تأليف: الشيخ: عبد الحق الدهلوي، ثم البخاري.
المتوفى: سنة 1051.
مختصر.
مشتمل على ثلاثين باباً فيما يقتدى به السالك، وينجو من المهالك.
جذب: الجَذْبُ: مَدُّكَ الشيءَ، والجَبْذُ لغة تميم. المحكم: الجَذْبُ: المـَدُّ.
جَذَبَ الشيءَ يَجْذِبُه جَذْباً وجَبَذَه، على القلب، واجْتَذَبَه: مَدَّه. وقد يكون ذلك في العَرْضِ. سيبويه: جَذَبَه: حَوَّلَه عن موضِعه،
واجْتَذَبَه: اسْتَلَبَه.
وقال ثعلب قال مُطَرِّفٌ، قال ابن سيده، وأُراه يعني مُطَرِّفَ بن
الشِّخِّيرِ: وجدتُ الإِنسان مُلْقىً بين اللّهِ وبين الشيطانِ، فإِن لم
يَجْتَذِبْهُ إِلَيْه جَذَبَه الشيطانُ. وجاذَبَه كَجَذبه. وقوله:
ذَكَرْتُ، والأَهْواءُ تَدْعُو للْهَوَى، * والعِيسُ، بالرَّكْب، يُجاذِبْنَ البُرَى
قال: يكون يُجاذِبْن ههنا في معنى يَجْذِبْنَ، وقد يكون للمُباراة
والمُنازعة، فكأَنه يُجاذِبْنَهُنَّ البُرى.
وجاذَبْتُه الشيءَ: نازَعْتُه إِياه.
والتَجاذُبُ: التَّنازُعُ؛ وقد انْجَذَبَ وتَجاذَبَ.
وجَذَبَ فلان حَبْلَ وِصالِه، وجَذَمَه إِذا قَطَعَه. ويقال للرجل إِذا
كَرَعَ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْن: جَذَب منه نَفَساً أَو نَفَسَيْن. ابن شميل: بَيْنَنا وبين بني فلان نَبْذةٌ وجَذْبةٌ أَي هُمْ منَّا قَرِيبٌ. ويقال: بَيْني وبين الـمَنْزِلِ جَذْبةٌ أَي قِطْعةٌ، يعني: بُعْدٌ.ويقال: جَذْبةٌ من غَزْل، للـمَجْذوب منه مرَّةً.
وجَذَب الشهرُ يَجْذِبُ جَذباً إِذا مَضَى عامَّتُه.
وجَذابِ: الـمَنِيَّةُ، مَبْنِيَّةٌ لأَنها تَجْذِبُ النُّفُوسَ.
وجاذَبَتِ المرأَةُ الرجلَ: خَطَبَها فرَدَّتْه، كأَنه بانَ منها مَغْلُوباً. التهذيب: وإِذا خَطَبَ الرجلُ امرأَةً فرَدَّتْه قيل: جَذَبَتْه وجَبَذَتْه. قال: وكأَنه من قولك جاذَبْتُه فَجَذبْتُه أَي غَلَبْتُه فبان منها مَغْلُوباً.
والانْــجِذابُ: سُرْعةُ السَّيْرِ. وقد انْجَذَبُوا في السَّيْر، وانْجَذَب بهم السَّيْر، وسَيْرٌ جَذْبٌ: سَرِيعٌ. قال:
قَطَعْتُ، أَخْشاهُ، بِسَيْرٍ جَذْب
أَخْشاهُ: في موضع الحال أَي خاشِياً له، وقد يجوز أَن يريد أَخْشاه:
أَخْوَفَه، يعني أَشدَّه إِخافةً، فعلى هذا ليس له فِعْلٌ.
والجَذْبُ: انْقِطاعُ الرِّيقِ.
وناقةٌ جاذِبةٌ وجاذِبٌ وجَذُوبٌ: جَذَبَتْ لبَنَها من ضَرْعِها، فذهَب
صاعِداً، وكذلك الأَتانُ، والجمع جَواذِبُ وجِذابٌ، مثل نائم ونِيام
قال الهذلي:
بطَعْنٍ كرَمْحِ الشَّوْلِ، أَمـْسَتْ غَوارِزاً * جَواذِبُها، تَأْبى على الـمُتَغَبِّرِ
ويقال للناقة إِذا غَرَزَتْ وذهب لبنُها: قد جَذَبَتْ تَجْذِبُ جِذابــاً(1)
(1 قوله «جذابــاً» هو في غير نسخة من المحكم بألف بعد الذال كما ترى) ، فهي جاذِبٌ. اللحياني: ناقة جاذِبٌ إِذا جَرَّتْ فزادتْ على وقت مَضْرِبها.
النضر: تَجذَّبَ اللبنَ إِذا شَرِبَه. قال العُدَيْل:
دَعَتْ بالجِمالِ البُزْلِ للظَّعْنِ، بَعْدَما * تَجَذَّبَ راعي الإِبْلِ ما قد تَحَلَّبا
وجَذَبَ الشاةَ والفَصِيلَ عن أَُمهما يَجْذِبُهما جَذْباً: قطَعهما عن
الرَّضاعِ، وكذلك الـمُهْرَ: فَطَمَه. قال أَبو النجم يصِف فَرساً:
ثم جَذَبْناه فِطاماً نَفْصِلُهْ، * نَفْرَعُه فَرْعاً، ولَسْنا نَعْتِلُهْ
أَي نَفْرَعُه باللجام ونَقْدَعُه. ونَعْتِلُه أَي نَجْذِبهُ جَذْباً عَنِيفاً.
وقال اللحياني: جَذَبَتِ الأُمُّ ولدَها تَجْذِبُه: فطَمَتْه، ولم
يَخُصَّ من أَي نوعٍ هو. التهذيب: يقال للصبيّ أَو السَّخْلةِ إِذا فُصِلَ: قد جُذِبَ.
والجَذَبُ: الشَّحْمةُ التي تكون في رأْس النَّخْلة يُكْشَطُ عنها
اللِّيفُ، فتؤكل، كأَنها جُذِبَتْ عن النخلة. وجَذَبَ النخلةَ يَجْذِبُها
جَذْباً: قَطَعَ جَذَبَها ليأْكله، هذه عن أَبي حنيفة.
والجَذَبُ والــجِذابُ جميعاً: جُمَّارُ النخلةِ الذي فيه خُشونةٌ،
واحدتها جَذَبةٌ. وعمّ به أَبو حنيفة فقال: الجَذَبُ الجُمَّارُ، ولم يزد
شيئاً. وفي الحديث: كان رسولُ اللّه، صلة اللّه عليه وسلم، يُحِبُّ الجَذَبَ، وهو بالتحريك: الجُمَّارُ.
والجُوذابُ: طَعامٌ يُصْنَعُ بسُكَّرٍ وأَرُزٍّ ولَحْمٍ.
أَبو عمرو يقال: ما أَغْنى عَنِّي جِذِبَّاناً، وهو زِمامُ النَّعْلِ، ولا ضِمْناً، وهو الشَّسْعُ.
جبذ: جَبَذَ جَبْذاً: لغة في جَذَبَ. وفي الحديث: فَجَبَذَني رجل من
خلفي، وظنه أَبو عبيد مقلوباً عنه؛ قال ابن سيده: وليس ذلك بشيء. وقال: قال
ابن جني ليس أَحدهما مقلوباً عن صاحبه وذلك أَنهما جميعاً يتصرفان تصرفاً
واحداً، تقول: جَذَبَ يَجْذِبُ جَذْباً، فهو جاذب، وجَبَذَ يَجبذُ
جَبْذاً، فهو جابذ، فإِن جعلت مع هذا أَحدهما أَصلاً لصاحبه فسد ذلك لأَنك لو
فعلته لم يكن أَحدُهما أَسعَدَ بهذه الحال من الآخر، فإِذا وقَفْتَ
الحالَ بهما ولم تُؤْثِِرْ بالمزية أَحدَهما عن تصرف صاحبه فلم يُساوه فيه كان
أَوسعهُما تَصَرُّفاً أَصلاً لصاحبه، وذلك نحو قولهم: أَنى الشيءُ يأْني
وآنَ يَئِينُ، فآنَ مقلوب عن أَنَى والدليل على ذلك وجودك مصدَرَ أَنى
يأْنِي أَنًى، ولا تجد لآن مصدراً، كذا قال الأَصمعي، فأَما الأَيْن فليس
من هذا في شيء، إِنما الأَيْنُ الإِعْياءُ والتعبُ، فلما عَدِمَ آن
المصدرَ الذي هو أَصل الفعل علم أَنه مقلوب عن أَنَى يأْنى. قال الله سبحانه
وتعالى: إِلا أَن يؤذن لكم إِلى طعام غير ناظرين أَناه، أَي بلوغَه
وإِداركَهُ، غير أَن أَبا زيد قد حكى لآن مصدراً، وهو الأَيْنُ، فإِن كان
الأَمر كذلك فهما إِذاً أَصلان متساويان متساوقان. وجَبَذَ العنبُ يَجْبِذُ:
صَغُر وقَفَّ.
خلب: الخِلْبُ: الظُّفُر عامَّةً، وجَمْعُه أَخْلابٌ، لا يُكَسَّر على
غير ذلك.
وخَلَبَه بظُفُرِه يَخْلِبُه خَلْباً: جَرَحَه، وقيل: خَدَشَه. وخَلَبه يَخْلِبُه، ويَخْلُبه خَلْباً: قَطَعَه وشَقَّه.
والمِخْلَب: ظُفُرُ السَّبُعِ من الـمَاشِي والطَّائِرِ؛ وقيل: المِخْلَب لِـمَا يَصِيدُ من الطَّيْرِ، والظُّفُرُ لِـمَا لا يَصِيدُ. التهذيب: ولِكلِّ طائر من الجَوارِحِ مِخْلَبٌ، ولكُلّ سَبُعٍ مِخْلَبٌ، وهو أَظافِيرهُ. الجوهري: والمِخْلَبُ للطَّائِرِ والسِّباعِ، بمنزلة الظُّفُرِ للإِنْسانِ.
وخَلَب الفَريسَة، يَخْلِبُها ويَخْلُبها خَلْباً: أَخَذَها بِمِخْلَبهِ. الليث: الخَلْبُ مَزْقُ الجِلْدِ بالنَّابِ؛ والسَّبُع يَخْلِبُ الفَريسةَ إِذا شَقَّ جِلْدَها بنابِه، أَو فَعَلَه الجَارِحَةُ بِمِخْلَبِهِ.قال: وسَمِعْتُ أَهْلَ البَحْرَيْنِ يقولون للحديدة الـمُعَقَّفَة، التي لا أُشَرَ لها، ولا أَسْنانَ: المِخْلَب؛ قال وأَنشدني أَعرابي من بني سعد:
دَبَّ لها أَسْودُ كالسِّرْحانْ، * بِمِخْذَمٍ، يَخْتَذِمُ الإِهانْ
والمِخْلَب: المِنْجَلُ السَّاذَجُ الذي لا أَسْنانَ له؛ وقيل: المِخْلَبُ المِنْجَلُ عامَّةً.
وخَلَبَ به يَخْلُب: عَمِلَ وقَطَع. وخَلَبْتُ النَّباتَ، أَخْلُبُه خَلْباً، واسْتَخْلَبْته إِذا قطَعْته.
وفي الحديث: نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ أَي نْقطَع النَّباتَ، ونَحْصُدُه
ونَأْكُلُه.
وخَلَبَتْه الحَيَّة تَخْلِبُه خَلْباً: عَضَّتْه.
والخِلابَةُ: الـمُخَادَعَة، وقيل: الخَديعَة باللسانِ. وفي حديث النبي،
صلى اللّه عليه وسلم، أَنه قال لرجل كان يُخْدَع في بَيْعِهِ: إِذا
بايَعْتَ، فَقُلْ لا خِلابَة أَي لا خِداعَ؛ وفي رواية لا خيابَة. قال ابن
الأَثير: كأَنها لُثْغَة من الرَّاوِي، أَبدلَ اللامَ ياءً. وفي الحديث: أَنّ
بيعَ المُحَفَّلاتِ خِلابَةٌ، ولا تَحلّ خِلابَة مُسْلم.
والـمُحَفَّلات: التي جُمِعَ لَبَنُها في ضَرْعِها.
وخَلَبَه يَخْلُبُه خَلْباً وخِلابَةً: خَدَعَه.
وخالَبَه واخْتَلَبه: خادَعَه؛ قال أَبو صَخْر:
فلا مَا مَضَى يُثْنَى، ولا الشَّيْبُ يُشْتَرَى، * فأَصْفِقَ، عندَ السَّوْمِ، بَيْعَ الـمُخالِب
وهي الخِلِّيبَى، ورجل خالبٌ وخَلاَّب، وخَلَبُوتٌ،
وخَلَبُوبٌ، الأَخيرة عن كُراع: خَدَّاعٌ كَذَّابٌ؛ قال الشاعر:
مَلَكْتُم، فلما أَنْ مَلَكْتُمْ خَلَبْتُمُ، * وشَرُّ الـمُلوكِ الغادِرُ، الخَلَبُوتُ
جاءَ على فَعَلُوت، مثل رَهَبوتٍ؛ وامرأَة خَلَبُوتٌ، على مثال
جَبَرُوتٍ، هذه عن اللحياني.
