Current Dictionary: All Dictionaries

Search results for: توراة

التّوراة

الــتّوراة:
[في الانكليزية] The Bible of Moses ،divine manifestation
[ في الفرنسية] la Bible de Moise ،manifestation divine
هي عند أهل الشرع كتاب أنزل على موسى على نبينا وعليه السلام في تسعة ألواح، وأمره أن يبلغ سبعة منها ويترك لوحين. قال في الإنسان الكامل: اعلم أنّ الــتوراة عند الصوفية عبارة عن تجلّيات الأسماء الصفاتية وذلك ظهور الحق سبحانه تعالى في المظاهر الخلقية، فإنّ الحق تعالى نصب الأسماء أدلة على صفاته، وجعل الصفات دلائل على ذاته، فهي مظاهره وظهوره على خلقه بواسطة الأسماء والصفات، ولا سبيل إلى غير ذلك لأنّ الخلق فطروا على السذاجة فهو خال عن جميع المعاني الإلهية، لكنه كالثوب الأبيض ينتقش فيه ما يقابله فيسمّى الحق بهذه الأسماء لتكون أدلة للخلق على صفاته، فعرف الخلق بها صفات الحق، ثم اهتدى إليه أهل الحق فكانوا لتلك الأسماء والصفات كالمرآة وظهرت الأسماء فيهم والصفات فشاهدوا أنفسهم بما انتقش فيهم من الأسماء الذاتية والصفات الإلهية، فإذ ذكر الله كانوا هم المذكورين، وبهذا الاسم فهذا المعنى توراة. والــتوراة في اللغة حمل المعنى على أبعد المفهومين، فصريح الحق عند العامة الخيال الاعتقادي ليس لهم غير ذلك، والحق عند العارفين حقيقة ذواتهم فهم المراد به هذا لسان الإشارة في الــتوراة، انتهى والتوضيح يطلب منه.

توراة

توراة
تَوْراة [مفرد]
• الــتَّوراة: الكتاب المنزَّل على موسى عليه السَّلام، ويُسمَّى عند أهل الكتاب بأسفار موسى الخمسة، وعند النَّصارى بالعهد القديم " {وَأَنْزَلَ الــتَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ. مِنْ قَبْلُ هُدًى لِلنَّاسِ وَأَنْزَلَ الْفُرْقَانَ} ". 
توراة
الــتوراة التاء فيه مقلوب، وأصله من الورى، وبناؤها عند الكوفيين: ووراة، تفعلة ، وقال بعضهم: هي تفعلة نحو تنفلة ، وليس في كلامهم تفعلة اسما. وعند البصريين وورية، هي فوعلة نحو حوصلة. قال تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنَا الــتَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ [المائدة/ 44] ، ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي الــتَّوْراةِ، وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ [الفتح/ 29] .

التَّوْرَاة

(الــتَّوْرَاة) الْكتاب الْمنزل على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام و (عِنْد أهل الْكتاب) أسفار مُوسَى الْخَمْسَة والعهد الْقَدِيم عِنْد النَّصَارَى

إظهار تبديل اليهود والنصارى في التوراة والإنجيل، وبيان تناقض ما بأيديهم من ذلك مما لا يحتمل التأويل

إظهار تبديل اليهود والنصارى في الــتوراة والإنجيل، وبيان تناقض ما بأيديهم من ذلك مما لا يحتمل التأويل
للشيخ: أبي محمد بن أحمد الأموي.
المتوفى: سنة ست وخمسين وأربعمائة.

التخجيل، لمن بدل التوراة والإنجيل

التخجيل، لمن بدل الــتوراة والإنجيل
مجلد.
للشيخ، أبي العباس: أحمد بن أبي المحاسن: عبد الحليم ابن عبد السلام بن تيمية الحراني.
المتوفى: سنة 728، ثمان وعشرين وسبعمائة.
أوله: (الحمد لله الذي فطرنا على دين الإسلام... الخ).

علم التفسير

علم التفسير
وهو: علم باحث عن معنى نظم القرآن، بحسب الطاقة البشرية، وبحسب ما تقتضيه القواعد العربية.
ومباديه: العلوم العربية، وأصول الكلام، وأصول الفقه، والجدل،... وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه: معرفة معاني النظم.
وفائدته: حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية، على وجه الصحة.
وموضوعه: كلام الله - سبحانه وتعالى - الذي هو: منبع كل حكمة، ومعدن كل فضيلة.
وغايته: التوصل إلى فهم معاني القرآن، واستنباط حكمه، ليفاز به إلى السعادة الدنيوية، والأخروية.
وشرف العلم وجلالته، باعتبار شرف موضوعه وغايته، فهو أشرف العلوم، وأعظمها.
هذا ما ذكره: أبو الخير، وابن صدر الدين.
وذكر العلامة الفناري، في تفسير الفاتحة، فصلا مفيدا في تعريف هذا العلم، ولا بأس بإيراده، إذ هو مشتمل على لطائف التعريف.
قال مولانا: قطب الدين الرازي، في: (شرحه للكشاف) : هو ما يبحث فيه عن مراد الله - سبحانه وتعالى - من قرآنه المجيد، ويرد عليه: أن البحث فيه ربما كان عن أحوال الألفاظ، كمباحث: القراءات، وناسخية الألفاظ، ومنسوخيتها، وأسباب نزولها، وترتيب نزولها،... إلى غير ذلك.
فلا يجمعها حده، وأيضا يدخل في البحث في الفقه الأكبر، والأصغر، عما يثبت بالكتاب، فإنه بحث عن مراد الله - تعالى - من قرآنه، فلا يمنعه حده، فكان الشارح التفتازاني إنما عدل عنه لذلك، إلى قوله:
هو: العلم الباحث عن: أحوال ألفاظ كلام الله - سبحانه وتعالى، من حيث: الدلالة على مراد الله - تعالى -.
ويرد على مختاره أيضا: وجوه.
الأول: أن البحث المتعلق بألفاظ القرآن، ربما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان، كمباحث علم القراءة، عن أمثال التفخيم، والإمالة، إلى ما لا يحصى، فإن علم القراءة: جزء من علم التفسير، أفرز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكحالة من الطب، والفرائض من الفقه، وقد خرج بقيد الحيثية، ولم يجمعه، فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة، قلنا: فلا يناسب الشرح المشروح للبحث في التفسير، عما لا يتغير به المعنى في مواضع لا تحصى.
الثاني: أن المراد بالمراد، إن كان المراد بمطلق الكلام، فقد دخل العلوم الأدبية، وإن كان مراد الله - تعالى - بكلامه، فإن أريد مراده في نفس الأمر، فلا يفيده بحث التفسير، لأن طريقه غالبا: إما رواية الآحاد، أو الدراية بطريق العربية، وكلاهما ظني كما عرف، ولأن فهم كل واحد بقدر استعداده.
ولذلك أوصى المشايخ - رحمهم الله - في الإيمان: أن يقال: آمنت بالله، وبما جاء من عنده، على مراده، وآمنت برسول الله، وبما قاله على مراده، ولا يعين بما ذكره أهل التفسير.
ويكرر ذلك: علم الهدى، في تأويلاته، وإن أريد مراد الله - سبحانه وتعالى - في زعم المفسر، ففيه: حزازة من وجهين:
الأول: كون علم التفسير بالنسبة إلى كل مفسر إلى كل أحد شيئا آخر، وهذا مثل ما اعترض، أي التفتازاني على حد الفقه، لصاحب (التنقيح)، وظن وروده، وإلا فإني أجيب عنه: بأن التعدد ليس في حقيقته النوعية، بل في جزئياتها المختلفة، باختلاف القوابل.
وأيضا، ذكر الشيخ: صدر الدين القونوي، في تفسير: (مالك يوم الدين..) أن جميع المعاني المفسر بها لفظ القرآن رواية أو دراية صحيحتين، مراد الله - سبحانه وتعالى -، لكن بحسب المراتب والقوابل، لا في حق كل أحد.
الثاني: أن الأذهان تنساق بمعاني الألفاظ، إلى ما في نفس الأمر على ما عرف، فلا بد لصرفها عنه، من أن يقال من حيث الدلالة على ما يظن أنه مراد الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: أن عبارة العلم الباحث في المتعارف، ينصرف إلى الأصول، والقواعد، أو ملكتها، وليس لعلم التفسير قواعد يتفرع عليها الجزئيات، إلا في مواضع نادرة، فلا يتناول غير تلك المواضع، إلا بالعناية.
فالأَوْلَى أن يقال: علم التفسير: معرفة أحوال كلام الله - سبحانه وتعالى - من حيث: القرآنية، ومن حيث: دلالته على ما يعلم أو يظن أن مراد الله - سبحانه وتعالى - بقدر الطاقة الإنسانية، فهذا يتناول أقسام البيان بأسرها. انتهى كلام الفناري بنوع تلخيص.
ثم أورد فصولا: في تقسيم هذا الحد إلى: تفسير، وتأويل، وبيان الحاجة إليه، وجواز الخوض فيهما، ومعرفة وجوههما، المسماة: بطونا، أو ظهرا، وبطنا، وحدا، فمن أراد الاطلاع على حقائق علم التفسير، فعليه مطالعته، ولا ينبؤه مثل خبير.
ثم إن المولى: أبا الخير، أطال في (طبقات المفسرين).
ونحن أشرنا: إلى من ليس لهم تصنيف فيه، من مفسري الصحابة، والتابعين، إشارة إجمالية، والباقي مذكور عند ذكر كتابه.
أما المفسرون من الصحابة، فمنهم:
الخلفاء الأربعة.
وابن مسعود.
وابن عباس.
وأبي بن كعب.
وزيد بن ثابت.
وأبو موسى الأشعري.
وعبد الله بن الزبير.
وأنس بن مالك.
وأبو هريرة.
وجابر.
وعبد الله بن عمرو بن العاص، - رضوان الله تعالى عليهم أجمعين -.
ثم اعلم: أن الخلفاء الأربعة، أكثر من روي عنه: علي بن أبي طالب، والرواية عن الثلاثة، في ندرة جدا.
والسبب فيه: تقدم وفاتهم، وأما علي - رضي الله عنه - فروي عنه الكثير.
عن ابن مسعود، أنه قال: إن القرآن أنزل على سبعة أحرف، ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن، وإن عليا - رضي الله تعالى عنه - عنده من الظاهر والباطن.
وأما بن مسعود - رضي الله تعالى عنهم -، فروي عنه أكثر مما روي عن علي - رضي الله تعالى عنه -.
مات: بالمدينة، سنة 32، اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما -.
المتوفى: سنة 68، ثمان وستين، بالطائف.
فهو ترجمان القرآن، وحبر الأمة، ورئيس المفسرين، دعا له النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال: (اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل).
وقد ورد عنه: في التفسير، ما لا يحصى كثرة، لكن أحسن الطرق عنه: طريقة: علي بن أبي طلحة الهاشمي.
المتوفى: سنة 143، ثلاث وأربعين ومائة.
واعتمد على هذه البخاري في (صحيحه).
ومن جيد الطرق عنه: طريق: قيس بن مسلم الكوفي.
المتوفى: سنة 120، عشرين ومائة.
عن عطاء بن السائب.
وطريق: ابن إسحاق صاحب (السير).
وأوهى طريقته: طريق الكلبي، عن أبي صالح.
والكلبي: هو: أبو النصر: محمد بن السائب.
المتوفى: بالكوفة، سنة 146، ست وأربعين ومائة.
فإن انضم إليه رواية: محمد بن مروان السدي الصغير.
المتوفى: سنة 186، ست وثمانين ومائة.
فهي سلسلة الكذب.
وكذلك: طريق: مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي.
المتوفى: سنة 150، خمسين ومائة.
إلا أن الكلبي: يفضل عليه، لما في مقاتل من المذاهب الرديئة.
وطريق: الضحاك بن مزاحم الكوفي.
المتوفى: سنة 102، اثنتين ومائة.
عن: ابن عباس منقطعة، فإن الضحاك لم يلقه.
وإن انضم إلى ذلك: رواية: بشر بن عمارة، فضعيفة ضعف بشر.
وقد أخرج عنه:
ابن جرير.
وابن أبي حاتم.
وإن كان من رواية: جرير عن الضحاك، فأشد ضعفا، لأن جريرا شديد الضعف، متروك.
وإنما أخرج منه:
ابن مردويه.
وأبو الشيخ: ابن حبان.
دون: ابن جرير.
وأما: أبي بن كعب.
المتوفى: سنة 20، عشرين، على خلاف فيه.
فعنه نسخة كبيرة.
يرويها: أبو جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، عن أبي العالية، عنه، وهذا إسناد صحيح.
وهو أحد الأربعة الذين جمعوا القرآن، على عهد رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم -.
وكان أقرأ الصحابة، وسيد القراء.
ومن الصحابة: من ورد عنه اليسير من التفسير، غير هؤلاء، منهم:
أنس بن مالك بن النضر.
المتوفى: بالبصرة، سنة 91، إحدى وتسعين.
وأبو هريرة: عبد الرحمن بن صخر، على خلاف.
المتوفى: بالمدينة، سنة 57، سبع وخمسين.
وعبد الله بن عمر بن الخطاب.
المتوفى: بمكة المكرمة، سنة 73، ثلاث وسبعين.
وجابر بن عبد الله الأنصاري.
المتوفى: بالمدينة، سنة 74، أربع وسبعين.
وأبو موسى: عبد الله بن قيس الأشعري.
المتوفى: سنة 44، أربع وأربعين.
وعبد الله بن عمرو بن العاص السهمي.
المتوفى: سنة 63، ثلاث وستين.
وهو: أحد العبادلة الذين استقر عليهم أمر العلم، في آخر عهد الصحابة.
وزيد بن ثابت الأنصاري.
وأما المفسرون من التابعين، فمنهم:
أصحاب ابن عباس.
وهم علماء مكة المكرمة - شرفها الله تعالى -.
ومنهم:
مجاهد بن حبر المكي.
المتوفى: سنة 103، ثلاث ومائة.
قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة.
واعتمد على تفسيره: الشافعي، والبخاري.
وسعيد بن جبير.
المتوفى: سنة 94، أربع وتسعين.
وعكرمة، مولى: ابن عباس.
المتوفى: بمكة، سنة 105، خمس ومائة.
وطاووس بن كيسان اليماني.
المتوفى: بمكة، سنة 106، ست ومائة.
وعطاء بن أبي رباح المكي.
المتوفى: سنة 114، أربع عشرة ومائة.
ومنهم:
أصحاب ابن مسعود.
وهم: علماء الكوفة.
كعلقمة بن قيس.
المتوفى: سنة 102، اثنتين ومائة.
والأسود بن يزيد.
المتوفى: سنة 75، خمس وسبعين.
وإبراهيم النخعي.
المتوفى: سنة 95، خمس وتسعين.
والشعبي.
المتوفى: سنة 105، خمس ومائة.
ومنهم:
أصحاب: زيد بن أسلم.
كعبد الرحمن بن زيد.
ومالك بن أنس.
ومنهم:
الحسن البصري.
المتوفى: سنة 121، إحدى وعشرين ومائة.
وعطاء بن أبي سلمة ميسرة الخراساني.
المتوفى: سنة...
ومحمد بن كعب القرظي.
المتوفى: سنة 117، سبع عشرة ومائة.
وأبو العالية: رفيع بن مهران الرياحي.
المتوفى: سنة 90، تسعين.
والضحاك بن زاحم.
وعطية بن سعيد العوفي.
المتوفى: سنة 111، إحدى عشرة ومائة.
وقتادة بن دعامة السدوسي.
المتوفى: سنة 117، سبع عشرة ومائة.
وربيع بن أنس السدي.
ثم بعد هذه الطبقة:
الذين صنفوا كتب التفاسير، التي تجمع أقوال الصحابة، والتابعين:
كسفيان بن عيينة.
ووكيع بن الجراح.
وشعبة بن الحجاج.
ويزيد بن هارون.
وعبد الرزاق.
وآدم بن أبي إياس.
وإسحاق بن راهويه.
وروح بن عبادة.
وعبد الله بن حميد.
وأبي بكر بن أبي شيبة.
... وآخرين.
وسيأتي ذكر كتبهم.
ثم بعد هؤلاء: طبقة أخرى، منهم:
عبد الرزاق.
وعلي بن أبي طلحة.
وابن جرير.
وابن أبي حاتم.
وابن ماجة.
والحاكم.
وابن مردويه.
وأبو الشيخ: ابن حبان.
وابن المنذر ... في آخرين.
ثم انتصبت طبقة بعدهم:
إلى تصنيف: تفاسير مشحونة بالفوائد، محذوفة الأسانيد، مثل:
أبي إسحاق الزجاج.
وأبي علي الفارسي.
وأما:
أبو بكر النقاش.
وأبو جعفر النحاس.
فكثيرا ما استدرك الناس عليهما.
ومثل: مكي بن أبي طالب.
وأبي العباس المهدوي.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين:
فاختصروا الأسانيد، ونقلوا الأقوال بتراء، فدخل من هنا الدخيل، والتبس الصحيح بالعليل، ثم صار كل من سنح له قول يورده، ومن خطر بباله شيء يعتمده، ثم ينقل ذلك خلف عن سلف، ظانا أن له أصلا، غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح، ومن هم القدوة في هذا الباب.
قال السيوطي: رأيت في تفسير قوله - سبحانه وتعالى -: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، نحو: عشرة أقول، مع أن الوارد عن النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وجميع الصحابة، والتابعين: ليس غير اليهود والنصارى.
حتى قال ابن أبي حاتم: لا أعلم في هذا اختلافا من المفسرين.
ثم صنف بعد ذلك: قوم برعوا في شيء من العلوم.
ومنهم: من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن، واقتصر فيه على: ما تمهر هو فيه، كأن القرآن انزل لأجل هذا العلم لا غير، مع أن فيه تبيان كل شيء.
فالنحوي: تراه ليس له هم إلا الإعراب، وتكثير الأوجه المحتملة فيه، وإن كانت بعيدة، وينقل قواعد النحو، ومسائله، وفروعه، وخلفياته:
كالزجاج.
والواحدي في: (البسيط).
وأبي حيان في: (البحر والنهر).
والإخباري: ليس له شغل إلا القصص واستيفاؤها، والأخبار عمن سلف، سواء كانت صحيحة أو باطلة.
ومنهم:
الثعلبي.
والفقيه: يكاد يسرد فيه الفقه جميعا، وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية، التي لا تعلق لها بالآية أصلا، والجواب عن أدلة المخالفين:
كالقرطبي.
وصاحب: (العلوم العقلية).
خصوصا:
الإمام: فخر الدين الرازي.
قد ملأ تفسيره: بأقوال الحكماء، والفلاسفة، وخرج من شيء إلى شيء، حتى يقضي الناظر العجب.
قال أبو حيان في (البحر) : جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة، لا حاجة بها في علم التفسير.
ولذلك قال بعض العلماء: فيه كل شيء إلا التفسير.
والمبتدع: ليس له قصد إلا تحريف الآيات، وتسويتها على مذهبه الفاسد، بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها، أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه.
كما نقل عن البلقيني، أنه قال: استخرجت من (الكشاف) اعتزالا بالمناقيش، منها:
أنه قال في قوله - سبحانه وتعالى -: (فمن زحزح عن النار، وأدخل الجنة فقد فاز)، أي: فوز أعظم من دخول الجنة، أشار به إلى عدم الرؤية.
والملحد: فلا تسأل عن كفره، وإلحاده في آيات الله - تعالى -، وافترائه على الله - تعالى - ما لم يقله.
كقول بعضهم (إن هي إلا فتنتك) : ما على العباد أضر من ربهم.
وينسب هذا القول إلى صاحب: (قوت القلوب)، أبي طالب المكي.
ومن ذلك القبيل: الذين يتكلمون في القرآن بلا سند، ولا نقل عن السلف، ولا رعاية للأصول الشرعية، والقواعد العربية.
كتفسير: محمود بن حمزة الكرماني.
في مجلدين.
سماه: (العجائب، والغرائب).
ضمنه: أقوالا، هي عجائب عند العوام، وغرائب عما عهد عن السلف، بل هي أقوال منكرة، لا يحل الاعتقاد عليها، ولا ذكرها، إلا للتحذير.
من ذلك قول من قال في (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا) : إنه الحب والعشق.
ومن ذلك قولهم في (ومن شر غاسق إذا وقب) : إنه الذكر إذا قام.
وقولهم في (من ذا الذي يشفع عنده) : معناه: (من ذل)، أي: من الذل، و(ذي) : إشارة إلى النفس، و(يشف) : من الشفاء، جواب: مَنْ، و(عِ) : أمر من الوعي.
وسئل البلقيني: عمن فسر بهذا؟ فأفتى بأنه: ملحد.
وأما: كلام الصوفية في القرآن، فليس بتفسير.
قال ابن الصلاح في (فتاواه) : وجدت عند الإمام الواحدي، أنه قال: صنف السلمي (حقائق التفسير)، إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير، فقد كفر.
قال النسفي في (عقائده) : النصوص تحمل على ظواهرها، والعدول عنها، إلى معان يدعيها أهل الباطن، إلحاد.
وقال التفتازاني في (شرحه) : سميت الملاحدة: باطنية، لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها، بل لها معان باطنة.
وقال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين، من أن النصوص على ظواهرها، ومع ذلك فيها إشارات خفية، إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك، يمكن التطبيق بينها، وبين الظواهر المرادة، فهو من كمال العرفان، ومحض الإيمان.
وقال تاج الدين، عطاء الله، في (لطائف المنن) : اعلم: أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله - سبحانه وتعالى -، وكلام رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - بالمعاني الغريبة، ليست إحالة الظاهر عن ظاهره، ولكن ظاهر الآية مفهوم، منه ما جلبت الآية له، ودلت عليه في عرف اللسان، وثَمَّ أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث، لمن فتح الله - تعالى - قلبه.
وقد جاء في الحديث: (لكل آية ظهر وباطن...).
فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم، أن يقول لك ذو جدل: هذا إحالة لكلام الله - تعالى -، وكلام رسول الله، فليس ذلك بإحالة؛ وإنما يكون إحالة، لو قال: لا معنى للآية إلا هذا.
وهم يقولون ذلك، بل يفسرون الظواهر على ظواهرها، مرادا بها موضوعاتها. انتهى.
قال صاحب (مفتاح السعادة) : الإيمان بالقرآن هو: التصديق بأنه كلام الله - سبحانه وتعالى -، قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله تعالى عليه وسلم -، بواسطة جبرائيل - عليه السلام -، وأنه دال على صفة أزلية له - سبحانه وتعالى -، وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية، مما هو مراد الله - سبحانه وتعالى - حق لا ريب فيه، ثم تلك الدلالة على مراده - سبحانه وتعالى - بواسطة القوانين الأدبية، الموافقة للقواعد الشرعية، والأحاديث النبوية، مراد الله - سبحانه وتعالى -.
ومن جملة ما علم من الشرائع: أن مراد الله - سبحانه وتعالى - من القرآن، لا ينحصر في هذا القدر، لما قد ثبت في الأحاديث: (إن لكل آية ظهرا وبطنا..).
وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد، بل من أعصى فهما وعلما، من لدنه - تعالى - يكون الضابط في صحته: أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة، عن الألفاظ بالقوانين العربية، وأن لا يخالف القواعد الشرعية، ولا يباين إعجاز القرآن، ولا يناقض النصوص الواقعة فيها، فإن وجد هذه الشرائط، فلا يطعن فيه، وإلا فهو بمعزل عن القبول.
قال الزمخشري: من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه، والبلاغة على كمالها، وما وقع به التحدي سليما من القادح، وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية، بالمشاهدات الكشفية، فهم القدوة في هذه المسالك، ولا يمنعون أصلا عن التوغل في ذلك.
ثم ذكر ما وجب على المفسر من الآداب، وقال:
ثم اعلم: أن العلماء - كما بينوا في التفسير شرائط - بينوا أيضا في المفسر شرائط، لا يحل التعاطي لمن عري عنها، أو هو فيها راجل، وهي: أن يعرف خمسة عشر علما، على وجه الإتقان، والكمال:
اللغة، والنحو، والتصريف، والاشتقاق، والمعاني، والبيان، والبديع، والقراآت، وأصول الدين، وأصول الفقه، وأسباب النزول، والقصص، والناسخ والمنسوخ، والفقه، والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم، وعلم الموهبة، وهو: علم يورثه الله - سبحانه وتعالى - لمن عمل بما علم، وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها، وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم.
ثم إن تفسير القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم لم يطلع الله - سبحانه وتعالى - عليه أحدا من خلقه، وهو: ما استأثر به من علوم أسرار كتابه، من معرفة: كنه ذاته، ومعرفة حقائق أسمائه، وصفاته، وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه.
والثاني: ما أطلع الله - سبحانه وتعالى - نبيه عليه من أسرار الكتاب، واختص به، فلا يجوز الكلام فيه، إلا له - عليه الصلاة والسلام -، أو لمن أذن له.
قيل: وأوائل السور من هذا القسم، وقيل: من الأول.
والثالث: علوم علمها - الله تعالى - نبيه، مما أودع كتابه من المعاني الجلية، والخفية، وأمره بتعليمها.
وهذا ينقسم إلى قسمين:
منه: ما لا يجوز الكلام فيه، إلا بطريق السمع، كأسباب النزول، والناسخ والمنسوخ، والقراآت، واللغات، وقصص الأمم، وأخبار ما هو كائن.
ومنه: ما يؤخذ بطريق النظر، والاستنباط، من الألفاظ، وهو قسمان:
قسم: اختلفوا في جوازه ، وهو: تأويل الآيات المتشابهات.
وقسم: اتفقوا عليه، وهو: استنباط الأحكام الأصلية، والفرعية، والإعرابية، لأن مبناها على الأقيسة.
وكذلك: فنون البلاغة، وضروب المواعظ، والحكم، والإشارات، لا يمتنع استنباطها منه، لمن له أهلية ذلك؛ وما عدا هذه الأمور هو: التفسير بالرأي، الذي نهي عنه.
وفيه خمسة أنواع:
الأول: في التفسير، من غير حصول العلوم، التي يجوز معها التفسير.
الثاني: تفسير المتشابه، الذي لا يعلمه إلا الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد، بأن يجعل المذهب أصلا، والتفسير تابعا له، فيرد إليه بأي طريق أمكن، وإن كان ضعيفا.
الرابع: التفسير بأن مراد الله - سبحانه وتعالى - كذا على القطع، من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى.
وإذا عرفت هذه الفوائد، وإن أطنبنا فيها، لكونها رأس العلوم، ورئيسها.
فاعلم: أن كتب التفاسير كثيرة، ذكرنا منها هاهنا ما هو مسطور في هذا السفر على ترتيبه.
(الإبانة، في تفسير آية الأمانة).
(الإتقان، في علوم القرآن).
(أبين الحصص، في أحسن القصص).
(أحكام القرآن).
كثيرة.
(إرشاد العقل السليم).
لأبي مسعود.
(إرشاد ابن برجان).
(أسباب النزول).
سبق كتبه في فنه.
(إعراب القرآن).
مر ذكر كتبه في فنه.
(أسئلة القرآن).
(إعجاز القرآن).
(إغاثة اللهف، تفسير الكهف).
(أقاليم التعاليم).
(أقسام القرآن).
(الإقناع).
في تفسير: آية الانتصار.
للزمخشري، من أبي المنير.
(الانتصاف، شرح الكشاف).
(الإنصاف، في الجمع بين: الثعلبي والكشاف).
(أنوار التنزيل).
للبيضاوي.
ومتعلقاته.
(أنوار ابن مقسم).
(إيجاز البيان).
(الإيجاز في الناسخ والمنسوخ).
(الإيضاح).
فيه أيضا.
(بحار القرآن).
(بحر الحقائق).
(بحر الدرر).
(بحر العلوم).
(البرهان، في علوم القرآن).
(البرهان، في تفسير القرآن).
(بحر البحور).
(البرهان، في تناسب السور).
(البرهان، في إعجاز القرآن).
(بسيط الواحدي).
(بصائر ذوي التمييز).
(بصائر).
فارسي.
(البيان، في تأويلات القرآن).
(البيان، في مبهمات القرآن).
(البيان، في علوم القرآن).
(البيان، في شواهد القرآن).
(تاج المعاني).
(تاج التراجم).
(تأويلات القرآن).
(تأويلات الماتريدي).
(التبصرة في التفسير).
(تبصير الرحمن).
(التبيان، في إعراب القرآن).
(التبيان، في تفسير القرآن).
(التبيان، في أقسام القرآن).
(التبيان، في مسائل القرآن).
(التبيان، في متشابه القرآن).
(تبيين القرآن).
(تحف الأنام).
(تحقيق البيان).
(التحبير، في علوم التفسير).
(ترجمان القرآن).
(الترجمان في التفسير).
(تعداد الآي).
(التعظيم والمنة).
(تعلق الآي).
علم التفسير: أي تفسير القرآن
هو: علم باحث عن معنى نظم القرآن بحسب الطاقة البشرية وبحسب ما تقتضيه القواعد العربية.
ومباديه: العلوم العربية وأصول الكلام وأصول الفقه والجدل وغير ذلك من العلوم الجمة.
والغرض منه: معرفة معاني النظم بقدر الطاقة البشرية.
وفائدته: حصول القدرة على استنباط الأحكام الشرعية على وجه الصحة والاتعاظ بما فيه من القصص والعبر والاتصاف بما تضمنه من مكارم الأخلاق إلى غير ذلك من الفوائد التي لا يمكن تعدادها لأنه بحر لا تنقضي عجائبه وسبحانه من أنزله وأرشد به عباده.
وموضوعه: كلام الله - سبحانه وتعالى - الذي هو: منبع كل حكمة ومعدن كل فضيلة.
وغايته: التوصل إلى فهم معاني القرآن واستنباط حكمه ليفاز به إلى السعادة الدنيوية والأخروية وشرف العلم وجلالته باعتبار شرف موضوعه وغايته فهو أشرف العلوم وأعظمها هذا ما ذكره أبو الخير وابن صدر الدين والأرتيقي.
قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: علم التفسير: علم يعرف به نزول الآيات وشؤونها وأقاصيصها والأسباب النازلة فيها ثم ترتيب مكيها ومدنيها ومحكمها ومتشابهها وناسخها ومنسوخها وخاصها وعامها ومطلقها ومقيدها ومجملها ومفسرها وحلالها وحرامها ووعدها ووعيدها وأمرها ونهيها وامتثالها وغيرها.
قال أبوحيان: التفسير: علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن ومدلولاتها وأحكامها الإفرادية والتركيبية ومعانيها التي يحمل عليه حالة التركيب وتتمات ذلك.
وقال الزركشي: التفسير: علم يفهم به كتاب الله المنزل على محمد - صلى الله عليه وسلم - وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات وأما وجه الحاجة إليه فقال بعضهم: اعلم أن من المعلوم أن الله تعالى إنما خاطب خلقه بما يفهمونه ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه وأنزل كتابه على لغتهم وإنما احتيج إلى التفسير لما سيذكر بعد تقرير قاعدة وهي: أن كل من وضع من البشر كتاب فإنما وضعه ليفهم بذاته من غير شرح وإنما احتيج إلى الشروح لأمور ثلاثة:
أحدها: كمال فضيلة المصنف فإنه بقوته العلمية بجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز فربما عسر فهم مراده فقصد بالشروح ظهور تلك المعاني الدقيقة من ههنا كان شرح بعض الأئمة لتصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له"
وثانيها: إغفاله بعض متممات المسئلة أو شروطها اعتمادا على وضوحها أو لأنها من علم آخر فيحتاج الشارح لبيان المتروك ومراتبه.
وثالثها: احتمال اللفظ لمعان مختلفة كما في المجاز والاشتراك ودلالة الالتزام فيحتاج الشارح إلى بيان غرض المصنف وترجيحه وقد يقع في التصانيف ما لا يخلو عنه بشر من السهو والغلط أو تكرار الشيء أو حذف المهم أو غير ذلك فيحتاج الشارح للتنبيه على ذلك وإذا تقرر هذا فنقول:
إن القرآن إنما نزل بلسان عربي في زمن فصحاء العرب وكانوا يعلمون ظاهره وأحكامه أما دقائق باطنه فإنما كانت تظهر لهم بعد البحث والنظر مع سؤالهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - في الأكثر كسؤالهم لما نزل: {وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ} فقالوا:
وأينا لم يظلم نفسه ففسره النبي - صلى الله عليه وسلم - بالشرك واستدل عليه {إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} وغير ذلك مما سألوا عنه - صلى الله عليه وسلم - ونحن محتاجون إلى ما كانوا يحتاجون إليه مع أحكام الظاهر لقصورنا عن مدارك أحكام اللغة بغير تعلم فنحن أشد احتياجا إلى التفسير.
وأما شرفه: فلا يخفى قال الله تعالى: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً} .
وقال الأصبهاني: شرفه من وجوه:
أحدها: من جهة الموضوع: فإن موضوعه كلام الله تعالى الذي ينبوع كل حكمة ومعدن كل فضيلة.
وثانيها: من جهة الغرض: فإن الغرض منه الاعتصام بالعروة الوثقى والوصول إلى السعادة الحقيقية التي هي الغاية القصوى.
وثالثها: من جهة شدة الحاجة: فإن كل كمال ديني أو دنيوي مفتقر إلى العلوم الشرعية والمعارف الدينية وهي متوقفة على العلم بكتاب الله تعالى.
واختلف الناس في تفسير القرآن: هل يجوز لكل أحد الخوض فيه؟ فقال قوم: لا يجوز لأحد أن يتعاطى تفسير شيء من القرآن وأن كان عالما أديبا متسعا في معرفة الأدلة والفقه والنحو والأخبار والآثار، وليس له إلا أن ينتهي إلى ما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذلك.
ومنهم من قال: يجوز تفسيره لمن كان جامعا للعلوم التي يحتاج المفسر إليها وهي خمسة عشر علما: اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعاني والبيان والبديع وعلم القراءات: لأنه يعرف به كيفية النطق بالقرآن وبالقراءات يرجح بعض الوجوه المحتملة على بعض وأصول الدين: أي الكلام وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص إذ بسبب النزول يعرف معنى الآية المنزلة فيه بحسب ما أنزلت فيه والناسخ والمنسوخ ليعلم المحكم من غيره والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المبهم والمجمل وعلم الموهبة وهو علم يورثه الله لمن عمل بما علم وإليه الإشارة بحديث: من عمل بما علم أورثه الله تعالى علم ما لم يعلم.
قال البغوي والكواشي وغيرهما: التأويل صرف الآية إلى معنى موافق لما قبلها وما بعدها تحتملها الآية غير مخالف للكتاب والسنة غير محظور على العلماء بالتفسير كقوله تعالى: {انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً} .
وقيل: أغنياء وفقراء.
وقيل: نشاطا أو غير نشاط.
وقيل: أصحاء ومرضى وكل ذلك سائغ والآية تحتمله.
وأما التأويل المخالف للآية والشرخ فمحظور لأنه تأويل الجاهلين مثل تأويل الروافض قوله تعالى: {مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ} أنهما علي وفاطمة {يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ} يعني الحسن والحسين. انتهى.
وذكر العلامة الفناري في: تفسير الفاتحة فصلا مفيدا في تعريف هذا العلم ولا بأس بإيراده اذ هو مشتمل على لطائف التعريف.
قال قطب الدين الرازي في شرحه ل: الكشاف: هو ما يبحث فيه عن مراد الله - سبحانه وتعالى - من قرآنه المجيد ويرد عليه أن البحث فيه ربما كان عن أحوال الألفاظ: كمباحث القراءات وناسخية الألفاظ ومنسوخيتها وأسباب نزولها وترتيب نزولها إلى غير ذلك فلا يجمعها أحده.
وأيضا يدخل فيه البحث في الفقه الأكبر والأصغر عما يثبت بالكتاب فإنه بحث عن مراد الله تعالى من قرآنه فلا يمنعه أحد فكان الشارح التفتازاني إنما عدل عنه لذلك إلى قوله: هو العلم الباحث عن أحوال الألفاظ كلام الله - سبحانه وتعالى - من حيث الدلالة على مراد الله وترد على مختاره أيضا وجوه:
الأول: أن البحث المتعلق بألفاظ القرآن ربما لا يكون بحيث يؤثر في المعنى المراد بالدلالة والبيان: كمباحث علم القراءة عن أمثال التفخيم والإمالة إلى ما لا يحصى فإن علم القراءة جزء من علم التفسير أفرز عنه لمزيد الاهتمام إفراز الكحالة من الطب والفرائض من الفقه.
وقد خرج بقيد الحيثية ولم يجمعه فإن قيل: أراد تعريفه بعد إفراز علم القراءة
قلنا: فلا يناسب الشرح المشروح للبحث في التفسير عما لا يتغير به المعنى في مواضع لا تحصى
الثاني: أن المراد بالمراد إن كان المراد بمطلق الكلام فقد دخل العلوم الأدبية وإن كان مراد الله تعالى بكلامه.
فإن أريد مراده في نفس الأمر فلا يفيده بحث التفسير لأن: طريقه غالبا إما رواية الآحاد أو الدراية بطريق العربية وكلاهما ظني كما عرف ولأن فهم كل أحد بقدر استعداده ولذلك أوصى المشائخ - رحمهم الله - في الإيمان أن يقال: آمنت بالله وبما جاء من عنده على مراده وآمنت برسول الله وبما قاله على مراده ولا يعين بما ذكره أهل التفسير ويكرر ذلك على الهدي في تأويلاته.
وإن أريد مراد الله - سبحانه وتعالى - في زعم المفسر ففيه خرازة من وجهين:
الأول: كون علم التفسير بالنسبة إلى كل مفسر بل إلى كل أحد شيئا آخر وهذا مثل ما اعترض على حد الفقه لصاحب: التنقيح وظن وروده وإلا فإني أجيب عنه بأن التعدد ليس في حقيقته النوعية بل في جزئياتها المختلفة باختلاف القوابل.
وأيضا ذكر الشيخ صدر الدين القونوي في تفسير: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} : أن جميع المعاني المفسر بها لفظ القرآن رواية أو دراية صحيحتين مراد الله - سبحانه وتعالى - لكن بحسب المراتب والقوابل لا في حق كل أحد.
الثاني: أن الأذهان تنساق بمعاني الألفاظ إلى ما في نفس الأمر على ما عرف فلا بد لصرفها عنه من أن يقال من حيث الدلالة على ما يظن أنه مراد الله سبحانه وتعالى.
الثالث: أن عبارة العلم الباحث في المتعارف ينصرف إلى الأصول والقواعد أو ملكتها وليس لعلم التفسير قواعد يتفرع عليها الجزئيات إلا في مواضع نادرة فلا يتناول غير تلك المواضع إلا بالعناية فالأولى: أن يقال علم التفسير معرفة أحوال كلام الله سبحانه وتعالى من حيث القرآنية ومن حيث دلالته على ما يعلم أو يظن أنه مراد الله سبحانه وتعالى بقدر الطاقة الإنسانية فهذا يتناول أقسام البيان بأسرها. انتهى كلام الفناري بنوع تلخيص.
ثم أورد فصولا في تقسيم هذا الحد إلى تفسير وتأويل وبيان الحاجة إليه وجواز الخوض فيهما ومعرفة وجوههما المسماة بطونا أو ظهرا أو بطنا فمن أراد الإطلاع على حقائق علم التفسير فعليه بمطالعته ولا ينبؤه مثل خبير.
ثم إن أبا الخير أطال في ذكر: طبقات المفسرين ونحن أشرنا إلى من ليس لهم تصنيف فيه من مفسري الصحابة والتابعين إشارة جمالية والباقي مذكور عند ذكر كتابه.
أما المفسرون من الصحابة فمنهم: الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن الزبير وأنس بن مالك وأبو هريرة وجابر وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم.
ثم اعلم أن الخلفاء الأربعة أكثر من روي عنه علي بن أبي طالب والرواية عن الثلاثة في ندرة جدا والسبب فيه تقدم وفاتهم وأما علي رضي الله عنه فروي عنه الكثير وروي عن ابن مسعود أنه قال إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها حرف إلا وله ظهر وبطن وإن عليا - رضي الله عنه - عنده من الظاهر والباطن.
وأما ابن مسعود فروي عنه أكثر مما روي عن علي مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين.
وأما ابن عباس المتوفى سنة ثمان وستين بالطائف فهو: ترجمان القرآن وحبر الأمة ورئيس المفسرين دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل".
وقد روي عنه في التفسير ما لا يحصى كثرة لكن أحسن الطرق عنه طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي المتوفى سنة ثلاث وأربعين ومائة واعتمد على هذه البخاري في صحيحه.
ومن جيد الطرق عنه طريق قيس بن مسلم الكوفي المتوفى سنة عشرين ومائة عن عطاء بن السائب.
وطريق ابن إسحاق صاحب: السير.
وأوهى طريقة طريق الكلبي عن أبي صالح والكلبي: هو أبو النصر محمد بن السائب المتوفى بالكوفة سنة ست وأربعين ومائة فإن انضم إليه رواية محمد بن مروان السدي الصغير المتوفى سنة ست وثمانين ومائة فهي سلسلة الكذب وكذلك طريق مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي المتوفى سنة خمسين ومائة إلا أن الكلبي يفضل عليه لما في مقاتل من المذاهب الردية وطريق ضحاك بن مزاحم الكوفي المتوفى سنة اثنتين مائة عن ابن عباس منقطعة فإن الضحاك لم يلقه وإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة فضعيفة لضعف بشر وقد أخرج عنه ابن جرير وابن أبي حاتم وإن كان من رواية جرير عن الضحاك فأشد ضعفا لأن جريرا شديد الضعف متروك وإنما أخرج عنه ابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان دون ابن جرير وأما أبي ابن كعب المتوفى سنة عشرين على خلاف فيه فعن نسخة كبيرة يرويها أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عنه وهذا إسناد صحيح وهو أحد الأربعة الذي جمعوا القرآن على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أقرأ الصحابة وسيد القراء.
ومن الصحابة من ورد عنه اليسير من التفسير غير هؤلاء منهم أنس بن مالك بن النضر المتوفى بالبصرة سنة إحدى وتسعين.
وأبو هريرة عبد الرحمن بن صخر على خلاف المتوفى بالمدينة سنة سبع وخمسين.
وعبد الله بن عمر بن الخطاب المتوفى بمكة المكرمة سنة ثلاث وسبعين.
وجابر بن عبد الله الأنصاري المتوفى بالمدينة سنة أربع وسبعين.
وأبو موسى عبد الرحمن بن قيس الأشرعي المتوفى سنة أربع وأربعين.
وعبد الله بن عمرو بن العاص السهمي المتوفى سنة ثلاث وستين وهو أحد العبادلة الذين استقر عليهم أمر العلم في آخر عهد الصحابة.
وزيد بن ثابت الأنصاري كاتب النبي - صلى الله عليه وسلم - المتوفى سنة خمس وأربعين
وأما المفسرون من التابعين فمنهم أصحاب ابن عباس وهم: علماء مكة المكرمة - شرفها الله تعالى.
ومنهم: مجاهد بن جبر المكي المتوفى سنة ثلاث ومائة قال: عرضت القرآن على ابن عباس ثلاثين مرة واعتمد على تفسيره الشافعي والبخاري.
وسعيد بن جبير المتوفى سنة أربع وتسعين.
وعكرمة مولى ابن عباس المتوفى بمكة سنة خمس ومائة.
وطاووس بن كيسان اليماني المتوفى بمكة سنة ست ومائة.
وعطاء بن أبي رباح المكي المتوفى سنة أربع عشرة ومائة. ومنهم أصحاب ابن مسعود وهم علماء الكوفة.
كعلقمة بن قيس المتوفى سنة اثنتين ومائة والأسود بن يزيد المتوفى سنة خمس وسبعين.
وإبراهيم النخعي المتوفى سنة خمس وتسعين.
والشعبي المتوفى سنة خمس ومائة.
ومنهم: أصحاب زيد بن أسلم كعبد الرحمن بن زيد ومالك بن أنس.
ومنهم: الحسن البصري المتوفى سنة إحدى وعشرين ومائة وعطاء بن أبي سلمة ميسرة الخراساني ومحمد بن كعب القرظي المتوفى سنة سبع عشرة ومائة وأبو العالية رفيع بن مهران الرياحي المتوفى سنة تسعين والضحاك بن مزاحم وعطية بن سعيد العوفي المتوفى سنة إحدى عشرة ومائة وقتادة بن دعامة السدوسي المتوفى سنة عشرة ومائة والربيع بن أنس والسدي
ثم بعد هذه الطبقة الذين صنفوا كتب التفاسير التي تجمع أقوال الصحابة والتابعين كسفيان بن عيينة ووكيع بن الجراح وشعبة بن الحجاج ويزيد بن هارون وعبد الرزاق وآدم بن أبي إياس وإسحاق بن راهويه وروح بن عبادة وعبد لله بن حميد وأبي بكر بن أبي شيبة وآخرين.
ثم بعد هؤلاء طبقة أخرى منهم: عبد الرزاق علي بن أبي طلحة وابن جرير وابن أبي حاتم وابن ماجة والحاكم وابن مردويه وأبو الشيخ ابن حبان وابن المنذر في آخرين.
ثم انتصبت طبقة بعدهم إلى تصنيف تفاسير مشحونة بالفوائد محذوفة الأسانيد مثل: أبي أسحق الزجاج وأبي علي الفارسي.
وأما أبو بكر النقاش وأبو جعفر النحاس فكثيرا ما استدرك الناس عليهما ومثل مكي بن أبي طالب وأبي العباس المهدوي.
ثم ألف في التفسير طائفة من المتأخرين فاختصروا الأسانيد ونقلوا الأقوال بترا فدخل من هنا الدخيل والتبس الصحيح بالعليل ثم صار كل من سنح له قول يورده ومن خطر بباله شيء يعتمده ثم ينقل ذلك خلف عن سلف ظانا أن له أصلا غير ملتفت إلى تحرير ما ورد عن السلف الصالح ومن هم القدوة في هذا الباب.
ثم صنف بعد ذلك قوم برعوا في شيء من العلوم ومنهم من ملأ كتابه بما غلب على طبعه من الفن واقتصر فيه على ما تمهر هو فيه وكان القرآن أنزل لأجل هذا العلم لا غير مع أن فيه تبيان كل شيء.
فالنحوي تراه ليس له إلا الإعراب وتكثير الأوجه المحتملة فيه وإن كانت بعيدة وينقل قواعد النحو ومسائله وفروعه وخلافياته ك: الزجاج و: الواحدي في البسيط وأبي حيان في: البحر والنهر.
والإخباري ليس له شغل إلا القصص واستيفاؤها والأخبار عن سلف سواء كانت صحيحة أو باطلة ومنهم الثعلبي.
والفقيه يكاد يسرد فيه الفقه جميعا وربما استطرد إلى إقامة أدلة الفروع الفقهية التي لا تعلو لها بالآية أصلا والجواب عن الأدلة للمخالفين كالقرطبي.
وصاحب العلوم العقلية خصوصا الإمام فخر الدين الرازي قد ملأ تفسيره بأقوال الحكماء والفلاسفة وخرج من شيء إلى شيء حتى يقضي الناظر العجب قال أبو حيان في البحر: جمع الإمام الرازي في تفسيره أشياء كثيرة طويلة لا حاجة بها في علم التفسير ولذلك قال بعض العلماء فيه: كل شيء إلا التفسير وللمبتدع ليس له قصد إلا تحريف الآيات وتسويتها على مذهبه الفاسد بحيث أنه لو لاح له شاردة من بعيد اقتنصها أو وجد موضعا له فيه أدنى مجال سارع إليه كما نقل عن البلقيني أنه قال: استخرجت من: الكشاف اعتزالا بالمناقيش منها أنه قال في قوله - سبحانه وتعالى -: {فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ} أي فوز أعظم من دخول الجنة أشار به إلى عدم الرؤية والملحد لا تسأل عن كفره وإلحاده في آيات الله تعالى وافترائه على الله تعالى ما لم يقله كقول بعضهم: {ِنْ هِيَ إِلَّا فِتْنَتُكَ} وما علي العباد أضر من ربهم وينسب هذا القول إلى صاحب قوت القلوب أبي طالب المكي.
ومن ذلك القبيل الذين يتكلمون في القرآن بلا سند ولا نقل عن السلف ولا رعاية للأصول الشرعية والقواعد العربية كتفسير محمود بن حمزة الكرماني في مجلدين سماه: العجائب والغرائب ضمنه أقوالا هي: عجائب عند العوام وغرائب عما عهد عن السلف بل هي أقوال منكرة لا يحل الاعتقاد عليها ولا ذكرها إلا للتحذير من ذلك قول من قال في: {رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} إنه الحب والعشق ومن ذلك قولهم في: {وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} إنه الذكر إذا قام وقولهم: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ} معناه من ذل أي من الذل وذي إشارة إلى النفس ويشف من الشفاء جواب من وع أمر من الوعي.
وسئل البلقيني عمن فسر بهذا؟ فأفتى بأنه ملحد.
وأما كلام الصوفية في القرآن فليس بتفسير.
قال ابن الصلاح في فتاواه: وجدت عن الإمام الواحدي أنه قال: صنف السلمي حقائق التفسير إن كان قد اعتقد أن ذلك تفسير فقد كفر.
قال النسفي في: عقائده: النصوص تحمل على ظواهرها والعدول عنها إلى معان يدعيها أهل الباطن إلحادا وقال التفتازاني في: شرحه: سميت الملاحدة باطنية لادعائهم أن النصوص ليست على ظواهرها بل لها معان باطنة لا يعلمها إلا المعلم وقصدهم بذلك نفي الشريعة بالكلية.
وقال: وأما ما يذهب إليه بعض المحققين من النصوص على ظواهرها ومع ذلك فيها إشارات خفية إلى دقائق تنكشف على أرباب السلوك يمكن التطبيق بينها وبين الظواهر المرادة فهو من كمال الإيمان ومحض العرفان.
وقال تاج الدين عطاء الله في: لطائف المنن: اعلم أن تفسير هذه الطائفة لكلام الله - سبحانه وتعالى - وكلام رسوله - صلى الله عليه وسلم - بالمعاني الغريبة ليست إحالة الظاهر عن ظاهره ولكن ظاهر الآية مفهوم منه ما جلبت الآية له ودلت عليه في عرف اللسان وثم أفهام باطنة تفهم عند الآية والحديث لمن فتح الله تعالى قلبه.
وقد جاء في الحديث: لكل آية ظهر وبطن ولكل حرف حد ولكل حد مطلع فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول لك ذو جدل: هذا إحالة كلام الله - تعالى - وكلام رسوله فليس ذلك بإحالة وإنما يكون إحالة لو قال: لا معنى للآية إلا هذا وهم لا يقولون ذلك بل يفسرون الظواهر على ظواهرها مرادا بها موضوعاتها. انتهى. قال في: كشاف اصطلاحات الفنون: أما الظهر والبطن ففي معناهما أوجه ثم ذكرها قال: قال بعض العلماء: لكل آية ستون ألف فهم فهذا يدل على أن في فهم المعاني من القرآن مجالا متسعا وأن المنقول من ظاهر التفسير ليس ينتهي الإدراك فيه بالنقل والسماع لا بد منه في ظاهر التفسير لتتقى به مواضع اللغط ثم بعد ذلك يتسع الفهم والاستنباط ولا يجوز التهاون في حفظ التفسير الظاهر بل لا بد منه أولا إذ لا مطمع في الوصول إلى الباطن قبل إحكام الظاهر وإن شئت الزيادة فارجع إلى: الإتقان. انتهى.
قال صاحب مفتاح السعادة: الإيمان بالقرآن هو التصديق بأنه كلام الله - سبحانه وتعالى - قد أنزل على رسوله محمد - صلى الله عليه وسلم - بواسطة جبريل - عليه السلام - وأنه دال على صفة أزلية له - سبحانه وتعالى - وأن ما دل هو عليه بطريق القواعد العربية مما هو مراد الله - سبحانه وتعالى - حق لا ريب فيه ثم تلك الدلالة على مراده - سبحانه وتعالى - بواسطة القوانين الأدبية الموافقة للقواعد الشرعية والأحاديث النبوية مراد الله سبحانه وتعالى.
ومن جملة ما علم من الشرائع أن مراد الله - سبحانه - من القرآن لا ينحصر في هذا القدر لما قد ثبت في الأحاديث أن لكل آية ظهرا وبطنا وذلك المراد الآخر لما لم يطلع عليه كل أحد بل من أعطي فهما وعلما من لدنه تعالى يكون الضابط في صحته أن لا يرفع ظاهر المعاني المنفهمة عن الألفاظ بالقوانين العربية وأن لا يخالف القواعد الشرعية ولا يباين إعجاز القرآن ولا يناقض النصوص الواقعة فيها فإن وجد فيه هذه الشرائط فلا يطعن فيه وألا فهو بمعزل عن القبول.
قال الزمخشري: من حق تفسير القرآن أن يتعاهد بقاء النظم على حسنه والبلاغة على كمالها وما وقع به التحدي سليما من القادح وأما الذين تأيدت فطرتهم النقية بالمشاهدات الكشفية فهم القدوة في هذه المسالك ولا يمنعون أصلا عن التوغل في ذلك ثم ذكر ما وجب على المفسر من آداب.
وقال: ثم اعلم أن العلماء كما بينوا في التفسير شرائط بينوا في المفسر أيضا شرائط لا يحل التعاطي لمن عري عنها وهو فيها راجل وهي: أن يعرف خمسة عشر علما على وجه الإتقان والكمال: اللغة والنحو والتصريف والاشتقاق والمعنى والبيان والبديع والقراءات وأصول الدين وأصول الفقه وأسباب النزول والقصص والناسخ والمنسوخ والفقه والأحاديث المبينة لتفسير المجمل والمبهم وعلم الموهبة وهو: علم يورثه الله - سبحانه وتعالى - لمن عمل بما علم وهذه العلوم التي لا مندوحة للمفسر عنها وإلا فعلم التفسير لا بد له من التبحر في كل العلوم.
ثم إن تفسير القرآن ثلاثة أقسام:
الأول: علم ما لم يطلع الله تعالى عليه أحدا من خلقه وهو ما استأثر به من علوم أسرار كتابه من معرفة كنه ذاته ومعرفة حقائق أسمائه وصفاته وهذا لا يجوز لأحد الكلام فيه.
والثاني: ما أطلع الله - سبحانه وتعالى - نبيه عليه من أسرار الكتاب واختص به فلا يجوز الكلام فيه إلا له عليه الصلاة والسلام أو لمن أذن له قيل: وأوائل السور من هذا القسم وقيل: من الأول.
والثالث علوم علمها الله تعالى نبيه مما أودع كتابه من المعاني الجلية والخفية وأمره بتعليمها وهذا ينقسم إلى قسمين: منه ما لا يجوز الكلام فيه إلا بطريق السمع: كأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والقرآن واللغات وقصص الأمم وأخبار ما هو كائن.
ومنه ما يؤخذ بطريق النظر والاستنباط من الألفاظ وهو قسمان:
قسم اختلفوا في جوازه وهو: تأويل الآيات المتشابهات.
وقسم اتفقوا عليه وهو: استنباط الأحكام الأصلية والفرعية والإعرابية: لأن مبناها على الأقيسة وكذلك فنون البلاغة وضروب المواعظ والحكم والإشارات لا يمتنع استنباطها منه لمن له أهلية ذلك وما عدا هذه الأمور هو التفسالمسمى ب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى ب: فتح البيان في مقاصد القرآن وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - عليه الصلاة والسلام - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء ولله الحمد كل الحمد على ذلك.
فصل
قال ابن خلدون في: بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات:
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها: ما هو في العقائد الإيمانية ومنها: ما هو في أحكام الجوارح ومنها: ما يتقدم ومنها: ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : أنها نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثم صارت علوم اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتاب فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم وصار التفسير على صنفين: تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف وهي: معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود والسبب في ذلك: أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم وهم أهل الــتوراة من اليهود من تبع دينهم من النصارى وأهل الــتوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل: أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك وهؤلاء مثل: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كما قلنا عن أهل الــتوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ير بالرأي الذي نهى عنه وفيه خمسة أنواع:
الأول: التفسير من غير حصول العلوم التي يجوز معها.
التفسير الثاني: تفسير المتشابه الذي لا يعلمه ألا الله - سبحانه وتعالى -.
الثالث: التفسير المقرر للمذهب الفاسد بأن يجعل المذهب أصلا والتفسير تابعا له فيرد إليه بأي طريق أمكن وإن كان ضعيفا.
والرابع: التفسير بأن مراد الله - سبحانه وتعالى - كذا على القطع من غير دليل.
الخامس: التفسير بالاستحسان والهوى.
وإذا عرفت هذه الفوائد وإن أطنبنا فيها لكونه رأس العلوم ورئيسها فاعلم أن كتب التفاسير كثيرة ذكرنا منها في كتابنا: الإكسير في أصول التفسير ما هو مسطور في: كشف الظنون وزدنا عليه أشياء على ترتيب حروف الهجاء.
قال في: مدينة العلوم: والكتب المصنفة في التفسير ثلاثة أنواع: وجيز ووسيط وبسيط.
ومن الكتب الوجيزة فيه: زاد المسيرة لابن الجوزي و: الوجيز للواحدي و: تفسير الواضح للرازي و: تفسير الجلالين إذ عمل نصفه الآخر جلال الدين المحلى وكمله جلال الدين السيوطي والشهير لأبي حيان ومن الكتب المتوسطة: الوسيط للواحدي و: تفسير الماتريدي و: تفسير التيسير لنجم الدين النسفي و: تفسير الكشاف للزمخشري و: تفسير الطيبي و: تفسير البغوي و: تفسير الكواشي و: تفسير البيضاوي و: تفسير القرطبي و: تفسير سراج الدين الهندي و: تفسير مدارك التنزيل لأبي البركات النسفي.
ومن الكتب المبسوطة: البسيط للواحدي و: تفسير الراغب للأصفهاني وتفسير أبي حيان المسمى ب: البحر و: التفسير الكبير للرازي و: تفسير العلامي ورأيته في أربعين مجلدا و: تفسير ابن عطية الدمشقي و: تفسير الخرقي نسبة إلى بائع الخرق والثياب و: تفسير الحوفي و: تفسير القشيري1 و: تفسير ابن عقيل وتفسير السيوطي المسمى ب: الدر المنثور في التفسير المأثور و: تفسير الطبري ومن التفاسير: إعراب القرآن للسفاقسي. انتهى.
قلت: ومن الحسن التفاسير المؤلفة في هذا الزمان الأخير تفسير شيخنا الإمام المجتهد العلامة قاضي القضاة بصنعاء اليمن محمد بن علي الشوكاني المتوفى سنة خمس وخمسين ومائتين وألف الهجرية المسمى بفتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير ثم تفسير هذا العبد القاصر المسمى بفتح البيان في مقاصد القرآن وقد طبع - بحمد الله تعالى - بمطبعتنا ببلدة بهوبال وكان المصروف في وليمة طبعه عشرين ألف ربية وسارت به الركبان من بلاد الهند إلى بلاد العرب والعجم ورزق القبول من علماء الكتاب والسنة القاطنين ببلد الله الحرام ومدينة نبيه - عليه الصلاة والسلام - ومحدثي اليمن وصنعاء والقدس والمغرب وغير هؤلاء ولله الحمد كل الحمد على ذلك.
فصل
قال ابن خلدون في: بيان علوم القرآن من التفسير والقراءات:
أما التفسير فاعلم أن القرآن نزل بلغة العرب وعلى أساليب بلاغتهم فكانوا كلهم يفهمونه ويعلمون معانيه في مفرداته وتراكيبه وكان ينزل جملا جملا وآيات آيات لبيان التوحيد والفروض الدينية بحسب الوقائع منها: ما هو في العقائد الإيمانية ومنها: ما هو في أحكام الجوارح ومنها: ما يتقدم ومنها: ما يتأخر ويكون ناسخا له وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يبين المجمل ويميز الناسخ من المنسوخ ويعرفه أصحابه فعرفوه وعرفوا سبب نزول الآيات ومقتضى الحال منها منقولا عنه كما علم من قوله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ} : أنها نعي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمثال ذلك ونقل ذلك عن الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وتداول ذلك التابعون من بعدهم ونقل ذلك عنهم ولم يزل ذلك متناقلا بين الصدر الأول والسلف حتى صارت المعارف علوما ودونت الكتب فكتب الكثير من ذلك ونقلت الآثار الواردة فيه عن الصحابة والتابعين وانتهى ذلك إلى الطبري والواقدي والثعالبي وأمثال ذلك من المفسرين فكتبوا فيه ما شاء الله أن يكتبوه من الآثار.
ثم صارت علوم اللسان صناعية من الكلام في موضوعات اللغة وأحكام الإعراب والبلاغة في التراكيب فوضعت الدواوين في ذلك بعد أن كانت ملكات للعرب لا يرجع فيها إلى نقل ولا كتاب فتنوسي ذلك وصارت تتلقى من كتب أهل اللسان فاحتيج إلى ذلك في تفسير القرآن لأنه بلسان العرب وعلى منهاج بلاغتهم وصار التفسير على صنفين: تفسير نقلي مسند إلى الآثار المنقولة عن السلف وهي: معرفة الناسخ والمنسوخ وأسباب النزول ومقاصد الآي وكل ذلك لا يعرف إلا بالنقل عن الصحابة والتابعين وقد جمع المتقدمون في ذلك وأوعوا إلا أن كتبهم ومنقولاتهم تشتمل على الغث والسمين والمقبول والمردود والسبب في ذلك: أن العرب لم يكونوا أهل كتاب ولا علم وإنما غلبت عليهم البداوة والأمية وإذا تشوقوا إلى معرفة شيء مما تتشوق إليه النفوس البشرية في أسباب المكونات وبدء الخليقة وأسرار الوجود فإنما يسألون عنه أهل الكتاب قبلهم ويستفيدونه منهم وهم أهل الــتوراة من اليهود من تبع دينهم من النصارى وأهل الــتوراة الذين بين العرب يومئذ بادية مثلهم ولا يعرفون من ذلك إلا ما تعرفه العامة من أهل الكتاب ومعظمهم من حمير الذين أخذوا بدين اليهودية فلما أسلموا بقوا على ما كان عندهم مما لا تعلق له بالأحكام الشرعية التي يحتاطون لها مثل: أخبار بدء الخليقة وما يرجع إلى الحدثان والملاحم وأمثال ذلك وهؤلاء مثل: كعب الأحبار ووهب بن منبه وعبد الله بن سلام وأمثالهم فامتلأت التفاسير من المنقولات عندهم وفي أمثال هذه الأغراض أخبار موقوفة عليهم وليست مما يرجع إلى الأحكام فيتحرى في الصحة التي يجب بها العمل ويتساهل المفسرون في مثل ذلك وملئوا كتب التفسير بهذه المنقولات وأصلها كما قلنا عن أهل الــتوراة الذين يسكنون البادية ولا تحقيق عندهم بمعرفة ما ينقلونه من ذلك إلا أنهم بعد صيتهم وعظمة أقدارهم لما كانوا عليه من المقامات في الدين والملة فتلقيت بالقبول من يومئذ لما رجع الناس إلى التحقيق والتمحيض.
وجاء أبو محمد بن عطية من المتأخرين بالغرب فلخص تلك التفاسير كلها وتحرى ما هو أقرب إلى الصحة منها ووضع ذلك في كتاب متداول بين أهل المغرب والأندلس حسن المنحى.
وتبعه القرطبي في تلك الطريقة على منهاج واحد في كتاب آخر مشهور بالمشرق.
والصنف الآخر من التفسير وهو: ما يرجع إلى اللسان من معرفة اللغة والإعراب والبلاغة في تأدية المعنى بحسب المقاصد والأساليب وهذا الصنف من التفسير قل أن ينفرد عن الأول إذ الأول هو المقصود بالذات وإنما جاء هذا بعد أن صار اللسان وعلومه صناعة نعم قد يكون في بعض التفاسير غالبا ومن أحسن ما اشتمل عليه هذا الفن من التفاسير كتاب: الكشاف للزمخشري من أهل خوارزم العراق إلا أن مؤلفه من أهل الاعتزال في العقائد فيأتي بالحجاج على مذاهبهم الفاسدة حيث تعرض له في أي في القرآن من طرق البلاغة فصار بذلك للمحققين من أهل السنة انحراف عنه وتحذير للجمهور من مكامنه مع إقرارهم برسوخ قدمه فيما يتعلق باللسان والبلاغة وإذا كان الناظر فيه واقفا مع ذلك على المذاهب السنية محسنا للحجاج عنها فلا جرم أنه مأمون من غوائله فلتغتنم مطالعته لغرابة فنونه في اللسان ولقد وصل إلينا في هذه العصور تأليف لبعض العراقيين وهو شرف الدين الطيبي من أهل توريز من عراق العجم شرح فيه كتاب الزمخشري هذا وتتبع ألفاظه وتعرض لمذاهبه في الاعتزال بأدلة تزيفها وتبين أن البلاغة إنما تقع في الآية على ما يراه أهل السنة لا على ما يراه المعتزلة فأحسن في ذلك ما شاء مع إمتاعه في سائر فنون البلاغة - وفوق كل ذي علم عليم -. انتهى كلامه
فصل
قال الله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ} وقال تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"ستكون فتن", قيل: وما المخرج منها؟ قال: "كتاب الله: فيه نبأ ما قبلكم وخبر ما بعدكم وحكم ما بينكم" أخرجه الترمذي وغيره.
وقال أبو مسعود: من أراد العلم فعليه بالقرآن فإن فيه خير الأولين والآخرين أخرجه سعيد بن منصور في سننه قال البيهقي: أراد به أصول العلم.
وقال بعض السلف: ما سمعت حديثا إلا التمست له آية من كتاب الله تعالى
وقال سعيد بن جبير: ما بلغني حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم وآله وسلم - على وجهه إلا وجدت مصداقه في كتاب الله أخرجه ابن أبي حاتم.
وقال ابن مسعود - رضي الله عنه -: أنزل في هذا القرآن كل علم وميز لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن أخرجه ابن جرير وابن أبي حاتم وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة" أخرجه أبو الشيخ في كتاب: العظمة.
وقال الشافعي: جميع ما حكم به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو ما فهمه من القرآن قلت: ويؤيد قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لا أحل إلا ما أحل الله في كتابه" رواه بهذا اللفظ الطبراني في الأوسط من حديث عائشة رضي الله عنها.
وقال الشافعي أيضا: ليست تنزل بأحد في الدين نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها لا يقال: إن من الأحكام ما ثبت ابتداء بالسنة لأن ذلك مأخوذ من كتاب الله تعالى في الحقيقة لأن الله تعالى أوجب علينا اتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غير موضع من القرآن وفرض علينا الأخذ بقوله دون من عداه ولهذا نهى عن التقليد وجميع السنة شرح للقرآن وتفسير للفرقان.
قال الشافعي مرة بمكة المكرمة: سلوني عما شئتم أخبركم عنه من كتاب الله.
فقيل له: ما تقول في المحرم يقتل الزنبور.
فقال: بسم الله الرحمن الرحيم قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} ثم روى عن حذيفة بن اليمان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بسنده أنه قال: "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر" ثم روى عن عمر بن الخطاب أنه أمر بقتل المحرم الزنبور ومثل ذلك حكاية ابن مسعود في لعن الواشمات وغيرهن واستدلاله بالآية الكريمة المذكورة وهي معروفة رواها البخاري.
ونحوه حكاية المرأة التي كانت لا تتكلم إلا بالقرآن وهي:
أنها قال عبد الله بن المبارك: خرجت قاصدا بيت الله الحرام وزيارة مسجد النبي - عليه الصلاة والسلام - فبينما أنا سائر في الطريق وإذا بسواد فمررت به وإذا هي عجوز عليها درع من صوف وخمار من صوف فقلت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقالت: {سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ} فقلت لها يرحمك الله تعالى ما تصنعين في هذا المكان؟
فقالت: {مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هَادِيَ لَهُ} فقلت: أنها ضالة عن الطريق فقلت: أين تريدين؟
فقالت: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فعلمت أنها قضت حجها وتريد بيت المقدس فقلت: أنت مذ كم في هذا المكان؟
فقالت: ثلاث ليال سويا فقلت أما أرفعك طعاما.
فقالت: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} فقلت لها ليس هذا شهر رمضان.
فقالت: {وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ} فقلت لها قد أبيح لنا الإفطار في السفر.
فقالت: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} فقلت لها لم لا تكلميني مثل ما أكلمك به فقالت: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ} فقلت لها: من أي الناس أنت؟
فقالت: {مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً} فقلت لها: قد أخطأت فاجعلني في حل. فقالت: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم قلت لها: هل لك أن أحملك على ناقتي وتلحقي القافلة؟
قالت: {وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ} فأنخت مطيتي لها.
فقالت: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} فغضضت بصري عنها فقلت: اركبي فلما أرادت أن تركب نفرت الناقة بها ومزقت ثيابها.
فقال: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ} فقلت لها: اصبري حتى أعقلها.
فقالت: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} فشددت لها الناقة وقلت لها: اركبي فلما ركبت قالت: {سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ، وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ} فأخذت بزمام الناقة وجعلت أسعى وأصيح طربا.
فقالت لي: {وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ} فجعلت أمشي وأترنم بالشعر.
فقالت: {فَاقْرَأُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} فقلت: ليس هو بحرام.
قالت: {وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ} فطرقت عنها ساعة فقلت لها: هل لك ربع؟
قالت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} فسكت عنها ولم أكملها حتى أدركت بها القافلة فقلت: لها هذه القافلة فمن لك فيها؟
فقالت: {الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} فعلمت أن لها أولادا ومالا فقلت لها: ما شأنهم في الحاج؟
قالت: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} فعلمت أنهم أدلاء الركب فقصدت بي القبابات والعمارات فقلت: من لك فيها؟
فقالت: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً} {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيماً} {يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ} فناديت: يا إبراهيم يا موسى يا يحيى فجاءوني بالتلبية فإذا هم شبان كأنهم الأقمار قد أقبلوا فلما استقر بهم الجلوس قالت لهم: {فَابْعَثُوا أَحَدَكُمْ بِوَرِقِكُمْ هَذِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ فَلْيَنْظُرْ أَيُّهَا أَزْكَى طَعَاماً فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ وَلْيَتَلَطَّفْ} فقام أحدهم فاشترى طعاما فقدموه بين يدي وقالت:
{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} فقلت لهم: طعامكم هذا علي حرام حتى تخبروني بامرأتكم هذه فقالوا: هذه لها أربعون سنة ما تتكلم إلا بالقرآن مخافة أن تزل في كلامها فيسخط الله عليها - فسبحان الله القادر على كل شيء -. انتهت الحكاية1 وهي تدل على أن القرآن الكريم فيه كل شيء.
قال بعض السلف: ما من شيء إلا ويمكن استخراجه من القرآن لمن فهمه الله حتى أن بعضهم استنبط عمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا وستين سنة من قوله تعالى في سورة المنافقين: {وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا} فإنها رأس ثلاث وستين وعقبها بالتغابن ليظهر التغابن في فقده.
قال المرسي: جمع القرآن وعلوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علما حقيقة إلا المتكلم به ثم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خلا ما استأثر به سبحانه ثم ورث عنه معظم ذلك سادة الصحابة وأعلامهم مثل الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله ثم ورث عنهم التابعون بإحسان ثم تقاصرت الهمم وفترت العزائم وتقال أهل العلم وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه فنوعوا علمه وقامت كل طائفة بفن من فنونه فاعتزم قوم بضبط لغاته وتحرير كلماته ومعرفة مخارج حروفه وعدد كلماته وآياته وسوره وأجزائه وأنصافه وأرباعه وعدد سجداته والتعليم عند كل عشر آيات إلى غير ذلك من حصر الكلمات المتشابهات والآيات المتماثلات من غير تعرض لمعانيه ولا تدبر لما أودع فيه فسموا: القراء.
واعتنى النحاة بالمعرب منه والمبني من الأسماء والأفعال والحروف العاملة وغيرها وأوسعوا الكلام في الأسماء وتوابعها وضروب الأفعال واللازم والمتعدي ورسوم خط الكلمات وجميع ما يتعلق به حتى إن بعضهم أعرب مشكله وبعضهم أعربه كلمة كلمة.
واعتنى المفسرون بألفاظه فوجدوا منه لفظا يدل على معنى واحد ولفظا يدل على معنيين ولفظا يدل على أكثر فأجروا الأول على حكمه وأوضحوا معنى الخفي منه وخاضوا في ترجيح أحد محتملات ذي المعنيين والمعاني وأعمل كل منهم فكره وقال بما اقتضاه نظره.
واعتنى الأصوليون بما فيه من الأدلة العقلية والشواهد الأصلية والنظرية مثل قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة فاستنبطوا منه أدلة على وحدانية الله ووجوده وبقائه وقدمه وقدرته وعلمه وتنزيهه عما لا يليق به وسموا هذا العلم ب: أصول الدين
وتأملت طائفة منهم معاني خطابه وإن منها ما يقتضي العموم ومنها ما يقتضي الخصوص إلى غير ذلك فاستنبطوا منه أحكام اللغات من الحقيقة والمجاز وتكلموا في التخصيص والإضمار والنص والظاهر والمجمل والمحكم والمتشابه والأمر والنهي والنسخ إلى غير ذلك من أنواع الأقيسة واستصحاب الحال والاستقراء وسموا هذا الفن: أصول الفقه.
وأحكمت طائفة صحيح النظر وصادق الفكر فيما فيه من الحلال والحرام وسائر الأحكام فابتنوا أصوله وفروعه وبسطوا القول في ذلك بسطا حسنا وسموه ب: علم الفروع وب: الفقه أيضاً.
وتلمحت طائفة ما فيه من قصص القرون السابقة والأمم الخالية ونقلوا أخبارهم ودونوا آثارهم ووقائعهم حتى ذكروا بدء الدنيا أول الأشياء حتى سموا ذلك بالتاريخ والقصص.
وتنبه آخرون لما فيه من الحكم والأمثال والمواعظ التي ترقق قلوب الرجال وتكاد تدكدك شوامخ الجبال فاستنبطوا مما فيه من الوعد والوعيد والتحذير والتبشير وذكر الموت والمعاد والنشر والحشر والحساب والعقاب والجنة والنار فصولا من المواعظ وأصولا من الزواجر فسموا بذلك: الخطباء والوعاظ.
واستنبط قوم مما فيه من أصول التعبير مثل ما ورد في قصة يوسف في البقرات السمان وفي منامي صاحبي السجن وفي رؤياه الشمس والقمر والنجوم ساجدة وسموه: تعبير الرؤيا
واستنبطوا تفسير كل رؤيا من الكتاب فإن عز عليهم إخراجها منه فمن السنة التي هي شارحة للكتاب فإن عسر فمن الحكم والأمثال.
ثم نظروا إلى اصطلاح العوام في مخاطبتهم وعرف عادمهم الذي أشار إليه القرآن بقوله: {وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ} .
وأخذ قوم مما في آية المواريث من ذكر السهام وأربابها وغير ذلك: علم الفرائض واستنبطوا منها من ذكر النصف والثلث والربع والسدس والثمن حساب الفرائض ومسائل العول1 واستخرجوا منها أحكام الوصايا. ونظر قوم إلى ما فيه من الآيات الدالة على الحكم الباهرة في الليل والنهار والشمس والقمر ومنازله والنجوم والبروج غير ذلك فاستخرجوا منه علم المواقيت.
ونظر الكتاب والشعراء إلى ما فيه من جلالة اللفظ وبديع النظم وحسن السياق والمبادئ والمقاطع والمخالص والتلوين في الخطاب والإطناب والإيجاز وغير ذلك فاستنبطوا منه المعاني والبيان والبديع.
ونظر فيه أرباب الإشارات وأصحاب الحقيقة فلاح لهم من ألفاظه معان ودقائق جعلوا لها أعلاما اصطلحوا عليها من الفناء والبقاء والحضور والخوف والهيبة والأنس والوحشة والقبض والبسط وما أشبه ذلك.
هذه الفنون التي أخذتها الملة الإسلامية منه وقد احتوى على علوم أخر مثل: الطب والجلد والهيئة والهندسة والجبر والمقابلة والنجامة وغير ذلك.
أما الطب: فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وغير ذلك وإنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في آية واحدة وهي قوله: {وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً} وعرفنا فيه بما يعيد نظام الصحة بعد اختلاطه وحدوث الشفاء للبدن بعد إعلاله في قوله: {شَرَابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} ثم زاد على طب الأجساد بطب القلوب: {وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ} .
وأما الهيئة: ففي تضاعيف سور من الآيات التي ذكر فيها من ملكوت السموات والأرض وما بث في العالم العلوي والسفلي من المخلوقات.
وأما الهندسة: ففي قوله تعالى: {انْطَلِقُوا إِلَى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ} {لا ظَلِيلٍ وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ} فإن فيه القاعدة الهندسية وهي: أن الشكل المثلث لا ظل له.
وأما الجدل: فقد حوت آياته من البراهين والمقدمات والنتائج والقول بالموجب والمعارضة وغير ذلك شيئا كثيرا ومناظرة إبراهيم أصل في ذلك عظيم.
وأما الجبر والمقابلة: فقد قيل: أن أوائل السور فيها ذكر مدد أعوام وأيام وتواريخ أمم سابقة وإن فيها تاريخ بقاء هذه الأمة وتاريخ هذه الدنيا وما مضى وما بقي مضروب بعضها في بعض.
وأما النجامة: ففي قوله: {أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ} فقد فسره ابن عباس بذلك وفيه أصول الصنائع وأسماء الآلات التي تدعو الضرورة إليها فمن الصنائع: الخياطة في قوله: {وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ} والحدادة في قوله: {آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ} وقوله: {وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ} والبناء في آيات
والنجارة: {أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ} .
والغزل: {َقَضَتْ غَزْلَهَا} .
والنسج: {كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً} .
والفلاحة: {أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ} وفي آيات أخر.
والصيد في آيات.
والغوص: {كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ} {وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً} .
والصياغة: {وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلاً جَسَداً} . والزجاجة: {صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ} و: {الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ} .
والفخارة: {فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ} .
والملاحة: {أَمَّا السَّفِينَةُ} الآية.
والكتابة: {عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} وفي آيات أخر.
والخبز والعجن: {أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً} .
والطبخ: {فَمَا لَبِثَ أَنْ جَاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ} .
والغسل والقصارة: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ} و {قَالَ الْحَوَارِيُّونَ} وهم القصارون.
والجزارة: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} والبيع والشراء في آيات كثيرة.
والصبغ {صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً} و {بِيضٌ وَحُمْرٌ} .
والحجارة: {وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتاً} والكيالة والوزن في آيات كثيرة.
والرمي: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .
وفيه من أسماء الآلات وضرب المأكولات والمشروبات والمنكوحات وجميع ما وقع ويقع في الكائنات ما يحقق معنى قوله: ما فرطنا في الكتاب من شيء. انتهى كلام المرسي ملخصا مع زيادات.
قال السيوطي في: الإكليل: وأنا أقول: قد اشتمل كتاب الله العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسئلة هي أصل إلا وفي القرآن ما يدل عليها وفيه علم عجائب المخلوقات وملكوت السموات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثرى وبدء الخلق وأسماء مشاهير الرسل والملائكة وعيون أخبار الأمم السابقة: كقصة آدم مع إبليس في إخراجه من الجنة.
وفي الولد الذي سماه عبد الحارث ورفع إدريس وغرق قوم نوح.
وقصة عاد الأولى والثانية وقوم تبع ويونس وأصحاب الرس وثمود والناقة وقوم لوط وقوم شعيب الأولين والآخرين فإنه أرسل مرتين وقصة موسى في ولادته وإلقائه في اليم وقتله القبطي ومسيره إلى مدين وتزوجه ابنة شعيب وكلامه تعالى بجانب الطور ومجيئه إلى فرعون وخروجه وإغراق عدوه وقصة العجل والقوم الذين خرج بهم وأخذتهم الصاعقة وقصة القتيل وذبح البقرة وقصته في قتل الجبارين وقصته مع الخضر والقوم ساروا في سرب من الأرض إلى الصين وقصة طالوت وداود مع جالوت وفتنته وقصة سليمان وخبره مع ملكة سبأ وفتنته وقصة القوم الذي خرجوا فرارا من الطاعون فأماتهم الله ثم أحياهم وقصة إبراهيم في مجادلة قومه ومناظرة نمرود وقصة وضعه ابنه إسماعيل مع أمه بمكة وبنائه البيت وقصة الذبيح وقصة يوسف وما أبسطها وأحسنها قصصا وقصة مريم وولادتها عيسى وإرساله ورفعه وقصة زكريا وابنه يحيى وقصة أيوب وذي الكفل وقصة ذي القرنين ومسيره إلى مطلع الشمس ومغربها وبناء السد وقصة أهل الكهف وقصة أصحاب الرقيم وقصة بخت نصر وقصة الرجلين اللذين لأحدهما الجنة وقصة أصحاب الجنة وقصة مؤمن آل يس وقصة أصحاب الفيل وقصة الجبار الذي أراد أن يصعد إلى السماء. انتهى.
وبقيت قصص لم يشر إليها السيوطي منها: قصة قتل قابيل أخاه هابيل وقصة دفن هابيل بدلالة الغراب وقصة وصية يعقوب بنيه إلى غير ذلك قال: وفيه من شأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوة إبراهيم وبشارة عيسى وبعثه وهجرته.
ومن غزواته: غزوة بدر في سورة الأنفال وأحد في آل عمران وبدر الصغرى فيها والخندق في الأحزاب والنضير في الحشر والحديبية في الفتح وتبوك في براءة وحجة الوداع في المائدة.
ونكاحة زينب بنت جحش وتحريم سرية وتظاهر أزواجه عليه وقصة الإفك وقصة الإسراء وانشقاق القمر وسحر اليهود.
وفيه بدء خلق الإنسان إلى موته وكيفية الموت وقبض الروح وما يفعل بها بعد عودها إلى السماء وفتح الباب للمؤمنة وإلقاء الكافرة وعذاب القبر والسؤال فيه ومقر الأرواح وأشراط الساعة الكبرى العشرة وهي: نزول عيسى وخروج الدجال ويأجوج ومأجوج والدابة والدخان ورفع القرآن وطلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة والخسف وأحوال البعث: من نفخ الصور للفزع وللصعق وللقيام والحشر والنشر وأهوال الموقف وشدة الشمس وظل العرش والصراط والميزان والحوض والحساب لقوم ونجاه آخرين.
ومنه: شهادة الأعضاء وإيتاء الكتب بالأيمان والشمائل وخلف الظهر والشفاعة أي بالإذن. والجنة1 وأبوابها وما فيها من الأنهار والأشجار والثمار والحلي والأواني والدرجات ورؤية الله تعالى.
والنار2 وما فيها من الأودية وأنواع العقاب وأصناف العذاب والزقوم والحميم إلى غير ذلك مما لو بسط لجاء في مجلدات
وفي القرآن جميع أسمائه تعالى الحسنى كما ورد في الحديث وفيه من أسمائه مطلقا ألف اسم
وفيه: من أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم - جملة أي سبعون اسما ذكرها السيوطي في آخر: الإكليل.
وفيه: شعب الإيمان البضع والسبعون.
وفيه: شرائع الإسلام الثلاثمائة وخمسة عشر وفيه: أنواع الكبائر وكثير من الصغائر وفيه تصديق كل حديث روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -
قال الحسن البصري: أنزل الله مائة وأربعة كتب أودع علومها أربعة منها: التوارة والإنجيل والزبور والفرقان ثم أودع علوم الثلاثة الفرقان ثم أودع علوم الفرقان المفصل ثم أودع علوم الفصل فاتحة الكتاب فمن علم تفسيرها كان كمن علم تفسير جميع الكتب المنزلة. أخرجه البيهقي.
قلت: ولذلك كانت قراءتها في كل ركعة من الصلاة وإن كان مأموما واجبة عند أهل المعرفة بالحق وكانت السبع المثاني والقرآن العظيم وقد وردت أحاديث كثيرة في فضلها ما خلا ما صرح بوضعها أهل النقد من علم الحديث وقد فسرها جماعة من أهل العلم مفردة بالتأليف وأبسطوا القول فيها وأجملوا واستنبط الفخر الرازي الإمام منها عشرة آلاف مسئلة كما صرح بذلك في أول: تفسيره الكبير وكل ذلك يدل على عظم مرتبة الكتاب العزيز ورفعة شأن الفرقان الكريم قال الشافعي - رحمه الله -: جميع ما تقول الأئمة شرح للسنة وجميع السنة شرح للقرآن.
قلت: ولذا كان الحديث والقرآن أصلي الشرع لا ثالث لهما وقول الأصوليين أن أدلة الشرع وأصوله أربعة: الكتاب والسنة والإجماع والقياس تسامح ظاهر كيف وهما كفيلان لحكم كل ما حدث في العالم ويحدث فيه إلى يوم القيامة دلت على ذلك آيات من الكتاب العزيز وآثار من السنة المطهرة وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر وهم الذين قال فيهم رسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق" الحديث قال بعض السلف: ما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - من شيء إلا وهو في القرآن أو فيه أصله قرب أو بعد فهم من فهم وعمي منه من عمي وكذا كل ما حكم أو قضى به. انتهى.
فإذا كانت السنة شرحا للكتاب فماذا يقال من فضل الكتاب نفسه وكفى له شرفا أنه كلام ربنا الخلاق الرزاق المنعم بلا استحقاق أنزله حكما عدلا جامعا للعلوم والفضائل كلها والفنون بأسرها والفواضل والمحاسن والمكارم والمحامد والمناقب والمراتب بقلها وكثرها لا يساويه كتاب ولا يوازيه خطاب وهذه جملة القول فيه.
وقد أكثر الناس التصنيف في أنواع علوم القرآن وتفاسيرها وألف الشيخ الحافظ جلال الدين السيوطي - رحمه الله - في جملة من أنواعه: كأسباب النزول والمعرب والمبهمات ومواطن الورود وغير ذلك وما من كتاب منها إلا وقد فاق الكتب المؤلفة في نوعه ببديع اختصاره وحسن تحريره وكثرة جمعه.
وقد أفرد الناس في أحكامه كتبا: كالقاضي إسماعيل والبكر بن العلاء وأبي بكر الرزاي والكيا الهراسي وأبي بكر بن العربي وابن الفرس والموزعي وغيرهم وكل منهم أفاد وأجاد وجمع فأبدع وأوعى.
وللسيوطي في ذلك كتاب: الإكليل في استنباط التنزيل أورد فيه كل ما استنبط منه واستدل به عليه من مسئلة فقهية أو أصولية أو اعتقادية فاشدد بذلك الكتاب يديك وعض عليه بناجذيك.
وألفت أنا في الأحكام خاصة كتاب: نيل المرام من تفسير آيات الأحكام وبالجملة فعلوم الكتاب لا تحصى وتفاسيره لا تستقصى وفنونه لا تتناهى وبركاته لا تقف عند حد وأنواره لا ترسم برسم ولا تحد بحد.
وإذا تقرر ذلك عرفت أن العلوم التي ذكرناها في هذا الكتاب كلها موجودة في ذلك الكتاب دلالة وإشارة منطوقا أو مفهوما مفسرا أو مجملا ولا يعرفها إلا من رسخ قدمه في الكمال وسبح فهمه في بحار العلم بالتفصيل والإجمال والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.

مُصدِّقاً لِما بَيْن يَدَيْهِ 

مُصدِّقاً لِما بَيْن يَدَيْهِ
كلمتان، لم يفهمهما أكثر الناس، فظنّوا أن القُرآن يشهد بالكتب المحرفة المبدَّلَة: أما "مصدِّقاً" فقد كان مظنّة للشبهة، لاشتراكِ كلمة "التصديق". وأما "بين يديه" فلجهل الناس بالعربية، لا سيّما في هذا الزمان.
فاعلم أن "صَدَّقَه" له معنيان:
شهد بِصدق رجل أو كلام .
والمعنى الثاني أنْ جعله صادقاً فيما توقَّع. قال الحماسي :
فَدَتْ نَفْسِي وَمَا مَلكَتْ يَمِيني ... فَوارِسَ صَدَّقَتْ فِيهم ظُنوني في القرآن: {وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ فَاتَّبَعُوهُ} .
ثم إذا تأملت في مواقع هذا القول، عَلِمت أن المراد هو المعنى الثاني. فإنّ النبي -والقرآنَ- جاء كما أخبرت به الــتوراة، فجعلها صادقة. فإن كذَّبوا القرآن والنبي يكن ذلك تكذيباً لكتبهم.
وهذا أيضاً يظهر إذا تأملت أن محمداً وعيسى عليهما الصلوات يأتيان بهذا القول مُسْتدلَّينِ بصحة نبوتهما. فأيّ استدلال في أنهما يشهدان بصدق ما عند اليهود؟ أرأيت إن تنبأ أحد في هذا اليوم، وقال: إني آمنت بالأنبياء، وأنا نبيّ مثلهم، فهل يكون هذا حجةً على دعواه؟.
أما موقع الآية، فقال تعالى:
{وَلَمَّا جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ كِتَابَ اللَّهِ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} . أي لما جاءهم محمد - صلى الله عليه وسلم - حسب ما وجدوا في كتبهم، أعرضوا عن كتبهم، وأنكروه، كأنهم لا يعلمون. وقبل هذه الآية:
{أَوَكُلَّمَا عَاهَدُوا عَهْدًا نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ} .
فاستدلّ بأنّ فريقاً منكم عاهدوا بالإيمان بهذا النبي، فكيف تنبذون ذلك العهد؟ ولكنكم غير مؤمنين وقد ذكر في سورة آل عمران عهدهم بإيمان نبي يأتيهم بصفات محمد عليه الصلوات .
ومثل ذلك ما قال:
{وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ} .
أي جاء هذا الكتاب حسب ما وُعدوا في كتبهم مع وعد النصر بالإيمان بصاحب هذا الكتاب، فكانوا يستفتحون على الكفار. ولكن لما جاء الكتاب، وعرفوا أنه حسب ما وعدوا، جحدوا به، فلعنة الله على الكافرين. وهذه اللعنة أيضاً موعودة في كتبهم بتفصيل طويل.
في سورة يوسف:
{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} . فهاهنا ذكر التصديق، لا من جهة إثبات القرآن، بل لإظهار فوائد القرآن، لأنه يثبت ما سبقه، ويفصّل، ويهدي، وهو الرحمة، فما أبعده عن الحديث المفترى!.
في الأحقاف:
{قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ} .
أي لأنه يهدي إلى الحق وإلى الصراط المستقيم، فهو على نمط كتاب موسى. فكما أنه حق، هذا حق، ويثبت ما سبق، ولا يبطله في أمر الهداية.
في سورة الصف:
{وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ الــتَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} .
فاستدلّ عيسى عليه الصلوات على نبوّته من جهتين: بإخبار خاص عن نبيّ بعده، وبأن قد أُخبر عنه في كتبهم، ثم الآية التالية:
{وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} .
تؤيد هذا المعنى، فإنهم إذا لم يؤمنوا بما أخبرت عنه الــتوراة، فقد افتروا على الله كذباً لإنكارهم ما أنزِل في الــتوراة من الله. وقوله: {وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ} يضيّق عليهم بابَ الفرار، فإنّ النبي الموعود جاء، ويدعوهم إلى دين الحق، فهم كذبوا على الله ومرقوا من الإسلام. في سورة القصص :
{وَإِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ قَالُوا آمَنَّا بِهِ إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلِهِ مُسْلِمِينَ}. أي وُعِدوا بالنبي وصفته الخاصّة، فوجدوا في القرآن تلك الصفة، وقالوا: إنّا كنا مسلمين بهذه الآيات إجمالاً: وهو إكمالُه الدينَ، ووضْعُ الإصر والأغلالِ.
في سورة النساء :
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِمَا مَعَكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ}.
فهذا الوعيد الشديد ينبغي أن يكون على عصيانِ أمرٍ كتِب عليهم. ثمّ نرى أن قبل هذه الآية حكماً يهدي إلى أن النبي الموعود هذا النبي: وهو تحريم الخمر قبل الصلاة. انظروا المقدمة على البشارات .
وقد ذكر الرازي رحمه الله وغيره المعنيين من غير تخصيصه بالمعنى الثاني، فتركوا الأمر مشتبهاً. ولم يتبين لهم وجه الاستدلال من مواقع الكلام. قال الرازي رحمه الله :
"اعلم أن معنى كون الرسول مصدقاً لما معهم هو أنه كان معترفاً بنبوة موسى عليه السلام وبصحة الــتوراة، أو مصدقاً لما معهم من حيث إنّ الــتوراة بشرت بمقدم محمد - صلى الله عليه وسلم -. فإذا أتى محمد - صلى الله عليه وسلم - كان مجرد مجيئه مصدّقاً للــتوراة. أما قوله {نبذ فريق} فهو مثل لتركهم وإعراضهم عنه بمثل ما يرمى وراء الظهر استغناء عنه وقلة التفات إليه أما قوله تعالى {مِنَ الذِينَ أُوتواْ الكتاب} ... " .
وقال الرازي رحمه الله في تفسير الآية الثانية :
"المسألة الأولى: لا شبهة في أن القرآن مصدّق لما معهم في أمر يتعلق بتكليفهم بتصديق محمد - صلى الله عليه وسلم - في النبوة. واللائق بذلك هو كونه موافقاً لما معهم في دلالة نبوته، إذ قد عرفوا أنه ليس بموافق لما معهم في سائر الشرائع (لم يفهم معنى الموافقة) وعرفنا أنه لم يرد الموافقة في باب أدلّة القرآن، لأنّ جميع كتب الله كذلك. ولما بطل الكل ثبت أن المراد موافقته لكتبهم فيما يختص بالنبوة وما يدلّ عليها من العلامات والنعوت والصفات" .
ألا ترى أنّ الرازي رحمه الله يجتهد في إثبات النبوة من هذه الآية، فهو مصيب فيما تحرّى، وموقع الكلام يهدي إليه. أما دليله فكما ترى!.
ثم قال تحت قوله تعالى: {فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ} قولاً ضعيفاً يدلّ على قلّة معرفته بالــتوراة والقرآن معاً، لما قال:
"لم يعرفوا [نبوته] بمجرد تلك الأوصاف بل بظهور المعجزات صارت تلك الأوصاف كالمؤكدة" .

حَسَبَ

حَسَبَ
الجذر: ح س ب

مثال: حَسَبَ أني نائم
الرأي: مرفوضة عند بعضهم
السبب: لأنها لم ترد بهذا الضبط في المعاجم لهذا المعنى.
المعنى: ظَنّ

الصواب والرتبة: -حَسِب أني نائم [فصيحة]
التعليق: الوارد في المعاجم لهذا المعنى: «حَسِب» بكسر العين، ففي التاج: «حَسِبه كنَعِم: ظَنّه».
(حَسَبَ)
- فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى «الحَسِيبُ» هُوَ الْكَافِي، فَعِيل بِمَعْنَى مُفْعِل، مِنْ أَحْسَبَنِي الشىءُ: إِذَا كَفاني. وأَحْسَبْتُهُ وحَسَّبْتُهُ بالتّشْديد أعْطَيْتَه مَا يُرْضِيه حَتَّى يَقُولَ حَسْبي.
وَمِنْهُ حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو «قَالَ لَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَحْسِبُكَ أَنْ تَصُوم مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ» ، أَيْ يكْفِيك. وَلَوْ رُوِي «بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُوم» أَيْ كفَايَتك، أَوْ كَافِيكَ، كَقَوْلِهِمْ بِحَسْبِكَ قولُ السُّوء، وَالْبَاءُ زَائِدَةٌ لَكَانَ وجْهاً.
(هـ) وَفِيهِ «الحَسَبُ الْمَالُ، والكَرم التَّقْوَى» الحَسَبُ فِي الْأَصْلِ: الشَّرَف بِالْآبَاءِ وَمَا يَعُدُّه النَّاسُ مِنْ مَفاخرهم. وَقِيلَ الحَسَبُ والكَرم يَكُونَانِ فِي الرجُل وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ آبَاء لهُم شَرف.
وَالشَّرَفُ وَالْمَجْدُ لَا يَكُونَانِ إلاَّ بِالْآبَاءِ، فَجُعِلَ الْمَالُ بِمَنْزِلَةِ شرَف النَّفْسِ أَوِ الْآبَاءِ. وَالْمَعْنَى أَنَّ الْفَقِيرَ ذَا الحَسَب لَا يُوَقَّر وَلَا يُحْتَفل بِهِ، والغَنيّ الَّذِي لَا حَسَب لَهُ يُوقَّر ويجِلُّ فِي الْعُيُونِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ الْآخَرُ «حَسَبُ الْمَرْءِ خُلقه، وكرَمُه دِينُهُ » .
وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «حَسَبُ الْمَرْءِ دِينُهُ، ومرُوءته خُلُقه» .
وَحَدِيثُهُ الْآخَرُ «حَسَبُ الرجُل نقَاء ثَوبَيْه» أَيْ أنَّه يُوَقَّرُ لِذَلِكَ حَيْثُ هُو دَليل الثرْوة والجِدَة.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «تُنْكَح الْمَرْأَةُ لمِيسمها وحَسَبِهَا» قِيلَ الحَسَبُ هَاهُنَا الفَعَال الحسَن. (هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ وفدِ هَوَازن «قَالَ لَهُمُ اخْتَارُوا إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ: إِمَّا الْمَالَ، وَإِمَّا السَّبْيَ، فقالوا: أما إذا خَيّرتَنا بَيْنَ الْمَالِ والحَسَبِ فإنَّا نَخْتَارُ الحَسَبَ، فاخْتارُوا أبْناءَهُم ونسَاءَهُم» أَرَادُوا أَنَّ فَكاك الأسْرَى وإيثَارَه عَلَى اسْتِرجاع المالِ حَسَبٌ وفَعَال حَسَن، فَهُوَ بِالِاخْتِيَارِ أَجْدَرُ. وَقِيلَ:
الْمُرَادُ بالحَسَبِ هَاهُنَا عَدَد ذَوِي الْقَرَابَاتِ، مَأْخُوذًا مِنَ الحِسَاب، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ إِذَا تفَاخَرُوا عَدّ كلُّ واحِد مِنْهُمْ منَاقِبَه ومآثِر آبَائِهِ وحَسَبها. فالحَسَبُ: العَدُّ والمَعْدُود. وَقَدْ تَكَرَّرَ فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِيهِ «مَن صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا واحتِسَاباً» أَيْ طَلَبا لوجْه اللَّهِ وَثَوَابِهِ. فالاحْتِسَاب مِنَ الحَسَبِ، كالاعْتِداد مِنَ العَدّ، وَإِنَّمَا قِيلَ لِمَنْ يَنْوي بعَمَله وجْه اللَّهِ احْتَسَبَهُ؛ لِأَنَّ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَعْتَدَّ عَمله، فجُعِل فِي حَالِ مبُاشَرة الفِعل كَأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ. والحِسْبَةُ اسْمٌ مِنَ الاحْتِسَاب، كالعدَّة مِنَ الِاعْتِدَادِ، والاحْتِسَاب فِي الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ، وَعِنْدَ الْمَكْرُوهَاتِ هُوَ البِدَارُ إِلَى طَلَب الأجْر وَتَحْصِيلِهِ بالتَّسْليم والصَّبر، أَوْ بِاسْتِعْمَالِ أَنْوَاعِ البِرّ وَالْقِيَامِ بِهَا عَلَى الوجْه المرْسُوم فِيهَا طَلَباً للثَّواب المرْجُوّ مِنْهَا.
(هـ) وَمِنْهُ حَدِيثُ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أَيُّهَا النَّاسُ احْتَسِبُوا أعمالَكم، فَإِنَّ مَنِ احْتَسَبَ عمَله كُتب لَهُ أجْرُ عَمَله وَأَجْرُ حِسْبَتِهِ.
(هـ) وَمِنْهُ الْحَدِيثُ «مَنْ مَاتَ لَهُ وَلدٌ فاحْتَسَبَهُ» أَيِ احْتَسَبَ الأجْر بصَبْره عَلَى مُصِيبَتِهِ.
يُقَالُ: احْتَسَبَ فُلَانٌ ابْناَ لَهُ: إِذَا مَاتَ كَبِيرًا، وَافْتَرَطَهُ إِذَا مَاتَ صَغِيرا، ومَعْناه: اعْتَدَّ مُصِيبَته بِهِ فِي جُمْلَةِ بَلَايَا اللَّهِ الَّتِي يُثاب عَلَى الصَّبر عَلَيْهَا. وَقَدْ تَكَرَّرَ ذِكْرُ الاحْتِسَاب فِي الْحَدِيثِ.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ طَلْحَةَ «هَذَا مَا اشتَرى طَلْحَةُ مِنْ فُلَانٍ فَتَاهُ بخَمْسِمائة دِرْهَمٍ بالحَسَبِ وَالطِّيبِ» أَيْ بالكرَامة مِنَ المشْتري وَالْبَائِعِ، والرَّغْبة وطِيب النَّفْس مِنْهُمَا. وَهُوَ مِنْ حَسَّبْتُهُ إِذَا أكْرَمْتَه. وَقِيلَ هُوَ مِنَ الحُسْبَانَة، وَهِيَ الوِسَادة الصَّغِيرة. يُقَالُ حَسَّبْتُ الرجُل إِذَا وسَّدْته، وَإِذَا أجْلَسْتَه عَلَى الحُسْبَانَة.
وَمِنْهُ حَدِيثُ سِمَاك «قَالَ شُعْبَة: سَمِعْتُهُ يَقُولُ: مَا حَسَّبُوا ضيفَهم» أَيْ مَا أكْرَمُوه.
(هـ) وَفِي حَدِيثِ الْأَذَانِ «إنَّهم يَجْتَمعون فَيَتَحَسَّبُونَ الصلاة، فيَجيئون بلاَ دَاعٍ» أي يَتَعَرَّفُونَ وَيَتَطَلَّبُونَ وقْتَها ويَتَوقَّعُونه، فَيَأْتُونَ الْمَسْجِدَ قَبْلَ أَنْ يَسْمَعُوا الْأَذَانَ. وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ يَتَحَيَّنُون، مِنَ الْحِينِ: الْوَقْتِ: أَيْ يَطْلُبون حِينهَا.
وَمِنْهُ حَدِيثُ بَعْضِ الغزَوات «أَنَّهُمْ كَانُوا يَتَحَسَّبُونَ الْأَخْبَارَ» أَيْ يَطْلبُونَها.
وَفِي حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ يَعْمُر «كَانَ إِذَا هَبَّت الرِّيحُ يَقُولُ: لَا تجْعَلْها حُسْبَاناً» أَيْ عَذَاباً.
وَفِيهِ «أَفْضَلُ الْعَمَلِ مَنْحُ الرِّغَابِ، لَا يَعْلَمُ حُسْبَانَ أَجْرِهَا إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ» الحُسْبَانُ بِالضَّمِّ:
الْحِسَابُ. يُقَالُ: حَسَبَ يَحْسُبُ حِسْبَاناً وحُسْبَاناً.
حَسَبَ: حَسَبَه وحَسَبه عليه: أي عده عليه وقدَّره عليه. ففي رياض النفوس (ص88 و): فرمى السلطان على القَطِّانين قطناً كان عنده وحسبه عليهم بدينارين القنطار.
وحَسَبَ على: خزن، ادخر، أبقى ففي ديوان الهذليين: نحسبها على العظائم. وفسَّرها الشارح ب ((نخزنها)) أي نبقي الإبل لعظائم الأمور (رايسك أبو الفداء 1: 332).
وحَسَب: اعتبر: التفت، يقال: لا يحسب كلامه شيئاً أي لا تعتبر كلامه شيئاً ولا تلتفت إليه (بوشر).
وحَسَب: رأى، تصور. ويقال: ما حسبت هذا الحساب أي لم أتصوره (بوشر، وانظر الفخري ص 270).
وحَسَب حساباً: توقع شيئاً وتحسَّبه - وراعاه واعتبره والتفت إليه (بوشر).
وحَسَبَ له حساباً: راعاه وكرّمه واعتبره، عنتر ص5).
وَحَسَب: حزر، تنبأ، تكهن (فوك) حَسِبَ: ظَنِّ: (بوشر) وفي ألف ليلة (برسل 4: 152) وهو يحسب ويقول في نفسه والله ما أنا إلا أمير المؤمنين.
وحسِب: اعتبر، وقِّر (ألكالا) وما حسِب. لم يعتبر ولم يوقر ولم يقدر (ألكالا).
وحسِبَ أو حسِب في روحه: تباهى، جخف، افتخر، عظم نفسه، أطنب في مديح نفسه - تماجد، أعجب بنفسه (ألكالا).
حاسب. حاسب على نفسه: احترس، تيقّظ، احترز، احتاط لنفسه (بوشر).
أحسب: حزر، خمَّن، رجم، ظن، حكم، بظنّه (ألكالا).
تحسَّب: فعل الأفعال الضرورية للتنبؤ بالمستقبل (ألف ليلة 2: 269).
وتحسَّب: اختشى (محيط المحيط).
وتحسَّب به: احتسب: في قولهم احتسب بكذا أجراً عند الله (محيط المحيط) تحاسب. تحاسب معه: حاسبه وانهى معه الحساب (فوك، بوشر).
انحسب: حُسِب، عُدَّ (فوك).
احتسب: ذكر لين ان معناه حسب غير انه لم يوضح هذا تماماص: عدّض، ظن، توقَّع (انظر الحريري ص 323) وانظر امثلة له في الجريدة الآسيوية (1836، 2: 138) وفي تعليقة كاتر مير عليها تخطيط وسوء فهم.
واحتسبه: اعتمد عليه واستند إليه. ووثق به (الجريدة الآسيوية (1836، 2: 138) أو عدَّه (الجريدة الآسيوية (1836، 2: 138). وفي معجم بوشر: احتسبه، عدَّه، اعتدّه، ادخره.
وفي هذا المعنى الأخير يقال: احتسب ولده عند الله الخ (الجريدة الآسيوية ص 139. وانظر لين). ويقال أيضا احتسب ولده إلى الله (هاماكر التاريخ المنسوب إلى الواقدي تعليقة 190) كما يقال احتسب ولده في نفس المعنى.
ويقال أيضا: احتسب نفسه في سبيل الله بمعنى: بذل نفسه في سبيل الله مدخراً لها الأجر في الآخرة (الجريدة الآسيوية ص139) ويطلق على طلبة علوم الدين: المحتسبون في ذات الله (المقري 1: 244) أي الذين نذروا أنفسهم لدراسة علوم الدين لينالوا بذلك الأجر من الله وانظر عبارة المكفي في الجريدة الآسيوية (ص 140) التي تنتهي بقوله: واعلمها بما في كتابه احتسابا. والتي أساء كاترمير ترجمتها. ومعناها: الذين أتقن علم ما في كتاب الله ليدخر له اجر ذلك في الآخرة.
ولكثرة استعمال هذا الفعل فقد فَقَدَ معناه الأصلي، ففي المقري (2: 2: 36): احتسب نفسك لا يعني شيئاً غير ودَّع الحياة. ونقرأ لدى ابن بسام (2: 76 و) وفي كلامه عن رجل عيّن قاضياً: فاحتسب فيه جزء من عنايته. أي خصَّص للقضاء وحبس عليه جزءً من عنايته.
واحتسب به: اعتدًّ به وأدخله في حسابه (انظر لين) البلاذري ص144) وفي تاريخ البربر، (2: 41): احتسب بثمن الوزارة التي حطّني بها عن رقبتي. أي ادخل في حسابه ثمن الوزارة التي حطني بها عن رقبتي.
وقولهم: احْتَسَبْتْ عليه المال موجود في أساس البلاغة. وشكُّ لين بذلك لا أساس له غير أني أرى اللغوي الذي نقله قد أساء تفسيره وهو يعني: طلبت منه حساب الدراهم واحتسب به بهذا المعنى. ففي تاريخ البربر (1: 617) ولا يُحْتَسبون بمغارم الأراضي. أي لا يطلب منهم حساب ضرائب الأراضي. حَسْب: كان حسبهم: اعتصامهم بالزاهرة. أي اكتفوا بالاعتصام بالزاهرة (النويري، الأندلس ص476). ويقال حين يراد إنهاء مجادلة: فَحَسْبُكَ أي هذا يكفي فلا تكثر من الكلام (بدرون ص210).
وتستعمل حسب اسم فعل بمعنى لا غير، فقطيكفي (دي ساسي، طرائف 2: 445) وفي تاريخ الجاهلية لأبي الفداء (ص50) فإنما كان له الرياسة ببيت المقدس حَسْبُ لا غير ذلك. وقد صحَّح دي ساسي في جريدة الجنوب (1832 ص415) تعليق فليشر على هذه العبارة (ص210).
ويقال أيضاً فَحَسْبُ بمعنى فقط، وحَسْباً كذلك. مثلاً: لا تكون الفائدة لك حسباً ولكن لأمثالهم أي لا تكون الفائدة لك فقط بل هي أيضاً لأمثالهم. وهي عبارة نقلها فليشر (1: 1).
وحَسْب: حَدْس: ففي حيان - بسام (1: 30 ق) ففهم عيسى بعد ذلك لقُوَّة حَسْبِه.
حَسَب. بحسب الطاقة: بقدر الطاقة. دي ساسي طرائف (1: 115).
ويقال: أكلوا على حسب الكفاية بقدر ما يكفيهم ليشبعوا. (كوزج مختارات ص71).
وحَسَب وبحَسَب وعلى حسَب: بمقتضى، بموجب (فوك).
حَسب العادة: بمقتضى العادة (دي ساسي طرائف 2: 76).
وفي كتاب الشهادات: حسب المرسوم الشريف (أماري ديب ص183) وانظر (ص435) حيث ضبطها الناشر حَسَب خطأ.
وحسب المرسوم الأصلي (وهذا هو صواب قراءتها) أي بمقتضى المرسوم الأصلي (أماري ديب ص209).
وفي ترجمة الــتوراة: بحسب يحيى أي الــتوراة للقديس يحيى.
وبحسب الــتوراة: بمقتضى أو بموجب الــتوراة (سيمونية).
بحَسَب: بمقتضى، بموجب، تبعا ل (بوشر).
هذا بحسبه: هذا مثله (دي ساسي طرائف 1: 14) حسباً أن: كأنَّ (بوشر).
وحَسَب: حظوة، منزلة، مكانة. يقال: هذا حسبي منك أي هذه منزلتي ومكانتي عندك (المقري 1: 558).
وكان يقال في القرن الرابع عشر للميلاد: له حسب، وهذا يعني عند أهل مكة أن هذا الرجل قد تسلَّم من أميري مكة عمامة وقلنسوة في حفل عام. وهي علامة حماية هذا الرجل، ويظل متمتعا بهذه الحماية مادام مقيما في مكة (ابن بطوطة 1: 354).
أنا في حسبك: أتوسل إليك، وأتضرع إليك (بوشر). حَسْبَة: مبلغ، مقدار (شيرب ديال ص122).
حِسْبَة: لي عنده حسبة أي شيء، من المال (محيط المحيط) وقسم من الحساب (بوشر).
حُسْبان ويجمع بالألف والتاء: حساب (مملوك 1، 1: 203).
وقَوْسُ حسبانِ أو قوسُ حِسْبَانِيَّة ضرب من الأقواس ذكرها مسلم بن الوليد الذي عاش في القرن الثامن عشر الميلادي في شعره وأرى كما يرى دي غوية (معجم مسلم) أن شارح الديوان قد أخطأ حين قال إنها تنسب إلى رجل اسمه حسبان أو إلى بلد اسمه حسبان. فحسبان إنما هي ضرب من السهام (انظر لين) ثم أطلقت كلمة حسبان اسماً لقذافة من نوع خاص استعملها الفرس لأول مرة في حروبهم مع التتار في أواسط القرن الثالث عشر للميلاد وتجد وصفا لها في الجريدة الآسيوية (1848، 2: 214 - 215).
حُسْبَانِيّ: قوس حسبانية، انظر ما سبق.
حسبنجي: حِّساب، ماهر في الحساب وتعداد الأرقام (بوشر).
حساب: ويجمع بالألف والتاء (ألكالا) وهو الجمع الكثير (ابن خلكان 19: 92).
وحساب في علم التنجيم: أن يحسب ما قدر للشخص وقسم له (ألف ليلة 3: 605).
وحساب: حطيطة، إسقاط في الحساب، أو حسم (ألكالا) وحساب: احتراس، حذر، احتراز، مراعاة، تدبُّر. ويقال: قليل الحساب أي قليل الاحتراس والحذر (بوشر).
ولدى ملر في آخر أيام غرناطة (ص16) في الكلام عن قواد الجيش الذين دهمتهم الأعداء: لم يعملوا حساب الحرب.
وحساب: قلق، اضطراب، هلع (زيشر ص82) ويقال: صار عنده حساب أي اصبح قلقاً (زيشر 1: 2) على بنته: أي قلق على ابنته (زيشر ص79).
بحساب: بواسطة (ابن بطوطة 3: 1).
أنا في هذا الحساب: أنا أفكر في هذا (ألف ليلة 1: 87).
ما كان في هذا في حساب: لم أتحسَّب هذا لم أتوقَّع أن يحدث هذا.
حَسِيب: متكّهن، متبصر، مدرك لعواقب الأمور (بوشر).
وحسيب عند الموحدين واحد الحُسَبَاء وهم الذين كانت لهم وظيفة سنوية لأنهم من الأسرة المالكة (المقري 2: 284).
حَسَّاب: ماهر في الحساب وتعداد الأرقام (بوشر).
حاسب: محصى الأرصاد الجوية. (أماري ص95 هـ، 669).
وحاسب: كاهن، عرَّاف (فوك، الكالا، المقري 3: 32، ألف ليلة 1: 866) وهو يطلق خاصة على العرَّاف الذي يخبر عن المستقبل بطرق الحصا أو النوى، طارق الحصا (المقدمة 2: 177).
حَيْسُوبِيّ: عالم بالحساب، خبير في علم الحساب (فوك).
محسب: متأمل، مفكر في أمر (بوشر).
مَحْسُوب عليه، ومحسبون عليك: هم مخلصون لك، وأوفياء لك ومتفانون في سبيلك (رولاند). وفي ألف ليلة (1: 300) شكر له صنيعه فقال له: نحن صرنا محسوبين عليك. وفي ترجمة لين ما معناه: نحن صرنا تابعين لك ومعتمدين عليك، غير أنه يقال أيضاً في الكلام عن شيء ما: أنه محسوب عليّ بمعنى: أني مسؤول عنه ومطالب به (جاكسون تمبكتو ص233).
محاسِب: مالي (بوشر) وقطعة معدنية تستعمل نقداً ائتمانيا. وفيشة في لعب القمار (ألكالا).
مُحَاسَبَة: مسَك الدفاتر (الحسابات) (بوشر).
ومُحاسَبَة: دار المحاسبات، ديوان الحسابات، ففي كتاب ابن صاحب الصلاة (ص62 و): رفعَتْه أيَّامه بتَدْوِينه في المحاسبة.
ويسمى هذا الديوان لدى البكري (ص30) دار المحاسبات.
ومُحاسَبَة: رزانة، رصانة، فطنة، بصيرة، احتراس. (بوشر).
احْتِساب: شرطة تجارية (مملوك 1، 1: 114).
واحتسابات: مذكورات في واردات الدولة (الجريدة الآسيوية 1862، 2: 173) وضرائب الشرطة (مملوك 1، 1: 114) مُحْتَسِب: مفتش الأسواق والموازين والمكاييل وقد جمع بهرنُورَ معلومات جمة عن منصب المحتسب ونشرت في الجريدة الآسيوية (1860، 2: 119 - 190، 347 - 392، 1861، 1: 1 - 76).
ومحتسب رئيس الجيش والناظر في كل ما يختص بالحرب (مملوك 1، 1: 114).

