Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=84337#6e10da
(تلثمــت) الْمَرْأَة التثمت
لثم: اللِّثامُ: رَدُّ المرأَة قِناعَها على أَنفها وردُّ الرجل
عمامَته على أَنفه، وقد لَثَمَتْ تَلْثِمُ
(* قوله
«وقد لثمت تلثم» هكذا ضبط في الصحاح والمحكم أيضاً، ومقتضى اطلاق
القاموس انه من باب قتل، وفي المصباح: ولثمت المرأة من باب تعب لثماً مثل فلس.
وتلثمــت والتثمت شدت اللثام. )، وقيل: اللِّثامُ
على الأَنف واللِّفامُ على الأَرْنبة. أَبو زيد قال: تميم تقول
تَلَثَّمَــت على الفم، وغيرهم يقول تَلَفَّمَت؛ قال الفراء: إِذا كان على الفم فهو
اللِّثام، وإِذا كان على الأَنف فهو اللِّفام. ويقال من اللِّثام:
لثَمْت أَلْثِمُ، فإِذا أَراد التقبيل قلت: لثِمْتُ أَلْثَم؛ قال
الشاعر:فلَثِمْتُ فاها آخِذاً بِقُرونِها،
ولَثِمْتُ من شَفَتَيْهِ أَطْيَبَ مَلْثَم
ولَثِمْتُ فاها، بالكسر، إِذا قبَّلتها، وربما جاء بالفتح؛ قال ابن
كيسان: سمعت المبرد ينشد قول جَمِيل:
فلَثَمْتُ فاها آخِذاً بقرونِها،
شُرْبَ النَّزِيف ببَرْدِ ماءِ الحَشْرَج
بالفتح، ويروى البيت لعمر بن أَبي ربيعة، أَبو زيد: تميم تقول
تَلَثَّمَــت على الفم، وغيرهم يقول تلفَّمت، فإِذا كان على طرف الأَنف فهو
اللِّفام، وإِذا كان على الفم فهو اللِّثام. قال الفراء: اللِّثام ما كان على
الفم من النقاب، واللِّفام ما كان على الأَرْنبة. وفي حديث مكحول: أَنه
كَرِهَ الــتَّلَثُّم من الغبار في الغَزْوِ، وهو شدُّ الفم باللثام، وإِنما
كرهه رغبة في زيادة الثواب بما يناله من الغبار في سبيل الله. والملثَم:
الأَنف وما حوله وإِنها لحسنَةُ اللِّثْمةِ: من اللِّثام؛ وقول
الحَذْلميّ:
وتَكْشِف النُّقْبةَ عن لِثامِها
لم يفسر ثعلب اللِّثام، قال
(* قوله «قال» أي ابن سيده): وعندي أَنه
جلدها؛ وقول الأَخطل:
آلَت إِلى النِّصف من كَلْفاء أَتْأَقَها
عِلْجٌ، ولَثَّمها بالجَفْنِ والغارِ
إِنما أَراد أَنه صيّر الجفنَ والغارَ لهذه الخابية كاللِّثام.
ولَثِمَها ولَثَمَها يَلْثِمُها ويَلْثَمُها لَثْماً: قبّلها. الجوهري:
واللُّثْم، بالضم، جمع لاثِمٍ. واللَّثْم: القُبْلة. يقال: لَثَمَت المرأَةُ
ثَلْثِمُ لَثْماً والْتَثَمَت وتَلَثَّمَــت إِذا شدَّت اللِّثامَ، وهي حسنَة
اللِّثْمة. وخُفٌّ مَلْثُوم ومُلَثَّم: جرحته الحجارة؛ وأَنشد ابن
الأَعرابي:
يَرْمِي الصُّوَى بمُجْمَراتٍ سُمْرِ
مُلَعثَّماتٍ، كمَرادِي الصَّخْرِ
الجوهري: لَثَمَ البعير الحجارة بخُفِّه يَلْثِمُها إِذا كسرَها. وخفٌّ
مِلْثَم: يَصُكّ الحجارة. ويقال أَيضاً: لَثَمت الحجارةُ خُفَّ البعير
إِذا أَصابته وأَدْمته.
لفم: اللِّفام: النقاب على طرف الأَنف، وقد لَفَمَ وتلَفَّم. ولفَمَت
المرأَة فاها بِلِفامِها: نَقَّبَته. ولَفَمتْ وتلَفَّمت والْتَفَمت إِذا
شدَّت اللِّفام. أَبو زيد: تميم تقول تلَثَّمــت على الفم، وغيرهم يقول
تلَفَّمت. قال الفراء: يقال من اللِّفام لَفَمْت أَلْفِم، فإِذا كان على طرف
الأَنف فهو اللِّفام، وإِذا كان على الفم فهو اللِّثام. الجوهري: قال
الأَصمعي إِذا كان النِّقاب على الفم فهو اللِّثام واللِّفام، كما قالوا
الدَّفَئِيُّ والدَّثَئِيُّ؛ قال الشاعر:
يُضِيءُ لنا كالبَدْر تحت غَمامةٍ،
وقد زلَّ عن غُرّ الثَّنايا لِفامُها
وقال أَبو زيد: تلَفَّمْت تلَفُّماً إِذا أَخذت عمامة فجعلتها على فيك
شِبْه النقاب ولم تبلغ بها أَرنبة الأَنف ولا مارِنَه، قال: وبنو تميم
تقول في هذا المعنى: تلَثَّمــت تلَثُّمــاً، قال: وإِذا انتهى إِلى الأَنف
فغشِيَه أَو بعضه فهو النقاب.
أثم: الإِثْمُ: الذَّنْبُ، وقيل: هو أَن يعمَل ما لا يَحِلُّ له. وفي
التنزيل العزيز: والإِثْمَ والبَغْيَ بغير الحَقّ. وقوله عز وجل: فإِن
عُثِر على أَنَّهما استَحقّا إثْماً؛ أَي ما أُثِم فيه. قال الفارسي: سماه
بالمصدر كما جعل سيبويه المَظْلِمة اسم ما أُخِذ منك، وقد أَثِم يأْثَم؛
قال:
لو قُلْتَ ما في قَوْمِها لم تِيثَمِ
أَراد ما في قومها أَحد يفْضُلها. وفي حديث سعيد بن زيد: ولو شَهِدْتُ
على العاشر لم إِيثَم؛ هي لغة لبعض العرب في آثَم، وذلك أَنهم يكسرون
حَرْف المُضارَعة في نحو نِعْلَم وتِعْلَم، فلما كسروا الهمزة في إِأْثَم
انقلبت الهمزة الأَصلية ياء.
وتأَثَّم الرجل: تابَ من الإِثْم واستغفر منه، وهو على السَّلْب كأَنه
سَلَب ذاته الإِثْم بالتوْبة والاستغفار أَو رامَ ذلك بهما. وفي حديث
مُعاذ: فأَخْبر بها عند موتِه تَأَثُّماً أَي تَجَنُّباً للإِثْم؛ يقال:
تأَثَّم فلانٌ إِذا فَعَل فِعْلاً خرَج به من الإِثْم، كما يقال تَحَرَّج
إِذا فعل ما يخرُج به عن الحَرج؛ ومنه حديث الحسن: ما عَلِمْنا أَحداً منهم
تَرك الصلاة على أَحدٍ من أَهْل القِبْلة تأَثُّماً، وقوله تعالى:
فيهما إِثْمٌ كَبِيرٌ ومَنافِعُ للناس وإِثْمُهُما أَكْبَرُ من نَفْعِهما؛
قال ثعلب: كانوا إِذا قامَرُوا فَقَمَروا أَطْعَمُوا منه وتصدَّقوا،
فالإطعام والصّدَقة مَنْفَعَة، والإِثْم القِمارُ، وهو أَن يُهْلِك الرجلُ
ويذهِب مالَه، وجمع الإِثْم آثامٌ، لا يكسَّر على غير ذلك.
وأَثِم فلان، بالكسر، يأْثَم إثْماً ومَأْثَماً أَي وقع في الإِثْم، فهو
آثِم وأَثِيمٌ وأَثُومٌ أَيضاً. وأَثَمَه الله في كذا يَأْثُمُه
ويأْثِمُه أَي عدَّه عليه إِثْماً، فهو مَأْثُومٌ. ابن سيده: أَثَمَه الله
يَأْثُمُه عاقَبَه بالإِثْم؛ وقال الفراء: أَثَمَه الله يَأْثِمُه إِثْماً
وأَثاماً إِذا جازاه جزاء الإِثْم، فالعبد مأْثومٌ أَي مجزيّ جزاء إثْمه،
وأَنشد الفراء لنُصيب الأَسود؛ قال ابن بري: وليس بنُصيب الأَسود المَرواني
ولا بنُصيب الأَبيض الهاشمي:
وهَلْ يَأْثِمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،
وعَلَّلْتُ أَصحابي بها لَيْلة النفْرِ؟
ورأَيت هنا حاشيةً صورتُها: لم يقُل ابن السِّيرافي إِن الشِّعْر لنُصيب
المرواني، وإِنما الشعر لنُصيب بن رياح الأَسود الحُبَكي، مولى بني
الحُبَيك بن عبد مناة ابن كِنانة، يعني هل يَجْزِيَنّي الله جزاء إِثْمِي
بأَن ذكرت هذه المرأَة في غِنائي، ويروى بكسر الثاء وضمها، وقال في الحاشية
المذكورة: قال أَبو محمد السيرافي كثير من الناس يغلَط في هذا البيت،
يرويه النَّفَرْ، بفتح الفاء وسكون الراء، قال: وليس كذلك، وقيل: هذا البيت
من القصيد التي فيها:
أَما والذي نادَى من الطُّور عَبْدَه،
وعَلَّم آياتِ الذَّبائح والنَّحْر
لقد زادني للجَفْر حبّاً وأَهِله،
ليالٍ أَقامَتْهُنَّ لَيْلى على الجَفْر
وهل يَأْثِمَنِّي اللهُ في أَن ذَكَرْتُها،
وعَلَّلْتُ أَصحابي بها ليلة النَّفْر؟
وطيَّرْت ما بي من نُعاسٍ ومن كَرىً،
وما بالمَطايا من كَلال ومن فَتْرِ
والأَثامُ: الإِثْم. وفي التنزيل العزيز: يَلْقَ أَثاماً، أَراد
مُجازاة الأَثام يعني العقوبة. والأَثامُ والإِثامُ: عُقوبة الإِثمِ؛ الأَخيرة
عن ثعلب. وسأَل محمد بن سلام يونس عن قوله عز وجل: يَلْفُ أَثاماً، قال:
عُقوبةً؛ وأَنشد قول بشر:
وكان مقامُنا نَدْعُو عليهم،
بأَبْطَح ذي المَجازِ له أَثامُ
قال أَبو إسحق: تأْويلُ الأَثامِ المُجازاةُ. وقال أَبو عمرو الشيباني:
لَقِي فلان أَثامَ ذلك أَي جَزاء ذلك، فإِنَّ الخليل وسيبويه يذهبان إِلى
أَن معناه يَلْقَ جَزاء الأَثامِ؛ وقول شافع الليثي في ذلك:
جَزى اللهُ ابنَ عُرْوةَ حيث أَمْسَى
عَقُوقاً، والعُقوقُ له أَثامُ
أَي عُقوبة مُجازاة العُقُوق، وهي قطيعة الرَّحِم. وقال الليث: الأَثامُ
في جملة التفسير عُقوبة الإِثمِ، وقيل في قوله تعالى، يَلقَ أَثاماً،
قيل: هو وادٍ في جهنم؛ قال ابن سيده: والصواب عندي أَن معناه يَلْقَ عِقابَ
الأَثام. وفي الحديث: مَن عَضَّ على شِبذِعِه سَلِمَ من الأَثام؛
الأَثامُ، بالفتح: الإِثمُ. يقال: أَثِمَ يَأْثَم أَثاماً، وقيل: هو جَزاء
الإِثمِ، وشِبْذِعُه لسانه. وآثَمه، بالمدّ: أَوقعه في الإِثمِ؛ عن الزجَّاج؛
وقال العجاج:
بل قُلْت بَعْض القَوْمِ غير مُؤْثِمِ
وأَثَّمه، بالتشديد: قال له أَثِمْت. وتأَثَّم: تحَرَّجَ من الإِثمِ
وكَفَّ عنه، وهو على السَّلْب، كما أَن تَحَرَّجَ على السّلْب أَيضاً؛ قال
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود:
تَجَنَّبْت هِجْرانَ الحَبيب تأَثُّماً،
إِلا إِنَّ هِجْرانَ الحَبيب هو الإِثمُ
ورجل أَثَّامٌ من قوم آثمين، وأَثِيمٌ من قوم أُثَماء. وقوله عز وجل:
إِنَ شَجرَةَ الزَّقُّوم طَعامُ الأَثِيم؛ قال الفراء: الأَثِيمُ الفاجر،
وقال الزجاج: عُنِيَ به هنا أَبو جهل بن هِشام، وأَثُومٌ من قوْم أُثُمٍ؛
التهذيب: الأَثِيمُ في هذه الآية بمعنى الآثِم. يقال: آثَمَهُ اللهُ
يُؤْثمه، على أَفْعَله، أَي جعله آثِماً وأَلفاه آثِماً. وفي حديث ابن مسعود،
رضي الله عنه: أَنه كان يُلَقِّنُ رَجُلاً إِنَّ شَجرةَ الزَّقُّومِ
طَعام الأَثِيم، وهو فَعِيل من الإِثم. والمَأْثَم: الأَثامُ، وجمعه
المَآثِم.