وفي المثل: إِذا لَمْ تَغْلِبْ فاخْلِبْ، بالكسر. وحُكي عن الأَصمعي:
فاخْلُب أَي اخْدَعْه حتى تذهَبَ بِقَلْبه؛ من قاله بالضَّمّ، فمعناه:
فاخْدَعْ؛ ومن قال: فاخْلِبْ، فمعناه: فانْتِشْ قليلاً شيئاً يسيراً بعْدَ
شيءٍ، كأَنه أُخِذ من مِخْلَب الجارِحةِ. قال ابن الأَثيرِ: معناهُ إِذا
أَعْياكَ الأَمرُ مُغالَبةً، فاطْلُبْه مُخادعة.
وخَلَب المرأَة عَقْلَها يَخْلِبُها خَلْباً: سَلَبَها إِياهُ، وخَلَبَتْ هي قَلْبَه ، تَخْلِبُه خَلْباً، واخْتَلَبَتْه: أَخَذَتْه. وذَهَبَت به.
الليث: الخِلابَة أَن تَخْلُب المرأَةُ قَلْبَ الرجل، بأَلطفِ القولِ
وأَخْلَبِهِ، وامرأَةٌ خَلاَّبة للفؤادِ، وخَلُوبٌ.
والخَلْباءُ من النساءِ: الخَدُوعُ. وامرأَةٌ خالِبةٌ وخَلُوبٌ وخَلاَّبة: خَدَّاعة، وكذلك الخَلِبَة؛ قال النمر:
أَوْدَى الشَّبابُ، وحُبُّ الخالَةِ الخَلِبَهْ، * وقد بَرِئْتُ، فما بالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ
ويروى الخَلَبَة، بفتح اللامِ، على أَنه جَمْعٌ، وهم الذين يَخْدعُون
النساءَ.
وفلان خِلْبُ نِساءٍ إِذا كان يُخالِبُهُنَّ أَي يُخَادِعُهُنّ. وفلانٌ حِدْثُ نِساءٍ، وزِيرُ نِساءٍ إِذا كان يُحادِثُهُنّ، ويُزاوِرُهُنَّ.
وامرأَة خالةٌ أَي مُخْتالَةٌ. وقوم خالَةٌ: مُخْتالون، مثل باعَةٍ، من
البَيْع.
والبَرْقُ الخُلَّبُ: الذي لا غَيْثَ فيه، كأَنه خادِعٌ يُومِضُ، حتى
تَطْمعَ بِمَطَرِه، ثم يُخْلِفُك. ويقال: بَرْقُ الخُلَّبِ، وبَرْقُ خُلَّبٍ، فَيُضافانِ؛ ومنه قيل لِمَنْ يَعِدُ ولا يُنْجِزُ وعْدَه: إِنما أَنـْتَ كَبَرْق خُلَّب. ويقال: إِنه كَبَرْقٍ خُلَّبٍ، وبرقِ خُلَّبٍ، وهو السَّحابُ الذي يَبْرُق ويُرْعِدُ، ولا مَطَر مَعَه. والخُلَّبُ أَيضاً: السَّحَابُ الذي لا مَطَر فيه. وفي حديث الاستسقاءِ: اللهمَّ سُقْيَا غيرَ خُلَّبٍ بَرْقُها أَي خالٍ عن الـمَطَر. ابن الأَثير: الخُلَّبُ: السحابُ يُومِضُ بَرْقُه، حتى يُرْجَى مَطَره، ثم يُخْلِفُ ويَتَقَشَّعُ، وكأَنه من الخِلابَةِ، وهي الخِداعُ بالقَولِ اللَّطِيفِ؛ ومنه حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كان أَسْرَعَ من بَرْقِ الخُلَّبِ وإِنما خصه بالسُّرْعَة، لخِفَّتِه لِخُلُوّه من الـمَطَر.
وَرَجُلٌ خِلْبُ نِساءٍ: يُحِبُّهُنّ للحديث والفُجُورِ، ويُحْبِبْنَه لذلك. وهم أَخْلابُ نِساءٍ، وخُلَباءُ نِساءٍ الأَخيرةُ نادِرَة. قال ابن سيده: وعندي أَنَّ خُلَباءَ جمعُ خالِبٍ.
والخِلْبُ، بالكسرِ: حِجابُ القَلْبِ، وقيل: هي لُحَيْمةٌ رَقِيقَةٌ، تَصِلُ بينَ الأَضْلاعِ؛ وقيل: هو حِجَاب ما بين القَلْبِ والكَبِدِ، حكاهُ ابن الأَعرابي، وبه فسَّر قَولَ الشاعر:
يا هِنْدُ !هِنْدٌ بينَ خِلْبٍ وكَبِدْ
ومنه قيل للرَّجُل الذي يُحِبُّه النساءُ: إِنه لَخِلْبُ
نِساءٍ أَي يُحِبُّه النساءُ؛ وقيل: الخِلْبُ حِجابٌ بينَ القَلْبِ وسَوادِ البَطْنِ؛ وقيل: هو شيءٌ أَبْيَضُ، رقِيقٌ، لازِقٌ بالكَبِدِ؛ وقيل: الخِلْبُ زِيادَةُ الكَبِدِ، والخِلْبُ الكَبِدُ، في بعضِ اللُّغاتِ؛ وقيل: الخِلْبُ عُظَيْمٌ، مثلُ ظُفُر الإِنْسان، لاصِقٌ بناحِيَة الحِجابِ، مـما يَلِي الكَبِدَ؛ وهي تَلِي الكبِدَ والحِجابَ، والكَبِدُ مُلْتَزِقَةٌ بجانِبِ
الحِجابِ.
والخُلْبُ: لبُّ النَّخْلَةِ، وقيل: قَلْبُها. والخُلُب، مُثَقَّلاً ومُخَفَّفاً: الليفُ، واحدَتُه خُلْبَة. والخُلْبُ: حَبْلُ الليفِ والقُطْنِ إِذا رَّقَ وصَلُبَ. الليث: الخُلْبُ حَبْلٌ دَقيقٌ، صُلْبُ الفَتْلِ، من لِيفٍ أَو قِنَّبٍ، أَو شيءٍ صُلْبٍ؛ قال الشاعر:
كالـمَسَدِ اللَّدْنِ، أُمِرَّ خُلبُه
ابن الأعرابي: الخُلْبة الحَلْقة من الليفِ، والليفَة خُلْبَة وخُلُبَة؛
وقال:
كأَنْ ورِيدَاهُ رِشَاءا خُلْبِ
ويُروى وريدَيْه، على إِعمال كأَنْ، وتَرْكِ الاضْمار. وفي الحديث: أَتاهُ رَجُلٌ وهو يَخْطُب، فنَزلَ إِليه وقَعَد على كُرْسِيِّ خُلْبٍ، قَوائمهُ من حَديدٍ؛ الخُلْب: اللّيفُ؛ ومنه الحديث: وأَما مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ على جَمَلٍ أَحْمَر، مَخْطُوم بخُلْبة. وقد يُسَمَّى الحَبْل نفسُه: خُلْبة؛ ومنه الحديث: بِليفٍ خُلبْةٍ، على البَدَل؛ وفيه: أَنه كان له وِسادَةٌ حَشْوُها خُلْبٌ. والخُلْبُ والخُلُب: الطِّينُ الصُّلْبُ
اللاَّزِبُ؛ وقيل: الأَسْودُ؛ وقيل: طِينُ الحَمْأَة؛ وقيل: هو الطِّينُ عامَّة.
ابن الأَعرابي: قال رَجلٌ من العرب لطَبَّاخِه: خَلِّبْ مِيفاكَ، حتى
يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ؛ قال: خَلِّبْ أَي طَيِّنْ، ويقال للطينِ خُلْبٌ. قال
والميفَى: طَبَقُ التَّنُّور، والرَّوْدَقُ: الشواءُ.
وماءٌ مُخْلِبٌ أَي ذُو خُلُبٍ، وقد أَخْلَب. قال تُبَّع، أَو غيره:
فرَأَى مَغِيب الشمسِ، عندَ مآبِهَا، * في عَيْنِ ذِي خُلُبِ وثأْطٍ حَرْمَدِ
الليث: الخُلْبُ وَرَق الكَرْمِ العريضُ ونحوهُ. وفي حديث ابن عباس، وقد حاجَّه عمر في قوله تعالى: تَغْرُب في عَيْنٍ حَمِئَةٍ، فقال عمر: حامِية، فأَنشد ابن عباس بيتَ تُبَّع:
في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ
الخُلُب: الطينُ والحَمْأَة. وامرأَةٌ خَلْباءُ وخَلْبَنٌ: خَرْقاءُ، والنون زائدة للالحاق، وليست بأَصلية. وفي الصحاح: الخَلْبَنُ الحَمْقاءُ؛ قال ابن السكيت: وليس من الخِلابة؛ قال رؤبة يصف النوق:
وخَلَّطَتْ كلُّ دِلاثٍ عَلْجَنِ، * تَخْليطَ خَرْقاءِ اليَدَيْنِ، خَلْبَنِ
ورواه أَبو الهيثم: خَلْباءِ اليَدَيْن، وهي الخَرْقاء، وقد خَلِبَتْ
خَلَباً، والخَلْبَنُ المهزولةُ منه.
والخُلْبُ: الوَشْيُ.
والـمُخَلَّب: الكثيرُ الوشْيِ من الثِّياب. وثَوْبٌ مُخَلَّب: كثير
الوَشْي؛ قال لبيد:
وغَيْثٍ بِدَكْداكٍ، يَزِينُ وِهادَهُ * نَباتٌ، كَوَشْيِ العَبْقَرِيِّ الـمُخَلَّبِ
أَي الكثيرِ الأَلْوانِ. وأَوْرَدَ الجوهري هذا البَيْتَ: وغيثٌ، برفع
الثاءِ؛ قال ابن بري: والصواب خَفْضُها لأَن قبله:
وكائِنْ رَأَيْنا من مُلُوكٍ وسُوقَةٍ، * وصاحَبْتُ من وَفْدٍ كِرامٍ ومَوْكِبِ
قال: الدَّكداك ما انْخَفَضَ من الأَرضِ، وكذلك الوِهادُ، جَمْعُ
وَهْدةٍ؛ شَبَّه زَهر النباتِ بوَشْي العَبْقَرِيِّ.
شوق: الشَّوْقُ والاشْتياقُ: نِزاعُ النفس إلى الشيء، والجمع أَشْواقٌ،
شاقَ إليه شَوْقاً وتَشَوَّق واشتاقَ اشْتياقاً. والشَّوْقُ: حركة الهوى.
والشُّوق: العُشّاق. ويقال: شُقْ شُقْ إذا أَمرته أَن يُشَوِّقَ إنساناً
إلى الآخرة. ويقال: شاقَني الشيءُ يَشُوقُني، فهو شائِقٌ وأنا مَشوقٌ؛
وقوله:
يا دارَ سَلمى بِدَكادِيك البُرَقْ،
صَبْراً فقد هَيَّجْتِ شَوقَ المُشْتَئِقْ
إنما أَراد المشتاق فأَبدل الألف همزة، قال سيبويه: همز ما ليس بمهموز
ضرورة، وقال ابن جني: القول عندي أَنه اضطر إلى حركة الألف التي قبل القاف
من المُشتاق لأنها تقابل لام مستفعلن، فلما حركها انقلبت همزة إلا أَنه
اختار لها الكسر لأنه أَراد الكسرة التي كانت في الواو التي انقلبت الألف
عنها، وذلك أنه مُفْتَعِلن من الشَّوْق، وأصله مُشْتَوِق ثم قلبت الواو
ألفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها، فلما احتاج إلى حركة الألف حركها بمثل
الكسرة التي كانت في الواو هي أصل الألف. وشاقَني شَوْقاً وشَوَّقَنى:
هاجني فَتَشوَّقْت إذا هَيَّجَ شَوقَك، ويقال منه: شاقَني حُسْنُها
وذِكْرُها يَشُوقني أي هيّج شَوْقي؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
إلى ظُعُنٍ للمالكيّة غُدْوةً،
فيا لَكَ مِنْ مَرْأَى أَشاقَ وأَبعدا
فسره فقال: معناه وجدناه شائقاً بعيداً. وشاقَ الطُّنُبَ إلى الوتد
شَوْقاً: مدَّه إليه فأَوثقه به. ابن بزرج: شُقْتُ القربة أَشُوقُها
نَصَبْتُها مُسْنَدة إلى الحائط، فهي مَشُوقة.
