من (ن ظ م) التنسيق والترتيب.
من (ن ظ م) التنسيق والترتيب.
نظم: النَّظْمُ: التأْليفُ، نَظَمَه يَنْظِمُه نَظْماً ونِظاماً
ونَظَّمه فانْتَظَم وتَنَظَّم. ونظَمْتُ اللؤْلؤَ أي جمعته في السِّلْك،
والــتنظيمُ مثله، ومنه نَظَمْتُ الشِّعر ونَظَّمْته، ونَظَمَ الأَمرَ على المثَل.
وكلُّ شيء قَرَنْتَه بآخر أو ضَمَمْتَ بعضَه إلى بعض، فقد نَظَمَتْه.
والنَّظْمُ: المَنْظومُ، وصف بالمصدر. والنَّظْمُ: ما نظَمْته من لؤلؤٍ
وخرزٍ وغيرهما، واحدته نَظْمه. ونَظْم الحَنْظل: حبُّه في صِيصائه.
والنِّظامُ: ما نَظَمْتَ فيه الشيء من خيط وغيره، وكلُّ شعبةٍ منه
وأَصْلٍ نِظامٌ . ونِظامُ كل أَمر: مِلاكُه، والجمع أَنْظِمة وأَناظيمُ
ونُظُمٌ. الليث: النَّظْمُ نَظمُك الخرزَ بعضَه إلى بعض في نِظامٍ واحد، كذلك
هو في كل شيء حتى يقال: ليس لأمره نِظامٌ أي لا تستقيم طريقتُه.
والنِّظامُ: الخيطُ الذي يُنْظمُ به اللؤلؤُ، وكلُّ خيطٍ يُنْظَم به لؤلؤ أو غيرهُ
فهو نِظامٌ، وجمعه نُظُمٌ؛ وقال:
مِثْل الفَرِيدِ الذي يَجري متى النُّظُم
وفعلُك النَّظْمُ والــتَّنْظِيمُ. ونَظْمٌ من لؤلؤٍ، قال: وهو في الأصل
مصدر، والانْتِظام: الاتِّساق. وفي حديث أَشراط الساعة: وآيات تَتابعُ
كنِظامٍ بالٍ قُطِعَ سِلْكُه؛ النِّظام: العِقْدُ من الجوهر والخرز ونحوهما،
وسِلْكُه خَيْطُه. والنِّظامُ: الهَديَةُ والسِّيرة. وليس لأمرهم نِظامٌ
أي ليس له هَدْيٌ ولا مُتَعَلَّق ولا استقامة. وما زالَ على نِظامٍ واحد
أي عادةٍ.
وتَناظَمتِ الصُّخورُ: تلاصَقَت.
والنِّظامان من الضبِّ: كُشْيَتان مَنْظومتانِ من جانبي كُلْيَتَيْه
طويلتان. ونظاما الضبَّةِ وإنظاماها: كُشْيَتاها، وهما خيْطانِ مُنْتَظِمانِ
بَيْضاً، يَبْتَدَّان جانبيها من ذَنَبها إلى أُذُنها. ويقال: في بطنها
إنْظامان من بَيْضٍ، وكذلك إنظاما السمكة. وحكي عن أَبي زيد: أُنْظومتا
الضبِّ والسمكةِ، وقد نَظَمَت ونَظَّمَت وأَنْظَمَت، وهي ناظمٌ ومُنَظِّمٌ
ومُنْظِم، وذلك حين تمتلئ من أَصل ذنبها إلى أُذنِها بَيْضاً. ويقال:
نَظَّمَت الضبَّةُ بيضها تَنْظِيمــاً في بطنها، ونَظَمَها نظْماً، وكذلك
الدجاجة أَنْظَمَت إذا صار في بطنها بَيْضٌ. والأَنْظامُ: نفس البيض
المُنَظَّم كأَنه منظوم في سلك. والإنْظامُ من الخرز:
(* قوله «والانظام من
الخرز» ضبط في الأصل والتكملة بالكسر، وفي القاموس بالفتح) خيطٌ قد نُظِمَ
خَرزاً، وكذلك أَناظِيمُ مَكْنِ الضبَّة. ويقال: جاءنا نَظْمٌ من جرادٍ،
وهو الكثير. ونِظامُ الرمل وأَنْظامتُه: ضَفِرتُه، وهي ما تعقَّد منه.
ونَظَمَ الحبْلَ: شَكّه وعَقَدَه. ونظَمَ الخَوّاصُ المُقْلَ يَنْظِمُه:
شَكّه وضَفَرَه. والنَّظائِمُ: شَكائِكُ الحَبْلِ وخَلَلُه. وطعَنَه
بالرُّمح فانْتَظمه أَي اخْتَلَّه. وانْتَظَم ساقيه وجانبيه كما قالوا
اخْتَلَّ فؤادَه أي ضمها بالسِّنان؛ وقد روي:
لما انْتَظَمْتُ فُؤادَه بالمِطْرِد
والرواية المشهورة: اخْتَلَلْتُ فُؤادَه؛ قال أَبو زيد: الانْتِظامُ
للجانِبَين والاخْتلالُ للفؤاد والكبد. وقال الحسن في بعض مواعظه: يا اينَ
آدم عليكَ بنَصيبك من الآخرة، فإنه يأْتي بك على نصيبك من الدنيا
فيَنْتَظِمُهُ لك انْتِظاماً ثم يزولُ معك حيثما زُلْتَ. وانتَظَمَ الصيدَ إذا
طعنه أو رماه حتى يُنْفِذَه، وقيل: لا يقال انْتَظَمَه حتى يَجْمَعَ
رَمْيَتَين بسهم أو رمح. والنَّظْمُ: الثُّريّا، على التشبيه بالنظْمِ من
اللؤلؤ؛ قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْن، والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئ الـ
ـضُّرَباء فوق النظْمِ، لا يَتَتَلَّع
ورواه بعضهم: فوق النجم، وهما الثريا معاً. والنَّظْمُ أَيضاً:
الدّبَرانُ الذي يلي الثُّريا. ابن الأَعرابي: النَّظْمةُ كواكبُ الثُّريا.
الجوهري: يقال لثلاثة كواكبَ من الجَوْزاء نَظْمٌ.
ونَظْم: موضعٌ. والنظْمُ: ماءٌ بنجد. والنَّظيمُ: موضعٌ؛ قال ابن
هَرْمة:فإنَّ الغَيْثَ قد وَهِيَتْ كُلاهُ
ببَطْحاء السَّيالة، فالنَّظيمِ
ابن شميل: النَّظيمُ شِعْبٌ فيه غُدُرٌ أو قِلاتٌ مُتواصلة بعضها قريب
من بعض، فالشِّعْبُ حينئذ نَظيمٌ لأَنه نَظَم ذلك الماء، والجماعةُ
النُّظُمُ. وقال غيره: النَّظيمُ من الرُّكِيِّ ما تناسق فُقُرُهُ على نسق
واحد.
سوس: السُّوسُ والسَّاسُ: لغتان، وهما العُثَّة التي تقع في الصوف
والثياب والطعام. الكسائي: ساس الطعامُ يَساسُ وأَساسَ يُسِيسُ وسَوَّسَ
يُسَوِّسُ إِذا وقع فيه السُّوسُ؛ وأَنشد لزُرارة بن صَعْب بن دَهْرٍ،
ودَهْرٌ: بطنٌ من كلاب، وكان زُرارةُ خرج مع العامرية في سفر يَمْتارون من
اليَمامة، فلما امتاروا وصَدَروا جعل زُرارةُ بن صَعْب يأْخذه بطنُه فكان
يتخلف خلف القوم فقالت العامرية:
لقد رأَيتُ رجلاً دُهْرِيًّا،
يَمْشِي وَراء القوم سَيْتَهِيَّا،
كأَنه مُضْطَغِنٌ صَبِيًّا
تريد أَنه قد امتلأَ بطنه وصار كأَنه مُضْطَغِنٌ صبيّاً من ضِخَّمِه،
وقيل: هو الجاعل الشيء على بطنه يَضُمُّ عليه يَدَه اليسرى؛ فأَجابها
زُرارة:
قد أَطْعَمَتْني دَقَلاً حَوْلِيَّا،
مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيَّا
الدقَلُ: ضَرْبٌ رَديءٌ من التمر. وحَجْرِيَّا: يريد أَنه منسوب إِلى
حَجْر اليمامة، وهو قصبتها. ابن سيده: السُّوس العُثُّ، وهو الدود الذي
يأْكل الحبَّ، واحدته سُوسة، حكاه سيبويه. وكل آكلِ شيء، فهو سُوسُه، دوداً
كان أَو غيره والسَّوْس، بالفتح: مصدر ساسَ الطعامُ يَساسُ ويَسُوسُ؛ عن
كراع، سَوْساً إِذا وقع فيه السُّوسُ، وسِيسَ وأَساسَ وسَوَّسَ واسْتاسَ
وتَسَوَّسَ؛ وقول العجاج:
يَجْلُو، بِعُودِ الإِسْحِل المُفَصَّمِ،
غُروبَ لا ساسٍ ولا مُثَلَّمِ
والمُفَصَّم: المُكَسَّر. والساسُ: الذي قد ائتكَل، وأَصله سائسٌ، وهو
مثل هائر وهارٍ وصائفٍ وصافٍ؛ قال العجاج:
صافي النُّحاسِ لم يُوَشَّغْ بالكَدَرْ،
ولم يُخالِطْ عُودَه ساسُ النَّخَرْ
ساسُ النخر أَي أَكل النخر. يقال: نَخِرَ يَنْخَر نَخَراً. وطعامٌ
وأَرْْضٌ ساسَةٌ ومَسُوسَة. وساسَت الشاة تَساسُ سَوساً وإِساسَةً، وهي
مُسِيسٌ: كَثُرَ قملُها. وأَساسَتْ مثله؛ وقال أَبو حنيفة: ساسَت الشجرةُ
تَساسُ سِياساً وأَساسَتْ أَيضاً، فهيَ مُسِيسٌ.
أَبو زيد: الساسُ، غير مهموز ولا ثقيل، القادحُ في السنّ.
والسَّوَسُ: مصدر الأَسْوَس، وهو داءٌ يكون في عَجْزِ الدابة بين الورك
والفخذُ يورِثُه ضَعْفَ الرِّجْل. ابن شميل: السُّواسُ داء يأْخذ الخيل
في أَعناقها فيُيَبِّسُها حتى تموت. ابن سيده: والسَّوَسُ داء في عَجُز
الدابة، وقيل: هو داء يأْخذ الدابة في قوائمها. والسَّوْسُ: الرِّياسَةُ،
يقال ساسوهم سَوْساً، وإِذا رَأَّسُوه قيل: سَوَّسُوه وأَساسوه. وسَاس
الأَمرَ سِياسةً: قام به، ورجل ساسٌ من قوم ساسة وسُوَّاس؛ أَنشد ثعلب:
سادَة قادة لكل جَمِيعٍ،
ساسَة للرجال يومَ القِتالِ
وسَوَّسَه القومُ: جَعَلوه يَسُوسُهم. ويقال: سُوِّسَ فلانٌ أَمرَ بني
فلان أَي كُلِّف سِياستهم. الجوهري: سُسْتُ الرعية سِياسَة. وسُوِّسَ
الرجلُ أُمور الناس، على ما لم يُسَمَّ فاعله، إِذا مُلِّكَ أَمرَهم؛ ويروى
قول الحطيئة:
لقد سُوِّسْت أَمرَ بَنِيك، حتى
تركتهُم أَدقَّ من الطَّحِين
وقال الفراء: سُوِّسْت خطأٌ. وفلان مُجَرَّبٌ قد ساسَ وسِيسَ عليه أَي
أَمَرَ وأُمِرَ عليه. وفي الحديث: كان بنو إِسرائيل يَسُوسُهم أَنبياهم
أَي تتولى أُمورَهم كما يفعل الأُمَراء والوُلاة بالرَّعِيَّة.
والسِّياسةُ: القيامُ على الشيء بما يُصْلِحه. والسياسةُ: فعل السائس.
يقال: هو يَسُوسُ الدوابَّ إِذا قام عليها وراضَها، والوالي يَسُوسُ
رَعِيَّتَه. أَبو زيد: سَوَّسَ فلانٌ لفلان أَمراً فركبه كما يقول سَوَّلَ له
وزَيَّنَ له. وقال غيره: سَوَّسَ له أَمراً أَي رَوَّضَه وذلَّلَه.
والسُّوسُ: الأَصل. والسُّوسُ: الطبْع والخُلُق والسَجِيَّة. يقال:
الفصاحة من سُوسِه. قال اللحياني: الكرم من سُوسِه أَي من طبعه. وفلان من
سُوسِ صِدْقٍ وتُوسِ صِدْقٍ أَي من أَصل صدْق.
وسَوْ يكون وسَوْ يفعل: يريدون سوف؛ حكاه ثعلب، وقد يجوز أَن تكون الفاء
مزيدة فيها ثم تحذف لكثرة الاستعمال، وقد زعموا أَن قولهم سأَفعل مما
يريدون به سوف نفعل فحذفوا لكثرة استعمالهم إِياه، فهذا أَشذ من قولهم سَوْ
نفعل.
والسُّوسُ: حَشيشة تشبه القَتَّ؛ ابن سيده: السُّوسُ شجر ينبت ورقاً في
غير أَفنان؛ ويقال أَبو حنيفة؛ هو شجر يغمى به البيوت ويدخل عصيره في
(*
كذا بياض بالأصل، ولعل محله في الأدوية، كما يؤخذ من ابن البيطار) ...،
وفي عروقه حلاوة شديدة، في فروعه مرارة، وهو ببلاد العرب كثير.
والسَّوَاسُ: شجر، واحدته سَواسَة؛ قال أَبو حنيفة: السَّواسُ من العضاه
وهو شبيه بالمَرْخ له سَنِفَةٌ مثل سَنِفَة المَرْخ وليس له شوك ولا
ورق، يطول في السماء ويُستظل تحته. وقال بعض العرب: هي السَّواسِي، قال أَبو
حنيفة: فسأَلته عنها، فقال: السَّواسِي والمَرْخُ هؤلاء الثلاثة
متشابهة، وهي أَفضل ما اتخذ منه زَنْدٌ يقتدح به ولا يَصْلِدُ؛ وقال
الطِّرِمَّاح:
وأَخْرَجَ أُمُّه لسَواسِ سَلْمَى،
لِمَعْفُورِ الضَّبا ضَرِمِ الجَنِينِ
والواحدة: سَواسَة. وقال غيره: أَراد بالأَخْرَج الرَّمادَ، وأَراد
بأُمه الزنْدَةَ أَنه قطع من سَواسِ سَلْمَى، وهي شجرة تنبت في جبل سلمى.
وقوله لمعفور الضبا أَراد أَن الزندة شجرة إِذا قِيلَ الزَّنْدُ فيها أُخرجت
شيئاً أَسود فينعفر في التراب ولا يَرِي، لأَنه لا نار فيه، فهو الولد
المعفور النار فذلك الجنين الضَّرِمُ، وذكر معفور الضبا لأَنه نسبه إِلى
أَبيه، وهو الزند الأَعلى. وسَوَاسُ: موضع؛ أَنشد ثعلب:
وإِنَّ امْرأً أَمسى، ودُونَ حَبيبهِ
سَواسٌ، فَوادي الرَّسِّ والهَمَيانِ،
لَمُعْتَرفٌ بالنأْي بعد اقْتِرابِه،
ومَعْذُورَةٌ عيناه بالهَمَلانِ
صمم: الصَّمَمُ: انْسِدادُ الأُذن وثِقَلُ السمع. صَمَّ يَصَمُّ
وصَمِمَ، بإظهار التضعيف نادرٌ، صَمّاً وصمَماً وأَصَمَّ وأَصَمَّهُ اللهُ
فصَمَّ وأَصَمَّ أيضاً بمعنى صَمَّ؛ قال الكميت:
أَشَيْخاً، كالوَليدِ، برَسْمِ دارٍ
تُسائِلُ ما أَصَمَّ عن السُّؤالِ؟
يقول تُسائِلُ شيئاً قد أَصَمَّ عن السؤال، ويروى: أَأَشْيَبَ كالوليد،
قال ابن بري: نَصَبَ أَشْيَبَ على الحال أي أَشائباً تُسائِلُ رَسْمَ
دارٍ كما يفعل الوليدُ، وقيل: إنَّ ما صِلَةٌ أَراد تُسائل أَصَمَّ؛ وأَنشد
ابن بري هنا لابن أَحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى
بآخِرِنا، وتَنْسى أَوَّلِينا
يدعو عليها أي لا جعلها الله تدعو إلاَّ أصَمَّ. يقال: ناديت فلاناً
فأَصْمَمْتُه أي أَصَبْتُه أَصَمَّ، وقوله تَحَجَّى بآخِرنا: تَسْبقُ إليهم
باللَّوْمِ وتَدَعُ الأَوَّلينَ، وأَصْمَمْتُه: وَجَدْتُه أَصَمَّ. ورجل
أَصَمُّ، والجمع صُمٌّ وصُمَّانٌ؛ قال الجُلَيْحُ:
يَدْعُو بها القَوْمُ دُعاءَ الصُّمَّانْ
وأَصَمَّه الداءُ وتَصامَّ عنه وتَصامَّه: أَراه أَنه أَصَمُّ وليس به.
وتَصامَّ عن الحديث وتَصامَّه: أَرى صاحِبَه الصَّمَمَ عنه؛ قال:
تَصامَمْتُه حتى أَتاني نَعِيُّهُ،
وأُفْزِعَ منه مُخْطئٌ ومُصيبُ
وقوله أنشده ثعلب:
ومَنْهَلٍ أَعْوَرِ إحْدى العَيْنَيْن،
بَصيرِ أُخْرى وأَصَمَّ الأُذُنَيْن
قد تقدم تفسيره في ترجمة عور. وفي حديث الإيمانِ: الصُّمَّ البُكْمَ
(*
قوله «الصم البكم» بالنصب مفعول بالفعل قبله، وهو كما في النهاية: وان
ترى الحفاة العراة الصم إلخ) رُؤوسَ الناسِ، جَمْعُ الأَصَمِّ وهو الذي لا
يَسْمَعُ، وأَراد به الذي لا يَهْتَدي ولا يَقْبَلُ الحَقَّ من صَمَمِ
العَقل لا صَمَمِ الأُذن؛ وقوله أنشده ثعلب أيضاً:
قُلْ ما بَدا لَكَ من زُورٍ ومن كَذِبٍ
حِلْمي أَصَمُّ وأُذْني غَيرُ صَمَّاءِ
استعار الصَّمَم للحلم وليس بحقيقة؛ وقوله أنشده هو أيضاً:
أجَلْ لا، ولكنْ أنتَ أَلأَمُ من مَشى،
وأَسْأَلُ من صَمَّاءَ ذاتِ صَليلِ
فسره فقال: يعني الأرض، وصَلِيلُها صَوْتُ دُخولِ الماء فيها. ابن
الأَعرابي: يقال أَسْأَلُ من صَمَّاءَ، يعني الأرضَ. والصَّمَّاءُ من الأرض:
الغليظةُ. وأَصَمَّه: وَجَدَه أَصَمَّ؛ وبه فسر ثعلبٌ قولَ ابن أَحمر:
أَصَمَّ دُعاءُ عاذِلَتي تَحَجَّى
بآخِرِنا، وتَنْسى أَوَّلِينا
أراد وافَقَ قَوماً صُمّاً لا يَسْمَعون عذْلَها على وجه الدُّعاء.
ويقال: ناديته فأَصْمَمْتُه أي صادَفْتُه أَصَمَّ. وفي حديث جابر بن
سَمُرَةَ: ثم تكلم النبي، صلى الله عليه وسلم، بكلمةٍ أصَمَّنِيها الناسُ أي
شغَلوني عن سماعها فكأَنهم جعلوني أَصَمَّ. وفي الحديث: الفِتْنةُ
الصَّمَّاءُ العَمْياء؛ هي التي لا سبيل إلى تسكينها لتناهيها في ذهابها لأَن
الأَصَمَّ لا يسمع الاستغاثة ولا يُقْلِعُ عما يَفْعَلُه، وقيل: هي كالحية
الصَّمَّاء التي لا تَقْبَلُ الرُّقى؛ ومنه الحديث: والفاجِرُ كالأَرْزَةِ
صَمَّاءَ أي مُكْتَنزةً لا تَخَلْخُلَ فيها. الليث: الضَّمَمُ في الأُذُنِ
ذهابُ سَمْعِها، في القَناة اكْتِنازُ جَوفِها، وفي الحجر صَلابَتُه،
وفي الأَمر شدَّتُه. ويقال: أُذُنٌ صَمَّاءُ وقَناة صَمَّاءُ وحَجَرٌ
أَصَمُّ وفِتْنَةٌ صَمَّاءُ؛ قال الله تعالى في صفة الكافرين: صُمُّ بُكْمٌ
عُمْيٌ فهم لا يَعْقِلُون؛ التهذيب: يقول القائلُ كيف جعلَهم الله صُمّاً
وهم يسمعون، وبُكْماً وهم ناطقون، وعُمْياً وهم يُبْصِرون؟ والجواب في ذلك
أن سَمْعَهُم لَمَّا لم يَنْفَعْهم لأنهم لم يَعُوا به ما سَمِعوا،
وبَصَرَهُم لما لم يُجْدِ عليهم لأنهم لم يَعْتَبِروا بما عايَنُوه من قُدْرة
الله وخَلْقِه الدالِّ على أنه واحد لا شريك له، ونُطْقَهم لما لم
يُغْنِ عنهم شيئاً إذ لم يؤمنوا به إيماناً يَنْفَعهم، كانوا بمنزلة من لا
يَسْمَع ولا يُبْصِرُ ولا يَعي؛ ونَحْوٌ منه قول الشاعر:
أصَمٌّ عَمَّا ساءَه سَمِيعُ
يقول: يَتَصامَمُ عما يَسُوءُه وإن سَمِعَه فكان كأَنه لم يَسْمَعْ، فهو
سميع ذو سَمْعٍ أَصَمُّ في تغابيه عما أُريد به. وصَوْتٌ مُصِمٌّ:
يُصِمُّ الصِّماخَ.
ويقال لصِمامِ القارُورة: صِمَّةٌ. وصَمَّ رأْسَ القارورةَ يَصُمُّه
صَمّاً وأَصَمَّه: سَدَّه وشَدَّه، وصِمامُها: سِدادُها وشِدادُها.
والصِّمامُ: ما أُدْخِلَ في فم القارورة، والعِفاصُ ما شُدَّ عليه، وكذلك
صِمامَتُها؛ عن ابن الأَعرابي. وصَمَمْتُها أَصُمُّها صَمّاً إذا شَدَدْتَ
رَأْسَها. الجوهري: تقول صَمَمْتُ القارورة أي سَدَدْتُها. وأَصْمَمْتُ
القارورة أي جعلت لها صِماماً. وفي حديث الوطء: في صِمامٍ واحد أي في مَسْلَكٍ
واحدٍ؛ الصِّمامُ: ما تُسَدُّ به الفُرْجةُ فسمي به الفَرْجُ، ويجوز أَن
يكون في موضعِ صِمامٍ على حذف المضاف، ويروى بالسين، وقد تقدم. ويقال:
صَمَّه بالعصا يَصُمُّه صَمّاً إذا ضَرَبه بها وقد صَمَّه بحجر. قال ابن
الأعرابي: صُمَّ إذا ضُرِب ضَرْباً شديداً. وصَمَّ الجُرْحَ يَصُمُّه
صَمّاً: سَدَّةُ وضَمَّدَه بالدواء والأَكُولِ.
وداهيةٌ صَمَّاءُ: مُنْسَدَّة شديدة. ويقال للداهية الشديدةِ: صَمَّاءُ
وصَمامِ؛ قال العجاج:
صَمَّاءُ لا يُبْرِئُها من الصَّمَمْ
حَوادثُ الدَّهْرِ، ولا طُولُ القِدَمْ
ويقال للنذير إذا أَنْذَر قوماً من بعيد وأَلْمَعَ لهم بثوبه: لَمَع بهم
لَمْعَ الأَصَمّ، وذلك أنه لما كَثُر إلماعُه بثوبه كان كأَنه لا
يَسْمَعُ الجوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ؛ ومن ذلك قولُ بِشْر:
أَشارَ بهم لَمْعَ الأَصَمّ، فأَقْبَلُوا
عَرانِينَ لا يَأْتِيه لِلنَّصْرِ مُجْلِبُ
أي لا يأْتيه مُعِينٌ من غير قومه، وإذا كان المُعينُ من قومه لم يكن
مُجْلِباً. والصَّمَّاءُ: الداهيةُ. وفتنةٌ صَمَّاءُ: شديدة، ورجل أَصَمُّ
بَيّنُ الصَّمَمِ فيهن، وقولُهم للقطاةِ صَمَّاءُ لِسَكَكِ أُذنيها،
وقيل: لَصَمَمِها إذا عَطِشَت؛ قال:
رِدِي رِدِي وِرْدَ قَطاةٍ صَمَّا،
كُدْرِيَّةٍ أَعْجَبها بردُ الما
والأَصَمُّ: رَجَبٌ لعدم سماع السلاح فيه، وكان أهلُ الجاهلية
يُسَمُّونَ رَجَباً شَهْرَ الله الأَصَمَّ؛ قال الخليل: إنما سمي بذلك لأنه كان لا
يُسْمَع فيه صوتُ مستغيثٍ ولا حركةُ قتالٍ ولا قَعْقَعةُ سلاح، لأنه من
الأشهر الحُرُم، فلم يكن يُسْمع فيه يا لَفُلانٍ ولا يا صَبَاحاه؛ وفي
الحديث: شَهْرُ اللهِ الأَصَمُّ رَجَبٌ؛ سمي أَصَمَّ لأنه كان لا يُسمع فيه
صوت السلاح لكونه شهراً حراماً، قال: ووصف بالأَصم مجازاً والمراد به
الإنسان الذي يدخل فيه، كما قيل ليلٌ نائمٌ، وإنما النائمَ مَنْ في الليل،
فكأَنَّ الإنسانَ في شهر رجَبٍ أَصَمَّ عن صَوْتِ السلاح، وكذلك مُنْصِلُ
الأَلِّ؛ قال:
يا رُبَّ ذي خالٍ وذي عَمٍّ عَمَمْ
قد ذاقَ كَأْسَ الحَتْفِ في الشَّهْرِ الأَصَمّْ
والأَصَمُّ من الحياتِ: ما لا يَقْبَلُ الرُّقْيَةَ كأَنه قد صَمَّ عن
سَماعِها، وقد يستعمل في العقرب؛ أَنشد ابن الأعرابي:
قَرَّطَكِ اللهُ، على الأُذْنَيْنِ،
عَقارباً صُمّاً وأَرْقَمَيْنِ
ورجل أَصَمُّ: لا يُطْمَعُ فيه ولا يُرَدُّ عن هَواه كأَنه يُنادَى فلا
يَسْمَعُ. وصَمَّ صَداه أي هَلَك. والعرب تقول: أَصَمَّ اللهُ صَدَى
فلانٍ أي أهلكه، والصَّدَى: الصَّوْتُ الذي يَرُدُّه الجبلُ إذا رَفَع فيه
الإنسانُ صَوْتَه؛ قال امرؤ القيس:
صَمَّ صَدَاها وعَفا رَسْمُها،
واسْتَعْجَمَتْ عن مَنْطِق السائِلِ
ومنه قولهم: صَمِّي ابْنَةَ الجَبَل مهما يُقَلْ تَقُلْ؛ يريدون بابْنةِ
الجبل الصَّدَى. ومن أمثالهم: أصَمُّ على جَمُوحٍ
(* قوله «ومن أمثالهم
أصم على جموح إلخ» المناسب أن يذكر بعد قوله: كأنه ينادى فلا يسمع كما هي
عبارة المحكم)؛ يُضْرَبُ مثلاً للرجل الذي هذه الصفة صفته؛ قال:
فأَبْلِغْ بَني أَسَدٍ آيةً،
إذا جئتَ سَيِّدَهم والمَسُودَا
فأْوصِيكمُ بطِعانِ الكُماةِ،
فَقَدْ تَعْلَمُونَ بأَنْ لا خُلُودَا
وضَرْبِ الجَماجِمِ ضَرْبَ الأَصَمْـ
ـمِ حَنْظَلَ شابَةَ، يَجْني هَبِيدَا
ويقال: ضَرَبَه ضَرْبَ الأَصَمِّ إذا تابَعَ الضرْبَ وبالَغَ فيه، وذلك
أن الأَصَمَّ إذا بالَغَ يَظُنُّ أنه مُقَصِّرٌ فلا يُقْلِعُ. ويقال:
دَعاه دَعْوةَ الأَصَمِّ إذا بالغ به في النداء؛ وقال الراجز يصف
فَلاةً:يُدْعَى بها القومُ دُعاءَ الصَّمَّانْ
ودَهْرٌ أَصَمُّ: كأَنَّه يُشْكى إليه فلا يَسْمَع.
