يأتي في: اللام.
يأتي في: اللام.
جبــه: الــجَبْــهة للإِنسان وغيره، والــجَبْــهَةُ: موضع السجود، وقيل: هي
مُسْتَوَى ما بين الحاجبــين إلى الناصية. قال ابن سيده: ووجدت بخط علي بن حمزة
في المُصَنَّف فإِذا انْحَسَر الشعرُ عن حاجبــي جَبْــهَتِه، ولا أَدري كيف
هذا إِلا أَن يريد الجانبين. وجَبْــهة الفرس: ما تحت أُذنيه وفوق عينيه،
وجمعها جِبــاهٌ. والــجَبَــهُ: مصدرُ الأَــجْبَــهِ، وهو العريض الــجَبْــهةِ،
وامرأَة جَبْــهاء؛ قال الجوهري: وبتصغيره سمي جُبَــيْهاءُ الأَشْجَعِيُّ. قال
ابن سيده: رجل أَــجْبَــهُ بيِّنُ الــجَبَــهِ
واسع الــجَبْــهَةِ حَسَنُها، والاسم الــجَبَــهُ، وقيل: الــجَبَــهُ شُخوص
الــجَبْــهة. وفرس أَــجْبَــهُ: شاخصُ الــجَبْــهة مرتفعها عن قَصَبة الأَنف.
وجَبَــهَهُ: صَكَّ جَبْــهته. والجابِهُ: الذي يلقاك بوجهه أَو بــجَبْــهَتِه
من الطير والوحش، وهو يُتَشاءَم به؛ واستعار بعضُ
الأَغْفال الــجَبْــهَةَ للقمر، فقال أَنشده الأَصمعي:
من لَدُ ما ظُهْرٍ إِلى سُحَيْرِ،
حتى بَدَتْ لي جَبْــهةُ القُمَيْرِ
وجَبْــهةُ
القوم: سيدُهم، على المَثل. والــجَبْــهةُ من الناس: الجماعةُ. وجاءتنا
جَبْــهة من الناس أَي جماعة. وجَبَــهَ الرجلَ يَــجْبَــهُه جَبْــهاٍ: رَدَّه عن
حاجته واستقبله بما يكره. وجَبَــهْتُ فلاناً إِذا استقبلته بكلام فيه
غِلْظة. وجَبَــهْتُه بالمكروه إِذا استقبلته به. وفي حديث حدّ الزنا: أَنه سأَل
اليهودَ عنه فقالوا عليه التَّــجْبِــيهُ، قال: ما التَّــجْبِــيهُ؟ قالوا: أَن
تُحَمَّم وُجُوهُ الزانيين ويُحْمَلا على بعير أَو حمار ويُخالَف بين
وجوههما؛ أَصل التَّــجْبِــيهِ: أَن يحمل اثنان على دابة ويجعل قفا أَحدهما
إِلى قفا الآخر، والقياس أَن يُقابَلَ بين وجوههما لأَنه مأْخوذ من
الــجَبْــهَة. والتَّــجْبِــيهُ أَيضاً: أَن يُنَكِّسَ رأْسَه، فيحتمل أَن يكون
المحمول على الدابة إِذا فُعِلَ به ذلك نَكَّسَ رأْسَه، فسمي ذلك الفعل
تَــجْبِــيهاً، ويحتمل أَن يكون من الــجَبْــهِ وهو الاستقبال بالمكروه، وأَصله من
إِصابة الــجَبْــهةِ، من جَبَــهْتُه إِذا أَصبت جَبْــهَتَه.
وقوله، صلى الله عليه وسلم: فإِن الله قد أَراحكم
(* قوله «فإن الله قد
أراحكم إلخ» المعنى قد، أنعم الله عليكم بالتخلص من مذلة الجاهلية وضيقها
وأعزكم بالإسلام ووسع لكم الرزق وأفاء عليكم الاموال فلا تفرطوا في أداء
الزكاة وإذا قلنا هي الاصنام فالمعنى تصدقوا شكراً على ما رزقكم الله من
الإسلام وخلع الانداد: هكذا بهامش النهاية). من الــجَبْــهَةِ والسَّجَّةِ
والبَجَّةِ؛ قيل في تفسيره: الــجَبْــهةُ المَذَلَّة؛ قال ابن سيده: وأُراه
من هذا، لأَن من استُقْبِلَ بما يكره أَدركته مذلة، قال: حكاه الهروي في
الغريبين، والاسم الــجَبــيهَةُ، وقيل: هو صنم كان يعبد في الجاهلية، قال:
والسَّجَّة السَّجاجُ وهو المَذيقُ
من اللبن، والبَجَّةُ الفَصِيدُ الذي كانت العرب تأْكله من الدم
يَفْصِدُونه، يعني أَراحكم من هذه الضَّيْقَةِ ونقلكم إِلى السَّعة. ووَرَدْنا
ماءً له جَبِــيهةٌ إِما كان مِلْحاً فلم يَنْضَحْ مالَهم الشُّرْبُ، وإِما
كان آجِناً، وإِما كان بَعِيدَ القَعْر غليظاً سَقْيُه شديداً أَمْرُه.
ابن الأَعرابي عن بعض الأَعراب قال: لكل جابه جَوْزَة ثم يؤَذَّن أَي
لكل من وَرَدَ علينا سَقْيةٌ ثم يمنع من الماء. يقال: أَجَزْتُ الرجل إِذا
سقيت إِبله، وأَذَّنْتُ الرجلَ إِذا رَدَدْتَهُ. وفي النوادر: اجْتبَهْت
ماء كذا اجْتِباهاً إِذا أَنكرته ولم تَسْتَمْرئْه. ابن سيده: جَبَــهَ
الماءَ وَرَدَه وليست عليه قامةٌ ولا أَداةٌ للاستقاء.
والــجَبْــهَةُ: الخيل، لا يفرد لها واحد. وفي حديث الزكاة: ليس في
الــجَبْــهَةِ ولا في النُّخَّة صدقةٌ؛ قال الليث: الــجَبْــهة اسم يقع على الخيل لا
يُفْرَدُ. قال أَبو سعيد: الــجَبْــهة الرجال الذين يَسْعَون في حَمالةٍ أَو
مَغْرَم أَو جَبْــر فقير فلا يأْتون أَحداً إِلا استحيا من رَدّهم، وقيل:
لا يكاد أَحدٌ يَرُدُّهم، فتقول العرب في الرجل الذي يُعْطِي في مثل هذه
الحقوق: رحم الله فلاناً فقد كان يُعْطي في الــجَبْــهة، قال: وتفسير قوله
ليس في الــجَبْــهَة صدقة، أَن المُصَدِّقَ إِن وَجَدَ في أَيْدي هذه
الــجَبْــهةِ من الإِبل ما تــجب فيه الصدقة لم يأْخذ منها الصدقة، لأَنهم جمعوها
لمَغْرم أَو حَمالة. وقال: سمعت أَبا عمرو الشَّيْباني يحكيها عن العرب،
قال: وهي الجَمَّةُ والبُرْكة. قال ابن الأَثير: قال أَبو سعيد قولاً فيه
بُعْدٌ وتَعَسُّفٌ. والــجَبْــهةُ: اسم منزلة من منازل القمر. الأَزهري:
الــجَبْــهَةُ النجم الذي يقال له جَبْــهة الأَسد وهي أَربعة أَنجم ينزلها القمر؛
قال الشاعر:
إِذا رأَيتَ أَنْجُماً من الأَسَدْ،
جَبْــهَتَه أَو الخَراتَ والكَتَدْ،
بالَ سُهَيْلٌ في الفَضِيخ ففَسَدْ
ابن سيده: الــجَبْــهة صنم كان يُعبد من دون الله عز وجل. ورجل جُبَّــهٌ
كــجُبَّــإٍ: جَبــانٌ. وجَبْــهاء وجُبَــيْهاءُ: اسم رجل. يقال: جَبْــهاء
الأَشْجَعِيُّ وجُبَــيْهاء الأَشجعيُّ، وهكذا قال ابن دريد جَبْــهاءُ الأَشْجعيُّ على
لفظ التكبير.
وجب: وَــجَبَ الشيءُ يَــجِبُ وُجوباً أَي لزمَ. وأَوجَبــهُ هو، وأَوجَبَــه اللّه، واسْتَوْــجَبَــه أَي اسْتَحَقَّه. وفي الحديث: غُسْلُ الجُمُعةِ
واجِبٌ على كل مُحْتَلِم. قال ابن الأَثير: قال الخَطَّابي: معناه وُجُوبُ الاخْتِـيار والاسْتِحْبابِ، دون وُجُوب الفَرْض واللُّزوم؛ وإِنما شَبَّهَه بالواجب تأْكيداً، كما يقول الرجلُ لصاحبه: حَقُّكَ عليَّ واجبٌ، وكان الـحَسنُ يراه لازماً، وحكى ذلك عن مالك.
يقال: وَــجَبَ الشيءُ يَــجِبُ وُجوباً إِذا ثَبَتَ، ولزِمَ. والواجِبُ
والفَرْضُ، عند الشافعي، سواءٌ، وهو كل ما يُعاقَبُ على تركه؛ وفرق بينهما أَبو حنيفة، فالفَرْض عنده آكَدُ من الواجب. وفي حديث عمر، رضي اللّه عنه: أَنه أَوجَبَ نَجِـيباً أَي أَهْداه في حج أَو عمرة، كأَنه أَلزَمَ نفسه به. والنَّجِـيبُ: من خيار الإِبل. ووجَبَ البيعُ يَــجبُ جِـبَــةً، وأَوجَبْــتُ البيعَ فوَــجَبَ. وقال اللحياني: وَــجَبَ البيعُ جِـبَــةً ووُجوباً، وقد أَوْــجَبَ لك البيعَ وأَوْــجَبــهُ هو إِيجاباً؛ كلُّ ذلك عن اللحياني. وأَوْــجَبَــه البيعَ مواجبــة، ووِجاباً، عنه أَيضاً.
أَبو عمرو: الوَجِـيبةُ أَن يُوجِبَ البَيْعَ، ثم يأْخذَه أَوَّلاً، فأَوَّلاً؛ وقيل: على أَن يأْخذ منه بعضاً في كل يوم، فإِذا فرغ قيل:
اسْتَوْفى وَجِـيبَتَه؛ وفي الصحاح: فإِذا فَرَغْتَ قيل: قد استَوفيْتَ
وَجِـيبَتَك. وفي الحديث: إِذا كان البَيْعُ عن خِـيار فقد وجَبَ أَي تَمَّ
ونَفَذ. يقال: وجب البيعُ يَــجِبُ وجوباً، وأَوْــجَبَــه إِيجاباً أَي لَزِمَ
وأَلْزَمَه؛ يعني إِذا قال بعد العَقْد: اخْتَرْ رَدَّ البيع أَو إِنْفاذَه،
فاختارَ الإِنْفاذَ، لزِمَ وإِن لم يَفْتَرِقا.
واسْتَوْــجَبَ الشيءَ: اسْتَحَقَّه.
والـمُوجِـبــةُ: الكبيرةُ من الذنوب التي يُسْتَوْــجَبُ بها العذابُ؛
وقيل: إِن الـمُوجِـبَــةَ تَكون من الـحَسَناتِ والسيئات. وفي الحديث: اللهم إِني أَسأَلك مُوجِـبــات رَحْمَتِك.
وأَوْــجَبَ الرجلُ: أَتى بمُوجِـبــةٍ مِن الـحَسناتِ أَو السيئات.
وأَوْــجَبَ الرجلُ إِذا عَمِلَ عَمَلاً يُوجِبُ له الجَنَّةَ أَو النارَ. وفي
الحديث: مَنْ فعل كذا وكذا، فقد أَوْــجَبَ أَي وَــجَبَــتْ له الجنةُ أَو
النارُ. وفي الحديث: أَوْــجَبَ طَلْحَةُ أَي عَمِل عَمَلاً أَوْــجَبَ له الجنةَ.
وفي حديث مُعاذٍ: أَوْــجَبَ ذو الثلاثة والاثنين أَي من قَدَّم ثلاثةً من الولد، أَو اثنين، وَــجَبَــت له الجنةُ.
وفي حديث طَلحة: كلمة سَمِعتُها من رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، مُوجِـبــةٌ لم أَسأَله عنها، فقال عمر: أَنا أَعلم ما هي: لا إِله إِلا اللّه، أَي كلمة أَوْــجَبَــتْ لقائلها الجنة، وجمعُها مُوجِـبــاتٌ. وفي حديث النَّخَعِـيِّ: كانوا يَرَوْنَ المشيَ إِلى المسجدِ في الليلة المظلمة، ذاتِ الـمَطَر والريح، أَنها مُوجِـبــةٌ، والـمُوجِـبــاتُ الكبائِرُ من الذُّنُوب التي أَوْــجَبَ اللّهُ بها النارَ.
وفي الحديث: أَن قوماً أَتَوا النبي، صلى اللّه عليه وسلم، فقالوا: يا رسول اللّه، إِن صاحِـباً لنا أَوْــجَبَ أَي رَكِبَ خطيئةً اسْتَوْــجَبَ بها النارَ، فقال: مُرُوه فلْيُعْتِقْ رَقَبَةً. وفي الحديث: أَنه مَرَّ
برجلين يَتَبايعانِ شاةً، فقال أَحدُهما: واللّه لا أَزِيدُ على كذا، وقال
الآخر: واللّه لا أَنقُصُ من كذا، فقال:
قد أَوْــجَبَ أَحدُهما أَي حَنِثَ، وأَوْــجَبَ الإِثم والكَفَّارةَ على نفسه.
ووَــجَبَ الرجلُ وُجُوباً: ماتَ؛ قال قَيْسُ بن الخَطِـيم يصف حَرْباً
وَقَعَتْ بين الأَوْسِ والخَزْرَج، في يوم بُعاثَ، وأَن مُقَدَّم بني
عَوْفٍ وأَميرَهم لَجَّ في الـمُحاربة، ونَهَى بني عَوْفٍ عن السِّلْمِ، حتى كانَ أَوَّلَ قَتِـيلٍ:
ويَوْمَ بُعاثٍ أَسْلَمَتْنا سيُوفُنا * إِلى نَشَبٍ، في حَزْمِ غَسَّانَ، ثاقِبِ
أَطاعتْ بنو عَوْفٍ أَمِـيراً نَهاهُمُ * عن السِّلْمِ، حتى كان أَوَّلَ وَاجِبِ
أَي أَوَّلَ مَيِّتٍ؛ وقال هُدْبة بن خَشْرَم:
فقلتُ له: لا تُبْكِ عَيْنَكَ، إِنه * بِكَفَّـيَّ ما لاقَيْتُ، إِذ حانَ مَوْــجِـبــي
أَي موتي. أَراد بالـمَوْــجِبِ مَوْتَه. يقال: وَــجَبَ إِذا ماتَ مَوْــجِـبــاً. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، جاءَ يَعُودُ عبدَاللّه
بنَ ثابتٍ، فوَجَدَه قد غُلِبَ، فاسْتَرْجَعَ، وقال: غُلِـبْنا عليك يا
أَبا الرَّبِـيعِ، فصاحَ النساءُ وبَكَيْنَ، فَجعلَ ابنُ عَتِـيكٍ يُسَكِّتُهُنَّ؛ فقال رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم: دَعْهُنَّ، فإِذا وَــجَبَ فلا تَبْكِـيَنَّ باكيةٌ، فقال: ما الوُجوبُ؟ قال: إِذا ماتَ. وفي حديث
أَبي بكر، رضي اللّه عنه: فإِذا وَــجَبَ ونَضَبَ عُمْرُه. وأَصلُ
الوُجُوبِ: السُّقوطُ والوقُوعُ. ووَــجَبَ الميتُ إِذا سقَط وماتَ. ويقال للقتيل: واجِبٌ. وأَنشد: حتى كانَ أَوَّلَ واجِبِ.
والوَــجْبــة: السَّقطة مع الـهَدَّة. وَوجَبَ وجْبــةً: سَقَط إِلى الأَرض؛
ليست الفَعْلة فيه للمرَّة الواحدة، إِنما هو مصدر كالوُجوب. ووَــجَبَــتِ الشمسُ وَــجْبــاً، ووُجُوباً: غابت، والأَوَّلُ عن ثعلب.
وفي حديث سعيدٍ: لولا أَصْواتُ السافِرَة لسَمِعْتم وَــجْبــةَ الشمس أَي سُقُوطَها مع الـمَغيب. وفي حديث صِلَةَ: فإِذا بوَــجْبــةٍ وهي صَوت السُّقُوط. ووَــجَبَــتْ عَيْنُه: غارَتْ، على الـمَثَل. ووَــجَبَ الحائطُ يَــجِبُ وَــجْبــاً ووَــجْبــةً: سقط. وقال اللحياني: وَــجَبَ البيتُ وكلُّ شيءٍ: سَقَطَ وَــجْبــاً ووَــجْبَــة. وفي المثل: بِجَنْبِه فلْتَكُنْ الوَــجْبَــة، وقوله تعالى: فإِذا وَــجَبَــتْ جُنُوبها؛ قيل معناه سَقَطَتْ جُنُوبها إِلى الأَرض؛ وقيل: خَرَجَت أَنْفُسُها، فسقطتْ هي، فكُلُوا منها؛ ومنه قولُهم: خَرَجَ القومُ إِلى مَواجِـبِــهِم أَي مَصارِعِهم. وفي حديث الضحية: فلما وَــجَبَــتْ جُنُوبُها أَي سَقَطَتْ إِلى الأَرض، لأَن المستحب أَن تُنْحَرَ الإِبل قياماً مُعَقَّلةً. ووَــجَّبْــتُ به الأَرضَ تَوجيباً أَي ضَرَبْتُها به. والوَــجْبَــةُ: صوتُ الشيءِ يَسْقُطُ، فيُسْمَعُ له كالـهَدَّة، ووَــجَبَــت الإِبلُ ووَــجَّبَــتْ إِذا لم تَكَدْ تَقُومُ عن مَبارِكها كأَنَّ ذلك من السُّقوط. ويقال للبعير إِذا بَرَكَ وَضَرَبَ بنفسه الأَرضَ: قد وَــجَّبَ تَوْجِـيباً. ووَــجَّبَــتِ الإِبل إِذا أَعْيَتْ.
