(الكرد) شعب يسكن هضبة فسيحة فِي آسيا الْوُسْطَى وبلادهم موزعة بَين تركيا وإيران وَالْعراق وَغَيرهَا
(الكرد) شعب يسكن هضبة فسيحة فِي آسيا الْوُسْطَى وبلادهم موزعة بَين تركيا وإيران وَالْعراق وَغَيرهَا
زمم: زَمَّ الشيءَ يَزُمُّه زَمّاً فانْزَمَّ: شده. والزِّمامُ: ما
زُمَّ به، والجمع أَزِمَّةٌ. والزِّمامُ: الحبل الذي يجعل في البُرَةِ
والخشبة، وقد زمَّ البعير بالزِّمام. الليث: الزَّمُّ فعل من الزِّمام، تقول:
زَمَمْتُ الناقة أَزُمُّها زَمّاً. ابن السكيت: الزَّمُّ مصدر زَمَمْتُ
البعير إذا علَّقْت عليه الزِّمام. الجوهري: الزِّمام الخيط الذي يشد في
البُرَةِ أَو في الخِشاشِ ثم يشد في طرفه المِقْوَد، وقد يسمى المِقوَد
زِماماً. وزِمام النعل: ما يشد به الشِّسْع. تقول: زَمَمْتُ النعل.
وزَمَمْتُ البعير: خَطَمْته. وفي الحديث: لا زِمام ولا خِزام في الإسلام؛ أَراد
ما كان عُبَّادُ بني إسرائيل يفعلونه من زمِّ الأُنوف، وهو أَن يُخْرَق
الأَنفُ ويجعل فيه زِمام كزِمام الناقة ليُقاد به؛ وقول الشاعر:
يا عَجَباً وقد رأَيتُ عَجَبا:
حِمارَ قَبَّانٍ يَسُوق أَرْنبا
خاطِمَها زَأَمَّها أَن تَذْهبا،
فقلت: أَرْدِفْني، فقال: مَرْحَبا
أَراد زامَّها فحرك الهمزة ضرورة لاجتماع الساكنين، كما جاء في الشعر
اسْوأَدَّتْ. وزُمِّمَ الجِمال، شدد للكثرة؛ وقول أُمّ خَلَفٍ
الخَثْعَمِيّة:
فليتَ سِماكِيّاً يَحارُ رَبابُه،
يُقادُ إلى أَهل الغَضَى بزِمامِ
إنما أَرادت مِلْكَ الرِّيحِ السحابَ وصرفها إياه. ابن جحوش: حتى كأنَّ
الريح تملك هذا السحاب فتصرفه بزمامٍ منها، ولو أَسقطتْ قولها بزِمام
لنقص دعاؤها لأَنها إذا لم تكُفَّه
(* كذا بياض بالأصل) . . . أَمكنه أَن
ينصرف إلى غير تِلْقاء أَهل الغَضى فتذهب شرقاً وغرباً وغيرهما من الجهات،
وليس هنالك زِمامٌ البَتَّةَ إلاّ ضربَ الزِّمام مَثَلاً لمِلْكِ الريح
إياه، فهو مستعار إذ الزِّمام المعروف مجسَّمٌ والريح غير مجسَّم.
وزَمَّ البعير بأَنفه زَمّاً إذا رفع رأْسه من أَلَمٍ يجده. وزَمَّ
برأْسه زَمّاً: رفعه. والذئب يأْخذ السَّخْلةَ فيحملها ويذهب بها زامّاً أَي
رافعاً بها رأْسه. وفي الصحاح: فذهب بها زامًّا رأْسه أَي رافعاً.
يقال:زَمَّها الذئب وازْدَمَّها بمعنى. ويقال: قد ازْدَمَّ سخلة فذهب بها.
ويقال: ازْدَمَّ الشيءَ إليه إذا مدَّه إليه. أَبوعبيد: الزَّمُّ فعل من
التقدم، وقد زَمَّ يَزِمُّ إذا تقدم، وقيل:إذا تقدم في السير؛ وأَنشد:
أَن اخْضَرَّ أَو أَنْ زَمَّ بالأَنف بازِلُهْ
(* قوله «أن اخضر» صدره كما في الأساس:
خدب الشوئ لم يعد في ال مخلف).
وزَمَّ الرجلُ بأَنفه إذا شَمَخ وتكبر فهو زامّ. وزَمَّ وزامَّ
وازْدَمَّ كله إذا تكبر. وقوم زُمَّمٌ أَي شُمَّخٌ بأُنوفهم من الكبر؛ قال
العجاج:إذ بَذَخَتْ أَرْكانُ عِزٍّ فَدْغَمِ،
ذي شُرُفاتٍ دَوْسَرِيٍّ مِرْجَمِ،
شَدَّاخَةٍ تَقْدَحُ هام الزُّمَّمِ
وفي شعر: يَقْرَعُ، بالباء. وفي الحديث: أَنه تلا القرآن على عبد الله
بن أُبَيٍّ وهو زامٌّ
لا يتكلم أَي رافع رأْسه لا يُقْبِلُ عليه. والزَّمُّ: الكبر؛ وقال
الحربي في تفسيره: رجل زامٌّ
أَي فَزِعٌ. وزَمَّ بأَنفه يَزِمُّ زَمّاً: تقدم. وزَمَّت القربةُ
زُموماً: امتلأَت.
وقالوا: لا والذي وجهي زَمَمَ بيتِهِ ما كان كذا وكذا أي قُبالتَه
وتُجاهَه؛ قال ابن سيده: أَراه لا يستعمل إلا ظرفاً. وأَمْرُ بني فلان زَمَمٌ
أَي هيَّن لم يجاوز القَدْرَ؛ عن اللحياني، وقيل أَي قَصْدٌ كما يقال
أَمَمٌ. وأَمر زَمَمٌ
وأَمَمٌ وصَدَرٌ أَي مقارب. وداري من داره زَمَمٌ أَي قريب.
والزُّمَّامُ، مشدّد: العُشَبُ المرتفع عن اللُّعاع.
وإزْمِيم: ليلة من ليالي المِحاقِ. وإزْمِيمٌ: من أَسماء الهلال؛ حكي عن
ثعلب. التهذيب: والإزْمِيمُ الهلال إذا دَقَّ في آخر الشهر واسْتَقْوس؛
قال: وقال ذو الرُّمَّةِ أَو غيره:
قد أَقْطَعُ الخَرْقَ بالخَرْقاء لاهيةً،
كأنما آلُها في الآلِ إزْمِيمُ
شبَّه شخصها فيما شَخَصَ من الآل بالهلال في آخر الشهر لضُمْرِها.
وإزْميم: موضع.
والزَّمْزَمَةُ: تَراطُنُ العُلوج عند الأَكل وهم صُمُوت، لا يستعملون
اللسان ولا الشَّفة في كلامهم، لكنه صوت تديره في خيَاشيمها وحلوقها
فيَفْهم بعضُها عن بعض. والزَّمْزَمَة من الصدر إذا لم يُفْصِح. وزَمْزَمَ
العِلْجُ إذا تكلف الكلام عند الأَكل وهو مطبق فمه؛ قال الجوهري:
الزَّمْزَمَةُ كلام المجوس عند أكلهم. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: كتب إلى أَحد
عُمّالِهِ في أمر المجوس: وانْهَهُم عن الزمْزَمَة؛ قال: هو كلام يقولونه
عند أَكلهم بصوت خفيّ. وفي حديث قَباث بن أَشْيَمَ: والذي بعثك بالحق ما
تحرك به لساني ولا تَزَمْزَمَتْ به شَفَتايَ؛ الزَّمْزَمَةُ: صوت خفي لا
يكاد يُفهم. ومن أَمثالهم: حول الصِّلِّيان الزَّمْزَمَةُ؛ والصِّلِّيانُ
من أَفضل المَرْعى، يضرب مثلاً للرجل يَحُوم حول الشيء ولا يُظهر
مَرامَه، وأَصل الزَّمْزَمة صوت المَجوسيّ وقد حَجا، يقال: زَمْزَمَ وزَهْزَمَ،
والمعنى في المثل أَن ما تسمع من الأَصوات والجَلَب لطلب ما يؤكل ويتمتع
به. وزَمْزَمَ إذا حفظ الشيء، والرَّعْدُ يُزَمْزِمُ ثم يُهَدْهِدُ؛ قال
الراجز:
يَهِدُّ بين السَّحْرِ والغَلاصِمِ
هَدّاً كهَدِّ الرَّعْدِ ذي الزِّمازِمِ
والزَّمْزَمَةُ: صوت الرعد. ابن سيده: وزَمْزَمَةُ الرعد تتابُعُ صوته،
وقيل: هو أَحسنه صوتاً وأَثْبَتُهُ مطراً. قال أَبو حنيفة: الزَّمْزَمَةُ
من الرعد ما لم يَعْلُ ويُفْصِح، وسحاب زمزام. والزَّمْزَمَةُ: الصوت
البعيد تسمع له دَوِيّاً. والعصفور يَزِمُّ بصوت له ضعيف، والعظام من
الزنابير يفعلْنَ ذلك. أَبو عبيد: وفرس مُزَمْزِمٌ في صوته إذا كان يُطَرِّبُ
فيه. وزَمازِمُ النار: أَصوات لهبها؛ قال أَبو صَخْرٍ الهذلي:
زَمازِمُ فَوَّار مِن النار شاصِب
والعرب تحكي عَزيف الجن بالليل في الفَلَواتِ بزيزِيم؛ قال رؤبة:
تسمع للجن به زيزيما
وزَمْزَمَ الأَسد: صوَّت. وتَزَمْزَمَتِ الإبل: هَدَرَتْ.
والزِّمْزِمة، بالكسر: الجماعة من الناس، وقيل: هي الخمسون ونحوها من
الناس والإبل، وقيل: هي الجماعة ما كانت كالصِّمْصِمَة، وليس أحد الحرفين
بدلاً من صاحبه، لأَن الأَصمعي قد أَثبتهما جميعاً ولم يجعل لأَحدهما
مَزِيَّةً على صاحبه، والجمع زِمْزِمٌ؛ قال:
إذا تَدانى زِمْزِمٌ لزِمْزِمِ،
من كل جيش عَتِدٍ عَرَمْرَمِ
وحارَ مَوَّارُ العَجاج الأَقْتَمِ،
نضرب رأْس الأَبْلَجِ الغَشَمْشَمِ
وفي الصحاح:
إذا تَدانى زِمزِمٌ من زِمْزِمِ
قال ابن بري: هو لأَبي محمد الفَقْعَسي؛ وفيه:
من وَبِراتٍ هَبِراتِ الأَلْحُمِ
وقال سيف بن ذي يَزَنَ:
قد صَبَّحَتْهُمْ من فارِسٍ عُصَبٌ،
هِرْبِذُها مُعْلَمٌ وزِمْزِمُها
والزِّمزِمةُ: القطعة من السباع أَو الجن. والزِّمْزِمُ والزِّمْزيمُ:
الجماعة. والزِّمْزيمُ: الجماعة من الإبل إذا لم يكن فيها صِغار؛ قال
نُصَيْبٌ:
يَعُلُّ بَنِيها المَحْض من بَكَرَاتها،
ولم يُحْتَلَبْ زِمْزيمها المُتَجَرْثِمُ
ويقال: مائة من الإبل زُمْزُومٌ مثل الجُرْجُور؛ وقال الشاعر:
زُمْزُومُها جِلَّتها الكِبارُ
وماء زَمْزَمٌ وزُمازِمٌ: كثير. وزَمْزَمُ، بالفتح: بئر بمكة. ابن
الأَعرابي: هي زَمْزَمُ وزَمَّمُ وزُمَزِمٌ، وهي الشُّباعةُ وهَزْمَةُ
المَلَكِ ورَكْضَة جبريل لبئر زَمْزَمَ التي عند الكعبة؛ قال ابن بري: لزَمْزَم
اثنا عشر
(* قوله «لزمزم اثنا عشر إلخ» هكذا بالأصل وبهامشه تجاهه ما نصه:
كذا رأيت اهـ. وذلك لأن المعدود أحد عشر) اسماً: زَمْزَمُ، مَكْتُومَةُ،
مَضْنُونَةُ، شُباعَةُ، سُقْيا، الرَّواءُ، رَكْضَةُ جبريل، هَزْمَةُ
جبريل، شِفاء سُقْمٍ، طَعامُ طُعْمٍ، حَفيرة عبد المطلب. ويقال: ماء
زَمْزَمٌ وزَمْزامٌ وزُوازِمٌ وزُوَزِمٌ إِذا كان بين المِلْحِ والعَذْبِ،
وزَمْزَمٌ وزُوَزِمٌ؛ عن ابن خالوَيْهِ، وزَمْزامٌ؛ عن القزّاز، وزاد:
وزُمازِمٌ، قال: وقال ابن خالويه الزَّمْزامُ العيكث
(* قوله «العيكث» كذا هو
بالأصل) الرعَّادُ؛ وأَنشد:
سَقى أَثْلةً بالفِرْقِ فِرْقِ حَبَوْنَنٍ،
من الصيف، زَمْزامُ العَشِيِّ صَدُوقُ
وزَمْزَمٌ وعَيْطَلٌ: اسمان لناقة، وقد تقدم في اللام؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:
باتَتْ تباري شَعْشَعاتٍ ذُبَّلا،
فهي تُسَمَّى زَمْزماً وعَيْطلا
وزُمٌّ، بالضم: موضع؛ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ:
كأَنَّ جيادَهُنَّ، برَعْنِ زُمٍّ،
جَرادٌ قد أَطاعَ له الوَراقُ
وقال الأَعشى:
ونَظْرَةَ عينٍ على غِرَّةٍ
محلَّ الخَليطِ بصَحْراء زُمّ
يقول: ما كان هواها إِلا عقوبة؛ قال ابن بري: من قال ونظرةَ بالنصب
فلأَنه معطوف على منصوب في بيت قبله وهو:
وما كان ذلك إِلاَّ الصَّبا،
وإِلاَّ عِقاب امْرِئٍ قد أَثِمْ
قال: ومن خفض النظرة، وهي رواية الأَصمعي، فعلى معنى رُبَّ نظرةٍ.
ويقال: زُمٌّ بئر بحفائر سعد بن مالك. وأَنشد بيت أَوس بن حَجَرٍ. التهذيب في
النوادر: كَمْهَلْتُ المال كَمْهَلَةً، وحَبْكَرْتُهُ حَبْكَرةً،
ودَبْكَلْتُه دَبْكلةً، وحَبْحَبْتُه حَبْحَبَةً، وزَمْزَمْتُه زَمْزَمَةً،
وصَرْصَرْته وكَرْكَرْتُه إِذا جمعه ورددت أَطراف ما انتشر منه، وكذلك
كَبْكَبْته.
نصر: النَّصر: إِعانة المظلوم؛ نصَره على عدوّه ينصُره ونصَره ينصُره
نصْراً، ورجل ناصِر من قوم نُصَّار ونَصْر مثل صاحب وصحْب وأَنصار؛ قال:
واللهُ سَمَّى نَصْرَك الأَنْصَارَا،
آثَرَكَ اللهُ به إِيْثارا
وفي الحديث: انصُر أَخاك ظالِماً أَو مظلوماً، وتفسيره أَن يمنَعه من
الظلم إِن وجده ظالِماً، وإِن كان مظلوماً أَعانه على ظالمه، والاسم
النُّصْرة؛ ابن سيده: وقول خِدَاش بن زُهَير:
فإِن كنت تشكو من خليل مَخانَةً،
فتلك الحَوارِي عَقُّها ونُصُورُها
يجوز أَن يكون نُصُور جمع ناصِر كشاهد وشُهود، وأن يكون مصدراً كالخُروج
والدُّخول؛ وقول أُمية الهذلي:
أُولئك آبائي، وهُمْ لِيَ ناصرٌ،
وهُمْ لك إِن صانعتَ ذا مَعْقِلُ
(*« أولئك آبائي إلخ» هكذا في الأصل والشطر الثاني منه ناقص.)
أَراد جمع ناصِر كقوله عز وجل: نَحْنُ جميع مُنْتَصِر. والنَّصِير:
النَّاصِر؛ قال الله تعالى: نِعم المولى ونِعم النَّصير، والجمع أَنْصَار مثل
شَرِيف وأَشرافٍ. والأَنصار: أَنصار النبي، صلى الله عليه وسلم، غَلبت
عليهم الصِّفة فجرى مَجْرَى الأَسماء وصار كأَنه اسم الحيّ ولذلك أُضيف
إِليه بلفظ الجمع فقيل أَنصاري. وقالوا: رجل نَصْر وقوم نَصْر فَوصَفوا
بالمصدر كرجل عَدْلٍ وقوم عَدْل؛ عن ابن الأَعرابي.
والنُّصْرة: حُسْن المَعُونة. قال الله عز وجل: من كان يَظُنّ أَن لَنْ
ينصُره الله في الدنيا والآخرة؛ المعنى من ظن من الكفار أَن الله لا
يُظْهِر محمداً، صلى الله عليه وسلم، على مَنْ خالفَه فليَخْتَنِق غَيظاً حتى
يموت كَمَداً، فإِن الله عز وجل يُظهره، ولا يَنفعه غيظه وموته حَنَقاً،
فالهاء في قوله أَن لن يَنْصُرَه للنبيّ محمد، صلى الله عليه وسلم.
وانْتَصَر الرجل إِذا امتَنَع من ظالِمِه. قال الأَزهري: يكون
الانْتصَارَ من الظالم الانْتِصاف والانْتِقام، وانْتَصَر منه: انْتَقَم. قال الله
تعالى مُخْبِراً عن نُوح، على نبينا وعليه الصلاة والسلام، ودعائِه
إِياه بأَن يَنْصُره على قومه: فانْتَصِرْ ففتحنا، كأَنه قال لِرَبِّه: انتقم
منهم كما قال: رَبِّ لا تَذَرْ على الأَرض من الكافرين دَيَّاراً.
والانتصار: الانتقام. وفي التنزيل العزيز: ولَمَنِ انْتَصَر بعد ظُلْمِه؛
وقوله عز وجل: والذين إِذا أَصابهم البغي هم يَنْتَصِرُون؛ قال ابن سيده: إِن
قال قائل أَهُمْ مَحْمُودون على انتصارهم أَم لاف قيل: من لم يُسرِف ولم
يُجاوِز ما أمر الله به فهو مَحْمُود.
والاسْتِنْصار: اسْتِمْداد النَّصْر. واسْتَنْصَره على عَدُوّه أَي
سأَله أَن ينصُره عليه. والتَّنَصُّرُ: مُعالَجَة النَّصْر وليس من باب
تَحَلَّم وتَنَوَّر. والتَّناصُر: التَّعاون على النَّصْر. وتَناصَرُوا: نَصَر
بعضُهم بعضاً. وفي الحديث: كلُّ المُسْلِمِ عَنْ مُسْلِمٍ مُحَرَّم
أَخَوانِ نَصِيرانَ أَي هما أَخَوانِ يَتَناصَران ويَتعاضَدان. والنَّصِير
فعيل بمعنى فاعِل أَو مفعول لأَن كل واحد من المتَناصِرَيْن ناصِر
ومَنْصُور. وقد نصره ينصُره نصْراً إِذا أَعانه على عدُوّه وشَدَّ منه؛ ومنه حديث
الضَّيْفِ المَحْرُوم: فإِنَّ نَصْره حق على كل مُسلم حتى يأْخُذ
بِقِرَى ليلته، قيل: يُشْبه أَن يكون هذا في المُضْطَرّ الذي لا يجد ما يأْكل
ويخاف على نفسه التلف، فله أَن يأْكل من مال أَخيه المسلم بقدر حاجته
الضرورية وعليه الضَّمان. وتَناصَرَتِ الأَخبار: صدَّق بعضُها بعضاً.
والنَّواصِرُ: مَجاري الماء إِلى الأَودية،واحدها ناصِر، والنَّاصِر:
أَعظم من التَّلْعَةِ يكون مِيلاً ونحوَه ثم تمج النَّواصِر في التِّلاع.
أَبو خيرة: النَّواصِر من الشِّعاب ما جاء من مكان بعيد إِلى الوادي
فَنَصَرَ سَيْلَ الوادي، الواحد ناصِر. والنَّواصِر: مَسايِل المِياه، واحدتها
ناصِرة، سميت ناصِرة لأَنها تجيء من مكان بعيد حتى تقع في مُجْتَمع
الماء حيث انتهت، لأَن كل مَسِيل يَضِيع ماؤه فلا يقع في مُجتَمع الماء فهو
ظالم لمائه. وقال أَبو حنيفة: الناصِر والناصِرة ما جاء من مكان بعيد إِلى
الوادي فنَصَر السُّيول. ونصَر البلاد ينصُرها: أَتاها؛ عن ابن
الأَعرابي. ونَصَرْتُ أَرض بني فلان أَي أَتيتها؛ قال الراعي يخاطب
خيلاً:إِذا دخل الشهرُ الحرامُ فَوَدِّعِي
بِلادَ تميم، وانْصُرِي أَرضَ عامِرِ
ونَصر الغيثُ الأَرض نَصْراً: غاثَها وسقاها وأَنبتها؛ قال:
من كان أَخطاه الربيعُ، فإِنما
نصر الحِجاز بِغَيْثِ عبدِ الواحِدِ
ونَصَر الغيثُ البلَد إِذا أَعانه على الخِصْب والنبات. ابن الأَعرابي:
النُّصْرة المَطْرَة التَّامّة؛ وأَرض مَنْصُورة ومَضْبُوطَة. وقال أَبو
عبيد: نُصِرَت البلاد إِذا مُطِرَت، فهي مَنْصُورة أَي مَمْطُورة. ونُصِر
القوم إِذا غِيثُوا. وفي الحديث: إِنَّ هذه السَّحابةَ تَنصُر أَرضَ بني
كَعْب أَي تُمطرهم. والنَّصْر: العَطاء؛ قال رؤبة:
إِني وأَسْطارٍ سُطِرْنَ سَطْرا
لَقائِلٌ: يا نَصْرُ نَصْراً نَصْراً
ونَصَره ينصُره نَصْراً: أَعطاه. والنَّصائِرُ: العطايا.
والمُسْتَنْصِر: السَّائل. ووقف أَعرابيّ على قوم فقال: انْصُرُوني نَصَركم الله أَي
أَعطُوني أَعطاكم الله.
ونَصَرى ونَصْرَى وناصِرَة ونَصُورِيَّة
(* قوله« ونصورية» هكذا في
الأصل ومتن القاموس بتشديد الياء، وقال شارحه بتخفيف الياء): قرية بالشام،
والنَّصارَى مَنْسُوبُون إِليها؛ قال ابن سيده: هذا قول أَهل اللغة، قال:
وهو ضعيف إِلا أَن نادِر النسب يَسَعُه، قال: وأَما سيبويه فقال أَما
نَصارَى فذهب الخليل إِلى أَنه جمع نَصْرِيٍّ ونَصْران، كما قالوا ندْمان
ونَدامى، ولكنهم حذفوا إِحدى الياءَين كما حذفوا من أُثْفِيَّة وأَبدلوا
مكانها أَلفاً كما قالوا صَحارَى، قال: وأَما الذي نُوَجِّهه نحن عليه جاء
على نَصْران لأَنه قد تكلم به فكأَنك جمعت نَصْراً كما جمعت مَسْمَعاً
والأَشْعَث وقلت نَصارَى كما قلت نَدامى، فهذا أَقيس، والأَول مذهب، وإِنما
كان أَقْيَسَ لأَنا لم نسمعهم قالوا نَصْرِيّ. قال أَبو إِسحق: واحِد
النصارَى في أَحد القولين نَصْرَان كما ترى مثل نَدْمان ونَدامى، والأُنثى
نَصْرانَة مثل نَدْمانَة؛ وأَنشد لأَبي الأَخزر الحماني يصف ناقتين
طأْطأَتا رؤوسهما من الإِعياء فشبه رأْس الناقة من تطأْطئها برأْس النصوانية
إِذا طأْطأَته في صلاتها:
فَكِلْتاهُما خَرَّتْ وأَسْجَدَ رأْسُها،
كما أَسْجَدَتْ نَصْرانَة لم تحَنَّفِ
فَنَصْرانَة تأْنيث نَصْران، ولكن لم يُستعمل نَصْران إِلا بياءي النسب
لأَنهم قالوا رجل نَصْراني وامرأَة نَصْرانيَّة، قال ابن بري: قوله إِن
النصارى جمع نَصْران ونَصْرانَة إِنما يريد بذلك الأَصل دون الاستعمال،
وإِنما المستعمل في الكلام نَصْرانيٌّ ونَصْرانِيّة، بياءي النسب، وإِنما
جاء نَصْرانَة في البيت على جهة الضرورة؛ غيره: ويجوز أَن يكون واحد
النصارى نَصْرِيّاً مثل بعير مَهْرِيّ وإِبِل مَهارَى، وأَسْجَد: لغة في
سَجَد. وقال الليث: زعموا أَنهم نُسِبُوا إِلى قرية بالشام اسمها نَصْرُونة.