وقولُهم: صَمِّي صَمامِ؛ يُضْرَب للرجل يأْتي الداهِيةَ أي اخْرَسي يا
صَمامِ. الجوهري: ويقال للداهية: صَمِّي صَمامِ، مثل قَطامِ، وهي الداهية
أي زِيدي؛ وأَنشد ابن بري للأَسْود بن يَعْفُر:
فَرَّتْ يَهُودُ وأَسْلَمَتْ جِيرانُها،
صَمِّي، لِمَا فَعَلَتْ يَهُودُ، صَمَامِ
ويقال: صَمِّي ابنةَ الجبل، يعني الصَّدَى؛ يضرب أَيضاً مثلاً للداهية
الشديدة كأَنه قيل له اخْرَسِي يا داهية، ولذلك قيل للحيَّةِ التي لا
تُجِيبُ الرَّاقِيَ صَمّاءُ، لأَن الرُّقى لا تنفعها؛ والعرب تقول للحرب إذا
اشتدَّت وسُفِك فيها الدِّماءُ الكثيرةُ: صَمَّتْ حَصاةٌ بِدَم؛ يريدون
أَن الدماء لما سُفِكت وكثرت اسْتَنْقَعَتْ في المَعْرَكة، فلو وقعت حصاةٌ
على الأرض لم يُسمع لها صوت لأنها لا تقع إلا في نَجِيعٍ، وهذا المعنى
أراد امرؤ القيس بقوله صَمِّي ابنةَ الجبلِ، ويقال: أراد الصَّدَى. قال
ابن بري: قوله حَصاةٌ بدمٍ يَنبغي أن يكون حصاة بدمي، بالياء؛ وبيتُ امرئ
القيس بكماله هو:
بُدِّلْتُ من وائلٍ وكِنْدةَ عَدْ
وانَ وفَهْماً، صَمِّي ابنةَ الجَبَلِ
قَوْمٌ يُحاجُون بالبِهامِ ونِسْـ
وان قِصار، كهَيْئةِ الحَجَلِ
المحكم: صَمَّتْ حَصاةٌ بدمٍ أي أن الدم كثر حتى أُلْقيت فيه الحَصاةُ
فلم يُسْمَع لها صوت؛ وأَنشد ابن الأَعرابي لسَدُوسَ بنت ضباب:
إنِّي إلى كلِّ أَيْسارٍ ونادِبةٍ
أَدْعُو حُبَيْشاً، كما تُدْعى ابنة الجَبلِ
أي أُنَوِّهُ كما يُنَوَّهُ بابنةِ الجبل، وهي الحيَّة، وهي الداهية
العظيمة. يقال: صَمِّي صَمامِ، وصَمِّي ابْنةَ الجبل. والصَّمَّاءُ:
الداهيةُ؛ وقال:
صَمَّاءُ لا يُبْرِئُها طُولُ الصَّمَمْ
أي داهيةٌ عارُها باقٍ لا تُبْرِئها الحوادثُ. وقال الأصمعي في كتابه في
الأمثال قال: صَمِّي ابنةَ الجبل، يقال ذلك عند الأمر يُسْتَفْظَعُ.
ويقال: صَمَّ يَصَمُّ صَمَماً؛ وقال أَبو الهيثم: يزعمون أنهم يريدون بابنة
الجبل الصَّدَى؛ وقال الكميت:
إذا لَقِيَ السَّفِيرَ بها، وقالا
لها: صَمِّي ابْنَةَ الجبلِ، السّفِيرُ
يقول: إذا لَقِي السفِيرُ السَّفِيرَ وقالا لهذه الداهية صَمِّي ابنةَ
الجبل، قال: ويقال إنها صخرة، قال: ويقال صَمِّي صَمامِ؛ وهذا مَثَلٌ إذا
أتى بداهيةٍ. ويقال: صَمَامِ صَمَامِ، وذلك يُحْمَل على معنيين: على معنى
تَصامُّوا واسْكُتوا، وعلى معنى احْمِلُوا على العدُوّ، والأَصَمُّ صفة
غالبة؛ قال:
جاؤوا بِزُورَيْهمْ وجئْنا بالأَصَمّْ
وكانوا جاؤوا بِبعيرين فعَقَلوهما وقالوا: لا نَفِرُّ حتى يَفِرَّ هذان.
والأَصَمُّ أيضاً: عبدُ الله بنُ رِبْعِيٍّ الدُّبَيْريّ؛ ذكره ابن
الأعرابي. والصَّمَمُ في الحَجَر: الشِّدَّةُ، وفي القَناةِ الاكتِنازُ.
وحَجرٌ أَصَمُّ: صُلْبٌ مُصْمَتٌ. وفي الحديث: أنه نَهَى عن اشْتِمال
الصّمَّاءِ؛ قال: هو أن يَتجلَّلَ الرجلُ بثوبْهِ ولا يرفعَ منه جانباً، وإنما
قيل لها صَمَّاء لأنه إذا اشْتَمل بها سَدَّ على يديه ورجليه المَنافذَ
كلَّها، كأَنَّها لا تَصِل إلى شيء ولا يَصِل إليها شيءٌ كالصخرة
الصَّمّاء التي ليس فيها خَرْقٌ ولا صَدْع؛ قال أبو عبيد: اشْتِمال الصَّمَّاءِ
أن تُجلِّلَ جَسَدَك بتوبِك نَحْوَ شِمْلةِ الأَعْراب بأَكْسيَتِهم، وهو
أن يرُدَّ الكِساءَ من قِبَلِ يمينِه على يدهِ اليسرى وعاتِقِه الأيسر، ثم
يَرُدَّه ثانيةً من خلفِه على يده اليمنى وعاتِقِه الأيمن فيُغَطِّيَهما
جميعاً، وذكر أَبو عبيد أَن الفُقهاء يقولون: هو أن يشتمل بثوبٍ واحدٍ
ويَتغَطَّى به ليس عليه غيره، ثم يرفعه من أحد جانبيه فيَضَعَه على منكبيه
فيَبْدُوَ منه فَرْجُه، فإذا قلت اشْتَمل فلانٌ الصَّمَّاءَ كأَنك قلت
اشْتَملَ الشِّمْلةَ التي تُعْرَف بهذا الاسم، لأن الصمّاء ضَرْبٌ من
الاشتمال. والصَّمَّانُ والصَّمَّانةُ: أرضٌ صُلْبة ذات حجارة إلى جَنْب
رَمْل، وقيل: الصّمَّان موضعٌ إلى جنب رملِ عالِجٍ. والصَّمّانُ: موضعٌ
بِعالِجٍ منه، وقيل: الصَّمَّانُ أرضٌ غليظة دون الجبل. قال الأزهري: وقد
شَتَوْتُ الصَّمّانَ شَتْوَتَيْن، وهي أرض فيها غِلَظٌ وارْتفاعٌ، وفيها
قِيعانٌ واسعةٌ وخَبَارَى تُنْبِت السِّدْر، عَذِيَةٌ ورِياضٌ مُعْشِبةٌ،
وإذا أَخصبت الصَّمَّانُ رَتَعَتِ العربُ جميعُها، وكانت الصَّمَّانُ في
قديم الدَّهْرِ لبني حنظلة، والحَزْنُ لبني يَرْبُوع، والدَّهْناءُ
لجَماعتهم، والصَّمَّانُ مُتَاخِمُ الدَّهْناء.
وصَمَّه بالعصا: ضَرَبَه بها. وصَمَّه بحجرٍ وصَمَّ رأْسَه بالعصا
والحجر ونحوه صَمّاً: ضربه.
والصِّمَّةُ: الشجاعُ، وجَمْعُه صِمَمٌ. ورجل صِمَّةٌ: شجاع. والصِّمُّ
والصِّمَّةُ، بالكسر: من أَسماء الأَسد لشجاعته. الجوهري: الصِّمُّ،
بالكسر، من أسماء الأسدِ والداهيةِ. والصِّمَّةُ: الرجلُ الشجاع، والذكرُ من
الحيات، وجمعه صِمَمٌ؛ ومنه سمي دُرَيْدُ بن الصِّمَّة؛ وقول جرير:
سَعَرْتُ عَلَيْكَ الحَرْبَ تَغْلي قُدُورُها،
فهَلاَّ غَداةَ الصِّمَّتَيْن تُدِيمُها
(* قوله «سعرت عليك إلخ» قال الصاغاني في التكملة: الرواية سعرنا).
أَراد بالصِّمَّتين أَبا دُرَيْدٍ وعَمَّه مالِكاً. وصَمَّمَ أَي عَضَّ
ونَيَّب فلم يُرْسِلْ ما عَضّ. وصَمَّمَ الحَيّةُ في عَضَّتِه: نَيَّبَ؛
قال المُتَلمِّس:
فأَطْرَقَ إطْراقَ الشُّجاعِ، ولو رَأَى
مَساغاً لِنابَيْه الشُّجاعُ لَصَمَّما
وأَنشده بعض المتأَخرين من النحويين: لِناباه؛ قال الأَزهري: هكذا
أَنشده الفراء لناباه على اللغة القديمة لبعض العرب
(* أي أَنه منصوب بالفتحة
المقدرة على الأَلف للتعذر).
والصَّمِيمُ: العَظْمُ الذي به قِوامُ العُضْو كصَميم الوَظِيف وصَميمِ
الرأْس؛ وبه يقال للرجل: هو من صَمِيم قومه إذا كان من خالِصِهم، ولذلك
قيل في ضِدِّه وَشِيظٌ لأَن الوَشِيظَ أَصغرُ منه؛ وأَنشد الكسائي:
بمَِصْرَعِنا النُّعْمانَ، يوم تأَلَّبَتْ
علينا تَميمٌ من شَظىً وصَمِيمِ
وصَمِيمُ كلِّ شيء: بُنْكه وخالِصهُ. يقال: هو في صَميم قَوْمِه.
وصَميمُ الحرِّ والبرد: شدّتُه. وصَميمُ القيظِ: أَشدُّه حرّاً. وصَميمُ
الشتاء: أَشدُّه برْداً؛ قال خُفَاف بن نُدْبَةَ:
وإنْ تَكُ خَيْلي قد أُصِيبَ صَمِيمُها،
فعَمْداً على عَيْنٍ تَيَمَّمْتُ مالكا
قال أَبو عبيد: وكان صَميمَ خيلهِ يومئذ معاوية أخو خَنْساء، قتله
دُرَيْدٌ وهاشم ابْنا حرملةَ المُرِّيانِ؛ قال ابن بري: وصواب إنشاده: إن تكُ
خيلي، بغير واو على الخرم لأَنه أول القصيدة. ورجل صَمِيمٌ: مَحْضٌ،
وكذلك الاثنان والجمع والمؤنتُ.
والتَّصْميمُ: المُضِيُّ في الأَمر. أَبو بكر: صَمَّمَ فلانٌ على كذا
أَي مَضَى على رأْيه بعد إرادته.
وصَمَّمَ في السير وغيره أي مَضَى؛ قال حُمَيد بن ثَوْر:
وحَصْحَصَ في صُمِّ القَنَا ثَفِناتِهِ،
وناءَ بِسَلْمَى نَوْءةً ثم صَمَّما
ويقال للضارب بالسيف إذا أصابَ العظم فأنْفذ الضريبة: قد صَمَّمَ، فهو
مُصَمِّم،فإذا أَصاب المَفْصِل، فهو مُطَبِّقٌ؛ وأَنشد أَبو عبيد:
يُصَمِّمُ أَحْياناً وحِيناً يُطَبِّقُ
أَراد أَنه يَضْرِب مرَّةً صَمِيمَ العظم ومَرَّةً يُصِيب المَفْصِل.
والمُصَمِّمُ من السُّيوف: الذي يَمُرُّ في العِظام، وقد صَمَّمَ
وصَمْصَمَ. وصَمَّمَ السيفُ إذا مضى في العظم وقطَعَه، وأما إذا أَصاب المَفْصِلَ
وقطعه فيقال طَبَّقَ؛ قال الشاعر يصف سيفاً:
يُصَمِّم أَحْياناً وحيناً يُطَبِّق
وسيفٌ صَمْصامٌ وصَمْصامةٌ: صارِمٌ لا يَنْثَني؛ وقوله أَنشده ثعلب:
صَمْصامَةٌ ذَكَّرَهُ مُذَكِّرُهْ
إنما ذَكَّرَه على معنى الصَّمْصامِ أَو السَّيْفِ. وفي حديث أَبي ذر:
لو وَضَعْتم الصَّمْصامةَ على رَقبَتي؛ هي السيف القاطع، والجمع صَماصِم.
وفي حديث قُسٍّ: تَرَدَّوْا بالصَّماصِم أَي جعلوها لهم بمنزلة
الأَرْدِية لحَمْلِهم لها وحَمْلِ حَمائِلها على عَواتِقهم. وقال الليث:
الصَّمْصامَةُ اسمٌ للسيفِ القاطع والليلِ. الجوهري: الصَّمْصامُ والصَّمْصامةُ
السيفُ الصارِمُ الذي لا يَنْثني؛ والصَّمْصامةُ: اسمُ سيفِ عَمْرو بن معد
يكرب، سَمَّاه بذلك وقال حين وَهَبَه:
خَليلٌ لمْ أَخُنْهُ ولم يَخُنِّي،
على الصَّمْصامةِ السَّيْفِ السَّلامُ
قال ابن بري صواب إنشاده:
على الصَّمْصامةِ ام سَيْفي سَلامِي
(* قوله «ام سيفي» كذا بالأصل والتكملة بياء بعد الفاء).
وبعده:
خَليلٌ لَمْ أَهَبْهُ من قِلاهُ،
ولكنَّ المَواهِبَ في الكِرامِ
(* قوله «من قلاه» الذي في التكملة: عن قلاه. وقوله «في الكرام» الذي
فيها: للكرام).
حَبَوْتُ به كَريماً من قُرَيْشٍ،
فَسُرَّ به وصِينَ عن اللِّئامِ
يقول عمرو هذه الأَبياتَ لما أَهْدَى صَمْصامتَه لسَعِيد ابن العاص؛
قال: ومن العرب من يجعل صَمْصامة غيرَ مُنوّن معرفةً للسَّيْف فلا يَصْرِفه
إذا سَمَّى به سيْفاً بعينه كقول القائل:
تَصْميمَ صَمْصامةَ حينَ صَمَّما
ورجلٌ صَمَمٌ وصِمْصِمٌ وصَمْصامٌ وصَمْصامةٌ
وصُمَصِمٌ وصُماصِمٌ: مُصَمِّمٌ، وكذلك الفَرَسُ، الذكرُ والأُنثى فيه
سواءٌ، وقيل: هو الشديدُ الصُّلْبُ، وقيل: هو المجتمعُ الخَلْق. أَبو
عبيد: الصِّمْصِمُ، بالكسر، الغليظُ من الرجال؛ وقولُ عَبْد مَناف بن رِبْع
الهُذَليّ:
ولقد أَتاكم ما يَصُوبُ سُيوفَنا،
بَعدَ الهَوادةِ، كلُّ أَحْمَرَ صِمْصِم
قال: صِمْصِم
غليظ شديد. ابن الأَعرابي: الصَّمْصَمُ البخيلُ النهايةُ في البُخْل.
والصِّمْصِمُ من الرجال: القصير الغليظ، ويقال: هو الجريءُ الماضي.
والصِّمْصِةُ: الجماعةُ من الناس كالزِّمْزِمةِ؛ قال:
وحالَ دُوني من الأَنْبارِ صِمْصِمةٌ،
كانوا الأُنُوفَ وكانوا الأَكرمِينَ أَبا
ويروى: زِمْزِمة، قال: وليس أَحدُ الحرفين بدلاً من صاحبه لأن الأَصمعي
قد أَثبتهما جميعاً ولم يجعل لأَحدِهما مَزِيَّةً على صاحبِه، والجمع
صِمْصِمٌ. النضر: الصِّمْصِمةُ الأَكمَةُ الغليظة التي كادت حجارتها أَن
تكونُ مُنْتَصِبة.
أَبو عبيدة: من صِفات الخيل الصَّمَمُ، والأُنثى صَمَمةٌ، وهو الشديدُ
الأَسْرِ المعْصُوبُ؛ قال الجعدي:
وغارةٍ، تَقْطَعُ الفَيافيَ، قَد
حارَبْتُ فيها بِصلْدِمٍ صَمَمِ
أَبو عمرو الشيباني: والمُصَمِّمُ الجملُ الشديدُ؛ وأَنشد:
حَمَّلْتُ أَثْقالي مُصَمِّماتِها
والصَّمّاءُ من النُّوقِ: اللاَّقِحُ، وإبِلٌ
صُمٌّ؛ قال المَعْلُوطُ القُرَيْعيُّ:
وكانَ أَوابِيها وصُمُّ مَخاضِها،
وشافِعةٌ أُمُّ الفِصالِ رَفُودُ
والصُّمَيْماءُ: نباتٌ شِبْه الغَرَزِ يَنْبت بنَجْدٍ في القِيعان.
قعد: القُعُودُ: نقيضُ القيامِ.
قَعَدَ يَقْعُدُ قُعوداً ومَقْعَداً أَي جلس، وأَقْعَدْتُه وقَعَدْتُ
به. وقال أَبو زيد: قَعَدَ الإِنسانُ أَي قام وقعد جلَس، وهو من الأَضداد.
والمَقْعَدَةُ: السافِلَةُ. والمَقْعَدُ والمَقْعَدَةُ: مكان القُعودِ.
وحكى اللحياني: ارْزُنْ قي مَقْعَدِكَ ومَقْعَدَتِكَ. قال سيبويه: وقالوا:
هو مني مَقْعَدَ القابلةِ أَي في القربِ، وذلك إِذا دنا فَلَزِقَ من بين
يديك، يريد بتلك المَنَزلة ولكنه حذف وأَوصل كما قالوا: دخلت البيت أَي
في البيت، ومن العرب من يرفعه يجعله هو الأَول على قولهم أَنت مني مَرأًى
ومَسْمَعٌ.
والقِعْدَةِ، بالكسر: الضرب من القُعود كالجِلْسَة، وبالفتح: المرّة
الواحدة؛ قال اللحياني: ولها نظائر وسيأْتي ذكرها؛ اليزيدي: قَعَد قَعْدَة
واحدة وهو حسن القِعْدة. وفي الحديث: أَنه نهى أَن يُقْعَدَ على القبر؛
قال ابن الأَثير: قيل أَراد القُعودَ لقضاء الحاجة من الحدث، وقيل: أَراد
الإِحْدادَ والحُزْن وهو أَن يلازمه ولا يرجع عنه؛ وقيل: أَراد به احترام
الميتِ وتهويِلَ الأَمرِ في القُعود عليه تهاوناً بالميتِ والمَوْتِ؛
وروي أَنه رأَى رجلاً متكئاً على قبر فقال: لا تؤْذِ صاحبَ القبر.
والمَقاعِدُ: موضِعُ قُعُودِ الناس في الأَسواق وغيرها. ابن بُزُرج:
أَقْعَدَ بذلك المكان كما يقال أَقام؛ وأَنشد:
أَقْعَدَ حتى لم يَجِدْ مُقْعَنْدَدَا؛
ولا غَداً، ولا الذي يَلي غَدا
ابن السكيت: يقال ما تَقَعَّدني عن ذلك الأَمر إِلا شُغُلٌ أَي ما
حبسني. وقِعْدَة الرجل: مقدار ما أَخذ من الأَرض قُعُودُه. وعُمْقُ بِئرِنا
قِعدَةٌ وقَعْدَة أَي قدر ذلك. ومررت بماءٍ قِعْدَةَ رجل؛ حكاه سيبويه قال:
والجر الوجه. وحكى اللحياني: ما حفرت في الأَرض إِلا قِعْدَةً وقَعْدَة.
وأَقْعَدَ البئرَ: حفرها قدر قِعْدة، وأَقعدها إِذا تركها على وجه
الأَرض ولم ينته بها الماء.
والمُقْعَدَةُ من الآبار: التي احتُفِرَتْ فلم يَنْبُط ماؤها فتركت وهي
المُسْهَبَةُ عندهم. وقال الأَصمعي: بئرٌ قِعْدَة أَي طولها طول إِنسان
قاعد.
وذو القَعْدة: اسم الشهر الذي يلي شوًالاً وهو اسم شهر كانت العرب
تَقْعد فيه وتحج في ذي الحِجَّة، وقيل: سمي بذلك لقُعُودهم في رحالهم عن الغزو
والميرة وطلب الكلإِ، والجمع ذوات القَعْدَةِ؛ وقال الأَزهري في ترجمة
شعب: قال يونس: ذواتُ القَعَداتِ، ثم قال: والقياس أَن تقول ذواتُ
القَعْدَة. والعرب تدعو على الرجل فتقول: حَلَبْتَ قاعداً وشَرِبْتَ قائماً؛
تقول: لا ملكت غير الشاء التي تُحْلَبُ من قعود ولا ملكت إِبلاٌ تَحْلُبُها
قائماً، معناه: ذهبت إِبلك فصرتَ تحلب الغنم لأَن حالب الغنم لا يكون
إِلا قاعداً، والشاء مال الضَّعْفَى والأَذلاَّءِ، والإِبلُ مال الأَشرافِ
والأَقوياء ويقال: رجل قاعد عن الغزو، وقوم قُعَّادٌ وقاعدون. والقَعَدُ:
الذين لا ديوان لهم، وقيل: القَعَد الذين لا يَمْضُون إِلى القتال، وهو
اسم للجمع، وبه سمي قَعَدُ الحَرُورِيَّةِ. ورجل قَعَدِيٌّ منسوب إِلى
القَعَد كعربي وعرب، وعجميّ وعجَم. ابن الأَعرابي: القَعَدُ الشُّراةُ الذين
يُحَكِّمون ولا يُحارِبون، وهو جمع قاعد كما قالوا حارس وحَرَسٌ.
والقَعَدِيُّ من الخوارج: الذي يَرى رأْيَ القَعَد الذين يرون التحكيم حقاً غير
أَنهم قعدوا عن الخروج على الناس؛ وقال بعض مُجَّان المُحْدَثِين فيمن
يأْبى أَن يشرب الخمر وهو يستحسن شربها لغيره فشبهه بالذي يريد التحكيم
وقد قعد عنه فقال:
فكأَنِّي، وما أُحَسِّنُ منها،
قَعَدِيٌّ يُزَيِّنُ التَّحْكيما
وتَقَعَّدَ فلان عن الأَمر إِذا لم يطلبه. وتقاعَدَ به فلان إِذا لم
يُخْرِجْ إِليه من حَقِّه. وتَقَعَّدْتُه أَي رَبَّثْتُه عن حاجته
وعُقْتُه.ورجل قُعَدَةٌ ضُجَعَة أَي كثير القعود والاضطجاع. وقالوا: ضربه
ضَرْبَةَ ابنَةِ اقْعدِي وقُومي أَي ضَرْبَ أَمَةٍ، وذلك لقعودها وقيامها في
خدمة مواليها لأَنها تُؤْمَرُ بذلك، وهو نص كلام بان الأَعرابي. وأُقْعِدَ
الرجلُ: لم يَقْدِرْ على النهوض، وبه قُعاد أَي داء يُقْعِدُه. ورجل
مُقْعَدٌ إِذا أَزمنه داء في جسده حتى لا حراكَ به. وفي حديث الحُدُود: أُتيَ
بامرأَة قد زنت فقال: ممن؟ قالت: من المُقْعَد الذي في حائِطِ سَعْد؛
المُقْعَد الذي لا يَقْدِر على القيام لزَمانة به كأَنه قد أُلزِمَ
القُعُودَ، وقيل: هو من القُعاد الذي هو الداء الذي أْخذ الإِبل في أَوراكها
فيميلها إِلى الأَرض.
والمُقْعَداتُ: الضَّفادِع؛ قال الشماخ:
توَجَّسْنَ واسْتَيْقَنَّ أَنْ ليْسَ حاضِراً،
على الماءِ، إِلا المُقْعَداتِ القَوافِزُ
والمُقْعَداتُ: فِراخُ القَطا قبل أَن تَنْهَضَ للطيران؛ قال ذو الرمة:
إِلى مُقْعَداتٍ تَطْرَحُ الرِّيحَ بالضُّحَى
عَلَيْهِنَّ رَفْضاً مِن حَصادِ القُلاقِلِ
والمُقْعَدُ: فَرْخُ النسْرِ، وقيل: فَرْخُ كلِّ طائر لم يستقلّ
مُقْعَدٌ. والمُقَعْدَدُ: فرخ النسر؛ عن كراع؛ وأَما قول عاصم بن ثابت
الأَنصاري:أَبو سليمانَ وَرِيشُ المُقْعَدِ،
ومُجْنَأٌ من مَسْكِ ثَوْرٍ أَجْرَدِ،
وضالَةٌ مِثلُ الجَحِيمِ المُوْقَدِ
فإِن أَبا العباس قال: قال ابن الأَعرابي: المقعد فرخ النسر وريشه
أَجوَد الريش، وقيل: المقعد النسر الذي قُشِبَ له حتى صِيدَ فَأُخِذ رِيشُه،
وقيل: المقعد اسم رجل كان يَرِيشُ السِّهام، أَي أَنا أَبو سليمان ومعي
سهام راشها المقعد فما عذري أَن لا أُقاتل؟ والضالَةُ: من شجر السِّدْر،
يعمل منها السهام، شبه السهام بالجمر لتوقدها.
وقَعَدَتِ الرَّخَمَةُ: جَثَمَتْ، وما قَعَّدَك واقْتعدك أَي حَبَسَك.
