وع.
وتَوَكَّزَ: تَوَشَّزَ، وتَوَكَّأ، وتَمَلأَّ.
زخر: زَخَرَ البَحْرُ يَزْخَرُ زَخْراً وزُخُوراً وتَزَخَّرَ: طَمَا
وَــتَمَـَّلأَ. وزَخَرَ الوادِي زَخْراً: مَدَّ جِدّاً وارتفع، فهو زاخِرٌ.
وفي حديث جابر: فَزَخَرَ البَحْرُ أَي مَدَّ وكَثُرَ ماؤُه وارتفعت
أَمواجه. وزَخَر القومُ: جاشوا لِنَفِيرٍ أَو حَرْبٍ؛ وكذلك زَخَرَتِ الحربُ
نفسُها؛ قال:
إِذا زَخَرَتْ حَرْبٌ لِيَوْمِ عَظِيمَةٍ،
رأَيتَ بُحُوراً من نُحُورِهِمُ تَطْمُو
وزَخَرَتِ القِدْرُ تَزْخَرُ زَخْراً: جاشَتْ؛ قال أُمية
بن أَبي الصلت:
فَقُدُورهُ بِفنائِهِ،
للضَّيْفِ، مُتْرَعَةٌ زَواخِرْ
وعِرْقٌ زاخِرٌ: وافِرٌ؛ قال الهذلي:
صَنَاعٌ بِإِشْفَاها، حَصَانٌ بِشَكْرِها،
جَوَادٌ بقُوتِ البَطْنِ، والعِرْقُ زَاخِرُ
قال الجوهري: معناه يقال إِنها تجود بقوتها في حال الجوع وهيجان الدم
والطبائع، ويقال: نسبها مرتفع لأَن عِرْقَ الكريم يَزْخَرُ بالكَرَمِ. وقال
أَبو عبيدة: عِرق فلان زاخر إِذا كان كريماً يَنْمِي. وزَخَرَ النباتُ:
طال، وإِذا التف النبات وخرج زهره قيل: قد أَخذ زُخاريَّهُ. وزَخَرَتْ
رِجْلُه زَخْراً: مَدَّتْ؛ عن كراع.
وكلام زَخْوَرِيُّ: فيه تَكبر وتَوَعُّدٌ، وقد تَزَخْوَرَ. ونَبْتٌ
زَخْوَرٌ وزَخْوَرِيٌّ وزُخارِيٌّ: تامٌّ رَيَّانُ. الأَصمعي: إِذا التف
العشبُ وأَخرج زَهْرَهُ قيل: جَنَّ جُنُوناً وقد أَخذ زُخارِيَّهُ؛ قال ابن
مقبل:
ويَرْتَعِيانِ لَيْلَهُما قَرَاراً،
سَقَتْهُ كلُّ مُدْجِنَةٍ هَمُوعِ
زُخارِيَّ النَّباتِ، كأَنَّ فيه
جِيادَ العَبْقَرِيَّةِ والقُطُوعِ
ويقال: مكان زُخارِيُّ النبات، وزُخارِيُّ النبات: زَهْرُهُ. وأَخذ
النباتُ زُخارِيَّهُ أَي حَقَّه من النَّضارة والحسن. وأَرض زَاخِرَةٌ. أَخذت
زُخارِيَّها.
أَبو عمرو: الزَّاخِرُ الشَّرَفُ العالي. ويقال للوادي إِذا جاش مَدُّه
وطمَا سَيْلُه: زَخَرَ يَزْخَرُ زَخْراً، وقيل: إِذا كثر ماؤه وارتفعت
أَمواجه، قال: وإِذا جاش القوم للنَّفِير، قيل: زَخَروا. وقال أَبو تراب:
سمعت مُبْتَكِراً يقول: زاخَرْتُه فَزَخَرْتُه وفاخَرْتُه فَفَخَرْتُه،
وقال الأَصمعي: فَخَرَ بما عنده وزَخَرَ واحدٌ.
سدد: السَّدُّ: إِغلاق الخَلَلِ ورَدْمُ الثَّلْمِ.
سَدَّه يَسُدُّه سَدّاً فانسدّ واستدّ وسدّده: أَصلحه وأَوثقه، والاسم
السُّدُّ. وحكى الزجاج: ما كان مسدوداً خلقه، فهو سُدٌّ، وما كان من عمل
الناس، فهو سَدٌّ، وعلى ذلك وُجِّهت قراءَة من قرأَ بين السُّدَّيْنِ
والسَّدَّيْن. التهذيب: السَّدُّ مصدر قولك سَدَدْتُ الشيء سَدّاً.
والسَّدُّ والسُّدّ: الجبل والحاجز. وقرئ قوله تعالى: حتى إِذا بلغ بين
السّدَّين، بالفتح والضم. وروي عن أَبي عبيدة أَنه قال: بين السُّدّين،
مضموم، إِذا جعلوه مخلوقاً من فعل الله، وإِن كان من فعل الآدميين، فهو
سَد، بالفتح، ونحو ذلك قال الأخفش. وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو: بين
السَّدَّين وبينهم سَدّاً، بفتح السين. وقرأَ في يس: من بين أَيديهم سدّاً ومن
خلفهم سُدّاً، يضم السين، وقرأَ نافع وابن عامر وأَبو بكر عن عاصم
ويعقوب، بضم السين، في الأَربعة المواضع، وقرأَ حمزة والكسائي بين السُّدَّين،
بضم السين. غيره: ضم السين وفتحها، سواء السَّدُّ والسُّدُّ؛ وكذلك قوله:
وجعلنا من بين أَيديهم سدّاً ومن خلفهم سدّاً، فتح السين وضمها.
والسَّد، بالفتح والضم: الردم والجبل؛ ومنه سدّ الرَّوْحاء وسد الصهباء وهما
موضعان بين مكة والمدينة. وقوله عز وجل: وجعلنا من بين أَيديهم سدّاً ومن
خلفهم سدّاً؛ قال الزجاج: هؤلاء جماعة من الكفار أَرادوا بالنبي، صلى الله
عليه وسلم، سوءاً فحال الله بينهم وبين ذلك، وسدّ عليهم الطريق الذي
سلكوه فجعلوا بمنزلة من غُلَّتْ يدُه وسُدَّ طريقه من بين يديه ومن خلفه
وجُعل على بصره غشاوة؛ وقيل في معناه قول آخر: إِن الله وصف ضلال الكفار فقال
سَددْنا عليهم طريقَ الهدى كما قال ختم الله على قلوبهم.
والسِّدادُ: ما سُذَّ به، والجمع أَسِدَّة. وقالوا: سِدادٌ من عَوَزٍ
وسِدادٌ من عَيْشٍ أَي ما تُسَدُّ به الحاجة، وهو على المثل. وفي حديث
النبي، صلى الله عليه وسلم، في السؤال أَنه قال: لا تحل المسأَلة إِلا
لثلاثة، فذكر منهم رجلاً أَصابته جائحة فاجتاحت ماله فيسأَل حتى يصيب سِداداً
من عَيْشٍ أَو قِواماً أَي ما يكفي حاجته؛ قال أَبو عبيدة: قوله سِداداً
من عيش أَي قواماً، هو بكسر السين، وكل شيء سَدَدْتَ به خَلَلاً، فهو
بالكسر، ولهذا سمي سِداد القارورة، بالكسر، وهو صِمامُها لأَنه يَسُدُّ
رأْسَها؛ ومنها سِدادُ الثَّغْرِ، بالكسر، إِذا سُدَّ بالخيل والرجال؛ وأَنشد
العرجي:
أَضاعوني، وأَيَّ فتًى أَضاعوا
ليومِ كريهةٍ، وسِدادِ ثَغْرِ
بالكسر لا غير وهو سَدُّه بالخيل والرجال. الجوهري: وأَما قولهم فيه
سِدادٌ من عَوَز وأَصيبت به سِداداً من عَيْش أَي ما تُسَدُّ به الخَلَّةُ،
فيكسر ويفتح، والكسر أَفصح.
قال: وأَما السَّداد، بالفتح، فإِنما معناه الإِصابة في المنطق أَن يكون
الرجل مُسَدَّداً. ويقال: إِنه لذو سَداً في منطقه وتدبيره، وكذلك في
الرمي. يقال: سَدَّ السَّهْمُ يَسِدُّ إِذا استقام. وسَدَّدْتُه تسديداً.
واسْتَدَّ الشيءُ إِذا استقام؛ وقال:
أُعَلِّمُه الرِّمايَةَ كلَّ يومٍ،
فلما اشْتَدَّ ساعِدُه رَماني
قال الأَصمعي: اشتد، بالشين المعجمة، ليس بشيء؛ قال ابن بري: هذا البيت
ينسب إِلى مَعْن بن أَوس قاله في ابن أُخت له، وقال ابن دريد: هو لمالك
بن فَهْم الأَزْدِيِّ، وكان اسم ابنه سُلَيْمَةَ، رماه بسهم فقتله فقال
البيت؛ قال ابن بري: ورأَيته في شعر عقيل بن عُلَّفَةَ يقوله في ابنه عُميس
حين رماه بسهم، وبعده:
فلا ظَفِرَتْ يمينك حين تَرْمي،
وشَلَّتْ منك حاملةُ البَنانِ
وفي الحديث: كان له قوس تسمى السَّدادَ سميت به تفاو لاً بإِصابة ما رمى
عنها.
والسَّدُّ: الرَّدْمُ لأَنه يُسدُّ به، والسُّدُّ والسَّدُّ: كل بناء
سُدَّ به موضع، وقد قرئ: تجعل بيننا وبينهم سَدّاً وسُدّاً، والجمع
أَسِدٌّ وسُدودٌ، فأَما سُدودٌ فعلى الغالب وأَما أَسدة فشاذ؛ قال ابن سيده:
وعندي أَنه جمع سداد؛ وقوله:
ضَرَبَتْ عليَّ الأَرضُ بالأَسْدادِ
يقول: سُدَّتْ عليَّ الطريقُ أَي عميت عليَّ مذاهبي، وواحد الأَسْدادِ
سُدٌّ.
والسُّدُّ: ذهاب البصر، وهو منه. ابن الأَعرابي: السَّدُودُ العُيون
المفتوحة ولا تبصر بصراً قوياً، يقال منه: عين سادَّة. وقال أَبو زيد: عين
سادَّة وقائمة إِذا ابيضت لا يبصر بها صاحبها ولم تنفقئ بعدُ.