ووَــجَبَ القلبُ يَــجِبُ وَــجْبــاً ووَجِـيباً ووُجُوباً ووَــجَبــاناً: خَفَق
واضْطَرَبَ. وقال ثعلب: وَــجَبَ القَلْبُ وَجِـيباً فقط. وأَوْــجَبَ اللّهُ
قَلْبَه؛ عن اللحياني وحده. وفي حديث علي: سمعتُ لها وَــجْبَــةَ قَلْبه أَي خَفَقانَه. وفي حديث أَبي عبيدة ومُعاذٍ: إِنَّا نُحَذِّرُك يوماً
تَــجِبُ فيه القُلوبُ. والوَــجَبُ: الخَطَرُ، وهو السَّبقُ الذي يُناضَلُ عليه؛ عن اللحياني. وقد وَــجَبَ الوَــجَبُ وَــجْبــاً، وأَوْــجَبَ عليه: غَلَبه على الوَــجَب. ابن الأَعرابي: الوَــجَبُ والقَرَعُ الذي يُوضَع في النِّضال والرِّهان،
فمن سَبقَ أَخذَه.
وفي حديث عبداللّه بن غالبٍ: أَنه إِذا كان سَجَد، تَواجَبَ الفِتْيانُ،
فَيَضَعُون على ظَهْره شيئاً، ويَذْهَبُ أَحدُهم إِلى الكَلاَّءِ،
ويجيءُ وهو ساجدٌ. تَواجَبُــوا أَي تَراهَنُوا، فكأَنَّ بعضَهم أَوْــجَبَ على بعض شيئاً، والكَلاَّءُ، بالمد والتشديد: مَرْبَطُ السُّفُن بالبصرة، وهو بعيد منها.
والوَــجْبــةُ: الأَكْلَة في اليوم والليلة. قال ثعلب: الوَــجْبــة أَكْلَةٌ
في اليوم إِلى مثلها من الغَد؛ يقال: هو يأْكلُ الوَــجْبَــةَ. وقال
اللحياني: هو يأْكل وَــجْبــةً؛ كلُّ ذلك مصدر، لأَنه ضَرْبٌ من الأَكل. وقد وَــجَّبَ لنفسه تَوْجيباً، وقد وَــجَّبَ نَفْسَه تَوجيباً إِذا عَوَّدَها ذلك.
وقال ثعلب: وَــجَبَ الرجلُ، بالتخفيف: أَكلَ أَكْلةً في اليوم؛ ووَــجَّبَ
أَهلَه: فَعَلَ بهم ذلك. وقال اللحياني: وَــجَّبَ فلانٌ نفسَه وعيالَه وفرَسَه أَي عَوَّدَهم أَكْلَةً واحدة في النهار. وأَوْــجَبَ هو إِذا كان يأْكل مرةً. التهذيب: فلانٌ يأكل كلَّ يوم وَــجْبــةً أَي أَكْلَةً واحدةً. أَبو زيد: وَــجَّبَ فلانٌ عيالَه تَوْجيباً إِذا جَعَل قُوتَهم كلَّ يوم وَــجْبــةً،
أَي أَكلةً واحدةً. والـمُوَــجِّبُ: الذي يأْكل في اليوم والليلة مرة.
يقال: فلانٌ يأْكل وَــجْبَــةً. وفي الحديث: كنت آكُلُ الوَــجْبَــة وأَنْجُو
الوَقْعةَ؛ الوَــجْبــةُ: الأَكلةُ في اليوم والليلة، مرة واحدة. وفي حديث
الحسن في كفَّارة اليمين: يُطْعِمُ عَشَرَةَ مساكين وَــجْبــةً واحدةً. وفي حديث خالد بن معَد: إِنَّ من أَجابَ وَــجْبــةَ خِتان غُفِرَ له. ووَــجَّبَ الناقة، لم يَحْلُبْها في اليوم والليلة إِلا مرة. والوَــجْبُ: الــجَبــانُ؛ قال الأَخْطَلُ:
عَمُوسُ الدُّجَى، يَنْشَقُّ عن مُتَضَرِّمٍ، * طَلُوبُ الأَعادي، لا سَؤُومٌ ولا وَــجْبُ
قال ابن بري: صواب إِنشاده ولا وجبِ؛ بالخفض؛ وقبله:
إِليكَ، أَميرَ المؤْمنين، رَحَلْتُها * على الطائرِ الـمَيْمُونِ، والـمَنْزِلِ الرَّحْبِ
إِلى مُـؤْمِنٍ، تَجْلُو صَفائِـحُ وَجْهِهِ * بلابلَ، تَغْشَى من هُمُومٍ، ومِنْ كَرْبِ
قوله: عَموسُ الدُّجى أَي لا يُعَرِّسُ أَبداً حتى يُصْبِـحَ، وإِنما
يُريدُ أَنه ماضٍ في أُموره، غيرُ وانٍ. وفي يَنْشَقُّ: ضمير الدُّجَى.
والـمُتَضَرِّمُ: الـمُتَلَهِّبُ غَيْظاً؛ والـمُضْمَرُ في مُتَضَرِّم يَعُودُ على الممدوح؛ والسَّـؤُوم: الكالُّ الذي أَصابَتْه السآمةُ؛ وقال الأَخطل أَيضاً:
أَخُو الـحَرْبِ ضَرَّاها، وليس بناكِلٍ * جَبــان، ولا وَــجْبِ الجَنانِ ثَقِـيلِ
وأَنشد يعقوب:
قال لها الوَــجْبُ اللئيمُ الخِـبْرَهْ:
أَما عَلِمْتِ أَنـَّني من أُسْرَهْ
لا يَطْعَم الجادي لَديْهم تَمْرَهْ؟
تقول منه: وَــجُبَ الرجلُ، بالضم، وُجُوبةً. والوَجَّابةُ: كالوَــجْبِ، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
ولستُ بدُمَّيْجَةٍ في الفِراشِ، * ووَجَّابةٍ يَحْتَمي أَن يُجِـيبا
ولا ذي قَلازِمَ، عند الـحِـياضِ، * إِذا ما الشَّريبُ أَرادَ الشَّريبا
قال: وَجَّابةٌ فَرِقٌ. ودُمَّيْجة: يَنْدَمِـج في الفِراشِ؛ وأَنشد
ابن الأَعرابي لرؤْبة:
فجاءَ عَوْدٌ، خِنْدِفِـيٌّ قَشْعَمُهْ، * مُوَــجِّبٌ، عاري الضُّلُوعِ جَرْضَمُهْ
وكذلك الوَجَّابُ؛ أَنشد ثعلب:
أَو أَقْدَمُوا يوماً فأَنتَ وَجَّابْ
والوَــجْبُ: الأَحْمَقُ، عن الزجاجي. والوَــجْبُ: سِقاءٌ عظيم من جلْد
تَيْسٍ وافرٍ، وجمعه وِجابٌ، حكاه أَبو حنيفة.
ابن سيده: والـمُوَــجِّبُ من الدَّوابِّ الذي يفْزَعُ من كل شيءٍ؛ قال
أَبو منصور: ولا أَعرفه. وفي نوادر الأَعراب: وَــجَبْــتُه عن كذا ووكَبْتُه إِذا رَدَدْتُه عنه حتى طالَ وُجُوبُه ووكُوبُه عنه.
ومُوجِبٌ: من أَسماءِ الـمُحَرَّم، عادِيَّةٌ.
جبــر: الــجَبَّــارُ: الله عز اسمه القاهر خلقه على ما أَراد من أَمر ونهي.
ابن الأَنباري: الــجبــار في صفة الله عز وجل الذي لا يُنالُ، ومنه جَبَّــارُ
النخل. الفرّاء: لم أَسمع فَعَّالاً من أَفعل إِلا في حرفين وهو جَبَّــار
من أَــجْبَــرْتُ، ودَرَّاك من أَدركْتُ، قال الأَزهري: جعل جَبَّــاراً في
صفة الله تعالى أَو في صفة العباد من الإِــجْبــار وهو القهر والإِكراه لا من
جَبَــرَ. ابن الأَثير: ويقال جَبَــرَ الخلقَ وأَــجْبَــرَهُمْ، وأَــجْبَــرَ
أَكْثَرُ، وقيل: الــجَبَّــار العالي فوق خلقه، وفَعَّال من أَبنية المبالغة،
ومنه قولهم: نخلة جَبَّــارة، وهي العظيمة التي تفوت يد المتناول. وفي حديث
أَبي هريرة: يا أَمَةَ الــجَبَّــار إِنما أَضافها إِلى الــجبــار دون باقي
أَسماء الله تعالى لاختصاص الحال التي كانت عليها من إِظهار العِطْرِ
والبَخُورِ والتباهي والتبختر في المشي. وفي الحديث في ذكر النار: حتى يضع
الــجَبَّــار فيها قَدَمَهُ؛ قال ابن الأَثير: المشهور في تأْويله أَن المراد
بالــجبــار الله تعالى، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: حتى يضع فيها رب
العزة قدمه؛ والمراد بالقدم أَهل النار الذين قدَّمهم الله لها من شرار خلقه
كما أَن المؤمنين قَدَمُه الذين قدَّمهم إِلى الجنة، وقيل: أَراد بالــجبــار
ههنا المتمرد العاتي، ويشهد له قوله في الحديث الآخر: إِن النار قالت:
وُكّلْتُ بثلاثة: بمن جعل مع الله إِلهاً آخر، وبكل جَبَّــار عنيد،
وبالمصوِّرين. والــجَبَّــارُ: المتكبر الذي لا يرى لأَحد عليه حقّاً. يقال:
جَبَّــارٌ بَيِّنُ الــجَبَــرِيَّة والــجِبِــرِيَّة، بكسر الجيم والباء،
والــجَبْــرِيَّةِ والــجَبْــرُوَّةِ والــجَبَــرُوَّةِ والــجُبُــرُوتِ والــجَبَــرُوتِ
والــجُبُّــورَةِ والــجَبُّــورَة، مثل الفَرُّوجة، والــجِبْــرِياءُ والتَّــجْبَــارُ: هو بمعنى
الكِبْرِ؛ وأَنشد الأحمر لمُغَلِّسِ بن لَقِيطٍ الأَسَدِيّ يعاتب رجلاً
كان والياً على أُوضَاخ:
فإِنك إِنْ عادَيْتَني غَضِبِ الحصى
عَلَيْكَ، وذُو الــجَبُّــورَةِ المُتَغَطْرفُ
يقول: إِن عاديتني غضب عليك الخليقة وما هو في العدد كالحصى. والمتغطرف:
المتكبر. ويروى المتغترف، بالتاء، وهو بمعناه.
وتَــجَبَّــرَ الرجل: تكبر. وفي الحديث: سبحان ذي الــجَبَــرُوت والمَلَكُوت؛
هو فَعَلُوتٌ من الــجَبْــر والقَهْرِ. وفي الحديث الآخر: ثم يكون مُلْكٌ
وجَبَــرُوتٌ أَي عُتُوٌّ وقَهْرٌ. اللحياني: الــجَبَّــار المتكبر عن عبادة
الله تعالى؛ ومنه قوله تعالى: ولم يكن جَبَّــاراً عَصِيّاً؛ وكذلك قول عيسى،
على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولم يجعلني جبــاراً شقيّاً؛ أَي متكبراً
عن عبادة الله تعالى. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، حضرته
امرأَة فأَمرها بأَمر فَتَأَبَّتْ، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم:
دَعُوها فإِنها جَبَّــارَة أَي عاتية متكبرة. والــجِبِّــيرُ، مثال الفِسِّيق:
الشديد التَّــجَبُّــرِ. والــجَبَّــارُ من الملوك: العاتي، وقيل: كُلُّ عاتٍ
جَبَّــارٌ وجِبِّــيرٌ. وقَلْبٌ جَبَّــارٌ: لا تدخله الرحمة. وقَلْبٌ جَبَّــارٌ:
ذو كبر لا يقبل موعظة. ورجل جَبَّــار: مُسَلَّط قاهر. قال الله عز وجل:
وما أَنتَ عليهم بِــجَبَّــارٍ؛ أَي بِمُسَلَّطٍ فَتَقْهَرَهم على الإِسلام.
والــجَبَّــارُ: الذي يَقْتُلُ على الغَضَبِ. والــجَبَّــارُ: القَتَّال في غير
حق. وفي التنزيل العزيز: وإِذا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّــارِينَ؛ وكذلك
قول الرجل لموسى في التنزيل العزيز: إِن تُرِيدُ إِلا أَن تكونَ
جَبَّــاراً في الأَرض؛ أَي قتَّالاً في غير الحق، وكله راجع إِلى معنى التكبر.
والــجَبَّــارُ: العظيمُ القَوِيُّ الطويلُ؛ عن اللحياني: قال الله تعالى: إِن
فيها قوماً جَبَّــارِينَ؛ قال اللحياني: أَراد الطُّولَ والقوّة
والعِظَمَ؛ قال الأَزهري: كأَنه ذهب به إِلى الــجَبَّــار من النخيل وهو الطويل الذي
فات يَدَ المُتَناول. ويقال: رجل جَبَّــار إِذا كان طويلاً عظيماً
قويّاً، تشبيهاً بالــجَبَّــارِ من النخل. الجوهري: الــجَبَّــارُ من النخل ما طال
وفات اليد؛ قال الأَعشى:
طَرِيقٌ وجَبَّــارٌ رِواءٌ أُصُولُه،
عليه أَبابِيلٌ من الطَّيْرِ تَنْعَبُ
ونخلة جَبَّــارَة أَي عظيمة سمينة. وفي الحديث: كَثافَةُ جلد الكافر
أَربعون ذراعاً بذراع الــجَبَّــار؛ أَراد به ههنا الطويل، وقيل: الملك، كما
يقال بذراع الملك، قال القتيبي: وأَحسبه مَلِكاً من ملوك الأَعاجم كان تام
الذراع. ابن سيده: ونخلة جَبَّــارة فَتِيَّة قد بلغت غاية الطول وحملت،
والجمع جَبَّــار؛ قال:
فاخِراتٌ ضُلُوعها في ذُراها،
وأَنَاضَ العَيْدانُ والــجَبَّــارُ
وحكى السيرافي: نخلة جَبَّــارٌ، بغير هاء. قال أَبو حنيفة: الــجَبَّــارُ
الذي قد ارتقي فيه ولم يسقط كَرْمُه، قال: وهو أَفْتَى النخل
وأَكْرَمُه.قال ابن سيده: والــجَبْــرُ المَلِكُ، قال: ولا أَعرف مم اشتق إِلا أَن ابن
جني قال: سمي بذلك لأَنه يَــجْبُــر بِجُوده، وليس بِقَوِيٍّ؛ قال ابن
أَحمر:
اسْلَمْ بِراوُوقٍ حُيِيتَ به،
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الــجَبْــرُ
قال: ولم يسمع بالــجَبْــرِ المَلِكِ إِلا في شعر ابن أَحمر؛ قال: حكى ذلك
ابن جني قال: وله في شعر ابن أَحمر نظائر كلها مذكور في مواضعه. التهذيب:
أَبو عمرو: يقال لِلْمَلِك جَبْــرٌ. قال: والــجَبْــرُ الشُّجاعُ وإِن لم
يكن مَلِكاً. وقال أَبو عمرو: الــجَبْــرُ الرجل؛ وأَنشد قول ابن أَحمر:
وانْعمْ صَباحاً أَيُّها الــجَبْــرُ
أَي أَيها الرجل. والــجَبْــرُ: العَبْدُ؛ عن كراع. وروي عن ابن عباس في
جبــريل وميكائيل: كقولك عبدالله وعبد الرحمن؛ الأَصمعي: معنى إِيل هو
الربوبية فأُضيف جبــر وميكا إِليه؛ قال أَبو عبيد: فكأَنَّ معناه عبد إِيل، رجل
إِيل. ويقال: جبــر عبد، وإِيل هو الله. الجوهري: جَبْــرَئيل اسم، يقال هو
جبــر أُضيف إِلى إِيل؛ وفيه لغات: جَبْــرَئِيلُ مثال جَبْــرَعِيل، يهمز ولا
يهمز؛ وأَنشد الأَخفش لكعب ابن مالك:
شَهِدْنا فما تَلْقى لنا من كَتِيبَةٍ،
يَدَ الدَّهرِ، إِلا جَبْــرَئِيلٌ أَمامُها
قال ابن بري: ورفع أَمامها على الإِتباع بنقله من الظروف إِلى الأَسماء؛
وكذلك البيت الذي لحسان شاهداً على جبــريل بالكسر وحذف الهمزة فإِنه قال:
ويقال جِبــريل، بالكسر؛ قال حسان:
وجِبْــرِيلٌ رسولُ اللهِ فِينا،
ورُوحُ القُدْسِ ليسَ له كِفاءٌ
وجَبْــرَئِل، مقصور: مثال جَبْــرَعِلٍ وجَبْــرِين وجِبْــرِين، بالنون.
والــجَبْــرُ: خلاف الكسر، جَبَــر العظم والفقير واليتيم يَــجْبُــرُه جَبْــراً
وجُبُــوراً وجِبَــارَةٍ؛ عن اللحياني. وجَبَّــرَهُ فَــجَبــر يَــجْبُــرُ جَبْــراً
وجُبُــوراً وانْــجَبَــرَ واجْتَبَر وتَــجَبَّــرَ. ويقال: جَبَّــرْتُ الكَسِير
أُــجَبِّــره تَــجْبــيراً وجَبَــرْتُه جَبْــراً؛ وأَنشد:
لها رِجْلٌ مــجَبَّــرَةٌ تَخُبُّ،
وأُخْرَى ما يُسَتِّرُها وجاحُ
ويقال: جَبَــرْتُ العظم جَبْــراً وجَبَــرَ العظمُ بنفسه جُبُــوراً أَي
انــجَبَــر؛ وقد جمع العجاج بين المتعدي واللازم فقال:
قد جَبَــر الدِّينَ الإِلهُ فَــجَبَــرْ
واجْتَبَر العظم: مثل انْــجَبَــر؛ يقال: جَبَــرَ اللهُ فلاناً فاجْتَبَر
أَي سدّ مفاقره؛ قال عمرو بن كلثوم:
مَنْ عالَ مِنَّا بَعدَها فلا اجْتَبَرْ،
ولا سَقَى الماءَ، ولا راءَ الشَّجَرْ
معنى عال جار ومال؛ ومنه قوله تعالى: ذلك أدنى أَن لا تعولوا؛ أَي لا
تجوروا وتميلوا. وفي حديث الدعاء: واجْبُــرْني واهدني أَي أَغنني؛ من جَبَــرَ
الله مصيبته أَي رَدَّ عليه ما ذهب منه أَو عَوَّضَه عنه، وأَصله من
جَبْــرِ الكسر.