والشِّيقُ والشِّيَاقُ: كالنِّياط انقلبت الواو فيها ياء للكسرة. ورجل
أَشْوَقُ: طويل.
هجع: الهُجُوعُ: النوْم ليْلاً. هَجَعَ يَهْجَعُ هُجُوعاً: نامَ، وقيل
نام بالليلِ خاصّة، وقد يكون الهجُوعُ بغير نوم؛ قال زهير بن أَبي
سُلْمَى:قَفْرٌ هَجَعْتُ بها ولَسْتُ بنائِمٍ،
وذِراعُ مُلْقِيةِ الجِرانِ وسادي
وقوم هُجَّعٌ وهُجوعٌ، ونساء هُجَّعٌ وهُجوعٌ وهَواجِعُ، وهَواجِعاتٌ
جمع الجمع. والتَّهْجاعُ: النومةُ الخفيفةُ؛ قال أَبو قَيْسِ بن
الأَسْلَتِ:قد حَصَّتِ البَيْضةُ رَأْسِي، فما
أَطْعَمُ نَوْماً غيرَ تَهْجاعِ
وهَجَّعَ القومُ تَهْجِيعاً أَي نَوَّمُوا. ومَرَّ هَجِيعٌ من الليلِ
أَي ساعةٌ مثل هَزِيع؛ حكي عن ثعلب. ويقال: أَتيت فلاناً بعد هَجْعةٍ أَي
بعد نَوْمةٍ خفيفةٍ من أَوّل الليل. وفي حديث الثوري: طَرَقَني بعد
هَجْعٍ. من الليلِ؛ الهَجْعُ والهَجْعةُ والهَجِيعُ: طائفةٌ من الليل،
والهِجْعةُ منه كالجِلْسةِ من الجلوس.
ابن الأَعرابي: يقال للرجُلِ الأَحْمَقِ الغافِلِ عما يُرادُ به هِجْعٌ
وهِجْعةٌ وهُجَعةٌ ومِهْجَعٌ، وأَصله من الهُجُوعِ النوم. ورجل هُجَعةٌ،
مِثلُ هُمَزةٍ، وهُجَعٌ ومِهجَعٌ للغافِل الأَحمَقِ السَّرِيعِ
الاسْتِنامةِ إِلى كلّ أَحَدٍ. والهَجِعُ: الأَحْمَقُ. وهَجَعَ جُوعُه مثل هَجأَ
إِذا انكسر ولم يشبع بعد. وهَجَعَ غَرَثُه وهَجأَ إِذا سكن. وأَهْجَعَ
فلانٌ غَرَثَه إِذا سكَّن ضَرَمَه مثل أَهْجَأَ.
ومِهْجَعٌ: اسم رجل.
حير: حار بَصَرُه يَحارُ حَيْرَةً وحَيْراً وحَيَراناً وتَحيَّر إِذا
نظر إِلى الشيء فَعَشيَ بَصَرُهُ. وتَحَيَّرَ واسْتَحَارَ وحارَ: لم يهتد
لسبيله. وحارَ يَحَارُ حَيْرَةً وحَيْراً أَي تَحَيَّرَ في أَمره؛
وحَيَّرْتُه أَنا فَتَحَيَّرَ. ورجل حائِرٌ بائِرٌ إِذا لم يتجه لشيء. وفي حديث
عمر، رضي الله عنه: الرجال ثلاثة، فرجل حائر بائر أَي متحير في أَمره لا
يدري كيف يهتدي فيه. وهو حائِرٌ وحَيْرانُ: تائهٌ من قوم حَيَارَى،
والأُنثى حَيْرى. وحكى اللحياني: لا تفعل ذلك أُمُّكَ حَيْرَى أَي
مُتَحَيِّرة، كقولك أُمُّكَ ثَكْلَى وكذلك الجمع؛ يقال: لا تفعلوا ذلك أُمَّهاتُكُمْ
حَيْرَى؛ وقول الطرماح:
يَطْوِي البَعِيدَ كَطَيِّ الثَّوْبِ هِزَّتُهُ،
كما تَرَدَّدَ بالدَّيْمُومَةِ الحَارُ
أَراد الحائر كما قال أَبو ذؤيب: وهي أَدْماءُ سارُها؛ يريد سائرها. وقد
حَيَّرَهُ الأَمر. والحَيَرُ: التَّحَيُّرُ؛ قال:
حَيْرانُ لا يُبْرِئُه من الحَيَرْ
وحارَ الماءُ، فهو حائر. وتَحَيَّرَ: تَرَدَّدَ؛ أَنشد ثعلب:
فَهُنَّ يَروَيْنَ بِظِمْءٍ قاصِرِ،
في رَبَبِ الطِّينِ، بماءٍ حائِرِ
وتَحَيَّر الماءُ: اجْتَمع ودار. والحائِرُ: مُجْتَمَعُ الماء؛ وأَنشد:
مما تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ
قال: والحاجر نحو منه، وجمعه حُجْرانٌ. والحائِرُ: حَوْضٌ يُسَبَّبُ
إِليه مَسِيلُ الماء من الأَمطار، يسمى هذا الاسم بالماء. وتَحَيَّر الرجلُ
إِذا ضَلَّ فلم يهتد لسبيله وتَحَيَّر في أَمره. وبالبصرة حائِرُ
الحَجَّاجِ معروف: يابس لا ماء فيه، وأَكثر الناس يسميه الحَيْرَ كما يقولون
لعائشة عَيْشَةُ، يستحسنون التخفيف وطرح الأَلف؛ وقيل: الحائر المكان
المطمئن يجتمع فيه الماء فيتحير لا يخرج منه؛ قال:
صَعْدَةٌ نابِتَةٌ في حائِر،
أَيْنَما الرِّيحُ تُمَيِّلْها تَمِلْ
وقال أَبو حنيفة: من مطمئنات الأَرض الحائِرُ، وهو المكان المطمئن
الوَسَطِ المرتفعُ الحروفِ، وجمعه حِيرانٌ وحُورانٌ، ولا يقال حَيْرٌ إِلا أَن
أَبا عبيد قال في تفسير قول رؤبة:
حتى إِذا ما هاجَ حِيرانُ الدَّرَقْ
الحِيران جمع حَيْرٍ، لم يقلها أَحد غيره ولا قالها هو إِلا في تفسير
هذا البيت. قال ابن سيده: وليس كذلك أَيضاً في كل نسخة؛ واستعمل حسان بن
ثابت الحائر في البحر فقال:
ولأَنتِ أَحْسَنُ إِذْ بَرَزْت لَنا،
يومَ الخُروجِ، بِسَاحَة العَقْرِ
من دُرَّةٍ أَغْلَى بها مَلِكٌ،
مما تَرَبَّبَ حائِرَ البَحْرِ
والجمع حِيرَانٌ وحُورَانٌ. وقالوا: لهذه الدار حائِرٌ واسعٌ، والعامّة
تقول: حَيْرٌ، وهو خطأٌ. والحائِرُ: كَرْبَلاءُ، سُميت بأَحدِ هذه
الأَشياء. واسْتحارَ المكان بالماء وتَحَيَّر: تَمَلأَ. وتَحَيَّر فيه الماء:
اجتمعَ. وتَحَيَّرَ الماءُ في الغيم: اجتمع، وإِنما سمي مُجْتَمَعُ الماء
حائراً لأَنه يَتَحَيَّرُ الماء فيه يرجع أَقصاه إِلى أَدناه؛ وقال
العجاج:
سَقَاهُ رِيّاً حائِرٌ رَوِيُّ
وتَحَيَّرَتِ الأَرضُ بالماء إِذا امتلأَتْ. وتَحَيَّرَتِ الأَرضُ
بالماء لكثرته؛ قال لبيد:
حتى تَحَيَّرَتِ الدَّبارُ كأَنَّها
زَلَفٌ، وأُلْقِيَ قِتْبُها المَحْزُومُ
يقول: امتلأَت ماء. والديار: المَشَارات
(* قوله: «المشارات» أي مجاري
الماء في المزرعة كما في شرح القاموس).
والزَّلَفُ: المَصانِعُ.
واسْتَحار شَبَابَ المرأَة وتَحَيَّرَ: امتلأَ وبلغ الغابة؛ قال أَبو
ذؤيب:
وقد طُفْتُ من أَحْوالِهَا وأَرَدْتُها
لِوَصْلٍ، فأَخْشَى بَعْلَها وأَهَابُها
ثلاثةَ أَعْوَامٍ، فلما تَجَرَّمَتْ
تَقَضَّى شَبابِي، واسْتَحارَ شبابُها
قال ابن بري: تجرّمت تكملت السنون. واستحار شبابها: جرى فيها ماء
الشباب؛ قال الأَصمعي: استحار شبابها اجتمع وتردّد فيها كما يتحير الماء؛ وقال
النابغة الذبياني وذكر فرج المرأَة:
وإِذا لَمَسْتَ، لَمَسْتَ أَجْثَمَ جاثِماً
مُتَحَيِّراً بِمكانِه، مِلْءَ اليَدِ
(* في ديوان النابغة: متحيِّزاً).
والحَيْرُ: الغيم ينشأُ مع المطر فيتحير في السماء. وتَحَيَّر السحابُ:
لم يتجه جِهَةً. الأَزهري: قال شمر والعرب تقول لكل شيء ثابت دائم لا
يكاد ينقطع: مُسْتَحِيرٌ ومُتَحَيِّرٌ؛ وقال جرير:
يا رُبَّما قُذِفَ العَدُوُّ بِعَارِضٍ
فَخْمِ الكَتائِبِ، مُسْتَحِيرِ الكَوْكَبِ
قال ابن الأَعرابي: المستحير الدائم الذي لا ينقطع. قال: وكوكب الحديد
بريقه. والمُتَحيِّرُ من السحاب: الدائمُ الذي لا يبرح مكانه يصب الماء
صبّاً ولا تسوقه الريح؛ وأَنشد:
كَأَنَّهُمُ غَيْثٌ تَحَيَّر وَابِلُهْ
وقال الطرماح:
في مُسْتَحِيرِ رَدَى المَنُو
نِ، ومُلْتَقَى الأَسَل النَّواهِل
قال أَبو عمرو: يريد يتحير الردى فلا يبرح. والحائر: الوَدَكُ:
ومَرَقَةٌ مُتَحَيَّرَةٌ: كثيرة الإِهالَةِ والدَّسَمِ. وتَحَيَّرَتِ الجَفْنَةُ:
امتلأَت طعاماً ودسماً؛ فأَما ما أَنشده الفارسي لبعض الهذليين:
إِمَّا صَرَمْتِ جَدِيدَ الحِبا
لِ مِنِّي، وغَيَّرَكِ الأَشْيَبُ
فيا رُبَّ حَيْرَى جَمادِيَّةٍ،
تَحَدَّرَ فيها النَّدَى السَّاكِبُ
فإِنه عنى روضة متحيرة بالماء.
والمَحارَةُ: الصَّدَفَةُ، وجمعها مَحارٌ؛ قال ذو الرمة
فَأَلأَمُ مُرْضَعٍ نُشِغَ المَحَارَا
أَراد: ما في المحار. وفي حديث ابن سيرين في غسل الميت: يؤخذ شيء من
سِدْرٍ فيجعل في مَحارَةٍ أَو سُكُرُّجَةٍ؛ قال ابن الأَثير: المَحارَةُ
والحائر الذي يجتمع فيه الماء، وأَصل المَحْارَةِ الصدفة، والميم زائدة.
ومَحارَةُ الأُذن: صدفتها، وقيل: هي ما أَحاط بِسُمُومِ الأُذُنِ من قَعْرِ
صَحْنَيْها، وقيل: مَحارَةُ الأُذن جوفها الظاهر المُتَقَعِّرُ؛ والمحارة
أَيضاً: ما تحت الإِطارِ، وقيل: المحارة جوف الأُذن، وهو ما حول
الصِّماخ المُتَّسِعِ. والمَحارَةُ: الحَنَكُ وما خَلْفَ الفَراشَةِ من أَعلى
الفم. والمحارة: مَنْفَذُ النَّفَسِ إِلى الخياشيم. والمَحارَةُ:
النُّقْرَةُ التي في كُعْبُرَةِ الكَتِف. والمَحارَةُ: نُقْرَةُ الوَرِكِ.
والمَحارَتانِ: رأْسا الورك المستديران اللذان يدور فيهما رؤوس الفخذين.
والمَحارُ، بغير هاء، من الإِنسان: الحَنَكُ، ومن الداية حيث يُحَنِّكُ
البَيْطارُ. ابن الأَعرابي: مَحارَةُ الفرس أَعلى فمه من باطن.
وطريق مُسْتَحِيرٌ: يأْخذ في عُرْضِ مَسَافَةٍ لا يُدرى أَين مَنْفَذُه؛
قال:
ضاحِي الأَخادِيدِ ومُسْتَحِيرِهِ،
في لاحِبٍ يَرْكَبْنَ ضِيفَيْ نِيرِهِ
واستحار الرجل بمكان كذا ومكان كذا: نزله أَياماً.
