دراني: انظر داراني فيما تقدم.
دراني: انظر داراني فيما تقدم.
شرب: الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده: شَرِبَ الماءَ وغيره شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً؛ ومنه قوله تعالى: فشارِبون عليه من الـحَميمِ فشارِبون شُرْبَ الـهِـيمِ؛ بالوجوه الثلاثة. قال سعيد بن يحيـى الأُموي: سمعت أَبا جريج يقرأُ: فشارِبون شَرْبَ الـهِـيمِ؛ فذكرت ذلك لجعفر بن محمد، فقال: وليست كذلك، إِنما هي: شُرْب الـهِـيمِ؛ قال الفراء: وسائر القراء يرفعون الشين. وفي حديث أَيـّامِ التَّشْريق: إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ؛ يُروى بالضم والفتح، وهما بمعنى؛ والفتح أَقل اللغتين، وبها قرأَ أَبو عمرو: شَرْب الـهِـيمِ؛ يريد أَنها أَيام لا يجوز صَومُها، وقال أَبو عبيدة: الشَّرْبُ، بالفتح، مصدر، وبالخفض والرفع، اسمان من شَرِبْتُ. والتَّشْرابُ: الشُّرْبُ؛ فأَما قول أَبي ذؤيب:
شَرِبنَ بماءِ البحرِ، ثم تَرَفَّعَتْ، * مَتى حَبَشِـيَّاتٍ، لَـهُنَّ نئِـيجُ(1)
(1 قوله «متى حبشيات» هو كذلك في غير نسخة من المحكم.)
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ ماء البحر، ثم تَصَعَّدْنَ، فأَمْطَرْن
ورَوَّيْنَ؛ والباء في قوله بماء البحر زائدة، إِنما هو شَرِبنَ ماء البحر؛ قال ابن جني: هذا هو الظاهر من الحالِ، والعُدُولُ عنه تَعَسُّفٌ؛ قال: وقال بعضهم شَرِبنَ مِن ماء البحر، فأَوْقَع الباء مَوْقِـعَ من؛ قال: وعندي أَنه لما كان شَرِبنَ في معنى رَوِينَ، وكان رَوِينَ مما يتعدَّى بالباءِ، عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ، ومثله كثير؛ منه ما مَضَى، ومنه ما
سيأْتي، فلا تَسْتَوْحِش منه.
والاسم: الشِّرْبةُ، عن اللحياني؛ وقيل: الشَّرْبُ المصدر، والشِّرْبُ
الاسم. والشِّرْبُ: الماء، والجمع أَشرابٌ.
والشَّرْبةُ من الماءِ: ما يُشْرَبُ مَرَّةً. والشَّرْبةُ أَيضاً: المرةُ الواحدة من الشُّرْبِ.
والشِّرْبُ: الـحَظُّ من الماءِ، بالكسر. وفي المثل: آخِرُها أَقَلُّها
شِرْباً؛ وأَصلُهُ في سَقْيِ الإِبل، لأَنَّ آخِرَها يرد، وقد نُزِفَ
الحوْضُ؛ وقيل: الشِّرْبُ هو وقتُ الشُّرْبِ. قال أَبو زيد: الشِّرْبُ
الـمَوْرِد، وجمعه أَشْرابٌ. قال: والـمَشْرَبُ الماء نَفسُه.
والشَّرابُ: ما شُرِب من أَيِّ نوْعٍ كان، وعلى أَيّ حال كان. وقال أَبو حنيفة: الشَّرابُ، والشَّرُوبُ، والشَّرِيبُ واحد، يَرْفَع ذلك إِلى أَبي زيد.
ورَجلٌ شارِبٌ، وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ: مُولَع بالشَّرابِ،
كخِمِّيرٍ. التهذيب: الشَّرِيبُ الـمُولَع بالشَّراب؛ والشَّرَّابُ: الكثيرُ
الشُّرْبِ؛ ورجل شَروبٌ: شديدُ الشُّرْب. وفي الحديث: مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدنيا، لم يَشْرَبها في الآخرة؛ قال ابن الأَثير: هذا من باب التَّعْلِـيقِ في البيان؛ أَراد: أَنه لم يَدْخُلِ الجنَّةَ، لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ، فإِذا لم يَشْرَبْها في الآخرة، لم يَكن قد دَخَلَ
الجنةَ.والشَّرْبُ والشُّرُوبُ: القَوم يَشْرَبُون، ويجْتَمعون على الشَّراب؛ قال ابن سيده: فأَما الشَّرْبُ، فاسم لجمع شارِب، كرَكْبٍ ورَجْلٍ؛ وقيل: هو جمع. وأَما الشُّروب، عندي، فجمع شاربٍ، كشاهدٍ وشُهودٍ، وجعله ابن الأَعرابي جمع شَرْبٍ؛ قال: وهو خطأٌ؛ قال: وهذا مـمَّا يَضِـيقُ عنه عِلْمُه لجهله بالنحو؛ قال الأَعشى:
هو الواهِبُ الـمُسْمِعاتِ الشُّرُو * بَ، بَين الـحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وقوله أَنشده ثعلب:
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا، * مِثلَ الـمَنادِيلِ، تُعاطَى الأَشرُبا(1)
(1 قوله «جلبا» كذا ضبط بضمتين في نسخة من المحكم.)
يكون جمع شَرْبٍ، كقول الأَعشى:
لها أَرَجٌ، في البَيْتِ، عالٍ، كأَنما * أَلمَّ بهِ، مِن تَجْرِ دارِينَ، أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ: جمع رَكْبٍ، ويكون جمع شَارِبٍ وراكِبٍ، وكلاهما نادر، لأَنَّ سيبويه لم يذكر أَن فاعلاً قد يُكَسَّر على أَفْعُلٍ.
وفي حديث علي وحمزة، رضي اللّه عنهما: وهو في هذا البيت في شَرْبٍ من الأَنصار؛ الشَّرْبُ، بفتح الشين وسكون الراء: الجماعة يَشْرَبُونَ الخمْر.التهذيب، ابن السكيت: الشِّرْبُ: الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ. والشِّرْبُ: النَّصِـيبُ من الماء.
والشَّرِيبةُ من الغنم: التي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ، فتَتْبَعُها الغَنمُ، هذه في الصحاح؛ وفي بعض النسخ حاشيةٌ: الصواب السَّريبةُ، بالسين المهملة. وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً. شَرِبَ معه، وهو شَرِيبـي؛ قال:
رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ، * شِرابُه كالـحَزِّ بالـمَواسي
والشَّرِيبُ: صاحِـبُكَ الذي يُشارِبُكَ، ويُورِدُ إِبلَه معَكَ، وهو
شَرِيبُك؛ قال الراجز:
إِذا الشَّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ، فخلِّه، حتى يَبُكَّ بَكَّهْ
وبه فسر ابن الأَعرابي قوله:
رُبَّ شَرِيب لك ذي حُساس
قال: الشَّرِيبُ هنا الذي يُسْقَى مَعَك. والـحُساسُ: الشُّؤْم والقَتْلُ؛ يقول: انتِظارُك إِيَّاه على الحوضِ، قَتْلٌ لك ولإِبلِك. قال: وأَما
نحن ففَسَّرْنا الـحُساسَ هنا، بأَنه الأَذَى والسَّوْرةُ في الشَّراب،
وهو شَرِيبٌ، فَعِـيلٌ بمعنى مُفاعِل، مثل نَديم وأَكِـيل.
وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ، وأَشْرَبَ الإِبل حتى شَرِبَتْ، وأَشْرَبْنَا نحن: رَوِيَتْ إِبلُنا، وأَشْرَبْنا: عَطِشْنا، أَو عَطِشَت إِبلُنا؛ وقوله:
اسْقِنِـي، فإِنَّـنِـي مُشْرِب
رواه ابن الأَعرابي، وفسره بأَنَّ معناه عطشان، يعني نفسه، أَو إِبله.
قال ويروى: فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قد وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ. التهذيب:
الـمُشْرِبُ العَطْشان. يقال: اسْقِنِي، فإِنِّي مُشْرِب. والـمُشْرِبُ:
الرجُل الذي قد عَطِشَت إِبلُه أَيضاً. قال: وهذا قول ابن الأَعرابي.
قال وقال غيره: رَجل مُشْرِبٌ قد شَرِبَت إِبله. ورجل مُشرِبٌ: حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ. قال: وهذا عنده من الأَضداد.
والـمَشْرَبُ: الماء الذي يُشْرَبُ.
والـمَشْرَبةُ: كالـمَشْرَعةِ؛ وفي الحديث: مَلْعُونٌ ملعونٌ مَن أَحاطَ
على مَشْرَبةٍ؛ الـمَشْرَبة، بفتح الراءِ من غير ضم: الموضع الذي يُشْرَبُ منه كالـمَشْرَعةِ؛ ويريد بالإِحاطة تَملُّكَه، ومنعَ غيره منه.
والـمَشْرَبُ: الوجهُ الذي يُشْرَبُ منه، ويكون موضعاً، ويكون مصدراً؛ وأَنشد:
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي، كأَنه * خَصِـيٌّ، أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ
أَي من غير وجه الشُّرْب؛ والـمَشْرَبُ: شَرِيعةُ النَّهر؛
والـمَشْرَبُ: الـمَشْروبُ نفسُه.
والشَّرابُ: اسم لما يُشْرَبُ. وكلُّ شيء لا يُمْضَغُ، فإِنه يقال فيه:
يُشْرَبُ.
والشَّرُوبُ: ما شُرِبَ. والماء الشَّرُوب والشَّريبُ: الذي بَيْنَ
العَذْبِ والـمِلْح؛ وقيل: الشَّروب الذي فيه شيء من عُذوبةٍ، وقد يَشْرَبُه الناس، على ما فيه. والشَّرِيبُ: دونه في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند ضرورة، وقد تَشْرَبُه البهائم؛ وقيل: الشَّرِيبُ العَذْبُ؛ وقيل: الماء الشَّرُوب الذي يُشْرَبُ. والمأْجُ: الـمِلْحُ؛ قال ابن هرمة:
فإِنَّكَ، بالقَرِيحةِ، عامَ تُمْهى، * شَروبُ الماء، ثم تَعُودُ مَـأْجا
قال: هكذا أَنشده أَبو عبيد بالقَرِيحة، والصواب كالقَرِيحةِ. التهذيب أَبو زيد: الماء الشَّريبُ الذي ليس فيه عُذوبةٌ، وقد يَشْرَبُه الناسُ على ما فيه. والشَّرُوبُ: دُونهُ في العُذوبةِ، وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند الضَّرُورة. وقال الليث: ماء شَرِيبٌ وشَرُوب فيه مَرارةٌ ومُلُوحة، ولم يمتنع من الشُّرْب؛ وماء شَرُوبٌ وماء طَعِـيمٌ بمعنى واحد. وفي حديث الشورى: جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع من عَذْبٍ مُوبٍ؛ الشَّرُوبُ من الماءِ: الذي لا يُشْرَب إِلاّ عند الضرورة، يستوي فيه المذكر والمؤَنث، ولهذا وصف به الجُرْعةَ؛ ضرب الحديث
مثلاً لرجلين: أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ، والآخر أَرفعُ وأَضرُّ. وماءٌ مُشْرِبٌ: كَشَروبٍ.
ويقال في صِفَةِ بَعِيرٍ: نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هذا؛ يقول: يكتفي إِلى منزله الذي يريدُ بشَرْبةٍ واحدة، لا يَحْتاجُ إِلى أُخرى.
وتقول: شَرَّبَ مالي وأَكَّـلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم به؛ وظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاءَ.
ورجل أُكَلةٌ وشُرَبةٌ، مثال هُمَزةٍ: كثير الأَكل والشُّرب، عن ابن
السكيت.
ورجلٌ شَرُوبٌ: شديدُ الشُّرْبِ، وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ.
ويومٌ ذو شَرَبةٍ: شديدُ الـحَرِّ، يُشْرَبُ فيه الماءُ أَكثر مما يُشْرَب على هذا الآخر. وقال اللحياني: لم تَزَلْ به شَرَبَةٌ هذا اليومَ أَي
عَطَشٌ. التهذيب: جاءَت الإِبل وبها شَرَبةٌ أَي عطَش، وقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو عمرو إِنه لذو شَرَبةٍ إِذا كان كثير الشُّرب.
وطَعامٌ مَشْرَبةٌ: يُشْرَبُ عليه الماء كثيراً، كما قالوا: شَرابٌ مَسْفَهةٌ.
وطَعامٌ ذو شَرَبة إِذا كان لا يُرْوَى فيه من الماءِ. والـمِشْرَبةُ،
بالكسر: إِناءٌ يُشْرَبُ فيه.
والشَّارِبةُ: القوم الذين مسكنهم على ضَفَّة النهر، وهم الذين لهم ماء ذلك النهر.
