Academy of the Arabic Language in Cairo, al-Muʿjam al-Wasīṭ (1998) المعجم الوسيط لمجموعة من المؤلفين
Permalink (الرابط القصير إلى هذا الباب):
http://arabiclexicon.hawramani.com/?p=80499#2f1d27
(تفتت) الشَّيْء تكسر
فتت: فَتَّ الشيءَ يَفُتُّه فَتّاً، وفَتَّتَه: دَقَّه. وقيل: فَتَّه
كَسَره؛ وقيل: كسره بأَصابعه.
قال الليث: الفَتُّ أَن تأْخذ الشيء بإِصبعك، فَتُصَيِّرَه فُتاتاً أَي
دُقاقاً، فهو مَفْتُوتٌ وفَتِيتٌ. وفي المثل: كَفّاً مُطْلَقةً تَفُتُّ
اليَرْمَعَ؛ اليَرْمَع: حجارة بيض تُفَتُّ باليد؛ وقد انْفَتَّ
وتَفَتَّتَ.والفُتاتُ: ما تَفَتَّت؛ وفُتاتُ الشيء: ما تكسر منه؛ قال
زهير:كأَنَّ فُتاتَ العِهْنِ، في كُلِّ مَنْزِلٍ
نَزَلْنَ به، حَبُّ الفَنَا لم يُحَطَّمِ
قال أَبو منصور: وفُتاتُ العِهْنِ والصوف ما تساقط منه.
والفَتُّ والتَّتُّ: الشَّقُّ في الصَّخْرة، وهي الفُتُوتُ والثُّتُوتُ.
والــتَفَتُّتُ: التَّكَسُّر.
والانْفِتاتُ: الانكسار.
والفَتِيتُ والفَتُوتُ: الشيءُ المَفْتُوتُ، وقد غَلَبَ على ما فُتَّ من
الخُبْز؛ وفي التهذيب: إِلا أَنهم خَصُّوا الخُبْز المَفْتُوتَ
بالفَتِيتِ. والفَتِيتُ: الشيءُ يَسْقُطُ فيَتَقَطَّعُ ويَــتَفَتَّتُ.
وكلَّمه بشيءٍ ففَتَّ في ساعده أَي أَضْعَفَه وأَوْهَنَه. ويقال: فَتَّ
فلانٌ في عَضُدِي، وهَدَّ رُكْني. وفَتَّ فلانٌ في عَضُدِ فلانٍ،
وعَضُدُه أَهلُ بيتِه، إِذا رام إِضْرارَه بتَخَوُّنِه إِياهم.
والفُتَّة: الكُتْلةُ من التمر.
الفراء: أُولئك أَهلُ بيتٍ فَتٍّ وفُتٍّ وفِتٍّ إِذا كانوا مُنْتَشرين،
غير مجتمعين.
ابن الأَعرابي: فَتْفَتَ الراعي إِبلَه إِذا رَدَّها عن الماء، ولم
يَقْصَعْ صَوَّارها.
والفُتَّة: بَعْرة، أَو رَوْثة مَفْتوتة، تُوضَع تحتَ الزَّنْدِ عند
القَدْح. الجوهري: الفُتَّةُ ما يُفَتُّ ويوضَع تحت الزَّنْدِ.
نخر: النَّخِيرُ: صوتُ الأَنفِ. نَخَرَ الإِنسانُ والحمار والفرس بأَنفه
يَنْخِرُ ويَنْخُرُ نَخِيراً: مدّ الصوت والنفَس في خَياشِيمه. الفراء
في قوله تعالى: أَئذا كنا عِظاماً نَخِرَةً، وقرئ: ناخِرَةً؛ قال:
وناخِرَةً أَجود الوجهين لأَن الآيات بالأَلف، أَلا ترى أَن ناخرة مع الحافِرة
والساهِرة أَشبه بمجيء التأْويلفقال: والناخِرة والنَّخِرة سواء في
المعنى بمنزلة الطامِع والطمِع؛ قال ابن بري وقال الهَمْداني يوم
القادسية:أَقْدِمْ أَخا نَهْمٍ على الأَساوِرَهْ،
ولا تَهُولَنْكَ رؤوسٌ نادِرَهْ،
فإِنما قَصْرُكَ تُرْبُ الساهِرَه،
حتى تعودَ بعدَها في الحافِرَهْ،
من بعدِ ما صِرتَ عِظاماً ناخِرَهْ
ويقال: نَخِرَ العَظْمُ، فهو نَخِرٌ إِذا بَليَ ورَمَّ، وقيل: ناخِرة
أَي فارِغة يجيء منها عند هُبوب الريح كالنَّخير.