والحِيَرُ والحَيَرُ: الكثير من المال والأَهل؛ قال:
أَعُوذُ بالرَّحْمَنِ من مالٍ حِيَرْ،
يُصْلِينِيَ اللهُ به حَرَّ سَقَرْ
وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
يا من رَأَى النُّعْمان كانَ حِيَرَا
قال ثعلب: أَي كان ذا مال كثير وخَوَلٍ وأَهل؛ قال أَبو عمرو بن العلاء:
سمعت امرأَة من حِمْيَر تُرَقِّصُ ابنها وتقول:
يا رَبَّنا مَنْ سَرَّهُ أَن يَكْبَرَا،
فَهَبْ له أَهْلاً ومالاً حِيَرَا
وفي رواية: فَسُقْ إِليه رَبِّ مالاً حِيَرَا. والحَيَرُ: الكثير من
أَهل ومال؛ وحكى ابن خالويه عن ابن الأَعرابي وحده: مال حِيَرٌ، بكسر الحاء؛
وأَنشد أَبو عمرو عن ثعلب تصديقاً لقول ابن الأَعرابي:
حتى إِذا ما رَبا صَغِيرُهُمُ،
وأَصْبَحَ المالُ فِيهِمُ حِيَرَا
صَدَّ جُوَيْنٌ فما يُكَلِّمُنا،
كأَنَّ في خَدِّه لنا صَعَرا
ويقال: هذه أَنعام حِيراتٌ أَي مُتَحَيِّرَة كثيرة، وكذلك الناس إِذا
كثروا.
والحَارَة: كل مَحَلَّةٍ دنت مَنازِلُهم فهم أَهل حارَةٍ. والحِيرةُ،
بالكسر: بلد بجنب الكوفة ينزلها نصارى العِبَاد، والنسبة إِليها حِيرِيٌّ
وحاريٌّ، على غير قياس؛ قال ابن سيده: وهو من نادر معدول النسب قلبت الياء
فيه أَلفاً، وهو قلب شاذ غير مقيس عليه غيره؛ وفي التهذيب: النسبة
إِليها حارِيٌّ كما نسبوا إِلى التَّمْرِ تَمْرِيٌّ فأَراد أَن يقول
حَيْرِيٌّ، فسكن الياء فصارت أَلفاً ساكنة، وتكرر ذكرها في الحديث؛ قال ابن
الأَثير: هي البلد القديم بظهر الكوفة ومَحَلَّةٌ معروفة بنيسابور. والسيوف
الحارِيَّةُ: المعمولة بالحِيرَةِ؛ قال:
فلمَّا دخلناهُ أَضَفْنا ظُهُورَنا
إِلى كُلِّ حارِيٍّ فَشِيبٍ مُشَطَّبِ
يقول: إِنهم احْتَبَوْا بالسيوف، وكذلك الرجال الحارِيَّاتُ؛ قال
الشماخ:يَسْرِي إِذا نام بنو السَّريَّاتِ،
يَنامُ بين شُعَبِ الحارِيَّاتِ
والحارِيُّ: أَنْماطُ نُطُوعٍ تُعمل بالحِيرَةِ تُزَيَّنُ بها
الرِّحالُ؛ أَنشد يعقوب:
عَقْماً ورَقْماً وحارِيّاً نُضاعِفُهُ
على قَلائِصَ أَمثالِ الهَجانِيعِ
والمُسْتَحِيرَة: موضع؛ قال مالك بن خالد الخُناعِيُّ:
ويمَّمْتُ قاعَ المُسْتَحِيرَةِ، إِنِّني،
بأَن يَتَلاحَوْا آخِرَ اليومِ، آرِبُ
ولا أَفعل ذلك حَيْرِيْ دَهْرٍ وحَيْرِيَّ دَهْرٍ أَي أَمَدَ الدَّهْرِ.
وحَيْرِيَ دَهْرٍ: مخففة من حَيْرِيّ، كما قال الفرزدق:
تأَمَّلْتُ نَسْراً والسِّماكَيْنِ أَيْهُمَا،
عَلَيَّ مِنَ الغَيْثَ، اسْتَهَلَّتْ مَواطِرُهْ
وقد يجوز أَن يكون وزنه فَعْلِيَ؛ فإِن قيل: كيف ذلك والهاء لازمة لهذا
البناء فيما زعم سيبويه؟ فإِن كان هذا فيكون نادراً من باب إِنْقَحْلٍ.
وحكى ابن الأَعرابي: لا آتيك حِيْرِيَّ الدهر أَي طول الدهر، وحِيَرَ
الدهر؛ قال: وهو جمع حِيْرِيّ؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا؛ قال
الأَزهري: وروى شمر بإِسناده عن الرَّبِيع بن قُرَيْعٍ قال: سمعت ابن عمر يقول:
أَسْلِفُوا ذاكم الذي يوجبُ الله أَجْرَهُ ويرُدُّ إِليه مالَهُ، ولم
يُعْطَ الرجلُ شيئاً أَفضلَ من الطَّرْق، الرجلُ يُطْرِقُ على الفحل أَو على
الفرس فَيَذْهَبُ حَيْرِيَّ الدهر، فقال له رجل: ما حَيْرِيُّ الدهر؟
قال: لا يُحْسَبُ، فقال الرجلُ: ابنُ وابِصَةَ ولا في سبيل الله، فقال: أَو
ليس في سبيل الله؟ هكذا رواه حَيْرِيَّ الدهر، بفتح الحاء وتشديد الياء
الثانية وفتحها؛ قال ابن الأَثير: ويروى حَيْرِيْ دَهْرٍ، بياء ساكنة،
وحَيْرِيَ دَهْرٍ، بياء مخففة، والكل من تَحَيُّرِ الدهر وبقائه، ومعناه
مُدَّةَ الدهر ودوامه أَي ما أَقام الدهرُ. قال: وقد جاء في تمام الحديث:
فقال له رجل: ما حَيْرِيُّ الدهر؟ فقال: لا يُحْسَبُ؛ أَي لا يُعْرَفُ
حسابه لكثرته؛ يريد أَن أَجر ذلك دائم أَبداً لموضع دوام النسل؛ قال: وقال
سيبويه العرب تقول: لا أَفعل ذلك حَيْرِيْ دَهْرٍ أَي أَبداً. وزعموا أَن
بعضهم ينصب الياء في حَيْرِيَ دَهْرٍ؛ وقال أَبو الحسن: سمعت من يقول لا
أَفعل ذلك حِيْرِيَّ دَهْرٍ، مُثَقَّلَةً؛ قال: والحِيْرِيُّ الدهر كله؛
وقال شمر: قوله حِيْرِيَّ دَهْرٍ يريد أَبداً؛ قال ابن شميل: يقال ذهب
ذاك حارِيَّ الدَّهْرِ وحَيْرِيَّ الدهر أَي أَبداً. ويَبْقَى حارِيَّ دهر
أَي أَبداً. ويبقى حارِيَّ الدهر وحَيْرِيَّ الدهر أَي أَبداً؛ قال:
وسمعت ابن الأَعرابي يقول: حِيْرِيَّ الدهر، بكسر الحاء، مثل قول سيبويه
والأَخفش؛ قال شمر: والذي فسره ابن عمر ليس بمخالف لهذا إِنما أَراد لا
يُحْسَبُ أَي لا يمكن أَن يعرف قدره وحسابه لكثرته ودوامه على وجه الدهر؛ وروى
الأَزهري عن ابن الأَعرابي قال: لا آتيه حَيْرِيْ دهر وحِيْرِيَّ دهر
وحِيَرَ الدَّهْرِ؛ يريد: ما تحير من الدهر. وحِيَرُ الدهرِ: جماعةُ
حِيْرِيَّ؛ وأَنشد ابن بري للأَغلب العجلي شاهداً على مآلِ حَيَر، بفتح الحاء،
أَي كثير:
يا من رَأَى النُّعْمانَ كانَ حَيَرَا،
من كُلِّ شيءٍ صالحٍ قد أَكْثَرَا
واسْتُحِيرَ الشرابُ: أُسِيغَ؛ قال العجاج:
تَسْمَعُ لِلْجَرْعِ، إِذا اسْتُحِيرَا،
للماءِ في أَجْوافِها خَرِيرَا
والمُسْتَحِيرُ: سحاب ثقيل متردّد ليس له ريح تَسُوقُهُ؛ قال الشاعر
يمدح رجلاً:
كأَنَّ أَصحابَهُ بالقَفْرِ يُمْطِرُهُمْ،
من مُسْتَحِيرٍ، غَزِيرٌ صَوْبُهُ دِيَمُ
ابن شميل: يقول الرجل لصاحبه: والله ما تَحُورُ ولا تَحُولُ أَي ما
تزداد خيراً. ثعلب عن ابن الأَعرابي: والله ما تَحُور ولا تَحُول أَي ما
تزداد خيراً. ابن الأَعرابي: يقال لِجِلْدِ الفِيلِ الحَوْرانُ ولباطن
جِلْدِهِ الحِرْصِيانُ.
أَبو زيد: الحَيِّرُ الغَيْمُ يَنْشَأُ مع المطر فَيَتَحَيَّرُ في
السماء.
والحَيْرُ، بالفتح: شِبْهُ الحَظِيرَة أَو الحِمَى،، ومنه الحَيْرُ
بِكَرْبَلاء.
والحِيَارانِ: موضع؛ قال الحرثُ بنُ حِلَّزَةَ:
وهُوَ الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلَى يو
م الحِيارَيْنِ، والبلاءُ بَلاءُ
حرك: الحَرَكة: ضد السكون، حَرُك يحْرُك حَرَكةً وحَرْكاً وحَرَّكه
فتَحَرَّك، قال الأَزهري: وكذلك يَتَحَرَّك، وتقول: قد أَعيا فما به حَرََاك،
قال ابن سيده: وما به حَرَاك أَي حَرَكة؛ وفلان ميمون العَرِيكةِ
والحَرِيكة.
والمِحْراكُ: الخشبة التي تُحَرَّك بها النار.
الأَزهري: وتقول حَرَكْتُ مَحْرَكَه بالسيف حَرْكاً. والمَحْركُ: منتهى
العُنق عند المفصل من الرأْس. والمَحْرَكُ: مَقْطع العنق.
والحارِكُ: أَعلى الكاهل، وقيل فَرْع الكاهل، وقيل الحارِكُ منبت أَدنى
العُرْف إِلى الظهر الذي يأْخذ به الفارس إِذا ركب، وقيل الحارِكُ عظم
مشرف من جانبي الكاهل اكتنفه فَرْعا الكتفين؛ قال لبيد:
مُغْبِطُ الحارِكِ مَحْبوكُ الكَفَلْ
قال الجوهري: الحارِكُ من الفرس فروع الكتفين وهو أَيضاً الكاهل. أَبو
زيد: حَركه بالسيف حَرْكاً إِذا ضرب عنقه، قال: والمَحْرَكُ أَصل العنق من
أَعلاها، قال: ويقال للحارِكِ مَحْرَك، بفتح الراء، وهو مَفْصِلُ ما بين
الكاهل والعُنق ثم الكاهل، وهو بين المَحْرَك والمَلْحاءِ، والظهر ما
بين المَحْرَك للذنب، قال الأَزهري: وهو قول أَبي عبيد، وقال الفراء:
حَرَكْتُ حارِكَهُ قطعته فهو مَحْرُوك. والحُرْكُوك: الكاهل. ابن الأَعرابي:
حَرَك إِذا منع من الحق الذي عليه، وحَرِكَ إِذا عُنَّ عن النساء. وروي عن
أَبي هريرة أَنه قال: آمنت بمُحَرِّف القلوب، ورواه بعضهم: آمنت
بمُحَرِّك القلوب؛ قال الفراء: المحرِّف المزيل، والمحرِّك المقلب؛ وقال أَبو
العباس: المحرِّك أَجود لأَن السنة تؤَيده يا مُقَلِّب القلوب.
والحَرْكَكَةُ: الحُرْقُوف، والجمع حَرَاكِيك، وكل ذلك اسم كالكاهل والغارب، وهذا
الجمع نادر، وقد يجوز أَن يكون كراهية التضعيف كما حكى سيبويه قَرادِيد في
جمع قَرْدَدٍ، لأَن هذا لا يدغم لمكان الإِلحاق. وحَرَكه يَحْرُكه
حَرْكاً: أَصاب منه أَيَّ ذلك كان. وحَرَك حَرْكاً: شكا أَيّ ذلك كان.
وحَرَكهُ: أَصاب وسطه غير مشتق. ورجل حَرِيك: ضعيف الحَرَاكِيكِ، الحَرِيكُ الذي
يضعف خَصْرُه إِذا مشى كأَنه ينقلع عن الأَرض، والأُنثى حَرِيكة.
