لأبي الحسين: علي بن محمد الشابشتي الكاتب بن الحسين الخليعي، الشاعر.
المتوفى: سنة 000
وقف: الوُقوف خلاف الجُلوس، وقَف بالمكان وقْفاً ووُقوفاً، فهو واقف،
والجمع وُقْف ووُقوف، ويقال: وقَفتِ الدابةُ تَقِفُ وُقوفاً، ووقَفْتها
أَنا وَقْفاً. ووقَّفَ الدابةَ: جعلها تَقِف؛ وقوله:
أَحْدَثُ مَوْقِف من أُم سَلْمٍ
تَصَدِّيها، وأَصْحابي وُقوفُ
وُقوفٌ فوقَ عِيسٍ قد أُمِلَّتْ،
بَراهُنَّ الإناخةُ والوَجِيفُ
إنما أَراد وُقوف لإبلهم وهم فوقها؛ وقوله:
أَحدث موقف من أُم سلم
إنما أَراد أَحدث مواقفَ هي لي من أُم سلْم أَو من مواقِفِ أُم سلْم،
وقوله تَصَدِّيها إنما أَراد مُتصدّاها، وإنما قلت هذا لأُقابل الموقف الذي
هو الموضع بالمُتصدَّى الذي هو الموضع، فيكون ذلك مقابلة اسم باسم،
ومكان بمكان، وقد يكون موقفي ههنا وُقوفي، فإِذا كان ذلك فالتصدّي على وجهه
أَي أَنه مصدر حينئذ، فقابل المصدر بالمصدر؛ قال ابن بري: ومما جاء شاهداً
على أَوقفت الدابة قول الشاعر:
وقولها، والرِّكابُ مُوقَفةٌ:
أَقِمْ علينا أَخي، فلم أُقِمِ
وقوله:
قلت لها: قِفِي لنا، قالت: قافْ
إنما أَراد قد وقَفْتُ فاكتفى بذكر القاف. قال ابن جني: ولو نقل هذا
الشاعر إلينا شيئاً من جملة الحال فقال مع قوله قالت قاف: وأَمسكَت زمام
بعيرها أَو عاجَته علينا، لكان أَبين لما كانوا عليه وأَدل، على أَنها
أَرادت قفي لنا قفي لنا أَي تقول لي قفي لنا متعجبة منه، وهو إذا شاهَدها وقد
وقَفَتْ علم أَن قولها قاف إجابةٌ له لا رَدّ لقوله وتعَجُّب منه في قوله
قفي لنا.
الليث: الوَقْف مصدر قولك وقَفْتُ الدابةَ ووقَفْت الكلمة وقْفاً، وهذا
مُجاوِز، فإذا كان لازماً قلت وقفَتْ وُقوفاً. وإذا وقَّفْت الرجلَ على
كلمة قلت: وقَّفْتُه تَوْقيفــاً. ووقَف الأَرض على المساكين، وفي الصحاح
للمساكين، وقْفاً: حبسَها، ووقفْتُ الدابةَ والأَرضَ وكلَّ شيء، فأَما
أَوقف في جميع ما تقدّم من الدواب والأَرضين وغيرهما فهي لغة رَديئة؛ قال
أَبو عمرو بن العلاء: إلا أَني لو مررت برجل واقف فقلت له: ما أَوْقَفَك
ههنا، لرأَيته حسَناً. وحكى ابن السكّيت عن الكسائي: ما أَوقَفك ههنا وأَيُّ
شيء أَوقفك ههنا أَي أَيُّ شيء صيَّرك إلى الوُقوف، وقيل: وقَف وأَوقَف
سواء. قال الجوهري: وليس في الكلام أَوقفْت إلا حرف واحد أَوقَفْت عن
الأَمر الذي كنت فيه أَي أَقْلَعْت؛ قال الطرماح:
قَلَّ في شَطِّ نَهْروانَ اغْتِماضِي،
ودَعاني هَوى العُيونِ المِراضِ
جامِحاً في غَوايَتي، ثم أَوقَفْـ
ـتُ رِضاً بالتُّقَى، وذُو البِرِّ راضي
قال: وحكى أَبو عمرو كلمتهم ثم أَوقفْت أَي سكتُّ، وكل شيء تُمسك عنه
تقول أَوقفت، ويقال: كان على أَمْر فأَوقَف أَي أَقصَر. وتقول: وقفْت الشيء
أَقِفه وقْفاً، ولا يقال فيه أَوقفت إلا على لغة رديئة. وفي كتابه لأَهل
نجْرانَ: وأن لا يُغيَّرَ واقِف من وِقِّيفاه؛ الواقف: خادم البِيعة
لأَنه وقَف نفسَه على خِدْمتها، والوِقِّيفى، بالكسر والتشديد والقصر:
الخدمة، وهي مصدر كالخِصِّيصى والخِلِّيفى. وقوله تعالى: ولو ترى إذ وُقِفوا
على النار، يحتمل ثلاثة أَوجه: جائز أَن يكونوا عاينوها، وجائز أَن يكونوا
عليها وهي تحتهم، قال ابن سيده: والأَجود أَن يكون معنى وُقفوا على
النار أُدخلوها فعرَفوا مِقدار عذابها كما تقول: وقفْت على ما عند فلان تريد
قد فَهِمته وتبيَّنْته. ورجل وقّاف: مُتَأَنٍّ غير عَجِل؛ قال:
وقد وقَفَتْني بينَ شكٍّ وشُبْهِةٍ،
وما كنت وقّافاً على الشُّبُهات
وفي حديث الحسن: إن المؤمن وقّاف مُتَأَنٍّ وليس كحاطِب الليل؛
والوقّاف: الذي لا يستعجل في الأَمور، وهو فَعّال من الوُقوف. والوقّاف:
المُحْجِم عن القتال كأَنه يَقِف نفسه عنه ويعوقها؛ قال دريد:
وإنْ يَكُ عبدُ اللّه خلَّى مكانَه،
فما كان وقَّافاً، ولا طائشَ اليدِ
وواقَفه مُواقفة ووِقافاً: وقفَ معه في حرب أَو خُصومة. التهذيب: أَوقفت
الرجلَ على خِزْيِه إذا كنت لا تحبسه بيدك، فأَنا أُوقِفه إيقافاً، قال:
وما لك تَقِف دابتك تحبسها بيدك.
والمَوْقِفُ: الموضع الذي تقِف فيه حيث كان.
وتَوْقِيفُ الناس في الحجّ: وُقوفهم بالمواقِف. والــتوْقيف: كالنَّصّ،
وتواقفَ الفريقان في القِتال. وواقَفْته على كذا مُواقفة ووِقافاً
واسْتَوْقَفْته أَي سأَلته الوقُوف. والتوقُّف في الشيء: كالتلَوُّم فيه. وأَوقفت
الرجل على كذا إذا لم تحبسه بيدك. والواقفة: القدَم، يمانية صفة غالبة.
والمِيقَف والمِيقاف: عُودأَو غيره يسكَّن به غلَيان القِدر كأَنّ
غليانها يُوقف بذلك؛ كلاهما عن اللحياني.
والمَوْقُوف من عَروض مَشْطُور السَّريع والمُنْسَرِح: الجزء الذي هو
مفعولان، كقوله:
يَنْضَحْنَ في حافاتِها بالأَبْوالْ
فقوله بالأَبوال مفعولانْ أَصله مفعولاتُ أُسكنت التاء فصار مفعولاتْ،
فنقل في التقطيع إلى مفعولان، سمي بذلك لأَن حركة آخره وُقِفَت فسمي
موقوفاً، كما سميت مِنْ وقَطْ وهذه الأَشياء المبنية على سكون الأَواخِر
موقوفاً.
ومَوْقِفُ المرأَةِ: يداها وعيناها وما لا بدّ لها من إظهاره. الأَصمعي:
بدا من المرأَة مَوقِفُها وهو يداها وعيناها وما لا بدَّ لها من إظهاره.
ويقال للمرأَة: إنها لحسَنة الموقفين، وهما الوجه والقدَم. المحكم:
وإنها لجميلة مَوْقِف الراكِب يعني عينيها وذراعيها، وهو ما يراه الراكب
منها. ووقَّفَتِ المرأَةُ يديها بالحِنّاء إذا نقَّطت في يديها نُقَطاً.
ومَوْقِف الفرس: ما دخَل في وسَط الشاكلة، وقيل: مَوْقفاه الهَزْمتان اللتان
في كَشْحَيه. أَبو عبيد: الموقفان من الفرس نُقْرتا خاصرتيه. يقال: فرس
شديد الموقِفين كما يقال شَديدُ الجَنْبَين وحَبِطُ الموْقِفَينِ إذا كان
عظيم الجنبين؛ قال الجعدي:
شدِيدُ قِلاتِ المَوْقِفَيْنِ كأَنما
به نَفَسٌ، أَو قد أَراد ليَزْفِرا
وقال:
فَلِيق النَّسا حَبِط الموقفيـ
ـن، يَسْتَنُّ كالصدَعِ الأَشْعَبِ
وقيل: موقف الدابة ما أَشرف من صُلبه على خاصرته. التهذيب: قال بعضهم
فرس مُوَقَّف وهو أَبرشُ أَعلى الأُذنين كأَنهما منقوشتان ببياض ولو سائره
ما كان.