وفي الحديث عنه، صلى الله عليه وسلم، قال: اللّهم إِني أَعوذ بك من
المَأْثَمِ والمَغْرَمِ؛ المَأْثَمُ: الأَمرُ
الذي يَأْثَمُ به الإِنسان أَو هو الإِثْمُ نفسهُ، وَضْعاً للمصدر موضع
الاسم. وقوله تعالى: لا لَغْوٌ فيها ولا تأْثِيمٌ، يجوز أَن يكون مصدر
أَثِمَ، قال ابن سيده: ولم أَسمع به، قال: ويجوز أَن يكون اسماً كما ذهب
إِليه سيبويه في التَّنْبيت والتَّمْتين؛ وقال أُمية بن أَبي الصلت:
فلا لَغْوٌ ولا تأْثيمَ فيها،
وما فاهُوا به لَهُمُ مُقِيمُ
والإِثمُ عند بعضهم: الخمر؛ قال الشاعر:
شَرِبْتُ الإِثَمَ حتى ضَلَّ عَقْلي،
كذاكَ الإِثمُ تَذْهَبُ بالعُقولِ
قال ابن سيده: وعندي أَنه إِنما سمَّهاها إِثْماً لأَن شُرْبها إِثْم،
قال: وقال رجل في مجلس أَبي العباس:
نَشْرَبُ الإِثمَ بالصُّواعِ جِهارا،
وتَرى المِسْكَ بيننا مُسْتَعارا
أَي نَتَعاوَره بأَيدينا نشتمُّه، قال: والصُّواعُ الطِّرْجِهالةُ،
ويقال: هو المَكُّوكُ الفارسيُّ الذي يَلْتَقِي طَرفاه، ويقال: هو إِناء كان
يشرَب فيه المِلك. قال أَبو بكر: وليس الإِثمُ من أَسماء الخمر بمعروف،
ولم يصح فيه ثبت صحيح. وأَثِمَتِ الناقة المشي تأْثَمُه إِثْماً:
أَبطأَت؛ وهو معنى قول الأَعشى:
جُمالِيَّة تَغْتَلي بالرِّداف،
إِذا كَذَبَ الآثِماتُ الهَجِيرَا
يقال: ناقة آثِمَةٌ ونوق آثِماتٌ أَي مُبْطِئات. قال ابن بري: قال ابن
خالويه كذب ههنا خفيفة الذال، قال: وحقها أَن تكون مشدّدة، قال: ولم تجئ
مخففة إِلا في هذا البيت، قال: والآثِمات اللاتي يُظنُّ أَنهنَّ
يَقْوَيْن على الهَواجِر، فإِذا أَخْلَفْنه فكأَنهنَّ أَثِمْنَ.
عرف: العِرفانُ: العلم؛ قال ابن سيده: ويَنْفَصِلانِ بتَحْديد لا يَليق
بهذا المكان، عَرَفه يَعْرِفُه عِرْفة وعِرْفاناً وعِرِفَّاناً
ومَعْرِفةً واعْتَرَفَه؛ قال أَبو ذؤيب يصف سَحاباً:
مَرَتْه النُّعامَى، فلم يَعْتَرِفْ
خِلافَ النُّعامَى من الشامِ رِيحا
ورجل عَرُوفٌ وعَرُوفة: عارِفٌ يَعْرِفُ الأَُمور ولا يُنكِر أَحداً رآه
مرة، والهاء في عَرُوفة للمبالغة. والعَريف والعارِفُ بمعنًى مثل عَلِيم
وعالم؛ قال طَرِيف بن مالك العَنْبري، وقيل طريف بن عمرو:
أَوَكُلّما ورَدَت عُكاظَ قَبيلةٌ،
بَعَثُوا إليَّ عَرِيفَهُمْ يَتَوَسَّمُ؟
أَي عارِفَهم؛ قال سيبويه: هو فَعِيل بمعنى فاعل كقولهم ضَرِيبُ قِداح،
والجمع عُرَفاء. وأَمر عَرِيفٌ وعارِف: مَعروف، فاعل بمعنى مفعول؛ قال
الأَزهري: لم أَسمع أَمْرٌ عارف أَي معروف لغير الليث، والذي حصَّلناه
للأَئمة رجل عارِف أَي صَبور؛ قاله أَبو عبيدة وغيره.
والعِرْف، بالكسر: من قولهم ما عَرَفَ عِرْفي إلا بأَخَرةٍ أَي ما
عَرَفَني إلا أَخيراً.
ويقال: أَعْرَفَ فلان فلاناً وعرَّفه إذا وقَّفَه على ذنبه ثم عفا عنه.
وعرَّفه الأَمرَ: أَعلمه إياه. وعرَّفه بيتَه: أَعلمه بمكانه. وعرَّفه
به: وسَمه؛ قال سيبويه: عَرَّفْتُه زيداً، فذهَب إلى تعدية عرّفت بالتثقيل
إلى مفعولين، يعني أَنك تقول عرَفت زيداً فيتعدَّى إلى واحد ثم تثقل
العين فيتعدَّى إلى مفعولين، قال: وأَما عرَّفته بزيد فإنما تريد عرَّفته
بهذه العلامة وأَوضَحته بها فهو سِوى المعنى الأَوَّل، وإنما عرَّفته بزيد
كقولك سمَّيته بزيد، وقوله أَيضاً إذا أَراد أَن يُفضِّل شيئاً من النحْو
أَو اللغة على شيء: والأَول أَعْرَف؛ قال ابن سيده: عندي أَنه على توهم
عَرُفَ لأَن الشيء إنما هو مَعْروف لا عارف، وصيغة التعجب إنما هي من
الفاعل دون المفعول، وقد حكى سيبويه: ما أَبْغَضه إليَّ أَي أَنه مُبْغَض،
فتعَجَّب من المفعول كما يُتعجّب من الفاعل حتى قال: ما أَبْغضَني له، فعلى
هذا يصْلُح أَن يكون أَعرف هنا مُفاضلة وتعَجُّباً من المفعول الذي هو
المعروف. والتعريفُ: الإعْلامُ. والتَّعريف أَيضاً: إنشاد الضالة. وعرَّفَ
الضالَّة: نَشَدها.
واعترَفَ القومَ: سأَلهم، وقيل: سأَلهم عن خَبر ليعرفه؛ قال بشر بن أَبي
خازِم:
أَسائِلةٌ عُمَيرَةُ عن أَبيها،
خِلالَ الجَيْش، تَعْترِفُ الرِّكابا؟
قال ابن بري: ويأْتي تَعرَّف بمعنى اعْترَف؛ قال طَرِيفٌ العَنْبريُّ:
تَعَرَّفوني أَنَّني أَنا ذاكُمُ،
شاكٍ سِلاحي، في الفوارِس، مُعْلَمُ
وربما وضعوا اعتَرَفَ موضع عرَف كما وضعوا عرَف موضع اعترف، وأَنشد بيت
أَبي ذؤيب يصف السحاب وقد تقدَّم في أَوَّل الترجمة أَي لم يعرف غير
الجَنُوب لأَنها أَبَلُّ الرِّياح وأَرْطَبُها. وتعرَّفت ما عند فلان أَي
تَطلَّبْت حتى عرَفت. وتقول: ائْتِ فلاناً فاسْتَعْرِفْ إليه حتى
يَعْرِفَكَ. وقد تَعارَفَ القومُ أَي عرف بعضهُم بعضاً. وأَما الذي جاء في حديث
اللُّقَطةِ: فإن جاء من يَعْتَرِفُها فمعناه معرفتُه إياها بصفتها وإن لم
يرَها في يدك. يقال: عرَّف فلان الضالَّة أَي ذكرَها وطلبَ من يَعْرِفها
فجاء رجل يعترفها أَي يصفها بصفة يُعْلِم أَنه صاحبها. وفي حديث ابن مسعود:
فيقال لهم هل تَعْرِفون ربَّكم؟ فيقولون: إذا اعْترَف لنا عرَفناه أَي
إذا وصَف نفسه بصفة نُحَقِّقُه بها عرفناه. واستَعرَف إليه: انتسب له
ليَعْرِفَه. وتَعرَّفه المكانَ وفيه: تأَمَّله به؛ أَنشد سيبويه:
وقالوا: تَعَرَّفْها المَنازِلَ مِن مِنًى،
وما كلُّ مَنْ وافَى مِنًى أَنا عارِفُ
وقوله عز وجل: وإذ أَسَرَّ النبيُّ إلى بعض أَزواجه حديثاً فلما
نبَّأَتْ به وأَظهره اللّه عليه عرَّف بعضَه وأَعرض عن بعض، وقرئ: عرَفَ بعضه،
بالتخفيف، قال الفراء: من قرأَ عرَّف بالتشديد فمعناه أَنه عرّف حَفْصةَ
بعْضَ الحديث وترَك بعضاً، قال: وكأَنَّ من قرأَ بالتخفيف أَراد غَضِبَ
من ذلك وجازى عليه كما تقول للرجل يُسيء إليك: واللّه لأَعْرِفنَّ لك ذلك،
قال: وقد لعَمْري جازَى حفصةَ بطلاقِها، وقال الفرَّاء: وهو وجه حسن،
قرأَ بذلك أَبو عبد الرحمن السُّلَمِيّ، قال الأَزهري: وقرأَ الكسائي
والأَعمش عن أَبي بكر عن عاصم عرَف بعضَه، خفيفة، وقرأَ حمزة ونافع وابن كثير
وأَبو عمرو وابن عامر اليَحْصُبي عرَّف بعضه، بالتشديد؛ وفي حديث عَوْف
بن مالك: لتَرُدَّنّه أَو لأُعَرِّفَنَّكَها عند رسول اللّه، صلى اللّه
عليه وسلم، أَي لأُجازِينَّك بها حتى تَعرِف سوء صنيعك، وهي كلمة تقال عند
التهديد والوعيد.
ويقال للحازِي عَرَّافٌ وللقُناقِن عَرَّاف وللطَبيب عَرَّاف لمعرفة كل
منهم بعلْمِه. والعرّافُ: الكاهن؛ قال عُرْوة بن حِزام:
فقلت لعَرّافِ اليَمامة: داوِني،
فإنَّكَ، إن أَبرأْتَني، لَطبِيبُ
وفي الحديث: من أَتى عَرَّافاً أَو كاهِناً فقد كفَر بما أُنزل على
محمد، صلى اللّه عليه وسلم؛ أَراد بالعَرَّاف المُنَجِّم أَو الحازِيَ الذي
يدَّعي علم الغيب الذي استأْثر اللّه بعلمه.
والمَعارِفُ: الوجُوه. والمَعْروف: الوجه لأَن الإنسان يُعرف به؛ قال
أَبو كبير الهذلي:
مُتَكَوِّرِين على المَعارِفِ، بَيْنَهم
ضَرْبٌ كَتَعْطاطِ المَزادِ الأَثْجَلِ
والمِعْراف واحد. والمَعارِف: محاسن الوجه، وهو من ذلك. وامرأَة حَسَنةُ
المعارِف أَي الوجه وما يظهر منها، واحدها مَعْرَف؛ قال الراعي:
مُتَلفِّمِين على مَعارِفِنا،
نَثْني لَهُنَّ حَواشِيَ العَصْبِ
ومعارفُ الأَرض: أَوجُهها وما عُرِفَ منها.
وعَرِيفُ القوم: سيّدهم. والعَريفُ: القيّم والسيد لمعرفته بسياسة
القوم، وبه فسر بعضهم بيت طَرِيف العَنْبري، وقد تقدَّم، وقد عَرَفَ عليهم
يَعْرُف عِرافة. والعَريفُ: النَّقِيب وهو دون الرئيس، والجمع عُرَفاء، تقول
منه: عَرُف فلان، بالضم، عَرافة مثل خَطُب خَطابة أَي صار عريفاً، وإذا
أَردت أَنه عَمِلَ ذلك قلت: عَرف فلان علينا سِنين يعرُف عِرافة مثال
كتَب يكتُب كِتابة.
