Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: جزية

مند

(م ن د) : (مَوَانِيدُ) الْــجِزْيَةِ بَقَايَاهَا جَمْعُ مَانِيدُ وَهُوَ مُعَرَّبٌ.
مند
مَنْدَدٌ: اسْمُ مكانٍ في شِعْرِ ابنِ مُقْبِلٍ.
مند
: (مُنْدُ، بالضَّمّ) أَهمله الجوهَرِيّ، وَقَالَ الصّاغانيّ (: ة من صَنْعَاءِ اليَمَنِ) فِي مِخْلاَف صُدَاءَ، كَذَا فِي مُعجم ياقوت.
(ومُنْدَدٌ) ، بضمّ الأَوّل وَفتح الثَّالِث (: ع) ذكره تَمِيم بن أُبَيّ بن مُقْبِل فَقَالَ:
عَفَا الدَّارَ مِنْ دَهْمَاءَ بَعْدَ إِقَامَةٍ
عَجَاجٌ بِخَلْفَيْ منْدَدٍ مُتَنَاوِحُ كَذَا فِي التَّهْذِيب.
(وخُوَيْزَمَنْدَادُ) مَرّ ذِكْره (فِي فصل الخاءِ) المُعجمة، ومَرَّ الْكَلَام عَلَيْهِ.
(ومَيْمَنْدُ) ، بِفَتْح الميمَين، وَالْمَشْهُور ضمّ الثَّانِيَة، وَضَبطه ياقوت بِكَسْر الأُولَى وفتْح الثَّانِيَة (: ة قُرْبَ فَيْروزَابَادَ) ، قَالَ ياقوت: رُسْتَاقٌ بفارِسَ، (وأُخْرَى بِغَزْنَةَ) ، بَين بَامِيَانَ والغَوْر، (مِنْهَا) الْكَاتِب الماهر المُدَبِّر أَبو الْحسن (عَلِيُّ بن أَحْمَدَ) المَيْمَنْدِيّ (وَزِيرُ) السلطانِ الغازِي مَحمودِ (بنِ سُبَكْتَكِينَ) ، أَنار الله بُرهانَه، وأَخْبَارُه فِي التَّارِيخ اليَمِينيّ، قَالَ أَبو بكر بن العَمِيد يهجوه:
يَا عَلِيّ بنَ أَحْمَدٍ لَا اشْتِيَاقَا

وأَنَا المَرْءُ لاَ أُحِبُّ النِّفَاقَا
لَمْ أَزَلْ أَكْرَهُ الفِرَاقَ إِلَى أَنْ
نِلْتُهُ مِنْكَ فَارْتَضَيْتُ الفِرَاقَا
حَسْبُنَا بِالخَلاَصِ مِنْكَ نَجَاحاً
وكَفَى بِالنَّجَاةِ منْك خَلاَقَا
وَمِمَّا يسْتَدرك عَلَيْهِ:
مَنِيدُ، كأَمِير: موضعٌ بفارِسَ عَن العِمرانيّ، قَالَ ياقوت: هُوَ تَصْحِيف مَيْبُدَ.

سدى

س د ى: (السَّدَى) بِفَتْحِ السِّينِ ضِدُّ اللُّحْمَةِ وَ (السَّدَاةُ) مِثْلُهُ. تَقُولُ مِنْهُ: (اسْدَى) الثَّوْبَ. وَ (السُّدَى) بِالضَّمِّ الْمُهْمَلُ. يُقَالُ: إِبِلٌ سُدًى أَيْ مُهْمَلَةٌ وَبَعْضُهُمْ يَقُولُ: (سَدًى) بِالْفَتْحِ. وَ (أَسْدَاهَا) أَهْمَلَهَا. وَ (السَّادِي) السَّادِسُ بِإِبْدَالِ السِّينِ يَاءً. 
(سدى) الثَّوْب سديا مد سداه
(سدى) الثَّوْب سداه وَإِلَيْهِ أحسن وَبَينهمَا أصلح والنحل الشهد أخرجته
[سدى] فيه: من "أسدى" إليكم معروفًا فكافؤه، أسدى وأولى وأعطى بمعنى. وفيه: كتب ليهود تيماء أن لهم الذمة وعليهم الــجزية بلا عداء النهار مدى والليل "سدى" السدى التخلية، والمدى الغاية، إبل سدى أي مهملة، وقد تفتح سينه، أي ذلك لهم أبدًا ما كان الليل والنهار. قا: ومنه: (أن يترك "سدى") أي مهملًا لا يكلف فلا يجازى.

فيء

فيء


فَآء (ي)(n. ac. فَيْء [ ]فُيُوْء [] )
a. [Ila], Returned to.
b. [Min], Recovered from.
c. Moved, shifted.
d. Became blunt (iron).
فَيَّأَa. Shadowed, shaded.

أَفْيَأَa. Returned.
b. Made to return.
c. [acc. & 'Ala], Restored, returned, brought back to; made to
return to.
تَفَيَّأَa. see I (c)b. [acc.
or
Fī], Stood, was under ( the shade of );
placed himself under ( the protection of ).

إِسْتَفْيَأَa. Took, obtained as booty, spoil.

فيْء (pl.
فُيُؤء []
ا6َفْيَآء [ 38A ] )
a. Shade, shadow; shelter, protection.
b. Booty, spoil; tribute.
c. Flock of birds.

فَيْئَة []
a. Return.

فِيْئة []
a. see 1t
مَفْيَأَة []
,مَفْيُؤَة []
a. Shady place; shade.

تَفِيْئَة [ N.
Ac.
a. II]
see 1 (a)
مُفَآء [ N. P.
a. IV], Tributary; slave.

دَخَلَ عَلَى تَفِيْئَةِ
فُلَان
a. He came in after so & so.

فِئَة ( pl.
reg. )
a. Party, company.
b. A time.

يَا فَيْءَ
a. O my wonder!

فَيتَق
a. see under
فَتَقَ
ف ي ء : فَاءَ الرَّجُلُ يَفِيءُ فَيْئًا مِنْ بَابِ بَاعَ رَجَعَ وَفِي التَّنْزِيلِ {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ} [الحجرات: 9] أَيْ حَتَّى تَرْجِعَ إلَى الْحَقِّ وَفَاءَ الْمُولِي فَيْئَةً رَجَعَ عَنْ يَمِينِهِ إلَى زَوْجَتِهِ وَلَهُ عَلَى امْرَأَتِهِ فَيْئَةٌ أَيْ رَجْعَةٌ وَفَاءَ الظِّلُّ يَفِيءُ فَيْئًا رَجَعَ مِنْ جَانِبِ الْمَغْرِبِ إلَى جَانِب الْمَشْرِقِ وَتَقَدَّمَ فِي ظَلَّ وَالْجَمْعُ فُيُوءٌ وَأَفْيَاءٌ مِثْلُ بَيْتٍ وَبُيُوتٍ وَأَبْيَاتٍ.

وَالْفَيْءُ الْخَرَاجُ وَالْغَنِيمَةُ وَهُوَ بِالْهَمْزِ وَلَا يَجُوزُ الْإِبْدَالُ وَالْإِدْغَامُ وَبَابُ ذَلِكَ الزَّائِدُ مِثْلُ الْخَطِيئَةِ وَلَا يَكُونُ فِي الْأَصْلِيِّ عَلَى الْأَكْثَرِ إلَّا فِي الشِّعْرِ.

وَالْفِئَةُ الْجَمَاعَةُ وَلَا وَاحِدَ لَهَا مِنْ لَفْظِهَا وَجَمْعُهَا فِئَاتٌ وَقَدْ تُجْمَعُ بِالْوَاوِ وَالنُّونِ جَبْرًا لِمَا نَقَصَ.

وَفِي تَكُونُ لِلظَّرْفِيَّةِ حَقِيقَةً نَحْوُ زَيْدٌ فِي الدَّارِ أَوْ مَجَازًا نَحْوُ مَشَيْتُ فِي حَاجَتِكَ وَتَكُونُ لِلسَّبَبِيَّةِ نَحْوُ فِي أَرْبَعِينَ شَاةً شَاةٌ أَيْ بِسَبَبِ اسْتِكْمَالِ أَرْبَعِينَ شَاةً تَجِبُ شَاةٌ وَتَكُونُ بِمَعْنَى مَعَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي أَصْحَابِ الْجَنَّةِ} [الأحقاف: 16] وَ {فِي أُمَمٍ} [الأعراف: 38] أَيْ مَعَ أَصْحَابِ الْجَنَّةِ وَمَعَ أُمَمٍ وَقَدْ تَكُونُ بِمَعْنَى عَلَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فِي جُذُوعِ النَّخْلِ} [طه: 71] وَقَوْلُهُمْ فِيهِ عَيْبٌ إنْ أُرِيدَ النِّسْبَةُ إلَى ذَاتِهِ فَهِيَ حَقِيقَةٌ وَإِنْ أُرِيدَ النِّسْبَةُ إلَى مَعْنَاهُ فَمَجَازٌ وَالْمَعْنَى لَا كَمَالَ وَلَا صِحَّةَ وَشِبْهَهُ فَالْأَوَّلُ كَقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ وَزِيَادَةِ يَدٍ وَالثَّانِي كَالْإِبَاقِ. 

ضَرَبَه

ضَرَبَه يَضْرِبُهُ، وضَرَّبَهُ،
وهو ضارِبٌ وضَريبٌ وضَروبٌ وضَرِبٌ ومِضْرَبٌ: كثيرهُ، ومَضْرُوبٌ وضَريبٌ.
والمِضْرَبُ والمِضْرابُ: ما ضُرِبَ به.
وضَرُبَتْ يَدُهُ، ككَرُم: جادَ ضَرْبُها.
وضَرَبَتِ الطَّيْرُ تَضْرِبُ: ذَهَبَتْ تَبْتَغِي الرِّزْقَ،
وـ على يَدَيْهِ: أمْسَكَ،
وـ في الأرضِ ضَرْباً وضَرَبَاناً: خَرَجَ تاجِراً أو غازياً، أو أسْرَعَ، أو ذَهَبَ،
وـ بنَفْسِه الأرضَ: أقامَ،
كأضْرَبَ، ضِدُّ،
وـ الفَحْلُ ضِراباً: نَكَحَ،
وـ النَّاقَةُ: شَالَتْ بِذَنَبِها، فَضَرَبَتْ فَرْجَهَا، فَمَشَتْ، وهي ضَارِبٌ وضاربَةٌ،
وـ الشيءَ بالشيءِ: خَلَطَهُ،
كَضَرَّبَهُ، وـ في الماءِ: سَبَحَ، ولَدَغَ، وتَحَرَّكَ، وطالَ، وأعرَضَ، وأشار،
وـ الدَّهْرُ بَيْنَنا: بَعَّدَ،
وـ بِذَقَنِهِ الأرضَ: جَبُنَ وخافَ،
وـ الزَّمانُ: مَضَى.
والضَّرْبُ: المِثْلُ، والرَّجُلُ الماضي النَّدْبُ، والخَفيفُ اللَّحْمِ، والصِّنْفُ من الشيءِ،
كالضَّريبِ والمَضْروبِ، والمَطَرُ الخَفيفُ، والعَسَلُ الأَبْيَضُ، وبالتَّحْرِيكِ أشْهَرُ،
وـ من بَيْتِ الشِّعْرِ: آخِرُهُ.
والضَّريبُ: الرَّأسُ، والمُوَكَّلُ بالقِداحِ، أو الذي يَضْرِبُ بها،
كالضَّاربِ، والقِدْحُ الثالِثُ، واللَّبَنُ يُحْلَبُ من عِدَّةِ لقاحٍ في إناءٍ، والنَّصيبُ، والبَطِينُ من الناسِ، والثَّلْجُ، والجَليدُ، والصَّقِيعُ، ورَديءُ الحَمْضِ، أو ما تَكَسَّرَ منه. وكزُبَيْرٍ: ضُرَيْبُ بنُ نُقَير، في: ن ق ر.
والمِضْرَبُ: الفُسْطاطُ العظيمُ، وبفتح الميمِ: العَظْمُ الذي فيه المُخُّ.
واضْطَرَبَ: تَحَرَّكَ وماجَ،
كتَضَرَّبَ، وطالَ مع رَخاوَةٍ، واخْتَلَّ، واكْتَسَبَ، وسألَ أن يُضْرَبَ له،
وـ القومُ: ضارَبوا،
كَتَضاربوا، وـ خَيْلُهُم: اخْتَلَفَتْ كلِمَتُهُم.
والضَّريبةُ: الطَّبيعةُ، والسَّيْفُ، وحَدُّه،
كالمَضْرَبِ والمَضْرَبَةِ، وتُكْسَرُ رَاؤُهُما، والقِطْعَةُ من القُطْنِ، والرَّجُلُ المَضْرُوبُ بالسَّيْفِ، ووَادٍ يَدْفَعُ في ذاتِ عِرْقٍ، وواحِدةُ الضَّرائِبِ التي تُؤْخَذُ في الــجِزْيَةِ ونحوِها، وغَلَّةُ العَبْدِ.
وضَرِبَ، كَفرِحَ: ضَرَبَه البَرْدُ.
والضَّارِبُ: المَكَانُ المُطْمَئِنُّ به شَجَرٌ، والقِطْعَةُ الغَليظَةُ تَسْتَطِيلُ في السَّهْلِ، والليلُ المُظْلِمُ، والناقةُ تَضْرِبُ حالِبَها، وشِبْهُ الرَّحَبَةِ في الوادِي، ج: ضَوارِبُ.
وهو يَضْرِبُ المَجْدَ: يَكْتَسِبُه ويَطْلُبُه.
واسْتَضْرَبَ العسلُ: ابْيَضَّ، وغَلُظَ،
وـ الناقةُ: اشْتَهَتِ الفَحْلَ.
وضُرابِيةُ، كقُراسِيَةٍ: كُورَةٌ بِمِصْرَ من الحَوْفِ.
وضارَبَ له: اتَّجَرَ في ماله، وهي القِراضُ.
وضارِبُ السَّلَمِ: ع باليَمامةِ. وما يُعْرَفُ له
مَضْرِبُ عَسَلَةٍ، أي: أصْلٌ ولا قَوْمٌ ولا أبٌ ولا شَرَفٌ.
و {ضَرَبْنا على آذانِهِم} : مَنَعْناهُم أنْ يَسْمَعوا.
وجاءَ مُضْطَرِبَ العِنانِ: مُنْهَزِماً مُنْفَرِداً.
وضَرَّبَ تَضْريباً: تَعَرَّضَ للثَّلْجِ، وشَرِبَ الضَّريبَ،
وـ عَيْنُه: غارَتْ.
وأضْرَبَ القَوْمُ: وَقَعَ عليهم الصَّقيعُ،
وـ السَّموم الماءَ: أنْشَفَه الأرضَ،
وـ الخُبْزُ: نَضِجَ.
وضارَبَه فَضَرَبَه، كَنَصَره: غَلَبَه في الضَّرْبِ.