والوَقِيفةُ: الأُروِيَّةُ تُلْجِئها الكلاب إلى صخرة لا مَخلَص لها
منها في الجبل فلا يمكنها أَن تنزل حتى تصاد؛ قال:
فلا تَحْسَبَنِّي شَحْمةً من وَقِيفةٍ
مُطَرَّدةٍ مما تَصيدُكَ سَلْفَعُ
وفي رواية: تَسَرَّطُها مما تصيدك. وسَلْفَعُ: اسم كلبة، وقيل: الوقيفة
الطَّريدة إذا أَعْيَت من مُطاردة الكلاب. وقال الجوهري: الوقيفة
الوَعِل؛ قال ابن بري: وصوابه الوقيفة الأُرْوِيّة. وكلُّ موضع حبسَته الكلاب
على أَصحابه، فهو وَقِيفة.
ووقَّف الحديث: بيَّنه. أَبو زيد: وقَّفت الحديث توقيفــاً وبيَّنته
تبييناً، وهما واحد. ووقَّفته على ذنبه أَي أَطلعته عليه. ويقال: وقَّفته على
الكلمة توقيفــاً. والوَقْف: الخَلْخال ما كان من شيء من الفضة والذَّبْل
وغيرهما، وأَكثر ما يكون من الذبل، وقيل: هو السِّوار ما كان، وقيل: هو
السوار من الذَّبل والعاج، والجمع وقُوف. والمَسَكُ إذا كان من عاج فهو
وقْف، وإذا كان من ذَبْل فهو مَسَك، وهو كهيئة السِّوار. يقال: وقَّفَت
المرأَة توقيفــاً إذا جعلت في يديها الوقْف. وحكى ابن بري عن أَبي عمرو:
أَوقَفَت الجاريةُ، جعلت لها وقْفاً من ذَبْل؛ وأَنشد ابن بري شاهداً على
الوقْف السوار من العاج لابن مُقْبل:
كأَنه وقْفُ عاجٍ بات مَكْنُونا
(*
قوله «مكنونا» كذا بالأصل وكتب بازائه: منكفتاً، وهو الذي في شرح
القاموس.)
والــتوْقِيف: البياض مع السواد. ووُقُوف القوسِ: أَوتارُها المشدودة في
يدها ورجلها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وقال أَبو حنيفة: الــتوْقِيف عقَب يُلْوَى
على القوس رَطباً لَيّناً حتى يصير كالحَلْقة، مشتق من الوقْف الذي هو
السوار من العاج؛ هذه حكاية أَبي حنيفة، جعل الــتوقيف اسماً كالتَّمْتين
والتنْبيت؛ قال ابن سيده: وأَبو حنيفة لا يؤمن على هذا، إنما الصحيح أَن
يقول: الــتوقيف أَن يُلْوى العَقَبُ على القوس رطباً حتى يصير كالحلقة،
فيُعَبَّر عن المصدر بالمصدر، إلاَّ أَنْ يثبت أَن أَبا حنيفة ممن يعرف مثل
هذا، قال: وعندي أَنه ليس من أَهل العلم به ولذلك لا آمنه عليه وأَحمله على
الأَوسع الأَشيع. والــتوقيف أَيضاً: لَيُّ العَقَب على القوس من غير عيب.
ابن شميل: الــتوقيف أَن يُوَقِّف على طائفَي القوس بمضائغ من عَقَب قد
جعلهن في غِراء من دماء الظِّباء فيجئن سوداً، ثم يُغْلى على الغِراء
بصَدإِ أَطراف النَّبْل فيجيء أَسود لازقاً لا ينقطع أَبداً. ووقْفُ الترس:
المستدير بحافته، حديداً كان أَو قَرْناً، وقد وقَّفه. وضَرع مُوقَّف: به
آثار الصِّرار؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
إبْلُ أَبي الحَبْحاب إبْلٌ تُعْرَفُ،
يَزِينُها مُجَفَّفٌ مُوَقَّفُ
قال ابن سيده: هكذا رواه ابن الأَعرابي مجفف، بالجيم، أَي ضَرْع كأَنه
جُفٌّ وهو الوَطْب الخَلَقُ، ورواه غيره محفَّف، بالحاء، أَي ممتلئ قد
حَفَّت به. يقال: حَفَّ القوم بالشيء وحفَّفوه أَحدقوا به. والــتوقيفُ:
البياض مع السواد. ودابة موقَّفة توقِيفــاً وهو شِيَتُها. ودابة موقَّفة: في
قوائمها خُطوط سود؛ قال الشماخ:
وما أَرْوَى، وإنْ كَرُمَتْ علينا،
بأَدْنَى من مُوقَّفة حَرُونِ
واستعمل أَبو ذؤيب الــتوقيف في العُقاب فقال:
مُوقَّفة القَوادِم والذُّنابَى،
كأَنَّ سَراتها اللَّبَن الحَلِيبُ
أَبو عبيد: إذا أَصاب الأَوْظِفة بياض في موضع الوقْف ولم يعْدها إلى
أَسفل ولا فوق فذلك الــتوقيف. ويقال: فرس موقَّف. الليث: الــتوقيف في قوائم
الدابة وبقر الوحش خُطوط سود؛ وأَنشد: شَيْباً موقَّفا. وقال آخر:
لها أُمٌّ مُوَقَّفةٌ رَكُوبٌ،
بحيثُ الرَّقْوُ مَرْتَعُها البَريرُ
ورجل موقَّف: أَصابته البَلايا هذه عن اللحياني. ورجل موقَّف على الحق:
ذَلول به. وحمار موقَّف؛ عنه أَيضاً: كُوِيتْ ذراعاه كَيّاً مستديراً؛
وأَنشد:
كَوَيْنا خَشْرَماً في الرأْس عَشْراً،
ووقَّفْنا هُدَيْبةً، إذ أَتانا
اللحياني: المِيقَفُ والمِيقافُ العُودُ الذي تُحرّك به القِدر ويسكَّن
به غليانها، وهو المِدْوَمُ والمِدْوامُ؛ قال: والإدامة ترك القِدْر على
الأَثافي بعد الفراغ. وفي حديث الزبير وغَزوة حُنَيْن: أَقبلت معه فوقفت
حتى اتَّقَفَ الناسُ كلهم أَي حتى وقَفُوا؛ اتَّقف مطاوع وقَف، تقول:
وقَفْته فاتّقف مثل وعدْته فاتَّعَد، والأَصل فيه اوْتَقف، فقلبت الواو ياء
لسكونها وكسر ما قبلها، ثم قلبت الياء تاءً وأُدْغمت في تاء الافتعال.
وواقفٌ: بطن من الأَنصار من بني سالم بن مالك بن أَوْس. اين سيده: وواقف
بطن من أَوس اللاَّتِ. والوقّاف: شاعر معروف.
صلح: الصَّلاح: ضدّ الفساد؛ صَلَح يَصْلَحُ ويَصْلُح صَلاحاً وصُلُوحاً؛
وأَنشد أَبو زيد:
فكيفَ بإِطْراقي إِذا ما شَتَمْتَني؟
وما بعدَ شَتْمِ الوالِدَيْنِ صُلُوحُ
وهو صالح وصَلِيحٌ، الأَخيرة عن ابن الأَعرابي، والجمع صُلَحاءُ
وصُلُوحٌ؛ وصَلُح: كصَلَح، قال ابن دريد: وليس صَلُحَ بثَبَت. ورجل صالح في نفسه
من قوم صُلَحاء ومُصْلِح في أَعماله وأُموره، وقد أَصْلَحه الله، وربما
كَنَوْا بالصالح عن الشيء الذي هو إِلى الكثرة كقول يعقوب: مَغَرَتْ في
الأَرض مَغْرَةٌ من مطر؛ هي مَطَرَةٌ صالحة، وكقول بعض النحويين، كأَنه
ابن جني: أُبدلت الياء من الواو إِبدالاً صالحاً. وهذا الشيء يَصْلُح لك
أَي هو من بابَتِك. والإِصلاح: نقيض الإِفساد.
والمَصْلَحة: الصَّلاحُ. والمَصعلَحة واحدة المصالح. والاسْتِصْلاح:
نقيض الاستفساد.
وأَصْلَح الشيءَ بعد فساده: أَقامه. وأَصْلَحَ الدابة: أَحسن إِليها
فَصَلَحَتْ. وفي التهذيب: تقول أَصْلَحْتُ إِلى الدابة إِذا أَحسنت
إِليها.والصُّلْحُ: تَصالُح القوم بينهم. والصُّلْحُ: السِّلْم. وقد
اصْطَلَحُوا وصالحوا واصَّلَحُوا وتَصالحوا واصَّالحوا، مشدّدة الصاد، قلبوا التاء
صاداً وأَدغموها في الصاد بمعنى واحد. وقوم صُلُوح: مُتصالِحُون، كأَنهم
وصفوا بالمصدر.