والشَّرَبةُ: عَطَشُ المالِ بعدَ الـجَزءِ، لأَنَّ ذلك يَدْعُوها إِلى
الشُّرْب. والشَّرَبةُ، بالتحريك: كالـحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ
والشجرة، ويُمْلأُ ماء، فيكون رَيَّها، فَتَتَرَوَّى منه، والجمع شَرَبٌ
وشَرَباتٌ؛ قال زهير:
يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ، ماؤها طَحِلٌ، * على الجُذوعِ، يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابن الأَعرابي:
مِثْلُ النَّخِـيلِ يُرَوِّي، فَرْعَها، الشَّرَبُ
وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ من الشَّرَباتِ، فادْلُكْ رأْسَك حتى تُنَقِّيَه.
الشَّرَبة، بفتح الراءِ: حَوْضٌ يكون في أَصل النخلة وحَوْلَها، يُمْلأُ
ماء لِتَشْرَبه؛ ومنه حديث جابر، رضي اللّه عنه: أَتانا رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، فَعَدَلَ إِلى الرَّبِـيع، فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ
إِلى الشَّرَبةِ؛ الرَّبِـيعُ: النهرُ. وفي حديث لَقِـيطٍ: ثم أَشْرَفْتُ عليها، وهي شَرْبةٌ واحدة؛ قال القتيبـي: إِن كان بالسكون، فإِنه أَرادأَن الماء قد كثر، فمن حيث أَردت أَن تشرب شربت، ويروى بالياءِ تحتها نقطتان، وهو مذكور في موضعه.
والشَّرَبةُ: كُرْدُ الدَّبْرَةِ، وهي الـمِسْقاةُ، والجمع من كل ذلك
شَرَباتٌ وشَرَبٌ.
وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ: جَعَلَ لها شَرَباتٍ؛ وأَنشد أَبو حنيفة في
صفة نخل:
مِنَ الغُلْبِ، مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ * لِسَقْيٍ، وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذلك من الشُّرْب.
والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ؛ وقيل: الشَّوارِبُ عُروقٌ في
الـحَلْقِ تَشْرَبُ الماء؛ وقيل: هي عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالـحُلْقوم،
وأَسْفَلُها بالرِّئةِ؛ ويقال: بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِـين، ولها قَصَبٌ
منه يَخْرُج الصَّوْت؛ وقيل: الشَّوارِبُ مَجاري الماء في العُنُقِ؛ وقيل: شَوارِبُ الفَرَسِ
ناحِـيةُ أَوْداجِه، حيث يُوَدِّجُ البَيْطارُ، واحِدُها، في التقدير، شارِبٌ؛ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ، مِن هذا، أَي شَديدُ النَّهِـيقِ. الأَصمعي، في قول أَبي ذؤَيب:
صَخِبُ الشَّوارِب، لا يَزالُ كأَنـَّه * عَبْدٌ، لآلِ أَبي رَبِـيعةَ، مُسْبَعُ
قال: الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الـحَلْقِ، وإِنما يريد كَثرةَ
نُهاقِه؛ وقال ابن دريد: هي عُرُوقُ باطِن الـحَلْقِ. والشَّوارِبُ: عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالـحُلْقُومِ؛ يقال: فيها يَقَعُ الشَّرَقُ؛ ويقال: بل هي
عُرُوق تأْخذ الماء، ومنها يَخْرُج الرِّيقُ. ابن الأَعرابي: الشَّوارِبُ
مَجاري الماءِ في العين؛ قال أَبو منصور: أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ في العين التي تَفُور في الأَرض، لا مَجارِيَ ماءِ عين الرأْس.
والـمَشْرَبةُ: أَرضٌ لَـيِّـنةٌ لا يَزالُ فيها نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ. والـمَشْرَبةُ والـمَشْرُبَةُ، بالفتح والضم: الغُرْفةُ؛ سيبويه: وهي الـمَشْرَبةُ، جعلوه اسماً كالغُرْفةِ؛ وقيل: هي كالصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفةِ.
والـمَشارِبُ: العَلاليُّ، وهو في شعر الأَعشى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، كان في مَشْرَبةٍ له أَي كان في غُرْفةٍ؛ قال: وجمعها مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ.
والشارِبانِ: ما سالَ على الفَم من الشَّعر؛ وقيل: إِنما هو الشَّارِبُ، والتثنية خطأٌ. والشَّارِبان: ما طالَ مِن ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبعضهم يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً واحداً، وليس بصواب، والجمع شَوارِبُ.
قال اللحياني: وقالوا إِنه لَعَظِـيمُ الشَّواربِ. قال: وهو من الواحد
الذي فُرِّقَ، فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ منه شارِباً، ثم جُمِع على هذا. وقد
طَرَّ شارِبُ الغُلامِ، وهما شارِبانِ. التهذيب: الشارِبانِ ما طالَ من ناحِـيةِ السَّبَلةِ، وبذلك سُمِّي شارِبا السيفِ؛ وشارِبا السيفِ: ما
اكْـتَنَفَ الشَّفْرةَ، وهو من ذلك. ابن شميل: الشارِبانِ في السيفِ، أَسْفَلَ القائِم، أَنْفانِ طَويلانِ: أَحدُهما من هذا الجانب، والآخَرُ من هذا الجانِب. والغاشِـيةُ: ما تحتَ الشَّارِبَين؛ والشارِبُ والغاشِيةُ: يكونان من حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ.
وأَشْرَبَ اللَّونَ: أَشْبَعَه؛ وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر، فقد أُشْرِبَه.
وقد اشْرابَّ: على مِثالِ اشْهابَّ.
والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ في الثوبِ، والثوبُ يَتَشَـرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه.
والإِشْرابُ: لَوْنٌ قد أُشْرِبَ من لَونٍ؛ يقال: أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذلك؛ وفيه شُرْبةٌ من حُمْرَةٍ أَي إِشْرابٌ.
ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً، وإِنه لَـمَسْقِـيُّ الدَّم مثله، وفيه شُرْبةٌ من الـحُمْرةِ إِذا كان مُشْرَباً حُمْرَةً وفي صفته، صلى اللّه عليه
وسلم: أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً.
(يتبع...)
(تابع... 1): شرب: الشَّرْبُ: مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً. ابن سيده:... ...
الإِشْرابُ: خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ. كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِـيَ اللونَ الآخَرَ؛ يقال: بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مخففاً، وإِذا شُدّد كان للتكثير والمبالغة.
ويقال أَيضاً: عنده شُرْبةٌ من ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ؛ ومثله
الـحُسْوةُ، والغُرْفةُ، واللُّقْمةُ.
وأُشْرِبَ فلان حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه. وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّـةَ هذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ. وفي التنزيل العزيز: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهِم العِجْلَ؛ أَي حُبَّ العِجْلِ، فحذَف المضافَ، وأَقامَ المضافَ
إِليه مُقامَه؛ ولا يجوز أَن يكون العِجْلُ هو الـمُشْرَبَ، لأَنَّ
العِجْل لا يَشْرَبُه القَلْبُ؛ وقد أُشْرِبَ في قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه. وقال الزجاج: وأُشْرِبُوا في قُلوبِهم العِجْلَ بكُفْرِهم؛ قال:
معناه سُقُو حُبَّ العِجْلِ، فحذف حُبَّ، وأُقِـيمَ العِجْلُ مُقامَه؛ كما
قال الشاعر:
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ * خَلالَـتُه، كأَبي مَرْحَبِ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ.
والثَّوْب يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ: يَتَنَشَّفُه. وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فيه: سَرَى.
واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً: اشْتَدَّت حُمْرَتُها؛ وذلك إِذا كانت
من الشِّرْبانِ؛ حكاه أَبو حنيفة.
قال بعض النحويين: من الـمُشْرَبةِ حُروف يخرج معها عند الوُقوفِ عليها نحو النفخ، إِلاَّ أَنها لم تُضْغَطْ ضَغْطَ الـمَحْقُورَةِ، وهي الزاي والظاءُ والذال والضاد. قال سيبويه: وبعضُ العرب أَشَدُّ تصويباً من بعض.وأُشْرِبَ الزَّرْعُ: جَرى فيه الدَّقيقُ؛ وكذلك أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ، عَدَّاه أَبو حنيفة سماعاً من العرب أَو الرُّواة.
ويقال للزرع إِذا خرج قَصَبُه: قد شَرِبَ الزرعُ في القَصَبِ، وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فيه. ابن الأَعرابي: الشُّرْبُبُ الغَمْلى من النبات.
وفي حديث أُحد: انَّ المشركين نزلوا على زَرْعِ أَهلِ المدينةِ،
وخَلَّوا فيه ظَهْرهم، وقد شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ؛ وفي رواية: شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ، وهو كناية عن اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع، وقُرْبِ إِدْراكِه.
يقال: شَرَّبَ قَصَبُ الزرع إِذا صارَ الماءُ فيه؛ وشُرِّبَ السُّنْبُلُ
الدَّقيقَ إِذا صارَ فيه طُعْمٌ؛ والشُّرْبُ فيه مستعارٌ، كأَنَّ الدَّقِـيقَ كان ماءً، فَشَرِبَه.
وفي خديث الإِفك: لقد سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم، أَي سُقِـيَتْهُ كما يُسْقَى العَطْشانُ الماء؛ يقال: شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِـيتَه. وأُشْرِبَ قَلْبُه كذا، أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب، أَو اخْتَلَطَ به، كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بالثوب. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ.
أَبو عبيد: وشَرَّبَ القِرْبةَ، بالشين المعجمة، إِذا كانت جديدة، فجعل فيها طيباً وماء، لِـيَطِـيبَ طَعْمُها؛ قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها:
ذَوارِفُ عَيْنَيْها، منَ الـحَفْلِ، بالضُّحَى، * سُجُومٌ، كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّب
هذا قول أَبي عبيد وتفسيره، وقوله: كتَنْضاحِ الشِّنانِ الـمُشَرَّبِ؛
إِنما هو بالسين المهملة؛ قال: ورواية أَبي عبيد خطأ.
وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ: نَشِفَه.
وضَبَّةٌ شَرُوبٌ: تَشْتَهِـي الفحل، قال: وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ.
وشَرِبَ بالرجل، وأَشْرَبَ به: كَذَبَ عليه؛ وتقول: أَشْرَبْتَني ما لم
أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أَفْعَلْ.
والشَّرْبةُ: النَّخْلة التي تَنبُتُ من النَّوى، والجمع الشَّرَبَّاتُ،
والشَّرائِبُ، والشَّرابِـيبُ(1)
(1 قوله «والجمع الشربَّات والشرائب والشرابيب» هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيده وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان.).
وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الـحَبْلَ: وَضَعَه في عُنُقها؛ قال:
يا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ
وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جعلت الـحِـبالَ في أَعْناقِها؛ وأَنشد ثعلب:
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ، حتى أَنَخْتُها * بِقُرْح، وقد أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِـينِ
وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لكل جَمَلٍ قَريناً؛ ويقول أَحدهم لناقته: لأُشْرِبَنَّكِ الـحِـبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بها.
والشَّارِبُ: الضَّعْفُ، في جميع الحيوان؛ يقال: في بعيرِك شارِبُ
خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ؛ ونِعْم البعيرُ هذا لولا أَن فيه شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ.
قال: وشَرِبَ إِذا رَوِيَ، وشَرِبَ إِذا عَطِشَ، وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ
بَعيرُه.
ويقال: ما زالَ فلان على شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي على أَمرٍ واحد.
أَبو عمرو: الشَّرْبُ الفهم. وقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ؛
ويقال للبليد: احْلُبْ ثم اشْرُبْ أَي ابْرُك ثم افْهَمْ.
وحَلَبَ إِذا بَرَكَ.
وشَرِيبٌ، وشُرَيْبٌ، والشُّرَّيْبُ، بالضم، والشُّرْبُوبُ، والشُّرْبُبُ: كلها مواضع. والشُّرْبُبُ في شعر لبيد، بالهاءِ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه؟
والشُّرْبُبُ: اسم وادٍ بعَيْنِه.
والشَّرَبَّةُ: أَرض لَـيِّـنَة تُنْبِتُ العُشْبَ، وليس بها شجر؛ قال
زهير:
وإِلاَّ فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ، فاللِّوَى، * نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع، ونَيْسِرُ
وشَرَبَّةُ، بتشديد الباءِ بغير تعريف: موضع؛ قال ساعدة بن جؤَية:
بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِـيبِ، بدُورِه * أَرْطًى، يَعُوذُ به، إِذا ما يُرْطَبُ
يُرْطَبُ: يُبَلُّ؛ وقال دَمِث الكَثِـيب، لأَنَّ الشُّرَبَّةَ موضع أَو مكان؛ ليس في الكلام فَعَلَّةٌ إِلاَّ هذا، عن كراع، وقد جاءَ له ثان، وهو قولهم: جَرَبَّةٌ، وهو مذكور في موضعه.