وفي الحديث: العِرافةُ حَقٌّ والعُرفاء في النار؛ قال ابن الأَثير:
العُرفاء جمع عريف وهو القَيِّم بأُمور القبيلة أَو الجماعة من الناس يَلي
أُمورهم ويتعرَّف الأَميرُ منه أَحوالَهُم، فَعِيل بمعنى فاعل، والعِرافةُ
عَملُه، وقوله العِرافة حقّ أَي فيها مَصلحة للناس ورِفْق في أُمورهم
وأَحوالهم، وقوله العرفاء في النار تحذير من التعرُّض للرِّياسة لما ذلك من
الفتنة، فإنه إذا لم يقم بحقه أَثمَ واستحق العقوبة، ومنه حديث طاووس:
أنه سأَل ابن عباس، رضي اللّه عنهما: ما معنى قول الناس: أَهْلُ القرآن
عُرفاء أَهل الجنة؟ فقال: رُؤساء أَهل الجنة؛ وقال علقمة بن عَبْدَة:
بل كلُّ حيّ، وإن عَزُّوا وإن كَرُموا،
عَرِيفُهم بأَثافي الشَّرِّ مَرْجُومُ
والعُرْف، بالضم، والعِرْف، بالكسر: الصبْرُ؛ قال أَبو دَهْبَل
الجُمَحِيُّ:
قل لابْن قَيْسٍ أَخي الرُّقَيَّاتِ:
ما أَحْسَنَ العُِرْفَ في المُصِيباتِ
وعرَفَ للأَمر واعْتَرَفَ: صَبَر؛ قال قيس بن ذَرِيح:
فيا قَلْبُ صَبْراً واعْتِرافاً لِما تَرى،
ويا حُبَّها قَعْ بالذي أَنْتَ واقِعُ
والعارِفُ والعَرُوف والعَرُوفةُ: الصابر. ونَفْس عَروف: حامِلة صَبُور
إِذا حُمِلَتْ على أَمر احتَمَلَتْه؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
فآبُوا بالنِّساء مُرَدَّفاتٍ،
عَوارِفَ بَعْدَ كِنٍّ وابْتِجاحِ
أَراد أَنَّهن أَقْرَرْن بالذلّ بعد النعْمةِ، ويروى وابْتِحاح من
البُحبُوحةِ، وهذا رواه ابن الأَعرابي. ويقال: نزلت به مُصِيبة فوُجِد صَبوراً
عَروفاً؛ قال الأَزهري: ونفسه عارِفة بالهاء مثله؛ قال عَنْترة:
وعَلِمْتُ أَن مَنِيَّتي إنْ تَأْتِني،
لا يُنْجِني منها الفِرارُ الأَسْرَعُ
فصَبَرْتُ عارِفةً لذلك حُرَّةً،
تَرْسُو إذا نَفْسُ الجَبانِ تَطَلَّعُ
تَرْسو: تَثْبُتُ ولا تَطلَّع إلى الخَلْق كنفْس الجبان؛ يقول: حَبَسْتُ
نَفْساً عارِفةً أَي صابرة؛ ومنه قوله تعالى: وبَلَغَتِ القُلوبُ
الحَناجِر؛ وأَنشد ابن بري لمُزاحِم العُقَيْلي:
وقفْتُ بها حتى تَعالَتْ بيَ الضُّحى،
ومَلَّ الوقوفَ المُبْرَياتُ العَوارِفُ
المُّبرياتُ: التي في أُنوفِها البُرة، والعَوارِفُ: الصُّبُر. ويقال:
اعْترف فلان إذا ذَلَّ وانْقاد؛ وأَنشد الفراء:
أَتَضْجَرينَ والمَطِيُّ مُعْتَرِفْ
أَي تَعْرِف وتصْبر، وذكَّر معترف لأَن لفظ المطيّ مذكر.
وعرَف بذَنْبه عُرْفاً واعْتَرَف: أَقَرَّ. وعرَف له: أَقر؛ أَنشد ثعلب:
عَرَفَ الحِسانُ لها غُلَيِّمةً،
تَسْعى مع الأَتْرابِ في إتْبِ
وقال أعرابي: ما أَعْرِفُ لأَحد يَصْرَعُني أَي لا أُقِرُّ به. وفي حديث
عمر: أَطْرَدْنا المعترِفين؛ هم الذين يُقِرُّون على أَنفسهم بما يجب
عليهم فيه الحدّ والتعْزيز. يقال: أَطْرَدَه السلطان وطَرَّده إذا أَخرجه
عن بلده، وطرَدَه إذا أَبْعَده؛ ويروى: اطْرُدُوا المعترفين كأَنه كره لهم
ذلك وأَحبّ أَن يستروه على أَنفسهم. والعُرْفُ: الاسم من الاعْتِرافِ؛
ومنه قولهم: له عليّ أَلْفٌ عُرْفاً أَي اعتِرافاً، وهو توكيد.
ويقال: أَتَيْتُ مُتنكِّراً ثم اسْتَعْرَفْتُ أَي عرَّفْته من أَنا؛ قال
مُزاحِمٌ العُقَيْلي:
فاسْتَعْرِفا ثم قُولا: إنَّ ذا رَحِمٍ
هَيْمان كَلَّفَنا من شأْنِكُم عَسِرا
فإنْ بَغَتْ آيةً تَسْتَعْرِفانِ بها،
يوماً، فقُولا لها العُودُ الذي اخْتُضِرا
والمَعْرُوف: ضدُّ المُنْكَر. والعُرْفُ: ضدّ النُّكْر. يقال: أَوْلاه
عُرفاً أَي مَعْروفاً. والمَعْروف والعارفةُ: خلاف النُّكر. والعُرْفُ
والمعروف: الجُود، وقيل: هو اسم ما تبْذُلُه وتُسْديه؛ وحرَّك الشاعر ثانيه
فقال:
إنّ ابنَ زَيْدٍ لا زالَ مُسْتَعْمِلاً
للخَيْرِ، يُفْشِي في مِصْرِه العُرُفا
والمَعْروف: كالعُرْف. وقوله تعالى: وصاحِبْهما في الدنيا معروفاً، أَي
مصاحباً معروفاً؛ قال الزجاج: المعروف هنا ما يُستحسن من الأَفعال. وقوله
تعالى: وأْتَمِرُوا بينكم بمعروف، قيل في التفسير: المعروف الكسْوة
والدِّثار، وأَن لا يقصّر الرجل في نفقة المرأَة التي تُرْضع ولده إذا كانت
والدته، لأَن الوالدة أَرْأَفُ بولدها من غيرها، وحقُّ كل واحد منهما أَن
يأْتمر في الولد بمعروف. وقوله عز وجل: والمُرْسَلات عُرْفاً؛ قال بعض
المفسرين فيها: إنها أُرْسِلَت بالعُرف والإحسان، وقيل: يعني الملائكة
أُرسلوا للمعروف والإحسان. والعُرْفُ والعارِفة والمَعروفُ واحد: ضد النكر،
وهو كلُّ ما تَعْرِفه النفس من الخيْر وتَبْسَأُ به وتَطمئنّ إليه، وقيل:
هي الملائكة أُرسلت مُتتابعة. يقال: هو مُستعار من عُرْف الفرس أَي
يتتابَعون كعُرْف الفرس. وفي حديث كعْب بن عُجْرةَ: جاؤوا كأَنَّهم عُرْف أَي
يتْبَع بعضهم بعضاً، وقرئت عُرْفاً وعُرُفاً والمعنى واحد، وقيل:
المرسلات هي الرسل. وقد تكرَّر ذكر المعروف في الحديث، وهو اسم جامع لكل ما عُرف
ما طاعة اللّه والتقرّب إليه والإحسان إلى الناس، وكل ما ندَب إليه
الشرعُ ونهى عنه من المُحَسَّنات والمُقَبَّحات وهو من الصفات الغالبة أَي
أَمْر مَعْروف بين الناس إذا رأَوْه لا يُنكرونه. والمعروف: النَّصَفةُ
وحُسْن الصُّحْبةِ مع الأَهل وغيرهم من الناس، والمُنكَر: ضدّ ذلك جميعه.
وفي الحديث: أَهل المعروف في الدنيا هم أَهل المعروف في الآخرة أَي مَن بذل
معروفه للناس في الدنيا آتاه اللّه جزاء مَعروفه في الآخرة، وقيل: أَراد
مَن بذل جاهَه لأَصحاب الجَرائم التي لا تبلُغ الحُدود فيَشفع فيهم
شفَّعه اللّه في أَهل التوحيد في الآخرة. وروي عن ابن عباس، رضي اللّه عنهما،
في معناه قال: يأْتي أَصحاب المعروف في الدنيا يوم القيامة فيُغْفر لهم
بمعروفهم وتَبْقى حسناتُهم جامّة، فيُعطونها لمن زادت سيئاته على حسناته
فيغفر له ويدخل الجنة فيجتمع لهم الإحسان إلى الناس في الدنيا والآخرة؛
وقوله أَنشده ثعلب:
وما خَيْرُ مَعْرُوفِ الفَتَى في شَبابِه،
إذا لم يَزِدْه الشَّيْبُ، حِينَ يَشِيبُ
قال ابن سيده: قد يكون من المعروف الذي هو ضِد المنكر ومن المعروف الذي
هو الجود. ويقال للرجل إذا ولَّى عنك بِوده: قد هاجت مَعارِفُ فلان؛
ومَعارِفُه: ما كنت تَعْرِفُه من ضَنِّه بك، ومعنى هاجت أَي يبِست كما يَهيج
النبات إذا يبس. والعَرْفُ: الرّيح، طيّبة كانت أَو خبيثة. يقال: ما
أَطْيَبَ عَرْفَه وفي المثل: لا يعْجِز مَسْكُ السَّوْء عن عَرْفِ السَّوْء؛
قال ابن سيده: العَرف الرائحة الطيبة والمُنْتِنة؛ قال:
ثَناء كعَرْفِ الطِّيبِ يُهْدَى لأَهْلِه،
وليس له إلا بني خالِدٍ أَهْلُ
وقال البُرَيق الهُذلي في النَّتن:
فَلَعَمْرُ عَرْفِك ذي الصُّماحِ، كما
عَصَبَ السِّفارُ بغَضْبَةِ اللِّهْمِ
وعَرَّفَه: طَيَّبَه وزَيَّنَه. والتعْرِيفُ: التطْييبُ من العَرْف.
وقوله تعالى: ويُدخِلهم الجنة عرَّفها لهم، أَي طَيَّبها؛ قال الشاعر يمدح
رجلاً:
عَرُفْتَ كإتْبٍ عَرَّفَتْه اللطائمُ
يقول: كما عَرُفَ الإتْبُ وهو البقِيرُ. قال الفراء: يعرفون مَنازِلهم
إذا دخلوها حتى يكون أَحدهم أَعْرَف بمنزله إذا رجع من الجمعة إلى أَهله؛
قال الأَزهري: هذا قول جماعة من المفسرين، وقد قال بعض اللغويين عرَّفها
لهم أَي طيَّبها. يقال: طعام معرَّف أَي مُطيَّب؛ قال الأَصمعي في قول
الأَسود ابن يَعْفُرَ يَهْجُوَ عقال بن محمد بن سُفين:
فتُدْخلُ أَيْدٍ في حَناجِرَ أُقْنِعَتْ
لِعادَتِها من الخَزِيرِ المُعَرَّفِ
قال: أُقْنِعَتْ أَي مُدَّت ورُفِعَت للفم، قال وقال بعضهم في قوله:
عَرَّفها لهم؛ قال: هو وضعك الطعام بعضَه على بعض. ابن الأَعرابي: عَرُف
الرجلُ إذا أَكثر من الطِّيب، وعَرِفَ إذا ترَكَ الطِّيب. وفي الحديث: من
فعل كذا وكذا لم يجد عَرْف الجنة أَي ريحَها الطيِّبة. وفي حديث عليّ، رضي
اللّه عنه: حبَّذا أَرض الكوفة أَرضٌ سَواء سَهلة معروفة أَي طيّبة
العَرْفِ، فأَما الذي ورد في الحديث: تَعَرَّفْ إلى اللّه في الرَّخاء
يَعْرِفْك في الشدَّة، فإنَّ معناه أَي اجعله يَعْرِفُكَ بطاعتِه والعَمَلِ فيما
أَوْلاك من نِعمته، فإنه يُجازِيك عند الشدَّة والحاجة إليه في الدنيا
والآخرة.
وعرَّف طَعامه: أَكثر أُدْمَه. وعرَّف رأْسه بالدُّهْن: رَوَّاه.