الفَلْجُ

الفَلْجُ: الظَّفَرُ، والفوزُ،
كالإِفلاجِ، والاسمُ: بالضم،
كالفُلجَةِ، والتَّقْسيمُ،
كالتَّفْليج، والشَّقُّ نِصفينِ، وشقُّ الأرضِ للزِّراعةِ،
وـ في الــجِزْيةِ: فَرْضُها، يَفْلُجُ ويَفْلِجُ في الكُلِّ،
وع بين البصرَةِ وضَرِيَّةَ،
بالكسر: مِكْيالٌ م، والنِّصْفُ، ويُفْتَحُ، وهما فِلْجانِ، وبالتحريكِ: تَباعُدُ ما بينَ القَدَمَينِ، وتباعُدُ ما بَيْنَ الأَسنانِ، وهو أفْلَجُ الأَسْنانِ، لا بُدَّ من ذِكْرِ الأَسْنانِ، والنَّهرُ الصَّغيرُ، وغَلِطَ الجوهريُّ في تَسْكينِ لامِهِ.
والأَفْلَجُ: البعيدُ ما بَيْنَ اليَدَيْنِ، وغَلِطَ الجوهريُّ في قوله: (البعيدُ) ما بينَ الثَّدْيَينِ.
والفالِجُ: الجَمَلُ الضَّخْمُ ذو السَّنامَيْنِ، يُحْمَلُ من السِّنْدِ لِلفِحلة، والفائِزُ من السِّهامِ، واسْتِرْخاءٌ لأِحدِ شِقَّي البَدَنِ لانْصِبابِ خِلْطٍ بلْغَمِيٍّ تَنْسَدُّ مِنْهُ مسالِكُ الرُّوحِ، فُلِجَ، كَعُنِيَ، فهو مَفْلوجٌ، وابنُ خَلاوَةَ، وقيلَ لَهُ يَوْمَ الرَّقَمِ لَمَّا قَتَلَ أُنيسٌ الأَسْرى: أَتَنْصُرُ أُنَيْساً؟ فقالَ: إنِّي منه بَريءٌ، ومنه قولُ المُتَبَرِّئِ من الأَمْرِ: "أنا منْهُ فالِجُ بنُ خَلاَوَةَ".
والفَلُّوجَةُ، كسَفُّودَةٍ: القريةُ بالسَّوادِ، والأرضُ المصْلَحَة للزَّرْعِ، ج: فَلاليجُ،
وع بالعِراقِ.
وكسَفينة: شُقَّةٌ من شُقَقِ الخِباءِ. وكالتَّنُّورِ: الكاتِبُ، وع.
وأمْرٌ مُفَلَّجٌ، كمُعَظَّم: غَيْرُ مُسْتَقِيمٍ.
ورَجُلٌ مُفَلَّجُ الثَّنايا: مُتَفَرِّجُها.
وإِفْليجُ، كإِزْميلٍ: ع.
وفُلْجَةُ: ع بيْنَ مَكَّةَ والبَصْرَةِ.
وأفْلَجَهُ: أظْفَرَهُ،
وـ بُرهانَهُ: قَوَّمَهُ وأظْهَرَهُ.
وتَفَلَّجَتْ قَدَمُهُ: تَشَقَّقَتْ.

الكُسْوَةُ

الكُسْوَةُ:
قرية هي أول منزل تنزله القوافل إذا خرجت من دمشق إلى مصر، قال الحافظ أبو القاسم:
وبلغني أن الكسوة إنما سميت بذلك لأن غسان قتلت بها رسل ملك الروم لما أتوا إليهم لأخذ الــجزية منهم واقتسمت كسوتهم.
الكُسْوَةُ، بالضم: ة بِدِمَشْقَ، والثَّوْبُ، ويُكْسَرُ
ج: كُساً وكِساءٌ.
وكَسِيَ، كَرَضِيَ: لَبِسَها،
كاكْتَسَى.
وكساهُ: ألْبَسَه.
ورجلٌ كاسٍ: ذُو كُسوةٍ.
والكِساءُ، بالكسر: م
ج: أكْسِيَةٌ، وبالفتح: المَجْدُ، والشَّرَفُ، والرِفْعَةُ.
وهو أكْسَى منه: أكْثَرُ اكْتساءً، أو أكْثَرُ منه إعْطاءً للكُسْوة.
وكاساه: فاخَرَهُ.

الفقير

الفقير:
[في الانكليزية] Poor ،needy ،necessitous
[ في الفرنسية] Pauvre ،necessiteux
فعيل من فقر مقدّرا فإنّه لم يقل إلّا افتقر فهو فقير، ذكره ابن الأثير وغيره، فهو صاحب الفقر، والفقر الحاجة. وعند الحكماء الإشراقيين هو ما يتوقّف ذاته أو كمال له على غيره، والغني بخلافه وهو ما لا يتوقّف ذاته ولا كمال له على غيره.
اعلم أنّ صفات الشيء تنقسم إلى ما يكون له من ذاته وإلى ما يكون له بسبب الغير.
والأول ينقسم إلى ما لا تعرض له نسبة إلى الغير وهو الهيئات المتمكّنة من ذات الشيء كالشّكل، وإلى ما تعرض له نسبة إلى الغير وهي الهيئات الكمالية الإضافية، وهي كمالات للشيء في عينه ومبادئ إضافات له إلى غيره كالعلم والقدرة. والثاني الإضافات المحضة كالمبدئية والخالقية. فالغني المطلق وهو ما يكون غنيا من كلّ وجه لا ما يكون من وجه دون وجه، هو ما لا يتوقّف على غيره في ثلاثة أشياء في ذاته وفي هيئات متمكّنة في ذاته وفي هيئات كمالية له في نفسه كمالا يتغيّر، وهي مبادئ إضافات له إلى غيره. واحترز بقوله ولا كمال له عن الإضافة المحضة لتعلّقها بالغير وجوازها على الله تعالى، إذ لا يلزم من تغيّرها تغيّر في ذاته ولا من تغيّر معلومه. أمّا الأول فلأنّه إذا لم يبق زيد موجودا وبطلت إضافة المبدئية لا يلزم تغيّر في نفسه كما لا يتغيّر ذاتك من تغيّر الإضافة من انتقال ما على يمينك على يسارك. وأمّا الثاني فالسّرّ فيه أنّ علمه تعالى حضوري إشراقي لا يتصوّر في ذاته ليلزم التغيّر.
والفقير هو الذي يتوقّف على غيره في شيء من الثلاثة، وحاصل الغنى راجع إلى وجوب الوجود الذاتي، وحاصل الفقر إلى إمكان الوجود، كذا في شرح إشراق الحكمة. وعند السّالكين هو من لا غناء له إلّا بالحقّ كما قال الشبلي. وقال أهل المعرفة الفقر الأنس بالمعدوم والوحشة بالمعلوم. وقيل الفقر إظهار الغنى مع كمال المسكنة. وقيل الفقر عدم الأملاك وتخلية القلب مما خلت عنه اليد، أي لا يطلبه أيضا، فإنّ الطالب يكون مع مطلوبه وإن لم يجده. وقيل ليس الفقر عندهم الفاقة والعدم بل الفقر المحمود الثّقة بالله تعالى والرضى بما قسم. قال سهل: الفقير الصادق الذي لا يسأل ولا يردّ ولا يتجسّس. قال عبد الله الأنصاري: الفقر على ثلاثة أوجه:
اضطراري واختياري وحقيقي. والاضطراري كفارتي وعلامته الصّبر، وعقوبتي وعلامته الاضطرار، وقطيعتي وعلامته الشّكاية.
والاختياري درجتي وعلامته القناعة، وقربتي وعلامته الرضا، وكرامتي وعلامته الإيثار.
والحقيقي أيضا ثلاثة عدم الاحتياج إلى الخلق والاحتياج من الله والبراءة من كلّ ما دون الله.

وفي شرح الآداب: الفقر غير التصوّف فإنّ نهاية الفقر بداية التّصوف، كذا في خلاصة السلوك.
وفي التحفة المرسلة الغنى المطلق عندهم هو مشاهدة الله تعالى في نفسه جميع الشئون والاعتبارات الإلهية مع أحكامها ولوازمها على وجه كلّي جملي لاندراج الكلّ في بطون الذات ووحدته، كاندراج الأعداد في الواحد العددي، ويجيء في لفظ الكمال أيضا. ويقول في مجمع السلوك: إنّ ابن جلا قال: إنّ حقيقة الفقر هو ألّا يكون لك شيء. وإذا كان فلا تبال به.

ومعنى هذا الكلام، والله أعلم: هو ألّا تطلب غير الموجود، فإن وجد شيء فلا تطمئن إليه، حتى يستوي لديك الفقدان والوجدان. وإذا، فالفقر، عبارة عن العدم.
فائدة:
الفرق بين الفقر والزهد هو أنّه لو كان للفقير عدة أحذية، ففقره ليس تاما. وإن لم يوجد لديه أيّ سبب، ولكن نظره على حيلته وقوته واقع. ويظن أنّه يستطيع الحصول على بعض الأشياء بالحيلة أو بالقوّة ففقره أيضا ليس تاما. وأمّا إذا صدر منه النداء: لا حول ولا قوة، أي لا حيلة عندي، فإن وصل لهذا الحدّ ففقره صار تاما. وهذا بخلاف الزّهد الذي هو مجرّد ترك الحظوظ الفانية، وذلك على أمل إدراك النّعم والحظوظ الباقية. وهذا ما يقول له أهل المعرفة: بيع وشراء وسلم، انتهى كلامه.