التهذيب: وقد جاء أَنْصار في جمع النَّصْران؛ قال:
لما رأَيتُ نَبَطاً أَنْصارا
بمعنى النَّصارى. الجوهري: ونَصْرانُ قرية بالشأْم ينسب إِليها
النَّصارى، ويقال: ناصِرَةُ.
والتَّنَصُّرُ: الدخول في النَّصْرانية، وفي المحكَم: الدخول في دين
النصْري
(* قوله« في دين النصري» هكذا بالأصل) . ونَصَّرَه: جعله
نَصْرانِيّاً. وفي الحديث: كلُّ مولود يولد على الفِطْرة حتى يكونَ أَبواه اللذان
يَهَوِّدانِه ويُنَصِّرانِه؛ اللَّذان رفع بالابتداء لأَنه أُضمر في يكون؛
كذلك رواه سيبويه؛ وأَنشد:
إِذا ما المرء كان أَبُوه عَبْسٌ،
فَحَسْبُك ما تُرِيدُ إِلى الكلامِ
أَي كان هو. والأَنْصَرُ: الأَقْلَفُ، وهو من ذلك لأَن النصارى قُلْف.
وفي الحديث: لا يَؤمَّنَّكُم أَنْصَرُ أَي أَقْلَفُ؛ كذا فُسِّر في
الحديث.ونَصَّرُ: صَنَم، وقد نَفَى سيبويه هذا البناء في الأَسماء.
وبُخْتُنَصَّر: معروف، وهو الذي كان خَرَّب بيت المقدس، عَمَّره الله تعالى. قال
الأَصمعي: إِنما هو بُوخَتُنَصَّر فأُعرب، وبُوخَتُ ابنُ، ونَصَّرُ صَنَم،
وكان وُجد عند الصَّنَم ولم يُعرف له أَب فقيل: هو ابن الصنم. ونَصْر
ونُصَيْرٌ وناصِر ومَنْصُور: أَسماء. وبنو ناصِر وبنو نَصْر: بَطْنان.
ونَصْر: أَبو قبيلة من بني أَسد وهو نصر ابن قُعَيْنٍ؛ قال أَوس بن حَجَر يخاطب
رجلاً من بني لُبَيْنى بن سعد الأَسَدِي وكان قد هجاه:
عَدَدْتَ رِجالاً من قُعَيْنٍ تَفَجُّساً،
فما ابنُ لُبَيْنى والتَّفَجُّسُ والفَخْرُف
شَأَتْكَ قُعَيْنٌ غَثُّها وسَمِينُها،
وأَنت السَّهُ السُّفْلى، إِذا دُعِيَتْ نَصْرُ
التَّفَجُّس: التعظُّم والتكبر. وشأَتك: سَبَقَتْك. والسَّه: لغة في
الاسْتِ.
جلد: الجِلْدُ والجَلَد: المَسْك من جميع الحيوان مثل شِبْه وشَبَه؛
الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، حكاها ابن السكيت عنه؛ قال: وليست بالمشهورة،
والجمع أَجلاد وجُلود والجِلْدَة أَخص من الجلد؛ وأَما قول عبد مناف بن ربع
الهذلي:
إِذا تَجاوَبَ نَوْحٌ قامتا معه،
ضرباً أَليماً بِسِبْتٍ يَلْعَجُ الجِلِدا
فإِنما كسر اللام ضرورة لأَن للشاعر أَن يحرك الساكن في القافية بحركة
ما قبله؛ كما قال:
علَّمنا إِخوانُنا بنو عَجِلْ
شُربَ النبيذ، واعتقالاً بالرِّجِلْ.
وكان ابن الأَعرابي يرويه بالفتح ويقول: الجِلْد والجَلَد مِثْلُ مِثْلٍ
ومَثَلٍ وشِبْه وشَبَه؛ قال ابن السكيت: وهذا لا يُعرف، وقوله تعالى
ذاكراً لأَهل النار: حين تشهد عليهم جوارحهم وقالوا لجلُودهم؛ قيل: معناه
لفروجهم كنى عنها بالجُلود؛ قال ابن سيده: وعندي أَن الجلود هنا مُسوكهم
التي تباشر المعاصي؛ وقال الفرّاءُ: الجِلْدُ ههنا الذكر كنى الله عز وجل
عنه بالجلد كما قال عز وجل: أَو جاءَ أَحد منكم من الغائط؛ والغائط:
الصحراء، والمراد من ذلك: أَو قضى أَحد منكم حاجته.
والجِلْدة: الطائفة من الجِلْد. وأَجلاد الإِنسان وتَجالِيده: جماعة
شخصه؛ وقيل: جسمه وبدنه وذلك لأَن الجلد محيط بهما؛ قال الأَسود بن
يعفر:أَما تَرَيْني قد فَنِيتُ، وغاضني
ما نِيلَ من بَصَري، ومن أَجْلادي؟
غاضني: نقصني. ويقال: فلان عظيم الأَجْلاد والتجاليد إِذا كان ضخماً قوي
الأَعضاءِ والجسم، وجمع الأَجلاد أَجالد وهي الأَجسام والأَشخاص. ويقال:
فلان عظيم الأَجلاد وضئيل الأَجلاد، وما أَشبه أَجلادَه بأَجلادِ أَبيه
أَي شخصه وجسمه؛ وفي حديث القسامة أَنه استحلف خمسة نفر فدخل رجل من
غيرهم فقال: ردُّوا الإِيمان على أَجالِدِهم أَي عليهم أَنفسهم، وكذلك
التجاليد؛ وقال الشاعر:
يَنْبي، تَجالِيدي وأَقتادَها،
ناوٍ كرأْسِ الفَدَنِ المُؤيَدِ
وفي حديث ابن سيرين: كان أَبو مسعود تُشْبه تجاليدُه تجاليدَ عمر أَي
جسمُه جسمَه. وفي الحديث: قوم من جِلْدتنا أَي من أَنفسنا وعشريتنا؛ وقول
الأَعشى:
وبَيْداءَ تَحْسَبُ آرامَها
رجالَ إِيادٍ بأَجلادِها
قال الأَزهري: هكذا رواه الأَصمعي، قال: ويقال ما أَشبه أَجلادَه
بأَجلاد أَبيه أَي شخصه بشخوصهم أَي بأَنفسهم، ومن رواه بأَجيادها أَراد
الجودياء بالفارسية الكساءَ.
وعظم مُجَلَّد: لم يبق عليه إِلا الجلد؛ قال:
أَقول لِحَرْفٍ أَذْهَبَ السَّيْرُ نَحْضَها،
فلم يُبْق منها غير عظم مُجَلَّد:
خِدي بي ابتلاكِ اللَّهُ بالشَّوْقِ والهَوَى،
وشاقَكِ تَحْنانُ الحَمام المُغَرِّدِ
وجَلَّدَ الجزور: نزع عنها جلدها كما تسلخ الشاة، وخص بعضهم به البعير.
التهذيب: التجليد للإِبل بمنزلة السلخ للشاءِ. وتجليد الجزور مثل سلخ
الشاة؛ يقال جَلَّدَ جزوره، وقلما يقال: سلخ. ابن الأَعرابي: أَحزرت
(* قوله
«أحزرت» كذا بالأصل بحاء فراء مهملتين بينهما معجمة، وفي شرح القاموس
أجرزت بمعجمتين بينهما مهملة.) الضأْن وحَلَقْتُ المعزى وجلَّدت الجمل، لا
تقول العرب غير ذلك.
والجَلَدُ: أَن يُسلَخَ جلد البعير أَو غيره من الدواب فيُلْبَسَه غيره
من الدواب؛ قال العجاج يصف أَسداً:
كأَنه في جَلَدٍ مُرَفَّل
والجَلَد: جِلْد البوّ يحشى ثُماماً ويخيل به للناقة فتحسبه ولدها إِذا
شمته فترأَم بذلك على ولد غيرها.
غيره: الجَلَد أَن يسلخ جِلْد الحوار ثم يحشى ثماماً أَو غيره من الشجر
وتعطف عليه أُمه فترأَمه. الجوهري: الجَلَد جِلْد حوار يسلخ فيلبس حواراً
آخر لتشمه أُم المسلوخ فترأَمه؛ قال العجاج:
وقد أَراني للغَواني مِصْيَدا
مُلاوَةً، كأَنَّ فوقي جَلَدا
أَي يرأَمنني ويعطفن عليَّ كما ترأَم الناقة الجَلَدَ.
وجلَّد البوَّ: أَلبسه الجِلْد. التهذيب: الجِلْد غشاءُ جسد الحيوان،
ويقال: جِلْدة العين.
والمِجْلدة: قطعة من جِلْد تمسكها النائحة بيدها وتلْطِم بها وجهها
وخدها، والجمع مجاليد؛ عن كراع؛ قال ابن سيده: وعندي أَن المجاليد جمع مِجلاد
لأَن مِفْعلاً ومِفْعالاً يعتقبان على هذا النحو كثيراً. التهذيب: ويقال
لميلاء النائحة مِجْلَد، وجمعه مجالد؛ قال أَبو عبيد: وهي خرق تمسكها
النوائح إِذا نحنَ بأَيديهنّ؛ وقال عدي بن زيد:
إِذا ما تكرّهْتَ الخليقةَ لامْرئٍ،
فلا تَغْشَها، واجْلِدْ سِواها بِمِجْلَد
أَي خذ طريقاً غير طريقها ومذهباً آخر عنها، واضرب في الأَرض لسواها.
والجَلْد: مصدر جَلَده بالسوط يَجْلِدُه جَلْداً ضربه. وامرأَة جَلِيد
وجليدة؛ كلتاهما عن اللحياني، أَي مجلودة من نسوة جَلْدى وجلائد؛ قال ابن
سيده: وعندي أَن جَلْدى جمع جَليد، وجلائد جمع جليدة. وجَلَدَه الحدّ
جلداً أَي ضربه وأَصاب جِلْده كقولك رأَسَه وبَطَنَه. وفرس مُجَلَّد: لا
يجزع من ضرب السوط. وجَلَدْتُ به الأَرضَ أَي صرعته. وجَلَد به الأَرض:
ضربها. وفي الحديث: أَن رجلاً طَلَبَ إِلى النبي، صلى الله عليه وسلم، أَن
يُصَلِّي معه بالليل فأَطال النبي، صلى الله عليه وسلم، في الصلاة فجُلِدَ
بالرجل نوماً أَي سقط من شدة النوم. يقال: جُلِدَ به أَي رُميَ إِلى
الأَرض؛ ومنه حديث الزبير: كنت أَتشدّد فيُجلَدُ بي أَي يغلبني النوم حتى
أَقع. ويقال: جَلَدْته بالسيف والسوط جَلْداً إِذا ضربت جِلْدَه.
والمُجالَدَة: المبالطة، وتجالد القوم بالسيوف واجْتَلدوا. وفي الحديث:
فنظر إِلى مُجْتَلَدِ القوم فقال: الآن حَمِيَ الوَطِيسُ، أَي إِلى موضع
الجِلاد، وهو الضرب بالسيف في القتال. وفي حديث أَبي هريرة في بعض
الروايات: أَيُّما رجُلٍ من المسلمين سَبَبْتُه أَو لعنته أَو جَلَدُّه، هكذا
رواه بإِدغام التاءِ في الدال، وهي لغة. وجالَدْناهم بالسيوف مُجالدة
وجِلاداً: ضاربناهم. وجَلَدَتْه الحية: لدغته، وخص بعضهم به الأَسود من
الحيات، قالوا: والأَسود يَجْلِدُ بذنبه.
والجَلَد: القوة والشدة. وفي حديث الطواف: لِيَرى المشركون جَلَدَهم؛
الجَلَد القوّة والصبر؛ ومنه حديث عمر: كان أَخْوفَ جَلْداً أَي قوياً في
نفسه وجسده. والجَلَدُ: الصلابة والجَلادة؛ تقول منه: جَلُد الرجل، بالضم،
فهو جَلْد جَلِيد وبَيِّنُ الجَلَدِ والجَلادَة والجُلودة.
والمَجْلود، وهو مصدر: مثل المحلوف والمعقول؛ قال الشاعر:
واصبِر فإِنَّ أَخا المَجْلودِ من صَبَرا
قال: وربما قالوا رجل جَضْد، يجعلون اللام مع الجيم ضاداً إِذا سكنت.
وقوم جُلْد وجُلَداءُ وأَجلاد وجِلاد، وقد جَلُدَ جَلادَة وجُلودة، والاسم
الجَلَدُ والجُلودُ.
والتَّجَلُّد: تكلف الجَلادة. وتَجَلَّدَ: أَظهر الجَلَدَ؛ وقوله:
وكيف تَجَلُّدُ الأَقوامِ عنه،
ولم يُقْتَلْ به الثَّأْرُ المُنِيم؟
عداه بعن لأَن فيه معنى تصبر.
أَبو عمرو: أَحْرَجْتُهُ لكذا وكذا وأَوْجَيْتُهُ وأَجْلَدْتُه
وأَدْمَغْتُهُ وأَدْغَمْتُه إِذا أَحوجته إِليه.
والجَلَد: الغليظ من الأَرض. والجَلَد: الأَرض الصُّلْبَة؛ قال النابغة:
إِلاَّ الأَواريَ لأْياً ما أُبَيِّنُها،
والنُّؤيُ كالحوض بالمظلومةِ الجَلَدِ
وكذلك الأَجْلَد؛ قال جرير:
أَجالتْ عليهنَّ الروامِسُ بَعْدَنا
دُقاقَ الحصى، من كلِّ سَهْلٍ، وأَجْلَدا
وفي حديث الهجرة: حتى إِذا كنا بأَرض جَلْدة أَي صُلْبة؛ ومنه حديث
سراقة: وحل بي فرسي وإِني لفي جَلَد من الأَرض. وأَرض جَلَد: صلبة مستوية
المتن غليظة، والجمع أَجلاد؛ قاله أَبو حنيفة: أَرض جَلَدٌ، بفتح اللام،
وجَلْدة، بتسكين اللام، وقال مرة: هي الأَجالد، واحدها جَلَد؛ قال ذو
الرمة:فلما تَقَضَّى ذاك من ذاك، واكتَسَت
مُلاءً من الآلِ المِتانُ الأَجالِدُ
الليث: هذه أَرض جَلْدَة ومكان جَلَدَةٌ
(* قوله «ومكان جلدة» كذا
بالأصل وعبارة شرح القاموس؛ وقال الليث هذه أرض جلدة وجلدة ومكان جلد.) ومكان
جَلَد، والجمع الجلَدات.
والجلاد من النخل: الغزيرة، وقيل هي التي لا تبالي بالجَدْب؛ قال سويد
بن الصامت الأَنصاري:
أَدِينُ وما دَيْني عليكم بِمَغْرَم،
ولكن على الجُرْدِ الجِلادِ القَراوِح
قال ابن سيده: كذا رواه أَبو حنيفة، قال: ورواه ابن قتيبة على الشم،
واحدتها جَلْدَة. والجِلادُ من النخل: الكبار الصِّلاب، وفي حديث عليّ،
كرَّم الله تعالى وجهه: كنت أَدْلُوا بتَمْرة اشترطها جَلْدة؛ الجَلْدة،
بالفتح والكسر: هي اليابسة اللحاءِ الجيدة.
وتمرة جَلْدَة: صُلْبة مكتنزة؛ وأَنشد:
وكنتُ، إِذا ما قُرِّب الزادُ، مولَعاً
بكلّ كُمَيْتٍ جَلْدَةٍ لم تُوَسَّفِ
والجِلادُ من الإِبِلِ: الغزيرات اللبن، وهي المَجاليد، وقيل: الجِلادُ
التي لا لبن لها ولا نِتاح؛ قال:
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ، ولم يكنْ
لِعُقْبَةَ قِدْرُ المسْتَعير بن مُعْقِب
والجَلَد: الكبار من النوق التي لا أَولاد لها ولا أَلبان، الواحدة
بالهاءِ؛ قال محمد بن المكرم: قوله لا أَولاد لها الظاهر منه أَن غرضه لا
أَولاد لها صغار تدر عليها، ولا يدخل في ذلك الأَولاد الكبار، والله أَعلم.
والجَلْد، بالتسكين: واحدة الجِلاد وهي أَدسم الإِبل لبناً. وناقة
جَلْدة: مِدْرار؛ عن ثعلب، والمعروف أَنها الصلبة الشديدة. وناقة جَلْدة ونوق
جَلَدات، وهي القوية على العمل والسير. ويقال للناقة الناجية: جَلْدَة
وإِنها لذات مَجْلود أَي فيها جَلادَة؛ وأَنشد:
من اللواتي إِذا لانَتْ عريكَتُها،
يَبْقى لها بعدَها أَلٌّ ومَجْلود
قال أَبو الدقيش: يعني بقية جلدها. والجَلَد من الغنم والإِبِل: التي لا
أَولاد لها ولا أَلبان لها كأَنه اسم للجمع؛ وقيل: إِذا مات ولد الشاة
فهي جَلَدٌ وجمعها جِلاد وجَلَدَة، وجمعها جَلَد؛ وقيل: الجَلَدُ والجلَدة
الشاة التي يموت ولدها حين تضعه. الفراء: إِذا ولدت الشاة فمات ولدها
فهي شاة جَلَد، ويقال لها أَيضاً جَلَدَة، وجمع جَلَدَة جَلَد وجَلَدات.
وشاة جَلَدة إِذا لم يكن لها لبن ولا ولد. والجَلَد من الإِبل: الكبار التي
لا صغار فيها؛ قال:
تَواكَلَها الأَزْمانُ حتى أَجاءَها
إِلى جَلَدٍ منها قليلِ الأَسافِل
قال الفراء: الجَلَدُ من الإِبل التي لا أَولاد معها فتصبر على الحر
والبرد؛ قال الأَزهري: الجَلَد التي لا أَلبان لها وقد ولى عنها أَولادها،
ويدخل في الجَلَدِ بنات اللبون فما فوقها من السن، ويجمع الجَلَدَ
أَجْلادٌ وأَجاليدُ، ويدخل فيها المخاض والعشار والحيال فإِذا وضعت أَولادها زال
عنها اسم الجَلَدِ وقيل لها العشار واللقاح، وناقة جَلْدة: لا تُبالي
البرد؛ قال رؤبة:
ولم يُدِرُّوا جَلْدَةً بِرْعِيسا
وقال العجاج:
كأَنَّ جَلْداتِ المِخاضِ الأُبَّال،
يَنْضَحْنَ في حَمْأَتِهِ بالأَبوال،
من صفرة الماءِ وعهد محتال
أَي متغير من قولك حال عن العهد أَي تغير عنه.
ويقال: جَلَدات المخاض شدادها وصلابها.
والجَليد: ما يسقط من السماءِ على الأَرض من الندى فيجمد. وأَرض
مَجْلُودة: أَصابها الجليد. وجُلِدَتِ الأَرضُ من الجَلِيد، وأُجْلِد الناسُ
وجَلِدَ البَقْلُ، ويقال في الصّقِيعَ والضَّريب مِثْله. والجليد: ما جَمَد
من الماء وسقط على الأَرض من الصقيع فجمد.
الجوهري: الجليد الضَّريب والسَّقيطُ، وهو ندى يسقط من السماء فيَجْمُد
على الأَرض. وفي الحديث: حُسْنُ الخُلُق يُذيبُ الخطايا كما تُذيبُ الشمس
الجليدَ؛ هو الماء الجامد من البرد.
وإِنه ليُجْلَدُ بكل خير أَي يُظَن به، ورواه أَبو حاتم يُجْلَذُ،
بالذال المعجمة. وفي حديث الشافعي: كان مُجالد يُجْلَد أَي كان يتهم ويرمى
بالكذب فكأَنه وضع الظن موضع التهمة.
واجْتَلَد ما في الإِناء: شربه كله. أَبو زيد: حملت الإِناء فاجتلدته
واجْتَلَدْتُ ما فيه إِذا شربت كل ما فيه. سلمة: القُلْفَة والقَلَفَة
والرُّغْلَة والرَّغَلَة والغُرْلَة
(* قوله «والغرلة» كذا بالأصل والمناسب
حذفه كما هو ظاهر.) والجُلْدَة: كله الغُرْلة؛ قال الفرزدق:
مِنْ آلِ حَوْرانَ، لم تَمْسَسْ أُيورَهُمُ
مُوسَى، فَتُطْلِعْ عليها يابِسَ الْجُلَد
قال: وقد ذكر الأُرْلَة؛ قال: ولا أَدري بالراء أَو بالدال كله الغرلة؛
قال: وهو عندي بالراء. والمُجلَّدُ: مقدار من الحمل معلوم المكيلة
والوزن. وصرحت بِجِلْدان وجِلْداء؛ يقال ذلك في الأَمر إِذا بان. وقال
اللحياني: صرحت بِجِلْدان أَي بِجدٍّ.
وبنو جَلْد: حيّ.
وجَلْدٌ وجُلَيْدٌ ومُجالِدٌ: أَسماء؛ قال:
نَكَهْتُ مُجالداً وشَمِمْتُ منه
كَريح الكلب، مات قَريبَ عَهْدِ
فقلت له: متى استَحْدَثْتَ هذا؟
فقال: أَصابني في جَوْفِ مَهْدِي
وجَلُود: موضع بأَفْريقيَّة؛ ومنه: فلان الجَلوديّ، بفتح الجيم، هو
منسوب إِلى جَلود قرية من قرى أَفريقية، ولا تقل الجُلودي، بضم الجيم،
والعامة تقول الجُلُودي.
وبعير مُجْلَنْدٌ: صلب شديد.
وجْلَنْدى: اسم رجل؛ وقوله:
وجْلَنْداء في عُمان مقيما
(قوله «وجلنداء إلخ» كذا في الأصل بهذا الضبط. وفي القاموس وجلنداء، بضم
أَوله وفتح ثانيه ممدودة وبضم ثانيه مقصورة: اسم ملك عمان، ووهم الجوهري
فقصره مع فتح ثانيه، قال الأعشى وجلنداء اهـ بل سيأتي للمؤلف في جلند
نقلاً عن ابن دريد انه يمد ويقصر.)
إِنما مده للضرورة، وقد روي:
وجْلَنْدى لَدى عُمانَ مُقيما
الجوهري: وجُلَنْدى، بضم الجيم مقصور، اسم ملك عمان.
جشر: الجَشَر: بَقْلُ الربيع.