والقَعَدُ: النخل، وقيل النخل الصِّغار، وهو جمع قاعد كما قالوا خادم
وخَدَمٌ. وقَعَدَت الفَسِيلَة، وهي قاعد: صار لها جذع تَقْعُد عليه. وفي
أَرض فلان من القاعد كذا وكذا أَصلاً ذهبوا إِلى الجِنس. والقاعِدُ من
النخل: الذي تناله اليد. ورجل قِعْدِيٌّ وقُعْدِيٌّ: عاجز كأَنه يُؤثِرُ
القُعود.
والقُعْدَة: السرجُ والرحل تَقْعُد عليهما. والقَعْدَة، مفتوحة:
مَرْكَبُ الإِنسان والطِّنْفِسَةُ التي يجلس عليها قَعْدَة، مفتوحة، وما
أَشبهها. وقال ابن دريد: القُعْداتُ الرحالُ والسُّرُوجُ. والقُعَيْداتُ:
السُّروجُ والرحال. والقُعدة: الحمار، وجمْعه قُعْدات؛ قال عروةُ بن
معديكرب:سَيْباً على القُعُداتِ تَخْفِقُ فَوْقَهُم
راياتُ أَبْيَضَ كالفَنِيقِ هِجانِ
الليث: القُعْدَةُ من الدوابِّ الذي يَقْتَعِدُه الرجل للركوب خاصة.
والقُعْدَةُ والقُعْدَةُ والقَعُودَةُ والقَعُودُ من الإِبل: ما اتخذه
الراعي للركوب وحَمْلِ الزادِ والمتاعِ، وجمعه أَقْعِدَةٌ وقُعُدٌ وقِعْدانٌ
وقَعَائِدُ. واقْتَعَدَها: اتخذها قَعُوداً. قال أَبو عبيدة: وقيل
القَعُود من الإِبل هو الذي يَقْتَعِدُه الراعي في كل حاجة؛ قال: وهو بالفارسية
رَخْتْ وبتصغيره جاء المثل: اتَّخَذُوه قُعَيِّدَ الحاجات إِذا
امْتَهَنوا الرجلَ في حوائجهم؛ قال الكميت يصف ناقته:
مَعْكُوسَةٌ كقَعُودِ الشَّوْلِ أَنَطَفَها
عَكْسُ الرِّعاءِ بإِيضاعٍ وتَكْرارِ.
ويقال: نعم القُعْدَةُ هذا أَي نعم المُقْتَعَدُ.
وذكر الكسائي أَنه سمع من يقول: قَعُودَةٌ للقلوصِ، وللذكر قَعُودٌ. قال
الأَزهري: وهذا عند الكسائي من نوادر الكلام الذي سمعته من بعضهم وكلام
أَكثر العرب على غيره. وقال ابن الأَعرابي: هي قلوص للبكْرة الأُنثى
وللبكْر قَعُود مثل القَلُوصِ إِلى أَن يُثْنِيا ثم هو جَمَل؛ قال الأَزهري:
وعلى هذا التفسير قول من شاهدت من الرعب لا يكون القعود إِلا البكْر
الذكر، وجمعه قِعْدانٌ ثم القَعَادِينُ جمع الجمع، ولم أَسمع قَعُودَة بالهاء
لغير الليث. والقَعُود من الإِبل: هو البكر حين يُرْكَب أَي يُمَكّن
ظهره من الركوب، وأَدنى ذلك أَن يأْتي عليه سنتان، ولا تكون البكرة قعوداً
وإِنما تكون قَلُوصاً. وقال النضر: القُعْدَةُ أَن يَقْتَعِدَ الراعي
قَعوداً من إِبله فيركبه فجعل القُعْدة والقَعُود شيئاً واحداً.
والاقْتِعادُ: الركوب. يقول الرجل للراعي: نستأْجرك بكذا وعلينا قُعْدَتُك أَي علينا
مَرْكَبُكَ، تركب من الإِبل ما شئت ومتى شئت؛ وأَنشد للكميت:
لم يَقْتَعِدْها المُعْجِلون
وفي حديث عبد الله: من الناس من يُذِلُّه الشيطانُ كما يُذلُّ الرجل
قَعُودَهُ من الدوابّ؛ قال ابن الأَثير: القَعُودُ من الدوابِّ ما
يَقْتَعِدُه الرجل للركوب والحمل ولا يكون إِلا ذكراً، وقيل: القَعُودُ ذكر،
والأُنثى قعودة؛ والقعود من الإِبل: ما أَمكن أَن يُركب، وأَدناه أَن تكون له
سنتان ثم هو قَعود إِلى أن يُثْنِيَ فيدخل في السنة السادسة ثم هو جمل.
وفي حديث أَبي رجاء: لا يكون الرجل مُتَّقِياً حتى يكون أَذَلَّ من
قَعُودٍ، كلُّ من أَتى عليه أَرْغاه أَي قَهَره وأَذَلَّه لأَن البعير إِنما
يَرْغُو عن ذُلٍّ واستكانة. والقَعُود أَيضاً: الفصيل. وقال ابن شميل:
القَعُودُ من الذكور والقَلوص من الإِناث. قال البشتي: قال يعقوب بن السكيت:
يقال لابن المَخاض حين يبلغ أَن يكون ثنياً قعود وبكر، وهو من الذكور
كالقلوص من الإِناث؛ قال البشتي: ليس هذا من القَعُود التي يقتعدها الراعي
فيركبها ويحمل عليها زاده وأَداته، إِنما هو صفة للبكر إِذا بلغ
الأَثْنَاءَ؛ قال أَبو منصور: أَخطأَ البشتي في حكايته عن يعقوب ثم أَخطأَ فيما
فسره من كِيسه أَنه غير القعود التي يقتعدها الراعي من وجهين آخرين، فأَما
يعقوب فإِنه قال: يقال لابن المخاض حتى يبلغ أَن يكون قنياً قعود وبَكر
وهو الذكور كالقَلوص، فجعل البشتي حتى حين وحتى بمعنى إِلى، وأَحد
الخطأَين من البشتي أَنه أَنَّث القعود ولا يكون القعود عند العرب إِلا ذكراً،
والثاني أَنه لا قعود في الإِبل تعرفه العرب غير ما فسره ابن السكيت، قال:
ورأَيت العرب تجعل القعود البكر من الإِبل حين يُركب أَي يمكن ظهره من
الركوب، قال: وأَدنى ذلك أَن يأْتي عليه سنتان إِلى أَن يثني فإِذا أَثنى
سمي جملاً، والبكر والبَكْرَة بمنزلة الغلام والجارية اللذين لم يدركا،
ولا تكون البكرة قعوداً. ابن الأَعرابي: البَكر قَعود مثل القَلوص في
النوق إِلى أَن يُثْنِيَ.
وقاعَدَ الرجلَ: قعد منه. وقَعِيدُ الرجلِ: مُقاعِدُه. وفي حديث الأَمر
بالمعروف: لا يَمْنَعُه ذلك أَن يكون أَكِيلَه وشَرِيبَه وقَعِيدَه؛
القَعِيدُ الذي يصاحبك في قُعودِكَ، فَعِيلٌ بمعى مفاعل؛ وقَعِيدا كلِّ
أَمرٍ: حافظاه عن اليمين وعن الشمال. وفي التنزيل: عن اليمين وعن الشمال
قَعِيدٌ؛ قال سيبويه: أَفرد كما تقول للجماعة هم فريق، وقيل: القعيد للواحد
والاثنين والجمع والمذكر والمؤَنث بلفظ واحد وهما قعيدان، وفَعِيلٌ وفعول
مما يستوي فيه الواحد والاثنان والجمع، كقوله: أَنا رسول ربك، وكقوله:
والملائِكةُ بعد ذلك ظَهِيرٌ؛ وقال النحويون: معناه عن اليمين قعيد وعن
الشمال قعيد فاكتفى بذكر الواحد عن صاحبه؛ ومنه قول الشاعر:
نحْنُ بما عِنْدَنا، وأَنتَ بما
عِنْدَك راضٍ، والرَّأْيُ مُخْتَلِفُ
ولم يقل راضِيان ولا راضُون، أَراد: نحن بما عندنا راضون وأَنت بما عندك
راضٍ؛ ومثله قول الفرزدق:
إِني ضَمِنْتُ لمنْ أَتاني ما جَنَى
وأتى، وكان وكنتُ غيرَ غَدُورِ
ولم يقل غدُوَرينِ. وقَعِيدَةُ الرجل وقَعِيدَةُ بيِته: امرأَتُه؛ قال
الأَشعَرُ الجُعْفِيُّ:
لكن قَعِيدَةُ بَيْتِنا مَجْفِوَّةٌ،
بادٍ جنَاجِنُ صَدْرِها ولها غِنَى
والجمع قَعائدُ. وقَعِيدَةُ الرجلِ: امرأَته. وكذلك قِعادُه؛ قال عبد
الله بن أَوفى الخزاعي في امرأَته:
مُنَجَّدَةٌ مثلُ كَلْبِ الهِراش،
إِذا هَجَعَ الناسُ لم تَهْجَعِ
فَلَيْسَتْ قِعادُ الفَتَى وحدْهَا،
وبِئْسَتْ مُوَفِّيَةُ الأَرْبَعِ
قال ابن بري: مُنَجَّدَةٌ مُحَكَّمَةٌ مُجَرَّبَةٌ وهو مما يُذَمُّ به
النساءُ وتُمْدَحُ به الرجال. وتَقَعَّدَتْه: قامت بأَمره؛ حكاه ثعلب وابن
الأَعرابي. والأَسَلُ: الرِّماحُ.
ويقال: قَعَّدْتُ الرجلَ وأَقْعدْتُه أَي خَدَمْتُه وأَنا مُقْعِدٌ له
ومُقَعِّدٌ؛ وأَنشد:
تَخِذَها سرِّيَّةً تُقَعِّدُه
وقال الآخر:
وليسَ لي مُقْعِدٌ في البيتِ يُقْعِدُني،
ولا سَوامٌ، ولا مِنْ فِضَّةٍ كِيسُ
والقَعِيدُ: ما أَتاك من ورائك من ظَبْيٍ أَو طائر يُتَطَّيرُ منه بخلاف
النَّطِيح؛ ومنه قول عبيد بن الأَبرص:
ولقد جَرَى لهُمِ، فلم يَتَعَيَّفُوا،
تَيْسٌ قَعِيدٌ كالوَشِيجَةِ أَعْضَبُ
الوَشِيجَةُ: عِرْقُ الشجرةِ، شبَّه التَّيْسَ من ضُمْرِه به، ذكره أَبو
عبيدة في باب السَّانِحِ والبارِحِ وهو خلاف النَّطِيح. والقَعِيدُ:
الجرادُ الذي لم يَسْتَوِ جناحاه بعد. وثَدْيٌ مُقْعَدٌ: ناتِئٌ على النحر
إذا كان ناهِداً لم يَنْثَنِ بَعْدُ؛ قال النابغة:
والبَطنُ ذو عُكَنٍ لطيفٌ طَيُّهُ،
والإِتْبُ تَنْفُجُه بِثَدْيٍ مُقْعَدِ
وقَعَدَ بنو فلانٍ لبني فلان يَقْعُدون: أَطاقوهم وجاو وهم بأَعْدادِهم.
وقَعَدَ بِقِرْنِهِ: أَطاقَه. وقَعَدَ للحرب: هَيَّأَ لها أَقرانَها؛
قال:
لأُصْبِحَنْ ظالماً حَرْباً رَباعِيَةً،
فاقعُدْ لها، ودَعَنْ عنْكَ الأَظانِينا
وقوله:
سَتَقْعُدُ عبدَ اللهِ عَنَّا بِنَهْشَل
أَي سَتُطيقها وتَجِيئُها بأَقْرانها فَتَكْفينا نحن الحرب. وقَعَدَتِ
المرأَةُ عن الحيض والولدِ تَقْعُدُ قُعوداً، وهي قاعد: انقطع عنها،
والجمع قَواعِدُ. وفي التنزيل: والقَواعِدُ من النساء؛ وقال الزجاج في تفسير
الآية: هن اللواتي قعدن عن الأَزواج. ابن السكيت: امرأَة قاعِدٌ إِذا قعدت
عن المحيض، فإِذا أَردت القُعود قلت: قاعدة. قال: ويقولون امرأَة واضِعٌ
إِذا لم يكن عليها خمار، وأَتانٌ جامِعٌ إِذا حملت. قال أَبو الهيثم:
القواعد من صفات الإِناث لا يقال رجال قواعِدُ، وفي حديث أَسماءَ
الأَشْهَلِيَّة: إِنا مَعاشِرَ النساءِ محصوراتٌ مقصوراتٌ قواعِدُ بيوتِكم
وحوامِلُ أَولادِكم؛ القواعد: جمع قاعِدٍ وهي المرأَة الكبيرة المسنة، هكذا يقال
بغير هاء أَي أَنها ذات قعود، فأَما قاعدة فهي فاعلة من قَعَدَتْ
قعوداً، ويجمع على قواعد فهي فاعلة من قَعَدَتْ قعوداً، ويجمع على قواعد
أَيضاً. وقعدت النخلة: حملت سنة ولم تحمل أُخرى.
والقاعِدَةِ: أَصلُ الأُسِّ، والقَواعِدُ: الإِساسُ، وقواعِد البيت
إِساسُه. وفي التنزيل: وإِذ يَرفَعُ ابراهيمُ القواعِدَ من البيتِ وإِسمعيلُ؛
وفيه: فأَتى اللهُ بُنيانَهم من القواعد؛ قال الزجاج: القَواعِدُ
أَساطينُ البناء التي تَعْمِدُه. وقَواعِدُ الهَوْدَج: خشبات أَربع معترضة في
أَسفله تُركَّبُ عِيدانُ الهَوْدَج فيها. قال أَبو عبيد: قواعد السحاب
أُصولها المعترضة في آفاق السماء شبهت بقواعد البناء؛ قال ذلك في تفسير حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، حين سأَل عن سحابة مَرَّت فقال: كيف
تَرَوْنَ قواعِدَها وبواسِقَها؟ وقال ابن الأَثير: أَراد بالقواعد ما اعترض منها
وسَفَل تشبيهاً بقواعد البناء. ومن أَمثال العرب: إذا قامَ بكَ الشَّرّْ
فاقْعُدْ، يفسَّر على وجهين: أَحدهما أَن الشر إِذا غلبك فَذِلَّ له ولا
تَضْطَرِبْ فيه، والثاني أَن معناه إِذا انتصب لك الشرُّ ولم تجد منه
بُدًّا فانتِصبْ له وجاهِدْه؛ وهذا مما ذكره الفراء.
والقُعْدُدُ والقُعْدَدُ: الجبانُ اللئيمُ القاعدُ عن الحرب والمكارِمِ.
والقُعْدُدُ: الخامل. قال الأَزهري: رجل قُعْددٌ وقَعْدَدٌ إِذا كان
لئيماً من الحَسَبِ. المُقْعَدُ والقُعْدُدُ: الذي يقعد به أَنسابه؛
وأَنشد:قَرَنْبَى تَسُوفُ قَفَا مُقْرِفٍ
لَئِيمٍ، مآثِرُهُ قُعْدُد
ويقال: اقْتَعَدَ فلاناً عن السخاءِ لؤْمُ جِنْثِه؛ ومنه قول الشاعر:
فازَ قدْحُ الكَلْبْيِّ، واقتَعَدَتْ مَغْـ
ـراءَ عن سَعْيِهِ عُرُوقُ لَئِيمِ
ورجل قُعْدُدٌ: قريب من الجَدِّ الأَكبر وكذلك قعدَد. والقُعْدُدُ
والقُعْدَدُ: أَملك القرابة في النسب.
والقُعْدُدُ؛ القُرْبَى. والمِيراث القُعْدُدُ: هو أَقربُ القَرابَةِ
إِلى الميت. قال سيبويه: قُعْدُدٌ ملحق بجُعْشُمٍ، ولذلك ظهر فيه
المثلان.وفلان أَقْعَد من فلان أَي أَقرب منه إِلى جده الأَكبر، وعبر عنه ابن
الأَعرابي بمثل هذا المعنى فقال: فلان أَقْعَدُ من فلان أَي أَقلُّ آباء.
والإِقْعادُ: قِلَّةُ الآباء والأَجداد وهو مذموم، والإِطْرافُ كَثَرتُهم
وهو محمود، وقيل: كلاهما مدح. وقال اللحياني: رجل ذو قُعْدد إِذا كان
قريباً من القبيلة والعدد فيه قلة. يقال: هو أَقْعَدُهم أَي أَقربهم إِلى
الجد الأَكبر، وأَطْرَفُهم وأَفْسَلُهم أَي أَبعدهم من الجد الأَكبر.
ويقال: فلان طَرِيفٌ بَيِّنُ الطَّرافَة إِذا كان كثير الآباء إِلى الجد
الأَكبر ليس بذي قُعْدُود؛ ويقال: فلان قعيد النسب ذو قُعْدد إِذا كان قليل
الآباءِ إِلى الجد الأَكبر؛ وكان عبد الصمد بن علي بن عبد الله بن العباس
الهاشمي أَقعَدَ بني العباس نسباً في زمانه، وليس هذا ذمًّا عندهم، وكان
يقال له قعدد بني هاشم؛ قال الجوهري: ويمدح به من وجه لأَن الولاء للكُبر
ويذم به من وجه لأَنه من أَولادِ الهَرْمَى ويُنسَب إِلى الضَّعْفِ؛ قال
دريد بن الصِّمَّة يرثي أَخاه:
دَعاني أَخي والخيلُ بيْني وبيْنَه،
فلما دَعاني لم يَجِدْني بِقُعْدُدِ
وقيل: القعدد في هذا البيت الجبانُ القاعِدُ عن الحربِ والمكارِمِ
أَيضاً يَتَقَعَّد فلا ينهض؛ قال الأَعشي:
طَرِفُونَ ولاَّدُونَ كلَّ مُبارَكٍ،
أَمِرُونَ لا يَرِثُونَ سَهمَ القُعْدُدِ
وأَنشده ابن بري:
أَمِرُونَ ولاَّدُونَ كلَّ مُبارَكٍ،
طَرِفُونَ . . . . . .
وقال: أَمرون أَي كثيرون. والطرف: نقيض القُعدد. ورأَيت حاشية بخط بعض
الفضلاء أَن هذا البيت أَنشده المَرْزُبانيُّ في معجم الشعراء لأَبي
وجْزَةَ السعدي في آل الزبير. وأَما القُعدد المذموم فهو اللئيم في حسبه،
والقُعْدُد من الأَضداد. يقال للقريب النسب من الجد الأَكبر: قعدد، وللبعيد
النسب من الجد الأَكبر: قعدد؛ وقال ابن السكيت في قول البعيث:
لَقًى مُقْعَدِ الأَسبابِ مُنْقَطَعٌ به
قال: معناه أَنه قصير النسب من القعدد. وقوله منقَطَعٌ به مُلْقًى أَي
لا سَعْيَ له إِن أَراد أَن يسعى لم يكن به على ذلك قُوَّةُ بُلْقَةٍ أَي
شيء يَتَبَلَّغُ به. ويقال: فلان مُقْعَدُ الحَسَبِ إِذا لم يكن له شرف؛
وقد أَقْعَدَه آباو ه وتَقَعَّدُوه؛ وقال الطرماح يهجو رجلاً:
ولكِنَّه عَبْدٌ تَقَعَّدَ رَأْيَه
لِئامُ الفُحولِ وارْتخاضُ المناكِحِ
(* قوله «وارتخاض» كذا بالأَصل، ولعله مصحف عن ارتخاص من الرخص ضد
الغلاء أو ارتحاض بمعنى افتضاح.) أَي أَقعد حسبه عن المكارم لؤْم آبائه
وأُمهاته.
ابن الأَعرابي: يقال ورث فلان بالإِقْعادِ، ولا يقال وَرِثه بالقعود.
والقُعادُ والإِقْعادُ: داءٌ يأْخُذُ الإِبل والنجائب في أَوراكها وهو شبه
مَيْل العَجُزِ إِلى الأَرض، وقد أُقْعِدَ البعير فهو مُقْعَدٌ.
والقَعَدُ: أَن يكون بِوَظِيفِ البعير تَطامُنٌ واسْتِرْخاء. والإِقعادُ في رجل
الفرس: أَن تُقْرَشَ
(* وقوله «تفرش» في الصحاح تقوس.) جدّاً فلا
تَنْتَصِبَ. والمُقْعَدُ: الأَعوج، يقال منه: أُقعِدَ الرجلُ، تقول: متى أَصابك
هذا القُعادُ؟ وجملٌ أَقْعَدُ: في وظِيفَيْ رجليه كالاسترخاء.
والقَعِيدَةُ: شيء تَنْسُجُه النساء يشبه العَيْبَةَ يُجْلَسُ عليه، وقد
اقْتَعَدَها؛ قال امرؤ القيس:
رَفَعْنَ حوايا واقْتَعَدْنَ قَعائِداً،
وحَفَّفْنَ مِنْ حَوْكِ العِراقِ المُنَمَّقِ
والقَعِيدَةُ أَيضاً: مثل الغِرارَةِ يكون فيها القَدِيدُ والكعكُ،
وجمعها قَعائِدُ؛ قال أَبو ذؤيب يصف صائداً:
له مِنْ كَسْبِهِنَّ مُعَذْ لَجاتٌ
قَعائِدُ، قد مُلِئْنَ مِنَ الوَشِيقِ
والضمير في كسبهن يعود على سهام ذكرها قبل البيت. ومُعَذْلَجاتٌ:
مملوءات. والوشِيقُ: ما جَفَّ من اللحم وهو القَدِيدُ؛ وقال ابن الأَعرابي في
قول الراجز:
تُعْجِلُ إِضْجاعَ الجَشِير القاعِدِ
قال: القاعِدُ الجُوالقُ الممتلئُ حَبًّا كأَنه من امتلائه قاعد.
والجَشِيرُ: الجُوالِقُ. والقَعِيدَةُ من الرمل: التي ليست بمُسْتَطِيلة،
وقيل: هي الحبْل اللاطِئُ بالأَرض، وقيل: وهو ما ارْتَكَم منه. قال الخليل:
إِذا كان بيت من الشِّعْر فيه زِحافٌ قيل له مُقْعَدٌ؛ والمُقْعَدُ من
الشعر: ما نَقَصَتْ من عَرُوضِه قُوَّة، كقوله:
أَفَبَعْدَ مَقْتَلِ مالِكِ بنِ زُهَيرٍ
تَرْجُو النساءُ عَوَاقِبَ الأَطْهارِ؟
قال أَبو عبيد: الإِقواء نقصان الحروف من الفاصلة فَيَنْقُص من عَرُوضِ
البيت قُوَّةٌ، وكان الخليل يسمى هذا المُقْعَدَ. قال أَبو منصور: هذا
صحيح عن الخليل وهذا غير الزحاف وهو عيب في الشعر والزحاف ليس بعيب.
الفراء: العرب تقول قَعَدَ فلان يَشْتُمُني بمعنى طَفِقَ وجَعَل؛ وأَنشد
لبعض بني عامر:
لا يُقْنِعُ الجارِيَةَ الخِضابُ،
ولا الوِشاحانِ، ولا الجِلْبابُ
مِنْ دُونِ أَنْ تَلْتَقيَ الأَركابُ،
ويَقْعُدَ الأَيْرُ له لُعابُ
وحكى ابن الأَعرابي: حَدَّدَ شَفْرَتَه حتى قَعدتْ كأَنها حَربَةٌ أَي
صارت. وقال: ثَوْبَكَ لا تَقْعُدُ تَطِيرُ به الريحُ أَي لا تَصِيرُ
الريحُ طائرةً به، ونصب ثوبك بفعل مضمر أَي احفظ ثوبك. وقال: قَعَدَ لا
يَسْأْلُه أَحَدٌ حاجةً إِلا قضاها ولم يفسره؛ فإِن عنى به صار فقد تقدم لها
هذه النظائر واستغنى بتفسير تلك النظائر عن تفسير هذه، وإِن كان عنى القعود
فلا معنى له لأَن القعود ليست حال أَولى به من حال، أَلا ترى أَنك تقول
قعد لا يمر به أَحد إِلا يسبه، وقد لا يسأَله سائل إِلا حرمه؟ وغير ذلك
مما يخبر به من أَحوال القاعد، وإِنما هو كقولك: قام لا يُسأَلُ حاجَةً
إِلا قضاها.
وقَعِيدَكَ اللهَ لا أَفعلُ ذلك وقَِعْدَك؛ قال مُتَمِّمُ بنُ
نُوَيْرَةَ:
قَعَِيدَكِ أَن لا تُسْمِعيني مَلامَةً،
ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفؤَادِ فَيِيجَعَا
وقيل: قَِعْدَكَ اللهَ وقَعيدَكَ اللهَ أَي كأَنه قاعدٌ معك يحفظ عليك
قولك، وليس بقويّ؛ قال أَبو عبيد: قال الكسائي: يقال قِعْدكَ الله أَي
اللهُ معك؛ قال وأَنشد غيره عن قُرَيْبَةَ الأَعرابية:
قَعِيدَكِ عَمْرَ الله، يا بِنْتَ مالِكٍ،
أَلم تَعْلَمِينا نِعْمَ مَأْوى المُعَصِّبِ
قال: ولم أَسمع بيتاً اجتمع فيه العَمْرُ والقَعِيدُ إِلا هذا. وقال
ثعلب: قَِعْدَكَ اللهَ وقَعِيدَكَ اللهَ أَي نَشَدْتُكَ اللهَ. وقال: إِذا
قلت قَعِيدَكُما الله جاءَ معه الاستفهام واليمين، فالاستفهام كقوله:
قَعِيدَ كما اللهَ أَلم يكن كذا وكذا؟ قال الفرزدق:
قَعِيدَ كما اللهَ الذي أَنْتُما له،
أَلم تَسْمَعا بالبَيْضَتَيْنِ المُنادِيا؟
والقَسَمُ: قَعِيدَكَ اللهَ لأُكْرِمَنَّكَ. وقال أَبو عبيد: عَلْيا
مُضَر تقول قَعِيدَك لتفعلن كذا؛ قال القِعَيدُ الأَب؛ وقال أَبو الهيثم:
القَعِيد المُقاعِدُ؛ وأَنشد بيت الفرزدق:
قَعيدَكُما اللهَ الذي أَنتما له
يقول: أَينما قعدت فأَنت مقاعد لله أَي هو معك. قال: ويقال قَعِيدَك
الله لا تَفْعل كذا، وقَعْدَكَ الله، بفتح القاف، وأَما قِعْدَكَ فلا
أَعْرِفُه. ويقال: قعد قعداً وقعوداً؛ وأَنشد:
فَقَعْدَكِ أَن لا تُسْمِعِيني مَلامَةً
قال الجوهري: هي يمين للعرب وهي مصادر استعملت منصوبة بفعل مضمر،
والمعنى بصاحبك الذي هو صاحب كل نجوى، كما يقال: نشدتك الله، قال ابن بري في
ترجمة وجع في بيت متمم بن نويرة:
قَعِيدَكِ أَن لا تُسْمِعِيني مَلامَةً
قال: قَعِيدَك اللهَ وقَِعدك الله استعطاف وليس بقسم؛ كذا قال أَبو
عليّ؛ قال: والدليل على أَنه ليس بقسم كونه لم يُجَبْ بجوابِ القَسَم.