وقِدْرٌ إِــجْبــارٌ: ضدّ قولهم قِدْرٌ إِكْسارٌ كأَنهم جعلوا كل جزء منه
جابراً في نفسه، أَو أَرادوا جمع قِدْرٍ جَبْــرٍ وإِن لم يصرحوا بذلك، كما
قالوا قِدْرٌ كَسْرٌ؛ حكاها اللحياني.
والــجَبــائر: العيدان التي تشدّها على العظم لتَــجْبُــرَه بها على استواء،
واحدتها جِبــارَة وجَبِــيرةٌ. والمُــجَبِّــرُ: الذي يَــجْبُــر العظام
المكسورة.والــجِبــارَةُ والــجَبــيرَة: اليارَقَةُ، وقال في حرف القاف: اليارَقُ
الــجَبِــيرَةُ والــجِبــارَةُ والــجبــيرة أَيضاً: العيدان التي تــجبــر بها العظام. وفي
حديث عليّ، كرّم الله تعالى وجهه: وجَبَّــار القلوب على فِطِراتِها؛ هو من
جبــر العظم المكسور كأَنه أَقام القلوب وأَثبتها على ما فطرها عليه من
معرفته والإِقرار به شقيها وسعيدها. قال القتيبي: لم أَجعله من أَــجْبَــرْتُ
لأَن أَفعل لا يقال فيه فَعَّال، قال: يكون من اللغة الأُخْرَى. يقال:
جَبَــرْت وأَــجْبَــرَتُ بمعنى قهرت. وفي حديث خسف جيش البَيْدَاء: فيهم
المُسْتَبْصِرُ والمَــجْبُــور وابن السبيل؛ وهذا من جَبَــرْتُ لا أَــجْبَــرْتُ. أَبو
عبيد: الــجَبــائر الأَسْوِرَة من الذهب والفضة، واحدتها جِبَــارة
وجَبِــيرَةٌ؛ وقال الأَعشى:
فَأَرَتْكَ كَفّاً في الخِضَا
بِ ومِعصماً، مِثْلَ الــجِبَــارَهْ
وجَبَــرَ الله الدين جَبْــراً فَــجَبَــر جُبُــوراً؛ حكاها اللحياني، وأَنشد
قول العجاج:
قَدْ جَبَــرَ الدِّينَ الإِلهُ فــجبَــرْ
والــجَبْــرُ أَن تُغْنِيَ الرجلَ من الفقر أَو تَــجْبُــرَ عظمَه من الكسر.
أَبو الهيثم: جَبَــرْتُ فاقةَ الرجل إِذا أَغنيته. ابن سيده: وجَبَــرَ
الرجلَ أَحسن إِليه. قال الفارسي: جَبَــرَه أَغناه بعد فقر، وهذه أَليق
العبارتين. وقد استَــجْبَــرَ واجْتَبَرَ وأَصابته مصيبة لا يَجْتَبِرُها أَي لا
مَــجْبَــرَ منها.
وتَــجَبَّــرَ النبتُ والشجر: اخْضَرَّ وأَوْرَقَ وظهرت فيه المَشْرَةُ وهو
يابس، وأَنشد اللحياني لامرئ القيس:
ويأْكُلْنَ من قوٍّ لَعَاعاً وَرِبَّةً،
تَــجَبَّــرَ بعدَ الأَكْلِ، فَهْوَ نَمِيصُ
قوّ: موضع. واللعاع: الرقيق من النبات في أَوّل ما ينبت. والرِّبَّةُ:
ضَرْبٌ من النبات. والنَّمِيصُ: النبات حين طلع ورقة؛ وقيل: معنى هذا
البيت أَنه عاد نابتاً مخضرّاً بعدما كان رعي، يعني الرَّوْضَ. وتَــجَبَّــرَ
النبت أَي نبت بعد الأَكل. وتَــجَبَّــر النبت والشجر إِذا نبت في يابسه
الرَّطْبُ. وتَــجَبَّــرَ الكَلأُ أُكل ثم صلح قليلاً بعد الأَكل. قال: ويقال
للمريض: يوماً تراه مُتَــجَبِّــراً ويوماً تَيْأَسُ منه؛ معنى قوله متــجبــراً
أَي صالح الحال. وتَــجَبَّــرَ الرجُل مالاً: أَصابه، وقيل: عاد إِليه ما ذهب
منه؛ وحكى اللحياني: تَــجَبَّــرَ الرجُل، في هذا المعنى، فلم يُعَدِّه.
التهذيب: تَــجَبَّــر فلان إِذا عاد إِليه من ماله بعضُ ما ذهب.
والعرب تسمي الخُبْزَ جابِراً، وكنيته أَيضاً أَبو جابر. ابن سيده:
وجابرُ بنُ حَبَّة اسم للخبز معرفة؛ وكل ذلك من الــجَبْــرِ الذي هو ضد
الكسر.وجابِرَةُ: اسم مدينة النبي، صلى الله عليه وسلم، كأَنها جَبَــرَتِ
الإِيمانَ. وسمي النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة بعدة أَسماء: منها
الجابِرَةُ والمَــجْبُــورَةُ. وجَبَــرَ الرجلَ على الأَمر يَــجْبُــرُه جَبْــراً
وجُبُــوراً وأَــجْبَــرَه: أَكرهه، والأَخيرة أَعلى. وقال اللحياني: جَبَــرَه لغة
تميم وحدها؛ قال: وعامّة العرب يقولون: أَــجْبَــرَهُ. والــجَبْــرُ: تثبيت وقوع
القضاء والقدر. والإِــجْبــارُ في الحكم، يقال: أَــجْبَــرَ القاضي الرجلَ على
الحكم إِذا أَكرهه عليه.
أَبو الهيثم: والــجَبْــرِيَّةُ الذين يقولون أَــجْبَــرَ اللهُ العبادَ على
الذنوب أَي أَكرههم، ومعاذ الله أَن يُكره أَحداً على معصيته ولكنه علم
ما العبادُ. وأَــجْبَــرْتُهُ: نسبته إلى الــجَبْــرِ، كما يقال أَكفرته: نسبته
إِلى الكُفْرِ. اللحياني: أَــجْبَــرْتُ فلاناً على كذا فهو مُــجْبَــرٌ، وهو
كلام عامّة العرب، أَي أَكرهته عليه. وتميم تقول: جَبَــرْتُه على الأَمر
أَــجْبــرُهُ جَبْــراً وجُبُــوراً؛ قال الأَزهري: وهي لغة معروفة. وكان الشافعي
يقول: جَبَــرَ السلطانُ، وهو حجازي فصيح. وقيل للــجَبْــرِيَّةِ جَبْــرِيَّةٌ
لأَنهم نسبوا إِلى القول بالــجَبْــرِ، فهما لغتان جيدتان: جَبَــرْتُه
وأَــجْبَــرْته، غير أَن النحويين استحبوا أَن يجعلوا جَبَــرْتُ لــجَبْــرِ العظم بعد
كسره وجَبْــرِ الفقير بعد فاقته، وأَن يكون الإِــجْبــارُ مقصوراً على
الإِكْراه، ولذلك جعل الفراء الــجَبَّــارَ من أَــجْبَــرْتُ لا من جَبَــرْتُ، قال:
وجائز أَن يكون الــجَبَّــارُ في صفة الله تعالى من جَبْــرِه الفَقْرَ
بالغِنَى، وهو تبارك وتعالى جابر كل كسير وفقير، وهو جابِرُ دِينِه الذي ارتضاه،
كما قال العجاج:
قد جَبَــرَ الدينَ الإِلهُ فَــجَبَــرْ
والــجَبْــرُ: خلافُ القَدَرِ. والــجبــرية، بالتحريك: خلاف القَدَرِيَّة،
وهو كلام مولَّد.
وحربٌ جُبَــارٌ: لا قَوَدَ فيها ولا دِيَةَ. والــجُبَــارُ من الدَّمِ:
الهَدَرُ. وفي الحديث: المَعْدِنُ جُبَــارٌ والبِئْرُ جُبَــارٌ والعَجْماءُ
جُبَــارٌ؛ قال:
حَتَمَ الدَّهْرُ علينا أَنَّهُ
ظَلَفٌ، ما زال منَّا، وجُبَــار
وقال تَأَبَّط شَرّاً:
بِهِ من نَجاءِ الصَّيْفِ بِيضٌ أَقَرَّها
جُبَــارٌ، لِصُمِّ الصَّخْرِ فيه قَراقِرُ
جُبَــارٌ يعني سيلاً. كُلُّ ما أَهْلَكَ وأَفْسَدَ: جُبَــارٌ. التهذيب:
والــجُبــارُ الهَدَرُ. يقال: ذهب دَمُه جُبَــاراً. ومعنى الأَحاديث: أَن تنفلت
البهيمة العجماء فتصيب في انفلاتها إِنساناً أَو شيئاً فجرحها هدَر،
وكذلك البئر العادِيَّة يسقط فيها إِنسان فَيَهْلِكُ فَدَمُه هَدَرٌ،
والمَعْدِن إِذا انهارَ على حافره فقتله فدمه هدر. وفي الصحاح: إِذا انهار على
من يعمل فيه فهلك لم يؤخذ به مُستَأْجرُه. وفي الحديث: السائمةُ جُبَــار؛
أَي الدابة المرسَلة في رعيها.
ونارُ إِــجْبِــيرَ، غير مصروف: نار الحُباحِبِ؛ حكاه أَبو علي عن أَبي
عمرو الشيباني. وجُبَــارٌ: اسم يوم الثلاثاء في الجاهلية من أَسمائهم
القديمة؛ قال:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبَــارِ
أَو التَّالي دُبارِ، فإِنْ يَفُتْني،
فمُؤنِس أَو عَرُوبةَ أَو شِيَارِ
الفراء عن المُفَضَّل: الــجُبَــارُ يوم الثلاثاء. والــجَبَــارُ: فِناءُ
الــجَبَّــان. والــجِبَــارُ: الملوك، وقد تقدّمَ بذراعِ الــجَبَّــار. قيل:
الــجَبَّــارُ المَلِكُ واحدهم جَبْــرٌ. والــجَبَــابِرَةُ: الملوك، وهذا كما يقال هو كذا
وكذا ذراعاً بذراع الملك، وأَحسبه ملكاً من ملوك العجم ينسب إِليه
الذراع.
وجَبْــرٌ وجابِرٌ وجُبَــيْرٌ وجُبَــيْرَةُ وجَبِــيرَةُ: أَسماء، وحكى ابن
الأَعرابي: جِنْبَارٌ من الــجَبْــرِ؛ قال ابن سيده: هذا نص لفظه فلا أَدري من
أَيِّ جَبْــرٍ عَنَى، أَمن الــجَبْــرِ الذي هو ضدّ الكسر وما في طريقه أَم
من الــجَبْــرِ الذي هو خلاف القَدَرِ؟ قال: وكذلك لا أَدري ما جِنْبَارٌ،
أَوَصْفٌ أَم عَلَم أَم نوع أَم شخص؟ ولولا أَنه قال جِنْبَارٌ، من
الــجَبْــرِ لأَلحقته بالرباعي ولقلت: إِنها لغة في الجِنبَّارِ الذي هو فرخ
الحُبَارَى أَو مخفف عنه، ولكن قوله من الــجَبْــرِ تصريحٌ بأَنه ثلاثي، والله
أَعلم.
جبــب: الــجَبُّ: القَطْعُ.
جَبَّــه يَــجُبُّــه جَبّــاً وجِبــاباً واجْتَبَّه وجَبَّ خُصاه جَبّــاً:
اسْتَأْصَلَه.
وخَصِيٌّ مَــجْبُــوبٌ بَيِّنُ الــجِبــابِ. والـمَــجْبُــوبُ: الخَصِيُّ الذي قد
اسْتُؤْصِلَ ذكَره وخُصْياه. وقد جُبَّ جَبّــاً.
وفي حديث مَأْبُورٍ الخَصِيِّ الذي أَمَر النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، بقَتْلِه لَـمَّا اتُّهمَ بالزنا: فإِذا هو مَــجْبُــوبٌ. أَي مقطوع الذكر.
وفي حديث زِنْباعٍ: أَنه جَبَّ غُلاماً له.
وبَعِيرٌ أَــجَبُّ بَيِّنُ الــجَبَــبِ أَي مقطوعُ السَّنامِ. وجَبَّ السَّنامَ يَــجُبُــه جَبّــاً: قطَعَه. والــجَبَــبُ: قَطْعٌ في السَّنامِ. وقيل: هو أَن يأْكُلَه الرَّحْلُ أَو القَتَبُ، فلا يَكْبُر. بَعِير أَــجَبُّ وناقةٌ جَبَّــاء. الليث: الــجَبُّ: استِئْصالُ السَّنامِ من أَصلِه. وأَنشد:
ونَأْخُذُ، بَعْدَهُ، بِذنابِ عَيْشٍ * أَــجَبِّ الظَّهْرِ، ليسَ لَه سَنامُ
وفي الحديث: أَنهم كانوا يَــجُبُّــونَ أَسْنِمةَ الإِبلِ وهي حَيّةٌ.
وفي حديث حَمْزةَ، رضي اللّه عنه: أَنه اجْتَبَّ أَسْنِمةَ شارِفَيْ
عليٍّ، رضي اللّه عنه، لَـمَّا شَرِبَ الخَمْرَ، وهو افْتَعَلَ مِن الــجَبِّ
أَي القَطْعِ. ومنه حديثُ الانْتِباذِ في الـمَزادةِ الـمَــجْبُــوبةِ التي قُطِعَ رأْسُها، وليس لها عَزْلاءُ مِن أَسْفَلِها يَتَنَفَّسُ منها الشَّرابُ.
وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: نَهَى النبيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، عن الــجُبِّ. قيل: وما الــجُبُّ؟ فقالت امرأَةٌ عنده: هو الـمَزادةُ يُخَيَّطُ بعضُها إِلى بعض، كانوا يَنْتَبِذُون فيها حتى ضَرِيَتْ أَي تَعَوَّدَتِ الانْتباذ فيها، واشْتَدَّتْ عليه، ويقال لها الـمَــجْبُــوبةُ أَيضاً. ومنه الحديث: إِنَّ الإِسْلامَ يَــجُبُّ ما قَبْلَه والتَّوبةُ تَــجُبُّ ما قَبْلَها. أَي يَقْطَعانِ ويَمْحُوانِ ما كانَ قَبْلَهما من الكُفْر
والـمَعاصِي والذُّنُوبِ.
وامْرأَةٌ جَبّــاءُ: لا أَلْيَتَيْنِ لها. ابن شميل: امْرأَة جَبَّــاءُ أَي رَسْحاءُ.
والأَــجَبُّ مِنَ الأَرْكَابِ: القَلِيلُ اللحم. وقال شمر: امرأَةٌ جَبَّــاءُ إِذا لم يَعظُمْ ثَدْيُها. ابن الأَثير: وفي حديث بعض الصحابة، رضي
اللّه عنهم، وسُئل عن امرأَة تَزَوَّجَ بها: كيف وجَدْتَها؟ فقال:
كالخَيْرِ من امرأَة قَبّاءَ جَبَّــاءَ. قالوا: أَوَليس ذلكَ خَيْراً؟ قال: ما ذاك بِأَدْفَأَ للضَّجِيعِ، ولا أَرْوَى للرَّضِيعِ. قال: يريد بالــجَبَّــاءِ
أَنها صَغِيرة الثَّدْيَين، وهي في اللغة أَشْبَهُ بالتي لا عجز لها،
كالبعير الأَــجَبّ الذي لا سَنام له. وقيل: الــجَبّــاء القَلِيلةُ لحم
الفخذين.والــجِبــابُ: تلقيح النخل. وجَبَّ النَخْلَ: لَقَّحَه. وزَمَنُ الــجِبــاب: زَمَنُ التَّلْقِيح للنخل. الأَصمعي: إِذا لَقَّحَ الناسُ النَّخِيلَ قيل قد جَبُّــوا، وقد أَتانا زَمَنُ الــجِبــابِ.
والــجُبَّــةُ: ضَرْبٌ من مُقَطَّعاتِ الثِّيابِ تُلْبَس، وجمعها جُبَــبٌ
وجِبــابٌ. والــجُبَّــةُ: من أَسْماء الدِّرْع، وجمعها جُبَــبٌ. وقال الراعي:
لـنَا جُبَــبٌ، وأَرْماحٌ طِوالٌ، * بِهِنَّ نُمارِسُ الحَرْبَ الشَّطُونا(1)
(1 قوله «الشطونا» في التكملة الزبونا.) والــجُبّــةُ مِن السِّنانِ: الذي دَخَل فيه الرُّمْحُ.
والثَّعْلَبُ: ما دخَل مِن الرُّمْحِ في السِّنانِ. وجُبَّــةُ الرُّمح: ما دخل من السنان فيه. والــجُبّــةُ: حَشْوُ الحافِر، وقيل: قَرْنُه، وقيل: هي من الفَرَس مُلْتَقَى الوَظِيف على الحَوْشَب من الرُّسْغ . وقيل: هي مَوْصِلُ ما بين الساقِ والفَخِذ. وقيل: موصل الوَظيف في الذراع. وقيل: مَغْرِزُ الوَظِيفِ في الحافر. الليث: الــجُبّــةُ: بياضٌ يَطأُ فيه الدابّةُ بحافِره حتى يَبْلُغَ الأَشاعِرَ. والـمُــجَبَّــبُ: الفرَسُ الذي يَبْلُغ تَحْجِيلُه إِلى رُكْبَتَيْه. أَبو عبيدة: جُبّــةُ الفَرس: مُلْتَقَى الوَظِيفِ في أَعْلى الحَوْشَبِ. وقال مرة: هو مُلْتَقَى ساقَيْه ووَظِيفَي رِجْلَيْه، ومُلْتَقَى كل عَظْمَيْنِ، إِلاّ عظمَ الظَّهْر. وفرسٌ مُــجَبَّــبٌ: ارْتَفَع البَياضُ منه إِلى الــجُبَــبِ، فما فوقَ ذلك، ما لم يَبْلُغِ الرُّكبتين. وقيل: هو الذي بلغ البياضُ أَشاعِرَه. وقيل: هو الذي بلَغ البياضُ منه رُكبةَ اليد وعُرْقُوبَ الرِّجْلِ، أَو رُكْبَتَي اليَدَيْن وعُرْقُوَبي الرّجْلَيْنِ.