واشْرَأَبَّ الرجل للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً: مَدَّ عُنُقَه إِليه، وقيل: هو إِذا ارْتَفَعَ وعَلا؛ والاسم: الشُّرَأْبِـيبةُ، بضم الشين، من اشْرَأَبَّ. وقالت عائشة، رضي اللّه عنها: اشْرَأَبَّ النِّفاقُ،
وارْتَدَّت العربُ؛ قال أَبو عبيد: اشْرَأَبَّ ارتفعَ وعلا؛ وكلُّ رافِعٍ
رأْسَه: مُشْرَئِبٌّ. وفي حديث: يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ: يا أَهلَ
الجنةِ، ويا أَهلَ النار، فيَشْرَئِبُّون لصوته؛ أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم
ليَنْظُروا إِليه؛ وكلُّ رافع رأْسه مشرئبٌّ؛ وأَنشد لذي الرمة يصف الظَّبْيةَ، ورَفْعَها رأْسَها:
ذَكَرْتُكِ، إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ، * أَمامَ الـمَطايا، تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
قال: اشْرأَبَّ مأْخوذ من الـمَشْرَبة، وهي الغُرْفةُ.
نوف: نافَ الشيءُ نوْفاً: ارتفع وأَشْرف. وفي حديث عائشة تصف أَباها،
رضي اللّه عنهما: ذاك طَوْد مُنيفٌ أَي عالٍ مُشْرِف. يقال: نافَ الشيءُ
ينُوف إذا طال وارتفع. وأَناف الشيءُ على غيره: ارتفع وأَشرف. ويقال لكل
مُشرف عل غيره: إنه لمُنيف، وقد أَنافَ إناقة، قال طرفة:
وأَنافَتْ بهَوادٍ تُلُعٍ،
كجُذُوعٍ شُذِّبَتْ عنها القُشُرْ
ومنه يقال: عشرون ونيّف لأَنه زائد على العقد. الأزهري: ومِن ناف يقال
هذه مائة ونَيّف، بتشديد الياء، أَي زيادة، وهي كلام العرب، وعوامُّ الناس
يخففون فيقولون: ونيْف، وهو لحن عند الفصحاء. قال أَبو العباس: الذي
حصّلناه من أَقاويل حُذَّاق البصريين والكوفيين أَنّ النيّف من واحدة إلى
ثلاث، والبِضْع من أَربع إلى تسع. ويقال: نَيّف فلان على الستين ونحوها إذا
زاد عليها؛ وكلُّ ما زاد على العَقْد، فهو نيّف، بالتشديد، وقد يخفف حتى
يبلغ العَقْد الثاني. ابن سيده: النيف الفضل؛ عن اللحياني. وحكى
الأَصمعي: ضع النيف في موضعه أَي الفضْل؛ وقد نيّف العددُ على ما تقول. قال:
والنَّيْفُ والنَّيِّفُ، كميْت وميِّت، الزيادة. والنِّيف والنِّيفة: ما بين
العَقْدين لأَنها زيادة، يقال: له عشرة ونَيّف، وكذلك سائر العقود. قال
اللحياني: يقال عشرون ونيف ومائة ونيف وأَلف ونيف، ولا يقال نيف إلا بعد
عَقْد، قال: وإنما قيل نيف لأَنه زائد على العدد الذي حواه ذلك العَقْد.
وأَنافت الدراهم على كذا: زادت. وأَنافَ الجبل وأَناف البِناء، فهو جبل
مُنِيف وبناء مُنيف أَي طويل؛ وقال ابن جني في كتابه الموسوم بالمعرب:
وأَنت تراهم قد استحدثوا في حَبْله من قوله:
لما رأَيت الدَّهْر جَهْماً حَبْلُهو
حرف مدّ أَنافوه على وزن البيت، فعدّى أَنافوه وليس هذا بمعروف، وإنما
عدّاه لأَنه في معنى زاد. ونيّف العَدَد على ما تقول: زاد، وأَورد الجوهري
النيف الزيادة، والنِّياف في ترجمة نيف، قال: وأَصله الواو؛ قال ابن
بري: شاهده قول ابن الرِّقاع:
ولدت ترابيه رأْسُها،
على كلِّ رابيةٍ، نَيِّف
(* قوله «ولدت ترابيه» كذا بالأصل، ولعله ولدت برابية، واحدة الروابي.)
وامرأَة مُنِيفة ونياف: تامّة الطول والحُسن. وجمل نِياف وناقة نِياف:
طويلا السّنام؛ قال ابن بري: شاهده قول زياد المِلْقَطِيّ:
والرَّحْل فوق ذاتِ نَوْفٍ خامس
(* قوله «خامس» كذا في الأصل بالخاء، ولعله بالجيم.)
قال ابن جني: ياء كل ذلك منقلبة عن واو لأَنه من النوف الذي هو
العُلُوُّ والارْتفاع، قلبت فيه الواو تخفيفاً لا وجوباً، أَلا ترى إلى صحة صِوان
وخِوان وصِوار؟ على أَنه قد حكي صِيان وصِيار، وذلك عن تخفيف لا عن
صَنْعة ووجوب، وقد يجوز أَن يكون نِياف مصدراً جارياً على فعل معتلّ مقدّر،
فيُجْرى حينئذ مُجرى قِيام وصِيام، ووصف به كما يوصف بالمصادر، وقصْر
نِيافٌ. قال الجوهري: وناقة نِياف وجمل نِياف أَي طويل في ارتفاع؛ قال
الراجز: أُفْرُغْ لأَمْثالِ مِعًى أُلاَّفِ،
يَتْبَعْنَ وَخْيَ عَيْهَلٍ نِيافِ
والوَخْيُ: حُسْن صوت مشيها. قال ابن بري: وحق النِّياف أَن يذكر في فصل
نوف. يقال: ناف ينوف أَي طال، وإنما قلبت الواو ياء على جهة التخفيف،
ومنه قولهم: صوان وصيان وطِوال وطِيال؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
رآها الفُؤاد، فاسْتُضِلَّ ضَلالُه،
نِيافاً من البِيض الحِسان العَطابِل
وقال جرير:
والخيلُ تَنْحِطُ بالكُماة، وقد رأَى
لَمْعَ الربِيثةِ بالنِّياف العيْطَلِ
أَراد بالجبل العالي الطويل؛ وقال آخر:
كلّ كِنازٍ لَحْمُه نِيافِ،
كالعَلَم المُوفي على الأَعْرافِ
وقال آخر:
يأْوي إلى طائِقه الشِّنْعافِ،
بين حَوامي رَتَبٍ نِيافِ
الطائقُ: الأَنْفُ يَنْدُرُ من الجبل. والرتَبُ: العتَبُ؛ وأَنشد أَبو
عمرو لأَبي الربيع:
والرحْلُ فوقَ جَسْرةٍ نِيافِ
كَبْداء جَسْر، غير ما ازْدِهافِ
وقال امرؤ القيس:
نِيافاً تَزِلُّ الطيرُ عن قُذُفاتِه،
يَظَلُّ الضَّبابُ فوقَه قد تَعَصَّرا
وبعضهم يقول: جمل نَيَّافٌ، على فَيْعال، إذا ارتفع في سيره؛ وأَنشد:
يَتْبعْنَ نَيّافَ الضُّحى عُزاهِلا
قال أَبو منصور: رواه غيره:
يتبعن زَيّافَ الضحى
قال: وهو الصحيح. وقال أَبو عمرو: العَزاهِلُ التامُّ الخَلْقِ. وفَلاةٌ
نِيافٌ: طويلة عريضة؛ قال:
إذا اعْتَلى عَرْضَ نِيافٍ فِلِّ،
أَذْرى أَساهِيكَ عَتِيقٍ أَلِّ،
بعَطْفِ ضَبْعَيْ مَرِحٍ شِمِلِّ
ويروى: بأَوْب. والنوْفُ: أَسفل الذَّيْل لزيادته وطوله؛ عن كراع.
والنَّوْفُ: السَّنام العالي، والجمع أَنواف، وخص بعضهم به سنام البعير، وبه
سمي نَوْفٌ البِكاليّ. والنوْفُ: البَظْر، وكل ذلك في معنى الزيادة
والارتفاع. ابن بري: النوْف البظْر، وقيل الفَرج؛ قال همام بن قَبِيصةَ الفزاري
حين قتله وازع بن ذُؤَالةَ:
تَعِسْتَ ابنَ ذاتِ النَّوْفِ أَجْهِزْ على امْرِئٍ
يرى المَوْتَ خَيْراً مِن فِرارٍ وأَكْرَما
ولا تَتْرُكَنِّي كالخُشاشةِ، إنَّني
صَبُورٌ، إِذا ما النِّكْسُ مِثْلُك أَحْجَما
وروي عن المؤرّج قال: النوْفُ المَصُّ من الثَّدْي، والنَّوْفُ الصوت.
يقال: نافَت الضَّبُعة تَنُوف نَوْفاً.
ونَوْف: اسم رجل. ويَنُوفُ: عقَبة معروفة، سميت بذلك لارتفاعها؛ وأَنشد
أَحمد بن يحيى:
عُقابُ يَنُوف لا عُقابُ القَواعِلِ
ورواه ابن جني: تَنُوف، قال: وهو تَفْعُل من النْوف، وهو الارتفاع، سميت
بذلك لعلوها؛ الجوهري: وينوف في شعر امرئ القيس هَضْبة في جبل طيِّء،
وبيت امرئ القيس هو قوله:
كأَنّ دِثاراً حَلَّقَت بلَبُونِه
عقاب ينوف، لا عقاب القواعل
قال: والمعروف في شعره تنوف، بالتاء، ويروى تَنُوفِيَ
(*
في الفاء من تنوفي روايتان: الفتح والكسر كما في معجم ياقوت.) أَيضاً.
وعبد مناف: بطن من قريش. الجوهري: عبد مناف أَبو هاشم وعبد شمس، والنسبة
إليه مَنافيّ؛ قال سيبويه: وهو مما وقعت فيه الإضافة إلى الثاني دون
الأَول لأَنه لو أُضيف إلى الأَول لالتبس، قال الجوهري: وكان القياس عَبْدِيٌّ
(* قوله «عبدي» كذا هو في الأصل تبعاً للجوهري.) إلا أَنهم عدلوا عن
القياس لإزالة اللبس.
سلك: السُّلُوك: مصدر سَلَكَ طريقاً؛ وسَلَكَ المكانَ يَسْلُكُه سَلْكاً
وسُلُوكاً وسَلَكَه غَيْرَه وفيه وأَسْلكه إياه وفيه وعليه؛ قال عبد
مناف بن رِبْعٍ الهُذَلِيُّ:
حتى إذا أَسْلَكُوهُمْ في قُتائِدَةٍ
شَلاًّ، كما تَطْرُدُ الجَمَّالةُ الشُّرُدَا
وقال ساعِدَة بنُ العَجْلان:
وهمْ مَنَعُوا الطريق وأَسْلَكوهُمْ
على شَمَّاءَ، مَهْواها بَعيدُ
والسَّلْكُ، بالفتح: مصدر سَلَكْتُ الشيء في الشيء فانْسَِلَك أَي
أَدخلته فيه فدخل؛ ومنه قول زهير:
تَعَلَّماها، لَعَمْرُ الله، ذا قَسَما،
وافْصِدْ بِذَرْعِكَ، وانظرُ أَين تَنْسَلِكُ
وقال عديُّ بن زيد:
وكنتُ لِزازَ خَصْمِكَ لم أُعَرّدْ،
وهمْ سَلَكُوكَ في أَمْرٍ عَصِيبِ
وفي التنزيل العزيز: كذلك سَلَكْناه في قلوب المجرمين، وفيه لغة أخرى:
أَسْلَكْتُهُ فيه. والله يُسْلِكُ الكفَّارَ في جهنم أي يدخلهم فيها،
وأنشد بيت عبد مناف بن رِبْعٍ، وقد تقدّم. وفي التزيل العزيز: أَلم تر أَن
الله أَنزل من السماء ماءً فسَلَكَه يَنابِيعَ في الأرض، أي أَدخله ينابيع
في الأرض. يقال: سَلَكْتُ الخَيْطَ في المِخْيَطِ أَي أَدخلته فيه. أَبو
عبيد عن أصحابه: سلَكْتُه في المَكانِ وأَسْلَكْتُه بمعنى واحد. ابن
الأَعرابي: سَلَكْتُ الطريقَ وسَلَكْتُه غَيْري، قال: ويجوز أَسْلَكْتُه
غيري. وسَلَكَ يَدَه في الجَيْب والسِّقاء ونحوهما يَسْلُكها وأسْلَكَها:
أَدخلها فيهما.
والسَّلْكَةُ: الخَيْطُ الذي يُخاط به الثوبُ، وجمعه سِلْكٌ وأَسْلاكٌ
وسُلُوكٌ؛ كلاهما جمع الجمع.