كتب

كتب



كِتَابٌ (same as عَقْدٌ) The ceremony (not certificate) of a marriage-contract.

كَتَبُواكِتَابَهُ عَلَى

فُلَانَةٍ

They performed the ceremony of the contract of his marriage to such a woman (same as عقدوا عَقْدَهُ). b2: أَهْلُ الكِتَابِ: see أَهْلٌ.
باب الكاف والتاء والباء معهما ك ت ب، ك ب ت، ب ك ت، ت ب ك، ب ت ك مستعملات

كتب: الكَتْبُ: خرز الشيء بسير، والكُتْبةُ: الخرزة التي ضم السير كلا وجهيها. والناقة إذا ظئرت [على ولد غيرها] كُتِبَ منخراها بخيط لئلا تشم البو والرأم. قال ذو الرمة:

[وفراء غرفيةٍ أثأى خوارزُها] ... مشلشل ضيعته بينها الكتب

والكَتْبُ: الخرزُ بسيرين، قال:

لا تأمننَّ فزاريا خلوت به ... على قلوصك واكْتُبْها بأسيار

والكتاب والكتابة: مصدر كتبت. والمُكْتِبُ: المعلم. والكتاب: مجمع صبيانه. والكَتيبةُ من الخيل: جماعة مستحيزة. والكِتْبة: الاكتتاب في الفرض والرزق، واكْتَتَبَ فلان، أي: كَتَب اسمه في الفرض. والكتِبةُ: اكتتابُك كتاباً تكتبه وتنسخه.

كبت: الكَبْتُ: صرع الشيء لوجهه. كَبَتَهُمُ الله فانكبتوا، أي: لم يظفروا بخير. وكَبَتَ الله أعداءكَ، أي: غاظهم وأذلهم. والاسم: الكُباتُ.

بكت: التَّبْكيتُ: ضرب بالعصا والسيف ونحوهما [بكّته بالعصا تبكيتاً، وبالسيف ونحوه] .

تبك: تَبُوك: اسم أرض وبين تبوك والمدينة اثنتا عشرة مرحلة.

بتك: البَتْكُ: قبضك على الشيء، على شعر أو ريش، أو نحو ذلك، ثم تجذبه إليك فينبتكُ من أصله. أي: ينقطع، وينتتف، وكل طاقة من ذلك في كفك: بِتْكةٌ، قال زهير:

[حتى إذا ما هوت كف الغلام لها] ... طارت وفي كفه من ريشها بِتَكُ

والبَتْكُ: قطع الأذن من أصلها. قال الله تعالى: فَلَيُبَتِّكُنَّ آذانَ الْأَنْعامِ . 
كتب
الْكَتْبُ: ضمّ أديم إلى أديم بالخياطة، يقال: كَتَبْتُ السّقاء، وكَتَبْتُ البغلة: جمعت بين شفريها بحلقة، وفي التّعارف ضمّ الحروف بعضها إلى بعض بالخطّ، وقد يقال ذلك للمضموم بعضها إلى بعض باللّفظ، فالأصل في الْكِتَابَةِ: النّظم بالخطّ لكن يستعار كلّ واحد للآخر، ولهذا سمّي كلام الله- وإن لم يُكْتَبْ- كِتَاباً كقوله: الم ذلِكَ الْكِتابُ
[البقرة/ 1- 2] ، وقوله: قالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتانِيَ الْكِتابَ [مريم/ 30] . والكِتاب في الأصل مصدر، ثم سمّي المكتوب فيه كتابا، والْكِتَابُ في الأصل اسم للصّحيفة مع المكتوب فيه، وفي قوله: يَسْئَلُكَ أَهْلُ الْكِتابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتاباً مِنَ السَّماءِ
[النساء/ 153] فإنّه يعني صحيفة فيها كِتَابَةٌ، ولهذا قال: وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ الآية [الأنعام/ 7] . ويعبّر عن الإثبات والتّقدير والإيجاب والفرض والعزم بِالْكِتَابَةِ، ووجه ذلك أن الشيء يراد، ثم يقال، ثم يُكْتَبُ، فالإرادة مبدأ، والكِتَابَةُ منتهى. ثم يعبّر عن المراد الذي هو المبدأ إذا أريد توكيده بالكتابة التي هي المنتهى، قال: كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي
[المجادلة/ 21] ، وقال تعالى: قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا [التوبة/ 51] ، لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ [آل عمران/ 154] ، وقال: وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللَّهِ
[الأنفال/ 75] أي: في حكمه، وقوله: وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ
[المائدة/ 45] أي: أوجبنا وفرضنا، وكذلك قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [البقرة/ 180] ، وقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ [البقرة/ 183] ، لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتالَ [النساء/ 77] ، ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ [الحديد/ 27] ، لَوْلا أَنْ كَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْجَلاءَ [الحشر/ 3] أي: لولا أن أوجب الله عليهم الإخلاء لديارهم، ويعبّر بالكتابة عن القضاء الممضى، وما يصير في حكم الممضى، وعلى هذا حمل قوله: بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ
[الزخرف/ 80] قيل: ذلك مثل قوله:
يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ [الرعد/ 39] ، وقوله: أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ [المجادلة/ 22] فإشارة منه إلى أنهم بخلاف من وصفهم بقوله: وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا [الكهف/ 28] ، لأنّ معنى «أغفلنا» من قولهم: أغفلت الكتاب: إذا جعلته خاليا من الكتابة ومن الإعجام، وقوله:
فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ
[الأنبياء/ 94] فإشارة إلى أنّ ذلك مثبت له ومجازى به.
وقوله: فَاكْتُبْنا مَعَ الشَّاهِدِينَ
[آل عمران/ 53] أي: اجعلنا في زمرتهم إشارة إلى قوله: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ الآية [النساء/ 69] وقوله: مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها
[الكهف/ 49] فقيل إشارة إلى ما أثبت فيه أعمال العباد. وقوله:
إِلَّا فِي كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها
[الحديد/ 22] قيل: إشارة إلى اللّوح المحفوظ، وكذا قوله: إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج/ 70] ، وقوله: وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ [الأنعام/ 59] ، فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً [الإسراء/ 58] ، لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ [الأنفال/ 68] يعني به ما قدّره من الحكمة، وذلك إشارة إلى قوله: كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ
[الأنعام/ 54] وقيل: إشارة إلى قوله: وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الأنفال/ 33] ، وقوله: لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا
[التوبة/ 51] يعني: ما قدّره وقضاه، وذكر «لنا» ولم يقل «علينا» تنبيها أنّ كلّ ما يصيبنا نعدّه نعمة لنا، ولا نعدّه نقمة علينا، وقوله: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [المائدة/ 21] قيل: معنى ذلك وهبها الله لكم، ثم حرّمها عليكم بامتناعكم من دخولها وقبولها، وقيل:
كتب لكم بشرط أن تدخلوها، وقيل: أوجبها عليكم، وإنما قال: «لكم» ولم يقل: «عليكم» لأنّ دخولهم إيّاها يعود عليهم بنفع عاجل وآجل، فيكون ذلك لهم لا عليهم، وذلك كقولك لمن يرى تأذّيا بشيء لا يعرف نفع مآله:
هذا الكلام لك لا عليك، وقوله: وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا [التوبة/ 40] جعل حكمهم وتقديرهم ساقطا مضمحلّا، وحكم الله عاليا لا دافع له ولا مانع، وقال تعالى: وَقالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَالْإِيمانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتابِ اللَّهِ إِلى يَوْمِ الْبَعْثِ [الروم/ 56] أي: في علمه وإيجابه وحكمه، وعلى ذلك قوله: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ
[الرعد/ 38] ، وقوله: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ
[التوبة/ 36] أي:
في حكمه. ويعبّر بِالْكِتَابِ عن الحجّة الثابتة من جهة الله نحو: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ
[الحج/ 8] ، أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً مِنْ قَبْلِهِ [الزخرف/ 21] ، فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ
[الصافات/ 157] ، أُوتُوا الْكِتابَ [البقرة/ 144] ، كِتابَ اللَّهِ [النساء/ 24] ، أَمْ آتَيْناهُمْ كِتاباً [فاطر/ 40] ، فَهُمْ يَكْتُبُونَ [الطور/ 41] فذلك إشارة إلى العلم والتّحقّق والاعتقاد، وقوله: وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ
[البقرة/ 187] إشارة في تحرّي النّكاح إلى لطيفة، وهي أنّ الله جعل لنا شهوة النّكاح لنتحرّى طلب النّسل الذي يكون سببا لبقاء نوع الإنسان إلى غاية قدرها، فيجب للإنسان أن يتحرّى بالنّكاح ما جعل الله له على حسب مقتضى العقل والدّيانة، ومن تحرّى بالنّكاح حفظ النّسل وحصانة النّفس على الوجه المشروع فقد ابتغى ما كتب الله له، وإلى هذا أشار من قال: عنى بما كتب الله لكم الولد ، ويعبّر عن الإيجاد بالكتابة، وعن الإزالة والإفناء بالمحو. قال: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ [الرعد/ 38] ، يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ [الرعد/ 39] نبّه أنّ لكلّ وقت إيجادا، وهو يوجد ما تقتضي الحكمة إيجاده، ويزيل ما تقتضي الحكمة إزالته، ودلّ قوله: لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ [الرعد/ 38] على نحو ما دلّ عليه قوله: كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ [الرحمن/ 29] وقوله: وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ [الرعد/ 39] ، وقوله: وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ [آل عمران/ 78] فَالْكِتَابُ الأوّل: ما كتبوه بأيديهم المذكور في قوله: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ
[البقرة/ 79] .
والْكِتَابُ الثاني: الــتّوراة، والثالث: لجنس كتب الله، أي: ما هو من شيء من كتب الله سبحانه وتعالى [وكلامه] ، وقوله: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ [البقرة/ 53] فقد قيل: هما عبارتان عن الــتّوراة، وتسميتها كتابا اعتبارا بما أثبت فيها من الأحكام، وتسميتها فرقانا اعتبارا بما فيها من الفرق بين الحقّ والباطل. وقوله:
وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا
[آل عمران/ 145] أي: حكما لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ [الأنفال/ 68] ، وقوله: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ [التوبة/ 36] كلّ ذلك حكم منه. وأمّا قوله: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ [البقرة/ 79] فتنبيه أنّهم يختلقونه ويفتعلونه، وكما نسب الكتاب المختلق إلى أيديهم نسب المقال المختلق إلى أفواههم، فقال: ذلِكَ قَوْلُهُمْ بِأَفْواهِهِمْ [التوبة/ 30] والاكْتِتَابُ متعارف في المختلق نحو قوله:
أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها
[الفرقان/ 5] .
وحيثما ذكر الله تعالى أهل الكتاب فإنما أراد بالكتاب الــتّوراة والإنجيل، أو إيّاهما جميعا، وقوله: وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى إلى قوله: وَتَفْصِيلَ الْكِتابِ [يونس/ 37] ، فإنما أراد بالكتاب هاهنا ما تقدّم من كتب الله دون القرآن، ألا ترى أنّه جعل القرآن مصدّقا له، وقوله: وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا [الأنعام/ 114] فمنهم من قال: هو القرآن، ومنهم من قال: هو القرآن وغيره من الحجج والعلم والعقل ، وكذلك قوله: فَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ [العنكبوت/ 47] ، وقوله: قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ [النمل/ 40] فقد قيل: أريد به علم الكتاب، وقيل: علم من العلوم التي آتاها الله سليمان في كتابه المخصوص به، وبه سخّر له كلّ شيء، وقوله: وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ
[آل عمران/ 119] أي: بِالْكُتُبِ المنزّلة، فوضع ذلك موضع الجمع، إمّا لكونه جنسا كقولك: كثر الدّرهم في أيدي الناس، أو لكونه في الأصل مصدرا نحو: عدل، وذلك كقوله:
يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ [البقرة/ 4] وقيل: يعني أنّهم ليسوا كمن قيل فيهم: وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ [النساء/ 150] . وكِتابَةُ العَبْدِ: ابتياع نفسه من سيّده بما يؤدّيه من كسبه، قال: وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ فَكاتِبُوهُمْ
[النور/ 33] واشتقاقها يصحّ أن يكون من الكتابة التي هي الإيجاب، وأن يكون من الكتب الذي هو النّظم والإنسان يفعل ذلك.
(كتب) فلَانا علمه الْكِتَابَة وَجعله يكْتب والكتائب هيأها كَتِيبَة كَتِيبَة
(كتب)
الْكتاب كتبا وكتابا وَكِتَابَة خطه فَهُوَ كَاتب (ج) كتاب وكتبة وَيُقَال كتب الْكتاب عقد النِّكَاح (مو) والسقاء وَنَحْوه خرزه بسيرين والقربة شدها بالوكاء وَالله الشَّيْء قَضَاهُ وأوجبه وفرضه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {كتب عَلَيْكُم الصّيام كَمَا كتب على الَّذين من قبلكُمْ}
ك ت ب: (كَتَبَ) مِنْ بَابِ نَصَرَ وَ (كِتَابًا) أَيْضًا وَ (كِتَابَةً) . وَ (الْكِتَابُ) أَيْضًا الْفَرْضُ وَالْحُكْمُ وَالْقَدَرُ. وَ (الْكَاتِبُ) عِنْدَ الْعَرَبِ الْعَالِمُ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} [الطور: 41] . وَ (الْكُتَّابُ) بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيدِ (الْكَتَبَةُ) . وَ (الْكُتَّابُ) أَيْضًا وَ (الْمَكْتَبُ) وَاحِدٌ وَالْجَمْعُ (الْكَتَاتِيبُ) وَ (الْمَكَاتِبُ) . وَ (الْكَتِيبَةُ) الْجَيْشُ. وَ (اكْتَتَبَ) أَيْ كَتَبَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {اكْتَتَبَهَا} [الفرقان: 5] وَاكْتَتَبَ أَيْضًا كَتَبَ نَفْسَهُ فِي دِيوَانِ السُّلْطَانِ. وَ (الْمُكْتِبُ) بِوَزْنِ الْمُخْرِجِ الَّذِي يُعَلِّمُ الْكِتَابَةَ. وَ (اسْتَكْتَبَهُ) الشَّيْءَ سَأَلَهُ أَنْ يَكْتُبَهُ لَهُ. وَ (الْمُكَاتَبَةُ) وَ (التَّكَاتُبُ) بِمَعْنًى. وَ (الْمُكَاتَبُ) الْعَبْدُ يُكَاتِبُ عَلَى نَفْسِهِ بِثَمَنِهِ فَإِذَا سَعَى وَأَدَّاهُ عَتَقَ. 
كتب
الكَتْبُ: خَرْز بسَيْرٍ أو سَيْرَيْن أو بحَلْقَةِ صُفْرٍ أو حَدِيدٍ، والفِعْلُ: يَكْتُبُ. وأكْتَبْتُ القِرْبَةَ. والكُتْبَةُ: الخُرْزَةُ.
والناقَةُ إِذا ظُئرَتْ، كُتِبَ مَنْخَراها بخَيْطٍ لكَيْلا تَشَمَّ البوَّ فلا تَرْأم.
والكِتَابُ والكِتَابَةُ: مَصْدَرُ كَتَبْتُ. واسْتَكْتَبْتُ فلاناً: إذا أمَرْتهُ أنْ يَكْتُبَ لكَ أو اتَّخَذْتَه كاتِباً.
والكُتّابُ والمَكْتَبُ: للصِّبْيَانِ. والمُكْتِبُ: المُعَلِّمُ.
والكِتْبَةُ والاكْتِتَابُ: في الفَرْض الفَرْضَ والرِّزْقِ. واكْتَتَبَ فلانٌ: كَتَبَ اسْمَه في الفَرْضِ.
والمُكاتَبُ: العَبْدُ يكاتَبُ على نَفْسِه بثَمَنِه.
وكَتَبْتُ الشَّيْءَ وأحْصيْتُه: بمعنىً واحِدٍ.
والكَتِيْبَةُ - مَعْروفَة -: جَمَاعَةٌ من الخَيْل مُسْتَحِيْزَةٌ، تَكَّتبوا: أي اجْتَمَعُوا. وكَتَّبْتُ الكَتَائبَ: هَيّأْتها.
واكْتَتَبَ بَطْنُ فلانٍ: إذا أمْسَكَ فلم يُحْدِثْ. ورَجُلٌ مُكْتَتِبٌ ومُكْتَتَبٌ عليه. وكُتِبَ عليه: إذا لم يَبُلْ.
واسْتَكْتَبَ السِّقَاءُ: أمْسَكَتْ سُيُوْرُه الماءَ فلا يَسْرَبُ منه.
والمُكْتَوْتبُ: المُنْتَفِخُ المُمْتَلِىءُ ممّا كانَ.
وبَطْنُه مُكْتَوْتبٌ: أي مُمْتَلِىءٌ عَدَاوَةً.
والتَّكَتُّبُ: التَحَزمُ والتَّجَمعُ، والتَكْتِيْبُ: مِثْلُه.
[كتب] الكتاب معروف، والجمع كُتُبٌ وكُتْبٌ. وقد كتبْتُ كَتْباً وكِتاباً وكِتابَةً. والكتاب: الفَرْضُ والحُكْمُ والقَدَر. قال الجعديّ: يا ابنة عَمِّي كتابُ الله أخرجَني * عنكمْ وهل أمنعنَّ الله ما فَعَلا قال ابن الأعرابي: الكاتب عندهم: العالِم. قال الله تعالى: (أمْ عندهم الغيْبُ فهم يَكتُبونَ) . والكَتْبُ: الجمع، تقول منه: كتبْتُ البغلَة، إذا جمعتَ بين شُفريها بحَلْقةٍ أو سيرٍ، أكْتِبُ وأكْتُبُ كَتْباً. وكَتَبْت القِربة أيضاً كَتْباً، إذا خرزْتها، فهي كَتيبٌ. والكُتْبَةُ بالضم: الخُرْزَةُ. قال ذو الرمّة: وَفْراَء غَرْفِيَّةٍ أثْأى خوارزَها * مُشَلْشَلُ ضَيَّعَتْهُ بينها الكُتَبُ والكُتَّابُ: الكَتَبَةُ. والكُتَّابُ أيضاً والمَكْتَبُ واحد، والجمع الكتاتيب. والكُتَّابُ أيضاً: سهمٌ صغير مُدوَّر الرأس يتعلم به الصبى الرمى، وبالثاء أيضا، والتاء في هذا الحرف أعلى من الثاء. والكتيبة: الجيش، تقول منه: كَتَّبَ فلانٌ الكتائب تكتيباً، أي عبَّاها كتيبةً كتيبةً. وتَكَتَّبَت الخيلُ، أي تجمَّعت. قال أبو زيد: كَتَّبْتُ الناقة تكتيباً، إذا صَرَرْتَها. وتقول: أكْتِبْني هذه القصيدة، أي أملِها عليّ. وأ كتبت القربة أيضا: شددتها بالوكاء، وكذلك كَتَبْتُها كَتْباً، فهي مُكْتَبٌ وكَتيبٌ. واكْتَتَبْتُ الكتابَ، أي كَتَبْتُه. ومنه قوله تعالى: (اكْتَتَبَها فهيَ تُمْلى عَلَيه) . وتقول أيضاً: اكتتب الرجلُ، إذا كَتَبَ نفسه في ديوان السلطان. والمُكْتِبُ : الذي يعلِّم الكتابة. قال الحسن: كان الحجَّاج مُكْتِباً بالطائف، يعني معلِّماً. واستكتبه الشئ، أي سأله أن يكتبه له. والمكاتبة والتكاتب بمعنًى. والمُكاتَبُ: العبد يُكاتَب على نفسه بثمنه، فإذا سعى وأداه عتق. 
ك ت ب : كَتَبَ كَتْبًا مِنْ بَابِ قَتَلَ وَكِتْبَةً بِالْكَسْرِ وَكِتَابًا وَالِاسْمُ الْكِتَابَةُ لِأَنَّهَا صِنَاعَةٌ كَالنِّجَارَةِ وَالْعِطَارَةِ وَكَتَبْتُ السِّقَاءَ كَتْبًا خَرَزْتُهُ وَكَتَبْتُ الْبَغْلَةَ كَتْبًا خَرَزْتُ حَيَاهَا بِحَلْقَةِ حَدِيدٍ أَوْ صُفْرٍ لِيَمْتَنِعَ الْوُثُوبُ عَلَيْهَا وَتُطْلَقُ الْكِتْبَةُ وَالْكِتَابُ عَلَى الْمَكْتُوبِ وَيُطْلَقُ الْكِتَابُ عَلَى الْمُنَزَّلِ وَعَلَى مَا يَكْتُبُهُ الشَّخْصُ وَيُرْسِلُهُ قَالَ أَبُو عَمْرٍو سَمِعْتُ أَعْرَابِيًّا يَمَانِيًّا يَقُولُ فُلَانٌ لَغُوبٌ جَاءَتْهُ كِتَابِي فَاحْتَقَرَهَا فَقُلْتُ أَتَقُولُ جَاءَتْهُ كِتَابِي فَقَالَ أَلَيْسَ بِصَحِيفَةٍ قُلْتُ مَا اللَّغُوبُ قَالَ الْأَحْمَقُ وَكَتَبَ حَكَمَ وَقَضَى وَأَوْجَبَ وَمِنْهُ كَتَبَ اللَّهُ الصِّيَامَ أَيْ أَوْجَبَهُ وَكَتَبَ الْقَاضِي بِالنَّفَقَةِ قَضَى وَكَاتَبْتُ الْعَبْدَ مُكَاتَبَةً وَكِتَابًا مِنْ بَابِ قَاتَلَ قَالَ تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} [النور: 33] وَكَتَبْنَا كِتَابًا فِي الْمُعَامَلَاتِ وَكِتَابَةً بِمَعْنًى وَقَوْلُ الْفُقَهَاءِ بَابُ الْكِتَابَةِ فِيهِ تَسَامُحٌ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ اسْمُ الْمَكْتُوبِ وَقِيلَ لِلْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةٌ تَسْمِيَةٌ بِاسْمِ الْمَكْتُوبِ مَجَازًا وَاتِّسَاعًا لِأَنَّهُ يُكْتَبُ فِي الْغَالِبِ لِلْعَبْدِ عَلَى مَوْلَاهُ كِتَابٌ بِالْعِتْقِ عِنْدَ أَدَاءِ النُّجُومِ ثُمَّ كَثُرَ الِاسْتِعْمَالُ حَتَّى قَالَ الْفُقَهَاءُ لِلْمُكَاتَبَةِ كِتَابَةٌ وَإِنْ لَمْ يُكْتَبْ شَيْءٌ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَسُمِّيَتْ الْمُكَاتَبَةُ كِتَابَةً فِي الْإِسْلَامِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ هَذَا الْإِطْلَاقَ لَيْسَ عَرَبِيًّا وَشَذَّ
الزَّمَخْشَرِيُّ فَجَعَلَ الْمُكَاتَبَةَ وَالْكِتَابَةَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ وَلَا يَكَادُ يُوجَدُ لِغَيْرِهِ ذَلِكَ وَيَجُوزُ أَنَّهُ أَرَادَ الْكِتَابَ فَطَغَا الْقَلَمُ بِزِيَادَةِ الْهَاءِ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ الْكِتَابُ وَالْمُكَاتَبَةُ أَنْ يُكَاتِبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ أَوْ أَمَتَهُ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ وَيَكْتُبُ الْعَبْدُ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَعْتِقُ إذَا أَدَّى النُّجُومَ وَقَالَ غَيْرُهُ بِمَعْنَاهُ وَتَكَاتَبَا كَذَلِكَ فَالْعَبْدُ مُكَاتَبٌ بِالْفَتْحِ اسْمُ مَفْعُولٍ وَبِالْكَسْرِ اسْمُ فَاعِلٍ لِأَنَّهُ كَاتَبَ سَيِّدَهُ فَالْفِعْلُ مِنْهُمَا وَالْأَصْلُ فِي بَابِ الْمُفَاعَلَةِ أَنْ يَكُونَ مِنْ اثْنَيْنِ فَصَاعِدًا يَفْعَلُ أَحَدُهُمَا بِصَاحِبِهِ مَا يَفْعَلُ هُوَ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَكُلُّ وَاحِدٍ فَاعِلٌ وَمَفْعُولٌ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى وَالْمَكْتَبُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَالتَّاءِ مَوْضِعُ تَعْلِيمِ الْكِتَابَةِ وَكَتَّبْتُهُ بِالتَّشْدِيدِ عَلَّمْتُهُ الْكِتَابَةَ وَالْكَتِيبَةُ الطَّائِفَةُ مِنْ الْجَيْشِ مُجْتَمِعَةً وَالْجَمْعُ كَتَائِبُ. 
(كتب) - قوله تبارك وتعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ}
: أي يَعلمُون. قال ابن الأعْرابِىِّ: الكاتب : العَاِلم عندهم.
- ومنه كِتابُه إلى اليَمَن: "قد بَعثْتُ إليكم كاتِباً من أصْحَابى"
: أي عَاِلماً.
- وقوله تعالى: {كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ} .
قيل: أي حَكَمَ.
- وقوله تعالى: {فِيهَا كُتُبٌ قَيِّمَةٌ} .
: أي أحْكَامٌ.
- وقوله تعالى: {فَسَأَكْتُبُهَا}
: أي أَجمعُها.
ومنه قولهم: كَتبتُ البَغْلَة؛ إذَا جَمَعتَ بين شَفرَيها؛ ومنه سُمِّيَتْ الكَتِيبَةُ لاجْتِماعها، وتقع على مائة فارسِ إلى ألفٍ، وكتَبْتُ الكتائِبَ: جَمَعتُها. والكِتاب سمِّىَ به لاجَتماع الحُرُوف بَعْضِها إلى بَعْضٍ.
ومنه حديَثُ المُغِيرة - رضي الله عنه -: "قد تكتَّبَ ".
: أي تحزَّمَ وجمَعَ عليه ثِيابَه.
- وفي حديث الزُّهرِىّ: "الكُتَيْبَةُ أكْثرها عَنوَة وفيها صُلْحٌ"
وهي اسمٌ لبَعْض قُرَى خَيْبَر.
ومنها الوَطِيحُ، والشَقّ والنَّطاة والسُّلَالِم . منها ما فُتِحت عَنْوَة، ومنها ما كانت فَيئاً خاصًّا لرسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم -.
ولهذا رُوِىَ عن سَهلٍ بن أبي حَثْمَة - رضي الله عنه - قال: "قَسَمَ رسول الله - صَلَّى الله عليه وسلم - خيْبر نِصفين نصفاً لِنوائِبه، ونِصْفاً للمُسلمين على ثمانية عَشر سَهْماً؛ لأنّهم كانوا ألفًا وثمانمائة.
- في حديث أَنَس بن النَّضْرِ - رضي الله عنه -: "كِتابُ الله القِصَاصُ" : أي فَرْضُ الله على لِسانِ نَبيّهِ عليه الصلاة والسّلام.
وقيل: هو إشَارةٌ إلى قوله عزَّ وجلَّ: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} ، وقوله: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا} الآية.
- وفي حديث بَرِيرَةَ: "مَن اشتَرطَ شرْطاً ليس في كتابِ الله عزَّ وجّل"
: أي لَيْسَ على حُكْم الله عزَّ وجلَّ، ولا على مُوجِبِ قَضايا كِتابِه.
والكتابُ أَمَرَ بطاعَة الرَّسُول عليه الصلاة والسّلام، وأَعْلَم أنّ سُنَّتَه بَيانٌ له، وجعَل الرسولُ - عليه الصلاةُ والسلامُ - الوَلاءَ لمن أعْتقَ، لا أنّ الوَلاء مَذكُور في الكتاب نصًّا.
- وقولُه تعالى: {فَكَاتِبُوهُمْ} .
قيل: سُمَّيَتْ كِتابةً؛ لَأنَّه يَكتُبُه على نَفسِه، أو يكتُب ذلك عليه، والكِتابُ والكِتابَة بمعنى الكَتْب، ويُسمَّى المكتُوب فيه كتاباً.
- وفي الحديث: "مَن نظَر في كِتابِ أخيِهِ بِغير إذْنِه فكأنَّما يَنظُر في النّارِ".
قيل: إنّما هو تَمثِيلٌ: أي كما يَحذَرُ النارَ فَلْيَحْذَرْ هذا الصَّنِيعَ؛ إذ كان مَعْلومًا أنَّ النَّظَر في النار يَضُرُّ بالبَصَر.
ويُحتَملُ أن يُريدَ بالنَّظر فيها: الدّنوَّ منها والصَّلىَّ بها؛ لأنَّ النظَرَ إلى الشّيء إنَّما يتحقَّقُ عند قُرْب المَسافةِ بينَه وبَيْنَه.
وقيل: معناه: كأنَّما يَنظُر إلى مَا يُوجِب عليه النَّار فأضْمَرَه.
وقيل: إنّه أرادَ به: الكِتابَ الذي فيه أمَانةٌ أو سِرٌّ يَكرَه صَاحِبُه أن يُطَّلَعَ عليه، دُون كُتُب العِلْم فإنَّه لا يَحِلُ مَنعُها
وقيل: إنّه عامٌّ لأن صاحبَ الشيء أولَى بمالِه وأحقُّ، وإنَّما يَأثَم بكِتْمان العِلْم الذي يُسأَل عنه، فأمّا أن يَأثم في مَنعِ كِتابٍ عندَه وحَبسِه عن غيره فَلَا.
ويُحتَمل أن يُريدَ عُقوبةَ البَصَر كما يُعَاقَبُ السَّمعُ إذا اسْتَمِع إلى حَديثِ قَومٍ وهم له كارِهون؛ بأن يُصَبَّ فيه الآنُك، فعَلى هذا لا يكون إلّا الأمانةَ والسِّرَّ الذي لا يُرِيد أن يُطَّلعَ عليه
الْكَاف وَالتَّاء وَالْبَاء

كتب الشَّيْء يَكْتُبهُ كتبا، وكتابا وَكتبه: خطه، قَالَ أَبُو النَّجْم:

اقبلت من عِنْد زِيَاد كالخرف

تخط رجلاي بِخَط مُخْتَلف تكتبان فِي الطَّرِيق لَام ألف

وَرَأَيْت فِي بعض النسخك تكتبان، بِكَسْر التَّاء، وَهِي لُغَة بهراء، يكسرون التَّاء، وَهِي لُغَة، فَيَقُولُونَ: " تعلمُونَ " ثمَّ اتبع الْكَاف كسرة التَّاء.

وَالْكتاب، أَيْضا: الِاسْم، عَن اللحياني.

واكتتبه: ككتبه.

وَقيل: كتبه: خطه، واكتتبه: استملاه، وَكَذَلِكَ: اسْتَكْتَبَهُ.

وَالْكتاب: مَا كتب فِيهِ، وَحكى الْأَصْمَعِي عَن أبي عَمْرو بن الْعَلَاء: أَنه سمع بعض الْعَرَب يَقُول، وَذكر إنْسَانا، فَقَالَ: فلَان لغوب، جَاءَتْهُ كتابي فاحتقرها، فَقلت لَهُ: أَتَقول جَاءَتْهُ كتابي؟ فَقَالَ: نعم، أَلَيْسَ بِصَحِيفَة؟ فَقلت لَهُ: مَا اللغوب؟ فَقَالَ: الأحمق.

وَالْجمع: كتب، قَالَ سِيبَوَيْهٍ: هُوَ مِمَّا استغنوا فِيهِ بِبِنَاء اكثر الْعدَد عَن بِنَاء أدناه. فَقَالُوا: ثَلَاثَة كتب.

وَالْكتاب، مُطلق: الــتَّوْرَاة، وَبِه فسر الزّجاج قَوْله تَعَالَى: (نبذ فريق من الَّذين أُوتُوا الْكتاب) .

وفوله تَعَالَى جَائِز أَن يكون الْقُرْآن، وَأَن يكون الــتَّوْرَاة، لِأَن الَّذين كفرُوا بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد نبذوا الــتَّوْرَاة.

وَقَوله تَعَالَى: (والطّور وَكتاب مسطور) . قيل: الْكتاب مَا أثبت على بني آدم من أَعْمَالهم.

وَالْكتاب: الصَّحِيفَة والدواة، عَن اللحياني، قَالَ: وَقد قرئَ: (ولم تَجدوا كتابا) و" كتابا " و" كَاتبا " فالكتاب: مَا يكْتب فِيهِ، وَقيل: الصَّحِيفَة والدواة، وَأما الْكَاتِب وَالْكتاب: فمعروفان.

وَكتب الرجل، وأكتبه: علمه الْكتاب.

وَرجل مكتب: لَهُ أَجزَاء تكْتب من عِنْده.

والمكتب: الْمعلم.

وَقَالَ اللحياني: هُوَ الْمكتب.

قَالَ: وَمِنْه قيل: عبيد الْمكتب لِأَنَّهُ كَانَ معلما. والمكتب: مَوضِع الْكتاب.

والمكتب وَالْكتاب: مَوضِع نعليم الْكتاب.

وَرجل كَاتب، وَالْجمع: كتاب، وكتبة.

وحرفته: الْكِتَابَة.

والكتبة: الْحَالة.

والكتبة: الاكتتاب فِي الْفَرْض والرزق.

والكتبة: اكتتابك كتابا تنسخه.

واستكتبه: أمره أَن يكْتب لَهُ، أَو اتَّخذهُ كَاتبا.

وكاتبت العَبْد: أَعْطَانِي ثمنه على أَن اعتقه.

والكتبة: الخرزة الَّتِي ضم السّير كلا وجهيها.

وَقَالَ اللحياني: الكتبة: السّير الَّذِي تخرز بِهِ المزادة والقربة، قَالَ ذُو الرمة:

وفراء غرفية أثأى خوارزها ... مشلشل ضيعته بَينهَا الْكتب

وَكتب السقاء والمزادة يَكْتُبهُ كتبا، واكتبه: خرزه بسيرين.

وَقيل: هُوَ أَن يشد فَمه حَتَّى لَا يقطر مِنْهُ شَيْء.

وَقَالَ اللحياني: اكْتُبْ قربتك: اخرزها، وأكتبها أوكها: يَعْنِي: شدّ رَأسهَا.

والكبة: مَا شدّ بِهِ حَيَاء البغلة أَو النَّاقة، لِئَلَّا ينزى عَلَيْهَا.

وَالْجمع: كالجمع.

وَكتب الدَّابَّة والناقة يَكْتُبهَا، ويكتبها كتبا، وَكتب عَلَيْهَا: خزم حياءها بِحَلقَة حَدِيد أَو صفر وَختم عَلَيْهِ لِئَلَّا ينزى عَلَيْهَا، قَالَ:

لَا تامنن فزارياًّ خلوت بِهِ ... على بعيرك واكتبها باسيار

وَذَلِكَ لِأَن بني فَزَارَة كَانُوا يرْمونَ بغشيان الْإِبِل، وَالْبَعِير هُنَا: النَّاقة، ويروى: " على قلوصك " و" اسيار " جمع سير: وَهُوَ الشّركَة.

وَكتب النَّاقة يَكْتُبهَا كتبا: ظأرها فخزم منخريها لِئَلَّا تشم البو فَلَا تَرَ أمه. وكبها، وَكتب عَلَيْهَا: صررها.

والكتيبة: مَا جمع فَلم ينشر.

وَقيل: هِيَ الْجَمَاعَة المستحيزة من الْخَيل: أَي فِي حيّز.

وَقيل: الكتيبة: جمَاعَة الْخَيل إِذا غارت من الْمِائَة إِلَى الْألف.

وَكتب الْكَتَائِب: هيأها كَتِيبَة كَتِيبَة. قَالَ طفيل:

فألوت بغاياهم بِنَا وتباشرت ... إِلَى عرض جَيش غير أَن لم يكْتب

وَقَول سَاعِدَة بن جؤية:

لَا يَكْتُبُونَ وَلَا يكت عديديهم ... جفلت بِسَاحَتِهِمْ كتائب أوعبوا

قيل: مَعْنَاهُ: لَا يكتبهم كَاتب من كثرتهم، وَقد يكون مَعْنَاهُ: لَا يهيئون.

وتكتبوا: تجمعُوا.

وَبَنُو كتب: بطن.
كتب: كتب إلى: أرسل كتاباً (رسالة) إلى، ولا يقال: كتب إليه فقط بل كتب له أيضاً. (بدون ص24).
ما كُتِب على الجبين: ما قُدّر على المرء، ما قُسِم له. (بوشر).
كتب إليه بذلك: أرسل إليه كتاباً (رسالة) يأمره بعمل كذا وكذا (معجم أبي الفدا).
كتب له بولاية: منحه وثيقة بتوليته ولاية، أمر بتوليته ولاية. (مملوك1، 158:1).
كتب له على قومه: وقَّع أمراً بأن يكون رئيس قبيلته وشيخها. (مملوك 1، 158:1).
كتب: تُستعمل خاصة بمعنى كتب الرسائل بأمر من سيده ورئيسه، ومنه: كتب عن فلان أي كان كاتباً له وأمين سره. (عباد 7:1 رقم 23). كتب له شيئاً: سجَّل شيئاً باسمه عند كاتب عدل أي موثّق العقود. ففي رياض النفوس (ص75 و): إن أعطاك والدُك داره الخ. وكَتَب الدارَ لولده. أوصى له بأن يرث داره بعقد. وفي ألف ليلة (216:1): ثم إنها كتبت لي جميع ما تملك من ثياب بدنها وصيغتها وأسبابها بحُجّة.
كتب له بالمال إلى فلان: أمر له بمال وإعطاء به حوالة أو صكاً ليقبضه من فلان. ففي الأغاني وقد نقلت في مملوك (158:154): وصله بثلاث مائة ألف درهم وسأله عمَّن يختار أن يكتب له بها إليه. وفي لطائف الثعالبي (ص12): أمر له بمائة ألف درهم كتب بها إلى زياد بالعراق. وفي الفخري (289): كتب له وأحاله بذلك على بعض النُّوَّاب.
كتب عن: يكتب بعد التوقيع على العقود: حلف وكتب عنه (وكُتِبَ؟) بعد الاسم، وهي بمعنى: أحلف (أقسم) وأؤيد. (مونوز فوروز ص367 - 9).
كتب الكتاب: عقد النكاحَ. (بوشر، لين عادات 239:1، ألف ليلة برسل 6:2) وعند روجر (ص257): عقد النكاح ويسمّونه إكتُوب. ويقال في الكلام عن أب: كتب كتاب بنته على فلان. (ألف ليلة 872:1). ويقال في الكلام عن الرجل الذي يتزوج: كتب مع بنت فلان (هوجفلايت ص50). ويقال في الكلام عن مسجل العقود والشهود: كتبوا كتابه على فلانة، وكتبوا كتابها على فلان. (ألف ليلة 216:1).
كَتَّب (بالتشديد): يقال في الكلام عن فتاة وهي منقَّشة مكتَّبة (ألف ليلة 201:1) أي مصبوغة بالحنّاء فيما يقول لين. وفي ألف ليلة (523:3): وطلبت منهن نقشاً ملحياً من أجل تزويق بنت بكر وتنقيشها وتكتيبها. وفيها (524:3): ثم أعرته وركبت النقش على يديه من ظفره إلى كتفه ومن مشط رجليه إلى فخذيه وكتبت سائر جسده فصار كأنه ورد أحمر على صفائح المرمر. ولعل ترجمة (لين) لا تؤدي معنى الكلمة تماماً ذلك لأنه يقال: سقف مكتَّب بمعنى مزيّن ومزخرف بكتابات ورسوم مختلفة الألوان. (أنظر المعجم الجغرافي).
كَتَّب: جنَّد، جيَّش، ففي معجم بوشر تكتيب العسكر أي تجنيدهم. ومكتّب العسكر: مجنّد العسكر.
كاتب: راسل. تبادل الرسائل (فالتون ص40، ص81 رقم 1).
كاتب على: كتب يطالب، ففي النويري (الأندلس ص485). وحين علم هذا الأمير النصراني أن أميراً قد أخذ من المسلمين عدّة حصون كاتب على حصون أخرى وتوعَّد وتهدَّد فأجيب إلى ما سأل. كاتب: تعاقد، أبرم عقداً. (فوك).
كاتب على نفسه: (ابن خلكان 115:10): كاتب العبد على نفسه. (أنظر المعاجم). أكتب. ما أكْتَبَه!: ما أحسن خطه وأجمله! (المقدمة م: 415).
اكتتب: انتسخ الكتاب لنفسه. نسخ الكتاب، ونقله وكتبه حفاً بحرف. (فوك) وفي المقري (40:3) قرأ القرآن على المُكَتَّب أبي عبد الله تكتُّباً ثم حفظاً.
تكاتب. تكاتبا: تعاقداً، أبرما بينهما عقداً. (فوك).
انكتب: مطاوع كَتَب، كُتِب. (فوك).
اكتتب: كتب جواباً لرسالة. ففي حيّان (ص30 ق): أمره يوماً خطاب إليه لبعض عُمَّاله.
اكتتب: قيَّد اسمه، سجَّل اسمه. (البيان 171:1).
كِتّبة. الديوان والكتبة: سجل الجند الذين يستلمون رواتبهم من بيت المال، ديوان الجند. (مباحث 1 ملحق 10).
كُتُبِيَّة: مكتبة. (بوشر).
كِتاب، وجمعه كُتُوب (ياقوت 422:3): تصحيف كُتُب، وهي مثل لُحُوف تصحيف لُحُف جمع لِحاف في رحلة ابن بطوطة (380:3) وانظر معجم الطرائف (ص68) مادة الفصل. الكتاب: كتاب سيبويه في عرف النحويين (محيط المحيط).
الكتاب: كتاب في السحر (ألف ليلة 854:1، 866).
كتاب الإنشاء: سجل تسجَّل فيه المراسيم والقرارات العامة. وتدون فيه أسماء الأشخاص حسب مكانتهم ورواتبهم. (بوشر).
كتاب: عقد. يقال: كتاب نكاح أي عقد الزواج. (بوشر). (وكذلك كتاب فقط (أنظر: كَتَب، ألف ليلة 140:1).
كِتاب: عقدة يخصص فيه الزوج منزلاً لزوجته حين يتزوجها تنتفع به إن بقيت حيَّة بعده. ففي ألف ليلة (برسل 40:1): وحين حضر التاجر الموت قسَّمَ أمواله بين أولاده وأوفى لزوجته حقَّها وكتابَها. وفي وفيات الأعيان لابن خلكان (87:9) في كلامه عن زواج: وكان الصداق ثلاثة آلاف دينار والكتاب ثوباً مصمتاً.
كِتاب: تسجيل، تدوين في سجل، قيْد (معجم الادريسي).
كِتاب: فرع علم. (المقدمة62:1).
كِتاب: أحذف من معجم فريتاج معنى مدرسة، فالكلمة ليست كِتاب بل كُتَّاب. وهي تدل على هذا المعنى. وخطأه هذا عجيب لأن (هامركر) الذي نقل منه قد ضبط هذه الكلمة بالشكل.
كِتابَة (مصدر كتب): تحرير الرسائل وإنشائها بأمر من الأمير ويحررها أمين السرّ (السكرتير) والبراعة في هذا الفن. (عباد 7:1) رقم 23، (المعجم الجغرافي).
كِتابة: وظيفة الكاتب، منصب الكاتب وهو (السكرتير)؟ أمين السرّ. (نفس المصدر السابق).
كِتابة: مكتب أمانة السرّ للأمير. (نفس المصدر السابق).
كِتابة: أذى السحر، رقية مؤذية. خطوط يفترض أن لها تأثيراً خارقاً. (بوشر).
كِتابة: عقد يتعهد فيه العبد دفع مبلغ من المال لمولاه يشتري به حريته، غير إنه يتعهد بخدمة مولاه حتى يسدّد المبلغ كله. (دي ساسي طرائف 460:1) وانظر: (معجم التنبيه).
كَتِيبة: مكتوب، كتاب، مكتبة. (هلو).
كِتابِيّ: من أهل الكتاب، يهودي أو النصراني. (معجم التنبيه).
كِتابيّ: عبد كتب على مولاه كتابة العتق. (أنظر: كتابة) وهي كتابيَّة. (المقري 521:2).
كِتابيَّة= كِتابة بمعناها الأخير. (كتاب العقود ص2) وفيه وثيقة الكتابية.
كَتَّاب: كاتب، معلّم. (همبرت البلاذري).
كُتَّاب: مدرسة. (معجم البلاذري).
كُتَّاب: نوع من الشجر. (بركهارت سوريا ص344) ولم يزد على هذا.
كاتِب: كاتب عدل، موثَّق العقود مسَّجل العقود. (ترجمة العقد ليلو ص10).
كاتب الجيش: الذي كان يكتب الجيش في أيام الموَّدين. (عبد الواحد ص176، 191، 229).
كُتَّاب العمل أو للعمل. (أنظر في مادة عَمَل).
كاتب: كاهن، عرَّاف، زاجر الطير، ضارب الرمل. (شيرب، أماري ص595، 596، ألف ليلة 866:1).
الكاتب: كوكب عطارد، وهو من السيّارات التسعة وأقربها للشمس. (المعجم اللاتيني- العربي).
أكْتَب: أحسن كتابة، أجمل خطّاً. (دي سلان). وفي ترجمة ابن خلكان (331:2): (وكتب الخَطَّ المنسوب إلى أن قيل إنه أكتب من ابن البوَّاب).
مَكْتَب: مكان مزاولة عمل معين، محل التاجر، غرفة الدارسة والمطالعة، حجرة عمل. (بوشر، همبرت ص100 - 192، هلو).
مَكْتَب: قسم من جُنْد ففي كتاب محمد بن الحارث (ص232). خرج في هَكْتَته من جند مصر. والصواب في مكتبه. أنظر (ص230) ففيها: من العرب الشاميين ومكتبه في جند حمص. وكذلك في (ص249).
مَكْتَب: قطعة أثاث يُجلس إليها للكتابة، منضدة للكتاب، طاولة الكتابة. (بوشر).
مَكْتَبة: غرفة الدراسية والمطالعة والبحث حجرة عمل (همبرت ص192).
مَكْتَبَة: دار الكتب العامة. (بوشر، هلو).
مَكْتَبة: دار كتب محلية. (همبرت ص88).
مَكْتَبي: مدرسي. نسبة إلى المدارس الفلسفية الشهيرة في العصر الوسيط حيث سادت فلسفة أرسطو في التدريس، فيلسوف مدرسي. طالب لاهوت. (بوشر).
مَكْتُوب، والجمع مُكاتَب: جَيْب. (دومب ص82)، بوشر (بربرية) (هلو، رولاند).
المكتوبة: الطقوس والصلوات التي يقضي بها القانون (ابن بطوطة 149:2 وانظر معجم التنبيه).
مُكاتَب: العبد الذي كاتبه سيده. والمكاتب الذي كاتَب عبده. وفي محيط المحيط: والمكاتِب الذي كاتَب عبده ويصحُّ أن يكون كل واحد منهما مكاتِباً ومكاتَباً لأن كل واحد منهما فاعل ومفعول في المعنى. (أنظر معجم التنبيه).

كتب: الكِتابُ: معروف، والجمع كُتُبٌ وكُتْبٌ. كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كَتْباً وكِتاباً وكِتابةً، وكَتَّبَه: خَطَّه؛ قال أَبو النجم:

أَقْبَلْتُ من عِنْدِ زيادٍ كالخَرِفْ،

تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطٍّ مُخْتَلِفْ،

تُكَتِّبانِ في الطَّريقِ لامَ أَلِفْ

قال: ورأَيت في بعض النسخِ تِكِتِّبانِ، بكسر التاء، وهي لغة بَهْرَاءَ، يَكْسِرون التاء، فيقولون: تِعْلَمُونَ، ثم أَتْبَعَ الكافَ كسرةَ

التاء.والكِتابُ أَيضاً: الاسمُ، عن اللحياني. الأَزهري: الكِتابُ اسم لما كُتب مَجْمُوعاً؛ والكِتابُ مصدر؛ والكِتابةُ لِـمَنْ تكونُ له صِناعةً، مثل الصِّياغةِ والخِـياطةِ.

والكِتْبةُ: اكْتِتابُك كِتاباً تنسخه.

ويقال: اكْتَتَبَ فلانٌ فلاناً أَي سأَله أَن يَكْتُبَ له كِتاباً في حاجة. واسْتَكْتَبه الشيءَ أَي سأَله أَن يَكْتُبَه له. ابن سيده: اكْتَتَبَه ككَتَبَه. وقيل: كَتَبَه خَطَّه؛ واكْتَتَبَه: اسْتَمْلاه، وكذلك اسْتَكْتَبَه. واكْتَتَبه: كَتَبه، واكْتَتَبْته: كَتَبْتُه. وفي التنزيل العزيز: اكْتَتَبَها فهي تُمْلى عليه بُكْرةً وأَصِـيلاً؛ أَي اسْتَكْتَبَها. ويقال: اكْتَتَبَ الرجلُ إِذا كَتَبَ نفسَه في دِيوانِ السُّلْطان. وفي الحديث: قال له رجلٌ إِنَّ امرأَتي خَرَجَتْ حاجَّةً، وإِني اكْتُتِبْت في غزوة كذا وكذا؛ أَي كَتَبْتُ اسْمِي في جملة الغُزاة. وتقول: أَكْتِبْنِي هذه القصيدةَ أَي أَمْلِها عليَّ. والكِتابُ: ما كُتِبَ فيه. وفي الحديث: مَن نَظَرَ في كِتابِ أَخيه بغير إِذنه، فكأَنما يَنْظُرُ في النار؛ قال ابن الأَثير: هذا تمثيل، أَي كما يَحْذر النارَ، فَلْـيَحْذَرْ هذا الصنيعَ، قال: وقيل معناه كأَنما يَنْظُر إِلى ما يوجِبُ عليه النار؛ قال: ويحتمل أَنه أَرادَ عُقوبةَ البَصرِ لأَن الجناية منه، كما يُعاقَبُ السمعُ إِذا اسْتَمع إِلى قوم، وهم له كارهُونَ؛ قال: وهذا الحديث محمولٌ على الكِتابِ الذي فيه سِرٌّ وأَمانة، يَكْرَه صاحبُه أَن يُطَّلَع عليه؛ وقيل: هو عامٌّ في كل كتاب. وفي الحديث: لا تَكْتُبوا عني غير القرآن. قال ابن الأَثير: وَجْهُ الجَمْعِ بين هذا الحديث، وبين اذنه في كتابة الحديث

عنه، فإِنه قد ثبت إِذنه فيها، أَن الإِذْنَ، في الكتابة، ناسخ للمنع منها بالحديث الثابت، وبـإِجماع الأُمة على جوازها؛ وقيل: إِنما نَهى أَن يُكْتَبَ الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة، والأَوَّل الوجه. وحكى الأَصمعي عن أَبي عمرو بن العَلاء: أَنه سمع بعضَ العَرَب يقول، وذَكَر إِنساناً فقال: فلانٌ لَغُوبٌ، جاءَتْهُ كتَابي فاحْتَقَرَها، فقلتُ له: أَتَقُولُ جاءَته كِتابي؟ فقال: نَعَمْ؛ أَليس بصحيفة! فقلتُ له: ما اللَّغُوبُ؟ فقال: الأَحْمَقُ؛ والجمع كُتُبٌ. قال سيبويه: هو مما اسْتَغْنَوْا فيه ببناءِ أَكثرِ العَدَدِ عن بناء أَدْناه، فقالوا: ثلاثةُ كُتُبٍ.

والـمُكاتَبَة والتَّكاتُبُ، بمعنى. والكِتابُ، مُطْلَقٌ: الــتوراةُ؛ وبه فسر الزجاج قولَه تعالى: نَبَذَ فَريقٌ من الذين أُوتُوا الكِتابَ. وقوله: كتابَ اللّه؛ جائز أَن يكون القرآنَ، وأَن يكون الــتوراةَ، لأَنَّ الذين كفروا بالنبي، صلى اللّه عليه وسلم، قد نَبَذُوا الــتوراةَ. وقولُه تعالى: والطُّورِ وكتابٍ مَسْطور. قيل: الكِتابُ ما أُثْبِتَ على بني آدم من أَعْمالهم. والكِتابُ: الصحيفة والدَّواةُ، عن اللحياني. قال: وقد قرئ ولم تَجدوا كِتاباً وكُتَّاباً وكاتِـباً؛ فالكِتابُ ما يُكْتَبُ فيه؛ وقيل الصّحيفة والدَّواةُ، وأما الكاتِبُ والكُتَّاب فمعروفانِ. وكَتَّبَ الرجلَ وأَكْتَبَه إِكْتاباً: عَلَّمَه الكِتابَ. ورجل مُكْتِبٌ: له أَجْزاءٌ تُكْتَبُ من عنده. والـمُكْتِبُ: الـمُعَلِّمُ؛ وقال اللحياني: هو الـمُكَتِّبُ الذي يُعَلِّم الكتابَة. قال الحسن: كان الحجاج مُكْتِـباً بالطائف، يعني مُعَلِّماً؛ ومنه قيل: عُبَيْدٌ الـمُكْتِبُ، لأَنه كان مُعَلِّماً.

والـمَكْتَبُ: موضع الكُتَّابِ. والـمَكْتَبُ والكُتَّابُ: موضع تَعْلِـيم الكُتَّابِ، والجمع الكَتَاتِـيبُ والـمَكاتِبُ. الـمُبَرِّدُ: الـمَكْتَبُ موضع التعليم، والـمُكْتِبُ الـمُعَلِّم، والكُتَّابُ الصِّبيان؛ قال: ومن جعل الموضعَ الكُتَّابَ، فقد أَخْطأَ. ابن الأَعرابي: يقال لصبيان الـمَكْتَبِ الفُرْقانُ أَيضاً. ورجلٌ كاتِبٌ، والجمع كُتَّابٌ وكَتَبة، وحِرْفَتُه الكِتابَةُ. والكُتَّابُ: الكَتَبة. ابن الأَعرابي: الكاتِبُ عِنْدَهم العالم. قال اللّه تعالى: أَم عِنْدَهُم الغيبُ فَهُمْ يَكْتُبونَ؟ وفي كتابه إِلى أَهل اليمن: قد بَعَثْتُ إِليكم كاتِـباً من أَصحابي؛ أَراد عالماً، سُمِّي به لأَن الغالبَ على من كان يَعْرِفُ الكتابةَ، أَن عنده العلم والمعرفة، وكان الكاتِبُ عندهم عزيزاً، وفيهم قليلاً.

والكِتابُ: الفَرْضُ والـحُكْمُ والقَدَرُ؛ قال الجعدي:

يا ابْنَةَ عَمِّي ! كِتابُ اللّهِ أَخْرَجَني * عَنْكُمْ، وهل أَمْنَعَنَّ اللّهَ ما فَعَلا؟

والكِتْبة: الحالةُ. والكِتْبةُ: الاكْتِتابُ في الفَرْضِ والرِّزْقِ.

ويقال: اكْتَتَبَ فلانٌ أَي كَتَبَ اسمَه في الفَرْض. وفي حديث ابن عمر: من اكْتَتَبَ ضَمِناً، بعَثَه اللّه ضَمِناً يوم القيامة، أَي من كَتَبَ اسْمَه في دِيوانِ الزَّمْنَى ولم يكن زَمِناً، يعني الرجل من أَهلِ الفَيْءِ فُرِضَ له في الدِّيوانِ فَرْضٌ، فلما نُدِبَ للخُروجِ مع

المجاهدين، سأَل أَن يُكْتَبَ في الضَّمْنَى، وهم الزَّمْنَى، وهو صحيح.

والكِتابُ يُوضَع موضع الفَرْض. قال اللّه تعالى: كُتِبَ عليكم القِصاصُ في القَتْلى. وقال عز وجل: كُتِبَ عليكم الصيامُ؛ معناه: فُرِضَ.

وقال: وكَتَبْنا عليهم فيها أَي فَرَضْنا. ومن هذا قولُ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لرجلين احتَكما إِليه: لأَقْضِـيَنَّ بينكما بكِتابِ اللّه أَي بحُكْم اللّهِ الذي أُنْزِلَ في كِتابه، أَو كَتَبَه على عِـبادِه، ولم يُرِدِ القُرْآنَ، لأَنَّ النَّفْيَ والرَّجْمَ لا ذِكْر لَـهُما فيه؛ وقيل: معناه أَي بفَرْضِ اللّه تَنْزيلاً أَو أَمْراً، بَيَّنه على لسانِ رسوله، صلى اللّه عليه وسلم. وقولُه تعالى: كِتابَ اللّهِ عليكم؛ مصْدَرٌ أُريدَ به الفِعل أَي كَتَبَ اللّهُ عليكم؛ قال: وهو قَوْلُ حُذَّاقِ النحويين (1)

(1 قوله «وهو قول حذاق النحويين» هذه عبارة الأزهري في تهذيبه ونقلها الصاغاني في تكملته، ثم قال: وقال الكوفيون هو منصوب على الاغراء بعليكم وهو بعيد، لأن ما انتصب بالاغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل وهو عليكم وقد تقدم

في هذا الموضع. ولو كان النص عليكم كتاب اللّه لكان نصبه على الاغراء أحسن من المصدر.) . وفي حديث أَنَسِ بن النَّضْر، قال له: كِتابُ اللّه القصاصُ أَي فَرْضُ اللّه على لسانِ نبيه، صلى اللّه عليه وسلم؛ وقيل: هو إِشارة إِلى قول اللّه، عز وجل: والسِّنُّ بالسِّنِّ، وقوله تعالى: وإِنْ عاقَبْتُمْ فعاقِـبوا بمثل ما عُوقِـبْتُمْ به. وفي حديث بَريرَةَ: من اشْتَرَطَ شَرْطاً ليس في كتاب اللّه أَي ليس في حكمه، ولا على مُوجِبِ قَضاءِ كتابِه، لأَنَّ كتابَ اللّه أَمَرَ بطاعة الرسول، وأَعْلَم أَنَّ سُنَّته بيانٌ له، وقد جعل الرسولُ الوَلاءَ لمن أَعْتَقَ، لا أَنَّ الوَلاءَ مَذْكور في القرآن نصّاً.

والكِتْبَةُ: اكْتِتابُكَ كِتاباً تَنْسَخُه.

واسْتَكْتَبه: أَمَرَه أَن يَكْتُبَ له، أَو اتَّخَذه كاتِـباً. والـمُكاتَبُ: العَبْدُ يُكاتَبُ على نَفْسه بثمنه، فإِذا سَعَى وأَدَّاهُ عَتَقَ.

وفي حديث بَريرَة: أَنها جاءَتْ تَسْتَعِـينُ بعائشة، رضي اللّه عنها، في كتابتها. قال ابن الأَثير: الكِتابةُ أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه على مالٍ يُؤَدِّيه إِليه مُنَجَّماً، فإِذا أَدَّاه صار حُرّاً. قال: وسميت

كتابةً، بمصدر كَتَبَ، لأَنه يَكْتُبُ على نفسه لمولاه ثَمَنه، ويَكْتُبُ

مولاه له عليه العِتْقَ. وقد كاتَبه مُكاتَبةً، والعبدُ مُكاتَبٌ. قال:

وإِنما خُصَّ العبدُ بالمفعول، لأَن أَصلَ الـمُكاتَبة من الـمَوْلى، وهو الذي يُكاتِبُ عبده. ابن سيده: كاتَبْتُ العبدَ: أَعْطاني ثَمَنَه على أَن أُعْتِقَه. وفي التنزيل العزيز: والذينَ يَبْتَغُون الكِتاب مما

مَلَكَتْ أَيمانُكم فكاتِـبُوهم إِنْ عَلِمْتم فيهم خَيْراً. معنى الكِتابِ

والـمُكاتَبةِ: أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه أَو أَمَتَه على مالٍ يُنَجِّمُه

عليه، ويَكْتُبَ عليه أَنه إِذا أَدَّى نُجُومَه، في كلِّ نَجْمٍ كذا

وكذا، فهو حُرٌّ، فإِذا أَدَّى جميع ما كاتَبه عليه، فقد عَتَقَ، وولاؤُه

لمولاه الذي كاتَبهُ. وذلك أَن مولاه سَوَّغَه كَسْبَه الذي هو في الأَصْل لمولاه، فالسيد مُكاتِب، والعَبدُ مُكاتَبٌ إِذا عَقَدَ عليه ما فارَقَه عليه من أَداءِ المال؛ سُمِّيت مُكاتَبة لِـما يُكْتَبُ للعبد على السيد من العِتْق إِذا أَدَّى ما فُورِقَ عليه، ولِـما يُكتَبُ للسيد على العبد من النُّجُوم التي يُؤَدِّيها في مَحِلِّها، وأَنَّ له تَعْجِـيزَه إِذا

عَجَزَ عن أَداءِ نَجْمٍ يَحِلُّ عليه. الليث: الكُتْبةُ الخُرزَةُ المضْمومة بالسَّيْرِ، وجمعها كُتَبٌ. ابن سيده: الكُتْبَةُ، بالضم، الخُرْزَة

التي ضَمَّ السيرُ كِلا وَجْهَيْها. وقال اللحياني: الكُتْبة السَّيْر

الذي تُخْرَزُ به الـمَزادة والقِرْبةُ، والجمع كُتَبٌ، بفتح التاءِ؛ قال

ذو الرمة:

وَفْراءَ غَرْفِـيَّةٍ أَثْـأَى خَوارِزَها * مُشَلْشَلٌ، ضَيَّعَتْه بينها الكُتَبُ

الوَفْراءُ: الوافرةُ. والغَرْفيةُ: الـمَدْبُوغة بالغَرْف، وهو شجرٌ

يُدبغ به. وأَثْـأَى: أَفْسَدَ. والخَوارِزُ: جمع خارِزَة. وكَتَبَ السِّقاءَ والـمَزادة والقِرْبة، يَكْتُبه كَتْباً: خَرَزَه بِسَيرين، فهي كَتِـيبٌ. وقيل: هو أَن يَشُدَّ فمَه حتى لا يَقْطُرَ منه شيء.وأَكْتَبْتُ القِرْبة: شَدَدْتُها بالوِكاءِ، وكذلك كَتَبْتُها كَتْباً، فهي مُكْتَبٌ وكَتِـيبٌ. ابن الأَعرابي: سمعت أَعرابياً يقول: أَكْتَبْتُ فمَ السِّقاءِ فلم يَسْتَكْتِبْ أَي لم يَسْتَوْكِ لجَفائه وغِلَظِه.

وفي حديث المغيرة: وقد تَكَتَّبَ يُزَفُّ في قومه أَي تَحَزَّمَ وجَمَعَ

عليه ثيابَه، من كَتَبْتُ السقاءَ إِذا خَرَزْتَه. وقال اللحياني: اكْتُبْ

قِرْبَتَك اخْرُزْها، وأَكْتِـبْها: أَوكِها، يعني: شُدَّ رأْسَها.

والكَتْبُ: الجمع، تقول منه: كَتَبْتُ البَغْلة إِذا جمَعْتَ بين شُفْرَيْها

بحَلْقَةٍ أَو سَيْرٍ.

والكُتْبَةُ: ما شُدَّ به حياءُ البغلة، أَو الناقة، لئلا يُنْزَى عليها. والجمع كالجمع. وكَتَبَ الدابةَ والبغلة والناقةَ يَكْتُبها، ويَكْتِـبُها كَتْباً، وكَتَبَ عليها: خَزَمَ حَياءَها بحَلْقةِ حديدٍ أَو صُفْرٍ تَضُمُّ شُفْرَيْ حيائِها، لئلا يُنْزَى عليها؛ قال:

لا تَـأْمَنَنَّ فَزارِيّاً، خَلَوْتَ به، * على بَعِـيرِك واكْتُبْها بأَسْيارِ

وذلك لأَنَّ بني فزارة كانوا يُرْمَوْنَ بغِشْيانِ الإِبل. والبعيرُ

هنا: الناقةُ. ويُرْوَى: على قَلُوصِك. وأَسْيار: جمع سَيْر، وهو

الشَّرَكَةُ.

أَبو زيد: كَتَّبْتُ الناقةَ تَكْتيباً إِذا صَرَرْتَها. والناقةُ إِذا ظَئِرَتْ على غير ولدها، كُتِبَ مَنْخُراها بخَيْطٍ، قبلَ حَلِّ الدُّرْجَة عنها، ليكونَ أَرْأَم لها. ابن سيده: وكَتَبَ الناقة يَكْتُبُها كَتْباً: ظَـأَرها، فَخَزَمَ مَنْخَرَيْها بشيءٍ، لئلا تَشُمَّ البَوَّ، فلا تَرْأَمَه. وكَتَّبَها تَكْتيباً، وكَتَّبَ عليها: صَرَّرها. والكَتِـيبةُ: ما جُمِعَ فلم يَنْتَشِرْ؛ وقيل: هي الجماعة الـمُسْتَحِـيزَةُ من الخَيْل أَي في حَيِّزٍ على حِدَةٍ. وقيل: الكَتيبةُ جماعة الخَيْل إِذا أَغارت، من المائة إِلى الأَلف. والكَتيبة: الجيش. وفي حديث السَّقيفة: نحن أَنصارُ اللّه وكَتيبة الإِسلام. الكَتيبةُ: القِطْعة العظيمةُ من الجَيْش، والجمع الكَتائِبُ. وكَتَّبَ الكَتائِبَ: هَيَّـأَها كَتِـيبةً كتيبةً؛ قال طُفَيْل:

فأَلْوَتْ بغاياهم بنا، وتَباشَرَتْ * إِلى عُرْضِ جَيْشٍ، غيرَ أَنْ لم يُكَتَّبِ

وتَكَتَّبَتِ الخيلُ أَي تَجَمَّعَتْ. قال شَمِرٌ: كل ما ذُكِرَ في الكَتْبِ قريبٌ بعضُه من بعضٍ، وإِنما هو جَمْعُكَ بين الشيئين. يقال:

اكْتُبْ بَغْلَتَك، وهو أَنْ تَضُمَّ بين شُفْرَيْها بحَلْقةٍ، ومن ذلك سميت

الكَتِـيبَةُ لأَنها تَكَتَّبَتْ فاجْتَمَعَتْ؛ ومنه قيل: كَتَبْتُ الكِتابَ لأَنه يَجْمَع حَرْفاً إِلى حرف؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:

لا يُكْتَبُون ولا يُكَتُّ عَدِيدُهم، * جَفَلَتْ بساحتِهم كَتائِبُ أَوعَبُوا

قيل: معناه لا يَكْتُبُهم كاتبٌ من كثرتهم، وقد قيل: معناه لا

يُهَيَّؤُونَ.

وتَكَتَّبُوا: تَجَمَّعُوا. والكُتَّابُ: سَهْمٌ صغير، مُدَوَّرُ الرأْس، يَتَعَلَّم به الصبيُّ الرَّمْيَ، وبالثاءِ أَيضاً؛ والتاء في هذا الحرف أَعلى من الثاءِ.

وفي حديث الزهري: الكُتَيْبةُ أَكْثَرُها عَنْوةٌ،

وفيها صُلْحٌ. الكُتَيْبةُ، مُصَغَّرةً: اسم لبعض قُرى خَيْبَر؛ يعني أَنه فتَحَها قَهْراً، لا عن صلح. وبَنُو كَتْبٍ: بَطْنٌ، واللّه أَعلم.

[كتب] نه: فيه: لأقضين بينكما "بكتاب" الله، أي بحكم الله الذي أنزله في كتابه أو كتبه على عباده، ولم يرد القرآن لأن النفي والرجم لم يذكرا فيه، والكتاب إما مصدر سمي به المكتوب. ن: بكتاب الله، أي بقوله: الشيخ والشيخة إذا زنيا، أو بقوله "أو يجعل الله لهن سبيلًا" حيث فسره بالرجم. نه: ومنه ح: "كتاب" الله القصاص، أي فرض الله على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، وقيل: هو إشارة إلى "والسن بالسن" "وإن عاقبتم فعاقبوا". وح: من اشترط شرطًا ليس في "كتاب" الله، أي حكمه ولا على موجب قضاء كتابه، لأن كتابه أمر بطاعة رسوله وأعلم أن سنته بيان له، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الولاء لمن أعتق لا أن الولاء مذكور في القرآن. وفيه: من نظر في "كتاب" أخيه بغير إذنه فكأنما ينظر في النار، هو تمثيل أي كما يحذر النار فليحذر هذا الصنع، وقيل: كأنما ينظر إلى ما يوجب عليه النار، أو أراد عقوبة البصر كما يعاقب السمع إذا استمع إلى حديث من كرهه، وهذا في كتابعليها بالحد. ز: لتمام شبه الولد بمن رجم به. غ: "ينالهم نصيبهم من "الكتاب"" أي ما كتب لهم من العذاب. و"لقد لبثتم في "كتاب" الله إلى يوم البعث" أي أنزل في كتابه أنكم لابثون إلى أن تقوم الساعة. و"كتاب" معلوم" أجل. و"لولا "كتاب" من الله سبق" أي حكم. و""كتب" الله لأغلبن" أي حكم وقضى. و""كتب" على نفسه الرحمة" أوجب. و"فهم "يكتبون"" يحكمون يقولون: نفعل بك كذا ويكون العاقبة لنا. و"اكتتبها"، كتب من ذات نفسه، أو طلب كتابتها له. ش: في معاوية: وصهره و"كاتبه"، فإنه أخ لأم حبيبة زوجه صلى الله عليه وسلم، وكونه كاتبًا قيل: لم يكتب له من الوحي شيئًا وإنما كتب له كتبه إلى الأطراف، ويرده قوله: وأمينه على وحي الله- إن صح. ط: "يكتب" الله رضوانه إلى يوم القيامة، أي يوفقه لما يرضى، ونتيجتها من الصون من فتن الدنيا وعذاب القبر وأهوال القيامة، وعكسه كتب السخطة. وح: "مكتوب" صفة محمد وعيسى يدفن معه، أي مكتوب فيها صفة محمد صلى الله عليه وسلم كيت وكيت، وعيسى بن مريم يدفن معه. وح: ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله- يشمل المساجد والمدارس والمرابط، يتلون "كتاب" الله- يشمل تعليمه وتعلمه وتفسيره واستكشاف دقائقه. كنز: "اكتبا" في صحيفتنا أني أشهد، هو خطاب لصاحب اليمين بصيغة التثنية للتكرير.
كتب
: (كَتَبَهُ) ، يَكْتُبُ، (كَتْباً) بالفَتْح المَصْدَرُ المَقِيسُ، (وكِتاباً) بِالْكَسْرِ على خِلاف القِياس. وَقيل: هُوَ اسْمٌ كاللِّباس، عَن اللِّحْيَانيّ. وقِيل: أَصلُه المصدرُ، ثمّ استُعمِلَ فِيمَا سيأْتي من مَعَانِيه. قَالَه شيخُنا. وَكَذَا: كِتابَةً، وكِتْبَةً، بِالْكَسْرِ فيهمَا: (خَطَّهُ) ، قَالَ أَبو النَّجْمِ:
أَقْبَلْتُ مِنْ عِنْدِ زِيَاد كالخَرِفْ
تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطَ مُخْتلِفْ
تُكَتِّبانِ فِي الطَّرِيقِ لاَمَ الِفْ
وَفِي لِسَان الْعَرَب، قَالَ: ورأَيتُ فِي بعض النُّسَخ: (تِكِتِّبانِ) بِكَسْر التّاءِ، وَهِي لُغَةُ بَهْراءَ، يَكْسِرُونَ التَّاءَ، فيقولونَ: تِعْلَمُونَ. ثمّ أَتْبَع الكافَ كسرةَ التّاءِ، (كَكَتَّبَهُ) مُضَعَّفاً، (و) عَن ابْن سِيدَهْ: (اكْتَتَبَه) كَكَتَبَه، (أَوْ كَتَّبَهُ) : إِذا (خَطَّهُ) .
(واكْتَتَبَهُ) : إِذا (اسْتَمْلاهُ، كاسْتَكْتَبَهُ) .
واكْتَتَبَ فلانٌ كِتَاباً: أَي سأَلَ أَنْ يُكْتَبَ لَهُ. واسْتَكْتَبَهُ الشَّيْءَ: أَي سَأَلَهُ أَن يَكْتُبَه لَهُ. وَفِي التَّنْزِيلِ العَزِيزِ: {اكْتَتَبَهَا فَهِىَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً} (الْفرْقَان: 5) ، أَي: استَكْتَبَها.
(والكِتَابُ: مَا يُكْتَبُ فِيهِ) ، وَفِي الحديثِ: (مَنْ نَظَرَ إِلى كِتَابِ أَخِيهِ بغَيْرِ إِذْنِه، فكَأَنَّما يَنْظُرُ فِي النَّارِ) . وَهُوَ محمولٌ على الكِتَابِ الَّذِي فِيهِ سِرٌّ وأَمانةٌ يَكرَهُ صاحِبُهُ أَنْ يُطَّلَعَ عَلَيْهِ. وقِيلَ: هُوَ عامٌّ فِي كلِّ كِتاب. ويُؤَنَّثُ على نِيّةِ الصَّحيفةِ. وَحكى الأَصْمَعِيُّ عَن أَبِي عَمْرِو بْن العَلاءِ: أَنّهُ سَمِعَ بعضَ العَربِ يقولُ، وذَكَرَ إِنْسَاناً، فَقَالَ: فُلانٌ لَغُوبٌ، جاءَتْه كِتابي فاحْتَقَرَها. اللَّغُوبُ: الأَحْمَقُ.
(و) الكِتَابُ: (الدَّوَاةُ) يُكْتَبُ مِنْهَا.
(و) الكِتَابُ: (الــتَّوْرَاةُ) ، قَالَ الزَّجَّاجُ فِي قَوْله تعالَى: {نَبَذَ فَرِيقٌ مّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} ، وقولُهُ: {كِتَابَ اللَّهِ} (الْبَقَرَة: 101) : جائزٌ أَنْ يكونَ الــتَّوْراةَ، وأَن يكونَ القُرآنَ.
(و) الكِتَابُ: (الصَّحِيفَةُ) يُكْتَبُ فِيهَا.
(و) الكِتابُ يُوضَعُ مَوْضِعَ (الفَرْضِ) ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (الْبَقَرَة: 178) ، وَقَالَ، عَزّ وجَلَّ: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيَامُ} (الْبَقَرَة: 183) ، مَعْنَاهُ: فُرِضَ. قَالَ: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَآ} (الْمَائِدَة: 45) ، أَي: فَرَضْنا.
(و) مِنْ هاذا: الكِتَابُ يأْتي بِمَعْنى (الحُكْمِ) ، وَفِي الحديثِ: (لأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بكِتَابِ اللَّهِ) أَي: بحُكْمِ اللَّهِ الّذي أَنزلَ فِي كِتابه، وكَتَبَه على عِباده، وَلم يُرِدِ القُرْآنَ؛ لاِءَنَّ النَّفْيَ والرَّجْمَ لَا ذِكْرَ لَهما فِيهِ؛ قَالَ الجَعْدِيُّ:
يَا بِنَت عَمِّي، كِتَابُ اللَّهِ أَخْرَجَنِي
عَنْكُمْ، وهَلْ أَمْنَعَنَّ اللَّهَ مَا فَعَلا وَفِي حَدِيثِ بَرِيرَةَ: (من اشْتَرَطَ شَرْطاً لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ) ، أَي: لَيْسَ فِي حُكْمِهِ.
(و) فِي الأَساس: ومِن الْمجَاز: كُتبَ عَلَيْهِ كَذَا: قُضِيَ.
وكِتَابُ اللَّهِ: قَدَرُهُ، قَالَ: وسَأَلَنِي بعضُ المَغَاربةِ، ونحنُ بالطَّوافِ، عَن (القَدَر) ، فَقلت: هُوَ فِي السَّمَاءِ مكتوبٌ، وَفِي الأَرْضِ مكسوبٌ.
(و) من المَجَاز أَيضاً، عَن اللِّحْيَانيّ (الكُتْبَةُ، بالضَّمِّ: السَّيْرُ) الّذِي (يُخْرَزُ بِه) المَزَادَةُ والقِرْبَة، وجَمْعُهَا كُتَبٌ. قَالَ ذُو الرُّمَّةِ:
وَفْراءَ غَرْفِيَّةٍ، أَثْأَى خَوَارِزَها
مُشَلْشَلٌ، ضَيَّعَتْهُ بَيْنَها الكُتَبُ
الوفْرَاءُ: الوافِرَةُ. والغَرْفِيَّةُ: المَدْبُوغة بالغَرْفِ، شَجرةٍ. وأَثأَى: أَفسدَ. الخَوَارِزُ: جَمْعُ خارَزَةٍ.
(و) الكَتْب: الجَمْعُ تقولُ مِنْهُ: كَتَبْتُ البَغْلَةَ. إِذا جَمَعْتَ بيْن شُفْرَيْها بحَلْقَةٍ، أَو سَيْرٍ. وَفِي الأَساس: وكَذَا: كَتَبْتُ عَلَيْهَا، وبَغْلَةٌ مكتوبةٌ، ومكتوبٌ عَلَيْهَا.
والكُتْبةُ: (مَا يُكْتَبُ بِهِ) أَي: يُشَدّ (حَياءُ) البَغلةِ، أَو (النَّاقَةِ، لِئَلَّا، يُنْزَى علها) والجَمْعُ كالجَمْعِ. (و) عَن اللَّيْثِ: الكُتْبَةُ: (الخُرْزَةُ) المضمومةُ بالسَّيْرِ. وَقَالَ ابْنُ سِيدَهْ: هِيَ (الَّتِي ضَمَّ السَّيْرُ) كِلاَ (وَجْهَيْها) .
(و) الكِتْبَةُ (بالكسرِ: اكْتِتَابُكَ كِتَاباً تَنْسَخُهُ) .
والكِتْبَةُ أَيضاً: الحالَةُ.
والكِتْبَةُ أَيضاً: الاكْتِتابُ فِي الفَرْضِ والرِّزْقِ.
(وكَتَبَ السِّقَاءَ) والمَزَادَةَ والقِرْبَةَ، يَكْتُبُه، كَتْباً: (خَرَزَهُ بسَيْرَيْنِ) ، فَهُوَ كَتِيبٌ. وقيلَ: هُوَ أَن يَشُدَّ فَمَهُ حتَّى لَا يَقْطُرَ مِنْهُ شَيْءٌ، (كَاكْتَتبَهُ) : إِذا شَدَّه بالوِكاءِ، فَهُوَ مُكْتَتبٌ. وَعَن ابْنِ الأَعْرَابيِّ: سَمِعْتُ أَعْرَابِيّاً يَقُول: أَكْتَبْتُ فَمَ السِّقاءِ، فلَمْ يَسْتَكْتِبْ. أَي: لَمْ يَسْتَوْكِ، لجفائِه وغِلَظِه. وَقَالَ اللِّحْيَانِيّ: اكْتُبْ قِرْبَتَك: اخْرُزْهَا. وأَكْتِبْهَا: أَوْكِها، يَعْنِي: شُدَّ رَأْسَها. (و) كَتَبَ (النَّاقَةَ، يَكْتِبُهَا، ويَكْتُبُها) بالكَسْرِ والضَّمّ، كَتْباً، وكَتَبَ عَلَيْهَا: (خَتَمَ حَيَاءَهَا) وخَزَمَ عَلَيْهِ، (أَو خَزَمَ بحَلْقَةٍ منْ حَدِيدٍ، ونَحْوِه) كالصُّفْرِ، تَضُمّ شُفْرَيْ حَيائِها، لئلاَّ يُنْزَى عَلَيْهَا. قَالَ:
لَا تَأْمَننَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ بِهِ
على بَعِيرِك واكْتُبْها بِأَسْيارِ
وذالِك لأَنَّ بَنِي فَزَارَةَ يُرْمَوْنَ بِغِشْيَانِ الإِبِلِ.
(و) كَتَبَ (النَّاقَةَ) ، يَكْتُبُهَا: (ظَأَرَهَا، فَخَزَم مَنْخ 2 رَيْهَا بِشَيْءٍ، لئلاَّ تَشَمَّ البَوْلَ) . هَكَذَا فِي نُسْخَتِنَا، وَهُوَ خَطَأٌ، وصوابُهُ: (البَوَّ) ، أَيْ: فَلَا تَرْأَمُهُ.
(والكاتِبُ) ، عندَهُمُ: (العَالِمُ) ، نقلَه الجَوْهَرِيُّ عَن ابْنِ الأَعْرَابيّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} (الطّور: 41، والقلم: 47) ، وَفِي كِتَابِهِ صلى الله عَلَيْهِ وسلمإِلَى أَهْل اليَمَنِ (قد بَعَثْتُ إِلَيْكُم كاتِباً من أَصحابي) أَرَاد: عالِماً، سُمِّيَ بِهِ لاِءَنّ الغالِبَ على مَنْ كَانَ يَعْرِفُ الكِتابةَ أَنَّ عندَهُ العِلمَ والمعرفةَ، وَكَانَ الكاتِبُ عِنْدهم عَزيزاً وَفِيهِمْ قَلِيلا.
(والإِكْتابُ: تَعْلِيمُ) الكِتَابِ، و (الكِتَابَةِ، كالتَّكْتِيبِ) .
والمُكْتِبُ: المُعلِّمُ، وَقَالَ اللِّحْيَانيّ: هُوَ المكَتِّبُ الَّذِي يُعَلِّمُ الكِتَابَة. قَالَ الحَسنُ: وَكَانَ الحَجَّاجُ مُكْتِباً بالطّائِفِ، يَعْنِي: مُعَلِّماً، وَمِنْه قيل: عُبَيْدٌ المُكْتِبُ، لاِءَنَّه كانَ مُعَلِّماً.
ونصُّ الصَّاغانيُّ: كَتَّبْتُ الغُلامَ تَكْتِيباً: إِذا عَلَّمتَهُ الكِتَابةَ، مثل اكْتَتَبْتُه.
(و) الإِكْتابُ: (الإِمْلاءُ) ، تَقُولُ: أَكْتِبْني هاذِه القصيدةَ، أَي: أَمْلِها عليَّ. (و) الإِكْتابُ: (شَدُّ رَأْسِ القِرْبَةِ) يقالُ: أَكْتَبَ سِقَاءَهُ إِذا أَوْكأَهُ، وَهُوَ مَجَاز، وَقد تقدَّمَ.
(و) رَجُلٌ كاتِبٌ. و (الكُتَّابُ، كرُمَّانٍ: الكاتِبُون) ، وهم الكَتَبَةُ، وحِرْفَتُهُم: الكِتَابَةُ، قَالَه ابْنُ الأَعْرَابيّ.
(و) يُقَال: سَلَّمَ وَلَدَهُ إِلى (المَكْتَبِ كمَقعَدٍ) ، أَي: (مَوْضِعِ) الكِتَابِ و (التَّعْلِيمِ) ، أَي: تعليمِه الكِتَابة.
والمُكْتِبُ: المُعَلِّمُ، والكُتَّابُ: الصِّبيان، قَالَه المُبَرِّدُ. (وقَوْلُ) اللَّيْثِ، وتَبِعَهُ (الجَوْهَرِيّ) : إِنّ (الكُتَّابَ) بِوَزْن رُمَّان، (والمَكْتَبَ) كمَقْعَدٍ، (واحِدٌ) ، وهما مَوضعُ تعليمِ الكِتابِ، (غَلَطٌ) : وَهُوَ قولُ المُبَرِّدِ، لأَنّه قَالَ: ومَن جعَلَ الموضِعَ الكُتّابَ، فقد أَخْطَأَ. وَفِي الأَساس: وَقيل: الكُتَّابُ: الصِّبْيانُ، لَا المَكَانُ. وَنقل شيخُنا عَن الشِّهابِ فِي شرح الشِّفاءِ: أَنَّ الكُتَّابَ للمَكْتَبِ وارِدٌ فِي كلامِهم كَمَا فِي الأَساس وغيرِهِ، وَلَا عِبرة بِمن قالَ إِنه مُوَلَّدٌ. وَفِي العِنَايَة: أَنَّه أَثْبَته الجوهريّ، واستفاضَ استعمالُه بهاذا الْمَعْنى، كَقَوْلِه:
وأَتَى بكُتَّابٍ لَو انْبَسَطَتْ يَدِي
فيهِمْ رَدَدْتُهُمُ إِلى الكُتّابِ
وأَوّلُهُ:
تَبّاً لِدَهْرٍ قد أَتَى بِعُجابِ
ومَحَا فُنونَ العِلْمِ والآداب
والأَبيات فِي تَارِيخ ابْنِ خِلِّكان. وأَصلُه جمع كاتِبٍ، مثل كَتَبَة، فأُطْلِقَ على مَحَلِّه مَجازاً للمجاورة، وَلَيْسَ مَوْضُوعا ابْتِدَاء كَمَا قَالَ. وَقَالَ الأَزْهَرِيُّ، عَن اللَّيْثِ: إِنّه لُغَةٌ. وَفِي الكَشْف: الاعتمادُ على قَول اللَّيْث، ونَقَلَهُ الصّاغانيّ أَيضاً، وسَلَّمَه؛ ونقلَه ابْنُ حَجَرٍ فِي شرح المِنْهَاجِ عَن الإِمامِ الشّافِعيّ، وصَحَّحَهُ البَيْهَقِيُّ وغيرُهُ، وَوَافَقَهُ الجماهيرُ، كصاحب التَّهْذيب والمُغْرِبِ والعُبابِ. انْتهى الحاصِلُ من عِبَارَته. ولكنّ عَزْوَهُ إِلى الأَساس ولسان الْعَرَب وغيرِهِما، مَحَلُّ نَظَرٍ، فإِنّهما نَقَلا عِبَارَةَ المُبَرِّدِ، وَلم يُرَجِّحا قَولَ اللَّيْثِ، حَتَّى يُسْتَدَلّ بمرجوحيّة قولِ المُبَرِّدِ، كَمَا لَا يَخْفَى.
(ج: كَتَاتِيبُ) ، ومَكَاتِيبُ. وهاذا من تَتِمَّة عِبارة الجَوْهَرِيّ، فالأَوّل جَمْعُ كُتَّابٍ، والثّاني جَمْعُ مَكْتَبٍ. وَقد أَخلّ المُصَنِّفُ بِذكر الثّاني، وذَكَرَه غيرُ واحدٍ، قَالَ شَيخنَا: وَفِي عبارَة المُصَنَّفِ قَلَقٌ.
قلت: وذالك لاِءَنّ كتاتِيبَ إِنّمَا هُوَ جَمْعُ كُتَّابٍ، على رأْي الجَوْهَرِيّ واللَّيْثِ، وَهُوَ قد جعله خطأ، فَمَا معنى ذِكْرِه فِيمَا بَعْدُ؟ نَعَم، لَو قَدَّمَ ذِكْرَهُ قبل قَوْله: (خطأ) ، لسَلِمَ من ذَلِك، فتأَمّلْ.
(و) الكُتَّابُ: (سَهْمٌ صَغِيرٌ، مُدَوَّرُ الرَّأْسِ، يَتَعَلَّمُ بِهِ الصَّبِيُّ الرَّمْيَ) وبالثاءِ أَيضاً، والثّاءُ المُثَلَّثة فِي هاذا الحرفِ أَعلَى من التّاءِ الفَوْقِيّة، كَمَا سيأْتي. وَفِي عبارةِ شيخِنا هُنَا قلَقٌ عجيبٌ.
(و) الكُتّابُ أَيضاً: (جَمْعُ كاتِبٍ) ، مثل: كَتَبة، وَقد تقدّمتِ الإِشارة إِلَيْهِ.
(واكْتَتَبَ) الرَّجُلُ: إِذا (كَتَبَ نَفْسَهُ فِي دِيوانِ السُّلْطَانِ) ، وَفِي الحَدِيث: (قالَ لَهُ رَجُلٌ: إِنّ امْرَأَتِي خَرَجَتْ حاجَّةً، وإِنِّي اكْتَتَبْتُ فِي غَزْوَةِ كَذَا وَكَذَا) ، أَي: كَتَبْتُ اسْمِي فِي جُمْلَةِ الغُزَاةِ. وَفِي حديثِ ابْنِ عُمَرَ: (من اكْتَتَبَ زَمِناً، بعَثَهُ اللَّهُ زَمِناً يَوْمَ القِيَامةِ) .
(و) من الْمجَاز: اكْتَتَبَ هُوَ: أُسِرَ. واكْتَتَبَ (بَطْنُه) : حُصِرَ، و (أَمْسَكَ) ، فَهُوَ مُكْتَتِبٌ ومُكْتَتَبٌ عَلَيْهِ ومكتوبٌ عَلَيْهِ نَقله الصاغانيُّ.
(والمُكْتَوْتِبُ: المُنْتَفِخُ المُمْتَلِىءُ) ممّا كَانَ: نَقله الصّاغانيّ. (و) من المجازِ: كَتَّبَ (الكَتِيبَةَ) جَمَعَها، وَهِي (الجَيْشُ) .
وتَكَتَّبَ الجَيْشُ: تَجَمَّعَ.
وكَتَّبَ الجَيْشَ: جَعَلَهُ كَتائِبَ.
(أَو) هِي (الجَمَاعَةُ المُسْتَحِيزَةُ مِن الخَيْلِ، أَوْ) هِيَ (جَمَاعَةُ الخَيْلِ إِذَا أَغارَتْ) على العَدُوِّ (من المِائَةِ إِلَى الأَلْفِ) .
(وكَتَّبَها تَكْتِيباً) ، وكَتَبَها: (هَيَأَهَا) ، قَالَ ساعِدَةُ بْنُ جُؤَيَّةَ:
لَا يُكْتَبُونَ وَلَا يُكَتُّ عَدِيدُهم
حَفَلَتْ بِساحَتِهِمْ كَتَائِبُ أَوْعَبُوا
أَي: لَا يُهَيَّؤُونَ.
(وتَكَتَّبُوا: تَجَمَّعُوا) ، وَمِنْه: تَكَتَّبَ الرَّجُلُ: تَحَزَّمَ، وجَمَعَ عَلَيْهِ ثِيَابَه. وَهُوَ مجَاز.
(وبَنُو كَتْبٍ) ، بالفَتْح: (بَطْنٌ) من الْعَرَب.
(والمُكَتَّبُ، كمُعَظَّمٍ: العُنْقُودُ) من العِنَبِ ونحوِه، (أُكِلَ بعضُ مَا فِيهِ) وتُرِكَ بعضُهُ.
(والمُكَاتَبَةُ) بِمَعْنى (التَّكاتُب) ، يُقَال: كاتَبَ صدِيقَهُ، وتَكاتَبا.
(و) من الْمجَاز المُكَاتَبة، وَهُوَ (أَنْ يُكَاتِبَكَ عَبْدُكَ على نَفْسِه بثَمَنِه. فإِذا) سَعَى، و (أَدَّاهُ، عَتَقَ) . وَهِي لَفْظَةٌ إِسْلاميّة، صرّح بِهِ الدَّمِيرِيّ. والسَّيِّدُ مُكَاتِبٌ، والعَبْدُ مُكاتَبٌ إِذا عَقَدَ عَلَيْهِ مَا فارَقَه عَلَيْهِ من أَداءِ المالِ سُمِّيَتْ مُكَاتَبَةً، لِمَا يَكْتُبُ العَبْدُ على السَّيِّد من العِتْقِ إِذا أَدَّى مَا فُورِقَ عَلَيْهِ، ولِمَا يَكْتُبُ السَّيِّدُ على العَبْدِ من النُّجُومِ الَّتِي يُؤَدِّيها فِي مَحلِّها، وأَنَّ لَهُ تَعجيزَهُ إِذا عَجَزَ عَن أَداءِ نَجْم يَحِلُّ عَلَيْهِ. وأَحكامُ المُكَاتَبَة، مُصرَّحَةٌ فِي فُروع الفِقْهِ.
ومِمّا لم يذكُرْهُ المُؤَلِّفُ:
الكُتَيْبَةُ، مصغَّرةً، اسمٌ لبعضِ قُرَى خَيْبَرَ. وَمِنْه حديثُ الزُّهْرِيِّ: (الكُتَيْبةُ أَكثرُهَا عَنْوَةٌ) يَعْنِي: أَنّه فتَحَهَا قَهْراً، لَا عَن صُلْحٍ.
والمَكْتَبُ: من قُرَى ابْنِ جِبْلَةَ فِي اليَمَن، نقلْتُهُ عَن المُعْجَم.
كتب
كتَبَ/ كتَبَ إلى/ كتَبَ في/ كتَبَ لـ يَكتُب، كِتابةً وكِتَابًا وكَتْبًا، فهو كاتب، والمفعول مَكْتوب (للمتعدِّي)
• كتَب المخطوطَ ونحوَه: نسَخَه، خطّه "كتَب رسالةً- {وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلٌِ} - {فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ} " ° كتَب اعتباطًا: كيفما اتّفق.
• كتَب مَسرحيّةً ونحوَها: ألّفَها، أبدعها "يكتب مقالاً أسبُوعيًّا- كتب قصيدة".
• كتَب العقدَ ونحوَه: سَجَّله، دوّنه وأثبته " {إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} - {إلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ} - {وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ}: مثبتون حافظون".
• كتَب الكتابَ: تزوّج، عقَد القرانَ.
• كتَب اللهُ الشَّيءَ: قدّره، قضاه وأوجبه وفرَضه "كتَب اللهُ الطاعةَ على عباده- مكتوب عليه أن ينجو من هذا الحادث- {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} "? ما كُتِب فقد كتب: لا مهرب ممّا قُدِّر لنا أو قُضِي به علينا.
• كتَب على نفسه الصِّدقَ: أوجبه عليها، قضى به وحكم، فرَضه عليها "كتب على نفسه أن يعين جارَه- كتب عليه القاضي بالنفقة- {كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} ".
• كتَب إليه/ كتَب له: أرسل إليه رسالة "يكتب لأبيه كلّ شهر".
• كتَب في القانون: بحَث، عالج.
• كتَب له الأرضَ: منَحه إيّاها، قدَّرها له "كتب لابنه نصف الميراث- {قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلاَّ مَا كَتَبَ اللهُ لَنَا} - {وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ} - {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللهُ لَكُمْ} ". 

أكتبَ يُكتب، إكتابًا، فهو مُكتِب، والمفعول مُكتَب
• أكتبه القصيدةَ ونحوَها: أملاها عليه "سأُكتبك أبياتًا من الشِّعر".
• أكتب فلانًا: علّمه الكتابةَ. 

استكتبَ يستكتب، استكتابًا، فهو مُسْتَكْتِب، والمفعول مُسْتَكْتَب
• استكتب تلميذَه رسالةً:
1 - أملاه إيّاها "استكتبه نصًّا ليتأكّد من مقدرته في اللُّغة".
2 - سأله أن يكتبها له.
• استكتب أحدَ أقربائه: اتَّخذه كاتبًا. 

اكتتبَ/ اكتتبَ في يكتتب، اكتتابًا، فهو مُكتتِب، والمفعول مُكتتَب (للمتعدِّي)
• اكتتب الرَّجلُ/ اكتتب في عمل من أعمال البرِّ أو الخير: شارك في عمل جماعيّ، تبرّع، دوّن اسمه وما جاد به من المال "اكتتب في بناء مسجد- اكتتب في شركة- اكتِتاب لإعانة اليتامى".

• اكتتب الكتابَ: كتَبه؛ نسَخه وخطَّه " {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} ".
• اكتتب فلانًا: استملاه؛ استكتبه؛ سأله أن يكتب له.
• اكتتب القصَّةَ: اختلقها، ابتدعها " {وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا} ". 

انكتبَ ينكتب، انكتابًا، فهو منْكَتِب
• انكتب الكتابُ ونحوُه: مُطاوع كتَبَ/ كتَبَ إلى/ كتَبَ في/ كتَبَ لـ: خُطَّ وانتُهِيَ من تأليفه أو كِتابته. 

تكاتبَ يتكاتب، تَكاتُبًا، فهو مُتكاتِب
• تكاتب الصَّديقان: تراسلا، كتَب كلّ منهما للآخر "تكاتب العالمان في أمر الاكتشاف الجديد". 

تكتَّبَ يتكتَّب، تكتُّبًا، فهو مُتكتِّب
• تكتَّب النَّاسُ: تجمَّعوا "تكتَّب الجيشُ في أرض المعركة- تكتَّب الخيلُ- تكتّب الجندُ في كتائب". 