وجَشَرُوا الخَيْلَ وجَشَّروها: أَرْسَلُوها في الجَشْرِ. والجَشْرُ:
أَن يخرجوا بخيلهم فَيَرْعَوْها أَمام بيوتهم. وأَصبحوا جَشْراً وجَشَراً
إِذا كانوا يَبِيتُون مكانهم لا يرجعون إِلى أَهليهم. والجَشَّار: صاحبُ
الجَشَرِ. وفي حديث عثمان، رضي الله عنه، أَنه قال: لا يغرّنكم جَشَرُكُمْ
من صلاتكم فإِنما يَقْصُرُ الصلاةَ من كان شاخصاً أَو يَحْضُرُهُ عدوّ.
قال أَبو عبيد: الجَشَرُ القومُ يخرجون بدوابهم إِلى المرعى ويبيتون
مكانهم ولا يأْوون إِلى البيوت، وربما رأَوه سفراً فقصروا الصلاة فنهاهم عن
ذلك لأَن المُقَامَ في المرعى وإِن طال فليس بسفر. وفي حديث ابن مسعود: يا
مَعْشَرَ الجُشَّارِ لا تغتروا بصلاتكم؛ الجُشَّار جمع جاشِرٍ.
وفي الحديث: ومنا من هو في جَشْرَةٍ. وفي حديث أَبي الدرداء: من ترك
القرآن شهرين فلم يقرأْه فقد جَشَرَهُ أَي تباعد عنه. يقال: جَشَرَ عن أَهله
أَي غاب عنهم. الأَصمعي: بنو فلان جَشَرٌ إِذا كانوا يبيتون مكانهم لا
يأْوون بيوتهم، وكذلك مال جَشَرٌ لا يأْوي إِلى أَهله. ومال جَشَرٌ: يرعى
في مكانه لا يؤوب إِلى أَهله. وإِبل جُشَّرٌ: تذهب حيث شاءت، وكذلك
الحُمُرُ؛ قال:
وآخرونَ كالحمير الجُشَّرِ
وقوم جُشْرٌ وجُشَّرٌ: عُزَّابٌ في إِبلهم. وجَشَرْنا دوابَّنا:
أَخرجناها إِلى المرعى نَجْشُرُها جَشْراً، بالإِسكان، ولا نَرُوحُ. وخيل
مُجَشَّرةٌ بالحِمَى أَي مَرْعِيَّة. ابن الأَعرابي: المُجَشَّرُ الذي لا يرعى
قُرْبَ الماء؛ والمنذري: الذي يرعى قرب الماء؛ أَنشد ابن الأَعرابي لابن
أَحمر في الجَشْرِ:
إِنَّكَ لو رأَيتَني والقَسْرَا،
مُجَشِّرِينَ قد رَعَينا شَهْرَا
لم تَرَ في الناسِ رِعاءً جَشْرَا،
أَتَمَّ مِنَّا قَصَباً وسَيْرَا
قال الأَزهري: أَنشدنيه المنذري عن ثعلب عنه.
قال الأَصمعي: يقال: أَصبح بنو فلان جَشَراً إِذا كانوا يبيتون في
مكانهم في الإِبل ولا يرجعون إِلى بيوتهم؛ قال الأَخطل:
تَسْأَلُه الصُّبْرُ من غَسَّانَ، إِذْ حَضَرُوا،
والحَزْنُ كَيْفَ قَراهُ الغِلْمَةُ الجَشَرُ
الصُّبْرُ والحَزْنُ: قبيلتان من غسان. قال ابن بري: صواب إِنشاده: كيف
قراك، بالكاف، لأَنه يصف قتل عمير بن الحُبَابِ وكَوْنَ الصُّبْر
والحَزْنِ، وهما بطنان من غسان، يقولون له بعد موته وقد طافوا برأْسه: كيف قَراك
الغِلْمَةُ الجَشَرُ؟ وكان يقول لهم: إِنما أَنتم جَشَرٌ لا أُبالي بكم،
ولهذا يقول فيها مخاطباً لعبد الملك بن مروان:
يُعَرِّفُونَكَ رَأْسَ ابنِ الحُبابِ وقد
أَضْحَى، وللسَّيْفِ في خَيْشُومِهِ أَثَرُ
لا يَسْمَعُ الصَّوْتَ مُسْتَكّاً مسامِعُه،
وليس يَنْطِقُ حتى يَنْطِقَ الحَجَرُ
وهذه القصيدة من غُرَرِ قصائد الأَخطل يخاطب فيها عَبْدَ الملِك بْنَ
مَرْوان يقول فيها:
نَفْسِي فِداءُ أَمِيرِ المُؤْمِنِينَ إِذا
أَبْدَى النَّواجِذَ يَوْمٌ باسِلٌ ذَكَرُ
الخائِضِ الغَمْرِ والمَيْمُونِ طائِرُهُ،
خَلِيفَةِ اللهِ يُسْتَسْقَى بِهِ المَطَرُ
في نَبْعَةٍ مِن قُرَيشٍ يَعْصِبُونَ بها،
ما إِنْ يُوازى بأَعْلَى نَبتِها الشَّجَرُ
حُشْدٌ على الحق عَيَّافو الخَنَا أُنُفٌ،
إِذا أَلَمَّتْ بِهِمْ مَكْرُوهَةٌ صَبَرُوا
شُمْسُ العَداوَةِ حتى يُسْتَقَادَ لهم،
وأَعظمُ الناسِ أَحْلاماً، إِذا قَدَرُوا
منها:
إِنَّ الضَّغِينَةَ تَلْقَاها، وإِن قَدُمَتْ،
كالعُرِّ يَكْمُنُ حِيناً ثم يَنْتَشِرُ
والجَشْرُ والجَشَرُ: حِجَارَةٌ تنبت في البحر. قال ابن دريد: لا
أَحسبها معرّبة. شمر: يقال مكان جَشِر أَي كثير الجَشَر، بتحريك الشين. وقال
الرِّياشي: الجَشَرُ حجارة في البحر خشنة. أَبو نصر: جَشَرَ الساحلُ
يَجْشُرُ جشراً. الليث: الجَشَرُ ما يكون في سواحل البحر وقراره من الحصى
والأَصداف، يَلْزَقُ بعضها ببعض فتصير حجراً تنحت منه الأَرْحِيَةُ بالبصرة لا
تصلح للطحن، ولكنها تُسَوَّى لرؤوس البلاليع. والجَشَرُ: وَسَخُ
الوَطْبِ من اللبن؛ يقال: وَطْبٌ جَشِرٌ أَي وَسِخٌ. والجَشَرَةُ: القِشْرَةُ
السفلى التي على حَبَّةِ الحنطة. والجَشَرُ والجُشْرَةُ: خُشُونة في الصدر
وغِلَظٌ في الصوت وسُعال؛ وفي التهذيب: بَحَحٌ في الصوت. يقال: به
جُشْرَةٌ وقد جَشِرَ
(* قوله «وقد جشر» كفرح وعني كما في القاموس). وقال
اللحياني: جُشِرَ جُشْرَةً؛ قال ابن سيده: وهذا نادر، قال: وعندي أَن مصدر هذا
إِنما هو الجَشَرُ؛ ورجل مجشور. وبعير أَجْشَرُ وناقة جَشْراءُ: بهما
جُشْرَةٌ. الأَصمعي: بعير مَجْشُورٌ به سُعال جافٌّ. غيره: جُشِرَ، فهو
مَجْشُورٌ، وجَشِرَ يَجْشَرُ جَشَراً، وهي الجُشْرَةُ، وقد جُشِرَ يُجْشَرُ
على ما لم يسمَّ فاعله؛ وقال حجر:
رُبَّ هَمٍّ جَشَمْتُهُ في هَواكُمْ،
وبَعِيرٍ مُنَفَّهٍ مَجْشُورِ
ورجلٌ مَجْشُورٌ: به سُعال؛ وأَنشد:
وسَاعِلٍ كَسَعَلِ المَجْشُورِ
والجُشَّةُ والجَشَشُ: انتشار الصوت في بُحَّةٍ. ابن الأَعرابي:
الجُشْرَةُ الزُّكامُ. وجَشِرَ الساحلُ، بالكسر، يَجْشَرُ جَشْراً إِذا خَشُنَ
طينه ويَبِسَ كالحجَر.
والجَشِيرُ: الجُوالِقُ الضخم، والجمع أَجْشِرَةٌ وجُشُرٌ؛ قال الراجز:
يُعْجلُ إِضْجاعَ الجَشِيرِ القَاعِدِ
والجَفِيرُ والجَشِيرُ: الوَفْضَةُ، وهي الكِنانَةُ. ابن سيده:
والجَشِيرُ الوفضة وهي الجَعْبَةُ من جلود تكون مشقوقة في جَنْبها، يفعل ذلك بها
ليدخلها الريح فلا يأْتكل الريش. وجَنْبٌ جاشِرٌ: منتفخ. وتَجَشَّرَ
بطنه: انتفخ؛ أَنشد ثعلب:
فقامَ وَثَّابٌ نَبِيلٌ مَحْزِمُهْ.
لم يَتَجَشَّرْ مِنْ طَعامٍ يُبْشِمُهْ
وجَشَرَ الصُّبْحُ يَجْشُرُ جُشُوراً: طلع وانفلق.
والجاشِرِيَّةُ: الشُّرْبُ مع الصبح، ويوصف به فيقال: شَرْبَةٌ
جاشِرِيَّةٌ؛ قال:
ونَدْمانٍ يَزِيدُ الكأْسَ طِيباً،
سَقَيْتُ الجاشِرِيَّةَ أَو سَقَانِي
ويقال: اصْطَبَحْتُ الجاشِرِيَّةَ، ولا يَتَصَرَّفُ له فِعْلٌ؛ وقال
الفرزدق:
إِذا ما شَرِبْنَا الجاشِرِيَّةَ لَمْ نُبَلْ
أَمِيراً، وإِن كانَ الأَمِيرُ مِنَ الأَزْدِ
والجاشِرِيَّةُ: قبيلة في ربيعة. قال الجوهري: وأَما الجاشرية التي في
شعر الأَعشى فهي قبيلة من قبائل العرب. وفي حديث الحجاج: أَنه كتب إِلى
عامله أَن ابْعَثْ إِليَّ بالجَشِيرِ اللُّؤْلُؤِيّ؛ الجَشِيرُ: الجِرابُ؛
قال ابن الأَثير: قاله الزمخشري.
جمر: الجَمْر: النار المتقدة، واحدته جَمْرَةٌ. فإِذا بَرَدَ فهو
فَحْمٌ.والمِجْمَرُ والمِجْمَرَةُ: التي يوضع فيها الجَمْرُ مع الدُّخْنَةِ وقد
اجْتَمَرَ بها. وفي التهذيب: المِجْمَرُ قد تؤنث، وهي التي تُدَخَّنْ
بها الثيابُ. قال الأَزهري: من أَنثه ذهب به إِلى النار، ومن ذكَّره عنى به
الموضع؛ وأَنشد ابن السكيت:
لا يَصْطَلي النَّارَ إِلا مِجْمَراً أَرِجا
أَراد إِلا عُوداً أَرِجاً على النار. ومنه قول النبي، صلى الله عليه
وسلم: ومَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وبَخُورُهُمُ العُودُ الهِنْدِيُّ غَيْرَ
مُطَرًّى. وقال أَبو حنيفة: المِجْمَرُ نفس العود. واسْتَجْمَرَ
بالمِجْمَرِ إِذا تبخر بالعود. الجوهري: المِجْمَرَةُ واحدةُ المَجَامِرِ، يقال:
أَجْمَرْتُ النار مِجْمَراً إِذا هَيَّأْتَ الجَمْرَ؛ قال: وينشد هذا
البيت بالوجهين مُجْمِراً ومِجْمَراً وهو لحميد بن ثور الهلالي يصف امرأَة
ملازمة للطيب:
لا تَصْطَلي النَّارَ إلاَّ مُجْمِراً أَرِجاً،
قدْ كَسَّرَت مِنْ يَلَنْجُوجٍ لَه وَقَصَا
واليلنجوج: العود. والوَقَصُ: كِسَارُ العيدان. وفي الحديث: إِذا
أَجْمَرْتُمْ الميت فَجَمِّرُوه ثلاثاً؛ أَي إِذا بخرتموه بالطيب. ويقال: ثوب
مُجْمَرٌ ومُجَمَّرٌ. وأَجْمَرْتُ الثوبَ وَجَمَّرْتُه إِذا بخرته بالطيب،
والذي يتولى ذلك مُجْمِرٌ ومُجَمِّرٌ؛ ومنه نُعَيْمٌ المُجْمِرُ الذي
كان يلي إِجْمَارَ مسجد رسولُ الله،صلى الله عليه وسلم، والمَجَامِر: جمع
مِجْمَرٍ ومُجْمِرٍ، فبالكسر هو الذي يوضع فيه النار والبخور، وبالضم الذي
يتبخر به وأُعِدَّ له الجَمْرُ؛ قال: وهو المراد في الحديث الذي ذكر فيه
بَخُورُهم الأَلُوَّةُ، وهو العود.
وثوب مُجَمَّرٌ: مُكَبًّى إِذا دُخِّنَ عليه، والجامِرُ الذي يلي ذلك،
من غير فعل إِنما هو على النسب؛ قال:
وَرِيحُ يَلَنْجُوجٍ يُذَكيِّهِ جَامِرُهْ
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّروا
(* قوله: «وفي حديث عمر لا
تجمروا» عبارة النهاية: لا تجمروا الجيش فتفتنوهم؛ تجمير الجيش جمعهم في
الثغور وحبسهم عن العود إِلى أَهليهم) وجَمَّرَ ثَوْبَهُ إِذا بخره.
والجَمْرَةُ: القبيلة لا تتضم إِلى أَحد؛ وقيل: هي القبيلة تقاتل جماعةَ
قَبائلَ، وقيل: هي القبيلة يكون فيها ثلثمائة فارس أَو نحوها.
والجَمْرَةُ: أَلف فارس، يقال: جَمْرَة كالجَمْرَةِ. وكل قبيل انضموا فصاروا يداً
واحدة ولم يُحَالِفوا غيرهم، فهم جَمْرَةٌ. الليث: الجَمْرَةُ كل قوم
يصبرون لقتال من قاتلهم لا يحالفون أَحداً ولا ينضمون إِلى أَحد، تكون
القبيلة نفسها جَمْرَة تصبر لقراع القبائل كما صبرت عَبْسٌ لقبائل قيس. وفي
الحديث عن عمر: أَنه سأَل الحُطَيْئَةَ عن عَبْسٍ ومقاومتها قبائل قيس
فقال: يا أَمير المؤمنين كنا أَلف فارس كأَننا ذَهَبَةٌ حمراء لا
نَسْتَجْمِرُ ولا نحالف أَي لا نسأَل غيرنا أَن يجتمعوا إِلينا لاستغنائنا عنهم.
والجَمْرَةُ: اجتماع القبيلة الواحدة على من ناوأَها من سائر القبائل؛ ومن
هذا قيل لمواضع الجِمَارِ التي ترمى بِمِنًى جَمَراتٌ لأَن كلَّ مَجْمَعِ
حَصًى منها جَمْرَةٌ وهي ثلاث جَمَراتٍ. وقال عَمْرُو بن بَحْرٍ: يقال
لعَبْسٍ وضَبَّةَ ونُمير الجَمَرات؛ وأَنشد لأَبي حَيَّةَ النُّمَيري:
لَنَا جَمَراتٌ ليس في الأَرض مِثْلُها؛
كِرامٌ، وقد جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ:
نُمَيْرٌ وعبْسٌ يُتَّقَى نَفَيَانُها،
وضَبَّةُ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
(* قوله: «يتقى نفيانها» النفيان ما تنفيه الريح في أصول الشجر من
التراب ونحوه، ويشبه به ما يتطرف من معظم الجيش كما في الصحاح).
وجَمَرَات العرب: بنو الحرث بن كعب وبنو نُمير ابن عامر وبنو عبس؛ وكان
أَبو عبيدة يقول: هي أَربع جمرات، ويزيد فيها بني ضبة بن أُدٍّ، وكان
يقول: ضبة أَشبه بالجمرة من بني نمير، ثم قال: فَطَفِئتْ منهم جمرتان وبقيت
واحدة، طَفِئتْ بنو الحرث لمحالفتهم نَهْداً، وطفئت بنو عبس لانتقالهم
إِلى بني عامر بن صَعْصَعَةَ يوم جَبَلَةَ، وقيل: جَمَراتُ مَعَدٍّ ضَبَّةُ
وعبس والحرثُ ويَرْبُوع، سموا بذلك لجمعهم. أَبو عبيدة: جمرات العرب
ثلاث: بنو ضبة بن أُد وبنو الحرث بن كعب وبنو نمير بن عامر، وطفئت منهم
جمرتان: طفئت ضبة لأَنها حالفت الرِّبابَ، وطفئت بن الحرث لأَنها حالفت
مَذْحِجَ، وبقيت نُمير لم تُطْفَأْ لأَنها لم تُخالِفْ. ويقال: الجمرات عبس
والحرث وضبة، وهم إِخوة لأُم، وذلك أَن امرأَة من اليمن رأَت في المنام
أَنه يخرج من فرجها ثلاث جمرات، فتزوجها كعب بن عبد المَدَانِ فولدت له
الحرث بن كعب ابن عبد المدان وهم أَشراف اليمن، ثم تزوّجها بَغِيضُ ابن
رَيْثٍ فولدت له عَبْساً وهم فُرْسَان العرب، ثم تزوّجها أُدّ فولدت له ضبة،
فجمرتان في مضر وجمرة في اليمن. وفي حديث عمر: لأُلْحِقَنَّ كُلُّ قوم
بِجَمْرَتهِم أَي بجماعتهم التي هم منها.
وأَجْمَرُوا على الأَمر وتَجَمَّرُوا: تَجَمَّعُوا عليه وانضموا.
وجَمَّرَهُمُ الأَمر: أَحوجهم إِلى ذلك. وجَمَّرَ الشَّيءَ: جَمَعَهُ. وفي حديث
أَبي إِدريس: دخلت المسجد والناسُ أَجْمَرُ ما كانوا أَي أَجمع ما
كانوا. وجَمَّرَتِ المرأَةُ شعرها وأَجْمَرَتْهُ: جمعته وعقدته في قفاها ولم
ترسله. وفي التهذيب: إِذا ضَفَرَتْهُ جَمائِرَ، واحدتُها جَمِيرَةٌ، وهي
الضفائر والضَّمائِرُ والجَمَائِرُ. وتَجْمِيرُ المرأَة شعرها: ضَفْرُه.
والجَميرَةُ: الخُصْلَةُ من الشعر: وفي الحديث عن النخعي: الضَّافِرُ
والمُلَبِّدُ والمُجْمِرُ عليهم الحَلْقُ؛ أَي الذي يَضْفِرُ رأْسه وهو محرم
يجب عليه حلقه، ورواه الزمخشري بالتشديد وقال: هو الذي يجمع شَعْرَهُ
ويَعْقِدُهُ في قفاه. وفي حديث عائشة: أَجْمَرْتُ رأْسي إِجْماراً أَي
جمعته وضفرته؛ يقال: أَجْمَرَ شعرَه إِذا جعله ذُؤابَةً، والذؤابَةُ:
الجَمِيرَةُ لأَنها جُمِّرَتْ أَي جمعت. وجَمِيرُ الشَّعَرِ: ما جُمِّرَ منه؛
أَنشد ابن الأَعرابي:
كَأَنَّ جَمِيرَ قُصَّتِها، إِذا ما
حَمِسْنَا، والوقَايَةُ بالخِناق
والجَمِيرُ: مُجْتَمَعُ القوم. وجَمَّرَ الجُنْدَ: أَبقاهم في ثَغْرِ
العدوّ ولم يُقْفِلْهم، وقد نهي عن ذلك. وتَجْمِيرُ الجُنْد: أَن يحبسهم في
أَرض العدوّ ولا يُقْفِلَهُمْ من الثَّغْرِ. وتَجَمَّرُوا هُمْ أَي
تحبسوا؛ ومنه التَّجْمِيرُ في الشَعَرِ. الأَصمعي وغيره: جَمَّرَ الأَميرُ
الجيشَ إِذا أَطال حبسهم بالثغر ولم يأْذن لهم في القَفْلِ إِلى أَهليهم،
وهو التَّجْمِيرُ؛ وروى الربيع أَن الشافعي أَنشده:
وجَمَّرْتَنَا تَجْمِيرَ كِسْرى جُنُودَهُ،
ومَنَّيْتَنا حتى نَسينَا الأَمَانِيا
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: لا تُجَمِّرُوا الجيش فَتَفْتِنُوهم؛
تَجْمِيرُ الجيش: جَمْعُهم في الثُّغور وجَبْسُهم عن العود إِلى أَهليهم؛ ومنه
حديث الهُرْمُزانِ: أَن كِسْرى جَمَّرَ بُعُوثَ فارِسَ. وجاء القومُ
جُمارَى وجُماراً أَي بأَجمعهم؛ حكى الأَخيرة ثعلب؛ وقال: الجَمَارُ
المجتمعون؛ وأَنشد بيت الأَعشى:
فَمَنْ مُبْلِغٌ وائِلاً قَوْمَنَا،
وأَعْني بذلك بَكْراً جَمارَا؟.
الأَصمعي: جَمَّرَ بنو فلان إِذا اجتمعوا وصاروا أَلْباً واحداً. وبنو
فلان جَمْرَةٌ إِذا كانوا أَهل مَنَعَةٍ وشدّة. وتَجَمَّرتِ القبائلُ إِذا
تَجَمَّعَتْ؛ وأَنشد:
إِذا الجَمارُ جَعَلَتْ تَجَمَّرُ
وخُفٌّ مُجْمِرٌ: صُلْبٌ شديد مجتمع، وقيل: هو الذي نَكَبَتْهُ الحجارة
وصَلُبَ. أَبو عمرو: حافِرٌ مُجْمِرٌ وقَاحٌ صُلْبٌ. والمُفِجُّ:
المُقَبَّبُ من الحوافر، وهو محمود.
والجَمَراتُ والجِمارُ: الحَصياتُ التي يرمى بها في مكة، واحدتها
جَمْرَةٌ. والمُجَمَّرُ: موضع رمي الجمار هنالك؛ قال حذيفة بن أَنس
الهُذَليُّ:لأَدْركُهْم شُعْثَ النَّواصي، كَأَنَّهُمْ
سَوابِقُ حُجَّاجٍ تُوافي المُجَمَّرا
وسئل أَبو العباس عن الجِمارِ بِمِنًى فقال: أَصْلُها من جَمَرْتُه
ودَهَرْتُه إِذا نَحَّيْتَهُ. والجَمْرَةُ: واحدةُ جَمَراتِ المناسك وهي ثلاث
جَمَرات يُرْمَيْنَ بالجِمارِ. والجَمْرَةُ: الحصاة. والتَّجْمِيرُ:
رمْيُ الجِمارِ. وأَما موضعُ الجِمارِ بِمِنًى فسمي جَمْرَةً لأَنها تُرْمي
بالجِمارِ، وقيل: لأَنها مَجْمَعُ الحصى التي ترمي بها من الجَمْرَة، وهي
اجتماع القبيلة على من ناوأَها، وقيل: سميت به من قولهم أَجْمَرَ إِذا
أَسرع؛ ومنه الحديث: إِن آدم رمى بمنى فأَجْمرَ إِبليسُ بين يديه.
والاسْتِجْمارُ: الاستنجاء بالحجارة، كأَنه منه. وفي حديث النبي، صلى
الله عليه وسلم: إِذا توضأْتَ فانْثُرْ، وإِذا استجمرت فأَوْتِرْ؛ أَبو
زيد: الاستنجاء بالحجارة، وقيل: هو الاستنجاء، واستجمر واستنجى واحد إِذا
تمسح بالجمار، وهي الأَحجار الصغار، ومنه سميت جمار الحج للحصى التي ترمى
بها.
ويقال للخارص: قد أَجْمَرَ النخلَ إِذا خَرَصَها.
