موضع بالبادية قال سعية بن عريض اليهودي:
يا دار سعدى بمفضى تلعة النّعم، ... حيّيت ذكرا على الإقواء والقدم
عجنا فما كلّمتنا الدار إذ سئلت، ... وما بها عن جواب خلت من صمم
تلع: تَلعَ النهارُ يَتْلَعُ تَلْعاً وتُلُوعاً وأَتْلَع: ارْتَفَعَ.
وتَلَعَتِ الضُّحَى تُلُوعاً وأَتْلَعَت: انْبَسَطَت. وتَلَعُ الضُّحى:
وقتُ تُلُوعِها؛ عن ابن الأَعرابي؛ وأَنشد:
أَأَنْ غَرَّدَتْ في بَطنِ وادٍ حَمامةٌ
بَكَيْتَ، ولم يَعْذِرْكَ بالجَهْلِ عاذِرُ
تَعالَيْن في عُبْرِيّه، تَلَعَ الضُّحَى،
على فَنَنٍ، قد نَعَّمَتْه السَّرائر
وتَلَع الظبْيُ والثَّوْرُ من كِناسه: أَخرج رأْسه وسَمَا بِجِيدِه.
وأَتْلَع رأْسَه: أَطْلَعه فنظر؛ قال ذو الرُّمة:
كما أَتْلَعَتْ، من تَحْتِ أَرْطَى صَرِيمةٍ
إِلى نَبْأَةِ الصوْتِ، الظِّباءُ الكَوانِسُ
وتَلَع الرجلُ رأْسَه: أَخرجه من شيء كان فيه، وهو شِبْه طَلَع إِلا أَن
طلَع أَعمّ. قال الأَزهري: في كلام العرب: أَتْلَع رأْسَه إِذا أَطلَع
وتَلَع الرأْسُ نفْسُه، وأَنشد بيت ذي الرمة.
والأَتْلَعُ والتَّلِعُ والتَّلِيعُ: الطويلُ، وقيل: الطويلُ العُنُقِ،
وقال الأَزهري في ترجمة بتع: والبَتِعُ الطويل العُنق، والتَّلِعُ الطويل
الظهر. قال أَبو عبيد: أَكثر ما يراد بالأَتلع طويل العنق، وقد تَلِعَ
تَلَعاً، فهو تَلِعٌ بيّن التَّلَعِ؛ وقول غَيلانَ الرَّبَعِي:
يَسْتَمْسِكُونَ، من حِذارِ الإِلْقاء،
بتَلِعاتٍ كجُذُوعِ الصِّيصاء
يعني بالتّلِعات هنا سُكّانات السُّفُن؛ وقوله من حِذار الإِلقاء أَراد
من خَشْية أَن يقَعُوا في البحر فيَهْلِكوا؛ وقوله كجُذُوعِ الصِّيصاء أَي
أَن قُلُوعَ هذه السفينة طويلة حتى كأَنها جُذُوع الصّيصاء وهو ضرب من
التمر نَخْلُه طِوالٌ. وامرأَة تَلْعاء بيِّنة التلَعِ، وعُنق أَتْلَع
وتَلِيعٌ، فيمن ذكَّر: طويلٌ، وتَلْعاء فيمن أَنَّث؛ قال الأَعشى:
يومَ تُبْدِي لنا قُتَيْلةُ عن جِيـ
ـدٍ تَلِيعٍ، تَزِينُه الأَطْواقُ
وقيل: التَّلَعُ طُوله وانْتِصابه وغِلَظُ أَصلِه وجَدْلُ أَعْلاه.
والأَتْلَع أَيضاً والتَّلِعُ: الطويل من الادبَ
(* قوله« من الادب» هكذا في
الأصل ولعلها من الآدمي) ؛ قال:
وعَلَّقُوا في تَلِعِ الرأْسِ خَدِبْ
والأُنثى تَلِعةٌ وتَلْعاء. والتَّلِعُ: الكثير التَّلَفُّت حوْله،
وقيل: تَلِيعٌ وسيِّد تَلِيعٌ وتَلِعٌ: رفِيعٌ. وتَتَلَّع في مَشْيِه
وتَتالَع: مَدَّ عُنقَه ورفَع رأْسَه.
وتتلَّع: مَدَّ عُنقَه للقيام. يقال: لزم فلان مكانه قعَد فما يَتتلَّع
أَي فما يرفع رأْسه للنُّهوض ولا يريد البَراح. والتَّتلُّع: التقدُّم؛
قال أَبو ذؤيب:
فوَرَدْنَ، والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابئِ الضْـ
ـضُرَباء فوقَ النجْمِ، لا يَتتلَّعُ
قال ابن بري: صوابه خلفَ النجم، وكذلك رواية سيبويه. وفي حديث عليّ: لقد
أَتْلَعُوا أَعناقَهم إِلى أَمْرٍ لم يكونوا أَهلَه فوُقِصُوا دونه أَي
رَفَعُوها. والــتَّلْعةُ: أَرض مُرتفعة غَلِيظة يَتردَّدُ فيها السيْلُ ثم
يَدْفع منها إِلى تَلْعةٍ أَسفل منها، وهي مَكْرَمةٌ من المَنابِت.
والــتَّلْعةُ: مَجْرَى الماء من أَعلى الوادي إِلى بُطون الأَرض، والجمع
التِّلاعُ. ومن أَمثال العرب: فلان لايَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة؛ يضرب للرجل الذليل
الحقير. وفي الحديث: فيجيء مطر لا يُمْنَعُ منه ذَنَبُ تَلْعة؛ يريد كثرته
وأَنه لا يخلو منه موضع. وفي الحديث: ليَضْرِبَنَّهم المؤمنون حتى لا
يَمنَعُوا ذنَبَ تَلْعة. ابن الأَعرابي: ويقال في مثل: ما أَخاف إِلا من سيْل
تَلْعَتي أَي من بني عمي وذوي قرابَتي، قال: والــتَّلْعَةُ مَسيلُ الماء
لأَن من نزل الــتلْعة فهو على خَطَر إِن جاء السيلُ جرَفَ به، قال: وقال هذا
وهو نازل بالــتلعة فقال: لا أَخاف إِلاَّ من مَأْمَني. وقال شمر:
التِّلاعُ مَسايِلُ الماء يسيل من الأَسْناد والنِّجاف والجبال حتى يَنْصَبَّ في
الوادي، قال: وتَلْعة الجبل أَن الماء يجيء فيخُدُّ فيه ويحْفِرُه حتى
يَخْلُصَ منه، قال: ولا تكون التِّلاع إِلا في الصحارى، قال: والــتلْعة ربما
جاءت من أَبْعَد من خمسة فراسخ إِلى الوادي، فإِذا جرت من الجبال فوقعت في
الصَّحارى حفرت فيها كهيئة الخَنادق، قال: وإِذا عظُمت الــتلْعة حتى تكون
مثل نصف الوادي أَو ثُلُثَيْه فهي مَيْثاء. وفي حديث الحجاج في صفة المطر:
وأَدْحَضت التِّلاعَ أَي جعلَتْها زَلَقاً تَزْلَق فيها الأَرجُل.
والــتلْعةُ: ما انهَبط من الأرض، وقيل: ما ارْتَفَع، وهو من الأَضْداد، وقيل:
الــتَّلْعةُ مثل الرَّحَبةِ، والجمع من كل ذلك تَلْعٌ وتِلاعٌ؛ قال عارِق
الطائي:
وكُنَّا أُناساً دائِنينَ بغِبْطةٍ،
يَسِيلُ بِنا تَلْعُ المَلا وأَبارِقُهْ
وقال النابغة:
عَفا ذو حُساً من فَرْتَنى فالفَوارِعُ،
فَجَنْبا أَرِيكٍ، فالتِّلاعُ الدَّوافِعُ
حكى ابن بري عن ثعلب قال: دخلت على محمد بن عبد الله بن طاهر وعنده أَبو
مُضَر أَخو أَبي العَمَيْثَلِ الأَعرابي فقال لي: ما الــتَّلْعةُ؟ فقلت:
أَهل الرواية يقولون هو من الأَضداد يكون لما عَلا ولما سَفَل؛ قال
الراعي في العلو:
كدُخانِ مُرْتَجِلٍ بأَعْلى تَلْعةٍ،
غَرْثانَ ضَرَّمَ عَرْفَجاً مَبْلُولا
وقال زهير في الانهباط:
وإِني مَتى أَهْبِطُ من الأَرضِ تَلْعةً،
أَجِدْ أَثَراً قَبْلي جَدِيداً وعافِيا
قال: وليس كذلك إِنما هي مَسِيل ماء من أَعلى الوادي إِلى أَسفله، فمرة
يُوصَفُ أَعلاها ومرة يوصف أَسفلها. وفي الحديث: أَنه كان يَبْدُو
(* قوله«
كان يبدو» يعني رسول الله،صلى الله عليه وسلم، كما في هامش النهاية) إِلى
هذه التِّلاع؛ قيل في تفسيره: هو من الأَضداد يقع على ما انحدر من الأَرض
وأَشْرَفَ منها. وفلان لا يُوثَقُ بسَيْل تَلْعَته: يوصف بالكذب أَي لا
يوثقُ بما يقول وما يجيء به. فهذه ثلاثة أَمثال جاءت في الــتلْعةِ؛ وقول
كثيِّر عَزَّةَ:
بكلِّ تِلاعةٍ كالبَدْرِ لَمّا
تَنَوَّرَ، واسْتَقَلَّ على الحِبالِ
قيل في تفسيره: التِّلاعةُ ما ارتفع من الأَرض شبَّه الناقة به، وقيل:
التلاعةُ الطويلةُ العُنُقِ المرتفِعَتُه والباب واحد. وتَلْعَةُ: موضع؛
قال جرير:
أَلا رُبَّما هاجَ التذَكُّرُ والهَوَى،
بــتَلْعةَ، إِرْشاشَ الدُّموعِ السَّواجِم
وقال أَيضاً:
وقد كان في بَقْعاء رِيٌّ لِشائكُمْ،
وتَلْعةَ والجَوْفاء يَجْرِي غَدِيرُها
ويروى:
وتَلْعةُ والجوفاءُ يجري غديرها
أَي يَطَّرِدُ عند هُبوب الرِّيح.
ومُتالِعٌ، بضم الميم: جبل؛ قال لبيد:
دَرَسَ المَنا بمُتالِعٍ فأبانِ
بالحِبْسِ، بين البيدِ والسُّوبانِ
وقال ابن بري عجزه:
فتَقادَمَت بالحبْس فالسوبانِ
أَراد المَنازِل فحذف وهو قبيح. قال الأَزهري: مُتالع جبل بناحية
البحرين بين السَّوْدةِ والأَحْساء، وفي سَفْح هذا الجبل عين يَسيح ماؤه يقال له
عين مُتالع.
والتَّلَعُ شبيه بالتَّرَع: لُغَيّةٌ أَو لُثْغة أَو بدل. ورجل تَلِعٌ:
بمعنى التَّرِعِ.
توع: تاعَ اللِّبَأَ والسَّمْن يَتوعه توْعاً إِذا كسره بقِطعة خبز أَو
أَخذه بها. حكى الأَزهري عن الليث قال: التوْعُ كَسْرُك لِباً أَو سَمناً
بكِسْرة خبز ترفَعُه بها، تقول منه: تُعْتُه فأَنا أَتُوعه تَوْعاً.
ذنب: الذَّنْبُ: الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية، والجمعُ ذُنوبٌ،
وذُنُوباتٌ جمعُ الجمع، وقد أَذْنَب الرَّجُل؛ وقوله، عزّ وجلّ، في مناجاةِ موسى، على نبينا وعليه الصلاة والسلام: ولهم علَيَّ ذَنْبٌ؛ عَنَى بالذَّنْبِ قَتْلَ الرَّجُلِ الذي وَكَزَه موسى، عليه السلام، فقضَى عليه، وكان ذلك الرجلُ من آلِ فرعونَ.
والذَّنَبُ: معروف، والجمع أَذْنابٌ. وذَنَبُ الفَرَسِ: نَجْمٌ على
شَكْلِ ذَنَبِ الفَرَسِ. وذَنَبُ الثَّعْلَبِ: نِبْتَةٌ على شكلِ ذَنَبِ الثَّعْلَبِ.
والذُّنابَـى: الذَّنَبُ؛ قال الشاعر:
جَمُوم الشَّدِّ، شائلة الذُّنابَـى
الصحاح: الذُّنابَـى ذنبُ الطَّائر؛ وقيل: الذُّنابَـى مَنْبِتُ الذَّنَبِ. وذُنابَـى الطَّائرِ: ذَنَبُه، وهي أَكثر من الذَّنَب. والذُّنُبَّى والذِّنِـبَّى: الذَّنَب، عن الـهَجَري؛ وأَنشد:
يُبَشِّرُني، بالبَيْنِ مِنْ أُمِّ سالِمٍ، * أَحَمُّ الذُّنُبَّى، خُطَّ، بالنِّقْسِ، حاجِبُهْ
ويُروى: الذِّنِـبَّى. وذَنَبُ الفَرَس والعَيْرِ، وذُناباهما، وذَنَبٌ
فيهما، أَكثرُ من ذُنابَى؛ وفي جَناحِ الطَّائِرِ أَربعُ ذُنابَى بعدَ
الخَوافِـي. الفرَّاءُ: يقال ذَنَبُ الفَرَسِ، وذُنابَى الطَّائِرِ، وذُنابَة الوَادي، ومِذْنَبُ النهْرِ، ومِذْنَبُ القِدْرِ؛ وجمعُ ذُنابَة الوادي ذَنائِبُ، كأَنَّ الذُّنابَة جمع ذَنَبِ الوادي وذِنابَهُ وذِنابَتَه، مثلُ جملٍ وجمالٍ وجِمَالَةٍ، ثم جِمالات جمعُ الجمع؛ ومنه قوله تعالى:
جِمالاتٌ صفر.
أَبو عبيدة: فَرسٌ مُذانِبٌ؛ وقد ذانَبَتْ إِذا وَقَعَ ولدُها في القُحْقُح، ودَنَا خُرُوج السِّقْيِ، وارتَفَع عَجْبُ الذَّنَبِ، وعَلِقَ به، فلم يحْدُروه.
والعرب تقول: رَكِبَ فلانٌ ذَنَبَ الرِّيحِ إِذا سَبَق فلم يُدْرَكْ؛
وإِذا رَضِـيَ بحَظٍّ ناقِصٍ قيلَ: رَكِبَ ذَنَب البَعير، واتَّبَعَ ذَنَب
أَمْرٍ مُدْبِرٍ، يتحسَّرُ على ما فاته. وذَنَبُ الرجل: أَتْباعُه.
وأَذنابُ الناسِ وذَنَبَاتُهم: أَتباعُهُم وسِفْلَتُهُم دون الرُّؤَساءِ، على
الـمَثَلِ؛ قال:
وتَساقَطَ التَّنْواط والذَّ * نَبات، إِذ جُهِدَ الفِضاح
ويقال: جاءَ فلانٌ بذَنَبِه أَي بأَتْباعِهِ؛ وقال الحطيئة يمدَحُ
قوماً:
قومٌ همُ الرَّأْسُ، والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ، * ومَنْ يُسَوِّي، بأَنْفِ النَّاقَةِ، الذَّنَبا؟
وهؤُلاء قومٌ من بني سعدِ بن زيدِ مَناةَ، يُعْرَفُون ببَني أَنْفِ
النَّاقَةِ، لقول الحُطَيْئَةِ هذا، وهمْ يَفْتَخِرُون به. ورُوِيَ عن عليٍّ،
كرّم اللّه وجهه، أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً في آخِرِ الزَّمان، قال: فإِذا كان ذلك، ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَـبِهِ، فتَجْتَمِـعُ الناسُ؛ أَراد أَنه يَضْرِبُ أَي يسِـيرُ في الأَرض ذاهباً بأَتباعِهِ، الذين يَرَوْنَ رَأْيَه، ولم يُعَرِّجْ على الفِتْنَةِ.
والأَذْنابُ: الأَتْباعُ، جمعُ ذَنَبٍ، كأَنهم في مُقابِلِ الرُّؤُوسِ،
وهم المقَدَّمون.
والذُّنابَـى: الأَتْباعُ.
وأَذْنابُ الأُمورِ: مآخيرُها، على الـمَثَلِ أَيضاً. والذَّانِبُ: التَّابِـعُ للشيءِ على أَثَرِهِ؛ يقال: هو يَذْنِـبُه أَي يَتْبَعُهُ؛ قال الكلابي:
وجاءَتِ الخيلُ، جَمِـيعاً، تَذْنِـبُهْ
وأَذنابُ الخيلِ: عُشْبَةٌ تُحْمَدُ عُصارَتُها على التَّشْبِـيهِ.
وذَنَبَه يَذْنُبُه ويَذنِـبُه، واسْتَذْنَبَه: تلا ذَنَبَه فلم يفارقْ أَثَرَه.
والـمُسْتَذْنِبُ: الذي يكون عند أَذنابِ الإِبِلِ، لا يفارق أَثَرَها؛
قال:
مِثْل الأَجيرِ اسْتَذْنَبَ الرَّواحِلا(1)
(1 قوله «مثل الأجير إلخ» قال الصاغاني في التكملة هو تصحيف والرواية «شل الأجير» ويروى شدّ بالدال والشل الطرد، والرجز لرؤبة اهـ. وكذلك أنشده صاحب المحكم.)
والذَّنُوبُ: الفَرسُ الوافِرُ الذَّنَبِ، والطَّويلُ الذَّنَبِ. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه عنهما: كان فرْعَونُ على فرَسٍ ذنُوبٍ أَي وافِر شَعْرِ الذَّنَبِ. ويومٌ ذَنُوبٌ: طويلُ الذَّنَبِ لا يَنْقَضي، يعني طول شَرِّه. وقال غيرُه: يومٌ ذَنُوبٌ: طويل الشَّر لا ينقضي، كأَنه طويل الذَّنَبِ.
ورجل وَقَّاحُ الذَّنَب: صَبُورٌ على الرُّكُوب. وقولهم: عُقَيْلٌ طَويلَةُ الذَّنَبِ، لم يفسره ابن الأَعرابي؛ قال ابن سيده: وعِنْدي أَنَّ معناه: أَنها كثيرة رُكُوبِ الخيل. وحديثٌ طويلُ الذَّنَبِ: لا يَكادُ يَنْقَضِـي، على الـمَثَلِ أَيضاً.
ابن الأَعرابي: الـمِذْنَبُ الذَّنَبُ الطَّويلُ، والـمُذَنِّبُ الضَّبُّ، والذِّنابُ خَيْطٌ يُشَدُّ به ذَنَبُ البعيرِ إِلى حَقَبِه لئَلاَّ يَخْطِرَ بِذَنَـبِه، فَيَمْـلأَ راكبَه.
وذَنَبُ كلِّ شيءٍ: آخرُه، وجمعه ذِنابٌ. والذِّنابُ، بكسر الذال:
عَقِبُ كلِّ شيءٍ. وذِنابُ كلِّ شيءٍ: عَقِـبُه ومؤَخَّره، بكسر الذال؛
قال:
ونأْخُذُ بعدَه بذِنابِ عَيْشٍ * أَجَبِّ الظَّهْرِ، ليسَ له سَنامُ
وقال الكلابي في طَلَبِ جَمَلِهِ: اللهم لا يَهْدينِـي لذنابتِه(2)
(2 قوله «لذنابته» هكذا في الأصل.) غيرُك. قال، وقالوا: مَنْ لك بذِنابِ لَوْ؟ قال الشاعر:
فمَنْ يَهْدِي أَخاً لذِنابِ لَوٍّ؟ * فأَرْشُوَهُ، فإِنَّ اللّه جارُ
وتَذَنَّبَ الـمُعْتَمُّ أَي ذَنَّبَ عِمامَتَه، وذلك إِذا أَفْضَلَ منها شيئاً، فأَرْخاه كالذَّنَبِ.
والتَّذْنُوبُ: البُسْرُ الذي قد بدا فيه الإِرطابُ من قِـبَلِ ذَنَـبِه. وذنَبُ البُسْرة وغيرِها من التَّمْرِ: مؤَخَّرُها. وذنَّـبَتِ البُسْرَةُ، فهي مُذَنِّبة: وكَّـتَتْ من قِـبَلِ ذَنَـبِها؛ الأَصمعي: إِذا بَدَتْ نُكَتٌ من الإِرْطابِ في البُسْرِ من قِـبَلِ ذَنَـبِها، قيل: قد ذَنَّـبَتْ. والرُّطَبُ: التَّذْنُوبُ، واحدتُه تَذْنُوبةٌ؛ قال:
فعَلِّقِ النَّوْطَ، أَبا مَحْبُوبِ، * إِنَّ الغَضا ليسَ بذِي تَذْنُوبِ
الفرَّاءُ: جاءَنا بتُذْنُوبٍ، وهي لغة بني أَسَدٍ. والتَّميمي يقول:
تَذْنُوب، والواحدة تَذْنُوبةٌ. وفي الحديث: كان يكرَه الـمُذَنِّبَ من
البُسْرِ، مخافة أن يكونا شَيْئَيْنِ، فيكون خَلِـيطاً. وفي حديث أَنس: كان لا يَقْطَعُ التَّذْنُوبِ من البُسْرِ إِذا أَراد أَن يَفْتَضِخَه. وفي
حديث ابن المسَيَّب: كان لا يَرَى بالتَّذْنُوبِ أَن يُفْتَضَخَ بأْساً.
وذُنابةُ الوادي: الموضعُ الذي يَنتهي إِليه سَيْلُهُ،
وكذلك ذَنَبُه؛ وذُنابَتُه أَكثر من ذَنَـبِه.
وذَنَبَة الوادي والنَّهَر، وذُنابَتُه وذِنابَتُه: آخرُه، الكَسْرُ عن ثعلب. وقال أَبو عبيد: الذُّنابةُ، بالضم: ذَنَبُ الوادي وغَيرِه.
وأَذْنابُ التِّلاعِ: مآخيرُها.
ومَذْنَبُ الوادي، وذَنَبُه واحدٌ، ومنه قوله المسايل(1)
(1 قوله «ومنه قوله المسايل» هكذا في الأصل وقوله بعده والذناب مسيل إلخ هي أول عبارة المحكم.).
والذِّنابُ: مَسِـيلُ ما بين كلِّ تَلْـعَتَين، على التَّشبيه بذلك، وهي الذَّنائبُ.
والـمِذْنَبُ: مَسِـيلُ ما بين تَلْـعَتَين، ويقال لِـمَسيل ما بين التَّلْـعَتَين: ذَنَب الــتَّلْعة.
وفي حديث حذيفة، رضي اللّه عنه: حتى يَركَبَها اللّهُ بالملائِكةِ، فلا يَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة؛ وصفه بالذُّلِّ والضَّعْف، وقِلَّة الـمَنَعة،
والخِسَّةِ؛ الجوهري: والـمِذْنَبُ مَسِـيلُ الماءِ في الـحَضيضِ،
والــتَّلْعة في السَّنَدِ؛ وكذلك الذِّنابة والذُّنابة أَيضاً، بالضم؛
والـمِذْنَبُ: مَسِـيلُ الماءِ إِلى الأَرضِ. والـمِذْنَبُ: الـمَسِـيل في
الـحَضِـيضِ، ليس بخَدٍّ واسِع.
وأَذنابُ الأَوْدِية: أَسافِلُها. وفي الحديث: يَقْعُد أَعرابُها على
أَذنابِ أَوْدِيَتِها، فلا يصلُ إِلى الـحَجِّ أَحَدٌ؛ ويقال لها أَيضاً
الـمَذانِبُ. وقال أَبو حنيفة: الـمِذْنَبُ كهيئةِ الجَدْوَل، يَسِـيلُ عن
الرَّوْضَةِ ماؤُها إِلى غيرِها، فيُفَرَّقُ ماؤُها فيها، والتي يَسِـيلُ
عليها الماءُ مِذْنَب أَيضاً؛ قال امرؤُ القيس:
وقد أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها، * وماءُ النَّدَى يَجْري على كلِّ مِذْنَبِ
وكلُّه قريبٌ بعضُه من بعضٍ.
وفي حديث ظَبْيانَ: وذَنَبُوا خِشانَه أَي جَعلوا له مَذانِبَ ومجَاريَ.
والخِشانُ: ما خَشُنَ من الأَرضِ؛ والـمِذْنَبَة والـمِذْنَبُ: الـمِغْرَفة لأَنَّ لها ذَنَباً أَو شِبْهَ الذَّنَبِ، والجمع مَذانِبُ؛ قال أَبو ذُؤَيب الهذلي:
وسُود من الصَّيْدانِ، فيها مَذانِبُ النُّـ * ـضَارِ، إِذا لم نَسْتَفِدْها نُعارُها
ويروى: مَذانِبٌ نُضارٌ. والصَّيْدانُ: القُدورُ التي تُعْمَلُ من
الحجارة، واحِدَتُها صَيْدانة؛ والحجارة التي يُعْمَل منها يقال لها:
الصَّيْداءُ. ومن روى الصِّيدانَ، بكسر الصاد، فهو جمع صادٍ، كتاجٍ وتِـيجانٍ، والصَّاد: النُّحاسُ والصُّفْر.
والتَّذْنِـيبُ للضِّبابِ والفَراشِ ونحو ذلك إِذا أَرادت التَّعاظُلَ
والسِّفَادَ؛ قال الشاعر:
مِثْل الضِّبابِ، إِذا هَمَّتْ بتَذْنِـيبِ
وذَنَّبَ الجَرادُ والفَراشُ والضِّباب إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والبَيْضَ، فغَرَّزَتْ أَذنابَها. وذَنَّبَ الضَّبُّ: أَخرجَ ذَنَبَه من أَدْنَى الجُحْر، ورأْسُه في داخِلِه، وذلك في الـحَرِّ. قال أَبو منصور: إِنما
يقال للضَّبِّ مُذَنِّبٌ إِذا ضرَبَ بذَنَبِه مَنْ يريدُه من مُحْتَرِشٍ
أَو حَـيَّةٍ. وقد ذَنَّبَ تَذْنِـيباً إِذا فَعَل ذلك.
وضَبٌّ أَذنَبُ: طويلُ الذَّنَبِ؛ وأَنشد أَبو الهيثم:
لم يَبْقَ من سُنَّةِ الفاروقِ نَعْرِفُه * إِلاَّ الذُّنَيْبـي، وإِلاَّ الدِّرَّةُ الخَلَقُ
قال: الذُّنَيْبـيُّ ضرب من البُرُودِ؛ قال: ترَكَ ياءَ النِّسْبةِ، كقوله:
مَتى كُنَّا، لأُمِّكَ، مَقْتَوِينا
وكان ذلك على ذَنَبِ الدَّهرِ أَي في آخِره.