والمَسْلَكُ: الطريق. والسَّلْكُ: إِدخالُ شيء تَسْلُكه فيه كما
تَطْعُنُ الطاعنَ فتَسْلُكُ الرمح فيه إذا طعنته تِلْقاءَ وجهه على سَجيحته؛
وأَنشد قول امرئ القيس:
نَطْعُنُهُمْ سُلْكى ومَخْلُوجَةً،
كَرَّكَ ّلأمَيْنِ على نابِلِ
وروي: كرَّ كلامَيْنِ، قال: وصَفَه بسرعة الطعن وشبهه بمن يدفع الريشة
إلى النَّبَّال في السرعة، وإنما يحتاج إليه في السرعة والخفة لأن الغِراء
إذا بَرَدَ لم يَلْزَقْ فيستعمل حارًّاً.
والسُّلْكى: الطعنةُ المستقيمة تلقاءَ وجهه، والمَخْلوجَةُ التي في
جانب. وروي عن أَبي عمرو بن العلاء أَنه قال: ذهب من كان يُحْسِنُ هذا
الكلام، يعني سُلْكى ومَخْلُوجَةً. ابن السكيت: يقال الرأيُ مَخْلُوجةٌ وليس
بسُلْكى أَي ليس بمستقيم. وأَمْرُهُمْ سُلْكى: على طريقة واحدة؛ وقولُ قيس
بن عَيْزارَةَ:
غَداةَ تَنادَوْا، ثم قامُوا فأَجْمَعُوا
بقَتْلِيَ سُلْكى، ليس فيها تنَازُعُ
أَراد عزيمة قوية لا تنازع فيها.
ورجل مُسَلَّكٌ: نحيف وكذلك الفرس.
والسُّلَكُ: فرخُ القَطا، وقيل فَرْخُ الحَجَلِ، وجمعهِ سِلْكانٌ، لا
يكسر على غير ذلك مثل صُرَدٍ وصِرْدانٍ، والأُنثى سُلَكَةٌ وسِلْكانةٌ،
الأَخيرة قليلة؛ قال الشاعر:
تَظَلُّ به الكُدْرُسِلْكانُها
والسُّلَكَةُ والسُّلَيْكَةُ: اسمان. وسُليْكٌ: اسم رجل، وهو سُلَيْكٌ
السَّعْدِيّ وهو من العَدَّائين، كان يقال لهُ سلَيْك المقانِبِ، واسم أمه
سُلَكَةُ؛ وقال قرّان الأَسدي:
لَخُطَّابُ ليْلى يالَ بُرْثُنَ مِنْكُمُ،
على الهَوْلِ، أَمْضى من سُلَيْك المَقانِبِ
بحر: البَحْرُ: الماءُ الكثيرُ، مِلْحاً كان أَو عَذْباً، وهو خلاف
البَرِّ، سمي بذلك لعُمقِهِ واتساعه، قد غلب على المِلْح حتى قَلّ في
العَذْبِ، وجمعه أَبْحُرٌ وبُحُورٌ وبِحارٌ. وماءٌ بَحْرٌ: مِلْحٌ، قَلَّ أَو
كثر؛ قال نصيب:
وقد عادَ ماءُ الأَرضِ بَحْراً فَزادَني،
إِلى مَرَضي، أَنْ أَبْحَرَ المَشْرَبُ العَذْبُ
قال ابن بري: هذا القولُ هو قولُ الأُمَوِيّ لأَنه كان يجعل البحر من
الماء الملح فقط. قال: وسمي بَحْراً لملوحته، يقال: ماءٌ بَحْرٌ أَي
مِلْحٌ، وأَما غيره فقال: إِنما سمي البَحْرُ بَحْراً لسعته وانبساطه؛ ومنه
قولهم إِن فلاناً لَبَحْرٌ أَي واسع المعروف؛ قال: فعلى هذا يكون البحرُ
للملْح والعَذْبِ؛ وشاهدُ العذب قولُ ابن مقبل:
ونحنُ مَنَعْنا البحرَ أَنْ يَشْرَبُوا به،
وقد كانَ مِنْكُمْ ماؤه بِمَكَانِ
وقال جرير:
أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ تَحْدُوها ثمانِيَةٌ،
ما في عطائِهِمُ مَنٌَّ ولا سَرَفُ
كُوماً مَهارِيسَ مَثلَ الهَضْبِ، لو وَرَدَتْ
ماءَ الفُراتِ، لَكادَ البَحْرُ يَنْتَزِفُ وقال عديّ بن زيد:
وتَذَكَّرْ رَبِّ الخُوَرْنَقِ إِذْ أَشْـ
ـرَفَ يوماً، وللْهُدَى تَذْكِيرُ
سَرَّه مالُهُ وكَثْرَةُ ما يَمْـ
ـلِكُ، والبحرُ مُعْرِضاً والسَّدِيرُ
أَراد بالبحر ههنا الفرات لأَن رب الخورنق كان يشرِفُ على الفرات؛ وقال
الكميت:
أُناسٌ، إِذا وَرَدَتْ بَحْرَهُمْ
صَوادِي العَرائِبِ، لم تُضْرَبِ
وقد أَجمع أَهل اللغة أَن اليَمَّ هو البحر. وجاءَ في الكتاب العزيز:
فَأَلْقِيهِ في اليَمِّ؛ قال أَهل التفسير: هو نيل مصر، حماها الله تعالى.
ابن سيده: وأَبْحَرَ الماءُ صار مِلْحاً؛ قال: والنسب إِلى البحر
بَحْرانيٌّ على غير قياس. قال سيبويه: قال الخليل: كأَنهم بنوا الاسم على
فَعْلان. قال عبدا محمد بن المكرم: شرطي في هذا الكتاب أَن أَذكر ما قاله مصنفو
الكتب الخمسة الذين عينتهم في خطبته، لكن هذه نكتة لم يسعني إِهمالها.
قال السهيلي، رحمه الله تعالى: زعم ابن سيده في كتاب المحكم أَن العرب
تنسب إِلى البحر بَحْرانيّ، على غير قياس، وإِنه من شواذ النسب، ونسب هذا
القول إِلى سيبويه والخليل، رحمهما الله تعالى، وما قاله سيبويه قط، وإِنما
قال في شواذ النسب: تقول في بهراء بهراني وفي صنعاء صنعاني، كما تقول
بحراني في النسب إلى البحرين التي هي مدينة، قال: وعلى هذا تلقَّاه جميع
النحاة وتأَوَّلوه من كلام سيبويه، قال: وإِنما اشتبه على ابن سيده لقول
الخليل في هذه المسأَبة أَعني مسأَلة النسب إِلى البحرين، كأَنهم بنوا
البحر على بحران، وإِنما أَراد لفظ البحرين، أَلا تراه يقول في كتاب العين:
تقول بحراني في النسب إِلى البحرين، ولم يذكر النسب إِلى البحر أَصلاً،
للعلم به وأَنه على قياس جار. قال: وفي الغريب المصنف عن الزيدي أَنه قال:
إِنما قالوا بَحْرانيٌّ في النسب إِلى البَحْرَيْنِ، ولم يقولوا
بَحْرِيٌّ ليفرقوا بينه وبين النسب إلى البحر. قال: ومازال ابن سيده يعثر في هذا
الكتاب وغيره عثرات يَدْمَى منها الأَظَلُّ، ويَدْحَضُ دَحَضَات تخرجه
إِلى سبيل من ضل، أَلاّ تراه قال في هذا الكتاب، وذكر بُحَيْرَة طَبَرَيَّة
فقال: هي من أَعلام خروج الدجال وأَنه يَيْبَسُ ماؤُها عند خروجه،
والحديث إِنما جاء في غَوْرٍ زُغَرَ، وإِنما ذكرت طبرية في حديث يأْجوج
ومأْجوج وأَنهم يشربون ماءها؛ قال: وقال في الجِمَار في غير هذا الكتاب: إِنما
هي التي ترمي بعرفة وهذه هفوة لا تقال، وعثرة لا لَعاً لها؛ قال: وكم له
من هذا إِذا تكلم في النسب وغيره. هذا آخر ما رأَيته منقولاً عن السهيلي.
ابن سيده: وكلُّ نهر عظيم بَحْرٌ. الزجاج: وكل نهر لا ينقطع ماؤُه، فهو
بحر. قال الأَزهري: كل نهر لا ينقطع ماؤه مثل دِجْلَةَ والنِّيل وما
أَشبههما من الأَنهار العذبة الكبار، فهو بَحْرٌ. و أَما البحر الكبير الذي
هو مغيض هذه الأَنهار فلا يكون ماؤُه إِلاَّ ملحاً أُجاجاً، ولا يكون ماؤه
إِلاَّ راكداً؛ وأَما هذه الأَنهار العذبة فماؤُها جار، وسميت هذه
الأَنهار بحاراً لأَنها مشقوقة في الأَرض شقّاً. ويسمى الفرس الواسع الجَرْي
بَحْراً؛ ومنه قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في مَنْدُوبٍ فَرَسِ أَبي
طلحة وقد ركبه عُرْياً: إِني وجدته بَحْراً أَي واسع الجَرْي؛ قال أَبو
عبيدة: يقال للفرس الجواد إِنه لَبَحْرٌ لا يُنْكَش حُضْرُه. قال الأَصمعي:
يقال فَرَسٌ بَحْرٌ وفَيضٌ وسَكْبٌ وحَثٌّ إِذا كان جواداً كثيرَ
العَدْوِ وفي الحديث: أَبى ذلك البَحرُ ابنُ عباس؛ سمي بحراً لسعة علمه
وكثرته.والتَّبَحُّرُ والاستِبْحَارُ: الانبساط والسَّعة.
وسمي البَحْرُ بَحْراً لاسْتبحاره، وهو انبساطه وسعته. ويقال: إِنما سمي
البَحْر بَحْراً لأَنه شَقَّ في الأَرض شقّاً وجعل ذلك الشق لمائه
قراراً. والبَحْرُ في كلام العرب: الشَّقُّ. وفي حديث عبد المطلب: وحفر زمزم
ثم بَحَرَها بَحراً أَي شقَّها ووسَّعها حتى لا تُنْزَفَ؛ ومنه قيل للناقة
التي كانوا يشقون في أُذنها شقّاً: بَحِيرَةٌ.
وبَحَرْتُ أُذنَ الناقة بحراً: شققتها وخرقتها. ابن سيده: بَحَرَ
الناقةَ والشاةَ يَبْحَرُها بَحْراً شقَّ أُذنها بِنِصْفَين، وقيل: بنصفين
طولاً، وهي البَحِيرَةُ، وكانت العرب تفعل بهما ذلك إِذا نُتِجَتا عشرةَ
أَبْطن فلا يُنْتَفَع منهما بلبن ولا ظَهْرٍ، وتُترك البَحِيرَةُ ترعى وترد
الماء ويُحَرَّمُ لحمها على النساء، ويُحَلَّلُ للرجال، فنهى الله تعالى
عن ذلك فقال: ما جَعَلَ اللهُ من بَحِيرَةٍ ولا سائبةٍ ولا وصِيلةٍ ولا
حامٍ؛ قال: وقيل البَحِيرَة من الإِبل التي بُحِرَتْ أُذنُها أَي شُقت
طولاً، ويقال: هي التي خُلِّيَتْ بلا راع، وهي أَيضاً الغَزِيرَةُ، وجَمْهُها
بُحُرٌ، كأَنه يوهم حذف الهاء. قال الأَزهري: قال أَبو إِسحق النحوي:
أَثْبَتُ ما روينا عن أَهل اللغة في البَحِيرَة أَنها الناقة كانت إِذا
نُتِجَتْ خَمْسَةَ أَبطن فكان آخرها ذكراً، بَحَرُوا أُذنها أَي شقوها
وأَعْفَوا ظهرها من الركوب والحمل والذبح، ولا تُحلأُ عن ماء ترده ولا تمنع من
مرعى، وإِذا لقيها المُعْيي المُنْقَطَعُ به لم يركبها. وجاء في الحديث:
أَن أَوَّل من بحر البحائرَ وحَمَى الحامِيَ وغَيَّرَ دِين إِسمعيل
عَمْرُو بن لُحَيِّ بن قَمَعَة بنِ جُنْدُبٍ؛ وقيل: البَحِيرَةُ الشاة إِذا
ولدت خمسة أَبطُن فكان آخرها ذكراً بَحَرُوا أُذنها أَي شقوها وتُرِكَت
فلا يَمَسُّها أَحدٌ. قال الأَزهري: والقول هو الأَوَّل لما جاء في حديث
أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عن أَبيه أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال له:
أَرَبُّ إِبلٍ أَنتَ أَم ربُّ غَنَمٍ؟ فقال: من كلٍّ قد آتاني اللهُ
فأَكْثَرَ، فقال: هل تُنْتَجُ إِبلُك وافيةً آذانُها فَتَشُقُّ فيها وتقول
بُحُرٌ؟ يريد به جمع البَحِيرة. وقال الفرّاء: البَحِيرَةُ هي ابنة
السائبة، وقد فسرت السائبة في مكانها؛ قال الجوهري: وحكمها حكم أُمها. وحكى
الأَزهري عن ابن عرفة: البَحيرة الناقة إِذا نُتِجَتْ خمسة أَبطن والخامس
ذكر نحروه فأَكله الرجال والنساء، وإِن كان الخامس أُنثى بَحَروا أُذنها
أَي شقوها فكانت حراماً على النساء لحمها ولبنها وركوبها، فإِذا ماتت حلت
للنساء؛ ومنه الحديث: فَتَقَطَعُ آذانَها فتقُولُ بُحُرٌ؛ وأَنشد شمر لابن
مقبل:
فيه من الأَخْرَجِ المُرْتَاعِ قَرْقَرَةٌ،
هَدْرَ الدَّيامِيِّ وَسْطَ الهجْمَةِ البُحُرِ
البُحُرُ: الغِزارُ. والأَخرج: المرتاعُ المُكَّاءٌ. وورد ذكر البَحِيرة
في غير موضع: كانوا إِذا ولدت إِبلهم سَقْباً بَحَروا أُذنه أَي شقوها،
وقالوا: اللهم إِن عاش فَقَنِيٌّ، وإِن مات فَذَكيٌّ؛ فإِذا مات أَكلوه
وسموه البحيرة، وكانوا إِذا تابعت الناقة بين عشر إِناث لم يُرْكب ظهرُها،
ولم يُجَزّ وبَرُها، ولم يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ضَيْفٌ، فتركوها
مُسَيَّبَةً لسبيلها وسموَّها السائبة، فما ولدت بعد ذلك من أُنثى شقوا أُذنها
وخلَّوا سبيلها، وحرم منها ما حرم من أُمّها، وسَمّوْها البحِيرَةَ،
وجمعُ البَحِيرَةِ على بُحُرٍ جمعٌ غريبٌ في المؤنث إِلا أَن يكون قد حمله
على المذكر، نحو نَذِيرٍ ونُذُرٍ، على أَن بَحِيرَةً فعيلة بمعنى مفعولة
نحو قتيلة؛ قال: ولم يُسْمَعْ في جمع مثله فُعُلٌ، وحكى الزمَخْشري
بَحِيرَةٌ وبُحُرٌ وصَريمَةٌ وصُرُمٌ، وهي التي صُرِمَتْ أُذنها أَي
قطعت.واسْتَبْحَرَ الرجل في العلم والمال وتَبَحَّرَ: اتسع وكثر ماله.