ويقول في كشف اللغات: الفقر عند السّالكين عبارة عن الفناء في الله، وما تفضّلوا به أنّ الفقر سواء الوجه في الدارين، عبارة عن أنّ السّالك قد فني بكلّيته في الله بصورة لا يبقى منه في ظاهره ولا باطنه لا دنيا ولا آخرة. ويرجع إلى العدم الأصلي والذاتي، وذلك هو الفقر الحقيقي. ومن هنا قولهم: ثمّ الفقير فهو الله.
لأنّ هذا المقام هو إطلاق ذات الحقّ. وهنا غير اعتباري ولا استيعابي. وسواد الوجه هذا هو سواد أعظم، لأنّ السّواد الأعظم هو: كلما يطلبونه يكون فيه. وكلّما هو مفصّل في جميع الموجودات فهو في هذه المرتبة بطريق الإجمال كالشّجر في النواة، انتهى كلامه. ويقول في لطائف اللغات: الفقر بطور الصوفية مرادف للعشق. وقد مرّ بيان الفرق بين الفقر والتصوف في لفظة التصوف. وأمّا الفقهاء فاختلفوا في تفسيره، فقيل الفقير من له مال ما دون النصاب أي غير ما يبلغ نصابا، أي قدر مائتي درهم أو قيمتها فصاعدا فاضلا عن حاجته الأصلية، سواء كان ناميا أو لا وهو الصحيح. فالصّحة والاكتساب لا يمنعان من دفع الصدقة إليه كما في الاختيار. والمسكين من لا شيء له من المال وعنه أي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنّ الفقير من يسأل والمسكين من لا يسأل وهو قول الشافعي رحمة الله عليه أيضا. وفي الكافي أنّ الفقير هو الذي لا يسأل لأنّه يجد ما يكفيه في الحال والمسكين هو الذي يسأل لأنّه لا يجد شيئا، كذا روي عن أبي حنيفة رحمه الله أيضا، وهو أصحّ. والمذهب أنّ المسكين أسوأ حالا من الفقير وعليه عامة السلف. وقيل الفقير الزّمن المحتاج والمسكين الصحيح المحتاج كما في الزاهدي. وقيل الفقير من له أدنى شيء والمسكين من لا شيء له. وقيل الفقير من كان له ولعياله قوت يوم أو قدر على الكسب لهما، والمسكين من ليس له شيء ولم يقدر على الكسب كما في المضمرات. وقيل الفقير والمسكين كلاهما بمعنى واحد كما في النظم، وفائدة الاختلاف تظهر في الوقف والوصية. هكذا يستفاد من البرجندي وجامع الرموز في بيان مصرف الزكاة. ومنهما في باب الــجزية اختلف الفقهاء في حدّ الغني والفقير والمتوسّط في مسئلة أخذ الــجزية، فقال عيسى بن أبان إنّ الفقير هو الذي يعيش بكسب يده في كلّ يوم والمتوسّط من يحتاج إلى الكسب في بعض الأوقات والغني من لا يحتاج إليه أصلا. وقيل الفقير المحترف والمتوسّط من له مال ويعمل بنفسه والغني من له مال يعمل بأعوانه. وقيل الفقير من له أقل من مائتي درهم والمتوسّط من له الزائد عليه إلى أربع مائة والغني من له الزائد عليها. وقيل الفقير المكتسب والمتوسّط من له نصاب والغني من له عشرة آلاف درهم. وقيل الفقير من له أقلّ من النصاب والمتوسّط من له الزائد عليه إلى عشرة آلاف والغني من له الزائد عليها كما في النظم.
والصحيح في معرفة هؤلاء عرف كلّ بلد هو فيه. فمن عدّه الناس فقيرا أو متوسّطا أو غنيا في تلك البلدة فهو كذلك، وهو المختار كما في الاختيار. وهاهنا أقوال أخر ذكرت في البرجندي.

الخروج

الخروج:
[في الانكليزية] Exit ،exodus
[ في الفرنسية] Sortie ،exode
بالضم وتخفيف الراء المهملة في اللغة ضد الدخول. وعند أهل القوافي أحد حروف المدّ واللين الذي يكون بعد الوصل إذا تحرّك كذا في عنوان الشرف. وضمير تحرّك راجع إلى الوصل. ولا يتحرّك من حروف الوصل إلّا الهاء وحينئذ يلزمها خروج كما وقع في بعض الرسائل لأهل العرب. وهذا اصطلاح العرب، وأما اصطلاح الفرس فكما ذكره في جامع الصنائع قال: الخروج: هو الحرف الذي يأتي بعد الوصل، ولا يكون حرف الوصل متحركا. مثل الياء في: كاريم، وباريم ومعناهما: نعمل، ونحمل أو أحيانا يكون متحرّكا مثل ياء افكنيم وبشكنيم ومعناهما: نرمي، ونكسر. كما في هذا البيت:
حتى متى نلقي بأنفسنا في صحراء الحماد (أرض صخرية) ونكسر زجاج قلوبنا بحجر الظلم وقال صاحب معيار الأشعار: الأولى هو أنّ كل ما يأتي بعد الروي والوصل أن يعتبر من قبل الرديف. وهذا كلام معارض لما هو معروف، ذلك أنّ المشهور هو أنّ كل ما كان بعد الروي إذا لم يكن كلمة كاملة أو بمنزلة كلمة فلا يعد رديفا. كما أنّ رعاية تكرار الخروج في القوافي هو أمر واجب. كذا في منتخب تكميل الصناعة.
الخروج: في الأصل، الانفصال من المحيط إلى الخارج ويلزمه الظهور والبروز، تقول خرج خروجا برز من مقره وحاله سواء كان مقره ثوبا. والإخراج أكثر ما يقال في الأعيان، ويقال في التكوين الذي هو فعله تعالى. والتخريج أكثر ما يقال في العلوم والصنائع، وقيل لما يخرج من الأرض من وكر الحيوان، ونحو ذلك خرج وخراج، والخرج أعم، من الخراج وجعل الخرج بإزاء الدخل، والخراج مختص غالبا بالضريبة على الأرض. والخارجي الذي يخرج بذاته عن أحوال أقرانه، ويقال تارة للمدح إذا خرج من منزله إلى أعلى منه، وتارة للذم إذا خرج إلى ادنى، كذا قرره الراغب. وفي المصباح: خرج من الموضع خروجا ومخرجا وأخرجته أنا وجدت للأمر مخرجا مخلصا. والخراج والخرج ما يحصل من غلة الأرض، ولذلك أطلق على الــجزية. وقول الشافعي: ولا أنظر لمن له الدواخل والخوارج ولا معاقد القمط ولا أنصاف اللبن. فالخوارج الطاقات والمحاريب في الجدار من باطنه، والدواخل الصور والكتابة في الحائط بجص أو غيره. ويقال الدواخل والخوارج ما يخرج عن أشكال البناء مخالفا لأشكال ناحيته، وذلك تحسين وتزيين، فلا يدل على ملك، ومعاقد القمط المتخذة من قصب وحصر تشد بحبال سترا بين الأسطحة فيجعل العقد من جانب والمستوي من جانب، وأنصاف اللبن البناء بلبنات مقطعة صحيحها إلى جانب ومكسورها إلى آخر لأنه نوع تحسين فلا يدل على ملك. 

الدين

الدين: وضع إلهي يدعو أصحاب العقول إلى قبول ما هو عند الرسول، كذا عبر ابن الكمال. وعبارة غيره: وضع إلهي سائق لذوي العقول باختيارهم المحمود إلى الخير بالذات. وقال الحرالي: دين الله المرضي الذي لا لبس فيه ولا حجاب عليه ولا عوج له هو إطلاعه تعالى عبده على قيوميته الظاهرة بكل باد وفي كل باد، وعلى كل باد وأظهر من كل باد، وعظمته الخفية التي لا يشير إليها اسم ولا يحوزها رسم، وهي مداد كل مداد.
الدين

التحقيق اللغويتستعمل كلمة الدين في كلام العرب بمعان شتى وهي:
(1) القهر والسلطة والحكم والأمر، والإكراه على الطاعة، واستخدام القوة القاهرة (Sovereignty) فوقه، وجعله عبداً، ومطيعاً، فيقولون (دان الناس) أي قهرهم على الطاعة، وتقول (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا. و (دنت القوم) أي أذللتهم واستعبدتهم، و (دان الرجل) إذا عز و (دنت الرجل) حملته على ما يكره. و (دُيّن فلان) إذا حمل على مكروه. و (دنته) أي سسته وملكته. و (ديَّنته القوم) وليته سياستهم، ويقول الحطيئة يخاطب أمه:
لقد دينت أمر بنيك حتى ... ... تركتهم أدق من الطحين
وجاء في الحديث النبوي على صاحبه الصلاة والسلام: (الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت) أي قهر نفسه وذللها، ومن ذلك يقال (ديان) للغالب القاهر على قطر أو أمة أو قبيلة والحاكم عليها، فيقول الأعشى الحرمازي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب
وبهذا الاعتبار يقال (مدين) للعبد والمملوك و (المدينة) للأمة فـ (ابن المدينة) معناه ابن الأمة كما يقول الأخطل:
... ... ... ... ربت وربا في حجرها ابن مدينة (4)
وجاء في التنزيل:
(فلولا إن كنتم غير مدينين. ترجعونها إن كنتم صادقين) ... (الواقعة: 86-87) (2) الإطاعة والعبدية والخدمة والتسخر لأحد والائتمار بأمر أحد، وقبول الذلة والخضوع تحت غلبته وقهره. فيقولون (دنتهم فدانوا) أي قهرتهم فأطاعوا، و (دنت الرجل) أي خدمته، وجاء في الحديث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أريد من قريش كلمة تدين بها العرب) أي نطيعهم ونخضع لهم. بهذا المعنى يقال للقوم المطيعين (قوم دين) بهذا المعنى نفسه قد وردت كلمة الدين في حديث الخوارج (يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية) (1)
(3) الشرع والقانون والطريقة والمذهب والملة والعادة والتقليد، فيقولون (ما زال ذلك ديني وديدني) أي دأبي وعادتي. ويقال (دان) إذا اعتاد خيراً أو شراً. وفي الحديث (كانت قريش ومن دان بدينهم) أي من كان على طريقتهم وعادتهم، وفيه (أنه عليه السلام كان على دين قومه) أي كان يتبع الحدود والقواعد الرائجة في قومه في شؤون النكاح والطلاق والميراث وغير ذلك من الشؤون المدنية والاجتماعية. (4) الجزاء والمكافأة والقضاء والحساب. فمن أمثال العرب (كما تدين تدان) أي كما تصنع يصنع بك. وقد روى القرآن قول الكفار (أإنا لمدينون) أي هل نحن مجزيون محاسبون؟ وفي حديث ابن عمر رضي عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تسبوا السلاطين، فإن كان لا بد فقولوا اللهم دنهم كما يدينون) أي افعل بهم كما يفعلون بنا. ومن هنا تأتي كلمة (الديان) بمعنى القاضي وحاكم المحكمة وسئل أحد الشيوخ عن علي كرم الله وجهه فقال: (إنه كان ديان هذه الأمة بعد نبيها) أي كان أكبر قضاتها بعده.