أَبو زيد: السُّدُّ من السحاب النَّشءُ الأَسود من أَي أَقطار السماء
نشأَ. والسُّدُّ واحد السُّدودِ، وهر السحائب السُّودُ. ابن سيده: والسُّدّ
السحاب المرتفع السادُّ الأُفُق، والجمع سُدودٌ؛ قال:
قَعَدْتُ له وشَيَّعَني رجالٌ،
وقد كَثُرَ المَخايلُ والسُّدودُ
وقد سَدَّ عليهم وأَسدَّ. والسُّدّ: القطعة من الجراد تَسُدُّ الأُفُقَ؛
قال الراجز:
سَيْلُ الجَرادِ السُّدُّ يرتادُ الخُضَرْ
فإِما أَن يكون بدلاً من الجراد فيكون اسماً، وإِما أَن يكون جمع
سَدودٍ، وهو الذي يَسُدُّ الأُفُقَ فيكون صفة. ويقال: جاءَنا سُدٌّ من جراد.
وجاءَنا جراد سُدَّ الأُفق من كثرته.
وأَرض بها سَدَدَةٌ، والواحدة سُدَّةٌ: وهي أَودية فيها حجارة وصخور
يبقى فيها الماءُ زماناً؛ وفي الصحاح: الواحد سُدٌّ مثل حُجْرٍ وحِحَرَةٍ.
والسُّدُّ والسَّدُّ: الجبل، وقيل: ما قابلك فسَدَّ ما وراءَه فهو سَدٌّ
وسُدٌّ. ومنه قولهم في المِعْزَى: سَدٌّ يُرَى من ورائه الفقر، وسُدٌّ
أَيضاً، أَي أَن المعنى ليس إِلا منظرها وليس له كبير منفعة. ابن الأَعرابي
قال: رماه في سَدِّ ناقته أَي في شخصها. قال: والسَّدُّ والدَّرِيئة
والدَّرِيعةُ الناقة التي يستتر بها الصائد ويختل ليرمي الصيد؛ وأَنشد
لأَوس:فما جَبُنوا أَنَّا نَسُدُّ عليهمُ،
ولكن لَقُوا ناراً تَحُسُّ وتَسْفَعُ
قال الأَزهري: قرأْت بخط شمر في كتابه: يقال سَدَّ عليك الرجلُ يَسِدُّ
سَدّاً إِذا أَتى السَّدادَ. وما كان هذا الشيء سديداً ولقد سَدَّ يَسدُّ
سَداداً وسُدوداً، وأَنشد بيت أَوس وفسره فقال: لم يجبنوا من الإِنصاف
في القتال ولكن حشرنا عليهن فلقونا ونحن كالنار التي لا تبقي شيئاً؛ قال
الأَزهري: وهذا خلاف ما قال ابن الأَعرابي.
والسَّدُّ: سَلَّة من قضبان، والجمع سِدادٌ وسُدُدٌ. الليث: السُّدودُ
السِّلالُ تتخذ من قضبان لها طباق، والواحدة سَدَّة؛ وقال غيره: السَّلَّة
يقال لها السَّدَّة والطبل.
والسُّدَّة أَمام باب الدار، وقيل: هي السقيفة. التهذيب: والسُّدَّة باب
الدار والبيت؛ يقال: رأَيته قاعداً بَسُدَّةِ بابه وبسُدَّة داره. قال
أَبو سعيد: السُّدَّة في كلام العرب الفِناء، يقال بيت الشَّعَر وما
أَشبهه، والذين تكلموا بالسُّدَّة لم يكونوا أَصحاب أَبنية ولا مَدَرٍ، ومن
جعل السُّدَّة كالصُّفَّة او كالسقيفة فإِنما فسره على مذهب أَهل الحَضَر.
وقال أَبو عمرو: السُّدَّة كالصُّفَّة تكون بين يدي البيت، والظُّلَّة
تكون بباب الدار؛ قال أَبو عبيد: ومنه حديث أَبي الدرداء أَنه أَتى باب
معاوية فلم يأْذن له، فقال: من يَغْشَ سُدَد السلطان يقم ويقعد. وفي الحديث
أَيضاً: الشُّعْثُ الرؤُوسِ الذين لا تُفتح لهم السُّدَدُ. وسُدَّة
المسجد الأَعظم: ما حوله من الرُّواق، وسمي إِسمعيل السُّدِّيُّ بذلك لأَنه
كان تاجراً يبيع الخُمُر والمقانع على باب مسجد الكوفه، وفي الصحاح: في
سُدَّة مسجد الكوفة. قال أَبو عبيد: وبعضهم يجعل السُّدَّة الباب نفسه. وقال
الليث: السديُّ رجل منسوب إِلى قبيلة من اليمن؛ قال الأَزهري: إن أَراد
إِسمعيل السديّ فقد غلط، لا تعرف في قبائل اليمن سدّاً ولا سدّة. وفي
حديث المغيرة بن شعبة: أَنه كان يصلي في سُدَّة المسجد الجامع يوم الجمعة مع
الإِمام، وفي رواية: كان لا يصلي، وسُدَّة الجامع: يعني الظلال التي
حوله. وفي الحديث أَنه قيل له: هذا عليٌّ وفاطمة قائمين بالسُّدَّة؛ السدة:
كالظلة على الباب لتقي الباب من المطر، وقيل: هي الباب نفسه، وقيل: هي
الساحة بين يديه؛ ومنه حديث واردي الحوض: هم الذين لا تفتح لهم السُّدَدُ
ولا يَنكحِون المُنَعَّات أَي لا تفتح لهم الأَبواب. وفي حديث أُم سلمة:
أَنها قالت لعائشة لما أَرادت الخروج إِلى البصرة: إِنك سُدَّة بين رسول
الله، صلى الله عليه وسلم، وبين أُمته أَي باب فمتى أُصيب ذلك الباب بشيء
فقد دخل على رسول الله، صلى الله عليه وسلم، في حريمه وحَوْنَته
واستُبيحَ ما حماه، فلا تكوني أَنت سبب ذلك بالخروج الذي لا يجب عليك فتُحْوِجي
الناس إِلى أَن يفعلوا مثلك. والسُّدَّة والسُّداد، مثل العُطاس
والصُّداع: داء يسدُّ الأَنف يأْخذ بالكَظَم ويمنع نسيم الريح.
والسَّدُّ: العيب، والجمع أَسِدَّة، نادر على غير قياس وقياسه الغالب
عليه أَسُدٌّ أَو سُدود، وفي التهذيب: القياس أَن يجمع سَدٌّ أَسُدّاً أَو
سُدُوداً. الفراء: الوَدَس والسَّدُّ، بالفتح، العيب مثل العَمى والصمَم
والبَكم وكذلك الأَيه والأَبه
(* قوله «وكذلك الأَيه والأَبه» كذا بالأصل
ولعله محرف عن الآهة والماهة أَو نحو ذلك، والآهة والماهة الحصبة
والجدري.) أَبو سعيد: يقال ما بفلان سَدادة يَسُدُّ فاه عن الكلام أَي ما به
عيب، ومنه قولهم: لا تجعلنَّ بِجَنْبِك الأَسِدَّة أَي لا تُضَيِّقَنَ صدرك
فتسكت عن الجواب كمن به صمم وبكم؛ قال الكميت:
وما بِجَنْبَيَ من صَفْح وعائدة،
عند الأَسِدَّةِ، إِنَّ الغِيَّ كالعَضَب
يقول: ليس بي عِيُّ ولا بَكَم عن جواب الكاشح، ولكني أَصفح عنه لأَن
العِيَّ عن الجواب كالعَضْب، وهو قطع يد أَو ذهاب عضو. والعائدة:
العَطْف.وفي حديث الشعبي: ما سدَدْتُ على خصم قط أَي ما قطعت عليه فأَسُدَّ
كلامه. وصببت في القربة ماء فاسْتَدَّت به عُيون الخُرَز وانسدت بمعنى
واحد.والسَّدَد: القصْد في القول والوَفْقُ والإِصابة، وقد تَسَدَّد له
واستَدَّ.
والسَّديدُ والسَّداد: الصواب من القول. يقال: إِنه لَيُسِدُّ في القول
وهو أَن يُصِيبَ السَّداد يعني القصد. وسَدَّ قوله يَسِدُّ، بالكسر، إِذا
صار سديداً. وإِنه لَيُسِدُّ في القول فهو مُسِدٌّ إِذا كان يصيب السداد
أَي القصد. والسَّدَد: مقصور، من السَّداد، يقال: قل قولاً سَدَداً
وسَداداً وسَديداً أَي صواباً؛ قال الأَعشى:
ماذا عليها؟ وماذا كان ينقُصها
يومَ الترحُّل، لو قالت لنا سَدَدا؟
وقد قال سَداداً من القول.
والتَّسديدُ: التوفيقُ للسداد، وهو الصواب والقصد من القول والعمل.
ورجل سَديدٌ وأَسَدُّ: من السداد وقصد الطريق، وسدَّده الله: وفقه.
وأَمر سديد وأَسَدُّ أَي قاصد. ابن الأَعرابي: يقال للناقة الهَرِمَة سادَّةٌ
وسَلِمَةٌ وسَدِرَةٌ وسَدِمَةٌ. والسِّدادُ: الشيء من اللَّبَن يَيْبَسُ
في إِحليل الناقة.
وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: أَنه سأَل النبي، صلى الله عليه وسلم،
عن الإِزار فقال: سَدِّدْ وقارِبْ؛ قال شمر: سَدِّدْ من السداد وهو
المُوَفَّقُ الذي لا يعاب، أَي اعمل به شيئاً لا تعاب على فعله، فلا تُفْرِط
في إِرساله ولا تَشْميره، جعله الهروي من حديث أَبي بكر، والزمخشري من
حديث النبي، صلى الله عليه وسلم، وأَن أَبا بكر، رضي الله عنه، سأَله؛
والوَفْق: المِقْدار. اللهم سدِّدْنا للخير أَي وَفِّقْنا له؛ قال: وقوله
وقارِب، القِرابُ في الإِبل أَن يُقارِبَها حتى لا تَتَبَدَّد. قال
الأَزهري: معنى قوله قارِبْ أَي لا تُرْخِ الإِزارَ فَتُفْرِطَ في إِسباله، ولا
تُقَلِّصه فتفرط في تشميره ولكن بين ذلك. قال شمر: ويقال سَدِّدْ صاحِبَكَ
أَي علمه واهده، وسَدِّد مالك أَي أَحسن العمل به. والتسديد للإِبل: أَن
تيسرها لكل مكانِ مَرْعى وكل مكان لَيانٍ وكل مكان رَقَاق. ورجل
مُسَدَّدٌ: مُوَفَّق يعمل بالسَّدادِ والقصْد. والمُسَدَّدُ: المُقوَّم. وسَدَّد
رمحه: وهو خلاف قولك عرّضه. وسهم مُسَدَّد: قويم. ويقال: أَسِدَّ يا رجل
وقد أَسدَدْتَ ما شئت أَي طلبت السَّدادَ والقصدَ، أَصبته أَو لم
تُصِبْه؛ قال الأَسود بن يعفر:
أَسِدِّي يا مَنِيُّ لِحِمْيَري
يُطَوِّفُ حَوْلَنا، وله زَئِيرُ
يقول: اقصدي له يا منية حتى يموت.