وتَبَحَّرَ في العلم: اتسع. واسْتَبْحَرَ الشاعرُ إِذا اتَّسَعَ في القولِ؛ قال
الطرماح:
بِمِثْلِ ثَنائِكَ يَحْلُو المديح،
وتَسْتَبْحِرُ الأَلسُنْ المادِحَهْ
وفي حديث مازن: كان لهم صنم يقال له باحَر، بفتح الحاء، ويروى بالجيم.
وتَبَحَّر الراعي في رعْيٍ كثير: اتسع، وكلُّه من البَحْرِ لسعته.
وبَحِرَ الرجلُ إِذا رأَى البحر فَفَرِقَ حتى دَهِشَ، وكذلك بَرِقَ إِذا
رأَى سَنا البَرْقِ فتحير، وبَقِرَ إِذا رأَى البَقَرَ الكثيرَ، ومثله
خَرِقَ وعَقِرَ. ابن سيده: أَبْحَرَ القومُ ركبوا البَحْرَ.
ويقال للبَحْرِ الصغير: بُحَيْرَةٌ كأَنهم توهموا بَحْرَةً وإِلا فلا
وجه للهاء، وأَما البُحَيْرَةُ التي في طبرية وفي الأَزهري التي بالطبرية
فإِنها بَحْرٌ عظيم نحو عشرة أَميال في ستة أَميال وغَوْرُ مائها، وأَنه
(* قوله «وغور مائها وأنه إلخ» كذا بالأَصل المنسوب للمؤلف وهو غير تام).
علامة لخروج الدجال تَيْبَس حتى لا يبقى فيها قطرة ماء، وقد تقدم في هذا
الفصل ما قاله السهيلي في هذا المعنى.
وقوله: يا هادِيَ الليلِ جُرْتَ إِنما هو البَحْرُ أَو الفَجْرُ؛ فسره
ثعلب فقال: إِنما هو الهلاك أَو ترى الفجر، شبه الليل بالبحر. وقد ورد ذلك
في حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِنما هو الفَجْرُ أَو البَجْرُ، وقد
تقدم؛ وقال: معناه إِن انتظرت حتى يضيء الفجر أَبصرب الطريق، وإِن خبطت
الظلماء أَفضت بك إِلى المكروه. قال: ويروى البحر، بالحاء، يريد غمرات
الدنيا شبهها بالبحر لتحير أَهلها فيها.
والبَحْرُ: الرجلُ الكريمُ الكثيرُ المعروف. وفَرسٌ بَحْرٌ: كثير
العَدوِ، على التشبيه بالبحر. والبَحْرُ: الرِّيفُ، وبه فسر أَبو عليّ قوله عز
وجل: ظهر الفساد في البَرِّ والبَحْرِ؛ لأَن البحر الذي هو الماء لا يظهر
فيه فساد ولا صلاح؛ وقال الأَزهري: معنى هذه الآية أَجدب البر وانقطعت
مادة البحر بذنوبهم، كان ذلك ليذوقوا الشدَّة بذنوبهم في العاجل؛ وقال
الزجاج: معناه ظهر الجدب في البر والقحط في مدن البحر التي على الأَنهار؛
وقول بعض الأَغفال:
وأَدَمَتْ خُبْزِيَ من صُيَيْرِ،
مِنْ صِيرِ مِصْرَيْنِ، أَو البُحَيْرِ
قال: يجوز أَن يَعْني بالبُحَيْرِ البحر الذي هو الريف فصغره للوزن
وإقامة القافية. قال: ويجوز أَن يكون قصد البُحَيْرَةَ فرخم اضطراراً. وقوله:
من صُيَيْر مِن صِيرِ مِصْرَيْنِ يجوز أَن يكون صير بدلاً من صُيَيْر،
بإِعادة حرف الجر، ويجوز أَن تكون من للتبعيض كأَنه أَراد من صُيَيْر كائن
من صير مصرين، والعرب تقول لكل قرية: هذه بَحْرَتُنا. والبَحْرَةُ:
الأَرض والبلدة؛ يقال: هذه بَحْرَتُنا أَي أَرضنا. وفي حديث القَسَامَةِ:
قَتَلَ رَجُلاً بِبَحْرَةِ الرِّعاءِ على شَطِّ لِيَّةَ، البَحْرَةُ:
البَلْدَةُ. وفي حديث عبدالله بن أُبيّ: اصْطَلَحَ أَهلُ هذه البُحَيْرَةِ أَن
يَعْصِبُوه بالعِصَابَةِ؛ البُحَيْرَةُ: مدينة سيدنا رسولُ الله، صلى
الله عليه وسلم، وهي تصغير البَحْرَةِ، وقد جاء في رواية مكبراً. والعربُ
تسمي المُدُنَ والقرى: البحارَ. وفي الحديث: وكَتَبَ لهم بِبَحْرِهِم؛ أَي
ببلدهم وأَرضهم. وأَما حديث عبدالله ابن أُبيّ فرواه الأَزهري بسنده عن
عُرْوَةَ أَن أُسامة ابن زيد أَخبره: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، ركب
حماراً على إِكافٍ وتحته قَطِيفةٌ فركبه وأَرْدَفَ أُسامةَ، وهو يعود سعد
بن عُبادَةَ، وذلك قبل وَقْعَةِ بَدْرٍ، فلما غشيت المجلسَ عَجاجَةُ
الدابة خَمَّرَ عبدُالله بنُ أُبيّ أَنْفَه ثم قال: لا تُغَبِّرُوا، ثم نزل
النبي، صلى الله عليه وسلم، فوقف ودعاهم إِلى الله وقرأَ القرآنَ، فقال
له عبدُالله: أَيها المَرْءُ إِن كان ما تقول حقّاً فلا تؤذنا في مجلسنا
وارجعْ إِلى رَحْلك، فمن جاءَك منَّا فَقُصَّ عليه؛ ثم ركب دابته حتى دخل
على سعد بن عبادة، فقال له: أَي سَعْدُ أَلم تسمعْ ما قال أَبو حُباب؟
قال كذا، فقال سعدٌ: اعْفُ واصفَحْ فوالله لقد أَعطاك اللهُ الذي أَعطاك،
ولقد اصطلح أَهلُ هذه البُحَيْرةِ على أَن يُتَوِّجُوه، يعني يُمَلِّكُوهُ
فَيُعَصِّبوه بالعصابة، فلما ردَّ الله ذلك بالحق الذي أَعطاكَ شَرِقَ
لذلك فذلك فَعَلَ به ما رأَيْتَ، فعفا عنه النبي، صلى الله عليه وسلم.
والبَحْرَةُ: الفَجْوَةُ من الأَرض تتسع؛ وقال أَبو حنيفة: قال أَبو نصر
البِحارُ الواسعةُ من الأَرض، الواحدة بَحْرَةٌ؛ وأَنشد لكثير في وصف
مطر:يُغادِرْنَ صَرْعَى مِنْ أَراكٍ وتَنْضُبٍ،
وزُرْقاً بأَجوارِ البحارِ تُغادَرُ
وقال مرة: البَحْرَةُ الوادي الصغير يكون في الأَرض الغليظة.
والبَحْرةُ: الرَّوْضَةُ العظيمةُ مع سَعَةٍ، وجَمْعُها بِحَرٌ وبِحارٌ؛ قال النمر
بن تولب:
وكأَنها دَقَرَى تُخايِلُ، نَبْتُها
أُنُفٌ، يَغُمُّ الضَّالَ نَبْتُ بِحارِها
(* قوله «تخايل إلخ» سيأتي للمؤلف في مادّة دقر هذا البيت وفيه تخيل بدل
تخايل وقال أي تلوّن بالنور فتريك رؤيا تخيل إليك أنها لون ثم تراها
لوناً آخر، ثم قطع الكلام الأول فقال نبتها أنف فنبتها مبتدأ إلخ ما
قال).الأَزهري: يقال للرَّوْضَةِ بَحْرَةٌ. وقد أَبْحَرَتِ الأَرْضُ إِذا
كثرت مناقع الماء فيها. وقال شمر: البَحْرَةُ الأُوقَةُ يستنقع فيها الماء.
ابن الأَعرابي: البُحَيْرَةُ المنخفض من الأَرض.
وبَحِرَ الرجلُ والبعيرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ إِذا اجتهد في العدوِ
طالباً أَو مطلوباً، فانقطع وضعف ولم يزل بِشَرٍّ حتى اسودَّ وجهه وتغير. قال
الفراء: البَحَرُ أَن يَلْغَى البعيرُ بالماء فيكثر منه حتى يصيبه منه
داء. يقال: بَحِرَ يَبْحَرُ بَحَراً، فهو بَحِرٌ؛ وأَنشد:
لأُعْلِطَنَّه وَسْماً لا يُفارِقُه،
كما يُجَزُّ بِحُمَّى المِيسَمِ البَحِرُ
قال: وإِذا أَصابه الداءُ كُويَ في مواضع فَيَبْرأُ. قال الأَزهري:
الداء الذي يصيب البعير فلا يَرْوَى من الماء، هو النِّجَرُ، بالنون والجيم،
والبَجَرُ، بالباء والجيم، وأَما البَحَرُ، فهو داء يورث السِّلَّ.
وأَبْحَرَ الرجلُ إِذا أَخذه السِّلُّ. ورجلٌ بَجِيرٌ وبَحِرٌ: مسْلُولٌ ذاهبُ
اللحم؛ عن ابن الأَعرابي وأَنشد:
وغِلْمَتي مِنْهُمْ سَحِيرٌ وبَحِرْ،
وآبقٌ، مِن جَذْبِ دَلْوَيْها، هَجِرْ
أَبو عمرو: البَحِيرُ والبَحِرُ الذي به السِّلُّ، والسَّحِيرُ: الذي
انقطعت رِئَتُه، ويقال: سَحِرٌ. وبَحِرَ الرجلُ. بُهِتَ. وأَبْحَرَ الرجل
إذا اشتدَّتْ حُمرةُ أَنفه. وأَبْحَرَ إِذا صادف إِنساناً على غير اعتمادٍ
وقَصدٍ لرؤيته، وهو من قولهم: لقيته صَحْرَةَ بَحْرَةَ أَي بارزاً ليس
بينك وبينه شيء.