وذِنابة العين، وذِنابها، وذَنَبُها: مؤخَّرُها. وذُنابة النَّعْل: أَنْفُها. ووَلَّى الخَمْسِـين ذَنَباً: جاوزَها؛ قال ابن الأَعرابي: قلتُ للكِلابِـيِّ: كم أَتَى عَليْك؟ فقال: قد وَلَّتْ ليَ الخَمْسون ذَنَبَها؛ هذه حكاية ابن الأَعرابي، والأَوَّل حكاية يعقوب.
والذَّنُوبُ: لَـحْمُ الـمَتْنِ، وقيل: هو مُنْقَطَعُ الـمَتْنِ، وأَوَّلُه، وأَسفلُه؛ وقيل: الأَلْـيَةُ والمآكمُ؛ قال الأَعشى:
وارْتَجَّ، منها، ذَنُوبُ الـمَتْنِ، والكَفَلُ
والذَّنُوبانِ: الـمَتْنانِ من ههنا وههنا. والذَّنُوب: الـحَظُّ والنَّصيبُ؛ قال أَبو ذؤيب:
لَعَمْرُك، والـمَنايا غالِباتٌ، * لكلِّ بَني أَبٍ منها ذَنُوبُ
والجمع أَذنِـبَةٌ، وذَنَائِبُ، وذِنابٌ.
والذَّنُوبُ: الدَّلْو فيها ماءٌ؛ وقيل: الذَّنُوب: الدَّلْو التي يكون الماءُ دون مِلْئِها، أَو قريبٌ منه؛ وقيل: هي الدَّلْو الملأَى. قال: ولا يقال لها وهي فارغة، ذَنُوبٌ؛ وقيل: هي الدَّلْوُ ما كانت؛ كلُّ ذلك
مذَكَّر عند اللحياني. وفي حديث بَوْل الأَعْرابـيّ في المسجد: فأَمَر بذَنوبٍ من ماءٍ، فأُهَرِيقَ عليه؛ قيل: هي الدَّلْو العظيمة؛ وقيل: لا تُسَمَّى ذَنُوباً حتى يكون فيها ماءٌ؛ وقيل: إِنَّ الذَّنُوبَ تُذكَّر وتؤَنَّث، والجمع في أَدْنى العَدد أَذْنِـبة، والكثيرُ ذَنائبُ كَقلُوصٍ وقَلائصَ؛ وقول أَبي ذؤيب:
فكُنْتُ ذَنُوبَ البئرِ، لـمَّا تَبَسَّلَتْ، * وسُرْبِلْتُ أَكْفاني، ووُسِّدْتُ ساعِدِي
استعارَ الذَّنُوبَ للقَبْر حين جَعَله بئراً، وقد اسْتَعْمَلَها أُمَيَّة بنُ أَبي عائذٍ الهذليُّ في السَّيْر، فقال يصفُ حماراً:
إِذا ما انْتَحَيْنَ ذَنُوبَ الـحِضا * ر، جاشَ خَسِـيفٌ، فَريغُ السِّجال
يقول: إِذا جاءَ هذا الـحِمارُ بذَنُوبٍ من عَدْوٍ، جاءت الأُتُنُ
بخَسِـيفٍ. التهذيب: والذَّنُوبُ في كلامِ العرب على وُجوهٍ، مِن ذلك قوله تعالى: فإِنَّ للذين ظَلَموا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهم. وقال الفَرَّاءُ: الذَّنُوبُ في كلامِ العرب: الدَّلْوُ العظِـيمَةُ، ولكِنَّ العربَ تَذْهَبُ به إِلى النَّصيب والـحَظِّ، وبذلك فسّر قوله تعالى: فإِنَّ للذين ظَلَموا، أَي أَشرَكُوا، ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهِم أَي حَظّاً من العذابِ كما نزلَ بالذين من قبلِهِم؛ وأَنشد الفرَّاءُ:
لَـها ذَنُوبٌ، ولَـكُم ذَنُوبُ، * فإِنْ أَبَيْـتُم، فَلَنا القَلِـيبُ
وذِنابةُ الطَّريقِ: وجهُه، حكاه ابن الأَعرابي. قال وقال أَبو الجَرَّاح لرَجُلٍ: إِنك لم تُرْشَدْ ذِنابةَ الطَّريق، يعني وجهَه.
وفي الحديث: مَنْ ماتَ على ذُنابَـى طريقٍ، فهو من أَهلِهِ، يعني على قصْدِ طَريقٍ؛ وأَصلُ الذُّنابَـى مَنْبِتُ الذَّنَبِ.
والذَّنَبانُ: نَبْتٌ معروفٌ، وبعضُ العرب يُسمِّيه ذَنَب الثَّعْلَب؛
وقيل: الذَّنَبانُ، بالتَّحريكِ، نِبْتَة ذاتُ أَفنانٍ طِوالٍ، غُبَيْراء الوَرَقِ، تنبت في السَّهْل على الأَرض، لا ترتَفِـعُ، تُحْـمَدُ في الـمَرْعى، ولا تَنْبُت إِلا في عامٍ خَصيبٍ؛ وقيل: هي عُشْبَةٌ لها سُنْبُلٌ في أَطْرافِها، كأَنه سُنْبُل
الذُّرَة، ولها قُضُبٌ ووَرَق، ومَنْبِتُها بكلِّ مكانٍ ما خَلا حُرَّ الرَّمْلِ، وهي تَنْبُت على ساقٍ وساقَين، واحِدتُها ذَنَبانةٌ؛ قال أَبو محمد الـحَذْلَمِـي:
في ذَنَبانٍ يَسْتَظِلُّ راعِـيهْ
وقال أَبو حنيفة: الذَّنَبانُ عُشْبٌ له جِزَرَة لا تُؤْكلُ، وقُضْبانٌ
مُثْمِرَةٌ من أَسْفَلِها إِلى أَعلاها، وله ورقٌ مثلُ ورق الطَّرْخُون،
وهو ناجِـعٌ في السَّائمة، وله نُوَيرة غَبْراءُ تَجْرُسُها النَّحْلُ،
وتَسْمو نحو نِصْفِ القامةِ، تُشْبِـعُ الثِّنْتانِ منه بعيراً، واحِدَتُه
ذَنَبانةٌ؛ قال الراجز:
حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُعْ،
في ذَنَبانٍ ويبيسٍ مُنْقَفِـعْ،
وفي رُفوضِ كَلإٍ غير قَشِـع
والذُّنَيْباءُ، مضمومَة الذال مفتوحَة النون، ممدودةً: حَبَّةٌ تكون في
البُرّ، يُنَقَّى منها حتى تَسْقُط.
والذَّنائِبُ: موضِعٌ بنَجْدٍ؛ قال ابن بري: هو على يَسارِ طَرِيقِ
مَكَّة.
والـمَذَانِبُ: موضع. قال مُهَلْهِل بن ربيعة، شاهد الذّنائب:
(يتبع...)
(تابع... 1): ذنب: الذَّنْبُ: الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية، والجمعُ ذُنوبٌ، ... ...
فَلَوْ نُبِشَ الـمَقابِرُ عن كُلَيْبٍ، * فتُخْبِرَ بالذَّنائِبِ أَيَّ زِيرِ
وبيت في الصحاح، لـمُهَلْهِلٍ أَيضاً:
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طَالَ لَيْلي، * فقد أَبْكِـي على الليلِ القَصيرِ
يريد: فقد أَبْكِـي على لَيالي السُّرورِ، لأَنها قَصِـيرَةٌ؛ وقبله:
أَلَيْـلَـتَنا بِذِي حُسَمٍ أَنيرِي! * إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ، فلا تَحُورِي
وقال لبيد ، شاهد المذانب :
أَلَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي، * لِسَلْمَى بالـمَذانِبِ فالقُفَالِ؟
والذَّنُوبُ: موضع بعَيْنِه؛ قال عبيد بن الأَبرص:
أَقْفَرَ مِن أَهْلِه مَلْحوبُ، * فالقُطَبِـيَّاتُ، فالذَّنُوبُ
ابن الأَثير: وفي الحديث ذكْرُ سَيْلِ مَهْزُورٍ ومُذَيْنِب، هو بضم
الميم وسكون الياء وكسر النون، وبعدها باءٌ موحَّدةٌ: اسم موضع بالمدينة، والميمُ زائدةٌ.
الصحاح، الفرَّاءُ: الذُّنابَـى شِبْهُ الـمُخاطِ، يَقَع من أُنوفِ الإِبل؛ ورأَيتُ، في نُسَخ متَعدِّدة من الصحاح، حواشِـيَ، منها ما هو بِخَطِّ الشيخ الصَّلاح الـمُحَدِّث، رحمه اللّه، ما صورته: حاشية من خَطِّ الشيخ أَبي سَهْلٍ الـهَرَوي، قال: هكذا في الأَصل بخَطِّ الجوهري، قال: وهو تصحيف، والصواب: الذُّنانَى شِبهُ الـمُخاطِ، يَقَع من أُنوفِ الإِبل، بنُونَيْنِ بينهما أَلف؛ قال: وهكذا قَرَأْناهُ على شَيخِنا أَبي أُسامة، جُنادةَ بنِ محمد الأَزدي، وهو مأْخوذ من الذَّنين، وهو الذي يَسِـيلُ من فَمِ الإِنسانِ والـمِعْزَى؛ ثم قال صاحب الحاشية: وهذا قد صَحَّفَه الفَرَّاءُ أَيضاً، وقد ذكر ذلك فيما ردَّ عليه من تصحيفه، وهذا مما فاتَ الشَّيخ ابن برّي،
ولم يذكره في أَمالِـيه.
شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.
وفي حديث ابن عمر: وشَعْبٌ صَغِـيرٌ من شَعْبٍ كبيرٍ أَي صَلاحٌ قلِـيلٌ من فَسادٍ كَثِـيرٍ. شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً، فانْشَعَبَ، وشَعَّبَه
فَتَشَعَّب؛ وأَنشد أَبو عبيد لعليّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ في الشَّعْبِ
بمعنى التَّفْريق:
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ، * شَعْبَ العَصا، ويَلِـجُّ في العِصْيانِ
قال: معناه يُفَرِّقُ أَمْرَه. قال الأَصْمَعِـيُّ: شَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه
وفَرَّقَه.وقال ابن السِّكِّيت في الشَّعْبِ: إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ، يكونُ إِصْلاحاً، ويكونُ تَفْريقاً. وشَعْبُ الصَّدْعِ في الإِناءِ:
إِنما هو إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه، ونحوُ ذلك. والشَّعْبُ: الصَّدْعُ الذي
يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ، وإِصْلاحُه أَيضاً الشَّعْبُ. وفي الحديث:
اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً؛ أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه.
والشَّعّابُ: الـمُلَئِّمُ، وحِرْفَتُه الشِّعابةُ. والـمِشْعَبُ: الـمِثْقَبُ الـمَشْعُوبُ به.
والشَّعِـيبُ: الـمَزادةُ الـمَشْعُوبةُ؛ وقيل: هي التي من أَديمَين؛
وقيل: من أَدِمَينِ يُقابَلان، ليس فيهما فِئامٌ في زَواياهُما؛ والفِئامُ
في الـمَزايدِ: أَن يُؤْخَذَ الأَدِيمُ فيُثْنى، ثم يُزادُ في جَوانِـبِها
ما يُوَسِّعُها؛ قال الراعي يَصِفُ إِبِلاً تَرعَى في العَزيبِ:
إِذا لمْ تَرُحْ، أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ، * شَعِـيبَ أَدِيمٍ، ذا فِراغَينِ مُتْرَعا
يعني ذا أَدِيمَين قُوبِلَ بينهما؛ وقيل: التي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ
بين الجِلْدَين لتَتَّسِعَ؛ وقيل: هي التي من قِطْعَتَينِ، شُعِبَتْ
إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ؛ وقيل: هي الـمَخْرُوزَةُ من وَجْهينِ؛ وكلُّ ذلك من الجمعِ.
والشَّعِـيبُ أَيضاً: السِّقاءُ البالي، لأَنه يُشْعَب، وجَمْعُ كلِّ
ذلك شُعُبٌ. والشَّعِـيبُ، والـمَزادةُ، والراويَةُ، والسَّطيحةُ: شيءٌ
واحدٌ، سمي بذلك، لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ.
ويقال: أَشْعَبُه فما يَنْشَعِبُ أَي فما يَلْتَئِمُ.
ويُسَمَّى الرحلُ شَعِـيباً؛ ومنه قولُ الـمَرّار يَصِفُ ناقةً:
إِذا هي خَرَّتْ، خَرَّ، مِن عن يمينِها، * شَعِـيبٌ، به إِجْمامُها ولُغُوبُها(1)
(1 قوله «من عن يمينها» هكذا في الأصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها.)
يعني الرحْل، لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ.
وتقول: التَـأَمَ شَعْبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ؛ وتَفَرَّقَ
شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ؛ قال الأَزهري: وهذا من عجائب
كلامِهم؛ قال الطرماح:
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ، * وشَجاكَ، اليَوْمَ، رَبْعُ الـمُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ.
وفي الحديث: ما هذه الفُتْيا التي شَعَبْتَ بها الناسَ؟ أَي فرَّقْتَهم.
والـمُخاطَبُ بهذا القول ابنُ عباسٍ، في تحليلِ الـمُتْعةِ،
والـمُخاطِبُ له بذلك رَجُلٌ من بَلْهُجَيْم.
والشَّعْبُ: الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ، والجمْع شُعوبٌ.
والشُّعْبةُ: الرُّؤْبةُ، وهي قِطْعةٌ يُشْعَب بها الإِناءُ.
يقال: قَصْعةٌ مُشَعَّبة أَي شُعِبَتْ في مواضِـعَ منها، شُدِّدَ
للكثرة.
وفي حديث عائشة، رضي اللّه عنها، وَوَصَفَتْ أَباها، رضي اللّه عنه: يَرْأَبُ شَعْبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها؛ وقد
يكونُ الشَّعْبُ بمعنى الإِصلاحِ، في غير هذا، وهو من الأَضْدادِ.
والشَّعْبُ: شَعْبُ الرَّأْسِ، وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه،
وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل؛ وأَنشد:
فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ، * فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وتقول: هما شَعْبانِ أَي مِثْلانِ.
وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشجرة، وانْشَعَبَتْ: انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ.
والشُّعْبة من الشجر: ما تَفَرَّقَ من أَغصانها؛ قال لبيد:
تَسْلُبُ الكانِسَ، لم يُؤْرَ بها، * شُعْبةَ الساقِ، إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ: غُصْنٌ من أَغصانها. وشُعَبُ الغُصْنِ: أَطرافُه
الـمُتَفَرِّقَة، وكلُّه راجعٌ إِلى معنى الافتراقِ؛ وقيل: ما بين كلِّ
غُصْنَيْن شُعْبةٌ؛ والشُّعْبةُ، بالضم: واحدة الشُّعَبِ، وهي الأَغصانُ. ويقال: هذه عَصاً في رأْسِها شُعْبَتانِ؛ قال الأَزهري: وسَماعي من العرب: عَصاً في رَأْسِها شُعْبانِ، بغير تاء.
والشُّعَبُ: الأَصابع، والزرعُ يكونُ على ورَقة، ثم يُشَعِّبُ.
وشَعَّبَ الزرعُ، وتَشَعَّبَ: صار ذا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ.
والتَّشَعُّبُ: التفرُّق. والانْشِعابُ مِثلُه.
وانْشَعَبَ الطريقُ: تَفَرَّقَ؛ وكذلك أَغصانُ الشجرة. وانْشَعَبَ
النَّهْرُ وتَشَعَّبَ: تَفرَّقَتْ منه أَنهارٌ. وانْشَعَبَ به القولُ: أَخَذَ
به من مَعْـنًى إِلى مَعْـنًى مُفارِقٍ للأَولِ؛ وقول ساعدة:
هَجَرَتْ غَضُوبُ، وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ، * وعَدَتْ عَوادٍ، دُونَ وَلْيِـكَ، تَشْعَبُ
قيل: تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع؛ وقيل: لا تجيءُ على القصدِ.
وشُعَبُ الجبالِ: رؤُوسُها؛ وقيل: ما تفرَّقَ من رؤُوسِها. الشُّعْبةُ:
دون الشِّعْبِ، وقيل: أُخَيَّة الشِّعْب، وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل.
والشِّعْبُ: ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ. والشِّعْبُ: مَسِـيلُ الماء في
بطنٍ من الأَرضِ، له حَرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ، إِذا انْبَطَح، وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين.
والشُّعْبةُ: صَدْعٌ في الجبلِ، يأْوي إِليه الطَّيرُ، وهو منه.
والشُّعْبةُ: الـمَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ. والشُّعْبة: الـمَسِـيلُ
الصغيرُ؛ يقال: شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلاً. والشُّعْبةُ: ما
صَغُرَ عن الــتَّلْعة؛ وقيل: ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ؛ وقيل:
الشُّعْبة ما انْشَعَبَ من الــتَّلْعة والوادي، أَي عَدَل عنه، وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه، فتِلك الشُّعْبة، والجمع شُعَبٌ وشِعابٌ. والشُّعْبةُ: الفِرْقة والطائفة من الشيءِ. وفي يده شُعْبةُ خيرٍ، مَثَلٌ بذلك. ويقال: اشْعَبْ لي شُعْبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ. وفي يدي شُعْبةٌ من مالٍ. وفي الحديث: الحياءُ شُعْبةٌ من الإِيمانِ أَي طائفةٌ منه وقِطعة؛ وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان، لأَنَّ الـمُسْتَحِـي يَنْقَطِـعُ لِحيائِه عن المعاصي، وإِن لم تكن له تَقِـيَّةٌ، فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه. وفي حديث ابن مسعود:
الشَّبابُ شُعْبة من الجُنونِ، إِنما جَعَله شُعْبةً منه، لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ، وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ، لِـما فيه من كثرةِ الـمَيْلِ إِلى الشَّـهَوات، والإِقْدامِ على الـمَضارّ. وقوله تعالى: إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ؛ قال ثعلب: يقال إِنَّ النارَ يومَ القيامة، تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ، فكُـلَّما ذهبُوا
أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ، رَدَّتْـهُم. ومعنى الظِّلِّ ههنا أَن النارَ أَظَلَّتْه، لأَنـَّه ليس هناك ظِلٌّ.
وشُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه: ما أَشرَفَ منه، كالعُنُقِ والـمَنْسِج؛
وقيل: نواحِـيه كلها؛ وقال دُكَينُ ابنُ رجاء:
أَشَمّ خِنْذِيذٌ، مُنِـيفٌ شُعَبُهْ، * يَقْتَحِمُ الفارِسَ، لولا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ: الجَيِّدُ من الخَيْلِ، وقد يكون الخصِـيَّ أَيضاً. وأَرادَ بقَيْقَبِه: سَرْجَه.
والشَّعْبُ: القَبيلةُ العظيمةُ؛ وقيل: الـحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ من
القبيلةِ؛ وقيل: هو القبيلةُ نفسُها، والجمع شُعوبٌ. والشَّعْبُ: أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِـبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم. وفي التنزيل: وجعَلناكم شُعُوباً وقبائِلَ لتعارَفُوا. قال ابن عباس، رَضي اللّه عنه، في ذلك: الشُّعُوبُ الجُمّاعُ، والقبائلُ البُطُونُ، بُطونُ العرب، والشَّعْبُ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب والعجم. وكلُّ جِـيلٍ شَعْبٌ؛ قال ذو الرمة:
لا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً، أَبداً، * ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً، شُعَبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ. ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بهذا البيت إِلى
الليث، فقال: وشُعَبُ الدَّهْر حالاتُه، وأَنشد البيت، وفسّره فقال: أَي ظَنَنْت أَن لا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الواحد إِلى أُمورٍ كثيرةٍ؛ ثم قال: لم
يُجَوِّد الليثُ في تفسير البيت، ومعناه: أَنه وصفَ أَحياءً كانوا مُجتَمِعينَ في الربيعِ، فلما قَصَدُوا الـمَحاضِرَ، تَقَسَّمَتْهُم المياه؛ وشُعَب القومِ نِـيّاتُهم، في هذا البيت، وكانت لكلِّ فِرْقَةٍ منهم نِـيَّة غيرُ نِـيّة الآخَرينَ، فقال: ما كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِـيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِـيَّةً مُجْتمعةً. وذلك أَنهم كانوا في مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مجتمعين على نِـيَّةٍ واحِدةٍ، فلما هاجَ العُشْبُ، ونَشَّتِ الغُدرانُ، توزَّعَتْهُم
الـمَحاضِرُ، وأَعْدادُ الـمِـياهِ؛ فهذا معنى قوله:
ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً شُعَبُ
وقد غَلَبَتِ الشُّعوبُ، بلفظِ الجَمْعِ، على جِـيلِ العَجَمِ، حتى قيل
لـمُحْتَقرِ أَمرِ العرب: شُعُوبيٌّ، أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه على
الجِـيلِ الواحِد، كقولِهم أَنْصاريٌّ.
والشُّعوبُ: فِرقَةٌ لا تُفَضِّلُ العَرَبَ على العَجَم.
والشُّعوبيُّ: الذي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب، ولا يَرَى لهم فضلاً على
غيرِهم. وأَما الذي في حديث مَسْروق: أَنَّ رَجلاً من الشُّعوبِ أَسلم، فكانت تؤخذُ منه الجِزية، فأَمرَ عُمَرُ أَن لا تؤخذَ منه، قال ابن الأَثير: الشعوبُ ههنا العجم، ووجهُه أَن الشَّعْبَ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب، أَو العجم، فخُصَّ بأَحَدِهِما، ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الشُّعوبيِّ، وهو الذي يصَغِّرُ شأْنَ العرب، كقولِهم اليهودُ والمجوسُ، في جمع اليهوديِّ والمجوسيِّ. والشُّعَبُ: القبائِل.
وحكى ابن الكلبي، عن أَبيه: الشَّعْبُ أَكبرُ من القبيلةِ، ثم
الفَصيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ. قال الشيخ ابن بري: الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ: وهو الشَّعْبُ، ثم القبيلةُ، ثم العِمارةُ، ثم البطنُ، ثم الفَخِذُ، ثم الفصيلة؛ قال أَبو أُسامة: هذه الطَّبَقات على ترتِـيب خَلْق الإِنسانِ، فالشَّعبُ أَعظمُها، مُشْتَقٌّ من شَعْبِ الرَّأْسِ، ثم القبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها، ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ،
ثم البَطنُ، ثم الفخِذُ، ثم الفصيلة، وهي الساقُ.والشعْبُ، بالكسرِ: ما انْفَرَجَ بينَ جبلين؛ وقيل: هو الطَّريقُ في الجَبَلِ، والجمعُ الشِّعابُ. وفي الـمَثَل: شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عن الناسِ؛ وقيل: الشِّعْبُ مَسِـيلُ الماءِ، في بَطْنٍ منَ الأَرضِ، لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ، وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ. والشُّعْبة: الفُرْقة؛ تقول: شَعَبَتْهم المنية أَي فرَّقَتْهم، ومنه سميت المنية شَعُوبَ، وهي معرفة لا تنصرف، ولا تدخلها الأَلف
واللام. وقيل: شَعُوبُ والشَّعُوبُ، كِلْتاهُما الـمَنِـيَّة، لأَنها
تُفَرِّقُ؛ أَمـّا قولهم فيها شَعُوبُ، بغير لامٍ، والشَّعوبُ باللام، فقد يمكن أَن يكونَ في الأَصل صفةً، لأَنه، من أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ، بمنزلة قَتُولٍ وضَروبٍ، وإِذا كان كذلك، فاللامُ فيه بمنزلتِها في العَبّاسِ والـحَسَنِ والـحَرِثِ؛ ويؤَكِّدُ هذا عندَكَ أَنهم قالوا في اشْتِقاقِها، إِنها سُمِّيَتْ شَعُوبَ، لأَنها تَشْعَبُ أَي تُفَرِّقُ، وهذا المعنى يؤَكِّدُ الوَصْفِـيَّةَ فيها، وهذا أَقْوى من أَن تُجْعَلَ اللام زائدةً. ومَن قال شَعُوبُ، بِلا لامٍ، خَلَصَتْ عندَه اسْماً صريحاً، وأَعْراها في اللفظ مِن مَذْهَبِ الصفةِ، فلذلك لم يُلْزمْها اللام، كما فَعَلَ ذلك من قال عباسٌ وحَرِثٌ، إِلاَّ أَنَّ روائِحَ الصفةِ فيه على كلِّ حالٍ، وإِنْ لم تكن فيه لامٌ، أَلا ترَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بن حبَّة؟ وإِنما سَمَّوهُ بذلك، لأَنه يَجْبُر الجائِعَ؛ فقد تَرَى معنى الصِّفَةِ فيه، وإِن لم تَدْخُلْهُ اللامُ. ومِن ذلك قولهم: واسِطٌ؛ قال سيبويه: سَمَّوهُ واسِطاً، لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ
والبَصْرَة، فمعنى الصفةِ فيه، وإِن لم يكن في لفظِه لامٌ.
وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ، وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الـحَياةَ
وذَهَبَت؛ قال النابغة الجعدي:
ويَبْتَزُّ فيه المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ، * رَهِـيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه، فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ: يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه؛ فَبزُّ ابنِ عَمِّه:
سِلاحُه. يَبْتَزُّه: يأْخُذُه.
وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ، أَو فارَقَ فِراقاً لا يَرْجِـعُ. وقد شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي الـمَنِـيَّة، تَشْعَبُه، فَشَعَب، وانْشَعَب، وأَشْعَبَ أَي ماتَ؛ قال النابغة الجعدي:
أَقَامَتْ بِهِ ما كانَ، في الدَّارِ، أَهْلُها، * وكانُوا أُناساً، مِنْ شَعُوبَ، فأَشْعَبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا، فَتَفَرَّقُوا * فَريقَيْن، مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قال ابن بري: صَوابُ إِنْشادِه، على ما رُوِيَ في شعره: وكانوا شُعُوباً من أُناسٍ أَي مـمَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ. ويروى: من شُعُوب، أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا.
ويقال للمَيِّتِ: قد انْشَعَبَ؛ قال سَهْم الغنوي:
حتى تُصادِفَ مالاً، أَو يقال فَـتًى * لاقَى التي تشْعَبُ الفِتْيانَ، فانْشَعَبَا
ويقال: أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ على الـمَنِـيَّة، ثم
نَجَا. وفي حديث طلحة: فما زِلْتُ واضِعاً رِجْلِـي على خَدِّه حتى
أَزَرْتُه شَعُوبَ؛ شَعُوبُ: من أَسماءِ الـمَنِـيَّةِ، غيرَ مَصْروفٍ،
وسُمِّيَتْ شعُوبَ، لأَنـَّها تُفَرِّقُ. وأَزَرْتُه: من الزيارةِ.
(يتبع...)
(تابع... 1): شعب: الشَّعْبُ: الجَمعُ، والتَّفْريقُ، والإِصلاحُ، والإِفْسادُ: ضدٌّ.... ...