والصِّلاحُ، بكسر الصاد: مصدر المُصالَحةِ، والعرب تؤنثها، والاسم
الصُّلح، يذكر ويؤنث. وأَصْلَح ما بينهم وصالَحهم مُصالَحة وصِلاحاً؛ قال
بِشْرُ ابن أَبي خازم:
يَسُومُونَ الصِّلاحَ بذاتِ كَهْفٍ،
وما فيها لهمْ سَلَعٌ وقارُ
وقوله: وما فيها أَي وما في المُصالَحة، ولذلك أَنَّث الصِّلاح.
وصَلاحِ وصَلاحٌ: من أَسماء مكة، شرفها الله تعالى، يجوز أَن يكون من
الصُّلْح لقوله عز وجل: حَرَماً آمناً؛ ويجوز أَن يكون من الصَّلاحِ، وقد
ُصرف؛ قال حَرْبُ بن أُمية يخاطب أَبا مَطَرٍ الحَضْرَمِيَّ؛ وقيل هو
للحرث بن أُمية:
أَبا مَطَرٍ هَلُمَّ إِلى صَلاحٍ،
فَتَكْفِيكَ النَّدَامَى من قُرَيْشِ
وتَأْمَنُ وَسْطَهُمْ وتَعِيشُ فيهم،
أَبا مَطَرٍ، هُدِيتَ بخَيْرِ عَيْشِ
وتَسْكُنُ بَلْدَةً عَزَّتْ لَقاحاً،
وتأْمَنُ أَن يَزُورَك رَبُّ جَيْشِ
قال ابن بري: الشاهد في هذا الشعر صرف صلاح؛ قال: والأَصل فيها أَن تكون
مبنية كقطام. ويقال: حَيٌّ لَقاحٌ إِذا لم يَدينوا للمَلِك؛ قال: وأَما
الشاهد على صلاحِ بالكسر من غير صَرْف، فقول الآخر:
مِنَّا الذي بصَلاحِ قامَ مُؤَذِّناً،
لم يَسْتَكِنْ لِتَهَدُّدٍ وتَنَمُّرِ
يعني خُبَيْبَ بنَ عَدِيٍّ.
قال ابن بري: وصَلاحِ اسم علم لمكة.
وقد سمَّت العربُ صالحاً ومُصْلِحاً وصُلَيحاً.
والصِّلْحُ: نهر بمَيْسانَ.
حوش: الحُوشُ: بلادُ الجنّ من وراءِ رَمْلِ يَبْرين لا يمرّ بها أَحد من
الناس، وقيل: هم حيّ من الجن؛ وأَنشد لرؤبة:
إِليك سارَتْ من بِلادِ الحُوشِ
والحُوشُ والحُوشِيّةُ: إِبلُ الجنّ، وقيل: هي الإبلُ المُتَوحِّشةُ.
أَبو الهيثم: الإِبلُ الحُوشِيّةُ هي الوَحْشِيّةُ؛ ويقال: إِن فحلاً من
فحولِها ضرب في إِبل لمَهْرةَ بن حَيْدانَ فنُتِجَت النجائبُ المَهْريَّةُ
من تلك الفحول الحُوشِيّةِ فهي لا تكاد يدركُها التعب. قال: وذكر أَبو
عمرو الشيباني أَنه رأَى أَربع قِفَرٍ من مَهْرِيّةٍ عظْماً واحداً، وقيل:
إِبل حُوشِيّةٌ محرَّماتٌ بِعِزَّةِ نفوسِها. ويقال: الإِبلُ الحُوشِيّةُ
منسوبة إِلى الحُوشِ، وهي فُحولُ جنٍّ تزعم العرب أَنها ضربت في نَعَمِ
بعضهم فنُسِبَتْ إِليها.
ورجل حُوشِيٌّ: لا يخالط الناس ولا يأْلفهم، وفيه حُوشِيّةٌ.
والحُوشِيُّ: الوَحْشِيُّ. وحُوشِيُّ الكلامِ: وَحْشِيُّه وغريبه. ويقال: فلان
يَتَتَبّعُ حُوشِيَّ الكلام ووحْشِيَّ الكلام وعُقْميَّ الكلام بمعنًى واحد.
وفي حديث عمرو: لم يَتَتَبَّعْ حُوشيَّ الكلام أَي وحْشِيَّه وعَقِدَه
والغريب المُشْكِلَ منه. وليل حُوشِيٌّ: مظلم هائلٌ.
ورجل حُوشُ الفؤاد: حديدُه؛ قال أَبو كبير الهذلي:
فأَتَتْ به حُوشَ الفُؤَادِ مُبَطِّناً
سُهُداً، إِذا ما نامَ لَيْلُ الهَوْجَل
وحُشْنا الصيدَ حَوْشاً وحِياشاً وأَحَشْناه وأَحْوَشْناه: أَخذناه من
حَوالَيْه لنَصْرِفَه إِلى الحِبالةِ وضممناه. وحُشْتُ عليه الصيدَ
والطيرَ حَوْشاً وحِياشاً وأَحَشْتُه عليه وأَحْوَشْتُه عليه وأَحْوَشْتُه
إِياه؛ عن ثعلب: أَعَنْته على صيدهما. واحْتَوَشَ القومُ الصيدَ إِذا
نَفَّرَه بعضهم على بعضِهم، وإِنما ظهرت فيه الواو كما ظهرت في اجْتَورُوا. وفي
حديث عمر، رضي اللَّه عنه: أَنّ رجلين أَصابا صيداً قتلّه أَحدهما
وأَحاشَهُ الآخرُ عليه يعني في الإِحرامِ. يقال: حُشْتُ عليه الصيدَ
وأَحَشْتُهُ إِذا نَفَّرْتَه نحْوَه وسُقْته إِليه وجَمَعْته عليه وفي حديث سَمُرة:
فإِذا عنده وِلْدانٌ وهو يَحُوشُهم
(* قوله «وهو يحوشهم» في النهاية
فهو.) أَي يجمعهم. وفي حديث ابن عمر: أَنه دخل أَرضاً له فرأَى كلباً فقال:
أَحِيشُوه عليّ. وفي حديث معاوية: قَلَّ انْحِياشُه أَي حركتُه وتصَرُّفُه
في الأُمور. وحُشْتُ الإِبلَ: جَمعْتُها وسُقْتُها. الأَزهري: حَوّشَ
إِذا جَمَّع، وشَوّحَ إِذا أَنْكَرَ، وحاشَ الذئبُ الغنم كذلك؛ قال:
يَحُوشُها الأَعْرَجُ حَوْشَ الجِلَّةِ،
من كُلِّ حَمْراءَ كلَوْنِ الكِلّةِ
قال: الأَعرج ههنا ذئب معروفٌ. والتَحْوِيشُ: التَّحْوِيلُ. وتحوَّشَ
القومُ عنِّي: تَنَحَّوْا. وانْحاشَ عنه أَي نَفَرَ. والحُواشةُ: ما
يُسْتَحْيا منه. واحْتَوَشَ القومُ فلاناً وتَحاوَشُوه بينهم: جعلوه وسَطَهُم.
واحْتَوَشَ القومُ على فلان: جعلوه وسطهم. وفي حديث علقمةَ: فَعَرَفْتُ
فيه تَحَوُّشَ القومِ وهيئَتهم أَي تأَهُّبَهُم وتَشَجُّعَهم. ابن
الأَعرابي: والحُواشةُ الاستحياءُ، والحُواسةُ، بالسين، الأَكل الشديد. ويقال:
الحُواشةُ من الأَمر ما فيه فَظِيعةٌ؛ يقال: لا تَغْش الحُواشةَ؛ قال
الشاعر:
غَشِيتَ حُواشةً وجَهِلْتَ حَقّاً،
وآثَرْتَ الغِوايةَ غيَرَ راضِ
قال أَبو عمرو في نوادره: التَحَوّشُ الاستحياءُ. والحَوْشُ: أَن تأْكل
من جوانب الطّعام.