كاتبَ يكاتب، مُكاتبةً، فهو مُكاتِب، والمفعول مُكاتَب
• كاتبَ صديقَه مُدّةً طويلة: راسله "وعد صديقَه أن يكاتبه مادام مسافرًا" ° مكاتبات سياسيَّة/ مكاتبات أدبيّة/ مكاتبات رسميّة: مراسلات.
• كاتب السّيِّدُ عبدَه: اتَّفق معه على أن يكون حرًّا إذا أدّى قدْرًا مُعيَّنًا من المال " {فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} ". 

كتَّبَ يكتِّب، تَكْتِيبًا، فهو مُكتِّب، والمفعول مُكتَّب
• كتَّبتِ الأمُّ ولدَها: علَّمته الكتابةَ "بدأ يكتِّب ابنَه وهو في الخامسة من عمره".
• كتَّب الشّخصَ: جعله يكتب "كتَّب الأستاذُ التلميذَ- كتّبه رسالة إلى أخيه المسافر- كتَّب تلميذَه الدرس عشر مرات".
• كتَّب الجنودَ: جعلهم كتائب وهيَّأهم كتيبة كتيبة "كتّب الكتائِبَ/ الجيشَ- كتَّب قائدُ الجيش الكتائبَ استعدادًا للحرب". 

اكتتاب [مفرد]:
1 - مصدر اكتتبَ/ اكتتبَ في.
2 - (جر) إعلان الرّغبة في الحصول على بعض أسهم شركة بعد تأسيسها، أو الحصول على بعض سنداتها. 

كاتِب1 [مفرد]: ج كاتبون وكتّاب:
1 - اسم فاعل من كتَبَ/ كتَبَ إلى/ كتَبَ في/ كتَبَ لـ: " {لاَ يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ} ".
2 - مؤلِّف، شخص يزاول الكتابة كمهنة على سبيل الاحتراف "كاتب سيرة- كاتب قصصيّ/ سينمائيّ" ° الكُتّاب: الذين يمارسون الكتابات الأدبيّة.
• كاتب الدَّولة: (سة) منصب وزير في بعض الدول العربيَّة "كاتب الدولة للتربية القوميّة- الكاتب الأوّل لتونس".
• عُقَّال الكاتب: (طب) انقباض شديد التوتُّر مؤلم في عضلات اليد بسبب إدمان الكتابة. 

كاتِب2 [مفرد]: ج كاتبون وكتَبَة: من يتولّى عملاً كتابيًّا إداريًّا مثل حفظ السّجلات والملفّات "كاتب المحكمة- رئيس الكَتَبة" ° كتبة الوحي: بعض الصحابة الذين اختصَّهم الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم بكتابة القرآن عنه، ومنهم الخلفاء الراشدون.
• الكاتِبان: الملكان الموكَّلان بتسجيل أعمال الإنسان.
• كاتِب عَدْل: شخص ذو سلطة قانونيَّة يشهد ويُصادق على صحَّة وثيقة وأخذ التَّصريحات والإفادات. 

كاتبة [مفرد]: مؤنَّث كاتِب1 وكاتِب2.
• آلة كاتبة: جهاز له أزرار عليها الحروف الهجائيّة يضرب عليها لاستنساخ النصوص "قلّما تستعمل الآلة الكاتبة اليوم". 

كتاب [مفرد]: ج كُتُب (لغير المصدر):
1 - مصدر كتَبَ/ كتَبَ إلى/ كتَبَ في/ كتَبَ لـ.
2 - صُحُف مؤلَّفة مجموعة وموضوعة بين غلافين "كتاب تعليميّ- كتاب البخلاء للجاحظ- صدر الكتاب: نُشِر، ظهَر- *وخير جَليس في الأنام كتاب*- {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَابًا فِي قِرْطَاسٍ} " ° أضعاف الكِتاب: حواشيه وما بين سطوره- الكتاب الأبيض: مجموعة وثائق في كتاب غلافه أبيض تصدر حول قضيَّة ما- دفّتا الكتاب: الغلافان اللّذان يكتنفانه من جانبيه- ديباجة الكتاب: فاتحته- ذيل الكتاب: الملحَق والحاشية- كتاب الجَيْب: كتاب صغير بحجم الجيب، يباع
 بسعر رخيص- كتاب الضّمان: كتاب يتعهّد به شاحن البضائع وناقلها بإيصالها على الحالة المبينة في تذكرة الشحن- كتاب تجاريّ: يُنشر بهدف التَّوزيع لعامّة النَّاس عبر بائعي الكتب- كتاب سنويّ: كتاب يصدر نهاية كلّ عامّ ليوثق لذلك العام.
3 - رسالة أو صحيفة مكتوبة "بعث إلى والده بكتاب- {اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ} ".
4 - أمر وفرض " {إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا}: مفروضة في وقت معيَّن- {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللهِ عَلَيْكُمْ} ".
5 - حُكم "لأقضينّ بينكما بكتاب الله".
6 - أجل " {وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إلاَّ وَلَهَا كِتَابٌ مَعْلُومٌ} ".
7 - قدَر، قضاء "هذا كتاب الله: قدَرُه- {لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ".
8 - مكاتبة، تعاقد على العتق نظير مبلغ مالي " {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ} ".
• الكتاب:
1 - القرآن الكريم " {إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ} - {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} ".
2 - الكلام السماويّ الموحًى من عند الله فعلاً أو اعتقادًا، الــتَّوراة، الإنجيل " {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى نُورًا وَهُدًى لِلنَّاسِ} - {فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ} - {وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ} ".
3 - مؤلَّف سيبويه في النَّحو.
4 - اللَّوح المحفوظ، كتاب الأعمال " {وَوُضِعَ الْكِتَابُ} - {كُلُّ أُمَّةٍ تُدْعَى إِلَى كِتَابِهَا} ".
5 - عدّة المرأة " {وَلاَ تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} ".
• الكتاب المقدَّس: العهد القديم عند اليهود، ومجموع العهدين عند النصارى.
• كتاب الاعتماد: (قص) رسالة يبعث بها أحد أصحاب المصارف إلى وكلائه ليحفظوا مبلغا من المال رهن تصرّف شخص مسمّى.
• أمُّ الكتاب:
1 - الآيات المحكمات الواضحات التي لا احتمال فيها " {هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ ءَايَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ} ".
2 - فاتحته، سورة الفاتحة.
• أهل الكتاب: اليهود والنصارى الذين لهم كتاب منزَّل " {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا} ".
• رقم الكتاب: رقم يشير إلى موضع الكتاب وتصنيفه في المكتبة.
• الكتاب النَّاطق: تسجيل لقراءة كتاب معَدٍّ لاستخدام ذوي الإعاقات البصريَّة. 

كِتابة [مفرد]:
1 - مصدر كتَبَ/ كتَبَ إلى/ كتَبَ في/ كتَبَ لـ ° لُغَة الكتابة: لُغَة الإنشاء من أدب ونحوه، اللُّغَة التي يستخدمها المثقّفون في كتاباتهم.
2 - حرفة الكاتب "اختار الكتابة على القضاء- أسلوب كتابيّ".
3 - قسْم إداريّ في وزارة أو مؤسَّسة يهتمّ بالطباعة اليدويّة والمراسلات وغيرها "رئيس قِسْم الكتابة- موظف كتابيّ".
• الكتابة الصَّوْتيَّة: (لغ) نظام كتابيّ يمثل الصَّوت الواحد برمز واحد، وهي طريقة اتَّفق عليها علماءُ الأصوات المحدثون لتدوين الأصوات وفقًا لنطقها وذلك باللّجوء إلى رموز مُعيَّنة ليست موجودة في الكتابة العاديّة. 

كِتابِيّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى كِتابة: "اختبار كتابِيّ- أصلح المُعلِّم الأغلاطَ الكتابيَّة- أعمال كتابيَّة" ° الأسلوب الكتابيّ: الأسلوب الأدبيّ.
2 - واحد من أهل الكتاب يهوديّ أو نَصْرانيّ.
• التَّصحيف الكتابيّ: كتابة الكلمة على غير وجهها الصَّحيح بحذف أحد الحروف أو المقاطع المكرَّرة أو المتشابهة فيها خطأ.
• الاختصار الكتابيّ: الاكتفاء ببعض أحرف الكلمة أو العبارة عن كتابتها على أن يُنطق بها عادةً كاملة مثل: إلخ أي: إلى آخره. 

كَتْب [مفرد]: مصدر كتَبَ/ كتَبَ إلى/ كتَبَ في/ كتَبَ لـ. 

كُتّاب [مفرد]: ج كتاتيبُ: مكان صغير لتعليم الصّبيان
 القراءةَ والكتابةَ، وتحفيظهم القرآن "اعتاد صبيانُ القرية الذهاب إلى الكُتّاب". 

كَتيبَة [جمع]: جج كتيبات وكتائِبُ:
1 - طائفة من الجيش مجتمعة ° كتيبة خَرْساءُ: ليس لها جَلَبة ولا أصوات- كتيبة شهباءُ: كثيرة السِّلاح.
2 - (سك) فرقة عظيمة من الجيش تشتمل على عدد من السّرايا "كتيبة مِدْفعيّة- كتيبة المدرّعات/ المشاة".
• كتائب الإعدام: مجموعات من الجنود مهمَّتهم قتل الفارِّين من مواجهة العدوّ، كي يجبروا الجنود على القتال والدِّفاع عن أرضهم. 

كُتَيِّب [مفرد]: ج كتيِّبات: كتاب صغير موجز "نظَّم كُتَيِّب شِعر- كُتيّب تاريخ الكيمياء- تُقدَّم كثير من المعارف للناشئة في صورة كتيِّبات" ° كُتَيِّب أَدَبيّ- كُتَيِّب مَعْرِض. 

مُكاتِب [مفرد]:
1 - اسم فاعل من كاتبَ.
2 - مُراسل صحيفة أو مجلّة من خارج بلده. 

مَكْتب [مفرد]: ج مكاتِبُ:
1 - طاولة ذات أدراج يُكتب عليها أو قطعة الأثاث يجلس إليها للكتابة "وضعتُ المُصْحف على مكتبي- اشتريت لابني مكتبًا خشبيًّا".
2 - حجرة أو مكان يضمّ المكتب.
3 - مكان يعمل به الموظّفون وأصحاب الأعمال، أو مكان يعدّ لمزاولة عمل معيّن كمكتب المحامي والمهندس ونحوهما "مكتب الصِّحَّة/ الأخبار/ الأنباء/ الرئيس/ الوزير/ البريد- المكتب الدولي للعمل- مكتب التحقيقات الفيدرالي- مكتب سفريّات" ° ساعي المكتب: صبيُّه وخادمه- مكتب التشغيل: مكتب تديره نقابة مهمته تأمين العمل لطالبيه من العمال.
• المكتب الثَّاني: (سك) الشّعبة الثَّانية للاستخبارات العسكريّة. 

مَكْتَبة [مفرد]:
1 - مكان بيع الكُتب والأدوات المكتبيّة "تزدحم المكتباتُ في مفتتح العام الدراسيّ".
2 - مكان وضع الكتب في المنزل وغيره "أفردت غُرْفةً للمكتبة- دعَّم الوزيرُ المكتبة الوطنيّة".
3 - دار نَشْر تمتلك محلاّت لتوزيع منشوراتها "مكتبة دار المعارف".
• المكتبة العربيَّة: مجموع التُّراث الفكريّ العربيّ "أسهم بتآليفه في إثراء المكتبة العربيَّة".
• مكتبة وطنيَّة: مكتبة لحفظ التراث الوطنيّ من مخطوطات ومطبوعات وغيرها، ويقال لها: دار الكُتُب "المكتبة الوطنيّة الجزائريَّة".
• مكتبة خاصَّة: مجموعة الكتب التي يملكها شخص من الأشخاص، كالخزانة التيموريّة قبل نقلها إلى دار الكتب بالقاهرة.
• مكتبة عامَّة: مكان تملكه الدولة، أو هيئة عامة تجمع فيه أكبر عدد من الكتب لينتفع بها القرَّاء والباحثون في قاعات مُعدَّة للقراءة والبحث.
• علم المكتبات: علم يدرس التنظيم الداخليّ للمكتبات والأساليب الفنِّيَّة اللازمة لاختيار وتنظيم مجموعات الكتب وإعداد فهارس المكتبة. 

مُكْتَتِب [مفرد]:
1 - اسم فاعل من اكتتبَ/ اكتتبَ في.
2 - (قن) شخص يعلن عن رغبته في الاكتتاب في أسهم الشَّركة أو سنداتها. 

مكتوب [مفرد]: ج مكاتيبُ:
1 - اسم مفعول من كتَبَ/ كتَبَ إلى/ كتَبَ في/ كتَبَ لـ.
2 - رسالة. 
(كتب) : المُكَتَّبُ العُنْقُودُ إذا أُكِلَ بعضُ ما فيه.
ك ت ب

كتب الكتاب يكتبه كتبةً وكتاباً وكتابةً وكتباً، واكتتبه لنفسه: انتسخه، واكتتب فلان ضمناً، وفلان مكتبٌ وكتّبٌ: يكتّب الناس يعلمهم الكتابة أو عنده كتبٌ يكتّبها الناس ينسخهم، ويقال: كتّبت الغلام وأكتبته، وأكتبني هذه القصيدة: أملها عليّ. وأكتبت فلاناً: وجدته كاتباً، واستكتبته شيأ فكتبه لي. وسلم ولده في المكتب والكتّاب، وذهب الصبيان إلى المكاتب والكتاتيب، وقيل: الكتّاب: الصبيان لا المكان. وكاتب صديقه وتكاتبا.

ومن المجاز: كتب عليه كذا: قضي عليه. وكتب الله الأجل والرزق، وكتب على عباده الطاعة وعلى نفسه الرحمة، وهذا كتاب الله: قدره. قال الجعديّ:

يا بنت عمّي كتاب الله أخرني ... عنكم وهل أمنعنّ الله ما فعلا

وسألني بعض المغاربة ونحن في الطواف عن القدر فقلت: هو في السماء مكتوب، وفي الأرض مكسوب. وأحصيت الشء وكتبته إذا حصرته. قال:

لا يكتبون ولا يكتّ عديدهم وكتب البغلة وكتب عليها إذا جمع بين شفريها بحلقة، وبلغة مكتوبة ومكتوب عليها، واكتب بغلتك لا ينز عليها. وقال:

لا تأمنن فزارياً خلوت بهعلى قلوصك واكتبها بأسيار وكتب النّعل والقربة: خرزها بسيرين. وقارب بين الكتب وهي الخرز. وأكتب سقاءه: أوكأه، تقول لصاحبك: أكتب سقاءك فيقول: ما يستكتب لي أي ما يستوكئ. وكتب على فلان، وكتّبَ عليه، واكتتب هو إذا أسر. واكتتب بطنه إذا حصر. وكتب الكتيبة: جمعها. وكتّب الجيش: جعله كتائب، وتكتّب الجيش. وتكتّب الرجل تحزّم وجمع عليه ثيابه. وكاتب عبده. وأدّى كتابته.

كتب


كَتَبَ(n. ac. كَتْب
كِتْبَة
كِتَاْب
كِتَاْبَة)
a. Wrote.
b. Was a writer, scribe.
c. ['An], Wrote down what he had heard from; wrote at the
dictation of.
d. [Ila & Bi], Wrote to .... about.
e.(n. ac. كِتَاْب), Prescribed, ordained, instituted; ordered.
f. [acc. & 'Ala], Prescribed, ordained for, enjoined upon; ordered
to do.
g. [pass.] ['Ala], Was prescribed, ordained for; was made incumbent
upon.
h. [Bi], Ordered to be paid ( costs: judge ).
i. [La], Destined for, gave to.
j.(n. ac. كَتْب), Drew together, conjoined, closed; sewed, stitched
bound together.
k. see II (c) (d).
كَتَّبَa. see I (a)b. Taught writing, calligraphy to.
c. Tied the udder of (camel).
d. Mustered (squadrons).
كَاْتَبَa. Wrote to, corresponded with.
b. Made a contract with.
b. Made a contract with.

أَكْتَبَa. Dictated to.
b. see I (j)
& II (b), (d).
تَكَتَّبَa. Girded himself.
b. Was mustered, formed into squadrons ( army).
تَكَاْتَبَa. Corresponded together.
b. Made a contract together.

إِكْتَتَبَa. see I (a) c. [Fī], Registered, inscribed, enrolled himself in.
d. Was registered, inscribed, enrolled.
e. Asked to dictate.
f. Wanted to have written (book).
g. Was suppressed (urine); was constipated.

إِسْتَكْتَبَa. Asked to write; dictated to.
b. Sewed (skin).
كِتْبَةa. Mode, manner of writing.
b. Transcription, copying.

كُتْبَة
(pl.
كُتَب)
a. Thong.
b. Stitch, suture, seam.

كُتُبِيّa. Bookseller; librarian.

مَكْتَب
(pl.
مَكَاْتِبُ)
a. School, writing-school.
b. Office, bureau.

مَكْتَبَة
(pl.
مَكَاْتِبُ)
a. Library.

مِكْتَبَة
a. [ coll. ], Desk.
كَاْتِب
(pl.
كَتَبَة
كُتَّاْب
& reg. )
a. Writer; scribe; author; learned man, savant.
b. Secretary, amanuensis; clerk.

كِتَاْب
(pl.
كُتْب
كُتُب
10)
a. Writing; book, volume; letter; record, register;
contract.
b. [art.], Sacred Writings, Scriptures: the Pentateuch, Old
Testament; the Gospel; the Kurān.
c. Decree, ordinance, statute, prescript; prescription;
sentence.
d. Receptacle for ink.

كِتَاْبَةa. The art of writing, calligraphy, penmanship.
b. Writing: deed, document; letter; warrant, mandate;
edict; order.
c. Inscription.

كَتِيْبa. Sewn, stitched; closed.

كَتِيْبَةa. see 23t (b)b. (pl.
كَتَاْئِبُ), Regiment, battalion; squadron; detachment, division;
corps; force, army.
كُتَّاْب
(pl.
كَتَاْتِيْبُ)
a. see 17 (a)b. Small, roundheaded arrow ( for boys ).

N. P.
كَتڤبَ
(pl.
مَكَاْتِيْبُ)
a. Written: letter, missive, epistle.

N. Ag.
كَتَّبَa. see N. Ag.
IV
N. P.
كَتَّبَa. Partly eaten ( bunch of grapes & c. ).
N. Ag.
كَاْتَبَa. Correspondent.

N. Ac.
كَاْتَبَ
a. Correspondence.

N. Ag.
أَكْتَبَa. Writing-master; calligraphist, penman.

N. P.
أَكْتَبَa. see 25
N. P.
إِكْتَتَبَa. Inscribed.
b. see 25
مُكْتَوْتِب
a. Swollen, full.

أَهْل كِتَابٍ
a. People having a revealed scripture.

أَهْل الكِتَابِ
a. The people of the Bible.

كَاتِب السِّر
a. Private secretary; Privy Councilor.
(ك ت ب) : (كَتَبَهُ) كِتْبَةً وَكِتَابًا وَكِتَابَةً وَقَوْلُهُ وَإِذَا كَانَتْ السَّرِقَةُ صُحُفًا لَيْسَ فِيهَا كِتَابٌ أَيْ مَكْتُوبٌ (وَفِي حَدِيثِ أُنَيْسٍ) وَاحْكُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ أَيْ بِمَا فَرَضَ اللَّهُ مِنْ كَتَبَ عَلَيْهِ كَذَا إذَا أَوْجَبَهُ وَفَرَضَهُ (وَمِنْهُ) الصَّلَاةُ الْمَكْتُوبَةُ وَأَمَّا قَوْلَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى» فَقِيلَ الْمُرَادُ قَوْله تَعَالَى {ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ} [الأحزاب: 5] إلَى أَنْ قَالَ وَمَوَالِيكُمْ فِيهِ أَنَّهُ نَسَبَهُمْ إلَى مَوَالِيهِمْ كَمَا نَسَبَهُمْ إلَى آبَائِهِمْ فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ التَّحَوُّلُ عَنْ الْآبَاءِ لَمْ يَجُزْ عَنْ الْأَوْلِيَاءِ وَيَجُوزُ أَنْ يُرَادَ بِكِتَابِ اللَّهِ قَضَاؤُهُ وَحُكْمُهُ عَلَى لِسَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - إنَّ الْوَلَاءَ لِمَنْ أَعْتَقَ (وَأَكْتَبَ الْغُلَامَ وَكَتَّبَهُ) عَلَّمَهُ الْكِتَابَ (وَمِنْهُ) سَلَّمَ غُلَامَهُ إلَى مُكَتِّبٍ أَيْ إلَى مُعَلِّمِ الْخَطِّ رُوِيَ بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ (وَأَمَّا الْمَكْتَبُ) وَالْكُتَّابُ فَمَكَانُ التَّعْلِيمِ وَقِيلَ الْكُتَّابُ الصِّبْيَانُ (وَكَاتَبَ) عَبْدَهُ مُكَاتَبَةً وَكِتَابًا قَالَ لَهُ حَرَّرْتُكَ يَدًا فِي الْحَالِ وَرَقَبَةً عِنْدَ أَدَاءِ الْمَالِ (وَمِنْهُ) قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ} [النور: 33] وَقَدْ يُسَمَّى بَدَلُ الْكِتَابَةِ مُكَاتَبَةً وَأَمَّا الْكِتَابَةُ فِي مَعْنَاهَا فَلَمْ أَجِدْهَا إلَّا فِي الْأَسَاسِ وَكَذَا تَكَاتَبَ الْعَبْدُ إذَا صَارَ مُكَاتَبًا وَمَدَارُ التَّرْكِيبِ عَلَى الْجَمْعِ (وَمِنْهُ كَتَبَ النَّعْلَ وَالْقِرْبَةَ) خَرَزَهَا (وَالْكُتْبُ الْخُرَزُ) الْوَاحِدَة كُتْبَةٌ (وَمِنْهُ كَتَبَ الْبَغْلَةَ) إذَا جَمَعَ بَيْنَ شَفْرَتَيْهَا بِحَلْقَةٍ (وَالْكَتِيبَةُ) الطَّائِفَةُ مِنْ الْجَيْشِ مُجْتَمِعَةً (وَبِهَا سُمِّيَ) أَحَدُ حُصُونِ خَيْبَرَ (وَقَوْلُهُمْ) سُمِّيَ هَذَا الْعَقْدُ مُكَاتَبَةً لِأَنَّهُ ضَمُّ حُرِّيَّةَ الْيَدِ إلَى حُرِّيَّةِ الرَّقَبَةِ أَوْ لِأَنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا ضَعِيفٌ جِدًّا وَإِنَّمَا الصَّوَابُ أَنَّ كَلًّا مِنْهُمَا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ أَمْرًا هَذَا الْوَفَاءَ وَهَذَا الْأَدَاءَ.

كتب

1 كَتَبَهُ, aor. ـُ inf. n. كَتْبٌ and كِتَابٌ and كِتَابَةٌ (S, K) and كِتْبَةٌ; (Msb;) the first of these inf. ns. agreeable with analogy; the second, anomalous; (TA;) or the latter of these two is a subst., like لِبَاسٌ; (Lh;) or originally an inf. n., and afterwards used in the senses given below; (MF;) as also كِتَابَةٌ, and كِتْبَةٌ: (TA:) and ↓ كتّبهُ (K) and ↓ اكتتبهُ; (S, K;) He wrote it: (S, K:) or كَتَبَهُ has this signification; and ↓ اكتتبهُ, as also ↓ استكتبهُ, signifies he asked [one] to dictate it (إِسْتَمْلَاهُ): (K:) ↓ إِكْتَتَبَهَا in the Kur, xxv. 6, signifies he hath written them (S) for himself: (Bd:) or he hath asked [one] to write them for him, or to dictate them to him. (TA, Bd.) b2: كَتَبَ عَنْهُ [He wrote what he had heard, or learned from him.] A phrase of common occurrence in biographies. b3: كَتَبَ [He was a writer, or scribe, and a learned man. (Implied in the S, where we are referred to the Kur, lii. 41, and lxviii., 47, in illustration of كَاتِبٌ as signifying “ a learned man. ”)]

A2: كَتَبَ, aor. ـُ inf. n. كِتَابٌ, q. v., (assumed tropical:) He (God) prescribed, appointed, or ordained, (TA,) and made obligatory. (Msb.) كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِصَاصُ The law of retaliation is prescribed, appointed, or ordained, as a law of which the observance is incumbent on you. (Kur, ii. 173.] كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ Fasting is prescribed as incumbent on you. [Kur. ii. 179.] (TA.) b2: كَتَبَ عَلَيْهِ كَذَا (tropical:) He judged, passed sentence, or decreed, against him that he should do such a thing. (A.) كتب القَاضِى بِالنَّفَقَةِ The judge gave sentence that the expenses should be paid. (Msb.) A3: كَتَبَ, aor. ـُ inf. n. كَتْبٌ, He drew together; brought together; conjoined. (S.) b2: Hence, كَتَبَ البَغْلَةَ, aor. ـُ and كَتِبَ, inf. n. كَتْبٌ, He conjoined the oræ of the mule's vulva by means of a ring or a thong; (S;) as also كَتَبَ عَلَيْهَا. (A.) كَتَبَ, aor. ـُ and كَتِبَ, (K,) inf. n. كَتْبٌ; and كَتَبَ عَلَيْهَا; (TA;) He closed the camel's vulva, (K,) and put a ring upon it: (TA:) or he put a ring of iron or the like upon it, (K,) conjoining the oræ, in order that she might not be covered. (TA.) b3: كَتَبَ, aor. ـُ inf. n. كَتْبٌ; (S;) and ↓ اكتتب; (K;) He sewed a قِرْبَة, (S,) or a سِقَآء, (K,) or a مَزَادَة, (TA,) with two thongs: (K:) or, accord. to some, he closed it at the mouth, by binding it round with a وِكَاء, so that nothing [of its contents] should drop from it; (TA;) [as also ↓ اكتب:] or كتب signifies he sewed a قربة; and ↓ اكتب, he bound it with a وكآء, i. e. bound it round the upper part. (Lh.) b4: كَتَبَ, aor. ـُ inf. n. كَتْبٌ; (S;) and ↓ اكتب (S, K) and ↓ اكتتب (TA) (tropical:) He bound a قِرْبَة with a وِكَاء; (S;) he bound it round the head, or upper part: (K:) or the first of these verbs signifies he sewed a قربة. (Lh.) See above. IAar says, I heard an Arab of the desert say, أَكْتَبْتُ فَمَ

↓ السِّقَاء فَلَمْ يَسْتَكْتِبْ I bound the mouth of the سقاء, but it did not become fast bound, or closed, because of its hardness and thickness. (TA.) A4: كَتَبَ النَّاقَةَ He used art to make the she-camel take a liking to that which was not her own young one, and put something as a ring through her nostrils, lest she should smell the بَوّ, (in some copies of the K, بَوْل; but this is a mistake; TA,) and not have a fondness for it. (TA.) A5: كَتَبَ (tropical:) He collected a كَتِيبَة. (TA.) See also 2.2 كَتَّبَ See 1 and 4 A2: كتّب النَّاقَةَ, inf. n. تَكْتِيبٌ, He tied the udder of the camel. (Az, S.) A3: كتّب الكَتَائِبَ, inf. n. تَكْتِيبٌ; (S, K;) and ↓ كَتَبَهَا; (TA;) (tropical:) He prepared the troops; (K;) he disposed the troops in order, troop by troop. (S.) 3 مُكَاتَبَةٌ and ↓ تَكَاتُبٌ are syn.: (S, K:) you say, كاتب صَدِيقَهُ He wrote to his friend: and ↓ تكاتبا They wrote, one to the other. (TA.) b2: كاتبهُ, inf. n. مُكَاتَبَةٌ (Az, K, Msb) and كِتَابٌ, (Az, Msb,) (tropical:) He (a slave) made a written [or other] contract with him (his master), that he (the former) should pay a certain sum as the price of himself, and on the payment thereof be free: (K, &c.:) also he (a master) made such a contract with him (his slave): (Az, Msb, &c.:) and ↓ تكاتبا They two made such a contract, one with the other. (Msb.) The slave in this case is called مُكَاتَبٌ (S, Msb) and also مُكَاتِبٌ; and so is the master; the act being mutual. (Msb.) [But the lawyers in the present day call the slave مُكَاتَبٌ only; and the master, مُكَاتِبٌ.] الكِتَابَةُ, signifying “ what is written, ” is tropically used by the professors of practical law as syn. with المُكَاتَبَةُ, because the contract above mentioned was generally written; and is so used by them when nothing is written. It was thus called in the age of el-Islám, accord. to Az. These two words are said by Z to be syn.; but it is thought that he may have written the former by mistake for الكِتَابُ, adding the ة by a slip of the pen. (Msb.) 4 اكتب He dictated. (S, K.) Ex. أَكْتِبْنِى

هٰذِهِ القَصِيدَةَ Dictate to me this ode. (S.) b2: اكتب and ↓ كتّب He taught the art of writing. (K.) A2: See also 1, in three places.5 تكتّب (tropical:) He girded himself, and drew together his garments upon him. (TA.) A2: تكتّب (tropical:) It (an army, S) collected itself together. (S, K.) 6 تَكَاْتَبَ see 3.8 إِكْتَتَبَ See 1. b2: كِتْبَةٌ [is a quasi-inf. n. of 8; syn. with إِكْتِتَابٌ; and is explained as signifying] The writing a book, transcribing it [from another book]: (إِكْتِتَابُكَ كِتَابًا تَنْسَخُهُ). (K.) b3: It also signifies, [as a quasi-inf. n. of 8,] The writing one's name in [the list of those who receive] stipend and maintenance (الكتتاب فى الفرض والرزق [اصحاب]). (TA.) b4: اكتتب He registered himself in the book of the Sultán's army-list, or stipendiaries. (S, K.) إِكْتَتَبْتُ فِى

غَزْوَةِ كَذَا I wrote down my name in the list of the soldiers of such an expedition. (TA, from a trad.) b5: اكتتب كِتَابًا He asked for a book (or the like) to be written for him. (TA.) See also 10.

A2: اكتتب (tropical:) His urine was suppressed. (TA.) b2: اكتتب بَطْنُهُ (tropical:) He was constipated, or costive; (TA;) his belly was constipated. (K.) 10 استكتبهُ شَيْئًا He asked him to write a thing for him. (S.) See also 1 and 8.

A2: With reference to a سِقَاء (or skin), see 1.

كُتْبَةٌ (tropical:) A thong with which one sews (K) a مَزَادَة or a قِرْبَة: pl. كُتَبٌ. (TA.) b2: That with which the vulva of a camel (or of a mule, TA,) is closed in order that she may not be covered: (K:) pl. كُتَبٌ. (TA.) b3: A seam or suture, (KL, PS,) in a skin or hide; (KL;) [app. made by sewing together two edges so that one laps over the other;] a خُرْزَةٌ (S, Mgh, K) whereof the thong conjoins the two faces [or sides]: (K:) or a خرزة that is joined together with a thong: (Lth:) or that whereof the thong conjoins each of the two faces [or sides]: (ISd, TA:) pl. كُتَبٌ. (S, Mgh.) كِتْبَةٌ: see 1 and 8. b2: [Also, agreeably with analogy, A mode, or manner, of writing.]

كُتُبِىٌّ, meaning A bookseller, is a vulgar term, like صُحُفِىٌّ: by rule it should be كِتَابِىٌّ.]

كِتَابٌ [inf. n. of 1, q. v. b2: as a subst.,] A thing in which, or on which, one writes: [a book:] a written piece of paper or [a record, or register; and a written mandate;] of skin: (K:) a writing, or writ, or thing written; as also ↓ كَتِيبَةٌ: and both are applied also to the revelation from above: and to a letter, or epistle, which a person writes and sends: sometimes made fem., as meaning صَحِيفَةٌ: AA says, I heard an Arab of the desert, of El-Yemen, say, فُلَانٌ لَغُوبٌ جَآءَتْهُ كِتَابِى فَاحْتَقَرَهَا Such a one is stupid: my letter came to him, and he despised it: so I said, Dost thou say, جاءته كتابى? and he replied, Is it not a صحيفة? (Msb.) Pl. كُتُبٌ and كُتْبٌ. (S.) b3: A revealed scripture. (Msb.) [Whence أَهْلُ كِتَابٍ People having a revealed scripture: and أَهْلُ الكِتَابِ The people of the Bible. See also أَهْلٌ.] الكتاب signifies The تَوْراة, or Pentateuch, or Mosaic Law: (K:) and the Gospel, or Book of the Gospels: the Scriptures of the Jews and Christians: (Expositions of the Kur, passim:) and the Kurn. (TA.) b4: See also 3.

A2: كِتَابٌ [inf. n., or subst.: see 1] Divine prescript, appointment, or ordinance: judgment, or sentence: fatal decree, or predestination. (S, K.) لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللّٰهِ I will assuredly determine, or judge, between you two according to the judgment, or sentence, of God, which hath been revealed in his book. A trad., not relating to the Kurn. (TA.) El-Jaadee says, يَا ابْنَةَ عَمِّى كِتَابُ اللّٰهِ أَخْرَجَنِى

عَنْكُمْ وَهَلْ أَمْنَفَنَّ اللّٰهَ مَا فَعَلَا [O daughter of my paternal uncle! the decree of God hath expelled me from you: and could I indeed forbid God to do what He hath done?] (S.) [Hence,] الكِتَابُ الأَوَّلُ [The first writing; meaning the register of God's decrees]. (M and K voce مَحْبَلٌ, q. v.) b2: A receptacle for ink. (K).

قِرْبَةٌ كَتِيبٌ A skin that is sewed (S) with two thongs: (TA:) and the same, and ↓ مُكْتَبٌ, (S,) and ↓ مُكْتَتَبٌ, (TA,) (tropical:) A skin bound with a وِكَاء; (S;) closed at the mouth, by its being bound with a وِكَاء, so that nothing [of its contents] may drop from it. (TA.) كِتَابَةٌ subst. from 1; signifying The art of writing. (IAar, Msb.) b2: See also 3.

كَتِيبَةٌ see كِتَابٌ.

A2: An army; a military force: (S, K:) or a collected portion thereof; (Msb;) [a body of troops; a corps:] or a troop: or a troop of horse making a hostile attack or incursion, in number from a hundred to a thousand: (K:) pl. كَتَائِبُ. (S.) كُتَّابٌ, see مَكْتَبٌ

A2: The same, (S, K,) as also كُثَّابٌ, q. v., but the former is the more approved: (S: the reverse, however, is said in the TA; and MF says that some authors altogether reject كتّاب, with ت, in the sense here following:) A kind of small, round-headed, arrow, with which boys learn to shoot. (S, K.) كَاتِبٌ [A writer; a scribe; a secretary]: pl. كَاتِبُونَ and كُتَّابٌ and كَتَبَةٌ. (S, K.) b2: A learned man (S, K) was so called by the Arabs, (IAar,) because, in general, he who knew the art of writing was possessed of science and knowledge; and writers among them were few. (TA.) مَكْتَبٌ (S, K) and ↓ كُتَّابٌ (Lth, S, &c.) A school; a place where the art of writing is taught: (S, K, &c.:) accord. to Mbr and F, the assigning this signification to the latter word is an error; it being a pl. of كَاتِبٌ, and signifying, accord. to Mbr, the boys of a school: in the A it is said, this word is said to signify the boys; not the place: but Esh-Shiháb says, in the Sharh esh-Shifa, that it occurs in this sense in the classical language, and is not to be regarded as a postclassical word: it is said to be originally a pl. of كَاتِبٌ, and to be fig. employed to signify a school. (TA.) Pl. of the former مَكَاتِبُ; (TA;) and of the latter كَتَاتِيبُ. (S.) مُكْتَبٌ: see كَتِيبٌ.

مُكْتِبٌ A teacher of the art of writing. (S.) بغلة مَكْتُوبَةٌ, and مَكْتُوبٌ عَلَيْهَا, A mule that has the oræ of her vulva conjoined by means of a ring or a thong. (A.) See also 1.

مُكَتَّبٌ A bunch of grapes and the like of which a part has been eaten. (K, TA.) مُكْتَتَبٌ: see كَتِيبٌ.

مُكْتَوْتِبٌ Swollen, and full. (K.)

فرق

(فرق) : فَرَسٌ فَرُوقٌ، أي أَفْرَقُ.
فرق: {فرقنا}: شققنا. {فريق}: طائفة. 
(فرق) بَين الْقَوْم أحدث بَينهم فرقة وَبَين المتشابهين ميز بعضهما من بعض وَيُقَال فرق القَاضِي بَين الزَّوْجَيْنِ حكم بالفرقة بَينهمَا وَالشَّيْء جعله فرقا وَالله الْقُرْآن أنزلهُ منجما مفرقا والأشياء قسمهَا وَالصَّبِيّ أفزعه
(فرق) : أَفَرَقَت الناقَةُ: إذا رَجَع إِليها بعضُ لَبَنِها. 
فيما تَفَرّد به أبو حاتم سَهلُ بن محمد السِّجِسْتانِي في كتاب "تَقويم المُفْسَدِ المُزالِ عن جهَتِه من كَلامِ العَرَب": (مول) : رجلٌ مالٌ، ومالِ: أَي ذُو مالِ، وامرأَةٌ مالَةٌ، ومالِيَةٌ.
الفرق الأول: هو الاحتجاب بالخلق عن الحق، وبقاء رسوم الخلقية بحالها.

الفرق الثاني: هو شهود قيام الخلق بالحق، ورؤية الوحدة في الكثرة، والكثرة في الوحدة، من غير احتجاب بأحدهما عن الآخر.

فرق الوصف: ظهور الذات الأحدية بأوصافها في الحضرة الواحدية.

فرق الجمع: هو تكثر الواحد بظهوره في المراتب التي هي ظهور شئون الذات الأحدية، وتلك الشئون في الحقيقة اعتبارات محضة لا تحقق لها إلا عند بروز الواحد بصورها.
فرق لثث وَقَالَ [أَبُو عبيد -] : فِي حَدِيث عُمَر [رَضِيَ الله عَنْهُ -] فَرَّقوا عَن المَنِيّة وَاجْعَلُوا الرَّأْس رَأْسَيْنِ وَلَا تُلِثّوا بدار مَعجزة وَأَصْلحُوا مثاويَكم وَأَخِيفُوا الهوامّ قبل أَن تُخيفكم وَقَالَ: اخشَوشِنوا وَاخْشَوْشِبُوا وَتَمَعْدَدُوا. قَوْله: فرّقوا عَن المنيّة وَاجْعَلُوا الرَّأْس رَأْسَيْنِ يَقُول: إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَشْتَرِي شَيْئا من الْحَيَوَان من مَمْلُوك أَو غَيره من الدوابّ فَلَا يغالين بِهِ فَإِنَّهُ لَا يدْرِي مَا يحدث بِهِ وَلَكِن ليجعل ثمنه فِي رَأْسَيْنِ وَإِن كَانَا دون الأول فَإِن مَاتَ أَحدهمَا بَقِي الآخر. وَقَوله: ولاَ تُلِثّوا بدار معْجزَة فالإلثاث الْإِقَامَة يَقُول: لَا تُقِيمُوا بِبَلَد قد أعجزكم فِيهِ الرزق وَلَكِن اضْطَرَبُوا فِي الْبِلَاد وَهَذَا شَبيه بحَديثه الآخر: إِذا اتّجر أحدكُم فِي شَيْء ثَلَاث مَرَّات فَلم يرْزق مِنْهُ فليدعه.
ف ر ق

بدا المشيب في مفرقه وفرقه، ورأيت وبيص الطّيب في مفارقهم. وفرقت الماشطة رأسها كذا فرقاً. ورأس مفروق. وديك أفرق: انفرقت رعثته. وجمل أفرق: ذو سنامين. ورجل أفرق الأسنان: أفلجها. وناقة فارق: ماخض فارقت الإبل نادّة من وجع المخاض، ونوق فرّق وفوارق ومفاريق، وقد فرقت فروقاً وتشبّه بها السحاب. قال ذو الرمة:

أو مزنة فارق يجلو غواربها ... تبوّج البرق والظلماء علجوم

وفرق لي الطريق فروقاً وانفرق انفراقاً إذا اتجه لك طريقان فاستبان ما يجب سلوكه منهما، وطريق أفرق: بيّن. وضمّ تفاريق متاعه أي ما تفرّق منه. وضرب الله بالحق على لسان الفاروق. وسطع الفرقان أي الصبح. وهذا أبين من فلق الصبح وفرق الصبح. وتقول: سبيل أفرق كأنه الفرق. وهو أسرع من فريق الخيل وهو سابقها فعيل بمعنى مفاعل لأنه إذا سبقها فارقها. وبانت في قذاله فروق من الشّيب أي أوضاحٌ منه. وماله إلا فرق من الغنم وفريقة أي يسير. ورآى أعرابيّ صبياناً فقال: هؤلاء فرق سوء. وما أنت إلا فروقةٌ. وفرقٌ خير من حب أي أن تهاب خير من أن تحبّ. وأفرق المحموم والمجنون، وهو في أفراق من حمّاه.

ومن المجاز: وقفته على مفارق الحديث أي على وجوهه الواضحة.

فرق


فَرَقَ(n. ac.
فَرْق
فُرْقَاْن)
a. Divided; separated; severed.
b. [Bain], Made a distinction between; discriminated
discerned.
c. Decided, decreed.
d.(n. ac. فَرْق), Parted (hair).
e. Dunged.
f.(n. ac. فُرُوْق), Divided, branched (road).
g. [La], Appeared to; was manifest to; occurred, happened
to, befell.
h. see II (c)
فَرِقَ(n. ac. فَرَق)
a. Feared.
b. Dived.

فَرَّقَa. Scattered, dispersed, distributed amongst
between.
b. see I (b)c. Frightened, terrified.

فَاْرَقَa. Departed from, quitted; became separated from.
b. [ coll. ], Died; departed this
life.
أَفْرَقَ
a. [Min], Recovered from (sickness).
b. see I (g)
& II (c).
تَفَرَّقَ
(a. n. ac. reg. & تِفِرَّاق ), Became dispersed, disunited
separated, scattered.
إِنْفَرَقَ
a. ['An], Quitted.
إِفْتَرَقَa. see V
فَرْقa. Difference; distinction.
b. Separation.
c. Parting ( of the hair ); comb, crest (
of a cock ).
d. Flax; linen.
e. A certain bird.
f. (pl.
فُرْقَاْن), Measure ( about I6 pints ).
فِرْقa. Flock; herd.
b. Form, set ( of boys ).
c. Portion, part.
d. Mountain.
e. Wave.

فِرْقَة
(pl.
فِرَق)
a. Party; sect; company.
b. [ coll. ], Detachment, brigade (
of soldiers ).
فُرْقa. Sacred doctrine.

فُرْقَةa. Separation; disunion; abandonment.

فَرَق
(pl.
أَفْرَاْق)
a. Dawn.
b. Comb ( of a cock ).
c. see I (f)
فَرِقa. Fearful; afraid, frightened; timorous;
cowardly.

فَرُقa. see 5
أَفْرَقُa. Forked, branching; with space between.
b. White cock.

مَفْرَق
(pl.
مَفَاْرِقُ)
a. parting ( of the hair ).
b. Cross-road; bifurcation.

مَفْرِقa. see 17
فَاْرِق
(pl.
فُرُق
فُرَّق
فُرَّاْق فَوَاْرِقُ)
a. Separating, dividing, distinguishing.
b. [art.], Isolated (cloud).
فَاْرِقَة
( pl.
reg. &
فَوَاْرِقُ)
a. fem. of
فَاْرِق
فَرَاْق
فِرَاْق
23a. see 3t
فَرِيْق
(pl.
أَفْرِقَة
15t
فُرُوْق
أَفْرِقَآءُ)
a. Party, company; herd.
b. [ coll. ], Brigadier.

فَرِيْقَةa. see 2 (a)b. Cooked dates.
c. Stray (sheep).
فَرُوْقa. see 5
فَرُوْقَةa. see 5b. Honour, reputation.
c. Fat of the kidneys.
d. Armful.

فَرُّوْق
فَرُّوْقَةa. see 5
فُرْقَاْنa. see 3
. (b) [art.], The Kurān.
فَاْرُوْق
فَاْرُوْقَةa. see 5
تَفَاْرِيْقa. Sundry, scattered things.

N. P.
فَرڤقَa. Separated, divided.

N. Ac.
فَرَّقَa. Separation, dispersion.
b. Distribution, apportionment.

N. Ac.
إِفْتَرَقَa. see 3t
تَفْرِقَة
a. see N. Ac.
II
بِالتَّفْرِيْق
a. Fragmentarily, in parts.

أَفْرِيْقِيَة
a. Africa.

فَرْقَدَ
فَرْقَ4
(pl.
فَرَاْقِ4ُ)
a. Calf.
b. [art.], The stars [ β
& γ ] in Ursa Minor
situated near the pole-star.
اَلفَرْقَدَانِ
a. see supra
(b)
فُرْقُوْد
a. see 51 (a)
فِرْقَاطَه
a. [ coll. ], Frigate.
ف ر ق: (فَرَقَ) بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ مِنْ بَابِ نَصَرَ وَفُرْقَانًا أَيْضًا. وَفَرَّقَ الشَّيْءَ (تَفْرِيقًا) وَ (تَفْرِقَةً فَانْفَرَقَ) وَ (افْتَرَقَ) وَ (تَفَرَّقَ) . وَأَخَذَ حَقَّهُ مِنْهُ (بِالتَّفَارِيقِ) . وَقَوْلُهُ تَعَالَى: {وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ} [الإسراء: 106] : مَنْ خَفَّفَ قَالَ: بَيَّنَاهُ مِنْ (فَرَقَ) يَفْرُقُ. وَمَنْ شَدَّدَ قَالَ: أَنْزَلْنَاهُ (مُفَرَّقًا) فِي أَيَّامٍ. وَ (الْفَرْقُ) مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَقَدْ يُحَرَّكُ وَالْجَمْعُ (فُرْقَانٌ) . وَهَذَا الْجَمْعُ يَكُونُ لَهُمَا جَمِيعًا كَبَطْنٍ وَبُطْنَانٍ وَحَمَلٍ وَحُمْلَانٍ. وَ (الْفُرْقَانُ) الْقُرْآنُ. وَكُلُّ مَا فُرِّقَ بِهِ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَهُوَ فُرْقَانٌ. فَلِهَذَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ} [الأنبياء: 48] . وَ (الْفُرْقَةُ) الِاسْمُ مِنْ قَوْلِكَ: (فَارَقَهُ مُفَارَقَةً) وَ (فِرَاقًا) . وَ (الْفَارُوقُ) اسْمٌ سُمِّيَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ. وَ (الْمَفْرِقُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا وَسَطُ الرَّأْسِ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يُفْرَقُ فِيهِ الشَّعْرُ. وَكَذَا (مَفْرِقُ) الطَّرِيقِ وَ (مَفْرَقُهُ) وَلَا جَمْعَ لَهُ وَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْشَعِبُ مِنْهُ طَرِيقٌ آخَرُ. وَقَوْلُهُمْ لِلْمَفْرِقِ (مَفَارِقُ) كَأَنَّهُمْ جَعَلُوا كُلَّ مَوْضِعٍ مِنْهُ مَفْرِقًا فَجَمَعُوهُ عَلَى ذَلِكَ. وَ (الْفَرَقُ) الْخَوْفُ وَقَدْ (فَرِقَ) مِنْهُ مِنْ بَابِ طَرِبَ. وَلَا يُقَالُ: فَرِقَهُ. وَامْرَأَةٌ (فَرُوقَةٌ) وَرَجُلٌ فَرُوقَةٌ أَيْضًا وَلَا جَمْعَ لَهُ. وَدِيكٌ (أَفْرَقُ) بَيِّنُ (الْفَرَقِ) وَهُوَ الَّذِي عُرْفُهُ (مَفْرُوقٌ) . وَرَجُلٌ (أَفْرَقُ) وَهُوَ الَّذِي نَاصِيَتُهُ أَوْ لِحْيَتُهُ كَأَنَّهَا مَفْرُوقَةٌ. وَيُقَالُ: هُوَ أَبْيَنُ مِنْ (فَرَقِ) الصُّبْحِ بِفَتْحَتَيْنِ لُغَةٌ فِي فَلَقِ الصُّبْحِ. وَ (الْفِرْقُ) الْفِلْقُ مِنَ الشَّيْءِ إِذَا انْفَلَقَ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: 63] . وَ (الْفِرْقَةُ) الطَّائِفَةُ مِنَ النَّاسِ. وَ (الْفَرِيقُ) أَكْثَرُ مِنْهُمْ. وَفِي الْحَدِيثِ: «أَفَارِيقُ الْعَرَبِ» وَهُوَ جَمْعُ (أَفْرَاقٍ) ، وَ (أَفْرَاقٌ) جَمْعُ فِرْقَةٍ. وَ (أَفْرَقَ) الْمَرِيضُ مِنْ مَرَضِهِ وَالْمَحْمُومُ مِنْ حُمَّاهُ أَيْ أَقْبَلَ. وَ (إِفْرِيقِيَّةُ) اسْمُ بِلَادٍ. 
(فرق) - في الحديث: "المُتَبَايِعَانِ بالخِيارِ ما لَم يَتفرَّقَا"
حكى أبو عُمَر الزَّاهد: أَنَّ أَبَا موسى النَّحوىَّ سأَل أَبَا العباس أحمَد بن يَحْيى: هَلْ بَيْن يَفْتَرِقَان ويتفَرَّقان من فَرْق؟
فقال: نعم. أخبَرنا ابنُ الأعرابِيِّ: عن المُفَضَّل، قال: يَفْتَرقَان بالكَلام، ويَتَفَرَّقَان بالأَبْدانِ. - في الحديث: " فَجُئِثْتُ منه فَرَقًا"
الفَرَق: الخوف؛ وقد فَرِق يَفْرَقُ فَرَقًا فهو فروق؛ وفي المبالغة فَرُوقَة: أي شَديدُ الخَوْف. ورجلٌ وامرأةٌ فَرُوقَة.
- في حديث [أبي مِجْلَز ]: "عُدُّوا مَنْ أَفرَق من الحَيِّ"
: أي بَرأَ منَ الطّاعون. وقيل: إن ذلك لا يُقال إلَّا من عِلَّة تُصِيبُ الإنسانَ مَرَّةً كالجُدَريِّ والحَصبَة ونحوهما.
- في الحديث: "في كلّ عَشرة أَفرُقِ عَسَلٍ فَرَقٌ "
- وفي حديث آخر: "ما أَسكَر الفَرَق منه فالحُسْوَة منه حَرامَ"
رُوِى عن الشافعي - رحمه الله - أن الفرَق ستَّة عَشَرَ رِطْلاً، وهو ثَلاثَةُ أَصْوُع . والفَرْق - بسكون الراء - مائَةٌ وعِشْرون رِطلاً. والمُدُّ: رِطلٌ وثُلُث. وقيل: رِطْلان، والأَولُ أَثبَتُ.
- وقال الزُّهْرِي: في حديث عائِشةَ - رضي الله عنها -: "كان يَغْتَسِل من إناء يُقالُ له: الفَرَق"
أَظنُّ الفَرَقَ خَمسةَ أَقْسَاط. وقيل: القِسْط: نِصْف صاعٍ.
وقال غيره: الفَرَق: القَدَح، والإناء لأَربَعةِ أَرْطال. والجمع فُرِقَان. والفَرَق جمعه أفْراق، ثم فُرقَان، وقيل: الفَرَق: مكيال ضَخْم بالعِراق غير الفَرْق ، والفُرْق والفُرقَان، كالشُّكْر للشُّكران.
- في حديث الزَّكاة: "لا يُفَرَّق بين مُجْتَمِع، ولا يُجمَع بين مُتَفَرِّقٍ خَشْيَة الصَّدَقَة"
ذهب أحمد إلى أن معناه: أنه لو كان لرجل بالكوفة أربعون شاة، وبالبصرة أربعون شاة كان عليه شاتان؛ لقوله عليه الصّلاة والسّلام: "لا يُجْمَع بين مُتَفَرِّق". ولو كان ببغداد عشرون وبالكوفة عشرون لا شَيءَ عليه لذلك، ولو كانت له إبلٌ في بُلْدان شَتَّى إن جُمعَت وَجَبت فيها الزَّكاةُ، وإن لم تُجمَع لم تَجِب في كل بلد لا يجب علَيه
- وفي الحديث: "كأنّهما فِرقَانِ من طَيْرٍ صَوَافَّ "
الفِرْقُ: القَطِيع من الغَنَم.
- في حديثِ ابنِ عبَّاس - رضي الله عنهما -: "فَرَق لي رَأْىٌ "
: أي بَدَا وظَهَر. - وفي حَدِيثِه لِسَعْد: "وَصفَ له الفَريقَةَ "
وهي تَمْر يُطبَخ بحُلبَة، وفَرَقْتُ النُّفَسَاء وأَفرَقْتُها.
- في صفته : "فارِقَ لِيَطا"
: أي يُفرِّق بين الحَقِّ والبَاطِل.
- في حديث أبي بكر - رضي الله عنه -: "أبِالله تُفَرِّقُني؟ "
: أي تُخَوِّفُني، وقد فَرِقَ فَرَقًا.
فرق
الفَرْقُ: مَوضِعُ المَفْرِقِ من الرَّأْس. وتَفْرِيْقُ ما بَيْنَ الشَّيْئيْنِ حتّى يَفْتَرِقا ويَنْفَرِقَا. والضَّرْبُ من الشَّيْءِ، يَقُول: تَمَشَّطَتِ الماشِطَةُ كذا فَرْقاً: أي ضَرْباً ولَوْناً. والقَدَحُ والإناءُ. وقيل: أرْبَعَةُ أرْطالٍ، وجَمْعُه فِرْقَان.
وتَفَارَقَ الصُّحْبَةُ. والفَرِيْقُ: الطائفَةُ من الناس.
والفُرْقَةُ: مَصْدَرُ الافْتِراق.
والفُرْقانُ: كلُّ كِتابٍ أنْزَلَه الله تعالى، وفَرَقَ به بَيْنَ الحَق والباطِل.
وسُمِّيَ عُمَرُ: الفارُوْقَ. والفُرْقانُ: الحُجَّةُ الظاهِرَةُ.
وفي القُرْآنِ المجيد: " وقُرْآناً فَرَقْناهُ لتَقْرَأه " أي أحْكَمْنَاه، كقَوْله عَزَّ وجلَّ: " فيها يُفْرَقُ كلُّ أمْرٍ حَكِيم " أي يُفْصَل.
ويُقال للفُرْقانِ: فُرْق، كَعُمْيَانٍ وعُمْيٍ.
والفِرْقُ: الطائفة من الناس؛ ومن الماءِ إذا تَفَرِّقَ بعضُه عن بعضٍ.
وبَدَتْ في قَذَالِه فُرُوْقٌ من الشَّيْب: أي أوْضاح وطَوائفُ.
والفَرِقُ: الدَقِيْقُ الشَّعرِ الرَّقِيْقُ.
وأرْضٌ فَرِقَةٌ، وفي نَبْتِها فَرَقٌ، ونَبْتٌ فَرِقٌ.
والأفْرَقُ: الدِّيْكُ الأبْيَضُ ذو العُرْفَيْنِ. وشِبْهُ الأفْلَج.
ومَفْرِقُ الطَّرِيقِ ومَفْرَقُه: مَعْروفٌ. وطَرِيْقٌ أفْرَقُ: بَيِّنٌ واضِحٌ.
وفَرَقَ ليَ الطَرِيقُ فُرُوْقاً وانْفَرَقَ: إذا اتَّجَهَ لكَ طَرِيقانِ منه.
والفَرْقاءُ من الشّاءِ: البَعِيْدَةُ ما بين الطُّبْيَيْنِ.
والأفْرَقُ من ذُكُورِ الشاء: البَعِيْدُ ما بين خُصيَيْه، ومن الخَيْل: الذي إحدى حَرْقَفَتَيْه شاخِصَة والأخرى مُطْمَئنَةٌ.
والبَعِيرُ ذو السنَامَيْنِ: أفْرَقُ. والماخِض من الناقَةِ: تَفْر
ُقُ فُرُوْقاً، وذلك نِفَارُها وذَهابُها في الأرضِ نادَّةً من الوَجَع، فهيَ فارِقٌ، والجميع فَوَارِقُ وفُرَّقٌ. وتُشَبَّه السَّحابةُ المُنْفَرِدَةُ لا تُخْلِفُ بها، ورُبما كانَ قبلها رَعْدٌ وبَرْق.
والمُفْرِقُ من الإِبل: التي تكونُ عُشَرَاءَ فَتُنْتَجُ ثمَّ يموتُ وَلَدُها قبل أنْ يَرْضَعَها ثمَّ يَضْرِبُها الفَحْلُ من سَنَتِها فَتَلْقَح. وأفْرَقَتِ الناقَةُ: أي ماتَ وَلدُها. وقيل الإفْرَاقُ: أنْ لا تَحْمِلَ الناقَةُ عامَيْنِ أو ثلاثةً. ونُوْق مَفَارِقُ ومَفَارِيْقُ.
والفَرَقُ: كالفَلَقِ، انْفَرَقَ الصبْحً، وفي المَثَل: " أبْيَنُ من فَرَقِ الصُّبْح ".
والفَرَقُ: مِكْيالٌ ضَخْمٌ بالعِراق. والخَوْفُ، رَجُل فَرُوْقٌ وامْرَأةٌ فَرُوْقَةٌ، وقد فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً، ورَجُلٌ فَرُوْقَةٌ وفارُوْقَة؛ أي فَرِقٌ.
والمَطْعُونُ إذا بَرأ قيل: أفْرَق يُفْرِقُ إفْرَاقاً.
والفَرِيْقَة: تَمْرٌ يُطْبَخُ بالحُلْبَةِ وبأشْيَاءَ؛ يُتَداوى بها. وأفْرَقْتُ للنُّفَسَاءِ فَرِيْقَةً، وفَرَقْت أيضاً.
وإنَّه لَمُفْرِقُ الجِسْم: أي قَليلُ اللَّحْم، وقيل: السَّمِيْنُ، وكأنَّه من الأضداد.
وطَعَنَه طَعْنَةً مُفْرِقَةً: وهي التي لا تَقْتُلُ.
وأفْرَقْتُه: بمعنى أذْرَقْتُه. وفَرَقَ وذَرَقَ: إذا سَلَحَ.
وأفْرَقَ فلانٌ غَنَمَه: أضَلَّها، وهي الفَرِيْقَة.
وأفْرَقَتْ إبِلُه: كَثُرَتْ حتّى صارَتْ فِرْقَتَيْنِ فاحْتَاجَتْ إلى راعِيَيْنِ.
والسَقَاء إِذا مُلِىءَ لَبَناً لا يُسْتَطاع أنْ يُمْخَضَ حتِّى يُفْرَقَ؛ فهو فَرِق.
والأفَارِقُ: جَمْعُ الفِرْقِ من الغَنَم.
ويقولون في المَثَل: " هو أسْرَعُ من فَرِيْقِ الخَيْل " وهو السابقُ لأنَّه يَنْفَرِدُ منها فَيُفارِقُها.
وفارِقِيْنُ: اسْمُ مَدِينةٍ، ويُقال: هذه فارِقُوْنَ ودَخَلتُ فارِقِيْنَ؛ على هِجَاءَيْنِ.
ف ر ق : فَرَقْتُ بَيْنَ الشَّيْءِ فَرْقًا مِنْ بَابِ قَتَلَ فَصَلْتُ أَبْعَاضَهُ وَفَرَقْتُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ فَصَلْتُ أَيْضًا هَذِهِ هِيَ اللُّغَةُ الْعَالِيَةُ وَبِهَا قَرَأَ السَّبْعَةُ فِي قَوْله تَعَالَى {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: 25] .
وَفِي لُغَةٍ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَقَرَأَ بِهَا بَعْضُ التَّابِعِينَ وَقَالَ ابْنُ الْأَعْرَابِيِّ فَرَقْتُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ فَافْتَرَقَا مُخَفَّفٌ وَفَرَّقْتُ بَيْنَ الْعَبْدَيْنِ فَتَفَرَّقَا مُثَقَّلٌ فَجُعِلَ الْمُخَفَّفُ فِي الْمَعَانِي وَالْمُثَقَّلُ فِي الْأَعْيَانِ وَاَلَّذِي حَكَاهُ غَيْرُهُ أَنَّهُمَا بِمَعْنًى وَالتَّثْقِيلُ مُبَالَغَةٌ قَالَ الشَّافِعِيُّ إذَا عَقَدَ الْمُتَبَايِعَانِ فَافْتَرَقَا عَنْ تَرَاضٍ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِهِمَا رَدٌّ إلَّا بِعَيْبٍ أَوْ شَرْطٍ فَاسْتُعْمِلَ الِافْتِرَاقُ فِي الْأَبْدَانِ وَهُوَ مُخَفَّفٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا» يُحْمَلُ عَلَى تَفَرُّقِ الْأَبْدَانِ وَالْأَصْلُ مَا لَمْ تَتَفَرَّقْ أَبْدَانُهُمَا لِأَنَّهُ الْحَقِيقَةُ فِي وَضْعِ التَّفَرُّقِ وَأَيْضًا فَالْبَائِعُ قَبْلَ وُجُودِ الْعَقْدِ لَا يَكُونُ بَائِعًا حَقِيقَةً.
وَفِي حَدِيثِ «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ حَتَّى يَتَفَرَّقَا عَنْ مَكَانِهِمَا» وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ مَعْنَاهُ حَتَّى تَفْتَرِقَ أَقْوَالُهُمَا وَأَلْغَى خِيَارَ الْمَجْلِسِ وَهَذَا التَّأْوِيلُ ضَعِيفٌ لِمُصَادَمَةِ النَّصِّ وَلِأَنَّ الْحَدِيثَ يَخْلُو حِينَئِذٍ عَنْ الْفَائِدَةِ إذْ الْمُتَبَايِعَانِ بِالْخِيَارِ فِي مَالِهِمَا قَبْلَ الْعَقْدِ فَلَا بُدَّ مِنْ حَمْلِهِ عَلَى فَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ تَحْصُلُ بِالْعَقْدِ وَهِيَ خِيَارُ الْمَجْلِسِ عَلَى أَنَّ نِسْبَةَ التَّفَرُّقِ إلَى الْأَقْوَالِ مَجَازٌ وَهُوَ خِلَافُ الْأَصْلِ وَأَيْضًا فَهُمَا إذَا تَبَايَعَا وَلَمْ يَنْتَقِلْ أَحَدُهُمَا مِنْ مَكَانِهِ يَصْدُقُ أَنَّهُمَا لَمْ يَتَفَرَّقَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ تَفَرُّقُ الْأَبْدَانِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ ارْتَكَبَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَجَازَ الْإِسْنَادِ وَمَجَازَ تَسْمِيَتِهِمَا بَائِعَيْنِ قَبْلَ الْعَقْدِ وَأَخْلَى الْحَدِيثَ عَنْ فَائِدَةٍ شَرْعِيَّةٍ بَعْدَ الْعَقْدِ وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَمْلَ عَلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهَا إلَى الْمَجَازِ
وَافْتَرَقَ الْقَوْمُ وَالِاسْمُ الْفُرْقَةُ بِالضَّمِّ وَفَارَقْتُهُ مُفَارَقَةً وَفِرَاقًا

وَالْفِرْقَةُ بِالْكَسْرِ مِنْ النَّاسِ وَغَيْرِهِمْ وَالْجَمْعُ فِرَقٌ مِثْلُ سِدْرَةٍ وَسِدَرٍ وَالْفِرْقُ بِحَذْفِ الْهَاءِ مِثْلُ الْفِرْقَةِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ {فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} [الشعراء: 63] وَالْجَمْعُ أَفْرَاقٌ مِثْلُ حِمْلٍ وَأَحْمَالٍ وَالْفَرِيقُ كَذَلِكَ.

وَالْفَرَقُ بِفَتْحَتَيْنِ مِكْيَالٌ يُقَالُ إنَّهُ يَسَعُ سِتَّةَ عَشَرَ رِطْلًا وَفَرِقَ فَرَقًا مِنْ بَابِ تَعِبَ خَافَ وَيَتَعَدَّى بِالْهَمْزَةِ فَيُقَالُ أَفْرَقْتُهُ.

وَالْفُرْقَانُ الْقُرْآنُ وَهُوَ مَصْدَرٌ فِي الْأَصْلِ.

وَمَفْرِقُ الرَّأْسِ مِثَالُ مَسْجِدٍ حَيْثُ يُفْرَقُ فِيهِ الشَّعْرُ.

وَالْفَارُوقُ الرَّجُلُ الَّذِي يَفْرُقُ بَيْنَ الْأُمُورِ أَيْ يَفْصِلُهَا. 
(ف ر ق) : (الْفَرَقُ) بِفَتْحَتَيْنِ إنَاءٌ يَأْخُذُ سِتَّةَ عَشَرَ رَطْلًا وَذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَصْوُعٍ هَكَذَا فِي التَّهْذِيب عَنْ ثَعْلَبٍ وَخَالِدِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَالْمُحَدِّثُونَ عَلَى السُّكُونِ وَكَلَامُ الْعَرَبِ عَلَى التَّحْرِيك (وَفِي الصِّحَاح) الْفَرْقُ مِكْيَالٌ مَعْرُوفٌ بِالْمَدِينَةِ وَهُوَ سِتَّةُ عَشَرَ رَطْلًا قَالَ وَقَدْ يُحَرَّكُ وَأَنْشَدَ لِخِدَاشِ بْنِ زُهَيْرٍ
يَأْخُذُونَ الْأَرْشَ فِي إخْوَتِهِمْ ... فَرَقَ السَّمْنِ وَشَاةً فِي الْغَنَمْ
(وَالْجَمْع) فُرْقَان وَهَذَا يَكُونُ لَهُمَا جَمِيعًا كَبَطْنٍ وَبُطْنَانٍ وَحَمْلٍ وَحُمْلَانٍ وَفِي التَّكْمِلَةِ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْقُتَبِيُّ فَقَالَ (الْفَرْقُ بِسُكُونِ الرَّاء) مِنْ الْأَوَانِي وَالْمَقَادِير سِتَّةَ عَشْرَ رَطْلًا وَالصَّاعُ ثُلُثُ الْفَرْقِ (وَبِالْفَتْحِ) مِكْيَال ثَمَانُونَ رَطْلًا قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ الْفَرْقُ بِسُكُونِ الرَّاء أَرْبَعَةُ أَرْطَالٍ (قُلْت) وَفِي نَوَادِرِ هِشَامٍ عَنْ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - الْفَرْقُ سِتَّةٌ وَثَلَاثُونَ رَطْلًا وَلَمْ أَجِد هَذَا فِيمَا عِنْدِي مِنْ أُصُول اللُّغَة وَكَذَا فِي الْمُحِيط أَنَّهُ سِتُّونَ رَطْلًا (وَيُقَالُ) فَرَقَ لِي هَذَا الْأَمْرُ فُرُوقًا مِنْ بَابِ طَلَبَ إذَا تَبَيَّنَ وَوَضَح (وَمِنْهُ) فَإِنْ لَمْ يَفْرُقْ لِلْإِمَامِ رَأْيٌ وَفَرَقَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ وَفَرَّقَ بَيْنَ الْأَشْيَاءِ (وَذَكَر) الْأَزْهَرِيُّ فَرَقْتُ بَيْنَ الْكَلَام أَفْرُقُ بِالضَّمِّ وَفَرَّقْتُ بَيْنَ الْأَجْسَام تَفْرِيقًا قَالَ وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا بِالْأَبْدَانِ» لِأَنَّهُ يُقَالُ فَرَّقْتُ بَيْنَهُمَا فَتَفَرَّقَا قُلْت وَمِنْ هَذَا ذَكَرَ الْخَطَّابِيُّ أَنَّ (الِافْتِرَاقَ) بِالْكَلَامِ (وَالتَّفَرُّقَ) بِالْأَجْسَامِ لِأَنَّهُ يُقَالُ فَرَقْتُهُ فَافْتَرَقَ وَفَرَّقْتُهُ فَتَفَرَّقَ (وَفِي حَدِيثِ) عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَرِّقُوا عَنْ الْمَنِيَّةِ وَاجْعَلُوا الرَّأْسَ رَأْسَيْنِ وَلَا تُلِثُّوا بِدَارٍ مُعْجِزَةٍ وَأَصْلِحُوا مَثَاوِيَكُمْ وَأَخِيفُوا الْهَوَامَّ قَبْلَ أَنْ تُخِيفَكُمْ وَاخْشَوْشِنُوا وَاخْشَوْشِبُوا وَتَمَعْدَدُوا أَيْ فَرِّقُوا أَمْوَالَكُمْ عَنْ الْمَنِيَّةِ بِأَنْ تَشْتَرُوا بِثَمَنِ الْوَاحِدِ مِنْ الْحَيَوَانِ اثْنَيْنِ حَتَّى إذَا مَاتَ أَحَدُهُمَا بَقِيَ الثَّانِي وَقَوْلُهُ (وَاجْعَلُوا الرَّأْسَ رَأْسَيْنِ) بَيَانٌ لِهَذَا الْمُجْمَلِ (وَالْإِلْثَاثُ) الْإِقَامَةُ (وَالْمُعْجِزَةُ) بِفَتْحِ الْجِيم وَكَسْرِهَا الْعَجْزُ يَعْنِي سِيحُوا فِي الْأَرْضِ وَلَا تُقِيمُوا بِدَارٍ تَعْجِزُونَ فِيهَا عَنْ الْكَسْبِ أَوْ عَنْ إقَامَةِ أَسْبَابِ الدِّينِ (وَالْمَثَاوِي) جَمْعُ مَثْوًى وَهُوَ الْمَنْزِلُ (وَالْهَوَامُّ) الْعَقَارِبُ وَالْحَيَّاتُ أَيْ اُقْتُلُوهَا قَبْل أَنْ تَقْتُلَكُمْ (وَالِاخْشِيشَانُ) (وَالِاخْشِيشَابُ) اسْتِعْمَالُ الْخُشُونَةِ فِي الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرَبِ وَالْمَلْبَسِ (وَالتَّمَعْدُدُ) التَّشَبُّهُ بِمَعْدٍ وَهِيَ مِنْ قَبَائِلِ الْعَرَبِ يَقُولُ تَشَبَّهُوا بِهِمْ فِي خُشُونَةِ عَيْشِهِمْ وَاطِّرَاحِ زِيِّ الْعَجَمِ وَتَنَعُّمِهِمْ (وَإِفْرِيقِيَّةُ) بِتَخْفِيفِ الْيَاء وَتَشْدِيدِهَا مِنْ بِلَادِ الْمَغْرِبِ وَفِي الْوَاقِعَات وَسَط الصُّفُوف فَجْوَةٌ أَيْ سَعَةٌ مِقْدَارُ حَوْضٍ أَوْ فَارَقَيْنٍ وَهُوَ تَعْرِيبُ بَارَكَيْنِ وَهُوَ شَيْءٌ يَضْرِبُ إلَى السَّعَةِ كَالْحَوْضِ الْوَاسِعِ الْكَبِيرِ يُجْمَعُ فِيهِ الْمَاءُ لِلشِّتَاءِ وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ هَذَا بِمَا وَرَاء النَّهْر الْمَفَارِقُ فِي وب.
فرق: فرق (بالتشديد): قطع، جزأ، بذر (بوشر).
فرق العساكر: سرح الجند (بوشر).
فارق. فارق الدنيا: تقال عن الصوفي إذا جذب وفقد الوعي. ابن جبير ص286).
فارق: معناها الأصلي: انفصل وباين وباعد. غير أن قولهم: فارق فلانا على كذا أصيح يدل على معنى هادنه أو صالحه على شروط معينة. (معجم البلاذري) وفي حيان - بسام (1: 46 ق): وذكر ما فارق والينا عليه من المحالفة معه. وغالبا ما يلتزم الذي طلب المهادنة وحصل عليها بدفع ضريبة. ففي كتاب ابن البيطار (ص121): والتزم حمل قطيع من المال فورق عليه عما في يده (ص187، 200) وفي حيان (ص97 ق): وفارقه التجيبي على ضريبة من المال يحملها إلى الأمير من جباية البلد كل سنة (مباحث 1: 160، الطبعة الأولى).
ومن هذا أصبح قولهم: مال المفارقة، ومال مفارقة، ومفارقة فلان يدل على معنى الضريبة.
ففي حيان (ص62 ق): منع مال المفارقة. وفيه (ص63 و): وإلى حمل مال المفارقة وفي ابن الابار (ص187): أرسل إليهما مفارقته عما في يده. (صحح بهذا المعنى المادة في معجم لين).
أفرق: أراق، صب، سكب للمرة الثانية. (الكالا).
أفرق: أخاف، أرعب. (المقري 2: 331). وانظر فرق في معجم لين وفرق في آخر المادة.
نفرق القوم: اقتسموا الشيء فيما بينهم، أخذ كل منهم نصيبه. (فوك، المقري 2: 331).
تفرق عن: ترك المكان وغادره (معجم البلاذري).
تفارقوا: افترقوا، انفصلوا. (بوشر) وكما تفارقنا: كما اتفقنا عليه عندما افترقنا. (بوشر).
افترق: انفصل، فارق. (رتجرز ص155 في نصوص عربية).
افتراق: طلاق. (الكالا).
استفرق: في ألف ليلة (1: 83) أتيت يوما على عادتي إلى البرية واستفرقت فيها. وكذلك (برسل 1: 213) وقد ترجمها تورنس إلى الإنجليزية بما معناه: وجلت وحيدا فيها.
فرق، والجمع فروق: فارق، اختلاف، تباين (فوك، بوشر).
فرق: فاصل بين صنفين من الشعر. ومن قيل: من فرقه إلى قدمه أي من رأسه إلى قدمه. (ألف ليلة 4: 214).
فرق: نقد. نقود. (دوماس حياة العرب ص356).
فرق: خشرم، جماعة النحل، طائفة من النحل (هلو).
فرق: جماعة الحجل، سرب الحجل (دلأبورت ص140).
فرق: طائفة من الناس. (ياقوت 3: 886). فرق: متمرد، عاص، مفارق للجماعة (أخبار ص124).
فرقة: ملة، نحلة، طائفة، (بوشر، معجم الإدريسي).
فرقة: بطن من بطون القبيلة. (دوماس قبيل ص47، دسكرياك ص336، 349، سندوفال ص266، كرتاس ص75).
فرقة: زمرة، جماعة من الكشافة أو الجند (بوشر).
فرقة: قطيع. ففي ابن بدرون (ص100): افاريق الغنم فرقة: شعبة من النهر، ساعد النهر. (معجم الإدريسي).
فراق: يقال: فراقه لفلان، وفراقه من فلان: مفارقته والافتراق عنه وهجره (معجم الإدريسي).
فراق القبر: آخر زيارة لمقبرة. (دوماس حياة العرب ص143).
فريق: تستعمل مفردا وأسم جمع. وتطلق على كل فرد اجتمع مع آخر ويمكن أن يفارقه ويتركه. أو بالأحرى: كل فرد اجتمع مع آخر ثم فرق بينهما. (فليشر بريشت ص108 في تعليقه على المقري 2: 582).
فريق: قسم من قافلة. (دسكرياك ص579).
فريق: فصيلة، طائفة، صنف. (زيشر 18: 552).
فريق: قائد جيش وهو فوق قائد الألف وله لقب باشا. 0محيط المحيط).
فريقة: حلبة (في الشام).
فريقة: نقاعة. نقوع، (شراب) يتخذ من الحلبة والتمر وغيره. ففي المستعيني حلبة: ذكر إن عرب الشام يسمونها الفريقة، قال أبو حنيفة اخبرني بعض الشيوخ إن عرب الشام يسمونها الفريقة وبذلك يسمى النقوع الذي يتخذ منها ومن التمر أخلاط آخر فيسمى المرض بالفريقة.
فريقة طعما لها. (جويون ص221).
فارق: نوع من أنواع التين، يقال تين فارق. (ابن العوام 1: 95).
فارقين. (باركين أو باركين (فارسية) حوض ماء في وسط المدينة أو القرية. أو خندق يحيط بسور المدينة. (معجم البلاذري).
ترياق فازوق: ترياق يدخل في الجسم بكميات متزايدة تدريجيا من المواد السامة، لكي يكسبه مناعة ضد السموم وهو نوع من الترياق (بوشر).
شراب الفاروق: يطلق الآن على كل ما يتناوله المريض للفرق بين برئه وعدمه (محيط المحيط).
فاريقون (باليونانية هيورفايقون واوفاريقون): هيوفاريقيون، داذي رومي، داذي. (بوشر).
تفريق. تفريق الصيام: فطور، طعام الصباح ترويقة، ما يؤكل على الريق. (الكالا).
تفريق، والجمع تفاريق: متفرق، متنوع. شتى. ففي لطائف الثعالبي (ص37): تفاريق الألقاب. وفيها (ص97): تفاريق البلدان. (ياقوت 1: 8).
تفريق: عند الحسابين نقص عدد من عدد ليس بأقل منه ويسمى بالطرح أيضا. (محيط المحيط).
مفرق: كرنب. ملفوف، منشور، وهو نوع من القنبيط رأسه متفرع إلى عدة فروع. (ابن العوام 2: 167).
متفرق: في مراكب الحمل الرجال المفرق. (أماري ص333) وقد صححها فليشر بالرجال المتفرقة. ولا أدري ما معناها.
المتفرقة: كانت تطلق على الفرسان ذوي الاقطاعات. (وايلد ص223، شويجر ص 168، فانسليب ص31) ونقرأ عند كوبان (ص206). (والمتفرقة والشياؤوكسي ضباط صغار يستخدمهم الباشا). وفي المعجم التركي تصنيف كيفر وبياشي: (هم فرسان يصحبون السلطان في رحلاته ويكلفهم بمهمات خاصة).
باش متفرقة: محاسب التجهيزات، رائد الجيش، وهو نائب ضابط يتولى البحث عن منازل للجنود ويوزع عليهم الأرزاق. (بوشر).
فرق
الفَرْقُ يقارب الفلق لكن الفلق يقال اعتبارا بالانشقاق، والفرق يقال اعتبارا بالانفصال. قال تعالى: وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ
[البقرة/ 50] ، والفِرْقُ: القطعة المنفصلة، ومنه: الفِرْقَةُ للجماعة المتفرّدة من النّاس، وقيل: فَرَقُ الصّبح، وفلق الصّبح. قال: فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
[الشعراء/ 63] ، والفَرِيقُ: الجماعة المتفرّقة عن آخرين، قال:
وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ
[آل عمران/ 78] ، فَفَرِيقاً كَذَّبْتُمْ وَفَرِيقاً تَقْتُلُونَ [البقرة/ 87] ، فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ [الشورى/ 7] ، إِنَّهُ كانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبادِي [المؤمنون/ 109] ، أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ [مريم/ 73] ، وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ [البقرة/ 85] ، وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ [البقرة/ 146] ، وفَرَقْتُ بين الشّيئين: فصلت بينهما سواء كان ذلك بفصل يدركه البصر، أو بفصل تدركه البصيرة. قال تعالى: فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ
[المائدة/ 25] ، وقوله تعالى:
فَالْفارِقاتِ فَرْقاً
[المرسلات/ 4] ، يعني:
الملائكة الّذين يفصلون بين الأشياء حسبما أمرهم الله، وعلى هذا قوله: فِيها يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ [الدخان/ 4] ، وقيل: عمر الفَارُوقُ رضي الله عنه لكونه فارقا بين الحقّ والباطل، وقوله: وَقُرْآناً فَرَقْناهُ
[الإسراء/ 106] ، أي: بيّنا فيه الأحكام وفصّلناه. وقيل: (فَرَقْنَاهُ) أي: أنزلناه مُفَرَّقاً، والتَّفْرِيقُ أصله للتّكثير، ويقال ذلك في تشتيت الشّمل والكلمة. نحو:
يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة/ 102] ، رَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ
[طه/ 94] ، وقوله: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ [البقرة/ 285] ، وقوله: لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ [البقرة/ 136] ، إنما جاز أن يجعل التّفريق منسوبا إلى (أحد) من حيث إنّ لفظ (أحد) يفيد في النّفي، وقال: إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ [الأنعام/ 159] ، وقرئ:
فَارَقُوا والفِراقُ والْمُفَارَقَةُ تكون بالأبدان أكثر. قال: هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ [الكهف/ 78] ، وقوله: وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ [القيامة/ 28] ، أي: غلب على قلبه أنه حين مفارقته الدّنيا بالموت، وقوله: وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ [النساء/ 150] ، أي:
يظهرون الإيمان بالله ويكفرون بالرّسل خلاف ما أمرهم الله به. وقوله: وَلَمْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ [النساء/ 152] ، أي: آمنوا برسل الله جميعا، والفُرْقَانُ أبلغ من الفرق، لأنه يستعمل في الفرق بين الحقّ والباطل، وتقديره كتقدير: رجل قنعان: يقنع به في الحكم، وهو اسم لا مصدر فيما قيل، والفرق يستعمل في ذلك وفي غيره، وقوله: يَوْمَ الْفُرْقانِ [الأنفال/ 41] ، أي: اليوم الذي يفرق فيه بين الحقّ والباطل، والحجّة والشّبهة، وقوله: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً
[الأنفال/ 29] ، أي: نورا وتوفيقا على قلوبكم يفرق به بين الحق والباطل ، فكان الفرقان هاهنا كالسّكينة والرّوح في غيره، وقوله: وَما أَنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الْفُرْقانِ [الأنفال/ 41] ، قيل:
أريد به يوم بدر ، فإنّه أوّل يوم فُرِقَ فيه بين الحقّ والباطل، والفُرْقَانُ: كلام الله تعالى، لفرقه بين الحقّ والباطل في الاعتقاد، والصّدق والكذب في المقال، والصالح والطّالح في الأعمال، وذلك في القرآن والــتوراة والإنجيل، قال: وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ [البقرة/ 53] ، وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ [الأنبياء/ 48] ، تَبارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقانَ [الفرقان/ 1] ، شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ [البقرة/ 185] .
والفَرَقُ: تَفَرُّقُ القلب من الخوف، واستعمال الفرق فيه كاستعمال الصّدع والشّقّ فيه. قال تعالى: وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ
[التوبة/ 56] ، ويقال: رجل فَرُوقٌ وفَرُوقَةٌ، وامرأة كذلك، ومنه قيل للناقة التي تذهب في الأرض نادّة من وجع المخاض: فَارِقٌ وفَارِقَةٌ ، وبها شبّه السّحابة المنفردة فقيل: فَارِقٌ، والْأَفْرَقُ من الدّيك: ما عُرْفُهُ مَفْرُوقٌ، ومن الخيل: ما أحد وركيه أرفع من الآخر، والفَرِيقَةُ: تمر يطبخ بحلبة، والفَرُوقَةُ: شحم الكليتين.
[فرق] فَرَقْتُ بين الشيئين أفْرُقُ فرقا وفرقانا. وفرقت الشئ تفريقا وتَفْرِقَةً، فانْفَرَقَ وافْتَرَقَ وتَفَرَّقَ. وأخذت حقى منه بالتفاريق. وقول الشاعر: أشهد بالمروة يوما والصفا أنك خير من تفاريق العصا قال ابن الاعرابي: العصا تكسر فيتخذ منها ساجور، فإذا كسر الساجور اتخذت منه الاوتاد، فإذا كسر الوتد اتخذ منه عران البخاتى، فإذا فرض رأسه اتخذت منه التوادى تصر بها الاخلاف. وقول تعالى: {وقرآناً فَرَقْناهُ} من خفَّفَ قال: بيَّنَّاهُ، من فَرَقَ يَفْرُقُ، ومن شدَّد قال: أنزلناه مُفَرَّقاً في أيام. والفَرْقُ: مكيالٌ معروفٌ بالمدينة، وهو ستة عشر رطلا، وقذ يحرك. قال خداش ابن زهير: يأخذون الارش في إخوتهم فرق السمن وشاة في الغنم والجمع فرقان. وهذا الجمع قد يكون لهما جميعا، مثل بطن وبطنان، وحمل وحملان. وأنشد أبو زيد: * ترفد بعد الصف في فرقان * قال: والصف أن تحلب في محلبين أو ثلاثة تصف بينها. والفرقان: القرآن، وكل ما فُرِّقَ به بين الحق والباطل فهو فُرْقانٌ، فلهذا قال تعالى: {ولقد آتينا موسى وهارونَ الفُرْقانَ} . والفُرْقُ أيضاً: الفُرْقانُ، ونظيره الخسر والخسران. قال الراجز:

ومشركى كافر بالفرق * والفُرْقَةُ: الاسم من فارقْتُهُ مُفارقَةً وفراقا. والفاروق: اسم سمى به عمر بن الخطاب رضى الله عنه. والمفرق والمفرق: وسط الرأس، وهو الذى بفرق فيه الشعر. وكذلك مَفْرِقُ الطريق ومَفْرَقَهُ، للموضع الذي يتشعب منه طريقٌ آخر. وقولهم للمفرِقِ مفارِقٌ، كأنَّهم جعلوا كلَّ موضع منه مَفْرِقاً، فجمعوه على ذلك. وفَرَقَ له الطريق، أي اتَّجه له طريقان. وفَرَقَتِ الناقة أيضاً تَفْرُقُ فُروقاً، إذا أخذها المخاض فندّتْ في الأرض، وكذلك الاتان. وأنشد الاصمعي :

ومنجنون كالاتان الفارق * والجمع فوارق وفرق. وربَّما شبَّهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة، فيقال فارق. قال عبد بنى الحسحاس يصف سحابا: له فرق منه ينتجن حوله يفقئن بالميث الدماث السوابيا وقال ذو الرمة: أو مزنة فارق يجلو غواربها تبوج البرءق والظلماء علجوم فجعل له سوابى كسوابى الابل، اتساعا في الكلام. والفرق بالتحريك: الخوف، وقد فَرِقَ بالكسر. تقول فَرِقْتُ منك، ولا تقل فَرِقْتُكَ. وامرأةٌ فَروقَةٌ ورجل فروقة أيضا، ولاجمع له. وفي المثل: " رُبَّ عَجَلَةٍ تَهَبُ رَيْثاً، ورُبَّ فَروقَةٍ يُدعى ليثا ". والفرق أيضا: تباعد ما بين الثَنِيَّتَيْنِ وما بين المَنْسِمينِ، عن يعقوب. والفَرَقُ أيضاً في الخيل: إشراف إحدى الوركين على الأخرى، وهو يُكره. والفرسُ أفْرَقُ. ويقال ديكٌ أفْرَقُ بيِّن الفَرَقِ، للذي عُرفُهُ مَفْروقٌ. ورجلٌ أفْرَقُ للذي ناصيته كأنها مَفْروقَةٌ بيِّن الفَرَقِ. وكذلك اللحية. وجمع الرق أفراق. قال الراجز: ينفض عثنونا كثير الافراق تنتح ذفراه بمثل الدرياق قال: والفَرَقُ أيضاً من قولهم: هذه أرضٌ فَرِقَةٌ، وفي نبتها فَرَقٌ، إذا كان متفرِّقاً ولم يكن منصلا. ويقال: هو أبين من فَرَقِ الصُبح، لغة في فَلَقِ الصبح. والفرق بالكسر: القطيع من الغنم العظيم. قال الراعى: ولكنما أجدى وأمتع جده بفرق يخشيه بهجهج ناعقه يهجو بهذا البيت رجلا من بنى نمير يلقب بالحلال، وكان عيره بإبله، فهجاه الراعى وعيره بأنه صاحب غنم، ومدح إبله. يقول: أمتعه جده، أي حظه بالغنم، وليس له سواها. ألا ترى إلى قوله قبل هذا البيت: وعيرني الابل الحلال ولم يكن ليجعلها لا بن الخبيثة خالقه والفرق: الفلق من الشئ إذا انفلق، ومنه قول تعالى: {فانْفَلَقَ فكان كلُّ فِرْقٍ كالطودِ العظيم} . وذات فرقين، التى في شعر عبيد بن الابرص : هضبة بين البصرة والكوفة. والفرقة: طائفة من الناس، والفَريقُ أكثر منهم. وفي الحديث " أفاريقُ العرب "، وهو جمع أفْراقٍ جمع فرقة. قال الاصمعي: أفْرَقَ المريض من مرضه، والمحمومُ من حماه، أي أقبل. قال أعرابي لآخر: ما أمار إفراق المورود؟ فقال الرحضاء. يقول: ما علامة برء المحموم؟ فقال: العرق. وناقة مفرق، أي فارتها ولدها بموت. والفَريقَةُ: تمرٌ يُطبخ بحُلْبةٍ للنُفَساء. قال أبو كَبير: ولقد وَرَدْتَ الماَء لونُ جِمامِهِ لونُ الفَريقَةِ صفيت للمدنف والفريقة من الغنم: أن تتفرَّقَ منها قطعة شاة أو شاتان أو ثلاث شياهٍ فتذهب تحت الليل عن جماعة الغنم. قال الشاعر : وذفرى ككاهل ذيخ الخليف أصاب فريقة ليل فعاثا ومفرق النعم هو الظَرِبانُ، لأنَّه إذا فسا بينها وهى مجتمعة تفرقت. والفرانق: البريد، وهو الذى يُنذر قدّامَ الأسد، وهو مُعَرَّبٌ " پروانك " بالفارسية. قال امرؤ القيس: وإنِّي أذينٌ إن رَجَعْتُ مُمَلَّكاً بسَيْرٍ ترى منه الفُرانِقَ أزْوَرا وربَّما سمُّوا دليل الجيش فُرانِقاً. وإفريقية: اسم بلاد.
[فرق] فيه: كان يغتسل من "الفرق"، هو بالحركة مكيال يسع ستة عشر رطلًا وهو اثنا عشر مدًا، وثلاثة آصع في الحجاز، وقيل: الفرق خمسة أقساط، والقسط نصف صاع، وهو بالسكون: مائة وعشرون رطلًا. ك: هذا لا ينافي ح غسله من صاع لاختلاف الأحوال. ن: لا يريد أن اغتساله من ملئه بل يريد أنه إناء يغتسل منه، وهو بفتح راء وسكونها: ثلاثة آصع. نه: ومنه ح: ما أسكر منه "الفرق" فالحسوة منه حرام. وح: في كل عشرة "أفرق" عسل "فرق"، هو جمع فرق كجبل وأجبل. ط: وذكره في ح المزابنة ليس بطريق قيد وشرط بل تمثيل. نه: وفي ح الوحي: فجئت منه "فرقًا"، هو بالحركة: الخوف والفزع. ومنه ح: أبا لله "تفرقني"، أي تخوفني. ج: ومنه ح: "فرقًا" منك، أي خوفًا وفزعًا. وح: و"فرقًا" من أن أصيب. وح: أرعدت من "الفرق". وح: إما "تفرق" مني. وح: حتى "فرقت". ك: أو قال: "فرق" منك، بفتح راء أي خوف، وهو شك من الراوي. ش: ومنه: و"يفرق" لرؤيته من لم يره صلى الله عليه وسلم، أي يفزع، من باب علم. نه: وفي صفته صلى الله عليه وسلم: إن "انفرقت" عقيقتة "فرق"، أي إن صار شعره فرقين بنفسه في مفرقه تركه وإن لم ينفرق لم يفرقه. ن: "مفرق" الرأس، بفتح ميم وكسر راء: وسطه. وح: ثمعد، أي فرق الشعر بعضه من بعض. ط: وقد مر في سدل. وح: فإذا "فرقت" له رأسه صدعت- مر في ص. وح: في "مفارق" رسول الله صلى الله عليه وسلم، هي جمع مفرق بكسر راء وفتحها. ش: وكذا "مفرق" صدري، ويريد موضع الشق. ك: وجمع نظرًا إلى أن كل جزء منه كأنه مفرق. و"يفرقون"- بكسر راء وضمها، أي يفرقون بعض الشعر عن بعض، وموافقة أهل الكتاب لأنهم أقرب إلى الحق من عبدة الأوثان. نه: لا "يفرق" بينإلا بحقه، ويمكن أن يكون سمعه واستظهر به أو أن يكون ظن عمر أن المقاتلة لكفرهم فاحتج بالحديث، وأجاب الصديق بأنها لمنع الزكاة لا لكفرهم. وح: لا بأس أن "يفرق" لقوله تعالى "فعدة من أيام أخر" أي فعدد من أيام أخر أعم من أن يكون متفرقة أو متتابعة. ك: حين "فرقة" من الناس، أي زمان افتراق الناس، وروى: خير فرقة- أي أفضل طائفة في عصره أي علي وأصحابه، أو خير القرون- ومر في خير.، وفي ح شق القمر: فذهب "فرقة" نحو الجبل، أي نزلت قطعة ناحية جبل حراء، وبقيت قطعة فوقه في مكانه، وكان الحراء بينهما، والحديث من مراسيل الصحابة إذ لم يكن أنس وابن عباس عاقلين في مكة، قوله: فرقة دونه، أي تحته. مد: ((إن الذين "فرقوا" دينهم)) اختلفوا فيه وصاروا فرقًا، كل فرقة تشيع إمامًا لها. غ: ((يوم "الفرقان")) يوم بدر، فارق بين الحق والباطل. "فالفارقات فرقًا" أي الملائكة تفرق بين الحق والباطل. و ((موسى الكتاب و"الفرقان")) أي انفلاق البحر. و"فرقناه"، فصلناه، وبالتشديد: فرقه في التنزيل ليفهم الناس. و ((يجعل لكم "فرقانًا")) أي فتحًا، ويقال للصبح: فرقان. قس: أما إني لم "أفارقه"، أي مفارقة عرفية بأغلب الأحوال وإلا فقد هاجر إلى الحبشة، و"أما" بفتح همزة. وح: "ستفرق" أمتي على ثلاث وسبعين؛ الخطابي: فيه دلالة على أن هذه الفرق غير خارجة عن الملة والدين إذ جعلهم من أمته.
(ف ر ق)

الْفرق: خلاف الْجمع.

فرقه يفرقه فرقا، وفرقه.

وَقيل: فرق للصلاح فرقا، وَفرق للإفساد، تفريقا.

وانفرق الشَّيْء، وتفرق، وافترق.

وَقَوله تَعَالَى: (وإِذْ فرقنا بكم الْبَحْر) مَعْنَاهُ: شققناه.

وَالْفرق: الْقسم، وَالْجمع: أفراق، ابْن جني وَقِرَاءَة من قَرَأَ: (فرقنا بكم الْبَحْر) بتَشْديد الرَّاء شَاذَّة، من ذَلِك أَي: جَعَلْنَاهُ فرقا وأقساما.

وَفرق بَين الْقَوْم يفرق، وَيفرق، وَفِي التَّنْزِيل: (فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين) قَالَ اللحياني: وروى عَن عبيد بن عُمَيْر اللَّيْثِيّ أَنه قَرَأَ: (فافرق بَيْننَا) بِكَسْر الرَّاء.

وَفرق بَينهم: كفرق، هَذِه عَن اللحياني. وَفَارق الشَّيْء مُفَارقَة، وفراقا: باينه.

وَالِاسْم: الْفرْقَة.

وتفارق الْقَوْم: فَارق بَعضهم بَعْضًا.

وَفَارق فلَان امْرَأَته مُفَارقَة، وفراقا: باينها.

وَالْفرق، والفرقة، والفريق: الطَّائِفَة من الشَّيْء المتفرق.

وَنِيَّة فريق: مفرقة، قَالَ:

أحقا إِن جيرتنا استقلوا ... فنيتنا ونيتهم فريق

قَالَ سِيبَوَيْهٍ: قَالَ: فريق، كَمَا تَقول للْجَمَاعَة: صديق، وَفِي التَّنْزِيل: (عَن الْيَمين وَعَن الشمَال قعيد) .

وَالْفرق: الْفَصْل بَين الشَّيْئَيْنِ. وَجمعه: فروق.

وَفرق بَين الشَّيْئَيْنِ يفرق فرقا: فصل، وَقَوله تَعَالَى: (فالفارقات فرقا) قَالَ ثَعْلَب: هِيَ الْمَلَائِكَة تزيل بَين الْحَلَال وَالْحرَام، وَقَوله عز وَجل: (وقُرْآنًا فرقناه) أَي: فصلناه. وأحكمناه.

وَفرق الشّعْر بالمشط يفرقه، ويفرقه فرقا، وفرقه: سرحه.

وَفرق الرَّأْس: مَا بَين الجبين إِلَى الدائرة، قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:

ومتلف مثل فرق الرَّأْس تخلجه ... مطارب زقب أميالها فيح

شبه وسط رَأسه: بفرق الرَّأْس فِي ضيقه.

ومفرقه، ومفرقه كَذَلِك وسط رَأسه.

وَفرق لَهُ عَن الشَّيْء: بَينه لَهُ، عَن ابْن جني.

ومفرق الطَّرِيق، ومفرقه: متشعبه.

وَالْفرق فِي النَّبَات: أَن يتفرق قطعا.

وَأَرْض فرقة: فِي نبتها فرق، على النّسَب، لِأَنَّهُ لَا فعل لَهُ إِذا لم تكن واصبة مُتَّصِلَة النَّبَات وَكَانَ مُتَفَرقًا. وَقَالَ أَبُو حنيفَة: نبت فرق: صَغِير لم يغط الأَرْض.

والأفرق: الأفلج.

وَقيل: الْبعيد مَا بَين الأليتين.

والأفرق: المتباعد مَا بَين الثنيتين.

وتيس أفرق: بعيد مَا بَين القرنين.

وبعير افرق: بعيد مَا بَين المنسمين.

وديك افرق: ذُو عرفين، وَذَلِكَ لانفراج مَا بَينهمَا.

والأفرق من الرِّجَال: الَّذِي ناصيته كَأَنَّهَا مفروقة.

وَمن الْخَيل: الَّذِي إِحْدَى وركيه شاخصة، وَالْأُخْرَى مطمئنة.

وَقيل: هُوَ النَّاقِص إِحْدَى الْوَرِكَيْنِ، قَالَ:

لَيست من الْفرق البطاء دوسر

وانشده يَعْقُوب: من الْفرق البطاء، وَقَالَ: القرق: الأَصْل، وَلَا ادري كَيفَ هَذِه الرِّوَايَة!! وَفرس أفرق: لَهُ خصية وَاحِدَة.

وَالْفِعْل من كل ذَلِك فرق فرقا.

والمفروقان من الْأَسْبَاب: هما اللَّذَان يقوم كل وَاحِد مِنْهُمَا بِنَفسِهِ، أَي: يكون حرف متحرك وحرف سَاكن ويتلوه حرف متحرك نَحن " مستف " من: " مستفعلن " و" عيلن " من: " مفاعيلن ".

وَالْفرْقَان: مَا فرق بَين الْحق وَالْبَاطِل.

وَالْفرْقَان: الْحجَّة.

وَالْفرْقَان: النَّصْر، وَفِي التَّنْزِيل: (ومَا انزلنا على عَبدنَا يَوْم الْفرْقَان) وَهُوَ يَوْم بدر.

والفاروق: كل مَا فرق بَين شَيْئَيْنِ.

وَرجل فاروق: يفرق بَين الْحق وَالْبَاطِل. والفاروق: عمر رَضِي الله عَنهُ، لتفريقه بَين الْحق وَالْبَاطِل، وَقيل: إِنَّه أظهر الْإِسْلَام بِمَكَّة فَفرق بَين الْكفْر وَالْإِيمَان.

وَالْفرق: مَا انْفَلق من عَمُود الصُّبْح، لِأَنَّهُ فَارق سَواد اللَّيْل.

وَقد انفرق.

وعَلى هَذَا أضافوا فَقَالُوا: أبين من فرق الصُّبْح.

وَقيل: الْفرق: الصُّبْح نَفسه.

والفارق من الْإِبِل: الَّتِي تفارق إلفها فتنتتح وَحدهَا.

وَقيل: هِيَ الَّتِي اخذها الْمَخَاض فَذَهَبت نادّة فِي الأَرْض. وَجَمعهَا: فرق، وفوارق.

وَقد فرقت تفرق فروقا.

وسحابة فَارق: مُنْقَطِعَة من مُعظم السَّحَاب، تشبه بالفارق من الْإِبِل.

قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الْفَارِق من الْإِبِل: الَّتِي تشتد ثمَّ تلقي وَلَدهَا من شدَّة مَا يمر بهَا من الوجع.

وأفرقت النَّاقة: أخرجت وَلَدهَا، فكانها فارقته.

وناقة مفرق: فَارقهَا وَلَدهَا. وَالْجمع: مفاريق.

وَالْفرق: القطيع من الْغنم، وَالْبَقر، والظباء.

وَقيل: هُوَ مَا دون الْمِائَة من الْغنم، قَالَ الرَّاعِي:

ولكنما أجدى وأمتع جده ... بفرق يخشيه بهجهج ناعقه

والفريق: كالفرق.

وَالْفرق، والفريق من الْغنم: الضَّالة.

وافرق غنمه: اضلها.

والفرقة من الْإِبِل: مَا دون الْمِائَة.

وَفرق مِنْهُ فرقا: جزع، وَحكى سِيبَوَيْهٍ: فرقه على حذف " من " قَالَ: حِين مثل نصب قَوْلهم: أَو فرقا خيرا من حب: أَي أَو أفرقك فرقا.

وَفرق عَلَيْهِ: فزع وأشفق، هَذِه عَن اللحياني. وَرجل فرق، وَفرق، وفروق، وفروقة، وفروق، وفروقة، وفاروق، وفاروقة: شَدِيد الْفرق، الْهَاء فِي كل ذَلِك لغير تَأْنِيث الْمَوْصُوف بِمَا هِيَ فِيهِ، إِنَّمَا هِيَ إِشْعَار بِمَا أُرِيد من تَأْنِيث الْغَايَة وَالْمُبَالغَة.

وَامْرَأَة فروقة.

وَحكى اللحياني. فرقت الصَّبِي: إِذا رعته وأفزعته، وأراها: " فرقت " بتَشْديد الرَّاء، لِأَن مثل هَذَا يَأْتِي على " فعلت " كثيرا لِقَوْلِك: فزعت، وروعت، وخوفت.

وفارقني ففرقته، افرقه: أَي كنت اشد فرقا مِنْهُ، عَن اللحياني، حَكَاهُ عَن الْكسَائي.

وأفرق الْمَرِيض: بَرِيء، وَلَا يكون إِلَّا من مرض يُصِيب الْإِنْسَان مرّة وَاحِدَة، كالجدري والحصبة وَمَا اشبههما.

قَالَ اللحياني: كل مُفِيق من مَرضه: مفرق، فَعم بذلك.

وافرق الرجل، والطئر، والسبع، والثعلب: سلح، انشد اللحياني:

أَلا تِلْكَ الثعالب قد توالت ... عَليّ وحالفت عرجاً ضباعاً

لتأكلني فَمر لَهُنَّ لحمي ... فأفرق من حذَارِي أَو أتاعا

قَالَ: ويروى: فأذرق. وَقد تقدم.

والمفرق: الغاوي، على التَّشْبِيه بذلك، أَو لِأَنَّهُ فَارق الرشد، وَالْأول اصح، قَالَ رؤبة:

حَتَّى انْتهى شَيْطَان كل مفرق

والفريقة: أَشْيَاء تخلط للنفساء من بر وتمر وحلبة.

والفروقة: شَحم الكليتين، قَالَ الرَّاعِي:

فبتنا وباتت قدرهم ذَات هزة ... يضيء لنا شَحم الفروقة والكلى

وأفرقوا إبلهم: تركوها فِي المرعى، فَلم ينتجوها وَلم يلقحوها.

وَالْفرق: الْكَتَّان، قَالَ: واغلاظ النُّجُوم معلقات ... كحبل الْفرق لَيْسَ لَهُ انتصاب

وَالْفرق، وَالْفرق: مكيال ضخم لأهل الْمَدِينَة.

وَقيل: هُوَ أَرْبَعَة ارباع.

والفريق: النَّخْلَة تكون فِيهَا أُخْرَى. هَذِه عَن أبي حنيفَة.

والفروق: مَوضِع، قَالَ عنترة:

وَنحن منعنَا بالفروق نساءكم ... نطرف عَنْهَا مبسلات غواشيا

ومفروق: لقب النُّعْمَان بن عَمْرو.

وَهُوَ: اسْم أَيْضا.

ومفروق: اسْم جبل، قَالَ رؤبة:

ورعن مفروق تسامى أرمة
فرق
فرَقَ يفرُق ويَفرِق، فَرْقًا وفُرْقانًا، فهو فارِق، والمفعول مفروق (للمتعدِّي)
• فرَقَ بين الشَّيئين: فصَل، ميّز أحدهما من الآخر "فرَق بين الأخوين في المعاملة- {فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} - {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا}: فصلاً بين الحقّ والباطل والحلال والحرام، أو تفريقًا للسَّحاب".
• فرَقَ بين المتشابهين: بيّن أوجه الخلاف بينهما "فرَق بين أنواع القطن".
• فرَقَ الشَّيءَ: قَسَمَه، فلقه وشقَّه "فرَق الخبز- {وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ} ".
• فرَقَ الكتابَ: فصّله، بيّنه "فرق المقال- {وَقُرْءَانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ}: أنزلناه مُفرَّقًا- {فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} ".
• فرَقَ الشَّعرَ بالمشط: سرَّحه. 

فرِقَ/ فرِقَ من يَفرَق، فَرَقًا، فهو فَرِق، والمفعول مَفْرُوق منه
• فرِقَت أسنانُه: تباعَدَت.
• فرِقَ منه: فزع، جزِع واشتدَّ خوفه " {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ فَرِقَتْ قُلُوبُهُمْ} [ق]- {وَمَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ} ". 

افترقَ يفترق، افتراقًا، فهو مُفترِق
• افترقَ الأخوةُ: تباعدوا، ذهب كلٌّ منهم في اتجاه، عكسه اجتمعوا "افترق الأصدقاء بعد التخرج من الجامعة- افترق الحلفاء بعد انتهاء الحرب" ° افترق الصُّبْحُ: انفلق عن نور النَّهار.
• افترقَ الطَّريقُ: انقسم إلى شُعَب. 