والباحِر، بالحاء: الأَحمق الذي إِذا كُلِّمَ بَحِرَ وبقي كالمبهوت،
وقيل: هو الذي لا يَتَمالكُ حُمْقاً. الأَزهري: الباحِرُ الفُضولي، والباحرُ
الكذاب. وتَبَحَّر الخبرَ: تَطَلَّبه. والباحرُ: الأَحمرُ الشديدُ
الحُمرة. يقال: أَحمر باحرٌ وبَحْرانيٌّ. ابن الأَعرابي: يقال أَحْمَرُ
قانِئٌ وأَحمرُ باحِرِيٌّ وذَرِيحِيٌّ، بمعنى واحد. وسئل ابن عباس عن المرأَة
تستحاض ويستمرّ بها الدم، فقال: تصلي وتتوضأُ لكل صلاة، فإِذا رأَتِ
الدَّمَ البَحْرانيَّ قَعَدَتْ عن الصلاة؛ دَمٌ بَحْرَانيٌّ: شديد الحمرة
كأَنه قد نسب إِلى البَحْرِ، وهو اسم قعر الرحم، منسوب إِلى قَعْرِ الرحم
وعُمْقِها، وزادوه في النسب أَلِفاً ونوناً للمبالغة يريد الدم الغليظ
الواسع؛ وقيل: نسب إِلى البَحْرِ لكثرته وسعته؛ ومن الأَول قول العجاج:
وَرْدٌ من الجَوْفِ وبَحْرانيُّ
أَي عَبِيطٌ خالصٌ. وفي الصحاح: البَحْرُ عُمْقُ الرَّحِمِ، ومنه قيل
للدم الخالص الحمرة: باحِرٌ وبَحْرانيٌّ. ابن سيده: ودَمٌ باحِرٌ
وبَحْرانيٌّ خالص الحمرة من دم الجوف، وعم بعضُهم به فقال: أَحْمَرُ باحِرِيٌّ
وبَحْرَانيٌّ، ولم يخص به دم الجوف ولا غيره. وبَناتُ بَحْرٍ: سحائبُ يجئنَ
قبل الصيف منتصبات رقاقاً، بالحاء والخاء، جميعاً. قال الأَزهري: قال
الليث: بَناتُ بَحْرٍ ضَرْبٌ من السحاب، قال الأَزهري: وهذا تصحيف منكر
والصواب بَناتُ بَخْرٍ. قال أَبو عبيد عن الأَصمعي: يقال لسحائب يأْتين قبل
الصيف منتصبات: بَناتُ بَخْرٍ وبَناتُ مَخْرٍ، بالباء والميم والخاء، ونحو
ذلك قال اللحياني وغيره، وسنذكر كلاًّ منهما في فصله.
الجوهري: بَحِرَ الرجلُ، بالكسر، يَبْحَرُ بَحَراً إِذا تحير من الفزع
مثل بَطِرَ؛ ويقال أَيضاً: بَحِرَ إِذا اشتدَّ عَطَشُه فلم يَرْوَ من
الماء. والبَحَرُ أَيضاً: داءٌ في الإِبل، وقد بَحِرَتْ.
والأَطباء يسمون التغير الذي يحدث للعليل دفعة في الأَمراض الحادة:
بُحْراناً، يقولون: هذا يَوْمُ بُحْرَانٍ بالإِضافة، ويومٌ باحُوريٌّ على غير
قياس، فكأَنه منسوب إِلى باحُورٍ وباحُوراء مثل عاشور وعاشوراء، وهو
شدّة الحر في تموز، وجميع ذلك مولد؛ قال ابن بري عند قول الجوهري: إِنه مولد
وإِنه على غير قياس؛ قال: ونقيض قوله إِن قياسه باحِرِيٌّ وكان حقه أَن
يذكره لأَنه يقال دم باحِرِيٌّ أَي خالص الحمرة؛ ومنه قول المُثَقِّب
العَبْدِي:
باحِريُّ الدَّمِ مُرَّ لَحْمُهُ،
يُبْرئُ الكَلْبَ، إِذا عَضَّ وهَرّ
والباحُورُ: القَمَرُ؛ عن أَبي علي في البصريات له. والبَحْرانِ: موضع
بين البصرة وعُمانَ، النسب إِليه بَحْريٌّ وبَحْرانيٌّ؛ قال اليزيدي:
كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه النسبةَ إِلى البَحْرِ؛ الليث: رجل
بَحْرانيٌّ منسوب إِلى البَحْرَينِ؛ قال: وهو موضع بين البصرة وعُمان؛ ويقال: هذه
البَحْرَينُ وانتهينا إِلى البَحْرَينِ. وروي عن أَبي محمد اليزيدي قال:
سأَلني المهدي وسأَل الكسائي عن النسبة إِلى البحرين وإِلى حِصْنَينِ:
لِمَ قالوا حِصْنِيٌّ وبَحْرانيٌّ؟ فقال الكسائي: كرهوا أَن يقولوا
حِصْنائِيٌّ لاجتماع النونين، قال وقلت أَنا: كرهوا أَن يقولوا بَحْريٌّ فتشبه
النسبة إِلى البحر؛ قال الأَزهري: وإِنما ثنوا البَحْرَ لأَنَّ في ناحية
قراها بُحَيرَةً على باب الأَحساء وقرى هجر، بينها وبين البحر الأَخضر
عشرة فراسخ، وقُدِّرَت البُحَيرَةُ ثلاثةَ أَميال في مثلها ولا يغيض
ماؤُها، وماؤُها راكد زُعاقٌ؛ وقد ذكرها الفرزدق فقال:
كأَنَّ دِياراً بين أَسْنِمَةِ النَّقا
وبينَ هَذالِيلِ البُحَيرَةِ مُصْحَفُ
وكانت أَسماء بنت عُمَيْسٍ يقال لها البَحْرِيَّة لأَنها كانت هاجرت
إِلى بلاد النجاشي فركبت البحر، وكلُّ ما نسب إِلى البَحْرِ، فهو
بَحْريٌّ.وفي الحديث ذِكْرُ بَحْرانَ، وهو بفتح الباء وضمها وسكون الحاء، موضع
بناحية الفُرْعِ من الحجاز، له ذِكْرٌ في سَرِيَّة عبدالله بن جَحْشٍ.
وبَحْرٌ وبَحِيرٌ وبُحَيْرٌ وبَيْحَرٌ وبَيْحَرَةُ: أَسماء.
وبنو بَحْريّ: بَطْنٌ.
وبَحْرَةُ ويَبْحُرُ: موضعان. وبِحارٌ وذو بِحارٍ: موضعان؛ قال الشماخ:
صَبَا صَبْوَةً مِن ذِي بِحارٍ، فَجاوَرَتْ،
إِلى آلِ لَيْلى، بَطْنَ غَوْلٍ فَمَنْعَجِ
بضع: بَضَعَ اللحمَ يَبْضَعُه بَضْعاً وبَضَّعه تَبْضِيعاً: قطعه،
والبَضْعةُ: القِطعة منه؛ تقول: أَعطيته بَضع من اللحم إِذا أَعطيته قِطعة
مجتمعة، هذه بالفتح، ومثلها الهَبْرة، وأَخواتها بالكسر، مثل القِطْعةِ
والفِلْذةِ والفِدْرةِ والكِسْفةِ والخِرْقةِ وغير ذلك مما لا يُحصى. وفلان
بَضْعة من فلان: يُذْهَب به إِلى الشبَه؛ وفي الحديث: فاطِمةُ بَضْعة
منِّي، من ذلك، وقد تكسر، أَي إِنها جُزء مني كما أَن القِطْعة من اللحم،
والجمع بَضْع مثل تَمْرة وتَمْر؛ قال زهير:
أَضاعَتْ فلم تُغْفَرْ لها غَفَلاتُها،
فلاقَتْ بَياناً عند آخِرِ مَعْهَدِ
(* في ديوان زهير: خلواتها بدل غفلاتها.)
دَماً عند شِلْوٍ تَحْجَلُ الطيرُ حَوْلَه،
وبَضْعَ لِحامٍ في إِهابٍ مُقَدَّدِ
وبَضْعة وبَضْعات مثل تمْرة وتمْرات، وبعضهم يقول: بَضْعة وبِضَعٌ مثل
بَدْرةٍ وبِدَرٍ، وأَنكره عليّ بن حمزة على أَبي عبيد وقال: المسموع
بَضْعٌ لا غير؛ وأَنشد:
نُدَهْدِقُ بَضْعَ اللحْمِ للباعِ والنَّدى،
وبعضُهُم تَغْلي بذَمٍّ مَناقِعُهْ
وبَضْعةٌ وبِضاعٌ مثل صَفْحةٍ وصِفاحٍ، وبَضْعٌ وبَضِيع، وهو نادر،
ونظيره الرَّهِينُ جمع الرَّهْن. والبَضِيعُ أَيضاً: اللحم. ويقال: دابّة
كثيرة البَضِيعِ، والبَضِيعُ: ما انْمازَ من لحم الفخذ، الواحد بَضِيعة.
ويقال: رجل خاظِي البَضِيعِ؛ قال الشاعر:
خاظِي البَضِيعِ لَحْمُه خَظا بَظا
قال ابن بري: وبقال ساعِدٌ خاظِي البَضِيعِ أَي مُمْتلِئُ اللحمِ، قال:
ويقال في البضِيعِ اللحم إِنه جمع بَضْعٍ مثل كلْب وكَلِيب؛ قال
الحادِرةُ:
ومُناخ غير تبيئة* عَرَّسْتُه،
(* قوله «تبيئة» كذا بالأصل هنا، وسيأتي في دسع تاءية ولعله نبيئة
بالنون أوله أَي أَرض غير مرتفعة)
قَمِنِ مِنَ الحِدْثانِ، نابي المَضْجَعِ
عَرَّسْتُه، ووِسادُ رأْسِي ساعِدٌ
خاظِي البَضِيعِ، عُروقه لم تَدْسَعِ
أَي عُروقُ ساعِده غيرُ ممتلئة من الدَّم لأَن ذلك إِنما يكون للشيوخ.
وإِن فلاناً لشديدُ البَضْعةِ حَسَنُها إِذا كان ذا جِسم وسِمَن؛ وقوله:
ولا عَضِل جَثْل كأَنَّ بَضِيعَه
يَرابِيعُ، فوقَ المَنْكِبَيْن، جُثُومُ
يجوز أَن يكون جمع بَضْعة وهو أَحسن لقوله يَرابِيع ويجوز أَن يكون
اللحم.
وبَضَع الشيءَ يَبْضعُه: شَقَّه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنه ضرب
رجلاً أَقْسَمَ على أُم سَلمة ثلاثين سوطاً كلُّها تَبْضَع وتَحْدُر أَي
تَشقُّ الجلد وتقطع وتَحْدر الدَّم، وقيل: تَحْدُر تُوَرِّم.
والبَضَعةُ: السِّياطُ، وقيل: السُّيوف، واحدها باضِع؛ قال الراجز:
وللسِّياطِ بَضَعَهْ
قال الأَصمعي: يقال سَيْفٌ باضِعٌ إِذا مَرَّ بشيء بضَعَه أَي قطَع منه
بَضْعة، وقيل: يَبْضَعُ كلَّ شيء يقطَعُه؛ وقال:
مِثْلِ قُدامى النَّسْرِ ما مَسَّ بضَعْ
وقول أَوْس بن حَجَر يصف قوساً:
ومَبْضُوعة منْ رأْسِ فَرْعٍ شَظِيّة
يعني قَوساً بضَعها أَي قطعَها.
والباضِعُ في الإِبل: مثل الدَّلاَّل في الدُّور
(* أَي انها تحمل بضائع
القوم وتجلبها.) والباضِعةُ من الشِّجاج: التي تَقْطع الجلد وتَشُقُّ
اللحم تَبْضَعُه بعد الجلد وتُدْمِي إِلا أَنه لا يسيل الدم، فإِن سال فهي
الدَّامِيةُ، وبعد الباضِعة المُتلاحِمةُ، وقد ذكرت الباضعة في الحديث.
وبَضَعْتُ الجُرْحَ: شَقَقْتُه.
والمِبْضَعُ: المِشْرَطُ، وهو ما يُبْضَعُ به العِرْق والأَدِيم.
وبَضَعَ من الماء وبه يَبْضَعُ بُضُوعاً وبَضْعاً: رَوِيَ وامْتلأ:
وأَبْضَعني الماءُ: أَرْواني. وفي المثل: حتى متى تَكْرَعُ ولا تَبْضَعُ؟
وربما قالوا: سأَلني فلان عن مسأَلة فأَبْضَعْتُه إِذا شَفَيْتَه، وإِذا شرب
حتى يَرْوى، قال: بضَعْت أَبْضَع. وماء باضِعٌ وبَضِيع: نَمِير.
وأَبْضَعه بالكلام وبَضَعَه به: بَيَّن له ما يُنازِعُه حتى يَشْتَفِيَ، كائناً
ما كان. وبَضع هو يَبْضَعُ بُضُوعاً: فَهِمَ. وبضَعَ الكلامَ فانْبَضَعَ:
بيّنَه فتبيَّن. وبَضَع من صاحبه يَبْضَع بُضوعاً إذا أَمره بشيء فلم
يأْتَمِرْ له فسَئِمَ أَن يأْمره بشيء أَيضاً، تقول منه: بضعت من فلان؛ قال
الجوهري: وربما قالوا بضعت من فلان إِذا سَئمْت منه، وهو على التشبيه.