والسَّاد، بالفتح: الاستقامة والصواب؛ وفي الحديث: قاربوا وسَدَّدوا أَي
اطلبوا بأَعمالكم السَّداد والاستقامة، وهو القصد في الأَمر والعدل فيه؛
ومنه الحديث: قال لعليّ، كرم الله وجهه: سلِ اللهَ السَّداد، واذكر
بالسَّداد تَسديدَك السهم أَي إِصابةَ القصد به. وفي صفة متعلم القرآن: يغفر
لأَبويه إِذا كانا مُسَدَّدَيْن أَي لازمي الطريقة المستقتمة؛ ويروى بكسر
الدال وفتحها على الفاعل والمفعول. وفي الحديث: ما من مؤْمن يؤْمن بالله
ثم يُسَدِّدُ أَي يقتصد فلا يغلو ولا يسرف. قال أَبو عدنان: قال لي جابر
البَذِخُ الذي إِذا نازع قوماً سَدَّد عليهم كل شيء قالوه، قلت: وكيف
يُسَدِّدُ عليهم؟ قال: ينقض عليهم على كل شيء قالوه. وروى الشعبي أَنه قال:
ما سَددتُ على خَصْم قط؛ قال شمر: زعم العِتْرِيِفيُّ أَن معناه ما قطعت
على خصم قط.
والسُّدُّ: الظِّلُّ؛ عن ابن الأَعرابي، وأَنشد:
قعدْتُ له في سُدِّ نِقْضٍ مُعَوَّدٍ،
لذلك، في صَحْراءٍ جِذْمٍ دَرِيُنها
أَي جعلته سترة لي من أَن يراني. وقوله جِذْم دَرينها أَي قديم لأَن
الجذم الأَصل ولا أَقدم من الأَصل، وجعله صفة إِذ كان في معنى الصفة.
والدرين من النبات: الذي قد أَتى عليه عام.
والمُسَدُّ: موضع بمكة عند بستان ابن عامر وذلك البستان مأْسَدَة؛ وقيل:
هو موضع بقرب مكة، شرفها الله تعالى؛ قال أَبو ذؤَيب:
أَلفَيْتُ أَغلَبَ من أُسْدِ المُسَدِّ حديـ
ـدَ النَّابِ، أَخْذَتُه عَقْرٌ فَتَطْرِيحُ
قال الأَصمعي: سأَلت ابن أَبي طرفة عن المُسَدّ فقال: هو بستان ابن
مَعْمَر الذي يقول له الناس بستان ابن عامر. وسُدّ: قرية باليمن. والسُّد،
بالضم: ماءُ سَماء عند جبل لغَطفان أَمر سيدنا رسول الله، صلى الله عليه
وسلم، بسدّه.
ديم: الديمةُ: المطر الذي ليس فيه رَعْد ولا برق، أقله ثلث النهار أو
ثلث الليل، وأَكثره ما بلغ من العِدَّة، والجمع دِيَمٌ؛ قال لبيد:
باتَتْ وأَسْبَلَ والِفٌ من دَيمَةٍ
تَرْوي الخَمائِلَ، دائماً تَسْجامُها
ثم يُشَبَّه به غيره. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها، وسئلت عن عمل
سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وعبادته فقالت: كان عملُه دِيمةً؛
الدِّيمةُ المطر الدائم في سكون، شَبَّهَتْ عمله في دوامه مع الاقتصاد بديمة
المطر الدائم، قال: وأَصله الواو فانقلبت ياء للكسرة قبلها. وفي حديث
حُذَيْفَةَ: وذكر الفتن فقال إنها لآتِيَتُكُم دِيَماً دِيَماً أي أنها
تملأُ الأرض في دَوامٍ، ودِيَمٌ جمع دِيَمةِ المطر، وقد دَيَّمَت السماءُ
تَدْيِيماً؛ قال جَهْم بن سَبَلٍ يمدح رجلاً بالسَّخاء:
أنا الجَواد ابن الجَواد ابن سَبَلْ،
إن دَيَّمُوا جادَ، وإن جادوا وَبَل
(* قوله «أنا الجواد ابن الجواد إلخ» قد تقدم في المادة قبل هذه هو
الجواد. وكذلك الجوهري أورده في مادة سبل وقال: ان سبلاً فيه اسم فرس، وقد
تقدم للمؤلف هناك عن ابن بري ان الشعر لجهم بن سبل وأن ابا زياد الكلابي
ادركه يرعد رأسه وهو يقول: أنا الجواد إلخ اهـ. فظهر من هذا ان سبلاً ليس
اسم فرس بل اسم لوالد جهم القائل هذا الشعر يمدح به نفسه لا رجلاً آخر).
والدَّيامِيمُ: المفاوِزُ. ومفازة دَيْمومَةٌ أي دائمة البعد. وفي حديث
جُهَيْشِ بن أَوْس: ودَيْمومَةٍ سَرْدَحٍ؛ هي الصحراء البعيدة، وهي
فَعْلُولة من الدَّوامِ، أَي بعيدة الأرْجاء يَدُومُ السير فيها، وياؤها
منقلبة عن واو، وقيل: هي فَيْعُولة من دَمَمْتُ القدر إذا طليتها بالرماد أي
أنها مشتبهة لا عَلَمَ بها لسالكها. وحكى أبو حنيفة عن الفراء: ما زالت
السماء دَيْماً دَيْماً أي دائمة المطر، قال: وأَراها معاقبة لمكان الخفة،
فإذا كان هذا لم يُعْتَدّ به في الياء، وقد روي: دامَتِ السماء تَديمُ
مطرت دِيمةً، فإن صح هذا الفعل اعتد به في الياء. وأَرض مَديمةٌ
ومُدَيَّمةٌ: أصابتها الدِّيمةُ، وقد ذكر في دوم؛ قال ابن مقبل:
رَبيبةُ رَمْلٍ دافعَتْ في حُقوفِهِ
رَخاخَ الثَّرى، والأُقحُوانَ المُدَيَّما
وقال كراع: اسْتَدامَ الرجل إذا طأْطأَ رأْسه يَقْطُرُ منه الدم، مقلوب
عن اسْتَدْمى.
حرم: الحِرْمُ، بالكسر، والحَرامُ: نقيض الحلال، وجمعه حُرُمٌ؛ قال
الأَعشى:
مَهادي النَّهارِ لجاراتِهِمْ،
وبالليل هُنَّ عليهمْ حُرُمْ
وقد حَرُمَ عليه الشيء حُرْماً وحَراماً وحَرُمَ الشيءُ، بالضم،
حُرْمَةً وحَرَّمَهُ الله عليه وحَرُمَتِ الصلاة على المرأة حُرُماً وحُرْماً،
وحَرِمَتْ عليها حَرَماً وحَراماً: لغة في حَرُمَت. الأَزهري: حَرُمَت
الصلاة على المرأة تَحْرُمُ حُروماً، وحَرُمَتِ المرأةُ على زوجها تَحْرُمُ
حُرْماً وحَراماً، وحَرُمَ عليه السَّحورُ حُرْماً، وحَرِمَ لغةٌ.
والحَرامُ: ما حَرَّم اللهُ. والمُحَرَّمُ: الحَرامُ. والمَحارِمُ: ما حَرَّم
اللهُ. ومَحارِمُ الليلِ: مَخاوِفُه التي يَحْرُم على الجَبان أَن يسلكها؛
عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
مَحارِمُ الليل لهُنَّ بَهْرَجُ،
حين ينام الوَرَعُ المُحَرَّجُ
(* قوله «المحرج» كذا هو بالأصل والصحاح، وفي المحكم؛ المزلج كمعظم).
ويروى: مخارِمُ الليل أَي أَوائله. وأَحْرَمَ الشيء: جَعله حَراماً.
والحَريمُ: ما حُرِّمَ فلم يُمَسَّ. والحَريمُ: ما كان المُحْرِمون
يُلْقونه من الثياب فلا يَلْبَسونه؛ قال:
كَفى حَزَناً كَرِّي عليه كأَنه
لَقىً، بين أَيْدي الطائفينَ، حَريمُ
الأَزهري: الحَريمُ الذي حَرُمَ مسه فلا يُدْنى منه، وكانت العرب في
الجاهلية إذا حَجَّت البيت تخلع ثيابها التي عليها إذا دخلوا الحَرَمَ ولم
يَلْبسوها ما داموا في الحَرَم؛ ومنه قول الشاعر:
لَقىً، بين أَيدي الطائفينَ، حَريمُ
وقال المفسرون في قوله عز وجل: يا بني آدم خذوا زينَتكم عند كل مَسْجد؛
كان أَهل الجاهلية يطوفون بالبيت عُراةً ويقولون: لا نطوف بالبيت في ثياب
قد أَذْنَبْنا فيها، وكانت المرأة تطوف عُرْيانَةً أَيضاً إلاّ أنها
كانت تَلْبَس رَهْطاً من سُيور؛ وقالت امرأة من العرب:
اليومَ يَبْدو بعضُه أَو كلُّهُ،
وما بَدا منه فلا أُْحِلُّهُ
تعني فرجها أَنه يظهر من فُرَجِ الرَّهْطِ الذي لبسته، فأَمَرَ اللهُ عز
وجل بعد ذكره عُقوبة آدمَ وحوّاء بأَن بَدَتْ سَوْآتُهما بالإستتار
فقال: يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد؛ قال الأَزهري: والتَّعَرِّي
وظهور السوءة مكروه، وذلك مذ لَدُنْ آدم. والحَريمُ: ثوب المُحْرم، وكانت العرب
تطوف عُراةً وثيابُهم مطروحةٌ بين أَيديهم في الطواف. وفي الحديث: أَن
عِياضَ بن حِمار المُجاشِعيّ كان حِرْميَّ رسول الله، صلى الله عليه وسلم،
فكان إذا حج طاف في ثيابه؛ كان أشراف العرب الذي يتَحَمَّسونَ على دينهم
أَي يتشدَّدون إذا حَج أحدهم لم يأكل إلاّ طعامَ رجلٍ من الحَرَم، ولم
يَطُفْ إلاَّ في ثيابه فكان لكل رجل من أَشرافهم رجلٌ من قريش، فيكون كل
واحدٍ منهما حِرْمِيَّ صاحبه، كما يقال كَرِيٌّ للمُكْري والمُكْتَري،
قال: والنَّسَبُ في الناس إلى الحَرَمِ حِرْمِيّ، بكسر الحاء وسكون الراء.