تفارقَ يتفارق، تفارُقًا، فهو مُتفارِق
• تفارقَ الأصدقاءُ: تباعدوا، فارق بعضهم بعضًا "تفارق الطلاب بعد اجتيازهم الثانوية العامة- تفارق المتظاهرون بعد انتهاء المظاهرة- هما صديقان لا يتفارقان- {وَإِنْ يَتَفَارَقَا يُغْنِ اللهُ كُلاًّ مِنْ سَعَتِهِ} [ق]: ينفصلا وتقع بينهما الفرقة بالطّلاق". 

تفرَّقَ يتفرَّق، تفرُّقًا، فهو مُتفرِّق
• تفرَّقَ القومُ: تباعدوا، تشتَّتوا، ذهب كل منهم في اتجاه، عكسه تجمّعوا "تفرَّق الجمهور بعد العرض- {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُوا}: ولا تتقاطعوا ولا تتدابروا- {ءَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ}: متعدِّدون مختلفون" ° تفرَّقوا أيادي سَبَأ/ تفرَّقوا أَيْدي سَبَأ [مثل]: تفرّقوا كما تفرّقت قبائل اليمن في البلاد عندما غرقت أرضهم وذهبت جنّاتهم- تفرّقت بهم الطرق: ذهب كلّ منهم في طريق- تفرَّقت كلمتهم: اختلفوا- تفرَّقوا شذر مذر: ذهبوا في كل اتجاه.
• تفرَّقَ الشَّيءُ: انقسم إلى جزأين أو إلى تصنيفين. 

فارقَ يفارق، مُفارَقةً وفِراقًا، فهو مُفارِق، والمفعول مُفارَق
• فارقَ فلانًا:
1 - ابتعد عنه، باعده، انفصل عنه وتركه "فارق أصدقاء السوء- فارق أهله بالسفر إلى الخارج- {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} - {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ} - {وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ}: مفارقة الدُّنيا بالموت" ° فارق الحياةَ/ فارقته نَفْسُه: مات.
2 - تجاوزه "فارَق طَوْر الطفولة". 

فرَّقَ يفرِّق، تفريقًا وتفرقةً، فهو مُفرِّق، والمفعول مُفرَّق (للمتعدِّي)
• فرَّقَ بينهما:
1 - باعد بينهما، فصل بينهما "فرّق بين أصناف البضاعة- فرّق الخلافُ بينهما- فرّق القاضي بين الزوجين- {يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ} " ° سياسَةُ فرِّق تَسُد: سياسة تدعو إلى خلق خلافات بين من تسيطر عليهم (حتى لا يتحدوا ضدك) لتضمن استمرار السيطرة عليهم.
2 - ميّز بينهما "دون تفريق بين الطوائف والأجناس- وقف التفرقة العنصرية- {لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} ".
• فرَّقَ الأشياءَ والناسَ: شتَّتهم، قسَّمهم، ضد جمَّعهم "فرّقت الحربُ جمعهم- فرّقت الشرطة تجمّعات طلابيّة- {فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ} - {اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ} " ° فرّق الشَّملَ: شتّت جمعهم.
• فرَّقَ الشَّيءَ: وزّعه ونَشَره "فرّق جنوده قبل الهجوم- فرَّق زكاة ماله على المستحقين". 

أفرَقُ [مفرد]: ج فُرْق، مؤ فَرْقاءُ
• الأفرق:
1 - من كان شعر لحيته أو ناصيته مفروقًا.
2 - من كانت أسنان فمه مفروقة. 

تفاريقُ [جمع]: مف تَفْريق
• تفاريق الشَّيء: أجزاؤه المتقسِّمة "ضمّ تفاريق متاعه" ° دفتر التَّفاريق: دفتر المفردات. 

تَفْرقة [مفرد]:
1 - مصدر فرَّقَ.
2 - (مع) تمييز بين الجماعات أو الأشخاص على أساس اللَّون أو الجنس أو الدِّين.
• التَّفرقة العنصريَّة: (سة) نزعة سياسيّة غير مشروعة، تفرِّق بين الأجناس على أساس اللَّون أو الجنس. 

تفريق [مفرد]:
1 - مصدر فرَّقَ.
2 - (قن) نص قضائيّ ينهي علاقة زواج، طلاقٌ بحكم القضاء غير رجعيّ "طلب التفريق".
3 - هجرٌ بين زوجين بدون طلاق "تفريق جسمانيّ". 

فارِق [مفرد]: ج فارقون وفوارقُ (لغير العاقل)، مؤ فارِقة، ج مؤ فارقات وفوارقُ:
1 - اسم فاعل من فرَقَ ° الفوارق الطَّبيعيَّة- علامة فارقة: علامة مميِّزة.
2 - تفاوت، اختلاف طفيف "فارق بين لونين".
3 - بُعد شاسِع، بَوْن، مسافة فاصلة "فارق بين مستواهما الحياتيّ- فارق بين أسلوبيهما" ° مع بُعْد الفارق. 

فارقات [جمع]
• الفارقات:
1 - الملائكة التي تفصل بين الحقّ والباطل " {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} ".
2 - آيات القرآن التي تفرّق بين الحلال والحرام " {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} ".
3 - الرِّياح التي تذهب بالسَّحاب إلى أماكن متفرِّقة أو تفرِّق السَّحاب " {فَالْفَارِقَاتِ فَرْقًا} ". 

فاروق [مفرد]
• الفاروق: لقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ لأنه فرّق بين الحق والباطل. 

فَرْق [مفرد]: ج فُروق (لغير المصدر):
1 - مصدر فرَقَ.
2 - ما يميِّز بين الأشياء "فروق الأسعار- فرْق السِّن" ° لا فرْق: سيَّان.
3 - (جب) حاصل طرح عدد من عدد أو كميّة من كميّة، وهو الباقي.
4 - فاصل بين صَفّين من شعر الرأس. 

فَرَق [مفرد]: مصدر فرِقَ/ فرِقَ من. 

فَرِق [مفرد]: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من فرِقَ/ فرِقَ من: جزِعٌ شديد الخوف. 

فِرْق [مفرد]: ج أفراق وفُروق: فِلْقٌ، قطعة منفصلة، قسم من الشيء إذا انفلق " {أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} ". 

فُرْقان [مفرد]:
1 - مصدر فرَقَ.
2 - نور وهداية وتوفيق " {إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا} ".
3 - كل ما فُرِق به (فُصل) بين الحق والباطل " {هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} ".
4 - حُجَّة ودليل.
• الفُرْقان:
1 - من أسماء القرآن الكريم؛ لأنه فرّق بين الحقّ والباطل " {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا} ".
2 - الكتب السَّماويّة الفارقة بين الحقّ والباطل " {وَلَقَدْ ءَاتَيْنَا مُوسَى وَهَارُونَ الْفُرْقَانَ} ".
3 - اسم سورة من سُور القرآن الكريم، وهي السُّورة رقم 25 في ترتيب المصحف، مكِّيَّة، عدد آياتها سبعٌ وسبعون آية.
• يوم الفُرقان: يوم بدر، لأنّه فرق بين الكفر والإيمان " {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى عَبْدِنَا يَوْمَ الْفُرْقَانِ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ} ". 

فُرْقة [مفرد]: ج فُرُقات وفُرْقات: فِراق؛ ابتعاد، انفصال، عكسها اتصال "فُرْقة الأصدقاء- فُرْقة بين زوجين- الفُرْقة تولد الضعف- بكفّ الفُرْقة تقدح نار الحُرقة". 

فِرْقة [مفرد]: ج فِرْقات وفِرَق:
1 - جماعة تربطهم معتقدات معينة وكثيرًا ما تعزلهم عن غيرهم فيكونوا مجتمعًا مغلقًا "فِرَق سياسية".
2 - طائفة من الناس منظَّمة لهدف معيَّن "فِرْقة مطافئ/ تمثيل/ موسيقية/ استعراضيّة/ مسرحيّة/ غنائيّة- {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} ".
3 - (سك) عدد من الألوية يختلف باختلاف الجيوش "دفع القائد بفرقة مدرَّعة إلى المعركة".
4 - صَفّ دِراسيّ، مجموعة من التلاميذ في درجة واحدة من التعليم "يدرس في الفِرقة الرابعة".
• فرقة دينية: طائفة لها مذهب معين "قرأت عدّة كتب عن الفِرَق الدينية في الإسلام- الفِرَق الإسلاميّة". 

فُرقِيّ [مفرد]
• الملفاف الفُرقِيّ: (فز) جهاز لرفع الأثقال يتكوّن من أسطوانتين مختلفتي القطر ملفوف عليهما حبل الرَّفع في اتجاهين مختلفين. 

فريق [جمع]: جج أفرِقة وفُرقاء:
1 - طائفة من النّاس أكبر من الفِرْقة منظَّمة للعمل معًا "فريق مكافحة التدخين- {وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللهِ} - {فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ}: فريق مؤمن وفريق كافر- {لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ} " ° روح الفريق: روح التّعاون- فريق عمل: مجموعة من الأشخاص يُعِدُّون لعمل ما.
2 - قطعة وجزء " {لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالإِثْمِ} ".
3 - (رض) مجموعة لاعبين رياضيّين "فريق كُرة القدم/ الطائرة" ° مُدرِّب الفريق: من يتولَّى تدريب مجموعة من اللاعبين.
4 - (سك) رُتْبة عسكريَّة عُليا من رتب الجيش، فوق اللواء ودون الفريق أوَّل.
• فريق أوّل: (سك) رُتْبة عسكريَّة عُليا من رتب الجيش، فوق الفريق ودون المشير. 

مُتفرِّقات [جمع]: مجموعة من الأشياء المتنوِّعة "متفرِّقات أدبيّة- ضمّ كتابُه مسائلَ متفرقاتٍ". 

مُفارَقة [مفرد]: ج مُفارقات:
1 - مصدر فارقَ.
2 - (سف) إثبات لقول يتناقض مع الرأي الشائع في موضوع ما بالاستناد إلى اعتبار خفيّ على هذا الرأي العام حتى وقت الإثبات "مفارقة تاريخيّة: مغالطة وخطأ تاريخيّ". 

مُفْترَق [مفرد]
• مُفْترَق الطُّرُق: ساعة الفصل والحسم "تقف الأمة العربية الآن في مفترق طرق". 

مُفرَّق [مفرد]: اسم مفعول من فرَّقَ: مُبعثَر.
• البيع بالمُفرَّق: (جر) البيع للمستهلك مباشرة، بيع القطَّاعي، عكسه البيع بالجملة "شغل بالمُفرَّق: عمل يجازى عليه على أساس القطع المنجزة" ° تاجر المفرَّق: من يبيع بالمفرَّق، عكسه تاجر الجملة. 

مَفْرِق [مفرد]: ج مَفارِقُ: اسم مكان من فرَقَ: موضع يتشعَّب منه طريق آخر "على كل مفْرقِ طريقٍ شرطيَّ يُنظم حَركة السير" ° مفارِقُ الحديث: وجوهه الواضحة.
• مَفْرِق الرَّأْس: موضع انفراق الشَّعر. 

مِفْرَق [مفرد]: ج مَفارِق: (فز) جهاز لقياس الجُهد. 

مَفْروق [مفرد]: اسم مفعول من فرَقَ.
• الجناس المَفْروق: (بغ) وجود كلمتين في القافية مختلفتي الهجاء متَّحدتي الصوت.
• الوَتِد المَفْروق: (عر) ما تركّب من حركتين بينهما ساكن. 

فرق: الفَرْقُ: خلاف الجمع، فَرَقه يَفْرُقُه فَرْقاً وفَرَّقه، وقيل:

فَرَقَ للصلاح فَرْقاً، وفَرَّق للإِفساد تَفْريقاً، وانْفَرَقَ الشيء

وتَفَرَّق وافْتَرقَ. وفي حديث الزكاة: لا يُفَرَّقُ

بين مجتمع ولا يجمع بين مُتَفَرِّق خشية الصدقة، وقد ذكر في موضعه

مبسوطاً، وذهب أَحمد أَن معناه: لو كان لرجل بالكوفة أَربعون شاةً وبالبصرة

أَربعون كان عليه شاتان لقوله لا يُجْمَعُ

بين مُتفرِّق، ولو كان له ببغداد عشرون وبالكوفة عشرون لا شيء عليه، ولو

كانت له إِبل متفرقة في بلْدانٍ شَتَّى إِن جُمِعَتْ وجب فيها الزكاة،

وإِن لم تجمع لم تجب في كل بلد لا يجب عليه فيها شيء. وفي الحديث:

البَيِّعَانِ بالخيار ما لم يَفْتَرِقَا

(* قوله «ما لم يفترقا» كذا في الأصل،

وعبارة النهاية: ما لم يتفرقا، وفي رواية: ما لم يفترقا)؛ اختلف الناس في

التَّفَرُّق الذي يصح ويلزم البيع بوجوبه فقيل: هو بالأَبدان، وإِليه ذهب

معظم الأَئمة والفقهاء من الصحابة والتابعين، وبه قال الشافعي وأَحمد،

وقال أَبو حنيفة ومالك وغيرهما: إِذا تعاقدا صحَّ البيع وإِن لم

يَفْتَرِقَا، وظاهر الحديث يشهد للقول الأَول، فإِن رواية ابن عمر في تمامه: أَنه

كان إِذا بايع رجلاً فأَراد أَن يتمّ البيعُ قام فمشى خَطَوات حتى

يُفارقه، وإِذا لم يُجْعَل التَّفَرُّق شرطاً في الانعقاد لم يكن لذكره فائدة،

فإِنه يُعْلَم أَن المشتري ما لم يوجد منه قبول البيع فهو بالخيار،

وكذلك البائع خيارُه ثابتٌ في ملكه قبل عقد البيع. والتَّفَرّقُ

والافْتِراقُ سواء، ومنهم من يجعل التَّفَرّق للأَبدان والافْتِراقَ في الكلام؛ يقال

فَرَقْت بين الكلامين فافْترقَا، وفَرَّقْتُ

بين الرجلين فَتَفَرّقا. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: فَرِّقُوا عن

المَنِيَّة واجعلوا الرأْس رأْسين؛ يقول: إِذا اشتريتم الرقيق أَو غيره من

الحيوان فلا تُغَالوا في الثمن واشتروا بثمن الرأْس الواحد رأْسين، فإِن

مات الواحد بقي الآخر فكأَنكم قد فَرَّقتم مالكم عن المنيّة. وفي حديث ابن

عمر: كان يُفَرِّق بالشك ويجمع باليقين، يعني في الطلاق وهو أَن يحلف

الرجل على أَمر قد اختلف الناس فيه ولا يُعْلَم مَنِ المُصيبُ منهم فكان

يُفَرِّق بين الرجل والمرأَة احتياطاً فيه وفي أَمثاله من صور الشك، فإِن

تبين له بعد الشك اليقينُ

جَمَعَ بينهما. وفي الحديث: من فارَقَ الجماعة فَمِيتَتُه جاهليّة؛ يعني

أَن كل جماعة عَقَدت عَقْداً يوافق الكتاب والسنَّة فلا يجوز لأَحد أَن

يفارقهم في ذلك العقد، فإِن خالفهم فيه استحق الوعيد، ومعنى قوله فميتته

جاهلية أَي يموت على ما مات عليه أَهل الجاهلية من الضلال والجهل. وقوله

تعالى: وإِذ فَرَقْنا بكم البحر؛ معناه شققناه. والفِرْقُ: القِسْم،

والجمع أَفْراق. ابن جني: وقراءة من قرأَ فَرَّقنا بكم البحر، بتشديد الراء،

شاذة، من ذلك، أَي جعلناه فِرَقاً وأَقساماً؛ وأَخذتُ حقي منه

بالتَّفَارِيق.

والفِرْقُ: الفِلْق من الشيء إِذا انْفَلَقَ منه؛ ومنه قوله تعالى:

فانْفَلَق فكان كلُّ فِرْقٍ كالطَّوْد العظيم. التهذيب: جاءَ

تفسير فرقنا بكم البحر في آية أُخرى وهي قوله تعالى: وأَوحينا إِلى موسى

أَن اضرب بعصاك البحر فانْفَلَق فكان كل فِرْقٍ كالطود العظيم؛ أَراد

فانْفَرَق البحرُ فصار كالجبال العِظام وصاروا في قَرَاره. وفَرَق بين

القوم يَفْرُق ويَفْرِق. وفي التنزيل: فافْرُقْ بيننا وبين القوم الفاسقين؛

قال اللحياني: وروي عن عبيد بن عمير الليثي أَنه قرأَ فافْرِقْ بيننا،

بكسر الراء.

وفَرَّقَ

بينهم: كفَرَقَ؛ هذه عن اللحياني. وتَفَرَّق القوم تَفَرُّقاً

وتَفْرِيقاً؛ الأَخيرة عن اللحياني. الجوهري: فَرَقْتُ بين الشيئين أَفْرُق

فَرْقاً وفُرْقاناً وفَرَّقْتُ الشيءَ تَفْريقاً وتَفْرِقةً فانْفَرقَ

وافْتَرَقَ

وتَفَرَّق، قال: وفَرَقْتُ أَفْرُق بين الكلام وفَرَّقْتُ بين

الأَجسام، قال: وقول النبي، صلى الله عليه وسلم: البَيِّعان بالخيار ما لَم

يَتَفَرقا بالأَبدان، لأَنه يقال فَرَّقْتُ بينهما فَتَفَرَّقا. والفُرْقة:

مصدر الافْتِرَاقِ. قال الأَزهري: الفُرْقة اسم يوضع موضع المصدر الحقيقي

من الافْتِرَاقِ. وفي حديث ابن مسعود: صلَّيت مع النبي، صلى الله عليه

وسلم، بمنىً ركعتين ومع أَبي بكر وعمر ثم تَفَرَّقَتْ بكم الطُرُق، أَي ذهب

كل منكم إِلى مذهب ومَالَ إِلى قول وتركتم السُّنة.

وفارَقَ

الشيءَ مُفَارقةً وفِرَاقاً: بايَنَهُ، والاسم الفُرْقة. وتَفَارق

القومُ: فَارَقَ بعضهم بعضاً. وفَارَقَ فلان امرأَته مُفَارقةً وفِراقاً:

بايَنَها. والفِرْقُ

والفِرْقةُ والفَرِيقُ: الطائفة من الشيء المُتَفَرِّق. والفِرْقةُ:

طائفة من الناس، والفَرِيقُ أَكثر منه. وفي الحديث: أَفارِيق العرب، وهو جمع

أَفْراقٍَ، وأَفراقٌ جمع فِرْقةِ، قال ابن بري: الفَرِيقُ من الناس

وغيرهم فِرْقة منه، والفَرِيقُ المُفارِقُ؛ قال جرير:

أَتَجْمعُ قولاً بالعِراقِ فَرِيقُهُ،

ومنه بأَطْلالِ الأَرَاكِ فَرِيقُ؟

قال: وأَفْرَاق جمع فِرَقٍ، وفِرَقٌ جمع فِرْقةٍ، ومثله فِيقَةٌ وفِيَق

وأَفْواق وأَفَاويق. والفِرْقُ: طائفة من الناس، قال: وقال أَعرابي

لصبيان رآهم: هؤُلاء فِرْقُ سوء. والفَرِيقُ الطائفة من الناس وهم أَكثر من

الفِرْقِ، ونيَّة فَرِيقٌ: مُفَرَّقة؛ قال:

أَحَقّاً أَن جِيرتَنَا اسْتَقَلُّوا؟

فَنِيَّتُنا ونِيَّتُهُمْ فَرِيقُ

قال سيبويه: قال فَرِيقٌ كما تقول للجماعة صَدِيق. وفي التنزيل: عن

اليمين وعن الشمال قَعيدٌ؛ وقول الشاعر:

أَشهدُ بالمَرْوَةِ يوماً والصَّفَا،

أَنَّكَ خيرٌ من تَفارِيقِ العَصَا

قال ابن الأَعرابي: العصا تكسر فيتخذ منها ساجُورٌ، فإِذا كُسر

السَّاجُور اتُّخِذَت منه الأَوْتادُ: فإِذا كُسر الوَتِد اتخذت منه التَّوَادِي

تُصَرُِّ بِهَا الأَخْلاف. قال ابن بري: والرجز لغنية الأَعرابية، وقيل

لامرأَة قالتهما في ولدها وكان شديد العَرَامة مع ضعف أَسْرٍ ودِقَّةٍ،

وكان قد واثب فَتىً فقطع أَنفه فأَخذت أُمه دِيَتَه، ثم واثب آخر فقطع شفته

فأَخذت أُمه ديتها، فصلحت حالها فقالت البيتين تخاطبه بهما.

والفَرْقُ: تَفْرِيقُ

ما بين الشيئين حين يَتَفَرَّقان. والفَرْقُ: الفصل بين الشيئين. فَرَقَ

يَفْرُقُ فَرْقاً: فصل: وقوله تعالى: فالفَارِقاتِ فَرْقاً، قال ثعلب:

هي الملائكة تُزَيِّل بين الحلال والحرام. وقوله تعالى: وقرآناً

فَرَقْناه، أَي فصلناه وأَحكمناه، مَنْ خفَّف قال بَيَّناه من فَرَقَ يَفْرُق،

ومن شدَّد قال أَنزلناه مُفَرَّقاً في أَيامٍ. التهذيب: قرئَ فَرَّقْناه

وفَرَقْناهُ، أَنزل الله تعالى القرآن جملةً إِلى سماءِ الدنيا ثم نزل

على النبي، صلى الله عليه وسلم، في عشرين سنة، فَرَّقةُ الله في التنزيل

ليفهمه الناس. وقال الليث: معناه أَحكمناه كقوله تعالى: فيها يُفَرَّقُ

كل أَمر حكيم؛ أَي يُفَصَّل، وقرأَه أَصحاب عبد الله مخففاً، والمعنى

أَحكمناه وفصلناه. وروي عن ابن عباس فَرَّقْناه، بالتثقيل، يقول لم ينزل في

يوم ولا يومين نزل مُتَفَرِّقاً، وروي عن ابن عباس أَيضاً فَرَقْناه

مخففة. وفَرَقَ الشعرَ

بالمشط يَفرُقُه ويَفْرِقُه فَرْقاً وفَرَّقه: سَرَّحه. والفَرْقُ: موضع

المَفْرِق من الرأْس. وفَرْقُ الرأْس: ما بين الجبين إِلى الدائرة؛ قال

أَبو ذؤيب:

ومَتْلَف مثل فَرْقِ الرأْس تَخْلُجُه

مَطَارِبٌ زَقَبٌ، أَمْيالُها فِيحُ

شبّهه بفَرْقِ الرأْس في ضيقه، ومَفْرِقُه ومَفْرَقُه كذلك: وسط رأْسه.

وفي حديث صفة النبي، صلى الله عليه وسلم: إِن انْفَرَقَتْ عَفِيقَتُه

فَرَقَ

وإِلاَّ فلا يبلغ شعرُه شَحْمة أُذنه إِذا هو وَفَّرَه أَي إِن صار شعره

فِرْقَيْن بنفسه في مَفْرقه تركه، وإِن لم يَنْفَرِقْ لم يَفْرِقْه؛

أَراد أَنه كان لا يَفْرُق شعره إِلاَّ يَنْفَرِق هو، وهكذا كان أَول الأَمر

ثم فَرَقَ. ويقال للماشطة: تمشط كذا وكذا فَرْقاً أَي كذا وكذا ضرباً.

والمَفْرَق والمَفْرِقُ: وسط الرأْس وهو الذي يُفْرَقُ فيه الشعر، وكذلك

مَفْرَق الطريق. وفَرَقَ له عن الشيء: بيَّنه له ؛ عن ابن جني.

ومَفْرِقُ الطريق ومَفْرَقُه: مُتَشَعَّبُه الذي يَتَشَعَّب منه طريق آخر، وقولهم

للمَفِْرِق مَفَارِق كأَنهم جعلوا كل موضع منه مَفْرِقاً فجمعوه على

ذلك. وفَرَقَ له الطريق أَي اتجه له طريقان.

والفَرَقُ في النبات: أَن يَتَفرَّق قِطَعاً من قولهم أَرض فَرِقَةٌ في

نبتها، فَرَق على النسب لأَنه لا فعل له، إِذا لم تكن

(* الضمير يعود

إِلى الأرض الفَرِقة.) واصبَةً متصلة النبات وكان مُتَفَرِّقاً. وقال أَبو

حنيفة: نبت فَرِقٌ صغير لم يغطِّ الأَرض. ورجل أَفْرقُ: للذي ناصيته

كأَنها مَفْروقة، بيِّن الفَرَق

(* بيّن الفرق أي الرجل الأَفرق)، وكذلك

اللحية، وجمع الفَرَق أَفْراق؛ قال الراجز:

يَنْفُضُ عُثْنوناً كثيرَ الأَفْرَاقْ،

تَنْتِحُ ذِفْراهُ بمثل الدِّرْياقْ

الليث: الأَفْرقُ

شبه الأفْلَج إِلاَّ أَن الأَفْلَج زعموا ما يفلّج، والأَفْرَقُ خِلْقة.

والفرقاءُ من الشاءِ: البعيدة ما بين الخصيتين. ابن سيده: الأَفْرقُ:

المتباعد ما بين الثَّنِيَّتَيْنِ. وتَيْس أَفْرَقُ: بعيد ما بين

القَرْنَيْن. وبعير أَفْرَقُ: بعيد ما بين المَنْسِمَيْنِ. وديك أَفْرَقُ: ذو

عُرْفَيْنِ للذي عُرْفُه مَفْروق، وذلك لانفراج ما بينهما. والأفْرَقُ من

الرجال: الذي ناصيته كأَنها مفروقة، بيِّن الفَرَقِ، وكذلك اللحية، ومن

الخيل الذي إِحدى ورِكَيْهِ

شاخصة والأُخرى مطمئنة، وقيل: الذي نقصت إِحدى فخذيه عن الأُخرى وهو

يكره، وقيل: هو الناقص إِحدى الوركين؛ قال:

ليسَتْ من الفُرْقِ البِطاءِ دَوْسَرُ

وأَنشده يعقوب: من القِرْقِ البطاء، وقال: القِرْقُ الأَصل، قال ابن

سيده: ولا أَدري كيف هذه الرواية. وفي التهذيب: الأَفْرَقُ من الدواب الذي

إِحدى حَرْقَفَتَيْهِ شاخصة والأُخرى مطمئنة. وفرس أَفْرَقُ: له خصية

واحدة، والاسم الفَرَقُ من كل ذلك، والفعل من كل ذلك فَرِقَ فَرَقاً.

والمَفْروقان من الأَسباب: هما اللذان يقوم كل واحد منهما بنفسه أَي

يكون حرف متحرك وحرف ساكن ويتلوه حرف متحرك نحو مُسْتَفْ من مُسْتَفْعِلُنْ،

وعِيلُنْ من مَفاعِيلُنْ.

والفُرْقانُ: القرآن. وكل ما فُرِقَ

به بينْ الحق والباطل، فهو فُرْقان، ولهذا قال الله تعالى: ولقد آتينا

موسى وهرون الفرقان. والفُرْق أَيضاً: الفُرْقان ونظيره الخُسْر

والخُسْران؛ وقال الراجز:

ومُشْرِكيّ كافر بالفُرْقِ

وفي حديث فاتحة الكتاب: ما أُنزل في الــتوراة ولا الإِنجيل ولا الزَّبُور

ولا الفُرْقانِ مِثْلُها؛ الفُرْقان: من أَسماء القرآن أَي أَنه فارِقٌ

بين الحق والباطل والحلال والحرام. ويقال: فَرَقَ بين الحق والباطل،

ويقال أَيضاً: فَرَقَ بين الجماعة؛ قال عدي بن الرِّقاع:

والدَّهْرُ يَفْرُقُ بين كلِّ جماعةٍ،

ويَلُفّ بين تَباعُدٍ وَتَناءِ

وفي الحديث: محمدٌ فَرْقٌ بين الناس أَي يَفْرُقُ بين المؤمنين

والكافرين بتصديقه وتكذيبه. والفُرْقان: الحُجّة. والفُرْقان: النصر. وفي

التنزيل: وما أَنزلنا على عبدنا يوم الفُرْقان، وهو يوم بَدْرٍ لأَن الله

أَظْهَرَ

من نَصْره ما كان بين الحق والباطل. التهذيب وقوله تعالى: وإِذ آتينا

موسى الكتاب والفُرْقان لعلكم تهتدون، قال: يجوز أَن يكونَ الفُرْقانُ

الكتاب بعينه وهو الــتوراة إِلا أَنه أُعِيدَ ذكره باسم غير الأَول، وعنى به

أَنه يَفْرُقُ بين الحق والباطل، وذكره الله تعالى لموسى في غير هذا

الموضع فقال تعالى: ولقد آتينا موسى وهرون الفُرْقانَ وضياء؛

أَراد الــتوراة فسَمّى جلّ ثناؤه الكتاب المنزل على محمد، صلى الله عليه

وسلم، فُرْقاناً وسمى الكتاب المنزل على موسى، صلى الله عليه وسلم،

فُرْقاناً، والمعنى أَنه تعالى فَرَقَ بكل واحد منهما بين الحق والباطل، وقال

الفراء: آتينا موسى الكتاب وآتينا محمداً الفُرْقانَ، قال: والقول الذي

ذكرناه قبله واحتججنا له من الكتاب بما احتججنا هو القول.

والفَارُوقُ: ما فَرَّقَ بين شيئين. ورجل فارُوقٌ: يُفَرِّقُ ما بين

الحق والباطل. والفارُوقُ: عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، سماه الله به

لتَفْريقه بين الحق والباطل، وفي التهذيب: لأَنه ضرب بالحق على لسانه في حديث

ذكره، وقيل: إِنه أَظهر الإِسلام بمكة فَفَرَّقَ بين الكفر والإِيمان؛

وقال الفرزدق يمدح عمر بن عبد العزيز:

أَشْبَهْتَ من عُمَرَ الفارُوقِ سِيرَتَهُ،

فاقَ البَرِيَّةَ وأْتَمَّتْ به الأُمَمُ

وقال عتبة بن شماس يمدح عمر بن عبد العزيز أَيضاً:

إن أَوْلى بالحقّ في كلّ حَقٍّ،

ثم أَحْرَى بأَن يَكُونَ حَقِيقا،

مَنْ أَبوهُ عبدُ العَزِيزِ بنُ مَرْوا

نَ، ومَنْ كان جَدُّه الفارُوقا

والفَرَقُ: ما انفلق من عمود الصبح لأَنه فارَقَ سواد الليل، وقد

انْفَرَقَ، وعلى هذا أَضافوا فقالوا أَبْين من فَرَق الصبح، لغة في فَلَق

الصبح، وقيل: الفَرَقُ الصبح نفسه. وانْفَرَقَ الفجرُ وانْفَلَق، قال: وهو

الفَرَق والفَلَقُ للصبح؛ وأَنشد:

حتى إِذا انْشَقَّ عن إِنسانه فَرَقٌ،

هادِيهِ في أُخْرَياتِ الليلِ مُنْتَصِبُ

والفارِقُ من الإِبل: التي تُفارق إِلْفَها فَتَنْتَتِجُ وحدها، وقيل:

هي التي أَخذها المَخاض فذهبت نادَّةً في الأَرض، وجمعها فُرَّق وفَوارِق،

وقد فَرَقَتْ تَفْرُق فُروقاً، وكذلك الأَتان؛ وأَنشد الأَصمعي لعُمارة

بن طارق:

اعْجَلْ بغَرْبٍ مثل غَرْبِ طارقِ،

ومَنْجَنُون كالأَتان الفارق،

من أَثْلِ ذاتِ العَرْض والمَضايقِ

قال: وكذلك السحابة المنفردة لا تخلف وربما كان قبلها رعد وبرق؛ قال ذو

الرمة:

أَو مُزْنَة فارِق يَجْلُو غوارِبَها

تَبوُّجُ البرقِ والظلماءُ عُلْجُومُ

الجوهري: وربما شبهوا السحابة التي تنفرد من السحاب بهذه الناقة فيقال

فارق. وقال ابن سيده: سحابة فارِقٌ منقطعة من معظم السحاب تشبه بالفارِقِ

من الإِبل؛ قال عبد بني الحَسْحاسِ يصف سحاباً:

له فُرَّقٌ منه يُنَتَّجْنَ حَوْلَهُ،

يفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِّماثِ السَّوابيا

فجعل له سوابي كسوابي الإِبل اتساعاً في الكلام، قال ابن بري: ويجمع

أَيضاً على فُرَّاق؛ قال الأَعشى:

أَخرجَتْه قَهْباءُ مُسْبِلةُ الوَدْ

قِ رَجُوسٌ، قدَّامَها فُرّاقُ

ابن الأَعرابي: الفارقُ من الإِبل التي تشتد ثم تُلْقي ولدها من شدة ما

يمرّ بها من الوجع. وأَفْرَقَتِ الناقة: أَخرجت ولدها فكأَنها فارَقَتْه.

وناقة مُفْرق: فارقها ولدها، وقيل: فارقها بموت، والجمع مَفارِيق. وناقة

مُفْرِق: تمكث سنتين أَو ثلاثاً لا تَلْقَح. ابن الأَعرابي: أَفْرَقْنا

إِبلَنا لعام إِذا خلَّوْها في المرعى والكلإِ لم يُنْتِجوها ولم

يُلْقِحوها. قال الليث: والمطعون إِذا برأَ قيل أَفْرَق يُفْرِقُ إِفْراقاً. قال

الأَزهري: وكل عَليلٍ أَفاق من علته، فقد أَفْرَقَ. وأَفْرَقَ المريضُ

والمحْموم: برأَ، ولا يكون إِلا من مرض يصيب الإِنسان مرة واحدة

كالجُدَرِيّ والحَصْبة وما أَشبههما. وقال اللحياني: كل مُفِيقٍ من مرضه مُفْرق

فعَمّ بذلك. قال أَعرابي لآخر: ما أَمَارُ إِفْراقِ المَوْرود؟ فقال:

الرُّحَضاءُ؛ يقول: ما علامة برء المحموم، فقال العَرَق. وفي الحديث: عُدّوا

مَنْ أَفْرقَ من الحيّ أَي من برأَ من الطاعون.

والفِرْقُ، بالكسر: القطيع من الغنم والبقر والظباء العظيمُ، وقيل: هو

ما دون المائة من الغنم؛ قال الراعي:

ولكنما أَجْدَى وأَمْتَعَ جَدُّهُ

بفِرْق يُخَشِّيه، بِهَجْهَجَ، ناعِقُهْ

يهجو بهذا البيت رجلاً من بني نُميرٍ اسمه قيس بن عاصم النُّميري يلقب

بالحَلالِ، وكان عَيَّره بإِبله فهجاه الراعي وعَيَّره أَنه صاحب غنم ومدح

إِبله، يقول أَمْتَعَهُ جدُّه أَي حظه بالغنم وليس له سواها؛ أَلا ترى

إِلى قوله قبل هذا البيت:

وعَيَّرَني الإِبْلَ الحَلالُ، ولم يَكُنْ

ليَجْعَلَها لابن الخَبِيثَةِ خالقُه

والفَريقةُ: القطعة من الغنم. ويقال: هي الغنم الضالة؛ وهَجْهَجْ: زجر

للسباع والذِّئاب، والناعق: الراعي. والفَريقُ: كالفِرْقِ. والفِرْقُ

والفَريقُ من الغنم: الضالة. وأَفْرَقَ فلانٌ غنمه: أَضلَّها وأَضاعها.

والفَريقةُ من الغنم: أَن تتفرق منها قطعة أَو شاة أَو شاتان أَو ثلاث شياه

فتذهب تحت الليل عن جماعة الغنم؛ قال كثيِّر:

وذِفْرى ككاهِلِ ذِيخِ الخَلِيف،

أَصاب فَرِيقةَ ليلٍ فعاثَا

وفي الحديث: ما ذِئْبانِ عادِيانِ أَصابا فَريقة غنمٍ؛ الفَرِيقةُ:

القطعة من الغنم تَشِذّ عن معظمها، وقيل: هي الغنم الضالة. وفي حديث أَبي ذر:

سئل عن ماله فقال فِرْقٌ لنا وذَوْدٌ؛ الفِرْقُ القطعة من الغنم. وقال

ابن بري في بيت كثيِّر: والخَلِيفُ الطريق بين الجبلين؛ وصواب إِنشاده

بذفرى لأَن قبله:

تُوالي الزِّمامَ، إِذا ما وَنَتْ

ركائِبُها، واحْتُثِثْنَ احْتِثاثا

ابن سيده: والفِرْقَةُ من الإِبل، بالهاء، ما دون المائة.

والفَرَقُ، بالتحريك: الخوف. وفَرِقَ منه، بالكسر، فَرَقاً: جَزِع؛ وحكى

سيبويه فَرِقَه على حذف من؛ قال حين مثّل نصب قولهم: أَو فَرَقاً خيراً

من حُبّ أَي أَو أَفْرَقُكَ فَرَقاً. وفَرِقَ عليه: فزع وأَشفق؛ هذه عن

اللحياني. ورجل فَرِقٌ وفَرُق وفَرُوق وفَرُوقَةٌ وفَرُّوق وفَرُّوقةٌ

وفاروق وفارُوقةٌ: فَزِعٌ شديد الفَرَق؛ الهاء في كل ذلك ليست لتأْنيث

الموصوف بما هي فيه إِنما هي إِشعار بما أُريد من تأْنيث الغاية والمبالغة.

وفي المثل: رُبَّ عَجَلة تَهَبُ رَيْثاً ورب فَرُوقةٍ يُدْعى ليْثاً؛

والفَرُوقة: الحُرْمة؛ وأَنشد:

ما زالَ عنه حُمْقُه ومُوقُه

واللؤْمُ، حتى انْتُهكتْ فَروقُه

وامرأَة فَرُوقة ولا جمع له؛ قال ابن بري: شاهد رجلٌ فَرُوقَة للكثير

الفزع قول الشاعر:

بَعَثْتَ غلاماً من قريشٍ فَرُوقَةً،

وتَتْرُك ذا الرأْي الأَصيلِ المُهَلَّبا

وقال مُوَيلك المَرْموم:

إِنِّي حَلَلْتُ، وكنتُ جدّ فَرُوقة،

بلداً يمرُّ به الشجاعُ فَيَفْزَعُ

قال: ويقال للمؤنث فَرُوقٌ أَيضاً؛ شاهده قول حميد بن ثور:

رَأَتْني مُجَلِّيها فصَدَّتْ مَخافَةً،

وفي الخيل رَوْعاءُ الفُؤادِ فَرُوقُ

وفي حديث بدء الوحي: فَجُئِثْتُ منه فَرَقاً؛ هو بالتحريك الخوف والجزع.

يقال: فَرِقَ يَفْرَقُ فَرَقاً، وفي حديث أَبي بكر: أَباللهِ

تُفَرِّقُني؟ أَي تخوِّفني. وحكى اللحياني: فَرَقْتُ الصبيّ إِذا رُعْتَه وأَفزعته؛

قال ابن سيده: وأراها فَرَّقت، بتشديد الراء، لأَن مثل هذا يأْتي على

فَعَّلت كثيراً كقولك فَزّعت ورَوَّعت وخوَّفت. وفارَقَني ففَرَقْتُه

أَفْرُقُه أَي كنت أَشد فَرَقاً منه؛ هذه عن اللحياني حكاه عن الكسائي. وتقول:

فَرِقْتُ منك ولا تقل فَرِقْتُكَ.

وأَفْرَقَ الرجلُ والطائر والسبع والثعلب:: سَلَحَ؛ أَنشد اللحياني:

أَلا تلك الثَّعالبُ قد تَوَِالَتْ

عليَّ، وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعا

لتأْكلني، فَمَرَّ لهنَّ لَحْمِي،

فأَفْرَقَ، من حِذَاري، أَو أَتاعا

قال: ويروى فأَذْرَقَ، وقد تقدم.

والمُفْرِقُ: الغاوِي على التشبيه بذلك أَو لأَنه فارَق الرُّشد،

والأَول أَصح؛ قال رؤْبة:

حتى انتهى شيطانُ كلّ مُفْرِق

والفَريقةُ: أَشياء تخلط للنفساء من بُرّ وتمر وحُلْبة، وقيل: هو تمر

يطبخ بحلبة للنفساء؛ قال أَبو كبير:

ولقدْ ورَدْتُ الماء، لَوْنُ جِمامِهِ

لَوْنُ الفَرِيقَةِ صُفِّيَتْ للمُدْنَفِ

قال ابن بري: صوابه ولقد ورَدتَ الماء، بفتح التاء، لأَنه يخاطب

المُرِّيّ. وفي الحديث: أَنه وصف لسعد في مرضه الفَريقةَ؛ هي تمر يطبخ بحلبة وهو

طعام يعمل للنفساء.

والفَرُوقة: شحم الكُلْيَتَيْنِ؛ قال الراعي:

فبتْنَا، وباتَتْ قِدْرُهُمْ ذاتَ هِزَّةٍ،

يُضِيءُ لنا شحمُ الفَرُوقةِ والكُلَى

وأَنكر شمر الفَروقة بمعنى شحم الكليتين. وأَفرقوا إِبلهم: تركوها في

المرعى فلم يُنْتِجوها ولم يُلقحوها. والفَرْقُ: الكتَّان؛ قال:

وأَغْلاظ النُّجوم مُعَلَّقات

كحبل الفَرْقِ ليس له انتِصابُ

والفَرْق والفَرَقُ: مكيال ضخم لأَهل المدينة معروف، وقيل: هو أَربعة

أَرباع، وقيل: هو ستة عشر رطلاً؛ قال خِدَاشُ بن زهير:

يأْخُذونَ الأَرْشَ في إِخْوَتِهِم،

فَرَقَ السَّمْن وشاةً في الغَنَمْ

والجمع فُرْقان، وهذا الجمع قد يكون للساكن والمتحرك جميعاً، مثل بَطْن

وبُطْنان وحَمَل وحُمْلان؛ وأَنشد أَبو زيد:

تَرْفِدُ بعد الصَّفِّ في فُرْقان

قال: والصَّفُّ أَن تَحْلُبَ في مِحْلَبَيْنِ أَو ثلاثة تَصُفّ بينها.

وفي الحديث: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم، كان يتوضأُ بالمُدِّ ويغتسل

بالصاع، وقالت عائشة: كنت أَغتسل معه من إِناء يقال له الفَرَقُ؛ قال

أَبو منصور: والمحدِّثون يقولون الفَرْق، وكلام العرب الفَرَق؛ قال ذلك

أَحمد بن يحيى وخالد بن يزيد وهو إِناء يأْخذ ستة عشر مُدّاً وذلك ثلاثة

أَصْوُعٍ. ابن الأَثير: الفَرَقُ، بالتحريك، مكيال يسع ستة عشر رطلاً وهي

اثنا عشر مُدّاً، وثلاثة آصُعٍ عند أَهل الحجاز، وقيل: الفَرَق خمسة أَقساط

والقِسْط نصف صاع، فأَما الفَرْقُ، بالسكون، فمائة وعشرون رطلاً؛ ومنه

الحديث: ما أَسْكَرَ منه الفَرْقُ فالحُسْوةُ منه حرام؛ وفي الحديث الآخر:

من استطاع أَن يكون كصاحب فَرْقِ الأَرُزّ فليكن مثله؛ ومنه الحديث: في

كلِّ عشرةِ أَفْرُقِ عسلٍ فَرَقٌ؛ الأَفْرُق جمع قلة لفَرَقٍ كجبَلٍ

وأَجْبُل. وفي حديث طَهْفة: بارَكَ الله لهم في مَذْقِها وفِرْقِها، وبعضهم

يقوله بفتح الفاء، وهو مكيال يكال به اللبن

(* قوله «يكال به اللبن» الذي

في النهاية: البرّ). والفُرقان والفُرْقُ: إِناء؛ أَنشد أَبو زيد:

وهي إِذا أَدَرَّها العَيْدان،

وسطَعَت بمُشْرِفٍ شَبْحان،

تَرْفِدُ بعد الصَّفِّ في الفُرْقان

أَراد بالصَّفّ قَدَحَيْن، وقال أَبو مالك: الصف أَن يصفَّ بين القدحين

فيملأهما. والفُرقان: قدحان مفترقان، وقوله بمشرف شبحان أَي بعنق طويل؛

قال أَبو حاتم في قول الراجز:

ترفد بعد الصف في الفرقان

قال: الفُرْقان جمع الفَرْق، والفَرْق أَربعة أَرباع، والصف أَن تصفَّ

بين محلبين أَو ثلاثة من اللبن.

ابن الأَعرابي: الفِرْق الجبل والفِرْق الهَضْبة والفِرْق المَوْجة.

ويقال: وَقَّفْتُ فلاناً على مَفارِقِ الحديث أَي على وجوهه. وقد

فارَقْتُ فلاناً من حسابي على كذا وكذا إِذا قطعتَ الأَمر بينك وبينه على أَمر

وقع عليه اتفاقكما، وكذلك صادَرْتُه على كذا وكذا.

ويقال: فَرَقَ لي هذا الأَمرُ يَفْرُقُ فُرُوقاً إِذا تبين ووضح.

والفَرِيقُ: النخلة يكون فيها أُخرى؛ هذه عن أَبي حنيفة.

والفَرُوق: موضع؛ قال عنترة:

ونحن مَنَعْنا، بالفَرُوقِ، نساءَكُمْ

نُطَرِّف عنها مُبْسِلاتٍ غَوَاشِيا

والفُرُوق: موضع في ديار بني سعد؛ أَنشد رجل منهم:

لا بارَكَ اللهُ على الفُرُوقِ،

ولا سَقاها صائبَ البُرُوقِ

وفي حديث عثمان: قال لخَيْفان كيف تركتَ أَفارِيق العرب؟ هو جمع

أَفْراق، وأَفْراقٌ جمع فِرْق، والفِرْق والفَرِيقُ والفِرْقةُ بمعنى. وفَرَقَ

لي رأْيٌ أَي بدا وظهر. وفي حديث ابن عباس: فَرَقَ لي رأْيٌ أَي ظهر، وقال

بعضهم: الرواية فُرِقَ، على ما لم يسمَّ فاعله.

ومَفْروق: لقب النعمان بن عمرو، وهو أَيضاً اسم. ومَفْرُوق: اسم جبل؛

قال رؤبة:

ورَعْنُ مَفْرُوقٍ تَسامى أُرَّمُهْ

وذاتُ فِرقَيْن التي في شعر عَبيد بن الأَبرص: هَضْبة بين البصرة

والكوفة؛ والبيت الذي في شعر عبيد هو قوله:

فَرَاكِسٌ فَثُعَيْلَباتٌ،

فذاتُ فِرْقَيْنِ فالقَليبُ

وإفْريقيَةُ: اسم بلاد، وهي مخففة الياء؛ وقد جمعها الأَحوص على

أَفارِيق فقال:

أَين ابنُ حَرْبٍ ورَهْطٌ لا أَحُسُّهُمُ؟

كانواعلينا حَديثاً من بني الحَكَمِ

يَجْبُونَ ما الصِّينُ تَحْوِيهِ، مَقانِبُهُمْ

إلى الأَفارِيق من فخصْحٍ ومن عَجَمِ

ومُفَرِّقُ الغنم: هو الظِّرِبان إذا فَسا بينها وهي مجتمعة تفرقت. وفي

الحديث في صفته، عليه السلام: أَن اسمه في الكتب السالفة فَارِق لِيطا

أَي يَفْرُقُ بين الحق والباطل. وفي الحديث: تأتي البقرة وآل عمران كأنهما

فِرْقانِ من طير صَوافّ أَي قطعتان.

فرق

1 فَرَقَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ, (S, Mgh, O, Msb, K, *) aor. ـُ (S, Mgh, O, Msb,) and in one dial. فَرِقَ, (Msb, TA,) inf. n. فَرْغٌ and فُرْقَانٌ, (S, O, Msb, K,) the latter of which has a more intensive signification, (TA,) He made a separation, or a distinction, or difference, (Msb, K, TA,) between the two things, (K, * TA,) or between the parts of the two things: (Msb:) relating alike to objects of sight and to objects of mental perception: (TA:) IAar, by exs. that he mentions, makes it to relate particularly to objects of the mind, such as sayings; and ↓ فرّق, to persons, or material things: (Msb: [and it is stated in the Mgh that the same distinction is mentioned by Az:]) others, however, state that the two verbs are syn.; but that the latter has an intensive signification. (Msb.) It is said in the Kur [v. 28], فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الفَاسِقِينَ [Therefore decide Thou, or make Thou a distinction, between us and the unrighteous people]: accord. to one reading, فَافْرِقْ. (Msb, TA.) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ, in the Kur [xliv. 3], means [Wherein] is made distinct [every firm decree]: (Lth, TA:) or is decided; (O, K, TA;) thus expl. by Katádeh. (O, TA.) And in the phrase وَقُرآنًا فَرَقْنَاهُ, (S, O, K, TA,) in the same [xvii. 107], (S, O, TA,) by فَرَقْنَاهُ is meant We have made it distinct, (S, O, K, TA,) and rendered it free from defect, (O, K, TA,) and explained the ordinances therein: (TA:) but some read ↓ فَرَّقْنَاهُ, meaning We have sent it down in sundry portions, in a number of days. (S, TA.) وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ, (O, K, TA,) in the Kur [ii. 47], (O, TA,) means And when we clave because of you the sea; i. q. فَلَقْنَاهُ: (O, K, TA:) another reading, ↓ فَرَّقْنَا, meaning we divided into several portions, is mentioned by IJ; but this is unusual. (TA.) It is also said that الفَرْقُ is for rectification; and ↓ التَّفْرِيقُ, for vitiation: and IJ says that إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا ↓ دِيْنَهُمْ CCC, in the Kur [vi. 160, and the like occurs in xxx. 31], means Verily those who have divided their religion into sundry parts, and dismembered it, and have disagreed respecting it among themselves: but that some read فَرَقُوا دِيْنَهُمْ, without teshdeed, meaning, have severed their religion from the other religions [app. by taking it in part, or parts, therefrom]; or this, he says, may mean the same as the former reading, for sometimes فَعَلَ has the same meaning as فَعَّلَ. (TA.) IJ also says that فَرَقَ لَهُ عَنِ الشَّىْءِ signifies He made the thing distinct, or plain, to him. (TA.) b2: فَرَقَ الشَّعْرَ بِالمُشْطِ, aor. ـُ and فَرِقَ, inf. n. فَرْقٌ, He separated his hair with the comb: and فَرَّقَ ↓ رَأْسَهُ بِالمُشْطِ , inf. n. تَفْرِيقٌ, He separated the hair of his head with the comb. (TA.) [and it is implied in a trad. cited in the O and TA that فَرَقَهُ signifies the same as the latter of the two phrases in the next preceding sentence.]

A2: فَرَقَ لَهُ الطَّرِيقُ, (S, O, K,) inf. n. فُرُوقٌ, (K,) The road presented itself to him divided into two roads: (S, O, K, TA:) or [it means] an affair presented itself, or occurred, to him, and he knew the mode, or manner, thereof: (TA, as from the K: [but not in the CK nor in my MS. copy of the K:]) and hence, in a trad. of I'Ab, فَرَقَ لِى رَأْىٌ An idea, or opinion, appeared [or occurred] to me: (TA:) [or] one says, فَرَقَ لِى هٰذَا الأَمْرُ, inf. n. فُرُوقٌ, This affair became, or has become, distinct, apparent, or manifest, to me: and hence the saying, فَإِنْ لَمْ يُفْرُقْ لِلْإِمَامِ رَأْىٌ [And if an idea, or an opinion, appear not, or occur not, to the Imám]. (Mgh.) b2: فَرَقَتْ said of a she-camel, and of a she-ass, (S, O, K,) aor. ـُ (S, O,) inf. n. فُرُوقٌ, She, being taken with the pains of parturition, went away at random in the land. (S, O, K.) A3: فَرَقَ, (O, K,) aor. ـُ (K,) He voided dung; syn. ذَرَقَ [which is said of a bird, and sometimes of a man]. (O, K. [See also أَفْرَقَ.]) A4: And He possessed a فِرْق [q. v.] (O, K, TA) of sheep or goats: (O, TA:) accord. to the K, of date-stones with which to feed camels: but the former explanation is the right. (TA.) A5: فَرَقَهَا, (K,) inf. n. فَرْقٌ, (TA,) He fed her (i. e. a woman) with فَرِيقَة [q. v.]; as also ↓ افرقها, (K,) inf. n. إِفْرَاقٌ. (TA.) A6: فَفَرَقْتُهُ ↓ فَارَقَنِى, aor. ـُ [He vied with me in fear and] I exceeded him in fear. (Lh, L, TA.) b2: See also 2, last sentence.

A7: فَرِقَ, (S, O, Msb, K,) aor. ـَ (Msb, K,) inf. n. فَرَقٌ, (S, O, Msb,) He feared; or was, or became, in fear, afraid, or frightened. (S, O, Msb, K.) You say, فَرِقْتُ مِنْكَ [I feared thee, or was in fear of thee]: (S, O, Msb: *) but you should not say, فَرِقْتُكَ: (S, O:) Sb [however] mentions فَرِقَهُ, suppressing مِنْ. (TA.) And you say also, فَرِقَ عَلَيْهِ [He feared for him]. (TA.) A8: And فَرِقَ, aor. ـَ He entered into a wave, [which is termed فِرْقٌ,] and dived therein. (K.) A9: And the same verb accord. to the K, but accord. to Sgh [in the O] it seems, from the context to be فَرَقَ, (TA,) He drank (O, K) the measure called فَرَق, (O,) or with the فَرَق. (K, TA.) 2 فرّقهُ, inf. n. تَفْرِيقٌ and تَفْرِقَةٌ, (S, O, K,) He separated it [into several, or many, portions]; disunited it [i. e. a thing, or a collection of things]; or dispersed, or dissipated, it; or did so much [or greatly or widely]; syn. بَدَّدَهُ. (K.) And فرّق بَيْنَ الأَشْيَآءِ [He made, or caused, a separation &c., or much, or a wide, separation, &c., between the things]. (Mgh.) [And فِيهِمْ فرّقهُ and عَلَيْهِمْ He scattered, or distributed, it among them, and to them.] See 1, former half, in five places. It is said in a trad. of 'Omar, فَرِّقُوا عَنِ المَنِيَّةِ وَاجْعَلُوا الرَّأْسَ رَأْسَيْنِ, (Mgh, O, *) meaning Separate ye your cattle by way of preservation from death, [and make the one head two head,] by buying two animals with the price of one, that, when one dies, the second may remain. (Mgh, O.) and it is said in a trad. respecting the poor-rate, لَا يُفَرَّقُ بَيْنَ مُجْتَمِعٍ وَلَا يُجْمَعُ بَيْنَ مُفْتَرِقٍ There shall be no separating what is put together, nor shall there be a putting together what is separate. (TA. [The reason is, that by either of these acts, in the case of cattle, the amount of the poor-rate may be diminished.]) يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [in the Kur ii. 96, meaning Whereby they might dissolve, break up, discompose, derange, disorganize, disorder, or unsettle, the state of union subsisting between the man and his wife, in respect of affairs and of the expression of opinion, or, briefly, whereby they might cause division and dissension between the man and his wife,] is from التَفْرِيقُ as meaning تَشْتِيتُ الشَّمْلِ وَالكَلِمَةِ. (El-Isbahánee, TA.) One says also, فرّق الأَمْرَ, meaning شَتَّتَهُ [i. e. He discomposed, deranged, disorganized, disordered, or unsettled, the state of affairs]. (S in art. شت.) And فرّق عَلَيْنَا الكَلَامَ [lit. He scattered speech (app. meaning he jabbered) at us, or against us]. (K in art. بق: see R. Q. 1 in that art.) In the saying in the Kur [ii. 130 and iii.

78], لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ [We will not make a distinction between any of them], the verb is allowably made to relate to احد because this word [in negative phrases] imports a pl. meaning. (TA. [See p. 27, 3rd col.]) See, again, 1, near the middle.

A2: فرّقهُ, (O, TA,) inf. n. تَفْرِيقٌ, (O, K, TA,) also signifies He made him to fear, or be afraid; put him in fear; or frightened him: (O, K, * TA:) and مِنْهُ ↓ أَفْرَقْتُهُ I made him to fear, or be afraid of, him, or it: (Msb:) and Lh mentions الصَبِىَّ ↓ فَرَقْتُ as meaning I frightened the boy, or child; but ISd says, I think it to be فَرَّقْتُ. (TA.) 3 فارقهُ, inf. n. مُفَارِقَةٌ and فِرَاقٌ, (S, Msb, TA,) He separated himself from him, or it; or left, forsook, or abandoned, him, or it: or he forsook, or abandoned, him, being forsaken, or abandoned, by him: syn. بَايَنَهُ; (TA;) and قَاطَعَهُ, and فَارَزَهُ; (A in art. فرز;) and تَرَكَهُ. (Msb in art. ترك.) And فارق امْرَأَتَهُ He separated himself from his wife. (TA.) b2: فَارَقْتُ فُلَانًا مِنْ حِسَابِى عَلَى كَذَا وَكَذَا I released such a one from my reckoning with him on such and such terms agreed upon by both: and so صَادَرْتُهُ عَلَى كَذَا وَكَذَا. (TA.) And فُورِقَ عَلَى مَالٍ يُؤَدِّيهِ He (an agent) was released from being reckoned with on the condition of his paying certain property for which he became responsible. (TA in art. صدر.) A2: فَارَقَنِى فَفَرَقْتُهُ: see 1, last quarter.4 افرقوا إِبِلَهُمْ They left their camels in the place of pasture, and did not assist them in bringing forth, nor have them got with young. (IAar, O, K.) b2: And افرق غَنَمَهُ He made, or caused, his sheep, or goats, to stray; and neglected them, or caused them to become lost, or to perish. (TA.) b3: And افرق He lost a portion of his sheep or goats. (IKh, TA.) b4: And His sheep, or goats, became a فَرِيقَة [q. v.]. (IKh, TA.) A2: افرق He recovered; (Lth, As, Az, S, O, K;) or recovered, but not completely; (As, O, K;) to which IKh adds, quickly; (TA;) i. e., a sick person from (مِنْ) his sickness; (As, Az, S, O, K;) and one fevered from his fever; (As, S;) and one smitten with the plague: (Lth, TA:) or (K) it is not said except in the case of a disease that does not attack one more than once, as the small-pox, (O, K,) and the measles. (O.) b2: افرقت She (a camel) had a return of some of her milk. (O, K.) A3: افرق said of a man, and of a bird, and of a beast of prey, and of a fox, He voided dung, or thin dung. (Lh, TA. [See also 1, last quarter.]) b2: And افرقهُ He, or it, caused him to void dung; syn. أَذْرَقَهُ. (K. [But I do not find اذرق mentioned except as an intrans. v.]) See also فِرْقَةٌ, last sentence.

A4: افرقها: see 1, last quarter.

A5: أَفْرَقْتُهُ مِنْهُ: see 2, last sentence.5 تفرّق, inf. n. تَفَرَّقٌ (O, K) and تِفِرَّاقٌ, (K, TA,) with two kesrehs, but accord. to the “ Nawádir ” of Lh تَفْرِيقٌ, (TA,) [and in the CK تَفْراق,] It was, or became, separated, or disunited: or separated much, or greatly, or widely, or into several, or many, portions; or dispersed, or dissipated: contr. of تَجَمَّعَ: and ↓ افترق signifies the same: (K, TA:) and so does ↓ انفرق: (TA:) all are quasi-pass. of فَرَّقْتُهُ: (S, * TA:) [or rather the second and third have the former of the meanings mentioned above: and تفرّق has the latter of those meanings:] or ↓ اِفْتَرَقَا is said of two sayings, as quasi-pass. of فَرَقْتُ بَيْنَهُمَا: and تَفَرَّقَا, of two men, as quasi-pass. of فَرَّقْتُ بَيْنَهَمَا: (Mgh, * Msb, TA:) so says IAar: (Msb:) [but] one says also, افترق القَوْمُ [The party, or company of men, became separated; or they separated themselves:] (Msb:) and Esh-Sháfi'ee has used ↓ اِفْتَرَقَا as relating to two persons buying and selling; (Msb, TA;) and so have Ahmad [Ibn-Hambal] and Aboo-Haneefeh and Málik and others. (TA.) It is said in a trad., البَيَّعَانِ بِالخِيَارِ مَا يَتَفَرَّقَا i. e. [The buyer and seller have the option to annul their contract] as long as they have not become separated bodily; (Mgh, Msb;) originally, مَا لَمْ يَتَفَرَّقْ أَبْدَانُهُمَا; for this is the proper meaning. (Msb.) تَفَرَّقَتْ بِهِمُ الطُّرُقُ [properly The roads became separate with them,] means every one of them went one [separate] way. (TA.) [And one says, تفرّقت الأَغْصَانُ (S in art. شذب, &c.,) The branches were, or became, or grew out, apart, one from another; divaricated; diverged; forked; straggled; or spread widely and dispersedly. and تفرّق أَمْرُهُ His affair, or state of affairs, became discomposed, deranged, disorganized, disordered, or unsettled, so that he considered what might be its issues, or results, saying at one time, I will do thus, and at another time, I will do thus: see أَجْمَعَ; and شَتَّ: and ↓ افترق signifies the same: see an ex. voce فَشَا, in art. فشو. And تفرّقت كَلِمَتُهُمْ (K voce شَالَ, in art. شول,) Their expression of opinion was, or became, discordant: and تفرّقت آرَاؤُهُمْ Their opinions were, or became, so.]6 تفارقوا They separated themselves, one from another; or left, forsook, or abandoned, one another. (TA.) 7 انفرق, of which مُنْفَرَقٌ may be an inf. n. [like اِنْفِرَاقٌ], as well as a n. of place, It was, or became, separated, or divided. (O, K.) See also 5.

[Hence,] انفرق الفَجْرُ i. q. اِنْفَلَقَ [The dawn broke]. (TA.) 8 افترق: see 5, first sentence, in three places: and also in the last sentence but one.

فَرْقٌ [is originally an inf. n.: but is often used as a simple subst. meaning A distinction, or difference, between two things. b2: Hence,] The line [or division] in the hair of the head: (K: [see also مَفْرَقٌ:]) or, as some say, the part, of the head, extending from the side of the forehead to the spiral curl upon the crown: an ex. occurs in a verse of Aboo-Dhu-eyb cited voce مَطْرَبٌ. (TA.) b3: [And app. A blaze on a horse's forehead. (See an ex. voce مُعْتَدِلٌ.)] b4: And [hence, perhaps,] one says, بَانَتْ فِى قَذَالِهِ فُرُوقٌ مِنَ الشَّيْبِ i. e. أَوْضَاحٌ [app. meaning There appeared in the back of his head portions of white, or hoary, hair, distinct from the rest]. (TA.) b5: One says also of the female comber and dresser of the hair, تَمْشُِطُ كَذَا وَكَذَا فَرْقًا i. e. [She combs and dresses the hair] with such and such a mode or manner [app. of combing and dressing or of dividing]. (L. [But the last word, which seems to be in this case an inf. n., is there written without any vowel-sign.]) A2: Also A certain bird or flying thing; (طَائِرٌ O, K;) not mentioned by AHát in “ the Book of Birds. ” (O, TA.) A3: And Flax. (K.) A4: See also فَرَقٌ, in nine places.

الفُرْقُ: see الفُرْقَانُ. b2: It also signifies A certain vessel with which one measures. (TA. [See also فَرَقٌ.]) b3: And [it is said that] الفُرْقَانِ signifies قدحان مفترقان [app. meaning Two separate bowls, or milking-vessels, supposing the former word to be قَدَحَانِ; the latter word being مُفْتَرِقَانِ]. (TA. [This is app. said in explanation of فُرْقَانِ ending a verse in which it means “ milkingvessels: ” but it is said in the S, and in one place in the TA, that it is in that instance pl. of فَرْقٌ or فَرَقٌ, q. v.]) فِرْقٌ A piece, or portion, that is split from a thing, or cleft therefrom; (S, O, K;) whence its usage in the Kur xxvi. 63: (S, O:) and a portion of anything (K, TA) when it is separated; and the pl. is فِرَقٌ: (TA:) or a portion that is separated, or dispersed, of a thing; and thus it is said to mean in the Kur ubi suprá; and the pl. is أَفْرَاقٌ, like أَحْمَالٌ as pl. of حِمْلٌ. (Msb.) See also فِرْقَةٌ. b2: Also A great flock or herd, of sheep or goats: (S, O, K:) and (as some say, TA) of the bovine kind: or of gazelles: or of sheep, or goats, only: or of straying sheep or goats; as also ↓ فَرِيقٌ, (K, TA,) and ↓ فَرِيقَةٌ: (TA:) or less than a hundred, (K, TA,) of sheep or goats. (TA.) فِرْقَانِ مِنْ طَيْرٍ صَوَافَّ, occurring in a trad., in which the second and third chapters of the Kur-án are likened thereto, (L,) means Two flocks [of birds expanding their wings without moving them in flight]. (L, TA: but the first word, in both, is without any vowel-sign.) See, again, فِرْقَةٌ. b3: And A set of boys. (O, K.) An Arab of the desert said of some boys whom he saw, هٰؤُلَآءِ فِرْقُ سَوْءٍ [These are a bad set of boys]. (O.) b4: And A distinct quantity of date-stones with which the camel is fed. (K.) b5: [And app. Any feed for one's beast: see an ex. in art. جل, conj. 4.]

A2: Also A mountain. (IAar, O, K.) And A [hill, or mountain, or the like, such as is termed] هَضْبَة. (IAar, O, K.) b2: And A wave, billow, or surge. (IAar, O, K.) b3: And الفِرْقُ is the name applied by the Arabs to The star [a] upon the right shoulder of Cepheus. (Kzw.) فَرَقٌ Wideness of the space between the two central incisors, (IKh, S, O, K, TA,) of a man: (TA:) and likewise between the two toe-nails of the camel. (Yaakoob, S, O, K, TA.) And A division in the عُرْف [or comb] of the cock: and likewise in the forelock, and in the beard, of a man: (S, O, K:) pl. أَفْرَاقٌ. (S, O.) And sparseness, or a scattered state, of the plants, or herbage, of a land. (S, O, K.) b2: In a horse, The state of the hips when one of them is more prominent than the other; which is disapproved: (S, O, K, TA:) or a deficiency in one of the thighs, in comparison with the other: or a deficiency in one of the hips. (TA.) b3: Also The dawn: or الفَرَقُ signifies فَلَقُ الصُّبْحِ: (K:) or what has broken of the bright gleam of dawn; of the dawn that rises and spreads, filling the horizon with its whiteness; (مَا انْفَلَقَ مِنْ عَمُودِ الصُّبْحِ [which is one of the explanations of الفَلَقُ in the K];) because it has become separated from the blackness of the night: (TA:) one says, أَبْيَنُ مِنْ فَرَقِ الصُّبْحِ a dial. var. of فَلَقِ الصُّبْحِ [i. e. More distinct than what has broken of the bright gleam of dawn]. (S, O, Msb, * TA.) A2: It is also the inf. n. of فَرِقَ [q. v.: when used as a simple subst., signifying Fear, or fright]. (S, O, Msb.) A3: Also, and ↓ فَرْقٌ, (S, Mgh, O, Msb, K,) the latte accord. to the usage of the relaters of traditions, (Az, Mgh, O, Msb, TA,) but the former accord. to the usage of the Arabs, (Az, Mgh, O, * TA,) or the former is the more chaste (K, TA) accord. to Ahmad Ibn-Yahyà and Khálid Ibn-Yezeed, (TA,) A certain vessel, (T, Mgh, O, Msb,) a measure of capacity, (S, O, K, TA,) of large size, (TA,) well known, (S,) in El-Medeeneh, (S, Msb, K,) holding three آصُع [a pl. of صَاعٌ], (Mgh, O, Msb, K, TA,) or, (K, [app. referring to ↓ فَرْقٌ only,]) which is the same quantity, sixteen pints, (S, Mgh, O, Msb, K, * TA,) i. e. twelve times the quantity termed مُدّ by the people of El-Hijáz: (TA:) or, accord. to El-Kutabee, the ↓ فَرْق is sixteen pints, and the صاع is one third of the فَرْق; but the فَرَق is eighty pints: or the ↓ فَرْق, he adds, is, as some say, four pints: (Mgh:) or it is four أَرْبَاع [pl. of رُبْعٌ, q. v.]; (K, TA;) thus accord. to AHát: and IAth says, the فَرَق is said to be five أَقْسَاط; [or six; (see قِسْطٌ;)] the قِسْط being the half of a صاع: but the ↓ فَرْق is a hundred and twenty pints: (TA:) in the “ Nawádir ” of Hishám, on the authority of [the Imám] Mohammad, the ↓ فَرْق is said to be thirty-six pints; but [Mtr says] this I have not found in any of the lexicons in my possession; and so what is said in the Moheet, that it is sixty pints: (Mgh:) the pl. is فُرْقَانٌ, (S, Mgh, O, K, TA,) which is of ↓ فَرْقٌ and of فَرَقٌ; (S, Mgh, O, TA;) and أَفْرُقٌ occurs in a trad. as a pl. [of pauc.] of فَرَقٌ meaning the measure thus called. (TA.) 'Áïsheh is related to have said that she and the Prophet used to wash themselves from a vessel called the ↓ فَرْق. (O, Msb.) [In a verse of which a hemistich is cited in the S and TA, the pl. فُرْقَان is used as meaning Milking-vessels. (See also الفُرْقُ.) Respecting a modern signification of ↓ فَرْق (A bale, or sack, of merchandise), see De Sacy's Chrest. Ar., sec. ed., iii., 378-9 and 382.]

فَرُقٌ: see فَرُوقَةٌ, in two places.

فَرِقٌ is applied to plants, or herbage, (نَبْتٌ,) as meaning [In a sparse, or scattered, state; or] small, not covering the ground: (AHn, K, TA:) or (K) فَرِقَةٌ is applied to land, (أَرْضٌ,) meaning of which the plants, or herbage, are in a sparse, or scattered, state; (S, O, K, TA;) not contiguous: (S, O, TA:) thus used, it is a possessive epithet, having no verb. (TA.) A2: See also فَرُوقَةٌ, in two places.

فُرْقَةٌ the subst. from فَارَقَهُ; (S, MA, * TA;) or from اِفْتَرَقَ, (Msb,) [i. e.] a quasi-inf. n. used in the sense of اِفْتِرَاقٌ; (TA;) signifying Separation, disunion, or abandonment; (MA, KL, PS;) and ↓ فَرَاقٌ is syn. therewith, whence the reading [in the Kur xviii. 77], هٰذَا فَرَاقُ بَيْنِى وَبَيْنِكَ [This shall be the separation of my and thy union]; and so is ↓ فِرَاقٌ, (O, * K, TA,) which [is an inf. n. of فارقه, and], in the Kur lxxv. 28, means the time of the quitting of the present world by death. (TA.) فِرْقَةٌ A طَائِفَة [or party, portion, division, sect, or distinct body or class,] of men, (S, O, Msb, K,) and of other things; as also ↓ فِرْقٌ; (Msb;) and so, accord. to IB, ↓ فَرِيقٌ: (TA: [but see this last word:]) [and a separate herd or the like of cattle:] pl. فِرَقٌ (O, Msb, K) and أَفْرَاقٌ (S, O, K) is pl. of فِرَقٌ (O, K) and أَفَارِيقُ is pl. of أَفْرَاقٌ, (S, O, K,) and أَفَارِقَةٌ occurs in poetry; (O, K;) or أَفَارِيقُ may be of the class of أَبَاطِيلُ, a pl. without a sing. (O, TA.) b2: Also A portion of a thing in a state of dispersion; and so ↓ فِرْقٌ and ↓ فَرِيقٌ. (L, TA.) A2: And A skin that is full [of milk], that cannot be agitated to make butter حَتَّى

أَىْ يُذْرَقَ ↓ يُفْرَقَ [app. a tropical phrase meaning until it is made to void some of its contents]. (K.) فُرْقَانٌ, originally an inf. n. (Msb. [See 1, first sentence.]) Anything that makes a separation, or distinction, between truth and falsity. (S, O, K.) b2: Hence, (TA,) الفُرْقَانُ signifies The Kur-án; (S, O, Msb, K;) as also ↓ الفُرْقُ. (S, O, K.) b3: And The Book of the Law revealed to Moses, (Az, O, K,) in which a distinction is made between that which is allowable and that which is forbidden. (O.) b4: And Proof, evidence, or demonstration. (O, K.) b5: And The time a little before daybreak: (AA, O, K:) or the dawn. (O, K.) One says, طَلَعَ الفُرْقَانُ [The dawn rose]. (O.) b6: And Aid, or victory: (IDrd, O, K:) so, accord. to IDrd, in the phrase يَوْمَ الفُرْقَانِ in the Kur [viii. 42]: (O:) or by this phrase is meant The day of Bedr, (O, K,) in which a distinction was made between right and wrong. (O.) b7: And The cleaving of the sea: so it means [accord. to some] in the Kur ii. 50. (O, K.) b8: and Boys: (O, K:) such the people of the olden time used to make witnesses [in law-suits or the like]. (O.) A2: It is also pl. of فَرْقٌ (S, M, O, K) and of فَرَقٌ. (S, Mgh, O.) فَرَاقٌ and فِرَاقٌ: see فُرْقَةٌ.

فَرُوقٌ: see فَرُوقَةٌ, in two places: A2: and أَفْرَقُ, last sentence but two.

فَرِيقٌ A طَائِفَة [or party, &c.,] (S, Msb, K) more in number, (S, K, *) or larger, (Msb,) than a فِرْقَة: (S, Msb, K:) pl. [of pauc.] أَفْرِقَةٌ and [of mult.] أَفْرِقَآءُ and فُرُوقٌ (K, TA) and فُرُقٌ: (CK:) see also فِرْقَةٌ, in two places; and see فِرْقٌ: AHei says that it is itself a quasi-pl. n., applied to few and to many: 'Abd-el-Hakeem, that it occurs in the sense of a طَائِفَة [or party, &c.], and in the sense of a single man: and El-Isbahánee, that it signifies a company of men apart from others [i. e. a party of men]: (MF, TA:) or [simply] a company [of men]. (O.) b2: And A separator of himself. (IB, TA.) Hence the saying, هُوَ أَسْرَعُ مِنْ فَرِيقِ الخَيْلِ i. e. [He is swifter] than the outgoer, or outrunner, of the horses. (TA.) b3: نِيَّةٌ فَرَيقٌ means مُفَرِّقٌ [i. e. A place to which one purposes journeying that separates widely]: a poet says, أَحَقٌّ أَنَّ جِيْرَتَنَا اسْتَقَلُّوا فَنِيَّتُنَا وَنِيَّتُهُمْ فَرِيقُ

[Is it true that our neighbours have gone away, so that the place to which we purpose journeying and the place to which they purpose journeying are such as separate widely]: he says فَرِيق in like manner as one applies [the epithet] صَدِيقٌ to a company of men. (Sb, TA.) A2: Also A palm-tree (نَخْلَةٌ) in which is [app. meaning out of which grows] another. (AA, AHn, O, TA.) فَرُوقَةٌ, applied to a man and to a woman, (IDrd, S, O, K,) and having no pl., (S, O,) and ↓ فَرُّوقَةٌ, applied to a man (Ibn-'Abbád, O, K) and to a woman, (K,) and ↓ فَارُوقَةٌ, applied to a man (O, K,) and to a woman, or, as epithets applied to a man, فَرُوقَةٌ, (K,) and ↓ فَرُّوقَةٌ, (CK,) and ↓ فَارُوقَةٌ, and ↓ فَرُوقٌ, (K,) but this last is also applied to a woman, (IB, TA,) and ↓ فَرُّوقٌ, and ↓ فَارُوقٌ, One who fears much, or vehemently; [or rather the epithets with the affix ة are doubly intensive, meaning one who fears very much;] (S, * O, * K, TA;) and ↓ فَرِقٌ and ↓ فَرُقٌ signify the same as the other epithets above; or ↓ فَرُقٌ signifies fearing, or fearful, by nature; and ↓ فَرِقٌ, [simply,] fearing a thing. (K.) It is said in a prov., رُبَّ عَجَلَةٍ تَهَبُ رَيْثًا وَرُبَّ فَرُوقَةٍ يُدْعَى لَيْثًا وَرُبَّ غَيْثٍ لَمْ يَكُنْ غَيْثًا [Many an act of haste causes (lit. gives) slowness, and many a very fearful man is called a lion, and many a collection of clouds has not been productive of rain]: (S, * O:) said by Málik Ibn-'Amr Ibn-Mohallam, when Leyth, his brother, looked hopefully at the clouds from afar, and desired to avail himself of the benefit thereof; whereupon Málik said to him, “ Do not, for I fear for thee some of the troops of the Arabs: ” but he disobeyed him, and journeyed with his family; and he had not stayed [away] a little while when he came [back], and his family had been taken. (O. [See also Freytag's Arab. Prov. i. 535.]) A2: And الفَرُوقَةُ signifies الحُرْمَةُ [meaning Honour, or reputation; or that which one is under an obligation to respect and defend]: (O, K, TA: [in the CK الحُزْمَةُ:]) so Sh was told: and [so, app., ↓ الفَرُوقُ, for] he cites as an ex., مَا زَالَ عَنْهُ حُمْقُهُ وَمُوقُهُ وَاللُّؤْمُ حَتَّى انْتُهِكَتْ فَرُوقَهُ [His foolishness and his stupidity quitted him not, and meanness, so that his honour, &c., was violated]. (O, TA.) A3: And The fat of the kidneys: (O, K:) so says A'Obeyd, on the authority of El-Umawee; but Sh disallowed this meaning, and knew it not. (O, TA.) فَرِيقَةٌ: see فِرْقٌ. b2: Also Some (S, O, K) one or two or three (S, O) of a flock or herd, of sheep or goats, becoming separate therefrom, (S, O, K,) being shut out from the rest by the like of a mountain or a space of sand or some other thing, as is said in the “ Kitáb Leysa,” (TA,) and going away, (S, O, K,) in the “ Kitáb Leysa ”

straying, (TA,) in the night, from the main aggregate. (S, O, K,) A2: And Dates cooked with fenugreek (حُلْبَة), for the woman in the state following childbirth: (S, O, K:) or fenugreek (حُلْبَة) cooked with grains (حُبُوب) [or kernels?], (O, K, TA,) such as مَحْلَبْ [q. v.], and بير [app. a mistranscription], and other things, (TA,) for her: (K, TA:) or, accord. to IKh, a soup that is made for him who is affected with a chronic disease, or emaciated by disease so as to be at the point of death. (TA.) [See also فَلِيقَةٌ.]

فَرُّوقٌ: see فَرُوقَةٌ, first sentence.

فَرُّوقَةٌ: see فَرُوقَةٌ, first sentence, in two places.

فَارِقٌ [act. part. n. of فَرَقَ, q. v.]. الفَارِقَاتُ, mentioned in the Kur lxxvii. 4, means Those angels that descend with what makes a distinction between truth and falsity: (Fr, O, K:) or that distinguish between that which is allowable and that which is forbidden: (Th, TA:) or that make a distinction between things according as God has commanded them. (Er-Rághib, TA.) b2: Also, فَارِقٌ, A she-camel, and a she-ass, in consequence of her being taken with the pains of parturition, going away at random in the land; (S, O, K;) and so فَارِقَةٌ, as in the “ Mufradát: ” or a she-camel that separates herself from her mate, and brings forth alone: or a she-camel that runs (تَشْتَدُّ), and then casts her young one by reason of the pain that befalls her; thus expl. by IAar: (TA:) pl. فَوَارِقُ and فُرَّقٌ (S, O, K) and فُرُقٌ (K) and فُرَّاقٌ, which is thus used by El-Aashà, applied to she-camels, and ↓ مَفَارِيقُ is [an irreg. pl.] likewise applied to she-camels as syn. with فَوَارِقُ. (TA.) b3: And hence, as being likened to such a she-camel, applied to a cloud (سَحَابَةٌ) as meaning (tropical:) Apart from the other clouds; (S, O, K;) cut off from the main aggregate of the clouds: (ISd, TA:) or an isolated cloud, that will not break its promise [of giving rain], and sometimes preceded by thunder and lighting: (TA:) thus applied, also, having for pl. فَوَارِقُ and فُرَّقٌ [&c.]. (O.) فَارُوقٌ A thing that makes a distinction between two things: and a man who makes a distinction between truth and falsity: (TA:) or one who makes a distinction between affairs, or cases. (Msb.) الفَارُوقُ is an appellation that was given to 'Omar Ibn-El-Khattáb, (S, O, K, TA,) the second of the Khaleefehs; (TA;) because a distinction was made by him between truth and falsity. (Ibráheem El-Harbee, O, K, * TA.) b2: تِرْيَاقٌ فَارُوقٌ, (O,) or التِّرْيَاقُ الفَارُوقُ, (K,) The most approved sort of theriac, (O, K,) and the most esteemed of compounds; because it makes a distinction between disease and health: (K:) called by the vulgar تِرْيَاقَ فَارُوقِىّ. (TA.) A2: See also فَرُوقَةٌ, first sentence.

فَارُوقَةٌ: see فَرُوقَةٌ, first sentence, in two places.

أَفْرَقُ, applied to a man, Having a wide space between the two central incisors: (IKh, TA:) [or] i. q. أَفْلَجُ [app. as meaning the same, or having a similar meaning]: (K, TA: [but the CK has الأَفْلَحُ instead of الأَفْلَجُ:]) or, accord. to Lth, the أَفْرَق is like the أَفْلَج, except that the افلج is such as has been rendered so, and the افرق is such naturally. (O, TA.) And A camel having a wide space between the two toe-nails. (Yaakoob, TA.) And Having a wide space between the buttocks. (TA.) And A he-goat having a wide space between his horns. (IKh, TA.) And A ram, or he-goat, having a wide space between his testicles: and [the fem.] فَرْقَآءُ a ewe, or she-goat, having a wide space between the two teats. (Lth, O, K, TA.) b2: A camel having two humps. (TA.) b3: A man whose forelock is as though it were divided; and in like manner, whose beard is so. (S, O, K. *) A cock whose عُرْف [or comb] is divided: (S, O, K:) and (accord. to Lth, O) a white cock: (O, K:) or, as some say, having two combs (ذُو عُرْفَيْنِ). (O.) b4: A horse having one of the hips more prominent than the other; which is disapproved: (S, K, TA:) or having a deficiency in one of his thighs, in comparison with the other: or having a deficiency in one of the hips: or, accord. to the T, a beast having one of his elbows prominent, and the other depressed. (TA.) And A horse having one testicle. (Lth, O, K, TA.) The pl. is فُرْقٌ. (TA, in which it is here mentioned: also mentioned in the K after أَفْرَقُ as applied to a ram or he-goat: in the CK [erroneously] فُرُقٌ) And ↓ فَرُوقٌ applied to a horse signifies the same as أَفْرَقُ. (O, TA.) b5: طَرِيقٌ أَفْرَقُ A road that is distinct, apparent, or manifest. (TA.) And سَيْلٌ أَفْرَقُ A torrent that is as though it were the فِرْق [app. as meaning wave, billow, or surge]. (TA.) تَفَارِيقُ [Sundry, or separate, or scattered, portions or things: and sundry times]. You say, أَخَذْتُ حَقِّى مِنْهُ بِالتَّفَارِيقِ (S, O, K, * TA) i. e. [I took my right, or due, from him in sundry portions: or] at sundry times. (TA.) And ضَمَّ تَفَارِيقَ مَتَاعِهِ i. e. [He put together] what were scattered [of his household goods, or furniture and utensils]. (TA.) إِنَّكَ خَيْرٌ مِنْ تَفَارِيقِ العَصَا [Verily thou art better than the several portions of the staff], (S, O, K,) which is a prov., (O,) was said by a poet, (S,) or by Ghaneeyeh, (O,) or Ghuneiyeh, (K,) El-Aarábeeyeh, to her son; for he was evil in disposition, [عازِمًا in the CK is a mistake for عَارِمًا,] very mischievous, notwithstanding his weakness, (O, K,) and slenderness of bone; (O;) and he assaulted one day a young man, who thereupon cut off his nose, and his mother took the mulct for it; so her condition became good after abasing poverty; then he assaulted another, who cut off his ear; and another, who cut off his lip; and his mother took the mulct for each; and when she saw the goodness of her condition, (O, K,) the camels and the sheep or goats and the household goods that she had acquired, (O,) she said thus: (O, K:) for from the staff (S, O, K) when it is broken (S) is made a سَاجُور [q. v.], and from this are made tent-pegs, and from the tent-peg is made an عِرَان [q. v.], and from this are made تَوَادٍ [pl. of تَوْدِيَةٌ, q. v.]. (S, O, K.) مَفْرَقٌ (S, O, K) and مَفْرِقٌ (S, O, Msb, K) The middle of the head; (S, O, K;) the place where the hair of the head is separated: (S, O, Msb, K:) pl. مَفَارِقُ; which is used also in the sense of the sing., as though the sing. applied to every part thereof: (S, O:) one says, شَابَتْ مَفَارِقُ رَأْسِهِ [meaning The place (lit. places) of the separation of the hair of his head became white, or hoary]. (Mgh voce ذَكَرٌ.) [See also فَرْقٌ.] b2: Also The place, of a road, where another road branches off: (S, O, Msb, K:) both words are used in this sense likewise: (S, O, K: *) pl. as above. (K.) b3: And [hence] one says, وَقَفْتُهُ عَلَى مَفَارِقِ الحَدِيثِ (tropical:) [I made him to know] the modes, or manners, [of the narrative, or discourse,] or the manifest, plain, or obvious, modes or manners [thereof]. (TA.) مُفْرِقٌ A she-camel whose young one has become separated from her, (S, O, K, TA,) as some say, (TA,) by death: (S, O, K, TA:) pl. ↓ مَفَارِيقٌ. (TA. [Thus in my original, not مَفَارِقُ.]) b2: and A she-camel that tarries two years, or three, without conceiving. (TA.) b3: And A she-camel having a return of some of her milk. (TA.) b4: And Anyone recovering from his disease. (Lh, TA.) b5: And Deviating from the right way or course, or from that which is right. (TA.) b6: And مُفْرِقُ الجِسْمِ, (thus accord. to the K, there said to be like مُحْسِنٌ,) or الجِسْمِ ↓ مُفَرَّقُ, (thus in the O,) A man (O) having little flesh: or fat, or plump: (O, K:) two contr. meanings. (K.) مُفَرَّقُ: see what next precedes.

مُفَرِّقُ [The disperser of the camels or cattle;] the [small, stinking beast called] ظَرِبَانِ; because when it emits a noiseless wind from the anus among the cattle, they disperse themselves. (S, O, K.) مَفَارِيقُ: see مُفْرِقٌ: b2: and فَارِقٌ, latter half.

مُنْفَرَقٌ is a n. of place, as well as an inf. n. [of اِنْفَرَقَ]: (O, K:) and is used by Ru-beh as meaning A place where a road divides. (O.)
فرق
فرَق بيْنَهُما أَي: الشيئيْن، كَمَا فِي الصِّحاح، رجُلين كَانَا أَو كَلامَين، وَقيل: بل مُطَاوع الأول التّفرُّق، ومُطاوع الثَّانِي الافْتِراق، كَمَا سَيَأْتِي يَفْرُق فَرْقاً وفُرْقاناً، بالضّمِّ: فصَل. وَقَالَ الأصبهانيّ: الفَرْق يُقارِب الفَلْق، لَكِن الفَلْقُ يُقالُ باعْتِبارِ الانْشِقاق، والفَرْق يُقال باعْتِبار الانْفِصال، ثمَّ الفَرْقُ بينَ الشَّيْئَيْنِ سَواءٌ كَانَ بِمَا يُدرِكُه البَصَر، أَو بِمَا تُدرِكُه البَصيرة، ولِكُلٍّ مِنْهُمَا أَمْثِلَة يَأْتِي ذكرُها. قَالَ: والفُرْقانُ أبلَغُ من الفَرْقِ لأنّه يُستَعْمَلُ فِي الفَرْقِ بَين الحقِّ والباطِل، والحُجّة والشُبْهة، كَمَا سَيَأْتِي بيانُها. وظاهرُ المُصنِّف كالجوهري والصاغانيّ الاقتِصار فِيهِ على أنّه من حدِّ نصَر. ونقلَ صاحبُ المِصباح فرَقَ كضَرَب، قَالَ: وَبِه قُرِئَ:) فافْرِقْ بيْنَنا وبيْن القوْمِ الفاسِقين (قُلت: وَهَذِه قد ذكَرها اللِّحْياني نَقْلاً عَن عُبَيْد بنِ عُمَيْرٍ اللّيْثيّ أنّه قَرَأَ فافْرِق بيْننا بكسرِ الرّاء. وقولُه تَعالَى:) فِيهَا يُفْرَق كُلُّ أمْرٍ حَكِيم (. قَالَ قَتادةُ أَي: يُقْضَى وَقيل: أَي يُفصَلُ، ونقَلَه اللّيْثُ. وقولُه تَعالَى:) وقُرآناً فَرَقْناه (أَي: فصّلْناه وأحْكَمْناه وبيّنّا فِيهِ الأحكامَ، هَذَا على قِراءَةِ من خفّف. وَمن شدّد قَالَ: معناهُ أنزلْناه مُفرَّقاً فِي أيّامٍ، ورُوِي عَن ابنِ عبّاس بالوَجْهين. وقولُه تَعَالَى) وَإِذ فَرَقْنا بكُم البَحْر (أَي: فلَقْناه. وَقد تقدّم الفَرْق بَين الفَلْق والفَرْق. وَقَوله تَعالى) فالفارِقاتِ فَرْقاً (قَالَ الفرّاءُ: هم المَلائِكةُ تَنْزِلُ بالفَرْقِ بَين الحقِّ والباطِل وَقَالَ ثعلبٌ: تُزَيِّلُ بَين الحلالِ والحَرام. وَفِي المُفردات: الذينَ يَفصِلون بيْن الأشياءِ حسَب مَا أمَرَهُم الله تَعَالَى. والفَرْقُ: الطّريقُ فِي شَعَرِ الرّأس. وَمِنْه الحديثُ عَن عائِشةَ رضيَ الله عَنْهَا: كُنتُ إِذا أردْتُ أَن أفْرُِقَ رسولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وسلّم صدَمْتُ الفَرْق على يافوخِه، وأرْسَلْتُ ناصِيَته بَين عيْنَيه. وَقد فَرَق الشّعرَ بالمُشْطِ يَفرُِقُه من حَدّي نصَر وضَرَب فرْقاً: سرّحه.
ويُقال: الفَرْقُ من الرّأس: مَا بينَ الجَبين الى الدّائرةِ. قَالَ أَبُو ذؤيْب:
(ومَتْلَفٍ مثلِ فرْقِ الرّأْسِ تخْلِجُه ... مَطارِبٌ زَقَبٌ أميالُها فيحُ)

شبّهه بفَرْقِ الرأسِ فِي ضيقِه ومَفْرَقه. ومَفْرِقُه كَذَلِك: وسْط رأْسه. والفَرْق: طائِرٌ وَلم يذكُره أَبُو حاتِم فِي كِتابِ الطّير. والفَرْق: الكَتّان. وَمِنْه قولُ الشاعِر:
(وأعلاطُ النّجومِ مُعَلَّقاتٌ ... كحبْلِ الفَرْقِ ليسَ لَهُ انتِصابُ)
والفَرْقُ: مِكْيالٌ ضَخْمٌ بالمَدينة، اختُلِف فِيهِ. فَقيل: يَسَعُ ستّة عَشَر مُدّاً، وَذَلِكَ ثَلاثَة آصُعٍ. وَفِي حديثِ عائشةَ رَضِي الله عَنْهَا: كنتُ أغْتَسِلُ من إناءٍ يُقَال لَهُ الفَرْق. قَالَ الأزهريّ: يقولُه المحدِّثون بالتّسكين ويُحَرَّك، وَهُوَ كلامُ العَرَب، أَو هوَ أفصَحُ. قَالَ ذَلِك أَحْمد بنُ يحيى، وخالِدُ بنُ يَزيدَ أَو يَسَع سِتّةَ عشَر رِطْلاً وَهِي اثْنا عشَر مُدّاً وَثَلَاثَة آصُعٍ عِنْد أهلِ الحِجاز، نقَلَه ابنُ الْأَثِير، وَهُوَ قولُ أبي الهَيْثم. أَو هُوَ أرْبَعة أرْباعٍ وَهُوَ قولُ أبي حاتِم. قَالَ ابنُ الْأَثِير: وقيلَ: الفَرَق: خمْسةُ أقْساط، والقِسْطُ: نِصفُ صاعٍ. فَأَما الفَرْق بالسّكون فمائَة وعِشْرون رِطْلاً. وَمِنْه الحَدِيث: مَا أسْكَرَ مِنْهُ الفَرْقُ فالحَسْوَةُ مِنْهُ حَرامٌ. وَقَالَ خِداشُ بنُ زُهَيْر:
(يأْخُذونَ الأرْشَ فِي إخْوَتِهم ... فَرَقَ السّمْنِ وشَاة فِي الغَنَمْ)
ج: فُرْقانٌ، وَهُوَ قدْ يكون للسّاكنِ والمتحرِّك جَميعاً كبُطْنانٍ وبَطْن، وحُمْلان وحَمَل. وأنشَدَ أَبُو زيْد: تَرفِدُ بعدَ الصّفِّ فِي فُرْقان كَمَا فِي الصِّحَاح. وسِياقُ المُصَنّف يقتَضي أَنه جمْع للسّاكِن فَقَط، وَفِيه قُصور، وَقد تقدّم معْنى الصّفِّ فِي موضِعِه. والفاروقُ: مَا فَرَق بَين الشّيئَيْن. ورجلٌ فاروقٌ: يُفرِّقُ بَين الحَقِّ والباطِل.
والفاروقُ: اسمُ سيّدِنا أميرِ الْمُؤمنِينَ ثَانِي الخُلَفاءِ عُمَر بن الخطّاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ لأنّه فرَقَ بيْن الحقّ والباطِل. وَقَالَ إبراهيمُ الحَرْبيّ: لِأَنَّهُ فَرَق بِهِ بَين الحقِّ وَالْبَاطِل. وأنشدَ لعُويْفِ القَوافِي: يَا عُمَرَ الخَيْرِ المُلَقّى وَفْقَه سُمِّيت بالفاروق فافرُق فرْقَه أَو لأنّه أظهَر الإسلامَ بمكّةَ، ففَرَق بيْن الْإِيمَان والكُفْر قَالَه ابنُ دريدٍ. وَقَالَ الليْثُ: لِأَنَّهُ ضرَبَ بِالْحَقِّ على لسانِه فِي حديثٍ طَوِيل ذكَره، فِيهِ أَن الله تعالَى سمّاه الفاروقَ، وَقيل: جِبْريلُ عَلَيْهِ السّلامُ، وَهَذَا يومِئُ إِلَيْهِ كلامُ الكشّافِ، أَو النّبيُّ صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم، وصحّحوه، أَو أهلُ الكِتاب. قَالَ شيخُنا: وَقد يُقال: لَا مُنافاةَ. وَقَالَ الفَرَزْدَق يمدَحُ عُمَر بنَ عبدِ العَزيز:)
(أشْبَهْتَ من عُمَر الفاروقِ سيرَتَه ... فاقَ البَريّةَ وائْتَمّتع بِهِ الأُمَمُ)
وَقَالَ عُتبةُ بنُ شمّاس يمدَحُه أَيْضا:
(إنّ أوْلَى بالحَقِّ فِي كلِّ حَقٍّ ... ثمَّ أحْرَى بِأَن يكون حَقيقا)

(مَنْ أَبوهُ عبدُ العَزيز بنُ مَرْوا ... نَ، ومَنْ كَانَ جدُّه الفارُوقا)
والتِّرْياقُ الفاروقُ. وَفِي العُباب: تِرْياقُ فاروق: أحمَدُ التّرايِيق وأجَلّ المُرَكّباتِ لأنّه يَفْرِقُ بَين المَرَض والصّحّة وَقد مرّ تركيبُه فِي ت ر ق والعامة تَقول: تِرْياقٌ فاروقيّ. وفَرِق الرجلُ مِنْهُ كفَرِح: جَزِع، وحَكَى سيبَويه. فرِقَه، على حذْفِ من قَالَ حِين مثّل نصْبَ قولِهم: أَو فَرَقاً خيْراً من حُبٍّ، أَي: أَو أفرَقَك فَرَقاً. وفَرِقَ عَلَيْهِ: فَزِع وأشفَقَ، هَذِه عَن اللِّحْيانيّ. ورجُلٌ وامرأةٌ فاروقةٌ وفروقةٌ. قَالَ ابنُ دُريد: رجلٌ فَروقة، وَكَذَلِكَ المَرْأَةُ أُخْرِجَ مخرَجَ عَلاّمةٍ ونَسّابةٍ وبَصيرة، وَمَا أشْبَهَ ذَلِك، وأنْشَد: وَلَقَد حَلَلْتُوكُنتُ جِدَّ فَروقَة بَلَداً يَمُرُّ بِهِ الشُجاعُ فيَفْزَعُ قَالَ: وَلَا جمعَ للفَروقَةِ. وَفِي المَثَل: رُبَّ فَروقة يُدْعَى لَيْثاً، ورُبَّ عجَلَةٍ تهَبُ رَيْثا، ورُبَّ غيْث لم يكن غيْثا، فِي المُحيط، قالَه مالكُ بنُ عَمْرو بن مُحَلِّم، حِين شامَ ليثٌ أَخُوهُ الغَيثَ فهَمّ بانْتِجاعِه، فَقَالَ مَالك: لَا تَفْعَلْ، فإنّي أخْشى عليكَ بعضَ مقانِبِ العَرب، فَعَصَاهُ، وَسَار بأهْلِه، فَلم يَلْبَثْ يَسيرا حَتَّى جاءَ وَقد أُخِذَ أهْلُه. ويُشَدَّد أَي: الْأَخِيرَة، وَهَذِه عَن ابنِ عبّاد، ونَقَله صاحبُ اللّسان أَيْضا. أَو رجُلٌ فَرِقٌ، ككَتِف، ونَدُسٍ، وصَبور، ومَلولَة، وفرّوج، وفاروق، وفاروقَة: فَزِعٌ شَديدُ الفَزَع، الهاءُ فِي كلِّ ذلِك لَيست لتأنيثِ المَوصوفِ بِمَا هِيَ فِيهِ، إنّما هِيَ إشْعارٌ بِمَا أُريدَ من تأْنيثِ الغايَةِ والمُبالَغَة. أَو رَجُلٌ فَرُقٌ، كَنَدُس: إِذا كَانَ الفَرَقُ مِنْهُ جِبِلّةً وطَبْعاً. ورجُلٌ فَرِقٌ، ككَتِف: إِذا فَزِعَ من الشّيْء. وَقَالَ ابنُ بَرّي: شاهِدُ رجُلٍ فَروقة للكَثير الفَزَع قولُ الشاعِر:
(بعَثْتَ غُلاماً من قُرَيْش فَروقةً ... وتترُك ذَا الرأْي الأصيلِ المُهَلَّبا)
قَالَ وشاهدُ امْرَأَة فَروق قولُ حُمَيْدِ بنِ ثوْر:
(رأَتْني مُجَلّيها فصَدّتْ مَخافَةً ... وَفِي الخيلِ رَوعاءُ الفؤادِ فَروقُ)
والمَفْرِقُ كمَقْعَد ومجْلِس: وسَطُ الرّأْسِ، وَهُوَ الَّذِي يُفْرَقُ فِيهِ الشَّعر. يُقال: الشّيْبُ فِي مَفرِقِه وفَرْقِه. ورأيتُ وَبيصَ المِسْكِ فِي مَفارِقِهم. والمَفْرَقُ من الطّريق: المَوْضِعُ الَّذِي يتشعّبُ مِنْهُ)
طريقٌ آخَر يُرْوَى أَيْضا بالوَجْهَيْن بفَتْح الرّاءِ وبكَسْرِها ج: مَفارِقُ. وقولُهم للمَفْرِق مَفارِق كأنّهم جعَلوا كلَّ موضِع مِنْهُ مَفْرِقاً فجمَعوه على ذَلِك. ومِنْ ذلِك حديثُ عائِشَةَ رضيَ الله عَنْهَا: كأنّي أنْظُر الى وَبيصِ الطِّيبِ فِي مَفارِقِ رسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وسلّم وَهُوَ مُحرِمٌ. وَقَالَ كعْبُ بنُ زُهَيْر رَضِي الله عَنهُ: نَفَى شعَرَ الرّأْسِ القَديمَ حوالِقُهْ ولاحَ بشَيْبٍ فِي السّوادِ مَفارِقُهْ وَمن المَجاز قَوْلهم: وقّفْتُه على مَفارِقِ الحَديثِ أَي على وُجوهِه الْوَاضِحَة. وفَرَقَ لَهُ الطّريقُ فُروقاً بالضّمِّ، أَي: اتّجَه لَهُ طَريقان كَذَا فِي العُبابِ والصّحاح واللّسان، أَو اتّجَه لَهُ أمْر فعَرَفَ وجْهَه. وَمِنْه حديثُ ابنِ عبّاس: فرَقَ لي رأيٌ أَي بَدا وظَهَر. وفرَقت النّاقَةُ، أَو الأتانُ تفرُق فُروقاً بالضمِّ: أخذَها المَخاضُ، فندّتْ أَي ذهبَت نادّةً فِي الأرْضِ، فهِي فارِقٌ كَمَا فِي الصّحاح، وفارِقَةٌ أَيْضا كَمَا فِي المُفْردات. وَقيل: الفارِقُ من الْإِبِل: الَّتِي تُفارِق إلْفَها فتنتج وَحْدَها. وأنشدَ الأصْمَعي لعُمارةَ بنِ طارِقٍ، كَمَا فِي الصِّحاح. وَكَذَا أنشدَه الرِّياشيّ لَهُ، وَقَالَ الزّياديّ هُوَ عُمارةُ بنُ أرْطاةَ: اعْجَلْ بغَرْبٍ مثل غرْبِ طارِقِ ومَنْجَنونٍ كالأتانِ الفارِقِ من أثْلِ ذاتِ العَرْضِ والمَضايقِ وَقَالَ ابنُ الأعرابيّ: الفارِقُ من الإبِل: الَّتِي تشْتَدُّ ثمَّ تُلْقِي ولَدَها من شِدّةِ مَا يَمرّ بهَا من الوَجَع. ج: فوارقُ، وفُرَّق كرُكَّع، وفُرُق، مِثْل: كُتُب، وتُشَبَّه بهذهِ ونصّ الجوهَري: ورُبّما شبّهوا السحابَة المُنْفَرِدة عَن السّحابِ بِهَذِهِ النّاقة، فَيُقَال: فارِقٌ. وأنشَد الصّاغانيُّ لِذي الرُمّة يصِف غزالاً:
(أَو مُزْنةٌ فارِقٌ يجْلو غوارِبَها ... تبوُّجُ البَرْقِ والظلماءُ عُلجومُ)
والجمْع كالجَمْع. وَقَالَ غيرُه: الفارِقُ: هِيَ السّحابةُ المُنفَردة لَا تُخْلِفُ وربّما كَانَ قَبْلَها رَعْدٌ وبَرْقٌ. وَقَالَ ابنُ سيدَه: سحابَةٌ فارِقٌ: مُنْقَطِعَة من مُعظَمِ السّحاب، تُشبَّهُ بالفارِقِ من الإبِل. قَالَ عبدُ بَني الحَسْحاس يصِف سَحاباً:
(لَهُ فُرَّقٌ مِنْهُ يُنَتَّجْنَ حولَه ... يُفَقِّئْنَ بالمِيثِ الدِماثِ السّوابِيا)

قَالَ الجوهَريّ: فجعَل لَهُ سَوابيَ كسَوابي الإبِل اتِّساعاً فِي الكَلام. والفَرَق، مُحَرَّكة: الصُّبْحُ نفْسُه، أَو فَلَقُه. قَالَ الشاعرُ ذُو الرُمّة:
(حَتَّى إِذا انْشَقّ عَن إنسانِه فَرَقٌ ... هادِيه فِي أُخرَياتِ اللّيْلِ مُنْتَصِبُ)
ويُرْوَى فَلَق: ويُرْوَى: عنْ أنْسائِه. وقيلَ: الفَرَقُ: هُوَ مَا انْفَلَق من عَمودِ الصُبْح، لأنّه فارقَ سَوادَ اللّيل. وَقد انْفَرقَ، وعَلى هَذَا أضافوا فَقَالُوا: أبْيَنُ منْ فَرَقِ الصُبحِ، لُغَةٌ فِي فَلَقِ الصُبْحِ.والفَرْقاءُ: الشّاةُ البَعيدَةُ مَا بيْن الطُّبْيَيْن، عَن اللّيْثِ. وفارِقِينُ: أشهر بَلْدة بدِيار بكْر، سُمِّيت بمَيّا بنت أُدٍّ لأنّها بَنَتْها، قَالَ كُثَيِّر:
(فَإِن لاّ تَكُن بالشّامِ دَاري مُقيمةً ... فإنّ بأجْنادينَ منّي ومَسْكِنِ)