وقَعِيدَكَ اللهَ بمنزلة عَمْرَكَ اللهَ في كونه ينتصب انتصاب المصادر الواقعة
موقع الفعل، فعمرك اللهَ واقع موقع عَمَّرَك اللهُ أَي سأَلْتُ اللهَ
تَعْمِيرَك، وكذلك قِعْدَكَ اللهَ تَقْديره قَعَّدْتُك اللهَ أَي سأَلت الله
حفظك من قوله: عن اليمين وعن الشمال قَعِيد أَي حفيظ.
والمُقْعَدُ: رجلٌ كان يَرِيشُ السهام بالمدينة؛ قال الشاعر:
أَبو سُلَيْمان ورِيشُ المُقْعَدِ
وقال أَبو حنيفة: المُقْعدانُ شجر ينبت نبات المَقِرِ ولا مرارة له يخرج
في وسطه قضيب بطول قامة وفي رأْسه مثل ثمرة العَرْعَرَة صُلْبة حمراء
يترامى به الصبيان ولا يرعاه شيء.
ورجل مُقْعَدُ الأَنف: وهو الذي في مَنْخِرِه سَعة وقِصَر.
والمُقْعَدَةُ: الدَّوْخَلَّةُ من الخُوصِ.
ورحًى قاعِدَةٌ: يَطْحَنُ الطاحِنُ بها بالرَّائِدِ بيَدِه.
وقال النضر: القَعَدُ العَذِرَةُ والطَّوْفُ.
رقب: في أَسماءِ اللّه تعالى: الرَّقِـيبُ: وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ؛ فَعِـيلٌ بمعنى فاعل.
وفي الحديث: ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم. وفي
الحديث: ما مِن نَبـيٍّ إِلاَّ أُعْطِـيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه. والرَّقيبُ: الـحَفِـيظُ.
ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً، بالكسر فيهما، ورُقُوباً، وترَقَّبَه، وارْتَقَبَه: انْتَظَرَه ورَصَدَه.
والتَّرَقُّبُ: الانتظار، وكذلك الارْتِقابُ. وقوله تعالى: ولم تَرْقُبْ
قَوْلي؛ معناه لم تَنتَظِرْ قولي. والتَّرَقُّبُ: تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ.
ورَقِـيبُ الجَيْشِ: طَلِـيعَتُهم. ورَقِـيبُ الرجُلِ: خَلَفُه من ولدِه
أَو عَشِـيرتِه. والرَّقِـيبُ: الـمُنْتَظِرُ. وارْتَقَبَ: أَشْرَفَ وعَلا.
والـمَرْقَبُ والـمَرْقَبةُ: الموضعُ الـمُشْرِفُ، يَرْتَفِعُ عليه الرَّقِـيبُ، وما أَوْفَيْتَ عليه من عَلَمٍ أَو رابِـيةٍ لتَنْظُر من بُعْدٍ.وارْتَقَبَ المكانُ: عَلا وأَشْرَف؛ قال:
بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه
أَي أَشْرَفَتْ؛ الجِدُّ هنا: الجَدَدُ من الأَرض.
شمر: الـمَرْقَبة هي الـمَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ، وجَمْعه
مَراقِبُ. وقال أَبو عمرو: الـمَراقِبُ: ما ارتَفَعَ من الأَرض؛ وأَنشد:
ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ، أَشْرَفْتُ رأْسَها، * أُقَلِّبُ طَرْفي في فَضاءِ عَريضِ
ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه، وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً: حَرَسَه، حكاه
ابن الأَعرابي، وأَنشد:
يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الـحُوتِ
يَصِفُ رَفِـيقاً له، يقول: يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً على الرَّحِـيلِ كحِرْصِ الـحُوتِ على الماءِ؛ ينظر النَّجْمَ حِرْصاً على طُلوعِه،
حتى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ.
والرِّقْبةُ: التَّحَفُّظُ والفَرَقُ.
ورَقِـيبُ القومِ: حارِسُهم، وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبةٍ
ليَحْرُسَهم. والرَّقِـيبُ: الحارِسُ الحافِظُ. والرَّقَّابةُ: الرجُل الوَغْدُ،
الذي يَرْقُب للقوم رَحْلَهم، إِذا غابُوا. والرَّقِـيبُ: الـمُوَكَّل
بالضَّريبِ. ورَقِـيبُ القِداحِ: الأَمِـينُ على الضَّريبِ؛ وقيل: هو
أَمِـينُ أَصحابِ الـمَيْسِرِ؛ قال كعب بن زهير:
لها خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ، * مكانَ الرَّقِـيبِ من الياسِرِينا
وقيل: هو الرجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الـحُرْضَة في الـمَيْسِرِ،
ومعناه كلِّه سواءٌ، والجمعُ رُقَباءُ. التهذيب، ويقال: الرَّقِـيبُ اسمُ
السَّهْمِ الثالِثِ من قِدَاحِ الـمَيْسِرِ؛ وأَنشد:
كَـمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ للضُّـ * ـرَباءِ، أَيْديهِمْ نَواهِدْ
قال اللحياني: وفيه ثلاثةُ فُروضٍ، وله غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِـباء إِن
فَازَ، وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِـباءَ إِن لم يَفُزْ. وفي حديث حَفْرِ
زَمْزَم: فغارَ سَهْمُ اللّهِ ذي الرَّقِـيبِ؛ الرَّقِـيبُ: الثالِثُ من
سِهام الميسر. والرَّقِـيبُ: النَّجْمُ الذي في الـمَشْرِق، يُراقِبُ
الغارِبَ. ومنازِلُ القمرِ، كل واحدٍ منها رَقِـيبٌ لِصاحِـبِه، كُـلَّما
طَلَع منها واحِدٌ سقَطَ آخر، مثل الثُّرَيَّا، رَقِـيبُها الإِكلِـيلُ إِذا
طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غَابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا. ورَقِـيبُ النَّجْمِ: الذي يَغِـيبُ بِطُلُوعِه، مثل الثُّرَيَّا رَقِـيبُها الإِكليلُ؛ وأَنشد الفراء:
أَحَقّاً، عبادَ اللّهِ، أَنْ لَسْتُ لاقِـياً * بُثَيْنَةَ، أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِـيبُها؟
وقال المنذري: سمعت أَبا الهيثم يقول: الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ.
ويقال: إِنَّ رَقِـيبَ الثُرَيَّا من الأَنْواءِ الإِكليلُ، لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حتى تَغِـيبَ؛ كما أَنَّ الغَفْرَ رَقِـيبُ الشَّرَطَيْنِ، لا يَطْلُع الغَفْرُ
حتى يَغِـيبَ الشَّرَطانِ؛ وكما أَن الزُّبانيَيْن رَقِـيبُ البُطَيْنِ، لا يَطْلُع أَحدُهما إلا بِسُقُوطِ صاحِـبِه وغَيْبُوبَتِه، فلا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه؛ وكذلك الشَّوْلَةُ رَقِـيبُ الـهَقْعَةِ، والنَّعائِمُ رَقِـيبُ الـهَنْعَةِ، والبَلْدَة رَقِـيبُ الذِّرَاعِ. وإِنما قيلَ للعَيُّوق: رَقِـيبُ الثُّرَيَّا، تَشْبِـيهاً برَقِـيبِ الـمَيْسِرِ؛ ولذلك قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَد رابـئِ الضُّـ * ـرَباءِ، خَلْفَ النَّجْمِ، لا يَتَتَلَّع
النَّجْمُ ههنا: الثُّرَيَّا، اسمٌ عَلَم غالِبٌ. والرَّقِـيب: نَجْمٌ من نُجومِ الـمَطَرِ، يُراقبُ نَجْماً آخَر.
وراقبَ اللّهَ تعالى في أَمرِهِ أَي خافَه.
وابنُ الرَّقِـيبِ: فَرَسُ الزِّبْرقانِ بن بَدْرٍ، كأَنه كان يُراقِبُ
الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه.
والرُّقْبى: أَن يُعْطِـيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ داراً أَو أَرْضاً، فأَيـُّهما ماتَ، رَجَعَ ذلك المالُ إِلى وَرَثَتِهِ؛ وهي من الـمُراقَبَة، سُمِّيَتْ بذلك لأَن كلَّ واحدٍ منهما يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه. وقيل: الرُّقْبَـى: أَن تَجْعَلَ الـمَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه، فإِن ماتَ، سكَنه فلانٌ، فكلُّ واحدٍ منهما يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه.
وقد أَرْقَبه الرُّقْبَـى، وقال اللحياني: أَرْقَبَه الدارَ: جَعَلَها لَه رُقْبَـى، ولِعَقبِه بعده بمنزلةِ الوقفِ. وفي الصحاح: أَرْقَبْتُه داراً أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فكانت للباقي مِنْكُما؛ وقُلْتَ: إِن مُتُّ قَبْلَك، فهي لك، وإِن مُتَّ قَبْلِـي، فهي لِـي؛ والاسمُ الرُّقْبى. وفي حديث النبي، صلى اللّه عليه وسلم، في العُمْرَى والرُّقْبَـى: انها لمن أُعْمِرَها، ولمن أُرْقِـبَها، ولوَرَثَتِهِما من بعدِهِما. قال أَبو عبيد: حدثني ابنُ عُلَيَّة، عن حَجَّاج، أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عن الرُّقْبَـى، فقال: هو أَن يقول الرجل للرجل، وقد وَهَبَ له داراً: إِنْ مُتَّ قَبْلِـي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك. قال أَبو عبيد: وأَصلُ الرُّقْبَـى من الـمُراقَبَة، كأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما، إِنما يَرْقُبُ موت صاحِـبِه؛ أَلا ترى أَنه يقول: إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ، وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فهي لك؟ فهذا يُنْبِـئك عن الـمُراقَبة. قال: والذي كانوا يُريدون من هذا أَن يكون الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل على صاحِـبِه بالشيءِ، فَيَسْتَمْتِـعَ به ما دامَ حَيّاً، فإِذا ماتَ الموهوبُ له، لم يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ منه شيءٌ، فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِـيِّ، صلى اللّه عليه وسلّم، بنَقْضِ ذلك، أَنه مَنْ مَلَك شيئاً حَيَاتَه، فهُو لوَرَثَتِهِ من
بَعْدِه. قال ابن الأَثير: وهي فُعْلى من الـمُراقَبَةِ. والفُقهاءُ فيها مُختَلِفون: منهم مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِـيكاً، ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة؛ قال: وجاء في هذا الباب آثارٌ كثيرةٌ، وهي أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِـبَةً، واشترط فيها شرطاً أَنَّ الـهِبَة جائزةٌ، وأَنَّ الشرط باطِلٌ.
ويقال: أَرْقَبْتُ فلاناً داراً، وأَعْمَرْتُه داراً إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بهذا الشرط، فهو مُرْقَب، وأَنا مُرْقِبٌ.
ويقال: وَرِثَ فلانٌ مالاً عن رِقْبَةٍ أَي عن كلالةٍ، لم يَرِثْهُ عن
آبائِه؛ وَوَرِثَ مَجْداً عن رِقْبَةٍ إِذا لم يكن آباؤُهُ أَمْجاداً؛ قال
الكميت:
كان السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً، * تلك الـمَكارِمُ لم يُورَثْنَ عن رِقَبِ
أَي وَرِثَها عن دُنًى فدُنًى من آبائِهِ، ولم يَرِثْهَا من وراءُ وَراءُ.
والـمُراقَبَة، في عَرُوضِ الـمُضارِعِ والـمُقْتَضَبِ، أَن يكون
الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِـيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ؛ سمي بذلك لأَن آخرَ السَّببِ
الذي في آخِرِ الجزءِ، وهو النُّونُ من مَفاعِـيلُن، لا يثبت مع آخِر
السَّببِ الذي قَبْلَه، وهو الياءُ في مَفاعِـيلُن، وليست بمعاقَبَةٍ، لأَنَّ
الـمُراقَبَة لا يَثْبُت فيها الجزآن الـمُتراقِـبانِ، وإِنما هو من
الـمُراقَبَة الـمُتَقَدّمة الذِّكْر، والـمُعاقَبة يَجْتمعُ فيها الـمُتعاقِـبانِ.
التهذيب، الليث: الـمُراقَبَة في آخِرِ الشِّعْرِ عند التَّجْزِئَة بين
حَرْفَيْنِ، وهو أَن يَسْقُط أَحدهما، ويَثْبُتَ الآخَرُ، ولا يَسْقُطانِ
مَعاً، ولا يَثْبُتان جَمِـيعاً، وهو في مَفَاعِيلُن التي للـمُضارع لا يجوز أَن يتمَّ، إِنما هو مَفاعِـيلُ أَو مَفاعِلُنْ.
والرَّقِـيبُ: ضَرْبٌ من الـحَيَّاتِ، كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ؛ وفي
التهذيب: ضَرْبٌ من الـحَيَّاتِ خَبيث، والجمعُ رُقُبٌ ورقِـيباتٌ.
والرَّقِـيب والرَّقُوبُ مِنَ النِّساءِ: التي تُراقِبُ بَعْلَها لِـيَمُوت، فَتَرِثَه.
والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل: التي لا تَدْنُو إِلى الحوضِ من الزِّحامِ،
وذلك لكَرَمِها، سُميت بذلك، لأَنها تَرْقبُ الإِبِلَ، فإِذا فَرَغْنَ مِنْ
شُرْبِهنّ، شَربَت هي. والرَّقُوبُ من الإِبل والنِّساءِ: التي لا
يَبْقَى لها وَلَدٌ؛ قال عبيد:
لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ
وقيل: هي التي ماتَ وَلَدُها، وكذلك الرجُل؛ قال الشاعر:
فلم يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمـِّنا، * ولا كَأَبِـينا عاشَ، وهو رَقُوبُ
وفي الحديث أَنه قال: ما تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكم؟ قالوا: الذي لا
يَبْقى لَه وَلَد؛ قال: بل الرَّقُوبُ الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِهِ شيئاً.
قال أَبو عبيد: وكذلك معناه في كلامِهِم، إِنما هو عَلى فَقْدِ
الأَوْلادِ؛ قال صخر الغيّ:
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ، رَقُوبٍ * بوَاحِدِها، إِذا يَغْزُو، تُضِـيفُ
قال أَبو عبيد: فكان مَذْهَبُه عندهم على مَصائِب الدنيا، فَجَعَلها رسول اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، على فَقْدِهِم في الآخرة؛ وليس هذا بخلافِ ذلك في المعنى، ولكنه تحويلُ الموضع إِلى غيرِه، نحو حديثه الآخر: إِنَّ الـمَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه؛ وليس هذا أَن يكونَ من سُلِبَ مالَه، ليس بمحْروبٍ. قال ابن الأَثير:
الرَّقُوبُ في اللغة: الرجل والمرأَة إِذا لم يَعِشْ لهما ولد، لأَنه
يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عليه، فنَقَلَه النبيُّ، صلى اللّه عليه
وسلم، إِلى الذي لم يُقَدِّم من الولد شيئاً أَي يموتُ قبله تعريفاً،
لأَن الأَجرَ والثوابَ لمن قَدَّم شيئاً من الولد، وأَن الاعتِدادَ به
أَعظم، والنَّفْعَ به أَكثر، وأَنَّ فقدَهم، وإِن كان في الدنيا عظيماً،
فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ على الصبرِ، والتسليم للقضاءِ في الآخرة، أَعظم، وأَنَّ المسلم وَلَدُه في الحقيقة من قَدَّمه واحْتَسَبَه، ومن لم يُرزَق ذلك، فهو كالذي لا وَلدَ له؛ ولم يقله، صلى اللّه عليه وسلم، إِبطالاً لتفسيره اللغوي، إِنما هو كقولِه: إِنما الـمَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه، ليس على أَن من أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ.
والرَّقَبَةُ: العُنُقُ؛ وقيل: أَعلاها؛ وقيل: مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ، والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ، ورِقابٌ وأَرْقُبٌ، الأَخيرة على طَرْح
الزائِدِ؛ حكاه ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
تَرِدْ بنا، في سَمَلٍ لم يَنْضُبِ * منها، عِرَضْناتٌ، عِظامُ الأَرْقُبِ
وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ، فقال:
تَظَلُّ، على الثَّمْراءِ، منها جَوارِسٌ، * مَراضيعُ، صُهْبُ الريشِ، زُغْبٌ رِقابُها
والرَّقَب: غِلَظُ الرَّقَبة، رَقِبَ رَقَباً.
وهو أَرْقَب: بَيِّنَ الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة، ورَقَبانيٌّ أَيضاً على غير قياسٍ. والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ: الغليظُ الرَّقَبَة؛ قال سيبويه: هو من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب، والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ الـمَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ.
ويقال للأَمَةِ الرَّقَبانِـيَّةِ: رَقْباءُ لا تُنْعَتُ به الـحُرَّة.
وقال ابن دريد: يقال رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً، ولا يقال للمرأَة رَقَبانِـيَّة.
والـمُرَقَّبُ: الجلدُ الذي سُلِـخَ من قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه؛ قال سيبويه: وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة، لم تُضِفْ إِليه إِلاَّ على القياسِ.
ورَقَبَه: طَرَحَ الـحَبْلَ في رَقَبَتِه.
والرَّقَبةُ: المملوك. وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً. وفَكَّ رقَبةً: أَطْلَق أَسيراً، سُمِّيت الجملة باسمِ العُضْوِ لشرفِها. التهذيب: وقوله
تعالى في آية الصدقات: والـمُؤَلَّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ؛ قال أَهل التفسير في الرقابِ إِنهم الـمُكاتَبون، ولا يُبْتَدَأُ منه مملوك فيُعْتَقَ. وفي حديث قَسْم الصَّدَقاتِ: وفي الرِّقابِ، يريدُ الـمُكاتَبين من العبيد، يُعْطَوْنَ نَصِـيباً من الزكاةِ، يَفُكون بهِ رِقابَهم، ويَدفعونه إِلى مَوالِـيهم.
الليث يقال: أَعتق اللّهُ رَقَبَتَه، ولا يقال: أَعْتَقَ اللّه عُنُقَه. وفي
الحديث: كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً. قال ابن الأَثير: وقد تكَرَّرَتِ
الأَحاديث في ذكر الرَّقَبة، وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها، وهي في الأَصل العُنُق، فجُعِلَتْ كِنايةً عن جميع ذاتِ الإِنسانِ، تَسْمية للشيءِ ببعضِه، فإِذا قال: أَعْتِقْ رَقَبةً، فكأَنه قال: أَعْتِقْ عبداً أَو أَمَة؛ ومنه قولُهم: دَيْنُه في رَقَبَتِه. وفي حديث ابنِ سِـيرين: لَنا رِقابُ الأَرضِ، أَي نَفْس الأَرضِ، يعني ما كان من أَرضِ الخَراجِ فهو للمسلمين، ليس لأَصحابهِ الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ، لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً. وفي حديث بِلالٍ: والرَّكائِب الـمُناخَة، لكَ رِقابُهُنَّ وما عليهِنَّ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ. وفي حديث الخَيْلِ: ثم لمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في رِقابِها وظُهورِها؛ أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها، وبحَقِّ ظُهورِها الـحَمْلَ عليها.
وذُو الرُّقَيْبة: أَحدُ شُعراءِ العرب، وهو لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ، لأَنه كان أَوْقَصَ، وهو الذي أَسَرَ حاجبَ بن زُرارة يَوْمَ جَبَلَة. والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ: لَقَبُ رجلٍ من فُرْسانِ العَرَب. وفي حديث
عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذي الرَّقِـيبة وهو، بفتح الراءِ وكسرِ
القافِ، جَبَل بخَيْبَر.
سهم: السَّهْمُ: واحد السِّهام. والسَّهْمُ: النصيب. المحكم: السَّهْم
الحظُّ، والجمع سُهْمان وسُهْمة؛ الأَخيرة كأُخْوة. وفي هذا الأَمر سُهْمة
أَي نصيب وحظّ من أَثَر كان لي فيه. وفي الحديث: كان للنبي، صلى الله
عليه وسلم، سَهْم من الغنِيمة شَهِد أَو غاب؛ السَّهْم في الأَصل: واحد
السِّهام التي يُضْرَب بها في المَيْسِر وهي القِداح ثم سُمِّيَ به ما يفوز
به الفالِجُ سَهْمُهُ، ثم كثر حتى سمي كل نصيب سَهْماً، وتجمع على
أَسْهُمٍ وسِهام وسُهمان، ومنه الحديث: ما أَدري ما السُّهْمانُ. وفي حديث عمر:
فلقد رأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانها، وحديث بُرَيْدَةَ: خرج سَهْمُك
أَي بالفَلْجِ والظَّفَرِ. والسَّهْم: القِدْح الذي يُقارَع به، والجمع
سِهام. واسْتَهَمَ الرجلان: تقارعا. وساهَمَ القومَ فسهَمَهُمْ سَهْماً:
قارعهم فَقَرَعَهُمْ. وساهَمْتُهُ أَي قارعته فَسَهَمْتُهُ أَسْهَمُه ،
بالفتح، وأَسْهَمَ بينهم أَي أَقْرَعَ. واسْتَهَمُوا أَي اقترعوا.
وتَساهَمُوا أَي تقارعوا. وفي التنزيل: فساهَمَ فكان من المُدْحَضِين؛ يقول: قارَعَ
أَهْلَ السفينة فَقُرِعَ. وقال النبي، صلى الله عليه وسلم، لرجلين
احْتَكما إِليه في مواريث قد دَرَسَت: اذهبا فَتَوخَّيا، ثم اسْتَهِما، ثم
ليأْخذ كلُّ واحد منكما ما تخرجه القسمةُ بالقُرْعةِ، ثم لِيُحْلِلْ كلُّ
واحد منكما صاحبَه فيما أَخَذ وهو لا يَسْتَيْقِنُ أَنه حقه؛ قال ابن
الأَثير: قوله اذهَبا فتَوَخَّيا ثم اسْتَهِما أَي اقْتَرِعا يعني ليظهر
سَهْمُ كلِّ واحدٍ منكما. وفي حديث ابن عمر: وقع في سَهْمِي جاريةٌ، يعني من
المَغْنَم. والسُّهْمَةُ: النصيب. والسَّهْمُ: واحد النَّبْلِ، وهو
مَرْكَبُ النَّصْلِ، والجمع أَسْهُمٌ وسِهامٌ. قال ابن شميل: السَّهْمُ نفس
النَّصْل، وقال: لو التَقَطْت نَصْلاً لقلت ما هذا السَّهْمُ معك، ولو
التقطت قِدْحاً لم تقل ما هذا السَّهْمُ معك، والنَّصْلُ السَّهْم العريض
الطويل يكون قريباً من فِتْرٍ والمِشْقَص على النصف من النَّصْل، ولا خير
فيه، يَلْعَبُ به الوِلْدانُ، وهو شر النَّبْلِ وأَحرضه؛ قال: والسَّهْمُ
ذو الغِرارَيْنِ والعَيْرِ، قال: والقُطْبَةُ لا تُعَدُّ سَهْماً،
والمِرِّيخُ الذي على رأْسه العظيمة يرمي بها أَهل البصرة بين الهَدَفَيْنِ،
والنَّضِيُّ متن القِدْح ما بين الفُوق والنَّصْل. والمُسَهَّمُ: البُرْدُ
المخطط؛ قال ابن بري: ومنه قول أَوْسٍ:
فإِنا رأَينا العِرْضَ أَحْوَجَ، ساعةً،
إِلى الصَّوْنِ، من رَيْطٍ يَمانٍ مُسَهَّمِ
وفي حديث جابر: أَنه كان يصلي في بُرْدٍ مُسَهَّمٍ أَي مُخَطَّطٍ فيه
وَشْيٌ كالسِّهامِ. وبُرْدٌ مُسَهَّمٌ: مخطط بصور على شكل السِّهام؛ وقال
اللحياني: إِنما ذلك لوَشْيٍ فيه؛ قال ذو الرُّمَّةِ يصف داراً:
كأَنَّها بعد أَحْوالٍ مَضَيْنَ لها،
بالأَشْيَمَيْنِ، يَمانٍ فيه تَسْهِيمُ
والسَّهْمُ: القِدْحُ الذي يُقارَعُ به. والسَّهْمُ: مقدار ست أَذرع في
معاملات الناس ومِساحاتِهم. والسَّهْمُ: حجر يجعل على باب البيت الذي
يبنى للأَسد ليُصاد فيه، فإِذا دخله وقع الحجر على الباب فسدَّه.
والسُّهْمَةُ، بالضم: القرابة؛ قال عَبِيدٌ:
قد يُوصَلُ النازِحُ النَّائي، وقد
يُقْطَعُ ذو السُّهْمَةِ القريبُ
وقال:
بَنى يَثْرَبيٍّ، حَصِّنوا أَيْنُقاتِكُم
وأَفْراسَكُمْ من ضَرْبِ أَحْمَرَ مُسْهَمِ
ولا أُلْفِيَنْ ذا الشَّفِّ يَطْلُبُ شِفَّهُ،
يُداوِيهِ منْكُمْ بالأَدِيم المُسَلَّمِ
أَراد بقوله أَيْنُقاتِكُمْ وأَفْراسكم نساءهم؛ يقول: لا تُنْكِحُوهُنّ
غير الأَكفاء، وقوله من ضَرْب أَحْمر مُسْهَمِ يعني سِفاد رجل من العجم،
وقوله بالأَديم المُسَلَّمِ أَي يَتَصَحَّحُ بكم. والسُّهام والسَّهامُ:
الضُّمْرُ وتَغَيُّر اللون وذُبولُ الشَّفَتين. سَهَمَ، بالفتح، يَسْهَمُ
سُهاماً وسُهوماً وسَهُمَ أَيضاً، بالضم، يَسْهُمُ سُهوماً فيهما
وسُهِمَ يُسْهَمُ، فهو مَسْهومٌ إِذا ضَمُرَ: قال العجَّاجُ:
فهي كرِعْدِيدِ الكَثِيبِ الأَهْيَمِ
ولم يَلُحْها حَزَنٌ على ابْنِمِ
ولا أَبٍ ولا أَخٍ فتَسْهُمِ
وفي الحديث: دخل عليَّ ساهِمَ الوَجْهِ أَي مُتَغَيِّره. يقال: سَهَمَ
لونُهُ يَسْهَمُ إِذا تَغير عن حالهِ لعارض. وفي حديث أُم سلمة: يا رسول
الله، ما لي أَراك ساهِمَ الوَجْهِ؟ وحديث ابن عباس في ذكر الخوارج:
مُسَهَّمةٌ وُجُوهُهُمْ؛ وقول عَنْترَة:
والخَيْلُ ساهِمَةُ الوُجُوهِ، كأَنَّما
يُسْقى فَوارِسُها نَقِيعَ الحَنْظَلِ
فسره ثعلب فقال: إِنما أَراد أَن أَصحاب الخيل تغيرت أَلوانُهم مما بهم
من الشدّة، أَلا تراه قال يُسْقَى فَوارِسُها نَقيعَ الحَنْظَلِ؟ فلو كان
السُّهام للخيل أَنْفُسِها لقال كأَنَّما تُسْقَى نَقيعَ الحَنْظَلِ.