والحائشُ: جماعةُ النخلِ والطرْفاءِ، وهو في النخلِ أَشهرُ، لا واحد له
من لفظه؛ قال الأَخطل:
وكأَنّ ظُعْنَ الحَيّ حائِشُ قَرْيةٍ،
داني الجَنَاةِ، وطَيِّبُ الأَثْمارِ
شمر: الحائشُ جماعةُ كل شجر من الطرفاء والنخلِ وغيرهما؛ وأَنشد:
فوُجِدَ الحائِشُ فيما أَحْدَقا
قَفْراً من الرامِينَ، إِذْ تَوَدّقَا
قال: وقال بعضهم إِنما جُعل حائشاً لأَنه لا منفذ له. الجوهري: الحائشُ
جماعة النخل لا واحد لها كما يقال لجماعةِ البقرِ رَبْرَبٌ، وأَصل
الحائشِ المجتمع من الشجر، نخلاً كان أَو غيرَه. يقال: حائِشٌ للطرفاء. وفي
الحديث: أَنه دخل حائِشَ نخلٍ فقضى فيه حاجَتَه؛ هو النخلُ الملتفُّ
المجتمِعُ كأَنه لالْتِفافِه يَحُوش بعْضَه إِلى بعض، قال: وأَصله الواو، وذكره
ابنُ الأَثير في حيش واعْتَذَر أَنه ذكره هناك لأَجل لفظِه؛ ومنه الحديث:
أَنه كان أَحبَّ ما استتَر به إِليه حائِشُ نخلٍ أَو حائط. وقال ابن
جني: الحائشُ اسم لا صفةٌ ولا هو جارٍ على فِعْلٍ فأَعَلّوا عينه، وهي في
الأَصل واو من الحوش، قال: فإِن قلت فلعله جارٍ على حاش جريانَ قائمِ على
قام، قيل: لم نَرَهم أَجْرَوْه صفةً ولا أَعْملُوه عمل الفِعْلِ، وإِنما
الحائِشُ البستانُ بمنزلة الصَّوْرِ، وهي الجماعة من النخلِ، وبمنزلة
الحديقة، فإِن قلت: فإِنّ فيه معنى الفعْلِ لأَنه يَحُوشُ ما فيه من النخلِ
وغيرِه وهذا يؤكد كونه في الأَصل صفةً وإِن كان قد استعمل استعمال
الأَسماء كصاحبٍ ووارِدِ، قيل: ما فيه من معنى الفِعْلِيَّةِ لا يوجب كونَه
صفةً، أَلا ترى إِلى قولهم الكاهل والغارب وهما وإِن كان فيهما معنة
الاكتهالِ والغروبِ فإِنهما اسمان؟ وكذلك الحائِشُ لا يُسْتَنْكَرُ أَن يجيء
مهموزاً وإِن لم يكن اسمَ فاعلٍ لا لشَيْءٍ غير مجيئه على ما يَلزم إِعْلالُ
عينِه نحو قائِمِ وبائعٍ وصائمٍ. والحائِشُ: شقٌّ عند مُنْقَطَعِ صدر
القدم مما يَلي الأَخْمَصَ.
ولي في بني فلان حُواشة أَي مَنْ ينصرني من قَرابةٍ أَو ذِي مودَّة؛ عن
ابن الأَعرابي.
وما يَنْحاشُ لشيء أَي ما يكترث له. وفلان ما يَنْحاشُ من فلان أَي ما
يكترث له.
ويقال: حاشَ للَّه، تنزيهاً له، ولا يقال حاشَ لَكَ قياساً عليه، وإِنما
يقال حاشاك وحاشَى لك. وفي الحديث: من خرج على أُمَّتي فقتل بَرّها
(*
قوله «فقتل برها» في النهاية: يقتل، وقوله «ولا ينحاش» فيها: ولا يتحاشى.)
وفاجِرَها ولا يَنْحاشُ لمؤمنهم أَي لايفزع لذلك ولا يكترث له ول
ينْفِرُ. وفي حديث عمرو: وإِذا ببَياض يَنْحاشُ مني وأَنْحاشُ منه أَي يَنْفرُ
مني وأَنفر منه، وهو مطاوع الشوْشِ النّفارِ؛ قال ابن الأَثير: وذكره
الهروي في الياء وإِنما هو من الواو. وزَجَرَ الذئبَ وغيرَه فما انْحاشَ
لزَجْرِه؛ قال ذو الرمة يصف بيضة نعامة:
وبَيْضاء لا تَنْحاشُ منّا وأُمُّها،
إِذا ما رَأَتْنا، زِيلَ منها زَوِيلُها
قال ابن سيده: وحكمنا على انْحاشَ أشنها من الواو لما علم من أَنَّ
العين واواً أَكثرُ منها ياءً، وسواء في ذلك الاسم والفعل. الأَزهري في حشَا:
قال الليث المَحَاشُ كأَنه مَفْعَلٌ من الحَوْشِ وهم قوم لَفِيفُ
أُشَابَةٌ؛ وأَنشد بيت النابغة:
جَمِّعْ مَحَاشَكَ يا يزيدُ، فَإِنَّني
أَعْدَدْتُ يَرْبُوعاَ لَكُمْ وتَمِيما
قال أَبو منصور: غلط الليث في المَحاشِ من وجهين: أَحدهما فتحُه الميمَ
وجَعْلُه إِيّاه مَفْعَلاً من الحَوْشِ، والوجه الثاني ما قال في تفسيره،
والصواب المِحَاشُ، بكسر الميم. وقال أَبو عُبَيْدةً فيما روى عنه أَبو
عبيد وابن الأَعرابي: إِنما هو جَمِّعْ مِحَاشَك، بكسر الميم، جعلوه من
مَحَشته أَي أَحْرَقته لا من الحَوْشِ، وقد فسر في الثلاثي الصحيح أَنهم
يتحالفون عند النار؛ وأَما المَحَاشُ، بفتح الميم، فهو أَثاث البيت،
وأَصله من الحَوْشِ وهو جمع الشيء وضمه. قال: ولا يقال لِلَفِيفِ الناس
مَحَاشٌ، واللَّه أَعلم.
ذكر: الذِّكْرُ: الحِفْظُ للشيء تَذْكُرُه. والذِّكْرُ أَيضاً: الشيء
يجري على اللسان. والذِّكْرُ: جَرْيُ الشيء على لسانك، وقد تقدم أَن
الذِّكْرَ لغة في الذكر، ذَكَرَهُ يَذْكُرُه ذِكْراً وذُكْراً؛ الأَخيرة عن
سيبويه. وقوله تعالى: واذكروا ما فيه؛ قال أَبو إِسحق: معناه ادْرُسُوا ما
فيه. وتَذَكَّرَهُ واذَّكَرَهُ وادَّكَرَهُ واذْدَكَرَهُ، قلبوا تاء
افْتَعَلَ في هذا مع الذال بغير إِدغام؛ قال:
تُنْحي على الشَّوكِ جُرَازاً مِقْضَبا،
والهَمُّ تُذْرِيهِ اذْدِكاراً عَجَبَا
(* قوله: «والهم تذريه إلخ» كذا بالأَصل والذي في شرح الأَشموني:
«والهرم وتذريه اذدراء عجبا» أَتى به شاهداً على جواز الإِظهار بعد قلب تاء
الافتعال دالاً بعد الذال. والهرم، بفتح الهاء فسكون الراء المهملة: نبت
وشجر أَو البقلة الحمقاء كما في القاموس، والضمير في تذريه للناقة، واذدراء
مفعول مطلق لتذريه موافق له في الاشتقاق، انظر الصبان).
قال ابن سيده: أَما اذَّكَرَ وادَّكَر فإِبدال إِدغام، وأَما الذِّكْرُ
والدِّكْرُ لما رأَوها قد انقلبت في اذَّكَرَ الذي هو الفعل الماضي
قلبوها في الذِّكْرِ الذي هو جمع ذِكْرَةٍ.
واسْتَذْكَرَهُ: كاذَّكَرَه؛ حكى هذه الأَخيرة أَبو عبيد عن أَبي زيد
فقال: أَرْتَمْتُ إِذا ربطتَ في إِصبعه خيطاً يَسْتَذْكِرُ به حاجَتَه.
وأَذْكَرَه إِياه: ذَكَّرَهُ، والاسم الذِّكْرَى. الفراء: يكون الذِّكْرَى
بمعنى الذِّكْرِ، ويكون بمعنى التَّذَكُّرِ في قوله تعالى: وذَكِّرْ فإِن
الذِّكْرَى تنفع المؤمنين. والذِّكْرُ والذِّكْرى، بالكسر: نقيض النسيان،
وكذلك الذُّكْرَةُ؛ قال كعب بن زهير:
أَنَّى أَلَمَّ بِكَ الخَيالُ يَطِيفُ،
ومَطافُه لَكَ ذُكْرَةٌ وشُعُوفُ
يقال: طاف الخيالُ يَطِيفُ طَيْفاً ومَطَافاً وأَطافَ أَيضاً.