يقال: رجل حِرْمِيّ، فإذا كان في غير الناس قالوا ثوب حَرَمِيّ.
وحَرَمُ مكة: معروف وهو حَرَمُ الله وحَرَمُ رسوله. والحَرَمانِ: مكة
والمدينةُ، والجمع أَحْرامٌ. وأَحْرَمَ القومُ: دخلوا في الحَرَمِ. ورجل
حَرامٌ: داخل في الحَرَمِ، وكذلك الاثنان والجمع والمؤنث، وقد جمعه بعضهم
على حُرُمٍ.
والبيت الحَرامُ والمسجد الحَرامُ والبلد الحَرام. وقوم حُرُمٌ
ومُحْرِمون. والمُحْرِمُ: الداخل في الشهر الحَرام، والنَّسَبُ إلى
الحَرَم حِرْمِيٌّ، والأُنثى حِرْمِيَّة، وهو من المعدول الذي يأتي على غير
قياس، قال المبرد: يقال امرأة حِرْمِيَّة وحُرْمِيَّة وأَصله من قولهم:
وحُرْمَةُ البيت وحِرْمَةُ البيت؛ قال الأَعشى:
لا تأوِيَنَّ لحِرْمِيٍّ مَرَرْتَ به،
بوماً، وإنْ أُلْقِيَ الحِرْميُّ في النار
وهذا البيت أَورده ابن سيده في المحكم، واستشهد به ابن بري في أَماليه
على هذه الصورة، وقال: هذا البيت مُصَحَّف، وإنما هو:
لا تَأوِيَنَّ لِجَرْمِيٍّ ظَفِرْتَ به،
يوماً، وإن أُلْقِيَ الجَرْميُّ في النّار
الباخِسينَ لِمَرْوانٍ بذي خُشُبٍ،
والدَّاخِلين على عُثْمان في الدَّار
وشاهد الحِرْمِيَّةِ قول النابغة الذبياني:
كادَتْ تُساقِطُني رَحْلي ومِيثَرَتي،
بذي المَجازِ، ولم تَحْسُسْ به نَغَما
من قول حِرْمِيَّةٍ قالت، وقد ظَعنوا:
هل في مُخْفِّيكُمُ مَنْ يَشْتَري أَدَما؟
وقال أَبو ذؤيب:
لَهُنَّ نَشيجٌ بالنَّشيلِ، كأَنها
ضَرائرُ حِرْميٍّ تفاحشَ غارُها
قال الأَصمعي: أَظنه عَنى به قُرَيْشاً، وذلك لأَن أَهل الحَرَمِ أَول
من اتخذ الضرائر، وقالوا في الثوب المنسوب إليه حَرَمِيّ، وذلك للفرق الذي
يحافظون عليه كثيراً ويعتادونه في مثل هذا. وبلد حَرامٌ ومسجد حَرامٌ
وشهر حرام.
والأَشهُر الحُرُمُ أَربعة: ثلاثة سَرْدٌ أَي متتابِعة وواحد فَرْدٌ،
فالسَّرْدُ ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمُحَرَّمُ، والفَرْدُ رَجَبٌ. وفي
التنزيل العزيز: منها أَربعة حُرُمٌ؛ قوله منها، يريد الكثير، ثم قال:
فلا تَظْلِموا فيهنَّ أَنفسكم لما كانت قليلة.
والمُحَرَّمُ: شهر الله، سَمَّتْه العرب بهذا الإسم لأَنهم كانوا لا
يستَحلُّون فيه القتال، وأُضيف إلى الله تعالى إعظاماً له كما قيل للكعبة
بيت الله، وقيل: سمي بذلك لأَنه من الأشهر الحُرُمِ؛ قال ابن سيده: وهذا
ليس بقوي. الجوهري: من الشهور أَربعة حُرُمٌ كانت العرب لا تستحل فيها
القتال إلا حَيّان خَثْعَم وطَيِّءٌ، فإنهما كانا يستَحِلاَّن الشهور، وكان
الذين يَنْسؤُون الشهور أَيام المواسم يقولون: حَرّمْنا عليكم القتالَ في
هذه الشهور إلاَّ دماء المُحِلِّينَ، فكانت العرب تستحل دماءهم خاصة في
هذه الشهور، وجمع المُحَرَّم مَحارِمُ ومَحاريمُ ومُحَرَّماتٌ. الأَزهري:
كانت العرب تُسَمِّي شهر رجب الأَصَمَّ والمُحَرَّمَ في الجاهلية؛ وأَنشد
شمر قول حميد بن ثَوْر:
رَعَيْنَ المُرارَ الجَوْنَ من كل مِذْنَبٍ،
شهورَ جُمادَى كُلَّها والمُحَرَّما
قال: وأَراد بالمُحَرَّمِ رَجَبَ، وقال: قاله ابن الأَعرابي؛ وقال
الآخر:أَقَمْنا بها شَهْرَيْ ربيعٍ كِليهما،
وشَهْرَيْ جُمادَى، واسْتَحَلُّوا المُحَرَّما
وروى الأَزهري بإسناده عن أُم بَكْرَةَ: أَن النبي، صلى الله عليه وسلم،
خَطَبَ في صِحَّته فقال: أَلا إنَّ الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق
السموات والأرض، السَّنَة اثنا عشر شهراً، منها أَربعة حُرُمٌ، ثلاثةٌ
مُتَوالِياتٌ: ذو القَعْدة وذو الحِجَّة والمحَرَّمُ، ورَجَبُ مُضَرَ الذي بين
جُمادَى وشعبان. والمُحَرَّم: أَول الشهور. وحَرَمَ وأَحْرَمَ: دخل في
الشهر الحرام؛ قال:
وإذْ فَتَكَ النُّعْمانُ بالناس مُحْرِماً،
فَمُلِّئَ من عَوْفِ بن كعبٍ سَلاسِلُهْ
فقوله مُحْرِماً ليس من إحْرام الحج، ولكنه الداخل في الشهر الحَرامِ.
والحُرْمُ، بالضم: الإحْرامُ بالحج. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها: كنت
أُطَيِّبُه، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّهِ ولِحُرْمِه أَي عند إِحْرامه؛
الأَزهري: المعنى أَنها كانت تُطَيِّبُه إذا اغْتسل وأَراد الإِحْرام
والإهْلالَ بما يكون به مُحْرِماً من حج أَو عمرة، وكانت تُطَيِّبُه إذا
حَلّ من إحْرامه؛ الحُرْمُ، بضم الحاء وسكون الراء: الإحْرامُ بالحج،
وبالكسر: الرجل المُحْرِمُ؛ يقال: أَنتَ حِلّ وأَنت حِرْمٌ. والإِحْرامُ: مصدر
أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إحْراماً إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة
وباشَرَ أَسبابهما وشروطهما من خَلْع المَخِيط، وأَن يجتنب الأشياء التي منعه
الشرع منها كالطيب والنكاح والصيد وغير ذلك، والأَصل فيه المَنْع، فكأنَّ
المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء. ومنه حديث الصلاة: تَحْرِيمُها
التكبير، كأن المصلي بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام
والأَفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالِها، فقيل للتكبير تَحْرِيمٌ
لمنعه المصلي من ذلك، وإنما سميت تكبيرَة الإحْرام أَي الإِحرام
بالصلاة.والحُرْمَةُ: ما لا يَحِلُّ لك انتهاكه، وكذلك المَحْرَمَةُ
والمَحْرُمَةُ، بفتح الراء وضمها؛ يقال: إن لي مَحْرُماتٍ فلا تَهْتِكْها، واحدتها
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمَةٌ، يريد أن له حُرُماتٍ. والمَحارِمُ: ما لا يحل
إستحلاله.
وفي حديث الحُدَيْبية: لا يسألوني خُطَّةً يعَظِّمون فيها حُرُماتِ الله
إلا أَعْطيتُهم إياها؛ الحُرُماتُ جمع حُرْمَةٍ كظُلْمَةٍ وظُلُماتٍ؛
يريد حُرْمَةَ الحَرَمِ، وحُرْمَةَ الإحْرامِ، وحُرْمَةَ الشهر الحرام.