وشَعَبَ إِليهم في عدد كذا: نَزَع، وفارَقَ صَحْبَهُ.
والـمَشْعَبُ: الطَّريقُ. ومَشْعَبُ الـحَقِّ: طَريقُه الـمُفَرِّقُ بينَه وبين الباطلِ؛ قال الكميت:
وما لِـيَ، إِلاَّ آلَ أَحْمَد، شِـيعةٌ، * وما لِـيَ، إِلاَّ مَشْعَبَ الحقِّ، مَشْعَبُ
والشُّعْبةُ: ما بين القَرْنَيْنِ، لتَفْريقِها بينهما؛ والشَّعَبُ: تَباعُدُ ما بينهما؛ وقد شَعِبَ شَعَباً، وهو أَشْعَبُ.
وظَبْـيٌ أَشْعَبُ: بَيِّنُ الشَّعَب، إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه، فتَبايَنَا بينُونةً شديدةً، وكان ما بين قَرْنَيْه بعيداً جدّاً، والجمع شُعْبٌ؛
قال أَبو دُوادٍ:
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ، * نَـبَّاجٍ من الشُّعْبِ
وتَيْسٌ أَشْعَبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه، وعَنْزٌ شَعْبَاءُ. والشَّعَبُ أَيضاً: بُعْدُ ما بين الـمَنْكِـبَيْنِ، والفِعلُ كالفِعلِ. والشاعِـبانِ: الـمَنْكِبانِ، لتَباعُدِهِما، يَمانِـيَةٌ. وفي الحديث: إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ من المرأَةِ ما بين شُعَبِها الأَرْبعِ، وَجَبَ عليه الغُسْلُ. شُعَبُها الأَرْبعُ: يَداها ورِجْلاها؛ وقيل: رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها؛ كَنى بذلك عن تَغْيِـيبِه الـحَشَفَة في فَرْجِها.
وماءٌ شَعْبٌ: بعيدٌ، والجمع شُعُوبٌ؛ قال:
كما شَمَّرَتْ كَدْراءُ، تَسْقِـي فِراخَها * بعَرْدَةَ، رِفْهاً، والمياهُ شُعُوبُ
وانْشَعَبَ عنِّي فُلانٌ: تباعَدَ. وشاعَبَ صاحبَه: باعَدَه؛ قال:
وسِرْتُ، وفي نَجْرانَ قَلْبـي مُخَلَّفٌ، * وجِسْمي، ببَغْدادِ العِراقِ، مُشاعِبُ
وشَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً إِذا صَرَفَه. وشَعَبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه؛ وأَنشد:
شاحِـيَ فيه واللِّجامُ يَشْعَبُهْ
وشَعْبُ الدار: بُعْدُها؛ قال قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ:
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ، حتى يَشِفَّـنِـي، * مَخافة شَعْبِ الدار، والشَّمْلُ جامِـعُ
وشَعْبانُ: اسمٌ للشَّهْرِ، سُمِّيَ بذلك لتَشَعُّبِهم فيه أَي
تَفَرُّقِهِم في طَلَبِ الـمِـياهِ، وقيل في الغاراتِ. وقال ثعلب: قال بعضهم إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ، أَي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ، والجمع شَعْباناتٌ، وشَعابِـينُ، كرمضانَ ورَمَاضِـينَ. وشَعبانُ: بَطْنٌ من هَمْدانَ، تَشَعَّب منَ اليَمَنِ؛ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِـيُّ، رحمه اللّه، على طَرْحِ الزائدِ. وقيل: شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ، وهو ذُو شَعْبَيْنِ، نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الـحِمْيَرِيُّ وَولَدُه، فنُسِـبوا إِليه؛ فمن كان منهم بالكوفة، يقال لهم الشَّعْبِـيُّونَ، منهم عامرُ بنُ شَراحِـيلَ الشَّعْبِـيُّ، وعِدادُه في هَمْدانَ؛ ومن كان منهم بالشامِ، يقالُ لهم الشَّعْبانِـيُّون؛ ومن كان منهم باليَمَن، يقالُ لهم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ، ومَن كان منهم بمصْرَ
والـمَغْرِبِ، يقال لهم الأُشْعُوبُ. وشَعَب البعيرُ يَشْعَبُ شَعْباً: اهْتَضَمَ الشجرَ من أَعْلاهُ. قال ثعلبٌ، قال النَّضْر: سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بعيراً له، يقولُ: أَبِـيعُكَ،
هو يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْباً؛ العَرْضُ: أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ من أَعْراضِه.
وما شَعَبَك عني؟ أَي ما شَغَلَكَ؟ والشِّعْبُ: سِمَةٌ لبَنِـي مِنْقَرٍ، كهَيْئةِ الـمِحْجَنِ وصُورَتِه، بكسر الشين وفتحها.
وقال ابن شميل: الشِّعابُ سِمَةٌ في الفَخِذ، في طُولِها خَطَّانِ،
يُلاقى بين طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ، والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ؛ وأَنشد:
نار علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ: * الـحَلْقَتانِ والشِّعابُ الفاجِرْ
وقال أَبو عليّ في التذكِرةِ: الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِـعٌ أَسفلُه،
مُتَفَرِّقٌ أَعلاه.
وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ، وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ: مَوْسُومٌ بها. والشَّعْبُ: موضعٌ.
وشُعَبَـى، بضم الشين وفتح العين، مقصورٌ: اسمُ موضعٍ في جبل طَيِّـئٍ؛ قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكِنْدِي:
أَعَبْداً حَلَّ، في شُعَبَـى، غَريباً؟ * أَلُؤْماً، لا أَبا لَكَ، واغْتِرابا!
قال الكسائي: العرب تقولُ أَبي لكَ وشَعْبـي لكَ، معناه فَدَيْتُك؛
وأَنشد:
قالَتْ: رأَيتُ رَجُلاً شَعْبـي لَكْ، * مُرَجَّلاً، حَسِبْتُه تَرْجِـيلَكْ
قال: معناه رأَيتُ رجُلاً فدَيْتُك، شَبَّهتُهُ إِيَّاك.
وشعبانُ: موضعٌ بالشامِ.
والأَشْعَب: قَرْيةٌ باليَمامَةِ؛ قال النابغة الجَعْدي:
فَلَيْتَ رسُولاً، له حاجةٌ * إِلى الفَلَجِ العَوْدِ، فالأَشْعَبِ
وشَعَبَ الأَمِـيرُ رسولاً إِلى موضعِ كذا أَي أَرسَلَه.
وشَعُوبُ: قَبِـيلة؛ قال أَبو خِراشٍ:
مَنَعْنا، مِنْ عَدِيِّ، بَني حُنَيْفٍ، * صِحابَ مُضَرِّسٍ، وابْنَيْ شَعُوبَا
فأَثْنُوا، يا بَنِـي شِجْعٍ، عَلَيْنا، * وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِـيبا
قال ابن سيده: كذا وجدنا شَعُوبٍ مَصْروفاً في البيت الأَخِـير، ولو لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ. وأَشْعَبُ: اسمُ رجُلٍ كان طَمَّاعاً؛ وفي الـمَثَل: أَطْمَعُ من أَشْعَبَ.
وشُعَيْبٌ: اسمٌ.
وغَزالُ شعبانَ: ضَرْبٌ من الجَنادِب، أَو الجَخادِب.
وشَعَبْعَبُ: موضع. قال الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّهِ القُشَيْرِي، قال ابن
بري: كثيرٌ ممن يَغْلَطُ في الصِّمَّة فيقولُ القَسْري، وهو القُشَيْرِي
لا غَيْرُ، لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّه بنِ طُفَيْلِ بن قُرَّةَ بنِ
هُبَيْرةَ بن عامِر بن سَلَمَةِ الخَير بن قُشَيْرِ بن كَعبٍ:
يا لَيْتَ شِعْرِيَ، والأَقْدارُ غالِـبةٌ، * والعَيْنُ تَذْرِفُ، أَحْياناً، من الـحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي، للخَدِّ، مِرْفَقَةً * على شَعَبْعَبَ، بينَ الـحَوْضِ والعَطَنِ؟
وشُعْبةُ: موضعٌ. وفي حديث المغازي: خرج رسولُ اللّه، صلى اللّه عليه وسلم، يريدُ قُريْشاً، وسَلَكَ شُعْبة، بضم الشين وسكون العين، موضعٌ قُرْب يَلْيَل، ويقال له شُعْبةُ ابنِ عبدِاللّه.
عتل: العَتَلةُ: حَدِيدة كأَنَّها رأْس فأْس عَرِيضةٌ، في أَسْفلها
خَشَبةٌ يُحْفَر بها الأَرْضُ والحِيطانُ، ليست بمُعَقَّفَة كالفأْس ولكنها
مستقيمة مع الخشبة، وقيل: العَتَلة العَصا الضَّخْمة من حَدِيد لها رأْس
مُفَلْطَحٌ كقَبِيعة السَّيْف تكون مع البَنَّاء يَهْدِم بها الحيطانَ.
والعَتَلة أَيضاً: الهِراوة الغليظة من الخشب، وقيل: هي المِجْثاث وهي
الحديدة التي يُقْطَع بها فَسِيلُ النخل وقُضُبُ الكَرْم، وقيل: هي بَيْرَمُ
النَّجَّارِ والمُجْتَابِ، والجمع عَتَلٌ. والعَتَلة: المَدَرة الكبيرة
تَتَقَلَّع من الأَرض إِذا أُثِيرت. وفي الحديث: أَنه قال لعُتْبة بن
عَبْدٍ: ما اسْمُكَ؟ قال: عَتَلة،
(* قوله «ما اسمك قال عتلة» قال الصاغاني:
وقيل كان اسمه نشبة) قال: بل أَنت عُتْبة؛ قيل في تفسيره كأَنه كَرِه
العَتَلة لِمَا فيها من الغِلْظة والشِّدَّة، وهي عَمودُ حدِيدٍ يُهْدَمُ به
الحِيطانُ، وقيل: حديدة كبيرة يُقْلَع بها الشجرُ والحجرُ. وفي حديث
هَدْم الكعبة: فأَخذ ابنُ مُطِيعٍ العَتَلة؛ ومنه اشْتُقَّ العُتُلُّ، وهو
الشديد الجافي والفَظُّ الغَلِيظ من الناس. والعُتُلُّ: الشديد، وقيل:
الأَكُول المَنُوع، وقيل: هو الجافي الغليظ، وقيل: هو الجافي الخُلُق اللئيم
الضَّرِيبة، وقيل: هو الشديد من الرجال والدواب. وفي التنزيل: عُتُلٍّ
بعد ذلك زَنِيمٍ؛ قيل: هو الشديد الخُصومَةِ، وقيل هو ما تقدم. والعَتَلة:
واحدة العَتَل، وهي القِسِيُّ الفارسيَّة؛ قال أُميَّة:
يَرْمُونَ عن عَتَلٍ كأَنَّها غُبُطٌ
بِزَمْخَرٍ، يُعْجِلُ المَرْمِيَّ إِعْجالا
وعَتَلَه يعتِلُه ويَعْتُله عَتْلاً فانْعَتَل: جَرَّه جَرًّا عَنِيفاً
وجَذَبَه فحَمَله. وفي التنزيل: خُذُوه فاعْتِلُوه إِلى سَواءِ الجحيم؛
قرأَ عاصم وحمزة والكسائي وأَبو عمرو فاعْتِلُوه، بكسر التاء، وقرأَ ابن
كثير ونافعٌ وابن عامر ويعقوبُ فاعْتُلوه، بضم التاء؛ قال الأَزهري: وهما
لغتان فصيحتان، ومعناه خُذُوه فاقْصِفُوه كما يُقْصَف الحَطَبُ.
والعَتْلُ: الدَّفْع والإِرْهاقُ بالسَّوْق العَنِيف. ابن السكيت: عَتَلْته إِلى
السِّجْن وعَتَنْتُه أَعْتِلُه وأَعْتُله وأَعْتِنُه وأَعْتُنُه إِذا
دَفَعْته دَفْعاً عنيفاً. ابن السكيت: عَتَلَه وعَتَنَه، باللام والنون
جميعاً، وقيل: العَتْلُ أَن تأْخُذَ بتَلْبيبِ الرَّجُل فتَعْتِله أَي
تَجُرّه إِليك وتَذْهَب به إِلى حَبس أَو بَلِيَّة. ورَجُلٌ مِعْتَلٌ، بالكسر:
قَوِيٌّ على ذلك؛ قال أَبو النجم يَصف فرساً:
طارَ عن المُهْرِ نَسِيلٌ يَنْسُلُه،
عن مُفْرَع الكَتِفَيْن حُرٍّ عَطَلُه،
نَفْرَعُه فَرْعاً ولَسْنَا نَعْتِلُه
وأَخَذَ فلان بِزمَام الناقة فَعَتَلَها إِذا قادَها قَوْداً عنِيفاً.
ويقال: لا أَتَعَتَّلُ مَعَك ولا أَنْعَتِلُ معك شِبْراً أَي لا أَبْرَح
مكاني ولا أَجيء معك. وإِنَّه لَعَتِلٌ إِلى الشرِّ أَي سريع. وعَتِلَ
إِلى الشَّرِّ عَتَلاً، فهو عَتِلٌ: سَرُعَ؛ قال:
وعَتِلٍ داوَيْتُه من العَتَل
والعَاتِل: الجِلْوازُ، وجمعه عُتُل. وداء عَتِيل: شديد. والعَتِيلُ:
الخادمُ. وجَبَلٌ عُتُلٌّ: صُلْبٌ شديد؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ثلاثةٌ أَشْرَفْنَ في طَوْدٍ عُتُلّ
والعَتِيل: الأَجيرُ، بلُغَةِ جَدِيلة طَيِّءٍ، والجمع عُتُلٌ وعُتَلاء.
والعَتَلة: التي لا تُلْقَح فهي أَبداً قَوِيَّةٌ. والعُتُلُّ: الرُّمْح
الغليظ. والعُنْتُل والعُنْتَل: البَظْر؛ عن اللحياني، والمعروف
العُنْبُل؛ وأَنشد:
بَدَا عُنْبُلٌ لو تُوضَعُ الفَأْسُ فَوْقه
مُذَكَّرةً، لانْفَلَّ عنها غُرابُها
دفع: الدَّفْع: الإِزالة بقوّة. دَفَعَه يَدْفَعُه دَفْعاً ودَفاعاً
ودافَعَه ودَفَّعَه فانْدَفَع وتَدَفَّع وتَدافَع، وتدافَعُوا الشيءَ:
دَفَعَه كلّ واحد منهم عن صاحبه، وتدافَع القومُ أَي دفَع بعضُهم بعضاً. ورجل
دَفّاع ومِدْفَع: شديد الدَّفْع. ورُكْن مِدْفَعٌ: قويّ. ودفَع فلان إِلى
فلان شيئاً ودَفع عنه الشرّ على المثل. ومن كلامهم: ادْفَعِ الشرّ ولو
إِصْبعاً؛ حكاه سيبويه. ودافَع عنه بمعنى دفَع، تقول منه: دفَع الله عنك
المَكْروه دَفْعاً، ودافع اللهُ عنك السُّوء دِفاعاً. واستَدْفَعْت اللهَ
تعالى الأَسواء أَي طلبت منه أَن يَدْفَعَها عني. وفي حديث خالد: أَنه
دافَع بالناس يوم مُوتةَ أَي دفعَهم عن مَوْقِف الهَلاك، ويروى بالراء من
رُفع الشيء إِذا أُزيل عن موضعه.
والدَّفْعةُ: انتهاء جماعة القوم إِلى موضع بمرَّة؛ قال:
فنُدْعَى جَميعاً مع الرَّاشِدين،
فنَدْخُلُ في أَوّلِ الدَّفْعةِ
والدُّفْعةُ: ما دُفع من سِقاء أَو إِناء فانْصَبَّ بمرَّة؛ قال:
كقَطِرانِ الشامِ سالَتْ دُفَعُه
وقال الأَعشى:
وسافَتْ من دَمٍ دُفَعا
(* قوله «وسافت» كذا بالأصل وبهامشه خافت.)
وكذلك دُفَعُ المطر ونحوه. والدُّفْعةُ من المطر: مثل الدُّفْقة،
والدَّفعة، بالفتح: المرة الواحدة. وتدَفَّع السيل وانْدفَع: دفَع بعضُه
بعضاً.والدُّفّاع، بالضم والتشديد: طَحْمة السيلِ العظيم والمَوْج؛ قال
جَوادٌ يَفِيضُ على المُعْتَفِين،
كما فاضَ يَمٌّ بدُفّاعِه
والدُّفّاع: كثرة الماء وشدَّته. والدُّفّاع أَيضاً: الشيء العظيم
يُدْفَع به عظيم مثله، على المثل. أَبو عمرو: الدُّفّاع الكثير من الناس ومن
السيل ومن جَرْي الفرس إِذا تدافع جَرْيُه، وفرس دَفَّاعٌ؛ وقال ابن
أَحمر:إِذا صَليتُ بدَفّاعٍ له زَجَلٌ،
يُواضِخُ الشَّدَّ والتَّقْرِيبَ والخَبَبا
ويروى بدُفّاع، يريد الفرس المُتدافِعَ في جَرْيه. ويقال: جاء دُفّاعٌ
من الرجال والنساء إِذا ازدحموا فركب بعضُهم بعضاً.
ابن شميل: الدَّوافِعُ أَسافِلُ المِيثِ حيث تَدْفَع في الأَوْدِية،
أَسفلُ كل مَيْثاء دافعة.
وقال الأَصمعي: الدَّوافِعُ مَدافِعُ الماء إِلى المِيثِ، والمِيث
تَدْفَع إِلى الوادِي الأَعظم.
والدافِعةُ: الــتَّلْعَةُ من مَسايِل الماء تَدْفَع في تَلْعة أُخرى إِذا
جرى في صَبَبٍ وحَدُورٍ من حَدَبٍ، فَتَرَى له في مواضِعَ قد انْبَسَطَ
شيئاً واسْتدارَ ثم دَفع في أُخرى أَسفل منها، فكلّ واحد من ذلك دافِعةٌ
والجمع الدَّوافِعُ، ومَجْرَى ما بين الدَّافِعَتَين مِذْنَبٌ، وقيل:
المَدافِعُ المَجارِي والمَسايِل؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
شِيبُ المَبارِكِ، مَدْرُوسٌ مَدافِعُه،
هابِي المَراغِ، قلِيلُ الوَدْقِ، مَوْظُوبُ
المَدْرُوس: الذي ليس في مَدافِعه آثار السيل من جُدوبتِه. والموْظُوبُ:
الذي قد ووظب على أَكْله أَي دِيمَ عليه، وقيل: مَدْرُوسٌ مَدافِعُه
مأْكول ما في أَوْدِيته من النبات. هابِي المَراغ: ثائرٌ غُبارُه. شِيبٌ:
بِيضٌ. ابن شميل: مَدْفَعُ الوادي حيث يدْفَع السيل، وهو أَسفله، حيث
يَتفرَّق ماؤُه.
وقال الليث: الانْدِفاعُ المُضيّ في الأَرض، كائناً ما كان؛ وأَمَّا قول
الشاعر:
أَيُّها الصُّلْصُلُ المُغِذُّ إِلى المَدْ
فَعِ من نَهْرِ مَعْقِلٍ فالمَذارِ
فقيل: هو مِذْنَبُ الدّافِعة لأَنها تَدْفع فيه إِلى الدافعة الأُخرى،
وقيل: المَدْفَع اسم موضع.
والمُدَفَّع والمُتدافَعُ: المَحْقُور الذي لا يُضَيَّف إِن اسْتضاف ولا
يُجْدَى إِن اسْتَجْدَى، وقيل: هو الضيْفُ الذي يَتَدافَعُه الحَيُّ،
وقيل: هو الفقير الذليل لأَنَّ كلاًّ يَدْفَعُه عن نفسه. والمُدَفَّع:
المَدْفُوع عن نسبه. ويقال: فلان سيّد قومه غير مُدافَع أَي غير مُزاحَم في
ذلك ولا مَدْفُوعٍ عنه. الأَصمعي: بعير مُدَفَّع كالمُقْرَم الذي يُودَع
للفِحْلةِ فلا يُركب ولا يُحْمَل عليه، وقال: هو الذي إِذا أُتي به
ليُحْمَلَ عليه قيل: ادْفَع هذا أَي دَعْه إِبقاء عليه؛ وأَنشد غيره لذي
الرمة:وقَرَّبْن لِلأَظْعانِ كُلَّ مُدَفَّع
والدافِعُ والمِدفاع: الناقة التي تَدْفَع اللبن على رأْس ولدها لكثرته،
وإِنما يكثر اللبن في ضَرْعها حين تريد أَن تضع، وكذلك الشاة المِدْفاع،
والمصدر الدَّفْعة، وقيل: الشاة التي تَدْفَع اللَّبَأَ في ضَرْعِها
قُبَيْلَ النَّتاج. يقال: دَفَعَتِ الشاةُ إِذا أَضْرَعَت على رأْس الولد.
وقال أَبو عبيدة: قوم يجعلون المُفْكِهَ والدَّافِعَ سواء، يقولون هي
دافِعٌ بولد، وإِن شئت قلت هي دافع بلَبَن، وإِن شئت قلت هي دافع بضَرْعها،
وإِن شئت قلت هي دافع وتسكت؛ وأَنشد:
ودافِعٍ قد دَفَعَتْ للنَّتْجِ،
قد مَخَضَتْ مَخاضَ خَيْلٍ نُتْجِ
وقال النضر: يقال دَفَعَتْ لَبَنَها وباللبن إِذا كان ولدها في بطنها،
فإِذا نُتِجت فلا يقال دَفَعت.
والدَّفُوع من النوق: التي تَدْفع برجلها عند الحَلب.
والانْدِفاعُ: المُضِيُّ في الأَمر. والمُدافَعة: المُزاحمة.
ودَفَع إِلى المكان ودُفِع، كلاهما: انْتَهى. ويقال: هذا طريق يَدْفَع
إِلى مكان كذا أَي يَنْتَهِي إِليه. ودَفَع فلان إِلى فلان أَي انتهى
إِليه. وغَشِيَتْنا سَحابة فَدُفِعْناها إِلى غيرنا أَي ثُنِيَت عنا
وانصَرفَت عنا إِليهم، وأَراد دُفِعَتْنا أَي دُفِعَت عنا. ودَفَع الرجل قوسَه
يدْفَعُها: سَوَّاها؛ حكاه أَبو حنيفة، قال: ويَلْقَى الرجلُ الرجلَ فإِذا
رأَى قوسه قد تغيرت قال: ما لك لا تَدْفَع قوْسَك؟ أَي ما لك لا
تَعْمَلُها هذا العَمَل.
ودافِعٌ ودفَّاع ومُدافِعٌ: أَسماء.
وانْدَفع الفرسُ أَي أَسْرَع في سيْره. وانْدَفعُوا في الحديث. وفي
الحديث: أَنه دَفَع من عَرَفات أَي ابتدأَ السيرَ، ودَفع نفْسَه منها
ونَحَّاها أَو دفع ناقتَه وحَمَلَها على السيْر.
ويقال: دافَع الرجل أَمْرَ كذا إِذا أُولِعَ به وانهمك فيه.
والمُدافَعةُ: المُماطلة. ودافَع فلان فلاناً في حاجته إِذا ماطَلَه فيها فلم
يَقْضِها.
والمَدْفَع: واحد مدافِع المياه التي تجري فيها. والمِدْفَع، بالكسر:
الدَّفُوع؛ ومنه قولها يعني سَجاحِ:
لا بَلْ قَصِيرٌ مِدْفَعُ
جوف: الجَوْفُ: المطمئن من الأَرض. وجَوْفُ الإنسان: بطنه، معروف. ابن
سيده: الجَوْفُ باطِنُ البَطْنِ، والجَوْفُ ما انْطَبَقَتْ عليه الكَتِفان
والعَضُدان والأَضْلاعُ والصُّقْلانِ، وجمعها أَجوافٌ.
وجافَه جَوْفاً: أَصابَ جَوْفَه. وجافَ الصَّيْدَ: أَدخل السهم في
جَوْفِه ولم يظهر من الجانب الآخر. والجائفةُ: الطعْنةُ التي تبلغ الجوف.
وطعْنَةٌ جائفة: تُخالِط الجوْف، وقيل: هي التي تَنْفُذُه. وجافَه بها
وأَجافَه بها: أَصابَ جوفه. الجوهري: أَجَفْتُه الطعْنةَ وجُفْتُه بها؛ حكاه عن
الكسائي في باب أَفْعَلْتُ الشيء وفَعَلْتُ به. ويقال: طَعَنْتُه
فجُفْتُه وجافَه الدَّواءُ، فهو مَجُوفُ إذا دخل جَوْفَه.
ووِعاء مُسْتَجافٌ: واسِعٌ. واسْتَجافَ الشيءُ واسْتَجْوَفَ: اتَّسَعَ؛
قال أَبو دواد:
فَهْيَ شَوْهاءُ كالجُوالِقِ، فُوها
مُسْتَجافٌ يَضِلُّ فيه الشَّكِيمُ
واسْتَجَفْتُ المكانَ: وجدته أَجْوَفَ.
والجَوَفُ، بالتحريك: مصدر قولك شيء أَجْوَفُ. وفي حديث خلق آدم، عليه
السلام: فلما رآه أَجْوَفَ عَرَفَ أَنه خَلْقٌ لا يَتَمالَكُ؛ الأَجْوَفُ:
الذي له جَوْفٌ، ولا يتمالَك أَي لا يَتَماسَكُ. وفي حديث عِمْران: كان
عمر أَجْوَفَ جليداً أَي كبير الجوْفِ عظيمه. وفي حديث خُبَيْب:
فَجافَتْني؛ هو من الأَوّل أَي وصلت إلى جَوْفي. وفي حديث مسروق في البعير
الـمُتَرَدِّي في البئر: جُوفُوه أَي اطْعَنُوه في جوفه. وفي الحديث: في
الجائفة ثُلُثُ الدِّيةِ؛ هي الطعنة التي تَنْفُذُ إلى الجوف. يقال: جُفْتُه
إذا أَصَبْتَ جَوْفَه، وأَجَفْتُه الطَّعْنَة وجُفْتُهُ بها. قال ابن
الأَثير: والمراد بالجوف ههنا كلُّ ما له قوة مُحِيلةٌ كالبَطْن والدِّماغ.
وفي حديث حُذيْفَة: ما مِنَّا أَحَدٌ لو فُتِّشَ إلا فُتِّش عن جائفةٍ أَو
مُنَقِّلةٍ؛ الـمُنَقِّلَةُ من الجراح: ما ينقل العظم عن موضعه، أَراد
ليس أَحدٌ إلا وفيه عَيْب عظيم فاستعار الجائفةَ والمنقِّلةَ لذلك.