استعمال كلمة (الدين) في القرآن
فيتبين مما تقدم أن كلمة (الدين) قائم بنيانها على معان أربعة، أو بعبارة أخرى هي تمثل الذهن العربي تصورات أربعة أساسية.
أولها: القهر والغلبة من ذي سلطة عليا.
والثاني: الإطاعة والتعبد والعبدية من قبل خاضع لذي السلطة.
والثالث: الحدود والقوانين والطريقة التي تتبع.
والرابع: المحاسبة والقضاء والجزاء والعقاب.
وكانت العرب تستعمل هذه الكلمة قبل الإسلام بهذا المعنى تارة أخرى حسب لغاتهم المختلفة؛ إلا أنهم لما لم تكن تصوراتهم لتلك الأمور الأربعة واضحة جلية ولا كان لها من السمو والبعد نصيب، كان استعمال كلمة (الدين) مشوباً بشوائب اللبس والغموض، ولذلك لم يتح لها أن تكون مصطلحاً من مصطلحات نظام فكر متين، حتى نزل القرآن فوجد هذه الكلمة ملائمة لأغراضه؛ فاقتناها واستعملها لمعانيه الواضحة المتعينة، واصطنعها مصطلحاً له مخصوصاً. فأنت ترى أن كلمة (الدين) في القرآن تقوم مقام نظام بأكلمه، يتركب من أجزاء أربعة هي:
الحاكمية والسلطة العليا.
الإطاعة والإذعان لتلك الحاكمية والسلطة.
النظام الفكري والعملي المتكون تحت سلطان تلك الحاكمية.
المكافأة التي تكافئها السلطة العليا على اتباع ذلك النظام والإخلاص له أو على التمرد عليه والعصيان له. ويطلق القرآن كلمة (الدين) على معنيها الأول والثاني تارة، وعلى المعنى الثالث أخرى وعلى الرابع ثالثة، وطوراً يستعمل كلمة (الدين) ويريد بها ذلك النظام الكامل بأجزائه الأربعة في آن واحد. ولإيضاح ذلك يجمل بنا النظر فيما يأتي من الآيات الكريمة:

الدين بالمعنيين الأول والثاني:
(الله الذي جعل لكم الأرض قراراً والسماء بناءً وصوركم فأحسن صوركم ورزقكم من الطيبات ذلكم الله ربكم فتبارك الله رب العالمين، هو الحي لا إله إلا هو فادعوه مخلصين له الدين الحمد لله رب العالمين) (غافر: 64-65)
(قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين. وأمرت لأن أكون أول المسلمين) .. (قل الله أعبد مخلصاً له ديني. فاعبدوا ما شئتم من دونه) …
(والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها وأنابوا إلى الله لهم البشرى) .. (إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصاً له الدين. ألا لله الدين الخالص) (الزمر: 11-12 و 17، و 2-3)
(وله ما في السماوات والأرض وله الدين واصباً أفغير الله تتقون) (النحل: 52)
(أفغير دين الله يبغون وله أسلم من في السماوات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يرجعون) (آل عمران: 82)
(وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء) (البينة: 5) في جميع هذه الآيات قد وردت كلمة (الدين) بمعنى السلطة العليا، ثم الإذعان لتلك السلطة وقبول إطاعتها وعبديتها. والمراد بإخلاص الدين لله ألا يسلم المرء لأحد من دون الله بالحاكمية والحكم والأمر، ويخلص إطاعته وعبديته لله تعالى إخلاصاً لا يتعبد بعده لغيره الله ولا يطيعه إطاعة مستقلة بذاتها. (1)

الدين بالمعنى الثالث
(قل يا أيها الناس إن كنتم في شكٍ من ديني فلا أعبدُ الذين تعبدون من دون الله ولكن أعبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين. وأن أقم وجهك للدين حنيفاً ولا تكونن من المشركين) (يونس: 104-105)
(إن الحُكم إلا لله أمر أن لا تعبدوا إلا إياه ذلك الدين القيم) (يوسف: 40)
(وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون) .. (ضرب لكم مثلاً من أنفسكم هل لكم مما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواءٌ تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) … (بل اتّبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم) … (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التي فطر الناس عليها (1) لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون) (الروم: 26 و 28، 29، 30)
(الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله) (النور: 2)
(إنّ عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرمٌن ذلك الدين القيم) (التوبة: 36)
(كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك) (يوسف: 76)
(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم (2) ليردوهم وليلبسوا (3) عليهم دينهم) (الأنعام: 137)
(أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله) (الشورى: 21)
(لكم دينكم ولي دين) (الكافرون: 6) المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو القانون والحدود والشرع والطريقة والنظام الفكري والعملي الذي يتقيد به الإنسان فإن كانت السلطة التي يستند إليها المرء لاتباعه قانوناً من القوانين أو نظاماً من النظم سلطة الله تعالى، فالمرء لا شك في دين الله عز وجل، وأما إن كانت تلك السلطة سلطة ملك من الملوك، فالمرء في دين الملك، وإن كانت سلطة المشايخ والقسوس فهو في دينهم. وكذلك إن كانت تلك السلطة سلطة العائلة أو العشيرة أو جماهير الأمة، فالمرء لا جرم في دين هؤلاء. وموجز القول أن من يتخذ المرء سنده أعلى الأسناد وحكمه منتهى الأحكام ثم يتبع طريقاً بعينه بموجب ذلك، فإنه –لا شك- بدينه يدين.

الدين بالمعنى الرابع:
(إنَّ ما توعدون لصادق وإن الدين لواقع) (الذاريات: 5-6)
(أرايت الذي يكذب بالدين. فذلك الذي يدع اليتيم. ولا يحض على طعام المسكين) (الماعون 1-3)
(وما أدراك ما يوم الدين. ثم ما أدراك ما يوم الدين. يوم لا تملك نفسٌ لنفسٍ شيئاً والأمر يومئذ لله) (الانفطار: 17-19)
قد وردت كلمة (الدين) في هذه الآيات بمعنى المحاسبة والقضاء والمكافأة.

الدين: المصطلح الجامع الشامل إلى هذا المقام قد استعمل القرآن كلمة (الدين) فيما يقرب من معانيها الرائجة في كلام العرب الأول. ولكننا نرى بعد ذلك أنه يستعمل هذه الكلمة مصطلحاً جامعاً شاملاً يريد به نظاماً للحياة يدعن فيه المرء لسلطة عليا لكائن ما، ثم يقبل إطاعته واتباعه ويتقيد في حياته بحدوده وقواعده وقوانينه ويرجو في طاعته العزة والترقي في الدرجات وحسن الجزاء، ويخشى في عصيانه الذلة والخزي وسوء العقاب. ولعله لا يوجد في لغة من لغات العالم مصطلح يبلغ من الشمول والجامعية أن يحيط بكل هذا المفهوم. وقد كادت كلمة (State) تبلغ قريباً من ذلك المفهوم ولكنها تفتقر إلى مزيد من الاتساع لأجل إحاطتها بحدود معاني كلمة (الدين) . وفي الآيات التالية قد استعمل (الدين) بصفة هذا المصطلح الجامع:

(الأول والثاني) ... ... ... (الرابع) ... ... ... (الثالث)
(قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرّمون ما حرّم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الــجزية عن يدٍ وهم صاغرون) (التوبة: 29)
(الدين الحق) في هذه الآية كلمة اصطلاحية قد شرح معانيها واضح الاصطلاح نفسه عز وجل، في الجمل الثلاث الأولى، وقد أوضحنا بوضع العلامات على متن الآية أنه قد ذكر الله تعالى فيها جميع معاني كلمة (الدين) الأربعة، ثم عبر عن مجموعها بكلمة (الدين الحق) .
(وقال فرعون ذروني أقتل موسى وليدعُ ربّه إني أخاف أن يبدّل دينكم أو يظهر في الأرض الفساد) (غافر: 26) وبملاحظة جميع ما ورد في القرآن من تفاصيل لقصة موسى عليه السلام وفرعون، لا يبقى من شك أن كلمة (الدين) لم ترد في تلك الآيات بمعنى النحلة والديانة فحسب، أريد بها الدولة ونظام المدينة أيضاً. فكان مما يخشاه فرعون ويعلنه: أنه إن نجح موسى عليه السلام في دعوته، فإن الدولة ستدول وإن نظام الحياة القائم على حاكمية الفراعنة والقوانين والتقاليد الرائجة سيقتلع من أصله. ثم إما أن يقوم مقامه نظام آخر على أسس مختلفة جداً، وإما ألا يقوم بعده أي نظام. بل يعم كل المملكة الفوضى والاختلال.
(إن الدين عند الله الإسلام) (آل عمران: 16)
(ومن يبتغ غير الإسلام ديناً فلن يقبل منه) (آل عمران: 85)
(هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون) (التوبة: 33)
(وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) (الأنفال: 39)
(إذا جاء نصر الله والفتح ورأيتَ الناس يدخلون في دين الله أفواجاً فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً) (سورة النصر)
المراد بـ (الدين) في جميع هذه الآيات هو نظام الحياة الكامل الشامل لنواحيها من الاعتقادية والفكرية والخلقية والعملية.
فقد قال الله تعالى في الآيتين الأولين إن نظام الحياة الصحيح المرضي عند الله هو النظام المبني على إطاعة الله وعبديته. وأما ما سواه من النظم المبنية على إطاعة السلطة المفروضة من دون الله، فإنه مردود عند، ولم يكن بحكم الطبيعة ليكون مرضياً لديه، ذلك بأن الذي ليس الإنسان إلا مخلوقه ومملوكه، ولا يعيش في ملكوته إلا عيشة الرعية، لم يكن ليرضى بأن يكون للإنسان الحق في أن يحيا حياته على إطاعة غير سلطة الله وعبديتها، أو على اتباع أحد من دون الله.
وقال في الآية الثالثة أنه قد أرسل رسوله صلى الله عليه وسلم بذلك النظام الحق الصحيح للحياة الإنسانية -أي الإسلام- وغاية رسالته أن يظهره على سائر النظم للحياة. وفي الرابعة قد أمر الله المؤمنين بدين الإسلام أن يقاتلوا من في الأرض ولا يكفوا عن ذلك حتى تمحي الفتنة، وبعبارة أخرى حتى يمحي جميع النظم القائمة على أساس البغي على الله، وحتى يخلص لله تعالى نظام الإطاعة والعبدية كله.
وفي الآية الأخيرة الخامسة قد خاطب الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم حين الانقلاب الإسلامي بعد الجهد والكفاح المستمر مدة ثلاث وعشرين سنة، وقام الإسلام بالفعل بجميع أجزائه وتفاصيله نظاماً للعقيد والفكر والخلق والتعليم والمدنية والاجتماع والسياسة والاقتصاد، وجعلت وفود العرب تتابع من نواحي القطر وندخل في حظيرة هذا النظام، فإذا ذاك - وقد أدى النبي رسالته التي بعث لأجلها - يقول له الله تعالى: إياك أن تظن أن هذا العمل الجليل الذي قد تم على يديك من كسبك ومن سعيك، فيدركك العجب به، وإنما المنزه عن النقص والعيب والمنفرد بصفة الكمال هو ربك وحده، فسبح بحمده واشكره على توفيقه إياك للقيام بتلك المهمة الخطيرة وأسأله: الله اغفر لي ما عسى أن يكون قد صدر مني من التقصير والتفريط في واجيي خلال الثلاث والعشرين سنة التي قد قمت بخدمتك فيها:
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ملحق بتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب (1)
1- حديث عن عبد الله بن عمر-رضي الله عنهما-
تخريج الحديث: أخرجه أبو داوود (1/97) وابن ماجه (1/307) والبهيقي (3/128) وسنده ضعيف فيه عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن شيخه عمران بن عبد المعافري، وكلاهما ضعيف، وذلك قال النووي: "أنه حديث ضعيف" وسبقه إلى ذلك البهيقي، لكن القضية الأولى منه صحت عنه صلى الله عليه وسلم في أحاديث أخرى وردت بأسانيد صحيحة في سنن أبي داود. وأما الرواية الأخرى "أعبد محرراً" فلم اقف عليها (1) .
3- ورد في باب (التحقيق اللغوي) . "وجاء في الحديث النبوي ... "الكيس من دان فنسه وعمل لما بعد الموت"
تخريج الحديث
أخرجه الترمذي (3/305) وابن ماجه (2/565) والحاكم (1/57) وأحمد (4/124) عن طريق أبي بكر بن أبي مريم الغساني عن حمزة بن حبيب عن شداد بن أوس مرفوعاً. وقال الترمذي "حديث حسن"! وقال الحاكم: "صحيح على شرط البخاري"! وتعقبه الذهبي بقوله: "قلت: لا والله، أو بكر رواه" وقد أصاحب - رحمه الله -.
4- ورد في باب (التحقيق اللغوي) أيضاً بينت من أرجوزة الأعشى الحرمازي يمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم:
... ... ... ... يا سيد الناس وديان العرب