والشُّعُوفُ: الولُوعُ بالشيء حتى لا يعدل عنه. وتقول: ذَكَّرْتُه ذِكْرَى؛ غير
مُجْرَاةٍ. ويقال: اجْعَلْه منك على ذُكْرٍ وذِكْرٍ بمعنى. وما زال ذلك مني
على ذِكْرٍ وذُكْرٍ، والضم أَعلى، أَي تَذَكُّرٍ. وقال الفراء:
الذِّكْرُ ما ذكرته بلسانك وأَظهرته. والذُّكْرُ بالقلب. يقال: ما زال مني على
ذُكْرٍ أَي لم أَنْسَه. واسْتَذْكَرَ الرجلَ: ربط في أُصبعه خيطاً
ليَذْكْرَ به حاجته. والتَّذكِرَةُ: ما تُسْتَذْكُرُ به الحاجة. وقال أَبو حنيفة
في ذِكْرِ الأَنْواء: وأَما الجَبْهَةُ فَنَوْؤُها من أَذْكَرِ الأَنْواء
وأَشهرها؛ فكأَن قوله من أَذْكَرِها إِنما هو على ذِكُرَ وإِن لم يلفظ
به وليس على ذَكِرَ، لأَن أَلفاظ فعل التعجب إِنما هي من فِعْلِ الفاعل لا
من فِعْلِ المفعول إِلاَّ في أَشياء قليلة. واسْتَذْكَرَ الشيءَ:
دَرَسَةَ للذِّكْرِ. والاسْتِذْكارُ: الدِّرَاسَةُ للحفظ. والتَّذَكُّر: تذكر
ما أُنسيته. وذَكَرْتُ الشيء بعد النسيان وذَكْرتُه بلساني وبقلبي
وتَذَكَّرْتُه وأَذْكَرْتُه غيري وذَكَّرْتُه بمعنًى. قال الله تعالى: وادَّكَرَ
بعد أُمَّةٍ؛ أَي ذَمَرَ بعد نِسْيان، وأَصله اذْتَكَرَ فَأُدغم.
والتذكير: خلاف التأْنيث، والذَّكَرُ خلاف الأُنثى، والجمع ذُكُورٌ
وذُكُورَةٌ وذِكَارٌ وذِكَارَةٌ وذُكْرانٌ وذِكَرَةٌ. وقال كراع: ليس في
الكلام فَعَلٌ يكسر على فُعُول وفُعْلان إِلاَّ الذَّكَرُ. وامرأَة ذَكِرَةٌ
ومُذَكَّرَةٌ ومُتَذَكِّرَةٌ: مُتَشَّبَهةٌ بالذُّكُورِ. قال بعضهم:
إِياكم وكُلَّ ذَكِرَة مُذَكَّرَةٍ شَوْهاءَ فَوْهاءَ تُبْطِلُ الحَقِّ
بالبُكاء، لا تأْكل من قِلَّةٍ ولا تَعْتَذِرُ من عِلَّة، إِن أَقبلت
أَعْصَفَتْ وإِن أَدْبَرَتْ أَغْبَرَتْ. وناقة مُذَكَّرَةٌ: مُتَشَبِّهَةٌ
بالجَمَلِ في الخَلْقِ والخُلُقِ؛ قال ذو الرمة:
مُذَكَّرَةٌ حَرْفٌ سِنَادٌ، يَشُلُّها
وَظِيفٌ أَرَحُّ الخَطْوِ، ظَمْآنُ سَهْوَقُ
ويوم مُذَكَّرٌ: إِذا وُصِفَ بالشِّدّةِ والصعوبة وكثرة القتل؛ قال
لبيد:فإِن كنتِ تَبْغِينَ الكِرامَ، فأَعْوِلِي
أَبا حازِمٍ، في كُلِّ مُذَكَّرِ
وطريق مُذَكَّرٌ: مَخُوفٌ صَعْبٌ.
وأَذْكَرَتِ المرأَةُ وغَيْرُها فهي مُذْكِرٌ: ولدت ذَكَراً. وفي الدعاء
للحُبْلَى: أَذْكَرَتْ وأَيْسَرَتْ أَي ولدت ذَكَراً ويُسِّرَ عليها.
وامرأَة مُذْكِرٌ: ولدت ذَكَراً، فإِذا كان ذلك لها عادة فهي مِذْكارٌ،
وكذلك الرجل أَيضاً مِذْكارٌ؛ قال رؤْبة:
إِنَّ تَمِيماً كان قَهْباً من عادْ،
أَرْأَسَ مِذْكاراً، كثيرَ الأَوْلادْ
ويقال: كم الذِّكَرَةُ من وَلَدِك؟ أَي الذُّكُورُ وفي الحديث: إِذا غلب
ماءُ الرجل ماءَ المرأَة أَذْكَرَا؛ أَي ولدا ذكراً، وفي رواية: إِذا
سبق ماءُ الرجل ماءَ المرأَة أَذْكَرَتْ بإِذن الله أَي ولدته ذكراً. وفي
حديث عمر: هَبِلَتِ الوَادِعِيَّ أُمُّهُ لقد أَذْكَرَتْ به أَي جاءت به
ذكراً جَلْداً. وفي حديث طارق مولى عثمان: قال لابن الزبير حين صُرِعَ:
والله ما ولدت النساء أَذْكَرَ منك؛ يعني شَهْماً ماضياً في الأُمور. وفي
حديث الزكاة: ابن لبون ذكر؛ ذكر الذكر تأْكيداً، وقيل: تنبيهاً على نقص
الذكورية في الزكاة مع ارتفاع السن، وقيل: لأَن الابن يطلق في بعض
الحيوانات على الذكر والأُنثى كابن آوى وابن عُرْسٍ وغيرهما، لا يقال فيه بنت آوى
ولا بنت عرس فرفع الإِشكال بذكر الذَّكَرِ. وفي حديث الميراث: لأَوْلَى
رجل ذَكَرٍ؛ قيل: قاله احترازاً من الخنثى، وقيل: تنبيهاً على اختصاص
الرجال بالتعصيب للذكورية. ورجل ذَكَرٌ: إِذا كان قويّاً شجاعاً أَنِفاً
أَبِيّاً. ومطر ذَكَرٌ: شديدٌ وابِلٌ؛ قال الفرزدق:
فَرُبَّ ربيعٍ بالبَلالِيق قد، رَعَتْ
بِمُسْتَنِّ أَغْياثٍ بُعاق ذُكُورُها
وقَوْلٌ ذَكَرٌ: صُلْبٌ مَتِين. وشعر ذَكَرٌ: فَحْلٌ. وداهية مُذْكِرٌ:
لا يقوم لها إِلاَّ ذُكْرانُ الرجال، وقيل: داهية مُذْكِرٌ شديدة؛ قال
الجعدي:
وداهِيَةٍ عَمْياءَ صَمَّاءَ مُذْكِرٍ،
تَدِرُّ بِسَمٍّ من دَمٍ يَتَحَلَّبُ
وذُكُورُ الطِّيبِ: ما يصلح للرجال دون النساء نحو المِسْكِ والغالية
والذَّرِيرَة. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: أَنه كان يتطيب بِذِكارَةِ
الطِّيبِ؛ الذكارة، بالكسر: ما يصلح للرجال كالمسك والعنبر والعود، وهي
جمع ذُكَرٍ، والذُّكُورَةُ مثله؛ ومنه الحديث: كانوا يكرهون المُؤَنِّثَ من
الطيب ولا يَرَوْنَ بِذُكْورَتِه بأْساً؛ قال: هو ما لا لَوْنَ له
يَنْفُضُ كالعُود والكافور والعنبر، والمؤنَّث طيب النساء كالخَلُوق
والزعفران. وذُكورُ العُشْبِ: ما غَلُظ وخَشُنَ. وأَرض مِذْكارٌ: تُنْبِتُ ذكورَ
العُشْبِ، وقيل: هي التي لا تنبت، والأَوّل أَكثر؛ قال كعب:
وعَرَفْتُ أَنِّي مُصْبِحٌ بِمَضِيعةٍ
غَبْراءَ، يَعْزِفُ جِنُّها، مِذكارِ
الأَصمعي: فلاة مِذْكارٌ ذات أَهوال؛ وقال مرة: لا يسلكها إِلاّ
الذَّكَرُ من الرجال. وفَلاة مُذْكِرٌ: تنبت ذكور البقل، وذُكُورُه: ما خَشُنَ
منه وغَلُظَ، وأَحْرَارُ البقول: ما رَقَّ منه وطاب. وذُكُورُ البقل: ما
غلظ منه وإِلى المرارة هو.
والذِّكْرُ: الصيتُ والثناء. ابن سيده: الذِّكْرُ الصِّيتُ يكون في
الخير والشر. وحكي أَبو زيد: إِن فلاناً لَرَجُلٌ لو كان له ذُكْرَةٌ أَي
ذِكْرٌ. ورجل ذَكِيرٌ وذِكِّيرٌ: ذو ذِكْرٍ؛ عن أَبي زيد. والذِّكْرُ:
ذِكْرُ الشرف والصِّيت. ورجل ذَكِيرٌ: جَيِّدٌ الذِّكْره والحِفْظِ.
والذِّكْرُ: الشرف. وفي التنزيل: وإِنه لَذِكْرٌ لك ولقومك؛ أَي القرآن شرف لك
ولهم. وقوله تعالى: ورَفَعْنَا لك ذِكْرَكَ؛ أَي شَرَفَكَ؛ وقيل: معناه
إِذا ذُكِرْتُ ذُكِرْتَ معي. والذِّكْرُ: الكتاب الذي فيه تفصيل الدِّينِ
ووَضْعُ المِلَلِ، وكُلُّ كتاب من الأَنبياء، عليهم السلام، ذِكْرٌ.