والاسم الــجَبَــبُ، وفيه تَــجْبِــيبٌ. قال الكميت:
أُعْطِيتَ، مِن غُرَرِ الأَحْسابِ، شادِخةً، * زَيْناً، وفُزْتَ، مِنَ التَّحْجِيل، بالــجَبَــبِ
والــجُبُّ: البِئرُ، مذكر. وقيل: هي البِئْر لم تُطْوَ. وقيل: هي الجَيِّدةُ الموضع من الكَلإِ. وقيل: هي البِئر الكثيرة الماءِ البَعيدةُ القَعْرِ. قال:
فَصَبَّحَتْ، بَيْنَ الملا وثَبْرَهْ،
جُبّــاً، تَرَى جِمامَــه مُخْضَرَّهْ،
فبَرَدَتْ منه لُهابُ الحَــــــــرَّهْ
وقيل: لا تكون جُبّــاً حتى تكون مـمّا وُجِدَ لا مِمَّا حفَرَه الناسُ.
والجمع: أَــجْبــابٌ وجِبــابٌ وجِبَــبةٌ، وفي بعض الحديث: جُبِّ طَلعْةٍ مَكانَ جُفِّ طَلعْةٍ، وهو أَنّ دَفِينَ سِحْرِ النبيِّ، صلى اللّه عليه وسلم، جُعِلَ في جُبِّ طَلْعةٍ، أَي في داخِلها، وهما معاً وِعاءُ طَلْعِ
النخل. قال أَبو عبيد: جُبِّ طَلْعةٍ ليس بمَعْرُوفٍ إِنما الـمَعْرُوفُ جُفِّ طَلْعةٍ، قال شمر: أَراد داخِلَها إِذا أُخْرِجَ منها الكُفُرَّى، كما
يقال لداخل الرَّكِيَّة من أَسْفَلِها إِلى أَعْلاها جُبٌّ. يقال إِنها لوَاسِعةُ الــجُبِّ، مَطْوِيَّةً كانت أَو غير مَطْوِيّةٍ. وسُمِّيَت البِئْر جُبّــاً لأَنها قُطِعَتْ قَطْعاً، ولم يُحْدَثُ فيها غَيْر القَطْعِ من طَيٍّ وما أَشْبَهه. وقال الليث: الــجُبّ البئر غيرُ البَعيدةِ. الفرَّاءُ: بِئْرٌ مُــجَبَّــبةُ الجَوْفِ إِذا كان وَسَطُها أَوْسَعَ شيء منها مُقَبَّبةً. وقالت الكلابية: الــجُبُّ القَلِيب الواسِعَةُ الشَّحْوةِ. وقال ابن حبيب: الــجُبُّ رَكِيَّةٌ تُجابُ في الصَّفا، وقال مُشَيِّعٌ: الــجُبُّ جُبُّ الرَّكِيَّةِ قبل أَن تُطْوَى. وقال زيد بن كَثْوةَ: جُبُّ الرَّكِيَّة جِرابُها، وجُبــة القَرْنِ التي فيها الـمُشاشةُ. ابن شميل: الــجِبــابُ الركايا تُحْفَر يُنْصَب فيها العنب أَي يُغْرس فيها، كما يُحْفر للفَسِيلة من النخل، والــجُبُّ الواحد. والشَّرَبَّةُ الطَّرِيقةُ من شجر العنب على طَرِيقةِ شربه. والغَلْفَقُ ورَقُ الكَرْم.
والــجَبُــوبُ: وَجْهُ الأَرضِ. وقيل: هي الأَرضُ الغَلِيظةُ. وقيل: هي
الأَرضُ الغَليظةُ من الصَّخْر لا من الطّينِ. وقيل: هي الأَرض عامة، لا تجمع. وقال اللحياني: الــجَبُــوبُ الأَرضُ، والــجَبُــوب التُّرابُ. وقول امرئِ القيس:
فَيَبِتْنَ يَنْهَسْنَ الــجَبُــوبَ بِها، * وأَبِيتُ مُرْتَفِقاً على رَحْلِي
يحتمل هذا كله.
والــجَبُــوبةُ: الـمَدَرةُ. ويقال للـمَدَرَةِ الغَلِيظةِ تُقْلَعُ من وَجْه الأَرضِ جَبُــوبةٌ. وفي الحديث: أَن رجلاً مَرَّ بِــجَبُــوبِ بَدْرٍ فإِذا رجلٌ أَبيضُ رَضْراضٌ. قال القتيبي، قال الأَصمعي: الــجَبُــوب، بالفتح: الأَرضُ الغَلِيظةُ. وفي حديث عليّ، كرَّم اللّه وجهه: رأَيتُ المصطفى، صلى اللّه عليه وسلم، يصلي أَو يسجد على الــجَبُــوبِ. ابن الأَعرابي: الــجَبُــوبُ الأَرضُ الصُّلْبةُ، والــجَبُــوبُ الـمَدَرُ الـمُفَتَّتُ. وفي الحديث: أَنه تَناوَلَ جَبُــوبةً فتفل فيها. هو من الأَوّل(1)
(1 قوله «هو من الأول» لعل المراد به المدرة الغليظة.) . وفي حديث عمر: سأَله رجل، فقال: عَنَّتْ لي عِكْرِشةٌ، فشَنَقْتُها بِــجَبُــوبةٍ أَي رَمَيْتُها، حتى كَفَّتْ عن العَدْوِ. وفي حديث أَبي أُمامةَ قال: لَما وُضِعَتْ بِنْتُ رسولِ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، في القَبْر طَفِقَ يَطْرَحُ إِليهم الــجَبُــوبَ، ويقول: سُدُّوا الفُرَجَ، ثم قال: إِنه ليس بشيءٍ ولكنه يُطَيِّبُ بنَفْسِ الحيّ. وقال أَبو خِراش يصف عُقاباً أَصابَ صَيْداً:
رأَتْ قَنَصاً على فَوْتٍ، فَضَمَّتْ، * إِلى حَيْزُومِها، رِيشاً رَطِيبا
فلاقَتْـــــه بِبَـــلْقَعةٍ بَراحٍ، * تُصادِمُ، بين عَيْنيه، الــجَبُــوبا
قال ابن شميل: الــجَبُــوبُ وجه الأَرضِ ومَتْنها من سَهْل أَو حَزْنٍ أَو جَبَــل. أَبو عمرو: الــجَبُــوبُ الأَرض، وأَنشد:
لا تَسْقِه حَمْضاً، ولا حَلِيبا،
انْ ما تَجِدْه سابِحاً، يَعْبُوبا،
ذا مَنْعــــةٍ، يَلْتَهِبُ الــجَبُــوبـا
وقال غيره: الــجَبُــوب الحجارة والأَرضُ الصُّلْبةُ. وقال غيره:
تَدَعُ الــجَبُــوبَ، إِذا انْتَحَتْ * فيه، طَرِيقاً لاحِبا
والــجُبــابُ، بالضم: شيء يَعْلُو أَلبانَ الإِبل، فيصير كأَنه زُبْد، ولا
زُبْدَ لأَلبانها. قال الراجز:
يَعْصِبُ فاهُ الرِّيقُ أَيَّ عَصْبِ، عَصْبَ الــجُبــابِ بِشفاهِ الوَطْبِ
وقيل: الــجُبــابُ للإِبل كالزُّبْدِ للغَنم والبقَر، وقد أَــجَبَّ اللَّبَنُ. التهذيب: الــجُبــابُ شِبه الزبد يَعْلُو الأَلبانَ، يعني أَلبان الإِبل،
إِذا مَخَضَ البعيرُ السِّقاءَ، وهو مُعَلَّقٌ عليه، فيَجْتمِعُ عند فَمِ
السِّقاء، وليس لأَلبانِ الإِبل زُبْدٌ إِنما هو شيء يُشْبِه الزُّبْدَ.
والــجُبــابُ: الهَدَرُ الساقِطُ الذي لا يُطْلَبُ.
وجَبَّ القومَ: غَلَبَهم. قال الراجز:
مَنْ رَوّلَ اليومَ لَنا، فقد غَلَبْ، خُبْزاً بِسَمْنٍ، وهْو عند الناس جَبْ
وجَبَّــتْ فلانة النساء تَــجُبُّــهنّ جَبّــاً: غَلَبَتْهنّ من حُسْنِها.
قالَ الشاعر:
جَبَّــتْ نساءَ وائِلٍ وعَبْس
وجابَّنِي فــجَبَــبْتُه، والاسم الــجِبــابُ: غالَبَني فَغَلَبْتُه. وقيل: هو
غَلَبَتُك إِياه في كل وجْهٍ من حَسَبٍ أَو جَمال أَو غير ذلك. وقوله:
جَبَّــتْ نساءَ العالَمين بالسَّبَبْ
قال: هذه امرأَة قدَّرَتْ عَجِيزَتها بخَيْط، وهو السَّبَبُ، ثم أَلقَتْه إِلى نساء الحَيِّ لِيَفْعَلْن كما
فَعَلت، فأَدَرْنَه على أَعْجازِهنَّ، فَوَجَدْنَه فائضاً كثيراً، فغَلَبَتْهُنَّ.
وجابَّتِ المرأَةُ صاحِبَتَها فَــجَبَّــتْها حُسْناً أَي فاقَتْها بِحُسْنها.
والتَّــجْبِــيبُ: النِّفارُ. وجَبَّــبَ الرجلُ تَــجْبــيباً إِذا فَرَّ وعَرَّدَ. قال الحُطَيْئةُ:
ونحنُ، إِذ جَبَّــبْتُمُ عن نسائِكم، * كما جَبَّــبَتْ، من عندِ أَولادِها، الحُمُرْ
وفي حديث مُوَرِّقٍ: الـمُتَمَسِّكُ بطاعةِ اللّهِ، إِذا جَبَّــبَ الناسُ
عنها، كالكارِّ بعد الفارِّ، أَي إِذا تركَ الناسُ الطاعاتِ ورَغِبُوا
عنها. يقال: جَبَّــبَ الرجلُ إِذا مَضَى مُسْرِعاً فارًّا من الشيءِ.
الباهلي: فَرَشَ له في جُبَّــةِ لدارِ أَي في وسَطِها. وجُبَّــةُ العينِ:
حجاجُها.
ابن الأَعرابي: الــجَبــابُ: القَحْطُ الشديدُ، والـمَــجَبَّــةُ: الـمَحَجَّةُ وجادَّتُ الطرِيق. أَبو زيد: رَكِبَ فلان الـمَــجَبَّــةَ، وهي الجادّةُ.وجُبَّــةُ والــجُبَّــةُ: موضع. قال النمر بن تَوْلَب:
زَبَنَتْكَ أَرْكانُ العَدُوِّ، فأَصْبَحَتْ * أَجَأٌ وجُبَّــةُ مِنْ قَرارِ دِيارِها
وأَنشد ابن الأَعرابي:
لا مالَ إِلاَّ إِبِلٌ جُمَّاعَهْ، * مَشْرَبُها الــجُبَّــةُ، أَو نُعاعَهْ
والــجُبْجُبــةُ: وِعاءٌ يُتَّخذُ مِن أَدمٍ يُسْقَى فيه الإِبلُ ويُنْقَعُ
فيه الهَبِيدُ. والــجُبْجُبــة: الزَّبيلُ من جُلودٍ، يُنْقَلُ فيه الترابُ،
والجمع الــجَبــاجِبُ. وفي حديث عبدالرحمن بن عوف، رضي اللّه عنه: أَنه أَوْدَعَ مُطْعِم بنَ عَديّ، لـما أَراد أَن يُهاجِر، جُبْجُبــةً فيها نَوًى مِن ذَهَبٍ، هي زَبِيلٌ لطِيفٌ من جُلود. ورواه القتيبي بالفتح. والنوى: قِطَعٌ من ذهب، وَزْنُ القِطعة خمسةُ دراهمَ. وفي حديث عُروة، رضي اللّه عنه: إِنْ ماتَ شيءٌ من الإِبل، فخذ جِلْدَه، فاجْعَلْه جَبــاجِبَ يُنْقَلُ فيها أَي زُبُلاً. والــجُبْجُبــةُ والــجَبْجَبــةُ والــجُبــاجِبُ: الكَرِشُ، يُجْعَلُ فيه اللحم يُتَزَوَّدُ به في الأَسفار، ويجعل فيه اللحم الـمُقَطَّعُ ويُسَمَّى الخَلْعَ. وأَنشد:
أَفي أَنْ سَرَى كَلْبٌ، فَبَيَّتَ جُلَّةً * وجُبْجُبــةً للوَطْبِ، سَلْمى تُطَلَّقُ
وقيل: هي إِهالةٌ تُذابُ وتُحْقَنُ في كَرشٍ. وقال ابن الأَعرابي: هو
جِلد جَنْبِ البعير يُقَوَّرُ ويُتَّخذ فيه اللحمُ الذي يُدعَى الوَشِيقةَ،
وتَــجَبْجَبَ واتخذَ جُبْجُبَــةً إِذا اتَّشَق، والوَشِيقَةُ لَحْمٌ يُغْلى
إِغْلاءة، ثم يُقَدَّدُ، فهو أَبْقى ما يكون. قال خُمام بن زَيْدِ مَنَاةَ اليَرْبُوعِي:
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ، * فلا تُهْدِ مِنْها، واتَّشِقْ، وتَــجَبْجَب
وقال أَبو زيد: التَّــجَبْجُبُ أَن تجْعَل خَلْعاً في الــجُبْجُبــةِ، فأَما
ما حكاه ابن الأَعرابي من قَولهم: إِنّك ما عَلِمْتُ جَبــانٌ جُبْجُبــةٌ،
فإِنما شبهه بالــجُبْجُبــة التي يوضعُ فيها هذا الخَلْعُ. شَبَّهه بها في
انْتِفاخه وقِلة غَنائه، كقول الآخر:
كأَنه حَقِيبةٌ مَلأَى حَثا
ورَجلٌ جُبــاجِبٌ ومُــجَبْجَبٌ إِذا كان ضَخْمَ الجَنْبَيْنِ. ونُوقٌ جَبــاجِبُ. قال الراجز:
جَراشِعٌ، جَبــاجِبُ الأَجْوافِ، حُمُّ الذُّرا، مُشْرِفةُ الأَنْوافِ
وإِبل مُــجَبْجَبــةٌ: ضَخْمةُ الجُنُوبِ. قالت:
حَسَّنْتَ إِلاَّ الرَّقَبَهْ، * فَحَسِّنَنْها يا أَبَهْ،
كي ما تَجِيءَ الخَطَبَهْ، * بإِبِلٍ مُــجَبْجَبَــهْ
ويروى مُخَبْخبه. أَرادت مُبَخْبَخَةً أَي يقال لها بَخٍ بَخٍ إِعْجاباً
بها، فَقَلَبت. أَبو عمرو: جمل جُبــاجِبٌ وبُجابِجٌ: ضَخْمٌ، وقد جَبْجَبَ إِذا سَمِنَ. وجَبْجَبَ إِذا ساحَ في الأَرض عبادةً.
وجَبْجَبَ إِذا تَجَرَ في الــجَبــاجِبِ. أَبو عبيدة: الــجُبْجُبــةُ أَتانُ الضَّحْل، وهي صَخْرةُ الماءِ، وماءٌ جَبْــجابٌ وجُبــاجِبٌ: كثير. قال: وليس جُبــاجِبٌ بِثَبْتٍ. وجُبْجُبٌ: ماءٌ معروف. وفي حديث بَيْعَةِ الأَنصارِ: نادَى الشيطانُ يا أَصحابَ الــجَبــاجِب. قال: هي جمع جُبْجُبٍ، بالضم، وهو الـمُسْتَوى من الأَرض ليس بحَزْنٍ، وهي ههنا أَسماءُ مَنازِلَ بمنى سميت به لأَنَّ كُروشَ الأَضاحِي تُلْقَى فيها أَيامَ الحَجّ. الأَزهري في أَثناءِ كلامه على حيَّهلَ. وأَنشد لعبداللّه بن الحجاج التَّغْلَبي من أَبيات:
إِيَّاكِ أَنْ تَستَبْدِلي قَرِدَ القَفا، * حَزابِيةً، وهَيَّباناً، جُبــاجِبــا
أَلفَّ، كأَنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه، * من الصُّوفِ، نِكْثاً، أَو لَئِيماً دُبادِبا
وقال: الــجُبــاجِبُ والدُّبادِبُ الكثيرُ الشَّرِّ والجَلَبةِ.
عــجب: العُــجْبُ والعَــجَبُ: إِنكارُ ما يَرِدُ عليك لقِلَّةِ اعْتِـيادِه؛
وجمعُ العَــجَبِ: أَعْجابٌ؛ قال:
يا عَــجَبــاً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ، * الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ
وقد عَــجِبَ منه يَعْــجَبُ عَــجَبــاً، وتَعَــجَّبَ، واسْتَعْــجَبَ؛ قال:
ومُسْتَعْــجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا، * ولو زَبَنَتْهُ الـحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ
والاسْتِعْجابُ: شِدَّةُ التَّعَــجُّبِ.
وفي النوادر: تَعَــجَّبــنِـي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني؛ والاسم:
العَجِـيبةُ، والأُعْجُوبة.
والتَّعاجِـيبُ: العَجائبُ، لا واحدَ لها من لفظها؛ قال الشاعر:
ومنْ تَعاجِـيبِ خَلْقِ اللّهِ غَاطِـيةٌ، * يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِـيٌّ وغِرْبِـيبُ
الغَاطِـيَةُ: الكَرْمُ. وقوله تعالى: بل عَــجِـبْــت ويَسْخَرُون؛ قرأَها
حمزة والكسائي بضم التاءِ، وكذا قراءة علي بن أَبي طالب وابن عباس؛ وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأَبو عمرو: بل عَــجِـبْــتَ، بنصب التاءِ.