الْإِيمَان

(الْإِيمَان) التَّصْدِيق وَشرعا التَّصْدِيق بِالْقَلْبِ وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ
الْإِيمَان: بِالْفَتْح جمع الْيَمين. وبالكسر فِي اللُّغَة التَّصْدِيق مُطلقًا وَهُوَ مصدر من بَاب الْأَفْعَال من الْأَمْن والهمزة للصيرورة أَو للتعدية بِحَسب الأَصْل. كَأَن الْمُصدق صَار ذَا أَمن من أَن يكون مكذوبا أَو جعل الْغَيْر آمنا من التَّكْذِيب والمخالفة فَهُوَ مُتَعَدٍّ بِنَفسِهِ. وَقد يعدى بِالْبَاء بِاعْتِبَار معنى الِاعْتِرَاف وَالْإِقْرَار كَقَوْلِه تَعَالَى {آمن الرَّسُول بِمَا أنزل إِلَيْهِ من ربه والمؤمنون} . وباللام بِاعْتِبَار معنى الاذعان وَالْقَبُول كَقَوْلِه تَعَالَى: {مَا أَنْت بِمُؤْمِن لنا وَلَو كُنَّا صَادِقين} وَلَيْسَ المُرَاد بالتصديق إِيقَاع نِسْبَة الصدْق إِلَى الْخَبَر والمخبر فِي الْقلب بِدُونِ الإذعان وَالْقَبُول بِأَن تَقول هَذَا الْخَبَر صَادِق أَو أَنْت صَادِق من غير إذعان وَقبُول بل المُرَاد بِهِ التَّصْدِيق المنطقي الْمُقَابل للتصور أَي إذعان النِّسْبَة الْمعبر عَنهُ بِالْفَارِسِيَّةِ (بكرويدن) فالإيمان فِي اللُّغَة هُوَ اذعان النِّسْبَة مُطلقًا. وَفِي الشَّرْع فِي مُسَمَّاهُ اخْتِلَاف. ذهب بَعضهم إِلَى أَنه بسيط. وَالْآخر إِلَى أَنه مركب. وَفِي القائمين فِي بساطته اخْتِلَاف. قَالَ بَعضهم إِنَّه تَصْدِيق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِالْقَلْبِ فِي جَمِيع مَا علم بِالضَّرُورَةِ مَجِيئه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بِهِ من عِنْد الله إِجْمَالا فِيمَا علم إِجْمَالا وتفصيلا فِيمَا علم تَفْصِيلًا أَي تَصْدِيقه وإذعانه فِيمَا اشْتهر كَونه من الَّذين بِحَيْثُ يُعلمهُ الْعَامَّة من غير افتقار إِلَى نظر واستدلال كوحدة الصَّانِع - وَوُجُوب الصَّلَاة - وَحُرْمَة الْخمر - وَنَحْو ذَلِك وَيَكْفِي الْإِجْمَال فِيمَا يُلَاحظ إِجْمَالا وَيشْتَرط التَّفْصِيل فِيمَا يُلَاحظ تَفْصِيلًا حَتَّى لَو لم يصدق بِوُجُوب الصَّلَاة عِنْد السُّؤَال عَنهُ وبحرمة الْخمر عِنْد السُّؤَال عَنْهَا كَانَ كَافِرًا. وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُور وَعَلِيهِ جُمْهُور الْمُحَقِّقين وَهُوَ مُخْتَار الشَّيْخ أبي الْمَنْصُور الماتريدي رَحمَه الله فالإيمان عِنْدهم بسيط لِأَنَّهُ عبارَة عَن التَّصْدِيق الْمَذْكُور فَقَط وَالْإِقْرَار لَيْسَ بِشَرْط لأصل الْإِيمَان بل لإجراء الاحكام فِي الدُّنْيَا من ترك الْــجِزْيَة وَالصَّلَاة عَلَيْهِ والدفن فِي مَقَابِر الْمُسلمين والمطالبة بالعشر وَالزَّكَاة فَمن صدق بِقَلْبِه وَلم يقر بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤمن عِنْد الله تَعَالَى وَإِن لم يكن مُؤمنا فِي أَحْكَام الدُّنْيَا. وَمن أقرّ بِلِسَانِهِ وَلم يقر بِقَلْبِه كالمنافق فبالعكس. وَإِنَّمَا جعلُوا الْإِقْرَار شرطا لإجراء الْأَحْكَام الْمَذْكُورَة لِأَن الْإِيمَان الَّذِي هُوَ التَّصْدِيق القلبي أَمر مبطن لَا بُد لَهُ من عَلامَة تدل عَلَيْهِ لإجراء أَحْكَامه.
وَلَا يذهب عَلَيْك أَن التَّصْدِيق الإيماني هُوَ التَّصْدِيق المنطقي بِعَيْنِه بل بَينهمَا فرق بِالْعُمُومِ وَالْخُصُوص من وَجْهَيْن. أَحدهمَا: أَن التَّصْدِيق المنطقي هُوَ الإذعان وَالْقَبُول بِالنِّسْبَةِ بَين الشَّيْئَيْنِ مُطلقًا والتصديق الإيماني هُوَ أخص بِاعْتِبَار الْمُتَعَلّق أَي التَّصْدِيق بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَلِهَذَا قَالُوا إِن الْإِيمَان فِي الشَّرْع مَنْقُول إِلَى التَّصْدِيق الْخَاص بِاعْتِبَار الْمُتَعَلّق. وَثَانِيهمَا: إِن التَّصْدِيق المنطقي هُوَ الإذعان وَالْقَبُول بِالنِّسْبَةِ مُطلقًا أَي سَوَاء كَانَ حَاصِلا بِالْكَسْبِ وَالِاخْتِيَار أَو لَا. بِخِلَاف التَّصْدِيق الإيماني فَإِنَّهُ الإذعان وَالْقَبُول بِالنِّسْبَةِ بَين الْأُمُور الْمَخْصُوصَة بِالْكَسْبِ وَالِاخْتِيَار حَتَّى لَو وَقع ذَلِك فِي الْقلب من غير اخْتِيَار لم يكن إِيمَانًا. فَمن شَاهد المعجزة فَوَقع فِي قلبه صدق النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام بَغْتَة فَإِنَّهُ لَا يُقَال فِي اللُّغَة أَنه صدق وَأَيْضًا لَا يكون مُؤمنا شرعا بل يكون مُكَلّفا بتحصيل ذَلِك الإذعان بِالِاخْتِيَارِ فالتصديق الإيماني أخص مُطلقًا من التَّصْدِيق المنطقي الْمُقَابل للتصور بِاعْتِبَار مُتَعَلّقه ولكونه مُقَيّدا بِالْكَسْبِ وَالِاخْتِيَار دون التَّصْدِيق المنطقي. وَكَيف لَا يكون مُقَيّدا بِالْكَسْبِ وَالِاخْتِيَار فَإِن الْإِيمَان مَأْمُور ومكلف بِهِ فَلَو لم يكن اخْتِيَارا لما صَحَّ التَّكْلِيف بِهِ.
فَإِن قلت إِن الْإِيمَان تَصْدِيق والتصديق من قسمي الْعلم الَّذِي من الكيفيات النفسانية دون الْأَفْعَال الاختيارية فَلَا يَصح التَّكْلِيف بِهِ لِأَن الْمُكَلف بِهِ لَا بُد أَن يكون فعلا اختياريا قُلْنَا لَا نسلم أَن الْمُكَلف بِهِ لَا يكون إِلَّا فعلا اختياريا فَإِن التَّكْلِيف بالشَّيْء على نَوْعَيْنِ: أَحدهمَا: التَّكْلِيف بِحَسب نفس ذَلِك الشَّيْء وَهُوَ يَقْتَضِي أَن يكون نَفسه مِمَّا تتَعَلَّق بِهِ الْقُدْرَة الْحَادِثَة كالضرب بِالْمَعْنَى المصدري وَهَذَا الشَّيْء لَا يكون إِلَّا فعلا اختياريا. وَالثَّانِي: التَّكْلِيف بالشَّيْء بِحَسب التَّحْصِيل وَهُوَ يَقْتَضِي أَن يكون تَحْصِيله مِمَّا تتَعَلَّق بِهِ الْقُدْرَة. وَذَلِكَ بِأَن يكون الْأَسْبَاب المفضية إِلَيْهِ مقدورة سَوَاء كَانَ نَفسه مَقْدُورًا أَو لَا إِذْ قد يكون الشَّيْء بِحَسب ذَاته غير مَقْدُور وَبِاعْتِبَار تَحْصِيله مَقْدُورًا كالتسخن والتبرد وَالْإِيمَان كَذَلِك فَإِن نَفسه وَإِن كَانَ لَيْسَ مَقْدُورًا اختياريا لَكِن تَحْصِيله فعل اخْتِيَاري فالتكليف بِهِ لَيْسَ إِلَّا بِحَسب تَحْصِيله بِالِاخْتِيَارِ فِي مُبَاشرَة الْأَسْبَاب وَصرف النّظر وَرفع الْمَوَانِع وَنَحْو ذَلِك وَالْعَمَل بالأركان لَيْسَ جُزْء الْإِيمَان على هَذَا الْمَذْهَب أَيْضا كَمَا أَن الْإِقْرَار لَيْسَ بِجُزْء مِنْهُ.
وَمذهب الرقاشِي وَالْقطَّان أَن الْإِيمَان بسيط لِأَنَّهُ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فَقَط بِتَصْدِيق النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فِي جَمِيع مَا جَاءَ بِهِ من عِنْد الله تَعَالَى لَكِن لَيْسَ الْإِيمَان هُوَ الْإِقْرَار الْمَذْكُور مُطلقًا عِنْدهمَا بل بِشَرْط مواطأة الْقلب.ثمَّ إِن الرقاشِي يشْتَرط مَعَ الْإِقْرَار الْمَذْكُور الْمعرفَة القلبية حَتَّى لَا يكون الْإِقْرَار بِدُونِهَا إِيمَانًا عِنْده. وَالْقطَّان يشْتَرط مَعَه التَّصْدِيق المكتسب بِالِاخْتِيَارِ وَصرح بِأَن الْإِقْرَار الْخَالِي عَن التَّصْدِيق المكتسب لَا يكون إِيمَانًا وَعند اقترانه بِهِ يكون الْإِيمَان عِنْده هُوَ الْإِقْرَار فَقَط. وَذهب الكرامية أَيْضا إِلَى بساطة الْإِيمَان لِأَنَّهُ عِنْدهم أَيْضا الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فَقَط لَكِن بِدُونِ اشْتِرَاط الْمعرفَة أَو التَّصْدِيق المكتسب حَتَّى أَن من أضمر الْكفْر وَأظْهر الْإِيمَان يكون مُؤمنا إِلَّا أَنه يسْتَحق الخلود فِي النَّار. وَمن أضمر الْإِيمَان وَلم يتَحَقَّق مِنْهُ الْإِقْرَار لَا يسْتَحق الْجنَّة.
وَفِي الْقَائِلين بتركيب الْإِيمَان أَيْضا اخْتِلَاف. قَالَ بَعضهم أَنه مركب من التَّصْدِيق الْمَذْكُور وَالْإِقْرَار بِهِ فَهُوَ حِينَئِذٍ مركب من أَمريْن لَكِن الْأَمر الأول: أَعنِي الإذعان الْمَذْكُور ركن لَازم لَا يحْتَمل السُّقُوط أصلا. وَالْأَمر الثَّانِي: أَعنِي الْإِقْرَار المسطور ركن غير لَازم يحْتَمل السُّقُوط كَمَا فِي حَالَة الْإِكْرَاه وَهُوَ الْمَنْقُول عَن أبي حنيفَة رَحمَه الله تَعَالَى ومشهور من أَصْحَابه وَكثير من الأشاعرة.
وَفِي شرح الْمَقَاصِد فعلى هَذَا من صدق بِقَلْبِه وَلم يتَّفق لَهُ الْإِقْرَار بِاللِّسَانِ فِي عمره مرّة لَا يكون مُؤمنا عِنْد الله تَعَالَى وَلَا يسْتَحق دُخُول الْجنَّة وَلَا النجَاة من الخلود فِي النَّار. ثمَّ الْخلاف فِيمَا إِذا كَانَ قَادِرًا وَترك التَّكَلُّم لَا على وَجه الأباء إِذْ الْعَاجِز كالأخرس مُؤمن اتِّفَاقًا. والمصر على عدم الْإِقْرَار مَعَ الْمُطَالبَة بِهِ كَافِر وفَاقا لكَون ذَلِك من إمارات عدم التَّصْدِيق. وَلِهَذَا أطبقوا على كفر أبي طَالب. وَإِن كابرت الروافض غير متأملين فِي أَنه كَانَ أشهر أعمام النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وَأَكْثَرهم اهتماما بِشَأْنِهِ وأوفرهم حرصا من النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - على إيمَانه فَكيف اشْتهر حَمْزَة وَالْعَبَّاس وشاع على رُؤُوس المنابر فِيمَا بَين النَّاس وَورد فِي بابهما الْأَحَادِيث الْمَشْهُورَة وَكثر مِنْهُمَا المساعي المشكورة دون أبي طَالب انْتهى. وَقَالَ بَعضهم إِن مُسَمّى الْإِيمَان هُوَ مَجْمُوع التَّصْدِيق الْمَذْكُور وَالْإِقْرَار بِاللِّسَانِ وَالْعَمَل بالأركان فَهُوَ حِينَئِذٍ مركب من ثَلَاثَة أُمُور. وَهَذَا مَذْهَب جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين والمحدثين وَالْفُقَهَاء والمعتزلة والخوارج إِلَّا أَن جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين والمحدثين وَالْفُقَهَاء لم يجْعَلُوا الْعَمَل بالأركان ركنا لأصل الْإِيمَان بل للْإيمَان الْكَامِل فتارك الْعَمَل عِنْدهم مُؤمن وَلَيْسَ بِمُؤْمِن كَامِل. فَإِنَّهُم ذَهَبُوا إِلَى أَن تَارِك الْعَمَل لَيْسَ بِخَارِج عَن الْإِيمَان ودخوله فِي الْجنَّة وَعدم خلوده فِي النَّار مقطوعان. وَعند الْخَوَارِج والمعتزلة الْعَمَل ركن لأصل الْإِيمَان فتارك الْعَمَل خَارج عَن الْإِيمَان وداخل فِي الْكفْر عِنْد الْخَوَارِج وَغير دَاخل فِي الْكفْر عِنْد الْمُعْتَزلَة لأَنهم قَائِلُونَ بالمنزلة بَين المنزلتين. ثمَّ الْمُعْتَزلَة اخْتلفُوا فِيمَا بَينهم فِي الْأَعْمَال فَعِنْدَ أبي عَليّ وَابْنه أبي هَاشم الْأَعْمَال فعل الْوَاجِبَات وَترك الممنوعات. وَعند أبي الْهُذيْل وَعبد الْجَبَّار فعل الطَّاعَات وَاجِبَة كَانَت أَو مَنْدُوبَة فعلى أَي حَال لَا يخرج مُسَمّى الْإِيمَان الشَّرْعِيّ عَن فعل الْقلب وَفعل الْجَوَارِح سَوَاء كَانَ فعل اللِّسَان وَهُوَ الْإِقْرَار أَو غير فعل اللِّسَان وَهُوَ الْعَمَل بالطاعات.
وَوجه الضَّبْط أَن مُسَمّى الْإِيمَان الشَّرْعِيّ إِمَّا بسيط أَو مركب. وعَلى الأول إِمَّا تَصْدِيق فَقَط بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِي وَهُوَ الْمُخْتَار. أَو إِقْرَار بِاللِّسَانِ بِجَمِيعِ مَا جَاءَ بِهِ النَّبِي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فَقَط بِشَرْط مواطأة الْقلب وَهُوَ مَذْهَب الرقاشِي وَالْقطَّان. أَو بِدُونِ اشْتِرَاط تِلْكَ المواطأة وَهُوَ مَذْهَب الكرامية. وعَلى الثَّانِي إِمَّا مركب من أَمريْن أَي التَّصْدِيق الْمَذْكُور وَالْإِقْرَار وَهُوَ مَذْهَب أبي حنيفَة رَحمَه الله وَكثير من الأشاعرة. أَو مركب من ثَلَاثَة أُمُور الْأَمريْنِ الْمَذْكُورين وَالْعَمَل بالأركان. ثمَّ الْعَمَل بالأركان إِمَّا جُزْء للْإيمَان الْكَامِل وَهُوَ مَذْهَب جُمْهُور الْمُتَكَلِّمين والمحدثين وَالْفُقَهَاء الشَّافِعِي رَحِمهم الله فالنزاع بَيْننَا وَبينهمْ لَفْظِي. وَإِمَّا جُزْء لأصل الْإِيمَان وَهُوَ مَذْهَب الْخَوَارِج والمعتزلة. وَالْفرق بَينهمَا لَيْسَ إِلَّا فِي الْأَحْكَام الأخروية كَمَا مر فَافْهَم واحفظ وَكن من الشَّاكِرِينَ.
الْإِيمَان: قَالَ الْعَارِف النامي نور الدّين الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن الجامي قدس الله تَعَالَى سره السَّامِي فِي (نفحات الْأنس من حضرات الْقُدس) فِي وصف أَحْوَال أَبُو الرّبيع الكفيف الحافي رَحمَه الله تَعَالَى: إِن قَول كلمة (لَا إِلَه إِلَّا الله) توفر النجَاة لمن يَقُولهَا سَبْعَة آلَاف مرّة أَو لمن تقال نِيَابَة عَنهُ أَو بنيته. وَيَقُول الشَّيْخ أَبُو الرّبيع أَنه جَاءَ بِهَذَا الذّكر سَبْعَة آلَاف مرّة من غير نِيَّة حَتَّى كَانَ يَوْم كنت حَاضرا فِيهِ مائدة طَعَام مَعَ جمَاعَة وَمَعَهُمْ طِفْل أعطَاهُ الله قدرَة الْكَشْف، وعندما أَرَادَ هَذَا الطِّفْل البدء بِالْأَكْلِ أَخذ يبكي، فَقَالُوا لَهُ: مَا الَّذِي يبكيك: فَقَالَ: إِنَّنِي أرى عَالم البرزخ وَأرى والدتي فِي نارها، فَمَا كَانَ من الشَّيْخ أَبُو الرّبيع إِلَّا أَن عقد النِّيَّة فِي سره على إهداء ذَلِك الذّكر إِلَى وَالِدَة هَذَا الطِّفْل من أجل خلاصها من نَار البرزخ، وَيَقُول مَا إِن أتتمت النِّيَّة حَتَّى ضحك الطِّفْل وَظَهَرت عَلَيْهِ البشاشة وَقَالَ: الْحَمد لله لقد نجت والدتي من عَذَاب نَار البرزخ وَشرع بِالطَّعَامِ مَعَ الْجَمَاعَة، وَيَقُول الشَّيْخ أَبُو الرّبيع أَنه علم لي فِي هَذَا الْبَاب والكشف الَّذِي حدث للطفل صِحَة الْخَبَر النَّبَوِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - انْتهى.