والذِّكْرُ: الصلاةُ لله والدعاءُ إِليه والثناء عليه. وفي الحديث: كانت
الأَنبياء، عليهم السلام، إِذا حَزَبَهُمْ أَمْرٌ فَزِعُوا إِلى الذكر، أَي
إِلى الصلاة يقومون فيصلون. وذِكْرُ الحَقِّ: هو الصَّكُّ، والجمع ذُكُورُ
حُقُوقٍ، ويقال: ذُكُورُ حَقٍّ. والذِّكْرَى: اسم للتَّذْكِرَةِ. قال أَبو
العباس: الذكر الصلاة والذكر قراءة القرآن والذكر التسبيح والذكر الدعاء
والذكر الشكر والذكر الطاعة.
وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: ثم جلسوا عند المَذْكَر حتى بدا حاجِبُ
الشمس؛ المَذْكَر موضع الذِّكْرِ، كأَنها أَرادت عند الركن الأَسود أَو
الحِجْرِ، وقد تكرر ذِكْرُ الذّكْرِ في الحديث ويراد به تمجيد الله
وتقديسه وتسبيحه وتهليله والثناء عليه بجميع محامده. وفي الحديث: القرآنُ
ذَكَرٌ فَذَكِّرُوه؛ أَي أَنه جليل خَطِيرٌ فأَجِلُّوه. ومعنى قوله تعالى:
ولَذِكْرُ الله أَكْبَرُ؛ فيه وجهان: أَحدهما أَن ذكر الله تعالى إِذا ذكره
العبد خير للعبد من ذكر العبد للعبد، والوجه الآخر أَن ذكر الله ينهى عن
الفحشاء والمنكر أَكثر مما تنهى الصلاة. وقول الله عز وجل: سَمِعْنا
فَتًى يَذْكُرُهُمْ يقال له إِبراهيم؛ قال الفراء فيه وفي قول الله تعالى:
أَهذا الذي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ، قال: يريد يَعِيبُ آلهتكم، قال: وأَنت
قائل للرجل لئن ذَكَرْتَنِي لَتَنْدَمَنَّ، وأَنت تريد بسوء، فيجوز ذلك؛
قال عنترة:
لا تَذْكُرِي فَرَسي وما أَطْعَمْتُه،
فيكونَ جِلْدُكِ مثلَ جِلْدِ الأَجْرَبِ
أَراد لا تَعِيبي مُهْري فجعل الذِّكْرَ عيباً؛ قال أَبو منصور: وقد
أَنكر أَبو الهيثم أَن يكون الذِّكْرُ عيباً؛ وقال في قول عنترة لا تذكري
فرسي: معناه لا تولعي بِذِكْرِهِ وذِكْرِ إِيثاري إِياه دون العيال. وقال
الزجاج نحواً من قول الفراء، قال: ويقال فلان يَذْكُر الناسَ أَي يغتابهم
ويذكر عيوبهم، وفلان يذكر الله أَي يصفه بالعظمة ويثني عليه ويوحده،
وإِنما يحذف مع الذِّكْرِ ما عُقِلَ معناه. وفي حديث عليّ: أَن عليّاً
يَذْكُرُ فاطمة يخطبها، وقيل: يَتَعَرَّضُ لخِطْبَتِها، ومنه حديث عمر: ما
حلفتُ بها ذَاكِراً ولا آثراً أَي ما تكلمت بها حالفاً، من قولك: ذكرت لفلان
حديث كذا وكذا أَي قلته له، وليس من الذِّكْر بعد النسيان.
والذُّكَارَةُ: حمل النخل؛ قال ابن دريد: وأَحسب أَن بعض العرب يُسَمِّي
السِّمَاكَ الرَّامِحَ الذَّكَرَ. والذَّكَرُ: معروف، والجمع ذُكُورٌ
ومَذاكِيرُ، على غير قياس، كأَنهم فرقوا بين الذَّكَرِ الذي هو الفحل وبين
الذَّكَرِ الذي هو العضو. وقال الأَخفش: هو من الجمع الذي ليس له واحد
مثل العَبَاديد والأَبابيل؛ وفي التهذيب: وجمعه الذِّكارَةُ ومن أَجله يسمى
ما يليه المَذَاكِيرَ، ولا يفرد، وإِن أُفرد فَمُذَكَّرٌ مثل مُقَدَّمٍ
ومَقَادِيم. وفي الحديث: أَن عبداً أَبصر جارية لسيدة فغار السيدُ
فَجَبَّ مَذَاكِيرَه؛ هي جمع الذَّكَرِ على غير قياس. ابن سيده: والمذاكير
منسوبة إِلى الذَّكَرِ، واحدها ذَكَرٌ، وهو من باب مَحاسِنَ ومَلامِحَ.
والذَّكَرُ والذَّكِيرُ من الحديد: أَيْبَسُه وأَشَدُّه وأَجْوَدُه، وهو خلافُ
الأَنِيثِ، وبذلك يسمى السيف مُذَكَّراً ويذكر به القدوم والفأْس ونحوه،
أَعني بالذَّكَرِ من الحديد.
ويقال: ذهبتْ ذُكْرَهُ السيف وذُكْرَهُ الرَّجُلِ أَي حِدَّتُهما. وفي
الحديث: أَنه كان يطوف في ليلة على نسائه ويغتسل من كل واحدة منهن غُسْلاً
فسئل عن ذلك فقال: إِنه أَذْكَرُ؛ أَي أَحَدُّ. وسيفٌ ذو ذُكْرَةٍ أَي
صارِمٌ، والذُّكْرَةُ: القطعة من الفولاذ تزاد في رأْس الفأْس وغيره، وقد
ذَكَّرْتُ الفأْسَ والسيفَ؛ أَنشد ثعلب:
صَمْصَامَةٌ ذُكْرَةٌ مُذَكَّرَةٌ،
يُطَبّقُ العَظْمَ ولا يَكْسِرُهْ
وقالوا لخِلافهِ: الأَنِيثُ. وذُكْرَهُ السيف والرجل: حِدَّتُهما. ورجل
ذَكِيرٌ: أَنِفٌ أَبِيُّ. وسَيْف مُذَكَّرٌ: شَفْرَتُه حديد ذَكَرٌ
ومَتْنُه أَنِيثٌ، يقول الناس إِنه من عمل الجن. الأَصمعي: المُذَكَّرَةُ هي
السيوف شَفَرَاتُها حديد ووصفها كذلك. وسيف مُذَكَّرٌ أَي ذو ماء.
وقوله تعالى: ص والقرآن ذي الذِّكْرِ؛ أَي ذي الشَّرَفِ. وفي الحديث:
إِن الرجل يُقَاتِلُ ليُذْكَر ويقاتل ليُحْمَدَ؛ أَي ليذكر بين الناس ويوصف
بالشجاعة. والذِّكْرُ: الشرف والفخر. وفي صفة القرآن: الذِّكْر الحكيم
أَي الشرف المحكم العاري من الاختلاف.
وتذكر: بطن من ربيعة، والله عز وجل أَعلم.
حشر: حَشَرَهُم يَحْشُرُهم ويَحْشِرُهم حَشْراً: جمعهم؛ ومنه يوم
المَحْشَرِ. والحَشْرُ: جمع الناس يوم القيامة. والحَشْرُ: حَشْرُ يوم القيامة.
والمَحْشَرُ: المجمع الذي يحشر إِليه القوم، وكذلك إِذا حشروا إِلى بلد
أَو مُعَسْكَر أَو نحوه؛ قال الله عز وجل: لأَوَّلِ الحَشْرِ ما ظننتم
أَن يخرجوا؛ نزلت في بني النَّضِير، وكانوا قوماً من اليهود عاقدوا النبي،
صلى الله عليه وسلم، لما نزل المدينة أَن لا يكونوا عليه ولا له، ثم
نقضوا العهد ومايلوا كفار أَهل مكة، فقصدهم النبي، صلى الله عليه وسلم،
ففارقوه على الجَلاءِ من منازلهم فَجَلَوْا إِلى الشام. قال الأَزهري: هو أَول
حَشْرٍ حُشِر إِلى أَرض المحشر ثم يحشر الخلق يوم القيامة إِليها، قال:
ولذلك قيل: لأَوّل الحشر، وقيل: إِنهم أَول من أُجْلِيَ من أَهل الذمة من
جزيرة العرب ثم أُجلي آخرهم أَيام عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، منهم
نصارى نَجْرَانَ ويهودُ خيبر. وفي الحديث: انقطعت الهجرة إِلاَّ من ثلاث:
جهاد أَو نيَّة أَو حَشْرٍ، أَي جهاد في سبيل الله، أَو نية يفارق بها
الرجل الفسق والفجور إِذا لم يقدر على تغييره، أَو جَلاءٍ ينال الناسَ
فيخرجون عن ديارهم. والحَشْرُ: هو الجَلاءُ عن الأَوطان؛ وقيل: أَراد بالحشر
الخروج من النفير إِذا عم. الجوهري: المَحْشِرُ، بكسر الشين، موضع
الحَشْرِ.