وطارَ القَطا عُرْفاً عُرْفاً: بعضُها خلْف بعض. وعُرْف الدِّيك
والفَرَس والدابة وغيرها: مَنْبِتُ الشعر والرِّيش من العُنق، واستعمله الأَصمعي
في الإنسان فقال: جاء فلان مُبْرَئلاً للشَّرِّ أَي نافِشاً عُرفه،
والجمع أَعْراف وعُروف. والمَعْرَفة، بالفتح: مَنْبِت عُرْف الفرس من الناصية
إلى المِنْسَج، وقيل: هو اللحم الذي ينبت عليه العُرْف. وأَعْرَفَ
الفَرسُ: طال عُرفه، واعْرَورَفَ: صار ذا عُرف. وعَرَفْتُ الفرس: جزَزْتُ
عُرْفَه. وفي حديث ابن جُبَير: ما أَكلت لحماً أَطيَبَ من مَعْرَفة
البِرْذَوْن أَي مَنْبت عُرْفه من رَقَبته. وسَنام أَعْرَفُ: طويل ذو عُرْف؛ قال
يزيد بن الأَعور الشني:
مُسْتَحْملاً أَعْرَفَ قد تَبَنَّى
وناقة عَرْفاء: مُشْرِفةُ السَّنام. وناقة عرفاء إذا كانت مذكَّرة تُشبه
الجمال، وقيل لها عَرْفاء لطُول عُرْفها. والضَّبُع يقال لها عَرْفاء
لطول عُرفها وكثرة شعرها؛ وأَنشد ابن بري للشنْفَرَى:
ولي دُونكم أَهْلون سِيدٌ عَمَلَّسٌ،
وأَرْقَطُ زُهْلُولٌ وعَرْفاء جَيأَلُ
وقال الكميت:
لها راعِيا سُوءٍ مُضِيعانِ منهما:
أَبو جَعْدةَ العادِي، وعَرْفاء جَيْأَلُ
وضَبُع عَرفاء: ذات عُرْف، وقيل: كثيرة شعر العرف. وشيء أَعْرَفُ: له
عُرْف. واعْرَوْرَفَ البحرُ والسيْلُ: تراكَم مَوْجُه وارْتَفع فصار له
كالعُرف. واعْرَوْرَفَ الدَّمُ إذا صار له من الزبَد شبه العرف؛ قال الهذلي
يصف طَعْنَة فارتْ بدم غالب:
مُسْتَنَّة سَنَنَ الفُلُوّ مرِشّة،
تَنْفِي التُّرابَ بقاحِزٍ مُعْرَوْرِفِ
(* قوله «الفلوّ» بالفاء المهر، ووقع في مادتي قحز ورشّ بالغين.)
واعْرَوْرَفَ فلان للشرّ كقولك اجْثَأَلَّ وتَشَذَّرَ أَي تهيَّاَ.
وعُرْف الرمْل والجبَل وكلّ عالٍ ظهره وأَعاليه، والجمع أَعْراف وعِرَفَة
(*
قوله «وعرفة» كذا ضبط في الأصل بكسر ففتح.) وقوله تعالى: وعلى الأَعْراف
رِجال؛ الأَعراف في اللغة: جمع عُرْف وهو كل عال مرتفع؛ قال الزجاج:
الأَعْرافُ أَعالي السُّور؛ قال بعض المفسرين: الأعراف أَعالي سُور بين أَهل
الجنة وأَهل النار، واختلف في أَصحاب الأَعراف فقيل: هم قوم استوت
حسناتهم وسيئاتهم فلم يستحقوا الجنة بالحسنات ولا النار بالسيئات، فكانوا على
الحِجاب الذي بين الجنة والنار، قال: ويجوز أَن يكون معناه، واللّه أَعلم،
على الأَعراف على معرفة أَهل الجنة وأَهل النار هؤلاء الرجال، فقال قوم:
ما ذكرنا أَن اللّه تعالى يدخلهم الجنة، وقيل: أَصحاب الأعراف أَنبياء،
وقيل: ملائكة ومعرفتهم كلاً بسيماهم أَنهم يعرفون أَصحاب الجنة بأَن
سيماهم إسفار الوجُوه والضحك والاستبشار كما قال تعالى: وجوه يومئذ مُسْفرة
ضاحكة مُستبشرة؛ ويعرِفون أَصحاب النار بسيماهم، وسيماهم سواد الوجوه
وغُبرتها كما قال تعالى: يوم تبيضُّ وجوه وتسودّ وجوه ووجوه يومئذ عليها
غَبَرة ترهَقها قترة؛ قال أَبو إسحق: ويجوز أَن يكون جمعه على الأَعراف على
أَهل الجنة وأَهل النار. وجبَل أَعْرَفُ: له كالعُرْف. وعُرْفُ الأَرض: ما
ارتفع منها، والجمع أَعراف. وأَعراف الرِّياح والسحاب: أَوائلها
وأَعاليها، واحدها عُرْفٌ. وحَزْنٌ أَعْرَفُ: مرتفع. والأَعرافُ: الحَرْث الذي
يكون على الفُلْجانِ والقَوائدِ.
والعَرْفةُ: قُرحة تخرج في بياض الكف. وقد عُرِف، وهو مَعْروف: أَصابته
العَرْفةُ.
والعُرْفُ: شجر الأُتْرُجّ. والعُرف: النخل إذا بلغ الإطْعام، وقيل:
النخلة أَوَّل ما تطعم. والعُرْفُ والعُرَفُ: ضرب من النخل بالبحرَيْن.
والأعراف: ضرب من النخل أَيضاً، وهو البُرْشُوم؛ وأَنشد بعضهم:
نَغْرِسُ فيها الزَّادَ والأَعْرافا،
والنائحي مسْدفاً اسُدافا
(* قوله «والنائحي إلخ» كذا بالأصل.)
وقال أَبو عمرو: إذا كانت النخلة باكوراً فهي عُرْف. والعَرْفُ: نَبْت
ليس بحمض ولا عِضاه، وهو الثُّمام.
والعُرُفَّانُ والعِرِفَّانُ: دُوَيْبّةٌ صغيرة تكون في الرَّمْل، رمْلِ
عالِج أَو رمال الدَّهْناء. وقال أَبو حنيفة: العُرُفَّان جُنْدَب ضخم
مثل الجَرادة له عُرف، ولا يكون إلا في رِمْثةٍ أَو عُنْظُوانةٍ.
وعُرُفَّانُ: جبل. وعِرِفَّان والعِرِفَّانُ: اسم. وعَرَفةُ وعَرَفاتٌ: موضع
بمكة، معرفة كأَنهم جعلوا كل موضع منها عرفةَ، ويومُ عرفةَ غير منوّن ولا
يقال العَرفةُ، ولا تدخله الأَلف واللام. قال سيبويه: عَرفاتٌ مصروفة في
كتاب اللّه تعالى وهي معرفة، والدليل على ذلك قول العرب: هذه عَرفاتٌ
مُبارَكاً فيها، وهذه عرفات حسَنةً، قال: ويدلك على معرفتها أَنك لا تُدخل فيها
أَلفاً ولاماً وإنما عرفات بمنزلة أَبانَيْنِ وبمنزلة جمع، ولو كانت
عرفاتٌ نكرة لكانت إذاً عرفاتٌ في غير موضع، قيل: سمي عَرفةَ لأَن الناس
يتعارفون به، وقيل: سمي عَرفةَ لأَن جبريل، عليه السلام، طاف بإبراهيم، عليه
السلام، فكان يريه المَشاهِد فيقول له: أَعرفْتَ أَعرفت؟ فيقول إبراهيم:
عرفت عرفت، وقيل: لأَنّ آدم، صلى اللّه على نبينا وعليه السلام، لما هبط
من الجنة وكان من فراقه حوَّاء ما كان فلقيها في ذلك الموضع عَرَفها
وعرَفَتْه. والتعْريفُ: الوقوف بعرفات؛ ومنه قول ابن دُرَيْد:
ثم أَتى التعْريفَ يَقْرُو مُخْبِتاً
تقديره ثم أَتى موضع التعريف فحذف المضاف وأَقام المضاف إليه مقامه.
وعَرَّف القومُ: وقفوا بعرفة؛ قال أَوْسُ بن مَغْراء:
ولا يَريمون للتعْرِيفِ مَوْقِفَهم
حتى يُقال: أَجيزُوا آلَ صَفْوانا
(* قوله «صفوانا» هو هكذا في الأصل، واستصوبه المجد في مادة صوف راداً
على الجوهري.)
وهو المُعَرَّفُ للمَوْقِف بعَرَفات. وفي حديث ابن عباس، رضي اللّه
عنهما: ثم مَحِلُّها إلى البيت العتيق وذلك بعد المُعَرَّفِ، يريد بعد
الوُقوف بعرفةَ. والمُعَرَّفُ في الأَصل: موضع التعْريف ويكون بمعنى المفعول.
قال الجوهري: وعَرَفات موضع بِمنًى وهو اسم في لفظ الجمع فلا يُجْمع، قال
الفراء: ولا واحد له بصحة، وقول الناس: نزلنا بعَرفة شَبيه بمولَّد، وليس
بعربي مَحْض، وهي مَعْرِفة وإن كان جمعاً لأَن الأَماكن لا تزول فصار
كالشيء الواحد، وخالف الزيدِين، تقول: هؤلاء عرفاتٌ حسَنةً، تَنْصِب النعتَ
لأَنه نكِرة وهي مصروفة، قال اللّه تعالى: فإذا أَفَضْتُم من عَرفاتٍ؛
قال الأَخفش: إنما صرفت لأَن التاء صارت بمنزلة الياء والواو في مُسلِمين
ومسلمون لأنه تذكيره، وصار التنوين بمنزلة النون، فلما سمي به تُرِك على
حاله كما تُرِك مسلمون إذا سمي به على حاله، وكذلك القول في أَذْرِعاتٍ
وعاناتٍ وعُرَيْتِنات
والعُرَفُ: مَواضِع منها عُرفةُ ساقٍ وعُرْفةُ الأَملَحِ وعُرْفةُ
صارةَ. والعُرُفُ: موضع، وقيل جبل؛ قال الكميت:
أَهاجَكَ بالعُرُفِ المَنْزِلُ،
وما أَنْتَ والطَّلَلُ المُحْوِلُ؟
(* قوله «أهاجك» في الصحاح ومعجم ياقوت أأبكاك.)
واستشهد الجوهري بهذا البيت على قوله العُرْف. والعُرُفُ: الرمل
المرتفع؛ قال: وهو مثل عُسْر وعُسُر، وكذلك العُرفةُ، والجمع عُرَف وأَعْراف.
والعُرْفَتانِ: ببلاد بني أَسد؛ وأَما قوله أَنشده يعقوب في البدل:
وما كنْت ممّنْ عَرَّفَ الشَّرَّ بينهم،
ولا حين جَدّ الجِدُّ ممّن تَغَيَّبا
فليس عرَّف فيه من هذا الباب إنما أَراد أَرَّث، فأَبدل الأَلف لمكان
الهمزة عيْناً وأَبدل الثاء فاء. ومَعْروف: اسم فرس الزُّبَيْر بن العوّام
شهد عليه حُنَيْناً. ومعروف أَيضاً: اسم فرس سلمةَ بن هِند الغاضِريّ من
بني أَسد؛ وفيه يقول:
أُكَفِّئُ مَعْرُوفاً عليهم كأَنه،
إذا ازْوَرَّ من وَقْعِ الأَسِنَّةِ أَحْرَدُ
ومَعْرُوف: وادٍ لهم؛ أَنشد أَبو حنيفة:
وحتى سَرَتْ بَعْدَ الكَرى في لَوِيِّهِ
أَساريعُ مَعْروفٍ، وصَرَّتْ جَنادِبُهْ
وذكر في ترجمة عزف: أَن جاريتين كانتا تُغَنِّيان بما تَعازَفَت
الأَنصار يوم بُعاث، قال: وتروى بالراء المهملة أَي تَفاخَرَتْ.
ضرج: ضَرَجَ الثوبَ وغيرَه: لَطَخه بالدم ونحوِه من الحُمْرة، وقد يكون
بالصُّفرة؛ قال يصف السَّراب على وجه الأَرض:
في قَرْقَرٍ بِلُعاب الشمس مَضْرُوج
يعني السراب. وضَرَّجَه فَتَضَرَّج، وثوبٌ ضَرِج وإِضْرِيج: مُتَضَرِّج
بالحمرة أَو الصُّفرة؛ وقيل: الإِضْريجُ صِبغ أَحمر، وثوبٌ مُضَرَّج، من
هذا؛ وقيل: لا يكون الإِضْريجُ إِلاَّ من خَزٍّ.
وتَضَرَّج بالدَّم أَي تَلَطَّخ. وفي الحديث: مَرَّ بي جعفر في نَفَرٍ
من الملائكة مضَرَّج الجناحين بالدم أَي مُلَطَّخاً. وكل شيء تَلَطَّخ
بشيء، بِدَمٍ أَو غيره، فقد تَضَرَّج؛ وقد ضُرِّجَتْ أَّثوابه بدم النَّجيع.
ويقال: ضَرَّج أَنْفَه بدم إِذا أَدْماه؛ قال مُهَلْهِل:
لَوْ بِأَبانَيْنِ جاء يَخْطُبُها،
ضُرِّجَ ما أَنْفُ خاطبٍ بدَمِ
وفي كتابه لِوائِلٍ: وضَرَّجُوه بالأَضامِيم أَي دَمّوه بالضَّرْب.
وقال اللحياني: الإِضْريجُ الخَزُّ الأَحمر؛ وأَنشد:
وأَكْسِيةُ الإِضْريجِ فَوْقَ المَشاجِبِ
يعني أَكْسِيةَ خَزٍّ حُمْراً؛ وقيل: هو الخز الأَصفر؛ وقيل: هو كساء
يُتخذ من جَيّد المِرْعِزَّى. اللَّيثُ: الإِضريجُ الأَكسية تتخذ من
المِرْعِزَّى من أَجوده. والإِضْريجُ: ضرب من الأَكسية أَصفر.