الْقِسْمَة

(الْقِسْمَة) اسْم من اقتسام الشَّيْء والنصيب (ج) قسم و (فِي الْحساب) قسْمَة عدد على آخر تجزئة الأول أَجزَاء بِقدر الْعدَد الثَّانِي وَيُسمى الأول الْمَقْسُوم وَالْآخر الْمَقْسُوم عَلَيْهِ والناتج خَارج الْقِسْمَة (مو)

(الْقِسْمَة) جونة الْعَطَّار

(الْقِسْمَة) الْحسن وَالْجمال وَالْوَجْه وملامح الْوَجْه وجونة الْعَطَّار منقوشة يكون فِيهَا الْعطر (ج) قسمات
الْقِسْمَة: بِالْكَسْرِ فِي اللُّغَة اسْم للاقتسام كالقدرة للاقتدار كَمَا فِي الْمغرب وَغَيره. وَأَيْضًا الْقِسْمَة التَّقْسِيم كَمَا فِي الْقَامُوس لَكِن الْأَنْسَب بِلَفْظ الْقسم أَن يكون مصدر قسمه أَي جزاه كَمَا فِي الْمُقدمَة وَمَعْنَاهَا رفع الشُّيُوع وَقطع الشّركَة وَقَرِيب من ذَلِك مَا وَقع من التَّخْصِيص والتمييز. وَمِنْه الْقسم للْيَمِين إِذْ بِهِ يتَمَيَّز أحد طرفِي الْفِعْل أَي الْعَدَم والوجود عَن الآخر بتأكيد يتَعَلَّق بِهِ دون الآخر. وَفِي الشَّرْع تَمْيِيز الْحُقُوق وإفراز الانصباء. والانصباء جمع نصيب شَائِع فِي نصيب معِين وكل قسْمَة تشْتَمل على معنى الْإِفْرَاز والمبادلة وَإِنَّمَا التَّفَاوُت فِي الظُّهُور فَإِن الْإِفْرَاز ظَاهر فِي الْمثْلِيّ كالمكيل وَالْمَوْزُون والعددي المتقارب لعدم التَّفَاوُت بَين أَبْعَاضه فَيجوز أَن يَأْخُذ كل شريك نصِيبه من الْمثْلِيّ بغيبة صَاحبه وَإِن لم يرض بِهِ وَيبِيع كل نصِيبه مُرَابحَة والمبادلة ظَاهِرَة فِي غير الْمثْلِيّ كالثياب وَالْعَقار والحيوانات للتفاوت بَين أَبْعَاضه فَلَا يَأْخُذ أحد الشَّرِيكَيْنِ نصِيبه حَال غيبَة صَاحبه لِأَن كل مَا يَأْخُذهُ أَحدهمَا عوض عَمَّا فِي يَد صَاحبه من نصِيبه فَلَا يكون إِلَّا بحضورهما كَالْبيع وَلَا يَبِيع مُرَابحَة لِأَنَّهُ لَيْسَ حَقه.
وَالْقِسْمَة فِي علم الْحساب تَحْصِيل عدد ثَالِث من الصِّحَاح أَو الكسور أَو مِنْهُمَا نِسْبَة الْوَاحِد إِلَيْهِ أَو نسبته إِلَى الْوَاحِد كنسبة الْمَقْسُوم عَلَيْهِ إِلَى الْمَقْسُوم أَو نِسْبَة الْمَقْسُوم إِلَى الْمَقْسُوم عَلَيْهِ. وَبِعِبَارَة أُخْرَى الْقِسْمَة تَحْصِيل عدد ثَالِث إِذا ضرب فِي الْمَقْسُوم عَلَيْهِ يكون حَاصِل الضَّرْب مُسَاوِيا للمقسوم.
وَالتَّفْصِيل أَن الْقِسْمَة فِي عرفهم طلب عدد وَاحِد من الصِّحَاح أَو الكسور أَو أَكثر يكون ذَلِك الْعدَد نَصِيبا من الْمَقْسُوم لوَاحِد من آحَاد الْمَقْسُوم عَلَيْهِ عِنْد تــجزية الْمَقْسُوم بِعَدَد وحدات الْمَقْسُوم عَلَيْهِ فَيكون نِسْبَة الْعدَد الْمَطْلُوب إِلَى الْمَقْسُوم كنسبة الْوَاحِد إِلَى الْمَقْسُوم عَلَيْهِ هَذَا بِاعْتِبَار أصل النِّسْبَة. أَو نسبته إِلَى ذَلِك الْعدَد الْمَطْلُوب كنسبة الْمَقْسُوم إِلَى الْمَقْسُوم عَلَيْهِ هَذَا بِاعْتِبَار إِبْدَال النِّسْبَة. أَو نِسْبَة الْوَاحِد إِلَى ذَلِك الْعدَد الْمَطْلُوب كنسبة الْمَقْسُوم عَلَيْهِ إِلَى الْمَقْسُوم هَذَا بِاعْتِبَار خلاف إِبْدَال النِّسْبَة. أَو نِسْبَة الْمَقْسُوم إِلَى ذَلِك الْعدَد الْمَطْلُوب كنسبة الْمَقْسُوم عَلَيْهِ إِلَى الْوَاحِد هَذَا بِاعْتِبَار خلاف أصل النِّسْبَة وَخلاف النِّسْبَة. وعكسها عبارَة عَن جعل التَّالِي مقدما والمقدم تاليا. وإبدال النِّسْبَة عبارَة عَن أَخذ النِّسْبَة للمقدم إِلَى الْمُقدم وللتالي إِلَى التَّالِي. وَالْمرَاد بالمقدم الأول ذَلِك الْعدَد الْمَطْلُوب وبالمقدم الثَّانِي الْوَاحِد والتالي الْمَقْسُوم وَبِالثَّانِي الْمَقْسُوم عَلَيْهِ. فَالْمُرَاد بالمقدم والتالي هَا هُنَا مَا هُوَ الْمَذْكُور أَولا وَمَا هُوَ الْمَذْكُور ثَانِيًا فِي قَوْلنَا فَيكون نسبته إِلَى الْمَقْسُوم كنسبة الْوَاحِد إِلَى الْمَقْسُوم عَلَيْهِ فَافْهَم.
فَإِن قيل كَيفَ يقسم عشرُون وَرقا من التنبول مثلا على عشْرين آدَمِيًّا بَعضهم رجال وَبَعْضهمْ نسوان وَبَعْضهمْ صبيان بِحَيْثُ يصل إِلَى كل من الرِّجَال أَرْبَعَة أوراق وَإِلَى كل وَاحِد من النسوان نصف ورق وَإِلَى كل وَاحِد من الصّبيان ربع ورق. قُلْنَا هُنَاكَ ثَلَاثَة رجال وَخمْس عشرَة امْرَأَة وصبيان اثْنَان. فللرجال اثْنَا عشر ورقة لكل مِنْهُم أَربع. وللنساء سبع وَنصف ورقة لكل نصف ورقة. وللصبيين نصف ورقة لكل مِنْهُمَا ربع ورقة.