وقوله تعالى: ذلك ومن يُعَظِّمْ حُرُماتِ الله؛ قال الزجاج: هي ما وجب
القيامُ به وحَرُمَ التفريطُ فيه، وقال مجاهد: الحُرُماتُ مكة والحج
والعُمْرَةُ وما نَهَى الله من معاصيه كلها، وقال عطاء: حُرُماتُ الله معاصي
الله.وقال الليث: الحَرَمُ حَرَمُ مكة وما أَحاط إلى قريبٍ من الحَرَمِ، قال
الأَزهري: الحَرَمُ قد ضُرِبَ على حُدوده بالمَنار القديمة التي بَيَّنَ
خليلُ الله، عليه السلام، مشَاعِرَها وكانت قُرَيْش تعرفها في الجاهلية
والإسلام لأَنهم كانوا سُكان الحَرَمِ، ويعملون أَن ما دون المَنارِ إلى
مكة من الحَرَمِ وما وراءها ليس من الحَرَمِ، ولما بعث الله عز وجل
محمداً، صلى الله عليه وسلم، أَقرَّ قُرَيْشاً على ما عرفوه من ذلك، وكتب مع
ابن مِرْبَعٍ الأَنصاري إلى قريش: أَن قِرُّوا على مشاعركم فإنكم على إرْثٍ
من إرْثِ إبراهيم، فما كان دون المنار، فهو حَرَم لا يحل صيده ولا
يُقْطَع شجره، وما كان وراء المَنار، فهو من الحِلّ يحِلُّ صيده إذا لم يكن
صائده مُحْرِماً. قال: فإن قال قائل من المُلْحِدين في قوله تعالى: أَوَلم
يَرَوْا أَنَّا جعلنا حَرَماً آمناً ويُتَخَطَّف الناس من حولهم؛ كيف
يكون حَرَماً آمناً وقد أُخِيفوا وقُتلوا في الحَرَمِ؟ فالجواب فيه أَنه عز
وجل جعله حَرَماً آمناً أَمراً وتَعَبُّداً لهم بذلك لا إخباراً، فمن آمن
بذلك كَفَّ عما نُهِي عنه اتباعاً وانتهاءً إلى ما أُمِرَ به، ومن
أَلْحَدَ وأَنكر أَمرَ الحَرَمِ وحُرْمَتَهُ فهو كافر مباحُ الدمِ، ومن
أَقَرَّ وركب النهيَ فصاد صيد الحرم وقتل فيه فهو فاسق وعليه الكفَّارة فيما
قَتَلَ من الصيد، فإن عاد فإن الله ينتقم منه. وأَما المواقيت التي يُهَلُّ
منها للحج فهي بعيدة من حدود الحَرَمِ، وهي من الحلّ، ومن أَحْرَمَ منها
بالحج في الأَشهر الحُرُمِ فهو مُحْرِمٌ مأْمور بالانتهاء ما دام
مُحْرِماً عن الرَّفَثِ وما وراءَه من أَمر النساء، وعن التَّطَيُّبِ بالطيبِ،
وعن لُبْس الثوب المَخيط، وعن صيد الصيد؛ وقال الليث في قول الأَعشى:
بأَجْيادِ غَرْبيِّ الصَّفا والمُحَرَّمِ
قال: المُحَرَّمُ هو الحَرَمُ. وتقول: أَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ
وحَرامٌ، ورجل حَرامٌ أَي مُحْرِم، والجمع حُرُم مثل قَذالٍ وقُذُلٍ،
وأَحْرَم بالحج والعمرة لأَنه يَحْرُم عليه ما كان له حَلالاً من قبلُ كالصيد
والنساء. وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في الإحْرام بالإِهلال، وأَحْرَمَ إذا
صار في حُرَمِه من عهد أَو ميثاق هو له حُرْمَةٌ من أَن يُغار عليه؛
وأََما قول أُحَيْحَة أَنشده ابن الأَعرابي:
قَسَماً، ما غيرَ ذي كَذِبٍ،
أَن نُبيحَ الخِدْن والحُرَمَه
(* قوله «أن نبيح الخدن» كذا بالأصل، والذي في نسختين من المحكم: أن
نبيح الحصن).
قال ابن سيده: فإني أَحسب الحُرَمَةَ لغة في الحُرْمَةِ، وأَحسن من ذلك
أَن يقول والحُرُمَة، بضم الراء، فتكون من باب طُلْمة وظُلُمَةٍ، أَو
يكون أَتبع الضم الضم للضرورة كما أتبع الأَعشى الكسر الكسر أَيضاً
فقال:أَذاقَتْهُمُ الحَرْبُ أَنْفاسَها،
وقد تُكْرَهُ الحربُ بعد السِّلِمْ
إلاَّ أن قول الأَعشى قد يجوز أَن يَتَوَجَّه على الوقف كما حكاه سيبويه
من قولهم: مررت بالعِدِلْ.
وحُرَمُ الرجلِ: عياله ونساؤه وما يَحْمِي، وهي المَحارِمُ، واحدتها
مَحْرَمَةٌ ومَحْرُمة مَحْرُمة. ورَحِمٌ مَحْرَمٌ: مُحَرَّمٌ
تَزْويجُها؛ قال:
وجارةُ البَيْتِ أَراها مَحْرَمَا
كما بَراها الله، إلا إنما
مكارِهُ السَّعْيِ لمن تَكَرَّمَا
كما بَراها الله أَي كما جعلها. وقد تَحَرَّمَ بصُحْبته؛ والمَحْرَمُ:
ذات الرَّحِم في القرابة أَي لا يَحِلُّ تزويجها، تقول: هو ذو رَحِمٍ
مَحْرَمٍ، وهي ذاتُ رَحِمٍ مَحْرَمٍ؛ الجوهري: يقال هو ذو رَحِمٍ منها إذا لم
يحل له نكاحُها. وفي الحديث: لا تسافر امرأة إلا مع ذي مَحْرَمٍ منها،
وفي رواية: مع ذي حُرْمَةٍ منها؛ ذو المَحْرَمِ: من لا يحل له نكاحها من
الأَقارب كالأب والإبن والعم ومن يجري مجراهم.
والحُرْمَة: الذِّمَّةُ. وأَحْرَمَ الرجلُ، فهو مُحْرِمٌ
إذا كانت له ذمة؛ قال الراعي:
قَتَلوا ابنَ عَفّان الخليفةَ مُحْرِماً،
ودَعا فلم أَرَ مثلَهُ مَقْتولا
ويروى: مَخْذولا، وقيل: أَراد بقوله مُحْرِماً أَنهم قتلوه في آخر ذي
الحِجَّةِ؛ وقال أَبو عمرو: أَي صائماً. ويقال: أَراد لم يُحِلَّ من نفسه
شيئاً يوقِعُ به فهو مُحْرِمٌ. الأزهري: روى شمر لعُمَرَ أَنه قال الصيام
إحْرامٌ، قال: وإنما قال الصيامُ إحْرام لامتناع الصائم مما يَثْلِمُ
صيامَه، ويقال للصائم أَيضاً
مُحْرِمٌ؛ قال ابن بري: ليس مُحْرِماً في بيت الراعي من الإحْرام ولا من
الدخول في الشهر الحَرام، قال: وإنما هو مثل البيت الذي قبله، وإنما
يريد أَن عثمان في حُرْمةِ الإسلام وذِمَّته لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً
يُوقِعُ به، ويقال للحالف مُحْرِمٌ لتَحَرُّمِه به، ومنه قول الحسن في الرجل
يُحْرِمُ في الغضب أَي يحلف؛ وقال الآخر:
قتلوا كِسْرى بليلٍ مُحْرِماً،
غادَرُوه لم يُمَتَّعْ بكَفَنْ
يريد: قَتَلَ شِيرَوَيْهِ أَباه أَبْرَوَيْز بنَ هُرْمُزَ. الأَزهري:
الحُرْمة المَهابة، قال: وإذا كان بالإنسان رَحِمٌ وكنا نستحي مه قلنا: له
حُرْمَةٌ، قال: وللمسلم على المسلم حُرْمةٌ ومَهابةٌ. قال أَبو زيد: يقال
هو حُرْمَتُك وهم ذَوو رَحِمِه وجارُه ومَنْ يَنْصره غائباً وشاهداً ومن
وجب عليه حَقُّه. ويقال: أَحْرَمْت عن الشيء إذا أَمسكتَ عنه، وذكر أَبو
القاسم الزجاجي عن اليزيدي أَنه قال: سألت عمي عن قول النبي، صلى الله
عليه وسلم: كلُّ مُسْلم عن مسلم مُحْرِمٌ، قال: المُحْرِمُ الممسك، معناه
أَن المسلم ممسك عن مال المسلم وعِرْضِهِ ودَمِهِ؛ وأَنشد لمِسْكين
الدارميّ:
أَتتْني هَناتٌ عن رجالٍ، كأَنها
خَنافِسُ لَيْلٍ ليس فيها عَقارِبُ
أَحَلُّوا على عِرضي، وأَحْرَمْتُ عنهُمُ،
وفي اللهِ جارٌ لا ينامُ وطالِبُ
قال: وأَنشد المفضل لأَخْضَرَ بن عَبَّاد المازِنيّ جاهليّ:
لقد طال إعْراضي وصَفْحي عن التي
أُبَلَّغُ عنكْم، والقُلوبُ قُلوبُ
وطال انْتِظاري عَطْفَةَ الحِلْمِ عنكمُ
ليَرْجِعَ وُدٌّ، والمَعادُ قريبُ
ولستُ أَراكُمْ تُحْرِمونَ عن التي
كرِهْتُ، ومنها في القُلوب نُدُوبُ
فلا تأمَنُوا مِنّي كَفاءةَ فِعْلِكُمْ،
فيَشْمَتَ قِتْل أَو يُساءَ حبيبُ
ويَظْهَرَ مِنّاً في المَقالِ ومنكُُمُ،
إذا ما ارْتَمَيْنا في المَقال، عُيوبُ
ويقال: أَحْرَمْتُ الشيء بمعنى حَرَّمْتُه؛ قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ:
إلى شَجَرٍ أَلْمَى الظِّلالِ، كأنها
رواهِبُ أَحْرَمْنَ الشَّرابَ عُذُوبُ
قال: والضمير في كأنها يعود على رِكابٍ تقدم ذكرها. وتَحَرَّم منه
بحُرْمَةٍ: تَحَمّى وتَمَنَّعَ. وأََحْرَمَ القومُ إذا دخلوا في الشهر
الحَرامِ؛ قال زهير:
جَعَلْنَ القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَهُ،
وكم بالقَنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
وأَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمة لا تُهْتَكُ؛ وأَنشد بيت زهير:
وكم بالقنانِ من مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
أي ممن يَحِلُّ قتالُه وممن لا يَحِلُّ ذلك منه. والمُحْرِمُ:
المُسالمُ؛ عن ابن الأَعرابي، في قول خِداش بن زهير:
إذا ما أصابَ الغَيْثُ لم يَرْعَ غَيْثَهمْ،
من الناس، إلا مُحْرِمٌ أَو مُكافِلُ
هكذا أَنشده: أَصاب الغَيْثُ، برفع الغيث، قال ابن سيده: وأَراها لغة في
صابَ أَو على حذف المفعول كأنه إذا أَصابَهُم الغَيثُ أَو أَصاب الغيث
بلادَهُم فأَعْشَبَتْ؛ وأَنشده مرة أُخرى:
إذا شَرِبوا بالغَيْثِ
والمُكافِلُ: المُجاوِرُ المُحالِفُ، والكَفيلُ من هذا أُخِذَ.
وحُرْمَةُ الرجل: حُرَمُهُ وأَهله. وحَرَمُ الرجل وحَريمُه: ما يقاتِلُ عنه
ويَحْميه، فجمع الحَرَم أَحْرامٌ، وجمع الحَريم حُرُمٌ. وفلان مُحْرِمٌ بنا أَي
في حَريمنا. تقول: فلان له حُرْمَةٌ أَي تَحَرَّمَ بنا بصحبةٍ أَو بحق
وذِمَّةِ. الأَزهري: والحَريمُ
قَصَبَةُ الدارِ، والحَريمُ فِناءُ المسجد. وحكي عن ابن واصل الكلابي:
حَريم الدار ما دخل فيها مما يُغْلَقُ عليه بابُها وما خرج منها فهو
الفِناءُ، قال: وفِناءُ البَدَوِيِّ ما يُدْرِكُهُ حُجْرَتُه وأَطنابُهُ، وهو
من الحَضَرِيّ إذا كانت تحاذيها دار أُخرى، ففِناؤُهما حَدُّ ما بينهما.