والحَرِيك: العِنِّين. قال ابن سيده: والحَرِيك في بعض اللغات العِنِّين. وغلام
حَرِكٌ أَي خفيف ذَكِيٌّ. والحَرْكَكَةُ: الحَرْقَفة، والجمع
الحَرَاكِكُ والحَرَاكِيك، وهي رؤُوس الوركين، ويقال أَطراف الوركين مما يلي الأرض
إِذا قعدت.
بهج: البَهْجَةُ: الحُسْنُ؛ يقال: رجل ذو بَهْجَةٍ. البَهْجَةُ: حُسْنُ
لون الشيء ونَضَارَتُه؛ وقيل: هو في النبات النَّضارَةُ، وفي الإِنسان
ضَحِكُ أَسارير الوجه، أَو ظهورُ الفَرَحِ البتة.
بَهِجَ بَهَجاً، فهو بَهِجٌ، وبَهُجَ، بالضم، بَهْجَةً وبَهاجَةً
وبَهَجاناً، فهو بَهِيجٌ؛ قال أَبو ذؤَيب:
فذَلك سُقْيا أُمِّ عَمْرٍو، وإِنَّني،
بما بَذَلَتْ من سَيْبها، لبَهِيجُ
أَشار بقوله ذلك إِلى السحاب الذي استسقى لأُم عمرو، وكانت صاحبته التي
يشبب بها في غالب الأَمر.
ورجلٌ بَهِجٌ أَي مُسْتَبْهِجٌ بأمرٍ يَسُّرُّه؛ وأَنشد:
وقد أَراها، وَسْطَ أَتْرابِها،
في الحَيِّ ذي البَهْجَةِ والسَّامِرِ
وامرأَةٌ بَهِجَةٌ: مبتهجةٌ؛ وقد بَهُجَتْ بَهْجَةً، وهي مِبْهاجٌ، وقد
غَلَبَتْ عليها البهجةُ. وبَهُجَ النباتُ، فهو بَهيجٌ: حَسُنَ. قال الله
تعالى: من كُلِّ زَوْجٍ بهيج.
وتباهَجَ الرَّوْضُ إِذا كَثُرَ نَوْرُه؛ وقال:
نُوَّارُهُ مُتَباهجٌ يَتَوَهَّجُ
وقوله: من كل زوج بَهِيج أَي من كل ضَرْب من النبات حَسَنٍ ناضر. أَبو
زيد: بَهيج حسنٌ؛ وقج بَهُجَ بَهاجةً وبَهْجَةً. وفي حديث الجنة: فإِذا
رأَى الجنةَ وبَهْجَتَها أَي حُسْنَها وحُسْنَ ما فيها من النعيم. وأَبهجتِ
الأَرضُ: بَهُجَ نباتُها. وتباهَجَ النُّوَّارُ: تضاحك: وبهِج بالشيء
وله، بالكسر، بَهاجةً، وابتَهَج: سُرَّ به وفَرح؛ قال الشاعر:
كانَ الشبابُ رِداءً قد بَهِجْتُ به،
فقد تطايَرَ، منه لِلبِلَى، خِرَقُ
والابتهاجُ: السُّرور. وبَهَجَني الشيءُ وأَبْهَجَني، وهي بالأَلف
أَعلى: سَرَّني. وأَبْهَجَت الأَرضُ: بَهُجَ نباتُها. ورجلٌ بَهِجٌ مُبتهج:
مسرورٌ؛ قال النابغة:
أَو دُرَّةٌ صَدَفِيَّةٌ، غَوَّاصُها
بَهِجٌ، متى يَرَها يُهِلَّ ويَسْجُدِ
وامرأَةٌ بهِجةٌ ومِبْهاجٌ: غلب عليها الحُسْنُ؛ وقول العجاج:
دَعْ ذا، وبَهِّجْ حَسَباً مُبَهَّجا
فَخْماً، وسَنِّنْ مَنْطِقاً مُزَوَّجا
قال ابن سيده: لم أَسمع ببَهْجْ إِلاَّ ههنا، ومعناه حَسِّنْ وجَمِّلْ،
وكأَنَّ معناه: زِدْ هذا الحَسَبَ جمالاً بوصفك له، وذكرك إِياه.
وسَنِّنْ: حَسِّنْ كما يُسَنَّنُ السيفُ أَو غيرُه بالمِسَنِّ، وإِن شئت قلت:
سَنِّنْ سَهِّلْ. وقوله مُزَوِّجاً أَي مقروناً بعضُه ببعض؛ وقيل: معناه
مَنْطِقاً يُشْبه بعضُه بعضاً في الحُسْنِ، فكأَنَّ حُسْنَهُ يتضاعف لذلك.
الأَصمعي: باهَجْتُ الرجلَ وباهيته وبازَجْتُه وبارَيْتُه، بمعنى واحد.
بغض: البُغْض والبِغْضةُ: نَقِيضُ الحبّ؛ وقول ساعدة بن كؤية:
ومن العَوادِي أَنْ تَفُتْك بِبِغْضةٍ،
وتَقاذُفٍ منها، وأَنّكَ ترْقُب
قال ابن سيده: فسّره السُّكَّري فقال: بِبِغضةٍ بقوم يبغضونك، فهو على
هذا جمع كغِلْمة وصِبْية، ولولا أَن، المعهود من العرب أَن لا تتشكّى من
محبوب بِغْضةً في أَشعارها لقلنا: إِن البِغْضة هنا الإِبْغاض، والدليل
على ذلك أَنه قد عطف عليها المصدرَ وهو قوله: وتَقاذُفٍ منها، وما هو في
نية المصدر وهو قوله: وأَنك تَرْقُب.
وبَغُضَ الرجلُ، بالضم، بَغاضةً أَي صارَ بَغِيضاً. وبَغَّضَه اللّهُ
إِلى الناس تَبْغِيضاً فأَبْغَضُوه أَي مَقَتُوه.
والبَغْضاءُ والبَغاضةُ، جميعاً: شدة البغْضِ، وكذلك البِغْضة، بالكسر؛
قال معقل بن خويلد الهذلي:
أَبا مَعْقلٍ، لا تُوطِئَنْك بَغاضَتي
رؤوسَ الأَفاعي من مَراصِدِها العُرْم
وقد أَبْغَضه وبَغَضَه؛ الأَخيرة عن ثعلب وحده. وقال في قوله عزّ وجلّ:
إِني لِعَمَلِكم من القَالِينَ، أَي الباغِضِين، فدل هذا على أَن بَغَضَ
عنده لغة. قال: ولولا أَنها لغة عنده لقال من المُبْغِضِين. والبَغُوضُ:
المُبغِض؛ أَنشد سيبويه:
ولكن بَغُوضٌ أَن يقالَ عَدِيمُ
وهذا أَيضاً مما يدل على أَن بَغَضْته لغة لأَن فَعُولاً إِنما هي في
الأَكثر عن فاعِلٍ لا مُفْعِل، وقيل: البَغيض المُبْغِض والمُبْغَض جميعاً
ضدٌّ. والمُباغَضةُ: تَعاطِي البَغْضاء؛ أَنشد ثعلب:
يا رُبَّ مَولىً ساءَني مُباغِضِ،
عليَّ ذي ضِغْنٍ وضَبٍّ فارضِ،
له كقُروء ِ الحائِضِ
(* قوله «وضب فارض» الضب الحقد، والفارض القديم وقيل العظيم. وقوله له
قروء إلخ يقول: لعداوته أوقات تهيج فيها مثل وقت الحائض.)
والتَّباغُضُ: ضد التَّحابّ. ورجل بَغِيض وقد بَغُضَ بَغاضةً وبَغِضَ،
فهو بَغِيضٌ. ورجل مُبَغَّضٌ: يُبْغَضُ كثيراً. ويقال: هو محبوب غير
مُبَغَّضِ، وقد بُغِّض إِليه الأَمرُ وما أَبْغَضَه إِليّ، ولا يقال ما
أَبْغَضَني له ولا ما أَبْغَضَه لي؛ هذا قول أَهل اللغة. قال ابن سيده: وحكى
سيبويه: ما أَبْغَضَني له وما أَبْغَضَه إِلي، وقال: إِذا ما أَبْغَضَني له
فإِنما تخبر أَنك مُبْغَضٌ له، وإِذا قلت ما أَبْغَضَه إِليّ فإِنما
تخبر أَنه مُبْغَضٌ عندك. قال أَبو حاتم: من كلام الحشو أَنا أُبْغِض فلاناً
وهو يُبْغِضني. وقد بَغُضَ إِلي أَي صار بَغِيضاً. وأَبْغِضْ به إِليَّ
أَي ما أَبْغَضَه. الجوهري: قولهم ما أَبْغَضَه لي شاذ لا يقاس عليه؛ قال
ابن بري: إِنما جعله شاذّاً لأَنه جعله من أَبْغَضَ، والتعجب لا يكون من
أَفْعَل إِلا بأَشَدّ ونحوه، قال: وليس كما ظنّ بل هو من بَغُضَ فلان
إِليَّ، قال: وقد حكى أَهل اللغة والنحو: ما أَبْغَضَني له إِذا كنتَ أَنت
المُبغِضَ له، وما أَبْغَضَني إِليه إِذا كان هو المُبْغِضَ لك. وفي
الدعاء: نَعِمَ اللّهُ بك عَيْناً وأَبْغَضَ بِعَدوِّك عَيْناً وأَهل اليمن
يقولون: بَغُضَ جَدُّك كما يقولون عَثَرَ جَدُّك.
وبَغِيض: أَبو قبيلة، وقيل: حيّ من قيس، وهو بَغِيض بن رَيْث بن غَطفان
بن سعد بن قيس عَيْلان.
بكل: البَكْل: الدَّقِيق بالرُّبّ؛ قال:
ليس بغَشٍّ هَمُّه فيما أَكَل،
وأَزْمةٌ وَزْمتُه من البَكَل
(* قوله «ليس بغش» الغش كما في اللسان والقاموس عظيم السرّة، قال شارحه
والصواب: عظيم الشره، بالشين محركة).
أَراد البَكْل فحَرَّك للضرورة. والبَكِيلَة والبَكَالَةُ جميعاً:
الدقيق يُخْلط بالسَّوِيق والتَّمْرُ يُخْلَط بالسَّمْن في إِناءٍ واحد وقد
بُلاَّ باللَّبَن، وقيل: تخلِطُه بالسويق ثم تَبُلُّه بماء أَو زيت أَو
سَمْن، وقيل: البَكِيلة الأَقِطُ المطحون تخلطه بالماء فتُثَرِّيه كأَنك
تريد أَنْ تَعْجِنه. وقال اللحياني: البَكِيلة الدقيق أَو السَّويق الذي
يُبَلُّ بَلاًّ، وقيل: البَكِيلة الجافُّ من الأَقِط الذي يُخْلَط به
الرَّطْبُ، وقيل: البَكِيلة طَحِينٌ وتَمْر يُخْلَط فيُصَبُّ عليه الزيت أَو
السمن ولا يُطْبَخ. والبَكِيلُ: مَسُوطُ الأَقِط. الجوهري عن الأُموي:
البَكِيلة السَّمْن يُخْلَط بالأَقِط؛ وأَنشد:
هذا غُلامٌ شَرِثُ النَّقِيله،
غَضْبَانُ لم تُؤْدَمْ له البَكِيله
قال: وكذلك البَكَالة. وقوله لم تؤْدم أَي لم يُصَبَّ عليها زيت أَو
إِهَالة، ويقال: نعل شَرِثَة أَي خَلَقٌ. وقيل: البَكيلة السَّوِيق والتمر
يُؤْكَلان في إِناءٍ واحد وقد بُلاَّ باللبن.
وبَكَلْت البَكِيلة أَبْكُلُها بَكْلاً أَي اتخذتها. وبَكَلْت السَّوِيق
بالدقيق أَي خلطته. ويقال: بَكَل ولَبَك بمعنًى مثل جَبَذَ وجَذَابَ.
والبَكْل: الخَلْط؛ قال الكميت:
يَهِيلون من هَذَاك في ذاك، بَينَهُم
أَحاديثُ مَغْرورِين بَكْلٌ من البَكْل
أَحاديث مبتدأ وبينهم الخبر. وبَكَله إِذا خَلَطه. وبَكَّل عليه:
خَلَّط. الأُموي: البكْل الأَقِط بالسَّمْن. ويقال: ابْكُلي واعْبِثي.