الْقسم

(الْقسم) (مصدر) يُقَال هَذَا يَنْقَسِم قسمَيْنِ (يُرَاد بِهِ الْمصدر) وقسمين (يُرَاد بِهِ النَّصِيب أَو الْجُزْء من الشَّيْء الْمَقْسُوم) وَالعطَاء يُقَال عِنْده قسم يقسمهُ (وَلَا يجمع) والرأي يُقَال فلَان جيد الْقسم وَالشَّكّ والغيث وَالْمَاء والخلق وَالْعَادَة وَأَن يَقع الشَّيْء فِي قلب الْإِنْسَان فيظنه ثمَّ يقوى ذَلِك الظَّن فَيصير حَقِيقَة
و (حَصَاة الْقسم) حَصَاة تلقى فِي إِنَاء ثمَّ يصب فِيهِ من المَاء مِقْدَار مَا يغمر الْحَصَاة ثمَّ يشربه وَاحِد وَاحِد مِنْهُم وَذَلِكَ إِذا كَانُوا فِي سفر وَلَا مَاء مَعَهم إِلَّا الْيَسِير مِنْهُ فيقسمونه هَكَذَا

(الْقسم) النَّصِيب والحظ (ج) أَقسَام

(الْقسم) الْيَمين (ج) أَقسَام
الْقسم: بِالْفَتْح مصدر بِمَعْنى التــجزية. وَقِسْمَة الزَّوْج بيتوتته بِالسَّوِيَّةِ بَين النِّسَاء أَي تَسْوِيَة الزَّوْج بَين الزَّوْجَات فِي الْمَأْكُول والبيتوتة وَغَيرهمَا وبالكسر النَّصِيب أَو الْجُزْء من الشَّيْء الْمَقْسُوم. وبفتح الأول وَالثَّانِي الْيَمين بِاللَّه وحروف الْقسم ثَلَاثَة الْبَاء - وَالْوَاو - وَالتَّاء -.
وَاعْلَم أَن التَّاء فرع الْوَاو وَالْوَاو فرع الْبَاء فالباء أصل الأَصْل - وَالتَّاء فرع الْفَرْع وَالْوَاو ذُو جِهَتَيْنِ من وَجه أصل وَمن وَجه آخر فرع. وَلِهَذَا تدخل الْبَاء على مُضْمر وكل مظهر وَالْوَاو لَا تدخل إِلَّا على مظهر مُطلقًا وَخص التَّاء من بَين الْمظهر باسم الله تَعَالَى شَأْنه وَجل برهانه. وَإِنَّمَا حكمنَا بأصالة الْبَاء ثمَّ الْوَاو لِأَن أصل الْبَاء الإلصاق فَهِيَ تلصق فعل الْقسم بالمقسم بِهِ وأبدلت الْوَاو مِنْهَا لِأَن بَينهمَا تنَاسبا لفظيا لِكَوْنِهِمَا شفويتين ومعنويا لما فِي الْوَاو من معنى الجمعية الْقَرِيبَة من معنى الإلصاق وإبدال الْوَاو بِالتَّاءِ كثير شَائِع للقرب فِي الْمخْرج مثل اتقد وتتمة هَذَا المرام فِي الْيَمين إِن شَاءَ الله تَعَالَى.

الجالية

الجالية:
قرية من قرى الأندلس.
(الجالية) الَّذين جلوا عَن أوطانهم وَجَمَاعَة من النَّاس تعيش فِي وَطن جَدِيد غير وطنهم الْأَصْلِيّ (مج) وَأهل الذِّمَّة وكل من لزمتهم الْــجِزْيَة من أهل الْكتاب وَإِن لم يجلوا عَن أوطانهم

العبادات ثَلَاثَة أَنْوَاع

والعبادات ثَلَاثَة أَنْوَاع: (مَالِيَّة مَحْضَة) وَهِي مَا يتَأَدَّى بِالْمَالِ كَالزَّكَاةِ وَصدقَة الْفطر وَالْإِطْعَام بِالْكَفَّارَةِ. و (بدنية مَحْضَة) وَهِي مَا يتَأَدَّى بِعَمَل الْبدن فَقَط كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْم، و (مركبة مِنْهُمَا) كَالْحَجِّ فَإِنَّهُ مَالِي من حَيْثُ شَرط الِاسْتِطَاعَة وَوُجُوب الأجزية بارتكاب الْمَحْظُورَات (وبدني) من حَيْثُ الطّواف وَالْوُقُوف.

الْيَد

(الْيَد) لُغَة فِي الْيَد
(الْيَد) من أَعْضَاء الْجَسَد وَهِي من الْمنْكب إِلَى أَطْرَاف الْأَصَابِع (مُؤَنّثَة) وَمن كل شَيْء مقبضه وَمِنْه يَد السَّيْف والسكين والفأس والرحى وَمن الثَّوْب وَنَحْوه كمه وَالنعْمَة وَالْإِحْسَان تصطنعهما وَالسُّلْطَان وَالْقُدْرَة وَالْقُوَّة يُقَال مَالِي بِهَذَا الْأَمر يدان وَالْجَمَاعَة يُقَال هم يَده أنصاره وهم يَد على غَيرهم مجتمعون متفقون وَالْملك يُقَال هُوَ فِي يَدي أَي ملكي وحوزتي وَالْكَفَالَة فِي الرَّهْن وَالطَّاعَة والانقياد والاستسلام يُقَال هَذِه يَدي لَك وَأعْطى بِيَدِهِ استسلم وخضع وَيُقَال أعْطى الْــجِزْيَة عَن يَد عَن ذل واستسلام (ج) أيد ويدي وأياد وَيُقَال ضرب يَده فِي كَذَا شرع فِيهِ وَالْيَد الْعليا خير من الْيَد السُّفْلى أَي المعطية خير من الآخذة وَخرج من تَحت يَده فلَان خرجه وَعلمه ورباه وَالْأَمر بيد فلَان فِي تصرفه وَهُوَ طَوِيل الْيَد سخي كطويل الباع وَاسْتَعْملهُ المولدون بِمَعْنى المختلس وَيُقَال هُوَ أطول يدا مِنْهُ أكْرم وأجود وَمَشى بَين يَدَيْهِ قدامه وَسقط فِي يَده أَو فِي يَدَيْهِ نَدم وتحسر أَو أَخذ يقلب كفيه على مَا فَاتَ وبعته يدا بيد حَاضرا بحاضر وَيُقَال جَاءَ فلَان بِمَا أدَّت يَد إِلَى يَد مخفقاا خائبا وَلَا أَفعلهُ يَد الدَّهْر أبدا ولقيته أول ذَات يدين أول شَيْء وابتعت الْغنم وَنَحْوهَا الْيَدَيْنِ أَو باليدين بثمنين مُخْتَلفين غال ورخيص وباعها اليدان أسلمها بيد وَأخذ ثمنهَا بيد وَأَعْطَاهُ مَالا عَن ظهر يَد تفضلا لَيْسَ من بيع وَلَا قرض وَلَا مُكَافَأَة وَيُقَال فِي الدُّعَاء على الْمَرْء لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ أَي يسْقط لِلْيَدَيْنِ وَلِلْفَمِ

الْخراج

(الْخراج) مَا يخرج من غلَّة الأَرْض وَيُقَال هَذِه التفاحة طيب رِيحهَا طيب خراجها طعم ثَمَرهَا والإتاوة تُؤْخَذ من أَمْوَال النَّاس والــجزية الَّتِي ضربت على رِقَاب أهل الذِّمَّة والتخريج (بِمَعْنى اللعبة) والبلاد الخراجية الَّتِي افتتحت صلحا ووظف مَا صولح عَلَيْهِ أَهلهَا على أراضيهم (ج) أخراج وأخرجة (جج) أخاريج

(الْخراج) الْخراج وَمَا يخرج بِالْبدنِ من القروح و (عِنْد الْأَطِبَّاء) تجمع صديدي مَحْدُود (مج)(ج) أخرجة وخرجان

حَماةُ

حَماةُ:
بالفتح، بلفظ حماة المرأة، وهي أمّ زوجها لا لغة فيه غير هذه، وكلّ شيء من قبل الزوج نحو الأب والأخ فهم الأحماء، واحدهم حما، وفيه أربع لغات: حما مثل قفا، وحمو مثل أبو، وحمء، ساكنة الميم بعدها همزة، وحم، بغير همزة. وحماة أيضا: عصبة الساق. وحماة: مدينة كبيرة عظيمة كثيرة الخيرات رخيصة الأسعار واسعة الرّقعة حفلة الأسواق، يحيط بها سور محكم، وبظاهر السور حاضر كبير جدّا، فيه أسواق كثيرة وجامع مفرد مشرف على نهرها المعروف بالعاصي، عليه عدة نواعير تستقي الماء من العاصي فتسقي بساتينها وتصبّ إلى بركة جامعها، ويقال لهذا الحاضر السوق الأسفل لأنه منحط عن المدينة، ويسمون المسوّر السوق الأعلى، وفي طرف المدينة قلعة عظيمة عجيبة في حصنها وإتقان عمارتها وحفر خندقها نحو مائة ذراع وأكثر للملك المنصور محمد بن تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، وهي مدينة قديمة جاهلية، ذكرها امرؤ القيس في شعره فقال:
تقطّع أسباب اللّبانة والهوى، ... عشيّة جاوزنا حماة وشيزرا
بسير يضجّ العود منه، يمنّه ... أخو الجهد، لا يلوي على من تعذّرا
إلا أنها لم تكن قديما مثل ما هي اليوم من العظم بسلطان مفرد بل كانت من عمل حمص، قال أحمد ابن الطيب فيما ذكره من البقاع التي شاهدها في مسيره من بغداد مع المعتضد إلى الطواحين فقال بعد ذكره حمص: وحماة قرية عليها سور حجارة وفيها بناء بالحجارة واسع والعاصي يجري أمامها ويسقي بساتينها ويدير نواعيرها، وكان قوله هذا في سنة 271 فسماها قرية، وقال المنجمون: طول حماة اثنتان وستون درجة وثلثان، وعرضها خمس وثلاثون درجة وثلثان وربع، وقال أحمد بن يحيى بن جابر: ولما افتتح أبو عبيدة حمص وفرغ في سنة 17 خلّف بها عبادة بن الصامت ومضى نحو حماة فتلقاه أهلها مذعنين فصالحهم على الــجزية في رؤوسهم والخراج على أرضهم ومضى إلى شيزر، فكان حالها حال حماة، وقال عبد الرحمن بن المستخف يهجو الملك المنصور محمد بن تقي الدين صاحب حماة:
ما كان يصلح أن يكون محمد ... بسوى حماة، لقلّة في دينه
قد أشبهت منه الصفات: فهرّها ... من جنسه، وقرونها كقرونه
قرون حماة: قلّتان متقابلتان، جبل يشرف عليها ونهرها العاصي، وبين كلّ واحد من حماة وحمص والمعرّة وسلمية وبين صاحبه يوم، وبينها وبين شيزر نصف يوم، وبينها وبين دمشق خمسة أيام للقوافل، وبينها وبين حلب أربعة أيام، وقد نسب إليها جماعة من العلماء، منهم: قاضي القضاة ببغداد أبو بكر محمد بن المظفّر بن بكران بن
عبد الصمد بن سلمان الحموي المعروف بالشامي، وكان من صالحي القضاة، تفقّه على القاضي أبي الطيب الطبري، وكان لا يخاف في الله لومة لائم، روى عن أبي القاسم بن بشران وأبي طالب بن غيلان وغيرهما، روى عنه عبد الواحد بن المبارك وغيره، ومولده بحماة سنة 400، ومات ببغداد في شعبان سنة 488.