وحَريمُ الدار: ما أُضيف إليها وكان من حقوقها ومَرافِقها. وحَريمُ
البئر: مُلْقى النَّبِيثَة والمَمْشى على جانبيها ونحو ذلك؛ الصحاح: حَريم
البئر وغيرها ما حولها من مَرافقها وحُقوقها. وحَريمُ النهر: مُلْقى طينه
والمَمْشى على حافتيه ونحو ذلك. وفي الحديث: حَريمُ البئر أَربعون ذراعاً،
هو الموضع المحيط بها الذي يُلْقى فيه ترابُها أَي أَن البئر التي يحفرها
الرجل في مَواتٍ فَحريمُها ليس لأَحد أَن ينزل فيه ولا ينازعه عليها،
وسمي به لأَنه يَحْرُمُ منع صاحبه منه أَو لأَنه مُحَرَّمٌ على غيره
التصرفُ فيه.
الأَزهري: الحِرْمُ المنع، والحِرْمَةُ الحِرْمان، والحِرْمانُ نَقيضه
الإعطاء والرَّزْقُ. يقال: مَحْرُومٌ ومَرْزوق. وحَرَمهُ الشيءَ
يَحْرِمُهُ وحجَرِمَهُ حِرْماناً وحِرْماً
(* قوله «وحرماً» أي بكسر فسكون، زاد في
المحكم: وحرماً ككتف) وحَريماً وحِرْمَةً وحَرِمَةً وحَريمةً،
وأَحْرَمَهُ لغةٌ ليست بالعالية، كله: منعه العطيّة؛ قال يصف امرأة:
وأُنْبِئْتُها أَحْرَمَتْ قومَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
أَي حَرَّمَتْهُم على نفسها. الأَصمعي: أَحْرَمَتْ قومها أَي
حَرَمَتْهُم أَن ينكحوها. وروي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أَنه قال: كل مُسلمٍ
عن مسلم مُحْرِمٌ أَخَوانِ نَصيرانِ؛ قال أَبو العباس: قال ابن الأَعرابي
يقال إنه لمُحْرِمٌ عنك أَي يُحَرِّمُ أَذاكَ عليه؛ قال الأَزهري: وهذا
بمعنى الخبر، أَراد أَنه يَحْرُمُ على كل واحد منهما أَن يُؤْذي صاحبَهُ
لحُرْمة الإسلام المانِعَتِه عن ظُلْمِه. ويقال: مُسلم مُحْرِمٌ وهو الذي
لم يُحِلَّ من نفسه شيئاً يُوقِعُ به، يريد أَن المسلم مُعْتَصِمٌ
بالإسلام ممتنع بحُرْمتِهِ ممن أَراده وأَراد ماله.
والتَّحْرِيمُ: خلاف التَّحْليل. ورجل مَحْروم: ممنوع من الخير. وفي
التهذيب: المَحْروم الذي حُرِمَ الخيرَ حِرْماناً. وقوله تعالى: في أَموالهم
حقٌّ معلوم للسائل والمَحْروم؛ قيل: المَحْروم الذي لا يَنْمِي له مال،
وقيل أَيضاً: إِنه المُحارِفُ الذي لا يكاد يَكْتَسِبُ. وحَرِيمةُ
الربِّ: التي يمنعها من شاء من خلقه. وأَحْرَمَ الرجلَ: قَمَرَه، وحَرِمَ في
اللُّعبة يحْرَمُ حَرَماً: قَمِرَ ولم يَقْمُرْ هو؛ وأَنشد:
ورَمَى بسَهْمِ حَريمةٍ لم يَصْطَدِ
ويُخَطُّ خَطٌّ
فيدخل فيه غِلمان وتكون عِدَّتُهُمْ في خارج من الخَطّ فيَدْنو هؤلاء من
الخط ويصافحُ أَحدُهم صاحبَهُ، فإن مسَّ الداخلُ الخارجَ فلم يضبطه
الداخلُ قيل للداخل: حَرِمَ وأَحْرَمَ الخارِجُ الداخلَ، وإن ضبطه الداخلُ
فقد حَرِمَ الخارِجُ وأَحْرَمَه الداخِلُ. وحَرِمَ الرجلُ حَرماً: لَجَّ
ومَحَكَ. وحَرِمَت المِعْزَى وغيرُها من ذوات الظِّلْف حِراماً
واسْتحْرَمَتْ: أَرادت الفحل، وما أَبْيَنَ حِرْمَتَها، وهي حَرْمَى، وجمعها حِرامٌ
وحَرامَى، كُسِّرَ على ما يُكَسَّرُ عليه فَعْلَى التي لها فَعْلانُ نحو
عَجْلان وعَجْلَى وغَرْثان وغَرْثى، والاسم الحَرَمةُ والحِرمةُ؛ الأَول
عن اللحياني، وكذلك الذِّئْبَةُ والكلبة وأكثرها في الغنم، وقد حكي ذلك
في الإبل. وجاء في بعض الحديث: الذين تقوم عليهم الساعةُ تُسَلَّطُ عليهم
الحِرْمَةُ أَي الغُلْمَةُ ويُسْلَبُون الحياءَ، فاسْتُعْمِل في ذكور
الأَناسِيِّ، وقيل: الإسْتِحْرامُ لكل ذات ظِلْفٍ خاصةً. والحِرْمَةُ،
بالكسر: الغُلْمةُ. قال ابن الأثير: وكأنها بغير الآدمي من الحيوان أَخَصُّ.
وقوله في حديث آدم، عليه السلام: إنه اسْتَحْرَمَ بعد موت ابنه مائةَ سنةٍ
لم يَضْحَكْ؛ هو من قولهم: أَحْرَمَ الرجلُ إذا دخل في حُرْمَةٍ لا
تهْتَكُ، قال: وليس من اسْتِحْرام الشاة. الجوهري: والحِرْمةُ في الشاء
كالضَّبْعَةِ في النُّوقِ، والحِنَاء في النِّعاج، وهو شهوة البِضاع؛ يقال:
اسْتَحْرَمَت الشاةُ وكل أُنثى من ذوات الظلف خاصةً إذا اشتهت الفحل. وقال
الأُمَوِيُّ: اسْتَحْرَمتِ الذِّئبةُ والكلبةُ
إذا أَرادت الفحل. وشاة حَرْمَى وشياه حِرامٌ وحَرامَى مثل عِجالٍ
وعَجالى، كأَنه لو قيل لمذكَّرِهِ لَقِيل حَرْمانُ، قال ابن بري: فَعْلَى
مؤنثة فَعْلان قد تجمع على فَعالَى وفِعالٍ نحو عَجالَى وعِجالٍ، وأَما شاة
حَرْمَى فإنها، وإن لم يستعمل لها مذكَّر، فإنها بمنزلة ما قد استعمل لأَن
قياس المذكر منه حَرْمانُ، فلذلك قالوا في جمعه حَرامَى وحِرامٌ، كما
قالوا عَجالَى وعِجالٌ.
والمُحَرَّمُ من الإبل مثل العُرْضِيِّ: وهو الذَّلُول الوَسَط
(* قوله
«وهو الذلول الوسط» ضبطت الطاء في القاموس بضمة، وفي نسختين من المحكم
بكسرها ولعله أقرب للصواب) الصعبُ التَّصَرُّفِ حين تصَرُّفِه. وناقة
مُحَرَّمةٌ: لم تُرَضْ؛ قال الأَزهري: سمعت العرب تقول ناقة مُحَرَّمَةُ
الظهرِ إذا كانت صعبةً لم تُرَضْ ولم تُذَلَّْلْ، وفي الصحاح: ناقة
مُحَرَّمةٌ أَي لم تَتِمَّ رياضتُها بَعْدُ. وفي حديث عائشة: إنه أَراد البَداوَة
فأَرسل إليَّ ناقة مُحَرَّمةً؛ هي التي لم تركب ولم تُذَلَّل.
والمُحَرَّمُ من الجلود: ما لم يدبغ أَو دُبغ فلم يَتَمَرَّن ولم يبالغ، وجِلد
مُحَرَّم: لم تتم دِباغته. وسوط مُحَرَّم: جديد لم يُلَيَّنْ بعدُ؛ قال
الأَعشى:
تَرَى عينَها صَغْواءَ في جنبِ غَرْزِها،
تُراقِبُ كَفِّي والقَطيعَ المُحَرَّما
وفي التهذيب: في جنب موقها تُحاذر كفِّي؛ أَراد بالقَطيع سوطه. قال
الأَزهري: وقد رأَيت العرب يُسَوُّون سياطَهم من جلود الإبل التي لم تدبغ،
يأخذون الشَّريحة العريضة فيقطعون منها سُيوراً عِراضاً ويدفنونها في
الثَّرَى، فإذا نَدِيَتْ ولانت جعلوا منها أَربع قُوىً، ثم فتلوها ثم علَّقوها
من شِعْبَي خشبةٍ يَرْكُزونها في الأَرض فتُقِلُّها من الأَرض ممدودةً
وقد أَثقلوها حتى تيبس.
وقوله تعالى: وحِرْم على قرية أهلكناها أَنهم لا يرجعون؛ روى قَتادةُ عن
ابن عباس: معناه واجبٌ عليها إذا هَلَكَتْ أن لا ترجع إلى دُنْياها؛
وقال أَبو مُعاذٍ النحويّ: بلغني عن ابن عباس أَنه قرأَها وحَرمَ على قرية
أَي وَجَب عليها، قال: وحُدِّثْت عن سعيد بن جبير أَنه قرأَها: وحِرْمٌ
على قرية أَهلكناها؛ فسئل عنها فقال: عَزْمٌ عليها. وقال أَبو إسحق في
قوله تعالى: وحرامٌ
على قرية أَهلكناها؛ يحتاج هذا إلى تَبْيين فإنه لم يُبَيَّنْ، قال:
وهو، والله أَعلم، أَن الله عز وجل لما قال: فلا كُفْرانَ لسعيه إنا له
كاتبون، أَعْلَمنا أَنه قد حَرَّمَ أعمال الكفار، فالمعنى حَرامٌ على قرية
أَهلكناها أَن يُتَقَبَّل منهم عَمَلٌ، لأَنهم لا يرجعون أَي لا يتوبون؛
وروي أَيضاً عن ابن عباس أَنه قال في قوله: وحِرْمٌ على قرية أَهلكناها،
قال: واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنه لا يرجع منهم راجع أَي لا يتوب منهم
تائب؛ قال الأَزهري: وهذا يؤيد ما قاله الزجاج، وروى الفراء بإسناده عن ابن
عباس: وحِرْمٌ؛ قال الكسائي: أَي واجب، قال ابن بري: إنما تَأَوَّلَ
الكسائي وحَرامٌ في الآية بمعنى واجب، لتسلم له لا من الزيادة فيصير المعنى
عند واجبٌ على قرية أَهلكناها أَنهم لا يرجعون، ومن جعل حَراماً بمعنى
المنع جعل لا زائدة تقديره وحَرامٌ على قرية أَهلكناها أَنهم يرجعون،
وتأويل الكسائي هو تأْويل ابن عباس؛ ويقوّي قول الكسائي إن حَرام في الآية
بمعنى واجب قولُ عبد الرحمن بن جُمانَةَ المُحاربيّ جاهليّ:
فإنَّ حَراماً لا أَرى الدِّهْرَ باكِياً
على شَجْوِهِ، إلاَّ بَكَيْتُ على عَمْرو
وقرأ أَهل المدينة وحَرامٌ، قال الفراء: وحَرامٌ أَفشى في القراءة.