والمَنْخِرُ والمَنْخَرُ والمِنْخِرُ والمُنْخُرُ والمُنْخورُ: الأَنف؛
قال غيلان بن حريث:
يَسْتَوْعِبُ البُوعَينِ من جَرِيرِهِ
من لَدُ لَحْيَيْهِ إِلى مُنْخُورِهِ
قال ابن بري: وصواب إِنشاده كما أَنشده سيبويه إِلى مُنْحورهِ، بالحاء،
والمنحور: النَّحْر؛ وصف الشاعر فَرَساً بطول العُنُق فجعله يَستوعِب
حَبْله مقدار باعَين من لحْيَيْه إِلى نَحْرِه. الجوهري: والمَنْخِرُ ثُقْبُ
الأَنْفِ، قال: وقد تكسر الميم إِتباعاً لكسرة الخاء، كما قالوا
مِنْتِن، وهما نادران لأن مِفْعِلاً ليس من الأَبنية. وفي الحديث: أَنه أَخذ
بِنُخْرَة الصبيّ أَي بأَنفِه. والمُنْخُران أَيضاً: ثُقْبا الأَنْف. وفي
حديث الزِّبْرِقان: الأُفَيْطِس النُّخْرَةِ لِلذي كان يَطْلُع في حِجْرِه.
التهذيب: ويقولون مِنْخِراً وكان القياس مَنْخِراً ولكن أَرادوا
مِنْخِيراً، ولذلك قالوا مِنْتِن والأَصل مِنْتِين. وفي حديث عمر، رضي الله عنه:
أَنه أَُتِيَ بسكران في شهر رمضان فقال: لِلمَنْخِرَين دُعاءٌ عليه أَي
كَبَّه الله لِمَنْخِرَيهِ، كقولهم: بْعداً له وسُحْقاً وكذلك لليدين
والفَم. قال اللحياني في كل ذي مَنْخِرٍ: إِنه لَمُنْتَفِخُ المَناخِر كما
قالوا إِنه لمُنْتَفِخ الجوانِب، قال: كأَنهم فَرَّقوا الواحد فجعلوه
جمعاً. قال ابن سيده: وأَما سيبويه فذهب إِلى تعظيم العُضْوِ فجعل كلَّ واحد
منه مَنْخِراً
(* قوله« فجعل كل واحد إلخ» لعل المناسب فجعل كل جزء)،
والغَرَضان مُقْترِبان.
والنُّخْرة: رأْس الأَنفِ. وامرأَةٌ مِنْخار: تَنْخِرُ عند الجماع،
كأَنها مجنونة، ومن الرجال من يَنْخِرُ عند الجماع حتى يُسمع نَخِيره.
ونُخْرَتا الأَنْف: خَرْقاه، الواحدة نُخْرة، وقيل: نُخْرَتُه مُقدّمه، وقيل:
هي ما بين المُنْخُرَين، وقيل: أَرْنَبَتُهُ يكون للإِنسان والشاء والناقة
والفرس والحمار؛ وكذلك النُّخَرة مثال الهُمَزَة. ويقال: هَشَم
نُخْرَتَه أَي أَنفه. غيره: النُّخْرة والنُّخَرة، مثال الهُمَزة، مُقدَّم أَنف
الفرس والحمار والخنزير.
ونَخَرَ الحالِبُ الناقةَ: أَدخل يده في مَنْخرها ودلَكه أَو ضرَب
أَنفَها لتَدِرَّ؛ وناقة نَخُور: لا تَدِرُّ إِلاّ على ذلك. الليث: النَّخُور
الناقة التي يَهلِك ولدُها فلا تَدِرّ حتى تُنَخَّر تَنْخِيراً؛
والتَّنْخِير: أَن يدلُك حالبُها مُنْخُرَيها بإِبهامَيه وهي مُناخة فتثُور
دارَّة. الجوهري: النَّخُور من النُّوق التي لا تَدِرّ حتى تضرِب أَنفَها،
ويقال: حتى تُدخِل إِصْبَعَك في أَنفها.
