or appointed: (see 1, first sentence:)] the utmost point, or scope, or degree, of knowledge [and of any attainment]: (Bd and Jel in liii. 31:) [the utmost degree of proficiency: a consummate degree of goodness and of any other quality: the age of puberty, virility, ripeness, or maturity: the sum, amount, or product, resulting from addition or multiplication: a sum of money: and particularly a considerable sum thereof: and] cash, or ready money, consisting of dirhems and of deenárs: in this sense, post-classical: pl. مَبَالِغُ. (TA.) You say, بَلَغَ فُلَانٌ مَبْلَغَهُ and مَبْلَغَتَهُ: and بَلَغَ فِى العِلْمِ المَبَالِغَ: and بَلَغَ فِى الــجَوْدَةِ مَبْلَغًا, and مِنَ الــجَوْدَةِ: for explanations of all which, see 1. And بَلَغْتَ مِنَّا كُلَّ مَبْلَغٍ: see البُلَغِينَ.

بَلَغَ فُلَانٌ مَبْلَغَتَهُ: see 1.

مُبَلِّغٌ One whose office it is, with other persons each of whom is thus called, to chant certain words, as the إِقَامَة &c., in a mosque. (See my “ Modern Egyptians, “ch. iii.)]

هُوَ مَبْلُوغٌ بِهِ [He is caused to reach, attain, arrive at, or come to, his appointed end, or term of life, (أَجَلَهُ, or the like, being understood,)] is said of the object of the phrase بَلَغَ اللّٰهُ بِهِ [which see, and the phrase next following it]. (TA.) ثَنَآءٌ مُبَالَغٌ فِيهِ: see أَبْلَغُ.
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.