والحاشر: من أَسماء سيدنا رسولُ الله، صلى الله عليه وسلم، لأَنه قال:
أَحْشُر الناسَ على قَدَمِي؛ وقال، صلى الله عليه وسلم: لي خمسة أَسماء:
أَنا محمد وأَحمد والماحي يمحو الله بي الكفر، والحاشر أَحشر الناس على
قدمي، والعاقب. قال ابن الأَثير: في أَسماء النبي، صلى الله عليه وسلم،
الحاشر الذي يَحْشُر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره. وقوله، صلى الله
عليه وسلم: إِني لي أَسماء؛ أَراد أَن هذه الأَسماء التي عدّها مذكورة في
كتب الله تعالى المنزلة على الأُمم التي كذبت بنبوَّته حجة عليهم. وحَشَرَ
الإِبلَ: جمعها؛ فأَما قوله تعالى: ما فرّطنا في الكتاب من شيءٍ ثم إِلى
ربهم يُحْشَرُونَ؛ فقيل: إِن الحشر ههنا الموت، وقيل: النَّشْرُ،
والمعنيان متقاربان لأَنه كله كَفْتٌ وجَمْعٌ. الأَزهري: قال الله عز وجل:
وإِذا الوحوش حُشرت، وقال: ثم إِلى ربهم يحشرون؛ قال: أَكثر المفسرين تحشر
الوحوش كلها وسائر الدواب حتى الذباب للقصاص، وأَسندوا ذلك إِلى النبي، صلى
الله عليه وسلم، وقال بعضهم: حَشْرُها موتها في الدنيا. قال الليث: إِذا
أَصابت الناسَ سَنَةٌ شديدة فأَجحفت بالمال وأَهلكت ذوات الأَربع، قيل:
قد حَشَرَتْهُم السنة تَحْشُرهم وتَحْشِرهم،وذلك أَنها تضمهم من النواحي
إِلى الأَمصار. وحَشَرَتِ السنةُ مال فلان: أَهلكته؛ قال رؤبة:
وما نَجا، من حَشْرِها المَحْشُوشِ،
وَحْشٌ، ولا طَمْشٌ من الطُّموشِ
والحَشَرَةُ: واحدة صغار دواب الأَرض كاليرابيع والقنافذ والضِّبابِ
ونحوها، وهو اسم جامع لا يفرد الواحد إِلاَّ أَن يقولوا: هذا من الحَشَرَةِ،
ويُجْمَعُ مُسَلَّماً؛ قال:
يا أُمَّ عَمْرٍو مَنْ يكن عُقْرَ حوَّا
ء عَدِيٍّ يأَكُلُ الحَشَراتِ
(* قوله: «يا أم عمرو» إلخ كذا في نسخة المؤلف).
وقيل: الحَشَراتُ هَوامُّ الأَرض مما لا اسم له. الأَصمعي: الحَشَراتُ
والأَحْراشُ والأَحْناشُ واحد، وهي هوام الأَرض. وفي حديث الهِرَّةِ: لم
تَدَعْها فتأْكل من حَشَراتِ الأَرض؛ وهي هوام الأَرض، ومنه حديث
التِّلِبِّ: لم أَسمع لحَشَرَةِ الأَرضِ تحريماً؛ وقيل: الصيد كله حَشَرَةٌ، ما
تعاظم منه وتصاغر؛ وقيل: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْل الأَرضِ حَشَرَةٌ.
والحَشَرَةُ أَيضاً: كُلُّ ما أُكِلَ من بَقْلِ الأَرض كالدُّعاعِ والفَثِّ.
وقال أَبو حنيفة: الحَشَرَةُ القِشْرَةُ التي تلي الحَبَّة، والجمع
حَشَرٌ. وروي ابن شميل عن ابن الخطاب قال: الحَبَّة عليها قشرتان، فالتي تلي
الحبة الحَشَرَةُ، والجمع الحَشَرُ، والتي فوق الحَشَرَةِ القَصَرَةُ.
قال الأَزهري: والمَحْشَرَةُ في لغة أَهل اليمن ما بقي في الأَرض وما
فيها من نبات بعدما يحصد الزرع، فربما ظهر من تحته نبات أَخضر فتلك
المَحْشَرَةُ. يقال: أَرسلوا دوابهم في المَحْشَرَةِ.
وحَشَرَ السكين والسِّنانَ حَشْراً: أَحَدَّهُ فَأَرَقَّهُ وأَلْطَفَهُ؛
قال:
لَدْنُ الكُعُوبِ ومَحْشُورٌ حَدِيدَتُهُ،
وأَصْمَعٌ غَيْرُ مَجْلُوزٍ على قَضَمِ
المجلوز: المُشدَّدُ تركيبه من الجَلْزِ الذي هو الليُّ والطَّيُّ.
وسِنانٌ حَشْرٌ: دقيق؛ وقد حَشَرْتُه حَشْراً. وفي حديث جابر: فأَخذتُ
حَجَراً من الأَرض فكسرته وحَشَرْتُه، قال ابن الأَثير: هكذا جاء في رواية وهو
من حَشَرْتُ السِّنان إِذا دَقَّقْته، والمشهور بالسين، وقد تقدم.
وحَرْبَةٌ حَشْرَةٌ: حَدِيدَةٌ. الأَزهري في النوادر: حُشِرَ فلان في ذكره وفي
بطنه، وأُحْثِلَ فيهما إِذا كانا ضخمين من بين يديه. وفي الحديث: نار
تطرد الناسَ إِلى مَحْشَرهم؛ يريد به الشام لأَن بها يحشر الناس ليوم
القيامة. وفي الحديث الآخر: وتَحْشُرُ بقيتهم إِلى النار؛ أَي تجمعهم وتسوقهم.
وفي الحديث: أَن وَفْدَ ثَقِيفٍ اشترطوا أَن لا يُعْشَرُوا ولا
يُحْشرُوا؛ أَي لا يُنْدَبُونَ إِلى المغازي ولا تضرب عليهم البُعُوث، وقيل: لا
يحشرون إِلى عامل الزكاة ليأْخذ صدقة أَموالهم بل يأْخذها في أَماكنهم؛
ومنه حديث صُلْحِ أَهلِ نَجْرانَ: على أَن لا يُحْشَرُوا؛ وحديث النساء: لا
يُعْشَرْنَ ولا يُحْشَرْن؛ يعني للغَزَاةِ فإِن الغَزْوَ لا يجب عليهن.
والحَشْرُ من القُذَذِ والآذان: المُؤَلَّلَةُ الحَدِيدَةُ، والجمعُ
حُشُورٌ؛ قال أُمية بن أَبي عائذ:
مَطارِيحُ بالوَعْثِ مُرُّ الحُشُو
رِ، هاجَرْنَ رَمَّاحَةً زَيْزَفُونا
والمَحْشُورَةُ: كالحَشْرِ. الليث: الحَشْرُ من الآذان ومن قُذَدِ رِيشِ
السِّهامِ ما لَطُفَ كأَنما بُرِيَ بَرْياً. وأُذُنٌ حَشْرَةٌ وحَشْرٌ:
صغيرة لطيفة مستديرة؛ وقال ثعلب: دقيقة الطَّرَفِ، سميت في الأَخيرة
بالمصدر لأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي صُغِّرَتْ وأُلطفت. وقال الجوهري:
كأَنها حُشِرَتْ حَشْراً أَي بُرِيَتْ وحُدِّدَتْ، وكذلك غيرها؛ فرس حَشْوَرٌ،
والأُنثى حَشْوَرَةٌ. قال ابن سيده: من أَفرده في الجمع ولم يؤَنث فلهذه
العلة؛ كما قالوا: رجل عَدْلٌ ونسوة عَدْلٌ، ومن قال حَشْراتٌ فعلى
حَشْرَةٍ، وقيل: كلُّ لطيف دقيق حَشْرٌ. قال ابن الأَعرابي: يستحب في البعير
أَن يكون حَشْرَ الأُذن، وكذلك يستحب في الناقة؛ قال ذو الرمة:
لها أُذُنٌ حَشْرٌ وذِفْرَى لَطِيفَةٌ،
وخَدَّ كَمِرآةِ الغَرِيبَة أَسْجَحُ
(* قوله: «وخد كمرآة الغريبة» في الأساس: يقال وجه كمرآة الغريبة لأَنها
في غير قومها، فمرآتها مجلوّة أَبداً لأَنه لا ناصح لها في وجهها).
الجوهري: آذان حَشْرٌ لا يثنى ولا يجمع لأَنه مصدر في الأَصل مثل قولهم
ماء غَوْرٌ وماء سَكْبٌ، وقد قيل: أُذن حَشْرَةٌ؛ قال النمر بن تولب:
لها أُذُنٌ حَشْرَةٌ مَشْرَةٌ،
كإِعْلِيط مَرْخٍ إِذا ما صَفِرْ
وسهم مَحْشُورُ وحَشْرٌ: مستوي قُذَذِ الرِّيشِ. قال سيبويه: سهم حَشْرٌ
وسهام حَشْرٌ؛ وفي شعر هذيل: سهم حَشِرٌ، فإِما أَن يكون على النسب
كطَعِمٍ، وإِما أَن يكون على الفعل توهموه وإِن لم يقولوا حَشِرَ؛ قال أَبو
عمارة الهذلي:
وكلُّ سهمٍ حَشِرٍ مَشُوفِ
المشوف: المَجْلُوُّ. وسهم حَشْرٌ: مُلْزَقٌ جيد القُذَذِ، وكذلك الريش.