(مَشاهِدَ لم يعْفُ التّنائِي قَديمَها ... وأخْرى بمَيّافارِقينَ فمَوْزَنِ)
وَقَالَ ابنُ عبّاد: فارِقين: اسمُ مَدينة. ويُقال: هَذِه فارِقون، ودخَلْتُ فارِقينَ على هَجائِنَ. وسيُذكَر فِي م ي ي. والأفْراقُ: ع مِن أموالِ المَدينة على ساكنِهاأفضلُ الصَّلَاة وَالسَّلَام. قَالَ ياقوت:)
وضَبَطه بعضُهم بكَسْرِ الهَمْزة. وفُرَيْقات، كجُهَيْنات: ع بعَقيقِها نقَله الصاغانيّ. قَالَ: وفُرَيْق، كزُبَيْر: مَوضِع بتِهامة، أَو جبل. قَالَ غيرُه: وفُرَيِّق كصُغَيِّر أَي بالتّصْغير مشدّداً: فَلاةٌ قُرْبَ البَحْرَيْن. وفُروقٌ، بالضّم. وَفِي التّهذيب: الفُروق: ع بدِيار بَني سعْد. قَالَ: أنشَدَني رجُلٌ مِنْهُم، وَهُوَ أَبُو صَبْرةَ السّعْديّ: لَا بارَكَ اللهُ علَى الفُروقِ وَلَا سَقاها صائبُ البُروقِ ومَفْروقٌ: اسْم جبَلٍ، قَالَ رؤبة: ورَعْنُ مَفْروقٍ تَسامَى أُرَمُهْ ومَفْروقٌ: أَبُو عبْدِ المَسيحِ، وَفِي اللّسان: مفْروقٌ: لقَبُ النّعمانِ بنِ عَمْرو، وَهُوَ أَيْضا اسمٌ.
وفَروق كصَبور: عَقَبَةٌ دونَ هَجَر الى نجْد، بَين هَجَرَ ومَهبِّ الشَّمال. وفَروقُ: لقَبُ قُسْطَنطينية دارِ مَلِك الرّومِ. والفَروقُ: ع آخَرُ فِي قوْل عَنتَرة:
(وَنحن منَعْنا بالفَروقِ نساءَكم ... نُطَرِّفُ عَنْهَا مُبْسِلاتٍ غَواشِيا)
وَقَالَ ذُو الرُمّة أَيْضا:
(كأنّها أخْدَريٌّ بالفَروقِ لَهُ ... على جواذِبَ كالأدْراكِ تغْريدُ)
وَقَالَ شمر: بلَغَني أنّ الفَروقَةَ بهاءٍ: الحُرْمَةُ، وَأنْشد: مازالَ عَنهُ حُمْقُه وموقُهْ واللّؤْمُ حتّى انتُهِكَت فَروقُهْ وَقَالَ أَبُو عُبَيْد عَن الْأمَوِي: الفَروقَة: شحْم الكُلْيَتَيْن وأنشَد:
(فبتْنا وباتَتْ قِدْرُهُمْ ذاتَ هِزّةٍ ... يُضيءُ لنا شحْمُ الفَروقَةِ والكُلَى)
وأنْكَر شَمِر الفَروقَة بِهَذَا المَعْنى وَلم يعرِفْه. ويومُ الفَروقَيْن: من أيّامِهم. والفِرْقُ، بالكَسْر: القَطيعُ من الغَنَم العَظيمُ كَمَا فِي الصِّحاح. وَمِنْه حَديثُ أبي ذرٍّ رضِيَ الله عَنهُ وَقد سُئلَ عَن مالِه، فَقَالَ: فِرْقٌ لنا وذَوْد. وقيلَ: منَ البَقَر، أَو مِنَ الظِّباءِ، أَو مِنَ الغَنَمِ فَقَط، أَو مِنَ الغَنَمِ الضّالّة، كالفَريق كأميرٍ، والفَريقَة، كسَفينة أَو مَا دونَ المائَة من الغَنَم. وأنشدَ الجوهريُّ للرّاعي يهْجو رجُلاً من بَني نُمَيرٍ يُلَقَّبُ بالحَلال، وَكَانَ عيّره بإبِلِه، فهجاه، وعيّره بأنّه صاحِبُ غَنَم:
(وعيّرني الإبْلَ الحَلالُ وَلم يكن ... ليَجْعَلَها لابْنِ الخَبيثَةِ خالِقُهْ)
(ولكنّما أجْدَى وأمْتَعَ جَدُّه ... بفِرْقٍ يُخَشّيهِ بهَجْهَجَ ناعِقُهْ)
والفِرْق: القِسْم من كلّ شيءٍ إِذا انْفَرَق، والجَمْعُ أفْراقٌ. قَالَ ابنُ جِنّي: وقِراءَة من قَرَأ) فرّقْنا بِكُمُ البَحْرَ (بتَشْديد الرّاءِ شاذّة من ذلِك، أَي: جعَلْناه فِرَقاً وأقْساماً. والفِرْقُ: الطّائِفةُ من الصِّبْيان. قَالَ أعرابيٌّ لصِبيان رآهُم: هؤلاءِ فِرْقُ سوءٍ. والفِرْقُ: قِطعةٌ من النوَى يعْلَفُ بهَا البَعير. ويُقال: فرَقَ الرجلُ: إِذا ملَكَه. هَكَذَا فِي النُسَخ. وَالَّذِي فِي العُباب. وفَرَقَ: إِذا ملَكَ الفِرْقَ من الغَنَم، وَهُوَ الصّوابُ. والفِرْقُ: الفِلْقُ من الشّيءِ: المُنْفَلِق. ونَصُّ الصِّحاح: الفِلْقُ من كُلِّ شيءٍ: إِذا انْفَلَقَ، وَمِنْه قولُه تَعالى:) فكانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطّوْدِ الْعَظِيم (يريدُ الفِرْق من المَاء.
وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: الفِرْقُ: الجبَل. وأيضً الهَضْبَة. وَأَيْضًا: المَوْجَة. ويُقال: فَرِقَ الرّجلُ كفَرِح: إِذا دخَل فِيهَا وغاص. وفَرِقَ: شرِبَ بالفَرَق مُحرّكةً وَهُوَ المِكْيالُ. وسياقُ الصاغانيّ يقْتضي أنّه كنَصَر. قَالَ: وفرَقَ كنَصَر: ذَرَقَ. وأفْرَقَه إفْراقاً أذْرَقَه. وذاتُ فِرْقَيْن، أَو ذاتُ فِرْقٍ، ويُفْتَحان: هَضْبَة ببِلاد تَميم، بَين البَصْرَةِ والكوفَة، وَمِنْه قوْلُ عَبيدِ بن الأبْرَصِ:
(فراكِسٌ فثُعَيْلِباتٌ ... فذاتُ فِرْقَيْنِ فالقَليبُ)
والفِرْقَةُ، بالكسْر: السِّقاءُ المُمْتَلئُ الَّذِي لَا يُستَطاعُ أَن يُمْخضَ حتّى يُفْرَقَ، أَي: يُذْرَقَ. والفِرْقة: الطّائِفة من النَّاس كَمَا فِي الصِّحاح ج: فِرَقٌ بكَسْر ففتْح: وجُمِع فِي الشّعْرِ على أفارِق بحذْفِ الْيَاء، قَالَ:
(مَا فِيهِم نازِعُ يُرْوي أفارِقَهُ ... بِذِي رِشاءٍ يُواري دَلْوَه لَجَفُ)
جج جمْع الجَمْع أفْراقٌ كعِنَب وأعْناب. وَقيل: هُوَ جمْع فِرقَة ججج ثمَّ جمع جمع الْجمع أفاريق ومثلُه: فِيقَة وفِيَق، وأفْواق وأفاوِيق. وَفِي حَدِيث عُثْمَان رَضِي اللهُ عَنهُ، قَالَ لخَيْفانَ بنِ عَرانَة: كيفَ تركْتَ أفاريقَ العرَبِ فِي ذِي اليَمَن ويجوزُ أَن تكونَ من بابِ الأباطيلِ، أَي: جمْعاً على غيرِ واحِدِه. والفَريقُ، كأميرٍ: أكثَرُ منْها وَفِي الصّحاح: منْهُم، وَفِي المُحْكَمِ مِنْهُ ج: أفْرِقاءُ، وأفْرِقَة، وفُروقٌ بالضّمِّ. قَالَ شيخُنا: كلامُ المصنِّف يدُل على أَنه يُجْمَع. وَفِي نهْرِ أبي حيّان أثْنَاء البَقَرة أَنه اسمُ جمْع لَا واحِدَ لَهُ، يُطْلَق على القَليلِ والكَثير. وَفِي حَوَاشِي عبدِ الحَكيم: أنّ الفَريق يَجيءُ بِمَعْنى الطائِفَة، وَبِمَعْنى الرّجُلِ الواحِد، انْتهى. وَفِي اللِّسان: الفِرْقَة، والفِرْقُ، والفَريقُ: الطائِفَةُ من الشيءِ المتفرِّق. وَقَالَ ابنُ بَرّي: الفَريقُ من النَّاس وغيرِهم: فِرقَةٌ مِنْهُ.
والفَريقُ: المُفارِق قَالَ جرير:)
(أتَجْمَعُ قولا بالعِراق فَريقُه ... وَمِنْه بأطلالِ الأراكِ فريقُ)
وَقَالَ الأصْبهانيّ: الفَريقُ: الجَماعة المُنفردَةُ عَن آخَرين. قَالَ الله عزّ وجلّ:) وإنّ منْهُم لَفَريقاً يَلْوونَ ألْسِنَتَهم بالكِتاب ففَريقاً كذّبْتُم وفَريقاً تَقْتُلون فَريقٌ فِي الجنّة وفَريقٌ فِي السّعير إنّه كانَ فريقٌ من عِبادي يَقُولُونَ فأيُّ الفَريقَيْنِ أحَقُّ بالأمْنِ (،) وتُخْرِجون فَريقاً منْكُم من دِيارِهم (،) وإنّ فَريقاً منْهُم ليَكْتُمونَ الحَقّ (. والفُرْقان، بالضمِّ: القُرآن، لفَرْقِه بينَ الحقِّ وَالْبَاطِل، والحَلال والحَرام كالفُرْقِ بالضّم كالخُسْرِ، والخُسْران. قَالَ الراجز: ومُشركِيٍّ كافِرٍ بالفُرْقِ وكلُّ مَا فُرِقَ بِهِ بيْن الحقِّ والباطِل فَهُوَ فُرقانٌ، وَلِهَذَا قَالَ الله تَعَالَى:) ولقدْ آتيْنا موسَى وهارونَ الفُرْقان (. والفُرقان: النّصْرُ عَن ابنِ دُرَيد، وَبِه فُسِّر يومُ الفُرْقان. والفُرْقان: البُرْهان والحُجّة. والفُرْقان: الصُّبْح، أَو السَّحَر عَن أبي عمْرو. وَمِنْه قولُهم: قد سطَع الفُرْقانُ، وَهَذَا أبيضُ من الفُرقانِ. وَقَالَ صالحٌ:
(فِيهَا منازِلُها ووَكْرا جَوْزلٍ ... زَجِلِ الغِناءِ يَصيحُ بالفُرْقانِ)
وَكَانَ القُدَماءُ يُشْهِدونَ الفُرْقانَ، أَي: الصِبْيان وَيَقُولُونَ: هَؤُلَاءِ يعيشُون ويشْهَدون. والفُرْقان: الــتّوْراة وَمِنْه قولُه تَعَالَى:) وإذْ آتَيْنا موسَى الكِتابَ والفُرْقانَ لعلّكُم تهْتَدون (. قَالَ الأزهريُّ: يجوزُ أَن يكونَ الفُرقان الكِتابَ بعَيْنِه، وَهُوَ الــتّوْراةُ، إلاّ أنّه أُعيدَ ذِكرُه باسمٍ غيرِ الأوّل، وعَنَى بِهِ أنّه يفرِقُ بَين الحقِّ والباطِل. وَذكره الله تَعَالَى لمُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فِي غير هَذَا الموضِع، فَقَالَ تَعالى:) وَلَقَد آتَيْنا مُوسَى وهارونَ الفُرْقانَ وضِياءً (أَرَادَ الــتّوراةَ، فسمّى جَلّ ثناؤُه الكِتابَ المُنزَّلَ على محمّد صلى الله عَلَيْهِ وسلّم فُرْقاناً، وسمّى الكتابَ المنزَّلَ على مُوسَى صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم فُرقاناً. والمَعْنى أَنه تَعالَى فرَقَ بكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا بيْن الحقِّ والباطِل. وقيلَ: الفُرْقان: انْفِلاقُ البَحْرِ قيلَ: وَمِنْه قولُه تَعَالَى:) وإذْ آتَيْنا موسَى الكِتابَ والفُرْقان (وقولُه تَعَالَى:) يوْمَ الفُرْقان يوْمَ الْتَقَى الجَمْعان (قيل: إنّه أُريدَ بِهِ يَوْم بدْرٍ فإنّه أوّل يَوْم فُرِق فِيهِ بينَ الحقِّ والباطِلِ. وَقيل: الفُرقان ... نقلَه الأصبَهاني. والفَريقَة ككَنيسة: تمْرٌ يُطْبَخ بحُلْبَةٍ للنُّفَساءِ. وأنشدَ الجوهريّ لأبي كَبِير الهُذَليّ:
(ولَقَدْ ورَدْتُ الماءَ، لونُ جِمامِهِ ... لونُ الفَريقَة صُفِّيَتْ للمُدنَفِ)
أَو حُلْبَةٌ تُطْبَخ مَعَ الحُبوب. كالمَحْلَبِ والبُرِّ وغيرِهما، وَهُوَ طَعامٌ يُعْمَل لَهَا. وَقَالَ ابنُ خالَويْه:)
الفَريقة: حَساءٌ يُعمَل للعَليلِ المُدْنَفِ. وفَرَقَها فَرْقاً: أطْعَمَها ذلِك، كأفرَقَها إفراقاً. والفَريقَةُ: قِطعَةٌ من الغَنَم شاةٌ أَو شَاتَان، أَو ثلاثُ شِياهٍ تتفرّقُ عنْها. وَفِي كتاب لَيْسَ: عَن سائِرِها بشيءٍ يسُدّ بينَها وَبَين الغَنَم بجَبَلٍ أَو رمْلٍ أَو غير ذَلِك فتَذْهَبُ. وَفِي كتاب لَيْسَ: فتضِلّ تحتَ اللّيلِ عَن جَماعَتِها، فتلكَ المتفرِّقةُ فَريقة، وَلَا تُسمّى فَريقةً حَتَّى تضِلّ، وأنْشدَ الجوهريُّ لكُثيِّر:
(بذِفْرَى ككاهِلِ ذيخِ الخَليفِ ... أصابَ فريقَةَ ليلٍ فعاثَا)
وَفِي الحَدِيث: مَا ذِئْبانِ عادِيان أصابا فَريقَةَ غنم أضاعَها ربُّها بأفسدَ فِيهَا من حُبِّ المَرْء السّرَفَ لدِينِه. والفِراق كسَحابٍ وكِتاب: الفُرْقَة، وأكثرُ مَا تكون بالأبدانِ. وقُرِئَ قَوْله تَعَالَى:) هَذَا فَراقُ بَيْني وبيْنِك (بالفَتْح. قرأَ بهَا مُسلمُ بن بَشّار. وقولُه تَعَالَى:) وظنّ أنّه الفِراقُ (أَي: غلَب على قلْبِه أنّه حينَ مُفارَقَة الدُنْيا بِالْمَوْتِ. وإفريقِيّةُ بالكَسْر، وَإِنَّمَا أهملَه عَن الضّبْطِ لشُهْرَتِه: بلادٌ واسِعة قُبالَةَ جَزيرةِ الأندَلُس كَذَا فِي الْعباب. والصّحيحُ أَنه قُبالَة جَزِيرَة صِقِلّيّة ومُنتَهى آخرِها الى قُبالَةِ جزيرةِ الأندَلُس. والجَزيرتان فِي شَمالِيّها، فصِقِليّة منحرفةٌ الى الشّرْقِ، والأندلسُ منحرفةٌ عَنْهَا الى جهةِ الغَرْب. وسُمِّيت بإفريقِش بن أبْرَهَةَ الرّائِش. وَقيل: بإفْريقِش بنِ قيْس بن صَيْفيّ بن سَبَأ. وَقَالَ القُضاعيُّ: سُمّيتْ بفارِق بن بيصر بن حام. وقيلَ: لأنّها فرَقَت بَين مِصْر والمَغْرِب، وحَدُّه من طَرابُلُس الغربِ من جِهَة بَرْقَة الْإسْكَنْدَريَّة والى بِجايَة. وقيلَ: الى مِلْيانةَ، فتكونُ مسافةُ طولِها نَحْو شهْرين وَنصف. وَقَالَ أَبُو عبيد البَكْريّ الأندلسيّ: حدُّ طولِها من برقة شرقاً الى طَنْجَة الخضراءِ غرباً، وعرضُها من البحرِ الى الرِّمال الَّتِي فِيهَا أولُ بلادِ السّودانِ، وَهِي مُخفَّفَةُ الياءِ. وَقد جمَعَها الأحوصُ على أفاريقَ، فَقَالَ:
(أينَ ابنُ حرْبٍ ورَهْطٌ لَا أحُسُّهُمُ ... كَانُوا علَيْنا حَدِيثا من بَني الحَكَمِ)

(يجْبونَ مَا الصينُ تحوِيهِ مَقانِبُهم ... الى الأفاريقِ من فُصْحٍ وَمن عَجَمِ)
وَقد نُسِبَ إِلَيْهَا جملةٌ من العُلماءِ والمُحدِّثين، مِنْهُم أَبُو خالدٍ عبدُ الرحمنِ بنِ زيادِ بن أنْعُمْ الإفْريقيّ قاضِيها، وَهُوَ أوّلُ مولودٍ ولِدَ فِي الْإِسْلَام بإفْريقيّةَ رَوى عَنهُ سُفيانُ الثّوريّ، وَابْن لَهيعةَ، وَقد ضُعِّفَ. وسُحْنون بن سعيد الإفْريقيّ: من أصْحابِ مالِك، وَهُوَ الَّذِي قدِمَ بمذْهَبِه الى إفْريقيّةَ، وتُوفِّيَ سنة إحْدى وَأَرْبَعين وَمِائَتَيْنِ. وأفرَقَ المريضُ من مرَضِه والمَحْمومُ من حُمّاه، أَي: أقْبَلَ، نقَله الجوهَريُّ عَن الأصمعيّ. وَقَالَ الأزهريّ: وكُلُّ عَليلٍ أفاقَ من عِلّته فقد أفْرَقَ،)
أَو المَطْعون إِذا بَرئَ قيلَ: أفْرَقَ. نَقله اللّيثُ، زادَ ابنُ خالَويهِ: بسُرعةٍ. قَالَ فِي كِتابِ لَيْسَ: اعتلّ أَبُو عُمَرَ الزاهدُ لَيْلَة واحِدةً، ثمَّ أفْرَقَ، فسألْناه عَن ذلِك، فَقَالَ: عَرفَ ضَعْفي فرَفَقَ بِي. أَو لَا يكونُ الإفْراقُ إِلَّا فِيمَا لَا يُصيبُك من الأمراضِ غير مرّة واحدةٍ كالجُدَريّ والحَصْبةِ، وَمَا أشْبَههما. وَقَالَ اللّحيانيُّ: كل مُفيقٍ من مرَضِه مُفرِقٌ، فعمّ بذلك. قَالَ أعْرابيٌّ لآخر: مَا أمارُ إفراقِ الموْرودِ فَقَالَ: الرُّحَضاءُ. يَقُول: مَا عَلامة بُرْءِ المحْموم فَقَالَ: العرَق. وأفرقَتِ النّاقَةُ: رجَع إِلَيْهَا بعضُ لبَنِها فَهِيَ مُفرِقٌ. وَقَالَ ابنُ الْأَعرَابِي: أفرَقَ القومُ إبلَهم: إِذا خلّوْها فِي المرْعَى والكلأ لم يُنتِجوها وَلم يُلْقِحوها. وَقَالَ غيرُه: وناقة مُفْرِق، كمُحْسِن تمْكُث سنَتَيْن أَو ثَلَاثًا لَا تَلْقَحُ. وقيلَ: هِيَ الَّتِي فارَقَها ولَدُها. وَقيل: فارقَها بمَوْت، نقلَه الجوهريّ. والجمعُ: مَفاريق. وفرّقَه تفْريقاً وتَفْرِقَةً كَمَا فِي الصِّحاح: بدّدَه. وَقَالَ الأصبهانيّ: التّفريقُ: أصلُه التّكْثيرُ. قَالَ: ويُقال ذَلِك فِي تشتيتِ الشّمْلِ والكلِمة، نَحْو:) يفَرِّقون بِهِ بيْن المرْءِ وزوْجِه (وَقَالَ عزّ وجلّ:) فرّقْت بيْن بَني إسرائيلَ ولمْ تَرْقُبْ قوْلي (. وَقَوله عزّ وجلّ:) لَا نُفَرِّقُ بيْن أحَدٍ منْهُم (وإنّما جازَ أَن يجعلَ التّفريق منْسوباً الى أحَد من حيثُ إنّ لفظَ أحد يُفيد الجمْع ويُقال: الفَرْق بينَ الفَرْقِ والتّفْريق، أنّ الفَرْق للإصلاح، والتّفْريق للإفْساد. وَقَالَ ابْن جِنّي فِي كتابِ الشّواذِّ فِي قَوْله تَعَالَى:) الَّذين فرّقوا دينَهم (أَي: فرّقوه وعَضَوْه أَعْضَاء، فخالَفوا بينَ بعضٍ وَبَعض. وقُرِئَ بالتّخفيف وَهِي قراءَة النّخَعيّ وابنِ صالِح مولَى أبي هانئٍ، وتروى أَيْضا عَن الأعمَش ويَحْيى، وتأْويلُه أنّهُم مازُوهُ عَن غيرِه من سائِرِ الأدْيان. قَالَ: وَقد يُحتَمل أَن يكون معْناه معنى القَراءَة بالتّثْقيل وذلِك أنّ فَعَل بالتّخفيفِ قد يكون فِيهَا مَعنَى التّثقيل. ووجهُ هَذَا أنّ الفِعلَ عندنَا موضوعٌ على اغْتِراقِ جِنْسِه أَلا ترى أنّ معْنى قامَ زيدٌ: كَانَ مِنْهُ القِيام، وقعَدَ: كَانَ مِنْهُ القُعود. والقيامُ كَمَا نعلم والقُعودُ جِنسان، فالفعلُ إذنْ على اغتِراقِ جنسِه، يدُلُّ على ذَلِك عملُه عندَنا فِي جَمِيع أجزاءِ ذلِك الجِنْسِ من مُفردِه ومُثنّاه ومجموعِه ونَكِرته ومَعرِفته، وَمَا كَانَ فِي معْناه، ثمَّ ذَكَر كلَاما طَويلا وَقَالَ: وذه اواضح مُتناهٍ فِي البَيان. وَإِذا كَانَ كَذَلِك عُلِم مِنْهُ وَبِه أنّ جَميعَ الأفعالِ ماضيها وحاضِرها ومُتَلَقّاها مجَاز لَا حَقِيقَة، أَلا تراك تَقول: قُمتُ قومةً، وقمتُ عَليّ مَا مضَى دالٌّ على الجنْس فوضْعُك القَوْمَة الواحِدَةَ مَوضِع جِنْسِ القيامِ، وَهُوَ فِيمَا مضَى، وَفِيمَا هُوَ حاضِرٌ، وَفِيمَا هُوَ مَلَقًّى مُستَقْبَل من أذْهبِ شَيْء فِي كَونه مَجازاً، ثمَّ قَالَ بعدَ كَلَام: وَهَذَا موضِعٌ يسمَعُه النَّاس منّي، ويتَناقَلونه دائِماً عني، فيُكْبِرونه)
ويُكْثِرون العَجَب بِهِ، فَإِذا أوضحتُه لمَنْ يسألُ عَنهُ استَحَى، وَكَانَ يستغفِرُ الله لاستيحاشِه كَانَ مني. ويُقال: أخذَ حقَّه مِنْهُويُقال: هُوَ مُفرِق الجِسْم، كمُحْسِن. وسِياقُ الصاغانيّ يقتَضي أَنه كمُعَظّم، أَي: قَليلُ اللّحْمِ، أَو سَمينٌ، وَهُوَ ضِدٌّ. وتفرّق القومُ تفَرُّقاً، وتِفِرّاقاً بكسرتين. ونَصُّ اللِّحْيانيّ فِي النّوادِر تفْريقاً: ضدّ تجمَّعَ، كافْتَرَق، وانْفَرَق، وكلُّ من الثّلاثةِ مُطاوع فرَّقتُه تَفريقاً. وَمِنْهُم من يجْعَلُ التّفرُّق للأبْدانِ، والافْتِراق فِي الكَلام. يُقال: فرّقتُ بَين الكَلامين، فافْتَرقا. وفرّقْت بَين الرّجُلَيْنِ فتفرَّقا. وَفِي حَدِيث الزّكاة: لَا يُفرَّق بَين مُجْتَمِع، وَلَا يُجمَع بَين مُتفَرِّق وَفِي حَدِيث آخر: البَيِّعان بِالْخِيَارِ مَا)
لم يتفرَّقا، واختُلِفَ فِيهِ فَقيل: بالأبْدانِ، وَبِه قَالَ الشافعيُّ وأحمدُ. وَقَالَ أَبُو حنيفَة ومالكٌ وغيرُهما: إِذا تعاقَدا صحّ البيْعُ وَإِن لم يفْتَرِقا. وظاهرُ الحَدِيث يشْهَدُ للقَوْل الأوّل. ويُقال: تفرّقَت بهم الطُّرُق، أَي: ذهَبَ كُلٌّ مِنْهُم الى مذْهَبٍ. وَقَالَ مُتَمِّم بنُ نُوَيرةَ رضيَ الله عَنهُ يرْثي أَخَاهُ مالِكاً:
(فلمّا تفَرَّقْنا كأنّي ومالِكاً ... لطولِ اجْتِماعٍ لم نَبِتْ لَيْلَة مَعا)
وانْفَرَق: انْفَصَل، وَمِنْه قولُه تَعالى:) فانْفَلَقَ فكانَ كُلُّ فِرْقٍ كالطّوْدِ الْعَظِيم (. والمُنْفَرَقُ يكون موضِعاً، وَيكون مصْدَراً. قَالَ رؤبَة يصِفُ الحُمُر: ترْمي بأيدِيها ثَنايا المُنْفَرَقْ أَي: حَيْثُ ينْفَرِقُ الطّريقُ، ويُرْوى: المُنْفَهَقْ. والتّركيبُ يدُلُّ على تميّزٍ وتزيُّلٍ بَين شَيْئَيْن، وَقد شذّ عَن هَذَا التَّرْكِيب الفَرَقُ للمِكْيال، والفَريقة للنُّفَساءِ، والفَروقَةُ للشّحْم، والفُروق: موضِعٌ. وَمِمَّا يُستَدْرَك عَلَيْهِ: الفُرْقَة بالضّمِّ: مصْدَرُ الافْتِراقِ. وَهُوَ اسمٌ يوضَعُ موضِعَ المصْدَرِ الْحَقِيقِيّ من الافْتِراقِ. وفارَقَ الشيءَ مُفارَقةً: بايَنَهُ، والاسمُ: الفُرْقة. وتَفارَقَ القوْمُ: فارَقَ بعضُهم بَعْضًا. وفارَقَ فلانٌ امرأتَه، مُفارَقَةً، وفِراقاً: بايَنَها. وَهُوَ أسرَعُ من فَريقِ الخيْلِ لسابِقِها، فَعيلٌ بِمَعْنى مُفاعِل لأنّه إِذا سبَقها فارَقَها. ونِيّةٌ فَريقٌ: مُفرِّقَةٌ، قَالَ:
(أحقّاً أنّ جِيرَتَنا اسْتَقَلّوا ... فنيّتُنا ونيّتُهم فَريقُ)
قَالَ سيبَوَيْه: قَالَ: فريقٌ، كَمَا يُقَال للْجَمَاعَة: صَديق. وفرّق رأسَه بالمُشْطِ تفْريقاً: سرّحَه. وَفِي صفَته صلّى الله عَلَيْهِ وسلّم: إِن انفَرقَتْ عَقيقَتُه فرَق، وَإِلَّا فَلَا يبلُغُ شعْرُه شَحمةَ أُذُنِه إِذا هُوَ وفّره أَرَادَ أنّه كَانَ لَا يُفرِّقُ شعرَه إِلَّا أَن ينفَرِقَ هُوَ، وَهَكَذَا كَانَ فِي أولِ الأمرِ ثمَّ فَرَق. ويُقال للماشِطَةِ تمشُط كَذَا وَكَذَا فَرْقاً، أَي: كَذَا وَكَذَا ضَرْباً. وفَرَقَ لَهُ عَن الشّيْء: بيّنه لَهُ، عَن ابنِ جِنّي. وجَمْع الفَرَق من اللّحْية، مُحرَّكة: أفْراقٌ. قَالَ الراجز: يَنفُض عُثْنوناً كثيرَ الأفْراقْ تَنْتِحُ ذِفْراهُ بمِثْلِ الدِّرْياقْ والأفْرَقُ: البَعيدُ مَا بينَ الألْيَتَيْن. وتَيْسٌ أفرقُ: بَعيدُ مَا بَين قَرنَيْه، وَهَذِه عَن ابنِ خالَوَيْه.
والمَفْروقان من الأسْباب: هما اللّذانِ يقوم كُلُّ واحدٍ منهُما بنَفْسِه، أَي: يكونُ حرْفٌ مُتحرِّكٌ وحرْفٌ سَاكن، ويتْلوه حرفٌ متحرّك نَحْو مُسْتَفْ من مُسْتَفْعِلن، وعِيلُن من مَفاعيلن. وانْفَرَقَ)
الفَجْرُ: انفَلَق. والفُرّاق، كرُمّان: جمعُ فارِقٍ، للنّاقَةِ تشتدّ، ثمَّ تُلْقِي ولَدَها من شدّةِ مَا يَمُرّ بهَا من الوَجَع. قَالَ الْأَعْشَى:
(أخْرَجَتْه قَهْباءُ مُسْبِلَةُ الوَدْ ... قِ رَجوسٌ قُدّامُها فُرَّاقُ)
وأفرقَ فلانٌ غَنَمَه: أضَلّها وأضاعَها. وَقَالَ ابنُ خالَوَيْهِ: أفْرَقَ زيدٌ: ضاعَتْ قِطعةٌ من غَنَمه.
وحَكَى اللّحْيانيّ: فرَقْتُ الصّبيّ: إِذا رُعْتَه وأفزَعْتَه، قَالَ ابنُ سِيدَه: وأُراها فرّقْتُ بتشديدِ الراءِ لأنّ مثل هَذَا يَأْتِي على فعّلْتُ كثيرا، كقولِك فزّعْت، وروّعتُ، وخوّفْتُ. وفارَقَني، ففَرَقْتُه أفْرُقه: كُنتُ أشدَّ فَرَقاً مِنْهُ، هَذِه عَن اللّحياني، حكاهُ عَن الكِسائيّ. وأفْرَقَ الرّجُل، والطائرُ، والسّبُعُ، والثّعلبُ: سَلَح، أنْشَدَ اللّحيانيُّ:
(أَلا تِلْكَ الثّعالبُ قد تَوالتْ ... عليَّ وحالَفَتْ عُرْجاً ضِباعا)

(لتأْكُلَني فمَرَّ لهُنّ لَحْمي ... فأفْرَقَ من حِذارِي أَو أتاعا)
قَالَ: ويُروى فأذْرَق. والمُفْرِقُ، كمُحْسِن: الغاوي، على التّشْبيه بذلك، أَو لأنّه فارَق الرُّشْدَ، والأولُ أصحُّ. قَالَ رؤبَة: حتّى انْتَهى شيطانُ كُلِّ مفْرِقِ ويفجمَع الفَرَق للمِكْيال على أفرُقٍ، كجَبَلٍ وأجْبُل. وَمِنْه الحَدِيث: فِي كلِّ عَشْرَةِ أفرُقِ عسَلٍ فرَقٌ. والفُرْقُ، بالضّمِّ: إناءٌ يُكْتالُ بِهِ. والفُرْقان: قدَحان مُفْتَرِقان. وفُرْقان من طَيْرٍ صوافَّ، أَي: قطْعَتان. وفارَقْتُ فلَانا من حِسابي علَى كَذَا وَكَذَا: إِذا قطعْتَ الأمرَ بينَك وبينَه على أَمر وقَع عَلَيْهِ اتَّفاقُكُما. وكذلِك صادَرْتُه على كَذا وكَذا. وفرسٌ فَروقٌ: أفْرقُ، عَن الصاغانيّ.
والفَريقُ: النخْلَةُ يكونُ فِيهَا أُخْرى، عَن أبي حَنيفَة وَأبي عَمْرو. وَمن أسمائِه صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الكُتُبِ السالِفة فارِقْ ليطا، أَي يفرُقُ بينَ الحقِّ والباطِلِ. ونقلَ الشِّهابُ أحمدُ بن إِدْرِيس القَرافِيُّ فِي كتابٍ لَهُ فِي الرّدِّ على اليَهودِ والنَّصارَى مَا نصُّه فِي إنْجيلِ يوحَنّا: قَالَ يَسوعُ المسيحُ عَلَيْهِ السَّلَام فِي الفصْلِ الخامِس عشَر: إِن الفارِقْلِيط روحُ الحَقِّ الَّذِي يُرْسِلُه أَي: هُوَ الَّذِي يُعلِّمكم كُلَّ شيءٍ، والفارِقْلِيط عندَهُم الحَمّاد، وَقيل: الحامِد. وجُمهورُهم أنّه المُخَلِّصُ صلّى الله عَلَيْهِ وَسلم. وأفرقَ الرّجُلُ: صارَت غَنَمُه فريقَةً، نقلَه ابنُ خالَوَيْه. وجمَلٌ أفْرَقُ: ذُو سَنامَيْنِ. ونوقٌ مَفاريقُ، أَي: فَوارِق. وطَريقٌ أفْرَقُ: بَيِّنٌ. وضمّ تفاريقَ مَتاعِه، أَي: مَا تفرّقَ.
ويُقال: سَبيلٌ أفرقُ، كأنّه الفَرَق. وبانَتْ فِي قَذالِه فُروقٌ من الشّيْبِ، أَي: أوضاحٌ مِنْهُ.)
والفاروق: لقَبُ جَبَلَةَ بنِ أساف بنِ كلْبٍ، كَذَا فِي الأنْسابِ لأبي عُبَيدٍ. ومَيّافارِقين: سيأْتي فِي ميي.
(فرق)
بَين الشَّيْئَيْنِ فرقا وفرقانا فصل وميز أَحدهمَا من الآخر وَبَين الْخُصُوم حكم وَفصل وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {فافرق بَيْننَا وَبَين الْقَوْم الْفَاسِقين} وَبَين المتشابهين بَين أوجه الْخلاف بَينهمَا وَله عَن الْأَمر كشفه وَبَينه وَله الطَّرِيق أَو الرَّأْي استبان وَالشَّيْء قسمه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَإِذ فرقنا بكم الْبَحْر} وَالله الْكتاب فَصله وَبَينه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وقرآنا فرقناه لتقرأه على النَّاس على مكث} وَفُلَانًا كَانَ أَشد فرقا مِنْهُ وَالصَّبِيّ راعه وأفزعه

(فرق) فرقا جزع وَاشْتَدَّ خَوفه وَفِي التَّنْزِيل الْعَزِيز {وَلَكنهُمْ قوم يفرقون} وَيُقَال فرق مِنْهُ وَعَلِيهِ أشْفق فَهُوَ فرق وَفُلَان دخل فِي الْفرق وخاض فِيهِ وَكَانَت ناصيته أَو لحيته مفروقة وتباعد مَا بَين أَسْنَانه خلقَة وَيُقَال فرقت الْأَسْنَان وَالدَّابَّة ارْتَفَعت إِحْدَى حرقفتيها وانخفضت الْأُخْرَى وَالْبَعِير بعد مَا بَين منسميه والتيس بعد مَا بَين قرنيه أَو خصيتيه وَالْفرس كَانَ ذَا خصبة وَاحِدَة والديك كَانَ ذَا عرفين لانفراج بَينهمَا وَيُقَال فرق عرف الديك انْشَقَّ خلقَة فَهُوَ أفرق وَهِي فرقاء (ج) فرق

الحُكْم وَالحِكْمَة 

الحُكْم وَالحِكْمَة
"الحكم": فعل للقضاء المطلق حقاً أو باطلاً. قال تعالى: {ما لكم كيف تحكمون}
أيضاً:
{أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ} .
ويطلق على القوة التي هي منشأ القضاء، وحينئذٍ يراد به الفهم. وسيأتيك شواهده .
وأما "الحِكْمَة" فهي اسم للقوة التي منها ينشأ القضاء بالحق. قال تعالى في نعت داود عليه السلام:
{وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ} .
فذكَر الأثر بعد القوة التي هي مصدر ذلك الأثر.
وكما أن القول الفصل من آثار الحكمة، فكذلك طهارة الخلق وحسن الأدب من آثارها. ولذلك كانت العربُ تطلِق اسمَ الحكمة على قوة جامعة لرَزانةِ العقل والرأي، وشَرافةِ الخلق الناشئة منها. فسَمَّوا الرجلَ العاقلَ المهذبَ "حكيما".
وكذلك يطلقون اسم الحكمة على فصل الخطاب، وهو: القول الحق الواضح (*) عند العقل والقلب .
................................
(*) والآن انظر في نظم قوله تعالى: = وكل هذه الوجوه من معاني الحكمة جاء فى كلام العرب. فاستعملها القرآن والنبي - صلى الله عليه وسلم - بما عرفوه. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن مِنَ الشَعْرِ لَحِكْمَة"
....................................
= { ... ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: 125].
فاعلم أن المخاطب على ثلاث مدارج: خالي الذهن، ومعترف، ومنكر. وبعبارة أخرى: تخاطب أولاً، أو بعد اعتراف، أو بعد إنكار. فأولاً تخاطبه بما يتقبل عقله من الحق الواضح والخير المعروف. فهذا هو الدعوة بالحكمة. فإذا رأيت أنه مقِرّ بحسن ما تدعو إليه، ولكنه لا يوافق عمله علمه، فتحثّه على العمل بالموعظة الحسنة. وإذا رأيت أنه يخالف دعوتك فتجادله بالطريق التي هي أحسن. فالأول: إلقاء العلم، وهذا يكفي للسابقين. والثاني: جذب إلى العمل. وهذا ينفع الصالحين الذين جاء فيهم:
{وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ} [الذاريات: 55].
والثالث: إزالة العوائق، وبهذا هُدِي خلقٌ، وتمت الحجة على الآخرين. كما جاء في قوله تعالى: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ} [النحل: 36].
وبعبارة أخرى: الدعوة بالحكمة عامة للناس، ثم هم يفترقون: فمنهم من يستمع ويميل، ومنهم من يجادل. فللأول "الموعظة"، وللثاني "حسن المجادلة" [حاشية المؤلف]. أي ليس كل شعر غواية، بل منه ما يتضمن على الحق والحث على الخير.
هذا. ثم استعملها الله تعالى في أكمل أفرادها، فسمى الوحي "حكمةً" كما سماه "نوراً"، و "برهاناً"، و "ذِكراً" و "رحمةً". ومن هذه الجهة سَمَّى القرآنَ "حكيماً" أي ذا حكمة، كما سمَّى نفسه حكيماً وعليماً. فهذه وجوه.
فإذا سمّى القرآن "كتاباً" و "حكمة" معاً، فذلك من جهتين: سمى "كتاباً" من [جهة] كونه مشتملاً على الأحكام المكتوبة، و "حكمة" من جهة اشتماله على حكمة الشرائع من العقائد الصحيحة والأخلاق الفاضلة. واستدللنا على هذا الفرق من تتبع استعمال الكلمتين معاً، ومما علمنا من استعمال "الكتاب" للأحكام و "الحكمة" لأصولها.
وتسامح بعض أهل العلم في هذا المقام، وتبعه الإمام الشافعي رحمه الله، وتبعه أكثر المحدثين، فظنوا أن "الحكمة" أريد بها الحديث ، فإنّ ............................ الكتاب كتاب الله. ومثار الخطأ أنهم أخطأوا معنى "الكتاب" حيث جاء مع الحكمة. والدليل على ما قلنا آيات: فمنها قوله تعالى:
{وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ} .
وهكذا قوله تعالى:
{وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ وَالْحِكْمَةِ} .
وكلمة (يتلى) و (أنزل) لم يستعملها القرآن للحديث.
نعم إن الحديث ربما يتضمن الحكمةَ، ولا شك أن الحديث ربما يبيّن ما في القرآن من الحكمة. ولعل مراد الذين تبعهم الإمام رحمه الله كان هذا. ولكن الحديث يشتمل على الأحكام، كما أنه يشتمل على الحكمة، فلا وجه لتخصيصه باسم (الحكمة). وجاء أوضح من ذلك حيث قال تعالى بعد ذكر ما قضى من أصول الدين:
{ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنَ الْحِكْمَةِ} .
وقال تعالى في صفة عيسى عليه السلام:
{وَإِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالــتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ} .
فسمى الــتوراة "كتاباً"، لأن معظمها الأحكام، والإنجيلَ "حكمة" لما كثر فيه الدلائل والمواعظ، كما قال تعالى:
{وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ وَمُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الــتَّوْرَاةِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ} .
فكان الإنجيل مشتملاً على هدى ونور، وهدى وموعظة، وعلى قليل من الأحكام وتصديق الــتوراة. ولغلبة الأمر الأول سمي "حكمة". ويؤيد هذا التأويل قوله تعالى:
{وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُمْ بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ} .
فاتضح أن تأويل "الحكمة" إلى الأَحاديث غير صحيح، وأن اسمَ "الكتاب" إذا يُتبَع بالحكمةِ فالمراد منه الأحكام. فلا تنسَ هذا الفرق.
رجعنا إلى بيان معنى "الحكم"، فاعلم أنه أيضاً مثل "الحكمة" يُطلق على القولِ المشتملِ على القضاء الحقِ الواضحِ الذىِ قُضي بالعلم. وهذا من استعمال الكلمة العامّة في أحسن أفرادها . قال تعالى:
{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ حُكْمًا عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَمَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا وَاقٍ} .
وهكذا استعمال "الحكم" في معنى القوة، إذا أريد به الفهم الصائب. قال تعالى:
{يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا وَبَرًّا بِوَالِدَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ جَبَّارًا عَصِيًّا} .
أي آتيناه صفاتٍ ثلاثاً: الفهمَ، والمحبةَ، وطهارةَ الأخلاق. فاتَّصَفَ حسبَ ذلك، فصار تقياً: فاجتنب ما يَضر، وأحبَّ والدَيه، وحسن خلقه: فلم يَظلم مَن دونه، ولم يُسخِط مَن فوقه.
وقال تعالى:
{وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ} الآية.
فذكر "العلم" بعد "الحكم" ليعلم أن "الحكم" هاهنا هو الحكم المطلق، فإنه لا يكون إلا بالعلم. وهكذا قوله تعالى في موسى عليه السلام:
{وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا} .
وأيضاً:
{وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ {شَاهِدِينَ فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا} .
وأما "الحكم" بمعنى الأمر فكثير. ومنه قوله تعالى:
{إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ} .

وري

(و ر ي) : (فِي حَدِيثِ) جَرْهَدٍ وَارِ فَخْذَكَ أَيْ غَطِّهَا وَاسْتُرْهَا أَمْرٌ عَلَى فَاعِلٍ مِنْ الْمُوَارَاةِ.

وري


وَرِيَ
a. [ يَرِى] (n. ac.
وَرْي), Was firm, compact.
b. see supra
(d) (e).
وَرَّيَa. Struck, ignited.
b. Hid; disguised.
c. [acc.
or
'An], Changed, exchanged.
d. see I (a)e. [ coll. ], Showed.
وَاْرَيَa. see II (b)
أَوْرَيَa. see II (a)b. [ coll. ], Showed.
تَوَرَّيَ
a. [Min], Hid, fled from.
تَوَاْرَيَ
a. ['An]
see V
إِسْتَوْرَيَa. see II (a)
وَرْيa. Pus, sanies.
b. Ulcer.

وَرًىa. Lung-disease.
b. Human being, mortal; mankind.

وَارٍa. Incandescent.
b. Fat.
c. Excellent (musk).
وَارِيَة []
a. fem. of
وَاْرِي
&
see 4 (a)
وَرَآء []
a. see وَرَأَ

وَرِيّa. see 21 (a) (b).
تَوْرِيَة [ N.
Ac.
a. II], Feint, dissimulation.
b. Equivocation, ambiguity.
c. Homonymy.

رِ رِيَا رُوا [ mas. ]
a. Imp. of
وَرَى

رِي رِيَا رِيْنَ [ fem. ]
a. see supra.

وَرْيَة النَّار
رِيَة النَّار
a. Tinder, &c.

تَوْرَاة
H.
a. see under
تَوَرَ

وري


وَرَى(n. ac. قِرًى [ ]قَرَآء [] )
a. Received, lodged, entertained; sheltered.
b. Offered to, set before ( food).
c.(n. ac. وَرْي
قَرًى [ ])
a. [acc. & Fī], Collected in ( a reservoir ).
d. Traversed (country).
أَوْرَيَa. Asked for lodging, for shelter; sought hospitality
of.
b. Lived, stayed in a village.

تَوَرَّيَa. see I (d)
إِوْتَرَيَa. see I (a) (d) & IV (a).
إِسْتَوْرَيَa. see I (d)
& IV (a).
قَرْيَة [] (pl.
قُرًى [ 9 ] &
a. قَرَايَا ), Village, hamlet; town
borough.
قَرَوِيّ []
a. Villager; rustic.

قِرًىa. Entertainment; food, refreshment.
b. Water collected in a trough &c.

مَقْرًى []
a. Tank, trough, cistern.

مَقْرَاة []
a. see 17
مِقْرًى []
a. Hospitable.
b. (pl.
مَقَارٍ
[مَوَاْرِيُ]), Basin, bowl.
مِقْرَاة []
a. see 20
قَارٍa. Villager; townsman.

قَارِيَة []
a. fem. of
وَاْرِيb. Point.
c. (pl.
قَوَارٍ
[وَوَاْرِيُ], قَوَارِىّ ), A certain
bird.
قَرِيّ [] (pl.
أَقْرِيَة [ 15t ]
قُرْيَان []
أَقْرَآء [] )
a. Curdled, clotted (milk).
b. Basin, place where the waters meet.

قَرِيَّة [] (pl.
قَرَايَا)
a. Stick.
b. Socket ( of a pillar ).
c. Ant-hill.

مَقَارٍ []
a. Cooking-utensils, pots, saucepans.

مِقْرَآء []
a. Hospitable.

قَارِيَّة
a. see 21t (c)
قَرْيَة الْنَّمْل
a. Ant-hill, ant-nest.
و ر ي

واريته فتوارى. ووري الزند يرى ووريَ يرى، نحو: وليَ يلي. وأوريته. وهل عندك ريّةٌ؟: شيء تورَى به النار من بعرة أو قطنة. ووراه الداء. وبعير موريٌّ. قال:

وراهنّ ربّي مثل ما قد ورينني ... وأحمى على أكبادهنّ المكاويا

قال النضر: الوريُ شرقق يقع في قصب الرئتين فيقتل. وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا أراد سفراً ورّى بغيره. وما أدري أيّ الورى هو؟. ويقال: " وراءك أوسع لك ". وقيل للمخبّل: قاوم الزبرقان فقال: إنه أندى مني صوتاً وأكثر مني ريقاً وإني لا أقوم له في المواجهة ولكن دعوني أهاديه الشعر من وراء وراء.

ومن المجاز: " ورت بك زنادي " ووريت. قال:

ورت بعمرو بن عليّ ناري ... ساعة تبدو أسؤق العذارى

وفلان كثير الرماد، وارى الزناد. واستوريت فلاناً رأياً: سألته أن يورِيه لي، كما يقال: استضيء برأيه. وسمعتهم يقولون: أورنيه. بمعنى أرنيه وهو من الورى أي أبرزه لي. وورى النّقيُ ورياً: خرج منه ودك كثير. وسنامٌ وارٍ. قال الأخطل:

والمطعمين إذا هبت شآمية ... تزجي الجهام سديف المربع الواري

الناقة التي لقحت أوّل الربيع، والواري وصفٌ للسّديف منصوبٌ أو مجرور على الجوار أو وصفٌ للمربع على معنى النسب أي ذات ورى.
وري: الرِّئة، محذوفة من ورى، والوارية: سائطة داء يأخذ في الرِّئة، وربّما أخذ منه السُّعال، فيقتل صاحبه، [يقال] : وُرِيَ الرّجلُ فهو مَوْرُوٌ فيمن قال بالتَّخفيف، ومن قلب الهمزة ياءً قال: مَوْريٌ، قال هشام بن المغيرة:

[هَلُمَّ إلى أميّة] إنّ فيها ... شِفاءَ الواريات من السقام 

والثور يري الكَلْبَ إذا طعنه في رِئته، قال المرّار بن منقذ في وصف رجل:

كَمْ ترى من شانىءٍ يَحْسُدُني ... قد وراه الغيظ، ذو صَدْرٍ وَغِرْ

وفي الحديث: َلأَنْ يملأ الإنسانُ جَوْفَه قيحاً حتّى يَريه خيرٌ له من أن يملأهُ شعرا .

قوله: حتّى يريه، هو من الوَرْي على مثال الرَّمْي، ومنه يُقال: رجل مَوْريٌ، غير مهموز، وهو أن يَدْوَى جوفه، قال الراجز:

قالت له وَرْياً إذا تنحنحا  تدعو عليه بالوَرْي، وهو مصدره. وقال العجّاج يصف الجراحات:

عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ

يقول: إنْ سَبَرَها إنسانٌ أصابه منها الوَرْي. وقال عبد بني الحَسْحاس :

وَراهُنَّ ربّي مِثْلَ ما قد وَرَيْنَني ... وأَحْمَى على أكبادِهنَّ المكاويا

والرِّئةُ: تُهْمَز ولا تُهْمَز، وهي موضع الرِّيح والنَّفَس. وجمعها: الرِّئاتُ والرِّئين، وتصغيرها: رُوَيّةٌ ومن هَمَز الواو قال: رُؤَيّةٌ. قال:

[ويَنْصبنَ القَدَورَ مُشَمِّرات] ... يُنازِعْنَ العَجاهنةَ الرِّئينا

والتَّوْريةُ: إخفاء الخبر و [عدم] إظهار السِّرّ، تقول: وَرَّيته تَوْريةً.
و ر ي : وَرَى الزَّنْدُ يَرِي وَرْيًا مِنْ بَابِ وَعَدَ وَفِي لُغَةٍ وَرِيَ يَرِي بِكَسْرِهِمَا وَأَوْرَى بِالْأَلِفِ وَذَلِكَ إذَا أَخْرَجَ نَارَهُ.

وَالْوَرَى مِثْلُ الْحَصَى الْخَلْقُ

وَوَارَاهُ مُوَارَاةً سَتَرَهُ وَتَوَارَى اسْتَخْفَى وَوَرَاءُ كَلِمَةٌ مُؤَنَّثَةٌ تَكُونُ خَلْفًا وَتَكُونُ قُدَّامًا وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ فِي الْمَوَاقِيتِ مِنْ الْأَيَّامِ وَاللَّيَالِي لِأَنَّ الْوَقْتَ يَأْتِي بَعْدَ مُضِيِّ الْإِنْسَانِ فَيَكُونُ وَرَاءَهُ وَإِنْ أَدْرَكَهُ الْإِنْسَانُ كَانَ قُدَّامَهُ وَيُقَالُ وَرَاءَكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ وَقُدَّامَكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ لِأَنَّهُ شَيْءٌ يَأْتِي فَهُوَ مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ عَلَى تَقْدِيرِ لُحُوقِهِ بِالْإِنْسَانِ وَهُوَ بَيْنَ يَدَيْ الْإِنْسَانِ عَلَى تَقْدِيرِ لُحُوقِ الْإِنْسَانِ بِهِ فَلِذَلِكَ جَازَ الْوَجْهَانِ وَاسْتِعْمَالُهَا فِي الْأَمَاكِنِ سَائِغٌ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ.
وَفِي التَّنْزِيلِ {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ} [الكهف: 79] أَيْ أَمَامَهُمْ وَمِنْهُ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ فِي الْمُصَلِّي قَاعِدًا وَيَرْكَعُ بِحَيْثُ تُحَاذِي جَبْهَتُهُ مَا وَرَاءَ رُكْبَتِهِ أَيْ قُدَّامَهَا لِأَنَّ الرُّكْبَةَ تَأْتِي ذَلِكَ الْمَكَانَ فَكَانَتْ كَأَنَّهَا
وَرَاءَهُ {وَمِنْ وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ} [إبراهيم: 17] أَيْ بَيْنَ يَدَيْهِ لِأَنَّ الْعَذَابَ يَلْحَقُهُ لَكِنْ لَا يُقَالُ لِرَجُلٍ وَاقِفٍ وَخَلْفَهُ شَيْءٌ هُوَ بَيْنَ يَدَيْكَ لِأَنَّهُ غَيْرُ طَالِبٍ لَهُ وَهِيَ ظَرْفُ مَكَان وَلَامُهَا يَاءٌ تَكُونُ بِمَعْنَى سِوَى كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ} [المؤمنون: 7] أَيْ سِوَى ذَلِكَ وَوَرَّيْتُ الْحَدِيثَ تَوْرِيَةً سَتَرْتُهُ وَأَظْهَرْتُ غَيْرَهُ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ لَا أَرَاهُ إلَّا مَأْخُوذًا مِنْ وَرَاءِ الْإِنْسَانِ فَإِذَا قَالَ وَرَّيْتُهُ فَكَأَنَّهُ جَعَلَهُ وَرَاءَهُ حَيْثُ لَا يَظْهَرُ فَالتَّوْرِيَةُ أَنْ تُطْلِقَ لَفْظًا ظَاهِرًا فِي مَعْنًى وَتُرِيدَ بِهِ مَعْنًى آخَرَ يَتَنَاوَلُهُ ذَلِكَ اللَّفْظُ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِهِ.

وَالــتَّوْرَاةُ قِيلَ مَأْخُوذَةٌ مِنْ وَرَى الزَّنْدُ فَإِنَّهَا نُورٌ وَضِيَاءٌ وَقِيلَ مِنْ التَّوْرِيَةِ وَإِنَّمَا قُلِبَتْ الْيَاءُ أَلِفًا عَلَى لُغَةِ طيئ وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّهَا غَيْرُ عَرَبِيَّةٍ. 
وري
ورَى يرِي، رِ/ رِهْ، وَرْيًا، فهو وارٍ
 • ورَت النَّارُ: اتَّقدت.
• ورَى الزَّنْدُ: خرَجت نارُه ° إنَّه لواري الزَّنْد [مثل]: أي إذا رامَ أمرًا أنجَحَ فيه وأدركَ ما طلب. 

أورى يُوري، أوْرِ، إيراءً، فهو مُورٍ، والمفعول مُورًى
• أورى النَّارَ: أوقدها، أشعلها " {أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ} ". 

توارى/ توارى بـ/ توارى عن/ توارى في يتوارى، تَوارَ، تواريًا، فهو مُتَوارٍ، والمفعول مُتوارًى به
• توارى الشَّخْصُ/ توارى بالشَّيء/ توارى عن الشَّيء/ توارى في الشَّيء: استتر واختفى "توارى عن الأنظار- توارى اللِّصُّ في البيت- توارى عن أصدقاء السُّوء- {حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ} - {يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ} ". 

وارى يواري، وارِ، مُواراةً، فهو مُوارٍ، والمفعول مُوارًى
• وارى الحقيبةَ وغيرَها: أخفاها، سترها " {يَابَنِي ءَادَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ} ".
• وارى الميِّتَ: دفَنه "واراه التُّرابُ/ الثّرى- {فَبَعَثَ اللهُ غُرَابًا يَبْحَثُ فِي الأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ} ". 

ورَّى/ ورَّى عن يورِّي، وَرِّ، تورِيةً، فهو مُورٍّ، والمفعول مُوَرًّى
• ورَّى النَّارَ: استخرجها.
• ورَّى الزَّنْدَ: أخرجَ نارَه.
• ورَّى الشَّيءَ: أخفاه وستره وأظهر غيره.
• ورَّى عن الشَّيءِ: أراده وأظهر غيرَه "في كلامه تورية". 

إيراء [مفرد]: مصدر أورى. 

تَوْرية [مفرد]:
1 - مصدر ورَّى/ ورَّى عن.
2 - (بغ) أن يكون للفظ معنيان، أحدهما قريب، ظاهر الكلام يدلُّ عليه، والآخر بعيد، وهو الذي يقصده القائل "أنت الحسين ولكنْ ... جَفاك فينا يَزيدُ: فكلمة (يزيد) تعني الخليفة، وتعني الفعل يزيد وهو المقصود". 

مُوريات [جمع]: مف مُورية
• المُوريات: خيلٌ تقدح النَّار باحتكاك حوافرها بالحجارة أثناء القتال " {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} ". 

وَراء [مفرد]: كلُّ ما استتر عنك سواء أكان خلفًا أم قدّامًا " {مِنْ وَرَائِهِ جَهَنَّمُ} - {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} - {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ}: أمامهم" ° خُطْوة إلى الأمام وخطوتان إلى الوراء: يتأخّر أكثر ممّا يتقدّم- ما عليه وراء: ليس عليه شيء يواريه- ما وراء البحار: المستعمرات الإنجليزيّة والفرنسيّة سابقًا- ما وراء الطبيعة: عالم الغيب، الميتافيزيقا- ما وراء النّهر: ما بعد نهر الأردن، ما بعد نهر جيحون- ما وراءك؟: ما عندك من أخبار؟ - مِنْ وراء كذا: نتيجة له- هو وراء أفكاره: محرّكها وباعثها- وراء السِّتار: غير واضح- وراء القضبان: السّجن، المعتقل- وراء الكواليس: في الخفاء، سِرًّا. 

وراءكَ [كلمة وظيفيَّة]: اسم فعل أمر بمعنى تأخَّرْ منقول عن الظرف (وراء) وكاف الخطاب التي تتصرَّف بحسب أحوال المخاطب "وراءك أيّها الرجل- وراءكم أيّها الجنود". 

وَرًى [جمع]
• الوَرَى: الخَلْقُ من البَشَر "محمد صلّى الله عليه وسلّم خير الوَرَى- طِباع الوَرَى فيها النِّفاقُ فأقْصِهِمْ ... وحيدًا ولا تصحبْ خليلاً تُنافِقُه". 

وَرْي [مفرد]: مصدر ورَى. و ز ب
5591 - و ز ب
مِيزاب [مفرد]: ج مَيازيبُ: مِزْراب؛ قناة أو ماسورة عموديّة يجري فيها الماء منصرفًا من أسطح الدُّور أو المواضع العالية، فينسكب على الأرض بعيدًا عن جدرانها. 
[ور ي] الوَرْيُ قَيْحٌ يكون في الجوف وقيل الوَرْيُ قَرْحٌ شديد يُقاءُ منه القيحُ والدم وحكى اللحياني عن العرب ما له وَراه الله أي رماه بذلك الداء قال والعرب تقول للبغيض إذا سَعَلَ وَرْيًا وقُحابًا وللحبيب إذا عطس عَمْرًا وشَبابًا ووَرَيْتُه وَرْيًا أصبت رِئَتَهُ والوارِيَةُ شائِصَةُ داءٍ تأخذ الرئَةَ وليسا من لفظ الرِّئَةِ ووَرَاه الداءُ أصابه وقولهم به الوَرى وحُمَّى خَيْبرًا وشَرُّ ما يُرى فإنه خَيْسَرَي إنما قالوا الوَرَى على الإِتْباعِ وقيل إنما هو بفِيهِ البَرَا أي التراب وأنشد ابن الأعرابي

(هَلُمَّ إلى أُمَيَّةَ إن فيها ... شفاءَ الوَارِياتِ من الغَليلِ)

وعمَّ بها فقال هي الأَدْواءُ وورَتْ الإبل وَرْيًا سمِنت فكثر شحمها وِنقْيُها وأُورَاها السِّمَنُ وأنشد أبو حنيفة (وكانت كِنازُ اللحم أوْرَى عِظامَها ... بوَهْبِينَ آثارُ العِهادِ البواكر)

والوَارِي الشَّحْمُ السَّمِينُ صفةٌ غالبةٌ وهو الوَرِيُّ ووَرَتِ النارُ تَرِي ورياً ورِيَةً حَسَنَةً وَوَرَى الزَّنْدُ وَوَرِيَ يَرِى وَيَوْرَى وَرْيًا ووُرِيّا ورِيَةً وهو وَارٍ وَوَرِيٌّ اتَّقَدَ قال الشاعر

(وَجَدْنا زَنْدَ جَدِّهِمُ وَرِيّا ... وزَنْدَ بني هَوازِنَ غيرَ وَارِي)

وقالوا هو أَوْرَاهُم زَنْدًا يُضْرَبُ مثلاً لنجاحه وَظَفَرِهِ وأورَيْتُه أنا أثقَبْتُه وقال أبو حنيفة وَرَتِ الزِّنادُ إذا خرجت نارها وَرَِيَتْ صارت وارِيَةً وقال مَرَّةً الرِّيَّةُ كل ما أوْرَيْتَ به النار من خِرْقَةٍ أو عُطْبَةٍ أو قِشْرَةٍ وحكى أبْغِني رِيَّةً أَرِي بها ناري وهذا كلُّه على القَلْبِ عن وِرْيَةٍ وإن لم نسمع بوِرْيةٍ وأوْرَيْتُ صدره عليه أوقَدْتُه وأَحقدتُه وَوَرِيَةُ النار مُخَفَّفَةٌ ما تُوَرِّي به عودا كان أو غيره والتَّوْرَيَةُ عند أبي العباس تَفْعَلَةٌ وعند الفارسي فوْعَلَةٌ قال لقلةِ تَفْعَلَةٍ في الأسماء وكثرة فَوْعَلٍ ووَرَّيْتُ الشيء وأورَيْتُه أخْفَيْتُه وقيل وَرَّيْتُ الخبر جعلته ورائي وسترتُه عن كُراعَ وليس من لفظ وراء لأن لام وراء همزة وفلان وَرِيُّ فلان أي جارُه الذي تُواريه بيوته وتَسْتُره قال الأعشى

(ونَشُدُّ عَقْدَ وَرِيِّنا ... عَقْدَ الحِبَجْرِ على الغِفَارَهْ)

وَوَرَّيْتُ عنه أردتُه وأظهرتُ غيره وأرَّيْتُ لغةٌ وقد تَقدَّم والتَّرِيَّةُ اسم ما تراه الحائض عند الاغتسال وهو الشيء الخفيُّ اليسير وهو أقلُّ من الصُّفْرةِ والكُدْرَةِ وهو عند أبي علي فَعِيلَةٌ من هذا لأنها كأن الحيض وَارَى بها عن مَنْظَرِه العين قال ويجوز أن يكون من وَرَى الزَّنْدُ إذا أخرج النارَ كأن الطُّهْرَ أخرجها وأظهرها بعد ما كان أخفاها الحيض وَوَرَّى عنه بصرَه دفع عنه أنشد ابن الأعرابي

(وكنتم كأمٍّ بَرَّةٍ طَعَنَ ابنُها ... إليها فما وَرَّتْ عليه بِسَاعد)

ومِسْكٌ وارٍ جيِّدٌ رفيعٌ أنشد ابن الأعرابي

(تُعَلُّ بالجَادِيِّ والمسكِ الوارْ ... )

وَالوَرَى الخلْقُ تقول العرب ما أدري أيُّ الوَرَى هو أيْ أَيُّ الخلق هو انقضى الثلاثي

الفُرافِلُ سَويقُ مَنْبوتِ عُمانَ والرِّئبال من أسماء الأسدِ والذِّئْبِ يهمز ولا يهمز وإنما قَضَيْتُ على رِئْبالٍ المهموز أنه رباعي على كثرة زيادة الهمزة من جهة قولهم في هذا المعنى رِيبالٌ بغير همز وذلك أن ريبالا بغير همز لا يخلو من أن يكون فِيعَالا أو فِعْلالاً فلا يكون فِيعالا لأن فِيعالا من أبنية المصادر ولا يكون فِعْلالا وياؤه أصل لأن الياء لا تكون أصلاً في بنات الأربعة فثبت من ذلك أن رِئْبالاً فِعْلالٌ همزتُه أصلٌ بدليل قولهم خرجوا يَتَرَأْبَلونَ وأن ريبالا مُخَفَّفٌ عنه تخفيفًا بَدَلِيّا وإنما قضينا على تخفيف همزة رِئْبالٍ أنه بَدَلِيٌّ لقول بعض العرب يصف رجلاً هو لَيْثٌ أبو رَيابِلَ وإنما قال ريابلَ ولم يقل رَيَابيلُ لأن بعده عَسَّافُ مَجَاهِلَ وحكى أبو عليٍّ رَيابيلُ العرب لِلُصوصهم فإن قلت فإن رئبالا فِئْعالٌ لكثرة زيادة الهمزة وقد قالوا تَرَبًّلَ لحمُه قلنا إن فِئْعالاً في الأسماء عَدَمٌ ولا يسوغ الحَمْلُ على باب انْقَحَلَ ما وُجِدَ عنه مندوحَةٌ وأما تَربَّلَ لحمُه مع قولهم رِئْبالٌ فمن باب سِبَطْرٍ إنما هو في معنى سِبَطٍ وليس من لفظه وكذلك لأّال للذي يبيع اللُّؤْلؤَ فيه بعض حروفه وليس منه ولا يجب أن يُحْملَ قولُه يَتَرأْبَلون على باب تَمسْكَنَ وتَمَدْرَعَ وخرجوا يَتَمغْفَرونَ لقلة ذلك وقال بعضهم همزةُ رِئْبالٍ بَدَلٌ من ياءٍ ولِصٌّ رِئْبالٌ وهو من الجُرْأَةِ وتَرَأْبَلوا تَلَصَّصوا وخرجوا يَتَرَأْبَلونَ إذا غَزَوْا على أرجلهم وحدهم بلا والٍ عليهم وقيل الرِّئْبالُ الذي تلده أمُّه وحدَه وفَعَلَ ذلك من رَأْبَلَتِهِ وخُبْثِهِ والرَّأْبَلةُ أن يمشي الرجل مُتَكَفِّئًا في جانبَيْه كأنه يَتَوجَّا والبُرَائِل ما استدار من ريش الطائر حول عنقه وهو البُرْؤلَةُ وخصَّ اللحيانيُّ به عُرْفَ الحُبارَى فإذا نَفَشَه للقتال قيل بَرْأَل وتَبَرْأَلَ ريشُه وعُنُقُه وجعله غير سيبويه ثلاثيّا قياسً على حُطائطٍ وحكى الأصمعي جاء فلان مُبْرَئِلاً للشر أي نافِشًا عُرْفَهُ فدل ذلك من قوله على أن البُرَائِلَ يكون للإنسان وابْرَألَّ تهيَّأ للشرِّ وهو من ذلك

الفِرْنِبُ الفأرة والفَرْنَبُ ولد الفأرة من اليربوع والمُرْفَئِنُّ الساكن بعد النِّفارِ انقضى الرباعي بحمد الله 

وري: الوَرْيُ: قَيْح يكون في الجَوف، وقيل: الوَرْي قَرْحٌ شديد يُقاء

منه القَيْح والدَّمُ. وحكى اللحياني عن العرب: ما له وَراه الله أَي

رَماه الله بذلك الداء، قال: والعرب تقول للبَغِيض إِذا سَعَلَ: وَرْياً

وقُحاباً، وللحبيب إِذا عَطَس: رَعْياً وشْبَاباً. وفي الحديث عن النبي، صلى

الله عليه وسلم، أَنه قال: لأَن يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكم قَيْحاً

حتى يَرِيَه خير له من أَن يَمْتَلِئَ شِعْراً؛ قال الأَصمعي: قوله حتى

يَرِيَه هو من الوَرْي على مثال الرَّمْي، يقال منه: رجل مَوْرِيٌّ، غير

مهموز، وهو أَن يَدْوَى جَوْفُه؛ وأَنشد:

قالت له وَرْياً إِذا تَنَحْنَحا

(* قوله «تنحنحا» كذا بالأصل وشرح القاموس، والذي في غير نسخة من

الصحاح: تنحنح.)

تدعو عليه بالوَرْي. ويقال: وَرَّى الجُرْحُ سائرَه تَوْرِيةً أَصابه

الوَرْيُ؛ وقال الفرَّاء: هو الوَرى، بفتح الراء؛ وقال ثعلب: هو بالسكون

المصدر وبالفتح الاسم؛ وقال الجوهري: وَرَى القَيْحُ جَوْفَه يَرِيه

وَرْياً أَكَله، وقال قوم: معناه حتى يُصِيب رِئَته، وأَنكره غيرهم لأَن الرئة

مهموزة، فإِذا بنيت منه فِعلاً قلت: رآه يَرْآه فهو مَرْئِيٌّ. وقال

الأَزهري: إِنَّ الرئة أَصلها من ورى وهي محذوفة منه. يقال: وَرَيْت الرجل

فهو مَوْرِيٌّ إِذا أَصبت رِئته، قال: والمشهور في الرواية الهمز؛ وأَنشد

الأَصمعي للعجاج يصف الجِراحات:

بَينَ الطِّراقَيْنِ ويَفْلِينَ الشَّعَرْ

عن قُلُبٍ ضُجْمٍ تُوَرِّي مَن سَبَرْ

كأَنه يُعْدِي من عِظَمِه ونُفور النفس منه، يقول: إِنَّ سَبَرها إِنسان

أَصابَه منه الوَرْيُ من شدَّتها، وقال أَبو عبيدة في الوَرْي مثله إِلا

أَنه قال: هو أَن يأْكل القيحُ جوفَه؛ قال: وقال عبد بني الحَسْحاس يذكر

النساء:

وَراهُنَّ رَبِّي مِثلَ ما قد وَرَينَني،

وأَحْمَى على أَكْبادِهِنَّ المَكاوِيا

وقال ابن جبلة: سمعت ابن الأَعرابي يقول في قوله تُوَرِّي مَنْ سَبَرَ،

قال: معنى تُوَرِّي تَدفَع، يقول: لا يَرى فيه عِلاجاً من هَوْلِها

فيَمْنَعه ذلك من دوائها؛ ومنه قول الفَرزدق:

فلو كنتَ صُلْبَ العُودِ أَو ذا حَفِيظَةٍ،

لَوَرَّيْتَ عن مَوْلاكَ والليلُ مُظْلِمُ

يقول: نَصَرْتَه ودفعتَ عنه، وتقول منه: رِ يا رجل، وَريا للاثنين،

ورُوا للجماعة، وللمرأَة رِي وهي ياء ضمير المؤنث مثل قومي واقْعُدِي،

وللمرأَتين: رِيا، وللنسوة: رِينَ، والاسم الوَرَى، بالتحريك. ووَرَيْته

وَرْياً: أَصبت رئته، والرئة محذوفة من وَرَى. والوارية سائصة

(* قوله

«والوارية سائصة» كذا بالأصل، وعبارة شارح القاموس: والوارية داء.

داء يأْخذ في الرئة، يأْخذ منه السُّعال فيَقْتُل صاحِبَه، قال: وليسا

من لفظ الرّئة. ووَراهُ الداء: أَصابه. ويقال: وُرِيَ الرجلُ فهو

مَوْرُوٌّ، وبعضهم يقول مَوْرِيٌّ. وقولهم: به الوَرَى وحُمَّى خَيْبرا وشَرُّ ما

يُرَى فإِنه خَيْسَرَى، إِنما قالوا الوَرَى على الإِتباع، وقيل: إِنما

هو بفِيه البَرَى أَي التراب؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

هَلُمَّ إِلى أُمَية، إِنَّ فيها

شِفاء الوارِياتِ منَ الغَلِيلِ

وعمَّ بها فقال: هي الأَدْواء. التهذيب: الوَرَى داء يُصِيب الرجل

والبعير في أَجوافهما، مقصور يكتب بالياء، يقال: سلَّط الله عليه الوَرى

وحُمَّى خَيْبرا وشَرَّ ما يُرَى فإِنه خَيْسَرَى؛ وخَيْسَرَى: فَيْعَلى من

الخُسْران، ورواه ابن دريد خَنْسَرَى، بالنون، من الخَناسِير وهي

الدَّواهي. قال الأَصمعي: وأَبو عمرو لا يَعْرِفُ الوَرَى من الداء، بفتح الراء،

إِنما هو الوَرْيُ بإِسكان الراء فصُرِف إِلى الوَرَى. وقال أَبو العباس:

الوَرْيُ المصدر، والوَرَى بفتح الراء الاسم. التهذيب: الوَرَى شَرَقٌ

يَقَعُ في قَصَبةِ الرِّئتين فَيَقْتُله

(* قوله فيقتله: أي فيقتل من أصيب

بالشرق.) أَبو زيد: رجل مَوْرِيٌّ، وهو داء يأْخذ الرجل فيَسْعُلُ،

يأْخذه في قصب رِئته. وَوَرَتِ الإِبلُ وَرْياً: سَمِنَتْ فكثر شحمها ونِقْيها

وأَوْراها السِّمَن؛ وأَنشد أَبو حنيفة:

وكانَتْ كِنازَ اللحمِ أَورَى عِظامَها،

بِوَهْبِينَ، آثارُ العِهادِ البَواكِر

والواري: الشحم السَّمينُ، صفة غالبة، وهو الوَرِيُّ.

والوارِي: السمين من كل شيء؛ وأَنشد شمر لبعض الشعراء يصف قِدْراً:

ودَهْماءَ، في عُرْضِ الرُّواقِ، مُناخةٍ

كَثيرةِ وذْرِ اللحمِ وارِيةِ القَلْبِ

قال: قَلْبٌ وارٍ إِذا تَغَشَّى بالشحم والسِّمَن. ولَحْمٌ وَرِيٌّ، على

فَعِيل، أَي سمين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَنَّ امرأَة شَكَتْ

إِليه كُدُوحاً في ذِراعَيها من احْتراشِ الضَّبابِ، فقال: لو أَخذتِ

الضَّبَّ فَوَرَّيْتِه ثم دَعَوْتِ بِمِكْتَفَةٍ فَثَمَلْتِه كان أَشْبَعَ؛

وَرَّيْتِه أَي رَوَّغْتِه في الدُّهن، من قولك لَحْمٌ وارٍ أَي سَمِينٌ.

وفي حديث الصدقة: وفي الشَّويِّ الوَرِيِّ مُسِنَّةٌ، فَعِيل بمعنى فاعل.

وَوَرَتِ النارُ تَرِي وَرْياً ورِيةً حسَنَةً، وَوَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي،

وَوَرَى يَرِي ويَوْرَى وَرْياً ووُرِيّاً ورِيةً، وهو وارٍ ووَرِيٌّ:

اتَّقَد؛ قال الشاعر:

وَجَدْنا زَنْدَ جَدِّهمِ ورِيّاً،

وزَنْدَ بني هَوازِنَ غَيرَ وارِي

وأَنشد أَبو الهيثم:

أُمُّ الهُنَيْنَين مِنْ زَنْدٍ لها وارِي

وأَوْرَيْتُه أَنا، وكذلك وَرَّيْتُه تَوْرِيةً؛ وأَنشد ابن بري لشاعر:

وأَطْفِ حَدِيثَ السُّوء بالصَّمْتِ، إِنَّه

مَتَى تُورِ ناراً للعِتاب تَأَجَّجَا

ويقال: وَرِيَ المُخُّ يَرِي إِذا اكتنز وناقةٌ وارِيةٌ أَي سمِينة؛ قال

العجاج:

يأْكُلْنَ مِن لَحْمِ السَّدِيفِ الواري

كذا أَورده الجوهري؛ قال ابن بري: والذي في شعر العجاج:

وانْهَمَّ هامُومُ السَدِيفِ الواري

عن جَرَزٍ منه وجَوْزٍ عاري

وقالوا: هُو أَوْراهُمْ زَنْداً؛ يضرب مثلاً لنَجاحه وظَفَره. يقال:

إِنه لوارِي الزِّنادِ وواري الزَّنْد وورِيُّ الزند إِذا رامَ أَمراً

أَنجَحَ فيه وأَدرَكَ ما طَلب. أَبو الهيثم: أَوْرَيْتُ الزِّنادَ فوَرَتْ

تَرِي وَرْياً وَرِيةً؛ قال: وقد يقال وَرِيَتْ تَوْرَى وَرْياً وَرِيةً،

وأَوْرَيْتُها أَنا أَثْقَبْتُها. وقال أَبو حنيفة: ورَتِ الزنادُ إِذا

خرجت نارها، ووَرِيَتْ صارت وارِيةً، وقال مرَّة: الرِّيةُ كلُّ ما

أَوْرَيْتَ به النار من خِرْقة أَو عُطْبةٍ أَو قِشْرةٍ، وحكى: ابْغِنِي رِيَّةً

أَرِي بها ناري، قال: وهذا كله على القلب عن وِرْيةٍ وإِنْ لم نسمع

بوِرْيةٍ. وفي حديث تزويج خديجة، رضي الله عنها: نَفَخْتَ فأَوْرَيْتَ؛ ورَى

الزَّندُ: خرجت نارُه، وأَوْراه غيره إِذا استخرج نارَه. والزَّنْدُ

الواري: الذي تظهر ناره سريعاً. قال الحربي: كان ينبغي أَن يقول قدَحْتَ

فأَوْرَيْت. وفي حديث علي، كرم الله وجهه: حتى أَوْرَى قَبَساً لقابِسٍ أَي

أَظْهَرَ نُوراً من الحق لطالب الهُدى. وفي حديث فتح أَصْبهنَ: تَبْعَثُ

إِلى أَهل البصرة فيُوَرُّوا؛ قال: هو من وَرَّيْت النر تَوْرِيةً إِذا

استخرجتها.

قال: واسْتَوْرَيْتُ فلاناً رأْياً سأَلته أَن يستخرج لي رأْياً، قال:

ويحتمل أَن يكون من التَّوْرِية عن الشيء، وهو الكناية عنه، وفلان

يَسْتَوْرِي زنادَ الضلالةِ. وأَوْرَيْتُ صَدره عليه: أَوْقَدْتُه

وأَحقَدْته.وَرِيةُ النار، مخففة: ما تُورى به، عُوداً كان أَو غيره: أَبو الهيثم:

الرِّيةُ من قولك ورَتِ النارُ تَري وَرْياً ورِيَّةً مثل وعَتْ تَعِي

وَعْياً وعِيةً، ووَدَيْتُه أَدِيه وَدْياً ودِيةً، قال: وأَوْرَيْتُ النار

أُورِيها إِيراء فَوَرَت تَري ووَرِيَتْ تَرِي، ويقال: وَرِيَتْ

تَوْرَى؛ وقال الطرمّاح يصف أَرضاً جَدْبة لا نبات فيها:

كظَهْرِ اللأََى لو تَبْتَغِي رِيَّةً بها،

لعَيَّتْ وشَقَّتْ في بُطون الشَّواجنِ

أَي هذه الصَّحْراء كظهر بقرة وحشية ليس فيها أَكَمَة ولا وَهْدة، وقال

ابن بُزُرْج: ما تُثْقب به النار؛ قال أَبو منصور: جعلها ثَقُوباً من

خَثًى أَو رَوْثٍ أَو ضَرَمةٍ أَو حَشِيشة يابسة؛ التهذيب: وأَما قول

لبيد:تَسْلُبُ الكانِسَ لمْ يُورَ بها

شُعْبةُ الساقِ، إِذا الظِّلُّ عَقَلْ

روي: لم يُورَ بها ولم يُورَأْ بها ولم يُوأَرْ بها، فمن رواه لم يُورَ

بها فمعناه لم يَشْعُرْ بها، وكذلك لم يُورَأْ بها، قال: ورَيْته

وأَوْرَأْته إِذا أَعْلَمْته، وأَصله من وَرَى الزَّنْدُ إِذا ظهرت نارُها

كأَنَّ ناقته لم تُضِئُ للظبي الكانس ولم تَبِنْ له فيَشْعُر بها لسُرْعَتِها

حتى انْتَهَت إِلى كِناسه فنَدَّ مندَّ منهاجافِلاً، قال:وأَنشدني

بعضهم:دَعاني فلمْ أُورَأْ به فأَجَبْتُه،

فمَدَّ بثَدْيٍ بَيْننا غَير أَقْطَعا

أَي دَعاني ولم أَشْعُرْ به، ومن رواه ولم يُوأَرْ بها فهي من أُوارِ

الشمس، وهو شدَّة حرِّها، فقَلَبه وهو من التنفير.

والــتَّوْراةُ عند أَبي العباس تَفْعِلةٌ، وعند الفارسي فَوْعلة، قال:

لقلة تَفْعِلة في الأَسماء وكثرة فَوْعلة. ووَرَّيْتُ الشيءَ ووَارَيْتُه:

أَخْفَيْتُه. وتَوارى هو: استتر.

الفراء في كتابه في المصادر: الــتَّوْراةُ من الفعل التَّفْعِلة؛ كأَنها

أُخِذَتْ من أَوْرَيْتُ الزِّناد وورَّيْتُها، فتكون تَفْعِلة في لغة

طيِّء لأَنهم يقولون في التَّوْصِية تَوْصاةٌ وللجارية جاراةٌ وللناصِيةِ

ناصاةٌ، وقال أَبو إسحق في التَّوارة: قال البصريون تَوْراةٌ أَصلها

فَوْعَلةٌ، وفوعلة كثير في الكلام مثل الحَوْصلة والدَّوْخلة، وكلُّ ما قُلْت

فيه فَوْعَلْتُ قمصدره فَوْعلةٌ، فالأَصل عندهم وَوْراةٌ، ولكن الواو

الأُولى قلبت تاء كما قلبت في تَوْلَج وإِنما هو فَوْعَل من وَلَجْت، ومثله

كثير.

واسْتَوْرَيْتُ فلاناً رَأْياً أَي طلبتُ إِليه أَن ينظر في أَمري

فيَستخرج رَأْياً أَمضي عليه.

ووَرَّيْتُ الخَبر: جعلته ورائي وسَتَرْته؛ عن كراع، وليس من لفظ وراء

لأَن لام وراء همزة. وفي الحديث: أَن النبي،صلى الله عليه وسلم، كان إِذا

أَراد سَفَراً ورَّى بغَيْرِه أَي سَتَرَه وكَنى عنه وأَوْهَمَ أَنه يريد

غيره، وأَصله من الوراء أَي أَلقَى البَيانَ وراءَ ظهره. ويقال:

وارَيْته ووَرَّيْتُه بمعنى واحد. وفي التنزيل العزيز: ما وُرِيَ عنهما؛ أَي

سُتِرَ على فُوعِلَ، وقرئَ: وُرِّي عنهما، بمعناه. ووَرَّيْتُ الخبر

أُوَرِّيه تَوْرِيةً إِذا سترته وأَظهرت غيره، كأَنه مأْخوذ من وَراء الإِنسان

لأَنه إِذا قال وَرَّيته فكأَنه يجعله وراءه حيث لا يظهر. والوَرِيُّ:

الضَّيْفُ. وفلان وَرِيُّ فلا أَي جارَه الذي تُوارِيه بيُوته وتستره؛ قال

الأَعشى:

وتَشُدُّ عَقْدَ وَرِيَّنا

عَقْدَ الحِبَجْرِ على الغِفارَهْ

قال: سمي وَرِيّاً لأَن بيته يُوارِيه. ووَرَّيْتُ عنه: أَرَدْتُه

وأَظهرت غيره، وأَرَّيت لغة، وهو مذكور في موضعه. والتَّوْرِيةُ: الستر.

والتَّرِيَّةُ: اسم ما تَراه الحائض عند الاغتسال، وهو الشيء الخفي

اليسير، وهو أَقل من الصُّفْرة والكُدرة، وهو عند أَبي علي فَعِيلة من هذا

لأَنها كأَنَّ الحيضَ وارَى بها عن مَنْظَره العَيْن، قال: ويجوز أَن يكون

من ورَى الزندُ إِذا أَخرج النارَ، كأَن الطُّهر أَخرجها وأَظْهَرها

بعدما كان أَخْفاها الحَيْضُ.

ووَرَّى عنه بصَرَه ودَفَع عنه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:

وكُنْتُمْ كأُمٍّ بَرّةٍ ظَعَنَ ابنُها

إِليها، فما وَرَّتْ عليهِ بساعِدِ

ومِسْكٌ وارٍ: جيّد رفِيع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:

تُعَلُّ بالجادِيِّ والمِسْكِ الوارْ

والوَرَى: الخَلْق. تقول العرب: ما أَدري أَيُّ الوَرَى هو أَي أَيُّ

الخلق هو؛ قال ذو الرمة:

وكائنْ ذَعَرْنا مِن مَهاةٍ ورامحٍ،

بِلادُ الوَرَى ليستْ له ببِلادِ

قال ابن بري: قال ابن جني لا يستعمل الوَرَى إِلاَّ في النفي، وإِنما

سَوَّغ لذي الرمة استعماله واجباً لأَنه في المعنى منفي كأَنه قال ليست

بِلادُ الوَرَى له بِبِلاد.

الجوهري: ووَراء بمعنى خَلْف، وقد يكون بمعنى قُدَّام، وهو من الأَضداد.

قال الأَخفش: لَقِيتُه من وَراءُ فترفعه على الغاية إِذا كان غير مضاف

تجعله اسماً، وهو غير متمكن، كقولك مِنْ قَبْلُ ومن بَعْدُ؛ وأَنشد

لعُتَيِّ بن مالك العُقَيْلي:

أَبا مُدْرِك، إِنَّ الهَوَى يومَ عاقِلٍ

دَعاني، وما لي أَنْ أُجِيبَ عَزاءُ

وإِنَّ مُرورِي جانِباً ثم لا أَرى

أُجِيبُكَ إِلاَّ مُعْرِضاً لَجَفاءُ

وإِنَّ اجتِماعَ الناسِ عندِي وعندَها،

إِذا جئتُ يَوْماً زائراً، لَبَلاءُ

إِذا أَنا لم أُومَنْ عليكَ، ولم يَكُنْ

لِقاؤُكَ إِلاَّ مِنْ وَراءُ وراءُ

وقولهم: وراءَكَ أَوسَعُ، نصب بالفعل المقدَّر وهو تأَخَّرْ. وقوله عزَّ

وجل: وكان وَراءَهُم مَلِكٌ؛ أَي أَمامَهم؛ قال ابن بري: ومثله قول

سَوَّار ابن المُضَرِّب:

أَيَرْجُو بَنُو مَرْوانَ سَمْعي وطاعَتي،

وقَوْمِي تَمِيمٌ والفَلاةُ وَرائيا؟

وقول لبيد:

أَليسَ وَرائي، إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي،

لزُومُ العَصا تُثْنى عليها الأَصابِعُ؟

وقال مرقش:

ليسَ على طُولِ الحَياةِ نَدَم،

ومِنْ وراءِ المَرْءِ ما يَعْلَم

أَي قُدَّامُه الشّيْبُ والهَرَمُ؛ وقال جرير:

أَتُوعِدُني وَرَاءَ بَني رَباحٍ؟

كَذَبْتَ، لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دوني

قال: وقد جاءت وَرا مقصورة في الشعر؛ قال الشاعر:

تَقاذَفَه الرُّوَّادُ، حتى رَمَوْا به

ورَا طَرَفِ الشامِ البِلادَ الأَباعِدا

أَراد وَراءَ، وتصغيرها وُرَيِّئَةٌ، بالهاء، وهي شاذة. وفي حديث

الشفاعة: يقول إِبراهيمُ إِنِّي كنتُ خَليلاً من وَراءَ وراء؛ هكذا يروى

مبنيّاً على الفتح، أَي من خَلف حِجابٍ؛ ومنه حديث مَعْقِل: أَنه حدَّث ابنَ

زِياد بحديث فقال أَشيءٌ سمعتَه من رسول الله،صلى الله عليه وسلم، أَو مِن

وَراءَ وَراء أَي ممن جاءَ خَلْفَه وبعدَه. والوَراءُ أَيضاً: ولد الولد.

وفي حديث الشعبي: أَنه قال لرجل رأَى معه صبيّاً هذا ابنك؟ قال: ابن

ابني، قال: هو ابنُك من الوَراء؛ يقال لولد الولد: الوَراءُ، والله

أَعلم.

وري
: (ي ( {الوَرْيُ) ، بِالسُّكُونِ: (قَيْحٌ) يكونُ (فِي الجَوْفِ، أَو قَرْحٌ شديدٌ يُقاءُ مِنْهُ القَيْحُ والدَّمُ) . وحَكَى اللَّحْياني عَن العَرَبِ: تقولُ للبَغِيضِ إِذا سَعَلَ:} وَرْياً وقُحاباً، وللحَبيبِ إِذا عَطَسَ: رَعْياً وشَباباً؛ وأَنْشَدَ اليَزِيدِي:
قَالَت لَهُ وَرْياً إِذا تَنَحْنَحا وَقد ( {وَرَى القَيْحُ جَوْفَه، كوَعَى) ،} يَرِيه {وَرْياً: (أَفْسَدَهُ) ، وَفِي الصِّحاح: أَكَلَه، وَمِنْه الحديثُ: (لأَنْ يَمْتَلِىءَ جَوْفُ أَحَدِكُم قَيْحاً حَتَّى} يَرِيَه خَيْرٌ لَهُ مِن أَنْ يَمْتَلِىءَ شِعْراً) .
قَالَ الأصْمعي: أَي حَتَّى يَدْوَى جَوْفُه.
قَالَ الجَوْهرِي: نقولُ مِنْهُ {رِ يَا رَجُل،} وَرِيا للاثْنَين، وللجماعَةِ! رُوا، وللمرأَةِ {رِي، وَلَهُمَا} رِيا، ولهُنّ {رِينَ.
(و) } وَرَى (فلانٌ فلَانا: أَصابَ رِئَتَهُ) فَهُوَ {مَوْرِيٌّ، وَبِه فَسَّر بعضٌ الحديثَ أيْضاً، والمَعْنى: حَتَّى يُصِيبَ رِئَتَه، وأَنْكَرَه آخَرُونَ، وَقَالُوا: الرِّئَةُ مَهْموزَةٌ.
وَقَالَ الأزْهري: الرِّئَةُ أَصْلُها مِن وَرَى، وَهِي مَحْذوفَةٌ مِنْهُ؛ قالَ: والمَشْهورُ فِي الرِّوَايةِ الهَمْز؛ وأَنْشَدَ الجَوْهرِي لعَبْد بَني الحَسْحَاس:
} ورَاهُنَّ رَبِّي مِثْلَ مَا قد {وَرَيْنَنِي
وأَحْمَى على أَكْبادِهِنَّ المَكاوِيا (و) } وَرَتِ (النَّارُ) {تَرِي (} وَرْياً {ورِيَةً) حَسَنَةً: (اتَّقَدَتْ.
(و) } وَرَتِ (الإِبِلُ) {وَرْياً: (سَمِنَتْ، وكَثُرَ شَحْمُها ونِقْيُها) ، فَهِيَ} وَارِيَةٌ؛ ( {وأَوْرَاها السِّمَنُ) ؛ وأَنْشَدَ أَبو حنيفَةَ:
وكانَتْ كِنازَ اللَّحمِ} أَوْرَى عِظَامَها
بوَهْبين آثارُ العِهادِ البَواكِر ( {والوَارِيةُ: داءٌ) يأْخُذُ (فِي الرِّئَةِ) يأْخُذُ مِنْهُ السُّعالُ فيَقْتُل صاحِبَه (وليسَتْ من لَفْظِها) ، أَي الرِّئَةِ.
(} والوَارِي: الشَّحْمُ السَّمِينُ) ، صفَةٌ غالبَةٌ ( {كالوَرِيِّ) ، كغَنِيَ ويقالُ:} الوَارِي السَّمِينُ مِن كلِّ شَيْء.
ولَحْمُ! وَرِيٌّ: أَي سَمِينٌ، وأنْشَدَ الجَوْهرِي للعجَّاج:
يأْكُلْنَ مِن لَحْمِ السَّدِيفِ الوَارِي قالَ ابنُ برِّي: وَالَّذِي فِي شِعْره:
وانْهَمَّ هامُومُ السَّدِيفِ الوَارِي
عَن جَرَزٍ مِنْهُ وجَوْزٍ عارِيوقد تقدَّمَ فِي الزَّاي. ( {ووَرَى الزَّنْدُ، كوَعَى ووَلِيَ) ؛ نقَلَ اللُّغَتَيْن الجَوْهرِي؛ (} وَرْياً) ، بِالْفَتْح، ( {ووُرِيّاً) ، كعُتِيَ، (} ورِيَةً) ، كعِدَةٍ، (فَهُوَ {وارٍ} ووَرِيٌّ: خَرَجَتْ نارُهُ) .
وَفِي المُحْكم: اتَّقَدَ.
وسِياقُ المصنِّف، فِي ذِكْرِ الفِعْلَيْن المَذْكُورَيْن مُوافِقٌ للجَوْهرِي حيثَ قالَ: {وَرَى الزَّنْدُ، بِالْفَتْح،} يَرِي {وَرْياً إِذا خَرَجَتْ نارُهُ، قالَ: وَفِيه لُغَةٌ أُخْرَى} وَرِيَ الزَّنْدُ {يَرِي؛ بالكَسْر فيهمَا.
وَهَكَذَا هُوَ فِي المُحْكم أَيْضاً إلاَّ أَنَّه زادَ فِعْلاً ثَالِثا فقالَ:} ووَرِي {يَوْرَى أَي مِثْل وَجَل يَوْجَل، وأَنْشَدَ:
وَجَدْنا زَنْدَ جَدِّهمِ} ورِيّاً
وزَنْدَ بَني هَوازِنَ غَيْرَ {وارِي وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
أُمُّ الهنَيَيْنِ من زَنْدٍ لَهَا واري ويقالُ الزَّنْدُ الواري الَّذِي نَخْرُجُ نارهُ سَرِيعا (} وأَوْرَيْتُه أَنا (و) كَذَلِك.
( {ورَّيْتُهُ} تَوْريةً ( {واسْتَوّريْتُه) كل ذلكَ فِي الصِّحاحِ وَالْمعْنَى أثقبته وَمِنْه فلَان} يستوري زِنَاد الضَّلَالَة وأنْشَدَ ابنُ برِّي شَاهدا {لأَوْرَيْتَه لشاعرٍ:
وأطْفِ حَدِيث السُّوء بِالصَّمْتِ إِنَّه
مَتى} تُورِ نَارا للعتاب تأجَّجا ( {ووَرْيةُ النَّارِ} ورِيَتُها) ، كعِدَةٍ: (مَا {تُورَى بِهِ مِن خِرْقَةٍ أَو حَطَبَةٍ) ، كَذَا فِي النّسخ والصَّوابُ أَو عُطْبَةٍ، وَهِي القطنةُ؛ وَقَالَ الطِّرمَّاح يصِفُ أرْضاً جَدْبَةً لَا نَباتَ فِيهَا:
كظَهْرِ اللأَى لَو يَبْتَغِي} رِيةً بهَا
لعَيَّتْ وشَقَّتْ فِي بُطونِ الشَّواجنِأَي هَذِه الصَّحْراء كظَهْرِ بَقَرةٍ وَحْشِيَّةٍ ليسَ فِيهَا أَكَمَة وَلَا وَهْدَة. وَقَالَ الأزْهري: {الرِّية مَا جَعَلْته ثَقُوباً من خَثًى أَو رَوْثٍ أَو ضَرَمةٍ أَو حَشِيشَةٍ.
وَفِي الأساس: هَل عنْدَكِ} رِيةً؟ : أَي شيءٌ تُورَى بِهِ النَّار من بَعْرةٍ أَو قطْنةٍ، انتَهَى.
وَقَالَ أَبُو حنيفَةَ: الرِّيةُ كلُّ مَا {أَوْرَيْتَ بِهِ النَّار مِنْ خِرْقِةٍ أَو عُطْبةٍ أَو قِشْرةٍ؛ وحُكِي ابِغْنِي} رِيةً أَرِي بهَا نارِي.
قَالَ ابنْ سِيدَه: وَهَذَا كُلّه على القَلْبِ عَن وِرْيةٍ وإنْ لم نَسْمَع بوِرْيةٍ.
(والــتَّوْراةُ: تَفْعَلَةٌ مِنْهُ) ، عنْدَ أبي العبَّاس ثَعْلَب، وَهُوَ مَذْهَب الكُوفِيِّين مِن وَرَيْت بك زِنادِي لأنَّه إضاءَةٌ؛ وَعند الفارِسية فَوْعَلة، قالَ: لقِلَّة تَفْعَلة فِي الأسْماءِ وكَثْرةِ فَوْعَلة؛ وتاؤُها عَن وَاو لأنَّها مِن {وَرَى الزَّنْد إِذْ هِيَ ضِياءٌ مِن الضّلال، وَهَذَا مَذْهَبُ سِيْبَوَيْه والبَصْرِيِّين وَعَلِيهِ الجُمْهور؛ وقيلَ مِن} وَرَّى أَي عَرَّض، لأنَّ أَكْثَرها رُموزٌ، كَمَا عَلَيْهِ مدرجُ السَّدُوسِي.
وسأَلَ محمدُ بنُ طاهِرٍ ثَعْلباً والمبرِّدَ عَن وَزْنِها فوَقع الخِلافُ بَيْنهما، والمصنِّفُ اخْتارَ قولَ الكُوفِيِّين وَهُوَ غَيْرُ مرضى.
وَقَالَ الفرَّاء فِي كتابِ المَصادِرِ: الــتَّوراةُ مِن الفِعْل التَّفْعِلة كأنَّها أُخِذَتْ مِن! أَوْرَيْتُ الزِّناد ووَرَّيْتُم، فتكونُ تَفْعِلة فِي لُغَةِ طيِّىءٍ لأنَّهم يقولونَ فِي التَّوصِيةِ تَوْصاةٌ وللجاريَةِ الجارَاةُ وللنَّاصِيةِ النَّاصاةُ.
وَقَالَ أَبو إسْحق الزجَّاج: قالَ البَصْريون: تَوْراةٌ أَصْلُها فَوْعَلةُ، وفَوْعَلة كَثيرٌ فِي الكَلامِ مِثْلُ الحَوْصَلَة والدَّوْخَلة، وكلُّ مَا قُلْت فِيهِ فَوْعَلْتُ فمَصْدَرُه فَوْعَلةٌ، فالأصْلُ عنْدَهُم وَوْراةٌ، قُلِبَتِ الواوُ الأُولى تَاء كَمَا قُلِبَتْ فِي تَوْلَج، وإنَّما هُوَ فَوْعَل من وَلَجْت، ومِثْلُه كثيرٌ.
ونقلَ شيْخُنا المَذْهَبَيْن واخْتِلافَ وَزْن الكَلمةِ عنْدَهما وقالَ فِي آخِره مَا نَصّه: وَقد تَعَقَّبَ المُحقِّقونَ كَلامَهم بأَسْرِه وَقَالُوا هُوَ لَفْظٌ غَيْر عَرَبيَ، بل هُوَ عبْراني اتِّفاقاً، وَإِذا لم يكُنْ عَربيّاً فَلَا يُعْرَفُ لَهُ أَصْلٌ مِن غَيره، إلاَّ أَنْ يقالَ إنَّهم أَجْروه بَعْد التَّعْريبِ مُجْرى الكَلِم العَرِبيَّةِ وتَصَرَّفوا فِيهِ بِمَا تَصَرَّفوا فِيهَا، واللهاُ أَعْلَم.
( {وورَّاهُ} تَوْرِيةً: أَخْفاهُ) وسَتَرَهُ، ( {كوَارَاهُ) } مُواراةً. وَفِي الكتابِ العزيزِ: {مَا {ووُرِيَ عَنْهُمَا} ، أَي سُتِرَ على فَوْعِل وقُرىء:} وُرِّي عَنْهُمَا، بمعْناهُ.
(و) {وَرَّى (الخَبَرَ) } تَوْريَةً: سَتَرَهُ وأَظْهرَ غَيْرَه، كأنَّه مَأْخوذٌ مِن وَراء الإِنْسانِ لأنَّه إِذا قالَ وَرَّاه كأَنَّه (جَعَلَه وَراءَهُ) حيثُ لَا يَظْهَرُ؛ كَذَا فِي الصِّحاح.
وَقَالَ كُراعٌ: ليسَ مِن لَفْظِ وَراء لأنَّ لامَ وَرَاء هَمْزةٌ.
(و) وَرَّى (عَن كَذَا: أَرادَهُ، وأَظْهَرَ غَيْرَه) ؛ وَمِنْه الحديثُ: (كانَ إِذا أَرادَ سَفَراً وَرَّى بغَيْرِه) ، أَي سَتَرَه وكَنى عَنهُ وأَوْهَمَ أَنَّهُ يُريدُ غَيْرَه؛ وَمِنْه أَخَذَ أَهْلُ المَعاني والبَيان، {التَّوْرِيَة.
(و) } وَرَّى (عَنهُ بَصَرَه) ؛ إِذا (دَفَعَه) ؛ هَكَذَا فِي النسخِ وَهُوَ غَلَطٌ، صَوابُه: وَرَّى عَنهُ {تَوْرِيَةً نَصَرَه ودَفَعَه عَنهُ؛ وَهُوَ نَصُّ ابنِ الأعْرابي؛ وَمِنْه قولُ الفَرَزْدق:
فَلَو كنت صُلْبَ العُودِ أَو ذَا حَفِيظةٍ
} لَوَرَّيْتَ عَن مَوْلاكَ والليلُ مُظْلِمُيقولُ: نَصَرْتَه ودَفَعْتَ عَنهُ.
( {وتَوَارَى) الرَّجُلُ: (اسْتَتَرَ) واخْتَفَى.
(} والتَّرِيَّةُ، كغَنِيَّةٍ) : اسْمُ (مَا تَراهُ الحائِضُ عنْدَ الاغْتِسالِ، وَهُوَ الشَّيءُ الخَفِيُّ اليَسِيرُ) ، وَهُوَ (أَقَلُّ من الصُّفْرَةِ والكُدْرَةِ) ، وَهُوَ عنْدَ أَبي عليَ فَعِيلةٌ مِن هَذَا، لأنَّها كأَنَّ الحَيْضَ وَارَى بهَا عَن مَنْظِر العَيْن، قالَ ويجوزُ أَنْ تكونَ مِن ورى الزِّنادُ إِذا أَخْرَجَ النارَ، كأَنَّ الطّهْرَ أَخْرَجَها وأَظْهَرَها بعْدَما كانَ أَخْفاها الحَيْض.
قُلْتُ: وَقد تقدَّمَ ذِكْرُه فِي رَأى فرَاجِعْه.
(ومِسْكٌ {وارٍ: رفِيعٌ جدّاً) ؛ كَذَا فِي النسخِ والصَّوابُ رفِيعٌ جَيِّدٌ؛ وَفِي نَصّ النّوادِرِ لابنِ الأعْرابي: جَيِّدٌ رفِيعٌ وأَنْشَدَ:

تطرُّ بالجادِيِّ والمِسْكِ} الوَارْ (! والوَرَى، كفَتًى: الخَلْقُ) ، مَقْصورٌ يُكْتَبُ بالياءِ. يقالُ: مَا أَدْري أَيَّ {الوَرَى هُوَ، أَي أَيّ الخَلْقِ، وأَنْشَدَ ابنُ سِيدَه والقالِي لذِي الرُّمّة:
وكائنْ ذَعَرْنا مِن مَهاةٍ ورامحٍ
بِلادُ الوَرَى ليسَتْ لَهُ ببِلادِقال ابنُ برِّي: قَالَ ابنُ جنِّي: لَا يُسْتَعْملُ الوَرَى إلاَّ فِي النَّفْي، وَإِنَّمَا سَوَّغ لذِي الرُّمَّة اسْتِعْماله وَاجِبا لأنَّه فِي المَعْنى مَنْفيٌّ كأنَّه قالَ ليسَتْ بِلادُ الوَرَى لَهُ ببِلاد.
(} وَوَرَاءَ، مُثَلَّثَةَ الآخِرِ مَبْنِيَّةً، {والوَراءُ مَعْرِفَةً، يكونُ) بمعْنَى (خَلْفَ) ، قد يكونُ بمعْنَى (قُدَّامَ) ، فَهُوَ (ضِدٌّ) ؛ كَمَا فِي الصِّحاحِ.
وقولهُ تَعَالَى: {كانَ} وَرآءهُم مَلِكٌ} ، أَي أَمامَهم، وأنْشَدَ ابنُ برِّي لسَوَّارِ بنِ المُضَرِّب:
أَيَرْجُو بَنُو مَرْوانَ سَمْعي وطاعَتِي
وقَوْمِي تَمِيمٌ والفَلاةُ {وَرائِيا؟ أَي أَمامِي.
وقالَ لبيدٌ:
أَليسَ} وَرائِي إنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي
لُزُومُ العَصا تُثْنى عَلَيْهَا الأصابِعُ؟ أَي أَمامِي.
وقالَ مُرَقّش:
ليسَ على طُولِ الحَياةِ نَدَمْ
ومِنْ! وَراءِ المَرْءِ مَا يَعْلَمأَي قُدَّامُه الشَّيْبُ والهَرَمْ.
وَقَالَ جَريرِ:
أَتُوعِدُني وَرَاءَ بَني رَباحٍ؟
كَذَبْتَ لَتَقْصُرَنَّ يَدَاكَ دُونيقالَ الجَوْهرِي: قالَ الأخْفَش: يقالُ لَقِيتُه مِن وَراءُ فتَرْفعُه على الغايَةِ إِذا كانَ غَيْرَ مُضافٍ تَجْعَلُه اسْماً، وَهُوَ غَيْر مُتَمَكّن، كَقَوْلِك مِنْ قَبْلُ ومِن بَعْدُ، وأَنْشَدَ لعُتَيِّ بنِ مالِكٍ العُقَيْلي:
إِذا أنَا لم أُومَنْ عليكَ وَلم يَكُنْ
لِقاؤُكَ إلاَّ مِنْ وَراءُ وَراءُوقولُهم: {وَراءَك أَوْسَعُ، نُصِبَ بالفِعْل المُقَدَّرِ، أَي تَأَخَّر، انتَهَى.
وَفِي حديثِ الشَّفاعَةِ: (يقولُ إبراهيمُ إنِّي كنتُ خَلِيلاً مِن وَراءَ} وَراءَ) ، هَكَذَا يقالُ مَبْنيّاً على الفَتْح، أَي مِن خَلْف حِجابٍ.
وَفِي الأساس: قيلَ للمُخَبَّل: قاوِمِ الزِّبْرقان، فقالَ: هُوَ أَنْدَى مني صَوْتاً وأَكْثَرُ رِيقاً، وَلَا أَقومُ لَهُ بالمُواجَهَةِ ولكنْ دَعوني أُهادِيه الشِّعْرَ مِن وَراءُ وَراءُ.
(أوَّ لَا) أَي ليسَ بضِدَ، (لأنَّه بمعْنًى) واحِدٍ، (وَهُوَ مَا {تَوارَى عَنْك) يكونُ خَلْف ويكونُ قُدَّام وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الزجَّاج والآمِدِي فِي المُوازَنةِ.
وَقد ذَكَرَ المصنّفُ هَذَا اللَّفْظ فِي المَهْموزِ وجَزَمَ بأنَّه مَهْموزُ. وَوهم الجَوْهرِي فِي ذِكْره هُنَا، وتَراهُ قد تَبِعَه من غَيْرِ تَنْبِيه عَلَيْهِ، وَهُوَ غَرِيبٌ وجَزَمَ هُنَاكَ بالضِّدِيَّة كالجَوْهرِي، وَهنا ذَكَرَ القَوْلَيْن وذَكَرَ هُنَاكَ تَصْغيرَ وَراء وأَهْمَلَه هُنَا، وَهُوَ قُصُورٌ لَا يَخْفى، ثُم قولهُ: لأنَّه بمعْنًى وَهُوَ مَا تَوارَى عَنْك، فِيهِ تأمّل. وَالَّذِي صَرَّح بِهِ المُحقِّقون أنَّه فِي الأصْلِ مَصْدَر جُعِلَ ظَرْفاً فقد يُضافُ إِلَى الفاعِلِ فيُرادُ بِهِ مَا يُتوارَى بِهِ وَهُوَ خَلْف، وَإِلَى المَفْعولِ فيُرادُ بِهِ مَا يُواريه وَهُوَ قُدَّام، فانَظُر ذَلِك.
(} والوَراءُ أَيْضاً: وَلَدُ الوَلَدِ) ، سَبَقَ ذِكْرُه فِي الهَمْزِ، وَبِه فَسَّر الشَّعْبي قولَه تَعَالَى: {ومِن {وَراء إسْحق يَعْقوبِ} وَفِي حديثِه: أنَّه رأَى مَعَ رجُلٍ صَبِيّاً فقالَ: هَذَا ابْنُك؟ قالَ: ابنُ ابْني، قالَ: هُوَ ابْنُكِ مِن الوَرَاءِ.
(} ووَرِيَ المُخُّ، كوَلِيَ) {يَرِي} وَرْياً: (اكْتَنَزَ) ؛ نقلَهُ الجَوْهرِي.
وَفِي الأساس: {وَرَى النِّقْيُ} وَرْياً: خَرَجَ مِنْهُ وَدَكٌ كثيرٌ؛ وَهُوَ مجازٌ.
وممَّا يُسْتدرَكُ عَلَيْهِ:
{الوَرَى، كفَتًى: داءٌ يصيبُ الرَّجُلَ والبَعيرَ فِي أجْوافِهِما، مَقْصورٌ يُكْتَبُ بالياءِ.
يقالُ فِي دُعاءٍ للعَرَبِ بِهِ الوَرَى وحُمَّى خَيْبَر وشَرُّ مَا يُرَى فإنَّه خَنْسَرَى؛ وكانَ أبَو عَمرو الشَّيْباني والأصْمعي يَقُولَانِ: لَا نَعْرِفُ الوَرَى من الدَّاءِ، بفَتْح الرَّاء، وإنَّما هُوَ} الوَرْيُ، بِتَسْكين الرَّاء.
وقالَ أَحمدُ بنُ عُبيدٍ: الدَّاءُ هُوَ الوَرْيُ، بتَسْكِين الراءِ، فصُرِفَ إِلَى الوَرَى.
وَقَالَ ثَعْلب: هُوَ بالتَّسْكِين المَصْدَر، وبالفَتْح الاسْم.
وقالَ يَعْقوب: إنَّما قَالُوا الوَرَى للمُزاوَجَةِ، وَقد يقولونَ فِيهَا مَا لَا يقولونَ فِي الإفْرادِ؛ كلُّ ذلكَ نقلَهُ القالِي ومِثْله للأزْهرِي.
وَقد {وُرِيَ الرَّجلُ فَهُوَ} مَوْرُوٌّ، وبعضُهم يقولُ: {مَوْرِيٌّ.
ويقالُ: وَرَّى الجُرْحَ سابرَه} تَوْرِيَةً: أَصابَهُ {الوَرْيُ؛ قَالَ العجَّاج:
عَن قُلُبٍ ضُجْمٍ} تُوَرِّي مَنْ سَبَرْ كأنَّه يُعْدِي من عِظَمِه ونُفور النَّفْسِ عَنهُ؛ كَذَا فِي الصِّحاح.
قُلْتُ: هَكَذَا أَنْشَدَه الأصْمعي للعجَّاج يَصِفُ الْجِرَاحَات وصَدْرُه:
بَينَ الطِّراقَيْنِ ويَفْلِينَ الشَّعَرْ أَي إنْ سَبَرها إنْسانٌ أَصابَهُ مِنْهُ {الوَرْيُ من شِدَّتِها.
وقالَ ابنُ جَبَلة: سَمِعْتُ ابنَ الأعْرابِي يقولُ فِي قولهِ} تُوَرِّي مَنْ سَبَرَ؛ أَي تَدْفَع، يقولُ: لَا يَرى فِيهَا عِلاجاً مِن هَوْلِها فمنَعَه ذلكَ مِن دَوائِها.
وقَلْبٌ {وارٍ: تَغَشَّى بالشَّحْم والسِّمَن؛ وأَنْشَدَ شمِرٌ فِي صفَةِ قِدْرٍ:
ودَهْماءَ فِي عُرْضِ الرُّواقِ مُناخةٍ
كَثيرةِ وذْرِ اللحْمِ وارِيةِ القَلْبِ} ووَرَّاهُ {تَوْريَةً: مَرَغَهُ فِي الدُّهْنِ، كأَنَّه مَقْلوبُ رَوَّاهُ تَرْوِيَةً.
} ووَرِيَتِ الزِّنادُ {تَرِي، بِالْكَسْرِ فيهمَا، صارَتْ} وارِيةً؛ عَن أَبي حنيفَةَ.
{ووَرِيَتْ} تَوْرَى اتَّقَدَتْ، عَن أَبي الهَيْثم.
وَهُوَ كَثيرُ الرّمادِ {وارِي الزِّناد.
ويقالُ: هُوَ} أَوْراهُمْ زَنْداً؛ يُضْرَبُ مَثَلاً لنَجاحِهِ وظَفَرِه.
ويقالُ لِمَنْ رامَ أَمْراً فأَدْرَكَه: إنَّه لوَارِي الزِّنْدِ.
وَفِي حديثِ عليَ: (حَتَّى {أَوْرَى قَبَساً لقابِسٍ) ، أَي أَظْهَرَ نُوراً مِن الحقِّ لطالِبي الهُدَى.
} واسْتَوْرَيْتُه رأْياً: سأَلْته أَنْ يَسْتَخْرجَ لي رأْياً أَمضِي عَلَيْهِ، وَهُوَ مجازٌ؛ كَمَا يقالُ أَسْتَضِيءُ برأْيِه.
{وورَيْته} وأَوْرَيْته وأَوْرَأْته: أَعْلَمْته؛ وأَصْلُه من {وَرَى الزَّنْدُ إِذا زهرت نارُها، وَمِنْه قولُ لبيدٍ:
تَسْلُبُ الكانِسَ لم} يُورَ بهَا
شُعْبةُ الساقِ إِذا الظِّلُّ عَقَلْأَي لم يَشْعُرْ بهَا، وَقد تقَّدمَ ذلكَ فِي الهَمْزة.
{وورى الثَّوْرُ الوَحْشِيُّ الكَلْبَ: طَعَنَه بقَرْنِه.
} ووُري الكَلْبُ {وَرْياً: سَعَرَ أَشَدّ السّعارِ؛ نقَلَهُما ابنُ القطَّاع.
} والوَرِيُّ، كغَنِيَ: الضَيْفُ.
وَهُوَ {وَرِيُّ فلانٍ: أَي جارُهُ الَّذِي} تُوارِيه بُيوته وتَسْترُه؛ قَالَ الأعْشى:
وتَشُدُّ عَقْدَ {وَرِيِّنا
عَقْدَ الحَبَجْرِ على الغِفارَهْ ويقالُ:} الوَرِيُّ الجارُ الَّذِي {يوري لكَ النَّارَ} وتوري لَهُ.
{ووَرَّى عَلَيْهِ بساعِدِه} تَوْرِيَةً: نَصَرَهُ، عَن ابْن الأعْرابي.
{وتَوَرَّى: اسْتَثَرَ.
وتقولُ:} أَوْرِنِيه بمعْنَى أَرِنِيه، وَهُوَ مِن الوَرْي أَي أَبْرِزْه لي؛ نقلَهُ الزَّمَخْشري.
! ووراوِي، بكسْر الواوِ الثانيةِ: بلَيْدةٌ بينَ أَرْدَبِيل وتَبْرِيز، عَن ياقوت.
(وزى:) وَهَكَذَا فِي النّسخ وكأَنَّه اغْتَرّ بِمَا فِي نسخِ الصِّحاح مِن كتابَةِ الوَزَا بالألفِ فحسبَ أَنَّه واوِيُّ، وَقد صَرَّحَ ابنُ عُدَيْس وغيرُهُ مِن الأئِمَّة نقلا عَن البَطْلِيوسَي أَنَّ الوَزَى يُكْتَبُ بالياءِ لأنَّ الفاءَ واللامَ لَا يَكونانِ واواً فِي حَرْفِ واحِدٍ، كَمَا كَرِهوا أَنْ تكونَ العَيْنُ واللامُ واواً فِي مِثْل قَوَوْت مِن القُوَّةِ فرَدُّوه إِلَى فَعَلْت فَقَالُوا قَوَيْت فتأَمَّل ذلكَ.
(وري) الزند (يورى) وريا ووريا ورية ورى فَهُوَ وار ووري وَالنَّار ورت والمخ (يرى) وريا اكتنز والشحم ورى كثر ودكه

(وري) الْكَلْب وريا سعر أَشد السعار
وري: {تورون}: تستخرجون بقدحكم من الزنود {توراة}: ضياء ونور. أصلها على قول البصريين وورية وزنها فوعلة والتاء بدل من الواو.