والجُمَّارُ: معروف، شحم النخل، واحدته جُمَّارَةٌ.
وجُمَّارَةُ النخل: شحمته التي في قِمَّةِ رأْسه تُقْطَعُ قمَّتُه ثم
تُكْشَطُ عن جُمَّارَةٍ في جوفها بيضاء كأَنها قطعةُ سَنَامٍ ضَخْمَةٌ، وهي
رَخْصَةٌ تؤكل بالعسل، والكافورُ يخرج من الجُمَّارَة بين مَشَقِّ
السَّعَفَتَيْنِ وهي الكُفُِرَّى، والجمعُ جمَّارٌ أَيضاً. والجَامُورُ:
كالجُمَّارِ. وجَمَرَ النخلة: قطع جُمَّارَها أَو جامُورَها. وفي الحديث:
كأَني أَنظر إِلى ساقه في غَرْزه كأَنها جُمَّارَةٌ؛ الجُمَّارَةُ: قلب
النخلة وشحمتها، شبه ساقه ببياضها،؛ وفي حديث آخر: أَتى بِجُمَّارٍ؛ هُوَ جمعُ
جُمَّارة.
والجَمْرَةُ: الظُّلْمة الشديدة. وابنُ جَمِير: الظُّلمة. وقيل: لظُلمة
ليلة
(* قوله: «لظلمة ليلة إلخ» هكذا بالأصل ولعله ظلمة آخر ليلة إلخ كما
يعلم مما يأتي). في الشهر. وابْنَا جَمِيرٍ: الليلتانِ يَسْتَسِرُّ
فيهما القَمَرُ. وأَجْمَرَتِ الليلةُ: اسْتَسَرَّ فيها الهلالُ. وابْنُ
جَمِيرٍ: هلالُ تلك الليلة: قال كعب بن زهير في صفة ذئب:
وإِنْ أَطافَ، ولم يَظْفَرْ بِطائِلةٍ
في ظُلْمة ابنِ جَمِيرٍ، سَاوَرَ الفُطُمَا
يقول: إِذا لم يصب شاةً ضَخْمَةً أَخذ فقَطِيمَةً.
والفُطُمُ: السِّخَالُ التي فُطِمَتْ، واحدتها فطيمة. وحكي عن ثعلب:
ابنُ جُمَيْرٍ، على لفظ التصغير، في كل ذلك. قال: يقال جاءنا فَحْمَةَ بْنَ
جُمَيْرٍ؛ وأَنشد:
عَنْدَ دَيْجُورِ فَحْمَةِ بْنِ جُمَيْرٍ
طَرَقَتْنا، واللَّيْلُ دَاجٍ بَهِيمُ
وقيل: ظُلْمَةُ بْنُ جَميرٍ آخرُ الشهر كأَنه سَمَّوْهُ ظلمة ثم نسبوه
إِلى جَمِير، والعرب تقول: لا أَفعل ذلك ما جَمَرَ ابْنُ جَمير؛ عن
اللحياني. وفي التهذيب: لا أَفعل ذاك ما أَجْمَرَ ابْنُ جَمِيرٍ وما أَسْمَرَ
ابْنُ سَمِير؛ الجوهري: وابنا جمير الليل والنهار، سميا بذلك للاجتماع كما
سميا ابْنَيْ سَمِير لأَنه يُسْمَرُ فيهما. قال: والجَمِيرُ الليل
المظلم، وابنُ جَمِيرٍ: الليل المظلم؛ وأَنشد لعمرو بن أَحمر الباهلي:
نَهارُهُمُ ظَمْآنُ ضَاحٍ، ولَيْلُهُمْ،
وإِن كَانَ بَدْراً، ظُلْمَةُ ابْنِ جَمِيرِ
ويروىي:
نهارُهُمُ ليلٌ بَهِيمٌ ولَيْلُهُمْ
ابْنُ جَمِيرٍ: الليلة التي لا يطلع فيها القمر في أُولاها ولا في
أُخراها؛ قال أَبو عمر الزاهد: هو آخر ليلة من الشهر؛ وقال:
وكأَنّي في فَحْمَةِ ابنِ جَمِيرٍ
في نِقابِ الأُسَامَةِ السِّرْداحِ
قال: السرداح القوي الشديد التام. نقاب: جلد. والأُسامة: الأَسد. وقال
ثعلب: ابْنُ جَمِير الهلالُ. ابن الأَعرابي: يقال للقمر في آخر الشهر
ابْنُ جَمِيرٍ لأَن الشمس تَجْمُرُه أَي تواريه.
وأَجْمَرَ الرجلُ والبعيرُ: أَسرع وعدا، ولا تقل أَجمز، بالزاي؛ قال
لبيد:
وإِذا حَرَّكْتُ غَرْزي أَجْمَرَتْ،
أَوْ قِرابي عَدْوَ جَوْنٍ قَدْ أَبَلْ
وأَجْمَرْنا الخيل أَي ضَمَّرْناها وجمعناها.
وبنو جَمْرَةَ: حَيُّ من العرب. ابن الكلبي: الجِمارُ طُهَيَّةُ
وبَلْعَدَوِيَّة وهو من بني يربوع بن حنظلة. والجامُور: القَبْرُ. وجامُورُ
السفينة: معروف. والجامُور: الرأْس تشبيهاً بجامور السفينة؛ قال كراع: إِنما
تسميه بذلك العامة.
وفلان لا يعرف الجَمْرَةَ من التمرة. ويقال: كان ذلك عند سقوط
الجَمْرَةِ. والمُجَيْمِرُ: موضع، وقيل: اسم جبل، وقول ابن الأَنباري:
ورُكوبُ الخَيْلِ تَعْدُو المَرَطَى،
قد عَلاَها نَجَدُ فيه اجْمِرار
قال: رواه يعقوب بالحاء، أَي اختلط عرقها بالدم الذي أَصابها في الحرب،
ورواه أَبو جعفر اجمرار، بالجيم، لأَنه يصف تجعد عرقها وتجمعه. الأَصمعي:
عدَّ فلان إِبله جَماراً إِذا عدها ضربة واحدة؛ ومنه قول ابن أَحمر:
وظَلَّ رعاؤُها يَلْقَونَ منها،
إِذا عُدَّتْ، نَظَائِر أَو جَمَارَا
والنظائر: أَن تعد مثنى مثنى، والجَمارُ: أَن تُعَدَّ جماعةً؛ ثعلب عن
ابن الأَعرابي عن المفضل في قوله:
أَلم تَرَ أَنَّني لاقَيْتُ، يَومْاً،
مَعائِرَ فيهمُ رَجُلاً جَمَارا
فَقِيرَ اللْيلِ تَلْقاه غنِيّاً،
إِذا ما آنَسَ الليلُ النهارَا
هذا مقدّم أُريد به
(* هكذا في الأَصل). وفلان غني الليل إِذا كانت له
إِبل سود ترعى بالليل.
جفف: جَفَّ الشيءُِ يَجِفُّ ويَجَفُّ، بالفتح، جُفوفاً وجَفافاً:
يَبِسَ، وتَجَفْجَفَ: جَفَّ وفيه بعضُ النَّداوةِ، وجَفَّفْتُه أَنا
تَجْفِيفاً؛ وأَنشد أَبو الوفاء الأَعرابي:
لـمَلَّ بُكَيْرَةً لَقِحَتْ عِراضاً،
لِقَرْعِ هَجَنَّعٍ ناجٍ نَجِيبِ
فَكَبَّرَ راعِياها حين سَلَّى
طَوِيلَ السَّمْكِ، صَحَّ من العُيُوبِ
فقامَ على قَوائِمَ لَيِّناتٍ،
قُبَيْلَ تَجَفْجُفِ الوَبَرِ الرَّطِيبِ
والجَفافُ: ما جَفَّ من الشيء الذي تُجَفِّفُه. تقول: اعْزِل جَفافَه عن
رَطْبِه.
التهذيب: جَفِفْتَ تجَفُّ وجَفَفْتَ تَجِفُّ وكلهم يختار تَجِفُّ على
تَجَفّ.
والجَفِيفُ: ما يَبِسَ من أَحرار البقول، وقيل: هو ما ضَمَّت منه الريح.
وقد جَفَّ الثوبُ وغيره يَجِفُّ، بالكسرِ، ويجَفُّ، بالفتح: لغة فيه
حكاها ابن دريد
(* قوله «ابن دريد» بهامش الأصل صوابه: أبو زيد.) وردَّها
الكسائي. وفي الحديث: جَفَّتِ الأَقلامُ وطُوِيَتِ الصُّحُف؛ يريد ما كتب
في اللَّوْحِ المحفوظ من الـمَقادير والكائنات والفَراغِ منها، تشبيهاً
بفَراغ الكاتب من كتابته ويُبْسِ قَلَمِه.
وتَجَفْجَفَ الثوبُ إذا ابْتَلَّ ثم جَفَّ وفيه ندًى فإن يَبِسَ كلَّ
اليُبْسِ قيل قد قَفَّ، وأَصلها تجفَّفَ فأَبدلوا مكان الفاء الوُسْطى فاء
الفعل كما قالوا تَبَشْبَشَ. الجوهري: الجَفِيفُ ما يَبِس من النبت. قال
الأَصمعي: يقال الإبل فيما شاءت من جَفِيفٍ وقَفِيفٍ؛ وأنشد ابن بري
لراجز:
يُثْري به القَرْمَلَ والجَفِيفا،
وعَنْكَثاً مُلْتَبِساً مَصْيُوفا
والجُفافةُ: ما يَنْتَثِر من القَتِّ والحَشِيشِ ونحوه.
والجُفّ: غشاء الطَّلْع إذا جَفَّ، وعمَّ به بعضهم فقال: هو وِعاء
الطَّلع، وقيل: الجُفُّ قِيقاءة الطّلع وهو الغِشاء الذي على الوَلِيعِ؛
وأَنشد الليث في صفة ثَغْر امرأَة:
وتَبْسِمُ عن نَيِّرٍ كالوَلِيـ
ـعِ، شَقَّقَ عنه الرُّقاةُ الجُفُوفا
الوَلِيعُ: الطَّلْعُ، والرُّقاةُ: الذين يَرْقَوْنَ على النخل: أَبو
عمرو: جُفٌّ وجُبٌّ لوِعاء الطلع. وفي حديث سِحْر النبي، صلى اللّه عليه
وسلم: طُبَّ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فجعل سِحْره في جُفِّ طَلْعَةِ
ذكرٍ ودُفِنَ تحتَ راعُوفةِ البئر؛ رواه ابن دريد بإضافة طلعة إلى ذكر أَو
نحوه؛ قال أَبو عبيد: جُفُّ الطلعةِ وِعاؤها الذي تكون فيه، والجمع
الجُفوفُ، ويروى في جُّبّ، بالباء. قال ابن دريد: الجُفُّ نِصْفُ قِرْبة تُقطع
من أَسْفلِها فتجعل دَلْواً؛ قال:
رُّبَّ عَجُوزٍ رأْسُها كالقُفَّهْ،
تَحْمِلُ جُفّاً معها هِرْشَفّهْ
الهِرْشَفَّةُ: خِرْقةٌ ينشَّف بها الماء من الأَرض.
والجُفُّ: شيء من جُلود الإبل كالإناء أَو كالدَّلْو يؤخذ فيه ماء
السماء يسَعُ نِصْفَ قِرْبة أَو نحوه. الليث: الجُفَّةُ ضرب من الدِّلاء يقال
هو الذي يكون مع السَّقَّائِينَ يملؤون به المزايدَ. القُتَيْبي: الجُفُّ
قِرْبة تُقْطع عند يديها ويُنْبَذ فيها. والجُفُّ: الشنُّ البالي يقطع
من نصفه فيجعل كالدلو، قال: وربما كان الجُفّ من أَصل نخل يُنْقَر. قال
أَبو عبيد: الجفّ شيء ينقر من جذوع النخَل. وفي حديث أَبي سعيد: قيل له
النَّبيذُ في الجُفّ، فقال: أَخْبَثُ وأَخْبَثُ؛ الجُفّ: وعاء من جلود لا
يُوكأُ أَي لا يُشَدّ، وقيل: هو نصف قربة تقطع من أَسفلها وتتخذ دلواً.
والجُفُّ: الوطْبُ الخَلَقُ؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إبْلُ أَبي الحَبْحابِ إبْلٌ تُعْرَفُ،
يَزِينُها مُجَفَّفٌ مُوَقَّفُ
إنما عنى بالـمُجفَّفِ الضَّرْعَ الذي كالجُفِّ وهو الوطْبُ الخَلَقُ.
والـمُوَقَّفُ: الذي به آثار الصِّرار.
والجُفُّ: الشيخ الكبير على التشبيه بها؛ عن الهجري. وجُفُّ الشيء:
شَخْصُه. والجُفُّ والجُفَّةُ والجَفَّة، بالفتح: جماعة الناس. وفي الحديث عن
ابن عباس: لا نَفَلَ في غنِيمةٍ حتى تُقْسَمَ جُفَّةً أَي كلّها، ويروى:
حتى تقسم على جُفَّتِه أَي على جماعة الجيش أَولاً. ويقال: دُعِيتُ في
جَفَّة الناس، وجاء القوم جَفّةً واحدة. الكسائي: الجَفَّةُ والضّفَّة
والقِمَّةُ جماعة القوم؛ وأَنشد الجوهري على الجُفّ، بالضم، الجماعة قول
النابغة يُخاطِبُ عَمْرو بن هندٍ الملك:
مَنْ مُبْلِغٌ عَمْرو بنَ هِنْدٍ آيةً،
ومِنَ النَّصيحةٍ كَثْرَةُ الإنْذارِ:
لا أَعْرِفَنَّكَ عارِضاً لِرِماحِنا
في جُفِّ تَغْلِبَ وارِدِي الأَمـْرارِ
يعني جَماعَتَهم. قال: وكان أَبو عبيدة يرويه في جُفِّ ثَعْلَبَ، قال:
يريد ثَعْلَبَةَ بنَ عَوف بن سعد ابن ذُبْيانَ. وقال ابن سيده: الجفّ
الجمع الكثير من الناس، واستشهد بقوله: في جفّ ثَعْلَب، قال: ورواه الكوفيون
في جوف تغلب، قال: وقال ابن دريد هذا خطأ. وفي الحديث: الجَفاء في هذين
الجُفَّيْن: رَبيعةَ ومُضَر؛ هو العدد الكثير والجماعة من الناس؛ ومنه قيل
لبكر وتميم الجُفّانِ؛ قال حميد بن ثور الهلالي:
ما فَتِئَتْ مُرَّاقُ أَهلِ المِصْرَيْنْ:
سَقْطَ عُمانَ، ولُصُوصَ الجُفَّيْنْ
وقال ابن بري: الرَّجز لحُميد الأَرْقط؛ وقال أَبو ميمون العجلي:
قُدْنا إلى الشامِ جِيادَ المِصْرَيْنْ:
مِنْ قَيْس عَيْلانَ وخَيْلِ الجُفَّيْنْ
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: كيف يَصْلُح أَمرُ بلد جُلُّ أَهلِه هذانِ
الجُفّان؟ وفي حديث عثمان، رضي اللّه عنه: ما كنتُ لأَدَعَ المسلمين بين
جُفَّيْن يضرب بعضُهم رِقابَ بعضٍ.
وجُفافُ الطير: موضع؛ قال جرير:
فما أَبصَرَ النارَ التي وضَحَتْ له،
وراءَ جُفافِ الطَّيْرِ، إلاّ تَمارِيا
وجَفّةُ الـمَوْكِبِ وجَفْجَفَتُه: هَزِيزُه.
والتِّجْفافُ والتَّجْفافُ: الذي يُوضَعُ على الخيل من حديدٍ أَو غيره
في الحرب، ذهَبُوا فيه إلى معنى الصلابة والجُفُوفِ؛ قال ابن سيده: ولولا
ذلك لوجب القضاء على تائها بأَنها أَصلُ لأَنها بإزاءِ قاف قِرطاس. قال
ابن جني: سأَلت أَبا عليّ عن تِجْفافِ أَتاؤُه للإلحاق بباب قرطاس؟ فقال:
نعم، واحتج في ذلك بما انضاف إليها من زيادة الأَلف معها، وجمعه
التَّجافِيفُ. والتَّجفاف، بفتح التاء: مثل التَّجْفِيف جَفَّفْتُه تَجْفِيفاً.
وفي الحديث: أَعِدَّ للفَقْرِ تِجْفافاً؛ التِّجْفافُ: ما جُلِّلَ به
الفرس من سِلاحٍ وآلة تقيه الجِراحَ. وفرس مُجَفَّفٌ: عليه تجفاف، والتاء
زائدة. وتجفيف الفرس: أَن تُلبسه التجفاف. وفي حديث الحديبية: فجاء يقوده
إلى رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، على فرس مُجَفَّفٍ أَي عليه تِجفافٌ،
قال: وقد يلبَسُه الإنسان أَيضاً. وفي حديث أَبي موسى: أَنه كان على
تجافِيفه الديباجُ؛ وقول الشاعر:
كبَيْضَةِ أُدْحِيٍّ تَجَفَّفَ فَوقَها
هِجَفٌّ حَداه القَطْرُ، والليلُ كانِعُ
أَي تحرَّك فوقها وأَلبسها جناحيه.
والجَفْجَفَةُ: صوت الثوب الجديد وحركة القرطاس، وكذلك الخَفْخَفَةُ،
قال: ولا تكون الخفخفةُ إلا بعد الجَفْجَفةِ.
والجَفَفُ: الغَلِيظُ اليابِسُ من الأَرض. والجَفْجَفُ: الغَلِيظُ من
الأَرض، وقال ابن دريد: هو الغِلَظُ من الأَرض فجعله اسماً للعَرَضِ إلا
أَن يعني بالغِلَظِ الغلِيظَ، وهو أَيضاً القاعُ المستوي الواسِعُ.
والجَفْجَفُ: القاعُ المستدير؛ وأَنشد:
يَطْوِي الفِيافي جَفْجَفاً فَجَفْجَفا
الأَصمعي: الجُفُّ الأَرض المرتفعة وليست بالغَليظة ولا الليِّنة، وهو
في الصحاح الجَفْجَفُ؛ وأَنشد ابن بري لمُتَمِّمِ بن نُوَيْرَة:
وحَلّوا جَفْجَفاً غيرَ طائِل
التهذيب في ترجمة جعع: قال إسحق بن الفرج سمعت أَبا الربيع البكري يقول:
الجَعْجَعُ والجَفْجَفُ من الأَرض الـمُتَطامِنُ، وذلك أَن الماء
يَتَجَفْجَفُ فيه فيقوم أَي يدوم، قال: وأَرَدْتُه على يَتَجَعْجَع فلم يقلها
في الماء. وجَعْجَعَ بالماشِيةِ وجَفْجَفَها إذا حبسها. ابن الأَعرابي:
الضَّفَفُ القِلَّةُ، والجَفَفُ الحاجةُ. الأَصمعي: أَصابهم من العيش
ضَفَفٌ وجَفَفٌ وشَظَفٌ، كل هذا من شِدَّةِ العيش. وما رُؤيَ عليه ضَفَفٌ ولا
جَفَفٌ أَي أَثر حاجة، ووُلِدَ للإنسان على جَفَفٍ أَي على حاجة إليه.
والجَفْجَفَةُ: جمع الأَباعِر بعضِها إلى بعض.
وجُفافٌ: اسم وادٍ معروفٍ.
جرجم: جَرْجَمَ الطعامَ: أَكله، على البَدَل من جَرجَبَ. وجَرْجَمَ
الشرابَ: شَرِبه. وجَرْجَمَ البيتَ: هَدَمَه أو قَوَّضَه. وتَهَدّم الحائطُ
وتَجَرْجَمَ هو: سقط. وفي الحديث: أنّ جبريل، عليه السلام، أخَذ بعُرْوتها
الوُسطَى، يعني مدائن قَوم لوط، على نبينا وعليه السلام، ثم أَلْوَى
بها في جَوِّ السماء حتى سمعت الملائكةُ ضَواغِيَ كلابها، ثم جَرْجَمَ
بعضها على بعض أي أَسقط. والمُجَرْجَمُ: المَصْرُوعُ؛ قال العجاج:
كأَنهم من فائِظٍ مُجَرْجَمِ
وجَرَجَمَ الرجلَ: صَرَعه. وتَجَرْجَمَ الوَحْشِيُّ وغيره في وجاره:
تَقَبَّض وسكن، وقد جَرْجَمه الخوفُ.
وفي حديث وَهْبٍ قال: قال طالوتُ لدواد، عليه السلام: أنت رجل جَرِيءٌ
وفي جبالنا هذه جَراجِمةٌ يَحْتَرِبُون الناسَ أي لصوص يَسْتَلِبون الناسَ
ويَنْتَهبونهم. والجَراجِمَة: قوم من العجم بالجزيرة. ويقال: الجَراجِمة
نَبَطُ الشَّام؛ قال ابن بري: ومنه قول أَبي وَجْزة:
لو أَنَّ جَمْعَ الرُّومِ والجَراجِمَا
جرن: الجِرانُ: باطن العُنُق، وقيل: مُقدَّم العنق من مذبح البعير إلى
منحره، فإذا برَك البعيرُ ومدّ عنُقَه على الأَرض قيل: أَلقى جِرانَه
بالأَرض. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: حتى ضرَب الحقُّ بجِرانِه، أَرادت
أَن الحقَّ استقام وقَرَّ في قَراره، كما أَن البعير إذا بَرَك واستراح
مدّ جِرانَه على الأَرض أَي عُنُقَه. الجوهري: جِرانُ البعير مقدَّم عُنقه
من مذبحه إلى منحره، والجمع جُرُنٌ، وكذلك من الفرس. وفي الحديث: أَن
ناقتَه، عليه السلام، تَلَحْلحَتْ عند بيت أَبي أَيوب وأَرْزَمتْ ووَضَعتْ
جِرانَها؛ الجِران: باطن العُنق. اللحياني: أَلقى فلانٌ على فلان أَجْرانه
وأَجرامَه وشَراشِره، الواحد جِرْمٌ
وجِرْنٌ، إنما سمعتُ في الكلام أَلقى عليه جِرانَه، وهو باطن العُنق،
وقيل: الجِران هي جلدة تَضْطرب على باطِن العنق من ثُغْرة النحر إلى منتهى
العُنق في الرأْس؛ قال:
فَقَدَّ سَراتَها والبَرْكَ منها،
فخَرَّتْ لليَدَيْنِ وللجِرانِ.
والجمع أَجْرِنة وجُرنٌ. وفي الحديث: فإذا جملان يَصْرفان فدَنا منهما
فوَضَعا جُرُنهما على الأَرض؛ واستعار الشاعر الجِران للإنسان؛ أَنشد
سيبويه:
مَتى تَرَ عَيْنَيْ مالكٍ وجِرانَه
وجَنْبَيه، تَعْلمْ أَنه غيرُ ثائرِ.
وقول طرَفة في وصف ناقة:
وأَجرِنةٍ لُزَّتْ بِدَأْيٍ مُنَضَّدِ.
إنما عظَّم صدرَها فجعل كلَّ جزء منه جِراناً كما حكاه سيبويه من قولهم
للبعير ذو عَثانين. وجِران الذكَر: باطنُه، والجمع أَجرِنةٌ وجُرُنٌ.
وجَرَنَ الثوبُ والأَديمُ يَجْرُن جُروناً، فهو جارِن وجَرين: لان وانسحق،
وكذلك الجلد والدرع والكتاب إذا درَس، وأَدِيم جارِن؛ وقال لبيد يصف
غَرْبَ السانية:
بمُقابَلٍ سَرِبِ المَخارِزِ عِدْلُه،
قَلِقُ المَحالةِ جارِنٌ مَسْلومُ.