الفراءُ: العَــجَبُ، وإِن أُسْنِدَ إِلى اللّه، فليس معناه من اللّه، كمعناه من العباد.
قال الزجاج: أَصلُ العَــجَبِ في اللغة، أَن الإِنسان إِذا رأَى ما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه، قال: قد عَــجِـبْــتُ من كذا. وعلى هذا معنى قراءة من قرأَ بضم التاءِ، لأَن الآدمي إِذا فعل ما يُنْكِرُه اللّهُ، جاز أَن يقول فيه عَــجِـبْــتُ، واللّه، عز وجل، قد علم ما أَنْكَره قبل كونه، ولكن الإِنكارُ والعَــجَبُ الذي تَلْزَمُ به
الـحُجَّة عند وقوع الشيءِ. وقال ابن الأَنباري في قوله: بل عَــجِـبْــتُ؛ أَخْبَر عن نفسه بالعَــجَب. وهو يريد: بل جازَيْتُهم على عَــجَبِـــهم من الـحَقِّ، فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم.
وقيل: بل عَــجِبْــتَ، معناه بل عَظُمَ فِعْلُهم عندك. وقد أَخبر اللّه عنهم في غير موضع بالعَــجَب من الـحَقِّ؛ قال: أَكَانَ للناسِ عَــجَبــاً؛ وقال: بل عَــجِـبُــوا أَنْ جاءهم مُنْذِرٌ منهم؛ وقال الكافرون: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ.
ابن الأَعرابي: العَــجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ.
وقوله عز وجل: وإِنْ تَعْــجَبْ فَعَــجَبٌ قولُهم؛ الخطابُ للنبي، صلى اللّه عليه وسلم، أَي هذا موضعُ عَــجَبٍ حيث أَنكروا البعْثَ، وقد تبين لهم مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض ما دَلَّهم على البَعْث، والبعثُ أَسهلُ في القُدْرة مما قد تَبَيَّـنُوا. وقوله عز وجل: واتَّخَذَ سبيلَه في البحر عَــجَبــاً؛ قال ابن عباس: أَمْسَكَ اللّه تعالى جرْيَةَ البَحْرِ حتى كان مثلَ الطاقِ فكان سَرَباً، وكان لموسى وصاحبه عَــجَبــاً. وفي الحديث: عَــجِبَ رَبُّكَ من قوم يُقادُونَ إِلى الجنةِ في السلاسِل؛ أَي عَظُمَ ذلك عنده وكَبُرَ لديه. أَعلم الّله أَنه إِنما يَتَعَــجَّبُ الآدميُّ من الشيءِ إِذا عَظُمَ مَوْقِعُه عنده، وخَفِـيَ عليه سببُه، فأَخبرهم بما يَعْرِفون، ليعلموا مَوْقعَ هذه الأَشياء عنده. وقيل: معنى عَــجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِـيَ وأَثابَ؛ فسماه عَــجَبــاً مجازاً، وليس بعَــجَبٍ في الحقيقة. والأَولُ الوجه كما قال: ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللّهُ؛ معناه ويُجازيهم اللّه على مكرهم. وفي الحديث: عَــجِبَ رَبُّكَ من شَابٍّ ليستْ له صَبْوَةٌ؛ هو من ذلك.
وفي الحديث: عَــجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكم وقُنُوطِكم. قال ابن الأَثير:
إِطْلاقُ العَــجَب على اللّه تعالى مَجَازٌ، لأَنه لا يخفى عليه أَسبابُ
الأَشياء؛ والتَّعَــجُّبُ مما خَفِـيَ سببه ولم يُعْلَم.
وأَعْــجَبَــه الأَمْرُ: حَمَلَهُ على العَــجَبِ منه؛ وأَنشد ثعلب:
يا رُبَّ بَيْضَاءَ على مُهَشَّمَهْ، * أَعْــجَبَــها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَهْ
هذه امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل، فأَعْــجَبــها ذلك أَي كَسَبها عَــجَبــاً؛
وكذلك قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ:
رَأَتْ في الرأْسِ منِّي شَيْــ * ــبَةً، لَسْتُ أُغَيِّبُها
فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا! * وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْــجِـبُــها
أَي يَكْسِـبُها التَّعَــجُّبَ.
وأُعْــجِبَ به: عَــجِبَ.
وعَــجَّبَــه بالشيءِ تَعْجِـيباً: نَبَّهَهُ على التَّعَــجُبِ منه.
وقِصَّةٌ عَــجَبٌ، وشيء مُعْــجِبٌ إِذا كان حَسَناً معدًّا.
والتَّعَــجُّبُ: أَن تَرَى الشيءَ يُعْــجِـبُــكَ، تَظُنُّ أَنك لم تَرَ مِثلَه. وقولهم: للّه زيدٌ! كأَنه جاءَ به اللّه من أَمْرٍ عَجِـيبٍ، وكذلك قولهم: للّه دَرّهُ ! أَي جاءَ اللّهُ بدَرِّه من أَمْرٍ عَجِـيبٍ لكثرته.
وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَــجَبٌ وعَجِـيبٌ وعَــجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ،
على المبالغة، يؤكد به. وفي التنزيل: إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ؛ قرأَ أَبو عبدالرحمن السُّلَمِـيُّ: ان هذا لشيء عُجَّابٌ، بالتشديد؛ وقال الفراء: هو مِثْلُ قولهم رجل كريم، وكُرامٌ وكُرَّامٌ، وكَبيرٌ وكُبَارٌ
وكُبَّارٌ، وعُجَّاب، بالتشديد، أَكثر من عُجَابٍ. وقال صاحب العين: بين العَجِـيب والعُجَاب فَرْقٌ؛ أَمـَّا العَجِـيبُ، فالعَــجَبُ يكون مثلَه، وأَمـَّا العُجَاب فالذي تَجاوَزَ حَدَّ العَــجَبِ.
وأَعْــجَبَــهُ الأَمْرُ: سَرَّه. وأُعْــجِبَ به كذلك، على
لفظ ما تَقَدَّم في العَــجَبِ.
والعَجِـيبُ: الأَمْرُ يُتَعَــجَّبُ منه. وأَمْرٌ عَجِـيبٌ: مُعْــجِبٌ.
وقولهم: عَــجَبٌ عاجِبٌ، كقولهم: لَيْلٌ لائِلٌ، يؤكد به؛ وقوله أَنشده
ثعلب:
وما البُخْلُ يَنْهاني ولا الجُودُ قادَني، * ولكنَّها ضَرْبٌ إِليَّ عَجيبُ
أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني، أَو نَهاني وقَادَني؛ وإِنما عَلَّقَ عَجِـيبٌ بإِليَّ، لأَنه في معنى حَبِـيب، فكأَنه قال: حَبِـيبٌ إِليَّ. قال
الجوهري: ولا يجمع عَــجَبٌ ولا عَجِـيبٌ. ويقال: جمعُ عَجِـيب عَجائبُ، مثل أَفِـيل وأَفائِل، وتَبيع وتَبائعَ. وقولهم: أَعاجِـيبُ كأَنه جمع أُعْجُوبةٍ، مثل أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ.
والعُــجْبُ: الزُّهُوُّ. ورجل مُعْــجَبٌ: مَزْهُوٌّ بما يكون منه حَسَناً
أَو قَبِـيحاً. وقيل: الـمُعْــجَبُ الإِنسانُ الـمُعْــجَبُ بنفسه أَو بالشيءِ، وقد أُعْــجِبَ فلانٌ بنفسه، فهو مُعْــجَبٌ برأْيه وبنفسه؛ والاسم
العُــجْبُ، بالضم. وقيل: العُــجْب فَضْلَةٌ من الـحُمْق صَرَفْتَها إِلى
العُــجْبِ. وقولُهم ما أَعــجَبَــه برأْيه، شاذّ لا يُقاس عليه. والعُــجْب: الذي يُحِبُّ مُحادثةَ النساء ولا يأْتي الريبة. والعُــجْبُ والعَــجْبُ والعِــجْبُ: الذي يُعْــجِـبُــه القُعُود مع النساءِ. والعَــجْبُ والعُــجْبُ من كل دابة(1)
(1 قوله «والعــجب والعــجب من كل دابة الخ» كذا بالأصل وهذه عبارة التهذيب بالحرف وليس فيها ذكر العــجب مرتين بل قال والعــجب من كل دابة الخ. وضبطه بشكل القلم بفتح فسكون كالصحاح والمحكم وصرح به المجد والفيومي وصاحب المختار لاسيما وأُصول هذه المادة متوفرة عندنا فتكرار العــجب في نسخة اللسان ليس إلا من الناسخ اغتر به شارح القاموس فقال عند قول المجد: العــجب، بالفتح وبالضم، من كل دابة ما انضم إلى آخر ما هنا ولم يساعده على ذلك أصل صحيح،
ان هذا لشيء عجاب.): ما انْضَمَّ عليه الوَرِكان من أَصل الذَّنَبِ
الـمَغْروز في مؤخر العَجُزِ؛ وقيل: هو أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه. وقال اللحياني: هو أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه، وهو العُصْعُصُ؛ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ. وفي الحديث: كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَــجْبَ؛ وفي رواية: إِلاَّ عَــجْبَ الذَّنَب. العَــجْبُ، بالسكون: العظم الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز، وهو العَسِـيبُ من الدَّوابِّ. وناقة عَــجْبــاءُ: بَيِّنَةُ العَــجَبِ، غلِـيظةُ عَــجْبِ الذَّنَب، وقد عَــجِـبَــتْ عَــجَبــاً. ويقال: أَشَدُّ ما عَــجُبَــتِ الناقةُ إِذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها، وأَشْرَفَتْ
جاعِرَتاها. والعَــجْبــاءُ أَيضاً: التي دَق أَعلى مُؤَخَّرها، وأَشرَفَتْ
جاعِرَتاها، وهي خلْقَةٌ قبيحة فيمن كانت. وعَــجْبُ الكَثِـيبِ: آخِرُه
الـمُسْتَدِقُّ منه، والجمعُ عُجُوب؛ قال لبيد:
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً * بعُجُوبِ أَنْقاءٍ، يَميلُ هَيامُها
ومعنى يَجتابُ: يَقْطَع؛ ومن روى يَجْتافُ، بالفاءِ، فمعناه يَدْخُلُ؛
يصف مطراً. والقالِصُ: المرتفعُ. والـمُتَنَبِّذُ: الـمُتَنَحِّي ناحيةً.
والـهَيَامُ: الرَّمْل الذي يَنْهار. وقيل: عَــجْبُ كلّ شيءٍ مُؤَخَّرُه.
وبَنُو عَــجْبٍ: قبيلة؛ وقيل: بَنُو عَــجْبٍ بطن. وذكر أَبو زيد خارجةُ
بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قوله:
انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ * تُونِسُ، دونَ البَلْقاءِ، مِن أَحَدِ
فبكى حَسَّان بذِكْرِ ما كان فيه من صِحَّة البصر والشَّبابِ، بعدما
كُفَّ بَصَرُه، وكان ابنه عبدُالرحمن حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه. قال
خارجةُ: يقول عَــجِـبْــتُ من سُروره ببكاءِ أَبيه؛ قال ومثله قوله:
فقالتْ لي: ابنُ قَيْسٍ ذا! * وبعضُ الشَّيءِ يُعْــجِـبُــها
أَي تَتَعَــجَّبُ منه. أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ، فتَرك الأَلفَ الأُولى.
جبــأ: جَبَــأَ عنه يَــجْبَــأُ: ارْتَدَعَ. وجَبــأتُ عن الأَمر: إِذا هِبْته
وارْتَدَعْت عنه. ورجل جُبَّــاءٌ، يمدّ ويقصر(1)
(1 قوله «يمد ويقصر إلخ» عبارتان جمع المؤلف بينهما على عادته.) ، بضم الجيم، مهموز مقصور: جبــان. قال مَفْرُوق بن عَمرو الشَّيْبانِي يَرْثِي إِخْوته قَيْساً والدَّعَّاءَ وبِشْراً القَتْلَى في غَزْوة بارِقٍ بِشَطِّ الفَيْض:
أَبْكِي على الدَعّاءِ في كلِّ شَتْوةٍ، * ولَهْفِي علَى قيسٍ، زمَامِ الفَوارِسِ
فما أَنا، مِن رَيْبِ الزَّمانِ، بِــجُبَّــإٍ، * ولا أَنا، مِن سَيْبِ الإِلهِ، بِيائِسِ
وحكى سيبويه: جُبَّــاء، بالمدّ، وفسره السيرافي أَنه في معنى جُبَّــإٍ؛ قال سيبويه: وغَلب عليه الجمع بالواو والنون لأَن مؤَنثه مـما تدخله التاء.وجَبَــأَتْ عَيْنِي عن الشيءِ: نَبَتْ عنه وكَرِهَتْه، فتأَخَّرْتُ عنه.
الأَصمعي: يقال للمرأَة، إِذا كانت كريهةَ المَنْظَرِ لا تُسْتَحْلى:
إِنَّ العينَ لَتَــجْبَــأُ عنها. وقال حميد بن ثَوْر الهِلالي:
لَيْسَتْ، إِذا سَمِنَتْ، بَجابِئةٍ * عنها العُيونُ، كَريهةَ(1)الـمَسِّ
(1 قوله «كريهة» ضبطت في التكملة بالنصب والجر ورمز لذلك على عادته بكلمة معاً.)
أَبو عمرو: الــجُبَّــاء من النساء، بوزن جُبّــاع: التي إِذا نَظَرَتْ لا
تَرُوعُ؛ الأَصمعي: هي التي إِذا نَظَرَت إِلى الرجال، انْخَزَلَت راجعة لِصغرِها؛ وقال ابن مقبل:
وطَفْلةٍ غَيْرِ جُبَّــاءٍ، ولا نَصَفٍ، * مِن دَلِّ أَمثالِها بادٍ ومكتُومُ(2)
( 2 وبعده كما في التكملة:
عانقتها فانثنت طوع العناق كما * مالت بشاربها صهباء خرطوم)
وكأَنه قال: ليست بصغيرة ولا كبيرة؛ وروى غيره جُبَّــاعٍ، وهي القصيرة، وهو مذكور في موضعه، شبهها بسهم قصير يَرْمي به الصِّبيان يقال له الــجُبَّــاعُ.
وَــجَبَــأَ عليه الأَسْوَدُ من جُحْره يَــجْبَــأ جَبْــأً وجُبُــوءاً: طلَع وخرج، وكذلك الضَّبُعُ والضَّبُّ واليَرْبُوع، ولا يكون ذلك إِلا ان يُفْزِعَك. وجَبَــأَ على القَوْم: طَلَعَ عليهم مُفاجأَةً. وأَــجْبَــأَ عليهم:
أَشْرَفَ. وفي حديث أسامة: فلما رَأَوْنا جَبَــؤُوا مِنْ أَخبِيَتِهم أَي
خَرَجُوا منها. يقال: جَبَــأَ عليهم يَــجْبَــأُ: إِذا خَرَجَ. وما جَبَــأَ عن
شَتْمِي اي ما تأَخَّر ولا كَذَب. وَــجَبَــأْتُ عن الرَّجل جَبْــأً وجُبُــوءاً:
خَنَسْتُ عنه، وانشد:
وهَلْ أَنا الاَّ مِثْلُ سَيِّقةِ العِدا، * إِن اسْتَقْدَمَتْ نَحْرٌ، وإِنْ جَبَــأَتْ عَقْرُ
ابن الأَعرابي: الإِــجْبــاء: ان يُغَيِّبَ الرجلُ إِبلَه، عن الـمُصَدِّقِ. يُقالُ: جَبــأَ عن الشيء: توارى عنه، وأَــجْبَــيْتُه إِذا وارَيْتَه.
وجَبَــأَ الضَّبُّ في جُحْره إِذا اسْتَخْفَى.
والــجَبْــءُ: الكَمْأَة الحَمراء؛ وقال أَبو حنيفة: الــجَبْــأَة هَنَةٌ
بَيْضاءُ كأَنها كَمءٌ ولا يُنتفع بها، والجمع أَــجْبــؤٌ وجِبَــأَةٌ مثال فَقْعٍ
وفِقَعةٍ؛ قال سيبويه: وليس ذلك بالقياس، يعني تكسير فَعْلٍ على
فِعَلةٍ؛ واما الــجَبْــأَةُ فاسم للجمع، كما ذهب اليه في كَمْء وكَمْأَةٍ لأَنّ
فَعْلاً ليس مـما يُكسر على فَعْلةٍ، لأَن فَعْلةً ليست من أَبْنِية
الجُموع. وتحقيرُه: جُبَــيْئَةٌ على لفظه، ولا يُرَدّ إِلى واحِدِه ثم يُجمع بالأَلف والتاء لأَن أَسْماء الجُموع بمنزلة الآحاد؛ وأنشد أَبو زيد:
أَخْشَى رُكَيْباً ورُجَيلاً عاديا،
فلم يَرُدّ رَكْباً ولا رَجْلاً إِلى واحده، وبهذا قَوِيَ قولُ سيبويه
على قول أَبي الحسن لأَن هذا عند أَبي الحسن جَمْعٌ لا اسْمُ جَمْعٍ. وقال ابن الأَعرابي: الــجَبْــءُ: الكَمأَة السُّودُ، والسُّود خِيارُ الكَمأَةِ، وأَنشد:
إِنَّ أُحَيْحاً ماتَ مِن غَيْر مَرَضْ،
ووُجْدَ في مَرْمَضهِ حيثُ ارْتمَضْ
عَساقِلٌ وجِبــــــَــأ، فيهــــــا قَضَضْ
فَــجِبــأ هنا يجوز أَن يكون جمع جَبْــءٍ كَــجِبَــأَةٍ، وهو نادرٌ، ويجوز أَن يكون اراد جِبَــأَةً، فحذف الهاء للضرورة، ويجوز أَن يكون اسماً للجمع؛ وحكى كراع في جمع جَبْــءٍ جِبــاءً على مثال بِناءٍ، فإِن صحَّ ذلك، فإِنما جِبَــأ اسم لجمع جَبْــءٍ، وليس بجَمْع له لأَن فَعْلاً، بسكون العين، ليس مـما يجمع على فِعَلٍ، بفتح العين.