وفرس ساهِمُ الوَجْه: محمول على كريهة الجَرْي، وقد سُهِمَ، وأَنشد بيت
عنترة: والخيل ساهِمَةُ الوجوهِ؛ وكذا الرجل إِذا حُمِلُ على كرِيهةٍ في
الحرب وقد سُهِمَ. وفرس مُسْهَمٌ إِذا كان هجيناً يُعْطَى دون سَهْمِ
العَتِيقِ من الغنيمة.
والسُّهومُ: العُبوس عُبوسُ الوجهِ من الهمِّ؛ قال:
إِن أَكُنْ مُوثَقاً لكِسرَى، أَسيراً
في هُمومٍ وكُرْبَةٍ وسُهومِ
رَهْنَ قَيْدٍ، فما وَجَدْتُ بلاءً
كإِسارِ الكريم عند اللَّئيمِ
والسُّهامُ: داء يأْخذ الإِبل؛ يقال: بعير مَسْهومٌ وبه سُهامٌ، وإِبل
مُسَهَّمَةٌ؛ قال أَبو نُخَيْلَةَ:
ولم يَقِظْ في النَّعَمِ المُسَّهَمِ
والسَّهام: وَهَجُ الصَّيْفِ وغَبَراتُهُ؛ قال ذو الرمة:
كأَنَّا على أَولاد أَحْقَبَ لاحَها،
ورَمْيُ السَّفَا أَنْفاسَها بسَهامِ
وسُهِمَ الرجلُ أَي أَصابه السَّهامُ. والسَّهامُ: لُعاب الشيطان؛ قال
بِشْرُ بن أَبي خازِمٍ:
وأَرْض تَعْزِفُ الجِنَّانُ فِيها،
فيافِيها يَطِيرُ بها السِّهامُ
ابن الأَعرابي: السُّهُمُ غَزْلُ عَيْنِ الشمس، والسُّهُمُ: الحرارة
الغالبةُ. والسَّهامُ، بالفتح: حَرُّ السَّمُومِ. وقد سُهِمَ الرجلُ، على ما
لم يُسَمَّ فاعلُه، إِذا أَصابته السَّمُومُ. والسَّهامُ: الريح
الحارَّة، واحدها وجمعها سواء؛ قال لبيد:
ورَمَى دَوابِرَها السَّفَا، وتَهَيَّجَتْ
رِيحُ المَصايِفِ سَوْمُها وسَهامُها
والسَّهُومُ: العُقابُ. وأَسْهَمَ الرجلُ، فهو مُسْهَمٌ، نادر، إِذا كثر
كلامه كأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ، والميم بدل من الباء. والسُّهُمُ
والشُّهُمُ، بالسين والشين: الرجال العقلاء الحُكماءُ العُمَّالُ. ورجل مُسْهَمُ
العقلِ والجسمِ: كمُسْهَبٍ، وحكى يعقوب أَن ميمه بدل، وحكى اللحياني:
رجل مُسْهَمُ العقلِ كمُسْهَبٍ، قال: وهو على البدل أَيضاً، وكذلك مُسْهَمُ
الجسمِ إِذا ذهب جسمُه في الحُبِّ.
والساهِمَةُ: الناقة الضامرةُ؛ قال ذو الرُّمَّة:
أَخا تَنائِفَ أَغْفَى عند ساهِمَةٍ
بأَخْلَقِ الدفِّ، في تَصديره جُلَبُ
يقول: زار الخَيالُ أَخا تَنائِفَ نام عند ناقة ضامرة مهزولة بجنبها
قُروحٌ من آثار الحِبال، والأَخْلَقُ: الأَملس. وإِبل سَواهِمُ إِذا غيرها
السفر.
وسَهْمُ البيتِ: جائِزُهُ. وسَهْمٌ: قبيلة في قريش. وسَهْمٌ أَيضاً: في
باهِلَة. وسَهْمٌ وسُهَيمٌ: اسمان. وسَهامٌ: موضع؛ قال أُميَّةُ بن أَبي
عائِذٍ:
تَصَيَّفْتُ نَعْمانَ، واصَّيَفَتْ
جُنُوبَ سَهامٍ إِلى سُرْدَدِ
ثقف: ثَقِفَ الشيءَ ثَقْفاً وثِقافاً وثُقُوفةً: حَذَقَه. ورجل ثَقْفٌ
(* قوله «رجل ثقف» كضخم كما في الصحاح، وضبط في القاموس بالكسر كحبر.)
وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهِم، وأَتبعوه فقالوا ثَقْفٌ لَقْفٌ. وقال أَبو
زيادٍ: رجل ثَقْفٌ لَقفٌ رامٍ راوٍ. اللحياني: رجل ثَقْفٌ لَقْفٌ وثَقِفٌ
لَقِفٌ وثَقِيفٌ لَقِيف بَيِّنُ الثَّقافةِ واللَّقافة. ابن السكيت: رجل
ثَقْفٌ لَقْفٌ إذا كان ضابِطاً لما يَحْوِيه قائماً به. ويقال: ثَقِفَ
الشيءَ وهو سُرعةُ التعلم. ابن دريد: ثَقِفْتُ الشيءَ حَذَقْتُه،
وثَقِفْتُه إذا ظَفِرْتَ به. قال اللّه تعالى: فإِمَّا تَثْقَفَنَّهم في الحرب.
وثَقُفَ الرجلُ ثَقافةً أي صار حاذِقاً خفيفاً مثل ضَخُم، فهو ضَخْمٌ، ومنه
الـمُثاقَفةُ. وثَقِفَ أَيضاً ثَقَفاً مثل تَعِبَ تَعَباً أَي صار
حاذِقاً فَطِناً، فهو ثَقِفٌ وثَقُفٌ مثل حَذِرٍ وحَذُرٍ ونَدِسٍ ونَدُسٍ؛ ففي
حديث الهِجْرةِ: وهو غلام لَقِنٌ ثَقِفٌ أَي ذو فِطْنةٍ وذَكاء، والمراد
أَنه ثابت المعرفة بما يُحتاجُ إليه. وفي حديث أُم حَكِيم بنت عبد
المطلب: إني حَصانٌ فما أُكَلَّم، وثَقافٌ فما أُعَلَّم.
وثَقُفَ الخَلُّ ثَقافةً وثَقِفَ، فهو ثَقِيفٌ وثِقِّيفٌ، بالتشديد،
الأَخيرة على النسب: حَذَقَ وحَمُضَ جِدًّا مثل بَصَلٍ حِرِّيفِ، قال: وليس
بحَسَنٍ. وثَقِف الرجلَ: ظَفِرَ به. وثَقِفْتُه ثَقْفاً مِثالُ بلِعْتُه
بَلْعاً أَي صادَفْتُه؛ وقال:
فإمّا تَثْقَفُوني فاقْتُلُوني،
فإن أَثْقَفْ فَسَوْفَ تَرَوْنَ بالي
وثَقِفْنا فلاناً في موضع كذا أَي أَخَذْناه، ومصدره الثِّقْفُ. وفي
التنزيل العزيز: واقْتُلوهم حيثُ ثَقِفْتُموهم.
والثَّقاف والثِّقافةُ: العمل بالسيف؛ قال:
وكأَنَّ لَمْعَ بُرُوقِها،
في الجَوِّ، أَسْيافُ الـمُثاقِفْ
وفي الحديث: إذا مَلَكَ اثْنا عَشَرَ من بني عمرو ابن كعب كان الثَّقَف
(* قوله «كان الثقف» ضبط في الأصل بفتح القاف وفي النهاية بكسرها.)
والثِّقافُ إلى أَن تقوم الساعة، يعني الخِصامَ والجِلادَ. والثِّقافُ: حديدة
تكون مع القَوَّاسِ والرَّمّاحِ يُقَوِّمُ بها الشيءَ الـمُعْوَجَّ. وقال
أَبو حنيفة: الثِّقافُ خشبة قَوية قدر الذِّراع في طرَفها خَرق يتسع
للقَوْسِ وتُدْخَلُ فيه على شُحُوبتها ويُغْمَزُ منها حيث يُبْتَغَى أَن
يُغْمَزَ حتى تصير إلى ما يراد منها، ولا يُفعل ذلك بالقِسِيّ ولا بالرماح
إلا مَد هُونةً مـمْلُولةً أَو مَضْهوبةً على النار مُلوّحة، والعَدَدُ
أَثْقِفةٌ، والجمع ثُقُفٌ، والثِّقافُ: ما تُسَوَّى به الرِّماحُ؛ ومنه قول
عمرو:
إذا عَضَّ الثِّقافُ با اشْمَأَزَّتْ،
تَشُجُّ قَفا الـمُثَقِّفِ والجَبِينا
وتَثْقِيفُها: تَسْوِيَتُها. وفي المثل: دَرْدَبَ لـمَّا عَضَّه
الثِّقافُ؛ قال: الثِّقاف خشبة تسوَّى بها الرماح. وفي حديث عائشة تَصِفُ
أَباها، رضي اللّه عنهما: وأَقامَ أَوَدَه بِثِقافِه؛ الثِّقافُ ما تُقَوَّمُ
به الرِّماحُ، تريد أَنه سَوَّى عَوَج المسلمين.
وثَقِيفٌ: حَيٌّ من قَيْس، وقيل أَبو حَيٍّ من هَوازِنَ، واسمه قَسِيٌّ،
قال: وقد يكون ثقيف اسماً للقبيلة، والأَول أَكثر. قال سيبويه: أَما
قولهم هذه ثَقِيف فعلى إرادة الجماعة، وإنما قال ذلك لغلبة التذكير عليه،
وهو مـما لا يقال فيه من بني فلان، وكذلك كل ما لا يقال من بني فلان
التذكير فيه أَغلب كما ذكر في مَعَدّ وقُرَيْشٍ، قال سيبويه: النَّسَبُ إلى
ثَقِيف ثَقَفِيٌّ على غير قياس.
حرك: الحَرَكة: ضد السكون، حَرُك يحْرُك حَرَكةً وحَرْكاً وحَرَّكه
فتَحَرَّك، قال الأَزهري: وكذلك يَتَحَرَّك، وتقول: قد أَعيا فما به حَرََاك،
قال ابن سيده: وما به حَرَاك أَي حَرَكة؛ وفلان ميمون العَرِيكةِ
والحَرِيكة.
والمِحْراكُ: الخشبة التي تُحَرَّك بها النار.
الأَزهري: وتقول حَرَكْتُ مَحْرَكَه بالسيف حَرْكاً. والمَحْركُ: منتهى
العُنق عند المفصل من الرأْس. والمَحْرَكُ: مَقْطع العنق.
والحارِكُ: أَعلى الكاهل، وقيل فَرْع الكاهل، وقيل الحارِكُ منبت أَدنى
العُرْف إِلى الظهر الذي يأْخذ به الفارس إِذا ركب، وقيل الحارِكُ عظم
مشرف من جانبي الكاهل اكتنفه فَرْعا الكتفين؛ قال لبيد:
مُغْبِطُ الحارِكِ مَحْبوكُ الكَفَلْ
قال الجوهري: الحارِكُ من الفرس فروع الكتفين وهو أَيضاً الكاهل. أَبو
زيد: حَركه بالسيف حَرْكاً إِذا ضرب عنقه، قال: والمَحْرَكُ أَصل العنق من
أَعلاها، قال: ويقال للحارِكِ مَحْرَك، بفتح الراء، وهو مَفْصِلُ ما بين
الكاهل والعُنق ثم الكاهل، وهو بين المَحْرَك والمَلْحاءِ، والظهر ما
بين المَحْرَك للذنب، قال الأَزهري: وهو قول أَبي عبيد، وقال الفراء:
حَرَكْتُ حارِكَهُ قطعته فهو مَحْرُوك. والحُرْكُوك: الكاهل. ابن الأَعرابي:
حَرَك إِذا منع من الحق الذي عليه، وحَرِكَ إِذا عُنَّ عن النساء. وروي عن
أَبي هريرة أَنه قال: آمنت بمُحَرِّف القلوب، ورواه بعضهم: آمنت
بمُحَرِّك القلوب؛ قال الفراء: المحرِّف المزيل، والمحرِّك المقلب؛ وقال أَبو
العباس: المحرِّك أَجود لأَن السنة تؤَيده يا مُقَلِّب القلوب.
والحَرْكَكَةُ: الحُرْقُوف، والجمع حَرَاكِيك، وكل ذلك اسم كالكاهل والغارب، وهذا
الجمع نادر، وقد يجوز أَن يكون كراهية التضعيف كما حكى سيبويه قَرادِيد في
جمع قَرْدَدٍ، لأَن هذا لا يدغم لمكان الإِلحاق. وحَرَكه يَحْرُكه
حَرْكاً: أَصاب منه أَيَّ ذلك كان. وحَرَك حَرْكاً: شكا أَيّ ذلك كان.
وحَرَكهُ: أَصاب وسطه غير مشتق. ورجل حَرِيك: ضعيف الحَرَاكِيكِ، الحَرِيكُ الذي
يضعف خَصْرُه إِذا مشى كأَنه ينقلع عن الأَرض، والأُنثى حَرِيكة.
والحَرِيك: العِنِّين. قال ابن سيده: والحَرِيك في بعض اللغات العِنِّين. وغلام
حَرِكٌ أَي خفيف ذَكِيٌّ. والحَرْكَكَةُ: الحَرْقَفة، والجمع
الحَرَاكِكُ والحَرَاكِيك، وهي رؤُوس الوركين، ويقال أَطراف الوركين مما يلي الأرض
إِذا قعدت.
قنن: القِنُّ: العبد للتَّعْبيدَةِ. وقال ابن سيده: العبد القِنُّ الذي
مُلِكَ هو وأَبواه، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، هذا الأَعراف، وقد حكي
في جمعه أَقْنانٌ وأَقِنَّة؛ الأَخيرة نادرة؛ قال جرير:
إِنَّ سَلِيطاً في الخَسارِ إِنَّهْ
أَبْناءُ قَوْمٍ خُلِقُوا أَقِنَّهْ
والأُنثى قِنٌّ، بغير هاء. وقال اللحياني: العبد القِنُّ الذي وُلِدَ
عندك ولا يستطيع أَن يخرج عنك. وحكي عن الأَصمعي: لسْنا بعَبيدِ قِنٍّ
ولكنا عبيدُ مَمْلُِكة، مضافان جميعاً. وفي حديث عمرو بن الأَشْعَثِ: لم نَكن
عبيدَ قِنٍّ إِنما كنا عبيدَ مَمْلكة. يقال: عبدٌ قِنٌّ وعَبْدانِ قِنٌّ
وعبيدٌ قِنٌّ. وقال أَبو طالب: قولهم عبدٌ قِنٌّ، قال الأَصمعي: القِنُّ
الذي كان أَبوه مملوكاً لمواليه، فإِذا لم يكن كذلك فهو عبدُ مَمْلَكةٍ،
وكأَنَّ القِنَّ مأْخوذٌ من القِنْيَة، وهي المِلْكُ؛ قال الأَزهري:
ومثله الضِّحُّ وهو نور الشمس المُشْرِقُ على وجه الأَرض، وأَصله ضِحْيٌ،
يقال: ضَحِيتُ للشمس إِذا بَرَزْتَ لها. قال ثعلب: عبدٌ قِنٌّ مُلِكَ هو
وأَبواه، من القُنَانِ وهو الكُمُّ، يقول: كأَنه في كُمِّه هو وأَبواه،
وقيل: هو من القِنْيَة إِلاَّ أَنه يبدل. ابن الأَعرابي: عبدٌ قِنٌّ خالِصُ
العُبودة، وقِنٌّ بَيِّنُ القُنُونةِ والقَنَانةِ وقِنٌّ وقِنَّانِ
وأَقنانٌ، وغيرُه لا يثنيه ولا يجمعه ولا يؤنثه. واقْتَنَنَّا قِنّاً:
اتخذناه. واقْتَنَّ قِنّاً: اتخذه؛ عن اللحياني، وقال: إِنه لقِنٌّ بَيِّنُ
القَنانة أَو القِنانة. والقِنَّةُ: القُوَّةُ من قُوَى الحَبْلِ، وخَصَّ
بعضهم به القُوَّة من قُوَى حَبْلِ اللِّيفِ؛ قال الأَصمعي: وأَنشدنا أَبو
القَعْقاعِ اليَشْكُري:
يَصْفَحُ للقِنِّةِ وَجْهاً جأْبَا،
صَفحَ ذِراعَيْه لعَظْمٍ كَلْبا
وجمعها قِنَنٌ، وأَنشده ابن بري مستشهداً به على القِنَّةِ ضربٍ من
الأَدْوية، قال: وقوله كلباً ينتصِبُ على التمييز كقوله عز وجل: كَبُرَتْ
كلمةً؛ قال: ويجوز أَن يكون من المقلوب. والقُنَّة: الجبل الصغير، وقيل:
الجبل السَّهْلُ المستوي المنبسط على الأَرض، وقيل: هو الجبل المنفرد
المستطيل في السماء، ولا تكون القُنَّة إِلا سَوْداء. وقُنَّةُ كلِّ شيءٍ:
أَعلاه مثلُ القُلَّة؛ وقال:
أَما ودِماءٍ مائراتٍ تَخالُها،
على قُنَّةِ العُزَّى وبالنَّسْرِ، عَنْدَما
وقُنَّةُ الجبل وقُلَّتُه: أَعلاه، والجمع القُنَنُ والقُلَلُ، وقيل:
الجمع قُنَنٌ وقِنانٌ وقُنَّاتٌ وقُنُونٌ؛ وأَنشد ثعلب:
وهَمَّ رَعْنُ الآلِ أَن يكونا
بَحْراً يَكُبُّ الحوتَ والسَّفِينا
تَخالُ فيه القُنَّةَ القُنُونا،
إِذا جَرَى، نُوتِيَّةً زَفُونا،
أَو قِرْمِلِيّاً هابِعاً ذَقُونا
قال: ونظير قولهم قُنَّة وقُنُون بَدْرَة وبُدُورٌ ومَأْنة ومُؤُون،
إِلا أَن قاف قُنَّة مضمومة؛ وأَنشد ابن بري لذي الرُّمة في جمعه على
قِنانٍ:كأَنَّنا، والقِنانَ القُودَ يَحْمِلُنا،
مَوْجُ الفُراتِ، إِذا الْتَجَّ الدَّيامِيمُ،
والاقْتِنانُ: الانتصاب. يقال: اقْتَنَّ الوَعِلُ إِذا انتصب على
القُنَّة؛ أَنشد الأَصمعي لأَبي الأَخْزَرِ الحِمّانيِّ:
لا تَحْسَبي عَضَّ النُّسُوعِ الأُزَّمِ،
والرَّحْلَ يَقْتَنُّ اقْتِنانَ الأَعْصَمِ،
سَوْفَكِ أَطرافَ النَّصِيِّ الأَنْعَمِ
وأَنشده أَبو عبيد: والرَّحْلُ، بالرفع؛ قال ابن سيده: وهو خطأٌ إِلا
أَن يريد الحال؛ وقال يَزِيدُ بن الأَعْور الشَّنِّيّ:
كالصَّدَعِ الأَعْصمِ لما اقْتَنَّا
واقْتِنانُ الرَّحْلِ: لُزومُه ظهرَ البعير. والمُسْتَقِنُّ الذي يقيم
في الإِبل يشرب أَلبانَها؛ قال الأَعْلَمُ الهُذَلِيّ:
فَشايعْ وَسْطَ ذَوْدِكَ مُسْتَقِنّاً،
لتُحْسَب سَيِّداً ضَبُعاً تَنُولُ
الأَزهري: مُسْتَقِنّاً من القِنِّ، وهو الذي يقيم مع غنمه يشرب من
أَلبانها ويكون معها حيث ذهبت؛ وقال: معنى قوله مُسْتَقِنّاً ضَبُعاً تَنُولُ
أَي مُسْتَخْدِماً امرأَة كأَنها ضَبُع، ويروى: مُقْتَئِنّاً
ومُقْبَئِنّاً، فأَما المُقْتَئِنٌّ فالمُنْتَصِب والهمزة زائدة ونظيره كَبَنَ
واكْبَأَنَّ، وأَما المُقْبَئِنّ فالمنتصب أَيضاً، وهو بناء عزيز لم يذكره
صاحب الكتاب ولا اسْتُدْرِكَ عليه، وإِن كان قد استُدْرِكَ عليه أَخوه وهو
المُهْوَئِنُّ. والمُقْتَنُّ: المُنْتَصِبُ أَيضاً. الأَصمعي: اقْتنَّ
الشيءُ يَقْتَنُّ اقْتِناناً إِذا انتصب. والقِنِّينَةُ: وِعاءٌ يتخذ من
خَيْزُرانٍ أَو قُضْبانٍ قد فُصِلَ داخلُه بحَواجِزِ بين مواضع الآنية على
صِيغَةِ القَشْوة. والقِنِّينَةُ، بالكسر والتشديد، من الزجاج: الذي
يُجْعَل الشَّرابُ فيه. وفي التهذيب: والقِنِّينةُ من الزجاج معروفة ولم يذكر
في الصحاح من الزُّجاج، والجمع قِنَانٌ، نادر.
والقِنِّينُ: طُنْبُور الحَبَشة؛ عن الزجاجي: وفي الحديث: إِن الله
حرَّم الخَمْرَ والكُوبةَ والقِنِّينَ؛ قال ابن قُتَيْبة: القِنِّينُ لُعْبة
للروم يَتَقامَرون بها. قال الأَزهري: ويروى عن ابن الأَعرابي قال:
التقْنِين الضَّرْبُ بالقِنِّينِ، وهو الطُّنْبورِ بالحَبَشِيَّة، والكُوبة
الطَّبْل، ويقال النَّرْدُ؛ قال الأَزهري: وهذا هو الصحيح. وورد في حديث
علي، عليه السلام: نُهِينا عن الكُوبة والغُبَيْراء والقِنِّين؛ قال ابن
الأَعرابي: الكوبة الطبل، والغبيراء خمرة تعمل من الغُبيراء، والقِنِّينُ
طُنْبور الحبشة.
وقانون كل شيء: طريقُه ومقياسه. قال ابن سيده: وأُراها دَخِيلَةً.
وقُنَانُ القميص وكُنُّه وقُنُّه: كُمُّه. والقُنانُ: ريح الإِبِطِ
عامةً، وقيل: هو أَشدّ ما يكون منه؛ قال الأَزهري: هو الصُّنَانُ عند الناس
ولا أَعْرِفُ القُنانَ.
وقَنَانُ: اسم مَلِكٍ كان يأْخذ كلَّ سفينة غَصْباً. وأَشرافُ اليَمن:
بنو جُلُنْدَى بنِ قَنان. والقَنَانُ: اسم جبل بعينه لبني أَسد؛ قال
الشاعر زهير:
جَعَلْنا القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَهُ،
وكم بالقَنانِ مِن مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
وقيل: هو جبل ولم يخصص؛ قال الأَزهري: وقَنانُ جبل بأَعلى نجد
(* قوله
«بأعلى نجد» الذي في التهذيب: بعالية نجد). وبنو قَنانٍ: بطن من بَلْحرث
ابن كعب. وبنو قُنَيْن: بطن من بني ثَعْلَب؛ حكاه ابن الأَعرابي؛
وأَنشد:جَهِلْتُ من دَيْنِ بَني قُنَيْنِ،
ومن حِسابٍ بينهم وبَيْني
وأَنشد أَيضاً:
كأَنْ لم تُبَرَّكْ بالقُنَيْنيِّ نِيبُها،
ولم يُرْتَكَبْ منها لرَمْكاءَ حافِلُ
وابن قَنانٍ: رجل من الأَعراب.
والقِنْقِنُ والقُناقِنُ، بالضم: البصير بالماء تحت الأَرض، وهو الدليل
الهادي والبَصيرُ بالماء في حَفْرِ القُنِيِّ، والجمع القَناقِنُ،
بالفتح. قال ابن الأَعرابي: القُناقِنُ البصير بجرّ المياه واستخراجها، وجمعها
قَناقِنُ؛ قال الطرماح:
يُخافِتْنَ بعضَ المَضْغِ من خَشْيةِ الرَّدَى،
ويُنْصِتْنَ للسَّمْعِ انْتِصاتَ القَناقِن
قال ابن بري: القِنْقِنُ والقُناقِنُ المُهَنْدِسُ الذي يعرف الماء تحت
الأَرض، قال: وأَصلها بالفارسية، وهو معرّب مشتق من الحَفْر من قولهم
بالفارسية كِنْ كِنْ
(* قوله «من قولهم بالفارسية كن كن إلخ» كذا بالأصل،
والذي في المحكم: بكن أي احفر اهـ. وضبطت بكن فيه بكسر الموحدة وفتح
الكاف). أَي احْفِرْ احْفِرْ. وسئل ابن عباس: لم تَفَقَّدَ سُلَيْمانُ
الهُدْهُدَ من بَيْنِ الطَّيْرِ؟ قال: لأَنه كان قُناقِناً، يعرف مواضع الماء تحت
الأَرض؛ وقيل: القُناقِنُ الذي يَسْمَعُ فيعرف مقدارَ الماء في البئر
قريباً أَو بعيداً. والقِنْقِنُ: ضرب من صَدَف البحر
(* قوله «ضرب من صدف
البحر» عبارة التكملة ابن دريد: القنقنة، بالكسر، ضرب من دواب البحر شبيه
بالصدف). والقِنَّة: ضرب من الأَدْوِيَةِ، وبالفارسية يرزَذ.
والقِنْقِنُ: ضَرْبٌ من الجرْذانِ.
والقَوانِينُ: الأُصُول، الواحد قانُونٌ، وليس بعربي.
والقُنَّةُ: نحو من القارَة، وجمعها قِنانٌ؛ قال ابن شميل: القُنَّة
الأَكَمَةُ المُلَمْلَمَةُ الرأْسِ، وهي القارة لا تُنْبِتُ شيئاً.
دبر: الدُّبُرُ والدُّبْرُ: نقيض القُبُل. ودُبُرُ كل شيء: عَقِبُه
ومُؤخَّرُه؛ وجمعهما أَدْبارٌ. ودُبُرُ كلِّ شيء: خلاف قُبُلِه في كل شيء ما
خلا قولهم
(* قوله: «ما خلا قولهم جعل فلان إلخ» ظاهره أن دبر في قولهم
ذلك بضم الدال والباء، وضبط في القاموس ونسخة من الصحاح بفتح الدال وسكون
الموحدة). جعل فلان قولك دبر أُذنه أَي خلف أُذنه. الجوهري: الدُّبْرُ
والدُّبُرُ خلاف القُبُل، ودُبُرُ الشهر: آخره، على المثل؛ يقال: جئتك
دُبُرَ الشهر وفي دُبُرِه وعلى دُبُرِه، والجمع من كل ذلك أَدبار؛ يقال: جئتك
أَدْبار الشهر وفي أَدْباره. والأَدْبار لذوات الحوافر والظِّلْفِ
والمِخْلَبِ: ما يَجْمَعُ الاسْتَ والحَياءَ، وخص بعضهم به ذوات الخُفِّ،
والحياءُ من كل ذلك وحده دُبُرٌ. ودُبُرُ البيت: مؤخره وزاويته.