قال ابن بري يصف جِلداً عُمل منه دَلوٌ. والجارِنُ: الليِّن،
والمَسْلوم: المدبوغ بالسَّلَم. قال الأَزهري: وكلُّ سِقاءٍ قد أَخلَق أَو ثوب فقد
جَرَن جُروناً، فهو جارِن. وجَرَن فلانٌ على العَذْلِ ومَرَن ومَرَدِ
بمعنى واحد. ويقال للرجل والدابة إذا تعَوَّد الأَمرَ ومَرَن عليه: قد
جَرَنَ يَجْرُن جُروناً؛ قال ابن بري: ومنه قول الشاعر:
سَلاجِم يَثْرِبَ الأُولى،
عليها بيَثْرِبَ كرَّةٌ بعد الجُرونِ.
أَي بعد المُرون. والجارِنة: الليِّنة من الدروع. أَبو عمرو: الجارِنة
المارِنة. وكلُّ ما مَرَن فقد جَرَن؛ قال لبيد يصف الدروع:
وجَوارِن بيض، وكلّ طِمرَّةٍ
يَعْدُو عليها القَرَّتَيْن غُلام.
يعني دُروعاً ليِّنة. والجارِن: الطريق الدارِس. والجَرَنُ: الأَرض
الغليظة؛ وأَنشد أَبو عمرو لأَبي حبيبة الشيباني:
تَدَكَّلَتْ بَعْدي وأَلْهَتْها الطُّبَنْ،
ونحنُ نَغْدو في الخَبار والجَرَنْ،
ويقال: هو مبدل من الجَرَل. وجَرَنَت يدُه على العمل جُروناً: مرنَت.
والجارِن من المتاع: ما قد اسْتُمْتِع به وبَلْيَ. وسِقاءٌ جارِن: يَبِس
وغلُظ من العمل. وسَوْطٌ مُجَرَّن: قد مَرَن قَدُّه. والجَرين: موضع
البُرّ، وقد يكون للتمر والعنب، والجمع أَجرِنة وجُرُن، بضمتين، وقد أَجرَن
العنبَ. والجَرينُ: بَيْدَر الحَرْث يُجْدَر أَو يُحْظَر عليه. والجُرْنَ
والجَرين: موضع التمر الذي يُجَفَّف فيه. وفي حديث الحدود: لا قَطْعَ في
ثمر حتى يُؤْوِيَهُ الجَرينُ؛ هو موضع تجفيف الثمر، وهو له كالبَيدر
للحنطة، وفي حديث أُبَيّ مع الغول: أَنه كان له جُرُنٌ من تمر. وفي حديث ابن
سيرين في المُحاقَلة: كانوا يشترطُون قُمامةَ الجُرُنِ، وقيل: الجَرينُ
موضع البَيْدر بلغة اليمن. قال: وعامَّتُهم يَكسِر الجيمَ، وجمعه جُرُنٌ.
والجَرينُ: الطِّحْنُ، بلغة هُذيل؛ وقال شاعرهم:
ولِسَوْطِه زَجَلٌ، إذا آنَسْتَه
جَرَّ الرَّحى بجَرينِها المَطْحونِ.
الجَرين: ما طَحَنتَه، وقد جُرِنَ الحبُّ جَرْناً شديداً. والجُرْنُ:
حجر منقورُ يُصبُّ فيه الماء فيُتوضأُ به، وتسميه أَهلُ المدينة المِهْراسَ
الذي يُتَطهَّر منه. والجارِنُ: ولدُ الحية من الأَفاعي. التهذيب:
الجارن ما لانَ من أَولاد الأَفاعي. قال ابن سيده: والجِرْنُ الجسم، لغة في
الجِرْم زعموا؛ قال: وقد تكون نونه بدلاً من ميم جِرْم، والجمع أَجْران،
قال: وهذا مما يقوي أَن النون غير بدل لأَنه لا يكاد يُتصرَّف في البلد هذا
التصرف. وأَلقى عليه أَجرانَه وجِرانه أَي أَثقاله. وجِرانُ العَوْدِ:
لقَب لبعض شعراء العرب؛ قال الجوهري: هو من نُمير واسمه المُسْتورِد
(*
قوله «واسمه المستورد» غلطه الصاغاني حيث قال وإنما اسم جران العود بن
الحرث بن كلفة أي بالضم، وقيل كلفة بالفتح). وإنما لقِّب بذلك لقوله يخاطب
امرأَتيه:
خُذا حَذَراً، يا جارَتَيَّ، فإنَّني
رأَيتُ جِرانَ العَوْدِ قد كاد يَصْلَحُ.
أَراد بِجران العَوْد سوطاً قدَّه من جِران عَوْدٍ نَحَره وهو أَصلب ما
يكون. الأَزهري: ورأَيت العرب تسوَّي سياطها من جُرُن الجِمال البُزْل
لصَلابتِها، وإنما حذَّر امرأَتيه سوطَه لنُشوزهما عليه، وكان قد اتخذ من
جلد البعير سوْطاً ليضرب به نساءَه. وجَيرُون: باب من أَبواب دمشق، صانها
الله عز وجل. والجِرْيانُ: لغة في الجِرْيال، وهو صِبْغ أَحمر. والمجرين
(* قوله «والمجرين» هكذا في الأصل بدون ضبط).: الميت؛ عن كراع. وسفَر
مِجْرَنٌ: بعيد؛ قال رؤبة:
بعد أَطاوِيحِ السِّفار المِجْرن
قال ابن سيده: ولم أَجد له اشتقاقاً.
كرث: كَرَثَه الأَمْرُ يَكْرِثُه ويَكْرُثُه كَرْثاً، وأَكْرَثه: ساءه
واشتدَّ عليه، وبَلَغَ منه المَشَقَّةَ، قال الأَصمعي: ولا يقال كَرَثَه،
وإِنما يقال أَكْرَثَه، على أَنَّ رُؤبة قد قال:
وقد تُجَلَّى الكُرَبُ الكَوارِثُ
وفي حديث عَلِيِّ: في سَكْرة مُلْهِثَة، وغَمْرةٍ كارِثةٍ؛ أَي شديدة
شاقَّة، من كَرَثه الغَمُّ أَي بَلَغَ منه المَشَقَّة.
ويقال: ما أَكْتَرِثُ له أَي ما أُبالي به. وفي حديث قُسٍّ: لم
يُخَلِّنا سُدًى من بعد عيسى، واكْتَرَث. يقال: ما أَكْتَرِثُ به أَي ما أُبالي،
ولا يُستعمل إِلاَّ في النفي، وقد جاء ههنا في الاثبات، وهو شاذ.
واكْتَرَثَ له: حَزِنَ.
وامرأَة كَرِيثٌ كارِثٌ، وكلُّ ما أَثْقَلَكَ، فقد كَرَثَكَ. الليث:
يقال ما أَكْرَثَني هذا الأَمْرُ أَي ما بَلَغَ مني مَشَقَّةً، والفعلُ
المُجاوز: كَرَثْتُه، وقد اكْترَثَ هو اكْتِراثاً، وهذا فعل لازم. الأَصمعي:
كَرَثَني الأَمْرُ وقَرَثَني: إِذا غَمَّه وأَثْقَلَه، والكَرِيثاء:
ضَرْبٌ من البُسْر يوصَفُ به ويُضاف؛ عن أَبي الحسن الأَخْفش. التهذيب: يقال
بُسْرُ قَرِيثاءَ وكَرِيثاءَ لضَرْبٍ من التمر معروف.
والكَرَّاثُ: بقْلة؛ قال ابن سيده: الكُرَّاثُ والكَرَّاثُ، الأَخيرة عن
كراع: ضَرْبٌ من النبات مُمْتَدٌّ، أَهْدَبُ، إِذا تُرِكَ خَرَجَ من
وَسطه طاقةٌ فطارَتْ؛ قال ذو الرمة يصف فِراخَ النَّعام:
كأَنَّ أَعناقَها كُرَّاثُ سائِقةٍ،
طارَتْ لَفائِفُها، أَو هَيْشَرٌ سَلِبُ
وقال أَبو حنيفة: من العُشْب الكَرَاثُ، تَطُول قَصَبَتُه الوُسْطة، حتى
تكونَ أَطولَ من الرجُل. التهذيب: الكَرَّاث بَقْلة. والكَرَاث، بفتح
الكاف وتخفيف الراء: بقلة أُخرى، الواحدة كَرَاثةٌ؛ قال أَبو ذَرَّة
الهُذَليُّ:
إِنَّ حَبيبَ بنَ اليَمانِ قد نَشِبْ
في حَصِدٍ من الكَرَاثِ، والكَنِبْ
قال: الكَرَاث والكَنِبُ شجرتان.
إِن يَنتَسِبْ، يُنسَبْ إِلى عِرْقٍ وَرِبْ،
أَهلِ خَزُوماتٍ، وشَحَّاجٍ صَخِبْ،
وعازِبٍ أَقْلَحَ، فُوهُ كالخَرِبْ
أَراد بالعازب: مالاً عَزَبَ عن أَهله. أَقْلَحَ: اصْفَرَّتْ أَسنانُه
من الهَرَم. ابن سيده: الكَراثُ ضَرْبٌ من النبات، واحدتُه كَراثةٌ، وبه
سمي الرجل كَراثةً. قال أَبو حنيفة: الكَراثُ شجرةٌ جبلية، لها خِطْرة
ناعمةٌ لَيِّنَة، إِذا فُدِغَتْ هُرِيقَتْ لَبَناً، والناسُ يَسْتَمْشُون
بلَبنِها، قال: ويُؤْتَى بالمَجْذُوم حتى يُتَوَسَّطَ به مَنْبِتُ
الكَرَاثِ، فيقيم فيه، ويُخْلَط له بطعامه وشرابه، فلا يَلْبَثُ أَن يَبْرأَ من
جُذامِه، وتَذْهبَ قوَّتُه، يعني قُوَّةَ الجُذام. قال: وقال الأَزْدِيُّ:
لا أَعرفه ينبت إِلاَّ بذي كَشاءٍ؛ قال: ويزعمون أَنَّ جِنِّيَّةً قالت
من أَراد الشفاء من كل داء فعليه بنباتِ البُرْقة من ذاتِ كَشَاءٍ.
والكُرَّاثُ: موضع.
كوف: كوَّف الأَدِيم: قَطَعه؛ عن اللحياني، ككَيَّفه، وكَوَّف الشيءَ:
نحّاه، وكوَّفه: جمعه. والتكَوُّف: التجمع.
والكُوفة: الرملة المجتمعة، وقيل: الكوفة الرملة ما كانت، وقيل: الكوفة
الرملة الحمراء وبها سميت الكوفة. الأزهري: الليث كُوفانُ اسم أَرض وبها
سميت الكوفة. ابن سيده: الكوفة بلد سميت بذلك لأَن سعداً لما أَراد أَن
يبني الكوفة ارتادها لهم وقال: تكوَّفوا في هذا المكان أَي اجتمعوا فيه،
وقال المفضل: إنما قال كوِّفُوا هذا الرمل أي نَحُّوه وانزلوا، ومنه سميت
الكُوفة. وكُوفان: اسم الكوفة؛ عن اللحياني، قال: وبها كانت تدعى قبل،
قال الكسائي: كانت الكوفة تُدْعى كُوفانَ.
وكوَّفَ القومُ: أَتوا الكوفة؛ قال:
إذا ما رأَتْ يوماً من الناس راكباً
يُبَصِّر من جِيرانها، ويُكوِّفُ
وكوَّفْت تكويفاً أَي صرت إلى الكوفة؛ عن يعقوب. وتكوَّفَ الرجلُ أَي
تشبّه بأَهل الكوفة أَو انتسب إليهم. وتكوَّفَ الرملُ والقومُ أَي
استداروا.والكُوفانُ والكُوَّفان: الشرُّ الشديد. وتَرك القومَ في كَوفان أَي في
أَمر مستدير. وإنَّ بني فلان من بني فلان لفي كُوفان وكَوَّفان أَي في
أَمر شديد، ويقال في عَناء ومَشَقَّة ودَوَران؛ وأَنشد ابن بري:
فما أَضْحى وما أَمْسَيْتُ إلا
وإني منكُم في كَوَّفانِ
وإنه لفي كُوفان من ذلك أَي حِرْز ومَنَعة. الكسائي: والناس في كُوفان
من أَمرهم وفي كُوَّفان وكَوْفان أَي في اختلاط. والكُوفانُ: الدَّغَل بين
القصَب والخشب.
والكاف: حرف يذكر ويؤنث، قال: وكذلك سائر حروف الهجاء؛ قال الراعي:
أَشاقَتْكَ أَطْلالٌ تَعَفَّتْ رُسُومُها،
كما بيّنت كاف تلُوح ومِيمها؟
والكاف أَلفها واو؛ قال ابن سيده: وهي من الحروف حرف مهموس يكون أَصلاً
وبدلاً وزائداً ويكون اسماً، فإذا كانت اسماً ابتدئ بها فقيل كزيد
جاءني، يريد مثل زيد جاءني، وكبكر غلامٌ لزيد، يريد مثل بكر غلام لزيد، فإن
أَدخلت إنَّ على هذا قلت إنَّ كبكر غلامٌ لمحمد فرفعت الغلام لأَنه خبر
إنَّ، والكاف في موضع نصب لأَنها اسم إن، وتقول إذا جعلت الكاف خبراً مقدماً
إنَّ كبكر أَخاك تريد إن أَخاك كبكر كما تقول إن من الكرام زيداً، وإذا
كانت حرفاً لم تقع إلا متوسطة فتقول مررت بالذي كزيد، فالكاف هنا حرف لا
محالة، واعلم أَن هذه الكاف التي هي حرف جر كما كانت غير زائدة فيما
قدمنا ذكرها، فقد تكون زائدة مؤكدة بمنزلة الباء في خبر ليس وفي خبر ما ومِن
وغيرها من الحروف الجارّة، وذلك نحو قوله عز وجل: ليس كمثله شيء؛ تقديره
واللّه أَعلم: ليس مثلَه شيء، ولا بد من اعتقاد زيادة الكاف ليصح المعنى
لأَنك إن لم تعتقد ذلك أَثبتَّ له عزّ اسمه مثلاً، وزعمت أَنه ليس كالذي
هو مثله شيء، فيفسد هذا من وجهين: أَحدهما ما فيه من إثبات المثل لمن لا
مثل له عز وعلا علوّاً كبيراً، والآخر أَن الشيء إذا أَثبَتَّ له مثلاً
فهو مِثل مثله لأَن الشيء إذا ماثله شيء فهو أَيضاً مُماثل لما ماثله، ولو
كان ذلك كذلك على فساد اعتقاد اعتقاد معتقده لما جاز أَن يقال ليس كمثله
شيء، لأَنه تعالى مِثلُ مِثله وهو شيء لأَنه تبارك اسمه قد سمى نفسه
شيئاً بقوله: قل أَيُّ شيء أَكبر شَهادة قل اللّه شَهيد بيني وبينكم؛ وذلك
أَن أَيّاً إذا كانت استفهاماً لا يجوز أَن يكون جوابها إلا من جنس ما
أُضيفت إليه، أَلا ترى أَنك لو قال لك قائل أيُّ الطعام أَحب إليك لم يجز
أَن تقول له الركوب ولا المشي ولا غيره مما ليس من جنس الطعام؟ فهذا كله
يؤكد عندك أَن الكاف في كمثله لا بدَّ أَن تكون زائدة؛ ومثله قول رؤبة:
لَواحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ
والمَقَقُ: الطُّول، ولا يقال في هذا الشيء كالطول إنما يقال في هذا
الشيء طول، فكأَنه قال فيها مَقَق أَي طول، وقد تكون الكاف زائدة في نحو ذلك
وذاك وتِيك وتلك وأُولئك، ومن العرب من يقول لَيْسَكَ زيداً أَي ليس
زيداً والكاف لتوكيد الخطاب، ومن كلام العرب إذا قيل لأَحدهم كيف أَصبحت أَن
يقول كخيرٍ، والمعنى على خير، قال الأَخفش: فالكاف في معنى على؛ قال ابن
جني: وقد يجوز أَن تكون في معنى الباء أَي بخير، قال الأَخفش ونحو منه
قولهم: كن كما أَنت. الجوهري الكاف حرف جر وهي للتشبيه؛ قال: وقد تقع موقع
اسم فيدخل عليها حرف الجر كما قال امرؤ القيس يصف فرساً:
ورُحْنا بِكابنِ الماء يُجْنَبُ وسْطَنا،
تَصَوَّبُ فيه العَيْنُ طَوراً وتَرْتَقي
قال:؛ وقد تكون ضميراً للمُخاطب المجرور والمنصوب كقولك غلامك وضَربك،
وتكون للخطاب ولا موضع لها من الإعراب كقولك ذلك وتلك وأُولئك ورُوَيْدَك،
لأَنها ليست باسم ههنا وإنما هي للخطاب فقط تفتح للمذكر وتكسر للمؤنث.
وكوَّفَ الكاف: عَمِلها. وكوَّفْت كافاً حسناً أَي كتبت كافاً. ويقال:
ليست عليه تُوفة ولا كوفة، وهو مثل المَزْرِيةِ. وقد تافَ وكافَ.
والكُوَيْفةُ: موضع يقال له كُويفة عمرو، وهو عمرو بن قيس من الأزْد كان
أَبْرويز لما انهزم من بَهرام جُور نزل به فقراه وحمله، فلما رجع إلى
ملكه أَقطعه ذلك الموضع.
خبب: الخَبَبُ: ضَرْبٌ من العَدْوِ؛ وقيل: هو مِثْلُ الرَّمَلِ؛ وقيل: هو أَن يَنْقُل الفَرَسُ أَيامِنَه جميعاً، وأَياسِرَه جميعاً؛ وقيل: هو أَن يُراوِحَ بين يديهِ ورجليهِ، وكذلك البعيرُ؛ وقيل: الخَبَب
السُّرْعَة؛ وقد خَبَّت الدَّابَّة تَخُبُّ، بالضَّمِّ، خَبّاً وخَبَباً وخَبِيباً،
واخْتَبَّتْ، حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
مُذَكَّرَة الثُّنْيَا، مُسانَدَة القَرَى، * جُمَالِيَّة تَخْتَبُّ ثم تُنِيبُ
وقد أَخَبَّها صاحِبُها، ويقال: جاؤُوا مُخِبِّينَ تَخُبُّ بهم دَوَابُّهم. وفي الحديث: أَنه كان إِذا طافَ، خَبَّ ثَلاثاً، وهو ضرب من العَدْوِ.
وفي الحديث: وسُئِلَ عن السَّيرِ بالجَنَازَة، فقال: ما دونَ الخَبَبِ.
وفي حديث مُفاخَرَةِ رعاءِ الإِبلِ والغَنَمِ: هل تَخُبُّون أَو تَصِيدون؟
أَراد أَنَّ رعاءَ الغَنَم لا يَحْتاجونَ أَن يَخُبُّوا في آثارِها، ورِعاء الإِبلِ يَحْتاجُون إِليه إِذا ساقُوها إِلى الماءِ(1)
(1 قوله «ورعاء الابل يحتاجون إِليه إِذا ساقوها إِلى الماء» اي ويعزبون بها في المرعى فيصيدون الظباء والرثال وأولئك لا يبعدون عن المياه والناس فلا يصيدون ا هـ. من هامش
النهاية.).
والخِبُّ: الخِدَاعُ والخُبْثُ والغِشُّ، ورجلٌ مُخابٌّ مُدْغِلٌ، كأَنه
على خابَّ. ورجلٌ خَبٌّ وخِبٌّ: خَدَّاع جُرْبُزٌ، خَبيثٌ مُنْكَرٌ، وهو
الخِبُّ والخَبُّ؛ قال الشاعر:
وما أَنتَ بالخَبِّ الخَتُورِ ولا الذي * إِذا اسْتُودِعَ الأَسْرارَ يوماً أَذاعَها
والأُنثى: خَبَّة. وقد خَبَّ يَخَبُّ خِبّاً، وهو بَيِّنُ الخِبِّ، وقد خَبِبْتَ يارجُلُ تَخَبُّ خِبّاً، مثلُ عَلِمْتَ تَعْلم عِلْماً؛ ابن الأَعرابي في قوله:
لا أُحْسِنُ قَتْوَ الـمُلوكِ والخَبَبا(1)
(1 قوله «لا أحسن إلخ» هو عجز بيت، وصدره: اني امرؤ من بني فزارة)
قال: الخَبَبُ الخُبْثُ، وقال غيره: أَراد بالخَبَبِ مصدَر خَبَّ
يَخُبُّ إِذا عَدَا. وفي الحديث: لا يدخُلُ الجنَّةَ خَبٌّ ولا خائنٌ.
الخَبُّ، بالفتْح: الخَدَّاعُ وهو الجُرْبُزُ الذي يَسْعَى بينَ الناسِ
بالفَساد؛ ورجلٌ خَبٌّ وامرأَةٌ خَبَّةٌ، وقد تُكْسَرُ خاؤُه، فأَمـَّا المصدر فبالكسر لا غير.
والتَّخبِيبُ: إِفْسادُ الرجُل عَبْداً أَو أَمَةً لغيرهِ؛ يقال: خَبَّبَها فأَفسَدَها.
وخَبَّبَ فلانٌ غُلامي أَي خَدَعَه. وقال أَبو بكر في قولهم، خَبَّبَ
فلانٌ على فلانٍ صَديقَه: معناه أَفسده عليه؛ وأَنشد:
أُمَيْمة أَمْ صارتْ لقَوْلِ الـمُخَبِّبِ
والخِبُّ: الفسادُ. وفي الحديث: من خَبَّبَ امرَأَةً ومَمْلوكاً على
مُسْلِمٍ فلَيس منَّا، أَي خدَعَه وأَفسده؛ ورجل خَبٌّ ضَبٌّ، وفي الحديث: الـمُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ، والكافِرُ خَـِبٌّ لَئيمٌ؛ فالغِرُّ الذي لا يَفْطُن للشَّرّ، والخِـَبُّ: ضِدُّ الغِرِّ، وهو الخَدَّاعُ الـمُفْسِدُ.
يقال: ما كنْت خَبّاً، ولقد خَبِبْتَ تَخَبُّ خِبًّا. وقال ابنُ سيرين:
إِني لَسْت بِخِـَبٍّ، ولكِنِ الخِـَبُّ لا يَخْدَعُني.
والخِبُّ: هَيَجانُ البَحْرِ واضْطِرابُه؛ يقال أَصَابَهُم خِبٌّ إِذا
هَاجَ بِهِمُ البَحْر؛ خَبَّ يَخِبُّ. التهذيب: يقال أَصابهم الخِبُّ إِذا
اضطربت أَمواج البحر، والْتَوَتِ الرياحُ في وَقْتٍ مَعْلُومٍ، تُلْجَأُ
السُّفُنُ فيه إِلى الشَّط، أَو يُلْقَى الأَنجَر.
ابن الأَعرابي: الخِبابُ ثَوَرانُ البَحْر. وفي الحديث: أَنَّ يونس، على نَبِيِّنا وعَلَيه الصلاة والسلامُ، لـمَّا رَكِبَ البَحْر أَخَذَهم
خِبٌّ شدِيدٌ. يقال: خَبَّ البَحرُ إِذا اضطرب.
والخَبُّ: حَبْلٌ من الرَّمْلِ، لاطِئٌ بالأَرض. والخُبَّةُ:
مُسْتَنْقَعُ الماءِ. قال أَبو حنيفة: الخُبَّة من الرمْلِ، كَهَيْئَةِ الفَالِقِ،
غير أَنـَّها أَوْسع وأَشَدُّ انتِشاراً، ولَيْسَتْ لها جِرَفَة، وهي الخِبَّة والخَبِيبة؛ وقيل الخِبَّة والخَبَّة والخُبَّة: طَريقٌ من رَمْلٍ، أَو سَحابٍ، أَو خِرْقَةٌ كالعِصابة، والخَبِيبَة مثْلُه.