وأَــجبَــأَت الأَرض: اي كثرت جَبْــأَتها، وفي الصحاح: اي كثرت كَمْأَتُها، وهي ارض مَــجْبــأَةٌ. قال الأَحمر:
الــجَبْــأَةُ هي التي إِلى الحُمْرة، والكَمْأَةُ هي التي إِلى الغُبْرة والسَّواد؛ والفِقَعَةُ: البيض، وبنات أَوْبَرَ: الصِّغار. الأَصمعي: من الكَمْأَة الــجِبــأَةُ؛ قال أَبو زيد: هي الحُمر منها؛ واحدها جَبْــءٌ، وثلاثة أَــجْبُــؤ. والــجَبْــءُ: نُقرة في الــجبــل يجتمع فيها الماء، عن أَبي العَمَيثل الأَعرابي؛ وفي التهذيب: الــجَبْــءُ حفرةٌ يَسْتَنْقِعُ فيها الماء.
والــجَبْــأَةُ مثل الــجَبْــهة: الفُرْزُوم، وهي خشبة الحَذّاء التي يَحْذو
عليها. قال الجعدي:
في مِرْفَقَيْه تقارُبٌ، وله * بِرْكةُ زَوْرٍ، كــجبْــأَةِ الخَزَمِ
والــجَبْــأَةُ: مَقَّطُّ شَراسِيفِ البَعير إِلى السُّرَّة والضَّرْع.
والإجبــاءُ: بيعُ الزَّرْع قبل أَن يَبْدُوَ صَلاَحُه، أَو يُدْرِك، تقول منه:
أَــجْبَــأْتُ الزرع، وجاء في الحديث، بلا همز: مَن أَــجْبــى فقد أَرْبَى،
وأَصله الهمز.
وامرأَة جَبْــأَى: قائمةُ الثّد يَين.
ومُــجْبــأَة أُفضِيَ اليها فَخَبَطَت(1)
(1 قوله «ومــجبــأة إلخ» كذا في النسخ وأصل العبارة لابن سيده وهي غير محررة.)
التهذيب: سمي الجَراد الجابئُ لطلوعه؛ يقال: جَبَــأَ علينا فلان أَي
طلع، والجابئُ: الجراد، يهمز ولا يهمز. وجبــأَ الجَرادُ: هَجَم على البلد؛ قال الهذلي:
صابُوا بِستّة أَبياتٍ وأَربعةٍ، * حتى كأَنَّ عليهم جابئاً لُبَدَا
وكلُّ طالِعٍ فَجْأَةً: جابِئٌ، وسنذكره في المعتل أَيضاً. ابن
بُزُرْج: جَأْبةُ البَطْن وجَبــأَتُه: مَأْنَتُه. والــجُبَّــأُ: السهم الذي يُوضَعُ
أَسفله كالجوزةِ في موضع النَّصْلِ؛ والــجُبَّــأُ: طَرَفُ قَرْن الثَور، عن كراع؛ قال ابنْ سيده: ولا أَدري ما صِحَّتُها.
جبــن: الــجَبــانُ من الرِّجالِ: الذي يَهاب التقدُّمَ على كلّ شيء، لَيْلاً
كان أَو نهاراً؛ سيبويه: والجمع جُبَــناء، شَبَّهوه بفَعِيل لأَنه مثلُه
في العِدَّة والزيادة، وتكرّر في الحديث ذِكر الــجُبْــن والــجَبــان، وهو
ضِدُّ الشَّجاعة والشُّجاع، والأُنثى جَبــان مثل حصان ورَزَانٍ وجَبــانةٌ،
ونِساء جَبــاناتٌ. وقد جَبَــنَ يَــجْبُــن وجَبُــنَ جُبْــناً وجُبُــناً وجَبــانةً
وأَــجْبَــنَه: وجده جَبــاناً أَو حَسِبَه إيّاه. قال عمرو ابن معديكرب، وكان قد
زار رئيس بني سليم فأَعطاه عشرين أَلف دِرهم وسَيْفاً وفَرَساً وغُلاماً
خبَّازاً وثِياباً وطِيباً: لله دَرُّكم يا بني سليم قاتَلْتُها فما
أَــجْبَــنْتُها، وسأَلتُها فما أَبخَلْتها، وهاجَيْتُها فما أَفحَمْتُها. وحكى
سيبويه: وهو يُــجَبَّــن أَي يرمى بذلك ويقال له. وجَبَّــنَه تَــجْبِــيناً:
نسبَه إلى الــجُبْــن. وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، احْتَضَنَ
أَحَدَ ابْنَي ابنتِه وهو يقول: والله إنكم لَتُــجَبِّــنُون وتُبَخِّلون
وتُجَهِّلون، وإنكم لَمِنْ رَيْحان الله. يقال: جَبَّــنْتُ الرجل وبَخَّلْته
وجهَّلْته إذا نسبْتَه إلى الــجُبْــنِ والبُخْلِ والجَهْل، وأَــجْبَــنْته
وأَبْخَلْته وأَجْهَلْته إذا وجَدْته بَخِيلاً
جَبــاناً جاهلاً، يريد أَن الولد لما صار سبَباً
لــجُبْــن الأَب عن الجِهاد وإنفاق المال والافْتتان به، كان كأَنه نسبَه
إلى هذه الخِلال ورماه بها. وكانت العرب تقول: الولد مَجْهَلَة مَــجْبَــنة
مَبْخَلة. الجوهري: يقال الولد مَــجْبَــنة مَبْخَلة لأَنه يُحب البقاءُ
والمالُ لأَجله. وتَــجَبَّــنَ الرجلُ: غلُظ. ابن الأَعرابي: المفضل قال العرب
تقول فلانٌ جبــانُ الكَلْبِ إذا كان نِهايةً في السَّخاءِ؛ وأَنشد:
وأَــجْبَــنُ من صافرٍ كَلْبُهم،
وإن قَذَفَتْه حصاةٌ أَضافا.
قَذَفَتْه: أَصابتْه. أَضافَ أَي أَشْفَق وَفَرَّ. الليث: اجْتَبَنْتُه
حَسِبْتُه جَبــاناً. والــجَبِــينُ: فوق الصدْغ، وهُما جَبِــينان عن يمين
الــجبــهة وشِمالها. ابن سيده: والــجَبِــينان حَرْفان مُكْتَنِفا الــجَبْــهة من
جانِبَيْها فيما بين الحاجِبَــيْن مُصْعِداً إلى قُصاصِ الشعر، وقيل: هما ما
بين القُصاصِ إلى الحِجاجَيْن، وقيل: حروف الــجبــهة ما بين الصُّدغين
مُتَّصِلاً عدا الناصِية، كلُّ ذلك جَبِــينٌ واحدٌ، قال: وبعض يقول هُما
جَبــينان، قال الأَزهري: وعلى هذا كلامُ العرب. والــجَبْــهَتان: الــجَبِــينان. قال
اللحياني: والــجَبِــينُ مذكَّر لا غير، والجمع أَــجْبُــنٌ وأَــجْبِــنةٌ وجُبُــن.
والــجُبْــنِ والــجُبُــن والــجُبُــنُّ مثقّل: الذي يؤكَل، والواحدة من كل ذلك
بالهاء
(* قوله «والواحدة من كل ذلك بالهاء» هذه عبارة ابن سيده. وقوله
«جبــنة» هذه عبارة الأزهري). جُبُــنَّة. وتَــجَبَّــن اللَّبَنُ: صار كالــجُبْــن.
قال الأَزهري: وهكذا قال أَبو عبيد في قوله كُلِ الــجُبُــنَّ عُرْضاً، بتشديد
النون. غيره: اجْتَبَنَ فلانٌ اللَّبَنَ إذا اتَّخَذَه جُبْــناً.
الجوهري: الــجُبْــن هذا الذي يُؤكَل، والــجُبْــنة أَخص منه، والــجُبْــنُ أَيضاً: صِفة
الــجَبــان. والــجُبُــن، بضم الجيم والباء: لغة فيهما. وبعضهم يقول: جُبُــنٌّ
وجُبُــنَّة، بالضم والتشديد. وقد جَبَــن الرجل، فهو جَبــان، وجَبُــنَ أَيضاً،
بالضم، فهو جَبــين. والــجَبَّــان والــجَبَّــانة، بالتشديد: الصحراء، وتسمى
بهما المقابر لأَنها تكون في الصحراء تسمية للشيء بموضعه. وقال أَبو حنيفة:
الــجَبــابِينُ كِرامُ المَنابِت، وهي مستوية في ارتفاع، الواحدة جَبَّــانة.
والــجَبَّــان: ما استوى من الأَرض في ارتفاع، ويكون كَريمَ المَنْبت. وقال
ابن شميل: الــجَبَّــانة ما استوى من الأَرض ومَلُسَ ولا شجر فيه، وفيه
آكامٌ وجِلاهٌ وقد تكون مستوية لا آكامَ فيها ولا جِلاةَ، ولا تكون
الــجَبَّــانة في الرَّمْل ولا في الــجَبَــل، وقد تكون في القِفاف والشَّقائق. وكلُّ
صحراءَ جَبَّــانة.
رجب: رَــجِبَ الرجلُ رَــجَبــاً: فَزِعَ. ورَــجِبَ رَــجَبــاً، ورَــجَبَ
يَرْــجُبُ: اسْتَحْيا؛ قال:
فَغَيْرُكَ يَسْتَحيِـي، وغيرُكَ يَرْــجُبُ
ورَــجِبَ الرجلَ رَــجَبــاً، ورَــجَبَــه يرجُبُــه رَــجْبــاً ورُجُوباً، ورَــجَّبــه،
وتَرَــجَّبَــه، وأَرْــجَبَــه، كلُّه: هابَه وعَظَّمه، فهو مَرْجُوبٌ؛ وأَنشد
شمر:
أَحْمَدُ رَبّـي فَرَقاً وأَرْــجَبُــهْ
أَي أُعَظِّمُه، ومنه سمي رَــجَبٌ؛ ورَــجِبَ، بالكسر، أَكثر؛ قال:
إِذا العَجوزُ اسْتَنْخَبَتْ، فانْخَبْها، * ولا تَهَيَّبْها، ولا تَرْــجَبْــها
وهكذا أَنشده ثعلب؛ ورواية يعقوب في الأَلفاظ:
ولا تَرَــجَّبْــها ولا تَهَبْها
شمر: رَــجِبْــتُ الشيءَ: هِبْتُه، ورَــجَّبْــتُه: عَظَّمْتُه.
ورَــجَبٌ: شهر سموه بذلك لتعظيمهم إِيَّاه في الجاهلية عن القتالِ فيه، ولا يَسْتَحِلُّون القتالَ فيه؛ وفي الحديث: رَــجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبانَ؛ قوله: بين جُمادَى وشعبانَ، تأْكيد للبَيانِ وإِيضاحٌ له، لأَنهم كانوا يؤَخرونه من شهر إِلى شهر، فيَتَحَوَّل عن موضعه الذي يَخْتَصُّ به، فبين لهم أَنه الشهر الذي بين جُمادَى وشعبانَ، لا ما كانوا يسمونه على حِساب النَّسِـيءِ، وإِنما قيل: رَــجَبُ مُضَرَ، إِضافة إِليهم، لأَنهم كانوا أَشدّ تعظيماً له من غيرهم، فكأَنهم اخْتَصُّوا به، والجمع: أَرْجابٌ. تقول: هذا رجب، فإِذا ضَمُّوا له شَعْبانَ، قالوا: رَــجَبــانِ. والتَّرْجِـيبُ: التعظيمُ، وإِن فلاناً لَـمُرَــجَّبٌ، ومنه تَرْجِـيبُ العَتِـيرةِ، وهو ذَبحُها في رَــجَبٍ. وفي الحديث: هل تَدْرُون ما العَتِـيرةُ؟ هي التي يسمونها الرَّــجَبِـــيَّةَ، كانوا يَذْبحون في شهر رَــجَبٍ ذَبيحَـةً، ويَنْسُبونَها إِليه. والتَّرْجِـيبُ: ذَبْحُ النَّسائكِ في رَــجَبٍ؛ يقال: هذه أَيـَّامُ تَرْجِـيبٍ وتَعْتارٍ. وكانت العربُ تُرَــجِّبُ، وكان ذلك لهم
نُسُكاً، أَو ذَبائحَ في رَــجَبٍ.
أَبو عمرو: الرَّاجِبُ الـمُعَظِّم لسيده؛ ومنه رَــجِـبَــهُ يَرْــجَبُــه رَــجَبــاً، ورَــجَبَــهُ يَرْــجُبُــه رَــجْبــاً ورُجُوباً، ورَــجَّبَــه تَرْجيباً، وأَرْــجَبَــه؛ ومنه قول الـحُباب: عُذَيْقُها الـمُرَــجَّبُ. قال الأَزهري: أَما أَبو عبيدة والأَصمعي، فإِنهما جَعلاه من الرُّــجْبــةِ، لا مِن التَّرْجِـيبِ الذي هو بمعنى التعظيم؛ وقول أَبي ذُؤَيب:
فَشَرَّجَها مِنْ نُطْفةٍ رَــجَبِـــيَّةٍ، * سُلاسِلَةٍ من ماءِ لِصْبٍ سُلاسِلِ
يقول: مَزَجَ العَسَلَ بماءِ قَلْتٍ، قد أَبْقاها مَطَرُ رَــجَبٍ هُنالك؛
والجمع: أَرْجابٌ ورُجُوبٌ، ورِجابٌ ورَــجَبــاتٌ.
والتَّرْجِـيبُ: أَنْ تُدْعَمَ الشجرةُ إِذا كَثُرَ حَمْلُها لئلا تَتَكسَّرَ أَغْصانُها.
ورَــجَّبَ النخلةَ: كانت كريمةً عليه فمالَتْ، فبَنَى تحتَها دُكَّاناً
تَعْتَمِد عليه لضَعْفِها؛ والرُّــجْبــةُ: اسم ذلك الدُّكَّان، والجمع
رُــجَبٌ، مثل رُكْبةٍ ورُكَبٍ. والرُّــجَبِـــيَّةُ من النخل منسوبة إِليه.
ونَخْلَةٌ رُــجَبِـــيَّةٌ ورُــجَّبِـــيَّةٌ: بُنِـيَ تحتها رُــجْبــةٌ، كِلاهُما نَسَبٌ نادِرٌ، والتثقيل أَذهَبُ في الشُّذُوذ. التهذيب: والرُّــجْبَــةُ والرُّجْمةُ أَن تُعْمَدَ النخلةُ الكريمةُ إِذا خِـيفَ عليها أَن تَقَعَ لطُولها وكثرة حَمْلِها، بِـبِناء من حِجارة تُرَــجَّبُ بها أَي تُعْمَدُ به، ويكون تَرْجِـيبُها أَن يُجْعَلَ حَوْلَ النخلة شَوْكٌ، لئلا يَرْقَى فيها راقٍ، فيَجْنِـي ثمرها. الأَصمعي: الرُّجْمةُ، بالميم، البناء من الصخر تُعْمَدُ به النخلةُ؛ والرُّــجْبــةُ أَن تُعمد النخلة بخَشبةٍ ذاتِ شُعْبَتَيْنِ؛ وقد روي بيت سُوَيْدِ بن صامِتٍ بالوجهين جميعاً:
ليست بِسَنْهاءٍ، ولا رُــجَّبِـــيَّةٍ، * ولكِنْ عَرايا في السِّنينَ الجَوائِـح
يَصِفُ نَخْلة بالجَوْدةِ، وأَنها ليس فيها سَنْهاءُ؛ والسنهاءُ: التي
أَصابتها السَّنةُ، يعني أَضَرَّ بها الجَدْبُ؛ وقيل: هي التي تحمل سنة وتَترك أُخرى؛ والعَرايا: جمع عَرِيَّةٍ، وهي التي يُوهَبُ ثَمَرُها. والجَوائحُ: السِّنونُ الشِّدادُ التي تُجِـيحُ المالَ؛ وقبل هذا البيت:
أَدِينُ، وما دَيْنِـي عَلَيْكُم بِمَغْرَمٍ، * ولكِنْ عَلى الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ
أَي إِنما آخُذُ بدَيْنٍ، على أَن أُؤَدِّيَه من مالي وما يَرْزُقُ اللّه من ثَمَرة نَخْلي، ولا أُكلِّفُكم قَضاءَ دَيْني عني. والشُّمُّ: الطِّوالُ. والجِلادُ: الصَّابِراتُ على العَطَشِ والـحَرِّ والبَرْدِ. والقَراوِحُ: التي انْجَرَدَ كَرَبُها، واحِدها قِرْواحٌ، وكان الأَصل قَراويحَ، فحَذَفَ الياءَ للضرورة.
وقيل: تَرْجِـيبُها أَن تُضَمَّ أَعْذاقُها إِلى سَعَفاتِها، ثم تُشَدُّ بالخُوصِ لئلا يَنْفُضَها الرِّيحُ، وقيل: هو أَن يُوضَعَ الشَّوْكُ حَوالي الأَعْذاقِ لئلا يَصِلَ إِليها آكلٌ فلا تُسْرَق، وذلك إِذا كانت غَريبةً طَريفةً، تقول: رَــجَّبْــتُها تَرْجِـيباً. وقال الـحُبابُ ابن الـمُنْذِر: أَنا جُذَيْلُها الـمُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها الـمُرَــجَّبُ؛ قال يعقوب: التَّرْجِـيبُ هنا إِرفادُ النَّخلةِ من جانب، لِـيَمْنَعَها من السُّقوط، أَي إِن لي عَشِـيرةً تُعَضِّدُني، وتَمْنَعُني، وتُرْفِدُني. والعُذَيْقُ: تصغير عَذْقٍ، بالفتح، وهي النخلة؛ وقد وَرَدَ في حَديث السَّقِـيفَةِ: أَنا جُذَيْلُها الـمُحَكَّكُ، وعُذَيْقُها الـمُرَــجَّبُ؛ وهو تصغير تعظيم، وقيل: أَراد بالتَّرْجِـيبِ التَّعْظِـيمَ.