وإِدبارُ النجوم: تواليها، وأَدبارُها: أَخذها إِلى الغَرْبِ للغُرُوب
آخر الليل؛ هذه حكاية أَهل اللغة؛ قال ابن سيده: ولا أَدري كيف هذا لأَن
الأَدْبارَ لا يكون الأَخْذَ إِذ الأَخذ مصدر، والأَدْبارُ أَسماء.
وأَدبار السجود وإِدباره. أَواخر الصلوات، وقد قرئ: وأَدبار وإِدبار، فمن قرأَ
وأَدبار فمن باب خلف ووراء، ومن قرأَ وإِدبار فمن باب خفوق النجم. قال
ثعلب في قوله تعالى: وإِدبار النجوم وأَدبار السجود؛ قال الكسائي: إِدبار
النجوم أَن لها دُبُراً واحداً في وقت السحَر، وأَدبار السجود لأَن مع كل
سجدة إدباراً؛ التهذيب: من قرأَ وأَدبار السجود، بفتح الأَلف، جمع على
دُبُرٍ وأَدبار، وهما الركعتان بعد المغرب، روي ذلك عن علي بن أَبي طالب،
كرّم الله وجهه، قال: وأَما قوله وإِدبار النجوم في سورة الطور فهما
الركعتان قبل الفجر، قال: ويكسران جميعاً وينصبان؛ جائزان.
ودَبَرَهُ يَدْبُرُه دُبُوراً: تبعه من ورائه.
ودابِرُ الشيء: آخره. الشَّيْبانِيُّ. الدَّابِرَةُ آخر الرمل. وقطع
الله دابِرَهم أَي آخر من بقي منهم. وفي التنزيل: فَقُطِعَ دابِرُ القوم
الذين ظلموا؛ أَي اسْتُؤْصِلَ آخرُهم؛ ودَابِرَةُ الشيء: كَدَابِرِه. وقال
الله تعالى في موضع آخر: وقَضَيْنا إِليه ذلك الأَمْرَ أَن دَابِرَ هؤلاء
مقطوع مُصْبِحِين. قولُهم: قطع الله دابره؛ قال الأَصمعي وغيره: الدابر
الأَصل أَي أَذهب الله أَصله؛ وأَنشد لِوَعْلَةَ:
فِدًى لَكُمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخالَتِي،
غَداةَ الكُلابِ، إِذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ
أَي يقتل القوم فتذهب أُصولهم ولا يبقى لهم أَثر. وقال ابن بُزُرْجٍ:
دَابِرُ الأَمر آخره، وهو على هذا كأَنه يدعو عليه بانقطاع العَقِبِ حتى لا
يبقى أَحد يخلفه. الجوهري: ودُبُرُ الأَمر ودُبْرُه آخره؛ قال الكميت:
أَعَهْدَكَ مِنْ أُولَى الشَّبِيبَةِ تَطْلُبُ
على دُبُرٍ؟ هَيْهَاتَ شأْوٌ مُغَرِّبُ
وفي حديث الدعاء: وابْعَثْ عليهم بأْساً تَقْطَعُ به دابِرَهُمْ؛ أَي
جميعهم حتى لا يبقى منهم أَحد. ودابِرُ القوم: آخِرُ من يبقى منهم ويجيء في
آخرهم. وفي الحديث: أَيُّما مُسْلِمٍ خَلَف غازياً ي دابِرَتِه؛ أَي من
يبقى بعده. وفي حديث عمر: كنت أَرجو أَن يعيش رسولُ الله، صلى الله عليه
وسلم، حتى يَدْبُرَنا أَي يَخْلُفَنا بعد موتنا. يقال: دَبَرْتُ الرجلَ
إِذا بقيت بعده. وعَقِبُ الرجل: دَابِرُه.
والدُّبُرُ والدُّبْرُ: الظهر. وقوله تعالى: سَيُهْزَمُ الجمع
ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ؛ جعله للجماعة، كما قال تعالى: لا يَرْتَدُّ إِليهم
طَرْفُهُمْ؛ قال الفرّاء: كان هذا يومَ بدر وقال الدُّبُرَ فوَحَّدَ ولم يقل
الأَدْبارَ، وكلٌّ جائز صوابٌ، تقول: ضربنا منهم الرؤوس وضربنا منهم الرأْس،
كما تقول: فلان كثير الدينار والدرهم؛ وقال ابن مقبل:
الكاسِرِينَ القَنَا في عَوْرَةِ الدُّبُرِ
ودابِرَةُ الحافر: مُؤَخَّرُه، وقيل: هي التي تلي مُؤَخَّرَ الرُّسْغِ،
وجمعها الدوابر. الجوهري: دَابِرَة الحافر ما حاذى موضع الرسغ، ودابرة
الإِنسان عُرْقُوبه؛ قال وعلة: إِذ تحز الدوابر. ابن الأَعرابي:
الدَّابِرَةُ المَشْؤُومَةُ، والدابرة الهزيمة.
والدَّبْرَةُ، بالإِسكان والتحريك: الهزيمة في القتال، وهو اسم من
الإِدْبار. ويقال: جعل الله عليهم الدَّبْرَةَ، أَي الهزيمة، وجعل لهم
الدَّبْرَةَ على فلان أَي الظَّفَر والنُّصْرَةَ. وقال أَبو جهل لابن مسعود يوم
بدر وهو مُثْبَتٌ جَريح صَرِيعٌ: لِمَنِ الدَّبْرَةُ؟ فقال: لله ولرسوله
يا عدوّ الله؛ قوله لمن الدبرة أَي لمن الدولة والظفر، وتفتح الباء
وتسكن؛ ويقال: عَلَى مَنِ الدَّبْرَةُ أَيضاً أَي الهزيمة.
والدَّابِرَةُ: ضَرْبٌ من الشَّغْزَبِيَّة في الصِّرَاعِ.
والدَّابِرَةُ: صِيصِيَةُ الدِّيك. ابن سيده: دَابِرَةُ الطائر
الأُصْبُعُ التي من وراء رجله وبها يَضْرِبُ البَازِي، وهي للديك أَسفل من
الصِّيصِيَةِ يطأُ بها.
وجاء دَبَرِيّاً أَي أَخِيراً. وفلان لا يصلي الصلاة إِلاَّ دَبَرِيّاً،
بالفتح، أَي في آخر وقتها؛ وفي المحكم: أَي أَخيراً؛ رواه أَبو عبيد عن
الأَصمعي، قال: والمُحَدِّثُون يقولون دُبُرِيّاً، بالضم، أَي في آخر
وقتها؛ وقال أَبو الهيثم: دَبْرِيّاً، بفتح الدال وإِسكان الباء. وفي الحديث
عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة:
رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، رجل اعْتَبَدَ مُحرَّراً، ورجلٌ أَمَّ قوماً
هم له كارهون؛ قال الإِفْرِيقيُّ راوي هذا الحديث: معنى قوله دباراً أَي
بعدما يفوت الوقت. وفي حديث أَبي هريرة: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
قال: «إِن للمنافقين علامات يُعرفون بها: تَحِيَّتُهم لَعْنَةٌ، وطعامهم
نُهْبَةٌ، لا يَقْرَبُون المساجد إِلا هَجْراً، ولا يأْتون الصلاة إِلا
دَبْراً، مستكبرين لا يأْلَفُون ولا يُؤْلَفُونَ، خُشُبٌ بالليل، صُخُبٌ
بالنهار؛ قال ابن الأَعرابي: قوله دباراً في الحديث الأَوَّل جمع دَبْرٍ
ودَبَرٍ، وهو آخر أَوقات الشيء الصلاة وغيرها؛ قال: ومنه الحديث الآخر لا
يأْتي الصلاة إِلا دبْراً، يروى بالضم والفتح، وهو منصوب على الظرف؛ وفي
حديث آخر: لا يأْتي الصلاة إِلا دَبَرِيّاً، بفتح الباء وسكونها، وهو
منسوب إِلى الدَّبْرِ آخر الشيء، وفتح الباء من تغييرات النسب، ونصبه على
الحال من فاعل يأْتي، قال: والعرب تقول العِلم قَبْلِيٌّ وليس
بالدَّبَرِيِّ؛ قال أَبو العباس: معناه أَن العالم المتقن يجيبك سريعاً والمتخلف يقول
لي فيها نظر. ابن سيده: تبعت صاحبي دَبَرِيّاً إِذا كنت معه فتخلفت عنه
ثم تبعته وأَنت تحذر أَن يفوتك.
ودَبَرَهُ يَدْبِرُه ويَدْبُرُه: تَلا دُبُرَه. والدَّابِرُ: التابع.
وجاء يَدْبُرُهم أَي يَتْبَعُهُمْ، وهو من ذلك. وأَدْبَرَ إِدْباراً
ودُبْراً: ولَّى؛ عن كراع. والصحيح أَن الإِدْبارَ المصدر والدُّبْر الاسم.
وأَدْبَرَ أَمْرُ القوم: ولَّى لِفَسادٍ. وقول الله تعالى: ثم ولَّيتم
مدبرين؛ هذا حال مؤكدة لأَنه قد علم أَن مع كل تولية إِدباراً فقال مدبرين
مؤكداً؛ ومثله قول ابن دارة:
أَنا ابْنُ دَارَةَ مَعروفاً لها نسَبي،
وهَلْ بدارَةَ، با لَلنَّاسِ، من عارِ؟
قال ابن سيده: كذا أَنشده ابن جني لها نسبي وقال لها يعني النسبة، قال:
وروايتي له نسبي.
والمَدْبَرَةُ: الإِدْبارُ؛ أَنشد ثعلب:
هذا يُصادِيكَ إِقْبالاً بِمَدْبَرَةٍ؛
وذا يُنادِيكَ إِدْباراً بِإِدْبارِ
ودَبَرَ بالشيء: ذهب به. ودَبَرَ الرجلُ: ولَّى وشَيَّخَ؛ ومنه قوله
تعالى: والليل إِذا دَبَرَ؛ أَي تبع النهارَ قَبْلَه، وقرأَ ابن عباس
ومجاهد: والليل إِذ أَدْبَرَ، وقرأَها كثير من الناس: والليل إِذا دَبَرَ، وقال
الفراء: هما لغتان: دَبَرَ النهار وأَدْبَرَ، ودَبَرَ الصَّيْفُ
وأَدْبَرَ، وكذلك قَبَلَ وأَقْبَلَ، فإِذا قالوا أَقبل الراكب أَو أَدبر لم
يقولوا إِلا بالأَلف، قال: وإِنهما عندي في المعنى لَواحدٌ لا أُبْعِدُ اين
يأْتي في الرجال ما أَتى في الأَزمنة، وقيل: معنى قوله: والليل إِذا
دَبَرَ، جاء بعد النهار، كما تقول خَلَفَ. يقال: دَبَرَنِي فلان وخَلَفَنِي
أَي جاء بعدي، ومن قرأَ: والليل إِذا أَدْبَرَ؛ فمعناه ولَّى ليذهب.
ودَابِرُ العَيْشِ: آخره؛ قال مَعْقِلُ ابنُ خُوَيْلِدٍ الهُذَلِيُّ:
وما عَرَّيْتُ ذا الحَيَّاتِ، إِلاَّ
لأَقْطَعَ دَابِرَ العَيْشِ الحُبَابِ
وذا الحيات: اسم سيفه. ودابر العيش: آخره؛ يقول: ما عريته إِلا لأَقتلك.
ودَبَرَ النهار وأَدْبَرَ: ذهب. وأَمْسِ الدَّابِرُ:
الذاهب؛ وقالوا: مضى أَمْسِ الدَّابِرُ وأَمْسِ الْمُدْبِرُ، وهذا من
التطوّع المُشامِّ للتأْكيد لأَن اليوم إِذا قيل فيه أَمْسِ فمعلوم أَنه
دَبَرَ، لكنه أَكده بقوله الدابر كما بينا؛ قال الشاعر:
وأَبِي الذي تَرَكَ الملوكَ وجَمْعَهُمْ
بِصُهَابَ هامِدَةً، كأَمْسِ الدَّابِرِ
وقال صَخْرُ بن عمرو الثَّرِيد السُّلَمِي:
ولقد قَتَلْتُكُمُ ثُناءَ ومَوْحَداً،
وتَرَكْتُ مُرَّةَ مِثْلَ أَمْسِ الدَّابِرِ
ويروى المُدْبِرِ. قال ابن بري: والصحيح في إِنشاده مثل أَمس المدبر؛
قال: وكذلك أَنشده أَبو عبيدة في مقاتل الفرسان؛ وأَنشد قبله:
ولقد دَفَعْتُ إِلى دُرَيْدٍ طَعْنَةً
نَجْلاءَ تُزْغِلُ مثل عَطِّ المَنْحَرِ
تُزْغِلُ: تُخْرِجُ الدَّمَ قِطَعاً قِطَعاً. والعَطُّ: الشَّقُّ.
والنجلاء: الواسعة. ويقال: هيهات، ذهب فلان كما ذهب أَمْسِ الدابِرُ، وهو
الماضي لا يرجع أَبداً. ورجل خاسِرٌ دابِرٌ إتباع، وسيأْتي خاسِرٌ دابِرٌ،
ويقال خاسِرٌ دامِرٌ، على البدل، وإِن لم يلزم أَن يكون بدلاً.
واسْتَدْبَرَهُ: أَتاه من ورائه؛ وقول الأَعشى يصف الخمر أَنشده أَبو
عبيدة:
تَمَزَّزْتُها غَيْرَ مُسْتَدْبِرٍ،
على الشُّرْبِ، أَو مُنْكِرٍ ما عُلِمْ
قال: قوله غير مستدبر فُسِّرَ غير مستأْثر، وإِنما قيل للمستأْثر مستدبر
لأَنه إِذا استأْثر بشربها استدبر عنهم ولم يستقبلهم لأَنه يشربها دونهم
ويولي عنهم. والدَّابِرُ من القداح: خلاف القَابِلِ، وصاحبه مُدَابِرٌ؛
قال صَخْر الغَيّ الهُذَلِيُّ يصف ماء ورده:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ في جَمِّهِ،
خِيَاضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
المُدابِرُ: المقمور في الميسر، وقيل: هو الذي قُمِرَ مرة بعد
فَيُعَاوِدُ لِيَقْمُرَ؛ وقال الأَصمعي: المدابر المُوَلِّي المُعْرِض عن صاحبه؛
وقال أَبو عبيد: المدابر الذي يضرب بالقداح. ودَابَرْتُ فلاناً: عاديته.
وقولهم: ما يَعْرِفُ قَبيلَهُ من دَبِيرِه، وفلان ما يَدْرِي قَبِيلاً
من دَبِيرٍ؛ المعنى ما يدري شيئاً. وقال الليث: القَبِيلُ فَتْلُ
القُطْنِ، والدَّبِيرُ: فَتْلُ الكَتَّانِ والصُّوف. ويقال: القَبِيلُ ما
وَلِيَكَ والدَّبِيرُ ما خالفك. ابن الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا عَرَفَ
دَبِيره من قَبيله. قال الأَصمعي: القَبيل ما أَقبل من الفاتل إِلى حِقْوِه،
والدَّبِيرُ ما أَدبر به الفاتل إِلى ركبته. وقال المفضل: القبيل فَوْزُ
القِدح في القِمَارِ، والدَّبِيرُ خَيْبَةُ القِدْحِ. وقال الشيباني:
القَبيل طاعة الرب والدَّبير معصيته. الصحاح: الدَّبير ما أَدبرتْ به
المرأَة من غَزْلها حين تَفْتِلُه. قال يعقوب: القَبيلُ ما أَقْبلتَ به إِلى
صدرك، والدَّبير ما أَدبرتَ به عن صدرك. يقال: فلان ما يعرف قَبيلاً من
دَبير، وسنذكر من ذلك أَشياء في ترجمةِ قَبَلَ، إِن شاء الله تعالى.
والدِّبْرَةُ: خِلافُ القِبْلَة؛ يقال: فلان ما له قِبْلَةٌ ولا
دِبْرَةٌ إِذا لم يهتد لجهة أَمره، وليس لهذا الأَمر قِبْلَةٌ ولا دِبْرَةٌ إِذا
لم يعرف وجهه؛ ويقال: قبح الله ما قَبَلَ منه وما دَبَرَ. وأَدْبَرَ
الرجلَ: جعله وراءه. ودَبَرَ السَّهْمُ أَي خرج من الهَدَفِ. وفي المحكم:
دَبَرَ السهمُ الهَدَفَ يَدْبُرُه دَبْراً ودُبُوراً جاوزه وسقط وراءه.
والدَّابِرُ من السهام: الذي يخرج من الهَدَفِ. ابن الأَعرابي: دَبَرَ ردَّ،
ودَبَرَ تأَخر، وأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبَتْ فَتْلَةُ أُذن الناقة إِذا
نُحِرَتْ إِلى ناحية القَفَا، وأَقْبَلَ إِذا صارت هذه الفَتْلَةُ إِلى
ناحية الوجه.
والدَّبَرَانُ: نجم بين الثُّرَيَّا والجَوْزاءِ ويقال له التَّابِعُ
والتُّوَيْبِعُ، وهو من منازل القمر، سُمِّيَ دَبَرَاناً لأَنه يَدْبُرُ
الثريا أَي يَتْبَعُها. ابن سيده: الدَّبَرانُ نجم يَدْبُرُ الثريا، لزمته
الأَلف واللام لأَنهم جعلوه الشيء بعينه. قال سيبويه: فإِن قيل: أَيقال
لكل شيء صار خلف شيء دَبَرانٌ؟ فإِنك قائل له: لا، ولكن هذا بمنزلة العدْل
والعَدِيلِ، وهذا الضرب كثير أَو معتاد. الجوهري: الدَّبَرانُ خمسة
كواكب من الثَّوْرِ يقال إِنه سَنَامُه، وهو من منازل القمر.
وجعلتُ الكلامَ دَبْرَ أُذني وكلامَه دَبْرَ أُذني أَي خَلْفِي لم
أَعْبَأْ به، وتَصَامَمْتُ عنه وأَغضيت عنه ولم أَلتفت إِليه، قال:
يَدَاها كأَوْبِ الماتِحِينَ إِذا مَشَتْ،
ورِجْلٌ تَلَتْ دَبْرَ اليَدَيْنِ طَرُوحُ
وقالوا: إِذا رأَيت الثريا تُدْبِرُ فَشَهْر نَتَاج وشَهْر مَطَر، أَي
إِذا بدأَت للغروب مع المغرب فذلك وقت المطر ووقت نَتاج الإِبل، وإِذا
رأَيت الشِّعْرَى تُقْبِلُ فمَجْدُ فَتًى ومَجْدُ حَمْلٍ، أَي إِذا رأَيت
الشعرى مع المغرب فذلك صَمِيمُ القُرِّ، فلا يصبر على القِرَى وفعل الخير
في ذلك الوقت غير الفتى الكريم الماجد الحرّ، وقوله: ومجد حمل أَي لا يحمل
فيه الثِّقْلَ إِلا الجَمَلُ الشديد لأَن الجمال تُهْزَلُ في ذلك الوقت
وتقل المراعي.
والدَّبُورُ: ريح تأْتي من دُبُرِ الكعبة مما يذهب نحو المشرق، وقيل: هي
التي تأْتي من خلفك إِذا وقفت في القبلة. التهذيب: والدَّبُور بالفتح،
الريح التي تقابل الصَّبَا والقَبُولَ، وهي ريح تَهُبُّ من نحو المغرب،
والصبا تقابلها من ناحية المشرق؛ قال ابن الأَثير: وقول من قال سميت به
لأَنها تأْتي من دُبُرِ الكعبة ليس بشيء. ودَبَرَتِ الريحُ أَي تحوّلت
دَبُوراً؛ وقال ابن الأَعرابي: مَهَبُّ الدَّبُور من مَسْقَطِ النَّسْر الطائر
إِلى مَطْلَعِ سُهَيْلٍ من التذكرة، يكون اسماً وصفة، فمن الصفة قول
الأَعشى:
لها زَجَلٌ كَحَفِيفِ الحَصا
د، صادَفَ باللَّيْلِ رِيحاً دَبُورا
ومن الاسم قوله أَنشده سيبويه لرجل من باهلة:
رِيحُ الدَّبُورِ مع الشَّمَالِ، وتارَةً
رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ
قال: وكونها صفة أَكثر، والجمع دُبُرٌ ودَبائِرُ، وقد دَبَرَتْ تَدْبُرُ
دُبُوراً. ودُبِرَ القومُ، على ما لم يسمَّ فاعله، فهم مَدْبُورُون:
أَصابتهم ريح الدَّبُور؛ وأَدْبَرُوا: دخلوا في الدَّبور، وكذلك سائر
الرياح. وفي الحديث: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: نُصِرْتُ بالصَّبَا
وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبُورِ.
ورجل أُدابِرٌ: للذي يقطع رحمه مثل أُباتِرٍ. وفي حديث أَبي هريرة: إِذا
زَوَّقْتُمْ مَسَاجِدَكُمْ وحَلَّيْتُمْ مَصاحِفَكُمْ فالدَّبارُ عليكم،
بالفتح، أَي الهلاك. ورجل أُدابِرٌ: لا يقبل قول أَحد ولا يَلْوِي على
شيء. قال السيرافي: وحكى سيبويه أُدابِراً في الأَسماء ولم يفسره أَحد على
أَنه اسم، لكنه قد قرنه بأُحامِرٍ وأُجارِدٍ، وهما موضعان، فعسى أَن
يكون أُدابِرٌ موضعاً. قال الأَزهري: ورجل أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحِمَهُ
فيقطعها، ورجل أُخايِلٌ وهو المُخْتالُ.
وأُذن مُدابَرَةٌ: قطعت من خلفها وشقت. وناقة مُدابَرَة: شُقت من قِبَلِ
قَفاها، وقيل: هو أَن يَقْرِضَ منها قَرْضَةً من جانبها مما يلي قفاها،
وكذلك الشاة. وناقة ذات إِقْبالَةٍ وإِدْبارة إِذا شُقَّ مُقَدَّمُ
أُذنها ومُؤَخَّرُها وفُتِلَتْ كأَنها زَنَمَةٌ؛ وذكر الأَزهري ذلك في الشاة
أَيضاً.
والإِدْبارُ: نقيضُ الإِقْبال؛ والاسْتِدْبارُ: خلافُ الاستقبال. ورجل
مُقابَلٌ ومُدابَرٌ: مَحْضٌ من أَبويه كريم الطرفين. وفلان مُسْتَدْبَرُ
المَجْدِ مُسْتَقْبَلٌ أَي كريم أَوَّل مَجْدِهِ وآخِرِه؛ قال الأَصمعي:
وذلك من الإِقْبالة والإِدْبارَة، وهو شق في الأُذن ثم يفتل ذلك، فإِذا
أُقْبِلَ به فهو الإِقْبالَةُ، وإِذا أُدْبِرَ به فهو الإِدْبارة،
والجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ من الأُذن هي الإِقبالة والإِدبارة كأَنها زَنَمَةٌ،
والشاة مُدابَرَةٌ ومُقابَلَةٌ، وقد أَدْبَرْتُها وقابَلْتُها. وناقة ذات
إِقبالة وإِدبارة وناقة مُقابَلَة مُدابَرَةٌ أَي كريمة الطرفين من قِبَل
أَبيها وأُمها.
وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه نهى أَن يُضَحَّى بمقابَلَةٍ
أَو مُدابَرَةٍ؛ قال الأَصمعي: المقابلة أَن يقطع من طرف أُذنها شيء ثم
يترك معلقاً لا يَبِين كأَنه زَنَمَةٌ؛ ويقال لمثل ذلك من الإِبل:
المُزَنَّمُ، ويسمى ذلك المُعَلَّقُ الرَّعْلَ. والمُدابَرَةُ: أَن يفعل ذلك
بمؤخر الأُذن من الشاة؛ قال الأَصمعي: وكذلك إِن بان ذلك من الأُذن فهي
مُقابَلَةٌ ومُدابَرَةٌ بعد أَن كان قطع. والمُدَابَرُ من المنازل: خلافُ
المُقابَلِ. وتَدابَرَ القوم: تَعادَوْا وتَقاطَعُوا، وقيل: لا يكون ذلك
إِلا في بني الأَب. وفي الحديث: قال النبي، صلى الله عليه وسلم: لا
تَدَابَرُوا ولا تَقاطَعُوا؛ قال أَبو عبيد: التَّدَابُرُ المُصارَمَةُ
والهِجْرانُ، مأْخوذ من أَن يُوَلِّيَ الرجلُ صاحِبَه دُبُرَه وقفاه ويُعْرِضَ عنه
بوجهه ويَهْجُرَه؛ وأَنشد:
أَأَوْصَى أَبو قَيْسٍ بأَن تَتَواصَلُوا،
وأَوْصَى أَبو كُمْ، ويْحَكُمْ أَن تَدَابَرُوا؟ ودَبَرَ القومُ
يَدْبُرُونَ دِباراً: هلكوا. وأَدْبَرُوا إِذا وَلَّى أَمرُهم إِلى آخره فلم
يبق منهم باقية.
ويقال: عليه الدَّبارُ أَي العَفَاءُ إِذا دعوا عليه بأَن يَدْبُرَ فلا
يرجع؛ ومثله: عليه العفاء أَي الدُّرُوس والهلاك. وقال الأَصمعي:
الدَّبارُ الهلاك، بالفتح، مثل الدَّمار.
والدَّبْرَة: نقيضُ الدَّوْلَة، فالدَّوْلَةُ في الخير والدَّبْرَةُ في
الشر. يقال: جعل الله عليه الدَّبْرَة، قال ابن سيده: وهذا أَحسن ما
رأَيته في شرح الدَّبْرَة؛ وقيل: الدَّبْرَةُ العاقبة.