الإنجيل

الإنجيل
كتاب أنزله الله - سبحانه وتعالى - على عيسى بن مريم - عليهما السلام -.
وذكر في (المواهب) : أنه أنزل باللغة السريانية، وقرئ على: سبع عشرة لغة.
وفي (البخاري)، في قصة ورقة بن نوفل، ما يدل على أنه كان بالعبرانية.
وعن وهب بن منبه: أنزل الإنجيل على عيسى - عليه السلام - لثلاث عشرة ليلة، من رمضان، على ما في (الكشاف).
وقيل: لثمان عشرة ليلة خلت منه، بعد الزبور بألف عام، ومائتي عام.
واختلف في: أنه هل نسخ حكم الــتوراة؟ فقيل: إن عيسى - عليه السلام - لم يكن صاحب شريعة، لما جاء لتبديل شرع موسى - عليه السلام -، بل لتكميله.
لكن في (أنوار التنزيل) : ما يدل على أن شرعه ناسخ لشرع موسى - عليه السلام -، لأنه أتى بما لم يأته موسى - عليه السلام -.
وأول الإنجيل: (باسم الأب والابن... الخ).
والذي بأيديهم: إنما هو سيرة المسيح، جمعها أربعة من أصحابه وهم:
متى.
ولوقا.
ومارقوس.
ويوحنا.
قال صاحب (تحفة الأريب، في الرد على أهل الصليب) : وهؤلاء الذين أفسدوا دين عيسى - عليه السلام - وزادوا، ونقصوا، وليسوا من الحواريين الذين أثنى الله - تعالى - عليهم في القرآن.
أما متى: فما أدرك عيسى، ولا رآه قط، إلا في العام الذي رفعه الله - تعالى - إليه، وبعد أن رفع، كتب متى الإنجيلَ بخطه، في مدينة الإسكندرية، وأخبر فيه بمولد عيسى - عليه السلام -، وسيرته، وغيره لم يذكر ما ذكره.
وأما لوقا: فلم يدرك عيسى - عليه السلام -، ولا رآه البتة، وإنما تنصر بعده على يد بولص، معرب: باولوس الإسرائيلي، وهو أيضا لم يدرك عيسى - عليه السلام -، بل تنصر على يد أنانيا.
وأما ماركوس: فما رأى عيسى - عليه السلام - قط، وكان تنصره بعد الرفع، وتنصر على يد بترو الحواري، وأخذ عنه الإنجيل، بمدينة رومة، وخالف أصحابه الثلاثة، في مسائل جمة.
وأما يوحنا: فهو ابن خالة عيسى - عليه السلام -، وزعم النصارى: أن عيسى - عليه السلام -، حضر عرس يوحنا، وأراه حول الماء خمرا، وهو أول معجزة ظهرت له، فلما رآه ترك زوجته، وتبع عيسى - عليه السلام - في دينه، وسياحته، وهو: الرابع ممن كتب الإنجيل، لكنه كتبه بالقلم اليوناني، في مدينة أفسوس.
وهؤلاء الأربعة: الذين جعلوا الإنجيل أربعة، وحرفوها، وبدلوها، وكذبوا فيها.
وأما الذي جاء به عيسى - عليه السلام - إلا إنجيل واحد، لا تدافع فيه، ولا اختلاف، وهؤلاء كذبوا على الله - سبحانه وتعالى -، وعلى نبيه عيسى - عليه السلام -، وما هو معلوم والنصارى على إنكاره.
فأما كذبهم: فمنه ما قال ماركوس في الفصل الأول من إنجيله: أن في كتاب إشعيا النبي عن الله - تعالى - يقول: إني بعثت ملكي أمام وجهك، يريد وجه عيسى - عليه السلام -، وهذا الكلام لا يوجد في كتاب إشعيا، وإنما هو في كتب ملخيا النبي.
ومنه ما حكى متى، في الفصل الأول، بل الثالث عشر، من إنجيله: أن عيسى - عليه السلام - قال: يكون جسدي في بطن الأرض ثلاثة أيام، وثلاث ليال بعد، موتي كما لبث يونس في بطن الحوت، وهو من صريح الكذب.
لأنه وافق أصحابه الثلاثة: أن عيسى - عليه السلام - مات في الساعة السادسة من يوم الجمعة، ودفن في أول ساعة من ليلة السبت، وقام من بين الموتى في صبيحة يوم الأحد، فبقي في بطن الأرض يوما واحدا، وليلتين.
ولا شك في كذب هؤلاء الذين كتبوا الأناجيل، في هذه المسألة، لأن عيسى - عليه السلام - لم يخبر عن نفسه، ولا أخبر الله - سبحانه وتعالى - عنه في إنجيله، بأنه يقتل، ويدفن، بل هو كما أخبر الله - سبحانه وتعالى - في كتابه العزيز أنهم: (ما قتلوه وما صلبوه، بل رفعه إليه..)، فلعنة الله على الكاذبين.
ولذلك اختلف النصارى بعده، وتفرقوا فرقا، وعقائدهم: كلها كذب، وكفر، وحماقة عظيمة.
وفي أناجيلهم من تبكيتهم: ما هو مذكور في: (تحفة الأريب).
وأيضا القواعد التي لا يرغب عنها منهم إلا القليل، وعليها إجماع جمعهم الغفير، وهي التغطيس والإيمان بالتثليث، واعتقاد التحام أقنوم الابن، في بطن مريم، والإيمان بالفطيرة، والإقرار بجميع الذنوب للقسيس، وهي خمس قواعد، بنيت النصرانية عليها كلها، كذب، وفساد، وجهل، عصمنا الله - تعالى - عنها.
وفي الإنسان الكامل، لما كان أول الإنجيل باسم الأب والابن، أخذ هذا الكلام قومه على ظاهره، فظنوا أن الأب والأم والابن عبارة عن الروح، ومريم، وعيسى، فحينئذ قالوا: ثالث ثلاثة.
ولم يعلموا: أن المراد بالأب هو: اسم الله - تعالى -.
وبالأم: كنه الذات المعبر عنها بماهية الحقائق.
وبالابن: الكتاب، وهو الوجود المطلق لأنه فرع.
ونتيجة عن ماهية الكنه، وإليه الإشارة في قوله تعالى: (وعنده أم الكتاب). انتهى.
وللأناجيل الأربعة: تفاسير، منها:
تفسير: إليا بن ملكون الجاثليق.
الإنجيل
الإنجيل ليس معناه: كتاب نزل على عيسى عليه السلام. وإنما أُطلق لفظ الإنجيل عليه لأكبر مقاصده، كما أُطلق لفظ القرآن على كتاب نزل على محمد - صلى الله عليه وسلم -، والــتوراة على كتاب نزل على موسى عليه السلام، لحاظاً لأكبر المقاصد. فإن القرآن ما يُقرأ كثيراً، والــتوراة هي الشرائع . واسم الإنجيل يونانية ومعناه البشارة.
ولما كان عيسى عليه السلام مبشراً بملكوت الله المنتظر سُمِّي كتابُه إنجيلاً. وكان كتابٌ نزل عليه مشتملاً على هدى ونور، وجُلُّه البشاراتُ، فحين نسوا منه حظّاً، ولم يبق في أيديهم إلا كلام مخلوط مع حفظِ الله تعالى منه البشاراتِ لتكون حجةً عليهم -ولكن يهتدي به الصالحون- أطلق اسم الإنجيل على هذا الباقي، كما يليق هذا الاسم بكتابه الكامل الصحيح. وإطلاق اسم الكامل على البقية جائز، لا سيما إذا بقيت فيها جهة التسمية. فإنّ الكتاب الذي نزل عليه -عليه السلام- كان إنجيلاً لاشتماله على البشارات. فهذا اسم مشترك بين معنيين، فلا ينبغي الخلط بينهما. والمشترك يختص عند الاستعمال حسب موقع الكلام. ألا ترى اسم الفرقان يطلق على الــتوراة والقرآن، ولا خفى المعنى عند الاستعمال. وهكذا اسم الــتوراة يطلق على الكتاب الصحيح الذي نزل على موسى عليه السلام وعلى الكتاب المبدَّل الذي بقي في أيدي أهل الكتاب، وبقي فيه أكثر الشرائع.
لما كان المسيح عليه السلام خاتم أنبياء بني إسرائيل، وداعياً إلى خاتم الأنبياء مطلقاً، ومبشِّراً به وببعثته التي هي بين يدي الساعة ودينونة الله صار مبشّراً بملكوت الله من جهتين: من جهة أن بعثة نبينا هي ملكوت الله، ومن جهة أن القيامة هي ملكوت الله. ولذلك ضرب أمثالاً بعضها لبعثة محمد - صلى الله عليه وسلم -، وبعضها للقيامة، كما سيتبيّن من شرح أمثال الإنجيل . وهكذا صرّح الإنجيل والقرآن. فجاء في الإنجيل:
"كانت النبوة إلى يحيى، وبعده فليس إلا بشارة ملكوت الله" .
وجاء في القرآن:
{وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ فَلَا تَمْتَرُنَّ بِهَا وَاتَّبِعُونِ هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} .

محمد

ذو الخصال المحمودة المشكورة أو كثيرها، والمرضيّ عنه، ونبي المسلمين. وقد ورد ذكره في القرآن باسم رسول، ورسول الله، وأحمد، والنبي، والنبي الأميّ. ورد في صحيح البخاري هذه الأسماء أيضًا: الماحي (لأنه يمحو الله به الكفر) والحاشر (لأنه يحشر الناس خلفه وعلى ملّته دون غيره) والعاقب (لأنه عَقَب من كان قبله من الأنبياء أي جاء بعدهم) والمقفَّى (المكرَّم) والشاهد (أي الشاهد على أمته بالإبلاغ والرسالة عملًا بالآية: ((إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا))، والبشر، والنذير، والضحوك، والخاتَم (خاتمة الأنبياء أي آخرهم) والمتوكل، والمصطفى، والفاتح (أي الحاكم القاضي بين الناس) والقتّال، والمتوكل، والقُتَم (أي الكثير الطاء وجامع الخير والعيال) ونبيّ الملاحم (جمع مَلحمة، موضع التحام الحرب، أي نبيّ القتال، أو نبيّ الصلاح وتأليف الناس كأنه يؤلف أمر الأمة) ونبيّ الرحمة، ونبيّ التوبة.
محمد
رسم القرآن لمحمد صورة محبّبة إلى النفوس، فيها لين ورقة، وفيها الخلق المثالى، والقلب الرءوف الرحيم، والنّفس الوادعة المطمئنة، نزل عليه روح من أمر الله، يهدى إلى الصراط المستقيم، ويخرج الناس من الظلمات إلى النور، يقول الله تعالى يخاطبه: ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (القلم 1 - 4). ويقول: لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ (التوبة 128). ويقول:
فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ
(آل عمران 159). ويقول: وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ صِراطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ (الشورى 52، 53). ويقول: قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِ اللَّهِ مُبَيِّناتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ (الطلاق 10، 11).
ويدعوه سراجا منيرا، فى قوله: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً (الأحزاب 45، 46). ورحمة في قوله: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (الأنبياء 107). ويأمره باستشارتهم وخفض الجناح لهم إذ يقول:
فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ (آل عمران 159). ويقول: وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (الحجر 88 - 89).
ولكن هذه الصفات في سموّها المثالى لم ترفع محمدا عن البشرية، وهذه صفة من الصفات التى أكدها القرآن وأطال في الحديث عنها، فهو حينا يثبت هذه الصفة على لسانه، وحينا ينفى عن نفسه القدرة على ما لا يقدر عليه البشر، قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ (الكهف 110). وهو لهذا لا يملك لنفسه أمرا، ولا يدرى من الغيب شيئا، قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَما مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (الأعراف 188).
ولننصت إليه يتبرأ من قدرته على فعل ما ليس في طاقته، عند ما سألوه ما ليس فى طوقه، وَقالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ خِلالَها تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقى فِي السَّماءِ وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحانَ رَبِّي هَلْ كُنْتُ إِلَّا بَشَراً رَسُولًا (الإسراء 90 - 93)، ومما يلحظ أنهم طالبوه بأمور يستحيل وجودها في الصحراء، من تفجير الأرض ينابيع وأنهارا، وانظر إليه كيف يعجب من أمرهم، وكيف يقرر في صراحة أنه ليس سوى بشر رسول. ولأنه بشر، يجوز أن يموت كما يموت سائر البشر، وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ (آل عمران 144). ولم يتميز محمد من البشر إلا بأنه كالرسل بشير ونذير، قُلْ ما كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ وَما أَدْرِي ما يُفْعَلُ بِي وَلا بِكُمْ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا ما يُوحى إِلَيَّ وَما أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ (الأحقاف 9). إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ (البقرة 119). وهو ليس إلا مذكّرا، لا سيطرة له على القلوب، ولا مقدرة عنده على تحويل الأفئدة، فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (الغاشية 21، 22).
ومما أكده القرآن من صفات محمد الأمّية، يصفه بها في قوله: قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ يُحيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِماتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (الأعراف 158). ويبين حكمة اختياره أميا في قوله: وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (العنكبوت 48). وإذا كانت الأمية مما يعاب فهى المعجزة التى تحول بين رسالة النبى والشك فيها، ولو أنه كان يقرأ ويكتب، لكان للمبطلين مجال للرّيب في صدق رسالته.
والقرآن يعظم أمر الرسول، فيحدّثنا عن صلاة الله عليه والملائكة، إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (الأحزاب 56). ويعظم من أمر مبايعته، حتى لكأن من يبايعه إنما يبايع الله، إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ (الفتح 10). ويشهد له القرآن بالخلق القويم كما سبق أن نقلنا، وبأنه لا ينطق عن هوى النفس، ولا يميل إلى ضلالة ولا غواية، ويقسم على ذلك: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (النجم 1 - 4)، كما يقسم على رسالته فيقول: وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (يس 2 - 5). ويعدّد القرآن نعم الله عليه فيقول: أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ (الشرح 1 - 4). أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوى وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى (الضحى 6 - 8). ويقسم له القرآن أن الله ما تخلى عنه وما قلاه، ويؤكد أن الذين يناصبونه العداء سيكبتون ويخذلون مذلولين، إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولئِكَ فِي الْأَذَلِّينَ (المجادلة 20). ويحذر المؤمنين من معصيته، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَناجَيْتُمْ فَلا تَتَناجَوْا بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ (المجادلة 9). ويأمرهم بأن يقفوا عند الحدود التى رسمها الرسول، ولا يبطلوا أعمالهم بعصيانه، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ (محمد 33). وَما آتاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا (الحشر 7). وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً (الأحزاب 36). ويؤكد لهم أنهم لن يكونوا مؤمنين حقا حتى يجدوا العدالة المطلقة في أحكامه، ولا يجدوا فيها غضاضة ولا حرجا في نفوسهم، ويقسم على ذلك قائلا: فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً (النساء 65). ذلك أنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحى يوحى.
وإذا كان محمد رسولا، فله حرمته ومنزلته الاجتماعية، ومن الواجب احترامه، فلا يليق أن ينادى باسمه، كما ينادى الناس بعضهم بعضا، ولا أن ترتفع أصواتهم فوق صوته، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ
عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ وَلَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ
(الحجرات 2 - 5). ولا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً (النور 63). وفي تربية الشعب على احترام الرسول ما يدفعهم إلى طاعته، فإن الطاعة أساسها الاحترام كما وضع القرآن أساسها الثانى وهو الحب، بما وصف القرآن به محمدا من حبّ لهداية قومه، وحدب عليهم، ورحمة بهم ورأفة، وشوق ملح إلى هدايتهم، حتى صح للقرآن أن يقول: فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً (الكهف 6). وهكذا بنى القرآن الطاعة على أساسين من الحب والاحترام معا.
ويؤيد القرآن رسالة محمد بشهادة الله الذى لا يشهد بغير الحق، وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ (المنافقون 1). وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ (الرعد 43). لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِما أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً (النساء 166). وبأن عيسى قد بشر به قومه، وأخبرهم برسالته، وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ الــتَّوْراةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا هذا سِحْرٌ مُبِينٌ (الصف 6). وبأنه فيما أتى ليس بدعا، فقد أوحى الله إلى كثير من الرسل قبله، إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً (النساء 163).
وبأنه أمى ما كان يتلو قبله كتابا، ولا يخطه بيمينه. كما سبق أن ذكرنا، أوليس من يشهد الله له بالرسالة، ويبشر به رسول ذو كتاب، ويجرى على سنن من سبقه من الأنبياء- جديرا بأن يصدق إذا ادعى، وأن يطاع إذا أمر؟ ويناقش من أنكر رسالته، ويدفع دعاويهم في هدوء وقوّة معا، فأخبرنا القرآن مرّة أنهم كانوا ينسبون ما يعرفه محمد من قصص وأخبار وأحكام إلى عالم فارسى يعلمه، وما كان أسهل دحض تلك الدعوى بأن لسان من يدعون أنه يعلّم محمدا- أعجمى، أما هذا الكتاب فعربى مبين، وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (النحل 103). وحينا نسبوه إلى أنه سحر أو شعر أو كهانة، بَلْ قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ (الأنبياء 5)، وَيَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ (الصافات 36). فوجه القرآن أنظارهم إلى أن النظرة الصائبة تنفى عن القرآن السحر والشعر والكهانة، فللحق آياته البينات التى لا تشتبه بالسحر، وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا بَيِّناتٍ قالُوا ما هذا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كانَ يَعْبُدُ آباؤُكُمْ وَقالُوا ما هذا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرىً وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جاءَهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (سبأ 43). ونفى القرآن عن النبى قول الشعر والكهانة، وَما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ وَما يَنْبَغِي لَهُ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ وَقُرْآنٌ مُبِينٌ (يس 69). وَما هُوَ بِقَوْلِ شاعِرٍ قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ وَلا بِقَوْلِ كاهِنٍ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ (الحاقة 41، 42).
ومن أكبر ما أنكروه على الرسول أنهم وجدوه لا يمتاز على البشر في شىء فهو يأكل الطعام كما يأكلون، ويمشى في الأسواق يبيع ويشترى كما يمشون، وظنوا أنه لا يكون نبيا إلا إذا امتاز بملك ينذر الناس معه، أو أصبح غنيا غنى مطلقا عن الناس، فألقى إليه كنز، أو كانت له جنة يأكل منها، وقد حكى القرآن عنهم ذلك الحديث، وردّ عليهم ردّا رفيقا في قوله: وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ فَضَلُّوا فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِنْ ذلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً (الفرقان 7 - 10). فهو يشير في رفق إلى أن الحكمة إنما هى فى أن يساوى الرسول الشعب في الاحتياج، حتى لا يكون امتيازه على الناس في أمور لا تتصل بالرسالة، ولا دخل لها في النبوة، وحتى يبقى تقويم الرسول بعيدا عن زخارف الحياة وما ليس من صميم الرسالة، فقد يتهيأ الغنى الفاحش لفرد من الناس، من غير أن يجلب له ذلك رسالة ولا نبوّة ولو أراد الله لفعل للرسول ما اقترحوه وزاد عليه، ولكن الخير والحكمة فيما كان، أما ما اقترحوه من نزول الملك مع الرسول فقد رد عليه في قوله: وَقالُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ وَلَوْ أَنْزَلْنا مَلَكاً لَقُضِيَ الْأَمْرُ ثُمَّ لا يُنْظَرُونَ وَلَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ (الأنعام 8، 9). ألا ترى أن نزول الملك كما اقترحوا لا يدع لهم فرصة التفكير بعد نزوله، ومن الخير أن يترك لهم مجال التدبّر وتقليب الأمر على وجوهه، وإنزال الملك لن يحل المشكل، لأنه سيكون في هيئة رجل، ويلتبس الأمر كما لو كان الرسول رجلا والقرآن برغم ذلك، يوحى بأن الرسول كانت عنده رغبة ملحة في أن يحقق لهم بعض ما اقترحوه ليؤمنوا، ولتجتمع كلمتهم على الدين، حتى صحّ للقرآن أن يقول للرسول: وَإِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْراضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ تَبْتَغِيَ نَفَقاً فِي الْأَرْضِ أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ فَتَأْتِيَهُمْ بِآيَةٍ وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْجاهِلِينَ (الأنعام 35).
ويقول في أخرى: فَلَعَلَّكَ تارِكٌ بَعْضَ ما يُوحى إِلَيْكَ وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ أَنْ يَقُولُوا لَوْلا أُنْزِلَ عَلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ جاءَ مَعَهُ مَلَكٌ إِنَّما أَنْتَ نَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (هود 12).
وكانت صفة البشرية حائلة دون الايمان به، ومدعاة للهزء بالرسول والسخرية به، فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (القمر 24). وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَخاسِرُونَ (المؤمنون 34). وقد رد الله تلك الدعوى بأن الحكمة تقضى بأن الرسول يكون من جنس المرسل إليهم، ليكون أدنى إلى نفوسهم، يألفونه ويسهل اتصالهم به، ولو أن في الأرض ملائكة يسكنونها، ما أرسل الله إليهم رسولا، سوى ملك من جنسهم، قال سبحانه: وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا قُلْ لَوْ كانَ فِي الْأَرْضِ مَلائِكَةٌ يَمْشُونَ مُطْمَئِنِّينَ لَنَزَّلْنا عَلَيْهِمْ مِنَ السَّماءِ مَلَكاً رَسُولًا (الإسراء 94 - 95).
وعند ما تعرّض القرآن للاستهزاء بالرسول، كان لا يعنيه كثيرا الردّ على ما يتعلق بشخص الرسول، بل ينتقل مباشرة إلى صميم الدعوى يناقشهم فيها، ويحدثهم عن مغبّة كفرهم، قال تعالى: وَإِذا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمنِ هُمْ كافِرُونَ خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لا يَكُفُّونَ عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلا عَنْ ظُهُورِهِمْ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ بَلْ تَأْتِيهِمْ بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ فَلا يَسْتَطِيعُونَ رَدَّها وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (الأنبياء 36 - 40). ألا تراه قد مرّ مرّ الكرام باستهزائهم بالرسول، وكأنه لغو لا يؤبه له، ولا يستحق الالتفات إليه، ولا التّنبّه لشأنه، وانتقل من ذلك إلى الحديث عما يعنى القرآن بشأنه، من الحديث عن الله واليوم الآخر، وما ينتظرهم من عذاب كان جديرا به أن يصرفهم عن التمادى في الباطل، لو أنهم فكروا في الأمر وتدبّروا العاقبة، ويقول في موضع آخر: وَإِذا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولًا إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَواهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (الفرقان 41 - 44). وهو هنا أيضا ينتقل إلى صميم الدعوى، فيتحدث عن اتخاذهم الهوى إلها، وأنهم لا يستخدمون آذانهم وعقولهم فيما خلقت لأجله، فصاروا بذلك أضل سبيلا من الأنعام.
ويهوّن القرآن على الرسول أمر الاستهزاء به وتكذيبه، فحينا يخبره بأن ذلك دأب الرّسل، يكذّبون برغم ما يجيئون به من البينات والهدى، ويؤكد له مرة بأن هؤلاء الساخرين سينالهم ما نبّئوا بنزوله بهم، وكانوا يسخرون ولا يطيعون، فيقول للرسول: فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جاؤُ بِالْبَيِّناتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ (آل عمران 184). وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (الأنعام 10).
وينذر القرآن المكذبين والمستهزئين بأن عاقبتهم كعاقبة من كذّب الرسل من قبل: أخذ شديد وعقاب أليم، وهنا يلجأ القرآن إلى غريزة المحافظة على النفس، فيصوّر رفض الدعوة والتكذيب لها معرّضا أنفسهم للتهلكة، وجالبا الوبال عليها، فماذا تكون النتيجة إذا هم أصرّوا على كفرهم؟ أضمنوا أعمارا طويلة، يصلحون فيها ما كانوا قد أفسدوه؟ أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ (الأعراف 185). أأمنوا مكر الله؟ أم اطمأنوا إلى أن القيامة لن تأتيهم فجأة؟ أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (يوسف 107). إنهم بنهيهم عنه، ونأيهم عنه لا يضرون إلا أنفسهم ولا يهلكون غيرها، وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ وَإِنْ يُهْلِكُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ (الأنعام 26). ولن يضرّ الرسول بكفرهم، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ الْمُبِينُ (النحل 82). فَإِنْ أَعْرَضُوا فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ (الشورى 48).
أوليس في قصر أمر الرسول على البلاغ، ما يدفعهم إلى التفكير في أمر هذه الدعوة التى لن يحمل عبء أضرار رفضها غيرهم، والتى يتحمّل الرسول المشاق فى سبيل إذاعتها، لا يبغى من وراء ذلك أجرا، ولا يريد إلا أن تصل الهداية إلى قلوبهم، قُلْ ما سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللَّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (سبأ 47).
وإن في تنزّه الرسول عن الغرض المادىّ، وإخلاصه في دعوتهم وإرشادهم، لبعثا لهم على تدبر أمر هذه الدعوة المبرأة من الهوى والغرض، والنفس بطبيعتها تنقاد لمثل هذه الدعوة وتؤمن بها. وقد دعاهم القرآن إلى التفكير في شأن الرسول، فرادى وجماعات، ليقلبوا أمره على وجوهه، ويتفكروا أبه جنّة أو شذوذ؟ وسوف يصلون إذا فكروا إلى أنه نذير لهم بين يدى عذاب شديد.
ويمضى القرآن محببا لهم إجابة دعوة محمد، مبينا طبيعتها، وأنها توافق الإنسانية السليمة، فهو لا يأمر إلا بما تعترف به النفوس الصحيحة ولا ينهى إلا عما تنكره، ولا يحلّ سوى الطّيب، ولا يحرّم سوى الخبيث، وأنه يعمل على تخليصهم من عادات ثقيلة على النفوس، وقيود كانت تغل حياتهم، وقد خفف الإسلام كثيرا من القيود التى كانت على أهل الكتاب، يقول الله: الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِنْدَهُمْ فِي الــتَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّباتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (الأعراف 157). أما الأميون، وقد كانوا في ضلال مبين فإنه يعلمهم الكتاب والحكمة ويهديهم، هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (الجمعة 2). ويجعل طريق حب الله ونيل رضوانه اتباع منهجه والاقتداء به، قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (آل عمران 31). ومن أطاعه فسيكون مع من أنعم الله عليهم من أكرم الرفقاء، وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً (النساء 69). ومن آمن وعمل صالحا فسوف يورّثه الله الأرض، ويمكن له دينه، ويبدله بالخوف أمنا وطمأنينة، وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً (النور 55).
ولا يكتفى القرآن بالوعد المحبوب حين طلب إليهم طاعة الرسول، بل أنذرهم وأوعدهم، وأكّد لهم أن النهاية ستكون نصرا مؤزرا للرسول أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها (التوبة 63). ويقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (النور 63). إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهِيناً
(الأحزاب 57). ويخاطب الرسول قائلا:
وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلى ما كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتاهُمْ نَصْرُنا وَلا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (الأنعام 34). وينزل القرآن إلى أعماق نفوسهم، فيحدثنا عن شكوكهم التى تنتابهم، فهم يقولون في أغوار قلوبهم: إذا كان محمد على صواب، ونحن على خطأ، فلم يدعنا الله أحرارا في هذه الحياة ولا يعذبنا بسبب هذه التّصرّفات، والله ينبئهم بأن جهنم مصيرهم المنتظر، أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ وَيَتَناجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَمَعْصِيَةِ الرَّسُولِ وَإِذا جاؤُكَ حَيَّوْكَ بِما لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِما نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ (المجادلة 8).
ويعلم القرآن ما لحوادث التاريخ من الأثر في النفوس، ولذا أكثر، فى معرض الأمر بطاعة الرسول، من توجيه أنظارهم إلى من كذّب من الماضين كيف كانت عاقبتهم، فلعلهم يتّعظون بها، فيسأل: أَوَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَآثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (غافر 21، 22). ويقصّ عليهم قصص الماضين كقوله: فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ إِذْ جاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قالُوا لَوْ شاءَ رَبُّنا لَأَنْزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ فَأَمَّا عادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِساتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَلَعَذابُ الْآخِرَةِ أَخْزى وَهُمْ لا يُنْصَرُونَ وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْناهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمى عَلَى الْهُدى فَأَخَذَتْهُمْ صاعِقَةُ الْعَذابِ الْهُونِ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ (فصلت 13 - 18).
ولم يأل القرآن جهدا في تصوير من لا يستجيب إلى دعوة محمد في صورة ينفر منها العاقل، ويأنف من أن تكون صورته، فحينا يرسمهم أمواتا لا يعون، صما لا يسمعون، عميا لا يبصرون، فيقول: وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشاءُ وَما أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ إِنْ أَنْتَ إِلَّا نَذِيرٌ (فاطر 22، 23).
وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تُسْمِعُ الصُّمَّ وَلَوْ كانُوا لا يَعْقِلُونَ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْظُرُ إِلَيْكَ أَفَأَنْتَ تَهْدِي الْعُمْيَ وَلَوْ كانُوا لا يُبْصِرُونَ (يونس 42، 43).
وأكثر القرآن من أمر الرسول بالصّبر، وهو خليقة أولى العزم من الرسل فقال:
فَاصْبِرْ كَما صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ (الأحقاف 35). وقال: وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا (الطور 48). وقال: وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ (النحل 127). وقال: وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا (المزمل 10). إلى غير ذلك من كثير الآيات التى تدعو الرسول إلى الصبر، وتحثه عليه، ولا ريب أن دعوة دينية جديدة تتطلب زادا لا ينفد من الصبر على المكروه حتى تنجح وتؤتى ثمارها.
أما المنهج الذى رسمه ــالقرآن، لكى ينهجه محمد في دعوته، فقد بينه في قوله:
ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ (النحل 125). وتلك هى خطة الإقناع التى تتألف القلوب وتستهوى الأفئدة.
ولكى أكمل الصورة التى رسمها القرآن لمحمد صلوات الله عليه، أضعه بين صحبه الذين أخلصوا له، فهم رحماء فيما بينهم، أشداء على أعدائهم، قد أخذ أمره بهم يشتد، كما يشتد الزرع إذا أخرج براعمه، فيصبح مرآة باعثا الزراع على الإعجاب به، فهم بين يدى الله يبتغون رضوانه، وأمام أعدائهم قوة لا يستهان بها، ترى تلك الصورة في قوله: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي الــتَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (الفتح 29).

سَاعِيرُ

سَاعِيرُ:
في الــتوراة اسم لجبال فلسطين، نذكره في فاران، وهو من حدود الروم وهو قرية من الناصرة بين طبرية وعكّا، وذكره في الــتوراة: جاء من سينا، يريد مناجاته لموسى على طور سينا، وأشرق من ساعير: إشارة إلى ظهور عيسى بن مريم، عليه السلام، من الناصرة، واستعلن من جبال فاران:
وهي جبال الحجاز، يريد النبي، عليه الصلاة والسلام، وهذا في الجزء العاشر في السفر الخامس من الــتوراة، والله أعلم.

مثل

مثل: {المثلات}: العقوبات، واحدها: مثلة. وقيل: الأمثال بالعبرية. {أمثلهم}: أعدلهم.
(مثل)
الرجل بَين يَدي فلَان مثولا قَامَ بَين يَدَيْهِ منتصبا وَزَالَ عَن مَوْضِعه وَفُلَان فلَانا صَار مثله يسد مسده وَيُقَال مثل فلَانا فلَانا وَبِه شبهه بِهِ وسواه والتماثيل صورها بالنحت وبفلان مثلا ومثلة نكل بِهِ بجدع أَنفه أَو قطع أُذُنه أَو غَيرهمَا من الْأَعْضَاء وَيُقَال مثل بِالْحَيَوَانِ

(مثل) فلَان بَين يَدي الْوَالِي مثولا قَامَ منتصبا وَالرجل مثالة فضل فَهُوَ مثيل (ج) مثلاء
مثل النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فَكيف يكون من غشّنا لَيْسَ مثلنَا. وَإِنَّمَا وَجهه عِنْدِي وَالله أعلم أَنه أَرَادَ لَيْسَ منا أَي لَيْسَ هَذَا من أَخْلَاقنَا وَلَا من فعلنَا إِنَّمَا نفى الْغِشّ أَن يكون من أَخْلَاق الْأَنْبِيَاء وَالصَّالِحِينَ وَهَذَا شَبيه بِالْحَدِيثِ الآخر: يُطبع الْمُؤمن على كل شَيْء إِلَّا الْخِيَانَة وَالْكذب إنَّهُمَا ليسَا من أَخْلَاق الْإِيمَان وَلَيْسَ هُوَ على معنى أَنه من غش أَو من كَانَ خائنًا فَلَيْسَ بِمُؤْمِن وَمثله كثير فِي الحَدِيث.
مثلهَا مَعهَا.

مثل قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: فَإِنَّهَا عَلَيْهِ وَمثلهَا مَعهَا نرَاهُ وَالله أعلم أَنه كَانَ أخّر عَنهُ الصَّدَقَة عَاميْنِ وَلَيْسَ وَجه ذَلِك إِلَّا أَن يكون من حَاجَة بِالْعَبَّاسِ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ قد يجوز للْإِمَام أَن يؤخرها إِذا كَانَ ذَلِك على وَجه النّظر ثمَّ يَأْخُذهَا مِنْهُ بعد وَمن هَذَا حَدِيث عمر أَنه أخّر الصَّدَقَة عَام الرَّمَادَة فَلَمَّا أَحْيَا النَّاس فِي الْعَام الْمقبل أَخذ مِنْهُم صَدَقَة عَاميْنِ. وَأما الحَدِيث الَّذِي يرْوى أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام قَالَ: إِنَّا قد تعجلنا من الْعَبَّاس صَدَقَة عَاميْنِ فَهُوَ من هَذَا عِنْدِي أَيْضا إِنَّمَا تعجل مِنْهُ أَنه أوجبهَا عَلَيْهِ وضمنها إِيَّاه وَلم يقبضهَا مِنْهُ فَكَانَت دَينا على الْعَبَّاس رَحمَه اللَّه أَلا ترى أَن النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام يَقُول: فَإِنَّهَا عَلَيْهِ وَمثلهَا مَعهَا
م ث ل: مِثْلٌ كَلِمَةُ تَسْوِيَةٍ يُقَالُ: هَذَا (مِثْلُهُ) وَ (مَثَلُهُ) كَمَا يُقَالُ: شِبْهُهُ وَشَبَهُهُ. وَ (الْمَثَلُ) مَا يُضْرَبُ بِهِ مِنَ (الْأَمْثَالِ) . وَ (مَثَلُ) الشَّيْءِ أَيْضًا بِفَتْحَتَيْنِ صِفَتُهُ. وَ (الْمِثَالُ) الْفِرَاشُ وَالْجَمْعُ (مُثُلٌ) بِضَمِّ الثَّاءِ وَسُكُونِهَا. وَ (الْمِثَالُ) أَيْضًا مَعْرُوفٌ وَالْجَمْعُ (أَمْثِلَةٌ) وَ (مُثُلٌ) . وَ (مَثَّلَ) لَهُ كَذَا (تَمْثِيلًا) إِذَا صَوَّرَ لَهُ مِثَالَهُ بِالْكِتَابَةِ أَوْ غَيْرِهَا. وَ (التِّمْثَالُ) الصُّورَةُ وَالْجَمْعُ (التَّمَاثِيلُ) . وَ (مَثَلَ) بَيْنَ يَدَيْهِ انْتَصَبَ قَائِمًا وَبَابُهُ دَخَلَ. وَمَثَلَ بِهِ نَكَّلَ بِهِ وَبَابُهُ نَصَرَ وَالِاسْمُ (الْمُثْلَةُ) بِالضَّمِّ. وَ (مَثَلَ) بِالْقَتِيلِ جَدَعَهُ وَبَابُهُ أَيْضًا نَصَرَ. وَ (الْمَثُلَةُ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ الْعُقُوبَةُ وَالْجَمْعُ (الْمَثُلَاتُ) . وَ (أَمْثَلَهُ) جَعَلَهُ مُثْلَةً يُقَالُ: أَمْثَلَ السُّلْطَانُ فُلَانًا إِذَا قَتَلَهُ قَوَدًا. وَفُلَانٌ أَمْثَلُ بَنِي فُلَانٍ أَيْ أَدْنَاهُمْ لِلْخَيْرِ. وَهَؤُلَاءِ (أَمَاثِلُ) الْقَوْمِ أَيْ خِيَارُهُمْ. وَ (الْمُثْلَى) تَأْنِيثُ (الْأَمْثَلِ) كَالْقُصْوَى تَأْنِيثُ الْأَقْصَى. وَ (تَمَاثَلَ) مِنْ عِلَّتِهِ أَقْبَلَ. وَ (تَمَثَّلَ) بِهَذَا الْبَيْتِ وَتَمَثَّلَ هَذَا الْبَيْتَ بِمَعْنًى. وَ (امْتَثَلَ) أَمْرَهُ احْتَذَاهُ. 
[مثل] مِثْلَ: كلمة تسوية. يقال: هذا مِثلُهُ ومَثَلهُ كما يقال شِبْهُهُ وشَبَهُهُ بمعنًى. والعرب تقول: هو مُثَيْلُ هذا، وهم أُمَيْثالُهُمْ: يريدون أنَّ المُشَبَّه به حقيرٌ كما أنَّ هذا حَقيرٌ. والمثَلُ: ما يُضرب به من الأمثال. ومثل الشئ أيضا: صفته. والمثال: الفِراشُ، والجمع مُثُل، وإن شئت خفَّفتَ. والمِثالُ معروفٌ، والجمع أمثلةٌ ومُثُلٌ. ومَثَّلْتُ له كذا تمثيلاً، إذا صوَّرت له مِثالَه بالكتابَةِ وغيرها. والتِمْثالُ: الصورَةُ، والجمع التماثيلُ. ومثل بين يديه مُثولاً، أي انتصبَ قائماً. ومنه قيل لمَنارَةِ المسرجة: ماثلة. ومثل، أي لطأ بالأرض، وهو من الأضداد. وقال :

رسوم فمنها مستبين وماثل * (*) والمستبين: الأطلالُ. والماثلُ: الرُسُومُ. ومَثَلَ به يَمْثُلُ مَثْلاً، أي نَكَّلَ به. والاسم المُثْلَةُ بالضم. ومَثَّلَ بالقتيل: جدعه. والمثلة بفتح الميم وضم الثاء: العقوبة، والجمع المثلات. وأَمْثَلَهُ: جعله مُثْلَةً. يقال: أمْثلَ السلطانُ فُلاناً، إذا قتله قوَداً. ويقال للحاكم: أَمْثِلْني، وأَقِصَّني، وأَقِدْني. وفلانٌ أمثلُ بني فلانٍ، أي أدناهم للخير. وهؤلاء أماثلُ القومِ، أي خيارُهم. وقد مَثُل الرجلُ بالضم مَثالةً، أي صار فاضلاً. والمثلى: تأنيث الامثل، كالقصوى تأنيث الاقصى. وتماثل من عِلَّتِهِ، أي أَقْبَلَ. وتمثل بهذا البيتِ وهذا البيتَ بمعنًى. وامتثل أمره، أي احتذاه. قال ذو الرمة يصف الحمار والاتن: رباع لها مذ أورق العود عنده خماشات ذحل ما يراد امتثالها
م ث ل

لي مثله ومثيله ومماثله. ومثّل به مثلةً، " ولا تمثّلوا بنامية الله " وهو أن يقطع بعض أعضائه أو يسوّد وجهه، وحلّت به المثلة: العقوبة والمثلات. ومثل قائماً: انتصب مثولاً، ورأيته ماثلاً بين يديه. وتماثل من مرضه. ومثّله به شبّهه، وتمثّل به: تشبّه به. ومثل الشيء بالشيء: سوّيَ به وقدّر تقديره. قال سلم بن معبد الوالبيّ:

جزى الله الموالي فيك نصفاً ... وكلّ صحابة لهم جزاء

بفعلهم فإن خيراً فخيراً ... وإن شراً كما مثل الحذاء

وحذاه على المثال وعلى الأمثلة والمثل، ومثّل مثالاً، وممثّله: اعتمله. ومثّل التماثيل ومثلها: صوّرها. قال طرفة:

أتعرف رسم الدار قفراً منازله ... كجفن اليماني زخرف الوشي مائله

ونام على المثال وهو الفراش: وهذا البيت مثل نتمثّله عندنا ونتمثّل به ونمتثله ونمتثل به. وامتثلت الأمر: احتذيته. وامتثل منه: اقتص، وأمثله منه القاضي: أقصّه، وأخذ المثال: القصاص. قال الكميت يصف الوتد:

إلا شجيج أصابته منقّلةٌ ... لا عقل فيها ولا المشجوج يمتثل

المنقلة من الشجّاج. وهو أمثل بني فلان وهم أماثلهم. وطريقته المثلى. ومثل الرجل مثالة وهو مثيل، وهم مثلاء. ويقال: زادك الله رعاله، كلما ازددت مثاله. قال العبّاس:

أبلغ نفير بني شهاب كلهم ... وذوي المثالة من بني عتّاب

ويقول المريض: أنا اليوم أمثل.
(مثل) - في الحديث : "أشَدّ النّاسِ عَذَاباً مُمثِّلٌ مِن المُمَثِّلِين"
: أي مُصَوِّر. يُقَالُ: مَثَلْتُ - بالتّخفِيف والتَّثقيل -: صَوّرتُ مِثَالاً.
والتِّمثَال: الاسمُ منه. وظِلُّ كلّ شىَءٍ: تِمثالُه.
ومُثِّلَ الشىَّءُ بالشىّء. سُوَّى به. - ومنه "لا تُمَثِّلُوا بِنَامِيَةِ الله".
: أي بِخلْقِه.
- في حديث اِلمقْدَاد - رَضى الله عنه -: "إن لَقِيتُ رجُلاً من الكفار فضَرب إحدَى يدَىَّ بالسَّيف فقَطَعها، ثم لَاذَ مِنِّى بشَجَرةٍ فقال: لَا إله إلّا الله أَأقتُله؟ فقال: إن قَتَلْتَه كنتَ مثلَه قبل أن يَقُولَ كَلِمَتَه، وهو بمنزِلَتِك قَبل أن تَقتُلَه"
: أي تكون مِن أَهل النّار، تَقتُلُه مُسلِماً كما كان هو قبل الكَلِمَة مِن أهلِ النَّار بكُفْرِه ، لا أَنّه يَصِير كافِرًا بقَتْله.
- وفي حديث صاحبِ النِّسْعة . "إن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه"
جاء في رواية أبى هريرة - رضي الله عنه -: "أنَّ الرجُل قال: واللهِ ما أَردتُ قَتْلَه"
فمعناه: أنَّه قد ثَبت قَتْلُه إيَّاه، وأَنَّه ظالمٌ له، فإن صَدَقَ هو في قوله: إنّه لم يُرِدْ قَتْله، ثم قَتَلْتَه كنتَ ظاِلماً مثلَه.
- في حديث عِكْرِمة: "أنَّ رجُلاً مِن أهل الجنّة كان مُسْتَلْقِيًا على مُثُلِهِ".
وهو جَمْع مِثَال، وهو الفِراشُ.
- قوله تبارك وتعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شىءٌ}
كأَنَّ المِثْل صِلةٌ: أي ليس كَهُو شىء، كقوله تعالى: {فَإنْ آمَنُوا بمثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} : أي بما آمَنتُم به - والله تعالى أعلَم -.
مثل قَالَ أَبُو عبيد: فَأرى الْأَحَادِيث كلهَا إِنَّمَا دلّت على الِاسْتِغْنَاء وَمِنْه حَدِيثه الآخر: من قَرَأَ الْقُرْآن فَرَأى أَن أحدا أعْطى أفضل مِمَّا أعْطى فقد عظم صَغِيرا وَصغر عَظِيما. وَمعنى الحَدِيث: لَا يَنْبَغِي لحامل الْقُرْآن أَن يرى أحدا من أهل الأَرْض أغْنى مِنْهُ وَلَو ملك الدُّنْيَا برحبها. وَلَو كَانَ وَجهه كَمَا يتأوله بعض النَّاس أَنه الترجيع بِالْقِرَاءَةِ وَحسن الصَّوْت لكَانَتْ الْعقُوبَة قد عظمت فِي ترك ذَلِك أَن يكون: من لم يرجع صَوته بِالْقُرْآنِ فَلَيْسَ من النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام حِين قَالَ: لَيْسَ منا من لم يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ وَهَذَا لَا وَجه لَهُ وَمَعَ هَذَا أَنه كَلَام جَائِز فَاش فِي كَلَام الْعَرَب وأشعارهم أَن يَقُولُوا: تَغَنَّيْت تغَنِّيا وَتَغَانَيْت تَغَانِيًا يَعْنِي اسْتَغْنَيْت قَالَ الْأَعْشَى:

[المتقارب]

وَكنت امْرأ زَمنا [بالعراق ... عفيفَ المناخِ] طويلَ التغنْ

يُرِيد الِاسْتِغْنَاء أَو الْغنى وَقَالَ الْمُغيرَة بْن حبناء التَّمِيمِي يُعَاتب أَخا لَهُ:

[الطَّوِيل]

كِلَانَا غنى عَن أَخِيه حَيَاته ... وَنحن إِذا متْنا أَشد تَغَانِيًا

59 - / ب يُرِيد أَشد اسْتغْنَاء / هَذَا وَجه الحَدِيث وَالله أعلم. وَأما قَوْله: وَمِثَال رث فَإِنَّهُ الْفراش قَالَ الْكُمَيْت: [الطَّوِيل] بِكُل طُوال الساعدين كَأَنَّمَا ... يرى بسرى اللَّيْل الْمِثَال الممهدا
باب الثاء واللام والميم معهما م ث ل، ث م ل، ل ث م، ث ل م مستعملات

مثل: المَثَلُ: الشيءُ يُضرَبُ للشيء فيُجْعَل مِثْلَه. والمَثَلُ: الحديث نفسُه. وأكثرُ ما جاءَ في القرآن نحوُ قوله- جَلَّ وعزَّ-: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ * فيها أنهار، فمَثَلُها هو الخَبَرُ عنها. وكذلك قوله تعالى: ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ ، ثمّ أخبَرَ: أَنَّ الذين تَدعونَ من دونِ اللهِ، فصارَ خَبَرُه عن ذلك مَثَلاً، ولم تكن هذه الكلماتُ ونحوُها مَثَلاً ضُرِبَ لشيءٍ آخر كقوله تعالى: كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ، وكَمَثَلِ الْكَلْبِ . والمِثلُ: شِبْهُ الشيءِ في المِثال والقَدْر ونحوِه حتى في المعنى. ويقال: ما لهذا مَثيلٌ. والمِثالُ: ما جُعِلَ مقداراً لغيره، وجمعُه مُثُل، وثلاثة أمثلةٍ. والمُثُول: الانتِصابُ قائماً، والفعل: مَثَلَ يَمْثُلُ، قال لبيد:

ثُمَّ أصدرناهما في واردٍ ... صادر وهم صواه قد مَثَلْ

والتَّمثيل: تصويرُ الشيءِ كأنَّه تنظُر إليه. والتِّمثال: اسْمٌ للشيءِ المُمَثَّل المُصَوَّر على خِلْقةِ غيره، كَسَرْتَ التاءَ حيث جَعَلت اسماً بمنزلةِ التِّجفافِ وشِبْهِهِ، ولو أرَدْتَ مصدراً لفَتَحتَ، وجاءتْ تِفعالٌ في حروف قليلةٍ نحو تِمراد وتِلقاء، وإنّما صارَ تِلقاءُ اسماً لأنّه صار في حال لدُن، وفي حال حِيال، وما كانَ مصدراً فالتّاء مفتوحةٌ يُجرَى مُجرَى المصدر في كلام العرب، لا يُجمَع ولا يُصَغَّرُ، وهذا أمثَلُ من ذلك، أي أفضَلُ.

ثمل: الثَّميلةُ: الماءُ القليل الباقي في الحَوض والسِّقاء. والثَّمَلةُ: خِرْقة الهِناء، وتكون ايضاً من الصوف ونحوِه. والثَّمَل: الظِّلُّ. والثَّمَل: السُّكْرُ. والمُثَمَّلُ: السُّمُّ لأنه يُثَمِّلُ من يلجأ إليه. لثم: اللَّثْمُ: وضعُكَ فاكَ على في آخَرَ، ومنه اللِّثامُ، أي شَدُّكَ الفَمَ بالمِقنَعةِ.

ثلم: الثَّلمة معروفة، ثَلْمَةُ الحائط ونحوِه.

ملث: مَلثُ الظلام ونحوِه أي اختِلاط السواد.
مثل: مثل: قلد (نماذج) الخطوط (المقدمة 2: 347).
كثل: نكل، بتر عضوا وكذلك مثل ب 1 بوشر. بدرون 13: 127).
ماثل: اقتدى، تشبه بفلان (بوشر).
تمثل من: اتخذ مثلا (أبحاث 2) - اقتباس بعض الأبيات من شاعر قديم وتطبيقها على الحالة الراهنة، بعد إجراء بعض التغييرات أو اقتباس مصراع من الشعر من شاعر قديم والبناء عليه (عباد 1: 91).
تمثل: في موضع امتثل (قرطاس 161:4): كانت أوامره لا تتمثل أي لا يمتثل أو يخضع أو ينقاد لها أحد. تماثل في: اقتدى بفلان. (بقطر).
امتثال الخدمة: عين خادما لفلان (ابن جبير 3: 299).
مثل. ثمن المثل: الثمن اللائق وكذلك مهر المثل (معجم التنبيه).
مثل والجمع مثول: أنموذج (فوك).
مثله: في هذه الوضعية (معجم البيان 30).
مثل: نموذج وبالأسبانية: ( exemplo que damos) (explo que tomamos) ؛ مثلا: على سبيل المثال، ترد عادة في وسط الجملة (م. المحيط والمقري 2: 383 ابن بطوطة 3: 345 و408).
مثل: نسخة وبالأسبانية (عند الكالا): exemplar de donde sacamos وكذلك materia ole donol sacamos, وباللاتينية عند (بنريجا): exemplum, apographum.
مثلة: بتر عضو، قطع عضو ومجازا تشويه، (فوك) خصاء (المقري 2: 57).
مال مثلى: في م. المحيط (المثلي نسبة إلى المثل وعند الفقهاء ما يوجد له مثل في الأسواق بلا تفاوت بين أجزائه يعتد به ويسمى بالدنن وغير المثلى بخلافه كالحيوانات ... الخ (انظر فإن در برج 47).
المثليات= مال مثلي (معجم التنبيه- انظر ما سبق).
مثال والجمع مثالات: أنموذج (سعديا، مزمور المقدمة).
ما مثاله: أي أن ما صيغته أو قاعدته أو صورته أو أنموذجه هي ما يأتي (مملوك 1: 1: 176).
مثال ذلك: مثلا (فوك).
مثال: أمر مكتوب (أماري دبلوماسية 5: 167).
مثال: مذكرة صغيرة، تعطي للجندي الذي نال رتبة عسكرية (مملوك 1: 159، 161، 219). مثالة: وجمعها مثالات ومثائل: في م. المحيط (المثالة الحصة من الكتاب يتعلمها الدارس ويسمعها لأستاذه دفعة واحدة وهي من كلام المولدين). (بوشر).
ماثل وجمعها مثل: دي ساسي كرست (2: 139).
أمثل: (ابن بطوطة 2: 384): ثم يدخل الناس للسلام الأمثل فالأمثل ثلاثة ثلاثة: أي وفقا لمنزلتهم.
أماثل: تكلف، بعد عن البساطة، أساليب إجبارية، وعيقات ومربكات (بوشر). رجل أماثل: رجل رقيق الحاشية، غزل. ظريف، أنيق، لطيف، صرماح (بوشر).
أمثولة وانجمع أمثولات وأماثيل: في م. المحيط (ما يتمثل به من الأبيات. وربما استعمال المؤلدون الأمثولة بمعنى المثالة من الدرس والجمع أمثولات وأماثيل).
تمثال: مثال، أنموذج للصنع (باترون) (بوشر).
تمثال: نصب تذكاري (بوشر).
تمثال: وثن، صنم (فوك).
تمثال: نقود وباللاتينية moneta أي نقود (المعجم اللاتيني- العربي).
تمثال: من مصطلحات علم التنجيم، موضوع (المقدمة 3: 129).
تماثل: مقال ثابت، قاعدة ثابتة (مملوك أو 2: 201).
مماثل: مهرج (الكالا).
(م ث ل) : (الْمِثْلُ) وَاحِدُ الْأَمْثَالِ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ} [المائدة: 95] أَيْ فَعَلَيْهِ جَزَاءٌ مُمَاثِلٌ لِمَا قَتَلَ مِنْ الصَّيْدِ وَهُوَ قِيمَةُ الصَّيْدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ وَالشَّافِعِيِّ رَحِمَهُمَا اللَّهُ مِثْلُهُ نَظِيرُهُ مِنْ النَّعَمِ فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ عُدِلَ إلَى مَذْهَبِ أَبِي حَنِيفَةَ فَمِنْ النَّعَمِ عَلَى الْأَوَّلِ بَيَانٌ لِلْهَدْيِ الْمُشْتَرَى بِالْقِيمَةِ وَعَلَى الثَّانِي لِلْمِثْلِ وَالْأَوَّلُ أَوْجَهُ لِأَنَّ التَّخْيِيرَ بَيْنَ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ ظَاهِرٌ وَانْتِصَابُ هَدْيًا عَلَى أَنَّهُ حَالٌ عَنْ جَزَاءٍ لِأَنَّهُ مَوْصُوفٌ أَوْ مُضَافٌ عَلَى حِسَابِ الْقِرَاءَتَيْنِ أَوْ عَنْ الضَّمِيرِ فِي بِهِ (وَمَثَلَ بِهِ مُثْلَةً) وَذَلِكَ بِأَنْ يُقَطِّعَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ أَوْ يُسَوِّدَ وَجْهَهُ.

(وَالتِّمْثَالُ) مَا تَصْنَعُهُ وَتُصَوِّرُهُ مُشَبَّهًا بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى مِنْ ذَوَاتِ الرُّوحِ وَالصُّورَةِ عَامٌّ وَيَشْهَدُ لِهَذَا مَا ذُكِرَ فِي الْأَصْلِ «أَنَّهُ صَلَّى وَعَلَيْهِ ثَوْبٌ فِيهِ تَمَاثِيلُ» كُرِهَ لَهُ قَالَ وَإِذَا قُطِعَ رُءُوسُهَا فَلَيْسَتْ بِتَمَاثِيلَ وَفِي مُتَّفَقِ الْجَوْزَقِيِّ «أَنَّ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ فَلَمَّا رَآهُ هَتَكَهُ» الْحَدِيثَ وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الصُّورَةَ الْمَنْهِيَّ عَنْهَا مَا لَهُ شَخْصٌ دُونَ مَا كَانَ مَنْسُوجًا أَوْ مَنْقُوشًا فِي ثَوْبٍ أَوْ جِدَارٍ فَهَذَا الْحَدِيثُ يُكَذِّبُ ظَنَّهُ وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَدْخُلُ الْمَلَائِكَةُ بَيْتًا فِيهِ تَمَاثِيلُ أَوْ تَصَاوِيرُ» كَأَنَّهُ شَكٌّ مِنْ الرَّاوِي وَأَمَّا (قَوْلُهُمْ) وَيُكْرَهُ التَّصَاوِيرُ وَالتَّمَاثِيلُ فَالْعَطْفُ لِلْبَيَانِ وَأَمَّا (تَمَاثِيلُ شَجَرٍ) فَمَجَازٌ إنْ صَحَّ وَ (الْمِثَالُ الْفِرَاشُ) الَّذِي يُنَامُ عَلَيْهِ (وَامْتَثَلَ أَمْرَهُ) احْتَذَاهُ وَعَمِلَ عَلَى (مِثَالِهِ) وَقَوْلُهُ مِنْ عَادَةِ مُحَمَّدٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ - فِي تَصَانِيفِهِ أَنْ يُمَثِّلَ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى وَكَأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ بِمَعْنَى يَقْتَدِي فَعَدَّاهُ تَعْدِيَتَهُ.

مثل


مَثَلَ(n. ac. مُثُوْل)
a. Resembled, was like; took after.
b. [acc. & Bi], Compared with, likened to; assimilated to.
c.(n. ac. مَثْل
مُثْلَة) [Bi], Made an example of.
d. Appeared & disappeared.
e. see infra
(a)
مَثُلَ(n. ac. مُثُوْل)
a. Stood up.
b.(n. ac. مَثَاْلَة), Was distinguished &c.
مَثَّلَ
a. [acc. & La], Represented; described, portrayed to.
b. [acc.
or
Bi], Employed, used ( a simile ); quoted
adduced ( an example ); related, told ( a
story ).
c. Allegorized, metaphorized; personified.
d. see I (b) (c).
مَاْثَلَa. Resembled.
b. see I (b)c. [Bi], Recovered.
أَمْثَلَa. Made an example of, punished.
b. Avenged.
c. Made similar to.

تَمَثَّلَ
a. [Bi], Assimilated himself, became similar to; imitated.
b. Imagined, fancied.
c. [Min], Quoted, got from.
d. Became personified.
e. see (مَثُلَ) (a) & II (b).
تَمَاْثَلَa. Resembled each other, were alike; imitated each
other.
b. [Min], Recovered from.
إِمْتَثَلَa. Imitated, followed ( the conduct & c. of ).
b. Obeyed ( the orders of ).
c. [Min], Retaliated, took vengeance upon.
d. see II (b) (c).
مِثْل
(pl.
أَمْثَاْل)
a. Resemblance, similarity; likeness; counterpart, image
fac-simile, type.

مِثْلِيّa. Like.

مُثْلَةa. Example; warning; exemplary punishment
chastisement.

مُثْلَىa. fem. of
أَمْثَلُ
مَثَل
(pl.
أَمْثَاْل)
a. see 2b. Simile, similitude: parable; image, figure, allegory
metaphor, metonymy; fable; proverb; tale, story; example
illustration.
c. Model; precedent; instance, case; maxim
sentence.
d. Argument, proof.

مَثَلِيّa. Metaphorical, allegorical, figurative; typical
symbolical; parabolic.

مَثُلَةa. see 3t
أَمْثَلُ
(pl.
أَمَاْثِلُ)
a. Liker, &c.
b. More perfect, complete; better; best.

مَاْثِلa. Effaced, obliterated (trace).

مَاْثِلَةa. Lamp, light; torch.

مَثَاْلَةa. Excellence, superiority; merit.
b. ( pl.
reg.
&
مَثَاْئِلُ
46), [ coll. ], Lesson, task.

مِثَاْل
(pl.
مُثْل
مُثُل
أَمْثِلَة
15t)
a. Likeness; image, counterpart, facsimile, type, symbol;
model; example.
b. Form; formula; formulary.
c. Quantity; quality.
d. Assimilated verb ( one beginning with
و
or
ي ).
مَثِيْل
(pl.
مُثُل)
a. Like, similar; alike.
b. Excellent; eminent, superior.

مَثِيْلَة
a. [ coll. ]
see 22t (b)
أَمَاْثِلُ
a. [art.], The great men; the principal personages.

N. Ac.
مَثَّلَa. Comparison.
b. Analogy.
c. Assimilation.
d. Personification.

N. Ag.
مَاْثَلَ
a. [La], Like, resembling; corresponding, equal, equivalent
to; fellow to.
N. Ac.
تَمَاْثَلَa. Resemblance, similarity, likeness.

مُمَاثَلَة [ N.
Ac.
مَاْثَلَ
(مِثْل)]
a. see N. Ac.
VI
أُمْثُوْلَة
a. Example, maxim; quotation, citation.
b. [ coll. ]
see 22t (b)
تِمْثَال (pl.
تَمَاْثِيْل)
a. Likeness; representation: image, figure; statue;
effigy; portrait.

مِثْل مَاثِل
a. Striking example; remarkable case.

مَثَلًا
a. For instance, for example.
b. As an instance, an example, an illustration.

مِثْل كَمِثْل
a. As; like as, just as.

مِثْلَمَا
a. As, as also, as well as.

مَثَلِيًّا
a. Figuratively, allegorically.

ضَرَبَ مَثَلًا
a. He made use of a proverb, of an illustration.

مَثُلَ بَيْنَ يَدَيْهِ
تَمَثَّلَ بَيْنَ يَدَيْهِ
a. He stood before him, in his presence.
مثل: المَثَلُ: الذي تَضْرِبُه العَرَبُ. والصِّفَةُ، من قَوْلِهِ عَزَّ وجَلَّ: " مَثَلُ الجَنَّةِ التي وُعِدَ المُتَّقُوْنَ " أي صِفَتُها. والحُجَّةُ أيضاً. والحَدِيْثُ نَفْسُه، ورَجُلٌ مِمْثَالٌ.
ومَثَلْتُه أبْيَاتاً: أي غَنَّيْته بها، وجارِيَةٌ مُمَثِّلَةٌ. والتَّمَثُّلُ: الغِنَاءُ، وكذلك الأمَاثِيْلُ؛ واحِدُها أُمْثُوْلَةٌ.
والِمِثْلُ: شِبْهُ الشَّيْءِ في المِثَالِ والقَدْرِ والخِلْقَةِ، وهو المَثِيْلُ أيضاً.
والمِثَالُ: المِقْدَارُ، والجَمِيْعُ المُثُلُ، وثَلاَثَةُ أمْثِلَةٍ.
والمَثُلاَتُ: الأِشْبَاهُ والنَّظَائِرُ.
والتَّمْثِيْلُ: تَصْوِيْرُ الشَّيْءِ في المِثَالِ والقَدْرِ والخِلْقَةِ، وهو المَثِيْلُ أيضاً.
والمِثَالُ: المِقْدَارُ، والجَمِيْعُ المُثُلُ، وثَلاَثَةُ أمْثِلَةٍ.
والمَثُلاَتُ: الأشْبَاهُ والنَّظَائِرُ.
والتَّمْثِيْلُ: تَصْوِيْرُ الشَّيْءِ. والتِّمْثَالُ: الاسْمُ.
وظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ: تِمْثَالُه.
وهذا أمْثَلُ من ذاكَ: أي أفْضَلُ.
وتَمَاثَلَ العَلِيْلُ: بَرَأَ.
والمَثَالَةُ: الفَضْلُ، مَثِيْلٌ بَيِّنُ المَثَالَةِ. ومُثَلاَءُ القَوْمِ: خِيَارُهم.
ويقولونَ: " زَادَكَ اللهُ رَعَالَه؛ كُلَّما ازْدَدْتَ مَثَالَه ". والرَّعَالَةُ: الحُمْقُ.
والمُثْلُ: مَصْدَرٌ كالمَثَالَةِ.
وامْتَثَلْتُ أمْرَه.
ومَثَّلْتُه بفلانٍ، ومَثَّلْتُه فلاناً. ومَثَلْتُ مِثَالاً بالتَّخْفِيْفِ: في مَعْنى التَّشْدِيْدِ؛ أي صَوَّرْته.
ومُثِّلَ الشَّيْءُ بالشَّيْءِ: سُوِّيَ به. والمِثَالُ والمُمَاثَلَةُ: المُسَاوَاةُ.
والمُثُوْلُ الانْتِصَابُ قائماً، مَثَلَ يَمْثُلُ. والماثِلُ: المُنْتَصِبُ، واللاّطِىءُ بالأرْضِ، من الأضْدَادِ.
والمُثْلَةُ والمَثُلاَتُ والمُثَلُ: العُقُوْبَةُ والتَّنْكِيْلُ، ومَثَلْتُ به أمْثُلُ، ومنه قَوْلُه عَزَّ وجَلَّ: " وقَدْ خَلَتْ من قَبْلِهم المَثُلاَتُ "، وقُرِىءَ: " المُثُلاَتُ " بضَمِّ المِيْمِ و " المُثْلاتُ " بتَسْكِيْنِ الثّاءِ.
وامْتَثَلْتُ من فلانٍ: اقْتَصَصْتُ منه. وامْتَثِلْني من فلانٍ. والمَثْلُ: أن يُقْتَلَ مِثْلٌ بمِثْلٍ. وفي الحَدِيْثِ: " لا تُمَثِّلُوا بنَامِيَةِ اللهِ " يقولُ: لا تَقْتَصُّوا من خَلْقِ اللهِ بالقَتْلِ فتَقْتُلُوا المِثْلَ بالمِثْلِ.
وهو مُثْلَةٌ في الخَيْرِ والشَّرِّ: أي عَجَبٌ وآفَةٌ، وجَمْعُه مُثْلاَتٌ.
والمِثَالُ: الفِرَاشُ، وجَمْعُه مُثُلٌ. وهو من الإِبِلِ: الفَحْلُ، وجَمْعُه أمْثِلَةٌ. ويُكْنى عن قَضِيْبِ الإِنْسَانِ بالمِثَالِ.
والأمْثَالُ: أرْضٌ ذاتُ جِبَالٍ من أرْضِ البَصْرَةِ؛ وهي أرْضٌ سَهْلَةٌ، واحِدُها مِثْلٌ.
ورَحَا المِثْلِ: مَوْضِعٌ.

مثل

1 مَثَلَ aor. ـُ , inf. n. مُثُولٌ; (S, M, K, &c.;) and مَثُلَ; (M, K;) He stood erect; (S, M, K, &c.;) بَيْنَ يَدَيْهِ before him. (S, &c.) b2: مَثَلَ بِهِ, inf. n. مُثْلَةٌ, He mutilated him; castrated him; namely, a sheep or goat. (TA in art. دجن, from a trad.) 2 مَثَّلَ : see a verse of Kutheiyir in art. رود, conj. 4. b2: مَثَّلَهُ: see شَبَّهَهُ.3 مَاثَلَهُ i. q. شَابَهَهُ. (TA.) 4 أَمْثَلَهُ He set it up: from مَثَلَ “ he stood erect. ” b2: He set up a butt or mark: see an ex. voce غَرَضٌ.5 تَمَثَّلَ بِكَذَا [He affected to be like, or imitated, such a thing;] i. q. تَشَبَّهَ بِهِ. (TA, art. شبه.) b2: تَمَثَّلَ البَيْتَ and [more commonly] بِالبَيْتِ He used, or applied, the verse as a proverb, or proverbially. (MA.) b3: See تَشَبَّهَ.6 تَمَاثَلَ He became nearly in a sound, or healthy, state; or near to convalescence: (K:) or he became more like the sound, or healthy, than the unsound, or unhealthy, who is suffering from a chronic and pervading disease; (TA;) or so تماثل لِلْبُرْءِ. (M.) Said also of a wound: (T, S in art. دمل:) and of a disease; like أَشْكَلَ. (TA, art. شكل.) b2: تَمَاثَلَا i. q. تَشَابَهَا. (M, K in art. سوى.) 8 اِمْتَثَلَ أَمْرَهُ He followed his command, order, bidding, or injunction; did like as he commanded, ordered, &c.; (Mgh;) he obeyed his command, order, &c. (Msb.) مِثْلٌ A like; a similar person or thing; match; fellow; an analogue. (K, &c.) See نِدٌّ and voce بَدَلٌ. b2: A likeness, resemblance, or semblance; see شَبَهٌ. b3: An equivalent; a requital. b4: مِثْلَ, used as a denotative of state, means Like. Ex. مَرَّ مِثْلَ البَرْقِ He passed like the lightning. See an ex. in the Kur li. 23; and another, from Sakhr-el-Gheí, voce فَرْضٌ.

مَثَلٌ i. q. صِفَةٌ [as meaning A description, condition, state, case, &c.]; (S, K, &c.;) or وَصْفٌ [meaning the same]: (Msb:) or this is a mistake: (Mbr, AAF, TA:) or it may be a tropical signification: (MF, TA:) for in the language of the Arabs it means a description by way of comparison: (AAF, TA:) you say مثل زيد مثل فلان [The description of Zeyd, by way of comparison, or the condition, &c., is that of such a one]: it is from المِثاَلُ and الحَذْوُ: (Mbr, TA:) it is metaphorically applied to a condition, state, or case, that is important, strange, or wonderful. (Ksh, Bd in ii. 16.) The phrase here given is more literally, and better, rendered, The similitude of Zeyd is the similitude, or is that, of such a one; for a similitude is a description by way of comparison. b2: You say also, جَعَلَهُ مَثَلًا لِكَذَا [He made it (an expression or the like) to be descriptive, by way of comparison, of such a thing]. (TA passim.) [And مَثَلٌ لِكَذَا meansAn expression denoting, by way of similitude, such a thing.] b3: عَلَى المَثَلِ As indicative of resemblance to something. b4: See بَدَلٌ.

مِثَالٌ Quality, made, manner, fashion, and form; (Msb;) a model according to which another thing is made or proportioned; a pattern, (مِقْدَارٌ) by which a thing is measured, proportioned, or cut out: (T:) an example of a class of words, of a rule, &c. b2: مِنْ غَيْرِ سَبْقِ مِثاَلٍ [Without there having been any precedent]. (Msb in art. قرح, &c.) b3: [A bed:] بَناَتُ المِثَالِ The daughters of the bed; meaning women. (T in art. بنى.) جَوْزُ مَاثِلٍ : see جَوْزٌ.

تَمَاثِيلُ , in the following hemistich of Ibn-Ahmar, تَمَاثِيلُ قِرْطَاسٍ عَلَى هَبْهَبِيَّةٍ signifies كُتُبٌ يَكْتُبُونَهَا. (L, in TA, voce هَبْهَبِىٌّ, as signifying a “ light, or active,” camel.)
م ث ل : الْمِثْلُ يُسْتَعْمَلُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ بِمَعْنَى الشَّبِيهِ وَبِمَعْنَى نَفْسِ الشَّيْءِ وَذَاتِهِ وَزَائِدَةٍ وَالْجَمْعُ أَمْثَالٌ وَيُوصَفُ بِهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ وَالْجَمْعُ فَيُقَالُ هُوَ وَهِيَ وَهُمَا وَهُمْ وَهُنَّ مِثْلُهُ.
وَفِي التَّنْزِيلِ {أَنُؤْمِنُ لِبَشَرَيْنِ مِثْلِنَا} [المؤمنون: 47] وَخَرَّجَ بَعْضُهُمْ عَلَى هَذَا قَوْله تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] أَيْ لَيْسَ كَوَصْفِهِ شَيْءٌ وَقَالَ هُوَ أَوْلَى مِنْ الْقَوْلِ بِالزِّيَادَةِ لِأَنَّهَا عَلَى خِلَافِ الْأَصْلِ وَقِيلَ فِي الْمَعْنَى لَيْسَ كَذَاتِهِ شَيْءٌ كَمَا يُقَالُ مِثْلُكَ مَنْ يَعْرِفُ الْجَمِيلَ وَمِثْلُكَ لَا يَعْرِفُ كَذَا أَيْ أَنْتَ تَكُونُ كَذَا وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: 122] أَيْ كَمَنْ هُوَ وَمِثَالُ الزِّيَادَةِ {فَإِنْ آمَنُوا بِمِثْلِ مَا آمَنْتُمْ بِهِ} [البقرة: 137] أَيْ بِمَا قَالَ ابْنُ جِنِّي فِي الْخَصَائِصِ قَوْلُهُمْ مِثْلُكَ لَا يَفْعَلُ كَذَا قَالُوا مِثْلُ زَائِدَةٌ وَالْمَعْنَى أَنْتَ لَا تَفْعَلُ كَذَا قَالَ وَإِنْ كَانَ الْمَعْنَى كَذَلِكَ إلَّا أَنَّهُ عَلَى غَيْرِ هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي رَأَوْهُ مِنْ زِيَادَةِ مِثْلٍ وَإِنَّمَا تَأْوِيلُهُ أَنْتَ مِنْ جَمَاعَةٍ شَأْنُهُمْ كَذَا لِيَكُونَ أَثْبَتَ لِلْأَمْرِ إذَا كَانَ لَهُ فِيهِ أَشْبَاهٌ وَأَضْرَابٌ وَلَوْ انْفَرَدَ هُوَ بِهِ لَكَانَ انْتِقَالُهُ عَنْهُ غَيْرَ مَأْمُونٍ وَإِذَا كَانَ لَهُ فِيهِ أَشْبَاهٌ كَانَ أَحْرَى بِالثُّبُوتِ وَالدَّوَامِ وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ
وَمِثْلِي لَا تَنْبُو عَلَيْكَ مَضَارِبُهُ.

وَالْمَثَلُ بِفَتْحَتَيْنِ وَالْمَثِيلُ وِزَانُ كَرِيمٍ
كَذَلِكَ وَقِيلَ الْمَكْسُورُ بِمَعْنَى شِبْهٍ وَالْمَفْتُوحُ بِمَعْنَى الْوَصْفِ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا أَيْ وَصْفًا.

وَالْمِثَالُ بِالْكَسْرِ اسْمٌ مِنْ مَاثَلَهُ مُمَاثَلَةً إذَا شَابَهَهُ وَقَدْ اسْتَعْمَلَ النَّاسُ الْمِثَالَ بِمَعْنَى الْوَصْفِ وَالصُّورَةِ فَقَالُوا مِثَالُهُ كَذَا أَيْ وَصْفُهُ وَصُورَتُهُ وَالْجَمْعُ أَمْثِلَةٌ.

وَالتِّمْثَالُ الصُّورَةُ الْمُصَوَّرَةُ وَفِي ثَوْبِهِ تَمَاثِيلُ أَيْ صُوَرُ حَيَوَانَاتٍ مُصَوَّرَةٍ وَمَثَلْتُ بِالْقَتِيلِ مَثْلًا مِنْ بَابَيْ قَتَلَ وَضَرَبَ إذَا جَدَعْتَهُ وَظَهَرَتْ آثَارُ فِعْلِكَ عَلَيْهِ تَنْكِيلًا وَالتَّشْدِيدُ مُبَالَغَةٌ وَالِاسْمُ الْمُثْلَةُ وِزَانُ غُرْفَةٍ.

وَالْمَثُلَةُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ الْعُقُوبَةُ.

وَمَثَلْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ مُثُولًا مِنْ بَابِ قَعَدَ انْتَصَبْتُ قَائِمًا وَامْتَثَلْتُ أَمْرَهُ أَطَعْتُهُ. 
[م ث ل] المِثْلُ الشٍّ بْهُ قالَ ابنُ جِنِّي وقَوْلُه تَعالَى {فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون} الذاريات 23 جعل مثل وما اسمًا واحِدًا فبَنَى الأوَّلَ علَى الفَتْحِ وهما جَمِيعًا عِنْدَهُم في موضع رَفْعٍ لكونِهما صِفَةً لحَقّ فإِن قُلْتَ فما مَوْضِعُ {أنكم تنطقون} قيلَ هو جَرٌّ بإِضافَةِ مثلَ ما إِليه فإِن قُلْتَ ألا تَعْلَمُ أَنَّ ما على بِنائِها لاَنَّها على حَرْفَيْنِ الثّانِي منهُما حَرْفُ لِينٍ فكيَف تَجُوزُ إِضافَةُ المَبْنِي قيل ليسَ المُضافُ ما وحدها إِنما المُضافُ الاسمُ المَضْمُومُ إِليه ما فلم تَعْدُ ما هذه أن تكونَ كتاءِ التَّأَنِيثِ في نَحْوِ هذه جارِيةُ زَيْدٍ أَو كالأَلِفِ والنُّون في سِرْحان عَمْرٍ وأو كَياءِ الإضافَةِ في بَصْرِيِّ القَوْمِ أَو كَأَلِفَيِ التَّأْنِيثِ في صَحْراءَ زُمٍّ أَو كالأَلِفِ والتّاءِ في قَوْلِه

(في غائلاتِ الحائرِ المُتَوِّهِ ... )

وقَوْلُه تَعالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} الشورى 11 أَرادَ لَيْسَ مِثْلَه لا يكونُ إِلا ذَلك لأنَّه إِن لَمْ يَقُلْ هذا أَثْبَتَ له مثلاً تَعالَى الله عن ذلِك ونَظِيرُه ما أَنْشَدَه سِيبَوَيْهِ

(لَواحِقُ الأَقْرابِ فِيها كالمَقَقْ ... )

أي مَقَقٌ وقولُه تَعالَى {فَإِنْ أَمَنُوا بِمِثْلِ مَاءَاَمنتمُ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوا} البقرة 137 قال أَبُو إِسحاقَ إِنْ قالَ قائلٌ وهَل للإيمانِ مِثْلٌ هو غيرُ الإيمانِ قِيلَ له المَعْنَى واضِحٌ بَيِّنٌ وتَأْوِيلُه فإِن أَتَوْا بتَصْدِيقٍ مثلِ تَصْدِيقِكُم في إِيمانِكُمْ بالأَنْبِياءِ وتَصْدِيقِكُم بكُلِّ ما أَتَتْ به الأَنْبِياءُ وتَوْحِيدِكُم فقَد اهْتَدَوْا أَي فقَدْ صارُوا مُسْلِمِينَ مِثْلَكُم والمَثَلُ والمَثِيلُ كالمِثْلِ والجَمْعُ أَمْثالٌ وهُما يَتَماثَلان وقولُهم فُلانٌ مُسْتَرادٌ لِمِثْلِه وفُلانَةٌ مُسْتَرادَةٌ لِمِثْلِها أَي مِثْلُه ومثلها يُطْلَبُ ويُشَحُّ بهِ لنَفَاسَتِه وقِيلَ مَعْناهُ مُسْتَرادٌ مِثْلُه أَو مِثْلُها واللامُ زائِدةٌ والمَثَلُ الحَدِيثُ نَفْسُه وقولُه تعالَى {ولله المثل الأعلى} النحل 60 قالَ الزَّجَاجُ جاءَ في التَّفْسِيرِ أَنَّه قولُ لا إِلهَ إِلاّ الله وتَأْوِيلُه أَنَّ الله أَمَرَ بالتَّوْحِيدِ ونَفْيِ كُلِّ إِلهٍ سِواهُ وهِي الأَمْثالُ وقد مَثَّلَ بهِ وامْتَثَلَه وتَمَثَّلَ به وتَمَثَّلَه قالَ جَرِيرٌ (والتَّغْلَبِي إِذا تَنَحْنَحَ للقِرَى ... حَكَّ اسْتَه وتَمَثَّلَ الأَمْثالا)

عَلَى أَنّ هذا قد يَجُوزُ أَنْ يُرِيدَ به تَمَثَّلَ بالأَمْثالِ ثم حَذَفَ وأَوْصَلَ وامْتَثَلَ القَوْمَ وعندَ القَوْمِ مَثَلاً حَسَنًا وتَمَثَّلَ إِذا أَنْشَدَ بَيْتًا ثم آخرَ ثم آخَرَ وهِيَ الأُمْثُولَةُ وقَولُه تَعالى {مَثَلُ الجَنَّةِ} الرعد 35 محمد 15 قال أَبُو إِسحاقَ معناهُ صِفَةُ الجَنَّةِ ورَدَّ ذلِكَ أَبُو عَلِيٍّ قال لأَنَّ المَثَل الصِّفَة غيرُ مَعْروفٍ في كَلامِ العَرَبِ إِنَّما مَعْناه التَّمْثِيل وتَمَثَّلَ بالشَّيءِ ضَرَبَه مَثَلاً والمِثالُ المِقْدارُ وهو من الشَّبَه وقالَ أَبُو حَنِيفَةَ المِثالُ قالَبٌ يُدْخَلُ عَيْن النَّصْلِ في خَرْقٍ في وَسَطِه ثُمّ يُطْرَقُ غِراراهُ حتى يَنْبَسِطا والجمعُ أَمْثِلَةٌ ومُثُلٌ وتَماثَلَ العَلِيلُ قارَبَ البُرْءَ فصارَ أَشْبَه بالصَّحِيح من العَلِيلِ المَنْهُوك والأَمْثَلُ الأَفْضَلُ وهو مِنْ أَمائِلِهِمْ وذَوِي مَثالَتِهِم وقد مَثُلَ والطَّرِيقَةُ المُثْلَى التي هي أَشْبَهُ بالحَقِّ وقوله تعالى {إذ يقول أمثلهم طريقة} طه 104 مَعْناه أَعْدَلُهُم وأَشبَهُهُم بأَهْلِ الحَقِّ وقال الزَّجاجُ {أمثلهم طريقة} أَعْلَمُهم عند نَفْسِه بما يَقُول والمَثِيلُ الفاضِلُ وإِذا قِيلَ مَنْ أَمْثَلُكُم قيل كُلُّنا مَثِيلٌ حكاه ثَعْلَبٌ قال وإِذا قِيلَ مَنْ أَفْضَلَكُمُ قلتَ كُلُّنا فاضِلٌ أَي إِنَّكَ لا تَقُول كُلُّنا فَضِيلٌ كما تَقُول كُلُّنا مَثِيلٌ وماثَلَ الشَّيْءَ شابَهَهُ والتِّمْثالُ الصُّورَةُ والجمعُ التَّماثيلُ ومَثَّلَ له الشَّيْءَ صَوَّرَهُ حتّى كأًنَّه يَنْظُرُ إِليه وامْتَثَلَه هو تَصَوَّرَه وامْتَثَلَ طَرِيقَتَه تَبٍ عَها فلم يَعْدُها ومَثَلَ الشَّيْءُ يَمْثُلُ مُثُولاً ومَثُلَ قامَ مُنْتَصِبًا ومَثَلَ لَطِيءَ بالأَرْضِ وقَوْلُ لَبِيدٍ

(ثُمّ أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ صُواهُ كالمَثَلْ)

فَسَّرَه المُفَسِّرُ فقالَ المَثَلُ الماثِلُ ووَجْهُه عِنْدِي أَنَّه وَضَع المَثَلَ مَوْضِعَ المُثُولِ وأَرادَ كَذِي المَثَلِ فحَذَف المُضافَ وأَقامَ المُضافَ إِليه مُقامَه ويجوزُ أَن يَكُونَ المَثَلُ جَمْعَ ماثِلٍ كغائبٍ وغَيَبٍ وخادِمٍ وخَدَمٍ وموضعُ الكافِ الزِّيادَةُ كما قال رُؤْبَةُ

(لَواحِقُ الأَقْرابِ فِيها كالمَقَقْ ... )

أَي فِيها مَقَقٌ وَمثَلَ يَمْثُلُ زالَ عن مَوْضِعِه قالَ أَبُو خِراشٍ الهُذَلِيُّ

(يُقَرِّبُه النَّهْضُ النَّجِيحُ لما يَرَى ... فمِنْهُ بُدُوٌّ مَرَّة ومُثُولُ)

ومَثَلَ بالرَّجُلِ يمثُل مَثْلاً ومُثْلَةً الأَخيرةُ عن ابنِ الأَعْرابِيِّ ومَثَّلَ كِلاهُما نَكَّلَ به وهي المَثُلَةُ والمُثْلَةُ وقَوْلُه {وقد خلت من قبلهم المثلات} الرعد 6 قال الزَّجّاجُ الضَّمَّةُ فيها عِوَضٌ من الحَذْفِ ورَدَّ ذلِكَ أَبُو عَلِيٍّ وقالَ هُو من بابِ شاةٌ لَجِبَةٌ وشِياهٌ لَجِباتٌ وأَمْثَلَ الرَّجُلَ قَتَلَه بقَوَدٍ وامْتَثَلَ منه اقْتَصَّ قالَ (إِنْ قَدَرْنا يَوْمًا على عامِرٍ ... نَمْتَثِلْ مِنْه أَو نَدَعْهُ لَكُمْ)

وتَمَثَّلَ منه كامْتَثَلَ وقالُوا مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ عن ابنِ الأَعْرابِيّ وأَنْشَدَ

(مَنْ لا يَضَعْ بالرَّمْلَةِ المَعاوِلا ... )

(يَلْقَ من القامَةِ مِثْلاً ماثِلاً ... )

(وإِنْ تَشَكَّى الأَيْنَ والتَّلاتلا ... )

وعَنَى بالتَّلاتِلِ الشَّدائِدَ والمِثالُ الفِراشُ وجَمْعُه مُثُلٌ والمِثالُ حَجَرٌ قد نُقِرَ في وَجْهِه نَقْرٌ عَلَى خِلْقَةِ السِّمَةِ سواءً فيُجْعَلُ فيهِ طَرَفٌ العَمُودِ أَو المُلْمُولِ المُضَهَّبِ فلا يَزالُونَ يَحْنُون منه بأَرْفَق ما يَكُونُ حَتَّى يَدْخُلَ المِثالُ فيه فيكونَ مِثْلَهُ والمِثْلُ مَوْضِعٌ قالَ مالِكُ بن الرَّيْبِ

(أَلا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ تَغَيَّرَتِ الرَّحَى ... رَحَى المِثْلِ أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كما هِيَا)
[مثل] نه: فيه: نهى عن "المثلة"، يقال: مثلت بالحيوان مثلًا- إذا قطعت أطرافه وشوهت به، ومثلت بالقتيل- إذا جدعت أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئًا من أطرافه، والاسم المثلة، ومثل- بالتشديد للمبالغة. ن: لكنه لم يرو منه، وقد مثل به- بضم ميم وكسر مثلثه. ك: بكسر مثلثة مشددة، ومنه: ستجدون في القوم "مثلة"، هي بفتح ميم وضم ثاء، وقيل: بضم ميم كغرفة، وقيل: بفتح فسكون مصدر، يريد أنهم جدعوا أنوفهم وشقوا بطونهم كحمزة ولم تسؤني لأنكم أعدائي، وقد كانوا قتلوا ابنه يوم بدر. نه: ومنه: نهى أن "يمثل" بالدواب، أي تنصب فترمى أو تقطع أطرافها وهي حية، وروى: وأن تؤكل الممثول بها. ومنه: لطمت مولى لنا فدعاه أبي ودعاني ثم قال: "امثل" منه، وروى: امتثل، فعفا، أي اقتص منه، من أمثل السلطان فلانًا- إذا أقاده، وتقول للحاكم: أمثلني، أي أقدني، ومنه ح صفة الصديق: فحنت له قسيها و"امتثلوه" غرضًا، أي نصبوه هدفًا لسهام ملامهم وأقوالهم، وهو افتعل من المثلة. ج: "مثل" به نكل، والاسم المثلة. غ: "مضى "مثل" الأولين" ذكر عقوباتهم. نه: وفيه: من "مثل" بالشعر فليس له عند الله خلاق، مثلة الشعر: حلقة من الخدود، وقيل: نتفه أو تغييره بالسواد، وعن طاووس: جعله الله طهرة فجعله نكالًا. وفيه: من سره أن "يمثل" له الناس قيامًا فليتبوأ مقعده من النار، أي يقومون له وهو جالس، مثل مثولًا- إذا انتصب قائمًا، وهو زي الأعاجم تكبرًا وإذلالًا للناس. ن: أي يمثل- بضم ثاء. ط: أي من أحب أن يقومالدنيا ويؤدي ما عليه من الفرض ويمنعه عن قيامه بعض الأصحاب، وتخصيص الغروب مناسب للغريب فإن أول منزل ينزل عند الغروب، وعند غروبها- حال من الشمس لا ظرف مثلث، ويمسح- حال من ضمير يجلس. و"المثلاث" جمع مثلة- بفتح ميم وضم مثلثة، بمعنى المثل وهي العقوبة الفاضحة، وأصله الشبه وما يعتبر به، يريد بمن خلا من الأمم. غ: ""مثل" الجنة" صفتها. "وله "المثل" الأعلى" أي التوحيد والخلق والأمر ونفي كل إله سواه. و "محاريب و"تماثيل""، ذكر أنها صورة الأنبياء. "ويذهبا بطريقتكم "المثلى"" تأنيث الأمثل، أي يصرفان وجوه أماثل الناس إليها، امتثل أماثلهم: اختار أفاضلهم، الواحد مثل، والأماثل جمع أمثال أو أمثل. نه: وفيه: أشد الناس بلاء الأنبياء ثم "الأمثل فالأمثل"، أي الأشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى في الرتبة والمنزلة. ك: أتى بثم أولًا ثم بالفاء إعلامًا بالبعد بين مرتبة الأنبياء وغيرهم وعدمه بين ولى وولى إذ رتبة بعض الأولياء قريب من البعض، ووجه أشدية البلاء عليهم كونهم مخصوصين بكمال الصبر ومعرفة أنها نعمة، وليتم الخير لهم ويضاعف الأجر. ومنه: وهو "أمثل" له غذاء، أي أفضل، قوله: إلى غيرها، متعلق بيمنعها، أي منعها منتهيًا إلى رضاع غيرها. نه: ومنه ح عمر للتراويح: لو جمعت الناس على قارئ واحد لكان "أمثل"، أي أولى وأصوب. وفيه: قال بعد وقعة بدر: لو كان أبو طالب حيًا لرأي سيوفنا قد بسأت "بالمياثل"، أي اعتادت واستأنست بالأماثل. ج: و"أمثل" ما تداويتم، أي أشرف وأجود.
مثل
مثَلَ يَمثُل، مُثولاً، فهو ماثل، والمفعول ممثول (للمتعدِّي)
• مثَل الشَّخصُ بين يدي فلان: مَثُل؛ قام بين يديه منتصبًا "أمر القاضي بمثول الشّهود بين يديه- مَثَل بين يدي الرئيس- مثَلُوا أمام المحكمة".
• مثَل التَّماثيلَ: صوّرها بالنّحت.
• مثَله بفلان: شبّهه وسوّاه به. 

مثُلَ1/ مثُلَ لـ يَمثُل، مُثولاً، فهو ماثل، والمفعول ممثول له
• مثُل الشَّخصُ بين يدي فلان: مثَل؛ قام بين يديه منتصبًا "مثُل للتّحقيق بين يدي القاضي".
• مثُلت الجريدةُ للطِّبع: أعدّت وتهيَّأت للطِّباعة. 

مثُلَ2 يمثُل، مَثالةً، فهو مثيل
• مثُل الشّخصُ: فضُل وكان ذا مزّية في نوعه "مثُل بين أقرانه". 

امتثلَ/ امتثلَ لـ/ امتثلَ من يمتثل، امتثالاً، فهو مُمتثِل، والمفعول مُمتثَل
• امتثل المثلَ: تصوّره.
• امتثل طريقةَ فلان: اتّبعها وعمل على مثالها "امتثل أسلوبَ المتنبِّي في شعره".
• امتثل الأمرَ/ امتثل للأمر: أطاعه واحتذاه "ممتثل لأوامر الله".
• امتثل من فلان: اقتصّ منه. 

تماثلَ/ تماثلَ من يتماثل، تماثُلاً، فهو مُتماثِل، والمفعول مُتماثَل منه
• تماثل الشَّيئان: تشابها "تماثل الرأيان/ العددان- أبنية متماثلة".
• تماثل المريضُ من عِلَّته: قارب البُرْءَ، بدأت صحّتُه تتحسَّن "تماثل للشّفاء". 

تمثَّلَ/ تمثَّلَ بـ/ تمثَّلَ لـ/ تمثَّلَ من يتمثّل، تمثُّلاً، فهو مُتمثِّل، والمفعول مُتمثَّل
• تمثَّل الشَّيءَ: تصوّر مثالَه "تمثَّل الشَّجاعةَ في شخص فلان- كرّر وجهة نظره المُتَمَثَّلَة في كذا".
• تمثَّل الجسمُ الغذاءَ: أخذه وامتصّ ما فيه من نفع.
• تمثَّل بِبَيْت من الشِّعر في خطابه: ضربه مثلاً.
• تمثَّل بأبيه في الحزم: تشبّه به "تمثّل بالكرام- يحاول الطالبُ التمثُّل بأستاذه".
• تمثَّل الشَّيءُ له: تصوّر له، تشخَّص له " {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} ".
• تمثَّل من خَصْمه: امتثل منه، اقتصّ منه. 

ماثلَ يماثل، مثالاً ومُماثلةً، فهو مُماثِل، والمفعول مُماثَل
• ماثل الشَّيءُ الشَّيءَ: شابهه "كان يماثل أستاذَه في العلم والمعرفة- ماثل أباه شجاعة وكرمًا- ذوقه يماثل ذوقي".
• ماثل فلانٌ فلانًا: قلّده "ماثَل الطالبُ أستاذَه في طريقة الكلام والنِّقاش".
• ماثل فلانًا بفلان: مثله به، شبَّههُ به (ولا تكون المماثلة إلاّ بين المتفقين) "ماثلت أخي بأحد أصدقائي". 

مثَّلَ/ مثَّلَ بـ يمثِّل، تمثيلاً، فهو مُمثِّل، والمفعول مُمثَّل
• مثَّل التَّماثيلَ: مثلَها؛ صوّرها.
• مثَّل المسرحيّةَ: عرضها على المسرح "مثَّل دورَ البطل: لبس شخصيّته- مثل دورَ السُّلطان: قام بهذا الدّور" ° مثَّل دورًا أمام رئيسه: تظاهر به.
• مثَّل الجريمةَ: أعاد تمثيلَ وقائعها أمام المحقِّقين لمساعدتهم في اكتشاف الحقيقة, ومعرفة الظروف التي ارتُكبت فيها.
• مثَّل فلانًا: (قن) قام بعمل قانونيّ باسم غيره بمقتضى توكيل قانونيّ أو اتِّفاق، ناب عنه "مثّل المحامي مصالحَ الشركة- مثل المحامي المتّهمَ في قضيّته".
• مثَّل الشَّيءَ بالشَّيء: مثلَه به، شبّهه به "مثّل الحياة بالحُلم".
• مثَّل الشَّيءَ لفلانٍ: صوّره له بكتابة أو غيرها كأنّه ينظر

إليه.
• مثَّل قومَه في دولة أو مؤتمر: ناب عنهم "مثّل بلادَه في اجتماع القمّة العربيّة"? بدل التَّمثيل: هو ما يصرف لمن ينوبون عن الدولة في الخارج.
• مثَّل به: عذّبه ونكّل به بجدع أنفه أو قطع أذنه أو غيرها من الأعضاء "قتله ومثَّل بجثّته أبشع تمثيل". 
4740 - 
أمثلُ [مفرد]: ج أماثِلُ، مؤ مُثْلى، ج مؤ مُثْلَيات: أفعل تفضيل من مثُل2؛ أفضلُ، أحسنُ "اتّبع الحلّ الأمثل- إنّه من أماثل الناس: خيارُهم- {وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى} ". 

أُمْثولة [مفرد]: ج أمثولات وأماثيلُ: ما يُتَمثَّل به، عِبْرة، عِظة، ما يضرب مثلا "جعله أُمثولة للجميع- هو أمثولة في الصِّدق والوفاء". 

امتثال [مفرد]: مصدر امتثلَ/ امتثلَ لـ/ امتثلَ من.
• أمر بالامتثال أمام المحكمة: (قن) وثيقة قانونيّة صادرة بالأمر لأحد الأفراد بأن يظهر أمام المحكمة في وقتٍ مُعيَّن، والإخلال بهذا الأمر قد يُعرِّض الفردَ للعقوبة. 

امتثاليَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى امتثال: "قيم امتثاليّة".
2 - مصدر صناعيّ من امتثال: كون الإنسان مسايرًا في أفكاره وعواطفه للعُرْف العام في المجتمع الذي يعيش فيه "يجب الانصياع لامتثاليّة الحياة العاديَّة مع انضباط صارم- كان مهيّأ لتلقِّي قرارات رؤسائه والتكيُّف معها بامتثاليّة وانضباط شديد". 

تماثُل [مفرد]:
1 - مصدر تماثلَ/ تماثلَ من.
2 - (بغ) تشارك في أمرٍ ما.
3 - (جب) تساوي العددين.
4 - (لغ) تأثُّر الأصوات المتجاورة بعضُها ببعض. 

تِمثال [مفرد]: ج تماثيلُ: اسم ذات، ما يُنحت مُشبَّهًا بالمخلوقات من عباد وحيوان وغيرها، صورة مصوَّرة "صنعوا له تمثالاً من رُخام- تماثيل العظماء- {مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ} ". 