والبَكِيلة: الضأْن والمَعَز تَخْتلط، وكذلك الغَنَم إِذا لَقِيَتْ غَنَماً
أُخرى، والفعل من ذلك كله بَكَل يَبْكُل بَكْلاً. ويقال للغَنم إِذا لَقِيت
غَنَماً أُخرى فدَخَلت فيها: ظَلَّت عَبِيثَة واحدة وبَكِيلَة واحدة أَي قد
اختلط بعضها ببعض، وهو مَثَل، أَصلُه من الدقيق والأَقِط يُبْكَل
بالسَّمْن فيؤْكل؛ وبَكل علينا حَديثَه وأَمْرَه يَبْكُله بَكْلاً: خلطه وجاءَ
به على غير وجهه، والاسم البَكِيلة؛ عن اللحياني. ومن أَمثالهم في التباس
الأَمر: بَكْلٌ من البَكْل، وهو اختلاط الرأْي وارْتِجانُه. وتَبَكَّل
الرجل في الكلام أَي خلط. وفي حديث الحسن: سأَله رجل عن مسأَلة ثم أَعادها
فقَلَبها، فقال: بَكَّلْتَ عَلَيَّ أَي خَلَّطت، من البَكِيلة وهي السمن
والدقيق المخلوط. والمُتَـبَكِّل: المخلِّط في كلامه. وتَبَكَّلوا عليه:
عَلَوْه بالشَّتْم والضرب والقَهْر. وتَبَكَّل في مِشْيَتهِ. اختالَ.
والإِنسان يَتَبَكَّل أَي يَخْتال. ورجل جَمِيل بَكِيل: مُتَنَوِّق في
لِبْسَته ومَشْيه. والبَكِيلة: الهيئة والزّيُّ.
والبِكْلة: الخُلُق. والبِكْلَة: الحَالُ والخِلْقة؛ حكاه ثعلب؛ وأَنشد:
لَسْتُ إِذاً لِزَعْبَله،
إِنْ لم أُغَيِّرْ بِكْلَتي،
إِن لم أُسَاوَ بالطُّوَلْ
قال ابن بري: وهذا البيت من مُسَدَّس الرَّجَز جاء على التمام.
والبَكْل: الغَنِيمة وهو التَّبَكُّل، اسم لا مصدر، ونظِيره التَّنَوُّط؛ قال
أَوسبن حَجَر:
عَلى خَيْرِ ما أَبْصَرْتها من بِضَاعة،
لِمُلْتَمِسٍ بَيْعاً لها أَو تَبَكُّلا
أَي تَغَنُّماً. وبَكَّله إِذا نَحَّاه قِبَله كائِناً ما كان. وبَنُو
بَكِيلٍ: حَيٌّ من هَمْدان؛ ومنه قول الكميت:
يقولونَ: لم يُورَثْ، ولولا تُرَاثُه،
لقد شركَتْ فيه بكِيلٌ وأَرْحَبُ
وبَنُو بِكَالٍ: من حِمْيَر منهم نَوْفٌ البِكَاليُّ صاحب علي، عليه
السلام. وقال ابن بري: قال المهلبي بِكالَةُ قبيلة من اليمن، والمُحَدِّثون
يقولونَ نَوْفٌ البَكَّاليُّ، بفتح الباء والتشديد.
بول:البَوْل: واحد الأَبْوال، بال الإِنسانُ وغيرُه يَبُول بَوْلاً؛
واستعاره بعض الشعراء فقال:
بالَ سُهَيْلٌ في الفَضِيخِ فَفَسَد
والاسم البِيلَة كالجِلْسة والرِّكْبة. وكَثْرَةُ الشَّرابِ مَبْوَلة،
بالفتح. والمِبْوَلة، بالكسر: كُوزٌ يُبال فيه.
ويقال: لنُبِيلَنَّ الخَيْلَ في عَرَصاتكم؛ وقول الفرزدق:
وإِنَّ الذي يَسْعَى ليُفْسِدَ زَوْجَتِي،
كسَاعٍ إِلى أُسْدِ الشَّرَى يَسْتَبِيلُها
أَي يأْخذ بَوْلَها في يده؛ وأَنشد ابن بري لمالك بن نُوَيْرة اليربوعي
وقال: أَنشده ثعلب:
كأَنَّهُمُ، إِذ يَعْصِرون فُظُوظَها
بِدَجْلة أَو فَيْض الأُبُلَّةِ، مَوْرِدُ
إِذا ما اسْتَبَالوا الخَيْلَ، كانت أَكُفُّهم
وَقائِعَ للأَبْوالِ، والماءُ أَبْرَدُ
يقول: كانت أَكُفُّهم وَقائع حين بالت فيها الخيل، والوَقَائع نُقَرٌ،
يقول: كأَنَّ ماء هذه الفُظُوظ من دَجْلة أَو فَيْضِ الفُرَات. وفي
الحديث: من نام حتى أَصبح بال الشيطان في أُذُنه؛ قيل: معناه سَخِر منه وظَهَر
عليه حتى نام عن طاعة الله كما قال الشاعر:
بالَ سُهَيْل في الفَضِيخِ فَفَسَد
أَي لما كان الفَضِيخ يَفْسُد بطلوع سُهَيْل كان ظُهورُه عليه مُفْسِداً
له. وفي حديث آخر عن الحسن مرسلاً أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، قال:
فإِذا نام شَفرَ الشيطانُ برّجْله فبال في أُذنه. وفي حديث ابن مسعود:
كفى بالرجل شرًّا أَن يَبُولَ الشيطانُ في أُذنيه، قال: وكل هذا على سبيل
المجاز والتمثيل. وفي الحديث: أَنه خرج يريد حاجة فاتَّبعه بعض أصحابه
فقال: تَنَحَّ فإِن كل بائِلَةٍ تُفيخُ أَي من يبول يخرج منه الريح،
وأَنَّثَ البائلة ذهاباً إِلى النفس. وفي حديث عمر ورأَى أَسْلَمَ يحمل متاعه
على بعير من إِبل الصدقة قال: فَهَلاً ناقةً شَصُوصاً أَو ابنَ لَبُون
بَوَّالاً؟ وصفه بالبول تحقيراً لشأْنه وأَنه ليس عنده ظَهْرٌ يُرْغَب فيه
لقُوَّة حَمْله ولا ضَرْعٌ فيُحْلَبَ وإِنما هو بَوَّال.
وأَخَذَهُ بُوَال، بالضم، إِذا جَعَلَ البولُ يُعتريه كثيراً. ابن سيده:
البُوال داء يكثر منه البَوْل. ورجل بُوَلة: كثير البَوْل، يطَّرد على
هذا باب. وإِنَّه لحَسن البِيلة: من البَوْل. والبَوْلُ: الولَد. ابن
الأَعرابي عن المفضل قال: الرجل يَبُول بَوْلاً شَرِيفاً فاخِراً إِذا وُلِدَ
له وَلدٌ يشبهه.
والبَالُ: الحال والشأْن؛ قال الشاعر:
فبِتْنا عَلى ما خَيَّلَتْ ناعِمَيْ بال
وفي الحديث: كل أَمر ذي بال لا يُبْدأُ فيه بحمد الله فهو أَبتر؛ البال:
الحال والشأْن. وأَمر ذو بالٍ أَي شريفٌ يُحْتَفل له ويُهْتَمُّ به.
والبَالُ في غير هذا: القَلْبُ، ومنه حديث الأَحنف: نُعِيَ له فلان
الحَنْظَلي فما أَلْقَى له بالاً أَي ما استمع إِليه ولا جعل قلبه نحوه. والبال:
الخاطر. والبال: المَرُّ الذي يُعْتَمَل به في أَرض الزرع. والبَالُ:
سَمَكة غليظة تُدْعَى جَمَل البحرِ، وفي التهذيب: سَمَكة عظيمة في البحر،
قال: وليست بعربية. الجوهري: البَالُ الحُوت العظيم من حيتان البحر، وليس
بعربي. والبال: رَخَاء العَيْش
(* كتب هنا بهامش الأصل: في نسخة رخاء
النفس) ، يقال: فلان في بالٍ رَخِيٍّ ولَبَب رَخِيٍّ أَي في سَعَة وخِصْبٍ
وأَمْنٍ، وإِنه لَرَخِيُّ البَالِ وناعم البَالِ. يقال: ما بالُك؟ والبالُ:
الأَمَل. يقال: فلان كاسِفُ البال، وكُسُوف باله: أَن يضيق عليه أَمله.
وهو رَخِيُّ البال إِذا لم يشتد عليه الأَمر ولم يَكْتَرِثْ. وقوله عز
وجل: سَيَهْديهم ويُصْلح بالَهم، أَي حالهم في الدنيا. وفي المحكم: أَي
يُصْلح أَمر معاشهم في الدنيا مع ما يجازيهم به في الآخرة؛ قال ابن سيده:
وإِنما قَضَيْنا على هذه الأَلف بالواو لأَنها عَيْن مع كثرة «ب و ل» وقلة
«ب ي ل». والبالُ: القَلْبُ. ومن أَسْماء النفس البالُ. والبالُ: بال
النفس وهو الاكتراث، ومنه اشتق باليَتْ، ولم يَخْطُر ببالي ذلك الأَمر أَي
لم يَكْرِثْني. ويقال: ما يَخْطِرُ فلان ببالي. وقولهم: ليس هذا من بالي
أَي مما أُباليه، والمصدر البالَةُ. ومن كلام الحسن: لم يُبالِهم اللهُ
بالَةً. ويقال: لم أُبالِ ولم أُبَلْ، على القصر؛ وقول زهير:
لقد بالَيْتُ مَظْعَنَ أُمِّ أَوْفَى،
ولكنْ أُمُّ أَوْفَى لا تُبَالي
بالَيْتُ: كَرِهت، ولا تُبَالي: لا تَكْرَه. وفي الحديث: أَخْرَجَ من
صُلْب آدم ذُرِّيّة فقال: هؤلاء في الجنة ولا أُبالي، ثم أَخرج ذُرِّيّة
فقال: هؤلاء في النار ولا أُبالي أَي لا أَكره. وهما يَتباليان أَي
يَتَبارَيان؛ قال الجعدي:
وتَبَالَيا في الشَّدِّ أَيَّ تَبَالي
وقول الشاعر:
ما لي أَراك قائماً تُبَالي،
وأَنْتَ قدْ مُتَّ من الهُزالِ؟
قال: تُبالي تَنْظُر أَيُّهم أَحْسَنُ بالاً وأَنت هالك. يقال:
المُبالاة في الخير والشر، وتكون المُبالاة الصَّبْرَ. وذكر الجوهري: ما أُباليه
بالَةً في المعتل؛ قال ابن بري: والبال المُبالاة؛ قال ابن أَحمر:
أَغَدْواً واعَدَ الحَيُّ الزِّيالا،
وسَوْقاً لم يُبالوا العَيْنَ بالا؟
والبالَة: القارُورة والجِرَاب، وقيل: وِعاء الطيِّب، فارسي مُعرَّب
أَصله باله. التهذيب: البالُ جمع بالة وهي الجِرَاب الضَّخْم؛ قال الجوهري:
أَصله بالفارسية يله؛ قال أَبو ذؤَيب:
كأَنَّ عليها بالَةً لَطَمِيَّةً،
لها من خِلال الدَّأْيَتَينِ أَرِيجُ
وقال أَيضاً:
فأُقْسِمُ ما إِنْ بالةٌ لَطَمِيّةٌ
يَفْوحُ بباب الفَارِسِيِّينَ بابُها
أَراد باب هذه اللَّطِمية قال: وقيل هي بالفارسية يله التي فيها
المِسْك فأَلف بالة على هذا ياء. وقال أَبو سعيد: البالة الرائحة والشَّمَّة،
وهو من قولهم بلوته إِذا شممته واختبرته، وإِنما كان أَصلها بَلَوَة ولكنه
قَدَّم الواو قبل اللام فَصَيَّرها أَلفاً، كقولك قاعَ وقَعَا؛ أَلا ترى
أَن ذا الرمة يقول:
بأَصْفَرَ وَرْد آل، حتَّى كأَنَّما
يَسُوفُ به البالي عُصارَةَ خَرْدَل
أَلا تراه جَعَلَه يَبْلُوه؟ والبالُ: جمع بالَةٍ وهي عَصاً فيها زُجٌّ
تكون مع صَيّادي أَهل البصرة، يقولون: قد أَمكنك الصيدُ فأَلْقِ البالَة.
وفي حديث المغيرة: أَنه كره ضرب البالَة؛ هي بالتخفيف، حَديدة يصاد بها
السمك، يقال للصياد: ارْمِ بها فما خرج فهو لي بكذا، وإِنما كرهه لأَنه
غرر ومجهول. وبَوْلان: حيٌّ من طَيِّءٍ. وفي الحديث: كان للحسن والحسين،
عليهما السلام، قَطِيفَة بَوْلانِيَّة؛ قال ابن الأَثير: هي منسوبة إِلى
بَوْلان اسم موضع كان يَسْرِق فيه الأَعْرابُ متاعَ الحاجِّ، قال:
وبَوْلان أَيْضاً في أَنساب العرب.
بيل: بِيل: نَهْر، والله أَعلم.