قَزْوِينُ

قَزْوِينُ:
بالفتح ثم السكون، وكسر الواو، وياء مثناة من تحت ساكنة، ونون: مدينة مشهورة بينها وبين الرّيّ سبعة وعشرون فرسخا وإلى أبهر اثنا عشر فرسخا، وهي في الإقليم الرابع، طولها خمس وسبعون درجة، وعرضها سبع وثلاثون درجة، قال ابن الفقيه: أول من استحدثها سابور ذو الأكتاف واستحدث أبهر أيضا، قال: وحصن قزوين يسمّى كشرين بالفارسية وبينه وبين الديلم جبل كانت ملوك الأرض تجعل فيه رابطة من الأساورة يدفعون الديلم إذا لم يكن بينهم هدنة ويحفظون بلدهم من اللصوص، وكان عثمان بن عفان، رضي الله عنه، ولّى البراء بن عازب الرّيّ في سنة 24 فسار منها إلى أبهر ففتحها، كما ذكرنا، ورحل عنها إلى قزوين فأناخ عليها وطلب
أهلها الصلح فعرض عليهم ما أعطى أهل أبهر من الشرائط فقبلوا جميع ذلك إلا الــجزية فإنهم نفروا منها، فقال: لا بدّ منها، فلما رأوا ذلك أسلموا وأقاموا مكانهم فصارت أرضهم عشريّة ثم رتب البراء فيهم خمسمائة رجل من المسلمين فيهم طليحة بن خويلد الأسدي وميسرة العائذي وجماعة من بني تغلب وأقطعهم أرضين وضياعا لا حقّ فيها لأحد فعمروا وأجروا أنهارها وحفروا آبارها فسمّوا تنّاءها، وكان نزولهم على ما نزل عليه أساورة البصرة على أن يكونوا مع من شاءوا فصار جماعة منهم إلى الكوفة وحالفوا زهرة بن حويّة فسموا حمراء الديلم وأقام أكثرهم مكانهم، وقال رجل ممن قدم مع البراء:
قد يعلم الدّيلم إذ تحارب ... لما أتى في جيشه ابن عازب
بأنّ ظنّ المشركين كاذب ... فكم قطعنا في دجى الغياهب
من جبل وعر ومن سباسب
قالوا: ولما ولي سعيد بن العاصي بن أميّة الكوفة بعد الوليد بن عقبة غزا الديلم فأوقع بهم وقدم قزوين فمصّرها وجعلها مغزى أهل الكوفة إلى الديلم، وكان موسى الهادي لما سار إلى الرّي قدم قزوين وأمر ببناء مدينة بإزائها فهي تعرف بمدينة موسى وابتاع أرضا يقال لها رستماباذ ووقفها على مصالح المدينة وكان عمرو الرومي تولّاها ثم تولّاها بعده ابنه محمد بن عمرو، وكان المبارك التركي بنى بها حصنا سماه المباركية وبه قوم من مواليه، وحدث محمد ابن هارون الأصبهاني قال: اجتاز الرشيد بهمذان وهو يريد خراسان فاعترضه أهل قزوين وأخبروه بمكانهم من بلد العدوّ وعنائهم في مجاهدتهم وسألوه النظر لهم وتخفيف ما يلزمهم من عشر غلاتهم في القصبة فسار إلى قزوين ودخلها وبنى جامعها وكتب اسمه على بابه في لوح حجر وابتاع بها حوانيت ومستغلات ووقفها على مصالح المدينة وعمارة قبّتها وسورها، قال: وصعد في بعض الأيام القبّة التي على باب المدينة وكانت عالية جدّا فأشرف على الأسواق ووقع النفير في ذلك الوقت فنظر إلى أهلها وقد غلّقوا حوانيتهم وأخذوا سيوفهم وتراسهم وجميع أسلحتهم وخرجوا على راياتهم، فأشفق عليهم وقال:
هؤلاء قوم مجاهدون يجب أن ننظر لهم، واستشار خواصّه في ذلك فأشار كلّ برأي، فقال: أصلح ما يعمل بهؤلاء أن يحطّ عنهم الخراج ويجعل عليهم وظيفة القصبة فقط، فجعلها عشرة آلاف درهم في كل سنة مقاطعة، وقد روى المحدّثون في فضائل قزوين أخبارا لا تصحّ عند الحفّاظ النّقّاد تتضمّن الحثّ على المقام بها لكونها من الثغور وما أشبه ذلك، وقد تركتها كراهة للإطالة إلا أن منها ما روي عن النبي، صلّى الله عليه وسلّم، أنه قال: مثل قزوين في الأرض مثل جنّة عدن في الجنان، وروي عنه أنه قال: ليقاتلن بقزوين قوم لو أقسموا على الله لأبرّ أقسامهم، وكان الحجاج بن يوسف قد أغزى ابنه محمدا الديلم فنزل قزوين وبنى بها مسجدا وكتب اسمه عليه، وهو المسجد الذي على باب دار بني الجنيد ويسمّى مسجد الثور، فلم يزل قائما حتى بنى الرشيد المسجد الجامع، وكان الحوليّ بن الجون غزا قزوين فقال:
وبكر سوانا عراقيّة ... بمنحازها أو بذي قارها
وتغلب حيّ بشطّ الفرات ... جزائرها حول ثرثارها
وأنت بقزوين في عصبة، ... فهيهات دارك من دارها
وقال بعض أهل قزوين يذكرها ويفضلها على أبهر:
نداماي من قزوين طوعا لأمركم،
فإني فيكم قد عصيت نهاتي ... فأحيوا أخاكم من ثراكم بشربة
تندّي عظامي أو تبلّ لهاتي ... أساقيتي من صفو أبهر هاكه،
وإن يك رفق من هناك فهاتي
وقد التزم ما لا يلزمه من الهاء قبل ألف الردف،
وقال الطّرمّاح بن حكيم: ... خليلي مدّ طرفك هل ترى لي
ظعائن باللوى من عوكلان؟ ... ألم تر أنّ عرفان الثّريّا
يهيّج لي بقزوين احتزاني؟
وينسب إلى قزوين خلق لا يحصون، منهم الخليل ابن عبد الله بن الخليل أبو يعلى القزويني، روى عن أبي الحسن عليّ بن أحمد بن صالح المقري وغيره، روى عنه الإمام أبو بكر بن لال الفقيه الهمذاني حكاية في معجمه وسمع هو من ابن لال الكبير، قال شيرويه: قال حدّثنا عنه ابنه أبو زيد الواقد بن الخليل الخطيب وأبو الفتح بن لال وغيرهما من القزوينيّين وكان فهما حافظا ذكيّا فريد عصره في الفهم والذكاء، قال شيرويه في تاريخ همذان: ومن أعيان الأئمة من أهل قزوين محمد بن يزيد بن ماجة أبو عبد الله القزويني الحافظ صاحب كتاب السنن، سمع بدمشق هشام بن عمّار ودحيما والعباس بن الوليد الخلّال وعبد الله بن أحمد بن بشير بن ذكوان ومحمود بن خالد والعباس بن عثمان وعثمان بن إسماعيل بن عمران الذّهلي وهشام بن خالد وأحمد بن أبي الحواري، وبمصر أبا طاهر بن سرح ومحمد بن رويح ويونس بن عبد الأعلى، وبحمص محمد بن مصفّى وهشام بن عبد الملك اليزني وعمرا ويحيى ابني عثمان، وبالعراق أبا بكر بن أبي شيبة وأحمد بن عبدة وإسماعيل بن أبي موسى الفزاري وأبا خيثمة زهر بن حرب وسويد بن سعيد وعبد الله ابن معاوية الجمحي وخلقا سواهم، روى عنه أبو الحسن عليّ بن إبراهيم بن سلمة القطّان وأبو عمرو أحمد بن محمد بن إبراهيم بن حكيم وأبو الطيب أحمد ابن روح البغدادي، قال ابن ماجة، رحمه الله:
عرضت هذه النسخة، يعني كتابه في السنن، على أبي زرعة فنظر فيه وقال: أظنّ هذه إن وقعت في أيدي الناس تعطّلت هذه الجوامع كلها، أو قال أكثرها، ثم قال: لعله لا يكون فيه تمام ثلاثين حديثا مما في إسناده ضعف، أو قال عشرين أو نحو هذا من الكلام، قال جعفر بن إدريس في تاريخه:
مات أبو عبد الله بن ماجة يوم الاثنين ودفن يوم الثلاثاء لثمان بقين من رمضان سنة 273، وسمعته يقول ولدت في سنة 209.

تَوَّجُ

تَوَّجُ:
بفتح أوله، وتشديد ثانيه وفتحه أيضا، وجيم، وهي توّز، بالزاي، وسنعيد ذكرها ايضا:
مدينة بفارس قريبة من كازرون شديدة الحرّ لأنها في غور من الأرض ذات نخل، وبناؤها باللّبين، بينها وبين شيراز اثنان وثلاثون فرسخا، ويعمل فيها ثياب كتّان تنسب إليها، وأكثر من يعمل هذا الصنف بكازرون لكن اسم توّج غالب عليه لأن أهل توّج أحذق بصناعته، وهي ثياب رقيقة مهلهلة النسج كأنها المنخل، إلا أن ألوانها حسنة، ولها طرز مذهبة، تباع حزما بالعدد، وكان أهل خراسان يرغبون فيها، وتجلب إليهم كثيرا، وقد يعمل منها صنف صفيق جيّد ينتفع به، وهي مدينة صغيرة واسمها كبير وقد فتحت في أيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، في سنة 18 أو 19، وأمير المسلمين مجاشع ابن مسعود فالتقوا أهل فارس بتوّج فهزّم الله أهل فارس وافتتح توّج بعد حروب عنوة، وأغنمهم عسكره ثم صالحهم على الــجزية، فرجعوا إلى أوطانهم وأقرّوا فقال مجاشع بن مسعود في ذلك:
ونحن ولينا مرّة بعد مرّة ... بتوّج، أبناء الملوك الأكابر
لقينا جيوش الماهيان بسحرة، ... على ساعة تلوي بأهل الحظائر
فما فتئت خيلي تكرّ عليهم، ... ويلحق منها لاحق غير حائر
وقال أحمد بن يحيى: وجّه عثمان بن أبي العاصي الثقفي أخاه الحكم في البحر من عمان لفتح فارس، ففتح مدينة بركاوان ثم سار إلى توّج، وهي أرض أردشير خرّه، وفي رواية أبي مخنف أن عثمان بن أبي العاصي بنفسه قطع البحر إلى فارس فنزل توّج ففتحها، وبنى بها المساجد وجعلها دارا للمسلمين، وأسكنها عبد القيس وغيرهم، وكان يغير منها إلى أرّجان، وهي متاخمة لها، ثم شخص منها وعن فارس إلى عمان والبحرين بكتاب عمر إليه في ذلك، واستخلف أخاه الحكم، وقال غيره: إن الحكم فتح توّج وأنزلها المسلمين من عبد القيس وغيرهم، وكان ذلك في سنة 19، ثم كانت وقعة ريشهر كما نذكرها في ريشهر، وقتل سهرك مرزبان فارس حينئذ، وكتب عمر إلى عثمان بن أبي العاصي أن يعبر إلى فارس بنفسه، فاستخلف أخاه حفصا، وقيل المغيرة، وعبر إلى توّج فنزلها، وكان يغزو منها، وكان بعض أهل توّج يقول: إن توّج مصرّت بعد قتل سهرك وينسب إليها جماعة، منهم: أبو بكر أحمد بن الحسين بن أحمد بن مردشاد السيرافي التوّجي، سمع منه أبو محمد عبد العزيز بن محمد النخشبي الحافظ وغيره وأما قول مليح الهذلي:
بعثنا المطايا، فاستخفّت كما هوت ... قوارب يزفيها وسيج سفنّج
ليوردها الماء الذي نشطت له، ... ومن دونه أثباج فلج فتوّج
يزفيها: يسرع بها. والوسيج: ضرب من السير.
والسفنج: الظليم. توّج: هو موضع بالبادية ينسب إليه الصّقور قال الشّمردل:
قد أغتدي، والليل في حجابه، ... والليل لم يأو الى مهابة
بتوّج إذ صاد، في شبابه، ... معاود قد ذلّ في اصعابه
وقال الراجز:
أحمر من توّج محض حسبه، ... ممكّن على الشمال مركبه
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.