قال أَبو عبيدة: الخَبِيبَة كلُّ ما اجْتَمَع فطَالَ من اللَّحْمِ؛ قال:
وكلُّ خَبِيبَةٍ من لَحْمٍ، فهو خَصيلَةٌ، في ذِراعٍ كانَتْ أَو غَيرِها. ويقال: أَخَذَ خَبِيبَةَ الفَخِذ. ولَحْمُ الـمَتْنِ يقال لهُ الخَبِيبَةُ، وهنَّ الخَبائِبُ.
والخُبُّ: الغامِضُ من الأَرض، والجمع أَخْباب وخُبُوب.
والـمَخَبَّة: بَطْنُ الوادي(2)
(2 قوله «والمخبة بطن الوادي» هكذا في الأصل والمحكم وفي القاموس والخبة بالضم مستنقع الماء وموضع وبطن الوادي.)،
وهي الخَبِيبَةُ والخُبَّةُ والخَبِيبُ.
والخُبَّةُ والخَبِيبُ: الخَدُّ في الأَرض. والخَبِيبةُ والخَبَّة والخِبَّةُ: الطريقَة من الرَّمْلِ والسَّحابِ، وهي من الثوب شِبْه الطُّرّة؛
أَنشد ثعلب:
يَطِرْنَ عن ظَهْري ومَتني خِبَبا
الأَصمعي:الخِبَّةُ والطِّبَّة والخَبِيبَةُ والطِّبَابَة: كل هذا طَرائِقُ من رَمْلٍ وسَحاب؛ وأَنشد قول ذي الرمة:
من عُجْمَةِ الرَّمْلِ أَنْقَاء لهَا خِبَبُ
قال ورواه غيره: «لها حِبَبُ» وهي الطَّرائِقُ أَيضاً.
أَبو عمرو: الخَبُّ سَهْلٌ بينَ حَزْنَينِ يكونُ فِيه الكَمْأَةُ؛ وأَنشد قول عَدِيِّ بنِ زيد:
تُجْنى لَكَ الكَمْأَةُ، رِبْعِيَّةً، * بالخَبِّ، تَنْدى في أُصُول القَصِيصْ
وقال شمر: خَبَّة الثَّوْبِ طُرَّته.
وثَوْبٌ خِبَب وأَخبابٌ: خَلَقٌ مُتَقَطِّع، عن اللحياني، وخَبائِبُ
أَيضاً، مثلُ هَبائبَ إِذا تَمَزَّقَ.
والخَبِيبَة: الشَّرِيحَة من اللَّحْمِ؛ وقيل: الخُصْلة من اللَّحمِ يَخْلِطها عَقَبٌ؛ وقيل: كلُّ خَصِيلة خَبِيبة.
وخَبائِب الـمَتْنَين: لحم طَوَارِهما؛ قال النابغة:
فأَرْسَلَ غُضْفاً، قد طَوَاهُنَّ ليلةً، * تَقَيَّظْنَ، حَتى لَحْمُهُنّ خَبائِبُ
والخَبَائِبُ: خَبائِبُ اللَّحْمِ، طَرَائِقُ تُرَى في الجِلْدِ مِن ذَهابِ اللَّحْمِ؛ يقال للَّحْمِ: خَبائِبُ أَي كُتَلٌ وزِيَمٌ وقِطَعُ ونَحْوُه. وقال أَوس ابنُ حَجَر:
صَدىً غائر العَيْنَينِ، خَبَّبَ لَحْمَه * سَمَائِمُ قَيْظٍ، فَهْو أَسْوَدُ شاسِف
قال: خَبَّبَ لحمُه، وخدَّدَ لَحْمُه أَي ذَهَبَ لحمُه، فَرِيئَتْ له طَرَائِقُ في جِلْدِه.
والخبيبة: صُوفُ الثَّنِيِّ، وهو أَفضل من العقيقة، وهي صُوفُ الجَذَع، وأَبْقَى وأَكْثر. والخبِيبة والخُبُّ: الخِرْقة تُخْرِجُها من الثَّوْب، فَتَعْصِبُ بها يدك.
واخْتَبَّ من ثَوْبه خُبَّةً أَي أَخْرَج. وقال اللحياني: الخُبُّ الخِرْقة الطويلة مثل العِصابة؛ وأَنشد:
لها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ بخُبٍّ، * وأُخْرَى ما يُسَتِّرها أُجَاحُ
الأَزهري في ترجمة حنن، قال الليث: الحَنَّةُ خِرْقة تَلْبَسُها المرأَة
فتُغَطِّي رأْسَها؛ قال الأَزهري: هذا حاقُّ التصحيف، والذي أُراه
الخَبَّة بالخاءِ والباءِ.
الفرَّاءُ: الخَبيبة القِطْعة من الثَّوْب، والخُبَّةُ الخِرْقة تُخْرِجُها من الثوب، فتَعْصِبُ بها يدَكَ؛ قال الأَزهري: وأَما الحَنَّة، بالحاء والنون، فلا أَصلَ له في باب الثِّياب.
أَبو حنيفة: الخُبَّة أَرض بين أَرْضَين، لا مُخصِبَة ولا مُجْدِبة؛ قال
الراعي:
حتى تَنالَ خُبَّةً من الخُبَبْ
ابن شميل: الخُبَّة من الأَرض طريقة لَيِّنة مَيْثاءُ، ليست بحَزْنةٍ
ولا سَهْلةٍ، وهي إِلى السُّهولة أَدنى.
قال: وأَنكره أَبو الدُّقَيْش. قال: وزعموا أَن ذا الرُّمَّة لَقِيَ رؤْبة فقال له ما معنى قول الراعي:
أَناخُوا بأَشوالٍ إِلى أَهلِ خُبَّةٍ، * طُروقاً، وقد أَقْعَى سُهَيْلٌ، فعَرَّدا؟
قال: فجعل رؤْبةُ يذهَب مرَّة ههنا، ومرَّةً ههنا إِلى أَن قال: هي أَرض بين الـمُكْلِئَة والـمُجْدِبة. قال: وكذلك هي. وقيل: أَهل خُبَّة، في بيت الراعي: أَبياتٌ قليلة، والخُبَّة من المَرَاعي ولم يفسر لنا. وقال ابن نُجَيمٍ: الخَبيبة والخُبَّة كلُّه واحدٌ، وهي الشَّقِيقة بين حَبْلَين من الرَّمْل، وأَنشد بيت الراعي. قال وقال أَبو عمرو: خُبَّة كَلأ، والخُبَّة: مكان يَسْتَنْقع فيه الماء، فَتَنْبُت حواليه البُقُول. وخُبَّة: اسم أَرض؛ قال الأَخطل:
فَتنَهْنَهَتْ عنه، وَوَلَّى يَقْتَرِي * رَمْلاً بِخُبَّةَ، تارةً، ويَصُومُ
وخَبَّ النباتُ والسَّفَى: ارتَفع وطال. وخَبَّ السَّفَى: جَرَى. وخَبَّ
الرجلُ خَبّاً: مَنَع ما عنده. وخَبَّ: نزل الـمُنْهَبِطَ من الأَرض
لئلا يُشْعَرَ بموضعه بُخلاً ولُؤْماً.
والخَوابُّ: القَراباتُ، واحدها خابٌّ؛ يقال: لي من فلان خَوابُّ؛
ويقال: لي فيهم خَوابُّ، واحِدُها خابٌّ، وهي القَراباتُ والصِّهْر.
والخَبْخابُ والخَبْخَبَة: رَخاوةُ الشيءِ الـمُضْطَرِب واضْطِرابُه.
وقد تَخَبْخَبَ بَدنُ الرجل إِذا سَمِنَ ثم هُزِلَ، حتى يَسْتَرْخِيَ
جلدُه، فتسمع له صوتاً من الهُزال. أَبو عمرو: خَبْخَبَ ووَخْوَخَ إِذا اسْتَرْخَى بطنُه، وخَبْخَب إِذا غَدَرَ، وتَخَبْخَب الحَرُّ: سكَن بعضُ فَوْرته. وخَبْخِبُوا عنكم من الظَّهِيرة: أَبْرِدُوا، وأَصله خَبِّبُوا بثلاث باءات، أَبدلوا من الباءِ الوُسْطَى خاءً للفرق بين فَعْلَل وفَعَّلَ، وإِنما زادوا الخاءَ من سائر الحروف، لأَن في الكلمة خاءً، وهذه عِلَّة جميع ما يُشْبهُه من الكلمات. وإِبل مُخَبْخَبة: عظيمة الأَجواف، وهي الـمُبَخْبَخَة، مقلوبٌ، مأْخوذٌ من بَخْ بَخْ؛ فأَما قوله:
حتى تَجِيءَ الخَطَبهْ * بِإِبِلٍ مُخَبْخَبَهْ
فليس على وجْهِه، إِنما هو مُبَخْبَخَة أَي يقال لها بَخْ بَخْ إِعْجاباً
بها، فَقَلَب؛ وأَحسنُ من ذلك مُجَبْجَبَة، بالجيم أَي عظيمة الجُنُوب، وقد مضى ذكره.
وخَبَّابٌ: اسم.
وخُبَيْبٌ :ابنُ عبداللّه بن الزبير، وكان عبداللّه يكنى بأَبي خُبَيْب؛ قال الراعي:
ما إِن أَتَيْتُ، أَبا خُبَيْبٍ، وافِداً، * يَوْماً، أُريدُ، لبَيْعَتي، تَبْديلا
وقيل: الخُبَيْبَانِ عبداللّه بن الزبير وابنه؛ وقيل: هما عبداللّه
وأَخوه مُصْعَب؛ قال حُمَيدٌ الأَرقط:
قَدْني من نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي
فمن روى الخُبَيْبِينَ على الجمع، يريد ثلاثتهم. وقال ابن السكيت: يريد أَبا خُبَيْبٍ ومَن كان على رأْيه.
خضر: الخُضْرَةُ من الأَلوان: لَوْنُ الأَخْضَرِ، يكون ذلك في الحيوان
والنبات وغيرهما مما يقبله، وحكاه ابن الأَعرابي في الماء أَيضاً، وقد
اخْضَرَّ، وهو أَخْضَرُ وخَضُورٌ وخَضِرٌ وخَضِيرٌ ويَخْضِيرٌ ويَخْضُورٌ؛
واليَخْضُورُ: الأَخْضَرُ؛ ومنه قول العجاج يصف كناس الوَحْشِ:
بالخُشْبِ، دونَ الهَدَبِ اليَخْضُورِ،
مَثْواةُ عَطَّارِينَ بالعُطُورِ
والخَضْرُ والمَخْضُورُ: اسمان للرَّخْصِ من الشجر إِذا قُطِعَ وخُضِرَ.
أَبو عبيد: الأَخْضَرُ من الخيل الدَّيْزَجُ في كلام العجم؛ قال: ومن
الخُضْرَةِ في أَلوان الخيل أَخْضَرُ أَحَمُّ، وهو أَدنى اللخُضْرَةِ إِلى
الدُّهْمَةِ وأَشَدُّ الخُضْرَةِ سَواداً غير أَنَّ أَقْرابَهُ وبطنه
وأُذنيه مُخْضَرَّةٌ؛ وأَنشد:
خَضْراء حَمَّاء كَلَوْنِ العَوْهَقِ
قال: وليس بين الأَخضر الأَحمّ وبين الأَحوى إِلاَّ خضرة منخريه
وشاكلته، لأَن الأَحوى تحمر مناخره وتصفر شاكلته صفرة مشاكلة للحمرة؛ قال: ومن
الخيل أَخضر أَدغم وأَخضر أَطحل وأَخضر أَورق. والحمامُ الوُرْقُ يقال
لها: الخُضْرُ.
واخْضَرَّ الشيء اخْضِراراً واخْضَوْضَرَ وخَضَّرْتُه أَنا، وكلُّ غَضٍّ
خَضِرٌ؛ وفي التنزيل: فأَخرجنا منه خَضِراً نُخْرِجُ منه حَبّاً
مُتَراكباً؛ قال: خَضِراً ههنا بمعنى أَخْضَر. يقال: اخْضَرَّ، فهو أَخْضَرُ
وخَضِرٌ، مثل اعْوَرَّ فهو أَعور وعَوِرٌ؛ وقال الأَخفش: يريد الأَخضر، كقول
العرب: أَرِنِيها نَمِرةً أُرِكْها مَطِرَةً؛ وقال الليث: الخَضِرُ ههنا
الزرع الأَخضر. وشَجَرَةٌ خَضْراءُْ: خَضِرَةٌ غضة. وأَرض خَضِرَةٌ
ويَخْضُورٌ: كثيرة الخُضْرَةِ. ابن الأَعرابي: الخُضَيْرَةُ تصغير
الخُضْرَةِ، وهي النَّعْمَةُ. وفي نوادر الأَعراب: ليست لفلان بخَضِرَةٍ أَي ليست
له بحشيشة رطبة يأْكلها سريعاً. وفي صفته، صلى الله عليه وسلم: أَنه كان
أَخْضَرَ الشَّمَط، كانت الشعرات التي شابت منه قد اخضرت بالطيب والدُّهْن
المُرَوَّح. وخَضِرَ الزرعُ خَضَراً: نَعِمَ؛ وأَخْضَرَهُ الرِّيُّ.
وأَرضٌ مَخْضَرَةٌ، على مثال مَبْقَلَة: ذات خُضْرَةٍ؛ وقرئ: فتُصْبِحُ
الأَرضُ مَخْضَرَةً. وفي حديث علي: أَنه خطب بالكوفة في آخر عمره فقال:
اللهم سلط عليهم فَتَى ثَقِيفٍ الذّيَّالَ المَيَّالَ يَلْبَسُ فَرْوَتَهَا
ويأْكل خَضِرَتَها، يعني غَضَّها وناعِمَها وهَنِيئَها. وفي حديث القبر:
يُملأُ عليه خَضِراً؛ أَي نِعَماً غَضَّةً. واخْتَضَرْتُ الكَلأَ إِذا
جَزَزْتَهُ وهو أَخْضَرُ؛ ومنه قيل للرجل إِذا مات شابّاً غَضّاً: قد
اخْتُضِرَ، لأَنه يؤخذ في وقت الحُسْنِ والإِشراق. وقوله تعالى: مُدْهامَّتَان؛
قالوا: خَضْراوَانِ لأَنهما تضربان إِلى السواد من شدّة الرِّيِّ، وسميت
قُرَى العراق سَواداً لكثرة شجرها ونخيلها وزرعها. وقولهم: أَباد اللهُ
خَضْراءَهُمْ أَي سوادَهم ومُعظَمَهُمْ، وأَنكره الأَصمعي وقال: إِنما
يقال: أَباد الله غَضْرَاءَهُمْ أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. واخْتُضِرَ
الشيءُ: أُخذ طريّاً غضّاً. وشابٌّ مُخْتَضَرٌ: مات فتيّاً. وفي بعض
الأَخبار: أَن شابّاً من العرب أَولِعَ بشيخ فكان كلما رآه قال: أَجْزَرْتَ يا
أَبا فلان فقال له الشيخ: أَي بُنَيَّ، وتُخْتَضَرُونَ أَي تُتَوَفَّوْنَ
شباباً؛ ومعنى أَجْزَزْتَ: أَنَى لك أَن تُجَزَّ فَتَمُوتَ، وأَصل ذلك
في النبات الغض يُرْعى ويُخْتَضَرُ ويُجَزُّ فيؤكل قبل تناهي طوله. ويقال:
اخْتَضَرْتُ الفاكهة إِذا أَكلتها قبل أَناها. واخْتَضَرَ البعيرَ:
أَخذه من الإِبل وهو صعب لم يُذَلَّل فَخَطَمَهُ وساقه. وماء أَخْضَرُ:
يَضْرِبُ إِلى الخُضْرَةِ من صَفائه.
وخُضارَةُ، بالضم: البحر، سمي بذلك لخضرة مائه، وهو معرفة لا يُجْرَى،
تقول: هذا خُضَارَةُ طامِياً. ابن السكيت: خُضارُ معرفة لا ينصرف، اسم
البحر. والخُضْرَةُ والخَضِرُ والخَضِيرُ: اسم للبقلة الخَضْراءِ؛ وعلى هذا
قول رؤبة:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا،
نأْكُلُ بعد الخُضْرَةِ اليَبِيسَا
وقد قيل إِنه وضع الاسم ههنا موضع الصفة لأَن الخُضْرَةَ لا تؤكل، إِنما
يؤكل الجسم القابل لها.
والبقول يقال لها الخُضَارَةُ والخَضْرَاءُ، بالأَلف واللام؛ وقد ذكر
طرفة الخَضِرَ فقال:
كَبَنَاتِ المَخْرِ يَمْأَدْنَ، إِذا
أَنْبَتَ الصَّيْفُ عَسالِيجَ الخَضِرْ
وفي فصل الصيف تَنْبُتُ عَسالِيجُ الخَضِرِ من الجَنْبَةِ، لها خَضَرٌ
في الخريف إِذا برد الليل وتروّحت الدابة، وهي الرَّيَّحَةُ والخِلْفَةُ،
والعرب تقول للخَضِرِ من البقول: الخَضْراءُ؛ ومنه الحديث: تَجَنَّبُوا
من خَضْرائكم ذَواتِ الريح؛ يعني الثوم والبصل والكراث وما أَشبههما.
والخَضِرَةُ أَيضاً: الخَضْراءُ من النبات، والجمع خَضِرٌ. والأَخْضارُ: جمع
الخَضِرِ؛ حكاه أَبو حنيفة. ويقال للأَسود أَخْضَرُ. والخُضْرُ: قبيلة من
العرب، سموا بذلك لخُضْرَةِ أَلوانهم؛ وإِياهم عنى الشماخ بقوله:
وحَلاَّها عن ذي الأَراكَةِ عامِرٌ،
أَخُو الخُضْرِ يَرْمي حيثُ تُكْوَى النَّواحِزُ
والخُضْرَةُ في أَلوان الناس: السُّمْرَةُ؛ قال اللَّهَبِيُّ:
وأَنا الأَخْضَرُ، من يَعْرِفْني؟
أَخْضَرُ الجِلْدَةِ في بيتِ العَرَبْ
يقول: أَنا خالص لأَن أَلوان العرب السمرة؛ التهذيب: في هذا البيت
قولان: أَحدهما أَنه أَراد أَسود الجلدة؛ قال: قاله أَبو طالب النحوي، وقيل:
أَراد أَنه من خالص العرب وصميمهم لأَن الغالب على أَلوان العرب
الأُدْمَةُ؛ قال ابن بري: نسب الجوهري هذا البيت للهبي، وهو الفضل بن العباس بن
عُتْبَة بن أَبي لَهَبٍ، وأَراد بالخصرة سمرة لونه، وإِنما يريد بذلك خلوص
نسبه وأَنه عربي محض، لأَن العرب تصف أَلوانها بالسواد وتصف أَلوان العجم
بالحمرة. وفي الحديث: بُعثت إِلى الحُمرة والأَسود؛ وهذا المعنى بعينه
هو الذي أَراده مسكين الدارمي في قوله:
أَنا مِسْكِينٌ لمن يَعْرِفُني،
لَوْنِيَ السُّمْرَةُ أَلوانُ العَرَبْ
ومثله قول مَعْبَدِ بن أَخْضَرَ، وكان ينسب إِلى أَخْضَرَ، ولم يكن
أَباه بل كان زوج أُمه، وإِنما هو معبد
بن علقمة المازني:
سَأَحْمِي حِماءَ الأَخْضَرِيِّينَ، إِنَّهُ
أَبى الناسُ إِلا أَن يقولوا ابن أَخْضَرا
وهل لِيَ في الحُمْرِ الأَعاجِمِ نِسْبَةٌ،
فآنَفَ مما يَزْعُمُونَ وأُنْكِرا؟
وقد نحا هذا النحو أَبو نواس في هجائه الرقاشي وكونه دَعِيّاً:
قلتُ يوماً للرَّقاشِـ
ـيِّ، وقد سَبَّ الموالي:
ما الذي نَحَّاكَ عن أَصْـ
لِكَ من عَمٍّ وخالِ؟
قال لي: قد كنتُ مَوْلًى
زَمَناً ثم بَدَا لي
أَنا بالبَصْرَةِ مَوْلًى،
عَرَبِيٌّ بالجبالِ
أَنا حَقّاً أَدَّعِيهِمْ
بِسَوادِي وهُزالي
والخَصِيرَةُ من النخل: التي ينتثر بُسْرُها وهو أَخضر؛ ومنه حديث
اشتراط المشتري على البائع: أَنه ليس له مِخْضَارٌ؛ المِخضارُ: أَن ينتثر
البسر أَخْضَرَ. والخَضِيرَةُ من النساء: التي لا تكاد تُتِمُّ حَمْلاً حتى
تُسْقِطَه؛ قال:
تَزَوَّجْتَ مِصْلاخاً رَقُوباً خَضِيرَةً،
فَخُذْها على ذا النَّعْتِ، إِن شِئتَ، أَوْ دَعِ
والأُخَيْضِرُ: ذبابٌ أَخْضَرُ على قدر الذِّبَّان السُّودِ.
والخَضْراءُ من الكتائب نحو الجَأْواءِ، ويقال: كَتِيبَةٌ خَضْراءٌ للتي يعلوها
سواد الحديد. وفي حديث الفتح: مَرَّ رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، في
كتيبته الخضراء؛ يقال: كتيبة خضراء إِذا غلب عليها لبس الحديد، شبه سواده
بالخُضْرَةِ، والعرب تطلق الخضرة على السواد. وفي حديث الحرث بن الحَكَمِ:
أَنه تزوج امرأَة فرآها خَضْراءَ فطلقها أَي سوداء. وفي حديث الفتح:
أُبيدَتْ خَضْراءُ قريش؛ أَي دهماؤهم وسوادُهم؛ ومنه الحديث الآخر:
فَأُبِيدَتْ خَضْراؤهُمْ. والخَضْراءُ: السماء لخُضْرَتِها؛ صفة غلبت غَلَبَةَ
الأَسماء. وفي الحديث: ما أَظَلَّتِ الخَضْراءُ ولا أَقَلَّتِ الغَبْراءُ
أَصْدَقَ لَهْجَةً من أَبي ذَرٍّ؛ الخَضْراءُ: السماء، والغبراء: الأَرض.
التهذيب: والعرب تجعل الحديد أَخضر والسماء خضراء؛ يقال: فلان أَخْضَرُ
القفا، يعنون أَنه ولدته سوداء. ويقولون للحائك: أَخْضَرُ البطن لأَن بطنه
يلزق بخشبته فَتُسَوِّدُه. ويقال للذي يأْكل البصل والكراث: أَخْضَرُ
النَّواجِذِ. وخُضْرُ غَسَّانَ وخُضْرُ مُحارِبٍ: يريدون سَوَادَ لَونهم.
وفي الحديث: من خُضِّرَ له في شيء فَلْيَلْزَمْه؛ أَي بورك له فيه ورزق
منه، وحقيقته أَن تجعل حالته خَضْرَاءَ؛ ومنه الحديث: إِذا أَراد الله بعبد
شرّاً أَخْضَرَ له في اللَّبِنِ والطين حتى يبني. والخَضْرَاءُ من
الحَمَامِ: الدَّواجِنُ، وإن اختلفت أَلوانها، لأَن أَكثر أَلوانها الخضرة.