دسم: الدَّسَمُ: الوَدكُ، وفي التهذيب: كل شيء له ودَكٌ من اللحم
والشحم، وشيء دَسِمٌ وقد دَسِمَ، بالكسر، يَدْسَمُ فهو دَسِمٌ
وتَدَسّمَ؛ أَنشد سيبويه لابن مُقْبِلٍ:
وقِدْر ككَفِّ القِرْدِ لا مُسْتَعِيرُها
يُعارُ، ولا مَنْ يَأتِها يَتَدَسَّمُ
والدِّسَمُ: الوَضَرُ والدَّنَسُ؛ قال:
لاهُمَّ، إنَّ عامِرَ بن جَهْمِ
أَوْذَمَ حَجّاً في ثِيابٍ دُسْمِ
يعني أَنه حَجَّ وهو مُتَدَنِّسٌ بالذنوب، وأَوْذَمَ الحَجَّ: أَوجبه.
وتَدْسِيم الشيء: جَعْلُ الدَّسَمِ عليه. وثياب دُسْمٌ: وَسِخَةٌ. ويقال
للرجل إذا تَدَنَّسَ بمَذامِّ الأَخلاق: إنه لَدَسِمُ الثوبِ، وهو كقولهم:
فلان أَطْلَسُ الثوبِ. وفلان أدْسَم الثوب ودَنِسُ الثوب إذا لم يكن
زاكياً؛ وقول رؤبة يصف سَيْحَ ماءٍ:
مُنْفَجِرَ الكَوْكَبِ أَو مَدْسُوما،
فَخِمْنَ، إذْ هَمَّ بأنْ يَخِيما
المُنْفَجِرُ: المُنْفَتِحُ الكثير الماء، وكَوْكَبُ كلِّ شيء: معظمه،
والمَدْسُومُ: المَسْدُودُ، والدَّسْمُُ: حَشْوُ الجوف. ودَسَمَ الشيءَ
يَدْسُمُهُ، بالضم، دَسْماً: سَدَّهُ؛ قال رؤبة يصف جُرْحاً:
إذا أَرَدْنا دَسْمَهُ تَنَفَّقا،
بناجِشات المَوْتِ، أَو تَمطَّقا
ويروى: إذا أَرادوا دَسْمَهُ، وتَنَفَّقَ: تشقق من جوانبه وعَمِل في
اللحم كهيئة الأنْفاقِ، الواحد نَفَقٌ، وهو كالسَّرَبِ، ومنه اشْتُقَّ
نافِقاءُ اليَرْبُوع، والناجِشاتُ: التي تُظْهِرُ الموتَ ونستخرجه، وناجِشُ
الصَّيد: مُسْتَخْرِجُهُ منموضعه، والتَّمَطُّقُ: التَّلَمُّظُ.
والدِّسامُ: ما دُسِمَ به. ما دُسِمَ به. الجوهري: الدِّسامُ، بالكسر،
ما تُسَدُّ به الأُذن والجرح ونحو ذلك، تقول منه: دَسَمْتُهُ أَدْسُمُهُ،
بالضم، دَسْماً. والدِّسامُ: السِّدادُ، وهو ما يُسَد به رأس القارورة
ونحوها. وفي بعض الأحاديث: إن للشيطان لَعُوقاً ودِساماً؛ الدِّسامُ: ما
تسد به الأُذن فلا تَعِي ذِكْراً ولا موعظة، يعني أَن له سِداداً يمنع به
من رؤية الحق؛ وكل شيء سَدَدْتَهُ فقد دَسَمْتَهُ دَسْماً، يعني أَن
وَساوِسَ الشيطان مهْما وَجَدتْ مَنْفَذاً دخلتْ فيه. ودَسَمَ القارورة
دَسْماً: شدَّ رأسها.
والدُّسْمَةُ: ما يُشَدُّ به خَرْقُ السِّقاء. وفي حديث الحسن في
المُسْتَحاضة: تغتسل من الأُولى إلى الأُولى وتَدْسُمُ ما تحتها، قال أَي
تَسُدّ فَرْجَها وتحتشي من الدِّسامِ السِّدادِ.
والدُّسْمَةُ: غُبْرَةٌ إلى السواد، دَسِمَ وهو أَدْسَمُ. ابن
الأَعرابي: الدُّسْمَةُ السواد، ومنه قيل للحَبشيّ: أَبو دُسْمَةَ. وفي حديث
عثمان: رأَى صَبِيّاً تأْخذه العينُ جَمالاً، فقال: دَسِّمُوا نُونَتَهُ أَي
سَوِّدُوها لئلا تصيبه العين، قال: ونُونَتُهُ الدائرة المَليحةُ التي في
حَنَكه، لتردّ العين عنه.وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم: أَنه خطب
وعلى رأْسه عمامة دَسْماء أَي سوداء؛ وفي حديث آخر: خرج وقد عَصَبَ رأسه
بعمامة دَسِمَةٍ. وفي حديث هند: قالت يوم الفتح لأَبي سُفْيان اقتلوا هذا
الدَّسِمَ الأَحْمَشَ أَي الأَسود الدنيء. والدُّسْمَةُ: الرَّديء من
الرجال، وقيل: الدَّنيء من الرجال، وقيل: الدُّسْمَةُ الرَّديء الرَّذْلُ؛
أَنشد أَبو عمرو لبشير الفِرَبْريّ:
شَنِئْتُ كلَّ دُسْمَةٍ قِرْطَعْنِ
ابن الأَعرابي: الدَّسِيمُ القليلُ الذِّكْرِ، وفي حديث أَبي
الدَّرْداء: أَرَضِيتمْ إن شبعتم عاماً لا تَذْكرون الله إلا دَسْماً، يريد ذِكْراً
قليلاً، من التَّدْسِيم وهو السواد الذي يُجْعَلُ خلف أُذن الصبيِّ
لكيلا تصيبه العين، ولا يكون إلا قليلاً؛ وقال الزمخشري: هو من دَسَمَ
المطرُ الأرْضَ إذا لم يبلغ أن يَبُلَّ الثَّرَى. والدَّسِيمُ: القليل الذكر،
ومنه قوله لا تذكرون الله إلا دَسْماً؛ قال ابن الأَعرابي: يكون هذا
مَدْحاً ويكون ذمّاً، فإذا كان مدحاً فالذكر حَشْوُ قلوبِهِمْ وأَفواهِهِمْ،
وإن كان ذمّاً فإنما هم يذكرون الله ذكراً قليلاً من التَّدْسِيم، قال:
ومثله أَن رجلاً بين يَدَيْ سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال:
ذاك رجل لا يَتَوَسَّدُ القرآن؛ يكون هذا أيضاً مدحاً وذمّاً، فالمدح أَنه
لا ينام الليل فلا يَتَوَسَّدُ فيكون القرآن مُتَوَسَّداً معه، والذم
أنه لا يَحْفَطُ من القرآن شيئاً، فإذا نام لم يَتَوَسَّدُ معه القرآن، قال
الأَزهري: والقول هو الأول، وقيل: معناه لا يذكرون الله إلا دَسْماً أي
ما لهم هَمٌّ إلا الأَكل ودَسْم الأَجواف، قال: ونصب دَسْماً على
الخلاف.ودَسَمَ المطرُ الأرضَ: بَلَّها ولم يُبالِغْ.
ويقال: ما أَنت إلاَّ دُسْمَةٌ أي لا خير فيه.
ويقال للرجل إذا غَشِيَ جاريَتَهُ: قد دَسَمها. ودَسَم المرأَة دَسْماً:
نكحها؛ عن كراع. ودُسْمانُ: موضع.
والدَّيْسَمُ: الثعلب، وقيل: وَلَدُ الثعلب من الكَلْبَة. والدَّيْسَمُ:
ولد الذئْب من الكلبة، وقيل: ولد الدُّبِّ، وقيل: قَرْخُ النحل
(* قوله
«فرخ النحل» بالحاء المهملة كما في القاموس والتكملة والمحكم)، وقال ابن
الأَعرابي: الدَّيْسَمُ الدُّبُّ؛ وأَنشد:
إذا سَمعَتْ صَوْتَ الوَبِيل، تَشَنَّعَتْ
تَشَنُّعَ فُدْسِ الغارِ، أو دَيْسَمٍ ذَكَر
وقال المبرد: الدَّيْسَمُ ولد الكلبة من الذئب، والسِّمْعُ ولد الضبع من
الذئب. الجوهري: الدَّيْسَمُ ولد الدُّبِّ، قال: وقلت لأَبي الغَوْث
يقال إنه ولد الذِّئْبِ من الكلبة فقال: ما هو إلا ولد الدُّبِّ. ودَسَمَ
الأَثَرُ: مثل طَسَمَ. والدَّيْسَمُ: الظُّلْمةُ. ودَيْسَم: اسم؛ أَنشد ابن
دُرَيْدٍ:
أَخشى على دَيْسَمَ من بَردِ الثَّرَى،
أَبى قَضاءُ الله إلا ما تَرَى
تَرَكَ صَرْفه للضرورة. وسُئِلَ أَبو الفتح صاحِبُ قُطْرُبٍ، واسم أبي
الفتح دَيْسَم، فقال: الدَّيْسَمُ
(* قوله «ديسم فقال ديسم إلخ» هكذا في
الأصل ومثله في التهذيب، وعبارة التكلمة: واسم أبي الفتح ديسم ما الديسم؟
فقال إلخ) الذُّرَة. وفي الصحاح: الدَّيْسمَةُ الذرة. والدَّيْسَمُ:
نبات.
خلص: خَلَص الشيء، بالفتح، يَخْلُص خُلُوصاً وخَلاصاً إِذا كان قد
نَشِبَ ثم نَجا وسَلِم. وأَخْلَصه وخَلَّصه وأَخْلَص للّه دِينَه: أَمْحَضَه.
وأَخْلَصَ الشيءَ: اختاره، وقرئ: إِلاَّ عبادَك منهم المُخْلِصين،
والمُخْلَصِين؛ قال ثعلب: يعني بالمُخْلِصين الذين أَخْلَصوا العبادة للّه
تعالى، وبالمُخْلَصِين الذين أَخْلَصهم اللّهُ عزّ وجلّ. الزجاج: وقوله:
واذْكُرْ في الكتاب موسى إِنه كان مُخْلَصاً، وقرئ مُخْلِصاً، والمُخْلَص:
الذي أَخْلَصه اللّهُ جعله مُختاراً خالصاً من الدنس، والمُخْلِص: الذي
وحّد اللّه تعالى خالصاً ولذلك قيل لسورة: قل هو اللّه أَحد، سورة
الإِخلاص؛ قال ابن الأَثير: سميت بذلك لأَنها خالصة في صفة اللّه تعالى وتقدّس،
أَو لأَن اللافظ بها قد أَخْلَصَ التوحيدَ للّه عزّ وجلّ، وكلمة الإِخلاص
كلمة التوحيد، وقوله تعالى: من عبادنا المُخْلَصِين، وقرئ المُخْلِصين،
فالمُخْلَصُون المُخْتارون، والمُخْلِصون المُوَحِّدُون.
والتخليص: التَّنْجِيَة من كل مَنْشَبٍ، تقول: خَلَّصْته من كذا
تَخْلِيصاً أَي نَجَّيْته تَنْجِيَة فتخلّص، وتَخلّصَه تخَلُّصاً كما يُتخلّصُ
الغَزْلُ إِذا الْتَبَس. والإِخْلاصُ في الطاعة: تَرْكُ الرِّياءِ، وقد
أَخْلَصْت للّه الدِّينَ. واسْتَخْلَصَ الشيء: كأَخْلَصَه. والخالِصةُ:
الإِخْلاصُ. وخَلَص إِليه الشيءُ: وَصَلَ. وخَلَصَ الشيءُ، بالفتح، يَخْلُصُ
خُلوصاً أَي صار خالِصاً. وخَلَصَ الشيء خَلاصاً، والخَلاصُ يكون مصدراً
للشيء الخالِص. وفي حديث الإِسراء: فلما خَلَصْت بمُسْتَوىً من الأَرض
أَي وَصَلْتُ وبلَغْت. يقال: خَلَصَ فلان إِلى فلان أَي وصل إِليه،
وخَلَصَ إِذا سَلِم ونَجا؛ ومنه حديث هِرَقْلَ: إِني أَخْلُص إِليه. وفي حديث
عليّ، رضي اللّه عنه: أَنه قَضَى في حكومة بالخَلاصِ أَي الرجوعِ بالثَّمن
على البائع إِذا كانت العينُ مُسْتَحِقَّةً وقد قَبَضَ ثمَنَها أَي قضى
بما يُتَخَلّص به من الخصومة. وخلَص فلانٌ إِلى فلان أَي وَصَل إِليه.