ودَبَّرَ الأَمْرَ وتَدَبَّره: نظر في عاقبته، واسْتَدْبَرَه: رأَى في
عاقبته ما لم ير في صدره؛ وعَرَفَ الأَمْرَ تَدَبُّراً أَي بأَخَرَةٍ؛ قال
جرير:
ولا تَتَّقُونَ الشَّرَّ حتى يُصِيبَكُمْ،
ولا تَعْرِفُونَ الأَمرَ إِلا تَدَبُّرَا
والتَّدْبِيرُ في الأَمر: أَن تنظر إِلى ما تَؤُول إِليه عاقبته،
والتَّدَبُّر: التفكر فيه. وفلان ما يَدْرِي قِبَالَ الأَمْرِ من دِباره أَي
أَوَّله من آخره. ويقال: إِن فلاناً لو استقبل من أَمره ما استدبره
لَهُدِيَ لِوِجْهَةِ أَمْرِه أَي لو علم في بَدْءِ أَمره ما علمه في آخره
لاسْتَرْشَدَ لأَمره. وقال أَكْثَمُ بْنُ صَيْفِيٍّ لبنيه: يا بَنِيَّ لا
تَتَدَبَّرُوا أَعجاز أُمور قد وَلَّتْ صُدُورُها. والتَّدْبِيرُ: أَن
يَتَدَبَّرَ الرجلُ أَمره ويُدَبِّرَه أَي ينظر في عواقبه. والتَّدْبِيرُ: أَن
يُعتق الرجل عبده عن دُبُرٍ، وهو أَن يعتق بعد موته، فيقول: أَنت حر بعد
موتي، وهو مُدَبَّرٌ؛ وفي الحديث: إِن فلاناً أَعتق غلاماً له عن دُبُرٍ؛
أَي بعد موته. ودَبَّرْتُ العبدَ إِذا عَلَّقْتَ عتقه بموتك، وهو التدبير
أَي أَنه يعتق بعدما يدبره سيده ويموت. ودَبَّرَ العبد: أَعتقه بعد
الموت. ودَبَّرَ الحديثَ عنه: رواه. ويقال: دَبَّرْتُ الحديث عن فلان
حَدَّثْتُ به عنه بعد موته، وهو يُدَبِّرُ حديث فلان أَي يرويه. ودَبَّرْتُ
الحديث أَي حدّثت به عن غيري. قال شمر: دبَّرْتُ الحديث ليس بمعروف؛ قال
الأَزهري: وقد جاء في الحديث: أَمَا سَمِعْتَهُ من معاذ يُدَبِّرُه عن رسول
الله، صلى الله عليه وسلم؟ أَي يحدّث به عنه؛ وقال: إِنما هو يُذَبِّرُه،
بالذال المعجمة والباء، أَي يُتْقِنُه؛ وقال الزجاج: الذِّبْر القراءةُ،
وأَما أَبو عبيد فإِن أَصحابه رووا عنه يُدَبِّرُه كما ترى، وروى
الأَزهري بسنده إِلى سَلاَّمِ بن مِسْكِينٍ قال: سمعت قتادة يحدّث عن فلان،
يرويه عن أَبي الدرداء، يُدَبِّرُه عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال:
ما شَرَقَتْ شمسٌ قَطُّ إِلا بِجَنْبَيْها ملكان يُنادِيانِ أَنهما
يُسْمِعَانِ الخلائقَ غَيْرَ الثَّقَلَيْنِ الجن والإِنس، أَلا هَلُمُّوا إِلى
ربكم فإِنَّ ما قَلَّ وكفَى خَيْرٌ مما كَثُرَ وأَلْهَى، اللهم عَجِّلْ
لِمُنْفِقٍ خَلَفاً وعَجِّلْ لِمُمْسِكٍ تَلَفاً.
ابن سيده: ودَبَرَ الكتابَ يَدْبُرُه دَبْراً كتبه؛ عن كراع، قال:
والمعروف ذَبَرَه ولم يقل دَبَره إِلا هو.
والرَّأْيُ الدَّبَرِيُّ: الذي يُمْعَنُ النَّظَرُ فيه، وكذلك الجوابُ
الدَّبَرِيُّ؛ يقال: شَرُّ الرَّأْيِ الدَّبَرِيُّ وهو الذي يَسْنَحُ
أَخيراً عند فوت الحاجة، أَي شره إِذا أَدْبَرَ الأَمْرُ وفات.
والدَّبَرَةُ، بالتحريك: قَرْحَةُ الدابة والبعير، والجمع دَبَرٌ
وأَدْبارٌ مثل شَجَرَةٍ وشَجَرٍ وأَشجار. ودَبِرَ البعيرُ، بالكسر، يَدْبَرُ
دَبَراً، فهو دَبِرٌ وأَدْبَرُ، والأُنثى دَبِرَةٌ ودَبْراءُ، وإِبل
دَبْرَى وقد أَدْبَرَها الحِمْلُ والقَتَبُ، وأَدْبَرْتُ البعير فَدَبِرَ؛
وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا دَبِرَ بعيره، وأَنْقَبَ إِذا حَفِيَ خُفُّ بعيره. وفي
حديث ابن عباس: كانوا يقولون في الجاهلية إِذا بَرَأَ الدَّبَرُ وعفا
الأَثَرُ؛ الدبر، بالتحريك: الجرح الذي يكون في ظهر الدابة، وقيل: هو أَن
يَقْرَحَ خف البعير، وفي حديث عمر: قال لامرأَة أَدْبَرْتِ وأَنْقَبْتِ
أَي دَبِرَ بعيرك وحَفِيَ. وفي حديث قيس بن عاصم: إِني لأُفْقِرُ البَكْرَ
الضَّرْعَ والنَّابَ المُدْبِرَ أَي التي أَدْبَرَ خَيْرُها.
والأَدْبَرُ: لقب حُجْرِ بن عَدِيٍّ نُبِزَ به لأَن السلاح أَدْبَرَ
ظهره، وقيل: سمي به لأَنه طُعِنَ مُوَلِّياً؛ ودُبَيْرٌ الأَسَدِيُّ: منه
كأَنه تصغير أَدْبَرَ مرخماً.
والدَّبْرَةُ: الساقية بين المزارع، وقيل: هي المَشَارَةُ في
المَزْرَعَةِ، وهي بالفارسية كُرْدَه، وجمعها دَبْرٌ ودِبارٌ؛ قال بشر بن أَبي
خازم:تَحَدَّرَ ماءُ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ،
على جِرْبَةٍ، يَعْلُو الدِّبارَ غُرُوبُها
وقيل: الدِّبارُ الكُرْدُ من المزرعة، واحدتها دِبارَةٌ. والدَّبْرَةُ:
الكُرْدَةُ من المزرعة، والجمع الدِّبارُ. والدِّباراتُ: الأَنهار الصغار
التي تتفجر في أَرض الزرع، واحدتها دَبْرَةٌ؛ قال ابن سيده: ولا أَعرف
كيف هذا إِلا أَن يكون جمع دَبْرَة على دِبارٍ أُلحقت الهاء للجمع، كما
قالوا الفِحَالَةُ ثم جُمِعَ الجَمْعُ جَمْعَ السَّلامة. وقال أَبو حنيفة:
الدَّبْرَة البقعة من الأَرض تزرع، والجمع دِبارٌ.
والدَّبْرُ والدِّبْرُ: المال الكثير الذي لا يحصى كثرة، واحده وجمعه
سواء؛ يقال: مالٌ دَبْرٌ ومالان دَبْرٌ وأَموال دَبْرٌ. قال ابن سيده: هذا
الأَعرف، قال: وقد كُسِّرَ على دُبُورٍ، ومثله مال دَثْرٌ. الفرّاء:
الدَّبْرُ والدِّبْرُ الكثير من الضَّيْعَة والمال، يقال: رجل كثير الدَّبْرِ
إِذا كان فاشِيَ الضيعة، ورجل ذو دَبْرٍ كثير الضيعة والمال؛ حكاه أَبو
عبيد عن أَبي زيد.
والمَدْبُور: المجروح. والمَدْبُور: الكثير المال.
والدَّبْرُ، بالفتح: النحل والزنابير، وقيل: هو من النحل ما لا يَأْرِي،
ولا واحد لها، وقيل: واحدته دَبْرَةٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وهَبْتُهُ من وَثَبَى فَمِطْرَهْ
مَصْرُورَةِ الحَقْوَيْنِ مِثْلِ الدَّبْرَهْ
وجمعُ الدَّبْرِ أَدْبُرٌ ودُبُورٌ؛ قال زيد الخيل:
بِأَبْيَضَ من أَبْكَارِ مُزْنِ سَحابَةٍ،
وأَرْيِ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عاسِلُ
أَراد: شاره من النحل؛ وفي الصحاح قال لبيد:
بأَشهب من أَبكار مزن سحابة،
وأَري دبور شاره النحلَ عاسل
قال ابن بري يصف خمراً مزجت بماء أَبيض، وهو الأَشهب. وأَبكار: جمع
بِكْرٍ. والمزن: السحاب الأَبيض، الواحدة مُزْنَةٌ. والأَرْيُ: العسل.
وشارَهُ: جناه، والنحل منصوب بإِسقاط من أَي جناه من النحل عاسل؛ وقبله:
عَتِيق سُلافاتٍ سِبَتْها سَفِينَةٌ،
يَكُرُّ عليها بالمِزاجِ النَّياطِلُ
والنياطل: مكاييل الخمر. قال ابن سيده: ويجوز أَن يكون الدُّبُورُ جمع
دَبْرَةٍ كصخرة وصخور، ومَأْنة ومُؤُونٍ.
والدَّبُورُ، بفتح الدال: النحل، لا واحد لها من لفظها، ويقال للزنابير
أَيضاً دَبْرٌ.
وحَمِيُّ الدَّبْرِ: عاصم بن ثابت بن أَبي الأَفلح الأَنصاري من أَصحاب
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أُصيب يوم أُحد فمنعت النحل الكفار
منه، وذلك أَن المشركين لما قتلوه أَرادوا أَن يُمَثِّلُوا به فسلط الله
عز وجل عليهم الزنابير الكبار تَأْبِرُ الدَّارِعَ فارتدعوا عنه حتى
أَخذه المسلمون فدفنوه. وقال أَبو حنيفة: الدِّبْرُ النحل، بالكسر،
كالدَّبْرِ؛ وقول أَبي ذؤيب:
بَأَسْفَلِ ذَاتِ الدَّبْرِ أُفْرِدَ خِشْفها،
وقد طُرِدَتْ يَوْمَيْنِ، فهْي خَلُوجُ
عنى شُعْبَةً فيها دَبِرٌ، ويروي: وقد وَلَهَتْ. والدَّبْرُ والدِّبْرُ
أَيضاً: أَولاد الجراد؛ عنه. وروى الأَزهري بسنده عن مصعب بن عبد الله
الزبيري قال: الخَافِقَانِ ما بين مطلع الشمس إِلى مغربها. والدَّبْرُ:
الزنابير؛ قال: ومن قال النحل فقد أَخطأَ؛ وأَنشد لامرأَة قالت لزوجها:
إِذا لَسَعَتْهُ النَّحْلُ لم يَخْشَ لَسْعَها،
وخالَفَها في بَيْتِ نَوْبٍ عَوامِلُ
شبه خروجها ودخولها بالنوائب. قال الأَصمعي: الجماعة من النحل يقال لها
الثَّوْلُ، قال: وهو الدَّبْرُ والخَشْرَمُ، ولا واحد لشيء من هذا؟ قال
الأَزهري: وهذا هو الصواب لا ما قال مصعب. وفي الحديث: فأَرسل الله عليهم
الظُّلَّةِ من الدَّبْرِ؛ هو بسكون الباء النحل، وقيل: الزنابير. والظلة:
السحاب. وفي حديث بعض النساء
(* قوله: «وفي حديث بعض النساء» عبارة
النهاية: وفي حديث سكينة ا هـ. قال السيد مرتضى: هي سكينة بنت الحسين، كما
صرح به الصفدي وغيره ا هـ. وسكينة بالتصغير كما في القاموس). جاءت إِلى
أُمها وهي صغيرة تبكي فقالت لها: ما لَكِ؟ فقالت: مرت بي دُبَيْرَةٌ
فَلَسَعَتْنِي بأُبَيْرَةٍ؛ هو تصغير الدَّبْرَةِ النحلة. والدَّبْرُ: رُقادُ كل
ساعة، وهو نحو التَّسْبِيخ. والدَّبْرُ: الموت. ودَابَرَ الرجلُ: مات؛
عن اللحياني، وأَنشد لأُمية بن أَبي الصلت:
زَعَمَ ابْنُ جُدْعانَ بنِ عَمْـ
ـروٍ أَنَّنِي يَوْماً مُدابِرْ،
ومُسافِرٌ سَفَراً بَعِيـ
ـداً، لا يَؤُوبُ له مُسافِرْ
وأَدْبَرَ الرجلُ إِذا مات، وأَدْبَرَ إِذا تغافل عن حاجة صديقه،
وأَدْبَرَ: صار له دِبْرٌ، وهو المال الكثير. ودُبارٌ، بالضم: ليلة الأَربعاء،
وقيل: يوم الأَربعاء عادِيَّةٌ من أَسمائهم القديمة، وقال كراع: جاهلية؛
وأَنشد:
أُرَجِّي أَنْ أَعِيشَ، وأَنَّ يَوْمِي.
بِأَوَّلَ أَو بِأَهْوَنَ أَو جُبارِ
أَو التَّالِي دُبارِ، فإِن أَفُتْهُ
فَمُؤْنِس أَو عَرُوبَةَ أَوْ شِيارِ
أَول: الأَحَدُ. وشِيارٌ: السبتُ، وكل منها مذكور في موضعه. ابن
الأَعرابي: أَدْبَرَ الرجلُ إِذا سافر في دُبارٍ. وسئل مجاهد عن يوم النَّحْسِ
فقال: هو الأَربعاء لا يدور في شهره.
والدَّبْرُ: قطعة تغلظ في البحر كالجزيرة يعلوها الماء ويَنْضُبُ عنها.
وفي حديث النجاشي أَنه قال: ما أُحِبُّ أَن تكون دَبْرَى لي ذَهبَاً
وأَنِّي آذيت رجلاً من المسلمين؛ وفُسِّرَ الدَّبْرَى بالجبل، قال ابن
الأَثير: هو بالقصر اسم جبل، قال: وفي رواية ما أُحب أَن لي دَبْراً من
ذَهَبٍ، والدَّبْرُ بلسانهم: الجبل؛ قال: هكذا فُسِّر، قال: فهو في الأُولى
معرفة وفي الثانية نكرة، قال: ولا أَدري أَعربي هو أَم لا.
ودَبَرٌ: موضع باليمن، ومنه فلان الدَّبَرِيُّ.
وذاتُ الدَّبْرِ: اسم ثَنِيَّةٍ؛ قال ابن الأَعرابي: وقد صحفه الأَصمعي
فقال: ذات الدَّيْرِ. ودُبَيْرٌ: قبيلة من بني أَسد. والأُدَيْبِرُ:
دُوَيْبَّة. وبَنُو الدُّبَيْرِ: بطن؛ قال:
وفي بَنِي أُمِّ دُبَيْرٍ كَيْسُ
على الطعَّامِ ما غَبا غُبَيْسُ
شرط: الشَّرْطُ: معروف، وكذلك الشَّريطةُ، والجمع شُروط وشَرائطُ.
والشَّرْطُ: إِلزامُ الشيء والتِزامُه في البيعِ ونحوه، والجمع شُروط. وفي
الحديث: لا يجوز شَرْطانِ في بَيْعٍ، هو كقولك: بعتك هذا الثوب نَقْداً
بدِينار، ونَسِيئةً بدِينارَيْنِ، وهو كالبَيْعَتين في بَيْعةٍ، ولا فرق عند
أَكثر الفقهاء في عقد البيع بين شَرْط واحد أَو شرطين، وفرق بينهما أَحمد
عملاً بظاهر الحديث؛ ومنه الحديث الآخر: نهى عن بَيْع وشَرْطٍ، وهو أَن
يكون الشرطُ ملازماً في العقد لا قبله ولا بعده؛ ومنه حديث بَرِيرةَ:
شَرْطُ اللّهِ أَحَقُّ؛ يريد ما أَظهره وبيَّنه من حُكم اللّه بقوله الولاء
لمن أَعْتق، وقيل: هو إِشارة إِلى قوله تعالى: فإِخْوانُكم في الدِّين
ومَوالِيكم؛ وقد شرَط له وعليه كذا يَشْرِطُ ويَشْرُطُ شَرْطاً واشْتَرَط
عليه. والشَّرِيطةُ: كالشَّرْطِ، وقد شارَطَه وشرَط له في ضَيْعَتِه
يَشْرِط ويَشْرُط، وشرَط للأَجِير يَشْرُطُ شَرْطاً.
والشَّرَطُ، بالتحريك: العلامة، والجمع أَشْراطٌ. وأَشْراطُ الساعةِ:
أَعْلامُها، وهو منه. وفي التنزيل العزيز: فقد جاء أَشْراطُها.
والاشْتِراطُ: العلامة التي يجعلها الناس بينهم.
وأَشْرَطَ طائفةً من إِبله وغنمه: عَزَلَها وأَعْلَمَ أَنها للبيع.
والشَّرَطُ من الإِبل: ما يُجْلَبُ للبيع نحو النَّاب والدَّبِرِ. يقال: إِن
في إِبلك شَرَطاً، فيقول: لا ولكنها لُبابٌ كلها. وأَشْرَط فلان نفسَه
لكذا وكذا: أَعْلَمها له وأَعَدَّها؛ ومنه سمي الشُّرَطُ لأَنهم جعلوا
لأَنفسهم علامة يُعْرَفُون بها، الواحد شُرَطةٌ وشُرَطِيٌّ؛ قال ابن
أَحمر:فأَشْرَطَ نفْسَه حِرصاً عليها،
وكان بنَفْسِه حَجِئاً ضَنِينا
والشُّرْطةُ في السُّلْطان: من العلامة والإِعْدادِ. ورجل شُرْطِيٌّ
وشُرَطِيٌّ: منسوب إِلى الشُّرطةِ، والجمع شُرَطٌ، سموا بذلك لأَنهم
أَعَدُّوا لذلك وأَعْلَمُوا أَنفسَهم بعلامات، وقيل: هم أَول كتيبة تشهد الحرب
وتتهيأُ للموت. وفي حديث ابن مسعود: وتُشْرَطُ شُرْطةٌ للموت لا يرجِعُون
إِلا غالِبين؛ هم أَوّل طائفة من الجيش تشهد الوَقْعة، وقيل: بل صاحب
الشُّرْطةِ في حرب بعينها؛ قال ابن سيده: والصواب الأَول؛ قال ابن بري:
شاهدُ الشُّرْطِيِّ احد الشُّرَطِ قول الدَّهناء:
واللّهِ لوْلا خَشْيةُ الأَمِيرِ،
وخَشْيَةُ الشرْطِيّ والثُّؤْثُورِ
الثُّؤْثورُ: الجلْوازُ؛ قال: وقال آخر:
أَعُوذُ باللّهِ وبالأَمِيرِ
من عامِل الشُّرْطةِ والأُتْرُورِ
وأَشْراطُ الشيء: أَوائلُه؛ قال بعضهم: ومنه أَشراطُ الساعةِ وذكرها
النبي، صلّى اللّه عليه وسلّم، والاشتقاقان مُتقارِبان لأَن علامة الشيء
أَوَّله. ومَشارِيطُ الأَشياء: أَوائلها كأَشْراطِها؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:تَشابَهُ أَعْناقُ الأُمُورِ، وتَلْتَوِي
مَشارِيطُ ما الأَوْرادُ عنه صَوادِرُ
قال: ولاواحد لها. وأَشْراطُ كلِّ شيء: ابتداء أَوَّله. الأَصمعي:
أَشْراطُ الساعةِ علاماتها، قال: ومنه الاشْتِراط الذي يَشْتَرِطُ الناسُ
بعضُهم على بعض أَي هي عَلامات يجعلونها بينهم، ولهذا سميت الشُّرَط لأَنهم
جعلوا لأَنفسهم علامة يُعْرَفون بها. وحكى الحطابي عن بعض أَهل اللغة أَنه
أَنكر هذا التفسير وقال: أَشراطُ الساعةِ ما تُنكِره الناسُ من صغار
أُمورها قبل أَن تقوم الساعة. وشُرَطُ السلطانِ: نُخْبةُ أَصحابه الذين
يقدِّمهم على غيرهم من جنده؛ وقول أَوس بن حجر:
فأَشْرَط فيها نفْسَه، وهو مُعْصِمٌ،
وأَلْقَى بأَسْبابٍ له وتَوَكَّلا
أَجعل نفْسَه علَماً لهذا الأَمر؛ وقوله: أَشْرَط فيها نفسه أَي هَيَّأَ
لهذه النَّبْعةِ. وقال أَبو عبيدة: سمي الشُّرَطُ شُرَطاً لأَنهم
أَعِدّاء. وأَشراطُ الساعةِ: أَسبابُها التي هي دون مُعْظَمِها
وقِيامِها.والشَّرَطانِ: نَجْمانِ من الحَمَلِ يقال لهما قَرْنا الحملِ، وهما
أَوَّل نجم من الرَّبيع، ومن ذلك صار أَوائلُ كل أَمْر يقع أَشْراطَه ويقال
لهما الأَشْراط؛ قال العجاج:
أَلْجَأَهُ رَعْدٌ من الأَشْراطِ،
ورَيْقُ الليلِ إِلى أَراطِ
قال الجوهري: الشرطانِ نجمانِ من الحَمَل وهما قَرْناه، وإِلى جانِب
الشَّمالِيِّ منهما كوكب صغير، ومن العرب من يَعُدُّه معهما فيقول هو ثلاثة
كواكب ويسميها الأَشراط؛ قال الكميت:
هاجَتْ عليه من الأَشْراطِ نافِجةٌ،
في فَلْتةٍ، بَيْنَ إِظْلامٍ وإِسْفارِ
والنَّسَبُ إِليه أَشْراطِيٌّ لأَنه قد غَلب عليها فصار كالشيء الواحد؛
قال العجاج:
من باكِرِ الأَشْراطِ أَشْراطِيُّ
أَرادَ الشَّرَطَيْنِ. قال ابن بري: الشَّرَطانِ تثنية شَرَطٍ وكذلك
الأَشْراطُ جمع شَرَطٍ؛ قال: والنسبُ إِلى الشَّرَطَيْنِ شرَطِيٌّ
كقوله:ومن شَرَطِيٍّ مُرْثَعِنٍّ بعامِر
قال: وكذلك النسَبُ إِلى الأَشْراطِ شَرَطِيٌّ، قال: وربما تسَبُوا
إِليه على لفظ الجمع أَشْراطِيٌّ، وأَنشد بيت العجاج. ورَوْضةٌ أَشْراطِيّة:
مُطِرَتْ بالشَّرَطَيْنِ؛ قال ذو الرمة يصف روضة:
قَرْحاءُ حَوَّاءُ أَشْراطِيّة وكَفَتْ
فيها الذِّهابُ، وحَفَّتْها البَراعِيمُ
يعني رَوْضةُ مُطرت بنَوء الشرَطينِ، وإِنما قال قرحاء لأَنَّ في
وسَطِها نُوَّارةً بَيْضاء، وقال حوَّاء لخُضْرةِ نباتها. وحكى ابن الأَعرابي:
طلَع الشَّرَطُ، فجاء للشَّرَطَيْنِ بواحد، والتثنيةُ في ذلك أَعْلى
وأَشْهر لأَن أَحدهما لا ينفصل عن الآخر فصارا كأَبانَيْنِ في أَنهما
يُثْبَتانِ معاً، وتكون حالَتُهما واحدة في كل شيء.
وأَشْرَطَ الرسولَ: أَعْجَله، وإِذا أَعْجَل الإِنسانُ رسولاً إِلى أَمر
قيل أَشْرَطَه وأَفْرَطَه من الأَشْراط التي هي أَوائل الأَشياء كأَنه
(* قوله «كأَنه إلخ» كذا بالأصل ويظهر ان قبله سقطاً.) من قولك فارِطٌ وهو
السابق.
والشَّرَطُ: رُذالُ المالِ وشِرارُه، الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في
ذلك سواء؛ قال جرير:
تُساقُ مِن المِعْزَى مُهورُ نِسائهمْ،
ومِنْ شَرَطِ المِعْزَى لَهُنَّ مُهورُ
وفي حديث الزكاة: ولا الشَّرَطَ اللَّئيمة أَي رُذالَ المالِ، وقيل:
صِغارُه وشِراره. وشَرَطُ الناس: خُشارَتُهم وخَمّانُهم؛ قال الكميت:
وجَدْتُ الناسَ، غَيْرَ ابْنَيْ نِزارٍ،
ولَمْ أَذْمُمْهُمُ، شَرَطاً ودُونا
فالشَّرَطُ: الدُّونُ من الناسِ، والذين هم أَعظم منهم ليسوا بشرَطٍ.
والأَشْراطُ: الأَرْذالُ. والأَشْراطُ أَيضاً: الأَشْرافُ؛ قال يعقوب: وهذا
الحرف من الأضداد؛ وأَما قولُ حَسّانَ بن ثابت:
في نَدامى بِيضِ الوُجوهِ كِرامٍ،
نُبِّهُوا بَعْدَ هَجْعةِ الأَشْراطِ
فيقال: إِنه أَراد به الحرَسَ وسَفِلةَ الناس؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
أَشارِيطُ من أَشْراطِ أَشْراطِ طَيِّءٍ،
وكان أَبوهمْ أَشْرَطاً وابْن أَشْرَطا
وفي الحديث: لا تقومُ الساعةُ حتى يأْخُذَ اللّهُ شريطتَه من أَهلِ
الأَرض فيَبْقَى عَجاجٌ لا يَعْرِفون مَعْروفاً ولا يُنْكِرُون مُنْكَراً،
يعني أَهلَ الخيرِ والدِّينِ. والأَشْراطُ من الأَضْداد: يقع على الأَشراف
والأَرذال؛ قال الأَزهري: أَظُنُّه شَرَطَتَه أَي الخِيارَ إِلا أَنَّ
شمراً كذا رواه. وشرَطٌ: لقَب مالِكِ بن بُجْرَة، ذهَبوا في ذلك إِلى
اسْتِرْذالِه لأَنه كان يُحَمَّقُ؛ قال خالد بن قيس التيْمي يهجُو مالكاً
هذا:لَيْتَكَ إِذ رَهِبْتَ آلَ مَوْأَلَهْ،
حَزُّوا بنَصْلِ السيْفِ عند السَّبَلهْ
وحَلَّقَتْ بك العُقابُ القَيْعَلَهْ،
مُدْبِرةً بشَرَطٍ لا مُقْبِلَهْ
والغنمُ: أَشْرطُ المالِ أَي أَرْذَلُه، مُفاضَلةٌ، وليس هناك فِعْل؛
قال ابن سيده: وهذا نادِرٌ لأَن المُفاضلةَ إِنما تكون من الفعل دون الاسم،
وهو نحو ما حكاه سيبويه من قولهم أَحْنَكُ الشاتين لأَن ذلك لا فعل له
أَيضاً عنده، وكذلك آبَلُ الناسِ لا فِعْلَ له عند سيبويه. وشَرَطُ
الإِبلِ: حَواشِيها وصِغارُها، واحدها شَرَطٌ أَيضاً، وناقة شَرَطٌ وإِبل
شَرَطٌ. قال: وفي بعض نسخ الإِصلاح: الغنمُ أَشْراطُ المال، قال: فإِن صح هذا
فهو جمع شَرَط. التهذيب: وشَرَطُ المالِ صغارها، وقال: والشُّرَطُ
سُمُّوا شُرَطاً لأَن شُرْطةَ كل شيء خِيارُه وهم نُخْبةُ السلطانِ من جُنده؛
وقال الأَخطل:
ويَوْم شرْطةِ قَيْسٍ، إِذْ مُنِيت بِهِمْ،
حَنَّتْ مَثاكِيلُ من أَيْفاعِهمْ نُكُدُ
وقال آخر:
حتى أَتَتْ شُرْطةٌ للموْتِ حارِدةٌ
وقال أَوْسٌ: فأَشْرَط فيها أَي استخَفَّ بها وجعلها شَرَطاً أَي شيئاً
دُوناً خاطَرَ بها.