والأَجْوَفانِ: البَطْنُ والفَرْجُ لاتِّساعِ أَجْوافِهما. أَبو عبيد في قوله في
الحديث: لا تَنْسَوُا الجوْفَ وما وَعَى أَي ما يدخل فيه من الطعام
والشراب، وقيل فيه قولان: قيل أَراد بالجوف البطن والفرج معاً كما قال إن
أَخْوَفَ ما أَخافُ عليكم الأَجْوفان، وقيل: أَراد بالجوْفِ القلب وما وَعى
وحَفِظَ من مَعْرِفةِ اللّه تعالى. وفرس أَجْوَفُ ومَجُوف ومُجَوَّفٌ:
أَبيضُ الجوْفِ إلى منتهى الجنبين وسائرُ لونِه ما كان. ورجل أَجْوَفُ:
واسع الجوْفِ؛ قال:
حارِ بْنَ كَعْبٍ، أَلا الأَحْلامُ تَزْجُرُكم
عَنّا، وأَنـْتُمْ من الجُوفِ الجَماخِيرِ؟
(* قوله «ألا الاحلام» في الاساس: ألا أحلام.)
وقول صخر الغَيّ:
أَسالَ منَ الليلِ أَشْجانَه،
كأَنَّ ظَواهِرَه كُنَّ جُوفا
يعني أَن الماء صادَفَ أَرضاً خَوَّارةً فاسْتَوْعَبَتْه فكأَنها جوفاء
غير مُصْمَتةٍ. ورجل مَجوفٌ ومُجَوَّف: جَبانٌ لا قَلْبَ له كأَنه خالي
الجوْفِ من الفُؤَادِ؛ ومنه قول حَسّان:
أَلا أَبْلِغْ أَبا سُفْيانَ عَنِّي:
فأَنت مُجَوَّفٌ نَخِبٌ هَواء
أَي خالي الجوف من القلب. قال أَبو عبيدة: الـمَجُوف الرَّجُل الضخم
(*
قوله «الرجل الضخم» كذا في الأصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح، وفي بعض
آخر: الرحل، بالحاء، وعليه يجيء الشاهد.) الجوف؛ قال الأَعشى يصف ناقته:
هِيَ الصَّاحِبُ الأَدْنى وبَيْني وبَيْنَها
مَجُوفٌ عِلافيٌّ، وقِطْعٌ ونُمْرُقُ
يعني هي الصاحِب الذي يَصْحَبُني. وأَجَفْتُ البابَ: رددْتُه؛ وأَنشد
ابن بري:
فَجِئنا من البابِ الـمُجافِ تَواتُراً،
وإنْ تَقعُدا بالخَلْفِ، فالخَلْفُ واسِعُ
وفي حديث الحج: أَنه دخل البيت وأَجافَ البابَ أَي ردّه عليه. وفي
الحديث: أَجِيفُوا أَبوابَكم أَي رُدُّوها. وجَوْفُ كل شيء: داخِلُه. قال
سيبويه: الجَوفُ من الأَلفاظ التي لا تستعمل ظرفاً إلا بالحروف لأَنه صار
مختصاً كاليد والرجل. والجَوْفُ من الأَرض: ما اتَّسع واطْمَأَنَّ فصار
كالجوف؛ وقال ذو الرمة:
مُوَلَّعةً خَنْساء ليسَتْ بنَعْجةٍ،
يُدَمِّنُ أَجْوافَ المِياهِ وَقِيرُها
وقول الشاعر:
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً
بِعُجُوبِ أَنـْقاءٍ، يَمِيلُ هَيامُها
من رواه يجتاف، بالفاء، فمعناه يدخل، يصف مطراً. والقالص: الـمُرْتفع.
والـمُتَنَبِّذ: الـمُتَنَحّي ناحيةً. والجوف من الأَرض أَوسع من الشِّعْب
تَسِيلُ فيه التِّلاعُ والأَودية وله جِرَفةُ، وربما كان أَوْسَعَ من
الوادي وأَقْعَر، وربما كان سهلاً يُمْسك الماء، وربما كان قاعاً مستديراً
فأَمسك الماء. ابن الأَعرابي: الجَوْف الوادي. يقال: جوْفٌ لاخٌ إذا كان
عَميقاً، وجوف جِلواح: واسِعٌ، وجَوْفٌ زَقَبٌ: ضَيِّقٌ. أَبو عمرو: إذا
ارتفع بَلَقُ الفرس إلى جنبيه فهو مُجَوَّفٌ بَلَقاً؛ وأَنشد:
ومُجَوَّف بَلَقاً مَلَكْتُ عِنانَه،
يَعْدُو على خَمْسٍ، قَوائِمُه زَكا
أَراد أَنه يعدو على خمس من الوحْش فيصيدها، وقوائمه زكا أَي ليست خَساً
ولكنها أَزواج، ملكْتُ عِنانَه أَي اشترؤيته ولم أَسْتَعِرْه. أَبو
عبيدة: أَجْوَفُ أَبْيَضُ البطنِ إلى منتهى الجَنْبَيْنِ ولون سائره ما كان،
وهو الـمُجَوَّفُ بالبلَق ومُجَوَّفٌ بلَقاً. الجوهري: المجوّف من
الدوابّ الذي يَصْعَدُ البلق حتى يَبْلُغَ البطنَ؛ عن الأَصمعي؛ وأَنشد
لطفيل:شَميط الذنابى جُوِّفَتْ، وهي جَوْنةٌ
بِنُقْبة دِيباجٍ، ورَيْطٍ مُقَطَّعِ
واجتافَه وتَجَوَّفَه بمعنى أَي دخل في جوْفِه. وشيء جُوفيٌّ أَي واسِعُ
الجَوْفِ. ودِلاءٌ جُوفٌ أَي واسِعة. وشجرة جَوْفاء أَي ذات جَوْفٍ.
وشيء مُجَوَّفٌ أَي أَجْوَفُ وفيه تَجْوِيفٌ. وتَلْعة جائفةٌ: قَعِيرةٌ.
وتِلاعٌ جَوائِفُ، وجَوائِفُ النَّفْسِ: ما تَقَعَّرَ من الجوْفِ ومَقارّ
الرُّوحِ؛ قال الفرزدق:
أَلم يَكْفِني مَرْوانُ، لَـمّا أَتَيْتُهُ
زِياداً، وردَّ النَّفْسَ بَيْنَ الجَوائِفِ؟
وتَجَوَّفَتِ الخُوصةُ العَرْفَجَ: وذلك قبل أَن تخرج وهي في جَوْفِه.
والجَوَفُ: خَلاء الجوْفٍ كالقَصبةِ الجَوْفاء. والجُوفانُ: جمع
الأَجْوَفِ. واجتافَ الثَّوْرُ الكِناسَ وتَجَوَّفَه، كلاهما: دخل في جوْفه؛ قال
العجاج يصف الثورَ والكِناسَ:
فهْو، إذا ما اجْتافَه جُوفيُّ،
كالخُصِّ إذْ جَلَّلَه الباريُّ
وقال ذو الرمة:
تَجَوَّفَ كلِّ أَرْطاةٍ رَبُوضٍ
من الدَّهْنا تَفَرَّعَتِ الحِبالا
والجَوْفُ: موضع باليمن، والجَوْفُ: اليمامة، وباليمن وادٍ يقال له
الجوف؛ ومنه قوله:
الجَوْفُ خَيْرٌ لَكَ من أَغْواطِ،
ومِنْ أَلاءَاتٍ ومِنْ أُراطِ
(* قوله «أراط» في معجم ياقوت: أراط، بالضم، من مياه بني نمير، ثم قال:
وأراط باليمامة. وفي اللسان في مادة أرط: فأما قوله الجوف إلخ فقد يجوز
أن يكون أراط جمع أرطاة وهو الوجه وقد يكون جمع أرطى ا هـ. وفيه أيضاً ان
الغوط والغائط المتسع من الأرض مع طمأنينة وجمعه اغواط ا هـ. وألاءات
بوزن علامات وفعالات كما في المعجم وغيره موضع.)
وجَوْفُ حِمارٍ وجوْفُ الحِمار: وادٍ منسوب إلى حِمارِ بن مُوَيْلِعٍ
رجل من بقايا عاد، فأَشرك باللّه فأَرسل اللّه عليه صاعقةً أَحْرَقَتْه
والجَوْفَ، فصار مَلْعباً للجن لا يُتَجَرَّأُ على سلوكه؛ وبه فسر بعضهم
قوله:
وخَرْقٍ كَجَوْف العَيْرِ قَفْرٍ مَضَلّة
أَراد كجوف الحِمار فلم يستقم له الوزن فوضع العيرَ موضعه لأَنه في
معناه؛ وفي التهذيب: قال امروء القيس:
ووادٍ كَجَوْفِ العَيْرِ قَفْرٍ قَطَعْتُه
قال: أَراد بجوف العير وادياً بعينه أُضيف إلى العير وعرف بذلك.
الجوهري: وقولهم أَخلى من جوف حمار هو اسم وادٍ في أَرض عادٍ فيه ماء وشجر،
حماها رجل يقال له حِمار وكان له بنون فأَصابتهم صاعقة فماتوا، فكفر كفراً
عظيماً، وقتل كل من مرَّ به من الناس، فأَقبلت نار من أَسفل الجوف فأَحرقته
ومن فيه، وغاضَ ماؤه فضربت العرب به المثل فقالوا: أَكْفَرُ من حِمار،
ووادٍ كجوف الحمار، وكجوف العَير، وأَخْرَبُ من جوف حمار. وفي الحديث:
فَتَوقَّلَتْ بنا القِلاصُ من أَعالي الجَوْف؛ الجَوْفُ أَرْض لمُرادٍ،
وقيل: هو بطن الوادِي. وقوله في الحديث قيل له: أَيُّ الليلِ أَسمَعُ؟ قال:
جَوْفُ الليلِ الآخِرُ أَي ثلثه الآخِرُ، وهو الجزء الخامس من أَسْداس
الليل، وأَهل اليمن والغَوْر يسمون فَساطِيطَ العُمّال الأَجْوافَ.
والجُوفانُ: ذكر الرجل؛ قال:
لأَحْناء العِضاه أَقَلُّ عاراً
من الجُوفانِ، يَلْفَحُه السَّعِيرُ
وقال المؤرجُ: أَيْرُ الحِمار يقال له الجُوفان، وكانت بنو فزارةَ
تُعَيَّرُ بأَكل الجُوفانِ فقال سالم بن دارةَ يهجو بني فَزارةَ:
لا تَأْمَنَنَّ فَزارِيّاً خَلَوْتَ به
على قَلُوصِكَ، واكْتُبْها بأَسْيَارِ
لا تأْمَنَنْه ولا تأْمَنْ بَوائقَه،
بَعْدَ الذي امْتَلَّ أَيْرَ العَيْرِ في النارِ
منها:
أَطْعَمْتُمُ الضَّيْفَ جُوفاناً مُخاتَلةً،
فلا سَقاكم إلهِي الخالِقُ البارِي
والجائفُ: عِرْق يجري على العَضُد إلى نُغْض الكتف وهو الفلِيقُ.
والجُوفيُّ والجُوافُ، بالضم: ضرب من السمك، واحدته جُوافَةٌ؛ وأَنشد
أَبو الغَوْث:
إذا تَعَشَّوْا بَصَلاً وخلاًّ،
وكَنْعَداً وجُوفِياً قد صلاَّ،
باتُوا يَسُلُّونَ الفُساء سَلاَّ،
سَلَّ النَّبِيطِ القَصَبَ الـمُبْتَلاَّ
قال الجوهري: خففه للضرورة. وفي حديث مالك ابن دينار: أَكلتُ رغيفاً
ورأْسَ جُوافةٍ فعلى الدنيا العَفاء؛ الجُوافةُ، بالضم والتخفيف: ضرب من
السمك وليس من جَيِّدِه.
والجَوفاء: موضع أَو ماء؛ قال جرير:
وقد كان في بَقْعاء رِيٌّ لشائكُم،
وتَلْعَةَ والجَوفاء يَجْري غَدِيرُها
(* قوله «لشائكم» في معجم ياقوت في عدة مواضع: لشأنكم.)
وقوله في صفة نهر الجنة: حافتاه الياقوتُ الـمُجَيَّب؛ قال ابن الأَثير:
الذي جاء في كتاب البخاري اللُّؤلؤ الـمُجَوَّفُ، قال: وهو معروف، قال:
والذي جاء في سنن أَبي داودَ المجيَّب أَو المجوف بالشك، قال: والذي جاء
في مَعالِمِ السُّنن المجيَّب أَو المجوَّب، بالباء فيهما، على الشك،
قال: ومعناه الأَجوف.
ميث: ماثَ الشيءَ مَيْثاً: مَرَسَه. وماثَ المِلحَ في الماء: أَذابه؛
وكذلك الطين، وقد انماثَ. الليث: ماث يُمِيثُ مَيْثاً: أَذابَ الملح في
الماء حتى امَّاثَ امِّياثاً. وكلُّ شيءٍ مَرَسته في الماء فذاب فيه، من
زعفرانٍ وتمرٍ وزبيبٍ وأَقِط، فقد مِثْتَه ومَيَّثْتَه. وأَماث الرجلُ
(*
قوله «وأَماث الرجل إلخ» صوابه وامتاث. كذا بهامش الأَصل بخط السيد مرتضى،
والعهدة عليه في ذلك. وقوله إِذا مرسته إلخ لعل صوابه مرسه في الماء
وشربه كما هو ظاهر.) لنفسه أَقِطاً إِذا مَرَسْتَه في الماء وشرِبْتَه؛ وقال
رؤبة:
فَقُلْتُ، إِذا أَعْيا امْتِياثاً مائِثُ،
وطاحتِ الأَلْبانُ والْعَبائِثُ
يقول: لو أَعياه
(* قوله «لو أَعياه إلخ» المشاهد في البيت اذ أعيا،
فلعله سبق القلم.) المَريسُ من التمر والأَقِط فلم يجد شيئاً يمتاثُه ويشرب
ماءه، فيتبلغ به لقلة الشيء وعَوَزِ المأْكول.
ابن السكيت: ماث الشيءَ يموثُه ويَمِيثُه، لغة، إِذا دافَه. الجوهري:
مِثْتُ الشيءَ في الماء أَمِيثه لغة في مُثْتُه إِذا دُفْتَه فيه. وفي حديث
أَبي أُسَيد: فلما فرغ من الطعام أَماثَتْه فسقته إِياه؛ قال ابن
الأَثير: هكذا روى أَماثَتْه، والمعروف ماثَتْه. وفي حديث عليّ: اللهمَّ مِثْ
قلوبَهم، كما يُماثُ الملح في الماء. والمَيْثاءُ: الأَرضُ اللينةُ من غير
رمل وكذلك الدَّمِثَة؛ وفي الصحاح: المَيْثاء الأَرض السَّهلة، والجمع
مِيثٌ، مثل هَيْفاءَ وهِيفٍ.
وتَمَيَّثَت الأَرضُ إِذا مُطِرَت فلانت وبرَدَت.
والمَيْثاءُ: الرملة السَّهلة والرابية الطَّيِّبة. والمَيْثاء:
الــتَّلْعة التي تَعْظُم حتى تكون مثلَ نصف الوادي أَو ثُلُثيه.
ومَيَّثَ الرجلَ: ذلله. ومَيَّثَهُ: لَيَّنَهُ؛ وأَنشد لمتمم:
وذو الهَمِّ تُعْديه صَرِيمَةُ أَمْرِهِ،
إِذا لم تُمَيِّثْه الرُّقَى وتُعادِل
ومَيَّثَه الدهرُ: حَنَّكَهُ وذَلَّلَهُ.
والامْتِياثُ: الرَّفاهِيَةُ وطِيبُ العَيش.
أَبو عمرو: يقال لِغِرْقِئِ البَيضِ: المُسْتَميثُ. ومَيْثاءُ: اسم
امرأَة؛ قال الأَعشى:
لِمَيْثاءَ دارٌ قد تَعَفَّتْ طُلولُها،
عَفَتْها نَضِيضاتُ الصَّبا، فمَسِيلُها
بطح: البَطْحُ: البَسْطُ.
بَطَحه على وجهه يَبطَحُه بَطْحاً أَي أَلقاه على وجهه فانْبَطَح.
وتَبَطَّحَ فلان إِذا اسْبَطَرَّ على وجهه ممتدّاً على وجه الأَرض؛ وفي
حديث الزكاة: بُطِحَ لها بقاعٍ أَي أُلقي صاحبها على وجهه لتطأَه.
والبَطْحاءُ: مَسِيلٌ فيه دُقاقُ الحَصى. الجوهري: الأَبْطَحُ مَسِيل
واسِع فيه دُقاقُ الحَصى. ابن سيده: وقيل بَطْحاءُ الوادي تراب لَيِّنٌ مما
جَرَّتْه السُّيُولُ، والجمع بَطْحاواتٌ وبِطاحٌ. يقال: بِطاحٌ بُطَّحٌ،
كما يقال أَعوامٌ عُوَّمٌ، فإِن اتسع وعَرُضَ، فهو الأَبطَحُ، والجمع
الأَباطِحُ، كسَّروه تكسير الأَسماء، وإِن كان في الأَصل صفة لأَنه غلب
كالأَبْرَقِ والأَجْرَع فجرى مجرى أَفْكَل؛ وفي حديث عمر: أَنه أَول من
بَطَحَ المسجدَ، وقال: ابْطَحُوه من الوادي المبارك، أَي أَلقَى فيه
البَطْحاءَ، وهو الحصى الصِّغار. قال ابن الأَثير: وبَطْحاءُ الوادي وأَبْطَحُه
حَصاه اللين في بطن المَسِيل؛ ومنه الحديث: أَنه، صلى الله عليه وسلم،
صلَّى بالأَبْطَح؛ يعني أَبْطَح مكة، قال: هو مسيل واديها. الجوهري:
والبَطِيحَةُ والبَطْحاءُ مثل الأَبْطَحِ، ومنه بَطْحاءُ مكة. أَبو حنيفة:
الأَبْطَحُ لا يُنْبِتُ شيئاً إِنما هو بطن المَسِيل النضر. الأَبْطَحُ:
بَطْنُ المَيْثاء والــتَّلْعَةِ والوادي، وهو البَطْحاءُ، وهو التراب السهل في
بطونها مما قد جَرَّته السيول؛ يقال: أَتينا أَبْطَحَ الوادي فنمنا عليه،
وبَطْحاؤُه مثله، وهو ترابه وحصاه السَّهْلُ اللَّيِّنُ.
أَبو عمرو: البَطِحُ رمل في بَطْحاءَ، وسمِّي المكان أَبْطَحَ لأَنَّ
الماء يَنْبَطِح فيه أَي يذهب يميناً وشمالاً. والبَطِحُ: بمعنى
الأَبْطَحِ؛ وقال لبيد:
يَزَعُ الهَيَامَ عن الثَّرَى ويَمُدُّه
بَطِحٌ يُهايِلُه عن الكُثْبانِ
وفي الحديث: كان عُمَرُ أَوَّلَ من بَطَحَ المسجد، وقال: ابْطَحُوه من
الوادي المبارك، وكان النبي، صلى الله عليه وسلم، نائماً بالعَقِيقِ،
فقيل: إِنك بالوادي المبارك؛ قوله: بطح المسجد أَي أَلقى فيه الحصى ووَثَّرَه
به. ابن شميل: بَطْحاءُ الوادي وأَبطَحُه حصاه السهل اللين في بطن
المسيل.
واسْتَبْطَحَ الوادي وانْبَطَحَ في هذا المكان أَي اسْتَوْسَعَ فيه.
وتَبَطَّح المكان وغيره: انبسط وانتصبَ؛ قال:
إِذا تَبَطَّحْنَ على المَحامِلِ،
تَبَطُّحَ البَطِّ بِجَنْبِ الساحِلِ
وفي حديث ابن الزبير وبناء البيت: فأَهابَ بالناسِ إِلى بَطْحِه أَي
تسويته. وتَبَطَّحَ السَّيلُ: اتَّسع في البَطْحاءِ؛ وقال ابن سيده: سال
سَيْلاً عريضاً؛ قال ذو الرمة:
ولا زالَ، من نَوْءِ السِّماكِ عليكما
ونَوْءِ الثُّرَيَّا، وابِلٌ مُتَبَطِّحُ
الأَزهري: وفي النوادر: البُطاحُ مَرَضٌ يأْخذ من الحُمَّى؛ وروي عن ابن
الأَعرابي أَنه قال: البُطاحِيُّ مأْخوذ من البُطاحِ، وهو المرض الشديد.
وبَطْحاءُ مكة وأَبْطَحُها: معروفة، لانْبِطاحِها، ومِنًى من
الأَبْطَحِ، وقُرَيشُ البِطاحِ: الذين ينزلون أَباطِحَ مكة وبَطْحاءَها، وقريشُ
الظَّواهر: الذين ينزلون ما حول مكة؛ قال:
فلو شَهِدَتْني من قُرَيْشٍ عِصابَةٌ،
قُرَيْشِ البِطاحِ، لا قُرَيشِ الظواهِر.
الأَزهري ابن الأَعرابي: قريس البطاح هم الذين ينزلون الشِّعْبَ بين
أَخْشَبَيْ مكة، وقريشُ الظواهر الذين ينزلون خارجَ الشِّعْب، وأَكرمُهما
قريش البطاح. ويقال: بينهما بَطْحةٌ بعيدة أَي مسافة؛ ويقال: هو بَطْحةُ
رجل، مثل قولك قامَةُ رجل.
والبَطِيحَة: ما بين واسطَ والبَصْرة، وهو ماء مُسْتَنْفِع لا يُرَى
طرفاه من سَعَته، وهو مَغِيضُ ماء دِجْلَة والفُرات، وكذلك مَغايِضُ ما بين
بَصْرَةَ والأَهْواز. والطَّفُّ: ساحلُ البَطِيحةِ، وهي البَطائِحُ.
والبُطْحانُ وبُطاحُ: موضع. وفي الحديث ذِكْرُ بُطاحٍ، هو بضم الباءِ
وتخفيف الطاء: ماء في ديار بني أَسد، وبه كانت وقعة أَهل الرِّدة.
وبَطائِحُ النَّبَطِ بين العِراقَيْنِ. الأَزهري: بُطاحٌ منزل لبني يَربوع، وقد
ذكره لبيد فقال:
تَرَبَّعَتِ الأَشْرافُ، ثم تَصَيَّفَتْ
حِساءَ البُطاحِ، وانْتَجَعْنَ السَّلائِلا
وبُطْحانُ: موضع بالمدينة. وبُطْحانَى: موضع آخر في ديار تميم، ذكره
العجاج:
أَمْسى جُمانٌ كالدَّهِينِ مُضَرَّعا
بِبُطْحانَ . . .* قبلتين مُكَنَّعا
(* كذا بياض بأَصله.)
جُمان: اسم جمله. مُكَنَّعاً أَي خاضعاً، وكذلك المُضَرَّعُ. وفي
الحديث: كان كِمامُ أَصحاب النبي، صلى الله عليه وسلم، بُطْحاً أَي لازِقةً
بالرأْس غير ذاهبة في الهواء. والكِمامُ: جمع كُمَّةٍ، وهي القلنسوة؛ وفي
حديث الصَّداق: لو كنتم تَغرِفُون من بَطْحانَ ما زدتم؛ بَطْحان، بفتح
الباء: اسم وادي المدينة وإِليه ينسب البَطْحانِيُّونَ، وأَكثرهم يضم الباء،
قال ابن الأَثير: ولعله ألأَصح.
عدف: العَدْفُ: الأَكل. عَدَفَ يعْدِفُ عدْفاً: أَكل. والعَدُوفُ:
الذَّواقُ أَعني ما يُذاق؛ قال:
وحَيْفٌ بالقَنِيِّ فهُنَّ خُوصٌ،
وقِلَّةُ ما يَذُقْن من العَدُوفِ
عَدُوفٍ من قَضامٍ غير لَوْنٍ،
رَجِيعِ الفَرْتِ أَو لَوْكِ الصَّريفِ
أَراد غير ذي لون أَي غير متلَوّن. ورَجِيع الفرث: بدل من قَضام بدَل
بيان، ولَوْك: في معنى مَلُوك، وما ذاقَ عَدْفاً ولا عَدُوفاً ولا عُدافاً
أَي شيئاً، والذال المعجمة في كل ذلك لغة. ولا عَلُوساً ولا أَلُوساً؛
قال أَبو حسّان: سمعت أَبا عمرو الشيباني يقول ما ذُقْت عَدُوفاً ولا
عَدُوفة؛ قال: وكنت عند يزيدَ بن مِزْيد الشيْباني فأَنشدته بيت قَيْس بن
زهير:ومُجَنَّباتٍ ما يَذُقْن عَدُوفةً،
يَقْذِفْن بالمُهَراتِ والأَمْهارِ
بالدال، فقال لي يزيد: صَحَّفت أَبا عمرو، إنما هي عَذُوفة بالذال، قال:
فقلت له لم أُصحف أَنا ولا أَنت، تقول رَبيعة هذا الحرف بالذال، وسائر
العرب بالدال، وهذا البيت في التهذيب منسوب إلى قيس بن زهير كما أَوردته،
وقد استشهد به ابن بري في أَماليه ونسبه إلى الربيع بن زياد.
والعَدْفُ: نَوْلٌ قليل من إصابة. والعَدْفُ:اليسير من العلَف. وباتت
الدابّةُ على غير عَدُوف أَي على غير علَف؛ هذه لغة مُضر. وفي الحديث: ما
ذُقْت عدُوفاً أَي ذَواقاً. وما عَدَفْنا عندهم عَدُوفاً أَي ما أَكلنا.
والعِدْفةُ والعِدَفَةُ: كالصَّنِفة من الثوب. واعتَدَف الثوبَ: أَخذ منه
عِدَفةً. واعتدَف العِدْفَة: أَخذها. وما عليه عِدْفةٌ أَي خِرْقة، لغة
مرغوب عنها. وعِدْفُ كل شيء وعِدْفتُه: أَصله الذاهبُ في الأَرض؛ قال
الطرمّاح:
حَمّال أَثقالِ دِياتِ الثَّأَى،
عن عِدَفِ الأَصْلِ وكُرّامِها
وفي التهذيب: عِدْفةُ كل شجرة أَصلُها، وجمعها عِدَفٌ. قال: ويقال بل هو
عن عَدَفِ الأَصل اشتِقاقه من العدّفة أَي يَلُمُّ ما تفرّق منه. ابن
الأَعرابي: العَدَفُ والعائرُ والغِضابُ قَذى العينِ.