ويقال: هذا الشيء خالِصةٌ لك أَي خالِصٌ لك خاصّة. وقوله عزّ وجلّ: وقالوا
ما في بُطونِ هذه الأَنْعامِ خالصةٌ لذكورنا؛ أَنَّثَ الخالصةَ لأَنه جعل
معنى ما التأْنيثَ لأَنها في معنى الجماعة كأَنهم قالوا: جماعةُ ما في
بطون هذه الأَنعامِ خالصةٌ لذكورنا. وقوله: ومُحَرَّمٌ، مَرْدُودٌ على لفظ
ما، ويجوز أَن يكون أَنَّثَه لتأْنيث الأَنْعامِ، والذي في بطون
الأَنعام ليس بمنزلة بعض الشيء لأَن قولك سقَطَتْ بعضُ أَصابِعه، بَعْضُ
الأَصابِع أُصبعٌ، وهي واحدة منها، وما في بطن كل واحدة من الأَنعام هو غيرها،
ومن قال يجوز على أَن الجملة أَنعام فكأَنه قال وقالوا: الأَنعامُ التي في
بطون الأَنعام خالصةٌ لذكورنا، قال ابن سيده: والقولُ الأَول أَبْبَنُ
لقوله ومُحَرَّمٌ، لأَنه دليل على الحَمْلِ على المعنى في ما، وقرأَ بعضهم
خالصةً لذكورنا يعني ما خلَص حَيّاً، وأَما قوله عزّ وجلّ: قل هي للذين
آمَنُوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة، قُرئَ خالصةٌ وخالصةً،
المعنى أَنها حَلال للمؤمنين وقد يَشْرَكُهم فيها الكافرون، فإِذا كان يومُ
القيامة خَلَصت للمؤمنين في الآخرة ولا يَشْرَكُهم فيها كافر، وأَما
إِعْراب خالصةٌ يوم القيامة فهو على أَنه خبر بعد خبر كما تقول زيدٌ عاقلٌ
لبيبٌ، المعنى قل هي ثابتةٌ للذين آمنوا في الحياة الدنيا في تأْويل الحال،
كأَنك قلت قل هي ثابتة مستقرة في الحياة الدنيا خالصةٌ يوم القيامة.
وقوله عزّ وجلّ: إِنَّا أَخْلَصْناهم بِخالِصةٍ ذِكْرى الدار؛ يُقْرَأُ
بخالصةِ ذِكْرى الدار على إِضافة خالصة إِلى ذِكْرى، فمن قرأَ بالتنوين جعل
ذِكْرى الدار بَدَلاً من خالصة، ويكون المعنى إِنا أَخْلَصْناهم بذكرى
الدار، ومعنى الدار ههنا دارُ الآخرة، ومعنى أَخلصناهم جعلناهم لها خالصين
بأَن جعلناهم يُذَكِّرون بدار الآخرة ويُزَهِّدون فيها الدُّنْيا، وذلك
شأْن الأَنبياء، ويجوز أَن يكون يُكْثِرُون ذِكْرَ الآخرة والرُّجوعِ إِلى
اللّه، وأَما قوله خلَصُوا نَجِيّاً فمعناه تَميّزوا عن الناس
يَتَناجَوْن فيما أَهَمَّهم. وفي الحديث: أَنه ذَكَر يومَ الخلاصِ فقالوا: وما يومُ
الخَلاصِ؟ قال: يوم يَخْرج إِلى الدجّال من أَهل المدينة كلُّ مُنافِقٍ
ومُنافقة فيتميَّز المؤمنون منهم ويَخْلُص بعضُهم من بعض. وفي حديث
الاستسقاء: فَلْيَخْلُصْ هو وولدُه أَي ليتميّزْ من الناس.
وخالَصَهُ في العِشْرة أَي صافاه. وأَخْلَصَه النَّصِيحةَ والحُبَّ
وأَخْلَصه له وهم يَتَخالَصُون: يُخْلِصُ بعضُهم بَعضاً. والخالصُ من
الأَلوان: ما صَفا ونَصَعَ أَيَّ لَوْنٍ كان؛ عن اللحياني.
والخِلاصُ والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخُلُوصُ: رُبٌّ يُتَّخَذُ من تمر.
والخِلاصةُ والخُلاصةُ والخِلاصُ: التمرُ والسويقُ يُلْقى في السَّمْن،
وأَخْلَصَه: فَعَل به ذلك. والخِلاصُ: ما خَلَصَ من السَّمْن إِذا طُبِخَ.
والخِلاصُ والإِخْلاصُ والإِخْلاصةُ: الزُّبْدُ إِذا خَلَصَ من الثُّفْل.
والخُلوصُ: الثُّفْلُ الذي يكون أَسفل اللبَنِ. ويقول الرجل لصاحبةِ
السَّمْنِ: أَخْلِصي لنا، لم يفسره أَبو حنيفة، قال ابن سيده: وعندي أَن
معناه الخِلاصة والخُلاصة أَو الخِلاصُ. غيره: وخِلاصةُ وخُلاصةُ السمن ما
خَلَصَ منه لأَنهم إِذا طَبَخُوا الزُّبدَ ليتَّخذوه سَمْناً طرَحُوا فيه
شيئاً من سويقٍ وتمرٍ أَو أَبْعارِ غِزْلانٍ، فإِذا جادَ وخلَصَ من
الثُّفْل فذلك السمنُ هو الخِلاصة والخُلاصة والخِلاص أَيضاً، بكسر الخاء، وهو
الإِثْر، والثُّفْلُ الذي يَبْقى أَسفلَ هو الخُلوصُ والقِلْدَةُ
والقِشْدَةُ والكُدادةُ، والمصدر منه الإِخْلاصُ، وقد أَخْلَصْت السَّمْنَ.
أَبو زيد: الزُّبْدُ حين يجعل في البُرْمةِ لِيُطبخ سمناً فهو الإِذْوابُ
والإِذْوابةُ، فإِذا جادَ وخَلَصَ اللبنُ من الثُّفْل فذلك اللبن الإِثْرُ
والإِخْلاصُ، والثُّفْلُ الذي يكون أَسفلَ هو الخُلوصُ. قال الأَزهري:
سمعت العرب تقول لما يُخْلَصُ به السمنُ في البُرْمة من اللبن والماء
والثُّفْل: الخِلاصُ، وذلك إِذا ارْتَجَنَ واخْتَلَط اللبَنُ بالزُّبْدِ
فيُؤْخذُ تمرٌ أَو دقيقٌ أَو سَوِيقٌ فيُطْرَح فيه ليَخْلُصَ السمنُ من بَقيّة
اللبن المختلط به، وذلك الذي يَخْلُص هو الخِلاص، بكسر الخاء، وأَما
الخِلاصة والخُلاصة فهو ما بقي في أَسفل البُرْمة من الخِلاص وغيرِه من
ثُفْلٍ أَو لبَنٍ وغيرِه. أَبو الدقيش: الزُّبْدُ خِلاصُ اللَّبنِ أَي منه
يُسْتَخْلَصُ أَي يُسْتَخْرَج؛ حَدّث الأَصمعي قال: مَرَّ الفرزدق برجل من
باهلة يقال له حُمامٌ ومعه نِحْيٌ من سَمْنٍ، فقال له الفرزدق: أَتَشْتري
أَغْراضَ الناسِ قَيْسٍ مِنِّي بهذا النِّحْي؟ فقال: أَللّهِ عليك
لتَفْعَلَنّ إِن فَعَلْتُ، فقال: أَللّهِ لأَفْعَلَنَّ، فأَلْقى النِّحْيَ بين
يديه وخرج يَعْدُوة فأَخذه الفرزدق وقال:
لَعَمْرِي لَنِعْمَ النِّحْيُ كانَ لِقَوْمِه،
عَشِيّةَ غِبّ البَيْعِ، نِحْيُ حُمامِ
من السَّمْنِ رِبْعيٌّ يكون خِلاصُه،
بأبْعارِ آرامٍ وعُودِ بَشَامِ
فأَصْبَحْتُ عن أَعْراض قَيْس كمُحرِمٍ،
أَهَلَّ بِحَجٍّ في أَصَمَّ حَرامِ
الفراء: أَخْلَصَ الرجلُ إِذا أَخذ الخِلاصةَ والخُلاصة، وخَلَّصَ إِذا
أَعطى الخَلاص، وهو مِثْل الشيء؛ ومنه حديث شريح: أَنه قضى في قَوْس
كسَرَها رجل بالخَلاصِ أَي بمثلها. والخِلاص، بالكسر: ما أَخْلَصَته النارُ
من الذهب والفضة وغيره، وكذلك الخِلاصة والخُلاصة؛ ومنه حديث سلمان: أَنه
كاتَبَ أَهلَه على كذا وكذا وعلى أَربعين أُوقِيَّةَ خِلاص. والخِلاصة
والخُلاصة: كالخِلاص، قال: حكاه الهروي في الغريبين.
واسْتَخْلَصَ الرجلَ إِذا اخْتَصّه بدُخْلُلِه، وهو خالِصَتي وخُلْصاني.
وفلان خِلْصي كما تقول خِدْني وخُلْصاني أَي خالِصَتي إِذا خَلَصَت
مَوَدّتُهما، وهم خُلْصاني، يستوي فيه الواحد والجماعة. وتقول: هؤلاء
خُلْصاني وخُلَصائي، وقال أَبو حنيفة: أَخْلَصَ العظمُ كثُرَ مُخُّه، وأَخْلَصَ
البعيرُ سَمِن، وكذلك الناقة؛ قال:
وأَرْهَقَت عِظامُه وأَخْلَصا
والخَلَصُ: شجرٌ طيّبُ الريح له وَرْدٌ كوَرد المَرْوِ طيّبٌ زكيٌّ. قال
أَبو حنيفة: أَخبرني أَعرابي أَن الخَلَص شجر ينبت نبات الكَرْم يتعلق
بالشجر فيعْلق، وله ورق أَغبر رِقاقٌ مُدَوَّرةٌ واسعةٌ، وله وَرْدةٌ
كوَرْدة المَرْوِ، وأُصولهُ مُشْرَبةٌ، وهو طيّبُ الريح، وله حبّ كحبّ عِنَبِ
الثَّعْلبِ يجتمع الثلاثُ والأَربعُ معاً، وهو أَحمر كغَرز العقيق لا
يؤكل ولكنه يُرْعَى؛ ابن السكيت في قوله:
بِخالِصةِ الأَرْدانِ خُضْرِ المَناكِبِ
الأَصمعي: هو لِباس يلبَسُه أَهل الشام وهو ثوب مُجَبَّل أَخْضرُ
المَنْكِبين وسائرُه أَبْيَضُ والأَردانُ أَكمامُه.
ويقال لكل شيء أَبيضَ: خالِصٌ؛ قال العجاج:
مِنْ خالِص الماء وما قد طَحْلَبا
يريد خَلَص من الطُّحْلُب فابْيَضَّ. الليث: بَعِيرٌ مُخْلِصٌ إِذا كان
قَصِيداً سَميناً؛ وأَنشد:
مُخْلِصة الأَنْقاءِ أَو رَعُوما
والخالصُ: الأَبْيَضُ من الأَلوان. ثوب خالصٌ: أَبْيَضُ. وماءٌ خالص:
أَبيض. وإِذا تَشَظَّى العظامُ في اللحم، فذلك الخَلَصُ. قال: وذلك في
قَصَب العظام في اليد والرجل. يقال: خَلِصَ العظمُ يَخْلَصُ خَلَصاً إِذا
بَرَأَ وفي خَلَلِه شيءٌ من اللحم.
والخَلْصاءُ: ماءٌ بالبادية، وقيل موضع، وقيل موضع فيه عين ماء؛ قال
الشاعر:
أَشْبَهْنَ مِنْ بَقَر الخَلْصاءِ أَعْيُنَها،
وهُنَّ أَحْسَنُ من صِيرانِها صِوَرَا
وقيل: هو الموضع بالدهناء معروف. وذو الخَلَصة: موضع يقال إِنه بيت
لِخَثْعَم كان يُدْعَى كَعْبةَ اليَمامةِ وكان فيه صنمٌ يُدْعى الخَلَصةَ
فَهُدِم. وفي الحديث: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أَلْياتُ نِساءِ دَوْسٍ على
ذي الخَلَصة؛ هو بيتٌ كان فيه صنم لدَوْسٍ وخَثْعَم وبَجِيلةَ وغيرِهم،
وقيل: ذو الخَلَصة الكعبةُ اليمانيَّةُ التي كانت باليمن فأَنْفَذَ إِليها
رسول اللّه، صلَى اللّه عليه وسلّم، جَرِيرَ بنَ عبد اللّه يُخَرِّبُها،
وقيل: ذو الخَلَصة الصنم نفسه، قال ابن الأَثير: وفيه نظر
(* قوله «وفيه
نظر» أَي في قول من زعم انه بيت كان فيه صنم يسمى الخلصة لأن ذو لا تضاف
الا إلخ، كذا بهامش النهاية.) لأَن ذو لا تُضاف إِلاَّ إِلى أَسماء
الأَجناس، والمعنى أَنهم يَرْتَدُّون ويعُودون إِلى جاهليّتهم في عبادة
الأَوثان فتسعى نساءُ بني دَوْسٍ طائفاتٍ حول ذي الخَلَصة فتَرْتَجُّ
أَعجازُهن. وخالصةُ: اسم امرأَة، واللّه أَعلم.