والبُضْعُ: النّكاح؛ عن ابن السكيت. والمُباضَعةُ: المُجامَعةُ، وهي
البِضاعُ. وفي المثل: كمُعَلِّمة أُمَّها البِضاع. ويقال: ملَك فلان بُضْع
فلانة إِذا ملَكَ عُقْدة نكاحها، وهو كناية عن موضع الغِشْيان؛ وابْتَضَعَ
فلان وبضع إِذا تزوّج. والمُباضعة: المُباشرة؛ ومنه الحديث: وبُضْعهُ
أَهلَه صَدقةٌ أَي مُباشَرته. وورد في حديث أَبي ذر، رضي الله عنه:
وبَضِيعَتُه أَهلَه صدقةٌ، وهو منه أَيضاً. وبَضَع المرأَةَ بَضْعاً وباضَعها
مُباضعة وبِضاعاً: جامَعَها، والاسم البُضْع وجمعه بُضوع؛ قال عمرو بن
معديكرب:
وفي كَعْبٍ وإِخْوتِها، كِلابٍ،
سَوامي الطَّرْفِ غالِيةُ البُضوعِ
سَوامي الطرف أَي مُتأَبِّياتٌ مُعْتزَّاتٌ. وقوله: غاليةُ البضوع؛ كنى
بذلك عن المُهور اللواتي يُوصَل بها إِليهن؛ وقال آخر:
عَلاه بضَرْبةٍ بَعَثَتْ بِلَيْلٍ
نوائحَه، وأَرْخَصَتِ البُضُوعا
والبُضْعُ: مَهْرُ المرأَة. والبُضْع: الطلاق. والبُضْع: مِلْك الوَلِيّ
للمرأَة، قال الأَزهري: واختلف الناس في البُضع فقال قوم: هو الفَرج،
وقال قوم: هو الجِماع، وقد قيل: هو عَقْد النكاح. وفي الحديث: عَتَقَ
بُضْعُكِ فاخْتارِي أَي صار فرجُك بالعِتق حُرّاً فاختارِي الثَّباتَ على زوجك
أَو مُفارَقَته. وفي الحديث عن أَبي أُمامةَ: أَن رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، أَمر بلالاً فنادَى في الناس يوم صَبَّحَ خَيْبَر: أَلا مَن
أَصاب حُبْلى فلا يَقْرَبَنَّها فإِنَّ البُضْعَ يَزيد في السمع والبصَر
أَي الجماع؛ قال الأَزهري: هذا مثل قوله لا يَسقِي ماؤه زرعَ غيره، قال:
ومنه قول عائشةَ في الحديث: وله حَصَّنَنِي ربّي من كل بُضْع؛ تَعْني
النّبي، صلى الله عليه وسلم، من كل بُضع: من كل نكاح، وكان تزوّجها بِكْراً من
بين نسائه. وأَبْضَعَت المرأَةَ إِذا زوّجتها مثل أَنكحْت. وفي الحديث:
تُسْتأْمَرُ النساء في إِبْضاعِهن أَي في إِنكاحهنَّ؛ قال ابن الأَثير:
الاسْتِبْضاع نوع من نكاح الجاهلية، وهو اسْتِفْعال من البُضع الجماع،
وذلك أَن تطلب المرأَةُ جِماع الرجل لتنال منه الولد فقط، كان الرجل منهم
يقول لأَمَته أَو امرأَته: أَرسلي إِلى فلان فاسْتَبْضِعي منه، ويعتزلها
فلا يمَسُّها حتى يتبينَ حملها من ذلك الرجل، وإِنما يفعل ذلك رَغْبة في
نَجابة الولد. ومنه الحديث: أَن عبد الله أَبا النبي، صلى الله عليه وسلم،
مرّ بامرأَة فدعته إِلى أَن يَسْتَبْضِعَ منها. وفي حديث خَدِيجةَ، رضي
الله عنها: لما تزوجها النبي، صلى الله عليها وسلم، دخل عليها عمرو بن
أُسيد، فلما رآه قال: هذا البُضع لا يُقرَعُ أَنفه؛ يريد هذا الكُفْءُ الذي
لا يُرَدّ نِكاحه ولا يُرْغَب عنه، وأَصل ذلك في الإِبل أَنَّ الفَحل
الهَجين إِذا أَراد أَن يضرب كرائم الإِبل قَرَعُوا أَنفه بعصاً أَو غيرها
ليَرْتَدّ عنها ويتركها.
والبِضاعةُ: القِطْعة من المال، وقيل: اليسير منه. والبضاعة: ما
حَمَّلْتَ آخَرَ بَيْعَه وإِدارَتَه. والبِضاعةُ: طائفةٌ من مالك تَبْعَثُها
للتجارة. وأَبْضعه البِضاعَة: أَعطاه إِيّاها.وابْتَضَع منه: أَخذ، والاسم
البِضاعُ كالقِراض. وأَبْضَع الشيء واسْتَبْضعه: جعله بِضاعَتَه، وفي
المثل: كمُسْتَبْضِع التمر إِلى هَجَرَ، وذلك أَنَّ هجر معدِنُ التمر؛ قال
خارجة بن ضِرارٍ:
فإِنَّكَ، واسْتِبْضاعَكَ الشِّعْرَ نَحْونَا،
كمَسْتَبْضِعٍ تَمْراً إِلى أَهْلِ خَيْبَرا
وإِنما عُدِّي بإِلى لأَنه في معنى حامل. وفي التنزيل: وجئنا ببِضاعةٍ
مُزْجاةٍ؛ البِضاعة: السِّلْعةُ، وأَصلها القِطْعة من المال الذي يُتَّجَر
فيه، وأصلها من البَضْع وهو القَطْع، وقيل: البِضاعة جُزء من أَجزاء
المال، وتقول: هو شَرِيكي وبَضِيعي، وهم شُركائي وبُضعائي، وتقول: أبْضَعْت
بِضاعة للبيع، كائنة ما كانت. وفي الحديث: المدِينةُ كالكِير تَنْفِي
خَبَثَها وتُبْضِعُ طِيبَها؛ ذكره الزمخشري وقال: هو من أَبْضَعْتُه بِضاعةً
إِذا دفعتها إِليه؛ يعني أَنّ المدينة تُعطِي طِيبَها ساكِنيها،
والمشهور تَنْصع، بالنون والصاد، وقد روي بالضاد والخاء المعجمتين وبالحاء
المهملة، من النَّضْخ والنَّضْح وهو رش الماء.
والبَضْع والبِضْعُ، بالفتح والكسر: ما بين الثلاث إِلى العشر، وبالهاء
من الثلاثة إِلى العشرة يضاف إِلى ما تضاف إِليه الآحاد لأَنه قِطْعة من
العدد كقوله تعالى: في بِضْعِ سنين، وتُبنى مع العشرة كما تُبنى سائر
الآحاد وذلك من ثلاثة إِلى تسعة فيقال: بِضْعةَ عَشرَ رجُلاً وبضْع عشْرةَ
جارية؛ قال ابن سيده: ولم نسمع بضعة عشر ولا بضع عشرة ولا يمتنع ذلك،
وقيل: البضع من الثلاث إِلى التسع، وقيل من أَربع إِلى تسع، وفي التنزيل:
فلَبث في السجْنِ بِضْع سنين؛ قال الفراء: البِضْع ما بين الثلاثة إِلى ما
دون العشرة؛ وقال شمر: البضع لا يكون أَقل من ثلاثة ولا أَكثر من عشرة،
وقال أَبو زيد: أَقمت عنده بِضْع سنين، وقال بعضهم: بَضْع سنين، وقال أَبو
عبيدة: البِضع ما لم يبلغ العِقْد ولا نصفه؛ يريد ما بين الواحد إِلى
أَربعة. ويقال: البضع سبعة، وإِذا جاوزت لفظ العشر ذهب البضع، لا تقول: بضع
وعشرون. وقال أَبو زيد: يقال له بضع وعشرون رجلاً وله بضع وعشرون امرأَة.
قال ابن بري: وحكي عن الفراء في قوله بضع سنين أَن البضع لا يُذْكر إِلا
مع العشر والعشرين إِلى التسعين ولا يقال فيما بعد ذلك؛ يعني أَنه يقال
مائة ونَيِّف؛ وأَنشد أَبو تَمّام في باب الهِجاء من الحَماسة لبعض
العرب:أَقولُ حِين أَرَى كَعْباً ولِحْيَتَه:
لا بارك الله في بِضْعٍ وسِتِّينِ،
من السِّنين تَمَلاَّها بلا حَسَبٍ،
ولا حَياءٍ ولا قَدْرٍ ولا دِينِ
وقد جاء في الحديث: بِضْعاً وثلاثين ملَكاً. وفي الحديث: صلاةُ الجماعةِ
تَفْضُل صلاةَ الواحد بِبِضْع وعشرين دَرجةً. ومرَّ بِضْعٌ من الليل أَي
وقت؛ عن اللحيانب.
والباضعةُ: قِطعة من الغنم انقطعت عنها، تقول فِرْقٌ بَواضِعُ.
وتَبَضَّع الشيءُ: سالَ، يقال: جَبْهَتُه تَبْضَع وتَتَبَضَّع أَي
تَسِيل عرقاً؛ وأَنشد لأَبي ذؤيب:
تأْبَى بِدِرَّتِها، إِذا اسْتُغْضِبَت،
إِلاَّ الحَمِيمَ، فإِنه يَتَبَضَّعُ
(* راجع هذا البيت وشرحه في أول هذه المادة)
يَتبضَّع: يَتفتَّحُ بالعَرَق ويَسِيلُ مُتقطِّعاً، وكان أَبو ذؤيب لا
يُجِيد في وصْفِ الخيل، وظنّ أَنَّ هذا مما توصف به؛ قال ابن بري: يقول
تأْبَى هذه الفرس أَن تَدِرَّ لك بما عندها من جَرْي إِذا اسْتَغْضَبْتها
لأَن الفرس الجَوادَ إِذا أَعطاك ما عنده من الجرْي عَفْواً فأَكرهْته على
الزيادة حملته عزّة النفْس على ترك العَدْو، يقول: هذه تأْبى بدرَّتها
عند إِكْراهها ولا تأْبى العَرَق، ووقع في نسخة ابن القطّاع: إِذا ما
استُضْغِبت، وفسره بفُزِّعَت لأَن الضاغب هو الذي يَخْتَبِئُ في الخَمَرِ
ليُفَزِّعَ بمثل صوت الأَسد، والضُّغابُ صوت الأَرْنب.
والبَضِيعُ: العَرَقُ، والبَضيعُ: البحر، والبَضِيعُ: الجَزِيرةُ في
البحر، وقد غلب على بعضها؛ قال ساعدة ابن جُؤَيّةَ الهذلي:
سادٍ تَجرَّمَ في البَضِيعِ ثَمانِياً،
يَلْوي بعَيْقاتِ البِحارِ ويُجْنَبُ
(* قوله «يجنب» هو بصيغة المبني للمفعول وتقدم ضبطه في مادة سأد بفتح
الياء.)
ساد مقلوب من الإِسْآدِ وهو سَيْرُ الليل. تجَرَّمَ في البَضِيعِ أَي
أَقام في الجزيرة، وقيل: تجرَّم أَي قَطعَ ثماني ليال لا يَبْرَح مكانَه،
ويقال للذي يُصْبح حيث أَمْسى ولم يبرح مكانه سادٍ، وأَصله من السُّدَى
وهو المُهْمَلُ وهذا الصحيح. والعَيْقةُ: ساحل البحر، يَلْوِي بَعيقات أَي
يذهب بما في ساحل البحر. ويُجْنَبُ أَي تَصِيبه الجَنُوب؛ وقال القتيبي
في قول أَبي خِراش الهذلي:
فلمّا رأَيْنَ الشمْسَ صارت كأَنها،
فُوَيْقَ البَضِيعِ في الشُّعاعِ، خَمِيلُ
قال: البَضِيعُ جزيرة من جزائر البحر، يقول: لما همَّت بالمَغِيب رأَينَ
شُعاعَها مثل الخَمِيلِ وهو القَطِيفة. والبُضَيعُ مصغَّر: مكان في
البحر؛ وهو في شعر حسّان بن ثابت في قوله:
أَسَأَلْتَ رَسْمَ الدارِ أَمْ لم تَسْأَلِ
بَيْنَ الخَوابي، فالبُضَيْعِ فحَوْمَلِ
قال الأَثرم: وقيل هو البُصَيْعُ، بالصاد غير المعجمة، قال الأَزهري:
وقد رأَيته وهو جبل قصير أَسود على تلّ بأَرض البلسةِ فيما بين سيل وذات
الصَّنَمين بالشام من كُورة دِمَشْق، وقيل: هو اسم موضع ولم يُعَيَّنْ.