والعِدْفةُ: ما بين العشرة إلى الخمسين، وخصصه الأَزهري فقال: العِدْفةُ
من الرجال ما بين العَشرة إلى الخمسين، قال ابن سيده: وحكاه كراع في
الماشية ولا أَحقُّها. والعِدْفة: التجمُّع، والجمع عِدْفٌ، بالكسر،
وعِدَفٌ؛ قال: وعندي أَن المعنيّ ههنا بالتجمع الجماعة لأَن التجمِيع عرَض،
وإنما يكون مثل هذا في الجواهر المخلوقة كسِدْرة وسِدَر، وربما كان في
المصنوع، وهو قليل. والعِدْف: القِطْعة من الليل. يقال: مَرَّ عِدْفٌ من الليل
وعِتْفٌ أَي قطعة. والعَدَفُ، بالتحريك: القَذى؛ قال ابن بري: شاهده قول
الراجز يصف حِماراً وأُتُنَه:
أَوْرَدَها أَمِيرُها مع السَّدَفْ،
أَزْرَقَ كالمِرآة طَحَّارَ العَدَفْ
أَي يَطْحَر القَذى ويَدْفَعُه. ويقال: عدَف له عِدْفةً من مال أَي قطَع
له قَطْعة منه، وأَعطاه عدْفةً من مال أَي قِطعة.
حلل: حَلَّ بالمكان يَحُلُّ حُلولاً ومَحَلاًّ وحَلاًّ وحَلَلاً، بفك
التضعيف نادر: وذلك نزول القوم بمَحَلَّة وهو نقيض الارتحال؛ قال الأَسود
بن يعفر:
كَمْ فاتَني من كَريمٍ كان ذا ثِقَة،
يُذْكي الوَقُود بجُمْدٍ لَيْلة الحَلَل
وحَلَّه واحْتَلَّ به واحْتَلَّه: نزل به. الليث: الحَلُّ الحُلول
والنزول؛ قال الأَزهري: حَلَّ يَحُلُّ حَلاًّ؛ قال المُثَقَّب العَبْدي:
أَكُلَّ الدهر حَلٌّ وارتحال،
أَما تُبْقِي عليّ ولا تَقِيني؟
ويقال للرجل إِذا لم يكن عنده غَنَاء: لا حُلِّي ولا سِيرِي، قال ابن
سيده: كأَن هذا إِنما قيل أَوَّل وَهْلَة لمؤنث فخوطب بعلامة التأْنيث، ثم
قيل ذلك للمذكر والاثنين والاثنتين والجماعة مَحْكِيًّا بلفظ المؤنث،
وكذلك حَلَّ بالقوم وحَلَّهُم واحْتَلَّ بهم، واحْتَلَّهم، فإِما أَن تكونا
لغتين كلتاهما وُضِع، وإِمَّا أَن يكون الأَصل حَلَّ بهم، ثم حذفت الباء
وأُوصل الفعل إِلى ما بعده فقيل حَلَّه؛ ورَجُل حَالٌّ من قوم حُلُول
وحُلاَّلٍ وحُلَّل. وأَحَلَّه المكانَ وأَحَلَّه به وحَلَّله به وحَلَّ به:
جَعَله يَحُلُّ، عاقَبَت الباء الهمزة؛ قال قيس بن الخَطِيم:
دِيَار التي كانت ونحن على مِنًى
تَحُلُّ بنا، لولا نَجَاءُ الرَّكائب
أَي تَجْعلُنا نَحُلُّ. وحَالَّه: حَلَّ معه. والمَحَلُّ: نقيض
المُرْتَحَل؛ وأَنشد:
إِنَّ مَحَلاًّ وإِن مُرْتَحَلا،
وإِنَّ في السَّفْر ما مَضَى مَهَلا
قال الليث: قلت للخليل: أَلست تزعم أَن العرب العاربة لا تقول إِن رجلاً
في الدار لا تبدأْ بالنكرة ولكنها تقول إِن في الدار رجلاً؟ قال: ليس
هذا على قياس ما تقول، هذا حكاية سمعها رجل من رجل: إِنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ
مُرْتَحَلا؛ ويصف بعد حيث يقول:
هل تَذْكُرُ العَهْد في تقمّص، إِذ
تَضْرِب لي قاعداً بها مَثَلا؛
إِنَّ مَحَلاًّ وإِنَّ مُرْتَحَلا
المَحَلُّ: الآخرة والمُرْتَحَل؛ . . .
(* هكذا ترك بياض في الأصل)
وأَراد بالسَّفْر الذين ماتوا فصاروا في البَرْزَخ، والمَهَل البقاء
والانتظار؛ قال الأَزهري: وهذا صحيح من قول الخليل، فإِذا قال الليث قلت للخليل
أَو قال سمعت الخليل، فهو الخليل بن أَحمد لأَنه ليس فيه شك، وإِذا قال
قال الخليل ففيه نظر، وقد قَدَّم الأَزهري في خطبة كتابه التهذيب أَنه في
قول الليث قال الخليل إِنما يَعْني نَفْسَه أَو أَنه سَمَّى لِسانَه
الخَليل؛ قال: ويكون المَحَلُّ الموضع الذي يُحَلُّ فيه ويكون مصدراً، وكلاهما
بفتح الحاء لأَنهما من حَلِّ يَحُلُّ أَي نزل، وإِذا قلت المَحِلّ، بكسر
الحاء، فهو من حَلَّ يَحِلُّ أَي وَجَب يَجِب. قال الله عز وجل: حتى
يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه؛ أَي الموضع الذي يَحِلُّ فيه نَحْرُه، والمصدر من
هذا بالفتح أَيضاً، والمكان بالكسر، وجمع المَحَلِّ مَحَالُّ، ويقال
مَحَلٌّ ومَحَلَّة بالهاء كما يقال مَنْزِل ومنزِلة. وفي حديث الهَدْي: لا
يُنْحَر حتى يبلغ مَحِلَّه أَي الموضع أَو الوقت اللذين يَحِلُّ فيهما
نَحْرُه؛ قال ابن الأَثير: وهو بكسر الحاء يقع على الموضع والزمان؛ ومنه حديث
عائشة: قال لها هل عندكم شيء؟ قالت: لا، إِلا شيء بَعَثَتْ به إِلينا
نُسَيْبَة من الشاة التي بَعَثْتَ إِليها من الصدقة، فقال: هاتي فقد
بَلَغَتْ مَحِلَّها أَي وصلت إِلى الموضع الذي تَحِلُّ فيه وقُضِيَ الواجبُ فيها
من التَّصَدّق بها، وصارت مِلْكاً لن تُصُدِّق بها عليه، يصح له التصرف
فيها ويصح قبول ما أُهدي منها وأَكله، وإِنما قال ذلك لأَنه كان يحرم
عليه أَكل الصدقة. وفي الحديث: أَنه كره التَّبَرُّج بالزينة لغير
مَحِلِّها؛ يجوز أَن تكون الحاء مكسورة من الحِلِّ ومفتوحة من الحُلُول، أَراد به
الذين ذكرهم الله في كتابه: ولا يبدين زينتهن إِلا لبُعُولتهن، الآية،
والتَّبَرُّج: إِظهار الزينة. أَبو زيد: حَلَلْت بالرجل وحَلَلْته ونَزَلْت
به ونَزَلْته وحَلَلْت القومَ وحَلَلْت بهم بمعنًى. ويقال: أَحَلَّ فلان
أَهله بمكان كذا وكذا إِذا أَنزلهم. ويقال: هو في حِلَّة صِدْق أَي
بمَحَلَّة صِدْق. والمَحَلَّة: مَنْزِل القوم.
وحَلِيلة الرجل: امرأَته، وهو حَلِيلُها، لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ
صاحبه، وهو أَمثل من قول من قال إِنما هو من الحَلال أَي أَنه يَحِلُّ لها
وتَحِلُّ له، وذلك لأَنه ليس باسم شرعي وإِنما هو من قديم الأَسماء.
والحَلِيل والحَلِيلة: الزَّوْجان؛ قال عنترة:
وحَلِيل غانيةٍ تَرَكْتُ مُجَدَّلاً،
تَمْكُو فَرِيصَتُه كشِدْقِ الأَعْلَم
وقيل: حَلِيلَته جارَتُه، وهو من ذلك لأَنهما يَحُلاَّن بموضع واحد،
والجمع الحَلائل؛ وقال أَبو عبيد: سُمِّيا بذلك لأَن كل واحد منهما يُحَالُّ
صاحبَه. وفي الحديث: أَن تُزَاني حَلِيلة جارك، قال: وكل من نَازَلَكَ
وجَاوَرَك فهو حَليلك أَيضاً. يقال: هذا حَليله وهذه حَليلته لمن
تُحَالُّه في دار واحدة؛ وأَنشد:
ولَستُ بأَطْلَسِ الثَّوْبَيْن يُصْبي
حَلِيلَته، إِذا هَدَأَ النِّيَامُ
قال: لم يرد بالحَلِيلة هنا امرأَته إِنما أَراد جارته لأَنها تُحَالُّه
في المنزل. ويقال: إِنما سميت الزوجة حَلِيلة لأَن كل واحد منهما
مَحَلُّ إِزار صاحبه. وحكي عن أَبي زيد: أَن الحَلِيل يكون للمؤنث بغير
هاء.والحِلَّة: القوم النزول، اسم للجمع، وفي التهذيب: قوم نزول؛ وقال
الأَعشى:
لقد كان في شَيْبان، لو كُنْتَ عالماً،
قِبَابٌ وحَيٌّ حِلَّة وقَبائل
وحَيٌّ حِلَّة أَي نُزُول وفيهم كثرة؛ هذا البيت استشهد به الجوهري،
وقال فيه:
وحَوْلي حِلَّة ودَراهم
(* قوله «وحولي» هكذا في الأصل، والذي في نسخة الصحاح التي بايدينا:
وحيّ).
قال ابن بري: وصوابه وقبائل لأَن القصيدة لاميَّة؛ وأَولها:
أَقَيْس بنَ مَسْعود بنِ قيس بن خالدٍ،
وأَنتَ امْرُؤ يرجو شَبَابَك وائل
قال: وللأَعشى قصيدة أُخرى ميمية أَولها:
هُرَيْرَةَ ودِّعْها وإِن لام لائم
يقول فيها:
طَعَام العراق المُسْتفيضُ الذي ترى،
وفي كل عام حُلَّة وَدَارهِم
قال: وحُلَّة هنا مضمومة الحاء، وكذلك حَيٌّ حِلال؛ قال زهير:
لِحَيٍّ حِلالٍ يَعْصِمُ الناسَ أَمْرُهُم،
إِذا طَرَقَت إِحْدى اللَّيَالي بمُعْظَم
والحِلَّة: هَيئة الحُلُول. والحِلَّة: جماعة بيوت الناس لأَنها
تُحَلُّ؛ قال كراع: هي مائة بيت، والجمع حِلال؛ قال الأَزهري: الحِلال جمع بيوت
الناس، واحدتها حِلَّة؛ قال: وحَيٌّ حِلال أَي كثير؛ وأَنشد شمر:
حَيٌّ حِلالٌ يَزْرَعون القُنْبُلا
قال ابن بري: وأَنشد الأَصمعي:
أَقَوْمٌ يبعثون العِيرَ نَجْداً
أَحَبُّ إِليك، أَم حَيٌّ حِلال؟
وفي حديث عبد المطلب:
لا هُمَّ إِنَّ المَرْءَ يَمْـ
ـنَعُ رَحْلَه، فامْنَعْ حِلالَك
الحِلال، بالكسر: القومُ المقيمون المتجاورون يريد بهم سُكَّان الحَرَم.
وفي الحديث: أَنهم وَجَدوا ناساً أَحِلَّة، كأَنه جمع حِلال كعِماد
وأَعْمِدَة وإِنما هو جمع فَعال، بالفتح؛ قال ابن الأَثير: هكذا قال بعضهم
وليس أَفْعِلة في جمع فِعال، بالكسر، أَولى منها في جمع فَعال، بالفتح،
كفَدَان وأَفْدِنة. والحِلَّة: مجلس القوم لأَنهم يَحُلُّونه. والحِلَّة:
مُجْتَمَع القوم؛ هذه عن اللحياني. والمَحَلَّة: منزل القوم.
ورَوْضة مِحْلال إِذا أَكثر الناسُ الحُلول بها. قال ابن سيده: وعندي
أَنها تُحِلُّ الناس كثيراً، لأَن مِفْعالاً إِنما هي في معنى فاعل لا في
معنى مفعول، وكذلك أَرض مِحْلال. ابن شميل: أَرض مِحْلال وهي السَّهْلة
اللَّيِّنة، ورَحَبة مِحْلال أَي جَيِّدة لمحَلّ الناس؛ وقال ابن الأَعرابي
في قول الأَخطل:
وشَرِبْتها بأَرِيضَة مِحْلال
قال: الأَرِيضَة المُخْصِبة، قال: والمِحْلال المُخْتارة للحِلَّة
والنُّزول وهي العَذاة الطَّيِّبة؛ قال الأَزهري: لا يقال لها مِحْلال حتى
تُمْرِع وتُخْصِب ويكون نباتها ناجعاً للمال؛ وقال ذو الرمة:
بأَجْرَعَ مِحْلالٍ مِرَبٍّ مُحَلَّل
والمُحِلَّتانِ: القِدْر والرَّحى، فإِذا قلت المُحِلاَّت فهي القِدْر
والرَّحى والدَّلْو والقِرْبة والجَفْنَة والسِّكِّين والفَأْس والزَّنْد،
لأَن من كانت هذه معه حَلَّ حيث شاء، وإِلا فلا بُدَّ له من أَن يجاور
الناس يستعير منهم بعض هذه الأَشياء؛ قال:
لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون تَضْرِبُهم
نَكْباءُ صِرٌّ بأَصحاب المُحِلاَّت
الأَتاويُّون: الغُرَباء أَي لا يَعْدِلَنَّ أَتاوِيُّون أَحداً بأَصحاب
المُحِلاَّت؛ قال أَبو علي الفارسي: هذا على حذف المفعول كما قال تعالى:
يوم تُبَدَّل الأَرضُ غيرَ الأَرض والسمواتُ؛ أَي والسمواتُ غيرَ
السمواتِ، ويروى: لا يُعْدَلَنَّ، على ما لم يسمَّ فاعله، أَي لا ينبغي أَن
يُعْدل فعلى هذا لا حذف فيه.
وتَلْعة مُحِلَّة: تَضُمُّ بيتاً أَو بيتين. قال أَعرابي: أَصابنا
مُطَيْر كسَيْل شعاب السَّخْبَرِ رَوَّى الــتَّلْعة المُحِلَّة، ويروى: سَيَّل
شِعابَ السَّخْبَر، وإِنما شَبَّه بشِعاب السَّخْبَر، وهي مَنابِته، لأَن
عَرْضَها ضَيِّق وطولها قدر رَمْية حَجَر.
وحَلَّ المُحْرِمُ من إِحرامه يَحِلُّ حِلاًّ وحَلالاً إِذا خَرج من
حِرْمه. وأَحَلَّ: خَرَج، وهو حَلال، ولا يقال حالٌّ على أَنه القياس. قال
ابن الأَثير: وأَحَلَّ يُحِلُّ إِحْلالاً إِذا حَلَّ له ما حَرُم عليه من
مَحْظورات الحَجِّ؛ قال الأَزهري: وأَحَلَّ لغة وكَرِهها الأَصمَعي وقال:
أَحَلَّ إِذا خَرج من الشُّهُور الحُرُم أَو من عَهْد كان عليه. ويقال
للمرأَة تَخْرُج من عِدَّتها: حَلَّتْ. ورجل حِلٌّ من الإِحرام أَي حَلال.
والحَلال: ضد الحرام. رَجُل حَلال أَي غير مُحْرِم ولا متلبس بأَسباب
الحج، وأَحَلَّ الرجلُ إِذا خرج إِلى الحِلِّ عن الحَرَم، وأَحَلَّ إِذا
دخل في شهور الحِلِّ، وأَحْرَمْنا أَي دخلنا في الشهور الحُرُم. الأَزهري:
ويقال رجل حِلٌّ وحَلال ورجل حِرْم وحَرام أَي مُحْرِم؛ وأَما قول زهير:
جَعَلْن القَنانَ عن يَمينٍ وحَزْنَه،
وكم بالقَنان من مُحِلّ ومُحْرِم
فإِن بعضهم فسره وقال: أَراد كَمْ بالقَنان من عَدُوٍّ يرمي دَماً
حَلالاً ومن مُحْرم أَي يراه حَراماً. ويقال: المُحِلُّ الذي يَحِلُّ لنا
قِتالُه، والمُحْرِم الذي يَحْرُم علينا قتاله. ويقال: المُحِلُّ الذي لا
عَهْد له ولا حُرْمة، وقال الجوهري: من له ذمة ومن لا ذمة له. والمُحْرِم:
الذي له حُرْمة. ويقال للذي هو في الأَشهر الحُرُم: مُحْرِم، وللذي خرج
منها: مُحِلٌّ. ويقال للنازل في الحَرَم: مُحْرِم، والخارج منه: مُحِلّ،
وذلك أَنه ما دام في الحَرَم يحرم عليه الصيد والقتال، وإِذا خرج منه حَلَّ
له ذلك. وفي حديث النخعي: أَحِلَّ بمن أَحَلَّ بك؛ قال الليث: معناه من
ترك الإِحرام وأَحَلَّ بك فقاتَلَك فأَحْلِل أَنت أَيضاً به فقائِلُه
وإِن كنت مُحْرماً، وفيه قول آخر وهو: أَن المؤمنين حَرُم عليهم أَن يقتل
بعضهم بعضاً ويأْخذ بعضهم مال بعضهم، فكل واحد منهم مُحْرِم عن صاحبه،
يقول: فإِذا أَحَلَّ رجل ما حَرُم عليه منك فادفعه عن نفسك بما تَهَيَّأَ لك
دفعُه به من سلاح وغيره وإِن أَتى الدفع بالسلاح عليه، وإَحْلال البادئ
ظُلْم وإِحْلال الدافع مباح؛ قال الأَزهري: هذا تفسير الفقهاء وهو غير
مخالف لظاهر الخبر. وفي حديث آخر: من حَلَّ بك فاحْلِلْ به أَي من صار
بسببك حَلالاً فَصِرْ أَنت به أَيضاً حَلالاً؛ هكذا ذكره الهروي وغيره، والذي
جاء في كتاب أَبي عبيد عن النخعي في المُحْرِم يَعْدو عليه السَّبُع أَو
اللِّصُّ: أَحِلَّ بمن أَحَلَّ بك. وفي حديث دُرَيد بن الصِّمَّة: قال
لمالك بن عوف أَنت مُحِلٌّ بقومك أَي أَنك قد أَبَحْت حَرِيمهم وعَرَّضتهم
للهلاك، شَبَّههم بالمُحْرِم إِذا أَحَلَّ كأَنهم كانوا ممنوعين
بالمُقام في بيوتهم فحَلُّوا بالخروج منها. وفعل ذلك في حُلِّه وحُرْمه وحِلِّه
وحِرْمه أَي في وقت إحْلاله وإِحرامه. والحِلُّ: الرجل الحَلال الذي خرج
من إِحرامه أَو لم يُحْرِم أَو كان أَحرم فحَلَّ من إِحرامه. وفي حديث
عائشة: قالت طَيَّبْت رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لحِلِّه وحِرْمه؛ وفي
حديث آخر: لحِرْمِه حين أَحْرَم ولحِلِّه حين حَلَّ من إِحرامه، وفي
النهاية لابن الأَثير: لإِحْلاله حين أَحَلَّ.
والحِلَّة: مصدر قولك حَلَّ الهَدْيُ. وقوله تعالى: حتى يَبْلغ الهَدْيُ
مَحِلَّه؛ قيل مَحِلُّ من كان حاجّاً يوم النَّحر، ومَحِلُّ من كان
معتمراً يوم يدخل مكة؛ الأَزهري: مَحِلُّ الهدي يوم النحر بمِنًى، وقال:
مَحِلُّ هَدْي المُتَمَتِّع بالعُمْرة إِلى الحج بمكة إِذا قَدِمها وطاف
بالبيت وسعى بين الصفا والمروة. ومَحِلُّ هَدْيِ القارن: يوم النحر بمنًى،
ومَحِلُّ الدَّيْن: أَجَلُه، وكانت العرب إِذا نظرت إِلى الهلال قالت: لا
مَرْحَباً بمُحِلِّ الدَّيْن مُقَرِّب الأَجَل. وفي حديث مكة: وإِنما
أُحِلَّت لي ساعة من نهار، يعني مَكَّة يوم الفتح حيث دخلها عَنْوَة غير
مُحْرِم. وفي حديث العُمْرة: حَلَّت العُمْرة لمن اعْتَمَرَ أَي صارت لكم
حَلالاً جائزة، وذلك أَنهم كانوا لا يعتمرون في الأَشهر الحُرُم، فذلك معنى
قولهم إِذا دَخَل صَفَر حَلَّت العُمْرَةُ لمن اعْتَمَر.
والحِلُّ والحَلال والحِلال والحَلِيل: نَقِيض الحرام، حَلَّ يَحِلُّ
حِلاًّ وأَحَلَّه الله وحَلَّله. وقوله تعالى: يُحِلُّونه عاماً
ويُحَرِّمونه عاماً؛ فسره ثعلب فقال: هذا هو النسِيء، كانوا في الجاهلية يجمعون
أَياماً حتى تصير شهراً، فلما حَجَّ النبي، صلى الله عليه وسلم، قال: الآنَ
اسْتَدارَ الزمانُ كهيئته. وهذا لك حِلٌّ أَي حَلال. يقال: هو حِلٌّ
وبِلٌّ أَي طَلْق، وكذلك الأُنثى. ومن كلام عبد المطلب: لا أُحِلُّها لمغتسل
وهي لشارب حِلٌّ وبِلٌّ أَي حَلال، بِلٌّ إِتباع، وقيل: البِلُّ مباح،
حِمْيَرِيَّة. الأَزهري: روى سفيان عن عمرو بن دينار قال: سمعت ابن عباس
يقول: هي حِلٌّ وبِلٌّ يعني زمزم، فسُئِل سفيان: ما حِلٌّ وبِلٌّ؟ فقال:
حِلٌّ مُحَلَّل. ويقال: هذا لك حِلٌّ وحَلال كما يقال لضدّه حِرْم وحَرام
أَي مُحَرَّم. وأَحْلَلت له الشيءَ. جعلته له حَلالاً. واسْتَحَلَّ
الشيءَ: عَدَّه حَلالاً. ويقال: أَحْلَلت المرأَةَ لزوجها. وفي الحديث: لعن
رسول الله، صلى الله عليه وسلم، المُحَلِّل والمُحَلَّل له، وفي رواية:
المُحِلَّ والمُحَلَّ له، وهو أَن يطلق الرجل امرأَته ثلاثاً فيتزوجها رجل
آخر بشرط أَن يطلقها بعد مُوَاقَعته إِياها لتَحِلَّ للزوج الأَول. وكل شيء
أَباحه الله فهو حَلال، وما حَرَّمه فهو حَرَام. وفي حديث بعض الصحابة:
ولا أُوتي بحَالٍّ ولا مُحَلَّل إِلا رَجَمْتُهما؛ جعل الزمخشري هذا
القول حديثاً لا أَثراً؛ قال ابن الأَثير: وفي هذه اللفظة ثلاث لغات حَلَّلْت
وأَحْلَلت وحَلَلْت، فعلى الأَول جاء الحديث الأَول، يقال حَلَّل فهو
مُحَلِّل ومُحَلَّل، وعلى الثانية جاء الثاني تقول أَحَلَّ فهو مُحِلٌّ
ومُحَلٌّ له، وعلى الثالثة جاء الثالث تقول حَلَلْت فأَنا حَالٌّ وهو
مَحْلول له؛ وقيل: أَراد بقوله لا أُوتَى بحالٍّ أَي بذي إِحْلال مثل قولهم
رِيحٌ لاقِح أَي ذات إِلْقاح، وقيل: سُمِّي مُحَلِّلاً بقصده إِلى التحليل
كما يسمى مشترياً إِذا قصد الشراء. وفي حديث مسروق في الرجل تكون تحته
الأَمة فيُطَلِّقها طلقتين ثم يشتريها قال: لا تَحِلُّ له إِلا من حيث
حَرُمت عليه أَي أَنها لا تَحِلُّ له وإِن اشتراها حتى تنكح زوجاً غيره، يعني
أَنها حَرُمت عليه بالتطليقتين، فلا تَحِلُّ له حتى يطلقها الزوج الثاني
تطليقتين، فتَحِلّ له بهما كما حَرُمت عليه بهما. واسْتَحَلَّ الشيءَ:
اتخذه حَلالاً أَو سأَله أَن يُحِلَّه له. والحُلْو الحَلال: الكلام الذي
لا رِيبة فيه؛ أَنشد ثعلب:
تَصَيَّدُ بالحُلْوِ الحَلالِ، ولا تُرَى
على مَكْرَهٍ يَبْدو بها فيَعِيب
وحَلَّلَ اليمينَ تحليلاً وتَحِلَّة وتَحِلاًّ، الأَخيرة شاذة:
كَفَّرَها، والتَّحِلَّة: ما كُفِّر به. وفي التنزيل: قد فرض الله لكم تَحِلَّة
أَيمانكم؛ والاسم من كل ذلك الحِلُّ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ولا أَجْعَلُ المعروف حِلَّ أَلِيَّةٍ،
ولا عِدَةً في الناظر المُتَغَيَّب
قال ابن سيده: هكذا وجدته المُتَغَيَّب، مفتوحة الياء، بخَطِّ الحامِض،
والصحيح المُتَغَيِّب، بالكسر. وحكى اللحياني: أَعْطِ الحالف حُلاَّنَ
يَمينه أَي ما يُحَلِّل يمينه، وحكى سيبويه: لأَفعلن كذا إِلاَّ حِلُّ ذلك
أَن أَفعل كذا أَي ولكن حِلُّ ذلك، فحِلُّ مبتدأ وما بعدها مبنيّ عليها؛
قال أَبو الحسن: معناه تَحِلَّةُ قَسَمِي أَو تحليلُه أَن أَفعل كذا.