تمثيل [مفرد]:
1 - مصدر مثَّلَ/ مثَّلَ بـ.
2 - استيعاب المعلومات استيعابًا ينظمها في الحياة العقليّة.
3 - (بغ) تشبيه صورة مركّبة بأخرى مركّبة.
4 - (سف) إلحاق جُزَيء بجزيء آخر في حكمه لمعنى مشترك بينهما، ومنه القياس الفقهيّ.
5 - (قن) انتداب شخص مُعيّن للقيام بعمل ما باسم غيره ولحسابه بمقتضى توكيل.
• التَّمثيل: (فن) أداء أدوار في عمل مسرحيّ أو سينمائيّ أو تليفزيونيّ.
• التَّمثيل الغذائيّ: (حي) تحوّل الموادّ الغذائيَّة التي يتناولها الكائنُ الحيّ إلى موادّ يتألّف منها جسمُه، وتعرف هذه العمليّة بالأيض النَّباتي.
• التَّمثيل النِّسبيّ: (سة) محاولة توزيع المقاعد أو المناصب بالنِّسبة إلى القوى السِّياسيّة المتنافسة في البرلمان أو في الحكومة أو في وظائف أخرى.
• التَّمثيل الضَّوئيّ: (نت) عمليّة يقوم بها النَّبات الأخضر مكوِّنًا موادّ كربوهيدراتيّة (نشويّة وسكَّريّة) شريطة وجود البلاستيدات الخضراء (الكلوروفيل) والضَّوء وثاني أكسيد الكربون والماء. 

تمثيليّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى تمثيل: "مشهد تمثيليّ".
2 - مسرحيّ "فرقة تمثيليّة". 

تمثيليَّة [مفرد]: (فن) عمل فنيّ منثور أو منظوم يؤلّف على قواعد خاصّة ليمثِّل حادثًا حقيقيًّا أو متخيّلاً "تمثيليّة إذاعيّة- تمثيليّات فكاهيّة". 

ماثِل [مفرد]:
1 - اسم فاعل من مثَلَ ومثُلَ1/ مثُلَ لـ.
2 - متصوّر "فكرة ماثلة في ذهنه".
3 - واضح بيِّن "ماثل للعَيان- ماثل أمام عينيه حاضر، باد". 

مِثال [مفرد]: ج أمثلة (لغير المصدر) ومُثُل (لغير المصدر):
1 - مصدر ماثلَ.
2 - قالَب ونموذج يُقدّر على مِثْله "مُثُل عُليا- صنع القرطَ على مثال اختاره المشتري".
3 - صورة الشّيء التي تمثِّل صفاتِهِ "إنّها مثال الشّرف والأمانة- على سبيل المثال" ° على مثاله: على منواله.
4 - شاهد يذكر لإيضاح القاعدة "قرّب المعلّم الفهمَ إلى تلامذته بأمثلة عديدة".
5 - ما يعبّر عنه موضوع الفنّ حِسّيًّا (في علم الجمال).
6 - قدوة يحتذى به.
• المثال: (نح) المعتل الفاء من الأفعال مثل: وعد، وزن. 

مَثالة [مفرد]: مصدر مثُلَ2. 

مِثاليّ [مفرد]:
1 - اسم منسوب إلى مِثال: وصف لكلّ ما هو كامل في بابه، ويُقتدى به "خُلُق/ زوج/ سلوك مثاليّ- الأمّ المثاليّة- الطّالب المثاليّ".
2 - من يتّخذ لنفسه مَثَلا أعلى يتّبعه في حياته. 

مثاليَّة [مفرد]:
1 - اسم مؤنَّث منسوب إلى مِثال.
2 - مصدر صناعيّ من مِثال.
• المثاليَّة:
1 - (سف) مذهب فلسفيّ ينكر حقيقة ذاتيّة الأشياء المتميِّزة من (أنا) ولا يقبل منها إلاّ الفكر، وهو مذهب يقابل الواقعيّة بوجهٍ عام "فيلسوف من دعاة المثاليّة".
2 - الميل نحو المثال والبحث عنه "في سلوكه مثاليّة واضحة تبعده عن الواقع والتكيف معه". 

مثَّال [مفرد]: صانع التماثيل "نحت المثَّالُ تمثالاً لشاعرٍ كبير". 

مَثَل [مفرد]: ج أمثال:
1 - جملة من القول مقتطعة من كلام، أو مرسلة بذاتها، تنقل ممّا وردت فيه إلى مشابهة بدون تغيير مثل (الجار قبل الدار والرفيق قبل الطريق) "ضرب مثلاً- {وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} " ° صار مضرب الأمثال: مشهور معروف- مثل سائر: قول مأثور شائع بين الناس.
2 - عبرة، درس، آية " {فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلاً لِلآخِرِينَ} ".
3 - شبه ونظير " {مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا} ".
4 - أسطورة على لسان حيوان أو جماد "أمثال كليلة ودمنة".
5 - حُجّة ودليل "أقام له مثلاً- سجّلت على اللوحة مثلاً على ذلك- ضرب لهم مثلا من نفسه- {وَمَثَلاً مِنَ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ} ".
6 - غاية في بابه من جميع النواحي "هو مثلٌ في الأخلاق العالية". 

مِثْل [مفرد]: ج أمثال: شبه، نظير، مشابه "هو مِثْل أبيه كرمًا- لا تتفوّه بِمثْل هذا الكلام- {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ} - {لِمِثْلِ هَذَا فَلْيَعْمَلِ الْعَامِلُونَ}: يضرب للحثّ على عمل الخير والاتِّجاه إلى أمجد المقاصد- {كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ} " ° في مثل هذه الحالة: في حالة كهذه- معاملة بالمِثْل: معاملة على النّحو ذاته. 

مَثُلة [مفرد]: ج مَثُلات: عقوبة " {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاَتُ} ". 

مُثْلَة [مفرد]: ج مُثُلات ومُثْلات:
1 - تنكيل بجدع الأنف أو قطع الأذن " {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ المُثُلاَتُ} [ق]- {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ المُثْلاَتُ} [ق] ".
2 - عقوبة. 

مُثول [مفرد]: مصدر مثَلَ ومثُلَ1/ مثُلَ لـ. 

مثيل1 [مفرد]: ج مُثَلاءُ: صفة مشبَّهة تدلّ على الثبوت من مثُلَ2. 

مَثيل2 [مفرد]: ج أمثال: شبيه ونظير متساوٍ مع غيره في الأهمية أو الرُّتبة أو الدرجة "هذه اللوحة لا مثيل لها: فريدة- تلك الطالبة تختلف عن مثيلاتها- هو مثيله في أخلاقه" ° لم يسبِق له مثيل: فريد، منقطع النَّظير لا شبيه له. 

مُماثلة [مفرد]
• المُماثلة:
1 - (جد) تساوي الفاصلتين في الطُّول أو الوزن أو هما معًا " {وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ. وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ} ".
2 - (لغ) تأثُّر الأصوات اللُّغويّة بعضها ببعض تأثيرًا يهدف إلى نوع من المشابهة بينها ليزداد مع مجاورتها قربها في الصِّفات أو المخارج. 

مُمَثِّل [مفرد]:
1 - اسم فاعل من مثَّلَ/ مثَّلَ بـ ° الممثِّل التِّجاريّ: الوكيل- ممثّل الشَّعب: النّائب وهو من ينتخبه الشّعبُ لينوب عنه في سنّ قوانين البلاد وفي المحافظة على حقوقه- ممثِّل حزب: مَنْ خُوِّل السُّلطةَ ليتصرَّف بالنِّيابة عن جماعة- ممثِّل دبلوماسيّ: مَنْ عيَّنه بلدُهُ ليمثِّله لدى بلد آخر.
2 - (فن) من يزاول مهْنة التمثيل على المسرح أو في السينما أو التلفزيون ° الممثِّل البديل: الذي يحلّ محلّ ممثل آخر اعتذر عن أداء الدور، أو الذي يقوم بمشاهد تحتاج إلى مهارة بدلاً عن الممثِّل الأصليّ.
3 - وكيل "ممثِّل النِّيابة". 
مثل
المِثْل، بالكَسْر والتحريك، وكأَميرٍ: الشِّبْه، يُقَال: هَذَا مِثْلُه وَمَثَلُه، كَمَا يُقَال: شِبهُه وَشَبَهُه. قَالَ ابنُ بَرِّي: الفرقُ بَين المُماثَلةِ والمُساواةِ أنّ المساواةَ تكونُ بَين المُختَلِفَيْنِ فِي الجِنسِ والمُتَّفِقَيْن لأنّ التساويَ هُوَ التكافُؤُ فِي المِقدارِ لَا يزيدُ وَلَا يَنْقُصُ، وأمّا المُماثَلةُ فَلَا تكونُ إلاّ فِي المُتَّفِقَيْن، تَقول: نَحْوُه كَنَحْوِه وفِقهُه كفِقْهِه وَلَوْنُه كَلَوْنِه وَطَعْمُه كَطَعْمِه، فَإِذا قيل: هُوَ مِثلُه، على الْإِطْلَاق، فَمَعْنَاه أنّه يَسُدُّ مَسَدَّه، وَإِذا قيل: هُوَ مثلُه فِي كَذَا، فَهُوَ مُساوٍ لَهُ فِي جِهةٍ دونَ جِهةٍ، انْتهى. وقرأتُ فِي الرِّسالةِ البغداديّةِ للحاكمِ أبي عَبْد الله النَّيْسابوريِّ وَهِي عِنْدِي مَا نَصُّه: أنّ ممّا يَلْزَمُ الحَدِيثِيَّ من الضبطِ والإتقانِ إِذا ذَكَرَ حَدِيثا وساقَ المَتْنَ ثمّ أَعْقَبَه بإسْنادٍ آخَرَ أَن يَفْرُقَ بَين أَن يَقُول: مِثلُه أَو نَحْوُه، فإنّه لَا يحِلُّ لَهُ أَن يَقُول: مِثلُه إلاّ بعدَ أَن يَقِفَ على المَتنَيْنِ والحديثِ جَمِيعًا، فيعلمَ أنّهما على لفظٍ واحدٍ، فَإِذا لم يُميِّزْ ذَلِك حَلَّ لَهُ أَن يَقُول: نَحْوُه، فإنّه إِذا قالَ نَحْوُه فقد بيَّنَ أنّه مِثلُ مَعانيه، وقَوْله تَعالى: لَيْسَ كمِثلِه شيءٌ وَهُوَ السميعُ البَصير أرادَ لَيْسَ مِثلَه، لَا يكونُ إلاّ ذَلِك لأنّه إنْ لم يقُلْ هَذَا أَثْبَتَ لَهُ مِثْلاً، تَعَالَى اللهُ عَن ذَلِك، ونَظيرُه مَا أنشدَ سِيبَوَيْهٍ: لَواحِقُ الأَقْرابِ فِيهَا كالمَقَقْ)
وقولُهم: فلانٌ مُسْتَرادٌ لمِثلِه، وفلانٌ مُسْتَرادةٌ لمِثلِها: أَي مِثلُه يُطلَبُ ويُشَحُّ عَلَيْهِ، وَقيل: مَعْنَاهُ مُسْتَرادٌ مِثلُه أَو مِثلُها، واللامُ زائدةٌ. والمَثَل، مُحَرَّكَةً: الحُجّةُ، وَأَيْضًا: الحديثُ نَفْسُه، وقولُه عزَّ وجلَّ: وللهِ المَثَلُ الأعْلى جاءَ فِي التفسيرِ أنّه قولُ: لَا إِلَه إلاّ الله، وتأويلُه أنّ اللهَ أَمَرَ بالتوحيدِ ونَفْيِ كلِّ إِلَه سِواه، وَهِي الأمْثال. وَقد مَثَّلَ بِهِ تَمْثِيلاً وامْتَثلَه وَتَمَثَّلَه وَتَمَثَّلَ بِهِ، قَالَ جَريرٌ: (والتَّغْلَبِيُّ إِذا تَنَحْنَحَ للقِرَى ... حَكَّ اسْتَه وَتَمَثَّلَ الأمْثالا)
على أنّ هَذَا قد يجوزُ أَن يريدَ بِهِ تمَثَّلَ بالأَمْثالِ، ثمّ حَذَفَ وأَوْصَلَ. المَثَلُ أَيْضا: الصِّفة، كَمَا فِي الصِّحاح، قَالَ ابنُ سِيدَه: وَمِنْه قَوْله تَعالى: مَثَلُ الجنَّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقون، قَالَ الليثُ: مثَلُها هُوَ الخبَرُ عَنْهَا، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: معناهُ صِفةُ الجنّةِ، قَالَ عُمرُ بنُ أبي حَنيفة: سَمِعْتُ مُقاتِلاً صاحبَ التفسيرِ يَسْأَلُ أَبَا عَمْرِو بنَ العلاءِ عَن هَذِه الآيةَ فقالَ مَا مثَلُها فَقَالَ: فِيهَا أَنْهَارٌ من ماءٍ غيرِ آسِنٍ قَالَ: مَا مَثَلُها فَسَكَتَ أَبُو عمروٍ، قَالَ: فَسَأَلتُ يونُسَ عَنْهَا فَقَالَ: مَثَلُها: صِفَتُها، قَالَ مُحَمَّد بن سَلاّمٍ: ومِثْلُ ذَلِك قولُه: ذَلِك مثَلُهم فِي الــتَّوراةِ وَمَثَلُهم فِي الْإِنْجِيل أَي صِفتُهم، قَالَ الأَزْهَرِيّ: ونحوُ ذَلِك رُوِيَ عَن ابنِ عبّاسٍ، وأمّا جوابُ أبي عمروٍ حينَ سألَه مَا مثَلُها فَقَالَ: فِيهَا أَنْهَارٌ من ماءٍ غيرِ آسِنٍ ثمّ تَكْرِيرُه السُّؤال: مَا مثَلُها وسُكوتُ أبي عمروٍ عَنهُ فإنّ أَبَا عمروٍ أَجَابَهُ جَوَابا مُقنِعاً، ولمّا رأى نَبْوَةَ فَهْمِ مُقاتِلٍ سَكَتَ عَنهُ لِما وَقَفَ من غِلَظِ فَهْمِه، وَذَلِكَ أنّ قَوْله تَعالى: مَثَلُ الجنَّة تَفْسِيرٌ لقولِه تَعَالَى: إنّ اللهَ يُدخِلُ الذينَ آمنُوا وعَمِلوا الصالِحاتِ جَنّاتٍ تجْرِي من تَحْتِها الْأَنْهَار وَصَفَ تلكَ الجنّاتِ فَقَالَ: مثَلُ الجنَّةِ الَّتِي وَصَفْتُها، وَذَلِكَ مِثلُ قولِه: مثَلُهُم فِي الــتَّوراةِ ومثَلُهم فِي الْإِنْجِيل أَي ذَلِك صِفةُ مُحَمَّد صلّى الله تَعَالَى عَلَيْهِ وسلَّم وأصحابِه فِي الــتَّوْراة، ثمّ أعلمَهُم أنّ صِفتَهم فِي الإنجيلِ كَزَرْعٍ، قَالَ الأَزْهَرِيّ: وللنحويين فِي قَوْله تَعالى: مثَلُ الجنّةِ الَّتِي وُعِدَ المُتَّقون قولٌ آخَرُ، قَالَه مُحَمَّد بن يَزيدَ المُبَرِّدَ فِي كتابِ المُقْتَضَبِ، قَالَ: التقديرُ: فِيمَا يُتلى عليكُم مثَلُ الجنّةِ، ثمّ: فِيهَا، وفيهَا، قَالَ: وَمَنْ قالَ: إنّ مَعْنَاهُ صِفةُ الجنّةِ فقد أَخْطَأَ، لأنّ مَثَل لَا يُوضَعُ فِي مَوْضِعِ صِفة، إنّما يُقَال: صِفةُ زَيْدٍ أنّه ظَريفٌ، وأنّه عاقِلٌ، وَيُقَال: مثَلُ زَيدٍ مثَلُ فُلانٍ، إنّما المثَلُ مأخوذٌ من المِثال، والحَذْوِ، والصِّفةُ تَحْلِيَةٌ وَنَعْتٌ، انْتهى. قلت: ومِثْلُ ذَلِك لأبي عليٍّ الفارسيِّ فإنّه قَالَ: تَفْسِيرُ المثَلِ بالصِّفةِ غيرُ معروفٍ فِي كلامِ الْعَرَب، إنّما مَعْنَاهُ التَّمْثيل، قَالَ شيخُنا: ويمكنُ أَن يكونَ إطْلاقُه عَلَيْهَا من قَبيلِ المَجازِ لعلاقَةِ الغَرابة. وامْتَثلَ عندَهم مَثَلاً حَسَنَاً، وَكَذَا: امْتَثلَهُم مَثَلاً حَسَنَاً. وَتَمَثَّلَ: أَي)
أنشدَ بَيْتَاً، ثمّ آخَرَ، ثمّ آخَرَ، وَهِي الأُمْثولَة، بالضَّمّ. وَتَمَثَّلَ بالشيءِ: ضَرَبَه مثَلاً، يُقَال: هَذَا البيتُ مثَلٌ يَتَمَثَّلُه، وَيَتَمثَّلُ بِهِ. والمِثال، بالكَسْر: المِقْدار، وَهُوَ من الشِّبَهِ والمِثْلِ مَا جُعِلَ مِثالاً، أَي مِقداراً لغَيرِه يُحذى عَلَيْهِ، والجمعُ أَمْثِلَةٌ ومُثُلٌ، وَمِنْه أَمْثِلَة الأفعالِ والأسماءِ فِي بابِ التصريف. قَالَ أَبُو زيدٍ: المِثال: القِصاص، وَهُوَ اسمٌ من أَمْثَلَه إمْثالاً، كالقِصاصِ اسمٌ من أَقَصَّه إقْصاصاً. المِثال: صفَةُ الشيءِ. أَيْضا: الفِراش، وَمِنْه حديثُ عَبْد الله بن أبي نَهيك: أنّه دَخَلَ على سَعدٍ رَضِيَ الله تَعالى عَنهُ وعندَه مِثالٌ رَثٌّ. أَي: فِراشٌ خَلَقٌ. وَفِي حديثٍ آخَر: فاشْترى لكلِّ واحدٍ مِنْهُم مِثالَيْن، قَالَ جَريرٌ: قلتُ للمُغيرَةِ مَا مِثالان قَالَ: نَمَطَان، والنَّمَط: مَا يُفْتَرَشُ من مَفارِشِ الصُّوفِ المُلَوَّنةِ، قَالَ الْأَعْشَى:
(بكُلِّ طُوالِ السّاعِدَيْن كأنّما ... يرى بسُرى اللَّيْلِ المِثالِ المُمَهَّدا)
ج: أَمْثِلَةٌ ومثُلٌ، بضمَّتَيْن، وإنْ شِئتَ خَفَّفْت. وتماثَلَ العَليلُ: قارَبَ البُرْءَ فصارَ أَشْبَه بالصحيحِ من العَليلِ المَنْهوك، وَقيل: هُوَ من المُثُولِ وَهُوَ الانتصاب، كأنّه هَمَّ بالنهوضِ والانتصابِ، وَفِي الصِّحاح: تَماثَلَ من عِلَّتِه: أَي أَقْبَلَ. والأَمْثَل: الأَفْضَل، يُقَال: هُوَ أَمْثَلُ قَوْمِه: أَي أَفْضَلُهم، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الأَمْثَل: ذُو العَقلِ الَّذِي يَسْتَحِقُّ أَن يُقال هُوَ أَمْثَلُ بضني فلانٍ، وَفِي الحَدِيث: أشَدُّ الناسِ بَلاءً الأنبياءُ ثمّ الأَمْثَلُ فالأَمْثَل، أَي الأشْرَفُ فالأشرف، والأعلى فالأعلى فِي الرُّتبَةِ والمَنزِلة. وَفِي حديثِ التَّروايح: لَكانَ أَمْثَلَ، أَي أَوْلَى وأَصْوَب، ج: أماثِل. وَقَالَ الجَوْهَرِيّ: فلانٌ أَمْثَلُ بَني فلانٍ: أَي أَدْنَاهم للخَير، وهؤلاءِ أماثِلُ القومِ: أَي خِيارُهم. والمَثَالَة: الفَضْل، وَقد مَثُلَ ككَرُمَ مَثالَةً، أَي صارَ فاضِلاً، وَيُقَال: من ذَوي مَثالَتِهم. المُثْلَى: تأنيثُ الأَمْثَل، كالقُصْوى تَأْنِيث الأقْصى، قَالَه الأخفشُ، وقَوْله تَعالى: وَيَذْهَبا بطَريقَتِكُمُ المُثْلَى أَي بجماعَتِكُم الأَفْضَلِين. وَقيل: الطريقةُ المُثْلى: الَّتِي هِيَ الأشْبَهُ بالحقِّ. قَوْله تَعالى: إِذْ يقولُ أَمْثَلُهم طَريقَة مَعْنَاهُ: أَعْدَلُهم وأَشْبَهُهم بالحقِّ، أَو أَعْلَمهُم عِنْد نَفْسِه بِمَا يَقُول. قَالَه الزّجّاج.
المَثيل، كأَميرٍ: الفاضِل، وَإِذا قيل: مَن أَمْثَلُكم قلتَ: كلُّنا مَثيلٌ، حَكَاهُ ثعلبٌ، وَإِذا قيل: مَن أَفْضَلُكم قلتَ: كلُّنا فاضِلٌ، أَي أنّك لَا تَقول: كلُّنا فَضيلٌ كَمَا تَقول: كلُّنا مَثيلٌ. والتَّمْثال، بالفَتْح: التَّمْثيل، وَهُوَ مصدرُ مَثَّلْتُ تَمْثِيلاً وتَمْثَالاً، وذِكرُ الفتحِ مُسْتَدرَكٌ إِذْ قولُه فِيمَا بعد: وبالكَسْر الصُّورَةُ يُغْني عَنهُ، وَهِي الشيءُ المَصنوعُ مُشَبَّهاً بخَلقٍ من خَلْقِ اللهِ عزَّ وجلَّ، وأصلُه من مَثَّلْتُ الشيءَ بالشيءِ: إِذا قَدَّرْتَه على قَدْرِه، والجمعُ التَّماثيل، وَمِنْه قَوْله تَعالى: مَا هَذِه)
التَّماثيلُ أَي الْأَصْنَام، وقَوْله تَعالى: من مَحارِيبَ وتَماثِيلَ هِيَ صُوَرُ الأنبياءِ عَلَيْهِم السَّلام، وكانَ التَّمْثيلُ مُباحاً فِي ذَلِك الْوَقْت. التِّمْثال: سَيْفُ الأَشْعَثِ بنِ قَيْسٍ الكِنْدِيِّ رَضِيَ الله تَعالى عَنهُ، وَهُوَ القائلُ فِيهِ: قَتَلْتُ وَتْرِيَّ مَعًا وسِنْجالْ فقد تَوافَتْ حِمَمٌ وآجالْ وَفِي يَميني مَشْرَفِيٌّ قَصّالْ أسماؤُهُ المَلْك اليَمانِي تِمْثالْ ومثَّلَه لَهُ تَمْثِيلاً: صوَّرَه لَهُ بكتابةٍ أَو غيرِها حَتَّى كأنّه ينظرُ إِلَيْهِ. وامْتَثلَه هُوَ: أَي تَصَوَّرَه، فَهُوَ مُطاوِعٌ، قَالَ الله تَعالى: فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرَاً سَوِيّاً أَي تصَوَّر. يُقَال: امْتَثلَ مِثالَ فلانٍ: إِذا احْتَذى حَذْوَه وَسَلَكَ طريقَتَه. وامْتَثلَ طريقَتَه: تَبِعَها فَلم يَعْدُها. وَفِي الصِّحاح: امْتَثلَ أَمْرَه: أَي احْتَذاه.
امْتَثلَ مِنْهُ: اقْتَصَّ، قَالَ:
(إنْ قَدَرْنا يَوْمَاً على عامِرٍ ... نَمْتَثِلْ منهُ أَو نَدَعْهُ لكمْ)
وَفِي حديثِ سُوَيْدِ بنِ مُقَرِّنٍ: امْتَثِلْ مِنْهُ، فَعَفَا، أَي: اقتَصَّ مِنْهُ، كَتَمَثَّلَ مِنْهُ، كَذَا فِي المُحْكَم. وَمَثَلَ الرجلُ بَيْنَ يَدَيْه يَمْثُلُ مُثولاً: قامَ مُنتَصِباً، وَمِنْه الحَدِيث: فَمَثَلَ قائِماً، كمَثُلَ، بالضَّمّ أَي من حَدِّ كَرُمَ، مُثولاً بالضَّمّ، فَهُوَ ماثِلٌ. مَثَلَ: أَي لَطَأَ بالأرضِ، وَهُوَ ضِدٌّ، نَقله الجَوْهَرِيّ، وأنشدَ لزُهَيرٍ:
(تحَمَّلَ مِنْهَا أَهْلُها وَخَلَتْ لَهَا ... رُسومٌ فمِنها مُسْتَبينٌ وماثِلُ) وَقَالَ زُهَيْرٌ: أَيْضا فِي الماثِلِ بِمَعْنى المُنتَصِب:
(يَظَلُّ بهَا الحِرْباءُ للشمسِ ماثِلاً ... على الجِذْلِ إلاّ أنّه لَا يُكَبِّرُ)
مَثَلَ: زالَ عَن مَوْضِعِه، قَالَ أَبُو عمروٍ: كانَ فلانٌ عندَنا ثمّ مَثَلَ: أَي ذَهَبَ. يُقَال: مَثَلَ فلَانا فلَانا ومَثَلَه بِهِ: شبَّهَه بِهِ وسَوّاه بِهِ. مَثَلَ فلانٌ فلَانا: صارَ مِثلَه، أَي يَسُدُّ مَسَدَّه. مَثَلَ بفلانٍ مَثْلاً، ومَثْلَةً، بالضَّمّ وَهَذِه عَن ابْن الأَعْرابِيّ: نكَّلَ تَنْكِيلاً بقَطعِ أطرافِه والتشويهِ بِهِ، وَمَثَلَ بالقَتيل: جَدَعَ أَنْفَه وأُذُنَه، أَو مَذاكِيرَه، أَو شَيْئا من أطرافِه، وَفِي الحديثِ: من مَثَلَ بالشَّعَرِ فليسَ لَهُ عِنْد اللهِ خَلاقٌ يومَ القيامةِ، أَي حَلَقَه من الخُدود، أَو نَتَفَه، أَو غَيَّرَه بالسّوادِ، ورُوِيَ عَن طَاوس أنّه قَالَ: جَعَلَه اللهُ طُهْرَةً فَجَعَله نَكالاً. وَفِي حديثٍ آخَر: أنّه نهى عَن المُثْلَةِ، كمَثَّلَ) تَمْثِيلاً، التشديدُ للمُبالغةِ، وَفِي الحَدِيث: نَهَى أَن يُمَثَّلَ بالدّوابِّ وأنْ تُؤكَلَ المَمْثولُ بهَا، وَهُوَ أَن تُنصَبَ فتُرمى أَو تُقَطَّعَ أَطْرَافُها وَهِي حَيَّةٌ. وَهِي المَثُلَةُ، بضمِّ الثاءِ وسُكونِها، هَكَذَا فِي سائرِ النّسخ، أَي مَعَ فَتْحِ الميمِ، وَفِي الصِّحاح المَثُلَة، بفتحِ الميمِ وضمِّ الثَّاء: العُقوبة، وزادَ الصَّاغانِيّ: والمُثُلَة، بضمّتَيْن، والمُثْلَة، بالضَّمّ، فَهِيَ ثلاثُ لغاتٍ اقتصرَ الجَوْهَرِيّ مِنْهَا على الأُولى، وَلم أرَ أَحَدَاً ضَبَطَها بسكونِ الثاءِ مَعَ الفتحِ، كَمَا هُوَ مُقتَضى عبارَتِه فتأمَّلْ ذَلِك، وقولُه ج: مُثُولاتٌ ومَثُلاتٌ، هَكَذَا فِي النسخِ وَهُوَ غلَطٌ والصحيحُ أنّ مَثُلاتٍ
بضمِّ الثَّاء جمعُ مَثُلَةٍ، وَمن قَالَ: مُثُلَة بضمّتَيْن قَالَ فِي جَمْعِه مُثُلاتٍ بضمّتَيْن أَيْضا، وَمن قَالَ مُثْلَة بالضَّمّ قَالَ فِي جَمْعِه مُثْلات بالضَّمّ أَيْضا، وَأَيْضًا مُثُلاتٌ بضمّتَيْن، وَأَيْضًا، مُثَلاتٌ بِالتَّحْرِيكِ، وأمّا مُثُولات الَّذِي ذَكَرَه المُصَنِّف فَلم أَرَهُ فِي كتابٍ، فاعْرِفْ ذَلِك، وَقَالَ الزّجّاج: الضمُّ فِي المَثُلاتِ عِوَضٌ عَن الحذفِ، ورَدَّ ذَلِك أَبُو عليٍّ، وَقَالَ: هُوَ من بابِ شاةٌ لَجِبَةٌ وشِياهٌ لَجِبَاتٌ، قَالُوا فِي تفسيرِ قولِه: وَقد خَلَتْ من قَبْلِهم المَثُلات أَي وَقد علِموا مَا نَزَلَ من عقوبتنا بالأُمَمِ الخاليةِ فَلم يعتبروا بهم، وَقَالَ بعضُهم: أَي وَقد تقدّمَ من العذابِ مَا فِيهِ مُثْلَةٌ ونَكالٌ لَهُم لَو اتَّعَظوا، وكأنّ المَثْلَ مأخوذٌ من المَثَلِ لأنّه إِذا شَنَّعَ فِي عقوبتِه جَعَلَه مَثَلاً وَعَلَماً، وَنقل الصَّاغانِيّ عَن ابنِ اليَزيديِّ، أنّ المُرادَ بالمَثُلاتِ هُنَا الأمْثال والأشْباه. وَفِي كتابِ المُحتَسبِ لابنِ جِنِّي: قراءةُ عِيسَى الثَّقَفيِّ وَطَلْحةَ بنِ سُلَيْمان: المَثْلات وَقَرَأَ: المُثْلات يحيى بنُ وَثّابٍ، وقراءةُ النَّاس: المَثُلات رَوَيْناه عَن أبي حاتمٍ، قَالَ: روى زائدةُ عَن الأعمَشِ عَن يحيى: المَثْلاتُ بالفَتْح والإسْكان، قَالَ: وَقَالَ زائِدَةُ: ربّما ثَقَّلَ سُلَيْمانُ يَعْنِي الأعمَشَ يقولُ: المَثُلات، وأصلُ هَذَا كلُّه المَثُلات، بفتحِ الميمِ وضمِّ الثَّاء، فأمّا من قَرَأَ: المَثُلات فعلى أصلِه كالسَّمُراتِ جمع سَمُرَةٍ. وَمن قَالَ: المُثْلات بضمِّ الْمِيم وسكونِ الثاءِ احتملَ عندنَا أَمْرَيْن: إمّا أنّه أرادَ المَثُلات، ثمّ آثَرَ إسْكانَ الثاءِ اسْتِثقالاً للضمّةِ فَفَعَلَ ذَلِك إلاّ أنّه نَقَلَ الضمّةَ إِلَى الميمِ، فَقَالَ: المُثْلات، أَو أنّه خَفَّفَ فِي الواحدِ فصارتْ مَثُلَة إِلَى مُثْلَةٍ، ثمّ جَمَعَ على ذَلِك فَقَالَ: المُثْلات. ثمّ قَالَ بعد توجيهِ كَلَام: وَرَوَيْنا عَن قُطْرُب أنّ بعضُهم قَرَأَ: المُثُلات بضمّتَيْن، فَهَذَا إمّا عامَلَ الحاضِرَ مَعَه
فثَقُلَ عَلَيْهِ، وإمّا فِيهَا لغةٌ أُخرى وَهِي مُثُلَة كبُسُرَة، فِيمَن ضمَّ السينَ وإمّا فِيهَا لغةٌ ثالثةٌ وَهِي مُثْلَة كغُرْفَةٍ. وأمّا من قَالَ: المَثْلات، بفتحِ الميمِ وسكونِ الثاءِ فإنّه أَسْكَنَ عَيْنَ المَثُلاتِ اسْتِثقالاً لَهَا فَأَقَرَّ الميمَ مَفْتُوحةً، وَإِن شِئتَ قلتَ: أَسْكَنَ عَيْنَ الواحدةَ فَقَالَ:) مَثْلَة، ثمّ جَمَعَ وأقرَّ السكونَ بحالِه وَلم يَفْتَحْ الثاءَ، كَمَا يُقَال فِي جَفْنَةٍ وتَمْرَةٍ جَفَنَاتٌ وتَمَرَاتٌ، لأنّها ليستْ فِي الأصلِ فَعْلَة، وإنّما هِيَ مُسَكَّنةٌ من فَعُلَةٍ، فَفَصَل بذلك بَين فَعْلَةٍ مُرتَجِلَةٍ وفَعْلَةٍ مصنوعة مَنْقُولةٍ من فَعُلَةٍ، كَمَا ترى، وَإِن شِئتَ قلتَ: قد أَسْكَنَ الثاءَ تَخْفِيفًا فَلم يرَ مُراجعةَ تحريكِها إلاّ بحركَتِها الأصليّةِ لَهَا، وَقد يُمكنُ أَيْضا أَن يكونَ من قَالَ: المَثُلات ممّن يرى إسْكانَ الواحدِ تَخْفِيفًا، فلمّا صارَ إِلَى الجمعِ وآثَرَ التحريكَ فِي الثاءِ عاوَدَ الضمّةَ لأنّها هِيَ الأصلُ لَهَا، وَلم يَرْتَجِلْ لَهَا فَتْحَةً أَجْنَبيّةً عَنْهَا، كلُّ ذَلِك جائزٌ، انْتهى. وأَمْثَلَه من صاحبِه إمْثالاً: قَتَلَه بقَوَدٍ، يقولُ الرجلُ للحاكمِ أَمْثِلْني من فلانٍ، وأَقِصَّني، وأَقِدْني، بِمَعْنى واحدٍ، والاسمُ المِثالُ والقِصاصُ والقَوْدُ. قَالُوا: مِثْلٌ ماثِلٌ: أَي جَهدٌ جاهِدٌ، عَن ابْن الأَعْرابِيّ، وَأنْشد: مَن لَا يَضَعْ بالرَّمْلَةِ المَعاوِلا يَلْقَ منَ القامةِ مِثْلاً ماثِلا وَإِن تشَكَّى الأَيْنَ والتّلاتِلا والماثُول: ع بالمدينةِ من نَوَاحِيهَا على ساكنِها أفضلُ الصلاةِ وَالسَّلَام. والماثِلَة: مَنارةُ المِسْرَجةِ، هَكَذَا هُوَ بكسرِ الميمِ من المِسْرَجَةِ فِي نسخِ الصِّحاح بخطِّ الجَوْهَرِيّ، والصوابُ
بفتحِها، نبَّه عَلَيْهِ المُحَشُّون، وَفِي العُباب: الماثِلَة: المَسْرَجةُ لانتِصابِها. والماثِلُ من الرُّسوم: مَا ذَهَبَ أثَرُه وَدَرَسَ، وشاهدُه قَوْلُ جَريرٍ السَّابِق: ... . فمِنها مُسْتَبينٌ وماثِلُ قَالَ الجَوْهَرِيّ: المُستَبين: الأَطْلال، والماثِل: الرُّسوم، وَهُوَ بعَينِه بِمَعْنى اللاطِئ بالأرضِ، فإنّها إِذا ذَهَبَ أثَرُها فقد لَطِئَتْ بالأرضِ، فتأمَّلْ ذَلِك. وبالكَسْر: المِثْلُ بنُ عِجْلِ بنِ لُجَيْمِ بنِ صَعْبِ بن بَكْرِ بنِ وائلٍ مَلِكُ الْيمن، وصَحَّفَ عبدُ الملِكِ بنُ مَرْوَانَ فَقَالَ لقومٍ من الْيمن: مَا الميلُ مِنْكُم فَقَالُوا: يَا أميرَ المُؤمنين كانَ ملِكٌ لنا يُقَال لَهُ: المِثْلُ، فخَجِلَ عبدُ الملِك، وعرفَ أنّه وَقَعَ فِي التَّصحيف، وَهَذَا من حُسنِ الأدَبِ فِي الجَواب. وبَنو المِثْلِ بنِ مُعاوِيَة: قبيلةٌ من العربِ، مِنْهُم أَبُو الشَّعْثاءِ يزيدُ بنُ زيادٍ الكِنْديُّ، وَقَالَ أَبُو عمروٍ: هُوَ من بني أسَدٍ. المُثْل، بالضَّمّ: ع، بفَلْجٍ، وَيُقَال لَهُ رَحى المُثْلِ أَيْضا، قَالَ مالكُ بنُ الرَّيْب:
(فيا لَيْتَ شِعري هَل تغَيَّرَتِ الرَّحى ... رَحى المُثْل، أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كَمَا هِيَا)
والأَمْثال: أَرَضونَ مُتشابِهةٌ أَي يُشبهُ بعضُهم بَعْضًا، وَلذَلِك سُمِّيتْ أمْثالاً، ذاتُ جبالٍ قُربَ)
البَصرةِ على لَيْلَتَيْن، نَقله ياقوت. ومِمّا يُسْتَدْرَك عَلَيْهِ: قَالَ أَبُو حنيفَة: المِثال: قالَبٌ يُدخَلُ عَيْنُ النَّصْلِ فِي خَرْقٍ فِي وسَطِه ثمّ يُطرَقُ غِراراهُ حَتَّى يَنْبَسِطَ، والجمعُ أَمْثِلَةٌ. وامْتَثلَه غَرَضَاً: نَصَبَه هَدَفَاً لسِهامِ المَلامِ، وَهُوَ مَجاز. وَيُقَال: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ، أَي أحسنُ مُثولاً وانتِصاباً، ثمّ جُعِلَ صفة للإقبالِ، وَقَالَ الأَزْهَرِيّ: مَعْنَاهُ أحسنُ حَالا من حالةٍ كانتْ قَبْلَها، وَهُوَ من قولِهم: هُوَ أَمْثَلُ قَوْمِه. وَقَالَ ابنُ بَرِّي: المَثالَة: حُسنُ الحالِ، وَمِنْه قولُهم: كلّما ازْدَدْتَ مَثالَةً: زادكَ اللهُ رَعالَةً، والرَّعالَة: الحُمق. وَقَالَ أَبُو الهيثَم: قولُهم: إنّ قومِي مُثُلٌ، بضمّتَيْن: أَي ساداتٌ ليسَ فَوْقَهم أحَدٌ، كأنّه جمعُ الأَمْثَل. وَفِي الحَدِيث: أنّه قالَ بعدَ وَقْعَةِ بَدرٍ: لَو كانَ أَبُو طالبٍ حَيّاً لرَأى سُيوفَنا قد بَسَأَتْ بالمَياثِل قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: مَعْنَاهُ اعتادَتْ واسْتَأْنسَتْ بالأَماثِل. وماثَلَه: شابَهَه. وَفِي الحَدِيث: قامَ مُمَثِّلاً ضُبِطَ كمُحدِّثٍ ومُعظَّمٍ: أَي مُنتَصِباً قَائِما، قَالَ ابنُ الْأَثِير: هَكَذَا شُرِحَ، قَالَ: وَفِيه نظَرٌ من جهةِ التَّصريف. ويُجمَعُ ماثِلٌ على مَثَلٍ، كخادِمٍ وَخَدَمٍ، وَمِنْه قَوْلُ لَبيدٍ:
(ثمّ أَصْدَرْناهما فِي وارِدٍ ... صادِرٍ وَهْمٍ صُواهُ كالمَثَلْ)
وَيُقَال: المَثَلُ بِمَعْنى الماثِل. والمُثول: الزَّوالُ عَن الْموضع، قَالَ أَبُو خِراشٍ الهُذَليُّ:
(يُقَرِّبُه النَّهْضُ النَّجيحُ لِما يرى ... فمنهُ بُدُوٌّ تَارَة ومُثولُ)
وأَمْثَلَه: جَعَلَه مُثْلَةً. وأَمْثَلَ السلطانُ فلَانا: أرادَه. وَتَمَثَّلَ بَين يَدَيْه: قامَ مُنتَصِباً. والعربُ تَقول: هُوَ مُثَيْلُ هَذَا، ومُثَيْلُ هاتِيَّا، وهم أُمَيْثالُهُم، يريدونَ أنّ المُشَبَّه بِهِ حَقيرٌ كَمَا أنّ هَذَا حَقيرٌ، كَمَا فِي الصِّحاح. وَمَثَولِي، بفتحِ الميمِ والثاءِ وكسرِ اللامِ: مَدينةٌ بالهِند.

مثل: مِثل: كلمةُ تَسْوِيَةٍ. يقال: هذا مِثْله ومَثَله كما يقال شِبْهه

وشَبَهُه بمعنى؛ قال ابن بري: الفرق بين المُماثَلة والمُساواة أَن

المُساواة تكون بين المختلِفين في الجِنْس والمتَّفقين، لأَن التَّساوِي هو

التكافُؤُ في المِقْدار لا يزيد ولا ينقُص، وأَما المُماثَلة فلا تكون

إِلا في المتفقين، تقول: نحوُه كنحوِه وفقهُه كفقهِه ولونُه كلونِه وطعمُه

كطعمِه، فإِذا قيل: هو مِثْلة على الإِطلاق فمعناه أَنه يسدُّ مسدَّه،

وإِذا قيل: هو مِثْلُه في كذا فهو مُساوٍ له في جهةٍ دون جهةٍ، والعرب تقول:

هو مُثَيْلُ هذا وهم أُمَيْثالُهم، يريدون أَن المشبَّه به حقير كما أَن

هذا حقير. والمِثْل: الشِّبْه. يقال: مِثْل ومَثَل وشِبْه وشَبَه بمعنى

واحد؛ قال ابن جني: وقوله عز وجل: فَوَرَبِّ السماء والأَرض إِنه لحقٌّ

مثل ما أَنَّكم تَنْطِقون؛ جَعَل مِثْل وما اسماً واحداً فبنى الأَولَ على

الفتح، وهما جميعاً عندهم في موضع رفعٍ لكونهما صفة لحقّ، فإِن قلت: فما

موضع أَنكم تنطِقون؟ قيل: هو جر بإِضافة مِثْلَ ما إِليه، فإِن قلت:

أَلا تعلم أَن ما على بِنائها لأَنها على حرفين الثاني منهما حرفُ لِينٍ،

فكيف تجوز إِضافة المبني؟ قيل: ليس المضاف ما وحدَها إِنما المضاف الاسم

المضموم إِليه ما، فلم تَعْدُ ما هذه أَن تكون كتاء التأْنيث في نحو جارية

زيدٍ، أَو كالأَلف والنون في سِرْحان عَمْرو، أَو كياء الإِضافة في

بَصْرِيِّ القومِ، أَو كأَلف التأْنيث في صحراء زُمٍّ، أَو كالأَلف والتاء في

قوله:

في غائلاتِ الحائِر المُتَوّهِ

وقوله تعالى: ليس كَمِثْلِه شيء؛ أَراد ليس مِثْلَه لا يكون إِلا ذلك،

لأَنه إِن لم يَقُل هذا أَثبتَ له مِثْلاً، تعالى الله عن ذلك؛ ونظيرُه ما

أَنشده سيبويه:

لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ

أَي مَقَقٌ. وقوله تعالى: فإِن آمنوا بمثل ما آمنتم به؛ قال أَبو إِسحق:

إِن قال قائل وهل للإِيمان مِثْل هو غير الإِيمان؟ قيل له: المعنى واضح

بيِّن، وتأْويلُه إِن أَتَوْا بتصديقٍ مِثْلِ تصديقكم في إِيمانكم

بالأَنبياء وتصديقكم كتوحيدكم

(* قوله «وتصديقكم كتوحيدكم» هكذا في الأصل،

ولعله وبتوحيد كتوحيدكم) فقد اهتدوا أَي قد صاروا مسلمين مثلكم. وفي حديث

المِقْدام: أَن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: أَلا إِنِّي أُوتِيتُ

الكِتاب ومِثْلَه معه؛ قال ابن الأَثير: يحتمل وجهين من التأْويل: أَحدهما

أَنه أُوتِيَ من الوَحْي الباطِن غيرِ المَتْلُوِّ مثل ما أُعطيَ من

الظاهر المَتْلُوِّ، والثاني أَنه أُوتي الكتابَ وَحْياً وأُوتي من البَيان

مثلَه أَي أُذِنَ له أَن يبيِّن ما في الكتاب فيَعُمَّ ويَخُصَّ ويَزيد

وينقُص، فيكون في وُجوب العَمَل به ولزوم قبوله كالظاهِر المَتْلوِّ من

القرآن. وفي حديث المِقْدادِ: قال له رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إِن

قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه قبلَ أَن يقولَ كلمته أَي تكون من أَهل النار إِذا

قتلتَه بعد أَن أَسْلَمَ وتلفَّظ بالشهادة، كما كان هو قبل التلفُّظ

بالكلمة من أَهل النار، لا أَنه يصير كافراً بقتله، وقيل: إِنك مِثْله في

إِباحة الدَّمِ لأَن الكافرَ قبل أَن يُسْلِم مُباحُ الدم، فإِن قتله أَحد

بعد أَن أَسلم كان مُباحَ الدم بحقِّ القِصاصِ؛ ومنه حديث صاحب

النِّسْعةِ: إِن قَتَلْتَه كنتَ مِثْلَه؛ قال ابن الأَثير: جاء في رواية أَبي

هريرة أَنَّ الرجلَ قال والله ما أَردت قَتْله، فمعناه أَنه قد ثَبت قَتْلُه

إِياه وأَنه ظالم له، فإِن صَدَقَ هو في قوله إِنه لم يُرِد قَتْله ثم

قَتَلْتَه قِصاصاً كنتَ ظالماً مثلَه لأَنه يكون قد قَتَلَه خطأً. وفي حديث

الزكاة: أَمَّا العبَّاس فإِنها عليه ومثلُها مَعها؛ قيل: إِنه كان

أَخَّرَ الصَّدَقة عنه عامَيْن فلذلك قال ومثلُها معها، وتأْخير الصدقةِ جائز

للإِمام إِذا كان بصاحبها حاجةٌ إِليها، وفي رواية قال: فإِنها عَليَّ

ومثلُها معها، قيل: إِنه كان اسْتَسْلَف منه صدقةَ عامين، فلذلك قال

عَليَّ. وفي حديث السَّرِقة: فعَلَيْه غَرامةُ مِثْلَيْه؛ هذا على سبيل

الوَعِيدِ والتغليظِ لا الوُجوبِ ليَنْتَهِيَ فاعِلُه عنه، وإِلاّ فلا واجبَ

على متلِف الشيء أَكثر من مِثْلِه، وقيل: كان في صدْر الإِسلام تَقَعُ

العُقوباتُ في الأَموال ثم نسِخ، وكذلك قوله: في ضالَّة الإِبِلِ غَرامَتُها

ومثلُها معها؛ قال ابن الأَثير: وأَحاديث كثيرة نحوه سبيلُها هذا السبيل

من الوعيد وقد كان عمر، رضي الله عنه، يحكُم به، وإِليه ذهب أَحمدُ

وخالفه عامَّة الفقهاء. والمَثَلُ والمَثِيلُ: كالمِثْل، والجمع أَمْثالٌ،

وهما يَتَماثَلانِ؛ وقولهم: فلان مُسْتَرادٌ لمِثْلِه وفلانةُ مُسْتَرادةٌ

لمِثْلِها أَي مِثْلُه يُطلَب ويُشَحُّ عليه، وقيل: معناه مُسْتَراد

مِثْله أَو مِثْلها، واللام زائدة: والمَثَلُ: الحديثُ نفسُه. وقوله عز وجل:

ولله المَثَلُ الأَعْلى؛ جاء في التفسير: أَنه قَوْلُ لا إِله إِلاَّ الله

وتأْويلُه أَن الله أَمَر بالتوحيد ونَفى كلَّ إِلهٍ سِواهُ، وهي

الأَمثال؛ قال ابن سيده: وقد مَثَّلَ به وامْتَثَلَهُ وتَمَثَّلَ به

وتَمَثَّله؛ قال جرير:

والتَّغْلَبيّ إِذا تَنَحْنَح للقِرى،

حَكَّ اسْتَهُ وتَمَثَّلَ الأَمْثالا

على أَن هذا قد يجوز أَن يريد به تمثَّل بالأَمْثال ثم حذَف وأَوْصَل.

وامْتَثَل القومَ وعند القوم مَثَلاً حَسَناً وتَمَثَّل إِذا أَنشد

بيتاً ثم آخَر ثم آخَر، وهي الأُمْثولةُ، وتمثَّل بهذا البيتِ وهذا البيتَ

بمعنى. والمَثَلُ: الشيء الذي يُضرَب لشيء مثلاً فيجعل مِثْلَه، وفي

الصحاح: ما يُضرَب به من الأَمْثال. قال الجوهري: ومَثَلُ الشيء أَيضاً صفته.

قال ابن سيده: وقوله عز من قائل: مَثَلُ الجنَّةِ التي وُعِدَ المُتَّقون؛

قال الليث: مَثَلُها هو الخبر عنها، وقال أَبو إِسحق: معناه صِفة الجنة،

وردّ ذلك أَبو علي، قال: لأَن المَثَلَ الصفة غير معروف في كلام العرب،

إِنما معناه التَّمْثِيل. قال عمر بن أَبي خليفة: سمعت مُقاتِلاً صاحبَ

التفسير يسأَل أَبا عمرو بن العلاء عن قول الله عز وجل، مَثَل الجنة: ما

مَثَلُها؟ فقال: فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ، قال: ما مثلها؟ فسكت

أَبو عمرو، قال: فسأَلت يونس عنها فقال: مَثَلُها صفتها؛ قال محمد ابن سلام:

ومثل ذلك قوله: ذلك مَثَلُهم في الــتوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي

صِفَتُهم. قال أَبو منصور: ونحوُ ذلك رُوي عن ابن عباس، وأَما جواب أَبي

عمرو لمُقاتِل حين سأَله ما مَثَلُها فقال فيها أَنْهار من ماءٍ غير آسِنٍ،

ثم تكْريرُه السؤال ما مَثَلُها وسكوت أَبي عمرو عنه، فإِن أَبا عمرو

أَجابه جواباً مُقْنِعاً، ولما رأَى نَبْوةَ فَهْمِ مُقاتِل سكت عنه لما وقف

من غلظ فهمه، وذلك أَن قوله تعالى: مَثَل الجنة، تفسير لقوله تعالى: إِن

الله يُدْخِل الذين آمنوا وعملوا الصالحاتِ جناتٍ تجري من تحتها

الأَنهار؛ وَصَفَ تلك الجناتِ فقال: مَثَلُ الجنة التي وصفْتُها، وذلك مِثْل

قوله: ذلك مَثَلُهم في الــتوراة ومَثَلُهم في الإِنجيل؛ أَي ذلك صفةُ محمدٍ،

صلى الله عليه وسلم، وأَصحابِه في الــتوراة، ثم أَعلمهم أَن صفتهم في

الإِنجيل كَزَرْعٍ. قال أَبو منصور: وللنحويين في قوله: مثل الجنة التي وُعِد

المتقون، قولٌ آخر قاله محمد بن يزيد الثمالي في كتاب المقتضب، قال:

التقدير فيما يتلى عليكم مَثَلُ الجنة ثم فيها وفيها، قال: ومَنْ قال إِن

معناه صِفةُ الجنةِ فقد أَخطأَ لأَن مَثَل لا يوضع في موضع صفة، إِنما يقال

صفة زيد إِنه ظَريفٌ وإِنه عاقلٌ. ويقال: مَثَلُ زيد مثَلُ فلان، إِنما

المَثَل مأْخوذ من المِثال والحَذْوِ، والصفةُ تَحْلِية ونعتٌ.

ويقال: تمثَّل فلانٌ ضرب مَثَلاً، وتَمَثَّلَ بالشيء ضربه مَثَلاً. وفي

التنزيل العزيز: يا أَيُّها الناسُ ضُرِب مَثَل فاستَمِعوا له؛ وذلك

أَنهم عَبَدُوا من دون الله ما لا يَسْمَع ولا يُبْصِر وما لم ينزِل به

حُجَّة، فأَعْلَم اللهُ الجوَاب ممَّا جعلوه له مَثَلاً ونِدًّا فقال: إِنَّ

الذين تَعْبُدون من دون الله لن يخلُقوا ذُباباً؛ يقول: كيف تكونُ هذه

الأَصنامُ أَنْداداً وأَمثالاً للهِ وهي لا تخلُق أَضعفَ شيء مما خلق اللهُ

ولو اجتمعوا كلُّهم له، وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ الضعيفُ شيئاً لم

يخلِّصوا المَسْلوبَ منه، ثم قال: ضَعُفَ الطالِبُ والمَطْلوبُ؛ وقد يكون

المَثَلُ بمعنى العِبْرةِ؛ ومنه قوله عز وجل: فجعلناهم سَلَفاً ومَثَلاً

للآخرين، فمعنى السَّلَفِ أَنا جعلناهم متقدِّمين يَتَّعِظُ بهم

الغابِرُون، ومعنى قوله ومَثلاً أَي عِبْرة يعتبِر بها المتأَخرون، ويكون المَثَلُ

بمعنى الآيةِ؛ قال الله عز وجل في صفة عيسى، على نبينا وعليه الصلاة

والسلام: وجعلناه مَثَلاً لبني إِسرائيل؛ أَي آيةً تدلُّ على نُبُوّتِه.

وأَما قوله عز وجل: ولَمَّا ضُرِب ابنُ مريم مثلاً إِذا قومُك منه يَصُدُّون؛

جاء في التفسير أَن كفَّارَ قريشٍ خاصَمَتِ النبيَّ، صلى الله عليه

وسلم، فلما قيل لهم: إِنكم وما تعبُدون من دون الله حَصَبُ جهنم، قالوا: قد

رَضِينا أَن تكون آلهتنا بمنزلة عيسى والملائكةِ الذين عُبِدوا من دون

الله، فهذا معنى ضَرْبِ المَثَل بعيسى. والمِثالُ: المقدارُ وهو من

الشِّبْه، والمثل: ما جُعل مِثالاً أَي مقداراً لغيره يُحْذَى عليه، والجمع

المُثُل وثلاثة أَمْثِلةٍ، ومنه أَمْثِلةُ الأَفعال والأَسماء في باب التصريف.

والمِثال: القالَِبُ الذي يقدَّر على مِثْله. أَبو حنيفة: المِثالُ

قالَِب يُدْخَل عَيْنَ النَصْل في خَرْق في وسطه ثم يُطْرق غِراراهُ حتى

يَنْبَسِطا، والجمع أَمْثِلةٌ.

وتَماثَل العَليلُ: قارَب البُرْءَ فصار أَشْبَهَ بالصحيح من العليل

المَنْهوك، وقيل: إِن قولَهم تَماثَل المريضُ من المُثولِ والانتصابِ كأَنه

هَمَّ بالنُّهوض والانتصاب. وفي حديث عائشة تَصِفُ أَباها، رضوان الله

عليهما: فَحَنَتْ له قِسِيَّها وامْتَثَلوه غَرَضاً أَي نَصَبوه هَدَفاً

لِسِهام مَلامِهم وأَقوالِهم، وهو افتَعل من المُثْلةِ.

ويقال: المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي أَحسن مُثولاً وانتصاباً ثم جعل صفة

للإِقبال. قال أَبو منصور: معنى قولهم المريضُ اليومَ أَمْثَلُ أَي

أَحسن حالاً من حالةٍ كانت قبلها، وهو من قولهم: هو أَمْثَلُ قومه أَي أَفضل

قومه. الجوهري: فلانٌ أَمْثَلُ بني فلانٍ أَي أَدناهم للخير. وهؤلاء

أَماثِلُ القوم أَي خيارُهم.

وقد مَثُل الرجل، بالضم، مَثالةً أَي صار فاضِلاً؛ قال ابن بري:

المَثالةُ حسنُ الحال؛ ومنه قولهم: زادك الله رَعالةً كلما ازْدَدْتَ مَثالةً،

والرَّعالةُ: الحمقُ؛ قال: ويروى كلما ازْددْت مَثالة زادك اللهُ

رَعالةً.والأَمْثَلُ: الأَفْضَلُ، وهو من أَماثِلِهم وذَوِي مَثَالَتِهم. يقال:

فلان أَمْثَلُ من فلان أَي أَفضل منه، قال الإِيادي: وسئل أَبو الهيثم عن

مالك قال للرجل: ائتني بقومك، فقال: إِن قومي مُثُلٌ؛ قال أَبو الهيثم:

يريد أَنهم سادات ليس فوقهم أَحد. والطريقة المُثْلى: التي هي أَشبه

بالحق. وقوله تعالى: إِذ يقول أَمْثَلُهم طريقةً؛ معناه أَعْدَلُهم

وأَشْبهُهم بأَهل الحق؛ وقال الزجاج: أَمْثَلُهم طريقة أَعلمهم عند نفسه بما يقول.

وقوله تعالى حكاية عن فرعون أَنه قال: ويَذْهَبا بطريقتكم المُثْلى؛ قال

الأَخفش: المُثْلى تأْنيثُ الأَمْثَل كالقُصْوى تأْنيث الأَقْصَى، وقال

أَبو إِسحق: معنى الأَمْثَل ذو الفضل الذي يستحق أَن يقال هو أَمثل قومه؛

وقال الفراء: المُثْلى في هذه الآية بمنزلة الأَسماء الحُسْنى وهو نعت

للطريقة وهم الرجال الأَشراف، جُعِلَتِ المُثْلى مؤنثةً لتأْنيث الطريقة.

وقال ابن شميل: قال الخيل يقال هذا عبدُ الله مِثْلك وهذا رجل مِثْلك،

لأَنك تقول أَخوك الي رأَيته بالأَمس، ولا يكون ذلك في مَثَل.

والمَثِيلُ: الفاضلُ، وإِذا قيل مَنْ أَمْثَلُكُم قلت: كُلُّنا مَثِيل؛

حكاه ثعلب، قال: وإِذا قيل مَنْ أَفضلكُم؟ قلت فاضِل أَي أَنك لا تقول

كلُّنا فَضيل كما تقول كُلُّنا مَثِيل. وفي الحديث: أَشدُّ الناس بَلاءً

الأَنبياءُ ثم الأَمْثَلُ فالأَمْثَلُ أَي الأَشرفُ فالأَشرفُ والأَعلى

فالأَعلى في الرُّتبةِ والمنزلة. يقال: هذا أَمثلُ من هذا أَي أَفضلُ

وأَدنَى إِلى الخير. وأَماثِلُ الناس: خيارُهم. وفي حديث التَّراويح: قال عمر

لو جَمَعْت هؤلاء على قارئ واحد لكان أَمْثلَ أَي أَولى وأَصوب.

وفي الحديث: أَنه قال بعد وقعةِ بَدْر: لو كان أَبو طالب حَيّاً لَرَأَى

سُيوفَنا قد بَسَأَتْ بالمَياثِل؛ قال الزمخشري: معناه اعتادت

واستأْنستْ بالأَماثِل. وماثَلَ الشيءَ: شابهه.

والتِّمْثالُ: الصُّورةُ، والجمع التَّماثيل. ومَثَّل له الشيءَ: صوَّره

حتى كأَنه ينظر إِليه. وامْتَثله هو: تصوَّره. والمِثالُ: معروف، والجمع

أَمْثِلة ومُثُل. ومَثَّلت له كذا تَمْثيلاً إِذا صوَّرت له مثالة

بكتابة وغيرها. وفي الحديث: أَشدُّ الناس عذاباً مُمَثِّل من المُمَثِّلين أَي

مصوِّر. يقال: مَثَّلْت، بالتثقيل والتخفيف، إِذا صوَّرت مِثالاً.

والتِّمْثالُ: الاسم منه، وظِلُّ كل شيء تِمْثالُه. ومَثَّل الشيء بالشيء:

سوَّاه وشبَّهه به وجعله مِثْلَه وعلى مِثالِه. ومنه الحديث: رأَيت الجنةَ

والنار مُمَثَّلَتين في قِبْلةِ الجِدار أَي مصوَّرتين أَو مثالُهما؛ ومنه

الحديث: لا تمثِّلوا بنَامِيَةِ الله أَي لا تشبهوا بخلقه وتصوِّروا مثل

تصويره، وقيل: هو من المُثْلة. والتِّمْثال: اسم للشيء المصنوع مشبَّهاً

بخلق من خلق الله، وجمعه التَّماثيل، وأَصله من مَثَّلْت الشيء بالشيء

إِذا قدَّرته على قدره، ويكون تَمْثيل الشيء بالشيء تشبيهاً به، واسم ذلك

الممثَّل تِمْثال.

وأَما التَّمْثال، بفتح التاء، فهو مصدر مَثَّلْت تمثيلاً وتَمْثالاً.

ويقال: امْتَثَلْت مِثالَ فلان احْتَذَيْت حَذْوَه وسلكت طريقته. ابن

سيده: وامْتَثَلَ طريقته تبِعها فلم يَعْدُها.

ومَثَلَ الشيءُ يَمْثُل مُثُولاً ومَثُل: قام منتصباً، ومَثُل بين يديه

مُثُولاً أَي انتصب قائماً؛ ومنه قيل لِمَنارة المَسْرَجة ماثِلةٌ. وفي

الحديث: مَنْ سرَّه أَن يَمْثُل له الناس قِياماً فَلْيَتَبَوَّأْ

مَقْعَده من النار أَي يقوموا قِياماً وهو جالس؛ يقال: مَثُل الرجل يَمْثُل

مُثولاً إِذا انتصب قائماً، وإِنما نهى عنه لأَنه من زِيِّ الأَعاجم، ولأَن

الباعث عليه الكِبْر وإِذلالُ الناس؛ ومنه الحديث: فقام النبي، صلى الله

عليه وسلم، مُمْثِلاً؛ يروى بكسر الثاء وفتحها، أَي منتصباً قائماً؛ قال

ابن الأَثير: هكذا شرح، قال: وفيه نظر من جهة التصريف، وفي رواية:

فَمَثَلَ قائماً. والمَاثِلُ: القائم. والماثِلُ: اللاطِيءُ بالأَرض. ومَثَل:

لَطِئَ بالأَرض، وهو من الأَضداد؛ قال زهير:

تَحَمَّلَ منها أَهْلُها، وخَلَتْ لها

رُسومٌ، فمنها مُسْتَبِينٌ وماثِلُ

والمُسْتَبِين: الأَطْلالُ. والماثلُ: الرُّسومُ؛ وقال زهير أَيضاً في

الماثِل المُنْتَصِبِ:

يَظَلُّ بها الحِرْباءُ للشمس ماثِلاً

على الجِذْل، إِلا أَنه لا يُكَبِّرُ

وقول لبيد:

ثم أَصْدَرْناهُما في وارِدٍ

صادِرٍ وَهْمٍ، صُوَاه كالمَثَلْ

فسَّره المفسِّر فقال: المَثَلُ الماثِلُ؛ قال ابن سيده: ووجهه عندي

أَنه وضع المَثَلَ موضع المُثُولِ، وأَراد كَذِي المَثَل فحذف المضاف وأَقام

المضاف إِليه مقامه؛ ويجوز أَن يكون المَثَلُ جمع ماثِل كغائب وغَيَب

وخادِم وخَدَم وموضع الكاف الزيادة، كما قال رؤبة:

لَوَاحِقُ الأَقْرابِ فيها كالمَقَقْ

أَي فيها مَقَقٌ. ومَثَلَ يَمْثُل: زال عن موضعه؛ قال أَبو خِراش

الهذلي:يقرِّبه النَّهْضُ النَّجِيجُ لِما يَرى،

فمنه بُدُوٌّ مرَّةً ومُثُولُ

(* قوله «يقربه النهض إلخ» تقدم في مادة نجح بلفظ ومثيل والصواب ما

هنا).أَبو عمرو: كان فلان عندنا ثم مَثَل أَي ذهب. والماثِلُ: الدارِس، وقد

مَثَل مُثولاً.

وامْتَثَلَ أَمرَه أَي احتذاه؛ قال ذو الرمة يصف الحمار والأُتُن:

رَبَاعٍ لها، مُذْ أَوْرَقَ العُودُ عنده،

خُماشاتُ ذَحْلٍ ما يُراد امتِثالُها

ومَثَلَ بالرجل يَمْثُل مَثْلاً ومُثْلة؛ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي،

ومَثَّل، كلاهما: نكَّل به، وهي المَثُلَة والمُثْلة، وقوله تعالى: وقد

خَلَت من قبلهمُ المَثُلاتُ؛ قال الزجاج: الضمة فيها عِوَض من الحذف، وردّ

ذلك أَبو علي وقال: هو من باب شاةٌ لَجِبَة وشِياهٌ لَجِبات. الجوهري:

المَثُلة، بفتح الميم وضم الثاء، العقوبة، والجمع المَثُلات. التهذيب: وقوله

تعالى ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المَثُلات؛ يقول:

يستعجلونك بالعذاب الذي لم أُعاجلهم به، وقد علموا ما نزل من عُقوبَتِنا

بالأُمَمِ الخالية فلم يعتبروا بهم، والعرب تقول للعقوبة مَثُلَه

ومُثْلة فمن قال مَثُله جمعها على مَثُلات، ومن قال مُثْلة جمعها على مُثُلات

ومُثَلات ومُثْلات، بإِسكان الثاء، يقول: يستعجلونك بالعذاب أَي يطلبُون

العذاب في قولهم: فأَمطر علينا حجارةً من السماء؛ وقد تقدم من العذاب ما

هو مُثْلة وما فيه نَكالٌ لهم لو اتَّعظوا، وكأَن المَثْل مأْخوذ من

المَثَل لأَنه إِذا شَنَّعَ في عُقوبته جعله مَثَلاً وعَلَماً.

ويقال: امْتَثَل فلان من القوم، وهؤُلاء مُثْلُ القوم وأَماثِلُهم، يكون

جمع أَمْثالٍ ويكون جمع الأَمْثَلِ.

وفي الحديث: نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أَن يُمَثَّل بالدوابِّ

وأَن تُؤْكَلَ المَمْثُول بها، وهو أَن تُنْصَب فترمَى أَو تُقَطَّع

أَطرافها وهي حَيَّة. وفي الحديث: أَنه نهى عن المُثْلة. يقال: مَثَلْت

بالحيوان أَمْثُل به مَثْلاً إِذا قطعت أَطرافه وشَوَّهْت به، ومَثَلْت

بالقتيل إِذا جَدَعت أَنفَه وأُذنَه أَو مَذاكيره أَو شيئاً من أَطرافه،

والاسم المُثلة، فأَما مَثَّل، بالتشديد، فهو للمبالغة. ومَثَلَ بالقتيل:

جَدَعه، وأَمْثَله: جعله مُثْلة. وفي الحديث: من مَثَلَ بالشَّعَر فليس له

عند الله خَلاق يوم القيامة؛ مُثْلة الشَّعَر: حَلْقُه من الخُدُودِ، وقيل:

نتفُه أَو تغيِيرُه بالسَّواد، وروي عن طاووس أَنه قال: جعله الله

طُهْرةً فجعله نَكالاً.

وأَمْثَلَ الرجلَ: قَتَلَه بقَوَدٍ. وامْتَثَل منه: اقتصَّ؛ قال:

إِن قَدَرْنا يوماً على عامِرٍ،

نَمْتَثِلْ منه أَو نَدَعْهُ لكْم

وتَمَثَّل منه: كامْتَثَل. يقال: امْتَثَلْت من فلان امْتِثالاً أَي

اقتصصت منه؛ ومنه قول ذي الرمة يصف الحمار والأُتن:

خُماشات ذَحْلٍ ما يُرادُ امْتِثالُها

أَي ما يُراد أَن يُقْتَصَّ منها، هي أَذل من ذلك أَو هي أَعز عليه من

ذلك. ويقول الرجل للحاكم: أَمْثِلْني من فلان وأَقِصَّني وأَقِدْني أَي

أَقِصَّني منه، وقد أَمْثَله الحاكم منه. قال أَبو زيد: والمِثالُ القِصاص؛

قال: يقال أَمْثَله إِمْثالاً وأَقصَّه إِقْصاصاً بمعنى، والاسم

المِثالُ والقِصاصُ. وفي حديث سُويد بن مقرّن: قال ابنُه معاوية لَطَمْتُ

مَوْلىً لنا فدَعاه أَبي ودعاني ثم قال امْثُل منه، وفي رواية: امْتَثِل،

فعَفا، أَي اقتصَّ منه. يقال: أَمْثَلَ السلطانُ فلاناً إذا أَقادَه.

وقالوا: مِثْلٌ ماثِلٌ أَي جَهْدٌ جاهِدٌ؛ عن ابن الأعرابي؛ وأَنشد:

مَن لا يَضَعْ بالرَّمْلةِ المَعاوِلا،

يَلْقَ مِنَ القامةِ مِثْلاً ماثِلا،

وإِنْ تشكَّى الأَيْنَ والتَّلاتِلا

عنى بالتَّلاتِل الشدائد. والمِثالُ: الفِراش، وجمعه مُثُل، وإِن شئت

خفَّفت. وفي الحديث: أَنه دخل على سعد وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي فِراش

خَلَق. وفي الحديث عن جرير عن مغيرة عن أُم موسى أُم ولد الحسين بن علي

قالت: زوَّج علي بن أَبي طالب شابَّين وابْني منهما فاشترى لكل واحد منهما

مِثالَيْن، قال جرير: قلت لمُغيرة ما مِثالان؟ قال: نَمَطان، والنّمَطُ ما

يُفْترش من مَفارش الصوف الملوَّنة؛ وقوله: وفي البيت مِثالٌ رَثٌّ أَي

فِراش خلَق؛ قال الأَعشى:

بكلِّ طُوَالِ السَّاعِدَيْنِ، كأَنما

يَرَى بِسُرَى الليلِ المِثالَ المُمَهَّدا

وفي حديث عكرمة: أَن رجلاً من أَهل الجنة كان مُسْتَلْقِياً على مُثُله؛

هي جمع مِثال وهو الفِراش. والمِثالُ: حجَر قد نُقِر في وَجْهه نَقْرٌ

على خِلْقة السِّمَة سواء، فيجعل فيه طرف العمود أَو المُلْمُول

المُضَهَّب، فلا يزالون يَحْنون منه بأَرْفَق ما يكون حتى يَدخل المِثال فيه فيكون

مِثْله.

والأَمْثال: أَرَضُون ذاتُ جبال يشبه بعضُها بعضاً ولذلك سميت أَمْثالاً

وهي من البَصرة على ليلتين. والمِثْل: موضع

(* قوله «والمثل موضع» هكذا

ضبط في الأصل ومثله في ياقوت بضبط العبارة، ولكن في القاموس ضبط بالضم) ؛

قال مالك بن الرَّيْب:

أَلا ليت شِعْري عل تَغَيَّرَتِ الرَّحَى،

رَحَى المِثْل، أَو أَمْسَتْ بفَلْجٍ كما هِيَا؟

(مثل) بفلان مثل (وَالتَّشْدِيد للْمُبَالَغَة) وَالشَّيْء بالشَّيْء تمثيلا وتمثالا شبهه بِهِ وَقدره على قدره وَالشَّيْء لفُلَان صوره لَهُ بِكِتَابَة أَو غَيرهَا حَتَّى كَأَنَّهُ ينظر إِلَيْهِ وَقَومه فِي دولة أَو مؤتمر نَاب عَنْهُم (مج) والمسرحية عرضهَا على المسرح عرضا يمثل الْوَاقِع للعظة وَالْعبْرَة (مج) والتماثيل صورها
مثل
أصل المُثُولِ: الانتصاب، والمُمَثَّلُ:
المصوّر على مثال غيره، يقال: مَثُلَ الشيءُ.
أي: انتصب وتصوّر، ومنه قوله صلّى الله عليه وسلم: «من أحبّ أن يمثل له الرّجال فليتبوّأ مقعده من النّار» .
والتِّمْثَالُ: الشيء المصوّر، وتَمَثَّلَ كذا: تصوّر. قال تعالى: فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا
[مريم/ 17] والمَثَلُ عبارة عن قول في شيء يشبه قولا في شيء آخر بينهما مشابهة، ليبيّن أحدهما الآخر ويصوّره. نحو قولهم: الصّيف ضيّعت اللّبن فإن هذا القول يشبه قولك: أهملت وقت الإمكان أمرك. وعلى هذا الوجه ما ضرب الله تعالى من الأمثال، فقال: وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ
[الحشر/ 21] ، وفي أخرى: وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ [العنكبوت/ 43] . والمَثَلُ يقال على وجهين:
أحدهما: بمعنى المثل. نحو: شبه وشبه، ونقض ونقض. قال بعضهم: وقد يعبّر بهما عن وصف الشيء . نحو قوله: مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ [الرعد/ 35] . والثاني: عبارة عن المشابهة لغيره في معنى من المعاني أيّ معنى كان، وهو أعمّ الألفاظ الموضوعة للمشابهة، وذلك أنّ النّدّ يقال فيما يشارك في الجوهر فقط، والشّبه يقال فيما يشارك في الكيفيّة فقط، والمساوي يقال فيما يشارك في الكمّيّة فقط، والشّكل يقال فيما يشاركه في القدر والمساحة فقط، والمِثْلَ عامّ في جميع ذلك، ولهذا لمّا أراد الله تعالى نفي التّشبيه من كلّ وجه خصّه بالذّكر فقال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ [الشورى/ 11] وأما الجمع بين الكاف والمثل فقد قيل: ذلك لتأكيد النّفي تنبيها على أنه لا يصحّ استعمال المثل ولا الكاف، فنفى ب (ليس) الأمرين جميعا. وقيل: المِثْلُ هاهنا هو بمعنى الصّفة، ومعناه: ليس كصفته صفة، تنبيها على أنه وإن وصف بكثير ممّا يوصف به البشر فليس تلك الصّفات له على حسب ما يستعمل في البشر، وقوله تعالى: لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ مَثَلُ السَّوْءِ وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى [النحل/ 60] أي: لهم الصّفات الذّميمة وله الصّفات العلى. وقد منع الله تعالى عن ضرب الأمثال بقوله: فَلا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثالَ [النحل/ 74] ثم نبّه أنه قد يضرب لنفسه المثل، ولا يجوز لنا أن نقتدي به، فقال: إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النحل/ 74] ثمّ ضرب لنفسه مثلا فقال: ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْداً مَمْلُوكاً الآية [النحل/ 75] ، وفي هذا تنبيه أنه لا يجوز أن نصفه بصفة مما يوصف به البشر إلا بما وصف به نفسه، وقوله: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا الــتَّوْراةَ الآية [الجمعة/ 5] ، أي: هم في جهلهم بمضمون حقائق الــتّوراة كالحمار في جهله بما على ظهره من الأسفار، وقوله: وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ [الأعراف/ 176] فإنه شبّهه بملازمته واتّباعه هواه وقلّة مزايلته له بالكلب الذي لا يزايل اللهث على جميع الأحوال. وقوله:
مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً
[البقرة/ 17] ، فإنه شبّه من آتاه الله تعالى ضربا من الهداية والمعارف، فأضاعه ولم يتوصّل به إلى ما رشّح له من نعيم الأبد بمن استوقد نارا في ظلمة، فلمّا أضاءت له ضيّعها ونكس فعاد في الظّلمة، وقوله تعالى: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً [البقرة/ 171] فإنه قصد تشبيه المدعوّ بالغنم، فأجمل وراعى مقابلة المعنى دون مقابلة الألفاظ، وبسط الكلام: مثل راعي الذين كفروا والّذين كفروا كمثل الّذي ينعق بالغنم، ومثل الغنم التي لا تسمع إلّا دعاء ونداء. وعلى هذا النحو قوله: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ
[البقرة/ 261] ومثله قوله:
َلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ
[آل عمران/ 117] وعلى هذا النحو ما جاء من أمثاله. والمِثَالُ: مقابلة شيء بشيء هو نظيره، أو وضع شيء مّا ليحتذى به فيما يفعل، والْمُثْلَةُ: نقمة تنزل بالإنسان فيجعل مثالا يرتدع به غيره، وذلك كالنّكال، وجمعه مُثُلَاتٌ ومَثُلَاتٌ، وقد قرئ: مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ [الرعد/ 6] ، و (الْمَثْلَاتُ) بإسكان الثّاء على التّخفيف. نحو: عَضُدٍ وعَضْدٍ، وقد أَمْثَلَ السّلطان فلانا: إذا نكّل به، والأَمْثلُ يعبّر به عن الأشبه بالأفاضل، والأقرب إلى الخير، وأَمَاثِلُ القومِ: كناية عن خيارهم، وعلى هذا قوله تعالى: إِذْ يَقُولُ أَمْثَلُهُمْ طَرِيقَةً إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا يَوْماً
[طه/ 104] ، وقال:
وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى
[طه/ 63] أي:
الأشبه بالفضيلة، وهي تأنيث الأمثل.

التشبيه في القرآن

التشبيه في القرآن
- 1 - أرى واجبا علىّ قبل الحديث عن التشبيه في القرآن الكريم، أن أتحدث قليلا عن بعض نظرات للأقدمين في هذا الباب، لا أوافقهم عليها، ولا أرى لها قيمة في التقدير الفنى السليم.
فمما اعتمد عليه القدماء في عقد التشبيه العقل، يجعلونه رابطا بين أمرين أو مفرّقا بينهما، وأغفلوا في كثير من الأحيان وقع الشيء على النفس، وشعورها به سرورا أو ألما، وليس التشبيه في واقع الأمر سوى إدراك ما بين أمرين من صلة في وقعهما على النفس، أما تبطن الأمور، وإدراك الصلة التى يربطها العقل وحده فليس ذلك من التشبيه الفنى البليغ، وعلى الأساس الذى أقاموه استجادوا قول ابن الرومى:
بذل الوعد للأخلاء سمحا ... وأبى بعد ذاك بذل العطاء
فغدا كالخلاف، يورق للعين، ويأبى الإثمار كل الإباء
وجعلوا الجامع بين الأمرين جمال المنظر وتفاهة المخبر، وهو جامع عقلى، كما نرى، لا يقوم عليه تشبيه فنى صحيح، ذلك أن من يقف أمام شجرة الخلاف أو غيرها من
الأشجار، لا ينطبع في نفسه عند رؤيتها سوى جمالها ونضرة ورقها وحسن أزهارها، ولا يخطر بباله أن يكون لتلك الشجرة الوارفة الظلال ثمر يجنيه أو لا يكون، ولا يقلل من قيمتها لدى رائيها، ولا يحط من جمالها وجلالها، ألا يكون لها بعد ذلك ثمر شهى، فإذا كانت تفاهة المخبر تقلل من شأن الرجل ذى المنظر الأنيق، وتعكس صورته منتقصة في نفس رائيه، فإن الشجرة لا يقلل من جمالها لدى النفس عدم إثمارها، وبهذا اختلف الوقع لدى النفس بين المشبّه والمشبه به، ولذلك لا يعد من التشبيه الفنى المقبول.
وقبل الأقدمون من التشبيه ما عقدت الحواس الصلة بينهما، وإن لم تعقدها النفس، فاستجادوا مثل قول الشاعر يصف بنفسجا:
ولازورديّة تزهو بزرقتها ... بين الرياض على حمر اليواقيت
كأنها فوق قامات ضعفن بها ... أوائل النار في أطراف كبريت فليس ثمة ما يجمع بين البنفسج وعود الكبريت، وقد بدأت النار تشتعل فيه، سوى لون الزرقة التى لا تكاد تبدأ حتى تختفى في حمرة اللهب، وفضلا عن التفاوت بين اللونين، فهو في البنفسج شديد الزرقة، وفي أوائل النار ضعيفها، فضلا عن هذا التفاوت نجد الوقع النفسى للطرفين شديد التباين، فزهرة البنفسج توحى إلى النفس بالهدوء والاستسلام وفقدان المقاومة، وربما اتخذت لذلك رمزا للحب، بينما أوائل النار في أطراف الكبريت تحمل إلى النفس معنى القوة واليقظة والمهاجمة، ولا تكاد النفس تجد بينهما رابطا. كما استجادوا كذلك قول ابن المعتز:
كأنا وضوء الصبح يستعجل الدجى ... نطير غرابا ذا قوادم جون
قال صاحب الإيضاح: «شبه ظلام الليل حين يظهر فيه ضوء الصبح بأشخاص الغربان، ثم شرط قوادم ريشها بيضاء؛ لأن تلك الفرق من الظلمة تقع في حواشيها، من حيث يلى معظم الصبح وعموده، لمع نور، يتخيل منها في العين كشكل قوادم بيض». وهكذا لم ير ابن المعتز من الدجى وضوء الصباح سوى لونيها، أما هذا الجلال الذى يشعر به في الدجى، وتلك الحياة التى يوحى بها ضوء الصبح، والتى عبّر القرآن عنها بقوله: وَالصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ (التكوير 18).- فمما لم يحس به شاعرنا، ولم يقدره نقادنا، وأين من جلال هذا الكون الكبير، ذرة تطير؟!
وقبلوا من التشبيه ما كان فيه المشبه به خياليّا، توجد أجزاؤه في الخارج دون صورته المركبة، ولا أتردد في وضع هذا التشبيه بعيدا عن دائرة الفن؛ لأنه لا يحقق الهدف الفنى للتشبيه، فكيف تلمح النفس صلة بين صورة ترى، وصورة يجمع العقل أجزاءها من هنا وهنا، وكيف يتخذ المتخيل مثالا لمحسوس مرئى، وقبل الأقدمون لذلك قول الشاعر:
وكأن محمرّ الشقيق ... إذا تصوّب أو تصعّد
أعلام ياقوت نشر ... ن على رماح من زبرجد
ألا ترى أن هذه الأعلام من الياقوت المنشورة على رماح الزّبرجد، لم تزدك عمق شعور بمحمر الشقيق، بل لم ترسم لك صورته إذا كنت جاهله، فما قيمة التشبيه إذا وما هدفه؟! وسوف أتحدث عن الآية الكريمة التى فيها هذا اللون من التشبيه لندرك سره وقيمته.
هذا، ولن نقدّر التشبيه بنفاسة عناصره، بل بقدرته على التصوير والتأثير، فليس تشبيه ابن المعتز للهلال حين يقول:
انظر إليه كزورق من فضة ... قد أثقلته حمولة من عنبر وتلمس شبه له بهذا الزّورق الفضى المثقل بحمولة العنبر، مما يرفع من شأنه، أو ينهض بهذا التّشبيه الذى لم يزدنا شعورا بجمال الهلال، ولا أنسا برؤيته، ولم يزد على أن وضع لنا إلى جانب الهلال الجميل صورة شوهاء متخيلة، وأين الزورق الضخم من الهلال النحيل، وإن شئت فوازن بين هذه الصورة التى رسمها ابن المعتز للهلال، وتلك الصورة التى تعبر عن الإحساس البصرى والشعور النفسى معا، حينما تحدّث القرآن عن هذا الهلال، فقال: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (يس 39). فهذا العرجون القديم أقدر على تصوير القمر كما تراه العين وكما تحسّ به النفس أكثر من تصوير الزورق الفضى له، كما سنرى.
- 2 - التشبيه لمح صلة بين أمرين من حيث وقعهما النفسى، وبه يوضح الفنان شعوره نحو شىء ما، حتى يصبح واضحا وضوحا وجدانيّا، وحتى يحس السامع بما أحس المتكلم به، فهو ليس دلالة مجردة، ولكنه دلالة فنية، ذلك أنك تقول: ذاك رجل لا ينتفع بعلمه، وليس فيما تقول سوى خبر مجرد عن شعورك نحو قبح هذا الرجل، فإذا قلت إنه كالحمار يحمل أسفارا، فقد وصفت لنا شعورك نحوه، ودللت على احتقارك له وسخريتك منه.
والغرض من التشبيه هو الوضوح والتأثير، ذلك أن المتفنن يدرك ما بين الأشياء من صلات يمكن أن يستعين بها في توضيح شعوره، فهو يلمح وضاءة ونورا في شىء ما، فيضعه بجانب آخر يلقى عليه ضوءا منه، فهو مصباح يوضح هذا الإحساس الوجدانى، ويستطيع أن ينقله إلى السامع.
ليس من أغراض التشبيه إذا ما ذكره الأقدمون من «بيان أن وجود المشبه ممكن وذلك في كل أمر غريب يمكن أن يخالف فيه ويدعى امتناعه» . وقد استشهدوا على هذا الغرض بقول المتنبى:
فإن تفق الأنام وأنت منهم ... فإن المسك بعض دم الغزال
وليس في هذا البيت تشبيه فنّى مقبول، فليس الأثر الذى يحدثه المسك في النفس سوى الارتياح لرائحته الذكية، ولا يمر بالخاطر أنه بعض دم الغزال، بل إن هذا الخاطر إذا مرّ بالنفس قلّل من قيمة المسك ومن التّلذذ به، وهذه الصورة التى جاء بها المتنبى ليوضح إحساسه نحو سموّ فرد على الأنام، ليست قوية مضيئة، تلقى أشعتها على شعوره، فتضيئه لنا، فإن تحول بعض دم الغزال إلى مسك ليس بظاهرة قريبة مألوفة، حتى تقرب إلى النفس ظاهرة تفوق الممدوح على الأنام، كما أن ظاهرة تحول الممدوح غير واضحة، ومن ذلك كله يبدو أن الرابط هنا عقلى لا نفسى وجدانى.
وليس من أغراضه ما ذكره الأقدمون أيضا من الاستطراف، فليس تشبيه فحم فيه جمر موقد ببحر من المسك موجه الذهب- تشبيها فنيّا على هذا المقياس الذى وضعناه، فإن بحر المسك ذا الموج الذهبى، ليس بهذا المصباح الوهاج الذى ينير الصورة ويهبها نورا ووضوحا.
ولما كان هدف التشبيه الإيضاح والتأثير أرى الأقدمين قد أخطئوا حينما عدّوا البليغ من التشبيه ما كان بعيدا غريبا نادرا، ولذلك عدّوا قوله:
وكأنّ أجرام النجوم لوامعا ... درر نثرن على بساط أزرق
أفضل من قول ذى الرمة:
كحلاء في برج، صفراء في نعج  ... كأنها فضة قد مسها ذهب
«لأن الأول مما يندر وجوده دون الثانى، فإن الناس أبدا يرون في الصياغات فضة قد موهت بذهب ولا يكاد يتفق أن يوجد درر قد نثرن على بساط أزرق» .
وذلك قلب للأوضاع، وبعد عن مجال التشبيه الفنى الذى توضع فيه صورة قوية تبعث الحياة والقوة في صورة أخرى بجوارها، وبرغم أن التشبيهين السالفين حسّيان أرى التشبيه الثانى أقوى وأرفع، ولست أرمى إلى أن يكون التشبيه مبتذلا، فإن الابتذال لا يثير النفس، فيفقد التشبيه هدفه، ولكن أن يكون في قرب التشبيه ما يجعل الصورة واضحة مؤثرة كما سنرى.
- 3 - ليس الحس وحده هو الذى يجمع بين المشبه والمشبه به في القرآن، ولكنه الحس والنفس معا، بل إن للنفس النصيب الأكبر والحظ الأوفى.
والقرآن حين يشبه محسوسا بمحسوس يرمى أحيانا إلى رسم الصورة كما تحس بها النفس، تجد ذلك في قوله سبحانه يصف سفينة نوح: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ (هود 42). ألا ترى الجبال تصور للعين هذه الأمواج الضخمة، وتصور في الوقت نفسه، ما كان يحس به ركاب هذه السفينة وهم يشاهدون هذه الأمواج، من رهبة وجلال معا، كما يحس بهما من يقف أمام شامخ الجبال. وقوله تعالى يصف الجبال يوم القيامة: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (القارعة 5). فالعهن المنفوش يصور أمامك منظر هذه الجبال، وقد صارت هشة لا تتماسك أجزاؤها، ويحمل إلى نفسك معنى خفتها ولينها. وقوله تعالى: وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (يس 39). فهذا القمر بهجة السماء وملك الليل، لا يزال يتنقل في منازله حتى يصبح بعد هذه الاستدارة المبهجة، وهذا الضوء الساطع الغامر، يبدد ظلمة الليل، ويحيل وحشته أنسا- يصبح بعد هذا كله دقيقا نحيلا محدودبا لا تكاد العين تنتبه إليه، وكأنما هو في السماء كوكب تائه، لا أهمية له، ولا عناية بأمره، أو لا ترى في كلمة العرجون ووصفهما بالقديم ما يصور لك هيئة الهلال في آخر الشهر، ويحمل إلى نفسك ضآلة أمره معا. وقوله تعالى يصف نيران يوم القيامة: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (المرسلات 32، 33)، فالقصر وهو الشجر الضخم، والجمال الصفر توحى إلى النفس بالضخامة والرهبة معا، وصور لنفسك شررا في مثل هذا الحجم من الضخامة يطير.
ويرمى أحيانا إلى اشتراك الطرفين في صفة محسوسة، ولكن للنفس كذلك نصيبها فى اختيار المشبه به الذى له تلك الصفة، وحسبى أن أورد هنا آيات ثلاث تتبين فيها هذا الذى أشرنا إليه. فالقرآن قد شبه نساء الجنة، فقال: فِيهِنَّ قاصِراتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ (الرحمن 56 - 58). وقال: وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ (الصافات 48). وقال: وَحُورٌ عِينٌ كَأَمْثالِ اللُّؤْلُؤِ الْمَكْنُونِ (الواقعة 22، 23).
فليس في الياقوت والمرجان واللؤلؤ المكنون لون فحسب، وإنما هو لون صاف حىّ فيه نقاء وهدوء، وهى أحجار كريمة تصان ويحرص عليها، وللنساء نصيبهن من الصيانة والحرص، وهن يتخذن من تلك الحجارة زينتهن، فقربت بذلك الصلة واشتد الارتباط، أما الصلة التى تربطهن بالبيض المكنون، فضلا عن نقاء اللون، فهى هذا الرفق والحذر الذى يجب أن يعامل به كلاهما، أو لا ترى في هذا الكون أيضا صلة تجمع بينهما، وهكذا لا تجد الحس وحده هو الرابط والجامع، ولكن للنفس نصيب أى نصيب.
وحينا يجمع بين الطرفين المحسوسين معنى من المعانى لا يدرك بإحدى الحواس، وقلّ ذلك في القرآن الكريم الذى يعتمد في التأثير أكثر اعتماد على حاسة البصر، ومن القليل قوله سبحانه: أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ (الأعراف 179).
وصفة ضلال الأنعام من أبرز الصفات وأوضحها لدى النفس. وكثر في القرآن إيضاح الأمور المعنوية بالصور المرئية المحسوسة، تلقى عليها أشعة الضوء تغمرها فتصبح شديدة الأثر، وها هو ذا يمثل وهن ما اعتمد عليه المشركون من عبادتهم غير الله وهنا لن يفيدهم فائدة ما، فهم يعبدون ويبذلون جهدا يظنونه مثمرا وهو لا يجدى، فوجد في العنكبوت ذلك الحيوان الذى يتعب نفسه في البناء، ويبذل جهده في التنظيم، وهو لا يبنى سوى أوهن البيوت وأضعفها، فقرن تلك الصورة المحسوسة إلى الأمر المعنوى، فزادته وضوحا وتأثيرا قال تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ (العنكبوت 41).
وها هو ذا يريد أن يحدثنا عن أعمال الكفرة، وأنها لا غناء فيها، ولا ثمرة ترجى منها، فهى كعدمها فوجد في الرماد الدقيق، لا تبقى عليه الريح العاصفة، صورة تبين ذلك المعنى أتم بيان وأوفاه، فقال سبحانه: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (إبراهيم 18).
وليس في القرآن سوى هذين اللونين من التشبيه: تشبيه المحسوس بالمحسوس، وتشبيه المعقول بالمحسوس، أما قوله سبحانه: إِنَّها شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ (الصافات 64، 65). فالذى سمح بأن يكون المشبه به خياليّا، هو ما تراكم على الخيال بمرور الزمن من أوهام رسمت في النفس صورة رءوس الشياطين في هيئة بشعة مرعبة، وأخذت هذه الصورة يشتد رسوخها بمرور الزمن، ويقوى فعلها في النفس، حتى كأنها محسوسة ترى بالعين وتلمس باليد، فلما كانت هذه الصورة من القوة إلى هذا الحد ساغ وضعها في موضع التصوير والإيضاح، ولا نستطيع أن ننكر ما لهذه الصورة من تأثير بالغ في النفس، ومما جرى على نسق هذه الآية قوله تعالى: فَلَمَّا رَآها تَهْتَزُّ كَأَنَّها جَانٌّ وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ (النمل 10). ففي الخيال صورة قوية للجان، تمثله شديد الحركة لا يكاد يهدأ ولا يستقر.
والتشبيه في القرآن تعود فائدته إلى المشبه تصويرا له وتوضيحا، ولهذا كان المشبه به دائما أقوى من المشبه وأشد وضوحا، وهنا نقف عند قوله تعالى: اللَّهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (النور 35). فقد يبدو للنظرة العجلى أن المشبه وهو نور الله أقوى من مصباح هذه المشكاة، ولكن نظرة إلى الآية الكريمة ترى أن النور المراد هنا هو النور الذى يغمر القلب، ويشرق على الضمير، فيهدى إلى سواء السبيل، أو لا ترى أن القلب ليس في حاجة إلى أكثر من هذا المصباح، يلقى عليه ضوءه، فيهتدى إلى الحق، وأقوم السبل، ثم ألا ترى في اختيار هذا التشبيه إيحاء بحالة القلب وقد لفه ظلام الشك، فهو متردد قلق خائف، ثم لا يلبث نور اليقين أن يشرق عليه، فيجد الراحة والأمن والاستقرار، فهو كسارى الليل يخبط فى الظلام على غير هدى، حتى إذا أوى إلى بيته فوجد هذا المصباح في المشكاة، وجد الأمن سبيله إلى قلبه، واستقرت الطمأنينة في نفسه، وشعر بالسرور يغمر فؤاده.
وإذا تأملت الآية الكريمة رأيتها قد مضت تصف ضوء هذا المصباح وتتأنق في وصفه، بما يصور لك قوته وصفاءه، فهذا المصباح له زجاجة تكسب ضوءه قوة، تجعله يتلألأ كأنه كوكب له بريق الدر ولمعانه، أما زيت هذا المصباح فمن شجرة مباركة قد أخذت من الشمس بأوفى نصيب، فصفا لذلك زيتها حتى ليكاد يضيء ولو لم تمسسه نار. ألا ترى أن هذا المصباح جدير أن يبدد ظلمة الليل، ومثله جدير أن يبدد ظلام الشك، ويمزق دجى الكفر والنفاق. وقد ظهر بما ذكرناه جمال هذا التشبيه ودقته وبراعته.
- 4 - أول ما يسترعى النظر من خصائص التشبيه في القرآن أنه يستمد عناصره من الطبيعة، وذلك هو سر خلوده، فهو باق ما بقيت هذه الطبيعة، وسر عمومه للناس جميعا، يؤثر فيهم لأنهم يدركون عناصره، ويرونها قريبة منهم، وبين أيديهم، فلا تجد في القرآن تشبيها مصنوعا يدرك جماله فرد دون آخر، ويتأثر به إنسان دون إنسان، فليس فيه هذه التشبيهات المحلية الضيقة مثل تشبيه ابن المعتز:
كأن آذريونها ... والشمس فيه كالية
مداهن من ذهب ... فيها بقايا غالية
مما لا يستطيع أن يفهمه على وجهه، ويعرف سر حسنه، إلا من كان يعيش في مثل حياة ابن المعتز، وله من أدوات الترف مثل أدواته.
تشبيهات القرآن تستمد عناصرها من الطبيعة، انظر إليه يجد في السراب وهو ظاهرة طبيعية يراها الناس جميعا، فيغرهم مرآها، ويمضون إلى السراب يظنونه ماء، فيسعون إليه، يريدون أن يطفئوا حرارة ظمئهم، ولكنهم لا يلبثون أن تملأ الخيبة قلوبهم، حينما يصلون إليه بعد جهد جهيد، فلا يجدون شيئا مما كانوا يؤمّلون، إنه يجد في هذا السراب صورة قوية توضح أعمال الكفرة، تظن مجدية نافعة، وما هى بشيء، فيقول: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً (النور 39).
ويجد في الحجارة تنبو على الجسو ولا تلين، ويشعر عندها المرء بالنبو والجسوة، يجد فيها المثال الملموس لقسوة القلوب، وبعدها عن أن تلين لجلال الحق، وقوة منطق الصدق، فيقول: ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً (البقرة 74). أو لا ترى أن القسوة عند ما تخطر بالذهن، يخطر إلى جوارها الحجارة الجاسية القاسية.
ويجد في هذا الذى يعالج سكرات الموت، فتدور عينه حول عواده في نظرات شاردة تائهة، صورة تخطر بالذهن لدى رؤية هؤلاء الخائفين الفزعين من المضى إلى القتال وأخذهم بنصيب من أعباء الجهاد، فيقول: قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقائِلِينَ لِإِخْوانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنا وَلا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذا جاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ (الأحزاب 18، 19).
ويجد في الزرع وقد نبت ضئيلا ضعيفا ثمّ لا يلبث ساقه أن يقوى، بما ينبت حوله من البراعم، فيشتد بها ساعده، ويغلظ، حتى يصبح بهجة الزارع وموضع إعجابه، يجد في ذلك صورة شديدة المجاورة لصورة أصحاب محمد، فقد بدءوا قلة ضعافا ثمّ أخذوا في الكثرة والنماء، حتى اشتد ساعدهم، وقوى عضدهم، وصاروا قوة تملأ قلب محمد بهجة، وقلب الكفار حقدا وغيظا فقال: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي الــتَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ (الفتح 29).
ويجد في أعجاز النخل المنقعر المقتلع عن مغرسه، وفي الهشيم الضعيف الذاوى صورة قريبة من صورة هؤلاء الصرعى، قد أرسلت عليهم ريح صرصر تنزعهم عن أماكنهم، فألقوا على الأرض مصرّعين هنا وهناك، فيقول: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (القمر 19، 20). ويقول: إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (القمر 31).
فأنت في هذا تراه يتخذ الطبيعة ميدانا يقتبس منها صور تشبيهاته، من نباتها وحيوانها وجمادها، فمما اتخذ مشبها به من نبات الأرض العرجون، وأعجاز النخل والعصف المأكول، والشجرة الطيبة، والشجرة الخبيثة، والحبة تنبت سبع سنابل، وهشيم المحتظر، والزرع الذى أخرج شطأه. ومما اتخذ مشبها به من حيوانها الإنسان في أحوال مختلفة والعنكبوت والحمار، والكلب، والفراش، والجراد، والجمال، والأنعام، ومما اتخذ مشبها به من جمادها العهن المنفوش، والصيب، والجبال، والحجارة، والرماد، والياقوت، والمرجان، والخشب، ومن ذلك ترى أن القرآن لا يعنى بنفاسة المشبه به، وإنما يعنى العناية كلها باقتراب الصورتين في النفس، وشدة وضوحها وتأثيرها.
هذا ولا يعكر على ما ذكرناه من استمداد القرآن عناصر التشبيه من الطبيعة، ما جاء فيه من تشبيه نور الله بمصباح وصفه بأنه في زجاجة كأنها كوكب درىّ؛ لأن هذا المصباح قد تغير وتحول، فإن المراد تشبيه نور الله بالمصباح القوى، والمصباح باق ما بقى الإنسان في حاجة إلى نور يبدد به ظلام الليل.
ومن خصائص التشبيه القرآنى، أنه ليس عنصرا إضافيّا في الجملة، ولكنه جزء أساسى لا يتم المعنى بدونه، وإذا سقط من الجملة انهار المعنى من أساسه، فعمله في الجملة أنه يعطى الفكرة في صورة واضحة مؤثرة، فهو لا يمضى إلى التشبيه كأنما هو عمل مقصود لذاته، ولكن التشبيه يأتى ضرورة في الجملة، يتطلبه المعنى ليصبح واضحا قويّا، وتأمل قوله تعالى: صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (البقرة 18). تجد فكرة عدم سماعهم الحق وأنهم لا ينطقون به، ولا ينظرون إلى الأدلة التى تهدى إليه، إنما نقلها إليك التشبيه في صورة قوية مؤثرة، كما تدرك شدة الفزع والرهبة التى ألمت بهؤلاء الذين دعوا إلى الجهاد، فلم يدفعهم إيمانهم إليه في رضاء وتسليم، بل ملأ الخوف نفوسهم من أن يكون الموت مصيرهم، وتدرك ذلك من قوله سبحانه: يُجادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ ما تَبَيَّنَ كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ (الأنفال 6). وتفهم اضطراب المرأة وقلقها، وعدم استقرارها على حال، حتى لتصبح حياتها مليئة بالتعب والعناء- من قوله سبحانه: وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلا تَمِيلُوا كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوها كَالْمُعَلَّقَةِ (النساء 129).
وتفهم مدى حب المشركين لآلهتهم من قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ (البقرة 165). وهكذا تجد للتشبيه مكانه في نقل الفكرة وتصويرها، وقل أن يأتى التشبيه في القرآن بعد أن تتضح الفكرة نوع وضوح كما فى قوله تعالى: وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ (الأعراف 171). وإذا أنت تأملت أسلوب الآية الكريمة وجدت هذا التعبير أقوى من أن يقال: وإذ صار الجبل كأنه ظلة، لما فى كلمة «نتق» من تصوير انتزاع الجبل من الأرض تصويرا يوحى إلى النفس بالرهبة والفزع، ولما في كلمة «فوقهم» من زيادة هذا التصوير المفزع وتأكيده فى النفس، وذلك كله يمهد للتشبيه خير تمهيد، حتى إذا جاء مكن للصورة في النفس، ووطد من أركانها. ومع ذلك ليس التشبيه في الآية عملا إضافيا، بل فيه إتمام المعنى وإكماله، فهو يوحى بالإحاطة بهم، وشمولهم، والقرب منهم قرب الظلة من المستظل بها، وفي ذلك ما يوحى بخوف سقوطه عليهم.
ومن خصائص التشبيه القرآنى دقته، فهو يصف ويقيد حتى تصبح الصورة دقيقة واضحة أخاذة، وخذ مثلا لذلك قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا الــتَّوْراةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوها كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (الجمعة 5).
فقد يتراءى أنه يكفى في التشبيه أن يقال: مثلهم كمثل الحمار الذى لا يعقل، ولكن الصورة تزداد قوة والتصاقا والتحاما، حين يقرن بين هؤلاء وقد حملوا الــتوراة، فلم ينتفعوا بما فيها، وبين الحمار يحمل أسفار العلم ولا يدرى مما ضمته شيئا، فتمام الصورتين يأتى من هذا القيد الذى جعل الصلة بينهما قوية وثيقة.
وقوله تعالى: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (المدثر 49 - 51). فربما بدا أنه يكفى في تصوير إعراضهم وصفهم بأنهم كالحمير، ولكنه في دقته لا يكتفى بذلك، فهو يريد أن يصور نفرتهم من الدعوة، وإسراعهم في إبعاد أنفسهم عنها، إسراعا يمضون فيه على غير هدى، فوصف الحمر بأنها مستنفرة تحمل نفسها على الهرب، وتحثها عليه، يزيد في هربها وفرارها أسد هصور يجرى خلفها، فهى تتفرق في كل مكان، وتجرى غير مهتدية فى جريها، أو لا ترى في صورة هذه الحمر وهى تجد في هربها لا تلوى على شىء، تبغى الفرار من أسد يجرى وراءها، ما ينقل إليك صورة هؤلاء القوم معرضين عن التذكرة، فارين أمام الدعوة لا يلوون على شىء، سائرين على غير هدى، ثم ألا تبعث فيك هذه الصورة الهزء بهم والسخرية.
ومن ذلك وصفه الخشب بأنها مُسَنَّدَةٌ فى قوله تعالى: وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ (المنافقون 4). فهى ليست خشبا قائمة في أشجارها لما قد يكون لها من جمال في ذلك الوضع، وليست موضوعة فى جدار؛ لأنها حينئذ تؤدى عملا، وتشعر بمدى فائدتها، وليست متخذا منها أبواب ونوافذ، لما فيها من الحسن والزخرف والجمال، ولكنها خشب مسندة قد خلت من الجمال، وتوحى بالغفلة والاستسلام والبلاهة.
ولم يكتف في تشبيه الجبال يوم القيامة بالعهن، بل وصفها بالمنفوش، إذ قال: وَتَكُونُ الْجِبالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (القارعة 5). للدقة في تصوير هشاشة الجبال، كما لم يكتف في تشبيه الناس يخرجون يوم القيامة بأنهم كالجراد بل وصفه بالمنتشر، فقال: يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (القمر 7). حتى يكون دقيقا فى تصوير هذه الجموع الحاشدة، خارجة من أجداثها منتشرة في كل مكان تملأ الأفق، ولا يتم هذا التصوير إلا بهذا الوصف الكاشف.
ومن خصائص التشبيه القرآنى المقدرة الفائقة في اختيار ألفاظه الدقيقة المصورة الموحية، تجد ذلك في تشبيه قرآنى، وحسبى أن أشير هنا إلى بعض أمثلة لهذا الاختيار.
نجد القرآن قد شبه بالجبال في موضعين، فقال: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ (هود 42). وقال: وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ (الشورى 32). ولكنك تراه قد آثر كلمة الجبال عند الموج، لما أنها توحى بالضخامة والجلال معا، أما عند وصف السفن فقد آثر كلمة الأعلام، جمع علم بمعنى جبل، وسر إيثارها هو أن الكلمة المشتركة بين عدة معان تتداعى هذه المعانى عند ذكر هذه الكلمة، ولما كان من معانى العلم الراية التى تستخدم للزينة والتجميل، كان ذكر الأعلام محضرا إلى النفس هذا المعنى، إلى جانب إحضارها صورة الجبال، وكان إثارة هذا الخاطر ملحوظا عند ذكر السفن الجارية فوق البحر، تزين سطحه، فكأنما أريد الإشارة إلى جلالها وجمالها معا، وفي كلمة الأعلام وفاء بتأدية هذا المعنى أدق وفاء.
وشبه القرآن الموج في موضعين، فقال: وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ (هود 42). وقال: وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (لقمان 32). وسر هذا التنويع أن الهدف في الآية الأولى يرمى إلى تصوير الموج عاليا ضخما، مما تستطيع كلمة الجبال أن توحى به إلى النفس، أما الآية الثانية فتصف قوما يذكرون الله عند الشدة، وينسونه لدى الرخاء، ويصف موقفا من مواقفهم كانوا فيه خائفين مرتاعين، يركبون سفينة تتقاذفها الأمواج، ألا ترى أن الموج يكون أشد إرهابا وأقوى تخويفا إذا هو ارتفع حتى ظلل الرءوس، هنالك يملأ الخوف القلوب، وتذهل الرهبة النفوس، وتبلغ القلوب الحناجر، وفي تلك اللحظة يدعون الله مخلصين له الدين، فلما كان المقام مقام رهبة وخوف، كان وصف الموج بأنه كالظلل أدق في تصوير هذا المقام وأصدق.
وعلى طريقة إيثار كلمة الأعلام على الجبال التى تحدثنا عنها، آثر كلمة القصر على الشجر الضخم؛ لأن الاشتراك في هذه الكلمة بين هذا المعنى، ومعنى البيت الضخم يثير المعنيين في النفس معا فتزيد الفكرة عن ضخامة الشرر رسوخا في النفس.
وآثر القرآن كلمة بُنْيانٌ فى قوله سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ (الصف 4). لما تثيره في النفس من معنى الالتحام والاتصال والاجتماع القوى، وغير ذلك من معان ترتبط بما ذكرناه، مما لا يثار فى النفس عند كلمة حائط أو جدار مثلا.
واختار القرآن كلمة «لباس»، فى قوله تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ (البقرة 187). لما توحى به تلك الكلمة من شدة الاحتياج، كاحتياج المرء للباس، يكون مصدر راحة، وعنوان زينة معا.
ومن مميزات التشبيه القرآنى أيضا أن المشبه قد يكون واحدا ويشبه بأمرين أو أكثر، لمحا لصلة تربط بين هذا الأمر وما يشبهه، تثبيتا للفكرة في النفس.
أو لمحا لها من عدة زوايا، ومن ذلك مثلا تصوير حيرة المنافقين واضطراب أمرهم، فإن هذه الحيرة يشتد تصورها لدى النفس، إذا هى استحضرت صورة هذا السارى قد أوقد نارا تضيء طريقه، فعرف أين يمشى ثمّ لم يلبث أن ذهب الضوء، وشمل المكان ظلام دامس، لا يدرى السائر فيه أين يضع قدمه، ولا كيف يأخذ سبيله، فهو يتخبط ولا يمشى خطوة حتى يرتد خطوات. أو إذا استحضرت صورة هذا السائر تحت صيّب من المطر قد صحبه ظلمات ورعد وبرق، أما الرعد فمتناه فى الشدة إلى درجة أنه يود اتقاءه بوضع أصابعه إذا استطاع في أذنه، وأما البرق فيكاد يخطف البصر، وأما الظلمات المتراكمة فتحول بين السائر وبين الاهتداء إلى سواء السبيل. وتجد تعدّد هذا التشبيه في قوله سبحانه: مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً ... أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ .... (البقرة 17 - 19).
ومن النظر إلى الفكرة من عدّة زوايا، أنه حينا ينظر إلى أعمال الكافرين من ناحية أنها لا أثر لها ولا نتيجة، فيرد إلى الذهن حينئذ هذا الرماد الدقيق لا يقوى على البقاء أمام ريح شديدة لا تهدأ حتى تبدأ؛ لأنها في يوم عاصف، ألا ترى هذه الريح كفيلة بتبديد ذرّات هذا الغبار شذر مذر، وأنها لا تبقى عليه ولا تذر، وكذلك أعمال الكافرين، لا تلبث أن تهب عليها ريح الكفر، حتى تبددها ولا تبقى عليها، وللتعبير عن ذلك جاء قوله سبحانه: مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي
يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ
(إبراهيم 18).
وحينا ينظر إليها من ناحية أنها تغر أصحابها فيظنونها نافعة لهم، مجدية عليهم، حتى إذا جاءوا يوم القيامة لم يجدوا شيئا، ألا ترى في السراب هذا الأمل المطمع، ذا النهاية المؤيسة، ولأداء هذا المعنى قال تعالى: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً (النور 39). وحينا ينظر إليها من ناحية ما يلم بصاحبها من اضطراب وفزع، عند ما يجد آماله في أعماله قد انهارت، ألا تظلم الدنيا أمام عينيه ويتزلزل كيانه كهذا الذى اكتنفه الظلام في بحر قد تلاطمت أمواجه، وأطبقت ظلمة السحاب على ظلمة الأمواج، ألا يشعر هذا الرجل بمصيره اليائس، وهلاكه المحتوم، ألا يصور لك ذلك صورة هؤلاء الكفار عند ما يجيئون إلى أعمالهم، فلا يجدون لها ثوابا ولا نفعا، ولتصوير ذلك جاء قوله سبحانه: أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (النور 40).
- 5 - ويهدف التشبيه في القرآن إلى ما يهدف إليه كلّ فنّ بلاغىّ فيه، من التأثير في العاطفة، فترغب أو ترهب، ومن أجل هذا كان للمنافقين والكافرين والمشركين نصيب وافر من التشبيه الذى يزيد نفسيتهم وضوحا، ويصور وقع الدعوة على قلوبهم، وما كانوا يقابلون به تلك الدعوة من النفور والإعراض.
يصور لنا حالهم وقد استمعوا إلى دعوة الداعى، فلم تثر فيهم تلك الدعوة رغبة فى التفكير فيها، لمعرفة ما قد تنطوى عليه من صدق، وما قد يكون فيها من صواب، بل يحول بينهم وبين ذلك الكبر والأنفة، وما أشبههم حينئذ بالرجل لم يسمع عن الدعوة شيئا، ولم يطرق أذنه عنها نبأ، بل ما أشبههم بمن في أذنه صمم، فهو لا يسمع شيئا مما يدور حوله، وبمن أصيب بالبكم، فهو لا ينطق بصواب اهتدى إليه، وبمن أصيب بالعمى، فهو لا يرى الحق الواضح، وبذلك شبههم القرآن، فقال: وَيْلٌ لِكُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ يَسْمَعُ آياتِ اللَّهِ تُتْلى عَلَيْهِ ثُمَّ يُصِرُّ مُسْتَكْبِراً كَأَنْ لَمْ يَسْمَعْها فَبَشِّرْهُ بِعَذابٍ أَلِيمٍ (الجاثية 7، 8)، وقال: وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (البقرة 171).
أما ما يشعرون به عند ما يسمعون دعوة الحق فضيق يملأ صدورهم، ويئودهم حمله، كهذا الضيق الذى يشعر به المصعد في جبل، فهو يجر نفسه ويلهث من التعب والعناء، وهكذا صور الله ضيق صدورهم بقوله: فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ (الأنعام 125).
وما دام هؤلاء القوم لا يستخدمون عقولهم فيما خلقت له، ولم تصغ آذانهم إصغاء من يسمع ليتدبر، فقد وجد القرآن في الأنعام شبيها لهم يقرنهم بها، ويعقد بينهم وبينها وثيق الصلات، فقال: وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِها وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِها وَلَهُمْ آذانٌ لا يَسْمَعُونَ بِها أُولئِكَ كَالْأَنْعامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولئِكَ هُمُ الْغافِلُونَ (الأعراف 179). وأنت ترى في هذا التشبيه كيف مهد له التمهيد الصالح، فجعل لهم قلوبا لا يفقهون بها، وأعينا لا يبصرون بها، وآذانا لا يسمعون بها، ألا ترى نفسك بعدئذ مسوقا إلى إنزالهم منزلة البهائم، فإذا ورد هذا التشبيه عليك، وجد في قلبك مكانا، ولم تجد فيه بعدا ولا غرابة، بل ينزل بهم حينا عن درجة الأنعام، فيراهم خشبا مسندة.
وحينا يريد أن يصورهم، وقد جدوا في الهرب والنفرة من تلك الدعوة الجديدة، فيقول: فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (المدثر 49 - 51). وقد تحدثنا عن هذا التشبيه فيما مضى.
أما هذا الذى آمن ثمّ كفر، وانسلخ عن الإيمان واتبع هواه، فقد عاش مثال الذلة والهوان، وقد وجد القرآن في الكلب شبها يبين عن خسته وحقارته، ومما يزيد في الصلة بين الاثنين أن هذا المنسلخ يظل غير مطمئن القلب، مزعزع العقيدة، مضطرب الفؤاد، سواء أدعوته إلى الإيمان، أم أهملت أمره، كالكلب يظل لاهثا، طردته وزجرته، أم تركته وأهملته، قال: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (الأعراف 175، 176).
ولم ينس القرآن تصوير حيرتهم، واضطراب نفسيتهم، ولمح في اضطرابهم صلة بينهم وبين من استوقد نارا، ثم ذهب الله بنوره وبين السائر تحت صيّب منهمر، فيه ظلمات ورعد وبرق.
وصوّر وهن ما يعتمد عليه من يتخذ من دون الله أولياء بوهن بيت العنكبوت، وحين أراد أن يتحدث عن أن هؤلاء الأولياء لن يستفيد منهم عابدوهم بشيء، رأى في هذا الذى يبسط كفه إلى الماء، يريد وهو على تلك الحال أن ينقل الماء إلى فيه، وما هو ببالغه، شبيها لهم فقال: لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ (الرعد 14).
وتعرض لأعمال الكفرة كما سبق أن ذكرنا، ولصدقاتهم التى كان جديرا بها أن تثمر وتزهر، ويفيدوا منها لولا أن هبت عليها ريح الشرك فأبادتها، كما تهب الريح الشديدة البرد بزرع كان ينتظر إثماره فأهلكته: مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (آل عمران 117).
وهناك طائفة من التشبيهات ترتبط بيوم القيامة، لجأ إليها القرآن للتصوير والتأثير معا، فإذا أراد القرآن أن يبين قدرة الله على أن يأتى بذلك اليوم، بأسرع مما يتصور المتصورون لجأ إلى أسرع ما يراه الرائى، فاتخذه مثلا يؤدى إلى الهدف المراد، فيقول: وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (النحل 77).
ويقرب أمر البعث إلى الأذهان بتوجيه النظر إلى بدء الإنسان، وأن هذا البعث صورة من هذا البدء، فيقول: كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ (الأعراف 29). وبتوجيه النظر إلى هذا السحاب الثّقال يسوقه الله لبلد ميت، حتى إذا نزل ماؤه دبت الحياة في أوصال الأرض، فخرج الثمر منها يانعا، وهكذا يخلق الله الحياة في الموتى، قال سبحانه:
وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذا أَقَلَّتْ سَحاباً ثِقالًا سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنا بِهِ الْماءَ فَأَخْرَجْنا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ كَذلِكَ نُخْرِجُ الْمَوْتى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (الأعراف 57).
وإذا جاء يوم القيامة استيقظ الناس لا يشعرون بأنه قد مضى عليهم حين من الدهر طويل منذ فارقوا حياتهم، ويورد القرآن من التشبيه ما يصور هذه الحالة النفسية، فيقول: وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ (يونس 45). وإذا نظرت إلى قوة التشبيه مقترنة بقوله: يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ أدركت مدى ما يستطيع أن يحدثه في النفس من أثر. وقد كرر هذا المعنى في موضع آخر يريد أن يثبته في النفس ويؤكده فقال: يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها (النازعات 42 - 46).
ها هم أولاء قد بعثوا، خارجين من أجداثهم في كثرة لا تدرك العين مداها، وماذا يستطيع أن يرسم لك تلك الصورة، تدل على الغزارة والحركة والانبعاث، أفضل من هذا التشبيه الذى أورده القرآن حين قال: خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (القمر 7، 8).
وحينا يصوّرهم ضعافا يتهافتون مسرعين إلى الداعى كى يحاسبهم، فيجد في الفراش صورتهم، فيقول: الْقارِعَةُ مَا الْقارِعَةُ وَما أَدْراكَ مَا الْقارِعَةُ يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَراشِ الْمَبْثُوثِ (القارعة 1 - 4). ولا أخال أحدا لم ير الفراش يسرع إلى الضوء، ويتهافت عليه في ضعف وإلحاف معا، ولقد تناول القرآن إسراعهم مرة أخرى، فشبههم بهؤلاء الذين كانوا يسرعون في خطوهم، ليعبدوا أنصابا مقامة، وتماثيل منحوتة، كانوا متحمسين في عبادتها، يقبلون عليها في رغبة واشتياق، فيقول: يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً كَأَنَّهُمْ إِلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ (المعارج 43).
ويتناول المجرمين، فيصوّر ما سوف يجدونه يومئذ من ذلة وخزى، ويرسم وجوههم، وقد علتها الكآبة: كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (يونس 27). أما طعامهم فمن شجرة الزقوم، يتناولونها فيحسون بنيران تحرق أمعاءهم فكأنما طعموا نحاسا ذائبا أو زيتا ملتهبا، وإذا ما اشتد بهم الظمأ واستغاثوا قدمت إليهم مياه كهذا النحاس والزيت تشوى وجوههم، قال تعالى: إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ طَعامُ الْأَثِيمِ كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ كَغَلْيِ الْحَمِيمِ (الدخان 43 - 46). وقال سبحانه: وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ (الكهف 29). ألا ترى التشبيه يثير في النفس خوفا وانزعاجا.
ويصور آكل الربا يوم القيامة صورة منفرة منه، مزرية به، فهل رأيت ذلك الذى أصابه مس من الشيطان، فهو لا ينهض واقفا حتى يسقط، ولا يقوم إلّا ليقع، ذلك مثل آكل الربا: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا (البقرة 275).
ولعب التشبيه دورا في تصوير يوم القيامة، وما فيه من الجنة والنار، ففي ذلك الحين، تفقد الجبال تماسكها، وتكون كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ (القارعة 5). وتفقد السماء نظام جاذبيتها، فتنشق، ويصبح الجوّ ذا لون أحمر كالورد: فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ (الرحمن 37). وأما جهنم فضخامتها وقوة لهبها مما لا يستطيع العقل تصوره، ومما لا يمكن أن تقاس إليها تلك النيران التى نشاهدها في حياتنا، وحسبك أن تعلم أن شررها ليس كهذا الشرر الذى يشبه الهباءة اليسيرة، وإنما هو شرر ضخم ضخامة غير معهودة، وهنا يسعف التشبيه، فيمد الخيال بالصورة، حين يجعل لك هذا الشرر كأنه أشجار ضخمة تتهاوى، أو جمال صفر تتساقط: إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ (المرسلات 32، 33). وأما الجنة ففي سعة لا يدرك العقل مداها، ولا يستطيع التعبير أن يحدها، أو يعرف منتهاها، ويأتى التشبيه ممدا في الخيال، كى يسبح ما يشاء أن يسبح، فيقول: وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ (الحديد 21).
وهكذا ترى التشبيه يعمل على تمثيل الغائب حتى يصبح حاضرا، وتقريب البعيد النائى حتى يصير قريبا دانيا. ولجأ القرآن إلى التشبيه يصور به فناء هذا العالم الذى نراه مزدهرا أمامنا، عامرا بألوان الجمال، فيخيل إلينا استمراره وخلوده، فيجد القرآن في الزرع يرتوى من الماء فيصبح بهيجا نضرا، يعجب رائيه، ولكنه لا يلبث أن يذبل ويصفر، ويصبح هشيما تذروه الرياح- يجد القرآن في ذلك شبها لهذه الحياة الدنيا، ولقد أوجز القرآن مرة في هذا التشبيه وأطنب، ليستقر معناه في النفس، ويحدث أثره في القلب، فقال مرة: وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ فَأَصْبَحَ هَشِيماً تَذْرُوهُ الرِّياحُ وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً (الكهف 45). وقال مرة أخرى: اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ
كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً
(الحديد 20). وقال مرة ثالثة: إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها أَتاها أَمْرُنا لَيْلًا أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (يونس 24).
ولما كان للمال أثره في الحياة الاجتماعية، لعب التشبيه دوره في التأثير في النفس، كى تسمح ببذله في سبيل تخفيف أعباء المجتمع، فقرر مضاعفة الثواب على ما يبذل في هذه الناحية، فقال في موضع: وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (البقرة 265). فلهذا التشبيه أثره في دفع النفس إلى بذل المال راضية مغتبطة، كما يغتبط من له جنة قد استقرت على مرتفع من الأرض، ترتوى بما هى فى حاجة إليه من ماء المطر، وتترك ما زاد عن حاجتها، فلا يظل بها حتى يتلفها، كما يستقر في المنخفضات، فجاءت الجنة بثمرها مضاعفا، وفي مرة أخرى رأى مضاعفة جزاء الحسنة كمضاعفة الثمرة، لهذا الذى يبذر حبة قمح، فتخرج عودا يحمل سبع سنابل، فى كل سنبلة مائة حبة: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ (البقرة 261).
وحاط القرآن هذه المضاعفة بشرط ألا يكون الإنفاق عن رياء، وهنا نقف أمام هذا التشبيه القرآنى الذى سيق تصويرا لمن يتصدق لا عن باعث نفسى، نتبين إيحاءاته، ونتلمس وجه اختياره، إذ يقول سبحانه: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ فَأَصابَهُ وابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْداً لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ (البقرة 264). أرأيت هذا الحجر الصلد قد غطته قشرة رقيقة من التراب فخاله الرائى صالحا للزرع والإنبات، ولكن وابل المطر لم يلبث أن أزال هذه القشرة فبدا الحجر على حقيقته، صلدا لا يستطيع أحد أن يجد فيه موضع خصب، ولا تربة صالحة للزراعة، ألا ترى في اختيار كلمة الصفوان هنا ما يمثل لك هذا القلب الخالى من الشعور الإنسانى النبيل، والعطف على أبناء جنسه عطفا ينبع من شعور حى صادق، ولكن الصدقة تغطيه بثوب رقيق حتى يخاله الرائى، قلبا ينبض بحب الإنسانية، ويبنى عليه كبار الآمال فيما سوف يقدمه للمجتمع من خير، ولكن الرياء والمن والأذى لا تلبث أن تزيل هذا الغشاء الرقيق، فيظهر القلب على حقيقته قاسيا صلبا لا يلين.
- 6 - وتأتى الكاف في القرآن أحيانا لا لهذا التشبيه الفنى الخالص، بل لإيقاع التساوى بين أمرين، ومن أمثلة هذا الباب قوله تعالى: وَعَدَ اللَّهُ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْكُفَّارَ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذابٌ مُقِيمٌ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالًا وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا أُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (التوبة 68، 69). وقوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولًا فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلًا (المزمل 15، 16). فهو يعقد موازنة بينهم وبين من سبقهم، ويبين لهم الوجوه التى يتفقون فيها معهم، ولا ينسى أن يذكر ما أصاب سابقيهم، وإلى هنا يقف، تاركا لهم أن يصلوا بأنفسهم إلى ما ينتظرهم من العواقب، وإنها لطريقة مؤثرة في النفس حقّا، أن تضع لها شبيها، وتتركها تصل بنفسها إلى النتيجة في سكينة وهدوء، لا أن تقذف بها في وجهها، فربما تتمرد وتثور.
ومن كاف التساوى أيضا قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ (النساء 163). وقد يلمح في ذلك الرغبة في إزالة الغرابة عن نفوس السامعين، واستبعادهم نزول الوحى على الرسول، فالقرآن يقرنه بمن لا يشكّون فى رسالته، ليأنسوا بدعوة النبى، وقد يكون في هذا التساوى مثار للتهكم، كما فى قوله تعالى: لَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ (الأنعام 94). أو مثار للاستنكار، كما في قوله تعالى: وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذابِ اللَّهِ (العنكبوت 10). فسر الاستنكار كما ترى هو تسوية عذاب الناس بعذاب الله. وقد تأتى الكاف وسيلة للإيضاح، وتقوم هى وما بعدها مقام المثال للقاعدة، وغير خاف ما للمثل يضرب من التأثير والإقناع، ومن ذلك قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (آل عمران 10، 11)، فجاء بآل فرعون مثالا لأولئك الذين لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا، ومن كاف الإيضاح قوله سبحانه: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ، وقوله: وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي.