وحَرِيمٌ: أَبو حَيّ. وحَرامٌ: اسم. وفي العرب بُطون ينسبون إلى آل
حَرامٍ
(* قوله «إلى آل حرام» هذه عبارة المحكم وليس فيها لفظ آل) بَطْنٌ من
بني تميم وبَطْنٌ في جُذام وبطن في بكر بن وائل. وحَرامٌ: مولى كُلَيْبٍ.
وحَريمةُ: رجل من أَنجادهم؛ قال الكَلْحَبَةُ اليَرْبوعيّ:
فأَدْرَكَ أَنْقاءَ العَرَادةِ ظَلْعُها،
وقد جَعَلَتْني من حَريمةَ إصْبَعا
وحَرِيمٌ: اسم موضع؛ قال ابن مقبل:
حَيِّ دارَ الحَيِّ لا حَيَّ بها،
بِسِخالٍ فأُثالٍ فَحَرِمْ
والحَيْرَمُ: البقر، واحدتها حَيْرَمة؛ قال ابن أَحمر:
تَبَدَّلَ أُدْماً من ظِباءٍ وحَيْرَما
قال الأَصمعي: لم نسمع الحَيْرَمَ إلا في شعر ابن أَحمر، وله نظائر
مذكورة في مواضعها. قال ابن جني: والقولُ في هذه الكلمة ونحوها وجوبُ قبولها،
وذلك لما ثبتتْ به الشَّهادةُ من فَصاحة ابن أَحمر، فإما أَن يكون شيئاً
أَخذه عمن نَطَقَ بلغة قديمة لم يُشارَكْ في سماع ذلك منه، على حدّ ما
قلناه فيمن خالف الجماعة، وهو فصيح كقوله في الذُّرَحْرَح الذُّرَّحْرَحِ
ونحو ذلك، وإما أَن يكون شيئاً ارتجله ابن أَحمر، فإن الأَعرابي إذا
قَوِيَتْ فصاحتُه وسَمَتْ طبيعتُه تصرَّف وارتجل ما لم يسبقه أَحد قبله، فقد
حكي عن رُؤبَة وأَبيه: أَنهما كانا يَرْتَجِلان أَلفاظاً لم يسمعاها ولا
سُبِقا إليها، وعلى هذا قال أَبو عثمان: ما قِيس على كلام العَرَب فهو من
كلام العرب. ابن الأَعرابي: الحَيْرَمُ البقر، والحَوْرَمُ المال الكثير
من الصامِتِ والناطق.
والحِرْمِيَّةُ: سِهام تنسب إلى الحَرَمِ، والحَرَمُ قد يكون الحَرامَ،
ونظيره زَمَنٌ وزَمانٌ.
وحَريمٌ الذي في شعر امرئ القيس: اسم رجل، وهو حَريمُ بن جُعْفِيٍّ
جَدُّ الشُّوَيْعِر؛ قال ابن بري يعني قوله:
بَلِّغا عَنِّيَ الشُّوَيْعِرَ أَني،
عَمْدَ عَيْنٍ، قَلَّدْتُهُنَّ حَريما
وقد ذكر ذلك في ترجمة شعر. والحرَيمةُ: ما فات من كل مَطْموع فيه.
وحَرَمَهُ الشيء يَحْرِمُه حَرِماً مثل سَرَقَه سَرِقاً، بكسر الراء،
وحِرْمَةً
وحَريمةً وحِرْماناً وأَحْرَمَهُ أَيضاً إذا منعه إياه؛ وقال يصف إمرأة:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قَوْمَها
لتَنْكِحَ في مَعْشَرٍ آخَرِينا
(* قوله «ونبئتها» في التهذيب: وأنبئتها)
قال ابن بري: وأَنشد أَبو عبيد شاهداً على أَحْرَمَتْ بيتين متباعد
أَحدهما من صاحبه، وهما في قصيدة تروى لشَقِيق بن السُّلَيْكِ، وتروى لابن
أَخي زِرّ ابن حُبَيْشٍ الفقيه القارئ، وخطب امرأَة فردته فقال:
ونُبِّئْتُها أَحْرَمَتْ قومها
لتَنكِح في معشرٍ آخَرينا
فإن كنتِ أَحْرَمْتِنا فاذْهَبي،
فإن النِّساءَ يَخُنَّ الأَمينا
وطُوفي لتَلْتَقِطي مِثْلَنا،
وأُقْسِمُ باللهِ لا تَفْعَلِينا
فإمّا نَكَحْتِ فلا بالرِّفاء،
إذا ما نَكَحْتِ ولا بالبَنِينا
وزُوِّجْتِ أَشْمَطَ في غُرْبة،
تُجََنُّ الحَلِيلَة منه جُنونا
خَليلَ إماءٍ يُراوِحْنَهُ،
وللمُحْصَناتِ ضَرُوباً مُهِينا
إذا ما نُقِلْتِ إلى دارِهِ
أَعَدَّ لظهرِكِ سوطاً مَتِينا
وقَلَّبْتِ طَرْفَكِ في مارِدٍ،
تَظَلُّ الحَمامُ عليه وُكُونا
يُشِمُّكِ أَخْبَثَ أَضْراسِه،
إذا ما دَنَوْتِ فتسْتَنْشِقِينا
كأَن المَساويكَ في شِدْقِه،
إذا هُنَّ أُكرِهن، يَقلَعنَ طينا
كأَنَّ تَواليَ أَنْيابِهِ
وبين ثَناياهُ غِسْلاً لَجِينا
أَراد بالمارِدِ حِصْناً أَو قَصراً مما تُُعْلى حيطانُه وتُصَهْرَجُ
حتى يَمْلاسَّ فلا يقدر أَحد على ارتقائه، والوُكُونُ: جمع واكِنٍ مثل جالس
وجُلوسٍ، وهي الجاثِمة، يريد أَن الحمام يقف عليه فلا يُذْعَرُ
لارتفاعه، والغِسْل: الخطْمِيُّ، واللَّجِينُ: المضروب بالماء، شبَّه ما رَكِبَ
أَسنانَه وأنيابَِ من الخضرة بالخِطميّ المضروب بالماء. والحَرِمُ، بكسر
الراء: الحِرْمانُ؛ قال زهير:
وإنْ أَتاه خليلٌ يوم مَسْأَلةٍ
يقولُ: لا غائبٌ مالي ولا حَرِمُ
وإنما رَفَعَ يقولُ، وهو جواب الجزاء، على معنى التقديم عند سيبويه
كأَنه قال: يقول إن أَتاه خليل لا غائب، وعند الكوفيين على إضمار الفاء؛ قال
ابن بري: الحَرِمُ الممنوع، وقيل: الحَرِمُ الحَرامُ. يقال: حِرْمٌ
وحَرِمٌ وحَرامٌ بمعنى. والحَريمُ: الـصديق؛ يقال: فلان حَريمٌ
صَريح أَي صَديق خالص. قال: وقال العُقَيْلِيُّونَ حَرامُ
الله لا أَفعلُ ذلك، ويمينُ الله لا أَفعلُ ذلك، معناهما واحد. قال:
وقال أَبو زيد يقال للرجل: ما هو بحارِم عَقْلٍ، وما هو بعادِمِ عقل،
معناهما أَن له عقلاً. الأزهري: وفي حديث بعضهم إذا اجتمعت حُرْمتانِ طُرِحت
الصُّغْرى للكُبْرى؛ قال القتيبي: يقول إذا كان أَمر فيه منفعة لعامَّة
الناس ومَضَرَّةٌ على خاصّ منهم قُدِّمت منفعة العامة، مثال ذلك: نَهْرٌ
يجري لشِرْب العامة، وفي مَجْراه حائطٌ لرجل وحَمَّامٌ يَضُرُّ به هذا
النهر، فلا يُتْرَكُ إجراؤه من قِبَلِ هذه المَضَرَّة، هذا وما أَشبهه، قال:
وفي حديث عمر، رضي الله عنه: في الحَرامِ كَفَّارةُ يمينٍ؛ هو أَن يقول
حَرامُ الله لا أَفعلُ كما يقول يمينُ اللهِ، وهي لغة العقيلِييّن، قال:
ويحتمل أَن يريد تَحْريمَ الزوجة والجارية من غير نية الطلاق؛ ومنه قوله
تعالى: يا أَيها النبي لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ الله لك، ثم قال عز وجل:
قد فرض الله لكم تَحِلَّةَ أَيْمانِكم؛ ومنه حديث عائشة، رضي الله عنها:
آلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، من نسائه وحَرَّمَ فجعل الحَرامَ
حلالاً، تعني ما كان حَرّمهُ على نفسه من نسائه بالإيلاء عاد فأَحَلَّهُ
وجعل في اليمين الكفارةَ. وفي حديث عليّ
(* قوله «وفي حديث عليّ إلخ» عبارة
النهاية: ومنه حديث عليّ إلخ) في الرجل يقول لامرأته: أَنتِ عليَّ
حَرامٌ، وحديث ابن عباس: من حَرّمَ امرأَته فليس بشيءٍ، وحديثه الآخر: إذا
حَرَّمَ الرجل امرأَته فهي يمينٌ يُكَفِّرُها. والإحْرامُ والتَّحْريمُ
بمعنى؛ قال يصف بعيراً:
له رِئَةٌ قد أَحْرَمَتْ حِلَّ ظهرِهِ،
فما فيه للفُقْرَى ولا الحَجِّ مَزْعَمُ
قال ابن بري: الذي رواه ابن وَلاَّد وغيره: له رَبَّة، وقوله مَزْعَم
أَي مَطْمع. وقوله تعالى: للسائل والمَحْرُوم؛ قال ابن عباس: هو
المُحارِف.أَبو عمرو: الحَرُومُ الناقة المُعْتاطةُ الرَّحِمِ، والزَّجُومُ التي
لا تَرْغُو، والخَزُوم المنقطعة في السير، والزَّحُوم التي تزاحِمُ على
الحوض.