وقولهم: فعلته تَحِلَّة القَسَم أَي لم أَفعل إِلا بمقدار ما حَلَّلت به
قَسَمي ولم أُبالِغ. الأَزهري: وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم: لا يموت
لمؤمن ثلاثة أَولاد فتَمَسّه النار إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قال أَبو
عبيد: معنى قوله تَحِلَّة القَسَم قول الله عز وجل: وإِنْ منكم إِلا
واردُها، قال: فإِذا مَرَّ بها وجازها فقدأَبَرَّ الله قَسَمَه. وقال غير أَبي
عبيد: لا قَسَم في قوله تعالى: وإِن منكم إِلا واردها، فكيف تكون له
تَحِلَّة وإِنما التَّحِلَّة للأَيْمان؟ قال: ومعنى قوله إِلا تَحِلَّة
القَسَم إِلا التعذير الذي لا يَبْدَؤُه منه مكروه؛ ومنه قول العَرَب: ضَرَبْته
تحليلاً ووَعَظْته تَعْذيراً أَي لم أُبالِغ في ضربه ووَعْظِه؛ قال ابن
الأَثير: هذا مَثَل في القَلِيل المُفْرِط القِلَّة وهو أَن يُباشِر من
الفعل الذي يُقْسِم عليه المقدارَ الذي يُبِرُّ به قَسَمَه ويُحَلِّلُه،
مثل أَن يحلف على النزول بمكان فلو وَقَع به وَقْعة خفيفة أَجزأَته فتلك
تَحِلَّة قَسَمِه، والمعنى لا تَمَسُّه النار إِلا مَسَّة يسيرة مثل
تَحِلَّة قَسَم الحالف، ويريد بتَحِلَّتِه الوُرودَ على النار والاجْتيازَ
بها، قال: والتاء في التَّحِلَّة زائدة؛ وفي الحديث الآخر: من حَرَس ليلة من
وراء المسلمين مُتَطَوِّعاً لم يأْخذه الشيطان ولم ير النار تَمَسُّه
إِلا تَحِلَّة القَسَم؛ قال الله تعالى: وإِن منكم إِلا واردها، قال
الأَزهري: وأَصل هذا كله من تحليل اليمين وهو أَن يحلف الرجل ثم يستثني استثناء
متصلاً باليمين غير منفصل عنها، يقال: آلى فلان أَلِيَّة لم يَتَحَلَّل
فيها أَي لم يَسْتثْنِ ثم جعل ذلك مثلاً للتقليل؛ ومنه قول كعب بن زهير:
تَخْدِي على يَسَراتٍ، وهي لاحقة،
بأَرْبَعٍ، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل
(* قوله «لاحقة» في نسخة النهاية التي بأيدينا: لاهية).
وفي حواشي ابن بري:
تَخْدِي على يَسَرات، وهي لاحقة،
ذَوَابِل، وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْلِيل
أَي قليل
(* قوله «أي قليل» هذا تفسير لتحليل في البيت) كما يحلف
الإِنسان على الشيء أَن يفعله فيفعل منه اليسير يُحَلِّل به يَمِينه؛ وقال
الجوهري: يريد وَقْعَ مَناسِم الناقة على الأَرض من غير مبالغة؛ وقال
الآخر:أَرَى إِبلي عافت جَدُودَ، فلم تَذُقْ
بها قَطْرَةً إِلا تَحِلَّة مُقْسِم
قال ابن بري: ومثله لعَبْدَةَ بن الطبيب:
تُحْفِي الترابَ بأَظْلافٍ ثَمانية
في أَرْبَع، مَسُّهنَّ الأَرضَ تَحْلِيلُ
أَي قليل هَيِّن يسير. ويقال للرجل إِذا أَمْعَن في وَعِيد أَو أَفرط في
فَخْر أَو كلام: حِلاًّ أَبا فلان أَي تَحَلَّلْ في يمينك، جعله في
وعيده إِياه كاليمين فأَمره بالاستثناء أَي اسْتَثْن يا حالف واذْكُر حِلاًّ.
وفي حديث أَبي بكر: أَنه قال لامرأَة حَلَفت أَن لا تُعْتِق مَوْلاة لها
فقال لها: حِلاًّ أُمَّ فلان، واشتراها وأَعتقها، أَي تَحَلَّلِي من
يمينك، وهو منصوب على المصدر؛ ومنه حديث عمرو بن معد يكرب: قال لعمر حِلاًّ
يا أَمير المؤمنين فيما تقول أَي تَحَلَّلْ من قولك. وفي حديث أَنس: قيل
له حَدِّثْنا ببعض ما سمعتَه من رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال:
وأَتَحلَّل أَي أَستثني. ويقال: تَحَلَّل فلان من يمينه إِذا خرج منها
بكفارة أَو حِنْث يوجب الكفارة؛ قال امرؤ القيس:
وآلَتْ حِلْفةً لم تَحَلَّل
وتَحَلَّل في يمينه أَي استثنى.
والمُحَلِّل من الخيل: الفَرَسُ الثالث من خيل الرِّهان، وذلك أَن يضع
الرَّجُلانِ رَهْنَين بينهما ثم يأْتي رجل سواهما فيرسل معهما فرسه ولا
يضع رَهْناً، فإِن سَبَق أَحدُ الأَوَّليْن أَخَذَ رهنَه ورهنَ صاحبه وكان
حَلالاً له من أَجل الثالث وهو المُحَلِّل، وإِن سبَقَ المُحَلِّلُ ولم
يَسْبق واحد منهما أَخَذَ الرهنين جميعاً، وإِن سُبِقَ هو لم يكن عليه
شيء، وهذا لا يكون إِلاَّ في الذي لا يُؤْمَن أَن يَسْبق، وأَما إِذا كان
بليداً بطيئاً قد أُمِن أَن يَسْبِقهما فذلك القِمَار المنهيّ عنه،
ويُسَمَّى أَيضاً الدَّخِيل.
وضَرَبه ضَرْباً تَحْلِيلاً أَي شبه التعزير، وإِنما اشتق ذلك من
تَحْلِيل اليمين ثم أُجْري في سائر الكلام حتى قيل في وصف الإِبل إِذا
بَرَكَتْ؛ ومنه قول كعب
بن زهير:
نَجَائِب وَقْعُهُنَّ الأَرضَ تَحْليل
أَي هَيِّن. وحَلَّ العُقْدة يَحُلُّها حَلاًّ: فتَحَها ونَقَضَها
فانْحَلَّتْ. والحَلُّ: حَلُّ العُقْدة. وفي المثل السائر: يا عاقِدُ اذْكُرْ
حَلاًّ، هذا المثل ذكره الأَزهري والجوهري؛ قال ابن بري: هذا قول
الأَصمعي وأَما ابن الأَعرابي فخالفه وقال: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ وقال: كذا
سمعته من أَكثر من أَلف أَعرابي فما رواه أَحد منهم يا عاقِدُ، قال:
ومعناه إِذا تحَمَّلْتَ فلا نُؤَرِّب ما عَقَدْت، وذكره ابن سيده على هذه
الصورة في ترجمة حبل: يا حابِلُ اذْكُرْ حَلاًّ. وكل جامد أُذِيب فقد
حُلَّ.والمُحَلَّل: الشيء اليسير، كقول امرئ القيس يصف جارية:
كبِكْرِ المُقاناةِ البَيَاض بصُفْرة،
غَذَاها نَمِير الماءِ غَيْر المُحَلَّل
وهذا يحتمل معنيين: أَحدهما أَن يُعْنَى به أَنه غَذَاها غِذَاء ليس
بمُحَلَّل أَي ليس بيسير ولكنه مُبالَغ فيه، وفي التهذيب: مَرِيءٌ ناجِعٌ،
والآخر أَن يُعْنى به غير محلول عليه فيَكْدُر ويَفْسُد. وقال أَبو
الهيثم: غير مُحَلَّل يقال إِنه أَراد ماء البحر أَي أَن البحر لا يُنْزَل عليه
لأَن ماءه زُعَاق لا يُذَاق فهو غير مُحَلَّل أَي غير مَنْزولٍ عليه،
قال: ومن قال غير مُحَلَّل أَي غير قليل فليس بشيء لأَن ماء البحر لا يوصف
بالقلة ولا بالكثرة لمجاوزة حدِّه الوصفَ، وأَورد الجوهري هذا البيت
مستشهداً به على قوله: ومكان مُحَلَّل إِذا أَكثر الناسُ به الحُلُولَ، وفسره
بأَنه إِذا أَكثروا به الحُلول كدَّروه. وكلُّ ماء حَلَّتْه الإِبل
فكَدَّرَتْه مُحَلَّل، وعَنى امرُؤ القيس بقوله بِكْر المُقَاناة دُرَّة غير
مثقوبة. وحَلَّ عليه أَمرُ الله يَحِلُّ حُلولاً: وجَبَ. وفي التنزيل:
أَن يَحِلَّ عليكم غَضَبٌ من ربكم، ومن قرأَ: أَن يَحُلَّ، فمعناه أَن
يَنْزِل. وأَحَلَّه اللهُ عليه: أَوجبه؛ وحَلَّ عليه حَقِّي يَحِلُّ
مَحِلاًّ، وهو أَحد ما جاء من المصادر على مثال مَفْعِل بالكسر كالمَرْجِعِ
والمَحِيص وليس ذلك بمطَّرد، إِنما يقتصر على ما سمع منه، هذا مذهب سيبويه.
وقوله تعالى: ومن يَحْلُِلْ عليه غَضَبي فقد هَوَى؛ قرئَ ومن يَحْلُل
ويَحْلِل، بضم اللام وكسرها، وكذلك قرئَ: فيَحُِلُّ عليكم غضبي، بكسر الحاء
وضمها؛ قال الفراء: والكسر فيه أَحَبُّ إِليَّ من الضم لأَن الحُلول ما
وقع من يَحُلُّ، ويَحِلُّ يجب، وجاء بالتفسير بالوجوب لا بالوقوع، قال:
وكلٌّ صواب، قال: وأَما قوله تعالى: أَم أَردتم أَن يَحِلَّ عليكم، فهذه
مكسورة، وإِذا قلت حَلَّ بهم العذابُ كانت تَحُلُّ لا غير، وإِذا قلت
عَليَّ أَو قلت يَحِلُّ لك كذا وكذا، فهو بالكسر؛ وقال الزجاج: ومن قال
يَحِلُّ لك كذا وكذا فهو بالكسر، قال: ومن قرأَ فيَحِلُّ عليكم فمعناه فيَجِب
عليكم، ومن قرأَ فيَحُلُّ فمعناه فيَنْزِل؛ قال: والقراءة ومن يَحْلِل
بكسر اللام أَكثر. وحَلَّ المَهْرُ يَحِلُّ أَي وجب. وحَلَّ العذاب يَحِلُّ،
بالكسر، أَي وَجَب، ويَحُلُّ، بالضم، أَي نزل. وأَما قوله أَو تَحُلُّ
قريباً من دارهم، فبالضم، أَي تَنْزل. وفي الحديث: فلا يَحِلُّ لكافر
يَجِد ريح نَفَسه إِلاَّ مات أَي هو حَقٌّ واجب واقع كقوله تعالى: وحَرَام
على قَرْية؛ أَي حَقٌّ واجب عليها؛ ومنه الحديث: حَلَّت له شفاعتي، وقيل:
هي بمعنى غَشِيَتْه ونَزَلَتْ به، فأَما قوله: لا يَحُلُّ المُمْرِض على
المُصِحّ، فبضم الحاء، من الحُلول النزولِ، وكذلك فَلْيَحْلُل، بضم اللام.
وأَما قوله تعالى: حتى يبلغ الهَدْيُ مَحِلَّه، فقد يكون المصدرَ ويكون
الموضعَ. وأَحَلَّت الشاةُ والناقةُ وهي مُحِلٌّ: دَرَّ لبَنُها، وقيل:
يَبِسَ لبنُها ثم أَكَلَت الرَّبيعَ فدَرَّت، وعبر عنه بعضهم بأَنه نزول
اللبن من غير نَتاج، والمعنيان متقاربان، وكذلك الناقة؛ أَنشد ابن
الأَعرابي:
ولكنها كانت ثلاثاً مَيَاسِراً،
وحائلَ حُول أَنْهَزَتْ فأَحَلَّتِ
(* قوله «أَنهزت» أورده في ترجمة نهز بلفظ أنهلت باللام، وقال بعده:
ورواه ابن الاعرابي أنهزت بالزاي ولا وجه له).
يصف إِبلاً وليست بغنم لأَن قبل هذا:
فَلو أَنَّها كانت لِقَاحِي كَثيرةً،
لقد نَهِلَتْ من ماء جُدٍّ وعَلَّت
(* قوله «من ماء جد» روي بالجيم والحاء كما أورده في المحلين).
وأَنشد الجوهري لأُمية بن أَبي الصلت الثقفي:
غُيوث تَلتَقي الأَرحامُ فيها،
تُحِلُّ بها الطَّروقةُ واللِّجاب
وأَحَلَّت الناقةُ على ولدها: دَرَّ لبنُها، عُدِّي بعَلى لأَنه في معنى
دَرَّت. وأَحَلَّ المالُ فهو يُحِلُّ إِحْلالاً إِذا نزل دَرُّه حين
يأْكل الربيع. الأَزهري عن الليث وغيره: المَحالُّ الغنم التي ينزل اللبن في
ضروعها من غير نَتاج ولا وِلاد.
وتَحَلَّل السَّفَرُ بالرجل: اعْتَلَّ بعد قدومه.
والإِحْلِيل والتِّحْلِيل: مَخْرَج البول من الإِنسان ومَخْرج اللبن من
الثدي والضَّرْع. الأَزهري: الإِحْلِيل مَخْرج اللبن من طُبْي الناقة
وغيرها. وإِحْلِيل الذَّكَرِ: ثَقْبه الذي يخرج منه البول، وجمعه
الأَحالِيل؛ وفي قصيد كعب بن زهير:
تُمِرُّ مثلَ عَسِيب النخل ذا خُصَلٍ،
بغارب، لم تُخَوِّنْه الأَحالِيل
هو جمع إِحْلِيل، وهو مَخْرَج اللبن من الضَّرْع، وتُخَوِّنه: تَنْقُصه،
يعني أَنه قد نَشَفَ لبنُها فهي سمينة لم تضعف بخروج اللبن منها.
والإِحْلِليل: يقع على ذَكَرِ الرجل وفَرْج المرأَة، ومنه حديث ابن عباس:
أَحْمَد إِليكم غَسْل الإِحْلِيل أَي غَسْل الذكر. وأَحَلَّ الرجلُ بنفسه إِذا
استوجب العقوبة. ابن الأَعرابي: حُلَّ إِذا سُكِن، وحلَّ إِذا عَدا،
وامرأَة حَلاَّء رَسْحاء، وذِئْب أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل كذلك. ابن
الأَعرابي: ذئب أَحَلُّ وبه حَلَل، وليس بالذئب عَرَج، وإِنما يوصف به لخَمَع
يُؤنَس منه إِذا عَدا؛ وقال الطِّرِمَّاح:
يُحِيلُ به الذِّئْبُ الأَحَلُّ، وَقُوتُه
ذَوات المَرادِي، من مَناقٍ ورُزّح
(* قوله «المرادي» هكذا في الأصل، وفي الصحاح: الهوادي، وهي الأعناق.
وفي ترجمة مرد: أن المراد كسحاب العنق).
وقال أَبو عمرو: الأَحَلُّ أَن يكون مَنْهوس المُؤْخِر أَرْوَح
الرِّجلين. والحَلَل: استرخاء عَصَب الدابة، فَرَسٌ أَحَلُّ. وقال الفراء:
الحَلَل في البعير ضعف في عُرْقوبه، فهو أَحَلُّ بَيِّن الحَلَل، فإِن كان في
الرُّكْبة فهو الطَّرَق. والأَحَلُّ: الذي في رجله استرخاء، وهو مذموم في
كل شيء إِلا في الذئب. وأَنشد الجوهري بيت الطرماح: يُحِيلُ به الذِّئبُ
الأَحَلُّ، ونسبه إِلى الشماخ وقال: يُحِيلُ أَي يُقِيم به حَوْلاً. وقال
أَبو عبيدة: فَرَس أَحَلُّ، وحَلَلُه ضعف نَساه ورَخاوة كَعْبه، وخَصّ
أَبو عبيدة به الإِبل. والحَلَل: رخاوة في الكعب، وقد حَلِلْت حَلَلاً.
وفيه حَلَّة وحِلَّة أَي تَكَسُّر وضعف؛ الفتح عن ثعلب والكسر عن ابن
الأَعرابي. وفي حديث أَبي قتادة: ثم تَرَك فتَحَلَّل أَي لما انْحَلَّت قُواه
ترك ضَمَّه إِليه، وهو تَفَعُّل من الحَلِّ نقيض الشَّدّ؛ وأَنشد ابن بري
لشاعر:
إِذا اصْطَكَّ الأَضاميمُ اعْتَلاها
بصَدْرٍ، لا أَحَلَّ ولا عَموج
وفي الحديث: أَنه بَعَث رجلاً على الصدقة فجاء بفَصِيل مَحْلُول أَو
مَخْلول بالشك؛ المحلول، بالحاء المهملة: الهَزِيل الذي حُلَّ اللحم عن
أَوصاله فعَرِيَ منه، والمَخْلُول يجيء في بابه.
وفي الحديث: الصلاة تحريمها التكبير وتَحْلِيلها التسليم أَي صار
المُصَلِّي بالتسليم يَحِلُّ له ما حرم فيها بالتكبير من الكلام والأَفعال
الخارجة عن كلام الصلاة وأَفعالها، كما يَحِلُّ للمُحْرِم بالحج عند الفراغ
منه ما كان حَراماً عليه. وفي الحديث: أَحِلُّوا الله يغفر لكم أَي
أَسلموا؛ هكذا فسر في الحديث، قال الخطابي: معناه الخروج من حَظْر الشِّرك إِلى
حِلِّ الإِسلام وسَعَته، من قولهم حَلَّ الرجلُ إِذا خرج من الحَرَم
إِلى الحِلِّ، ويروى بالجيم، وقد تقدم؛ قال ابن الأَثير: وهذا الحديث هو عند
الأَكثر من كلام أَبي الدرداء، ومنهم من جعله حديثاً. وفي الحديث: من
كانت عنده مَظْلِمة من أَخيه فَلْيسْتَحِلَّه. وفي حديث عائشة أَنها قالت
لامرأَة مَرَّتْ بها: ما أَطول ذَيْلَها فقال: اغْتَبْتِها قُومي إِليها
فَتَحلَّليها؛ يقال: تَحَلَّلته واسْتَحْلَلْته إِذا سأَلته أَن يجعلك في
حِلٍّ من قِبَله. وفي الحديث: أَنه سئل أَيّ الأَعمال أَفضل فقال:
الحالُّ المُرْتَحِل، قيل: وما ذاك؟ قال: الخاتِم المفتَتِح هو الذي يَخْتم
القرآن بتلاوته ثم يَفْتَتح التلاوة من أَوّله؛ شبَّهه بالمُسافر يبلغ
المنزل فيَحُلُّ فيه ثم يفتتح سيره أَي يبتدئه، وكذلك قُرَّاء أَهل مكة إِذا
ختموا القرآن بالتلاوة ابتدأُوا وقرأُوا الفاتحة وخمس آيات من أَول سورة
البقرة إِلى قوله: أُولئك هم المفلحون، ثم يقطعون القراءة ويُسَمُّون ذلك
الحالَّ المُرْتَحِل أَي أَنه ختم القرآن وابتدأَ بأَوَّله ولم يَفْصِل
بينهما زمان، وقيل: أَراد بالحالِّ المرتحل الغازِيَ الذي لا يَقْفُل عن
غَزْوٍ إِلا عَقَّبه بآخر.
والحِلال: مَرْكَبٌ من مراكب النساء؛ قال طُفَيْل:
وراكضةٍ، ما تَسْتَجِنُّ بجُنَّة،
بَعِيرَ حِلالٍ، غادَرَتْه، مُجَعْفَلِ
مُجَعْفَل: مصروع؛ وأَنشد ابن بري لابن أَحمر:
ولا يَعْدِلْنَ من ميل حِلالا
قال: وقد يجوز أَن يكون متاعَ رَحْل البعير. والحِلُّ: الغَرَض الذي
يُرْمى إِليه. والحِلال: مَتاع الرَّحْل؛ قال الأَعشى:
وكأَنَّها لم تَلْقَ سِتَّة أَشهر
ضُرّاً، إِذا وَضَعَتْ إِليك حِلالَها
قال أَبو عبيد: بلغتني هذه الرواية عن القاسم بن مَعْن، قال: وبعضهم
يرويه جِلالَها، بالجيم؛ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي:
ومُلْوِيَةٍ تَرى شَماطِيطَ غارة،
على عَجَلٍ، ذَكَّرْتُها بِحِلالِها
فسره فقال: حِلالُها ثِيابُ بدنها وما على بعيرها، والمعروف أَن الحِلال
المَرْكَب أَو متاع الرَّحْل لا أَن ثياب المرأَة مَعْدودة في الحِلال،
ومعنى البيت عنده: قلت لها ضُمِّي إِليك ثِيابَك وقد كانت رَفَعَتْها من
الفَزَع. وفي حديث عيسى، عليه السلام، عند نزوله: أَنه يزيد في الحِلال؛
قيل: أَراد أَنه إِذا نَزَل تَزَوَّجَ فزاد فيما أَحَلَّ اللهُ له أَي
ازداد منه لأَنه لم يَنْكِح إِلى أَن رُفِع.
وفي الحديث: أَنه كسا عليّاً، كرّم الله وجهه، حُلَّة سِيَراء؛ قال خالد
بن جَنْبة: الحُلَّة رِداء وقميص وتمامها العِمامة، قال: ولا يزال الثوب
الجَيِّد يقال له في الثياب حُلَّة، فإِذا وقع على الإِنسان ذهبت
حُلَّته حتى يجتمعن له إِمَّا اثنان وإِما ثلاثة، وأَنكر أَن تكون الحُلَّة
إِزاراً ورِداء وَحْدَه. قال: والحُلَل الوَشْي والحِبرَة والخَزُّ والقَزُّ
والقُوهِيُّ والمَرْوِيُّ والحَرِير، وقال اليَمامي: الحُلَّة كل ثوب
جَيِّد جديد تَلْبسه غليظٍ أَو دقيق ولا يكون إِلا ذا ثوبَين، وقال ابن
شميل: الحُلَّة القميص والإِزار والرداء لا تكون أَقل من هذه الثلاثة، وقال
شمر: الحُلَّة عند الأَعراب ثلاثة أَثواب، وقال ابن الأَعرابي: يقال
للإِزار والرداء حُلَّة، ولكل واحد منهما على انفراده حُلَّة؛ قال الأَزهري:
وأَما أَبو عبيد فإِنه جعل الحُلَّة ثوبين. وفي الحديث: خَيْرُ الكَفَن
الحُلَّة، وخير الضَّحِيَّة الكبش الأَقْرَن. والحُلَل: بُرود اليمن ولا
تسمى حُلَّة حتى تكون ثوبين، وقيل ثوبين من جنس واحد؛ قال: ومما يبين ذلك
حديث عمر: أَنه رأَى رجلاً عليه حُلَّة قد ائتزرَ بأَحدهما وارْتَدى
بالآخر فهذان ثوبان؛ وبَعَث عمر إِلى مُعاذ بن عَفْراء بحُلَّة فباعها واشترى
بها خمسة أَرؤس من الرقيق فأَعتقهم ثم قال: إِن رجلاً آثر قِشْرَتَيْن
يَلْبَسُهما على عِتْق هؤلاء لَغَبينُ الرأْي: أَراد بالقِشْرَتَين
الثوبين؛ قال: والحُلَّة إِزار ورداء بُرْد أَو غيره ولا يقال لها حُلَّة حتى
تكون من ثوبين والجمع حُلَل وحِلال؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
ليس الفَتى بالمُسْمِن المُخْتال،
ولا الذي يَرْفُل في الحِلال
وحَلَّله الحُلَّة: أَلبسه إِياها؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
لَبِسْتَ عليك عِطاف الحَياء،
وحَلَّلَك المَجْدَ بَنْيُ العُلى
أَي أَلْبَسك حُلَّته، وروى غيره: وجَلَّلَك. وفي حديث أَبي اليَسَر: لو
أَنك أَخَذْت بُرْدة غُلامك وأَعْطَيْتَه مُعافِرِيَّك أَو أَخَذْت
مُعافِريَّه وأَعطيته بُرْدتك فكانت عليك حُلَّة وعليه حُلَّة. وفي حديث
عَليّ: أَنه بعث ابنته أُم كلثوم إِلى عمر، رضي الله عنهم، لمَّا خَطَبَها
فقال لها: قُولي له أَبي يقول هل رَضِيت الحُلَّة؟ كَنى عنها بالحُلَّة
لأَن الحُلَّة من اللباس ويكنى به عن النساء؛ ومنه قوله تعالى: هُنَّ لِباس
لكم وأَنتم لباس لهن. الأَزهري: لَبِس فلان حُلَّته أَي سِلاحه.
الأَزهري: أَبو عَمْرو الحُلَّة القُنْبُلانِيَّة وهي الكَراخَة.
وفي حديث أَبي اليَسَر
(* قوله «وفي حديث أَبي اليسر» الذي في نسخة
النهاية التي بأيدينا أنه حديث عمر) والحُلاَّن الجَدْيُ، وسنذكره في
حلن.والحِلَّة: شجرة شاكَة أَصغر من القَتادة يسميها أَهل البادية
الشِّبْرِق، وقال ابن الأَعرابي: هي شجرة إِذا أَكَلَتْها الإِبل سَهُل خروج
أَلبانها، وقيل: هي شجرة تنبت بالحجاز تظهر من الأَرض غَبْراء ذات شَوْك
تأْكلها الدواب، وهو سريع النبات ينبت بالجَدَد والآكام والحَصباء، ولا ينبت
في سَهْل ولا جَبَل؛ وقال أَبو حنيفة: الحِلَّة شجرة شاكَة تنبت في غَلْظ
الأَرض أَصغر من العَوْسَجة ووَرَقُها صغار ولا ثمر لها وهي مَرْعى
صِدْقٍ؛ قال:
تأْكل من خِصْبٍ سَيالٍ وسَلَم،
وحِلَّة لَمَّا تُوَطَّأْها قَدَم
والحِلَّة: موضع حَزْن وصُخور في بلاد بني ضَبَّة متصل برَمْل.
وإحْلِيل: اسم واد؛ حكاه ابن جني؛ وأَنشد:
فلو سَأَلَتْ عَنَّا لأُنْبِئَتَ آنَّنا
بإِحْلِيل، لا نُزْوى ولا نتَخَشَّع
وإِحْلِيلاء: موضع. وحَلْحَل القومَ: أَزالهم عن مواضعهم.