التهذيب: والعرب تسمي الدواجن الخُضْرَ، وإِن اختلفت أَلوانها، خصوصاً بهذا
الاسم لغلبة الوُرْقَةِ عليها. التهذيب: ومن الحمام ما يكون أَخضر
مُصْمَتاً، ومنه ما يكون أَحمر مصمتاً، ومنه ما يكون أَبيض مصمتاً، وضُروبٌ من
ذلك كُلُّها مُصْمَتٌ إِلا أَن الهداية للخُضْرِ والنُّمْرِ، وسُودُها
دون الخُضْرِ في الهداية والمعرفة. وأَصلُ الخُضْرَةِ للرَّيْحان والبقول
ثم قالوا لليل أَخضر، وأَما بِيضُ الحمام فمثلها مثل الصِّقْلابيِّ الذي
هو فَطِيرٌ خامٌ لم تُنْضِجْهُ الأَرحام، والزَّنْجُ جازَتْ حَدَّ
الإِنضاج حتى فسدت عقولهم. وخَضْرَاءُ كل شيء: أَصلُه. واخْتَضَرَ الشيءَ: قطعه
من أَصله. واخْتَضَرَ أُذُنَهُ: قطعها من أَصلها. وقال ابن الأَعرابي:
اخْتَضَرَ أُذنه قطعها. ولم يقل من أَصلها.
الأَصمعي: أَبادَ اللهُ
(*
قوله: «الأَصمعي أَباد الله إلخ» هكذا بالأصل، وعبارة شرح القاموس: ومنه
قولهم أَباد الله خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم، وأنكره الأَصمعي وقال:
إنما يقال أَباد الله غضراءهم أَي خيرهم وغضارتهم. وقال الزمخشري: أَباد
الله خضراءهم أي شجرتهم التي منها تفرعوا، وجعله من المجاز، وقال الفراء أي
دنياهم، يريد قطع عنهم الحياة؛ وقال غيره أَذهب الله نعيمهم وخصبهم).
خَضْراءَهُم أَي خيرهم وغَضَارَتَهُمْ. وقال ابن سيده: أَباد الله
خَضْرَاءَهُم، قال: وأَنكرها الأَصمعي وقال إِنما هي غَضْراؤُهم. الأَصمعي: أَباد
الله خَضْراءَهم، بالخاء، أَي خِصْبَهُمْ وسَعَتَهُمْ؛ واحتج بقوله:
بِخالِصَةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
أَراد به سَعَةَ ما هم فيه من الخِصْبِ؛ وقيل: معناه أَذهب الله نعيمهم
وخِصْبَهم؛ قال: ومنه قول عُتبة بن أَبي لَهَبٍ:
وأَنا الأَخضر، من يعرفني؟
أَخضر الجلدة في بيت العرب
قال: يريد باخضرار الجلدة الخصب والسعة. وقال ابن الأَعرابي: أَباد الله
خضراءهم أَي سوادهم ومعظمهم. والخُضْرَةُ عند العرب: سواد؛ قال القطامي:
يا ناقُ خُبِّي خَبَباً زِوَرَّا،
وقَلِّبي مَنْسِمَكِ المُغْبَرَّا،
وعارِضِي الليلَ إِذا ما اخْضَرَّا
أَراد أَنه إِذا ما أَظلم. الفراء: أَباد الله خضراءهم أَي دنياهم، يريد
قطع عنهم الحياة.
والخُضَّارَى: الرِّمْثُ إِذا طال نباته، وإِذا طال الثُّمامُ عن
الحُجَنِ سمي خَضِرَ الثُّمامِ ثم يكون خَضِراً شهراً. والخَضِرَةُ:
بُقَيْلَةٌ، والجمع خَضِرٌ؛ قال ابنُ مُقْبل:
يَعْتادُها فُرُجٌ مَلْبُونَةٌ خُنُفٌ،
يَنْفُخْنَ في بُرْعُمِ الحَوْذَانِ والخَضِرِ
والخَضِرَةُ: بقلة خضراء خشناء ورقها مثل ورق الدُّخْنِ وكذلك ثمرتها،
وترتفع ذراعاً، وهي تملأُ فم البعير. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم:
إِن أَخْوَفَ ما أَخاف عليكم بَعْدِي ما يَخْرُجُ لكم من زَهْرَةِ
الدنيا، وإِن مما يُنْبِتُ الربيعُ ما يَقْتُلُ حَبَطاً أَو يُلِمُّ إِلاَّ
آكِلَةَ الخَضِرِ، فإِنها أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ خاصرتاها
اسْتَقْبَلَتْ عَيْنَ الشمس فَثَلَطَتْ وبالت ثم رَتَعَتْ، وإِنما هذا المالُ
خَضِرٌ حُلْوٌ، ونِعْمَ صاحبُ المُسْلِمِ هُوَ أَن أَعطى منه المسكين واليتيم
وابن السبيل؛ وتفسيره مذكور في موضعه، قال: والخَضِرُ في هذا الموضع
ضَرْبٌ من الجَنْبَةِ، واحدته خَضِرَةٌ، والجَنْبَةُ من الكلإِ: ما له أَصل
غامض في الأَرض مثل النَّصِيّ والصِّلِّيانِ، وليس الخَضِرُ من أَحْرَارِ
البُقُول التي تَهِيج في الصيف؛ قال ابن الأَثير: هذا حديث يحتاج إِلى
شرح أَلفاظه مجتمعة، فإِنه إِذا فرّق لا يكاد يفهم الغرض منه. الحبَط،
بالتحريك: الهلاك، يقال: حَبِطَ يَحْبَطُ حَبَطاً، وقد تقدم في الحاء؛
ويُلِمُّ: يَقْرُبُ ويدنو من الهلاك، والخَضِرُ، بكسر الضاد: نوع من البقول ليس
من أَحرارها وجَيِّدها؛ وثَلَطَ البعيرُ يَثْلِطُ إِذا أَلقى رجيعه
سهلاً رقيقاً؛ قال: ضرب في هذا الحديث مَثَلَيْنِ: أَحدهما للمُفْرِط في جمع
الدنيا والمنع من حقها، والآخر للمقصد في أَخذها والنفع بها، فقوله إِن
مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أَو يلمُّ فإِنه مثل للمفرط الذي يأْخذ
الدنيا بغير حقها، وذلك لأَن الربيع ينبت أَحرار البقول فتستكثر الماشية منه
لاستطابتها إِياه حتى تنتفخ بطونها عند مجاوزتها حدّ الاحتمال، فتنشق
أَمعاؤها من ذلك فتهلك أَو تقارب الهلاك، وكذلك الذي يجمع الدنيا من غير
حلها ويمنعها مستحقها، قد تعرّض للهلاك في الآخرة بدخول النار، وفي الدنيا
بأَذى الناس له وحسدهم إِياه وغير ذلك من أَنواع الأَذى؛ وأَما قوله إِلا
آكلة الخضر فإِنه مثل للمقتصد وذلك أَن الخَضِرَ ليس من أَحرار البقول
وجيدها التي ينبتها الربيع بتوالي أَمطاره فَتَحْسُنُ وتَنْعُمُ، ولكنه من
البقول التي ترعاها المواشي بعد هَيْجِ البُقُول ويُبْسِها حيث لا تجد
سواها، وتسميها العربُ الجَنْبَةَ فلا ترى الماشية تكثر من أَكلها ولا
تَسْتَمْرِيها، فضرب آكلةَ الخَضِرِ من المواشي مثلاً لمن يقتصر في أَخذ
الدنيا وجمعها، ولا يحمله الحرص على أَخذها بغير حقها، فهو ينجو من وبالها
كما نجت آكلة الخضر، أَلا تراه قال: أَكَلَتْ حتى إِذا امْتَدَّتْ
خاصرتاها استقبلت عين الشمس فثلطت وبالت؟ أَراد أَنها إِذا شبعت منها بركت
مستقبلة عين الشمس تستمري بذلك ما أَكلت وتَجْتَرُّ وتَثْلِطُ، فإِذا ثَلَطَتْ
فقد زال عنها الحَبَطُ، وإِنما تَحْبَطُ الماشية لأَنها تمتلئ بطونها
ولا تَثْلِطُ ولا تبول تنتفخ أَجوافها فَيَعْرِضُ لها المَرَضُ
فَتَهْلِكُ، وأَراد بزهرة الدنيا حسنها وبهجتها، وببركات الأَرض نماءَها وما تخرج
من نباتها.
والخُضْرَةُ في شِيات الخيل: غُبْرَةٌ تخالط دُهْمَةً، وكذلك في الإِبل؛
يقال: فرس أَخْضَرُ، وهو الدَّيْزَجُ. والخُضَارِيُّ: طير خُضْرُ يقال
لها القارِيَّةُ، زعم أَبو عبيد أَن العرب تحبها، يشبهون الرجل السَّخِيَّ
بها؛ وحكي ابن سيده عن صاحب العين أَنهم يتشاءمون بها. والخُضَّارُ:
طائر معروف، والخُضَارِيُّ: طائر يسمى الأَخْيَلَ يتشاءم به إِذا سقط على
ظهر بعير، وهو أَخضر، في حَنَكِه حُمْرَةٌ، وهو أَعظم من القَطا.
وَوَادٍ خُضَارٌ: كثير الشجر. وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: إِياكم
وخَضْرَاءَ الدِّمَنِ، قيل: وما ذاك يا رسولُ الله؟ فقال: المرأَة الحسناء
في مَنْبِتِ السَّوْءِ؛ شبهها بالشجرة الناضرة في دِمْنَةِ البَعَرِ،
وأَكلُها داءٌ، وكل ما ينبت في الدِّمْنَةِ وإِن كان ناضراً، لا يكون
ثامراً؛ قال أَبو عبيد: أَراد فساد النسب إِذا خيف أَن تكون لغير رِشْدَةٍ،
وأَصلُ الدِّمَنِ ما تُدَمِّنُهُ الإِبل والغنم من أَبعارها وأَبوالها،
فربما نبت فيها النبات الحَسَنُ الناضر وأَصله في دِمْنَةٍ قَذِرَةٍ؛ يقول
النبي، صلى الله عليه وسلم: فَمَنْظَرُها حَسَنٌ أَنِيقٌ ومَنْبِتُها
فاسدٌ؛ قال زُفَرُ بنُ الحرث:
وقد يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرى،
وتَبْقَى حَزَازاتُ النُّفُوس كما هِيا
ضربه مثلاً للذي تظهر مودته، وقلبه نَغِلٌ بالعداوة، وضَرَبَ الشجرةَ
التي تَنْبُتُ في المزبلة فتجيء خَضِرَةً ناضرةً، ومَنْبِتُها خبيث قذر،
مثلاَ للمرأَة الجميلة الوجه اللئيمة المَنْصِب.
والخُضَّارَى، بتشديد الضاد: نبت، كما يقولون شُقَّارَى لنَبْتٍ
وخُبَّازَى وكذلك الحُوَّارَى. الأَصمعي: زُبَّادَى نَبْتٌ، فَشَدَّدَهُ
الأَزهري، ويقال زُبَّادٌ أَيضاً.
وبَيْعُ المُخاضَرَةِ المَنْهِيِّ عنها: بيعُ الثِّمارِ وهي خُضْرٌ لم
يَبْدُ صلاحُها، سمي ذلك مُخاضَرَةً لأَن المتبايعين تبايعاً شيئاً
أَخْضَرَ بينهما، مأْخوذٌ من الخُضْرَةِ. والمخاضرةُ: بيعُ الثمار قبل أَن يبدو
صلاحها، وهي خُضْرٌ بَعْدُ، ونهى عنه، ويدخل فيه بيع الرِّطابِ
والبُقُولِ وأَشباهها ولهذا كره بعضهم بيع الرِّطاب أَكثَرَ من جَزِّه وأَخْذِهِ.
ويقال للزرع: الخُضَّارَى، بتشديد الضاد، مثل الشُّقارَى. والمخاضرة:
أَن يبيع الثِّمَارَ خُضْراً قبل بُدُوِّ صلاحها.
والخَضَارَةُ، بالفتح: اللَّبَنُ أُكْثِرَ ماؤُه؛ أَبو زيد: الخَضَارُ
من اللبن مثل السَّمَارِ الذي مُذِقَ بماء كثير حتى اخْضَرَّ، كما قال
الراجز:
جاؤوا بِضَيْحٍ، هل رأَيتَ الذِّئْبَ قَطْ؟
أَراد اللبن أَنه أَورق كلون الذئب لكثرة ماله حتى غَلَبَ بياضَ لون
اللبن.
ويقال: رَمَى اللهُ في عين فلان بالأَخْضَرِ، وهو داء يأْخذ العين. وذهب
دَمُهُ خِضْراً مِضْراً، وذهب دَمُهُ بِطْراً أَي ذهب دمه باطلاً
هَدَراً، وهو لك خَضِراً مَضِراً أَي هنيئاً مريئاً، وخَضْراً لك ومَضْراً أَي
سقياً لك ورَعْياً؛ وقيل: الخِضْرُ الغَضُّ والمِضْرُ إِتباع. والدنيا
خَضِرَةٌ مَضِرَة أَي ناعمة غَضةٌ طرية طيبة، وقيل: مُونِقَة مُعْجِبَةٌ.
وفي الحديث: إِن الدنيا حُلْوَةٌ خَضِرَةٌ مَضِرَةٌ فمن أَخذها بحقها بورك
له فيها؛ ومنه حديث ابن عمر: اغْزُوا والغَزْوُ حُلْوٌ خَضِرٌ أَي طريُّ
محبوبٌ لما ينزل الله من النصر ويسهل من الغنائم.
والخَضَارُ: اللبن الذي ثلثاه ماء وثلثه لبن، يكون ذلك من جميع اللبن
حَقِينِهِ وحليبه، ومن حميع المواشي، سمي بذلك لأَنه يضرب إِلى الخضرة،
وقيل: الخَضَارُ جمع، واحدته خَضَارَةٌ، والخَضَارُ: البَقْلُ الأَول، وقد
سَمَّتْ أَخْضَرَ وخُضَيْراً.
والخَضِرُ: نَبيُّ مُعَمَّرٌ محجوب عن الأَبصار. ابن عباس: الخَضِرُ
نبيّ من بني إِسرائيل، وهو صاحب موسى، صلوات الله على نبينا وعليه، الذي
التقى معه بِمَجْمَعِ البَحْرَيْنِ. ابن الأَنباري: الخَضِرُ عبد صالح من
عباد الله تعالى. أَهَلُ العربية: الخَضِرُ، بفتح الخاء وكسر الضاد؛ وروي
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: جلس على فَرْوَةٍ بيضاء فإِذا هي
تهتز خضراء، وقيل: سمي بذلك لأَنه كان إِذا جلس في موضع قام وتحته روضة
تهتز؛ وعن مجاهد: كان إِذا صلى في موضع اخضرّ ما حوله، وقيل: ما تحته،
وقيل: سمي خضراً لحسنه وإِشراق وجهه تشبيهاً بالنبات الأَخضر الغض؛ قال:
ويجوز في العربية الخِضْر، كما يقال كَبِدٌ وكِبْدٌ، قال الجوهري: وهو
أَفصح.
وقيل في الخبر: من خُضِّرَ له في شيء فليلزمه؛ معناه من بورك له في
صناعة أَو حرفة أَو تجارة فليلزمها. ويقال للدَّلْوِ إِذا اسْتُقِيَ بها
زماناً طويلاً حتى اخْضَرَّتْ: خَضْراءُ؛ قال الراجز:
تمطَّى مِلاَطاه بخَضْراءَ فَرِي،
وإِن تَأَبَّاهُ تَلَقَّى الأَصْبَحِي
والعرب تقول: الأَمْرُ بيننا أَخْضَرُ أَي جديد لم تَخْلَقِ المَوَدَّةُ
بيننا، وقال ذو الرمة:
قد أَعْسَفَ النَّازِحُ المَجْهُولُ مَعْسَفُهُ،
في ظِلِّ أَخْضَرَ يَدْعُو هامَهُ البُومُ
والخُضْرِيَّةُ: نوع من التمر أَخضر كأَنه زجاجة يستظرف للونه؛ حكاه
أَبو حنيفة. التهذيب: الخُضْرِيَّةُ نخلة طيبة التمر خضراء؛ وأَنشد:
إِذا حَمَلَتْ خُضْريَّةٌ فَوْقَ طابَةٍ،
ولِلشُّهْبِ قَصْلٌ عِنْدَها والبَهازِرِ
قال الفراء: وسمعت العرب تقول لسَعَفِ النخل وجريده الأَخْضَرِ:
الخَضَرُ؛ وأَنشد:
(* قوله: «وأَنشد إلخ» هو لسعد بن زيد مناة، يخاطب أَخاه
مالكاً كما في الصحاح).
تَظَلُّ يومَ وِرْدِها مُزَعْفَرَا،
وهي خَنَاطِيلُ تَجُوسُ الخَضَرَا
ويقال: خَضَرَ الرجلُ خَضَرَ النخلِ بِمِخْلَبِهِ يَخْضُرُه خَضْراً
واخْتَضَرِهُ يَخْتَضِرُه إِذا قطعه. ويقال: اخْتَضَرَ فلانٌ الجاريةَ
وابْتَسَرها وابْتَكَرَها وذلك إِذا اقْتَضَّها قبل بلوغها.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: ليس في الخَضْرَاواتِ صدقة؛ يعني به الفاكهة
الرَّطْبَةَ والبقول، وقياس ما كان على هذا الوزن من الصفات أَن لا يجمع
هذا الجمع، وإِنما يجمع به ما كان اسماً لا صفة، نحو صَحْراء
وخْنْفُسَاءَ، وإِنما جمعه هذا الجمع لأَنه قد صار اسماً لهذه البقول لا صفة، تقول
العرب لهذه البقول: الخَضْراء، لا تريد لونها؛ وقال ابن سيده: جمعه جمع
الأَسماء كَوَرْقَاءَ ووَرْقاواتٍ وبَطْحاءَ وبَطْحاوَاتٍ، لأَنها صفة
غالبة غلبت غلبةَ الأَسماء. وفي الحديث: أُتَي بِقْدر فيه خَضِرَاتٌ؛ بكسر
الضاد، أَي بُقُول، واحدها خَضِر.
والإِخْضِيرُ: مسجد من مساجد رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، بين
المدينة وتَبُوك. وأَخْضَرُ، بفتح الهمزة والضاد المعجمة: منزلٌ قرِيب من
تَبُوكَ نزله رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، عند مسيره إِليها.
نقر: النَّقْرُ: ضربُ الرَّحى والحجرِ وغيره بالمِنْقارِ. ونَقَرَهُ
يَنْقُره نَقْراً: ضربه. والمِنْقارُ: حديدة كالفأْس يُنْقَرُ بها، وفي
غيره: حديدة كالفأْس مُشَكَّكَةٌ مستديرة لها خَلْفٌ يُقطع به الحجارة
والأَرض الصُّلْبَةُ. ونَقَرْتُ الشيء: ثَقَبْتُه بالمِنْقارِ. والمِنْقَر،
بكسر الميم: المِعْوَل؛ قال ذو الرمة:
كأَرْحاءِ رَقْدٍ زَلَّمَتْها المَناقِرُ
ونَقَرَ الطائرُ الشيءَ يَنْقُره نَقْراً: كذلك.
ومِنْقارُ الطائر: مِنْسَرُه لأَنه يَنْقُرُ به. ونَقَرَ الطائر
الحَبَّة يَنْقُرُها نَقْراً: التقطها. ومِنْقارُ الطائر والنَّجَّارِ، والجمع
المَناقِيرُ، ومِنْقارُ الخُفِّ: مُقَدَّمُه، على التشبيه.
وما أَغْنى عَنِّي نَقْرَةً يعني نَقْرَةَ الديك لأَنه إِذا نَقَرَ
أَصاب. التهذيب: وما أَغنى عني نَقْرَةً ولا فَتْلَةً ولا زُبالاً. وفي
الحديث: أَنه نهى عن نَقْرَةِ الغراب، يريد تخفيف السجود، وأَنه لا يمكث فيه
إِلا قدر وضع الغراب مِنْقارَهُ فيما يريد أَكله. ومنه حديث أَبي ذر: فلما
فرغوا جعل يَنْقُرُ شيئاً من طعامهم أَي يأْخذ منه بأُصبعه.
والنِّقْرُ والنُّقْرَةُ والنَّقِيرُ: النُّكْتَةُ في النواة كأَنَّ ذلك
الموضعَ نُقِرَ منها. وفي التنزيل العزيز: فإِذاً لا يُؤْتُونَ الناس
نَقيراً؛ وقال أَبو هذيل أَنشده أَبو عمرو بن العلاء:
وإِذا أَرَدْنا رِحْلَةً جَزِعَتْ،
وإِذا أَقَمْنا لم نُفِدْ نِقْرا
ومنه قول لبيد يرثي أَخاه أَرْبَدَ:
وليس النَّاسُ بَعْدَكَ في نَقِيرٍ،
ولا هُمْ غَيْرُ أَصْداءٍ وهامِ
أَي ليسوا بعدك في شيء؛ قال العجاج:
دَافَعْت عنهمْ بِنَقِيرٍ مَوْتتي
قال ابن بري: البيت مغير وصواب إِنشاده: دَافَعَ عَنِّي بِنَقِيرٍ. قال:
وفي دافع ضمير يعود على ذكر الله سبحانه وتعالى لأَنه أَخبر أَن الله عز وجل
أَنقذه من مرض أَشْفى به على الموت؛ وبعده:
بَعْدَ اللُّتَيَّا واللَّتَيَّا والَّتي
وهذا مما يعبر به عن الدواهي. ابن السكيت في قوله: ولا يظلمون نَقِيراً،
قال: النقير النكتة التي في ظهر النواة. وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال:
النَّقِيرُ نُقْرَةٌ في ظهر النواة منها تنبت النخلة. والنَّقِيرُ: ما
نُقِبَ من الخشب والحجر ونحوهما، وقد نُقِرَ وانْتُقِرَ. وفي حديث عمر، رضي
الله عنه: على نَقِير من خشب؛ هو جِذْعٌ يُنْقَرُ ويجعل فيه شِبْهُ
المَراقي يُصْعَدُ عليه إِلى الغُرَفِ. والنَّقِيرُ أَيضاً: أَصل خشبة
يُنْقَرُ فَيُنْتَبَذ فيه فَيَشْتَدُّ نبيذه، وهو الذي ورد النهي عنه. التهذيب:
النَّقِيرُ أَصل النخلة يُنْقَرُ فَيُنْبَذُ فيه، ونهى النبي، صلى الله
عليه وسلم، عن الدُّبَّاء والحَنْتَمِ والنَّقِيرِ والمُزَفَّتِ؛ قال
أَبو عبيد: أَما النقير فإِن أَهل اليمامة كانوا يَنْقُرُونَ أَصل النخلة ثم
يَشْدَخُون فيها الرُّطَبَ والبُسْرَ ثم يَدَعُونه حتى يَهْدِرَ ثم
يُمَوَّتَ؛ قال ابن الأَثير: النَّقِيرُ أَصل النخلة يُنْقَرُ وسَطُه ثم ينبذ
فيه التمر ويلقى عليه الماء فيصير نبيذاً مسكراً، والنهي واقع على ما
يعمل فيه لا على اتخاذ النقير، فيكون على حذف المضاف تقديره: عن نبيذ
النَّقِيرِ، وهو فعيل بمعنى مفعول؛ وقال في موضع آخر: النَّقِيرُ النخلة
تُنْقَرُ فيجعل فيها الخمر وتكون عروقها ثابتة في الأَرض. وفَقِيرٌ نَقِيرٌ:
كأَنه نُقِرَ، وقيل إِتباع لا غير، وكذلك حقِير نَقِير وحَقْرٌ نَقْرٌ
إِتباع له. وفي الحديث: أَنه عَطَسَ عنده رجل فقال: حَقِرْتَ ونَقِرْتَ؛
يقال: به نَقِيرٌ أَي قُرُوحٌ وبَثْرٌ، ونَقِرَ أَي صار نَقِيراً؛ كذا قاله
أَبو عبيدة، وقيل نَقِيرٌ إِتباعُ حَقِير.