وضَرَجَ الشيءَ ضَرْجاً فانْضَرَج، وضَرَّجه فتَضَرَّج: شقَّه.
والضَّرْج: الشَّقُّ؛ قال ذو الرُّمة يصف نساء:
ضَرَجْنَ البُرُودَ عن تَرائب حُرَّةٍ
أَي شَقَقْنَ، ويروى بالحاء أَي أَلقين. وفي حديث المرأَة: صاحبة
المَزادَتَيْن تَكاد تَتَضَرَّجُ من المِلْءِ أَي تنشقُّ. وتَضَرَّج الثوبُ:
انشقَّ؛ وقال هميان يصف أَنياب الفَحل:
أَوْسَعْنَ من أَنيابه المَضارِجِ
والمَضَارِج: المَشاقُّ. وتَضَرَّح الثوب إِذا تَشَقَّقَ. وضَرَّجْت
الثوب تَضْريجاً إِذا صَبَغْته بالحرة، وهو دون المُشْبَع وفوق المُوَرَّدِ.
وفي الحديث: وعَلَيَّ رَيْطَة مُضَرَّجَة أَي ليس صِبْغها بالمُشْبَع.
والمَضارِجُ: الثياب الخُلْقان تبتذل مثل المَعاوِز؛ قاله أَبو عبيد:
واحدُها مِضْرَج. وعينٌ مَضْرُوجة: واسعة الشَّقِّ نَجْلاء؛ قال ذو
الرمة:تَبَسَّمْنَ عن نَوْرِ الأَقاحِيِّ في الثَّرَى،
وفَتَّرْنَ عن أَبصارِ مَضْرُوجَةٍ نُجْلِ
وانْضَرَجَت لنا الطريق: اتَّسَعت. والانْضِراج: الاتِّساع؛ قال الشاعر:
أَمَرْتُ له بِرَاحِلةٍ وبُرْدٍ
كَريمٍ، في حَواشِيه انْضِرَاجُ
وانْضَرَج ما بين القوم: تَباعد ما بينهم. وانْضَرَج الشجر: انشقَّت
عُيونُ ورَقِه وبَدَتْ أطرافه. وتَضَرَّجَتْ عن البَقْل لَفائِفُه إِذا
انفتحت، وإِذا بَدَتْ ثمار البُقول من أَكْمامِها، قيل: انْضَرَجَتْ عنها
لفائفُها أَي انْفتحتْ. والانْضِراج: الانْشقاق؛ قال ذو الرمة:
مِمَّا تَعالَتْ مِنَ البُهْمَى ذَوَائِبُها
بالصَّيْفِ، وانْضَرَجَتْ عنه الأَكامِيمُ
تَعالَت: ارتفعت. وذَوائبها: سَفاها. والأَكامِيم جمع أَكْمام، وأَكْمام
جمع كِمٍّ، وهو الذي يكون فيه الزَّهْرُ.
وضَرَجَ النار يَضْرِجها: فتح لها عيناً؛ رواه أَبو حنيفة.
وانضَرَجَتِ العُقاب: انحطَّت من الجَوِّ كاسرةً. وانْضَرَج البازي عن
الصيد إِذا انْقَضَّ؛ قال امرؤ القيس:
كَتَيْسِ الظِّباء الأَعْفَرِ، انْضَرَجَتْ لَهُ
عُقابٌ، تَدَلَّتْ من شَمارِيخ ثَهْلانِ
وقيل: انْضَرَجَتْ انْبَرَتْ له؛ وقيل: أَخَذَتْ في شِقٍّ. أَبو سعيد:
تَضْريج الكلام في المَعاذِير هو تَزْوِيقُه وتحسينه. ويقال: خير ما
ضُرِّج به الصدقُ، وشَرُّ ما ضُرِّج به الكذِب. وفي النوادر: أَضْرَجَتِ
المرأَة جَيْبَها إِذا أَرْخَتْه. وضُرِّجتِ الإِبل أَي رَكَضْناها في
الغَارَة؛ وضَرَجتِ الناقة بِجِرَّتِها وجَرَضَتْ.
والإِضْريج: الجَيِّد من الخيل. أَبو عبيدة: الإِضريج من الخيل الجَواد
الكثير العَرَق؛ قال أَبو دُواد:
ولقد أَغْتَدِي، يُدافِع رُكْنِي
أَجْوَلِيٌّ ذُو مَيْعَةٍ، إِضْرِيجُ
وقال: الإِضْريج الواسِع اللَّبَان؛ وقيل: الإِضْريجُ الفرس الجَواد
الشديد العَدْوِ. وعَدْوٌ ضَرِيجٌ: شديد؛ قال أَبو ذؤيب:
جِرَاءٌ وَشَدٌّ كالحَريق ضَرِيجُ
والضَّرْجَة والضَّرَجَة: ضَرْب من الطير.
وضَارِج: اسم موضع معروف؛ قال امرؤ القيس:
تَيَمَّمَتِ العَيْنَ التي عند ضارِجٍ،
يَفِيءُ عليها الظِّلُّ، عَرْمَضُها طامي
قال ابن بَرِّي: ذكر النحاس أَن الرواية في البيت يفيءُ عليها
الطَّلْحُ، ورَوَى بإِسناد ذكره أَنه وفَدَ قوم من اليَمَن على النبي، صلى الله
عليه وسلم، فقالوا: يا رسول الله، أَحيانا الله ببيتين من شعر امرئ القيس
ابن حُجْر، قال: وكيف ذلك؟ قالوا: أَقبلنا نريدك فضَلَلْنا الطريق فبقينا
ثَلاثاً بغير ماء، فاستظللنا بالطَّلْح والسَّمُرِ، فأَقبل راكب مــتلثِّم
بعمامة وتمثل رجل ببيتين، وهما:
ولَّمَّا رأَتْ أَن الشَّرِيعة هَمُّها،
وأَنَّ البَياض من فَرائِصِها دَامي،
تيَمَّمتِ العَين التي عند ضارِج،
يفيءُ عليها الطّلح، عَرمَضها طامي
فقال الراكب: من يقول هذا الشعر؟ قال: امرؤ القيس بن حجر، قال: والله ما
كذب، هذا ضارِج عندكم، قال: فَجَثَوْنا على الرُّكَب إِلى ماء، كما
ذكَر، وعليه العَرْمَض يفيء عليه الطَّلْح، فشربْنا رِيَّنا، وحملْنا ما
يكفينا ويُبَلِّغُنا الطريق، فقال النبي، صلى الله عليه وسلم: ذاك رجل مذكور
في الدنيا شريف فيها، منسيٌّ في الآخرة خامل فيها، يجيء يوم القيامة معه
لواء الشعراء إِلى النار؛ وقوله:
ولما رأَتْ أَن الشَّريعة هَمُّها
الشَّريعة: مورد الماء الذي تَشْرَع فيه الدَّوابُّ. وهمُّها: طلبها،
والضمير في رأَتْ للحُمُر؛ يريد أَن الحمر لما أَرادت شَرِيعة الماء وخافت
على أَنفسها من الرُّماة، وأَن تَدْمَى فرائصها من سهامها، عدلت إِلى
ضارِج لعدم الرُّماة على العَيْنِ التي فيه. وضارِج: موضع في بلاد بني
عَبْس. والعَرْمَض: الطُّحْلُب. وطامي: مرتفع.
غطي: غَطَى الشَّبابُ غَطْياً وغُطِيّاً: امْتَلأَ. يقال للرجُلِ إِذا
امْتَلأَ شَباباً: غَطَى يَغْطِي غَطْياً وغُطِيّاً؛ قال رجل من قيس:
يَحْمِلْنَ سِرْباً غَطَى فيه الشَّبابُ مَعاً،
وأَخْطَأَتْه عُيونُ الجِنِّ والحَسَدُ
وهذا البيت في الصحاح:
وأَخْطأَتْه عيونُ الجِنِّ والحَسَدَهْ
قال ابن سيده: وكذلك أَنشده أَبو عبيد؛ ابن بري: قال ابن الأَنباري
أَكثرُ الناسِ يروي هذا البيت:
وأَخْطأَتْه عيونُ الجِنِّ والحَسَدَهْ
وإِنما هو:
وأَخْطأَتْه عيونُ الجنِّ والحَسَدُ
وبعده:
ساجِي العُيونِ غَضِيض الطَّرْفِ تَحْسِبُه
يوماً، إِذا ما مَشى، في لِينِه أَوَدُ
اللحياني: غَطاهُ الشبابُ يَغْطِيه غَطْياً وغُطِيّاً وغَطَّاه كلاهما
أَلْبَسَه، وغَطَاه الليلُ وغَطَّاه: أَلْبَسَه ظُلْمَته؛ عنه أَيضاً.
وغَطَتِ الشَجرة وأَغْطتْ: طالَتْ أَغْصانُها وانْبَسَطَت على الأَرض
فأَلْبَسَت ما حولها؛ وقوله أَنشده ابن قتيبة:
ومِن تَعاجِيبِ خَلْقِ اللهِ غاطِيَةٌ،
يُعْصَرُ منها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
إِنما عَنى به الداليَةَ، وذلك لسُمُوِّها وبُسُوقها وانتِشارِها
وإِلْباسِها. المفضل: يقال للكَرْمةِ الكثيرةِ النَّوامي غاطِيةٌ. والنَّوامي:
الأَغْصانُ، واحِدَتُها نامِيةٌ. وغَطَى الشيءَ يَغْطِيه غَطْياً وغَطَّى
عليه وأَغْطاه وغَطَّاه: سَتَره وعَلاه؛ قال:
أَنا ابنُ كِلابٍ وابنُ أَوْسٍ، فمَنْ يَكُنْ
قِناعُه مَغْطِيّاً فإِني مُجْتَلى
وفي التهذيب: فإني لَمُجْتَلى. وفلانٌ مَغْطِيُّ القِناعِ إِذا كان
خامِلَ الذِّكْرِ؛ وقال حسان:
رُبَّ حِلْمٍ أَضاعه عَدَمُ الما
ل، وجَهْلٍ غَطَّى عليه النَّعِيمُ
قال أَبو عبد الله بنُ الأَعرابي: حُكِيَ أَنَّ حسانَ بنَ ثابت صاحَ
قبلَ النُّبوّة فقال: يا بَني قَيْلةَ، يا بَني قَيْلة قال: فجاءه
الأَنصارُ يْهْرَ عُونَ إِليه قالوا: ما دَهاكَ؟ قال لهم: قلتُ الساعةَ بيتاً
خَشِيتُ أَن أَموتَ فيَدّعِيَه غيري قالوا: هاتِه، فأَنشَدهم هذا
البيت:رُبَّ حِلْمٍ أَضاعَه عَدَمُ المالِ
والغِطاءُ: ما غُطِّيَ به. وفي الحديث: أَنه نَهَى أَن يُغَطِّيَ الرجلُ
فاهُ في الصلاةِ. ابن الأَثير: من عادة العرب الــتَّلَثُّم بالعَمائمِ
على الأَفْواه فنُهوا عن ذلك في الصلاة، فإِنْ عَرَضَ له التَّثاؤب جاز له
أَن يُغَطِّيه بثَوْبه أَو يده لحديث ورد فيه. وقالوا: اللهمَّ أَغْطِ
على قَلْبه أَي غَشِّ قلْبَه. وفعَلَ به ما غطاه أَي ما ساءَه. وماءٌ غاطٍ:
كثيرٌ، وقد غَطى يَغْطِي؛ قال الشاعر:
يَمُرُّ كمُزْبِدِ الأَعْرافِ غاطِ
ابن سيده: وغَطا الشيءَ غَطْواً وغَطَّاه تَغْطِيةً وأَغْطاه واراهُ
وسَتَرَه. قال: وهذه الكلمة واويَّة وبائيَّة، والجمع الأَغْطِيَة، وقد
تَغَطَّى. والغِطاءُ: ما تَغَطَّى به أَو غَطَّى به غيرَه. والغِطايةُ: ما
تغَطَّتْ به المرأَةُ من حشْو الثياب تحت ثيابها كالغِلالة ونحوها، قُلبَت
الواو فيها ياء طَلَبَ الخفَّة مع قربِ الكسرة.
وغَطا الليلُ يَغْطُو ويَغْطِي غُطْواً وغَطُوّاً إِذا غَسا وأَظْلَم،
وقيل: ارْتَفَع وغَشَّى كلَّ شيءٍ وأَلبسه، وغَطا الماء. وكل شيءٍ
ارْتَفَع وطالَ على شيءٍ فقدْ غَطا عليه؛ قال ساعدة بن جُؤيَّة:
كذَوائِب الحَفاءِ الرَّطِيبِ غَطا به
عَبْلٌ، ومَدَّ بجانبيه الطُّحْلُبُ
غَطا به: ارْتَفَع. وليلٌ غاطٍ: مظْلِمٌ؛ قال العجاج:
حتى تَلا أَعْجازَ لَيْلٍ غاطِ
ويقال: غَطا عليهم البَلاءُ. وأَغْطَى الكَرْمُ: جَرى الماءُ فيه وزادَ،
وكلُّ ذلك مذكورٌ في الواو والياء،
نقب: النَّقْبُ: الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان، نَقَبه يَنْقُبه نَقْباً.