والتَّحَلْحُل: التحرُّك والذهاب. وحَلْحَلْتهم: حَرَّكْتهم. وتَحَلْحَلْت عن المكان
كتَزَحْزَحْت؛ عن يعقوب. وفلان ما يَتَحَلْحل عن مكانه أَي ما يتحرك؛
وأَنشد للفرزدق:
ثَهْلانُ ذو الهَضَبات ما يَتَحَلْحَل
قال ابن بري: صوابه ثَهْلانَ ذا الهَضَبات، بالنصب، لأَن صدره:
فارفع بكفك إِن أَردت بناءنا
قال: ومثله لليلى الأَخيلية:
لنا تامِكٌ دون السماء، وأَصْلُه
مقيم طُوال الدهر، لن يَتَحَلْحلا
ويقال: تَحَلْحَل إِذا تَحَرَّك وذهب، وتَلَحْلَح إِذا أَقام ولم
يتحرَّك. والحَلُّ: الشَّيْرَج. قال الجوهري: والحَلُّ دُهْن السمسم؛ وأَما
الحَلال في قول الراعي:
وعَيَّرني الإِبْلَ الحَلالُ، ولم يكن
ليَجْعَلَها لابن الخَبِيثة خالِقُه
فهو لقب رجل من بني نُمَيْر؛ وأَما قول الفرزدق:
فما حِلَّ من جَهْلٍ حُبَا حُلَمائنا،
ولا قائلُ المعروف فينا يُعَنَّف
أَراد حُلَّ، على ما لم يسم فاعله، فطرح كسرة اللام على الحاء؛ قال
الأَخفش: سمعنا من ينشده كذا، قال: وبعضهم لا يكسر الحاء ولكن يُشِمُّها
الكسر كما يروم في قيل الضم، وكذلك لغَتُهم في المُضعَّف مثل رُدَّ
وشُدَّ.والحُلاحِل: السَّيِّد في عشيرته الشجاع الرَّكين في مجلسه، وقيل: هو
الضَّخْم المروءة، وقيل: هو الرَّزِين مع ثَخانة، ولا يقال ذلك للنساء،
وليس له فعل، وحكى ابن جني: رجل مُحَلْحَل ومُلَحْلَح في ذلك المعنى، والجمع
الحَلاحِل؛ قال امرؤ القيس:
يا لَهْفَ نفسي إِن خَطِئْن كاهِلا،
القاتِلِينَ المَلِكَ الحُلاحِلا
قال ابن بري: والحُلاحِل أَيضاً التامّ؛ يقال: حَوْلٌ حُلاحِل أَي تام؛
قال بُجَير بن
لأْي بن حُجْر:
تُبِين رُسوماً بالرُّوَيْتِج قد عَفَتْ
لعَنْزة، قد عُرِّين حَوْلاً حُلاحِلا
وحَلْحَل: اسم موضع. وحَلْحَلة: اسم رجل. وحُلاحِل: موضع، والجيم أَعلى.
وحَلْحَل بالإِبل: قال لها حَلْ حَلْ، بالتخفيف؛ وأَنشد:
قد جَعَلَتْ نابُ دُكَيْنٍ تَزْحَلُ
أُخْراً، وإِن صاحوا به وحَلْحَلوا
الأَصمعي: يقال للناقة إِذا زَجَرَتْها: حَلْ جَزْم، وحَلٍ مُنَوَّن،
وحَلى جزم لا حَليت؛ قال رؤبة:
ما زال سُوءُ الرَّعْي والتَّنَاجِي،
وطُولُ زَجْرٍ بحَلٍ وعاجِ
قال ابن سيده: ومن خفيف هذا الاسم حَلْ وحَلٍ، لإِناث الإِبل خاصة.
ويقال: حَلا وحَلِيَ لا حَليت، وقد اشتق منه اسم فقيل الحَلْحال؛ قال
كُثَيِّر عَزَّة:
نَاجٍ إِذا زُجِر الركائبُ خَلْفَه،
فَلَحِقْنه وثُنِينَ بالحَلْحال
قال الجوهري: حَلْحَلْت بالناقة إِذا قلت لها حَلْ، قال: وهو زَجْر
للناقة، وحَوْبٌ زَجْر للبعير؛ قال أَبو النجم:
وقد حَدَوْناها بحَوْبٍ وحَلِ
وفي حديث ابن عباس: إِن حَلْ لَتُوطِيءُ الناس وتُؤْذِي وتَشْغَل عن ذكر
الله عز وجل، قال: حَلْ زَجْر للناقة إِذا حَثَثْتَها على السير أَي إِن
زجرك إِياها عند الإِفاضة من عرفات يُؤَدِّي إِلى ذلك من الإِيذاء
والشَّغْل عن ذكر الله، فَسِرْ على هِينَتِك.
زمع: الزمَعةُ: الشعَرة التي خلف الثُّنَّةِ أَو الرُّسْغ. والزَّمعةُ:
الهَنَةُ الزائدةُ الناتئةُ فوق ظِلْف الشاةِ، وقيل: الهَنةُ الزائدةُ
وراء ظلف الشاة، وهي أَيضاً الشعرة المُدَلاَّةُ في مؤخر رجل الشاة
والظَّبْي والأَرنب، والجمع زَمَع وزِماعٌ مثل ثَمَرة وثَمَر وثِمار؛ قال أَبو
ذؤيب يصف ظبياً نَشِبَتْ فيه كُفَّةُ الصائدِ:
فَراغَ، وقدْ نَشِبَتْ في الزّما
ع، واسْتَحْكَمَتْ مِثْلَ عَقْدِ الوَتَرْ
في راغ ضمير الظبي، وفي نَشِبَتْ ضمير الكُفَّة.
وأَرْنَبٌ زَمُوعٌ: تمشي على زَمَعَتِها إِذا دنت من موضعها لئلا يقتص
أَثرها فتقارب خطوها وتعدو على زَمَعاتِها، وقيل: الزَّمُوعُ من الأَرانب
النَّشِيطة السريعة، وقد زَمَعَت تَزْمَعُ زَمعاناً: أَسْرَعَتْ.
وأَزْمَعَتْ: عدت وخَفَّتْ؛ قال الشماخ:
فما تَنْفَكُّ، بَيْنَ عُوَيْرِضاتٍ،
تَمُدُّ بِرأْسِ عِكْرِشةٍ زَمُوعِ
العِكْرِشةُ: أُنثى الثعالب. قال الليث: الزَّمَعُ هَناتٌ شبه أَظفار
الغنم في الرُّسْغ في كل قائمة زَمَعَتان كأَنما خلقتا من قطع القرون، قال:
وذكروا أَنَّ للأَرنب زَمَعاتٍ خلف قَوائِمها، ولذلك تنعت فيقال لها
زَمُوعٌ. ورجل زَميعٌ وزَمُوعٌ بَيِّن الزَّماع أَي سَرِيعٌ عَجُولٌ؛ ومنه
قول الشاعر:
وَدَعا بِبَيْنِهِم، غَداةَ تَحَمَّلُوا،
داعٍ بعاجِلةِ الفِراقِ زَمِيعُ
والزَّمَعُ: رُذالُ الناس وأَتْباعُهم بمنزلة الزَّمَع من الظِّلْف،
والجمع أَزْماع. يقال: هو من زَمَعِهم أَي من مآخِيرِهم. والزَّمَعُ
والزَّماعُ: المَضاءُ في الأَمْر والعَزْمُ عليه. وأَزْمَعَ الأَمرَ وبه وعليه:
مَضى فيه، فهو مُزْمِعٌ، وثَبَّت عليه عَزْمَه. وقال الكسائي: يقال
أَزْمَعْتُ الأَمْرَ ولا يقال أَزْمَعْتُ عليه؛ قال الأَعشى:
أَأَزْمَعْتَ مِنْ آلِ لَيْلى ابْتِكارا،
وشَطَّتْ على ذِي هَوًى أَنْ تُزارا؟
وقال الفراء: أَزْمَعْتُه وأَزْمَعْتُ عليه بمعنًى مثل أَجْمَعْتُه
وأَجْمَعْتُ عليه.
والزَّمِيعُ: الشجاعُ المِقْدامُ الذي يُزْمِعُ الأَمْرَ ثم لا يَنْثَني
عنه، وهو أَيضاً الذي إِذا همّ بأَمْر مضى فيه بَيِّنَ الزَّماع، وقوم
زُمَعاءُ في الجمع. ورجل زَمِيعُ الرأْي أَي جَيِّدُه؛ قال ابن بري شاهده
قول الشاعر:
لا يَهْتَدِي فيه إِلاَّ كُلُّ مُنْصَلِتٍ،
مِنَ الرِّجالِ، زَمِيعِ الرَّأْي خَوَّاتِ
وأَزمع النبتُ إِذا لم يَسْتَوِ العُشْبُ كله وكان قطعاً متفرقة أَوَّل
ما يظهر وبعضه أَفضل من بعض. والزَّمَعُ من النبات: شيء هَهُنا وشيء ههنا
مثل القَزَع في السماء، والرَّشَمُ مثله. وفي نوادر الأَعراب: زُمْعةٌ
من نَبْت وزُوعةٌ من نبت ولُمْعةٌ من نبت ورُقْعةٌ بمعنى واحد.
وقال الليث: الزَّمّاعةُ، بالزاي، التي تتحرك من رأْس الصبيّ في
يافُوخِه، قال: وهي الرَّمّاعة واللَّمَّاعةُ؛ وقال الأَزهري: المعروف فيها
الرَّمَّاعة، بالراء، قال: وما علمت أَحداً روى الزماعة، بالزاي، غير
الليث.والزَّمَعةُ: أَصْغرُ من الرِّحاب بين كل رَحبَتَيْن زَمَعةٌ تقصُر عن
الوادي، وجمعها زَمَعٌ. وفي الحديث، حديث أَبي بكر والنّسابة: إِنَّكَ من
زَمَعاتِ قُرَيْش؛ الزَّمَعة، بالتحريك: الــتَّلْعةُ الصغيرة، أَي لست من
أَشرافهم، وهي ما دُونَ مَسايلِ الماء من جانبي الوادي. والزَّمَعةُ:
الطلعة في نَوامِي كرم العنب بعدما يَصُوفُ، وقيل: الزَّمَعةُ العُقْدة في
مخرج العُنْقود، وقيل: هي الحبة إِذا كانت مثل رأْس الدَّرّة، والجمع
زَمَع. قال ابن شميل: والزَّمَعُ الأُبَنُ تَخْرُجُ في مَخارِجِ العَناقِيد.
وأَزمَعَت الحَبَلةُ: خرج زَمَعُها وعظمت ودنا خروجُ الحُجْنةِ منها،
والحُجْنةُ والناميةُ شُعَبٌ، فإِذا عظمت الزمعة فهي البَنِيقةُ،
وأَكْمَحَتِ البَنِيقةُ إِذا ابْياضَّتْ وخرج عليها مثل القطن، وذلك الإِكْماحُ،
والزَّمَعةُ: أَول شيء يخرج منه، فإِذا عظُم فهو بنيقة، وقيل: الزمع
العِنَبُ أَول ما يَطْلُع. والزَّمَعُ الدَّهَشُ، والزَّمَعُ: رِعْدةٌ تعتري
الإِنسان إِذا هَمّ بأَمر.
وزَمِعَ الرجُل، بالكسر، زَمَعاً: خَرِقَ من خَوْفٍ وجَزِعَ.
والزَّمَعُ: القَلَقُ؛ عن اللحياني. وزَمَع، بالفتح، يَزْمَعُ زَمْعاً وزَمَعاناً:
أَبْطَأَ في مِشْيَتِه. ويقال: قَزَعَ قَزْعاً وزَمَعَ زَمَعاناً، وهو
مَشْي متقارِبٌ، والزمَعانُ: المشيُ البطِيءُ. والزَّمْعِيُّ: الخَسِيسُ.
والزَّمْعِيُّ: السريعُ الغضَب، وهو الداهيةُ من الرجال. يقال: جاء فلان
بالأَزامِع أَي بالأُمور المُنْكَرات، والأَزامِعُ: الدواهِي، واحدها
أَزْمَعُ؛ قال عبدالله بن سمعان التَّغْلَبيّ:
وعَدْتَ فلم تُنْجِزْ،وقِدْماً وعَدْتَني
فأَخْلَفْتَني، وتِلْكَ إِحْدَى الأَزامِع
وزُمَيْعٌ وزَمَّاعٌ وزَمْعةُ: أَسماء.
رجع: رَجَع يَرْجِع رَجْعاً ورُجُوعاً ورُجْعَى ورُجْعاناً ومَرْجِعاً
ومَرْجِعةً: انصرف. وفي التنزيل: إِن إِلى ربك الرُّجْعى، أَي الرُّجوعَ
والمَرجِعَ، مصدر على فُعْلى؛ وفيه: إِلى الله مَرْجِعُكم جميعاً، أَي
رُجُوعكم؛ حكاه سيبويه فيما جاء من المصادر التي من فَعَلَ يَفْعِل على
مَفْعِل، بالكسر، ولا يجوز أَن يكون ههنا اسمَ المكان لأَنه قد تعدَّى بإِلى،
وانتصبت عنه الحالُ، واسم المكان لا يتعدَّى بحرف ولا تنتصب عنه الحال
إِلا أَنّ جُملة الباب في فَعَلَ يَفْعِل أَن يكون المصدر على مَفْعَل،
بفتح العين. وراجَع الشيءَ ورَجع إِليه؛ عن ابن جني، ورَجَعْته أَرْجِعه
رَجْعاً ومَرْجِعاً ومَرْجَعاً وأَرْجَعْتُه، في لغة هذيل، قال: وحكى أَبو
زيد عن الضََّّبِّيين أَنهم قرؤُوا: أَفلا يرون أَن لا يُرْجِع إِليهم
قولاً، وقوله عز وجل: قال رب ارْجِعُونِ لعلّي أَعمل صالحاً؛ يعني العبد
إِذا بعث يوم القيامة وأَبصر وعرف ما كان ينكره في الدنيا يقول لربه:
ارْجِعونِ أَي رُدُّوني إِلى الدنيا، وقوله ارجعون واقع ههنا ويكون لازماً
كقوله تعالى: ولما رَجَع موسى إِلى قومه؛ ومصدره لازماً الرُّجُوعُ، ومصدره
واقعاً الرَّجْع. يقال: رَجَعْته رَجْعاً فرجَع رُجُوعاً يستوي فيه لفظ
اللازم والواقع.
وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: من كان له مال يُبَلِّغه حَجَّ بيتِ
الله أَو تَجِب عليه فيه زكاة فلم يفعل سأَل الرَّجعةَ عند الموت أَي
سأَل أَن يُرَدّ إِلى الدنيا ليُحْسن العمل ويَسْتَدْرِك ما فات.
والرَّجْعةُ: مذهب قوم من العرب في الجاهلية معروف عندهم، ومذهب طائفة من فِرَق
المسلمين من أَُولي البِدَع والأَهْواء، يقولون: إِن الميت يَرْجِعُ إِلى
الدنيا ويكون فيها حيّاً كما كان، ومن جملتهم طائفة من الرَّافضة يقولون:
إِنَّ عليّ بن أَبي طالب، كرم الله وجهه، مُسْتتِر في السحاب فلا يخرج مع
من خرج من ولده حتى ينادِيَ مُنادٍ من السماء: اخرج مع فلان، قال: ويشهد
لهذا المذهب السوء قوله تعالى: حتى إِذا جاء أَحدَهم الموتُ قال رب
ارجعون لعلي أَعمل صالحاً فيما تركت؛ يريد الكفار. وقوله تعالى: لعلّهم
يَعْرِفونها إِذا انقلبوا إِلى أَهلهم لعلهم يرجعون، قال: لعلهم يرجعون أَي
يَرُدُّون البِضاعةَ لأَنها ثمن ما اكتالوا وأَنهم لا يأْخذون شيئاً إِلا
بثمنه، وقيل: يرجعون إِلينا إِذا عَلِموا أَنّ ما كِيلَ لهم من الطعام
ثمنه يعني رُدّ إِليهم ثمنه، ويدل على هذا القول قوله: ولما رجعوا إِلى
أَبيهم قالوا يا أَبانا ما نَبْغي هذه بِضاعتنا. وفي الحديث: أَنه نَفَّل في
البَدْأَة الرُّبع وفي الرَّجْعة الثلث؛ أَراد بالرَّجعة عَوْدَ طائفةٍ
من الغُزاة إِلى الغَزْو بعد قُفُولهم فَيُنَفِّلهم الثلث من الغنيمة
لأَنّ نهوضهم بعد القفول أَشق والخطر فيه أَعظم. والرَّجْعة: المرة من
الرجوع. وفي حديث السّحُور: فإِنه يُؤذِّن بليل ليَرْجِعَ قائمَكم ويُوقِظَ
نائمكم؛ القائم: هو الذي يصلي صلاة الليل. ورُجُوعُه عَوْدُه إِلى نومه أَو
قُعُوده عن صلاته إِذا سمع الأَذان، ورَجع فعل قاصر ومتَعَد، تقول:
رَجَعَ زيد ورَجَعْته أَنا، وهو ههنا متعد ليُزاوج يُوقِظ، وقوله تعالى: إِنه
على رَجْعه لقادر؛ قيل: إِنه على رَجْع الماء إِلى الإِحْليل، وقيل إِلى
الصُّلْب، وقيل إِلى صلب الرجل وتَرِيبةِ المرأَة، وقيل على إِعادته
حيّاً بعد موته وبلاه لأَنه المبدئ المُعيد سبحانه وتعالى، وقيل على بَعْث
الإِنسان يوم القيامة، وهذا يُقوّيه: يوم تُبْلى السّرائر؛ أَي قادر على
بعثه يوم القيامة، والله سبحانه أَعلم بما أَراد.
ويقال: أَرجع اللهُ همَّه سُروراً أَي أَبدل همه سروراً. وحكى سيبويه:
رَجَّعه وأَرْجَعه ناقته باعها منه ثم أَعطاه إِياها ليرجع عليها؛ هذه عن
اللحياني. وتَراجَع القومُ: رَجعُوا إِلى مَحَلِّهم.
ورجّع الرجلُ وتَرجَّع: رَدَّدَ صوته في قراءة أَو أَذان أَو غِناء أَو
زَمْر أَو غير ذلك مما يترنم به. والترْجيع في الأَذان: أَن يكرر قوله
أَشهد أَن لا إِله إِلاَّ الله، أَشهد أَن محمداً رسول الله. وتَرْجيعُ
الصوت: تَرْدِيده في الحَلق كقراءة أَصحاب الأَلحان. وفي صفة قراءته، صلى
الله عليه وسلم، يوم الفتح: أَنه كان يُرَجِّع؛ الترجِيعُ: ترديد القراءة،
ومنه ترجيع الأَذان، وقيل: هو تَقارُب ضُروب الحركات في الصوت، وقد حكى
عبد الله بن مُغَفَّل ترجيعه بمد الصوت في القراءة نحو آء آء آء. قال ابن
الأَثير: وهذا إِنما حصل منه، والله أَعلم، يوم الفتح لأَنه كان راكباً
فجعلت الناقة تُحرِّكه وتُنَزِّيه فحدَثَ الترجِيعُ في صوته. وفي حديث
آخر: غير أَنه كان لا يُرَجِّع، ووجهه أَنه لم يكن حينئذ راكباً فلم يَحْدُث
في قراءته الترجيع. ورجَّع البعيرُ في شِقْشِقَته: هَدَر. ورجَّعت
الناقةُ في حَنِينِها: قَطَّعَته، ورجَّع الحمَام في غِنائه واسترجع كذلك.
ورجّعت القَوْسُ: صوَّتت؛ عن أَبي حنيفة. ورجَّع النقْشَ والوَشْم والكتابة:
ردَّد خُطُوطها، وترْجيعها أَن يُعاد عليها السواد مرة بعد أُخرى. يقال:
رجَّع النقْشَ والوَشْم ردَّد خُطوطَهما. ورَجْعُ الواشِمة: خَطُّها؛
ومنه قول لبيد:
أَو رَجْع واشِمةٍ أُسِفَّ نَؤُورها
كِفَفاً، تعرَّضَ فَوْقهُنَّ وِشامُها
وقال الشاعر:
كتَرْجيعِ وَشْمٍ في يَدَيْ حارِثِيّةٍ،
يَمانِية الأَسْدافِ، باقٍ نَؤُورُها
وقول زهير:
مَراجِيعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَمِ
هو جمع المَرْجُوع وهو الذي أُعِيد سواده. ورَجَع إِليه: كَرَّ. ورَجَعَ
عليه وارْتَجَع: كرَجَعَ. وارْتَجَع على الغَرِيم والمُتَّهم: طالبه.
وارتجع إِلي الأَمرَ: رَدَّه إِليّ؛ أَنشد ثعلب:
أَمُرْتَجِعٌ لي مِثْلَ أَيامِ حَمّةٍ،
وأَيامِ ذي قارٍ عَليَّ الرَّواجِعُ؟
وارْتَجَعَ المرأَةَ وراجَعها مُراجعة ورِجاعاً: رَجَعها إِلى نفسه بعد
الطلاق، والاسم الرِّجْعة والرَّجْعةُ. يقال: طلَّق فلان فلانة طلاقاً
يملك فيه الرَّجْعة والرِّجْعةَ، والفتح أَفصح؛ وأَما قول ذي الرمة يصف
نساء تَجَلَّلْنَ بجَلابيبهن:
كأَنَّ الرِّقاقَ المُلْحَماتِ ارْتَجَعْنَها
على حَنْوَةِ القُرْيانِ ذاتِ الهَمَائِم
أَراد أَنهن ردَدْنها على وجُوه ناضِرة ناعِمة كالرِّياض.
والرُّجْعَى والرَّجِيعُ من الدوابّ، وقيل من الدواب ومن الإِبل: ما
رَجَعْتَه من سفر إِلى سفر وهو الكالُّ، والأُنثى رَجِيعٌ ورَجِيعة؛ قال
جرير:
إِذا بَلَّغَت رَحْلي رَجِيعٌ، أَمَلَّها
نُزُوليَ بالموماةِ، ثم ارْتِحالِيا
وقال ذو الرمة يصف ناقة:
رجِيعة أَسْفارٍ، كأَنَّ زِمامَها
شُجاعٌ لدى يُسْرَى الذِّراعَينِ مُطْرِق
وجمعُهما معاً رَجائع؛ قال معن بن أَوْس المُزَني:
على حينَ ما بي مِنْ رِياضٍ لصَعْبةٍ،
وبَرَّحَ بي أَنْقاضُهُن الرَّجائعُ
كنَى بذلك عن النساء أَي أَنهن لا يُواصِلْنه لِكِبَره، واستشهد
الأَزهري بعجز هذا البيت وقال: قال ابن السكيت: الرَّجِيعةُ بعير ارْتَجعْتَه
أَي اشترَيْتَه من أَجْلاب الناس ليس من البلد الذي هو به، وهي الرَّجائع؛
وأَنشد:
وبَرَّحَ بي أَنقاضُهن الرَّجائع
وراجَعت الناقة رِجاعاً إِذا كانت في ضرب من السير فرَجعت إِلى سَير
سِواه؛ قال البَعِيث يصف ناقته:
وطُول ارْتِماء البِيدِ بالبِيدِ تَعْتَلي
بها ناقتي، تَخْتَبُّ ثُمَّ تُراجِعُ
وسَفَر رَجيعٌ: مَرْجُوع فيه مراراً؛ عن ابن الأَعرابي. ويقال للإِياب
من السفَر: سفَر رَجِيع؛ قال القُحَيْف:
وأَسْقِي فِتْيةً ومُنَفَّهاتٍ،
أَضَرَّ بِنِقْيِها سَفَرٌ رَجِيعُ
وفلان رِجْعُ سفَر ورَجِيعُ سفَر. ويقال: جعلها الله سَفْرة مُرْجِعةً.
والمُرْجِعةُ: التي لها ثَوابٌ وعاقبة حَسَنة.
والرَّجْع: الغِرْس يكون في بطن المرأَة يخرج على رأْس الصبي.
والرِّجاع: ما وقع على أَنف البعير من خِطامه. ويقال: رَجَعَ فلان على
أَنف بعيره إِذا انفسخ خَطْمُه فرَدَّه عليه، ثم يسمى الخِطامُ رِجاعاً.
وراجَعه الكلامَ مُراجَعةً ورِجاعاً: حاوَرَه إِيَّاه. وما أَرْجَعَ
إِليه كلاماً أَي ما أَجابَه. وقوله تعالى: يَرْجِعُ بعضُهم إِلى بعض القول؛
أَي يَتَلاوَمُونَ. والمُراجَعَة: المُعاوَدَةُ. والرَّجِيعُ من الكلام:
المَرْدُودُ إِلى صاحبه.
والرَّجْعُ والرَّجِيعُ: النَّجْوُ والرَّوْثُ وذو البَطن لأَنه رَجَع
عن حاله التي كان عليها. وقد أَرْجَعَ الرجلُ. وهذا رَجِيعُ السَّبُع
ورَجْعُه أَيضاً يعني نَجْوَه. وفي الحديث: أَنه نهى أَن يُسْتَنْجَى
بِرَجِيعٍ أَو عَظْم؛ الرَّجِيعُ يكون الرَّوْثَ والعَذِرةَ جَميعاً، وإِنما سمي
رَجِيعاً لأَنه رَجَع عن حاله الأُولى بعد أَن كان طعاماً أَو علَفاً
أَو غير ذلك. وأَرْجَع من الرَّجِيع إِذا أَنْجَى. والرَّجِيعُ: الجِرَّةُ
لِرَجْعِه لها إِلى الأَكل؛ قال حميد بن ثَوْر الهِلالي يَصِف إِبلاً
تُرَدِّد جِرَّتها:
رَدَدْنَ رَجِيعَ الفَرْثِ حتى كأَنه
حَصى إِثْمِدٍ، بين الصَّلاءِ، سَحِيقُ
وبه فسر ابن الأَعرابي قول الراجز:
بَمْشِينَ بالأَحْمال مَشْيَ الغِيلانْ،
فاسْتَقْبَلَتْ ليلةَ خِمْسٍ حَنّانْ،
تَعْتَلُّ فيه بِرَجِيعِ العِيدانْ
وكلُّ شيءٍ مُرَدَّدٍ من قول أَو فعل، فهو رَجِيع؛ لأَن معناه مَرْجُوع
أَي مردود، ومنها سموا الجِرَّة رَجِيعاً؛ قال الأَعشى:
وفَلاةٍ كأَنَّها ظَهْر تُرْسٍ،
ليس إِلاّ الرَّجِيعَ فيها عَلاقُ
يقول لا تَجِد الإِبل فيها عُلَقاً إِلاَّ ما تُرَدِّدُه من جِرَّتها.
الكسائي: أَرْجَعَتِ الإِبلُ إِذا هُزِلَت ثم سَمِنت. وفي التهذيب: قال
الكسائي إِذا هُزِلَت الناقة قيل أَرْجَعت. وأَرجَعَت الناقة، فهي مُرْجِع:
حَسُنت بعد الهُزال. وتقول: أَرْجَعْتُك ناقة إِرْجاعاً أَي
أَعطيْتُكَها لتَرْجِع عليها كما تقول أَسْقَيْتُك إِهاباً. والرَّجيعُ: الشِّواء
يُسَخَّن ثانية؛ عن الأَصمعي، وقيل: كلُّ ما رُدِّد فهو رَجِيع، وكلُّ طعام
بَرَد فأُعِيد إِلى النار فهو رَجِيع. وحبْل رَجِيع: نُقض ثم أُعِيد
فَتْلُه، وقيل: كلُّ ما ثَنَيْتَه فهو رَجِيع. ورَجِيعُ القول: المكروه.
وتَرَجَّع الرجل عند المُصِيبة واسْتَرْجَع: قال إِنّا لله وإِنا إِليه
راجعون. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: أَنه حين نُعي له قُثَم
استرجع أَي قال إِنا لله وإِنا إِليه راجعون، وكذلك الترجيع؛ قال جرير:
ورَجَّعْت من عِرْفانِ دار، كأَنَّها
بَقِيّةُ وَشْمٍ في مُتُون الأَشاجِعِ
(* في ديوان جرير: من عِرفانِ رَبْع كأنّه، مكانَ: من عِرفانِ دارٍ
كأنّها.)