والحَرامُ: المُحْرِمُ. والحَرامُ: الشهر الحَرامُ. وحَرام: قبيلة من
بني سُلَيْمٍ؛ قال الفرزدق:
فَمَنْ يَكُ خائفاً لأذاةِ شِعْرِي،
فقد أَمِنَ الهجاءَ بَنُو حَرامِ
وحَرَام أَيضاً: قبيلة من بني سعد بن بكر.
والتَّحْرِيمُ: الصُّعوبة؛ قال رؤبة:
دَيَّثْتُ من قَسْوتِهِ التَّحرِيما
يقال: هو بعير مُحَرَّمٌ أَي صعب. وأَعرابيّ مُحَرَّمٌ
أَي فصيح لم يخالط الحَضَرَ. وقوله في الحديث: أَما عَلِمْتَ أَن الصورة
مُحَرَّمةٌ؟ أَي مُحَرَّمَةُ الضربِ أَو ذات حُرْمةٍ، والحديث الآخر:
حَرَّمْتُ الظلمَ على نفسي أَي تَقَدَّسْتُ عنه وتعالَيْتُ، فهو في حقه
كالشيء المُحَرَّم على الناس. وفي الحديث الآخر: فهو حَرامٌ بحُرمة الله أَي
بتحريمه، وقيل: الحُرْمةُ الحق أَي بالحق المانع من تحليله. وحديث
الرضاع: فَتَحَرَّمَ بلبنها أَي صار عليها حَراماً. وفي حديث ابن عباس:
وذُكِرَ عنده قولُ عليٍّ أَو عثمان في الجمع بين الأَمَتَيْن الأُختين:
حَرَّمَتْهُنَّ آيةٌ وأَحَلَّتْهُنَّ آيةٌ، فقال: يُحَرِّمُهُنَّ عليَّ قرابتي
منهن ولا يُحرِّمُهُنَّ قرابةُ بعضهن من بعض؛ قال ابن الأَثير: أَراد ابن
عباس أَن يخبر بالعِلَّة التي وقع من أجلها تَحْريمُ الجمع بين الأُختين
الحُرَّتَين فقال: لم يقع ذلك بقرابة إحداهما من الأخرى إذ لو كان ذلك لم
يَحِلَّ وطءُ الثانية بعد وطء الأولى كما يجري في الأُمِّ مع البنت،
ولكنه وقع من أجل قرابة الرجل منهما فَحُرمَ عليه أَن يجمع الأُختَ إلى
الأُخت لأَنها من أَصْهاره، فكأَن ابن عباس قد أَخْرَجَ الإماءَ من حكم
الحَرائر لأَنه لا قرابة بين الرجل وبين إمائِه، قال: والفقهاء على خلاف ذلك
فإنهم لا يجيزون الجمع بين الأُختين في الحَرائر والإماء، فالآية
المُحَرِّمةُ قوله تعالى: وأَن تجمعوا بين الأُختين إلاَّ ما قد سلف، والآية
المُحِلَّةُ قوله تعالى: وما مَلكتْ أَيْمانُكُمْ.
حقن: حَقَنَ الشَّيءَ يَحْقُنُه ويَحْقِنُه حَقْناً، فهو مَحْقُونٌ
وحَقِينٌ: حَبَسه. وفي المثل: أَبَى الحَقِينُ العِذْرةَ أَي العُذْر، يضرب
مثلاً للرجل يَعْتَذِر ولا عذر له، وقال أَبو عبيد: أَصل ذلك أَن رجلاً
ضافَ قوماً فاستَسْقاهم لبَناً، وعندهم لبنٌ قد حَقَنُوه في وَطْبٍ،
فاعْتَلُّوا عليه واعْتَذَروا، فقال أَبَى الحَقينُ العِذْرةَ أَي أَن هذا
الحقينَ يُكَذِّبُكم؛ وأَنشد ابن بري في الحَقين للمُخبَّل:
وفي إبلٍ ستِّينَ حَسْبُ ظَعِينة،
يَرُوحُ عليها مَخْضُها وحَقينُها.
وحَقَنَ اللبنَ في القِرْبة والماءَ في السقاء كذلك. وحقَنَ البَوْلَ
يَحقُنُه ويَحْقِنُه: حَبَسه حَقْناً، ولا يقال أَحْقَنه ولا حَقَنَني هو.
وأَحْقَنَ الرجلُ إذا جمع أَنواع اللبن حتى يَطِيب. وأَحْقَنَ بولَه إذا
حَبَسه. وبعيرٌ مِحْقانٌ: يَحْقِنُ البولَ، فإذا بالَ أَكثرَ، وقد عَمَّ
به الجوهريُّ فقال: والمِحْقانُ الذي يَحْقِنُ بوله، فإِذا بالَ أَكثرَ
منه. واحْتَقَنَ المريضُ: احتبَسَ بَوْله. وفي الحديث: لا رأْيَ لحاقِبٍ
ولا حاقِن، فالحاقِنُ في البول، والحاقِبُ في الغائط، والحاقنُ الذي له
بولٌ شديد. وفي الحديث: لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وهو حاقِنٌ، وفي رواية:
وهو حَقِنٌ، حتى يتخفَّفَ الحاقِنُ والحَقِنُ سواءٌ. والحُقْنةُ: دواءٌ
يُحْقَنُ به المريضُ المُحْتَقِنُ، واحْتَقَنَ المريضُ بالحُقْنةِ؛ ومنه
الحديث: أَنه كَرِه الحُقْنةَ؛ هي أَن يُعطى المريضُ الدواءَ من أَسفلِه وهي
معروفة عند الأَطِبّاء. والحاقِنةُ: المَعِدة صفة غالبة لأَنها تحْقِنُ
الطعامَ. قال المفضل: كلَّما مَلأْتَ شيئاً أَو دَسَسْتَه فيه فقد
حقَنْتَه؛ ومنه سمِّيت الحُقْنة. والحاقِنةُ: ما بين التَّرْقُوة والعُنُق،
وقيل: الحاقِنتانِ ما بين التَّرْقُوَتين وحَبْلَي العاتِق، وفي التهذيب:
نُقْرَتا التَّرْقُوتين، والجمع الحواقِنُ، وفي الصحاح: الحاقِنةُ
النُّقْرَةُ التي بين الترقوة وحبل العاتِق، وهما حاقِنتان. وفي المثل:
لأُلْزِقَنَّ حَواقِنَكَ بذَواقِنِك؛ حَواقِنُه: ما حَقَن الطعامَ من بَطْنِه،
وذواقِنُه: أَسفَل بَطْنه ورُكْبَتاه. وقال بعضهم: الحَواقِنُ ما سَفُلَ من
البطن، والذَّواقِنُ ما عَلا. قال ابن بري: ويقال الحاقِنَتان
الهَزْمَتانِ تحت الترقوتين، وقال الأَزهري في هذا المثل: لأُلْحِقَنَّ حواقِنَك
بذواقِنِك، وروي عن ابن الأَعرابي الحاقِنةُ المَعِدة، والذاقِنةُ
الذَّقَنُ، وقيل: الذاقِنةُ طَرَفُ الحُلْقوم. وفي حديث عائشة، رضي الله عنها:
تُوفِّي رسول الله، صلى الله عليه وسلم، بين سَحْرِي ونَحْري، وبين حاقنتي
وذاقنتي وبين شَجْري، وهو ما بين اللَّحْيَين. الأَزهري: الحاقِنةُ
الوَهْدة المنخفضة بين التَّرْقُوتين من الحَلْق. ابن الأَعرابي: الحَقْلَةُ
والحَقْنةُ وجعٌ يكون في البطن، والجمع أَحْقالٌ وأَحْقانٌ. وحَقَنَ دَمَ
الرجلِ: حَلَّ به القتلُ فأَنْقذَه. واحْتَقَنَ الدَّمُ: اجتمع في الجوف.
قال المفضل: وحقَنَ اللهُ دمَه حَبَسه في جلده ومَلأَه به؛ وأَنشد في
نعتِ إبل امتلأَتْ أَجوافُها:
جُرْداً تَحَقَّنَتْ النَّجِيلَ، كأَنما
بجلُودِهِنَّ مدارجُ الأَنْبار.
قال الليث: إذا اجتمع الدمُ في الجوف من طَعْنةٍ جائفةٍ تقول احْتَقَنَ
الدمُ في جوفه؛ ومنه الحديث: فحَقَنَ له دَمَه. يقال: حَقَنْتُ له دَمَه
إذا مَنَعْتَ من قَتْلِه وإراقَتِه أَي جَمعْتَه له وحبَسْتَه عليه.
وحقَنْتُ دَمه: منعتُ أَن يُسْفَك. ابن شميل: المُحْتقِنُ من الضُّروع الواسع
الفَسيحُ، وهو أَحسنُها قدراً، كأَنما هو قَلْتٌ مجتمع مُتَصعِّد حسنٌ،
وإنها لمُحْتقِنةُ الضرعِ. ابن سيده: وحقَن اللبنَ في السِّقاء يَحْقُنُه
حَقْناً صبَّه فيه ليُخرج زُبْدَتَه. والحَقينُ: اللبنُ الذي قد حُقِنَ
في السِّقاء، حَقنْتُه أَحْقُنُه، بالضم: جمعته في السقاء وصببت حليبَه
على رائِبه، واسم هذا اللبن الحَقينُ. والمِحْقَنُ: الذي يُجعل في فمِ
السِّقاءِ والزِّقّ ثم يُصب فيه الشراب أَو الماء. قال الأَزهري: المِحْقن
القِمَعُ الذي يُحْقَن به اللبنُ في السقاء، ويجوز أَن يقال للسقاء نفسه
مِحْقَن، كما يقال له مِصْرَب ومِجزَم، قال: وكل ذلك محفوظ عن العرب.
واحْتَقنَتِ الرَّوْضةُ: أَشرفت جوانبُها على سَرارِها؛ عن أَبي حنيفة.