والبَضِيعُ والبُضَيْعُ وباضِعٌ: مواضِعُ.
وبئر بُضاعة التي في الحديث، تكسر وتضم، وفي الحديث: أَنه سئل عن بئر
بُضاعة قال: هي بئر معروفة بالمدينة، والمحفوظ ضم الباء، وأَجاز بعضهم
كسرها وحكي بالصاد المهملة.
وفي الحديث ذكر أَبْضَعة، وهو مَلِك من كِنْدةَ بوزن أَرْنَبة، وقيل: هو
بالصاد المهملة.
وقال البشتي: مررت بالقوم أَجمعين أَبضعين، بالضاد، قال الأَزهري: وهذا
تصحيف واضح، قال أَبو الهيثم الرازي: العرب تُوَكِّد الكلمة بأَربعة
توَاكِيدَ فتقول: مررت بالقوم أَجمعين أَكتعين أَبصعين أَبتعين، بالصاد،
وكذلك روي عن ابن الأَعرابي قال: وهو مأْخوذ من البَصْع وهو الجمْع.
بدع: بدَع الشيءَ يَبْدَعُه بَدْعاً وابْتَدَعَه: أَنشأَه وبدأَه. وبدَع
الرَّكِيّة: اسْتَنْبَطَها وأَحدَثها. ورَكِيٌّ بَدِيعٌ: حَدِيثةُ
الحَفْر. والبَدِيعُ والبِدْعُ: الشيء الذي يكون أَوّلاً. وفي التنزيل: قُل ما
كنتُ بِدْعاً من الرُّسُل؛ أَي ما كنت أَوّلَ من أُرْسِلَ، قد أُرسل
قبلي رُسُلٌ كثير.
والبِدْعةُ: الحَدَث وما ابْتُدِعَ من الدِّينِ بعد الإِكمال. ابن
السكيت: البِدْعةُ كلُّ مُحْدَثةٍ. وفي حديث عمر، رضي الله عنه، في قِيام
رمضانَ: نِعْمتِ البِدْعةُ هذه. ابن الأَثير: البِدْعةُ بدْعتان: بدعةُ هُدى،
وبدْعة ضلال، فما كان في خلاف ما أَمر الله به ورسوله، صلى الله عليه
وسلم، فهو في حَيِزّ الذّمِّ والإِنكار، وما كان واقعاً تحت عُموم ما ندَب
اللهُ إِليه وحَضّ عليه أَو رسولُه فهو في حيِّز المدح، وما لم يكن له
مِثال موجود كنَوْع من الجُود والسّخاء وفِعْل المعروف فهو من الأَفعال
المحمودة، ولا يجوز أَن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به لأَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قد جعل له في ذلك ثواباً فقال: مَن سنّ سُنّة حسَنة كان
له أَجرُها وأَجرُ مَن عَمِلَ بها، وقال في ضدّه: مَن سنّ سُنّة سَيئة كان
عليه وِزْرها ووِزْر مَن عَمِلَ بها، وذلك إِذا كان في خلاف ما أَمر
الله به ورسوله، قال: ومن هذا النوع قول عمر، رضي الله عنه: نعمتِ البِدْعةُ
هذه، لمّا كانت من أَفعال الخير وداخلة في حيّز المدح سَمّاها بدعة
ومدَحَها لأَنَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يَسُنَّها لهم، وإِنما
صلاَّها لَيالِيَ ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس لها ولا كانت في زمن
أَبي بكر وإِنما عمر، رضي الله عنهما، جمع الناسَ عليها وندَبهم إِليها
فبهذا سماها بدعة، وهي على الحقيقة سنَّة لقوله، صلى الله عليه وسلم،
عليكم بسنّتي وسنة الخُلفاء الراشدين من بعدي، وقوله، صلى الله عليه وسلم:
اقْتَدُوا باللذين من بعدي: أَبي بكر وعمر، وعلى هذا التأْويل يُحمل الحديث
الآخَر: كلُّ مُحْدَثةٍ بدعة، إِنما يريد ما خالَف أُصولَ الشريعة ولم
يوافق السنة، وأَكثر ما يستعمل المُبْتَدِعُ عُرْفاً في الذمِّ. وقال أَبو
عَدْنان: المبتَدِع الذي يأْتي أَمْراً على شبه لم يكن ابتدأَه إِياه.
وفلان بِدْعٍ في هذا الأَمر أَي أَوّل لم يَسْبِقْه أَحد. ويقال: ما هو
منّي ببِدْعٍ وبَديعً، قال الأَحوص:
فَخَرَتْ فانْتَمَتْ فقلتُ: انْظُرِيني،
ليس جَهْلٌ أَتَيْته ببدِيعِ
وأَبْدَعَ وابْتَدَعَ وتَبَدَّع: أتَى بِبدْعةٍ، قال اللهِ تعالى:
ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعوها؛ وقال رؤبة:
إِنْ كُنْتَ للهِ التَّقِيَّ الأَطْوعا،
فليس وجْهَ الحَقِّ أَن تَبَدَّعا
وبَدَّعه: نَسَبه إِلى البِدْعةِ. واسْتَبْدَعَه: عدَّه بَديعاً.
والبَدِيعُ: المُحْدَثُ العَجيب. والبَدِيعُ: المُبْدِعُ. وأَبدعْتُ الشيء:
اخْتَرَعْته لاعلى مِثال. والبَديع: من أَسماء الله تعالى لإِبْداعِه
الأِشياء وإِحْداثِه إِيَّاها وهو البديع الأَوّل قبل كل شيء، ويجوز أَن يكون
بمعنى مُبدِع أَو يكون من بَدَع الخلْقَ أَي بَدَأَه، والله تعالى كما قال
سبحانه: بَدِيعُ السمواتِ والأَرض؛ أَي خالقها ومُبْدِعُها فهو سبحانه
الخالق المُخْتَرعُ لا عن مثال سابق، قال أَبو إِسحق: يعني أَنه أَنشأَها
على غير حِذاء ولا مثال إِلا أَنَّ بديعاً من بَدَع لا من أَبْدع،
وأَبدعَ: أَكثر في الكلام من بَدَع، ولو استعمل بدَع لم يكن خطأ، فبَدِيعٌ
فَعِيلٌ بمعنى فاعل مثل قدير بمعنى قادر، وهو صفة من صفات الله تعالى لأَنه
بدأَ الخلق على ما أَراد على غير مثال تقدّمه.قال الليث: وقرئ بديعَ
السمواتِ والأَرضِ، بالنصب على وجه التعجب لِما قال المشركون على معنى:
بِدْعاً ما قلتم وبَدِيعاً اخْتَرَقْتم، فنصبه على التعجب، قال: والله أَعلم
أَهو ذلك أَم لا؛ فأَما قراءة العامة فالرفع، ويقولون هو اسم من أَسماء
الله سبحانه، قال الأَزهري: ما علمت أَحداً من القرّاء قرأَ بديعَ بالنصب،
والتعجبُ فيه غير جائز، وإِن جاء مثله في الكلام فنصبه على المدح كأَنه
قال أَذكر بديع السموات والأَرض. وسِقاء بَديع: جديد، وكذلك زِمام بديع؛
وأَنشد ابن الأَعرابي في السقاء لأَبي محمد الفقعسي:
يَنْصَحْنَ ماء البَدَنِ المُسَرَّى،
نَضْحَ البَدِيعِ الصَّفَقَ المُصْفَرّا
الصَّفَقُ: أَوّل ما يُجعل في السِّقاء الجديد. قال الأَزهري: فالبديعُ
بمعنى السقاء والحبْل فَعِيلٌ بمعنى مَفعول. وحَبلٌ بَديع: جَديد أَيضاً؛
حكاه أَبو حنيفة. والبديع من الحِبال: الذي ابتُدِئ فتله ولم يكن
حَبلاً فنكث ثم غُزل وأُعيد فتلُه؛ ومنه قول الشماخ:
وأَدْمَجَ دَمْج ذي شَطَنٍ بَدِيعِ
والبديعُ: الزِّقُّ الجديد والسقاء الجديد. وفي الحديث: أَن النبي، صلى
الله عليه وسلم، قال: تِهامةُ كَبَدِيعِ العَسَلِ حُلْو أَوّلُه حُلْو
آخِرُه؛ شَبَّهها بِزِقِّ العسل لأَنه لا يتغيَّر هواؤها فأَوّله طيّب
وآخره طيّب، وكذلك العسل لا يتغير وليس كذلك اللبن فإِنه يتغير، وتِهامة في
فُصول السنة كلها غَداةً ولَيالِيها أَطْيَب اللَّيالي لا تُؤذي بحَرّ
مُفْرط ولا قُرّ مُؤذ؛ ومنه قول امرأَة من العرب وصَفت زوجَها فقالت: زَوْجي
كلَيْل تِهامةَ لا حَرّ ولا قُرّ، ولا مَخافةَ ولا سآمةَ. والبديعُ:
المُبْتَدِع والمُبْتَدَع. وشيء بِدْعٌ، بالكسر، أَي مُبتدَع. وأَبدْعَ
الشاعرُ: جاء بالبديعِ. الكسائي: البِدْعُ في الخير والشرّ، وقد بَدُعَ
بَداعةً وبُدوعاً، ورجل بِدْعٌ وامرأَة بدْعة إِذا كان غاية في كل شيء، كان
عالماً أَو شَرِيفاً أَو شُجاعاً؛ وقد بَدُعَ الأَمْرُ بدْعاً وبَدَعُوه
وابْتَدَعُوه ورجل بِدْعٌ ورجال أَبْداع ونساء بِدَعٌ وأَبداع ورجُل بِدْع
غُمْر وفلان بِدْعٌ في هذا الأَمر أَي بَدِيع وقوم أَبداع؛ عن الأَخفش.
وأُبْدِعتِ الإِبلُ: بُرِّكَت في الطريق من هُزال أَو داء أَو كَلال،
وأَبْدَعت هي: كَلَّت أَو عَطِبَت، وقيل: لا يكون الإِبْداع إِلاَّ
بظَلَع.يقال: أَبْدَعَت به راحِلتُه إِذا ظَلَعَت، وأُبْدِعَ وأُبْدِعَ به
وأَبْدَعَ:كلَّت راحلته أَو عَطِبَت وبَقِيَ مُنْقَطَعاً به وحَسِرَ عليه
ظهرُه أَو قام به أَي وقَف به؛ قال ابن بري: شاهده قول حُميد الأَرقط:
لا يَقْدِرُ الحُمْسُ على جِبابِه
إِلاَّ بطُولِ السيْرِ وانْجِذابِه،
وتَرْكِ ما أَبْدَعَ من رِكابِه
وفي الحديث: أَنَّ رجلاً أَتَى النبي، صلى الله عليه وسلم، فقال: يا
رسولَ الله إِني أُبْدِعَ بي فاحْمِلْني أَي انقُطع بي لكَلال راحلتي. وقال
اللحياني: يقال أَبدَع فلان بفلان إِذا قَطَع به وخَذلَه ولم يقم بحاجته
ولم يكن عند ظنه به، وأَبدَعَ به ظهرُه؛ قال الأَفْوه:
ولكلِّ ساعٍ سُنَّةٌ، مِمَّنْ مَضَى،
تَنْمِي به في سَعْيِه أَوْ تُبْدِعُ
وفي حديث الهَدْي: فأَزْحَفَت عليه بالطريق فَعَيَّ لشأْنها إِن هي
أَبدَعَتْ أَي انْقَطَعَت عن السير بكَلال أَو ظَلَع، كأَنه جعل انقطاعها عما
كانت مستمرّة عليه من عادة السير إِبْداعاً أَي إِنشاء أَمر خارج عما
اعْتِيدَ منها؛ ومنه الحديث: كيف أَصْنَعُ بما أَبْدَعَ عليَّ منها؟ وبعضهم
يرويه: أُبْدِعَت وأُبْدِعَ، على ما لم يسمّ فاعله، وقال: هكذا يستعمل،
والأَول أَوجه وأَقيس. وفي المثل: إِذا طَلَبْتَ الباطِلَ أُبْدِع بك.
قال أَبو سعيد: أُبْدِعت حُجّة فلان أَي أُبْطِلت حجّته أَي بطَلَت. وقال
غيره: أَبْدَعَ بِرُّ فلان بشُكْري وأَبْدَعَ فضْلُه وإِيجابه بوصفي إِذا
شكره على إِحسانه إِليه واعترَف بأَنَّ شكره لا يَفِي بإِحسانه. قال
الأَصمعي: بَدِعَ يَبَدَعُ فهو بَدِيعٌ إِذا سَمِن؛ وأَنشد لبَشِير ابن
النِّكْث:
فبَدِعَتْ أَرْنَبُه وخِرْنِقُهْ
أَي سَمِنت. وأَبْدَعُوا به: ضربوه. وأَبدَع يميناً: أَوجَبها؛ عن ابن
الأَعرابي.وأَبدَع بالسفر وبالحج: عزَم عليه.