والمُنْقُر من الخشب: الذي يُنْقَرُ للشراب. وقال أَبو حنيفة:
المِنْقَرُ كل ما نُقِرَ للشراب، قال: وجمعه مَناقِيرُ، وهذا لا يصح إِلا أَن يكون
جمعاً شاذّاً جاء على غير واحده.
والنُّقْرَةُ: حفرة في الأَرض صغيرة ليست بكبيرة. والنُّقْرَةُ:
الوَهْدَةُ المستديرة في الأَرض، والجمع نُقَرٌ ونِقارٌ. وفي خبر أَبي العارم:
ونحن في رَمْلَةٍ فيها من الأَرْطى والنِّقارِ الدَّفَئِيَّةِ ما لا يعلمه
إِلا الله. والنُّقْرَةُ في القفا: مُنْقَطَعُ القَمَحْدُوَةِ، وهي
وَهْدَةٌ فيها. وفلان كَريمُ النَّقِيرِ أَي الأَصل. ونُقْرَةُ العينِ:
وَقْبَتُها، وهي من الوَرِك الثَّقْبُ الذي في وسطها. والنُّقْرَةُ من الذهب
والفضة: القِطْعَةُ المُذابَةُ، وقيل: هو ما سُبِكَ مجتمعاً منها.
والنُّقْرَةُ: السَّبِيكَةُ، والجمع نِقارٌ.
والنَّقَّارُ: النَّقَّاشُ، التهذيب: الذي يَنْقُشُ الرُّكُبَ
واللُّجُمَ ونحوها، وكذلك الذي يَنْقُرُ الرَّحَى.
والنَّقْرُ: الكتابُ في الحَجَرِ. ونَقَرَ الطائرُ في الموضع: سَهَّلَهُ
ليَبِيضَ فيه؛ قال طرفة:
يا لَكِ من قُبَّرَةٍ بِمَعْمَرِ،
خَلا لَكِ الجَوُّ فَبِيضِي واصْفِري،
ونَقِّري ما شِئْتِ أَنْ تُنَقِّرِي
وقيل: التَّنْقِيرُ مثلُ الصَّفِير؛ وينشد:
ونَقِّرِي ما شِئْتِ أَنْ تُنَقِّري
والنُّقْرَةُ: مَبِيضُهُ؛ قال المُخَبَّلُ السَّعْدِيُّ:
لِلقارِياتِ من القَطَا نُقَرٌ
في جانِبَيْهِ، كأَنَّها الرَّقْمُ
ونَقَرَ البَيْضَةَ عن الفَرْخ: نَقَبَها. والنَّقْرُ: ضَمُّكَ الإِبهام
إِلى طَرَفِ الوُسْطَى ثم تَنْقُر فيسمع صاحبك صوت ذلك، وكذلك باللسان.
وفي حديث ابن عباس في قوله تعالى: ولا يُظْلَمُونَ نَقِيراً؛ وضَعَ
طَرَفَ إِبهامه على باطن سَبَّابَتِهِ ثم نَقَرَها وقال هذا التفسير. وما له
نَقِرٌ أَي ماء.
والمِنْقَرُ والمُنْقُرُ، بضم الميم والقاف: بئر صغيرة، وقيل: بئر ضيقة
الرأْس تحفر في الأَرض الصُّلْبَةِ لئلاَّ تَهَشَّمَ، والجمع المَناقِرُ،
وقيل: المُنْقُر والمِنْقَرُ بئر كثيرة الماء بعيدة القعر؛ وأَنشد الليث
في المِنْقَرِ:
أَصْدَرَها عن مِنْقَرِ السَّنابِرِ
نَقْرُ الدَّنانِيرِ وشُرْبُ الخازِرِ،
واللَّقْمُ في الفاثُورِ بالظَّهائِرِ
الأَصمعي: المُنْقُرُ وجمعها مَناقِرُ وهي آبار صغار ضيقة الرؤُوس تكون
في نَجَفَةٍ صُلْبة لئلاَّ تَهَشَّمَ، قال الأَزهري: القياس مِنْقَرٌ كما
قال الليث، قال: والأَصمعي لا يحكي عن العرب إِلا ما سمعه. والمُنْقُرُ
أَيضاً: الحوض؛ عن كراع. وفي حديث عثمانَ البَتِّيِّ: ما بهذه
النُّقْرَةِ أَعلم بالقضاءِ من ابن سِيْرينَ، أَراد بالبصرة. وأَصل النُّقْرَةِ:
حُفْرَةٌ يُسْتَنْقَعُ فيها الماء.
ونَقَرَ الرجلَ يَنْقُره نَقْراً: عابه ووقع فيه، والاسم النَّقَرَى.
قالت امرأَة من العرب لبعلها: مُرَّ بي على بني نَظَرى ولا تَمُرَّ بي على
بنات نَقَرَى أَي مُرَّ بي على الرجال الذين ينظرون إِليّ ولا تَمُرَّ بي
على النساءِ اللَّوَاتي يَعِبْنَنِي، ويروى نَظَّرَى ونَقَّرَى،
مشدَّدين. وفي التهذيب في هذا المثل: قالت أَعرابية لصاحبة لها مُرِّي بي على
النَّظَرَى ولا تَمُرِّي بي على النَّقَرَى أَي مري بي على من ينظر إِليّ
ولا يُنَقِّرُ. قال: ويقال إِن الرجال بنو النَّظَرَى وإِن النساءَ بنو
النَّقَرَى.
والمُناقَرَةُ: المُنازَعَةُ. وقد ناقَرَهُ أَي نازعه. والمُناقَرَةُ:
مُرَاجَعَةُ الكلام. وببني وبينه مُناقَرَةٌ ونِقارٌ وناقِرَةٌ ونِقْرَةٌ
أَي كلام؛ عن اللحياني؛ قال ابن سيده: ولم يفسره، قال: وهو عندي من
المراجعة. وجاءَ في الحديث: متى ما يَكْثُرْ حَمَلَةُ القرآن يُنَقِّرُوا،
ومتى ما يُنَقِّرُوا يختلفوا؛ التَّنْقِيرُ: التَّفْتِيشُ؛ ورجل نَقَّارٌ
ومُنَقِّرٌ. والمُناقَرَةُ: مراجعةُ الكلام بين اثنين وبَثُّهُما
أَحادِيثَهما وأُمُورَهما. والنَّاقِرَةُ: الداهيةُ. ورَمَى الرامي الغَرَضَ
فَنَقَره أَي أَصابه ولم يُنْفِذْهُ، وهي سِهامٌ نَواقِرُ. ويقال للرجل إِذا
لم يستقم على الصواب: أَخْطَأَتْ نَواقِرُه؛ قال ابن مقبل:
وأَهْتَضِمُ الخَالَ العَزِيزَ وأَنْتَحِي
عليه، إِذا ضَلَّ الطَّرِيقَ نَواقِرُه
وسهم ناقِرٌ: صائبٌ. والنَّاقِرُ: السهم إِذا أَصاب الهَدَفَ. وتقول
العرب: نعوذ بالله من العَواقِرِ والنَّواقِرِ، وقد تقدم ذكر العواقر، وإِذا
لم يكن السهم صائباً فليس بِناقِرٍ. التهذيب: ويقال نعوذ بالله من
العَقَرِ والنَّقَرِ، فالعَقَرُ الزَّمانَة في الجسد، والنَّقَرُ ذهاب المال.
ورماه بِنَواقِرَ أَي بِكَلِمٍ صَوائِبَ؛ وأَنشد ابن الأَعرابي يف
النواقر من السهام:
خَواطِئاً كأَنها نَواقِرُ
أَي لم تخطئْ إِلاَّ قريباً من الصواب.
وانْتَقَرَ الشيءَ وتَنَقَّرَه ونَقَّرَه ونَقَّرَ عنه، كل ذلك: بحث
عنه. والتَّنْقيرُ عن الأَمرِ: البحث عنه. ورجل نَقَّارٌ: مُنَقِّرٌ عن
الأُمور والأَخبار. وفي حديث ابن المسيب: بلغه قول عكرمة في الحين أَنه ستة
أَشهر فقال: انْتَقَرَها عِكْرِمَةُ أَي استنبطها من القرآن؛ قال ابن
الأَثير: والتَّنْقير البحث هذا إِن أَراد تصديقه، وإِن أَراد تكذيبه فمعناه
أَنه قالها من قِبَل نفسه واختص بها من الانتقار الاختصاص، يقال: نَقَّرَ
باسم فلان وانْتَقَر إِذا سماه من بين الجماعة. وانْتَقَر القومَ:
اختارهم.
ودعاهم النَّقَرَى إِذا دعا بعضاً دون بعض يُنَقِّرُ باسم الواحد بعد
الواحد. قال: وقال الأَصمعي إِذا دعا جماعتهم قال: دَعَوْتُهم الجَفَلَى؛
قال طرفة بن العبد:
نحن في المَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلَى،
لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ
الجوهري: دعوتهم النَّقَرَى أَي دَعْوَةً خاصةً، وهو الانْتِقار أَيضاً،
وقد انْتَقَرَهُم؛ وقيل: هو من الانتقار الذي هو الاختيار، أَو من
نَقَرَ الطائر إِذا لقط من ههنا وههنا.
قال ابن الأَعرابي: قال العُقَيليّ ما ترك عندي نُقارَةً إِلاَّ
انْتَقَرَها أَي ما ترك عندي لَفْظَةً مُنْتَخَبَةً مُنْتَقاةً إِلاَّ أَخذها
لذاته. ونَقَّر باسمه: سماه من بينهم. والرجل يُنَقِّرُ باسم رجل من جماعة
يخصه فيدعوه، يقال: نَقَّرَ باسمه إِذا سماه من بينهم، وإِذا ضرب الرجل
رأْس رجل قلت: نَقَرَ رأْسه. والنَّقْرُ: صوت اللسان، وهو إِلزاق طرفه
بمخرج النون ثم يُصَوِّتُ به فَيَنْقُر بالدابة لتسير؛ وأَنشد:
وخانِقٍ ذي غُصَّةٍ جِرْياضِ،
راخَيْتُ يومَ النَّقْرِ والإِنْقاضِ
وأَنشده ابن الأَعرابي:
وخانِقَيْ ذي غُصَّةٍ جَرَّاضِ
وقيل: أَراد بقوله وخانِقَيْ هَمَّيْن خَنَقَا هذا الرجل. وراخيت أَي
فَرَّجْتُ. والنَّقْرُ: أَن يضع لسانه فوق ثناياه مما يلي الحَنَكَ ثم
يَنْقُرَ. ابن سيده: والنَّقْرُ أَن تُلْزِقَ طرف لسانك بحنكك وتَفْتَحَ ثم
تُصَوِّتَ، وقيل: هو اضطراب اللسان في الفم إِلى فوق وإِلى أَسفل؛ وقد
نَقَرَ بالدابة نَقْراً وهو صُوَيْتٌ يزعجه. وفي الصحاح: نَقَرَ بالفرس؛ قال
عبيد بن ماوِيَّةَ الطائي:
أَنا ابنُ ماوِيَّةَ إِذْ جَدَّ النَّقُرْ،
وجاءَتِ الخَيْلُ أَثابِيَّ زُمَرْ
أَراد النَّقْرَ بالخيل فلما وقف نقل حركة الراء إِلى القاف، وهي لغة
لبعض العرب، تقول: هذا بَكُرْ ومررت بِبَكِر، وقد قرأَ بعضهم: وتواصَوْا
بالصَّبِرْ. والأَثابِيُّ: الجماعات، الواحد منهم أُثْبِيَّة. وقال ابن
سيده: أَلقى حركة الراء على القاف إِذ ان ساكناً ليعلم السامع أَنها حركة
الحرف في الوصل، كما تقول هذا بَكُر ومررت بِبَكِر، قال: ولا يكون ذلك في
النصب، قال: وإِن شئت لم تنقل ووقفت على السكون وإِن كان فيه ساكن، ويقال:
أَنْقَرَ الرجلُ بالدابة يُنْقِرُ بها إِنْقاراً ونَقْراً؛ وأَنشد:
طَلْحٌ كأَنَّ بَطْنَهُ جَشِيرُ،
إِذا مَشَى لكَعْبِه نَقِيرُ
والنَّقْرُ: صُوَيْتٌ يسمع من قَرْع الإِبهام على الوُسْطى. يقال: ما
أَثابَهُ نَقْرَةً أَي شيئاً، لا يستعمل إِلا في النفي؛ قال الشاعر:
وهُنَّ حَرًى أَن لا يُثِبْنَكَ نَقْرَةً،
وأَنتَ حَرًى بالنار حين تُثِيبُ
والنَّاقُور: الصُّورُ الذي يَنْقُر فيه المَلَكُ أَي ينفخ. وقوله
تعالى: فإِذا نُقِرَ في النَّاقُور؛ قيل: الناقور الصور الذي يُنْفَخُ فيه
للحشر، أَي نُفِخَ في الصور، وقيل في التفسير: إِنه يعني به النفخة الأُولى،
وروى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي قال: النَّاقُور القلبُ، وقال
الفرّاء: يقال إِنها أَوّل النفختين، والنقير الصوتُ، والنَّقِير الأَصلُ.
وأَنْقَرَ عنه أَي كف، وضربه فما أَنْقَرَ عنه حتى قتله أَي ما أَقلع عنه.
وفي الحديث عن ابن عباس: ما كان الله ليُنْقِرَ عن قاتل المؤمن أَي ما كان
الله ليُقْلِعَ وليَكُفَّ عنه حتى يهلكه؛ ومنه قول ذؤيب بن زُنَيم
الطُّهَوِيِّ:
لعَمْرُك ما وَنَيْتُ في وُدِّ طَيِّءٍ،
وما أَنا عن أَعْداء قَوْمِي بِمُنْقِرِ
والنُّقَرَةُ: داء يأْخذ الشاة فتموت منه. والنُّقَرَةُ، مثل
الهُمَزَةِ: داء يأْخذ الغنم فتَرِمُ منه بطون أَفخاذها وتَظْلَعُ؛ نَقِرَتْ
تَنْقَرُ نَقْراً، فهي نَقِرَةٌ. قال ابن السكيت: النُّقَرَةُ داء يأْخذ
المِعْزَى في حوافرها وفي أَفخاذها فَيُلْتَمَسُ في موضعه، فيُرَى كأَنه وَرَمٌ
فيكوى، فيقال: بها نُقَرَةٌ، وعَنْزٌ نَقِرَةٌ. الصحاح: والنُّقَرَةُ،
مثال الهُمَزَةِ، داء يأْخذ الشاء في جُنُوبها، وبها نُقَرَةٌ؛ قال
المَرَّارُ العَدَوِيُّ:
وحَشَوْتُ الغَيْظَ في أَضْلاعِهِ،
فَهْوَ يَمْشِي خَضَلاناً كالنَّقِرْ
ويقال: النَّقِرُ الغضبان. يقال: هو نَقِرٌ عليك أَي غضبان، وقد نَقِرَ
نَقَراً. ابن سيده: والنُّقَرَةُ داء يصيب الغنم والبقر في أَرجلها، وهو
التواء العُرْقوبَينِ. ونَقِرَ عليه نَقَراً، فهو نَقِرٌ: غضب.
وبنو مِنْقَرٍ: بطن من تميم، وهو مِنْقَرُ بن عبيد بن الحرث بن عمرو بن
كعب بن سعد بن زيد مَنَاة بن تميم. وفي التهذيب: وبنو مِنْقَرٍ حَيّ من
سعد. ونَقْرَةُ: منزل بالبادية. والنَّاقِرَةُ: موضع بين مكة والبصرة.
والنَّقِيرَةُ: موضع بين الأَحْساءِ والبصرة. والنَّقِيرَةُ: رَكِيَّةٌ
معروفة كثيرة الماء بين ثاجَ وكاظِمَةَ. ابن الأَعرابي: كل أَرض مُتَصَوِّبَة
في هَبْطَةٍ فهي النَّقِرَةُ، ومنها سميت نَقِرَةُ بطريق مكة التي يقال
لها مَعْدِنُ النَّقِرَة. ونَقَرَى: موضع؛ قال:
لما رَأَيْتُهُمُ كأَنَّ جُمُوعَهُمُ،
بالجِزْعِ من نَقَرَى، نِجاءُ خَرِيفِ
(* قوله« كأن جموعهم» كذا بالأصل. والذي في ياقوت: كأن نبالهم إلخ، ثم
قال: أي نبالهم مطر الخريف. وقوله: واما قول الهذلي، عبارة ياقوت: مالك بن
خالد الخناعي الهذلي) .
وأَما قول الهُذَليّ :
ولما رَأَوْا نَقْرَى تَسِيلُ أَكامُها
بأَرْعَنَ جَرَّارٍ وحامِيَةٍ غُلْبِ
فإِنه أَسكن ضرورة. ونَقِيرٌ: موضع؛ قال العجاج:
دَافَعَ عَنِّي بِنَقِيرٍ مَوْتَتي
وأَنْقِرَةُ: موضع بالشأْم أَعجمي؛ واستعمله امرؤ القيس على عُجْمَتِهِ:
قد غُودِرَتْ بأَنْقِرَه
وقيل: أَنْقِرَةُ موضع فيه قَلْعَةٌ للروم، وهو أَيضاً جمع نَقِيرٍ مثل
رغيف وأَرْغِفَةٍ، وهو حفرة في الأَرض؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ:
نَزَلوا بأَنْقِرَةٍ يَسِيلُ عليهِمُ
ماءُ الفُرَاتِ، يَجِيءُ من أَطْوَادِ
أَبو عمرو: النَّواقِرُ المُقَرْطِسات؛ قال الشماخ يصف صائداً:
وسَيِّرْهُ يَشْفِي نفسَه بالنَّواقِر
والنَّواقِرُ: الحُجَجُ المُصِيباتُ كالنَّبْلِ المصيبة. وإِنه
لَمُنَقَّرُ العين أَي غائر العين. أَبو سعيد: التَّنَقُّرُ الدعاء على الأَهل
والمال. أَراحني الله منه، ذهب الله بماله. وقوله في الحديث: فأَمَرَ
بنُقْرَةٍ من نحاس فأُحميت؛ ابن الأَثير: النُّقْرَةُ قِدْرٌ يُسَخَّنُ فيها
الماء وغيره، وقيل: هو بالباء الموحدة، وقد تقدم. الليث: انْتَقَرَتِ
الخيلُ بحوافرها نُقَراً أَي احْتَفَرَتْ بها. وإِذا جَرَتِ السُّيُولُ على
الأَرض انْتَقَرتْ نُقَراً يحتبس فيها شيء من الماء. ويقال: ما لفلان
بموضع كذا نَقِرٌ ونَقِزٌ، بالراء وبالزاي المعجمة، ولا مُلْكٌ ولا مَلْكٌ
ولا مِلْكٌ؛ يريد بئراً أَو ماء.
دلن: دَلان: من أَسماء العرب، وقد أُميت أَصل بنائه.
نقف: الليث: النَّقْف كَسْر الهامة عن الدماغ ونحو ذلك كما يَنْقُف
الظليم الحنْظل عن حبه. والمُناقَفة: المضاربة بالسيوف على الرُّؤوس. ونقَف
رأْسه يَنقُفه نَقْفاً ونقَحه: ضربه على رأْسه حتى يخرج دماغه، وقيل:
نقَفه ضربه أَيسر الضرب، وقيل: هو كسر الرأْس على الدماغ، وقيل: هو ضربك إياه
برُمْح أَو عصا، وقد ناقَفْت الرجل مُناقفة ونِقافاً. يقال: اليوم
قِحافٌ وغداً نِقافٌ أَي اليوم خَمْر وغداً أَمْر، ومن رواه وغداً ثِقاف فقد
صحَّف. وفي حديث عبد اللّه بن عمرو: اعْدُدْ اثني عشر من بني كعب بن لؤيّ
ثم يكون النَّقْفُ والنِّقافُ أَي القتْل والقِتال؛ والنقْفُ: هشْم
الرأْس، وأَي تَهِيجُ الفتن والحروب بعدهم. وفي حديث مسلم بن عُقْبة المُرِّي:
لا يكون إلا الوِقافُ ثم النِّقافُ ثم الانْصراف أَي المُواقَفة في
الحرب ثم المُناجَزةُ بالسيوف ثم الانصراف عنها.
وتَنقَّفْت الحنظل أَي شققته عن الهَبِيد؛ ومنه قول امرئ القيس:
كأَني، غَداة البيْن يوم تحمَّلُوا
لدى سَمُراتِ الحَيِّ، ناقِفُ حَنْظَلِ
ويقال: حنظلٌ نَقِيف أَي مَنْقُوف؛ وفي رجز كعب وابن الأَكوع:
لكنْ غَذاها حَنْظَلٌ نَقِيفُ
أَي مَنْقوف، وهو أَن جاني الحنظل ينقُفُها بظُفُره أَي يضربها، فإن
صوتّت علم أَنها مُدركة فاجتناها. ونقَف الظَّلِيمُ الحنظلَ ينقُفه وانتقفه:
كسره عن هبيده. ونقَف الرُّمانة إذا قشرها ليستخرجَ حَبّها. وانتقَفْت
الشيء: استخرجته. ونقَفَ البيضةَ: نقَبها. ونقَف الفرْخُ البيضةَ: نقَبها
وخرج منها. والنقْف: الفرّخ حين يخرج من البيضة، سمي باسم المصدر. أَبو
عمرو: يقال للرجلين جاءَا في ثِقاف واحد ونِقاف واحد إذا جاءَا في مكان
واحد؛ أَبو سعيد: إذا جاءَا مُتساوِيين لا يتقدَّم أَحدهما الآخر، وأَصله
الفَرْخانِ يخرجان من بيضة واحدة.
وأَنقَف الجرادُ: رمى ببيضه. وقولهم: لا تكونوا كالجراد رَعَى وادياً
وأَنقف وادياً أَي أَكثر بيضه فيه. والنَّقَفة كالنَّجَفة، وهي وُهَيْدة
صغيرة تكون في رأْس الجبل أَو الأَكَمة. وجِذْع نَقِيف ومَنْقُوف: أَكلته
الأَرَضةُ. وأَنقَفْتُك المُخَّ أَي أَعطيتك العظم تستخرج مُخَّه.
والمنقوف: الرجل الخفيفُ الأَخّدَعيْنِ القليلُ اللحم.
ومِنْقافُ الطائر: مِنقارُه في بعض اللغات. والمنْقاف: عظم دُوَيْبَّة
تكون في البحر في وسطه مَشَقٌّ تُصْقل به الصُّحف، وقيل: هو ضَرْب من
الودَع.
ورجل نَقّاف: ذو نَظر في الأَشياء وتدْبير. والنَّقَّاف: السائل، وخص
بعضهم به سائل الإبل والشاء؛ قال:
إذا جاء نَقّافٌ يَعُدُّ عِيالَه
طَويل العصا، نَكَّبْته عن شَياهِها
(* قوله «يعد» في شرح القاموس: يسوق، وقوله: «شياهها» في الشرح المذكور:
عياليا.)
التهذيب: وقال لبيد يصف خمراً:
لَذيذاً ومَنْقُوفاً بصافي مَخِيلةٍ،
من الناصع المَحْمُودِ من خَمْر بابلا
أَراد ممزوجاً بماءٍ صاف من ماءِ سحابة، وقيل: المَنْقُوف المَبْزُول من
الشراب، نقَفْته نَقْفاً أَي بَزَلْته. ويقال: نحت النحّات العُود فترك
فيه مَنْقفاً إذا لم يُنْعِم نَحْته ولم يُسوِّه؛ قال الراجز:
كِلْنا عليهِنَّ بمُدٍّ أَجْوَفا،
لم يَدَعِ النقّافُ فيه مَنْقَفا،
إلا انْتَقى من حَوْفِه ولَجَّفا
يريد أَنه أَنعم نحته. والنقّاف: النحّات للخشب.