وشيءٌ نَقِـيبٌ: مَنْقُوب؛ قال أَبو ذؤَيب:
أَرِقْتُ لذِكْرِه، مِنْ غيرِ نَوْبٍ، * كَما يَهْتاجُ مَوْشِـيٌّ نَقِـيبُ
يعني بالـمَوْشِـيِّ يَراعةً. ونَقِبَ الجِلْدُ نَقَباً؛ واسم تلك النَّقْبة نَقْبٌ أَيضاً.
ونَقِبَ البعيرُ، بالكسر، إِذا رَقَّتْ أَخْفافُه.
وأَنْقَبَ الرجلُ إِذا نَقِبَ بعيرُه. وفي حديث عمر،
رضي اللّه عنه: أَتاه أَعرابيّ فقال: إِني على ناقة دَبْراءَ عَجْفاءَ نَقْباءَ، واسْتَحْمَله فظنه كاذباً، فلم يَحْمِلْه، فانطَلَقَ وهو يقول:
أَقْسَمَ باللّهِ أَبو حَفْصٍ عُمَرْ: * ما مَسَّها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ
أَراد بالنَّقَبِ ههنا: رِقَّةَ الأَخْفافِ. نَقِبَ البعيرُ يَنْقَبُ، فهو نَقِبٌ.
وفي حديثه الآخر قال لامرأَةٍ حَاجَّةٍ: أَنْقَبْتِ وأَدْبَرْتِ أَي
نَقِبَ بعيرُك ودَبِرَ. وفي حديث علي، عليه السلام: ولْيَسْـتَأْنِ
بالنَّقِبِ والظَّالِـع أَي يَرْفُقْ بهما، ويجوز أَن يكون من الجَرَب.
وفي حديث أَبي موسى: فنَقِـبَتْ أَقْدامُنا أَي رَقَّتْ جُلودُها،
وتَنَفَّطَتْ من الـمَشْيِ. ونَقِبَ الخُفُّ الملبوسُ نَقَباً: تَخَرَّقَ، وقيل: حَفِـيَ. ونَقِبَ خُفُّ البعير نَقَباً إِذا حَفِـيَ حتى يَتَخَرَّقَ فِرْسِنُه، فهو نَقِبٌ؛ وأَنْقَبَ كذلك؛ قال كثير عزة:
وقد أَزْجُرُ العَرْجاءَ أَنْقَبُ خُفُّها، * مَناسِمُها لا يَسْتَبِلُّ رَثِـيمُها
أَراد: ومَناسِمُها، فحذف حرف العطف، كما قال: قَسَمَا الطَّارِفَ
التَّلِـيدَ؛ ويروى: أَنْقَبُ خُفِّها مَناسِمُها.
والـمَنْقَبُ من السُّرَّة: قُدَّامُها، حيث يُنْقَبُ البَطْنُ، وكذلك هو من الفرس؛ وقيل: الـمَنْقَبُ السُّرَّةُ نَفْسُها؛ قال النابغة الجعدي يصف الفرس:
كأَنَّ مَقَطَّ شَراسِـيفِه، * إِلى طَرَفِ القُنْبِ فالـمَنْقَبِ،
لُطِمْنَ بتُرْسٍ، شديد الصِّفَا * قِ، من خَشَبِ الجَوْز، لم يُثْقَبِ
والـمِنْقَبةُ: التي يَنْقُب بها البَيْطارُ، نادرٌ. والبَيْطارُ يَنْقُبُ في بَطْنِ الدابة بالـمِنْقَبِ في سُرَّته حتى يَسيل منه ماء أَصْفر؛ ومنه قول الشاعر:
كالسِّيدِ لم يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، * ولم يَسِمْه، ولم يَلْمِسْ له عَصَبا
ونَقَبَ البَيْطارُ سُرَّة الدابة؛ وتلك الحديدةُ مِنْقَبٌ، بالكسر؛ والمكان مَنْقَبٌ، بالفتح؛ وأَنشد الجوهري لـمُرَّة بن مَحْكَانَ:
أَقَبّ لم يَنْقُبِ البَيْطارُ سُرَّتَه، * ولم يَدِجْهُ، ولم يَغْمِزْ له عَصَبا
وفي حديث أَبي بكر، رضي اللّه عنه: أَنه اشْتَكَى عَيْنَه، فكَرِهَ أَنْ
يَنْقُبَها؛ قال ابن الأَثير: نَقْبُ العَيْنِ هو الذي تُسَمِّيه الأَطباءُ القَدْح، وهو مُعالجةُ الماءِ الأَسْودِ الذي يَحْدُثُ في العين؛ وأَصله أَن يَنْقُر البَيْطارُ حافر الدابة ليَخْرُجَ منه ما دَخل فيه. والأَنْقابُ: الآذانُ، لا أَعْرِفُ لها واحداً؛ قال القَطامِـيُّ:
كانتْ خُدُودُ هِجانِهِنَّ مُمالةً * أَنْقابُهُنَّ، إِلى حُداءِ السُّوَّقِ
ويروى: أَنَقاً بِهنَّ أَي إِعْجاباً بِهنَّ.
التهذيب: إِن عليه نُقْبةً أَي أَثَراً. ونُقْبةُ كُلِّ شيءٍ: أَثَرُه وهَيْـأَتُهُ.
والنُّقْبُ والنُّقَبُ: القِطَعُ المتفرّقَةُ من الجَرَب، الواحدة نُقْبة؛ وقيل: هي أَوَّلُ ما يَبْدُو من الجَرَب؛ قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّةِ:
مُتَبَذِّلاً، تَبدُو مَحاسِنُه، * يَضَعُ الـهِناءَ مواضِـعَ النُّقْبِ
وقيل: النُّقْبُ الجَرَبُ عامّةً؛ وبه فسر ثعلب قولَ أَبي محمدٍ،
الـحَذْلَـمِـيِّ:
وتَكْشِفُ النُّقْبةَ عن لِثامِها
يقول: تُبْرِئُ من الجَرَب. وفي الحديث: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قال: لا يُعْدي شيءٌ شيئاً؛ فقال أَعرابيٌّ: يا رسول اللّه، إِنَّ النُّقْبةَ تكون بِمِشْفَرِ البَعيرِ، أَو بذَنَبِه في الإِبل العظيمة،
فتَجْرَبُ كُلُّها؛ فقال النبي، صلى اللّه عليه وسلم: فما أَعْدى الأَوّلَ؟ قال الأَصمعي: النُّقْبةُ هي أَوَّل جَرَبٍ يَبْدُو؛ يقال للبعير: به نُقْبة، وجمعها نُقْبٌ، بسكون القاف، لأَنها تَنْقُبُ الجِلْد أَي تَخْرِقُه. قال أَبو عبيد: والنُّقْبةُ، في غير هذا، أَن تُـؤْخذَ القِطْعةُ من الثوب، قَدْرَ السَّراويلِ، فتُجْعل لها حُجْزةٌ مَخِـيطَةٌ، من غير
نَيْفَقٍ، وتُشَدّ كما تُشَدُّ حُجْزةُ السراويل، فإِذا كان لها نَيْفَقٌ
وساقانِ فهي سراويل، فإِذا لم يكن لها نَيْفَقٌ، ولا ساقانِ، ولا حُجْزة، فهو النِّطاقُ. ابن شميل: النُّقْبَةُ أَوَّلُ بَدْءِ الجَرَب، تَرَى
الرُّقْعَة مثل الكَفِّ بجَنْبِ البَعير، أَو وَرِكِه، أَو بِمِشْفَره، ثم
تَتَمَشَّى فيه، حتَّى تُشْرِيَه كله أَي تَمْلأَه؛ قال أَبو النجم يصف
فحلاً:
فاسْوَدَّ، من جُفْرتِه، إِبْطاها، * كما طَلى، النُّقْبةَ، طالِـياها
أَي اسْوَدَّ من العَرَق، حينَ سال، حتى كأَنه جَرِبَ ذلك الموضعُ،
فطُلِـيَ بالقَطِرانِ فاسْوَدَّ من العَرَق؛ والجُفْرةُ: الوَسَطُ.
والناقِـبةُ: قُرْحة تَخْرُجُ بالجَنْب. ابن سيده: النُّقْب قرْحة تَخْرج في الجَنْب، وتَهْجُمُ على الجوف، ورأْسُها من داخل.
ونَقَبَتْه النَّكْبةُ تَنْقُبه نَقْباً: أَصابته فبَلَغَتْ منه، كنَكَبَتْه.
والناقبةُ: داءٌ يأْخذ الإِنسانَ، من طُول الضَّجْعة. والنُّقْبة: الصَّدَأُ. وفي المحكم: والنُّقْبة صَدَأُ السيفِ والنَّصْلِ؛ قال لبيد:
جُنُوءَ الهالِكِـيِّ على يَدَيْهِ، * مُكِـبّاً، يَجْتَلي نُقَبَ النِّصالِ
ويروى: جُنُوحَ الهالِكِـيِّ.
والنَّقْبُ والنُّقْبُ: الطريقُ، وقيل: الطريقُ الضَّيِّقُ في الجَبل،
والجمع أَنْقابٌ، ونِقابٌ؛ أَنشد ثعلب لابن أَبي عاصية:
تَطَاوَلَ لَيْلي بالعراقِ، ولم يكن * عَليَّ، بأَنْقابِ الحجازِ، يَطُولُ
وفي التهذيب، في جمعه: نِقَبةٌ؛ قال: ومثله الجُرْفُ، وجَمْعُه
جِرَفَةٌ.والـمَنْقَبُ والـمَنْقَبةُ، كالنَّقْبِ؛ والـمَنْقَبُ، والنِّقابُ:
الطريق في الغَلْظِ؛ قال:
وتَراهُنَّ شُزَّباً كالسَّعالي، * يَتَطَلَّعْنَ من ثُغُورِ النِّقابِ
يكون جمعاً، ويكون واحداً.
والـمَنْقَبة: الطريق الضيق بين دارَيْنِ، لا يُسْتطاع سُلوكُه. وفي
الحديث: لا شُفْعةَ في فَحْل، ولا مَنْقَبةٍ؛ فسَّروا الـمَنْقبةَ بالحائط،
وسيأْتي ذكر الفحل؛ وفي رواية: لا شُفْعةَ في فِناءٍ، ولا طريقٍ، ولا مَنْقَبة؛ الـمَنْقَبةُ: هي الطريق بين الدارين، كأَنه نُقِبَ من هذه إِلى هذه؛ وقيل: هو الطريق التي تعلو أَنْشازَ الأَرض. وفي الحديث: إِنهم فَزِعُوا من الطاعون، فقال: أَرْجُو أَن لا يَطْلُع إِلينا نِقابَها؛ قال ابن الأَثير: هي جمع نَقْبٍ، وهو الطريق بين الجبلين؛ أَراد أَنه لا يَطْلُع إِلينا من طُرُق المدينة، فأَضْمَر عن غير مذكور؛ ومنه الحديث: على أَنْقابِ المدينةِ ملائكة، لا يَدْخُلُها الطاعُونُ، ولا الدجالُ؛ هو جمع قلة للنَّقْب.
والنَّقْبُ: أَن يجمع الفرسُ قوائمه في حُضْرِه ولا يَبْسُطَ يديه،
ويكون حُضْرُه وَثْباً.
والنَّقِـيبةُ النَّفْسُ؛ وقيل: الطَّبيعَة؛ وقيل: الخَليقةُ.
والنَّقِـيبةُ: يُمْنُ الفِعْل. ابن بُزُرْجَ: ما لهم نَقِـيبةٌ أَي نَفاذُ رَأْيٍ. ورجل مَيْمونُ النَّقِـيبة: مباركُ النَّفْسِ، مُظَفَّرٌ بما يُحاوِلُ؛
قال ابن السكيت: إِذا كان مَيْمونَ الأَمْرِ، يَنْجَحُ فيما حاوَل
ويَظْفَرُ؛ وقال ثعلب: إِذا كان مَيْمُون الـمَشُورة. وفي حديث مَجْدِيِّ بن عمرو: أَنه مَيْمُونُ النَّقِـيبة أَي مُنْجَحُ الفِعَال، مُظَفَّرُ
الـمَطالب. التهذيب في ترجمة عرك: يقال فلان مَيْمُونُ العَريكَة،
والنَّقِـيبة، والنَّقِـيمة، والطَّبِـيعَةِ؛ بمعنًى واحد.