سرف

س ر ف

عود مسروف وقد سرف إذا أكلته السرفة، ومنه السرف الذي هو مجاوزة الحد في النفقة وغيرها. وقد أسرف في كذا وهو مسرف، وتقول: يفعل السرف بالنشب، ما يفعل السرف بالخشب. وأرض سرفة: كثيرة السرف.

ومن المجاز: شاة مسروفة: استؤصلت أذنها. وسرفت المرأة ولدها: أفسدته بكثرة اللبن. وذهب ماء البئر سرفاً: ضيعة. ورجل سرف الفؤاد وسرف العقل: فاسده؛ وأصله من سرفت السرفة الخشبة فسرفت، كما تقول: حطمته السن فحطم، وصعقته السماء فصعق.
(سرف) : والسَّريف: سَطْرٌ من كَرْمٍ، والجمعُ سُرُوفٌ.
(سرف) الطَّعَام سَرفًا ائتكل حَتَّى كَأَن السرفة أَصَابَته فَهُوَ سرف وَالشَّيْء أغفله وأخطأه وَفِي الحَدِيث (أردتكم فسرفتكم) وجهله وَالْقَوْم جاوزهم
(س ر ف) : (قَوْله تَعَالَى) {فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ} [الإسراء: 33] أَيْ الْوَلِيُّ لَا يَقْتُلْ غَيْرَ الْقَاتِلِ وَلَا اثْنَيْنِ وَالْقَاتِلُ وَاحِدٌ وَقِيلَ الْإِسْرَافُ الْمُثْلَةُ (وَسَرِفٌ) بِوَزْنِ كَتِفٍ جَبَلٌ بِطَرِيقِ الْمَدِينَةِ.

سرف


سَرَفَ(n. ac. سَرْف)
a. Gnawed, ate ( leaves of a tree: insect ).
b. Surfeited ( child: mother ).
سَرِفَ(n. ac. سَرَف)
a. Neglected, took no heed of, overlooked.
b. [Min]. Was addicted to (wine).
أَسْرَفَ
a. [Fī], Was extravagant with, squandered, dissipated.

تَسَرَّفَa. Devoured.

سُرْفَة
(pl.
مَسْرُف)
a. Wood-fretter; teredo; caterpillar.

سَرَفa. Prodigality, waste; extravagance.

سَرِفa. Ignorant.
b. Negligent, careless.

سَرُوْفa. Momentous, formidable.
سرف: سرف. نشأ على السرف أهملت تربيته. (معجم الطرائف).
أسرف. أسرف على نفسه: اتبع هواه (معجم الطرائف، تاريخ البربر 1: 528).
اسرف: أفرط وجاوز القصد في العطاء ففي الفرج بعد الشدة (مخطوطة 61 ص165) فجعلت محبسه داري وأشرفت (وأسْرَفتُ) طعامه وشرابه لأحرس لك نفسه.
سَرَف: تستعمل خاصة بمعنى تبذير ومجاوزة الحد. (معجم الطرائف).
سرف: انهماك في المنكر، فساد السيرة، دعارة (بوشر).
سَرَف: تآكل، تأكل (بوشر).
سرفون: ذكرت في معجم فريتاج. والصواب سرفوت (انظر الكلمة).
سارف: متآكل (بوشر).
س ر ف: (السَّرَفُ) بِفَتْحَتَيْنِ ضِدُّ الْقَصْدِ. وَالسَّرَفُ أَيْضًا الضَّرَاوَةُ. وَفِي الْحَدِيثِ: «إِنَّ لِلَّحْمِ سَرَفًا كَسَرَفِ الْخَمْرِ» وَقِيلَ: هُوَ مِنَ الْإِسْرَافِ. وَ (الْإِسْرَافُ) فِي النَّفَقَةِ التَّبْذِيرُ. وَ (إِسْرَافِيلُ) اسْمٌ أَعْجَمِيٌّ كَأَنَّهُ مُضَافٌ إِلَى إِيلٍ. وَ (إِسْرَافِينُ) لُغَةٌ فِيهِ كَمَا قَالُوا: جِبْرِينُ وَإِسْمَاعِينُ وَإِسْرَائِينُ. 
سرف
في الحَدِيث: " إنَ لِلَّحْمِِ سرَفاً كَسَرَفِ الخَمْرِ " أي ضَرَاوَةً. وذَهَبَ ماءُ البِئْرِ سَرَفاً: أي ضيْعَةً. والإسْرَافُ: نَقِيْضُ الاقْتِصَادِ.
والسرَفُ: الخَطَأُ، أرَدْتُكم فسَرِفْتُكم. والسرِفُ: الغافِلُ، سَرِفْتُ القَوْمَ: أغْفَلْتهم. ورَجُلٌ سَرِفُ العَقْلِ: أي قَلِيْلُه.
وسَرَفَتْه أُمُّه: أي أفْسَدَتْه بسَرَفِ اللبَنِ. والمَسْرُوْفَةُ من الشّاء: التي يُقْطَعُ أُذُنُها أصْلاً. وفي المَثَل: " أصْنَعُ من سُرْفَةٍ " وهي دُوَيْنَةٌ صَغِيْرَةٌ تَثْقُبُ الشجَرَ تَبْني فيه، يُقال: شرِفَتِ الشجَرَةُ. وقيل: دُوْدَةُ القَزِّ.
والسُّرُفُ: شَيْءٌ أبْيَضُ كأنَه نَسْجُ دُوْدِ القَزِّ. وأرْضٌ سَرِفَةٌ: من السُّرْفَةِ. وسَرِف: مَوْضِعٌ بالحِجاز.
والسرُوْفُ: الشدِيْدُ العَظِيمُ، يَوْم سَرُوْف: عَظِيْمٌ.
سرف وَقَالَ أَبُو عبيد: فِي حَدِيث عَائِشَة أَن للَّحم سَرَفا كسَرَف الْخمر قَالَ: حدّثنَاهُ مُحَمَّد بن عمر الْوَاقِدِيّ عَن مُوسَى بن عَليّ عَن أَبِيه عَن عَائِشَة. قَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال: سَرِفت الشَّيْء أخطأته وأغفلته وَقَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي فِي حَدِيثه: أردتكم فسرفتكم أَي أخطأتكم قَالَ جرير ابْن الخطفي يمدح قوما: (الْبَسِيط)

أعْطوا هُنَيدةَ يَحْدُوها ثمانيةٌ ... مَا فِي عطائهم مَنُّ وَلَا سَرَفُ

يُرِيد بالسرف الْخَطَأ يَقُول: لم يُخْطئوا فِي عطيتهم وَلَكنهُمْ وضعوها موَاضعهَا. وَقَالَ مُحَمَّد بن عمر: السَرَف فِي هَذَا الحَدِيث الضراوة وَيُقَال: للّحم ضراوة مثل ضراوة الْخمر قَالَ أَبُو عبيد: وَهَذَا عِنْدِي أشبه بِالْمَعْنَى وَإِن لم أكن سَمِعت هَذَا الْحَرْف فِي غير هَذَا الحَدِيث وَالَّذِي يذهب إِلَى أَن السَّرف الْخَطَأ يَقُول: إدمانه خطأ فِي النَّفَقَة.
[سرف] نه: فيه: فان بها سرحة لم تعبل و"لم تسرف" أي لم تصبها السرفة، وهى دويبة صغيرة "تنقب الشجر تتخذه بيتا يضرب بها المثل فيقال: أصنع منة. وفيه: إن للحم "سرفا كسرف" الخمر، أي ضراوة كضراوتها وشدة كشدتها، لأن من اعتاد ضرى بأكله فأسرف فيه فعل مدمن الخمر في ضراوته بها وقلة صبره عنها، وقيل: أراد به الغفلة، رجل سرف الفؤاد أي غافل، وسرف العقل أي قليله، وقيل: هو من الإسراف والتبذير في النفقة لغير حاجة أو في غير طاعة الله، شبهت ما يخرج في الإكثار من اللحم بما يخرج في الخمر، والغالب في الإسراف الوارد في الحديث الإكثار من الذنوب والخطايا واحتقاب الأوزار. ومنه ح: أردتكم "فسرفتكم" أي أخطأتكم. وفيه: إنه تزوج ميمونة "بسرف" بكسر راء موضع من مكة بعشرة أميال. ك: هو بفتح سين وبفاء غير منصرف. ن: جهلى وإسرافي" أي تجاوز الحد مني. ط: الحلال لا يحتمل "السرف" أي لا يوجد كثيرًا حتى يحتمل الإسراف، أو معناه لا ينبغى أن يسرف فيه ثم يحتاج إلى الغير، قوله: إن احتاج كان أول من يبذل دينه، أي كان ذلك الشخص أول شخص يبذل دينه فيما يحتاج إليه، ولو حمل من على ما لكان أبين، فأول اسم كان، ودينه خبره. غ: (كلوا واشربوا و"ولا تسرفوا" هو أكل ما لا يحل، أو مجاوزة القصد مما أحله الله.
س ر ف : أَسْرَفَ إسْرَافًا جَازَ الْقَصْدَ وَالسَّرَفُ بِفَتْحَتَيْنِ اسْمٌ مِنْهُ وَسَرِفَ سَرَفًا مِنْ بَابِ تَعِبَ جَهِلَ أَوْ غَفَلَ فَهُوَ سَرِفٌ وَطَلَبْتُهُمْ فَسَرِفْتُهُمْ بِمَعْنَى أَخْطَأْتُ أَوْ جَهِلْتُ وَسَرِفٌ مِثَالُ تَعِبٍ وَجَهْلٍ مَوْضِعٌ قَرِيبٌ مِنْ التَّنْعِيمِ وَبِهِ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَيْمُونَةَ الْهِلَالِيَّةَ وَبِهِ تُوُفِّيَتْ وَدُفِنَتْ.

(س ر ق (: سَرَقَهُ مَالًا يَسْرِقُهُ مِنْ بَابِ ضَرَبَ وَسَرَقَ مِنْهُ مَا لَا يَتَعَدَّى إلَى الْأَوَّلِ بِنَفْسِهِ وَبِالْحَرْفِ عَلَى الزِّيَادَةِ وَالْمَصْدَرُ سَرَقٌ بِفَتْحَتَيْنِ وَالِاسْمُ السِّرْقُ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَالسَّرِقَةُ مِثْلُهُ وَتُخَفَّفُ مِثْلُ: كَلِمَةٍ وَيُسَمَّى الْمَسْرُوقُ سَرِقَةً تَسْمِيَةً بِالْمَصْدَرِ وَسَرَقَ السَّمْعَ مَجَازٌ وَاسْتَرَقَهُ إذَا سَمِعَهُ
مُسْتَخْفِيًا وَالسَّرَقَةُ شُقَّةُ حَرِيرٍ بَيْضَاءُ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ كَأَنَّهَا كَلِمَةٌ فَارِسِيَّةٌ وَالْجَمْعُ سَرَقٌ مِثْلُ: قَصَبَةٍ وَقَصَبٍ. 
(سرف) - في الحديث: "فإنّ بها سَرْحةً سُرَّ تَحْتَها سَبْعُون نبيا، فهي لا تُسرَف ولا تُعبَل ولا تُجْرَد"
: أي لا تُصِيبها السُّرْفَة؛ وهي دويبَّة صَغِيرة تَثْقبُ الشَّجر تَتَّخِذهُ بَيتاً، يُضرَب بها المَثَل فيُقالُ: "أَصْنَع من سُرْفَةٍ" والفعل منه سُرِف فهو مَسْرُوف، وسَرَفت السُّرفةُ الشَّجَر:
أكلت ورقَه سَرْفاً. وقوله: لا تُعْبَل: أي لا يَسقُطُ وَرقُها - ولا تُجَرد: أي لا يأكلها الجَرادُ.
وروي: لا تُسْرَحُ: أي لا تُترك فيها الإبلُ والغَنَم لِتَرعاه.
- في حديث عَائِشة - رضي الله عنها -: "إن لِلَّحم سَرَفاً كَسَرَف الخَمْرِ"
قال أبو عمرو: سَرِفْتُ الشيءَ: أغفَلتهُ وأَخطأْته: أي أنّ إدمانَه خَطَأ أو أن إدمانه يَحمِل الناسَ على الإغْفال والخَطَأ،
وقيل: السَّرَفُ بمعنى الضَّراوة: أي ضَرَاوَتُه كضَرَاوة الخَمْرِ.
- في الحديث: "أنه تزوّج مَيْمونةَ بِسَرف ".
سَرِف، بكسر الراء، موضع من مَكَّةَ على عشرة أميال.
وقيل: هو من السَّرف الذي هو الإغْفال، كأنه لِصِغَره يُغْفَل عنه، وهو مُنْصَرِف منوَّن.
[سرف] السَرَفُ: ضدُّ القصدِ. والسَرَفُ: الاغفال والخطأ وقد سرفت الشئ بالكسر، إذا أغفلته وجهلته. وحكى الاصمعي عن بعض الاعراب وواعده أصحاب له من المسجد مكانا فأخلفهم، فقيل له في ذلك فقال: " مررت بكم فسرفتكم " أي أغفلتكم. ومنه قول جرير: أعطؤا هنيدة يَحْدوها ثَمانِيَةٌ ما في عَطائِهِمُ من ولا يخطئون موضع العطاء بأن يعطوه من لا يستحق ويحرموه المستحق. ورجل سرف الفؤاد، أي مخطئ الفؤاد غافِلُه، قال طرفة: إنَّ امرأً سَرِفَ الفؤادِ يَرى عَسَلاً بماءٍ سَحابَةٍ شَتْمي والسرف: الضرواة. وفى الحديث: " إن لِلَّحْمِ سَرَفاً كَسَرَفِ الخَمْرِ ". ويقال: هو من الاسراف. وسرف: اسم موضع. والاسراف في النفقة: التبذير. ومسرف: لقب مسلم بن عقبة المرى صاحب وقعة الحرة، لانه قد أسرف فيها. قال على ابن عبد الله بن عباس: هم منعوا ذمارى يوم جاءت كتائب مسرف وبنى اللكيعه والسرفة: دويبة تتخذ لنفسها بيتا مربيا من دقاق العيدان، تضمُّ بعضها إلى بعض بلعابها على مثال الناووس، ثمَّ تدخل فيه وتموت. يقال في المثل: " هو أصنعُ من سُرْفَةٍ ". وقد سَرَفَتِ السُرْفَةُ الشجرةَ تَسْرِفُها سرفا، إذا أكلت ورقها، عن ابن السكيت. وسرفت الشجرةُ فهي مَسْرُوفَةٌ. وأرضٌ سَرِفَةٌ: كثيرة السرفة. وإسرافيل: اسم أعجمى، كأنه مضاف إلى إيل. قال الاخفش: ويقال في لغة: إسرافين، كما قالوا جبرين، وإسماعين، وإسرائين.
سرف
السَّرَفُ: تجاوز الحدّ في كلّ فعل يفعله الإنسان، وإن كان ذلك في الإنفاق أشهر. قال تعالى: وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا
[الفرقان/ 67] ، وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً
[النساء/ 6] ، ويقال تارة اعتبارا بالقدر، وتارة بالكيفيّة، ولهذا قال سفيان: (ما أنفقت في غير طاعة الله فهو سَرَفٌ، وإن كان قليلا) ، قال الله تعالى: وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ [الأنعام/ 141] ، وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ [غافر/ 43] ، أي:
المتجاوزين الحدّ في أمورهم، وقال: إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ [غافر/ 28] ، وسمّي قوم لوط مسرفين ، من حيث إنهم تعدّوا في وضع البذر في الحرث المخصوص له المعنيّ بقوله: نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ [البقرة/ 223] ، وقوله: يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ
[الزمر/ 53] ، فتناول الإسراف في المال، وفي غيره. وقوله في القصاص: فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ
[الإسراء/ 33] ، فسرفه أن يقتل غير قاتله، إمّا بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه، أو بتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهلية تفعله، وقولهم: مررت بكم فَسَرِفْتُكُمْ ، أي: جهلتكم، من هذا، وذاك أنه تجاوز ما لم يكن حقّه أن يتجاوز فجهل، فلذلك فسّر به، والسُّرْفَةُ: دويبّة تأكل الورق، وسمّي بذلك لتصوّر معنى الإسراف منه، يقال:
سُرِفَتِ الشجرةُ فهي مسروفة.
سرف
أسرفَ/ أسرفَ على/ أسرفَ في يُسرِف، إسرافًا، فهو مُسْرِف، والمفعول مُسْرَف (للمتعدِّي)
• أسرف الشَّخصُ/ أسرف في الأمر: بالغ، أفرط وجاوز الحدَّ "أسرَف في الكلام/ الثناء/ القتل/ الظلم- يُسرف في خزن البضائع- {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلاَ تُسْرِفُوا إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ} - {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ}: المجاوزون الحدّ في الضّلال والطغيان- {فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ}: نهي عن التمثيل بالقتيل أو قتل غير القاتل"

° يسرف في تبديد طاقته: يستنفد طاقته إلى حدّ الإنهاك.
• أسرف مالَه: بدَّدَه وجاوز الحدّ في إنفاقه وتبذيره "أفلس من الإسراف- هدر ثروته بإسرافه".
• أسرف على نفسه: أكثر من الذنوب والخطايا والآثام، أفرط في الجناية " {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ} ". 

سَرَف [مفرد]:
1 - إسراف؛ مجاوزة الحَدّ، عكس التقتير "في كلامه سَرَف".
2 - ضراوة بالشّيء وولوع به.
3 - ما ذهب من غير نفع "ذهب الماء سَرَفًا: من غير سقي ولا نفع". 

سُرْفة [مفرد]: ج سُرُفات وسُرْفات وسُرَف: دودة القَزِّ، دوْيبَّة سوداء الرأس وسائرها أحمر تتّخذ لنفسها بيتًا من خيوط تفرزها وتضمّ بعضها إلى بعض بلعابها وتموت فيه. 
السين والراء والفاء س ر ف

السِّرَفُ والإِسرافُ مُجاوزةُ القَصْدِ وأسْرَفَ في مالِه عَجِلَ من غيْرِ قَصْدٍ وأمَّا السَّرْفُ الذي نَهَى اللهُ عنه فهَوَ ما أُنْفِقَ في غيْر طاعةِ اللهِ قليلاً كانَ أو كثيراً وأَكَلَهُ سَرَفاً أي في عَجلَةٍ وقولُ الله تَعَالى {ولا تأكلوها إسرافا وبدارا أن يكبروا} النساء 6 أي ومُبَادَرَةَ كِبَرِهِم قال بعضُهم إسْرافاً أي لا تأثَّلُوا مِنْها وكُلُوا القُوتَ على قَدْرِ نَفْعِكُم إيَّاهُم وقال بعضُهم معنى من كان فقيراً فلْيَأْكُل بالمعروفِ أي يأكل قَرْضاً ولا يأخُذ من مال اليَتيم شيئاً لأنّ المعروف أن يأَكلَ الإِنسانُ مالَه ولا يأكلُ مالَ غيره والدَّليلُ على ذلك قوله تعالى {فإذا دفعتم إليهم أموالهم فأشهدوا عليهم} النساء 6 وأسْرَفَ في الكلام وفي القَتْلِ أفْرط وفي التنزيل {فلا يسرف في القتل} الإسراء 33 قال الزجَّاج اخْتُلِفَ في الإِسْرافِ في القَتْل فقيلَ هو أن يقْتُلَ غير قاتلِ صاحِبِه وقيل أن يَقْتُلَ هو القاتلَ دونَ السُّلطانِ وقيل هو أن لا يَرْضَى بقتل واحدٍ حتَّى يَقْتُل جماعَةً لِشَرَف المقتول وخساسَةِ القاتلِ أو أن يقتل أَشْرَف من القاتلِ والسَّرَفُ اللَّهَجُ بالشَّيءِ وفي الحديث

إنّ لِلَّحْمِ لَسَرفاً كَسَرفِ الخَمْر وسَرَفَ الشيءَ سَرَفاً أغْفَلَهُ وأخْطأه وسَرِفَ القومَ جاوَزهُم والسَّرِفُ الجاهِلُ والسُّرْفَةُ دَودةُ القَزِّ وقيل هي دُوَيْبَّةٌ غَبراءُ تَبْنِي بَيْتاً حَسَناً تكونُ فيه وفي المثل أصْنَعُ من سُرْفةٍ وقيل هي دُوَيْبَّةٌ صغيرةٌ مثل نِصْفِ العَدَسَةِ تَثْقُبُ الشَجرةَ ثم تَبْنِي فيها بيتاً من عيدانٍ تجمعُها بمثل غَزْلِ العنكبوتِ وقيل هي دابة صغيرةٌ جداً غَبْراء تأتي الخشبةَ فَتَحْفِرُهَا ثم تأتي بِقطعةِ خَشبةٍ فتضَعُها فيها ثم أخرى ثم أخرى ثم تنْسِجُ مثل نَسْج العنكبوتِ وقال أبو حنيفَةَ وقيلَ السُّرْفَةُ دُوَيْبّةٌ مثل الدُّودةِ إلى السَّواد ما هِيَ تكونُ في الحَمْضِ تَبْنِي بيْتاً من عيدانٍ مُربَّعاً تَشُدُّ أطراف العيدانِ بشيءٍ مثل غَزْل العنكبوتِ وقيل هي الدّودةُ التي تَنْسِجُ على بعض الشَّجرِ وتأكلُ ورقَهُ وتُهْلِكُ ما بَقِيَ منه بذلك النَّسْجِ وقيل هي دودةٌ مثل الإِصْبَعِ شعراء رَقْطاء تأكلُ ورَق الشجر حتَّى تُعَرِّيَها وقيل هي دودةٌ تَنْسِجُ على نَفْسِها قدرَ الإِصْبَعِ طولاً كالقِرْطاسِ ثم تَدْخلُهُ فلا يُوصَل إليها وقيل هي دُوَيْبّةٌ خفيفَةٌ كأنها عنكبوتٌ ويقال أَخَفُّ من سُرْفَةٍ وأرضٌ سَرِفَةٌ من السُّرْفَةِ ووادٍ سَرِفٌ كذلك وسَرِفَ الطعامُ إذا ائْتَكَلَ حتى كأنَّ السُّرْفَةَ أصابْتُه وسُرِفَتِ الشجرةُ أصابتها السُّرْفَةُ وشاةٌ مَسْروفَةٌ مقطوعةُ الأذُنِ أصْلاً وسَرِفٌ موضعٌ قال قيسُ بن ذَرِيحٍ

(عَفَا سَرِفٌ من آلهِ فَسُرَاوعُ ... )

وقد ترك بعضُهم صَرْفَه جعله اسماً للبُقْعَةِ ومنه قولُ عيسى بن أبي جهْمَةَ اللَّيثيِّ وذكَر قَيْساً فقَالَ كانَ قيسُ بن ذَرِيح مِنَّا وكانَ طريفاً شاعِراً وكان يكونُ بمكةَ ودُونَها من قُدَيْدٍ وسَرِفَ وحولَ مكةَ في بَوادِيها ومسرف اسم
باب السين والراء والفاء معهما س ر ف، ر س ف، ف ر س، ر ف س، س ف ر، ف س ر مستعملات

سرف: الأسرف وسَرِفٌ موضِعان بالحِجاز. والأِسراف نقيض الاقتصاد. ولِلَّحْمِ سَرَفٌ كسَرَفِ الخَمر، وهو الضَّراوةُ. والمَسروفةُ من الشّاءِ: التي تُقُطَعُ أُذُنُها أصلاً. وفي المَثَل: أَصْنَعُ من سُرْفةٍ، وهي دُوَيبَّة صغيرة تَنْقُبُ الشَّجَر وتَبني فيه بَيْتاً، وسَرِفَ الشَّجَرُ أي أصابَتْه السُّرْفة. والسَّرِفُ: الجاهِلُ، وقال:

إنَّ امرَءاً سَرِفَ الفُؤادِ يَرَى ... عَسَلاً بماءِ سَحابةٍ شَتْمي

والسَّرَفُ: الخَطَأ، يقال : أردتكم فسرفتكم، قال: ما في عَطائِهُمُ مَنٌّ ولا سَرَف

أي لا يُخطِئُون ويَضَعُونَه موضِعَه.

رسف: الرَّسْفُ والرَّسيفُ والرَّسَفانُ: مِشْيَة المُقَيَّد، [وقد رَسَفَ في القَيْد يَرسُفُ رَسيفاً فهو راسفٌ] . والمَرْسَفةُ: المَمْشى لمّا نجدها ووَجَدنا المَرْسَف.

فرس: هذا فَرَسٌ وهذه فَرَسٌ والفُروسَةُ، مصدر الفارس، لا فِعْلَ له والفِراسةُ مصدر التفرس. والفَرْسُ: دَقُّ العُنُق. والفَريسةُ فَريسةُ الأسَد، ونادَى منادي عُمَرَ فقال: لا تَنخَعُوا ولا تفرِسُوا، أي لا تكسِروا العُنَقَ. وأبو فِراس: كُنيةُ الأسَد، وكنية الفرزدق أيضاً. والفَريس: حَلْقةُ الحَبْل من خَشَب، قال:

فلو كان الرشا مائتين باعاً ... لكانَ مَمَرُّ ذلك في الفريس  رفس: الرَّفسَةُ: الصَّدْمَةُ بالرِّجْل في الصَّدْرِ.

سفر: السَّفْر: قومٌ مسافِرون وسُفّار، والأَسفار جماعة السَّفْر. والسَّفَر: بَياض النَّهار، وأسفَرَتْ: أَصَبَحت، وأَسَفَرَ الصُّبْحُ، تقول: رُحْ بنا إلى المنزل بسَفَرٍ أي قبل اللَّيل. ووجهٌ مُسْفِرٌ: منيرٌ مُشرِقٌ سروراً وحسناً. وسَفَرْتُ الشيءَ عن الشيء سَفْراً أي كَشَطْتُه فانسفَرَ وذَهَبَ قال:

سَفْرَ الشَّمالِ الزبرج المزبرجا

وانسَفَرَتِ الإِبِل: تَصَرَّفَت فذَهَبَت. والسَّفيرُ: ما تَساقَطَ من الشَّجَر أيّامَ الخريف، سَفَرَتْ به الرَّيحُ. ويقال: اعلِفُوه سَفيراً. وسَفَرْتُ البيتَ بالمِسْفَرةِ أي كَنَستُه بالمِكنَسةِ سَفْراً. والسَّفيرُ: الكُناسةُ. والسُّفُور: سَفْرُ المرأةِ نِقابَها عن وجهها فهي سافِرٌ وهُنَّ سَوافِرُ، قال تَوْبةُ:

فقد رابني منها الغداة سفورها  والسفار: خَيطٌ يُشَدُّ طَرَفه على خِطام البعير فيُدارُ عليه ويُجُعَل بقيَّتُه زمامَها، ورُبَّما كان السِّفار من حديد، والجمع أسفرة. والسَّفيرُ: رسول بعض القوم إلى قوم، وهم السُّفَراءُ. والأسفار أجزاءُ الــتَّوراة، وجُزءٌ منه سِفرٌ، والــتَّوراة خمسة أسفار أي كُتُب. سِفْرٌ يخرُجُ من بني إسرائيلَ من مِصر، وسِفر لسيرة الملوك، وسِفْر الوَصيّة وسفر مُكَرّرٌ. والسَّفَرة: الكَتَبةُ، وملائكةُ السَّماءِ والأرضِ سَفَرة أي كتبة، وهم الكتبة الذين يُحصُون أعمالَ أهلِ الأرض من قوله سبحانه: بِأَيْدِي سَفَرَةٍ . ويقال: سَفَرت الكتاب أي كَتَبْتُ أسفِره سفرا. والسفسير: الفَيْج والتابع والخادم. وسُفْرة الطعام تُتَّخَذُ للمسافرِ .

فسر: الفَسْرُ: التفسير وهو بيان وتفصيل للكِتاب، وفَسَره يفسِره فسرا، وفسره تفسيرا. والتَّفْسِرة: اسمٌ للبَوُل الذي ينظُر فيه الأَطِّباء، يُسْتَدَلُّ به على مَرَض البَدَنِ، وكلُّ شيءٍ يُعرفَ به تفسيرُ الشيءِ فهو التَّفسِرةُ.
سرف
السَّرَفْ: ضد القصد.
وفي حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا ينتَهِبُ الرجل نهبة ذاة سَرَفٍ وهو مؤمن. أي ذاة شَرَفٍ، أي ذاة قدر كثير يُنكِر ذلك الناس ويتشرفون إليه ويستعظمونه، ويُروى بالشين المعجمة.
والسَّرَفُ - أيضاً -: الإغفال والخطأ، وقد سَرِفْتُ الشيء - بالكسر -: إذا أغفلته وجهلته. وحكى الأصمعي عن بعض الأعراب وواعده أصحاب له من المسجد مكانا فأخلفهم؛ فقيل له في ذلك فقال: مررت بكم فَسَرِفْتُكُم: أي أغْفَلْتُكم، ومنه قول جرير:
أعطوا هُنيدة يحدوها ثمانية ... ما في عطائهم مَنٌّ ولا سَرَفُ
أي إغفال ولا خطأ، أي لا يخطئون موضع العطاء بأن يعطوه من لا يستحق ويحرموه المُسْتَحِقَّ.
ورجل سَرِفُ الفؤاد: أي مُخْطِئ الفؤاد غافلُهُ، قال طرفة بن العبد:
إن إمرءً سَرِفَ الفؤاد يرى ... عَسَلا بماء سَحَابَةٍ شتمي
والسَّرَفُ - أيضاً -: الضراوة، ومنه حديث عائشة - رضي الله عنها -: إن لِلَّحْمِ سَرَفاً كَسَرَفِ الخمر. والمعنى: أن مَن اعتاده ضري بأكله فأسرف فيه فعل المعاقر في ضراوته بالخمر وقلة صبره عنها. ووجه آخر: أن تريد بالسَّرَفِ الغَفلَةَ. ويجوز أن يكون من سَرِفَتِ المرأة صبيها إذا أفسدته بكثرة اللبن، تعني الفساد الحاصل من جهة غلظة القلب وقسوته والجرأة على المعصية والانبعاث للشهوة.
وسَرِفُ - مثال كَتِفٍ -: موضع قريب من التنعيم، وتزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - ميمونة بنت الحارث بن حزن الهلالية - رضي الله عنها - بِسَرِفَ سنة سبعٍ من الهجرة في عمر القضاء، وبنى بها بِسَرِفَ، وكانت وفاتها - أيضا - بِسَرِفَ، ودفنت هنالك. قال خداش بن زهير:
فإن سمعتم بجيشٍ سالك سرفاً ... أو بطن مرَّ فأخفوا الجرس واكتتموا
وقال عبيد الله بن قيس الرُّقيات:
سَرِفٌ منزل لسلمةَ فالظه ... ران منها منازل فالقصيمُ
والسُّرْفَةُ: دويبة تتخذ لنفسها بيتا مربعا من دُقَاقِ العيدان تضم بعضها إلى بعض بلعابها على مثال الناوُوْسِ ثم تدخل فيه وتموت. وفي المثل: هو أصنع من سُرْفَةٍ. وقد سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الشجرة تَسْرُفُها سَرْفاً: إذا أكلت ورقها؛ عن ابن السكيت. وسُرِفَتِ الشجرة فهي مَسْرُوْفَةٌ. وفي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: ولم تُسْرَفْ، وقد كُتِبَ الحديث بتمامه في تركيب ج ر د. وأرض سَرِفَةٌ: كثيرة السُّرْفَةِ.
وقال ابن عبّاد: السًّرُفُ: شيء أبيض كأنه نسج دود القز.
والسَّرُوْفُ: الشديد العظيم، يقال يوم سَرُوْفٌ: أي عظيم.
وقال غيره: الأُسْرُفُ: الآنُكُ، فارسي معرب، وهو تعريب سُرُبْ.
وذهب ماء الحوض سرفاً: إذا فاض من نواحيه.
والسَّرِيْفُ: سطر من كَرْمٍ.
واسرافيل: اسم أعجمي كأنه مضاف إلى إيل، قال الأخفش: ويقال في لغة: اسْرَافِيْنُ؛ كما قالوا جبرين واسماعين واسْرَائينُ. والإسراف في النفقة: التبذير، قال الله تعالى:) ولا تُسْرِفُوا (الإسراف: أكل ما لا يحل أكله، وقيل: هو مجاوزة القصد في الأكل مما أحله الله، وقال سفيان: الإسْرَافُ ما أُنْفِقَ في غير طاعة الله، وقال إياس بن معاوية: ما قُصِرَ به عن حق الله.
وقوله تعالى:) مُسْرِفٌ مُرْتابٌ (أي كافرٌ شاك.
ومُسْرِفٌ: لقب مسلم بن عقبة المُرِّيِّ صاحب وقعة الحرة؛ لأنه قد أسْرَفَ فيها، قال علي بن عبد الله بن العباس:
هم منعوا ذِماري يوم جاءت ... كتائب مُسْرِفٍ وبنو اللَّكِيْعَه
والتركيب يدل على تعدي الحد وعلى الإغفال للشيء.

سرف: السَّرَف والإسْرافُ: مُجاوزةُ القَصْدِ. وأَسرفَ في ماله: عَجِلَ

من غير قصد، وأَما السَّرَفُ الذي نَهَى اللّه عنه، فهو ما أُنْفِقَ في

غير طاعة اللّه، قليلاً كان أَو كثيراً. والإسْرافُ في النفقة: التبذيرُ.

وقوله تعالى: والذين إذا أَنْفَقُوا لم يُسْرِفُوا ولم يَقْتُروا؛ قال

سفيان: لم يُسْرِفُوا أَي لم يضَعُوه في غير موضعه ولم يَقْتُروا لم

يُقَصِّروا به عن حقه؛ وقوله ولا تُسْرِفوا، الإسْرافُ أَكل ما لا يحل أَكله،

وقيل: هو مُجاوزةُ القصد في الأَكل مما أَحلَّه اللّه، وقال سفيان:

الإسْراف كل ما أُنفق في غير طاعة اللّه، وقال إياسُ بن معاوية: الإسرافُ ما

قُصِّر به عن حقّ اللّه. والسَّرَفُ: ضدّ القصد. وأَكَلَه سَرَفاً أَي في

عَجَلة. ولا تأْكلُوها إسْرافاً وبِداراً أَن يَكْبَرُوا أَي ومُبادَرة

كِبَرهِم، قال بعضهم: إِسْرافاً أَي لا تَأَثَّلُوا منها وكلوا القوت على

قدر نَفْعِكم إياهم، وقال بعضهم: معنى من كان فقيراً فليأْكل بالمعروف أَي

يأْكل قَرْضاً ولا يأْخذْ من مال اليتيم شيئاً لأَن المعروف أَن يأْكل

الإنسان ماله ولا يأْكل مال غيره، والدليل على ذلك قوله تعالى: فإذا دفعتم

إليهم أَموالهم فأَشْهِدُوا عليهم. وأَسْرَفَ في الكلام وفي القتل:

أَفْرَط. وفي التنزيل العزيز: ومَن قُتل مظلوماً فقد جعلنا لوليه سُلطاناً

فلا يُسرِف في القتل؛ قال الزجاج: اخْتُلِفَ في الإسراف في القتل فقيل: هو

أَنْ يقتل غير قاتل صاحبه، وقيل: أَن يقتل هو القاتلَ دون السلطان، وقيل:

هو أَن لا يَرْضى بقتل واحد حتى يقتل جماعةً لشرف المقتول وخَساسة

القاتل أَو أَن يقتل أَشرف من القاتل؛ قال المفسرون: لا يقتل غير قاتله وإذا

قتل غير قاتله فقد أَسْرَفَ، والسَّرَفُ: تجاوُزُ ما حُدَّ لك.

والسَّرَفُ: الخطأُ، وأَخطأَ الشيءَ: وَضَعَه في غير حَقِّه؛ قال جرير يمدح بني

أُمية:

أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدوها ثمانِيةٌ،

ما في عَطائِهمُ مَنٌّ ولا سَرَفُ

أَي إغْفالٌ، وقيل: ولا خطأ، يريد أَنهم لم يُخْطِئوا في عَطِيَّتِهم

ولكنهم وضَعُوها موضعها أَي لا يخْطِئون موضع العَطاء بأَن يُعْطُوه من لا

يَسْتَحقُّ ويحرموه المستحق. شمر: سَرَفُ الماء ما ذهَب منه في غير سَقْي

ولا نَفْع، يقال: أَروت البئرُ النخيلَ وذهب بقية الماء سَرَفاً؛ قال

الهذلي:

فكأَنَّ أَوساطَ الجَدِيّةِ وَسْطَها،

سَرَفُ الدِّلاء من القَلِيبِ الخِضْرِم

وسَرِفْتُ يَمينَه أَي لم أَعْرِفْها؛ قال ساعِدةُ الهذلي:

حَلِفَ امْرِئٍ بَرٍّ سَرِفْتُ يَمِينَه،

ولِكُلِّ ما قال النُّفُوسُ مُجَرّبُ

يقول: ما أَخْفَيْتُك وأَظْهَرْت فإنه سيظهر في التَّجْرِبةِ.

والسَّرَفُ: الضَّراوةُ. والسَّرَفُ: اللَّهَجُ بالشيء. وفي الحديث: أَنَّ عائشة،

رضي اللّه عنها، قالت: إنَّ للَّحْم سَرَفاً كسَرَفِ الخمر؛ يقال: هو من

الإسْرافِ، وقال محمد بن عمرو: أَي ضَراوةً كضراوةِ الخمر وشدّة

كشدَّتها، لأَن من اعتادَه ضَرِيَ بأَكله فأَسْرَفَ فيه، فِعْلَ مُدَمِن الخمر في

ضَراوته بها وقلة صبره عنها، وقيل: أَراد بالسرَفِ الغفلة؛ قال شمر: ولم

أَسمع أَن أحداً ذَهب بالسَّرَفِ إلى الضراوة، قال: وكيف يكون ذلك

تفسيراً له وهو ضدّه؟ والضراوة للشيء: كثرةُ الاعتِياد له، والسَّرَف بالشيء:

الجهلُ به، إلا أَن تصير الضراوةُ نفسُها سَرَفاً، أَي اعتيادُه وكثرة

أَكله سرَفٌ، وقيل: السّرَفُ في الحديث من الإسرافِ والتبذير في النفقة

لغير حاجة أَو في غير طاعة اللّه، شبهت ما يَخْرج في الإكثار من اللحم بما

يخرج في الخمر، وقد تكرر ذكر الإسراف في الحديث، والغالب على ذكره الإكثار

من الذُّنُوب والخطايا واحْتِقابِ الأَوْزار والآثام. والسَّرَفُ:

الخَطَأُ. وسَرِفَ الشيءَ، بالكسر، سَرَفاً: أَغْفَلَه وأَخطأَه وجَهِلَه،

وذلك سَرْفَتُه وسِرْفَتُه. والسَّرَفُ: الإغفالُ. والسَّرَفُ:

الجَهْلُ.وسَرِفَ القومَ: جاوَزهم. والسَّرِفُ: الجاهلُ ورجل سَرِفُ الفُؤاد:

مُخْطِئُ الفُؤادِ غافِلُه؛ قال طَرَفةُ:

إنَّ امْرأً سَرِفَ الفُؤاد يَرى

عَسَلاً بماء سَحابةٍ شَتْمِي

سَرِفُ الفؤاد أَي غافل، وسَرِفُ العقل أَي قليل. أَبو زيادٍ الكلابي في

حديث: أَرَدْتكم فسَرِفْتُكم أَي أَغْفَلْتُكم. وقوله تعالى: من هو

مُسْرِفٌ مُرْتاب؛ كافر شاكٌّ. والسرَفُ: الجهل. والسرَفُ: الإغْفال. ابن

الأَعرابي: أَسْرَفَ الرجل إذا جاوز الحَدَّ، وأَسْرَفَ إذا أَخْطأَ،

وأَسْرَفَ إذا غَفَل، وأَسرف إِذا جهِلَ. وحكى الأَصمعي عن بعض الأعرابي وواعده

أَصحاب له من المسجد مكاناً فأخلفهم فقيل له في ذلك فقال: مررت

فسَرِفْتُكم أَي أَغْفَلْتُكم.

والسُّرْفةُ: دُودةُ القَزِّ، وقيل: هي دُوَيْبَّةٌ غَبْراء تبني بيتاً

حسَناً تكون فيه، وهي التي يُضرَبُ بها المثل فيقال: أَصْنَعُ من

سُرْفةٍ، وقيل: هي دُويبة صغيرة مثل نصف العَدَسة تثقب الشجرة ثم تبني فيها

بيتاً من عِيدانٍ تجمعها بمثل غزل العنكبوت، وقيل: هي دابة صغيرة جدّاً

غَبْراء تأْتي الخشبة فَتَحْفِرُها، ثم تأْتي بقطعة خشبة فتضعها فيها ثم أُخرى

ثم أُخرى ثم تَنْسِج مثل نَسْج العنكبوت؛ قال أَبو حنيفة: وقيل

السُّرْفةُ دويبة مثل الدودة إلى السواد ما هي، تكون في الحَمْض تبني بيتاً من

عيدان مربعاً، تَشُدُّ أَطراف العيدان بشيء مثل غَزْل العنكبوت، وقيل: هي

الدودة التي تنسج على بعض الشجر وتأْكل ورقه وتُهْلِكُ ما بقي منه بذلك

النسج، وقيل: هي دودة مثل الإصبع شَعْراء رَقْطاء تأْكل ورق الشجر حتى

تُعَرِّيَها، وقيل: هي دودة تنسج على نفسها قدر الإصْبع طولاً كالقرطاس ثم

تدخله فلا يُوصل إليها، وقيل: هي دويبة خفيفة كأَنها عنكبوت، وقيل: هي

دويبة تتخذ لنفسها بيتاً مربعاً من دقاق العيدان تضم بَعضها إلى بعض بلعابها

على مثال الناووس ثم تدخل فيه وتموت. ويقال: أَخفُّ من سُرْفة. وأَرض

سَرِفةٌ: كثيرة السُّرْفةِ، ووادٍ سَرِفٌ كذلك. وسَرِفَ الطعامُ إذا ائْتَكل

حتى كأَنَّ السرفة أَصابته. وسُرِفَتِ الشجرةُ: أَصابتها السُّرْفةُ.

وسَرِفَةِ السُّرْفةُ الشجرةَ تَسْرُفها سَرْفاً إذا أَكلت ورَقها؛ حكاه

الجوهري عن ابن السكيت. وفي حديث ابن عمر أَنه قال لرجل: إذا أَتيتَ مِنًى

فانتهيت إلى موضع كذا فإن هناك سَرْحةً لم تُجْرَدْ ولم تُسْرَفْ، سُرَّ

تحتها سبعون نبيّاً فانزل تحتها؛ قال اليزيدي: لم تُسْرَفْ لم تُصِبْها

السُّرْفةُ وهي هذه الدودة التي تقدَّم شرحها. قال ابن السكيت: السَّرْفُ،

ساكن الراء، مصدر سُرِفَتِ الشجرةُ تُسْرَفُ سَرْفاً إذا وقعت فيها

السُّرْفةُ، فهي مَسْرُوفةٌ. وشاة مَسروفَةٌ: مقطوعة الأُذن أَصلاً.

والأَُسْرُفُّ: الآنُكُ، فارسية معرَّبة.

وسَرِفٌ: موضع؛ قال قيس بن ذَريحٍ:

عَفا سَرِفٌ من أَهْله فَسُراوِعُ

وقد ترك بعضهم صَرْفَه جعله اسماً للبقعة؛ ومنه قول عيسى بن أَبي جهمة

الليثي وذكر قيساً فقال: كان قَيْسُ بن ذَريحٍ منَّا، وكان ظريفاً شاعراً،

وكان يكون بمكة ودونها من قُدَيْدٍ وسَرِف وحولَ مكة في بواديها. غيره:

وسَرِف اسم موضع. وفي الحديث: أَنه تزوّج مَيْمُونةً بِسَرِف، هو بكسر

الراء، موضع من مكة على عشرة أَميال، وقيل: أَقل وأكثر. ومُسْرِفٌ: اسم،

وقيل: هو لقب مسلم بن عُقْبَةَ المُرِّي صاحب وقْعةٍ الحَرَّة لأَنه قد

أَسْرفَ فيها؛ قال عليّ بن عبد اللّه بن العباس:

هُمُ مَنَعُوا ذِمارِي، يومَ جاءتْ

كتائِبُ مُسْرِفٍ، وبنو اللَّكِيعَهْ

وإسرافيلُ: اسم أعْجمي كأَنه مضاف إلى إيل، قال الأخفش: ويقال في لغة

إسْرافِينُ كما قالوا جِبْرِينَ وإِسْمعِينَ وإسْرائين، واللّه أَعلم.

سرف
السَّرَفُ، مُحَرَّكَةً: ضِدُّ الْقَصْدِ، كَمَا فِي الصَّحاحِ، والعُبَابِ، وَفِي اللِّسَانِ: مُجَاوَزَةُ القَصْدِ، وَقَالَ غيرُه: هُوَ تَجَاوُزُ مَا حُدَّ لَك.
السَّرَفُ أَيضاً: الإِغْفَالُ، والْخَطَأُ، وَقد سَرِفَهُ، كَفَرِحَ: أَغْفَلَهُ، وجَهِلَهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، قَالَ وحَكَى الأَصْمَعِيُّ عَن بَعْضِ الأَعْرَابِ، ووَاعَدَهُ أَصْحابٌ لَهُ مِن المَسْجِدِ مَكَاناً فأَخْلَفَهُمْ، فقِيل لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ: مَرَرْتُ بكُمْ فسَرِفْتُكُم، أَي: أَغْفَلْتُكُمْ، وَمِنْه قَوْلُ جَرِيرٍ، يَمْدَحُ بني أُمَيَّةَ:
(أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ ... مَا فِي عَطَائِهِمُ مَنٌّ ولاَ سَرَفُ)
أَي: إِغْفَالٌ، ويُقَال: وَلَا خَطَأٌ أَي لَا يُخْطِئُونَ مَوْضِعَ العَطَاءِ بأَن يُعْطُوه مَن لَا يَسْتَحِقُّ، ويَحْرِمُوا المُسْتَحِقَّ.
السَّرَفُ، مِن الْخَمْرِ: ضَرَاوَتُهَا، وَمِنْه حديثُ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا) إنَّ لِلَّحْمِ سَرَفاً كَسَرَفِ الخَمْرِ (أَي: مَن اعْتَادَهُ ضَرِىَ بأَكْلِهِ، فأسْرَفَ فِيهِ، فِعْلَ المُعَاقِرِ فِي ضَرَاوَتِهِ بالخَمْرِ، وقِلَّةِ صَبْرِه عَنْهَا، أَو المُرَادُ بالسَّرَفِ: الغَفْلَةُ، أَو الفَسَادُ الحاصِلُ مِن جِهَةِ غِلْظَةِ القَلْبِ، وقَسْوَتِهِ، والجَرَاءَةِ علَى المَعْصِيَةِ، والانْبِعَاثِ للشَّهْوَةِ، قَالَ شَمِرٌ: وَلم أسْمَعْ أنَّ أَحَداً ذَهَبَ بالسَّرَفِ إِلَى الضَّرَاوَةِ، قَالَ: وَكَيف يكونُ ذَلِك تَفْسِيراً لَهُ وَهُوَ ضِدُّهُ، والضَّرَاوَةُ للشَّيءِ: كَثْرَةُ الاعْتِيَادِ لَهُ، والسَّرَفُ بالشَّيءِ: الجَهْلُ بِهِ، إِلاَّ أَن تَصِيرَ الضَّراوَةُ نَفْسُهَا سَرَفاً، أَي: اعْتِيادُه وكَثْرَةُ أَكْلِهِ سَرَفٌ، وَقيل: السَّرفُ فِي الحديثِ: مِن الإِسْرافِ فِي النَّفَقَةِ لِغَيْرِ حَاجَةٍ، أَو فِي غيرِ طَاعَةِ اللهِ: السَّرَفُ جَدُّ محمدِ بنِ حاتِمِ بنِ السَّرَفِ، المُحَدِّثِ، الأَزْدِيِّ، عَن مُوسَى بن نُصَيْرٍ الرَّازِيِّ، وَعنهُ عُمَرُ بنُ أَحمدَ القَصَبَانِيُّ. وَفِي الْحَدِيثِ:) لَا يَنْتَهِبُ الرَّجُلُ نُهْبَةً ذَاتَ سَرَفٍ وهُو مُؤْمِنٌ أَي: ذَاتَ شَرَفٍ، وقَدْرٍ كَبِيرٍ، يُنْكِرُ ذَلِك الناسُ، وَيَتَشَرَّفُونَ إِليه، ويَسْتَعْظِمُونَه، ويُرْوَى بِالشِّينِ المُعْجَمَةِ أَيْضاً، كَمَا سَيَأْتي.
) و (سَرِفٌ، كَكَتِفٍ: ع على عَشْرةِ أَمْيَالٍ مِن مَكَّةَ، وَقيل: أَقَلّ أَو أَكْثَر، قُرْبَ التَّنْعِيمِ، تَزَوَّجَ بِهِ النبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلَّمَ مَيْمُونَةَ بنتَ الحارِثِ الهِلاَلِيَّةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهَا سَنَةَ تِسْعٍ مِن الهجرَةِ، فِي عُمْرَةِ القَضَاءِ، وَبَنَى بهَا بسَرِفٍ، وكانتْ وَفَاتُهَا أَيضاً بسَرِفٍ، ودُفِنَتْ هُنَالك، قَالَ خِدَاشُ بنُ زُهَيْرٍ:
(فإِنْ سَمِعْتُمْ بجَيْشٍ سَالِكٍ سَرِفاً ... أَو بَطْنَ مَرٍّ فأَخْفُوا الجَرْسَ واكْتَتِمُوا)

وَقَالَ عُبَيْدُ اللهِ بنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ: سَرِفٌ مَنْزِلٌ لِسَلْمَةَ فالظَّهْرَانُ مِنْهَا مَنَازِلٌ فالْقَصِيمُ وَقَالَ قَيْسُ بنُ ذَرِيْحٍ: عَفَا سَرِفٌ مِنْ أَهْلِهِ فَسُرَاوِعُ وَقد تَرَكَ بعضُهم صَرْفَهُ، جَعَلَه اسْماً للبُقْعَةِ. مِن المَجَازِ: رَجُلٌ سَرِفُ الْفُؤَادِ: أَي مُخْطِئُهُ، غَافِلُهُ، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، وَكَذَا: سَرِفُ العَقْلِ، أَي: فَاسِدُه، قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ: وأَصْلُهِ مِن سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الخَشَبَةَ فسَرِفَتْ، كَمَا تَقول: حَطَمَتْه السِّنُّ فَحَطِمَ، وصَعَقَتْهُ السَّمَاءُ فصَعِقَ، وَقَالَ طَرَفَةُ:
(إِنَّ امْرَأً سَرِفَ يَرَى ... عَسَلاً بِمَاءِ سَحَابَةٍ شَتْمِى)
والسُّرْفَةُ، بالضَّمِّ: دُوَيْبَّةٌ تَتَّخِذُ لِنَفْسِهَا بَيْتاً مُرَبَّعاً مِن دِقَاقَ الْعِيدَانِ، تَضُمُّ بَعْضَهَا إِلَى بَعْضٍ بلُعابِهَا، علَى مِثَالِ النَّاوُوسِ، فَتَدْخُلُهُ وتَمُوتُ، كَمَا فِي الصَّحاحِ، وَقيل: هِيَ دُودَةُ القَزِّ، وَهِي غَبْرَاءُ، وَقيل: هِيَ دُوَيْبَّةٌ صَغِيرَةٌ مِثْلُ نِصْفِ العَدَسَةِ، تَثْقُبُ الشَّجَرةَ، ثمَّ تَبْنِى فِيهَا بَيْتاً مِن عِيدَانٍ، تَجْمَعُها بمِثْلِ غَزْلِ العَنْكَبُوتِ، وَقيل: تَأْتِي الخَشَبَةَ فتَحْفِرُها، ثمَّ تأْتي بقِطْعَةِ خَشَبَةٍ فتَضَعُهَا فِيهَا، ثمَّ أُخْرَى ثُمَّ أُخْرَى، ثُمَّ تَنْسِجُ مِثْلَ نَسْجِ العَنْكَبُوتِ، قَالَ أَبُو حنيفَةَ: قِيل: السُّرْفَةُ: دُوَيْبَّة مِثْلُ الدُّودَةِ إِلى السَّوَادِ مَا هيَ، تكونُ فِي الحَمْضِ، تَبْنِى بَيْتاً من عِيدَانٍ مُرَبَّعاً، تَشُدُّ أَطْرَافَ العِيدَانِ بشيءٍ مِثْل غَزْلِ العَنْكَبُوتِ، وَقيل: هِيَ الدُّودَةُ الَّتِي تَنْسِجُ علَى بعضِ الشَّجَرِ، وتَأْكلُ وَرَقَهُ، وتُهْلِكُ مَا بَقِىَ مِنْهُ بذلِكَ النَّسْجِ، وقيلَ: هِيَ دُودَةٌ مِثْلُ الأُصْبُعِ، شَعْرَاءُ رَقْطَاءُ، تَأْكلُ وَرَقَ الشَّجَرِ حَتَّى تُعَرِّيَهَا، وَقيل: هِيَ دُودَةٌ تَنْسِجُ علَى نَفْسِهَا قَدْرَ الأُصْبُعِ طُولاً كالقِرْطاسِ، ثمَّ تدخُله، فَلَا يُوصَلُ إِليها، وَمِنْه الْمَثَلُ:) أَصْنَعُ مِنْ سُرْفَةٍ (، و) أَخَفُّ مِنْ سُرْفَةٍ (.
قد سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الشَّجَرَةَ، مِن حَدِّ نَصَرَ، تَسْرُفُها، سَرْفاً: إِذا أَكَلَتْ وَرَقَهَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، عَن ابنِ السِّكِّيتِ.
وأَرْضٌ سَرِفَةٌ، كَفَرِحَةٍ: كَثِيرَتُهَا، نَقَلَهُ الجَوْهَرِيُّ، ووَادٍ سَرِفٌ، كَذَلِك. من المَجَازِ: سَرَفَتِ الأُمُّ وَلَدَهَا: إِذا أَفْسَدَتْهُ بِسَرَفِ اللَّبَنِ، أَي: بكَثْرَتِهِ، نَقَلَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ. والسُّرُفُ، بِضَمَّتَيْنِ: شَيْءٌ أَبْيَضُ، كَأَنَّهُ نَسْجُ دُودِ الْقَزِّ، نَقَلَهُ ابنُ عَبَّادٍ. قَالَ: السَّرُوفُ، كَصَبُورٍ: الشَّدِيدُ الْعَظِيمُ، يُقَال: يَوْمٌ سَرُوفٌ، أَي: عظيمٌ. السَّرِيفُ، كَأَمِيرٍ: السَّطْرُ مِن الْكَرْمِ، نَقَلَهُ الصَّاغَانِيُّ. والأُسْرُفُّ، بالضَّمِّ:)
الآنُكُ، فارسَّيةٌ، مُعَرَّبُ أَسْرُبّ، كَمَا فِي العُبَابِ. يُقَال: ذَهَبَ مَاءُ الحَوْضِ سَرَفاً، مُحَرَّكَةً: إِذا فَاضَ مِنْ نَوَاحِيهِ، وَهُوَ مَجَازٌ.
وَقَالَ شَمِرٌ: سَرَفُ الماءِ: مَا ذَهَبَ مِنْهُ فِي غَيْرِ سَقْيٍ وَلَا نَفْعٍ، يُقَال: أَرْوَتِ البِئْرُ النَّخِيلَ، وذَهَبَ بَقِيَّةُ الماءِ سَرَفاً، قَالَ الهُذَلِيُّ:
(فكَأَنَّ أَوْسَاطَ الْجَدِيَّةِ وَسْطَهَا ... سَرَفُ الدِّلاَءِ مِنَ الْقَلِيبِ الْخِضْرِمِ)
وإِسْرَافِيلُ: لُغَةٌ فِي إسْرَفِينَ، أَعْجَمِيٌّ، كأَنَّهُ مُضَافٌ إلَى إِيلَ، الأَخِيرةُ نَقَلَهَا الأَخْفَشُ، قَالَ: كَمَا قالُوا: جِبْرينَ وإِسْمَاعِينَ، وإِسْرَائِينَ.
والإِسْرَافُ فِي النَّفَقَةِ: التَّبْذِيرُ، ومُجَاوَزَةُ القَصْدِ، وَقيل: أَكْلُ مَا لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ، وَبِه فُسِّرَ قولُه تعالَى:) وَلاَ تُسْرِفُوا (وَقيل: الإِسْرَافُ: وَضْعُ الشَّيْءِ فِي غيرِ مَوْضِعِهِ، أَو هُوَ مَا أُنْفِقَ فِي غَيْرِ طَاعَة اللهِ عَزَّ وجَلَّ، وَهُوَ قَوْلُ سُفْيَانَ، زَاد غيرُه: قَلِيلا كانَ أَو كثيرا، كالسَّرَفِ، مُحَرَّكةً، وَقَالَ إِياسُ بنُ مُعاوِيَةَ: الإِسْرَافُ: مَا قُصِّرَ بِهِ عَن حَقِّ اللهِ.
واخْتُلِفَ فِي قولِه تعالَى:) فَلاَ يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ (، فَقَالَ الزَّّجَّاجُ: قيل: هُوَ أَن يَقْتُلَ غيرَ قَاتِلِ صَاحبِه، وَقيل: أَن يَقْتُلَ هُوَ القاتلَ دونَ السُّلْطَانِ، وَقيل: هُوَ أَنْ لَا يَرْضَى بقَتْلِ واحدٍ حَتَّى يَقْتُلَ جَمَاعَةً، لِشَرَفِ المَقْتُولِ، وخَسَاسَةِ القاتلِ، أَو أَنْ يَقْتُلَ أَشْرَفَ مِن الْقَاتِلِ، قَالَ المُفَسِّرُونَ: لَا يَقْتُلُ غيرَ قَاتِله، وإِذا قَتَلَ غَيْرَ قاتِله فقد أَسْرَفَ. ومُسْرِفٌ كمُحْسِنٍ: لَقَبُ مُسْلِمِ بنِ عُقْبَةَ الْمُرِّىِّ، صَاحِبِ وَقْعَةِ الْحَرَّةِ بظَاهِرِ المدينَةِ، علَى سَاكِنها أَفْضَلُ الصلاةِ والسَّلامِ، وعلَى مُسْرِفٍ مَا يَسْتَحِقُّ، لأَنَّهُ قد أَسْرَفَ فِيهَا، علَى مَا ذَكَره أَرْبَابُ السِّيَرِ، بِمَا فِي سَمَاعِه ونَقْلِه شَنَاعَةٌ، وَفِيه يقولُ عليُّ بنُ عبدِ اللهِ ابنِ عَبَّاٍ س:
(وهُم مَنَعُوا ذِمَارِي يَوْمَ جَاءَتْ ... كَتَائِبُ مُسْرِفٍ وبَنُو اللَّكِيعَهْ)
وَقد تقدَّم فِي) ل ك ع (.
وسِيرَافُ، كَشِيرَازَ: د بِفَارِسَ، على ساحِلِ البحرِ، مِمَّا يَلِيِ كَرْمانَ، أَعْظَمُ فُرْضَةٍ لَهُم، كَانَ بِنَاؤُهُمْ بِالسَّاجِ فِي تَأَنُّقٍ زَائِدٍ، وَقد نُسِبَ إِليه جُمْلَةٌ مِن أَهلِ العِلْمِ، كأَبِي سعيدٍ السِّيَرافِيِّ النَّحْوِيِّ اللُّغَويِّ، وَهُوَ الحَسَنُ بن عبدِ اللهِ بنِ المَرْزُبَانِ، ولد سنة، وتُوُفِّيَ سنة، وَله شَرْحٌ عظيمٌ على كتابِ سِيبَوَيْه، يأْتِي النَّقْلُ عَنهُ فِي هَذَا الكتابِ كثيرا، وولدُه أَبو محمدٍ يُوسُفُ بنُ)
أبي سعيدٍ، فاضِلٌ كأبِيه، شَرَحَ أَبْيَاتَ إِصْلاحِ المَنْطِقِ، وكَمَّلَ كتابَ أَبِيهِ) الإقْنَاعَ (، تُوُفِي سنة، عَن خَمْسٍ وخمسينَ سَنَةً. ومّما يُسْتَدْرَكُ عَلَيْهِ: أَكَلَهُ سَرَفاً وإِسْرَافاً: أَي فِي عَجَلَةٍ. وأسْرَفَ فِي الكلامِ: أفْرَطَ. وسَرِفْتُ يَمِينَهُ: أَي لم أَعْرِفْها، قَالَ سَاعِدَةُ الهُذَلِيُّ:
(حَلِفَ امْرِئٍ بَرٍّ سَرِفْتِ يَمِينَهُ ... ولِكُلِّ مَا قَال النُّفُوسُ مُجَرَّبُ)
يَقُول: كلُّ مَا أَخْفَيْتَ وأَظْهَرْتَ، فإِنَّه سيَظْهَر فِي التَّجْرِبَةِ. والسَّرَفُ، مُحَرَّكَةً: اللَّهَجُ بالشَّيْءِ.
والإِسْرَافُ أَيضاً: الإِكْثَارُ من الذُّنوبِ والخَطَايَا، واحْتِقابِ الأَوْزارِ والآثَامِ. والسَّرِفُ، ككَتِفٍ: الجاهِلُ، كالمُسْرِفِ، عَن ابنِ الأَعْرَابِيِّ، ورَجُلٌ سَرِفُ العَقْلِ: أَي قَلِيلُهُ، وَقيل: فاَسِدُه.
والمُسْرِفُ: الكافِرُ، وَبِه فُسّرَ قَوْلُه تعالَى:) مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (.
وسُرِفَ الطَّعَامُ، كفَرِحَ: ائْتَكَلَ حَتَّى كأَنَّ السُّرْفَةَ أَصَابَتْه، وَهُوَ مَجَازٌ. وسُرِفَتِ الشَّجَرَةُ، بالضَّمِّ، سَرْفاً: إِذا وَقَعَتْ فِيهَا السُّرْفَةُ، فَهِيَ مَسْرُوفَةُ، عَن ابنِ السِّكِّيتِ.
وشَاةٌ مَسْرُوفَةٌ: مَقْطُوَعُةُ الأُذُنِ أَصْلاً، كَمَا فِي اللِّسَانِ، وَفِي الأَساسِ: شَاةٌ مَسْرُوفَةٌ، اسْتَؤْصِلَتْ أُذُنُهَا، وسُرِفَتْ أُذُنُهَا، وَهُوَ مَجَازٌ.
وهُوَ مُسْرَفٌ: أَكَلَتْهُ السُّرْفَةُ وجَمْعُ السُّرْفَةِ: سُرَفٌ، وَمن سَجَعَاتِ الأَسَاسِ: يَفْعَلُ السَّرَفُ بالنَّشَبِ، مَا يَفْعَلُ السُّرَفُ بالخَشَب.

سرف

1 سَرِفَ, aor. ـَ inf. n. سَرَفٌ, He was ignorant: or he was unmindful, negligent, or heedless. (Msb.) [In these senses it is trans.: you say,] سَرِفَهُ, (S, M, K,) aor. ـَ (K,) inf. n. سَرَفٌ, (S, * M, K, *) He was unmindful, negligent, or heedless, of it; (S, M, K;) namely, a thing: (S, M:) and he was ignorant of it: (S, K:) and he missed it; (S, * M, K; * [in the first and third of which, only the inf. n. of the verb in this sense in mentioned, and expl. as syn. with خَطَأٌ;]) syn. أَخْطَأَهُ. (M.) And طَلَبْتُهُمْ فَسَرِفْتُهُمْ I sought them and missed them: or was ignorant of them. (Msb.) And سَرِفَ القَوْمَ He passed by the people, or party, and left them behind him. (M.) As relates, of an Arab of the desert, with whom some companions of his made an appointment to meet him in a certain place of the mosque, and to whom he broke his promise, that, being asked respecting that, he said, مَرَرْتُ بِكُمْ فَسَرِفْتُكُمْ, meaning [I passed by you and] I was unmindful of you. (S.) And hence the saying of Jereer, (S, TA,) praising the Benoo-Umeiyeh, (TA,) أَعْطَوْا هُنَيْدَةَ يَحْدُوهَا ثَمَانِيَةٌ مَا فِى عَطَائِهِمُ مِنٌّ وَلَا سَرَفُ meaning [They gave a hundred camels, eight persons driving them, or urging them by singing to them: there was not in their gift reproach for a benefit conferred, nor] unmindfulness: or the meaning is, nor missing (خَطَأٌ); that is, they did not miss the proper place of the gift by their giving it to such as did not deserve it and refusing it to the deserving. (S, TA.) You say also, سَرِفْتُ يَمِينَهُ I was unacquainted with, or knew not, his oath. (TA.) b2: [سَرَفٌ is also, as expl. below, syn. with إِسْرَافٌ, but as a subst., having no verb properly belonging to it.]

A2: سَرَفَتِ الشَّجَرَةَ, (ISk, S, K,) aor. ـُ inf. n. سَرْفٌ, (ISk, S,) said of the سُرْفَة [q. v.], It ate the leaves of the tree: (ISk, S, K:) and سَرَفَتِ الخَشَبَ is likewise said of the سُرْفَة [as meaning it ate the wood]. (Z, TA.) And سُرِفَتِ الشَّجَرَةُ, (ISk, S, M, TA,) inf. n. سَرْفٌ, (ISk,) The tree had its leaves eaten by the سُرْفَة: (S:) or was smitten, or lighted on, by the سُرْفَة: (ISk, M, TA:) and سَرِفَ الخَشَبُ [the wood was eaten by the سُرْفَة], the verb in this phrase being quasi-pass. of the verb in the phrase سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الخَشَبّ, like as حَطِمَ and صَعِقَ are quasi-passives of the verbs in the phrases حَطَمَتْهُ السِّنُّ and صَعَقَتْهُ السَّمَآءُ: (Z, TA:) and [hence] one says also, سَرِفَ الطَّعَامُ (tropical:) The wheat, or food, was, or became, cankered, or eaten away; as though smitten, or lighted on, by the سُرْفَة. (M, TA.) b2: [Hence also,] سُرِفَتْ أُذُنُ الشَّاةِ (tropical:) The ear of the sheep, or goat, was entirely cut off. (A, TA.) b3: And سَرَفَتْ وَلَدَهَا (tropical:) She (a mother) injured her child by too much milk. (A, K, * TA.) 4 اسرف, (Msb,) inf. n. إِسْرَافٌ, (M, Msb,) He exceeded, or transgressed, the just, or right, bound, or limit, or measure; acted extravagantly, exorbitantly, or immoderately: (M, Msb:) or إِسْرَافٌ signifies the being extravagant in expenditure, syn. تَبْذِيرٌ; (K) or so إِسْرَافٌ فِى النَّفَقَةِ: (S, TA:) or, as some say, تبذير means the “ exceeding in respect of the right objects of expenditure,” which is ignorance of the [right] manner, and of things that should prevent it; and اسراف means the exceeding with respect to quantity [in expenditure], and is ignorance of the values of the right objects: (MF in art. بذر:) or the latter signifies the expending otherwise than in obedience of God, (Sufyán, K, * TA,) whether little or much; (TA;) as also ↓ سَرَفٌ: (M, TA:) it is also said to mean the eating that which it is not lawful to eat; and this is said to be meant in the Kur vi. 142 or vii. 29: and the putting a thing in a wrong place [as when one expends his money upon a wrong object]: and accord. to Iyás Ibn-Mo'áwiyeh, الإِسْرَافُ is that [action] whereby one falls short of what is due to God. (TA.) You say also, اسرف فِى مَالِهِ, meaning He was hasty in respect of his property, [i. e. in expending it,] without pursuing the just course, or keeping within due bounds. (M.) And اسرف فِى الكَلَامِ and فِى القَتْلِ He exceeded the due bounds, or just limits, in speech, and in slaying. (M.) الإِسْرَافُ فِى القَتْلِ, which is forbidden in the Kur xvii. 35, is said to mean The slaying of another than the slayer of one's companion: (Zj, M, Mgh: *) or the slaying the slayer without the authority of the Sultán: or the not being content with slaying one, but slaying a number of persons, because of the high rank of the slain and the low condition of the slayer: or the slaying one higher in rank than the slayer: (Zj, M:) or the slaying two when the slayer is one: or the maining or mutilating [before slaughter]. (Mgh.) إِسْرَافٌ also signifies The committing of many faults, offences, or crimes, and sins. (TA.) and you say, أَكَلَهُ إِسْرَافًا (TA) and ↓ سَرَفًا, (M, TA,) meaning He ate it hastily. (M, TA.) 5 تسرّف He sucked: and ate, gnawed, or devoured. (KL. [App. from سُرْفَةٌ, q. v. See also سَرَفَتِ الشَّجَرَةَ, &c., in the latter half of the first paragraph.]) سَرَفْ inf. n. of سَرِفَ [q. v.]. (S, * M, Msb, K. *) b2: And also a subst. from أَسْرَفَ; (Msb;) i. q. إِسْرَافٌ; (M;) signifying Excess, or transgression, of the just, or right, bound, or limit, or measure; extravagant, exorbitant, or immoderate, action or conduct; (M, Msb, TA;) contr. of قَصْدٌ. (S, K.) See also 4, in two places. b3: [Hence,] (tropical:) The overflowing of water from the sides of a watering-trough, or tank; as in the saying, ذَهَبَ مَآءُ الحَوْضِ سَرَفًا (tropical:) The water of the watering-trough, or tank, [went away running to waste, or] overflowed from its sides: (K, TA:) or سَرَفُ المَآءِ means (assumed tropical:) what goes, of water, without irrigating and without profit: [or rather its going for nought:] you say, أَرْوَتِ البِئْرُ النَّخِيلَ وَذَهَبَ بَقِيَّةُ المَآءِ سَرَفًا (assumed tropical:) [The well irrigated the palmtrees, and the rest of the water went for nought, in waste]. (Sh, TA.) b4: And Addictedness (ضَرَاوَةٌ, S, K, or لَهَجٌ M) to a thing, (M,) or in respect of wine. (K, TA.) It is said in a trad. (S, M) of 'Áïsheh, (TA,) إِنَّ لِلَّحْمِ سَرَفًا كَسَرَفِ الخَمْرِ [Verily there is an addictedness to flesh-meat like the addictedness to wine]: (S, M, TA:) i. e. he who is accustomed to it is addicted to the eating thereof, like as he who is constantly drinking wine is addicted thereto, having little selfrestraint therefrom: or the meaning here is unmindfulness [of consequences with respect to flesh-meat &c.]: or corruptness of conduct, arising from hardness of heart, and daringness to disobey, and self-impulsion to the gratification of appetite: (TA:) or it may be [that the meaning is, there is an extravagance with respect to flesh-meat &c.,] from الإِسْرَافُ (S, TA) in expenditure for that which is not needed, or otherwise than in obedience [to the law of God]. (TA.) b5: It is also said in a trad., لَا يَنْتَهِبُ الرَّجُلُ نُهْبَةً ذَاتَ سَرَفٍ وَهُوَ مُؤْمِنٌ, meaning, ذَاتَ شَرَفٍ وَقَدْرٍ كَبِيرٍ

[i. e. The man shall not take a thing as spoil that is of high and great estimation, he being a believer]: (K, TA:) [for] people disapprove of that: (TA:) and it is also related with ش [i. e.

ذات شَرَفٍ]. (K.) سَرِفٌ Ignorant; (IAar, M, Msb, TA;) as also ↓ مُسْرِفٌ: (IAar, TA:) or unmindful, negligent, or heedless. (Msb.) And رَجُلٌ سَرِفٌ الفُؤَادِ (tropical:) A man missing, or mistaking, in heart, or mind; negligent, or heedless, therein. (S, K, TA.) and رَجُلٌ سَرِفُ العَقْلِ (assumed tropical:) A man having little intellect, or intelligence: or (tropical:) corrupt in intellect; accord. to Z, from سَرَفَتِ السُّرْفَةُ الخَشَبَ, of which the quasipass. is سَرِفَ [q. v.; meaning that it is from سَرِفٌ as a part. n. of this latter verb]. (TA.) b2: أَرْضٌ سَرِفَةٌ, (S, M, K,) and وَادٍ سَرِفٌ, (M, TA,) A land, and a valley, abounding with the [worm, or caterpillar, or small creeping thing, called] سُرْفَة. (S, M, * K, TA.) سُرُفٌ A certain white thing [or substance] resembling the web of the silkworm. (Ibn-'Abbád, O, K.) سُرْفَةٌ [A certain worm, or caterpillar, or small creeping thing;] a small creeping thing that makes for itself a habitation, (S, K,) four-sided, or square, (S,) of fragments of wood, (S, K,) joining them together by means of its spittle, in the form of a نَاؤُوس [here meaning coffin], (S,) which it then enters, and [therein it] dies: (S, K:) or the silkworm: or a certain small creeping thing, dust-coloured, that constructs a beautiful habitation in which it is: or a very small creeping thing, like the half of a lentil, that bores a tree, and then constructs therein a habitation of pieces of wood, which it conjoins by means of what resembles the web of the spider: or a very small dust-coloured creeping thing, that comes to a piece of wood and excavates it, and then brings a bit of wood and puts it therein, then another, then another, and then weaves what resembles the web of the spider: or, accord. to AHn, a certain small creeping thing, like the worm, inclining in some degree to blackness, found upon the [plants called] حَمْض, that constructs a four-sided, or square, habitation, of pieces of wood, joining the extremities of these together by means of a thing [or substance] resembling the web of the spider: or the worm [or caterpillar] that weaves [a web] upon certain trees, and eats their leaves, and destroys the rest thereof by that weaving: or a certain worm [or caterpillar] like the finger, hairy, speckled with black or white, that eats the leaves of trees so as to make them bare: or a certain worm [or caterpillar] that weaves upon itself, of the size of the finger in length, a thing like the قِرْطَاس [or roll, or scroll, of paper], which it enters, so becoming unattainable: or a certain light, small creeping thing, like a spider: (M:) pl. سُرَفٌ. (TA.) Hence the prov., أَصْنَعُ مِنْ سُرْفَةٍ [More skilled in fabricating than a سُرْفَة]. (S, M, K.) And one says also, أَخَفُّ مِنْ سُرْفَةٍ [Lighter than a سُرْفَة]. (M.) سَرَافٌ, accord. to Freytag, (but he has not named his authority,) The erosion of a tree by wood-fretters (“ teredines,” by which he means سُرَف, pl. of سُرْفَةٌ).]

سَرُوفٌ Hard, severe, or difficult; great, momentous, or formidable: (O, K, TA:) an epithet applied to a day. (O, TA.) سَرِيفٌ A row of grape-vines. (O, K.) سَرَافِيلُ: see إِسْرَافِيلُ, below.

أُسْرُفٌ i. q. آنُكٌ [i. e. Lead, or black lead, or tin, or pewter]; (O, K;) of Pers\. origin, (O,) arabicized, from سُرُبْ, (O, L, K,) or أُسْرُبْ. (CK.) [See also أُسْرُبٌ.]

إِسْرَافِيلُ, (S, M, O, K,) and El-Kanánee used to say ↓ سَرَافِيلُ, the name of A certain angel; (M; [in which it is mentioned among quadriliteral-radical words; but it is there said that the إ may be radical;]) the angel who is to blow the horn on the day of resurrection: (Jel in vi. 73, &c.:) [see رُوحَانِىٌّ:] a foreign word (S, O, K) prefixed, (K,) or as though prefixed, (S, O,) to إِيلُ: (S, O, K:) and إِسْرَافِينُ is a dial. var. of the same; (Kh, S, M, O, K;) like as they said جَبْرِينُ and إِسْمَاعِينُ and إِسْرَائِينُ. (Akh, S, O.) مُسْرِفٌ [Exceeding, or transgressing, the just, or right, bound, or limit, or measure; acting extravagantly, &c.: see its verb (4)]. b2: See also سَرِفٌ. b3: [Also] Denying, or disacknowledging, the favours, or benefits, or the unity, and the prophets and law, of God; a disbeliever, an unbeliever, or an infidel: it is said to be used in this sense in the Kur xl. 36. (TA.) مَسْرُوفٌ Eaten by the سُرْفَة [q. v.]. (TA.) and شَجَرَةٌ مَسْرُوفَةٌ A tree of which the leaves have been eaten by the سُرْفَة; (S;) or smitten, or lighted on, by the سُرْفَة. (ISk, TA.) b2: شَاةٌ مَسْرُوفَةٌ (tropical:) A sheep, or goat, that has had its ear entirely cut off. (M, A.) سرفل and سرفن سَرَافِيلُ and إِسْرَافِيلُ and إِسْرَافِينُ: see the next preceding art. سرق.1 سَرَقَ مِنْهُ مَالًا, (S, Mgh, O, Msb,) or الشَّىْءَ, (K,) and سَرَقَهُ مَالًا, (S, Mgh, O, Msb,) thus also they sometimes said, (S, O,) the prep. being suppressed for the sake of alleviation, but meant to be understood, (Ham p. 155,) aor. ـِ inf. n. سَرَقٌ (S, Mgh, O, Msb, K) and سَرِقٌ and سَرَقَةٌ (Mgh, K) and سَرِقَةٌ and سَرْقٌ, (K,) He stole from him property, [or the thing,] i. e. he took it [from him] secretly, and by artifice; (Mgh;) or he came clandestinely to a place of custody, and took what belonged to him, namely, another person; (O, K;) as also ↓ استرقهُ [followed by مِنْهُ]. (IAar, K.) And سَرَقَهُمْ [alone, He stole from them; or robbed them]. (JK and K in art. بوق.) It is said in a prov., سُرِقَ السَّارِقُ فَانْتَحَرَ (S, O) The thief was robbed, and in consequence slew himself: applied to him who has a thing not belonging to him taken from him, and whose impatience consequently becomes excessive. (Meyd, * O.) And ↓ سرّقهُ, inf. n. تَسْرِيقٌ signifies the same as سَرَقَهُ: El-Farezdak says, لَا تَحْسِبَنَّ دَرَاهِمًا سَرَّقْتَهَا تَمْحُو مَخَازِيكَ الَّتِى بِعُمَانِ [By no means reckon thou that dirhems which thou stolest will efface thy disgraceful practices that were committed in 'Omán]. (IB, TA.) And you say in selling a slave, بَرِئْتُ إِلَيْكَ مِنَ الإِبَاقِ وَالسَّرَقِ [I am irresponsible to thee for running away and stealing]. (TA.) b2: One says also, سَرَقَ السَّمْعَ, meaning استرقهُ . (Msb. See 3.) b3: And سُرِقَ صَوْتُهُ [lit. His voice was stolen], meaning (tropical:) he became hoarse. (Z, TA.) b4: And سرقت يا قوم [app. سُرِقْتُ يَا قَوْمِ, expl. as meaning سرقت عرضى, which I think a mistranscription for سُرِقْتُ عِرْضِى, i. e. (assumed tropical:) I have been robbed of my honour, or reputation, O my people]. (TA.) b5: And سَرَقْنَا لَيْلَةً مِنَ الشَّهْرِ (assumed tropical:) We passed pleasantly, or with enjoyment, a night of the month. (TA.) b6: And سَرَقَتْنِى عَيْنِى (tropical:) My eye overcame me. (TA.) A2: سَرِقَ, aor. ـَ (Yoo, IDrd, K,) inf. n. سَرَقٌ, (TK,) said of a thing, (Yoo, IDrd,) i. q. خَفِىَ [It was, or became, unperceived, or imperceptible, or hardly perceived or perceptible, &c.]. (Yoo, IDrd, K.) b2: And سَرِقَتْ مَفَاصِلُهُ, aor. as above, (IDrd, K,) and so the inf. n., (TA,) His joints became weak, or feeble; (IDrd, K;) as also ↓ انسرقت. (K.) 2 سرّقهُ: see 1. b2: Also, (S,) inf. n. تَسْرِيقٌ, (K,) He attributed to him [or accused him of] theft. (S.) It is said in the Kur [xii. 81], accord. to one reading, إِنَّ ابْنَكَ سُرِّقَ [Verily thy son has been accused of theft]. (S.) 3 هُوَ يُسَارِقُ النَّظَرَ إِلَيْهِ (tropical:) He avails himself of, (S, O,) or seeks, (K,) his inadvertence, to look at him: (S, O, K:) [he takes an opportunity of looking at him by stealth:] and in like manner one uses the phrases النَّظَرِ ↓ اِسْتَراقُ and ↓ تَسَرُّقُهُ [as meaning (tropical:) the taking an opportunity of looking by stealth]: and ↓ التَّسَرُّقُ [alone] signifies (assumed tropical:) the taking an opportunity of looking and of hearing: (TA:) [and the hearing discourse by stealth; as is indicated in the TA:] and السَّمْعَ ↓ استرق [and استرق alone, as appears from an explanation of the part. n. مُسْتَرِقٌ, below,] (tropical:) He listened, (S, O,) or heard, (Msb,) by stealth; (S, O, Msb;) as also السَّمْعَ ↓ سَرَقَ. (Msb.) 5 تسرّق He stole [by degrees, or] one thing and then another. (O, K.) So in the phrase تسرّق شِعْرِى [He stole my poetry, bit by bit], used by Ru-beh. (O, TA.) b2: See also 3, in two places.7 انسرق He went, drew, or shrank, back, in order to go away, عَنْهُمْ from them. (K, TA. [In this and the following sense, the verb is erroneously written in the CK اَسْرَقَ.]) b2: and He was, or became, languid, and weak, or feeble. (O, K, TA.) See also 1, last sentence.8 استرق: see 1, first sentence: b2: and see 3, in two places. [See also كَبِيسٌ.] b3: Also (tropical:) He deceived, or circumvented, secretly, [or by stealth,] like him who [so] listens. (TA.) b4: And you say, استرق الكَاتِبُ بَعْضَ المُحَاسَبَاتِ (tropical:) The writer suppressed some of the items of the reckoning. (TA.) Q. Q. 1 سَرْقَنَ الأَرْضَ He manured the land with سِرْقِين. (L in art. سرقن.) سَرَقٌ Oblong pieces (S, O, Msb, * K) of silk; (S, O, Msb;) accord. to A'Obeyd, (S, O,) of white silk: (S, O, K:) or silk in general: (K:) said by A'Obeyd to be arabicized from the Pers\.

سَرَهْ, meaning “ good: ” (S, O:) n. un. with ة; (S, O, Msb;) which is expl. as meaning a piece of good silk. (TA.) سَرِقٌ and ↓ سَرِقَةٌ [the former of which is said in the Mgh and K, and the latter in the K, to be an inf. n., are also said to be] substs. from سَرَقَ, [as such signifying Theft,] as also ↓ سَرْقَةٌ, (O, K,) or ↓ سِرْقَةٌ. (Msb.) سَرْقَةٌ: see what next precedes.

سِرْقَةٌ: see what next precedes.

سَرِقَةٌ: see سَرِقٌ. b2: Also, (Msb,) A thing stolen; (Mgh, Msb;) and so ↓ سُرَاقَةٌ; [pl. of the latter سُرَاقَاتٌ;] whence the saying عِنْدَهُ سُرَاقَاتُ الشِّعْرِ [He has stolen things of poetry or verse]. (TA.) سِرْقِينٌ, (K, and S and Msb in art. سرج,) sometimes written سَرْقِينٌ, (K,) as also سَرْجِين, (Msb, TA,) Dung of horses or other solid-hoofed animals, syn. رَوْثٌ, and زِبْلٌ, (Msb,) or fresh dung of camels, sheep and goats, wild oxen, and the like; (TA in art. ذأر;) a manure for land: (L:) arabicized from سركين [or سَرْگِينْ], (Msb, K,) a Pers\. word. (Msb.) [See سِرْجِينٌ, in art. سرج.]

سَرُوقٌ [Thievish; a great thief]; an epithet applied to a man, and to a dog: pl. سُرُقٌ. (TA.) سُرَاقَةٌ: see سَرِقَةٌ. b2: Also A stealer of poetry or verses. (TA.) سَرُوقَةٌ [Very thievish; a very great thief]: it has no pl. (TA.) سَارِقٌ [Stealing; a thief; or] one who comes clandestinely to a place of custody, and takes what does not belong to him: (O:) pl. سَرَقَةٌ and سُرَّاقٌ (TA) and سُرَّقٌ. (Mgh.) سُورَقٌ A certain disease in the members, or limbs. (Ibn-'Abbád, O.) سَارِقَةٌ sing. of سَوَارِقُ, which signifies [Collars by means of which the two hands are confined together to the neck, called also] جَوَامِعُ, (O, K, TA,) of iron, attached to fetters or shackles. (TA.) b2: And the pl., سَوَارِقُ, signifies also The adjuncts (زَوَائِد) in the catches (فَرَاش [q. v.]) of a lock. (Ibn-'Abbád, O, K.) مَسْرُوقُ الصَّوْتِ [lit. Having the voice stolen,] means (tropical:) hoarse in voice. (Z, TA.) And hence, مَسْرُوقُ البُغَامِ (tropical:) [A young gazelle] having a nasal sound, or twang, in its cry; as though its voice were stolen: a phrase used by El-Aashà. (TA.) مُسْتَرِقٌ (tropical:) Listening by stealth, (K, TA,) like the thief. (TA.) b2: (assumed tropical:) Defective, weak in make. (Ibn-'Abbád, O, K.) b3: مُسْتَرِقُ القَوْلِ (tropical:) Weak in speech or saying. (A, TA.) b4: مُسْتَرِقُ العُنُقِ (tropical:) Short in the neck; (Ibn-'Abbád, O, K, TA;) applied to a man; (Ibn-'Abbád, O, TA;) contracted therein. (A, TA.) [In the CK, المُسْرِقُ is erroneously put for المُسْتَرِقُ.]
Learn Quranic Arabic from scratch with our innovative book! (written by the creator of this website)
Available in both paperback and Kindle formats.