ورَــجِبَ فلانٌ مولاه أَي عَظَّمَه، ومِنه سمي رَــجَبٌ لأَنه كان يُعَظَّم؛ فأَما قول سَلامةَ بن جَنْدَلٍ:
والعادِياتُ أَسابِـيُّ الدِّماءِ بِها، * كأَنَّ أَعْناقَها أَنْصابُ تَرْجِـيبِ
فإِنه شَبَّهَ أَعْناقَ الخيل بالنخل الـمُرَــجَّبِ؛ وقيل: شبَّه أَعْناقَها بالحجارة التي تُذْبَح عليها النَّسائِكُ. قال: وهذا يدل على صِحَّةِ
قولِ مَن جَعل التَّرجِـيبَ دَعْماً للنخلة؛ وقال أَبو عبيد: ُيفَسِّر
هذا البيتَ تَفْسيرانِ: أَحدهما أَنت يكون شبَّه انْتِصابَ أَعْناقِها
بِجِدارِ تَرْجِـيبِ النخل، والآخَرُ أَن يكون أَراد الدِّماءَ التي تُراقُ
في رجب. وقال أَبو حنيفة: رُــجِّبَ الكَرْمُ: سُوِّيت سُرُوغُه، ووُضِعَ مَواضِعَه مِنَ الدِّعَمِ والقِلالِ.
ورَــجَبَ العُودُ: خَرج مُنْفَرداً. والرُّــجْبُ: ما بين الضِّلَعِ والقَصِّ.
والأَرْجابُ: الأَمْعاءُ، وليس لها واحد عند أَبي عبيد، وقال كراع:
واحدها رَــجَبٌ، بفتح الراءِ والجيم. وقال ابن حمدويه: واحدها رِــجْبٌ، بكسر الراءِ وسكون الجيم.
والرَّواجِبُ: مَفاصِلُ أُصولِ الأَصابع التي تلي الأَنامل؛ وقيل: هي بَواطِنُ مَفاصِلِ أُصولِ الأَصابِـع؛ وقيل: هي قَصَبُ الأَصابع؛ وقيل: هي ظُهُورُ السُّلاميَّات؛ وقيل: هي ما بين البَراجِم من السُّلاميَّات؛ وقيل: هي مَفاصِلُ الأَصابع، واحدتها راجِـبــةٌ، ثم البَراجِمُ، ثم الأَشاجِـعُ اللاتي تلي الكَفَّ.
ابن الأَعرابي: الرَّاجِـبــةُ البُقْعَةُ الـمَلْساء بينَ البراجِمِ؛ قال: والبراجِمُ الـمُشَنَّجاتُ في مَفاصِل الأَصابع، في كل إِصْبَعٍ ثَلاثُ
بُرْجُماتٍ، إِلاَّ الإِبهامَ. وفي الحديث: أَلا تُنَقُّونَ رواجِـبَــكم؟
هي ما بين عُقد الأَصابع من داخل، واحدها راجِـبــةٌ. والبراجِمُ: العُقَد الـمُتَشَنِّجَةُ في ظاهِر الأَصابعِ. الليث: راجِـبــةُ الطائِر
الإِصْبَعُ التي تلي الدَّائِرةَ مِن الجانبين الوَحْشِـيَّـيْن مِن
الرِّجْلَيْن؛ وقول صخر الغي:
تَمَلَّى بها طُولَ الحياةِ، فَقَرْنُه * له حَيَدٌ، أَشْرافُها كالرَّواجِبِ
شَبَّه ما نتأَ مِنْ قَرْنِه، بما نَـتَأَ من أُصُولِ الأَصابع إِذا ضُمَّت الكَفُّ؛ وقال كراع: واحدتها رُــجْبــةٌ؛ قال: ولا أَدري كيف ذلك، لأَنَّ فُعْلة لا تكسر على فَواعِلَ.
أَبو العميثل: رَــجَبْــتُ فلاناً بقَوْلِ سَـيِّـئٍ ورَجَمْتُه بمعنى صكَكْتُه.
والرَّواجِبُ من الـحِمار: عُروقُ مَخارج صَوْتِه، عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
طَوَى بَطنَه طُولُ الطِّراد، فأَصْبَحَتْ * تَقَلْقَلُ، مِنْ طُولِ الطِّرادِ، رَواجِـبُــهْ
والرُّــجْبــةُ: بناءٌ يُبْنى، يُصَادُ به الذئب وغيره، يوضع فيه لحم،
ويُشَدُّ بخَيْط، فإِذا جَذَبه سَقَط عليه الرُّــجْبــةُ.
شــجب: شَــجَبَ، بالفتح، يَشْــجُبُ، بالضم، شُجُوباً، وشَــجِبَ،
بالكسر، يَشْــجَبُ شَــجَبــاً، فهو شاجِبٌ وشَــجِبٌ: حَزِنَ أَو هَلَكَ.
وشَــجَبَــه اللّهُ، يَشْــجُبُــه شَــجْبــاً أَي أَهْلَكَه؛ يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى؛ يقال: ما له شَــجَبَــه اللّهُ أَي أَهْلَكَه؛ وشَــجَبَــه أَيضاً يَشْــجُبُــه شَــجْبــاً: حَزَنَه. وشَــجَبَــه: شَغَله.
وفي الحديث: الناسُ ثلاثةٌ: شاجِبٌ، وغانِمٌ، وسالِمٌ؛ فالشاجِبُ: الذي يَتَكَلَّم بالرَّدِيءِ، وقيل: الناطِقُ بالخَنا، الـمُعِـينُ على الظُّلْمِ؛ والغانِمُ: الذي يَتَكَلَّم بالخَيْرِ، ويَنْهَى عن المنكر فيَغْنَمُ؛ والسالِمُ: الساكتُ. وفي التهذيب: قال أَبو عبيد الشاجِبُ الهالِكُ الآثِمُ. قال: وشَــجَبَ الرجلُ، يَشْــجُبُ شُجُوباً إِذا عَطِبَ وهَلَكَ في دِينٍ أَو دُنْيا. وفي لغة: شَــجِبَ يَشْــجَبُ شَــجَبــاً، وهو أَجْوَدُ اللُّغَتين، قاله الكسائي؛ وأَنشد للكُمَيْت:
لَيْلَك ذا لَيْلَكَ الطويلَ، كما * عالَجَ تَبْريحَ غُلِّه الشَّــجِبُ
وامرأَةٌ شَجُوبٌ: ذاتُ هَمٍّ، قَلْبُها مُتَعَلِّقٌ به.
والشَّــجَبُ: العَنَتُ يُصِـيبُ الإِنسانَ من مَرَضٍ، أَو قِتال. وشَــجَبُ
الإِنسانِ: حاجتُه وهَمُّه، وجمعه شُجُوبٌ، والأَعرف شَجَنٌ، بالنون، وسيأْتي ذكره في موضعه.
الأَصمعي: يقال إِنك لتَشْــجُبُــني عن حاجتي أَي تَجْذِبُني عنها؛ ومنه يقال: هو يَشْــجُبُ اللِّجامَ أَي يَجْذِبُه.
والشَّــجَبُ: الـهَمُّ والـحَزَنُ.
وأَشْــجَبــه الأَمْرُ، فشَــجِبَ له شَــجَبــاً: حَزِنَ. وقد أَشْــجَبَــك الأَمْرُ، فشَــجِـبْــتَ شَــجَبــاً.
وشَــجَبَ الشيءُ، يَشْــجُبُ شَــجْبــاً وشُجُوباً: ذَهَبَ.
وشَــجَبَ الغُرابُ، يَشْــجُبُ شَجِـيباً: نَعَقَ بالبَيْنِ. وغرابٌ شاجِبٌ: يَشْــجُبُ شَجِـيباً، وهو الشديدُ
النَّعِـيقِ الذي يَتَفَجَّعُ مِن غِرْبانِ البَيْنِ؛ وأَنشد:
ذَكَّرْن أَشْجاناً لِـمَنْ تَشَــجَّبــا، * وهِجْنَ أَعْجاباً لِـمَنْ تَعَــجَّبــا
والشِّجابُ: خَشَباتٌ مُوَثَّقةٌ منصوبةٌ، تُوضَعُ عليها الثِّـيابُ
وتُنْشَر، والجمع شُــجُبٌ؛ والـمِشْــجَبُ كالشِّجابِ.
وفي حديث جابِرٍ: وثَوْبهُ على الـمِشْــجَبِ وهو، بكسر الميم، عِـيدانٌ يُضَمُّ رُؤُوسها، ويُفَرَّجُ بين قَوائمِها، وتُوضَعُ عليها الثِّـيابُ. وقد تُعَلَّقُ عليها الأَسْقِـيةُ لتَبْريدِ الماءِ؛ وهو من تَشاجَبَ الأَمْرُ إِذا اخْتَلَطَ. والشُّــجُبُ: الخَشَباتُ الثلاثُ التي يُعَلِّق عليها الراعِـي دَلْوَه وسِقاءَه.
والشّــجْبُ: عَمُود من عُمُدِ البيت، والجمع شُجُوب؛ قال أَبو وِعاسٍ الـهُذَلي يَصِفُ الرِّماح:
كأَنَّ رِماحَهم قَصْباءُ غِـيلٍ، * تَهَزْهَزُ مِن شَمالٍ، أَو جَنُوبِ
فَسامُونا الـهِدانةَ مِن قَريبٍ، * وهُنَّ مَعاً قِـيامٌ كالشُّجُوبِ
قال ابن بري: الشعر لأُسامةَ بن الـحَرثِ الهذلي. وهُنَّ: ضميرُ
الرِّماح التي تقدّمَت في البيت الأَوَّل. وسامُونا: عَرضُوا علينا.
والـهِدانةُ: الـمُهادَنةُ والـمُوادَعةُ.
والشَّــجْبُ: سِقاءٌ يابسٌ يُجعلُ فيه حَصى ثم يُحَرَّكُ، تُذْعَرُ به
الإِبل. وسِقاءٌ شاجِبٌ أَي يابسٌ؛ قال الراجز:
لَوْ أَنّ سَلْمَى ساوَقَتْ رَكائِـبي، وشَرِبَتْ مِن ماءِ شَنٍّ شاجِبِ
وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: أَنه باتَ عند خالتِه مَيْمونةَ، قال: فقام النبـيُّ، صلى اللّه عليه وسلم، إِلى شَــجْبٍ، فاصْطَبَّ منه الماءَ، وتَوَضَّـأَ؛ الشَّــجْبُ: بالسكون، السِّقاءُ الذي أَخْلَقَ وبَلِـيَ، وصارَ شَنّاً، وهو من الشَّــجْبِ، الهلاكِ، ويجمع على شُــجُبٍ وأَشْجابٍ. قال الأَزهري: وسمعتُ أَعرابياً من بني سُلَيْمٍ يقول: الشَّــجْب من الأَساقِـي ما تَشَنَّنَ وأَخْلَقَ؛ قال: وربما قُطِـعَ فَمُ الشَّــجْبِ، وجُعِلَ فيه الرُّطَبُ. ابن دريد: الشَّــجْبُ تَداخُلُ الشيء بعضه في بعضٍ. وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها: فاسْتَقَوْا من كلّ بِئرٍ ثلاثَ شُــجُبٍ. وفي حديث جابر، رضي اللّه عنه: كان رجل من الأَنصارِ يُبَرّدُ، لرسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، الماء في أَشْجابِه. وشَــجَبَــه بِشِجابٍ أَي سَدَّه بِسِدادٍ.
وبَنُو الشَّــجْبِ: قبيلةٌ من كَلْبٍ؛ قال الأَخطل:
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ، وياسَرَتْ * بِنا العِـيسُ، عن عَذْراءَ دارِ بَني الشَّــجْبِ
ويَشْــجُبُ: حَيٌّ، وهو يَشْــجُبُ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ، واللّه أَعلم.
جبــي: جَبَــى الخراجَ والماء والحوضَ يَــجْبَــاهُ ويَــجْبــيه: جَمَعَه. وجَبَــى
يَــجْبَــى مما جاء نادراً: مثل أَبى يَأْبى، وذلك أَنهم شبهوا الأَلف في
آخره بالهمزة في قَرَأَ يَقْرَأُ وهَدَأَ يَهْدَأُ، قال: وقد قالوا
يَــجْبَــى، والمصدر جِبْــوَةً وجِبْــيَة؛ عن اللحياني، وجِبــاً وجَبــاً
وجِبَــاوةٌ وجِبــايةٌ
نادر. وفي حديث سعد: يُبْطِئُ في جِبْــوَتهِ؛ الــجِبْــوَة والــجِبْــيَة:
الحالة من جَبْــيِ الخراج واسْتِيفائه. وجَبَــيْتُ الخراجَ جِبَــاية وجَبَــوْته
جِبَــاوَة؛ الأَخير نادر، قال ابن سيده: قال سيبويه أَدخلوا الواو على
الياء لكثرة دخول الياء عليها ولأَن للواو خاصة كما أَن للياء خاصة؛ قال
الجوهري: يهمز ولا يهمز، قال: وأَصله الهمز؛ قال ابن بري: جَبَــيْت الخراج
وجَبَــوْته لا أَصل له في الهمز سماعاً وقياساً، أَما السماع فلكونه لم يسمع
فيه الهمز، وأَما القياس فلأَنه من جَبَــيْت أَي جمعت وحَصَّلت، ومنه
جَبَــيْت الماء في الحوض وجَبَــوْته، والجابي: الذي يجمع المال للإبل،
والــجَبَــاوَةُ اسم الماء المجموع. ابن سيده في جَبَــيْت الخراج: جَبَــيْته من القوم
وجَبَــيْتُه الْقَوْمَ؛ قال النابغة الجعدي:
دنانير نَــجْبِــيها العِبادَ، وغَلَّة
على الأَزْدِ مِن جاهِ امْرِئٍ قد تَمَهَّلا
وفي حديث أَبي هريرة: كيف أَنتم إذا لم تَجْتَبوا ديناراً ولا
دِرْهَماً؛ الاجْتِباءُ، افتِعال من الــجِبــاية: وهو استخراج الأَموال من
مَظانها.والــجِبْــوة والــجُبْــوة والــجِبــا والــجَبــا والــجِبــاوة: ما جمعتَ في الحوض من
الماء. والــجِبــا والــجَبــا: ما حول البئر والــجَبــا: ما حول الحوض،يكتب
بالأَلف. وفي حديث الحديبية: فقعد رسول الله، صلى الله عليه وسلم، على جَبــاها
فَسَقَيْنا واسْتَقَيْنا؛ الــجَبــا، بالفتح والقصر: ما حول البئر. والــجِبَــا،
بالكسر مقصور: ما جمعت فيه من الماء. الجوهري: والــجِبــا، بالكسر مقصور،
الماء المجموع للإبل، وكذلك الــجِبْــوة والــجِبــاوة. الجوهري: الــجَبــا، بالفتح
مقصور، نَثِيلة البئر وهي ترابها الذي حولها تراها من بعيد؛ ومنه: امرأةٌ
جَبْــأَى على فَعْلى مثال وَحْمَى إذا كانت قائمة الثَّدْيَيْن؛ قال ابن
بري: قوله جَبْــأَى التي طَلَعَ ثديُها ليس من الــجَبــا المعتلّ اللام،
وإنما هو من جَبَــأَ علينا فلان أَي طلع، فحقه أَن يذكر في باب الهمز؛ قال:
وكأَنّ الجوهري يرى الــجَبَــا الترابَ أَصله الهمز فتركت العرب همزة، فلهذا
ذكر جَبْــأَى مع الــجَبَــا، فيكون الــجَبــا ما حول البئر من التراب بمنزلة
قولهم الــجَبْــأَة ما حول السرة من كل دابة. وجَبَــى الماءَ في الحوض يَــجْبِــيه
جَبْــياً وجَبــاً وجِبــاً: جَمَعَه. قال شمر: جَبَــيْت الماء في الحوض أَــجْبــي
جَبْــياً وجَبَــوْت أَــجْبُــو جَبْــواً وجِبــايةً وجِبــاوةً أَي جمعته. أَبو
منصور: الــجِبــا ما جُمع في الحوض من الماء الذي يستقى من البئر، قال ابن
الأَنباري: هو جمع جِبْــية. والــجَبــا، بالفتح: الحوض الذي يُــجْبَــى فيه الماءُ،
وقيل: مَقام الساقي على الطَّيِّ، والجمع من كل ذلك أَــجبــاءٌ. وقال ابن
الأَعرابي: الــجَبَــا أَن يتقدم الساقي للإبل قبل ورودها بيوم فيَــجْبِــيَ لها
الماءَ في الحوض ثم يوردَها من الغد؛ وأَنشد:
بالرَّيْثِ ما أَرْوَيْتها لا بالعَجَلْ،
وبالــجَبَــا أرْوَيْتها لا بالقَبَلْ
يقول: إنها إبل كثيرة يُبطئون بسقيها فتُبْطئ فَيَبْطُؤُ ريُّها
لكثرتها فتبقى عامّة نهارها تشرب وإذا كانت ما بين الثلاث إلى العشر صب على
رؤوسها. قال: وحكى سيبويه جَبَــا يَــجْبَــى، وهي عنده ضعيفة والــجَبَــا: مَحْفَر
البئر. والــجَبَــا: شَفَة البئر؛ عن أَبي ليلى. قال ابن بري: الــجَبــا،
بالفتح، الحوض والــجِبــا، بالكسر، الماء؛ ومنه قول الأَخطل:
حتى وَرَدْنَ جِبَــا الكُلابِ نِهالاَ
وقال آخر:
حتى إذا أَشرَفَ في جوفِ جَبَــا
وقال مُضَرِّس فجمعه:
فأَلْقَتْ عَصا التَّسْيار عنها، وخَيَّمت
بأَــجْبــاءِ عَذْبِ الماء بيضٍ مَحافِرُهْ
والجابية: الحوض الذي يُــجْبَــى فيه الماء للإبل. والجابِيَة: الحوض
الضَّخْم؛ قال الأَعشى:
تَرُوحُ على آلِ المُحَلَّق جَفْنَةٌ،
كجابيَة الشَّيْخِ العِراقيِّ تَفْهَقُ
خص العراقي لجهله بالمياه لأَنه حَضَرِيّ، فإذا وجدها مَلأَ جابيتَه،
وأَعدَّها ولم يدرِ متى يجد المياه، وأَما البدويّ فهو عالم بالمياه فهو لا
يبالي أَن لا يُعِدَّها؛ ويروى: كجابية السَّيْح، وهو الماء الجاري،
والجمع الجَوابي؛ ومنه قوله تعالى: وجِفانٍ كالجوابي.