والـمَنْقَبة: كَرَمُ الفِعْل؛ يقال: إِنه لكريمُ الـمَناقِبِ من النَّجَدَاتِ وغيرها؛ والـمَنْقَبةُ: ضِدُّ الـمَثْلَبَةِ. وقال الليث: النَّقِـيبةُ من النُّوقِ الـمُؤْتَزِرَةُ بضَرْعِها عِظَماً وحُسْناً، بَيِّنةُ النِّقابةِ؛ قال أَبو منصور: هذا تصحيف، إِنما هي الثَّقِـيبَةُ، وهي الغَزيرَةُ من النُّوق، بالثاءِ. وقال ابن سيده: ناقة نَقِـيبةٌ، عظيمةُ الضَّرْع. والنُّقْبةُ: ما أَحاطَ بالوجه من دَوائره. قال ثعلب: وقيل لامرأَة أَيُّ النساءِ أَبْغَضُ إِليك؟ قالت: الـحَديدَةُ الرُّكْبةِ، القَبيحةُ النُّقْبةِ، الحاضِرَةُ الكِذْبةِ؛ وقيل: النُّقْبة اللَّوْنُ والوَجْهُ؛ قال ذو الرمة يصف ثوراً:
ولاحَ أَزْهَرُ مَشْهُورٌ بنُقْبَتهِ، * كأَنـَّه، حِـينَ يَعْلُو عاقِراً، لَـهَبُ
قال ابن الأَعرابي: فلانٌ مَيْمُونُ النَّقِـيبة والنَّقِـيمة أَي اللَّوْنِ؛ ومنه سُمِّيَ نِقابُ المرأَةِ لأَنه يَسْتُر نِقابَها أَي لَوْنَها بلَوْنِ النِّقابِ. والنُّقْبةُ: خِرْقةٌ يجعل أَعلاها كالسراويل، وأَسْفَلُها كالإِزار؛ وقيل: النُّقْبةُ مثل النِّطَاقِ، إِلا أَنه مَخِـيطُ الـحُزَّة نَحْوُ السَّراويلِ؛ وقيل: هي سراويل بغير ساقَيْنِ. الجوهري: النُّقْبة ثَوْبٌ كالإِزار، يجعل له حُجْزة مَخِـيطةٌ من غير نَيْفَقٍ، ويُشَدُّ كما يُشَدُّ السراويل. ونَقَبَ الثوبَ يَنْقُبه: جعله نُقْبة. وفي الحديث: أَلْبَسَتْنا أُمُّنا نُقْبَتَها؛ هي السراويلُ التي تكون لها حُجْزةٌ، من غير نَيْفَقٍ، فإِذا كان لها نَيْفَقٌ، فهي سَراويلُ. وفي حديث ابن عمر: أَنَّ مَوْلاةَ امْرَأَةٍ اخْتَلَعَتْ من كل شيءٍ لها، وكلِّ ثوب عليها، حتى نُقْبَتِها، فلم يُنْكِرْ ذلك. والنِّقابُ: القِناع على مارِنِ الأَنْفِ، والجمع نُقُبٌ. وقد تَنَقَّبَتِ المرأَةُ، وانْتَقَبَتْ، وإِنها لَـحَسَنة النِّقْبة، بالكسر.
والنِّقابُ: نِقابُ المرأَة. التهذيب: والنِّقابُ على وُجُوهٍ؛ قال الفراء: إِذا أَدْنَتِ المرأَةُ نِقابَها إِلى عَيْنها، فتلك الوَصْوَصَةُ، فإِن
أَنْزَلَتْه دون ذلك إِلى الـمَحْجِرِ، فهو النِّقابُ، فإِن كان على طَرَفِ
الأَنْفِ، فهو اللِّفَامُ. وقال أَبو زيد: النِّقابُ على مارِنِ الأَنْفِ.
وفي حديث ابن سِـيرِين: النِّقاب مُحْدَثٌ؛ أَراد أَنَّ النساءَ ما
كُنَّ يَنْتَقِـبْنَ أَي يَخْتَمِرْن؛ قال أَبو عبيد: ليس هذا وجهَ الحديث،
ولكن النِّقابُ، عند العرب، هو الذي يبدو منه مَحْجِرُ العين، ومعناه أَنَّ إِبداءَهُنَّ الـمَحَاجِرَ مُحْدَثٌ، إِنما كان النِّقابُ لاحِقاً
بالعين، وكانت تَبْدُو إِحدى العينين، والأُخْرَى مستورة، والنِّقابُ لا يبدو منه إِلا العينان، وكان اسمه عندهم الوَصْوَصَةَ، والبُرْقُعَ، وكان من لباسِ النساءِ، ثم أَحْدَثْنَ النِّقابَ بعدُ؛ وقوله أَنشده سيبويه:
بأَعْيُنٍ منها مَلِـيحاتِ النُّقَبْ، * شَكْلِ التِّجارِ، وحَلالِ الـمُكْتَسَبْ
يروى: النُّقَبَ والنِّقَبَ؛ رَوَى الأُولى سيبويه، وروى الثانيةَ
الرِّياشِـيُّ؛ فَمَن قال النُّقَب، عَنَى
دوائرَ الوجه، ومَن قال النِّقَب، أَرادَ جمعَ نِقْبة، مِن الانتِقاب بالنِّقاب. والنِّقاب: العالم بالأُمور. ومن كلام الحجاج في مُناطَقَتِه
للشَّعْبِـيِّ: إِن كان ابنُ عباس لنِقَاباً، فما قال فيها؟ وفي رواية: إِن كان ابن عباس لمِنْقَباً. النِّقابُ، والـمِنْقَبُ، بالكسر والتخفيف: الرجل العالم بالأَشياءِ، الكثيرُ البَحْثِ عنها، والتَّنْقِـيبِ عليها أَي ما كان إِلا نِقاباً. قال أَبو عبيد: النِّقابُ هو الرجل العَلاَّمة؛ وقال غيره: هو الرَّجُل العالمُ بالأَشياءِ، الـمُبَحِّث عنها، الفَطِنُ الشَّديدُ
الدُّخُولِ فيها؛ قال أَوْسُ بن حَجَر يَمْدَحُ رجلاً:
نَجِـيحٌ جَوادٌ، أَخُو مَـأْقَطٍ، * نِقابٌ، يُحَدِّثُ بالغائِبِ
وهذا البيت ذكره الجوهري: كريم جواد؛ قال ابن بري: الرواية:
نَجِـيحٌ مَلِـيحٌ، أَخو مأْقِطٍ
قال: وإِنما غيره من غيره، لأَنه زعم أَن الملاحة التي هي حُسْن
الخَلْق، ليست بموضع للمدح في الرجال، إِذ كانت الـمَلاحة لا تجري مجرى الفضائل الحقيقية، وإِنما الـمَلِيحُ هنا هو الـمُسْتَشْفَى برأْيه، على ما حكي عن أَبي عمرو، قال ومنه قولهم: قريشٌ مِلْح الناسِ أَي يُسْتَشْفَى بهم.
وقال غيره: الـمَلِـيحُ في بيت أَوْسٍ، يُرادُ به الـمُسْتَطابُ مُجالَسَتُه.
ونَقَّبَ في الأَرض: ذَهَبَ. وفي التنزيل العزيز: فَنَقَّبُوا في البلاد
هل من مَحِـيصٍ؟ قال الفَرَّاء: قرأَه القُراء فَنَقَّبوا(1)
(1 قوله «قرأه الفراء إلخ» ذكر ثلاث قراءات: نقبوا بفتح القاف مشددة ومخففة وبكسرها مشددة، وفي التكملة رابعة وهي قراءة مقاتل بن سليمان فنقبوا بكسر القاف مخففة أي ساروا في الانقاب حتى لزمهم الوصف به.)، مُشَدَّداً؛ يقول: خَرَقُوا البلادَ فساروا فيها طَلَباً للـمَهْرَبِ، فهل كان لهم محيصٌ من الموت؟
قال: ومن قرأَ فَنَقِّبوا، بكسر القاف، فإِنه كالوعيد أَي اذْهَبُوا في
البلاد وجِـيئُوا؛ وقال الزجاج: فنَقِّـبُوا، طَوِّفُوا وفَتِّشُوا؛ قال:
وقرأَ الحسن فنَقَبُوا، بالتخفيف؛ قال امرؤ القيس:
وقد نَقَّبْتُ في الآفاقِ، حتى * رَضِـيتُ من السَّلامةِ بالإِيابِ
أَي ضَرَبْتُ في البلادِ، أَقْبَلْتُ وأَدْبَرْتُ.
ابن الأَعرابي: أَنْقَبَ الرجلُ إِذا سار في البلاد؛ وأَنْقَبَ إِذا صار
حاجِـباً؛ وأَنْقَبَ إِذا صار نَقِـيباً. ونَقَّبَ عن الأَخْبار وغيرها:
بَحَثَ؛ وقيل: نَقَّبَ عن الأَخْبار: أَخْبر بها. وفي الحديث: إِني لم
أُومَرْ أَنْ أُنَقِّبَ عن قلوب الناسِ أَي أُفَتِّشَ وأَكْشِفَ.
والنَّقِـيبُ: عَريفُ القوم، والجمعُ نُقَباءُ. والنَّقيب: العَريفُ، وهو شاهدُ القوم وضَمِـينُهم؛ ونَقَبَ عليهم يَنْقُبُ نِقابةً: عَرَف. وفي التنزيل العزيز: وبَعَثْنا منهم اثْنَيْ عَشر نَقِـيباً. قال أَبو إِسحق:
النَّقِـيبُ في اللغةِ كالأَمِـينِ والكَفِـيلِ.
(يتبع...)
(تابع... 1): نقب: النَّقْبُ: الثَّقْبُ في أَيِّ شيءٍ كان، نَقَبه يَنْقُبه نَقْباً.... ...
ويقال: نَقَبَ الرجلُ على القَومِ يَنْقُبُ نِقابةً، مثل كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً، فهو نَقِـيبٌ؛ وما كان الرجلُ نَقِـيباً، ولقد نَقُبَ. قال الفراء: إِذا أَردتَ أَنه لم يكن نَقِـيباً ففَعَل، قلت: نَقُبَ، بالضم، نَقابة، بالفتح.
قال سيبويه: النقابة، بالكسر، الاسم، وبالفتح المصدر، مثل الوِلاية والوَلاية.
وفي حديث عُبادة بن الصامت: وكان من النُّقباءِ؛ جمع نَقِـيبٍ، وهو كالعَرِيف على القوم، الـمُقَدَّم عليهم، الذي يَتَعَرَّف أَخْبَارَهم،
ويُنَقِّبُ عن أَحوالهم أَي يُفَتِّشُ. وكان النبي، صلى اللّه عليه وسلم، قد جَعلَ، ليلةَ العَقَبَةِ، كلَّ واحد من الجماعة الذين
<ص:770>111111
بايعوه بها نَقيباً على قومه وجماعته، ليأْخُذوا عليهم الإِسلامَ ويُعَرِّفُوهم شَرائطَه، وكانوا اثني عشر نَقيباً كلهم من الأَنصار، وكان عُبادة بن الصامت منهم.
وقيل: النَّقِـيبُ الرئيسُ الأَكْبَرُ.
وقولهم: في فلانٍ مَنَاقِب جميلةٌ أَي أَخْلاقٌ. وهو حَسَنُ
النَّقِـيبةِ أَي جميلُ الخليقة. وإِنما قيل للنَّقِـيب نَقيبٌ، لأَنه يعلم دخيلةَ أَمرِ القوم، ويعرف مَناقبهم، وهو الطريقُ إِلى معرفة أُمورهم. قال: وهذا الباب كلُّه أَصلُه التأْثِـيرُ الذي له عُمْقٌ ودُخُولٌ؛ ومن ذلك يقال: نَقَبْتُ الحائط أَي بَلغت في النَّقْب آخرَه. ويقال: كَلْبٌ نَقِـيبٌ، وهو أَن يَنْقُبَ حَنْجَرَةَ الكلبِ، أَو
غَلْصَمَتَه، ليَضْعُفَ صوتُه، ولا يَرْتَفِـع صوتُ نُباحِه، وإِنما يفعل ذلك البُخلاء من العرب، لئلا يَطْرُقَهم ضَيْفٌ، باستماع نُباح الكلاب. والنِّقَابُ: البطنُ. يقال في الـمَثل، في الاثنين يَتَشَابَهانِ: فَرْخَانِ في نِقابٍ.
والنَّقِـيبُ: الـمِزْمارُ. وناقَبْتُ فلاناً إِذا لَقِـيتَه فَجْـأَةً. ولَقِـيتُه نِقاباً أَي مُواجَهة؛ ومررت على طريق فَناقَبَني فيه فلانٌ نِقاباً أَي لَقِـيَني على غير ميعاد، ولا اعتماد.
وورَدَ الماءَ نِقاباً، مثل التِقاطاً إِذا ورَد عليه من غير أَن يَشْعُرَ به قبل ذلك؛ وقيل: ورد عليه من غير طلب. ونَقْبٌ: موضع؛ قال سُلَيْكُ بنُ السُّلَكَة:
وهُنَّ عِجَالٌ من نُباكٍ، ومن نَقْبِ
رعف: الرَّعْفُ: السَّبْقُ، رَعَفْتُ أَرْعُفُ؛ قال الأَعشى:
به ترعُفُ الأَلْفَ إذْ أُرْسِلَتْ،
غَداةَ الصَّباحِ، إذا النَّقْعُ ثارا
ورَعَفَه يَرْعَفُه رَعْفاً: سَبَقَه وتقدَّمَه؛ وأَنشد ابن بري لذي
الرمة: بالمُنْعَلاتِ الرَّواعِفِ.