أَبو عمرو: أَشْرَطْتُ فلاناً لعمل كذا أَي يَسَّرْتُه وجعلته يليه؛
وأَنشد:
قَرَّبَ منهم كلِّ قَرْمٍ مُشْرَطِ
عَجَمْجَمٍ، ذِي كِدْنةٍ عَمَلَّطِ
المُشْرَطُ: المُيَسَّرُ للعمل. والمِشْرَطُ: المِبْضَعُ، والمِشْراطُ
مثله. والشَّرْطُ: بَزْغُ الحَجّام بالمِشْرَطِ، شَرَطَ يَشْرُطُ
ويَشْرِطُ شَرْطاً إِذا بزَغ، والمِشْراطُ والمِشْرَطةُ: الآلةُ التي يَشْرُط
بها. قال ابن الأَعرابي: حدثني بعض أَصحابي عن ابن الكَلْبي عن رجل عن
مُجالِد قال: كنت جالساً عند عبد اللّه بن معاوية بن عبد اللّه بن جعفر بن
أَبي طالب بالكوفة فأُتِيَ برجل فأَمَر بضَرْبِ عُنقه، فقلت: هذا واللّهِ
جَهْدُ البَلاء، فقال: واللّه ما هذا إِلا كشَرْطةِ حَجّامٍ بمشْرَطَتِه
ولكن جهد البلاء فَقْر مُدْقِعٌ بعد غِنىً مُوسع. وفي الحديث: نَهى النبي،
صلّى اللّه عليه وسلّم، عن شَرِيطةِ الشيطانِ، وهي ذبيحة لا تُفْرَى فيها
الأَوْداجُ ولا تُقْطَعُ ولا يُسْتَقْصَى ذبحُها؛ أُخذ من شَرْط الحجام،
وكان أَهل الجاهلية يقطعون بعضَ حَلْقِها ويتركونها حتى تموتَ، وإِنما
أَضافها إِلى الشيطان لأَنه هو الذي حملهم على ذلك وحسّن هذا الفعلَ
لدَيْهِم وسوّلَه لهم.
والشَّرِيطةُ من الإِبل: المشقُوقةُ الأُذن. والشَّرِيطةُ: شِبْه خُيوطٍ
تُفْتل من الخُوص واللِّيفِ، وقيل: هو الحبلُ ما كان، سمي بذلك لأَنه
يُشْرَطُ خُوصه أَي يُشَقُّ ثم يفتل، والجمع شَرائطُ وشُرُطٌ وشَرِيطٌ
كشَعيرة وشَعير.
والشَّرِطُ: العَتِيدةُ للنساء تَضَعُ فيها طِيبَها، وقيل: هي عَتيدةُ
الطِّيبِ، وقيل: العَيْبةُ؛ حكاه ابن الأَعرابي وبه فُسِّر قولُ عَمْرو بن
مَعْدِ يكَرِب:
فَزَيْنُكَ في الشَّرِيطِ إِذا التَقَيْنا،
وسابِغةٌ وذُو النُّونَيْنِ زَيْني
يقول: زَيْنُكَ الطِّيبُ الذي في العَتِيدةِ أَو الثيابُ التي في
العَيْبة، وزَيْني أَنا السِّلاحُ، وعَنَى بذي النُّونين السيفَ كما سماه بعضهم
ذا الحَيّاتِ؛ قال الأَسود بن يَعْفُرَ:
عَلَوْتُ بِذي الحَيّاتِ مَفْرَقَ رأْسِه،
فَخَرَّ، كما خَرَّ النِّساءُ، عَبِيطَا
وقال مَعْقِلُ بن خُوَيْلِد الهُذليّ:
وما جَرَّدْتُ ذا الحَيّاتِ، إِلاّ
لأَقْطَعَ دابِرَ العَيْشِ، الحُبابِ
(* قوله «الحباب» ضبط في الأصل هنا وفي مادة دبر بالضم، وقال هناك:
الحباب اسم سيفه.)
كانت امرأَته نظرت إِلى رجل فضرَبها مَعْقِلٌ بالسيف فأَتَرَّ يَدَها
فقال فيها هذا، يقول: إِنما كنت ضربْتُكِ بالسيفِ لأَقْتُلَكِ فأَخْطأْتكِ
لجَدِّكِ:
فَعادَ عليكِ أَنَّ لَكُنّ حَظّاً،
وواقِيةً كواقِيةِ الكِلابِ
وقال أَبو حنيفة: الشَّرَطُ المَسِيلُ الصغير يجيء من قَدر عشرة أَذرُع
مِثل شَرَطِ المال رُذالِها، وقيل الأَشْراطُ ما سال من الأَسْلاقِ في
الشِّعابِ.
والشَّرْواطُ: الطويلُ المُتَشَذِّبُ القليل اللحْم الدقيقُ، يكون ذلك
من الناس والإِبل، وكذلك الأُنثى بغير هاء؛ قال:
يُلِحْنَ من ذِي زَجَلٍ شِرْواطِ،
مُحْتَجِزٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
قال ابن بري: الرجَز لجسَّاسِ بن قُطَيْبٍ والرجز مُغَيَّرٌ؛ وصوابه
بكماله على ما أَنشده ثعلب في أَمالِيه:
وقُلُصٍ مُقْوَرَّةِ الأَلْياطِ،
باتَتْ على مُلَحَّبٍ أَطَّاطِ
تَنْجُو إِذا قيل لها يَعاطِ،
فلو تَراهُنَّ بذي أُراطِ،
وهنَّ أَمثالُ السُّرَى الأَمْراطِ،
يُلِحْنَ من ذي دَأَبٍ شِرْواطِ،
صاتِ الحُداءِ شَظِفٍ مِخْلاطِ،
مُعْتَجِرٍ بخَلَقٍ شِمْطاطِ
على سَراوِيلَ له أَسْماطِ،
ليست له شَمائلُ الضَّفَّاطِ
يتْبَعْنَ سَدْوَ سَلِسِ المِلاطِ،
ومُسْرَبٍ آدَمَ كالفُسْطاطِ( ) قوله «ومسرب» كذا في الأَصل بالسين
المهملة ولعله بالشين المعجمة.
خَوَّى قليلاً، غيرَ ما اغْتِباطِ،
على مَباني عُسْبٍ سِباطِ
يُصْبِحُ بعد الدَّلَج القَطْقاطِ،
وهْو مُدِلٌّ حسَنُ الأَلْياطِ
الأَلْياطُ: الجُلود. ومُلَحَّب: طريق. وأَطّاطٌ: مُصوِّتٌ. ويَعاطِ:
زَجْر. وأُراطٌ: موضع. والسُّرَى، جمع سُرْوةٍ: السَّهْم. والأَمْراطُ:
المُتمرِّطةُ الرِّيشِ. ويُلِحْن: يَفْرَقْنَ. والدّأَبُ: شدَّة السَّيْر
والسَّوْقِ. والشَّظَفُ: خُشونة العيْشِ. والضَّفّاطُ: الكثير اللحم، وهو
أَيضاً الذي يُكْرَى من مَنْزِل إِلى منزل. والمِلاطُ: المِرْفَقُ،
وعُسُبٌ قَوائمه. وسِباطٌ: جمع سَبْطٍ. والقَطْقاطُ: السريعُ. الليث: ناقة
شِرْواطٌ وجمل شِرْواط طويل وفيه دِقّة، الذكر والأُنثى فيه سواء. ورجل
شِرْوَطٌ: طويل. وبنو شَرِيطٍ: بطن.
كتب: الكِتابُ: معروف، والجمع كُتُبٌ وكُتْبٌ. كَتَبَ الشيءَ يَكْتُبه كَتْباً وكِتاباً وكِتابةً، وكَتَّبَه: خَطَّه؛ قال أَبو النجم:
أَقْبَلْتُ من عِنْدِ زيادٍ كالخَرِفْ،
تَخُطُّ رِجْلايَ بخَطٍّ مُخْتَلِفْ،
تُكَتِّبانِ في الطَّريقِ لامَ أَلِفْ
قال: ورأَيت في بعض النسخِ تِكِتِّبانِ، بكسر التاء، وهي لغة بَهْرَاءَ، يَكْسِرون التاء، فيقولون: تِعْلَمُونَ، ثم أَتْبَعَ الكافَ كسرةَ
التاء.والكِتابُ أَيضاً: الاسمُ، عن اللحياني. الأَزهري: الكِتابُ اسم لما كُتب مَجْمُوعاً؛ والكِتابُ مصدر؛ والكِتابةُ لِـمَنْ تكونُ له صِناعةً، مثل الصِّياغةِ والخِـياطةِ.
والكِتْبةُ: اكْتِتابُك كِتاباً تنسخه.
ويقال: اكْتَتَبَ فلانٌ فلاناً أَي سأَله أَن يَكْتُبَ له كِتاباً في حاجة. واسْتَكْتَبه الشيءَ أَي سأَله أَن يَكْتُبَه له. ابن سيده: اكْتَتَبَه ككَتَبَه. وقيل: كَتَبَه خَطَّه؛ واكْتَتَبَه: اسْتَمْلاه، وكذلك اسْتَكْتَبَه. واكْتَتَبه: كَتَبه، واكْتَتَبْته: كَتَبْتُه. وفي التنزيل العزيز: اكْتَتَبَها فهي تُمْلى عليه بُكْرةً وأَصِـيلاً؛ أَي اسْتَكْتَبَها. ويقال: اكْتَتَبَ الرجلُ إِذا كَتَبَ نفسَه في دِيوانِ السُّلْطان. وفي الحديث: قال له رجلٌ إِنَّ امرأَتي خَرَجَتْ حاجَّةً، وإِني اكْتُتِبْت في غزوة كذا وكذا؛ أَي كَتَبْتُ اسْمِي في جملة الغُزاة. وتقول: أَكْتِبْنِي هذه القصيدةَ أَي أَمْلِها عليَّ. والكِتابُ: ما كُتِبَ فيه. وفي الحديث: مَن نَظَرَ في كِتابِ أَخيه بغير إِذنه، فكأَنما يَنْظُرُ في النار؛ قال ابن الأَثير: هذا تمثيل، أَي كما يَحْذر النارَ، فَلْـيَحْذَرْ هذا الصنيعَ، قال: وقيل معناه كأَنما يَنْظُر إِلى ما يوجِبُ عليه النار؛ قال: ويحتمل أَنه أَرادَ عُقوبةَ البَصرِ لأَن الجناية منه، كما يُعاقَبُ السمعُ إِذا اسْتَمع إِلى قوم، وهم له كارهُونَ؛ قال: وهذا الحديث محمولٌ على الكِتابِ الذي فيه سِرٌّ وأَمانة، يَكْرَه صاحبُه أَن يُطَّلَع عليه؛ وقيل: هو عامٌّ في كل كتاب. وفي الحديث: لا تَكْتُبوا عني غير القرآن. قال ابن الأَثير: وَجْهُ الجَمْعِ بين هذا الحديث، وبين اذنه في كتابة الحديث
عنه، فإِنه قد ثبت إِذنه فيها، أَن الإِذْنَ، في الكتابة، ناسخ للمنع منها بالحديث الثابت، وبـإِجماع الأُمة على جوازها؛ وقيل: إِنما نَهى أَن يُكْتَبَ الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة، والأَوَّل الوجه. وحكى الأَصمعي عن أَبي عمرو بن العَلاء: أَنه سمع بعضَ العَرَب يقول، وذَكَر إِنساناً فقال: فلانٌ لَغُوبٌ، جاءَتْهُ كتَابي فاحْتَقَرَها، فقلتُ له: أَتَقُولُ جاءَته كِتابي؟ فقال: نَعَمْ؛ أَليس بصحيفة! فقلتُ له: ما اللَّغُوبُ؟ فقال: الأَحْمَقُ؛ والجمع كُتُبٌ. قال سيبويه: هو مما اسْتَغْنَوْا فيه ببناءِ أَكثرِ العَدَدِ عن بناء أَدْناه، فقالوا: ثلاثةُ كُتُبٍ.
والـمُكاتَبَة والتَّكاتُبُ، بمعنى. والكِتابُ، مُطْلَقٌ: التوراةُ؛ وبه فسر الزجاج قولَه تعالى: نَبَذَ فَريقٌ من الذين أُوتُوا الكِتابَ. وقوله: كتابَ اللّه؛ جائز أَن يكون القرآنَ، وأَن يكون التوراةَ، لأَنَّ الذين كفروا بالنبي، صلى اللّه عليه وسلم، قد نَبَذُوا التوراةَ. وقولُه تعالى: والطُّورِ وكتابٍ مَسْطور. قيل: الكِتابُ ما أُثْبِتَ على بني آدم من أَعْمالهم. والكِتابُ: الصحيفة والدَّواةُ، عن اللحياني. قال: وقد قرئ ولم تَجدوا كِتاباً وكُتَّاباً وكاتِـباً؛ فالكِتابُ ما يُكْتَبُ فيه؛ وقيل الصّحيفة والدَّواةُ، وأما الكاتِبُ والكُتَّاب فمعروفانِ. وكَتَّبَ الرجلَ وأَكْتَبَه إِكْتاباً: عَلَّمَه الكِتابَ. ورجل مُكْتِبٌ: له أَجْزاءٌ تُكْتَبُ من عنده. والـمُكْتِبُ: الـمُعَلِّمُ؛ وقال اللحياني: هو الـمُكَتِّبُ الذي يُعَلِّم الكتابَة. قال الحسن: كان الحجاج مُكْتِـباً بالطائف، يعني مُعَلِّماً؛ ومنه قيل: عُبَيْدٌ الـمُكْتِبُ، لأَنه كان مُعَلِّماً.
والـمَكْتَبُ: موضع الكُتَّابِ. والـمَكْتَبُ والكُتَّابُ: موضع تَعْلِـيم الكُتَّابِ، والجمع الكَتَاتِـيبُ والـمَكاتِبُ. الـمُبَرِّدُ: الـمَكْتَبُ موضع التعليم، والـمُكْتِبُ الـمُعَلِّم، والكُتَّابُ الصِّبيان؛ قال: ومن جعل الموضعَ الكُتَّابَ، فقد أَخْطأَ. ابن الأَعرابي: يقال لصبيان الـمَكْتَبِ الفُرْقانُ أَيضاً. ورجلٌ كاتِبٌ، والجمع كُتَّابٌ وكَتَبة، وحِرْفَتُه الكِتابَةُ. والكُتَّابُ: الكَتَبة. ابن الأَعرابي: الكاتِبُ عِنْدَهم العالم. قال اللّه تعالى: أَم عِنْدَهُم الغيبُ فَهُمْ يَكْتُبونَ؟ وفي كتابه إِلى أَهل اليمن: قد بَعَثْتُ إِليكم كاتِـباً من أَصحابي؛ أَراد عالماً، سُمِّي به لأَن الغالبَ على من كان يَعْرِفُ الكتابةَ، أَن عنده العلم والمعرفة، وكان الكاتِبُ عندهم عزيزاً، وفيهم قليلاً.
والكِتابُ: الفَرْضُ والـحُكْمُ والقَدَرُ؛ قال الجعدي:
يا ابْنَةَ عَمِّي ! كِتابُ اللّهِ أَخْرَجَني * عَنْكُمْ، وهل أَمْنَعَنَّ اللّهَ ما فَعَلا؟
والكِتْبة: الحالةُ. والكِتْبةُ: الاكْتِتابُ في الفَرْضِ والرِّزْقِ.
ويقال: اكْتَتَبَ فلانٌ أَي كَتَبَ اسمَه في الفَرْض. وفي حديث ابن عمر: من اكْتَتَبَ ضَمِناً، بعَثَه اللّه ضَمِناً يوم القيامة، أَي من كَتَبَ اسْمَه في دِيوانِ الزَّمْنَى ولم يكن زَمِناً، يعني الرجل من أَهلِ الفَيْءِ فُرِضَ له في الدِّيوانِ فَرْضٌ، فلما نُدِبَ للخُروجِ مع
المجاهدين، سأَل أَن يُكْتَبَ في الضَّمْنَى، وهم الزَّمْنَى، وهو صحيح.
والكِتابُ يُوضَع موضع الفَرْض. قال اللّه تعالى: كُتِبَ عليكم القِصاصُ في القَتْلى. وقال عز وجل: كُتِبَ عليكم الصيامُ؛ معناه: فُرِضَ.
وقال: وكَتَبْنا عليهم فيها أَي فَرَضْنا. ومن هذا قولُ النبي، صلى اللّه عليه وسلم، لرجلين احتَكما إِليه: لأَقْضِـيَنَّ بينكما بكِتابِ اللّه أَي بحُكْم اللّهِ الذي أُنْزِلَ في كِتابه، أَو كَتَبَه على عِـبادِه، ولم يُرِدِ القُرْآنَ، لأَنَّ النَّفْيَ والرَّجْمَ لا ذِكْر لَـهُما فيه؛ وقيل: معناه أَي بفَرْضِ اللّه تَنْزيلاً أَو أَمْراً، بَيَّنه على لسانِ رسوله، صلى اللّه عليه وسلم. وقولُه تعالى: كِتابَ اللّهِ عليكم؛ مصْدَرٌ أُريدَ به الفِعل أَي كَتَبَ اللّهُ عليكم؛ قال: وهو قَوْلُ حُذَّاقِ النحويين (1)
(1 قوله «وهو قول حذاق النحويين» هذه عبارة الأزهري في تهذيبه ونقلها الصاغاني في تكملته، ثم قال: وقال الكوفيون هو منصوب على الاغراء بعليكم وهو بعيد، لأن ما انتصب بالاغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل وهو عليكم وقد تقدم
في هذا الموضع. ولو كان النص عليكم كتاب اللّه لكان نصبه على الاغراء أحسن من المصدر.) . وفي حديث أَنَسِ بن النَّضْر، قال له: كِتابُ اللّه القصاصُ أَي فَرْضُ اللّه على لسانِ نبيه، صلى اللّه عليه وسلم؛ وقيل: هو إِشارة إِلى قول اللّه، عز وجل: والسِّنُّ بالسِّنِّ، وقوله تعالى: وإِنْ عاقَبْتُمْ فعاقِـبوا بمثل ما عُوقِـبْتُمْ به. وفي حديث بَريرَةَ: من اشْتَرَطَ شَرْطاً ليس في كتاب اللّه أَي ليس في حكمه، ولا على مُوجِبِ قَضاءِ كتابِه، لأَنَّ كتابَ اللّه أَمَرَ بطاعة الرسول، وأَعْلَم أَنَّ سُنَّته بيانٌ له، وقد جعل الرسولُ الوَلاءَ لمن أَعْتَقَ، لا أَنَّ الوَلاءَ مَذْكور في القرآن نصّاً.
والكِتْبَةُ: اكْتِتابُكَ كِتاباً تَنْسَخُه.
واسْتَكْتَبه: أَمَرَه أَن يَكْتُبَ له، أَو اتَّخَذه كاتِـباً. والـمُكاتَبُ: العَبْدُ يُكاتَبُ على نَفْسه بثمنه، فإِذا سَعَى وأَدَّاهُ عَتَقَ.
وفي حديث بَريرَة: أَنها جاءَتْ تَسْتَعِـينُ بعائشة، رضي اللّه عنها، في كتابتها. قال ابن الأَثير: الكِتابةُ أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه على مالٍ يُؤَدِّيه إِليه مُنَجَّماً، فإِذا أَدَّاه صار حُرّاً. قال: وسميت
كتابةً، بمصدر كَتَبَ، لأَنه يَكْتُبُ على نفسه لمولاه ثَمَنه، ويَكْتُبُ
مولاه له عليه العِتْقَ. وقد كاتَبه مُكاتَبةً، والعبدُ مُكاتَبٌ. قال:
وإِنما خُصَّ العبدُ بالمفعول، لأَن أَصلَ الـمُكاتَبة من الـمَوْلى، وهو الذي يُكاتِبُ عبده. ابن سيده: كاتَبْتُ العبدَ: أَعْطاني ثَمَنَه على أَن أُعْتِقَه. وفي التنزيل العزيز: والذينَ يَبْتَغُون الكِتاب مما
مَلَكَتْ أَيمانُكم فكاتِـبُوهم إِنْ عَلِمْتم فيهم خَيْراً. معنى الكِتابِ
والـمُكاتَبةِ: أَن يُكاتِبَ الرجلُ عبدَه أَو أَمَتَه على مالٍ يُنَجِّمُه
عليه، ويَكْتُبَ عليه أَنه إِذا أَدَّى نُجُومَه، في كلِّ نَجْمٍ كذا
وكذا، فهو حُرٌّ، فإِذا أَدَّى جميع ما كاتَبه عليه، فقد عَتَقَ، وولاؤُه
لمولاه الذي كاتَبهُ. وذلك أَن مولاه سَوَّغَه كَسْبَه الذي هو في الأَصْل لمولاه، فالسيد مُكاتِب، والعَبدُ مُكاتَبٌ إِذا عَقَدَ عليه ما فارَقَه عليه من أَداءِ المال؛ سُمِّيت مُكاتَبة لِـما يُكْتَبُ للعبد على السيد من العِتْق إِذا أَدَّى ما فُورِقَ عليه، ولِـما يُكتَبُ للسيد على العبد من النُّجُوم التي يُؤَدِّيها في مَحِلِّها، وأَنَّ له تَعْجِـيزَه إِذا
عَجَزَ عن أَداءِ نَجْمٍ يَحِلُّ عليه. الليث: الكُتْبةُ الخُرزَةُ المضْمومة بالسَّيْرِ، وجمعها كُتَبٌ. ابن سيده: الكُتْبَةُ، بالضم، الخُرْزَة
التي ضَمَّ السيرُ كِلا وَجْهَيْها. وقال اللحياني: الكُتْبة السَّيْر
الذي تُخْرَزُ به الـمَزادة والقِرْبةُ، والجمع كُتَبٌ، بفتح التاءِ؛ قال
ذو الرمة:
وَفْراءَ غَرْفِـيَّةٍ أَثْـأَى خَوارِزَها * مُشَلْشَلٌ، ضَيَّعَتْه بينها الكُتَبُ
الوَفْراءُ: الوافرةُ. والغَرْفيةُ: الـمَدْبُوغة بالغَرْف، وهو شجرٌ
يُدبغ به. وأَثْـأَى: أَفْسَدَ. والخَوارِزُ: جمع خارِزَة. وكَتَبَ السِّقاءَ والـمَزادة والقِرْبة، يَكْتُبه كَتْباً: خَرَزَه بِسَيرين، فهي كَتِـيبٌ. وقيل: هو أَن يَشُدَّ فمَه حتى لا يَقْطُرَ منه شيء.وأَكْتَبْتُ القِرْبة: شَدَدْتُها بالوِكاءِ، وكذلك كَتَبْتُها كَتْباً، فهي مُكْتَبٌ وكَتِـيبٌ. ابن الأَعرابي: سمعت أَعرابياً يقول: أَكْتَبْتُ فمَ السِّقاءِ فلم يَسْتَكْتِبْ أَي لم يَسْتَوْكِ لجَفائه وغِلَظِه.
وفي حديث المغيرة: وقد تَكَتَّبَ يُزَفُّ في قومه أَي تَحَزَّمَ وجَمَعَ
عليه ثيابَه، من كَتَبْتُ السقاءَ إِذا خَرَزْتَه. وقال اللحياني: اكْتُبْ
قِرْبَتَك اخْرُزْها، وأَكْتِـبْها: أَوكِها، يعني: شُدَّ رأْسَها.
والكَتْبُ: الجمع، تقول منه: كَتَبْتُ البَغْلة إِذا جمَعْتَ بين شُفْرَيْها
بحَلْقَةٍ أَو سَيْرٍ.
والكُتْبَةُ: ما شُدَّ به حياءُ البغلة، أَو الناقة، لئلا يُنْزَى عليها. والجمع كالجمع. وكَتَبَ الدابةَ والبغلة والناقةَ يَكْتُبها، ويَكْتِـبُها كَتْباً، وكَتَبَ عليها: خَزَمَ حَياءَها بحَلْقةِ حديدٍ أَو صُفْرٍ تَضُمُّ شُفْرَيْ حيائِها، لئلا يُنْزَى عليها؛ قال:
لا تَـأْمَنَنَّ فَزارِيّاً، خَلَوْتَ به، * على بَعِـيرِك واكْتُبْها بأَسْيارِ
وذلك لأَنَّ بني فزارة كانوا يُرْمَوْنَ بغِشْيانِ الإِبل. والبعيرُ
هنا: الناقةُ. ويُرْوَى: على قَلُوصِك. وأَسْيار: جمع سَيْر، وهو
الشَّرَكَةُ.
أَبو زيد: كَتَّبْتُ الناقةَ تَكْتيباً إِذا صَرَرْتَها. والناقةُ إِذا ظَئِرَتْ على غير ولدها، كُتِبَ مَنْخُراها بخَيْطٍ، قبلَ حَلِّ الدُّرْجَة عنها، ليكونَ أَرْأَم لها. ابن سيده: وكَتَبَ الناقة يَكْتُبُها كَتْباً: ظَـأَرها، فَخَزَمَ مَنْخَرَيْها بشيءٍ، لئلا تَشُمَّ البَوَّ، فلا تَرْأَمَه. وكَتَّبَها تَكْتيباً، وكَتَّبَ عليها: صَرَّرها. والكَتِـيبةُ: ما جُمِعَ فلم يَنْتَشِرْ؛ وقيل: هي الجماعة الـمُسْتَحِـيزَةُ من الخَيْل أَي في حَيِّزٍ على حِدَةٍ. وقيل: الكَتيبةُ جماعة الخَيْل إِذا أَغارت، من المائة إِلى الأَلف. والكَتيبة: الجيش. وفي حديث السَّقيفة: نحن أَنصارُ اللّه وكَتيبة الإِسلام. الكَتيبةُ: القِطْعة العظيمةُ من الجَيْش، والجمع الكَتائِبُ. وكَتَّبَ الكَتائِبَ: هَيَّـأَها كَتِـيبةً كتيبةً؛ قال طُفَيْل:
فأَلْوَتْ بغاياهم بنا، وتَباشَرَتْ * إِلى عُرْضِ جَيْشٍ، غيرَ أَنْ لم يُكَتَّبِ
وتَكَتَّبَتِ الخيلُ أَي تَجَمَّعَتْ. قال شَمِرٌ: كل ما ذُكِرَ في الكَتْبِ قريبٌ بعضُه من بعضٍ، وإِنما هو جَمْعُكَ بين الشيئين. يقال:
اكْتُبْ بَغْلَتَك، وهو أَنْ تَضُمَّ بين شُفْرَيْها بحَلْقةٍ، ومن ذلك سميت
الكَتِـيبَةُ لأَنها تَكَتَّبَتْ فاجْتَمَعَتْ؛ ومنه قيل: كَتَبْتُ الكِتابَ لأَنه يَجْمَع حَرْفاً إِلى حرف؛ وقول ساعدة بن جُؤَيَّة:
لا يُكْتَبُون ولا يُكَتُّ عَدِيدُهم، * جَفَلَتْ بساحتِهم كَتائِبُ أَوعَبُوا
قيل: معناه لا يَكْتُبُهم كاتبٌ من كثرتهم، وقد قيل: معناه لا
يُهَيَّؤُونَ.
وتَكَتَّبُوا: تَجَمَّعُوا. والكُتَّابُ: سَهْمٌ صغير، مُدَوَّرُ الرأْس، يَتَعَلَّم به الصبيُّ الرَّمْيَ، وبالثاءِ أَيضاً؛ والتاء في هذا الحرف أَعلى من الثاءِ.
وفي حديث الزهري: الكُتَيْبةُ أَكْثَرُها عَنْوةٌ،
وفيها صُلْحٌ. الكُتَيْبةُ، مُصَغَّرةً: اسم لبعض قُرى خَيْبَر؛ يعني أَنه فتَحَها قَهْراً، لا عن صلح. وبَنُو كَتْبٍ: بَطْنٌ، واللّه أَعلم.