والــجَبَــايا: الرَّكايا التي تُحْفر وتُنْصب فيها قُضبان الكَرْم؛ حكاها
أَبو حنيفة؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
وذاتِ جَبــاً كَثِيرِ الوِرْدِ قَفْرٍ،
ولا تُسْقَى الحَوائِمُ من جَبــاها
فسره فقال: عنى ههنا الشرابَ
(* قوله «الشراب» هو في الأصل بالشين
المعجمة، وفي التهذيب بالسين المهملة) ، وجَبــا: رَجَعَ؛ قال يصف الحمار:
حتى إذا أَشْرَفَ في جَوْفٍ جَبَــا
يقول: إذا أَشرف في هذا الوادي رجع، ورواه ثعلب: في جوفِ جَبَــا،
بالإضافة، وغَلَّط من رواه في جوفٍ جَبَــا، بالتنوين، وهي تكتب بالأَلف والياء.
وجَبَّــى الرجلُ: وضع يديه على ركبتيه في الصلاة أَو على الأَرض، وهو
أَيضاً انْكبابه على وجهه؛ قال:
يَكْرَعُ فيها فيَعُبُّ عَبّا،
مُــجَبِّــياً في مائها مُنْكَبّا
وفي الحديث: أَنَّ وَفْدَ ثَقِيفٍ اشْتَرَطوا على رسول الله، صلى الله
عليه وسلم، أَن يُعْشَروا ولا يُحْشَروا ولا يُــجَبُّــوا، فقال النبي، صلى
الله عليه وسلم: لكم ذلك ولا خَيْرَ في دِينٍ لا رُكُوعَ فيه؛ أَصل
التَّــجْبِــيةَ أَن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل: هو السجود؛ قال شمر: لا
يُــجَبُّــوا أَي لا يَرْكعوا في صلاتهم ولا يسجدوا كما يفعل المسلمون، والعرب
تقول جَبَّــى فلان تَــجْبِــيَةً إذا أَكَبَّ على وجهه بارِكاً أَو وضع يديه
على ركبتيه منحنياً وهو قائم.
وفي حديث ابن مسعود: أَنه ذكر القيامةَ والنفخَ في الصُّور قال فيقومون
فيُــجَبُّــون تَــجْبِــيَةَ رجلٍ واحدٍ قياماً لرب العالمين؛ قال أَبو عبيد:
التــجبــية تكون في حالين: إحداهما أَن يضع يديه على ركبتيه وهو قائم وهذا هو
المعنى الذي في الحديث، أَلا تراه قال قياماً لرب العالمين؟ والوجه
الآخر أن يَنْكَبَّ على وجهه بارِكاً، وهو كالسجود، وهذا الوجهُ المعروف عند
الناس، وقد حمله بعض الناس على قوله فيخرُّون سُجَّداً لرب العالمين فجعل
السجود هو التَّــجْبــية؛ قال الجوهري: والتَّــجْبــية أَن يقوم الإنسان قيام
الراكع؛ قال ابن الأَثير: والمراد بقولهم لا يُــجَبُّــونَ أَنهم لا يصلون،
ولفظ الحديث يدل على الركوع والسجود لقوله في جوابهم: ولا خيرَ في دِينٍ
ليس فيه ركوع، فسمى الصلاة ركوعاً لأَنه بعضها. وسئل جابر عن اشتراط
ثَقيف أَن لا صدقة عليها ولا جهاد فقال: علم أَنهم سيَصَّدَّقون ويجاهدون إذا
أَسلموا، ولم يرخص لهم في ترك الصلاة لأَن وقتها حاضر متكرر بخلاف وقت
الزكاة والجهاد؛ ومنه حديث عبد الله أَنه
(* قوله «ومنه حديث عبد الله أنه
إلخ» هكذا في النسخ التي بأيدينا). ذكر القيامة قال: ويُــجَبُّــون
تَــجْبِــيةَ رجُل واحد قياماً لرب العالمين. وفي حديث الرؤيا: فإذا أَنا بِتَلٍّ
أَسود عليه قوم مُــجَبُّــون يُنْفَخُ في أَدبارِهم بالنار. وفي حديث جابر:
كانت اليهود تقول إذا نكَحَ الرجلُ امرأَته مُــجَبِّــيَةً جاء الولدُ
أَحْوَل، أَي مُنْكَبَّةً على وجهها تشبيهاً بهيئة السجود. واجْتَباه أَي
اصْطفاه. وفي الحديث: أَنه اجْتَباه لنفسه أَي اختاره واصطفاه. ابن سيده:
واجْتَبَى الشيءَ اختاره. وقوله عز وجل: وإذا لم تأْتهم بآية قالوا لولا
اجْتَبَيْتها؛ قال: معناه عند ثعلب جئت بها من نفسك، وقال الفراء: معناه هلا
اجْتَبَيْتَها هلا اخْتَلَقْتَها وافْتَعَلْتها من قِبَل نفسك، وهو في
كلام العرب جائز أَن يقول لقد اختار لك الشيءَ واجْتَباه وارْتَجَله.
وقوله: وكذلك يَجْتَبِيك ربك؛ قال الزجاج: معناه وكذلك يختارك ويصطفيك، وهو
مشتق من جبــيت الشيءَ إذا خلصته لنفسك، ومنه: جبــيت الماء في الحوض. قال
الأَزهري: وجِبــايةُ الخراج جمعه وتحصيله مأْخوذ من هذا. وفي حديث وائل بن
حُجْر قال: كتب لي رسول الله، صلى الله عليه وسلم: لا جَلَبَ ولا جَنَبَ ولا
شِغارَ ولا وِرَاطَ ومن أَــجْبَــى فقد أَرْبَى؛ قيل: أَصله الهمز، وفسر من
أَــجْبَــى أَي من عَيَّنَ فقد أَرْبَى، قال: وهو حسن. قال أَبو عبيد:
الإجبــاء بيع الحرث والزرع قبل أَن يبدو صلاحه، وقيل: هو أَن يُغَيِّب إبِلَهُ
عن المصَدِّق، من أَــجْبَــأْتُهُ إذا وارَيْته؛ قال ابن الأَثير: والأَصل
في هذه اللفظة الهمز، ولكنه روي غير مهموز، فإما أَن يكون تحريفاً من
الراوي، أَو يكون ترك الهمز للازدواج بأَرْبَى، وقيل: أَراد بالإجْبــاء
العِينَة وهو أَن يبيع من رجل سِلْعة بثمن معلوم إلى أَجل معلوم، ثم يشتريها
منه بالنقد بأَقل من الثمن الذي باعها به. وروي عن ثعلب أَنه سئل عن قوله
من أَــجْبَــى فقد أَرْبَى قال: لا خُلْفَ بيننا أَنه من باع زرعاً قبل أَن
يُدْرِك كذا، قال أَبو عبيد: فقيل له قال بعضهم أَخطأَ أَبو عبيد في هذا،
من أَين كان زرع أَيام النبي، صلى الله عليه وسلم؟ فقال: هذا أَحمق
أَبو عبيد تكلم بهذا على رؤُوس الخَلْق وتكلم به بعد الخلق من سنة ثمانَ
عَشْرَة إلى يومنا هذا لم يُرَدَّ عليه. والإجْبــاءُ: بيع الزرع قبل أَن
يبدو صلاحه، وقد ذكرناه في الهمز. والجابِيَة: جماعة القوم؛ قال حميد بن ثور
الهلالي:
أَنْتُم بجابِيَة المُلُوك، وأَهْلُنا
بالجَوِّ جِيرَتُنا صُدَاء وحِمْيَرُ
والجابي: الجَراد الذي يَــجْبــي كلَّ شيءٍ يأكُلُه؛ قال عبد مناف بنُ
رِبْعِيّ الهذلي:
صابُوا بستَّةِ أَبْياتٍ وأَرْبعة،
حتى كأَنَّ عليهم جابِياً لُبَدَا
ويروى بالهمز، وقد تقدم ذكره. التهذيب: سُمِّيَ الجرادُ الجابيَ
لطُلوعِه. ابن الأَعرابي: العرب تقول إذا جاءت السنة جاء معها الجابي والجاني،
فالجابي الجراد، والجاني الذئب
(* قوله «والجاني الذئب» هو هكذا في الأصل
وشرح القاموس)، لم يهمزهما. والجابِيَة: مدينة بالشام، وبابُ الجابِيَة
بدمشق، وإنما قضى بأَن هذه من الياء لظهور الياء وأَنها لام، واللام ياءً
أَكثر منها واواً. والــجَبَــا موضع. وفَرْشُ الــجَبَــا: موضع؛ قال كثير عزة:
أَهاجَكَ بَرْقٌ آخرَ الليلِ واصِبُ
تَضَمَّنَهُ فَرْشُ الــجَبَــا فالمَسارِبُ؟
ابن الأَثير في هذه الترجمة: وفي حديث خديجة قالت يا رسول الله ما
بَيْتٌ في الجنَّة من قَصَب؟ قال: هو بيتٌ من لؤلؤة مجَوَّفة مُــجَبَّــاةٍ؛ قال
ابن الأَثير: فسره ابن وهب فقال مجوَّفة، قال: وقال الخطابي هذا لا
يستتِمّ إلا أَن يجعل من المقلوب فتكون مجوَّبة من الجَوْب، وهو القَطْع،
وقيل: من الجَوْب، وهو نَقِير يجتمع فيه الماء، والله أَعلم.
نــجب: في الحديث: إِنَّ كلَّ نَبِـيٍّ أُعْطِـيَ سبعة نُــجَبــاءَ رُفَقاءَ.
ابن الأَثير: النَّجيبُ الفاضلُ من كلِّ حيوانٍ؛ وقد نَــجُبَ يَنْــجُبُ
نَجابةً إِذا كان فاضلاً نَفيساً في نوعه؛ ومنه الحديث: إِن اللّه يُحِبُّ التاجِرَ النَّجِـيبَ أَي الفاضل الكَريم السَّخِـيَّ. ومنه حديث ابن مسعود: الأَنْعامُ من نَجائبِ القُزَانِ، أَو نواجِبِ القرآن أَي من أَفاضل سُوَره. فالنَّجائِبُ جمع نَجيبةٍ، تأْنيثُ النَّجِـيبِ. وأَما
النَّواجِبُ، فقال شَمِر: هي عِتاقُه، من قولهم: نَــجَبْــتُهُ إِذا قَشَرْتَ نَــجَبَــه، وهو لِحاؤُه وقِشْرُه، وتَرَكْتَ لُبابَه وخالصَه. ابن سيده: النَّجِـيبُ من الرجال الكريمُ الـحَسِـيبُ، وكذلك البعيرُ والفرسُ إِذا كانا كريمين عَتِـيقين، والجمع أَنجاب ونُــجَبــاءُ ونُــجُبٌ. ورجل نَجِـيبٌ أَي كريم، بَيِّنُ النَّجابة. والنُّــجَبــةُ، مثالُ الـهُمَزة: النَّجِـيبُ. يقال: هو نُــجَبَــةُ القَوم إِذا كان النَّجِـيبَ منهم.
وأَنْــجَبَ الرجلُ أَي ولَدَ نَجِـيباً؛ قال الشاعر:
أَنْــجَبَ أَزْمانَ والداهُ به، * إِذ نَجَلاهُ، فنِعْمَ ما نَجَلا
والنَّجيبُ من الإِبل، والجمع النُّــجُبُ والنَّجائبُ. وقد تكرر في
الحديث ذِكْرُ النَّجِـيبِ من الإِبل، مفرداً ومجموعاً، وهو القويُّ منها، الخفيف السريع، وناقَةٌ نَجِـيبٌ ونجيبةٌ.
وقد نَــجُبَ يَنْــجُبُ نَجابةً، وأَنــجَبَ، وأَنــجَبَــتِ المرأَةُ، فهي مُنْــجِـبــةٌ، ومِنْجابٌ. وَلَدَتِ النُّــجَبَــاءَ؛ ونسوةٌ مَناجِـيبُ، وكذلك الرجلُ.
يقال: أَنــجَبَ الرجلُ والمرأَةُ إِذا ولدا ولداً نَجِـيباً أَي كَرِيماً. وامرأَة مِنْجابٌ: ذات أَولادٍ نــجَبــاء. ابن الأَعرابي: أَنــجَبَ الرجلُ جاءَ بولد نَجِـيبٍ. وأَنــجَبَ: جاءَ بولد جَبــانٍ، قال: فمن جعله ذَمّاً، أَخَذَه من النَّــجَب، وهو قِشْرُ الشجر. والنَّجابةُ: مَصْدَرُ النَّجِـيبِ من الرِّجال، وهو الكريم ذو الـحَسَب إِذا خَرَج خُروجَ أَبيه في الكَرَم؛ والفِعْلُ نَــجُبَ يَنْــجُبُ نَجابةً، وكذلك النَّجابةُ في نجائبِ الإِبل، وهي عِتاقُها التي يُسابَقُ عليها.والـمُنْتَــجَبُ: الـمُختارُ من كل شيءٍ؛ وقد انْتَــجَبَ فلانٌ فلاناً إِذا اسْتَخْلَصَه، واصْطَفاه اخْتياراً على غيره.
والـمِنْجابُ: الضعيف، وجمعه مَناجيبُ؛ قال عُرْوة ابنُ مُرَّة
الـهُذَليُّ:
بَعَثْتُه في سَوادِ اللَّيلِ يَرْقُبُني، * إِذ آثر النَّومَ والدِّفْءَ الـمَناجيبُ
ويروى الـمَناخِـيبُ، وهي كالـمَناجيب، وهو مذكور
في موضعه. والـمِنْجابُ من السهام: ما بُرِيَ وأُصْلِـحَ ولم يُرَشْ ولم يُنْصَلْ، قاله الأَصمعي. الجوهري: الـمِنْجابُ السَّهْمُ الذي ليس عليه ريش ولا نَصلٌ. وإِناءٌ مَنْجُوبٌ: واسعُ الجوف، وقيل: واسع القَعْر، وهو مذكور بالفاءِ أَيضاً؛ قال ابن سيده: وهو الصواب؛ وقال غيره: يجوز أَن تكون الباء والفاء تعاقبتا، وسيأْتي ذكره في الفاءِ أَيضاً. والنَّــجَبُ، بالتحريك: لِـحَاءُ الشَّجَرِ؛ وقيل: قِشْرُ عروقها؛ وقيل: قِشْرُ ما صَلُبَ منها. ولا يقال لِـمَا لانَ منْ قُشُور الأَغصانِ نَــجَبٌ، ولا يقال: قِشْرُ العُروق، ولكن يقالُ: نَــجَبُ العُروق، والواحدة نَــجَبــةٌ.
والنَّــجْبُ، بالتسكين: مصدر نَــجَبْــتُ الشجرة أَنْــجُبُــها وأَنــجِـبُــها إِذا أَخذت قِشرَة ساقِها. ابن سيده: ونَــجَبــه يَنْــجُبُــه، ويَنْــجِـبُــه نَــجْبــاً، ونــجَّبــه تَنْجِـيباً، وانْتَــجَبَــه: أَخذه. وذَهَبَ فلانٌ يَنتَــجِبُ أَي يجْمَعُ النَّــجَبَ. وفي حديث أُبَـيّ: الـمُؤْمنُ لا تُصيبُه ذَعْرة، ولا عَثْرة، ولا نَــجْبــةُ نملةٍ إِلاَّ بذَنْبٍ؛ أَي قَرْصَةُ نملةٍ، مِن نَــجَبَ العُودَ إِذا
قَشَرَه؛ والنَّــجَبَــةُ، بالتحريك: القِشرَةُ. قال ابن الأَثير: ذكره أَبو
موسى ههنا، ويروى بالخاءِ المعجمة، وسيأْتي ذكره؛ وأَما قوله:
يا أَيـُّها الزاعِمُ أَني أَجْتَلِبْ، * وأَنني غَيرَ عِضاهي أَنْتَــجِبْ
فمعناه أَنني أَجْتَلِبُ الشِّعْرَ من غَيري، فكأَني إِنما آخُذُ القِشْرَ لأَدْبُغَ به من عِضاهٍ غير عِضاهي.
الأَزهري: النَّــجَبُ قُشُورُ السِّدْر، يُصْبَغُ به، وهو أَحمر. وسِقاءٌ
مَنْجوبٌ ونَــجَبـــيٌّ: مدبوغ بالنَّــجَب، وهي قُشور سُوق الطَّلْح، وقيل: هي لِـحَاءُ الشَّجَر، وسِقاءٌ نَــجَبـــيٌّ.
وقال أَبو حنيفة، قال أَبو مِسْحَل: سِقاءٌ مِنْــجَبٌ مدبوغ بالنَّــجَب.
قال ابن سيده: وهذا ليس بشيءٍ، لأَن مِنْــجَبــاً مِفْعَلٌ، ومِفْعَلٌ لا
يُعَبَّرُ عنه بمفعول. والـمَنجوبُ: الجلْدُ المدبوغ بقُشور سُوق الطَّلْح.
والـمَنْجُوبُ: القَدَحُ الواسِـع.
ومِنْجابٌ ونَــجَبــةُ: اسمان. والنَّــجَبَــةُ: موضعٌ بعينه، عن ابن
الأَعرابي؛ وأَنشد:
فنحنُ فُرْسانٌ غَداةَ النَّــجَبَــهْ،
يومَ يَشُدُّ الغَنَوِيُّ أُرَبَهْ،
عَقْداً بعَشْرِ مائةٍ لَنْ تُتْعِـبَهْ
قال: أَسَرُوهمْ، ففَدَوْهُم بأَلْفِ ناقةٍ.
والنَّــجْبُ: اسم موضع؛ قال القَتَّالُ الكِلابيُّ (1)
(1 قوله «قال القتال الكلابي» وبعده كما في ياقوت:
الى صفرات الملح ليس بجوّها * أنيس ولا ممن يحل بها شفر
شفر كقفل أي أحد. يقال ما بها شفر ولا كتيع كرغيف ولا دبيج كسكين.) :
عَفا النَّــجْبُ بَعْدي فالعُرَيْشانِ فالبُتْرُ، * فبُرْقُ نِعاجٍ من أُمَيْمَة فالـحِجْرُ
ويومُ ذي نَــجَبٍ: يومٌ من أَيام العرب مشهور.