واسْتَرْجَعْت منه الشيءَ إِذا أَخذْت منه ما دَفَعْته إِليه،
والرَّجْع: رَدّ الدابة يديها في السير ونَحْوُه خطوها. والرَّجْع: الخطو.
وتَرْجِيعُ الدابة يدَيْها في السير: رَجْعُها؛ قال أَبو ذؤيب الهذلي:
يَعْدُو به نَهْشُ المُشاشِ، كأَنّه
صَدَعٌ سَلِيمٌ رَجْعُه لا يَظْلَعُ
(* قوله «نهش المشاش» تقدم ضبطه في مادتي مشش ونهش: نهش ككتف.)
نَهْشُ المُشاشِ: خَفيفُ القوائم، وصفَه بالمصدر، وأَراد نَهِش القوائم
أَو مَنْهُوش القوائم. وفي حديث ابن مسعود، رضي الله عنه: أَنه قال
للجَلاَّد: اضْرِب وارجِعْ يدك؛ قيل: معناه أَن لا يرفع يده إِذا أَراد الضرب
كأَنه كان قد رفَع يده عند الضرب فقال: ارْجِعْها إِلى موضعها. ورَجْعُ
الجَوابِ ورَجْع الرَّشْقِ في الرَّمْي: ما يَرُدُّ عليه.
والرَّواجِعُ: الرِّياح المُخْتلِفَةُ لمَجِيئها وذَهابها.
والرَّجْعُ والرُّجْعَى والرُّجْعان والمَرْجُوعَةُ والمَرْجُوعُ: جواب
الرسالة؛ قال يصف الدار:
سأَلْتُها عن ذاك فاسْتَعْجَمَتْ،
لم تَدْرِ ما مَرْجُوعةُ السَّائلِ
ورُجْعان الكتاب: جَوابه. يقال: رجَع إِليَّ الجوابُ يَرْجِعُ رَجْعاً
ورُجْعاناً. وتقول: أَرسلت إِليك فما جاءني رُجْعَى رِسالتي أَي
مَرْجُوعها، وقولهم: هل جاء رُجْعةُ كتابك ورُجْعانُه أَي جوابه، ويجوز رَجْعة،
بالفتح. ويقال: ما كان من مَرْجُوعِ أَمر فلان عليك أَي من مَردُوده
وجَوابه. ورجَع إِلى فلان من مَرْجوعِه كذا: يعني رَدّه الجواب. وليس لهذا
البيع مَرْجُوع أَي لا يُرْجَع فيه. ومتاع مُرْجِعٌ: له مَرْجُوع. ويقال:
أَرْجَع الله بَيْعة فلان كما يقال أَرْبَح الله بَيْعَته. ويقال: هذا
أَرْجَعُ في يَدِي من هذا أَي أَنْفَع، قال ابن الفرج: سمعت بعض بني سليم
يقول: قد رجَع كلامي في الرجل ونَجَع فيه بمعنى واحد. قال: ورَجَع في الدابّة
العَلَفُ ونَجَع إِذا تَبيّن أَثَرُه. ويقال: الشيخ يَمْرض يومين فلا
يَرْجِع شَهراً أَي لا يَثُوب إِليه جسمه وقوّته شهراً. وفي النوادر: يقال
طَعام يُسْتَرْجَعُ عنه، وتَفْسِير هذا في رِعْي المال وطَعام الناس ما
نَفَع منه واسْتُمْرِئَ فسَمِنُوا عنه.
وقال اللحياني: ارْتَجَع فلان مالاً وهو أَن يبيع إِبله المُسِنة
والصغار ثم يشتري الفَتِيّة والبِكار، وقيل: هو أَن يبيع الذكور ويشتري
الإِناث؛ وعمَّ مرة به فقال: هو أَن يبيع الشيء ثم يشتري مكانه ما يُخَيَّل
إِليه أَنه أَفْتى وأَصلح.
وجاء فلان بِرِجْعةٍ حَسَنةٍ أَي بشيء صالح اشتراه مكان شيء طالح، أَو
مَكان شيء قد كان دونه، وباع إِبله فارْتَجع منها رِجْعة صالحة ورَجْعةً:
رَدّها. والرِّجْعةُ والرَّجْعة: إِبل تشتريها الأَعراب ليست من نتاجهم
وليست عليها سِماتُهم. وارْتَجَعها: اشتراها؛ أَنشد ثعلب:
لا تَرْتَجِعْ شارفاً تَبْغِي فَواضِلَها،
بدَفِّها من عُرى الأَنْساعِ تَنْدِيبُ
وقد يجوز أَن يكون هذا من قولهم: باع إِبله فارتجع منها رِجْعة صالحة،
بالكسر، إِذا صرف أَثْمانها فيما تَعود عليه بالعائدة الصالحة، وكذلك
الرِّجْعة في الصدقة، وفي الحديث: أَنه رأَى في إِبل الصدقة ناقة كَوْماء
فسأَل عنها المُصَدِّق فقال: إِني ارْتَجَعْتها بإِبل، فسكت؛ الارْتِجاعُ:
أَن يَقدُم الرجل المصر بإِبله فيبيعها ثم يشتري بثمنها مثلها أَو غيرها،
فتلك الرِّجعة، بالكسر؛ قال أَبو عبيد: وكذلك هو في الصدقة إِذا وجب على
رَبّ المال سِنّ من الإِبل فأَخذ المُصَدِّقُ مكانها سنّاً أُخرى فوقها
أَو دونها، فتلك التي أَخَذ رِجْعةٌ لأَنه ارتجعها من التي وجبت له؛ ومنه
حديث معاوية: شكت بنو تَغْلِبَ إِليه السنة فقال: كيف تَشْكُون الحاجةَ
مع اجْتِلاب المِهارة وارْتجاعِ البِكارة؟ أَي تَجْلُبون أَولاد الخيل
فتَبِيعُونها وترجعون بأَثمانها؛ البكارة للقِنْية يعني الإِبل؛ قال الكميت
يصف الأَثافي:
جُرْدٌ جِلادٌ مُعَطَّفاتٌ على الـ
أَوْرَقِ، لا رِجْعةٌ ولا جَلَبُ
قال: وإِن ردَّ أَثمانها إِلى منزله من غير أَن يشتري بها شيئاً فليست
برِجْعة. وفي حديث الزكاة: فإِنهما يَتراجَعانِ بينهما بالسَّويّة؛
التَّراجُع بين الخليطين أَن يكون لأَحَدهما مثلاً أَربعون بقرة وللآخر ثلاثون،
ومالُهما مُشتَرَك، فيأْخذ العامل عن الأَربعين مُسنة، وعن الثلاثين
تَبيعاً، فيرجع باذِلُ المسنة بثلاثة أَسْباعها على خَليطه، وباذلُ
التَّبِيع بأَربعة أَسْباعِه على خَلِيطه، لأَن كل واحد من السنَّين واجب على
الشُّيوعِ كأَن المال ملك واحد، وفي قوله بالسوية دليل على أَن الساعي إِذا
ظلم أَحدهما فأَخذ منه زيادة على فرْضه فإِنه لا يرجع بها على شريكه،
وإِنما يَغْرم له قيمة ما يخصه من الواجب عليه دون الزيادة؛ ومن أَنواع
التراجع أَن يكون بين رجلين أَربعون شاة لكل واحد عشرون، ثم كل واحد منهما
يعرف عين ماله فيأْخذ العاملُ من غنم أَحدهما شاة فيرجع على شريكه بقيمة
نصف شاة، وفيه دليل على أَن الخُلْطة تصح مع تمييز أَعيان الأَموال عند من
يقول به. والرِّجَع أَيضاً: أَن يبيع الذكور ويشتري الإِناث كأَنه مصدر
وإِن لم يصح تَغْييرُه، وقيل: هو أَن يبيع الهَرْمى ويشتري البِكارة؛ قال
ابن بري: وجمع رِجْعةٍ رِجَعٌ، وقيل لحَيّ من العرب: بمَ كثرت أَموالكم؟
فقالوا: أَوصانا أَبونا بالنُّجَع والرُّجَع، وقال ثعلب: بالرِّجَع
والنِّجَع، وفسره بأَنه بَيْع الهَرْمى وشراء البِكارة الفَتِيَّة، وقد فسر
بأَنه بيع الذكور وشراء الإِناث، وكلاهما مما يَنْمي عليه المال. وأَرجع
إِبلاً: شَراها وباعَها على هذه الحالة.
والرّاجعةُ: الناقة تباع ويشترى بثمنها مثلها، فالثانية راجعة ورَجِيعة،
قال علي بن حمزة: الرَّجيعة أَن يباع الذكور ويشترى بثمنه الأُنثى،
فالأُنثى هي الرَّجيعة، وقد ارتجعتها وترَجَّعْتها ورَجَعْتها. وحكى
اللحياني:جاءت رِجْعةُ الضِّياع، ولم يفسره، وعندي أَنه ما تَعُود به على صاحبها
من غلَّة.
وأَرْجَع يده إِلى سيفه ليستَلّه أَو إِلى كِنانته ليأْخذَ سهماً:
أَهْوى بها إِليها؛ قال أَبو ذؤيب:
فبَدا له أَقْرابُ هذا رائغاً
عنه، فعَيَّثَ في الكِنانةِ يُرْجِعُ
وقال اللحياني: أَرْجَع الرجلُ يديه إِذا رَدّهما إِلى خلفه ليتناوَل
شيئاً، فعمّ به. ويقال: سيف نَجِيحُ الرَّجْعِ إِذا كان ماضِياً في
الضَّريبة؛ قال لبيد يصف السيف:
بأَخْلَقَ مَحْمودٍ نَجِيحٍ رَجِيعُه
وفي الحديث: رَجْعةُ الطلاق في غير موضع، تفتح راؤه وتكسر، على المرة
والحالة، وهو ارْتِجاع الزوجة المطلَّقة غير البائنة إِلى النكاح من غير
استئناف عقد.
والرَّاجِعُ من النساء: التي مات عنها زوجها ورجعت إِلى أَهلها، وأَمّا
المطلقة فهي المردودة. قال الأَزهري: والمُراجِعُ من النساء التي يموت
زوجها أَو يطلقها فتَرجِع إِلى أَهلها، ويقال لها أَيضاً راجع. ويقال
للمريض إِذا ثابَتْ إِليه نفْسه بعد نُهوك من العِلَّة: راجع. ورجل راجع إِذا
رجعت إِليه نفسه بعد شدَّة ضَنىً.
ومَرْجِعُ الكتف ورَجْعها: أَسْفَلُها، وهو ما يلي الإِبط منها من جهة
مَنْبِضِ القلب؛ قال رؤبة:
ونَطْعَن الأَعْناق والمَراجِعا
يقال: طعَنه في مَرْجِع كتفيه. ورَجَع الكلب في قَيْئه: عاد فيه.
وهو يُؤمِن بالرِّجْعة، وقالها الأَزهري بالفتح، أَي بأَنّ الميت يَرْجع
إِلى الدنيا بعد الموت قبل يوم القيامة. وراجَع الرجلُ: رجَع إِلى خير
أَو شر. وتَراجعَ الشيء إِلى خلف.
والرِّجاعُ: رُجوع الطير بعد قِطاعها. ورَجَعَت الطير رُجوعاً ورِجاعاً:
قَطعت من المواضع الحارَّة إِلى البارِدة. وأَتانٌ راجِعٌ وناقة راجِع
إِذا كانت تَشُول بذنبها وتجمع قُطْرَيْها وتُوَزِّع ببولها فتظن أَنّ بها
حَمْلاً ثم تُخْلِف. ورجَعت الناقةُ تَرْجع رِجاعاً ورُجوعاً، وهي
راجِع: لَقِحت ثم أَخْلَفت لأَنها رجَعت عما رُجِيَ منها، ونوق رَواجِعُ،
وقيل: إِذا ضربها الفَحل ولم تَلْقَح، وقيل: هي إِذا أَلقت ولدها لغير تمام،
وقيل: إِذا نالت ماء الفحل، وقيل: هو أَن تطرحه ماء. الأَصمعي: إِذا
ضُربت الناقة مراراً فلم تَلْقَح فهي مُمارِنٌ، فإِن ظهر لهم أَنها قد لَقِحت
ثم لم يكن بها حَمل فهي راجِع ومُخْلِفة. وقال أَبو زيد: إِذا أَلقت
الناقة حملها قبل أَن يَستبِين خلقه قيل رَجَعَت تَرْجِعُ رِجاعاً؛ وأَنشد
أَبو الهيثم للقُطامي يصف نجِيبة لنَجِيبَتَين
(* قوله: نجيبة لنجيبتين،
هكذا في الأصل.):
ومن عيْرانةٍ عَقَدَتْ عليها
لَقاحاً ثم ما كَسَرَتْ رِجاعا
قال: أَراد أَن الناقة عقدَت عليها لَقاحاً ثم رمت بماء الفحل وكسرت
ذنبها بعدما شالَت به؛ وقول المرّار يَصِف إِبلاً:
مَتابيعُ بُسْطٌ مُتْئِماتٌ رَواجِعٌ،
كما رَجَعَتْ في لَيْلها أُمّ حائلِ
بُسْطٌ: مُخَلاَّةٌ على أَولادها بُسِطَت عليها لا تُقْبَض عنها.
مُتْئمات: معها ابن مَخاض. وحُوار رَواجِعُ: رجعت على أَولادها. ويقال: رواجِعُ
نُزَّعٌ. أُم حائل: أُمُّ ولدِها الأُنثى.
والرَّجِيعُ: نباتُ الربيع. والرَّجْعُ والرجيعُ والراجعةُ: الغدير
يتردَّد فيه الماء؛ قال المتنخل الهُذلي يصف السيف:
أَبيض كالرَّجْع رَسوبٌ، إِذا
ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلي
وقال أَبو حنيفة: هي ما ارْتَدّ فيه السَّيْل ثم نَفَذَ، والجمع رُجْعان
ورِجاع؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
وعارَضَ أَطْرافَ الصَّبا وكأَنه
رِجاعُ غَدِيرٍ، هَزَّه الريحُ، رائِعُ
وقال غيره: الرِّجاع جمع ولكنه نعته بالواحد الذي هو رائع لأَنه على لفظ
الواحد كما قال الفرزدق:
إِذا القُنْبُضاتُ السُّودُ طَوَّفْنَ بالضُّحى،
رَقَدْنَ عليهِن السِّجالُ المُسَدَّفُ
(* قوله «السجال المسدف» كذا بالأصل هنا، والذي في غير موضع وكذا
الصحاح: الحجال المسجف.)
وإِنما قال رِجاعُ غدير ليَفْصِله من الرِّجاع الذي هو غير الغدير، إِذ
الرجاع من الأَسماء المشتركة؛ قال الآخر:
ولو أَنّي أَشاء، لكُنْتُ منها
مَكانَ الفَرْقَدَيْن من النُّجومِ
فقال من النجوم ليُخَلِّص معنى الفَرقدين لأَن الفرقدين من الأَسماء
المشتركة؛ أَلا ترى أَنَّ ابن أَحمر لما قال:
يُهِلُّ بالفَرقدِ رُكْبانُها،
كما يُهِلُّ الرَّاكِبُ المُعْتَمِرْ
ولم يُخَلِّص الفَرْقَد ههنا اختلفوا فيه فقال قوم: إِنه الفَرْقَد
الفَلَكي، وقال آخرون: إِنما هو فرقد البقرة وهو ولدها. وقد يكون الرِّجاعُ
الغَدير الواحد كما قالوا فيه الإِخاذ، وأَضافه إِلى نفسه ليُبَيِّنه
أَيضاً بذلك لأَن الرِّجاع كان واحداً أَو جمعاً، فهو من الأَسماء المشتركة،
وقيل: الرَّجْع مَحْبِس الماء وأَما الغدير فليس بمحبس للماء إِنما هو
القِطعة من الماء يُغادِرها السَّيْلُ أَي يتركها. والرَّجْع: المطر لأَنه
يرجع مرة بعد مرة. وفي التنزيل: والسماء ذاتِ الرَّجْع، ويقال: ذات
النفْع، والأَرض ذات الصَّدْع؛ قال ثعلب: تَرْجع بالمطر سنة بعد سنة، وقال
اللحياني: لأَنها ترجع بالغيث فلم يذكر سنة بعد سنة، وقال الفراء: تبتدئ
بالمطر ثم ترجع به كل عام، وقال غيره: ذاتِ الرجع ذات المطر لأَنه يجيء
ويرجع ويتكرّر.
والراجِعةُ: الناشِغةُ من نَواشِغ الوادي. والرُّجْعان: أَعالي التِّلاع
قبل أَن يجتمع ماء الــتَّلْعة، وقيل: هي مثل الحُجْرانِ، والرَّجْع عامة
الماء، وقيل: ماء لهذيل غلب عليه. وفي الحديث ذكر غَزوة الرَّجيعِ؛ هو
ماء لهُذَيْل. قال أَبو عبيدة: الرَّجْع في كلام العرب الماء، وأَنشد قول
المُتَنَخِّل: أَبيض كالرَّجْع، وقد تقدم: الأَزهري: قرأْت بخط أَبي
الهيثم حكاه عن الأَسدي قال: يقولون للرعد رَجْع. والرَّجِيعُ: العَرَق، سمي
رَجيعاً لأَنه كان ماء فعاد عرَقاً؛ وقال لبيد:
كَساهُنَّ الهَواجِرُ كلَّ يَوْمٍ
رَجِيعاً، في المَغَابنِ، كالعَصِيمِ
أَراد العَرَقَ الأَصفر شبَّهه بعصيم الحِنَّاء وهو أَثره. ورَجِيعُ:
اسم ناقة جرير؛ قال:
إِذا بلَّغتْ رَحْلي رَجِيعُ، أَمَلَّها
نُزُوليَ بالمَوْماةِ ثم ارْتحاليا
(* ورد هذا البيت سابقاً في هذه المادة، وقد صُرفت فيه رجيع فنُوّنت،
أما هنا فقد منعت من الصرف.)
ورَجْعٌ ومَرْجَعةُ: اسمان.
خفض: في أَسماء اللّه تعالى الخافِضُ: هو الذي يَخْفِضُ الجبّارِينَ
والفراعنة أَي يضَعُهم ويُهِينُهم ويخفض كل شيءٍ يريد خَفْضَه.
والخَفْضُ: ضِدُّ الرفْع. خَفَضَه يَخْفِضُه خَفْضاً فانْخَفَضَ
واخْتَفَضَ.
والتَّخْفِيضُ: مدّك رأْس البعير إِلى الأَرض؛ قال:
يَكادُ يَسْتَعْصي على مُخَفِّضِهْ
وامرأَة خافِضَةُ الصوت وخَفِيضَةُ الصوت: خَفِيَّتُه لَيِّنَتُه، وفي
التهذيب: ليست بسَلِيطةٍ، وقد خَفَضَتْ وخَفَضَ صوتُها: لانَ وسَهُلَ. وفي
التنزيل العزيز: خافِضةٌ رافِعةٌ؛ قال الزجاج: المعنى أَنها تَخْفِضُ
أَهل المعاصي وترفع أَهل الطاعة، وقيل: تخفض قوماً فتَحُطُّهم عن مَراتِب
آخرين ترفعهم إِليها، والذين خُفِضُوا يَسْفُلُون إِلى النَّارِ،
والمرفوعون يُرْفَعُون إِلى غرف الجنان. ابن شميل في قول النبي، صلّى اللّه عليه
وسلّم، إِن اللّه يخفض القِسْط ويَرْفَعُه، قال: القسطُ العَدْل ينزله
مرة إِلى الأَرض ويرفعه أُخرى. وفي التنزيل العزيز: فمن ثَقُلَتْ
مَوازِينُه خُفِضَت ومن خَفَّتْ موازينه شالت. غيره: خَفْضُ العَدْل ظهور الجَور
عليه إِذا فسد الناس، ورفعُه ظهوره على الجوار إِذا تابوا وأَصلحوا،
فَخَفْضُه من اللّه تعالى اسْتعتابٌ ورَفْعُه رِضاً. وفي حديث الدجال:
فَرَفَّع فيه وخَفَّضَ أَي عظَّم فِتْنَتَه ورفعَ قدرها ثم وهَّنَ أَمره وقدره
وهوَّنه، وقيل: أَراد أَنه رفَع صوته وخفَضَه في اقتِصاصِ أَمره، والعرب
تقول: أَرض خافِضةُ السُّقْيا إِذا كانت سَهْلَة السُّقْيا، ورافعةُ
السقيا إِذا كانت على خلاف ذلك. والخَفْضُ: الدَّعةُ، يقال: عيش خافِضٌ.
والخَفْضُ والخفيضةُ جميعاً: لين العيش وسعته. وعيش خَفْضٌ وخافِضٌ ومخفوض
وخفيض: خصيب في دَعةٍ وخصْبٍ ولِين، وقد خَفُضَ عَيشُه؛ وقول هميان بن
قحافة:بانَ الجميعُ بعْدَ طُولِ مَخْفِضِهْ
قال ابن سيده: إِنما حكمه بعد طول مَخْفَضه كقولك بعد طول خَفْضِه لكن
هكذا روي بالكسر وليس بشيءٍ. ومَخْفِضُ القوم: الموضع الذي هم فيه في
خَفْض ودَعةٍ، وهم في خَفْضٍ من العَيْش؛ قال الشاعر:
إِنَّ شَكْلي وإِنَّ شكْلَكِ شَتَّى،
فالزَمي الخُصَّ واخفِضي تَبْيَضِضِّي
أَراد تَبْيَضِّي فزاد ضاداً إِلى الضادين. ابن الأَعرابي: يقال للقوم
هم خَافِضُون إِذا كانوا وادِعينَ على الماء مقيمين، وإِذا انْتَجعوا لم
يكونوا في النُّجْعةِ خافضين لأَنهم يَظْعَنُون لطَلَبِ الكَلإِ ومَساقِطِ
الغَيْثِ. والخَفْضُ: العيش الطيب. وخَفِّضْ عليك أَي سَهِّلْ. وخَفِّضْ
عليك جأْشك أَي سكِّن قلبك.
وخَفَضَ الطائرُ جناحه: أَلانَهُ وضمَّه إِلى جنبه ليسكن من طيرانه،
وخَفَضَ جناحَه يخْفِضه خفْضاً: أَلان جانبه، على المثل بِخَفْض الطائر
لجناحه. وفي حديث وفد تميم: فلما دخلوا المدينة بَهَشَ إِليهم النساء
والصبيان يبكون في وجوههم فأَخْفَضَهم ذلك أَي وضعَ منهم؛ قال ابن الأَثير: قال
أَبو موسى أَظن الصواب بالحاء المهملة والظاء المعجمة، أَي أَغْضَبَهم.
وفي حديث الإِفك: ورسول اللّه، صلّى اللّه عليه وسلّم، يُخَفِّضُهم أَي
يُسَكِّنُهم ويُهَوِّن عليهم الأَمر، من الخَفْضِ الدَّعةِ والسكون. وفي
حديث أَبي بكر قال لعائشة، رضي اللّه عنهما، في شأْن الإِفك: خَفِّضي عليك
أَي هَوِّني الأَمر عليكِ ولا تَحْزَني له. وفلان خافِضُ الجَناحِ
وخافِضُ الطير إِذا كانَ وقوراً ساكناً. وقوله تعالى: واخفِضْ لهما جَناحَ
الذُّلِّ من الرَّحْمة؛ أَي تواضَعْ لهما ولا تتعزز عليهما. والخافِضةُ:
الخاتِنةُ. وخَفَضَ الجارية يَخْفِضُها خَفْضاً: وهو كالخِتان للغلام،
وأَخْفَضَتْ هي، وقيل: خَفَض الصبيِّ خَفْضاً خَتَنه فاستعمل في الرجل،
والأَعْرَفُ أَن الخَفْضَ للمرأَة والخِتانَ للصبيّ، فيقال للجارية خُفِضَتْ،
وللغلامِ خُتِنَ، وقد يقال للخاتن خافض، وليس بالكثير. وقال النبي، صلّى
اللّه عليه وسلّم، لأُم عطية: إِذا خَفَضْتِ فأَشمِّي أَي إِذا خَتَنْتِ
الجاريةَ فلا تَسْحَتي الجاريةَ. والخَفْضُ: خِتانُ الجارية. والخَفْضُ:
المُطْمَئِنُّ من الأَرض، وجمعه خُفُوضٌ. والخافِضَة: الــتَّلْعةُ المطمئنة
من الأَرض والرافِعةُ المتْنِ من الأَرض. والخَفْضُ: السَّير الليِّنُ
وهو ضد الرفع. يقال: بيني وبينك ليلة خافِضةٌ أَي هَيِّنَةُ السير؛ قال
الشاعر:
مَخْفُوضُها رَوْلٌ، ومَرْفُوعُها
كَمَرِّ صَوْبٍ لَجِبٍ وَسْطَ ريح
قال ابن بري: الذي في شعره:
مَرْفُوعُها زَوْلٌ ومَخْفُوضُها
والزَّوْلُ: العَجَب أَي سيرها الليِّن كَمَرِّ الريح، وأَما سيرها
الأَعلى وهو المرفوع فعجب لا يُدْركُ وصْفُه. وخَفْضُ الصوت: غضُّه. يقال:
خَفِّضْ عليك القول. والخفضُ والجرُّ واحد، وهما في الإِعراب بمنزلة الكسر
في البناء في مواصفات النحويين.
والانخِفاضُ: الانحِطاطُ بعد العُلُوِّ، واللّه عزّ وجلّ يَخْفِضُ من
يشاء ويَرْفَعُ من يشاء؛ قال الراجز يهجو مُصَدّقاً، وقال ابن الأَعرابي:
هذا رجل يخاطب امرأَته ويهجو أَباها لأَنه كان أَمهرها عشرين بعيراً كلها
بنات لبون، فطالبه بذلك فكان إِذا رأَى في إِبله حِقَّة سمينة يقول هذه
بنت لَبون ليأْخذها، وإِذا رأَى بنت لَبون مهزولة يقول هذه بنت مخاض
ليتركها؛ فقال:
لأَجْعَلَنْ لابْنَةِ عَثْم فَنّا،
مِنْ أَينَ عِشْرُونَ لها مِنْ أَنَّى؟
حتى يَكُونَ مَهْرُها دُهْدُنّا،
يا كَرَواناً صُكَّ فَاكْبَأَنّا
فَشَنَّ بالسَّلْحِ، فَلَمّا شَنّا،
بَلَّ الذُّنابَى عَبَساً مُبِنّا
أَإِبِلي تَأْكُلُها مُصِنّا،
خافِضَ سِنِّ ومُشِيلاً سِنّا؟
وخَفَضَ الرجلُ: مات، وحكى ابن الأَعرابي: أُصِيبَ بِمَصَائِب تَخْفِضُ
المَوْتَ أَي بمصائب تُقَرِّبُ إِليه المَوْتَ لا يُفْلِتُ مِنْها.