والرُّعاف: دم يَسْبِقُ من الأَنف، رَعَف يَرْعُفُ ويَرْعَفُ رَعْفاً
ورُعافاً ورَعُفَ ورَعِفَ. قال الأَزهري: ولم يُعْرَف رُعِفَ ولا رَعُفَ في
فِعْلِ الرُّعاف. قال الجوهري: ورَعُفَ، بالضم، لغة فيه ضعيفة، قال
الأَزهري: وقيل للذي يخرج من الأَنف رُعافٌ لسبْقه عِلْم الرَّاعِفِ؛ قال
عمرو بن لجَإٍ:
حتى ترى العُلْبةَ من إذْرائِها
يَرْعُفُ أَعْلاها من امْتِلائِها،
إذا طَوَى الكفّ على رِشائِها
وفي حديث أَبي قتادة: أَنه كان في عُرْسٍ فَسَمِعَ جارية تَضْرِب
بالدُّفِّ فقال لها: ارْعَفي أَي تقدَّمي. يقال منه: رَعِفَ، بالكسر، يَرْعَفُ،
بالفتح، ومن الرُّعاف رَعَفَ، بالفتح، يَرْعُفُ، بالضم، ورَعَفَ الفرسُ
يَرْعَفُ ويَرْعُفُ أَي سَبَقَ وتقدم؛ وأَنشد ابن بري لِعُبَيْدٍ:
يَرْعُفُ الأَلْفَ بالمُدَجَّجِ ذي القَوْ
نَسِ، حتى يَعُودَ كالتِّمثالِ
(* قوله «بالمدجج» كذا بالأصل، والذي في شرح القاموس: بالمزجج.)
قال: وأَنشد أَبو عمرو لأَبي نخيلة:
وهُنَّ بعد القَرَبِ القَسِيِّ
مُسْتَرْعِفاتٌ بشَمَرْذَليِّ
والقَسِيُّ: الشديدُ. والشَّمَرْذليُّ: الخادي، واسْترعَفَ مثلُه.
والراعِفُ: الفرس الذي يتقدّم الخيلَ. والرَّاعِفُ: طَرَفُ الأَرْنبةِ
لتَقَدّمه، صفة غالبة، وقيل: هو عامّة الأَنف، ويقال للمرأَة: لُوثي على
مراعِفِك أَي تَلَثَّمِــي، ومَراعِفُها الأَنفُ وما حَوْله. ويقال: فَعَلْتُ ذلك
على الرَّغْمِ من مَراعِفِه مثل مَراغِمِه. والرَّاعِف: أَنفُ الجبل على
التشبيه، وهو من ذلك لأَنه يَسْبِقُ أَي يتقدم، وجمعه الرّواعِفُ.
والرّواعِفُ: الرِّماحُ، صفة غالبة أَيضاً، إما لتقدُّمِها للطَّعْن، وإما
لِسَيَلانِ الدم منها. والرَّعْفُ: سُرعْة الطعن؛ عن كراع. وأَرْعَفَه:
أَعْجَلَه، وليس بثبَتٍ. أَبو عبيدة: بينا نحن نذكر فلاناً رَعَفَ به البابُ
أَي دخل علينا من الباب. وأَرْعَفَ قِرْبَتَه أَي ملأَها حتى تَرْعُفَ؛
ومنه قول عمرو بن لجإٍ:
يَرْعُفُ أَعْلاها من امْتِلائها،
إذا طَوَى الكفّ على رِشائها
وراعُوفةُ البئر وراعُوفُها وأُرْعُوفَتها: حجر ناتئٌ على رأْسها لا
يُسْتَطاعُ قَلْعُه يقوم عليه المُسْتقي، وقيل: هو في أَسْفلها، وقيل:
راعُوفة البئر صخرة تُتْرَكُ في أَسْفَلِ البئر إذا احْتُفِرَتْ تكون ثابتة
هناك فإذا أَرادوا تَنْقِيةَ البئر جلس المُنَقِّي عليها، وقيل: هي حجر
يكون على رأْس البئر يقوم المستقي عليه، ويروى بالثاء المثلثة، وقد تقدم،
وقيل: هو حجر ناتئ في بعض البئر يكون صُلْباً لا يمكنهم حَفْره فيترك على
حاله، وقال خالد ابن جَنْبَةَ: راعوفةُ البئر النَّطَّافةُ، قال: وهي
مثل عَيْن على قدر جُحْر العَقْرب نِيطَ في أَعلى الرَّكِيّة فيُجاوِزُونها
في الحفْر خَمْس قِيَمٍ وأَكثر، فربما وجدوا ماء كثيراً تَبَجُّسُه،
قال: وبالرُّوبَنْج عينٌ نَطّافة عذْبة، وأَسفَلَها عين زُعاقٌ، فتَسمع
قَطَرانَ
(* قوله «فتسمع قطران إلخ» كذا بالأصل.) النطّافة فيها طرق. قال
شمر: من ذهب بالراعُوفةِ إلى النّطّافةِ فكأَنه أَخذه من رُعافِ الأَنف، وهو
سَيَلانُ دمِه وقَطَرانُه، ويقال ذلك سيلان الذَّنِينِ؛ وأَنشد قوله:
كلا مَنْخَرَيْه سابقاً ومُعَشِّراً،
بما انْفَضَّ من ماء الخَياشِيم راعِفُ
(* قوله « ومعشراً» كذا بالأصل.)
قال: ومَنْ ذَهَبَ بالراعُوفةِ إلى الحجر الذي يتقدَّم طَيَّ البئر على
ما ذكر فهو منْ رَعَفَ الرجل أَو الفرس إذا تقدَّم وسبَق. وفي الحديث عن
عائشة: أَن النبي، صلى اللّه عليه وسلم، سُحِرَ وجُعِل سِحْرُه في جُفِّ
طَلْعةٍ ودُفِنَ تحْتَ راعُوفةِ البئر، ويروى راعُوثة، بالثاء المثلثة،
وقد تقدم.
واسْتَرْعَفَ الحَصى مَنْسِمَ البعير أَي أَدْماه.
والرُّعافيُّ: الرجل الكثيرُ العَطاء مأَْخوذ من الرُّعافِ وهو المطَرُ
الكثير. والرُّعُوفُ: الأَمطار الخِفاف، قال: ويقال للرجل إذا
اسْتَقْطَرَ الشحمة وأَخذ صُهارتَها: قد أَوْدَفَ واسْتَوْدَفَ واسْتَرْعَفَ
واسْتَوْكَفَ واسْتَدامَ واسْتَدْمى، كله واحد. ورَعْفانُ الوالي
(* قوله
«ورعفان الوالي» كذا ضبط في الأَصل.): ما يُسْتَعْدى به. وفي حديث جابر:
يأْكلون
(* قوله «يأكلون إلخ» كذا بالأصل والنهاية أيضاً.) من تلك الدابَّة
ما شاؤوا حتى ارْتَعَفُوا أَي قَوِيَتْ أَقدامُهم فركبوها وتقدموا.
كعم: الكِعامُ: شيء يُجعل على فم البعير. كَعَمَ البعير يَكْعَمُه
كَعْماً، فهو مَكْعوم وكَعيم: شدَّ فاه، وقيل: شدَّ فاه في هِياجه لئلا
يَعَضَّ أَو يأْكل. والكِعامُ: ما كَعَمَه به، والجمع كُعُمٌ. وفي الحديث: دخل
إخوةُ يوسف، عليهم السلام، مصر وقد كَعَمُوا أَفواهَ إبلهم. وفي حديث
علي، رضي الله عنه: فهم بين خائفٍ مَقْمُوع وساكت مَكْعوم؛ قال ابن بري: وقد
يجعل على فم الكلب لئلا ينبح؛ وأَنشد ابن الأَعرابي:
مَرَرْنا عليه وهْوَ يَكْعَمُ كَلْبَه؛
دَعِ الكَلبَ يَنبَحْ، إنما الكلبُ نابحُ
وقال آخر:
وتَكْعَمُ كلبَ الحيِّ مَِن خَشْيةِ القِرى،
ونارُكَ كالعَذْراء مِن دونها سِتْرُ
وكَعَمه الخوفُ: أمسك فاه، على المثَل؛ قال ذو الرمة:
بَيْنَ الرَّجا والرجا مِن جَنْبِ واصِيةٍ
يَهْماءُ، خابِطُها بالخَوْفِ مَكْعُومُ
وهذا على المثل؛ يقول: قد سَدّ الخوف فمَه فمنعه من الكلام.
والمُكاعَمةُ: التقْبيل. وكَعَمَ المرأَةَ يَكْعَمُها كَعْماً
وكُعُوماً: قَبَّلها، وكذلك كاعَمها. وفي الحديث: أنه، صلى الله عليه وسلم، نَهى
عن المِكاعَمة والمُكامَعةِ؛ والمُكاعَمة: هو أن يَلْثِمَ الرجلُ صاحَبَه
ويَضَع فمَه على فَمِه كالتقبيل، أُخِذَ من كَعْمِ البعير فجعل النبي،
صلى الله عليه وسلم، لَثْمه إياه بمنزلة الكِعام، والمُكاعَمة مُفاعلة
منه.والكِعْمُ: وِعاء تُوعى فيه السلاح وغيرها، والجمع كِعام. والمُكاعَمه:
مُضاجعةُ الرجل صاحبه في الثوب، وهو منه، وقد نهي عنه. وكَعَمْت الوعاء:
سددت رأْسه. وكُعُوم الطريق: أَفواهُه؛ وأَنشد:
ألا نامَ الخَلِيُّ وبِتُّ حِلْساً،
بظَهْرِ الغَيْبِ، سُدَّ به الكُعُومُ
قال: باتَ هذا الشاعرُ حِلْساً لما يحفظ ويرعى كأَنه حِلْس قد سُدَّ به
كُعُوم الطريق وهي أَفواهه.
وكَيْعُومٌ: اسم.
عملس: العَمْلَسَة: السُّرعة. والعَمَلَّس: الذئب الخبيب والكَلْب
الحبيث؛ قال الطرماح يصف كلاب الصيد:
يُوزِع بالأَمْراسِ كلَّ عَمَلَّس،
من المُطعِمات الصَّيْدِ غير الشَواحِنِ
يوزع: يَكُفُّ، ويقال يُغْرِي كل عملس كل كلب كأَنه ذئب. والعَمَلَّس:
القوِيّ الشديد على السفر، والعَمَلَّط مثله، وقيل النَّاقص، وقيل
العَمَلَّس: الجميل. والعَمَلَّس: اسم. وقولهم في المثل: هو أَبرّ من العَمَلّس؛
هو اسم رجل كان يحجُّ بأُمّه على ظهره. الجوهري: العَمَرَّس مثل
العَملَّس القَوِيّ على السير السريع؛ وأَنشد:
عَمَلَّس أَسْفارٍ، إِذا اسْتَقْبَلَتْ لَهُ
سَمُومٌ كحرِّ النارِ، لم يَــتَلَثَّمِ
قال ابن برِّي: الشِّعر لعديّ بن الرِّقَاع يمدح عمر بن عبد العزيز؛
وقبله:
جَمَعْتَ اللَّواتي يحمَد اللَّهُ عبدَه
عليهنَّ، فَلْيَهْنئْ لك الخيرُ واسْلَمِ
فأَوَلُهنّ البِرُّ، والبِرُّ غالِبٌ،
وما بكَ من غَيْبِ السَّرائر يُعْلَمِ
وثانية كانت من اللَّه نعمةً
على المسلمين، إِذ وَلِي خيرُ مُنْعِمِ
وثالثة أَنْ ليس فِيكَ هَوَادَةٌ
لِمَنْ رامَ ظُلماً، أَو سَعَى سَعْيَ مجْرمِ
ورابعةٌ أَنْ لا تزالَ مع التُّقَى
تَخُبُّ بِمَيْمُونٍ، من الأَمْرِ، مُبْرَمِ
وخامسة في الحُكْمِ أَنَّك تُنصِفُ الضَّـ
ـعِيف، وما مَنْ عَلَّمَ اللَّهُ كالعَمِي
وسادسة أَنَّ الذي هُوَ رَبُّنا اصْـ
ـطَفَاك، فمَنْ يَتْبَعْك لا يَتَنَدَّمِ
وسابعة أَنَّ المَكارِم كلَّها،
سبَقْتَ إِليها كلَّ ساعٍ ومُلْجِمِ
وثامنة في مَنْصِبِ النَّاس أَنَّه
سَمَا بكَ منهمْ مُعْظَمٌ فَوق مُعْظَمِ
وتاسعة أَن البَرِيَّة كُلّها
يَعْدُّون سَيباً من إِمامٍ مُتَمَّمِ
وعاشرة أَنَّ الحُلُومَ تَوَابِعٌ
لحِلْمِكَ، في فصْل من القول مُحْكَمِ