وحَشَرَ العودَ حَشْراً: براه. والحَشْرُ: اللَّزجُ في القَدَحِ من
دَسَمِ اللبنِ؛ وقيل: الحَشْرُ اللَّزِجُ من اللبن كالحَشَنِ. وحُشِرَ عن
الوَطْبِ إذا كثر وسخ اللبن عليه فَقُشِرَ عنه؛ رواه ابن الأَعرابي؛ وقال
ثعلب: إِنما هو حُشِنَ، وكلاهما على صيغة فعل المفعول.
وأَبو حَشْرٍ: رجل من العرب.
والحَشْوَرُ من الدواب: المُلَزَّرِ الخَلْقُ، ومن الرجال: العظيم
البطن؛ وأَنشد:
حَشْوَرَةُ الجَنْبَيْنِ مَعْطاءُ القفَا
وقيل: الحَشْوَرُ مثال الجَرْوَلِ المنتفخ الجنبين، والأُنثى بالهاء،
والله أَعلم.
عزر: العَزْر: اللَّوْم.
وعَزَرَهُ يَعْزِره عَزْراً وعَزَّرَه: ردَّه. والعَزْرُ والتَّعْزِيرُ:
ضرب دون الحدّ لِمَنْعِه الجانِيَ من المُعاودَة ورَدْعِه عن المعصية؛
قال:
وليس بتعزيرِ الأَميرِ خَزايةٌ عليَّ، إِذا ما كنتُ غَيرَ مُرِيبِ
وقيل: هو أَشدُّ الضرب. وعَزَرَه: ضَربَه ذلك الضَّرْب. والعَزْرُ:
المنع. والعَزْرُ: الــتوقيف على باب الدِّين.
قال الأَزهري: وحديث سعد يدل على أَن التَّعْزِيرَ هو الــتوقيف على الدين
لأَنه قال: لقد رأَيْتُني مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما لنا
طعامٌ إِلاَّ الحُبْلَةَ ووَرقَ السَّمُر، ثم أَصبَحتْ بنو سَعْدٍ
تُعَزِّرُني على الإِسلام، لقد ضَلَلْتُ إِذا وخابَ عَمَلي؛ تُعِزِّرُني على
الإِسلام أَي تُوَقِّفُني عليه، وقيل: تُوَبِّخُني على التقصير فيه.
والتَّعْزِيرُ: الــتوقيفُ على الفرائض والأَحكام. وأَصل التَّعْزير: التأْديب،
ولهذا يسمى الضربُ دون الحد تَعْزيراً إِنما هو أَدَبٌ. يقال: عَزَرْتُه
وعَزَّرْتُه، فهو من الأَضداد، وعَزَّرَه: فخَّمه وعظَّمه، فهو نحْوُ
الضد.والعَزْرُ: النَّصْرُ بالسيف. وعَزَرَه عَزْراً وعَزَّرَه: أَعانَه
وقوَّاه ونصره. قال الله تعالى: لِتُعَزِّرُوه وتُوَقِّرُوه، وقال الله
تعالى: وعَزَّرْتُموهم؛ جاء في التفسير أَي لِتَنْصُروه بالسيف، ومن نصر
النبيِّ، صلى الله عليه وسلم، فقد نَصَرَ الله عزَّ وجل. وعَزَّرْتُموهم:
عَظَّمْتموهم، وقيل: نصَرْتُموهم؛ قال إِبراهيم بن السَّريّ: وهذا هو الحق،
والله تعالى أَعلم، وذلك أَن العَزْرَ في اللغة الرَّدُّ والمنع، وتأْويل
عَزَرْت فلاناً أَي أَدَّبْتُه إِنما تأْويله فعلت به ما يَرْدَعُه عن
القبيح، كما اين نَكَّلْت به تأْويله فعلت به ما يجب أَن يَنْكَل معه عن
المُعاودة؛ فتأْويل عَزَّرْتُموهم نصَرْتُموهم بأَن تردُّوا عنهم
أَعداءَهم، ولو كان التَّعْزيرُ هو التَّوْقِير لكان الأَجْوَدُ في اللغة
الاستغاءَ به، والنُّصْرةُ إِذا وجبت فالتعظيمُ داخلٌ فيها لأَن نصرة الأَنبياء
هي المدافعة عنهم والذب عن دِينِم وتعظيمُهم وتوقيرُهم؛ قال: ويجوز
تَعْزِرُوه، من عَزَرْتُه عَزْراً بمعنى عَزَّرْته تعزيراً. والتعزير في كلام
العرب: التوقيرُ، والتَّعْزِيرُ: النَّصْرُ باللسان والسيف. وفي حديث
المبعث: قال وَرَقَةُ بن نَوْفَلٍ: إِنْ بُعِثَ وأَنا حيٌّ فسَأُعَزِّرهُ
وأَنْصُرُه؛ التَّعْزيرُ ههنا: الإِعانةُ والتوقيرُ والنصرُ مرة بعد مرة،
وأَصل التعزير: المنعُ والردُّ، فكأَن مَن نصَرْتَه قد رَدَدْتَ عنه
أَعداءَه ومنعتهم من أَذاه، ولهذا قيل للتأْديب الذي هو دون الحدّ: تَعْزير،
لأَنه يمنع الجانيَ أَن يُعاوِدَ الذنب. وعَزَرَ المرأَةَ عَزْراً:
نكَحَها. وعَزَرَه عن الشيء: منَعَه. والعَزْرُ والعَزيرُ: ثمنُ الكلإِ إِذا
حُصِدَ وبِيعَتْ مَزارِعُه سَواديّة، والجمع العَزائرُ؛ يقولون: هل أَخذتَ
عَزيرَ هذا الحصيد؟ أَي هل أَخذت ثمن مراعيها، لأَنهم إِذا حصدوا باعوا
مراعِيَها.
والعَزائِرُ والعَيازِرُ: دُونَ العِضَاه وفوق الدِّق كالثُّمام
والصَّفْراء والسَّخْبر، وقيل: أُصول ما يَرْعَوْنَه من سِرّ الكلإِ كالعَرفَج
والثُّمام والضَّعَة والوَشِيج والسَّخْبَر والطريفة والسَّبَطِ، وهو
سِرُّ ما يَرْعَوْنَه.
والعَيزارُ: الصُّلْبُ الشديد من كل شيء؛ عن ابن الأَعرابي. ومَحالةٌ
عَيْزارَةٌ: شديدةُ الأَسْرِ، وقد عَيْزَرَها صاحِبُها؛ وأَنشد:
فابتغ ذاتَ عَجَلٍ عَيَازِرَا،
صَرَّافةَ الصوتِ دَمُوكاً عاقِرَا
والعَزَوَّرُ: السيء الخلُق. والعَيزار: الغلامُ الخفيف الروح النشيطُ،
وهو اللَّقِنُ الثَّقِفُ اللَّقِفُ، وهو الريشة
(* قوله: «وهو الريشة»
كذا بالأصل بهذا الضبط. وفي القاموس: والورش ككتف النشيط الخفيف، والأنثى
وريشة). والمُماحِل والمُماني. والعَيزارُ والعَيزارِيَّةُ: ضَرْبٌ من
أَقداح الزُّجاج. والعَيازِرُ: العِيدانُ؛ عن ابن الأَعرابي: والعَيزارُ:
ضَرْبٌ من الشجر، الواحدة عَيزارةٌ. والعَوْزَرُ: نَصِيُّ الجبل؛ عن أَبي
حنيفة.
وعازَِرٌ وعَزْرة وعَيزارٌ وعَيزارة وعَزْرانُ: أَسماء. والكُرْكيّ
يُكْنَى أَبا العَيزار؛ قال الجوهري: وأَبو العَيزار كنية طائر طويل العنق
تراه أَبداً في الماء الضَّحْضاح يسمى السَّبَيْطَر. وعَزَرْتُ الحِمارَ:
أَوْقَرْته. وعُزَيرٌ: اسم نبي. وعُزَيرٌ: اسم ينصرف لخفته وإِن كان
أَعجميّاً مثل نوح ولوط لأَنه تصغير عَزْر. ابن الأَعرابي: هي العَزْوَرةُ
والحَزْوَرةُ والسَّرْوَعةُ والقائِدةُ: للأَكَمة. وفي الحديث ذكر عَزْوَر،
بفتح العين وسكون الزاي وفتح الواو، ثَنِيَّةُ الجُحْفَة وعليها الطريق
من المدينة إِلى مكة، ويقال فيه عَزُورا.