ونَخِرَت الخشَبة، بالكسر، نَخَراً، فهي نَخِرة: بَلِيَتْ وانْفَتَّت
أَو اسْتَرْخَت تَــتَفَتَّت إِذا مُسَّت، وكذلك العظْم، يقال: عَظْم نَخِر
وناخِر، وقيل: النَّخِرَة من العظام الباليةُ، والناخِرة التي فيها بقيَّة
(*قوله« التي فيها بقية» كذا في الأصل. وعبارة القاموس: المجوفة التي
فيها ثقبة.) ، والناخر من العظام الذي تَدخل الريح فيه ثم تخرج منه، ولها
نَخِير. وفي حديث ابن عباس، رضي الله عنهما: لما خلق الله إِبليس نَخَرَ؛
النَّخِير: صوت الأَنف. ونَخَر نَخِيراً: مدّ الصَّوت في خياشيمه وصوَّت
كأَنه نَغْمة جاءت مضطرِبة. وفي الحديث: ركِب عمرو بن العاص على بغلة
سَمِطَ وجهُها هرَماً فقيل له: أَتركب بغلة وأَنت على أَكرمِ ناخرة بمصر؟
وقيل: ناجِرة، بالجيم؛ قال المبرّد: قوله الناخِرة يريد الخيل، يقال للواحد
ناخِر وللجماعة ناخرة، كما يقال رجل حَمَّار وبغَّال وللجماعة الحمَّارة
والبغَّالة؛ وقال غيره: يريد وأَنت على ذلك أَكرم
(* قوله« وانت على ذلك
أكرم إلخ» كذا في الأصل) ناخِرة. يقال: إِن عليه عَكَرَةً من مال أَي
إِنّ له عَكَرة، والأَصل فيه أَنها تَرُوحُ عليه، وقيل للحمير الناخِرة
للصَّوت الذي خرج من أُنوفها، وأَهلُ مِصر يُكثِرون ركوبها أَكثرَ من ركوب
البِغال. وفي الحديث: أَفضلُ الأَشياءِ الصلاةُ على وقتها أَي لوقتها.
وقال غيره: الناخِر الحمار. الفراء: هو الناخِر والشاخِر، نخيرُه من أَنفِه
وشَخِيرُه من حلقِه. وفي حديث النَّجاشيِّ: لما دخل عليه عمرو والوفْدُ
معه قال لهم: نَخِّرُوا أَي تكلموا؛ قال ابن الأَثير:كذا فُسر في الحديث،
قال: ولعله إِن كان عربيّاً مأْخوذ من النَّخير الصَّوتِ، ويروى بالجيم،
وقد تقدم. وفي الحديث أَيضاً: فتناخَرَتْ بَطارِقَتُه أَي تكلمت وكأَنه
كلام مع غضب ونُفور.
والناخِر: الخِنزير الضَّارِي، وجمعه نُخُرٌ.
ونُخْرة الريح، بالضم: شِدّةُ هُبوبها.
والنَّخْوَرِيُّ: الواسع الإِحلِيل؛ وقال أَبو نصر في قول عَدِيِّ بن
زيد:
بعدَ بنِي تُبَّعٍ نَخاوِرَة،
قدِ اطمأَنَّتْ بهم مَرازِبُها
قال: النَّخاوِرَة الأَشراف، واحدهم نِخْوارٌ ونَخْوَرِيّ، ويقال: هم
المتكبرون. ويقال: ما بها ناخِر أَي ما بها أَحد؛ حكاه يعقوب عن الباهلي.
ونُخَير ونَخَّار: اسمانِ.
فجر: الفَجْر: ضوء الصباح وهو حُمْرة الشمس في سواد الليل، وهما
فَجْرانِ: أَحدهما المُسْتطيل وهو الكاذب الذي يسمى ذَنَبَ السِّرْحان، والآخر
المُسْتطير وهو الصادق المُنتَشِر في الأُفُقِ الذي يُحَرِّم الأَكل
والشرب على الصائم ولا يكون الصبحُ إِلا الصادقَ. الجوهري: الفَجْر في آخر
الليل كالشَّفَقِ في أَوله.
ابن سيده: وقد انْفَجَر الصبح وتَفَجَّر وانْفَجَر عنه الليلُ.
وأَفْجَرُوا: دخلوا في الفَجْر كما تقول: أَصبحنا، من الصبح؛ وأَنشد
الفارسي:فما أَفْجَرَتْ حتى أَهَبَّ بسُدْفةٍ
عَلاجيمُ، عَيْنُ ابْنَيْ صُباحٍ تُثيرُها
وفي كلام بعضهم: كنت أَحُلّ إِذا أَسحرْت، وأَرْحَلُ إِذا أَفْجَرْت.
وفي الحديث: أُعَرّسُ إِذا أَفْجَرْت، وأَرْتَحِل إِذا أَسْفَرْت أَي أَنزل
للنوم والتعريس إِذا قربت من الفجر، وأَرتحل إِذا أَضاء.
قال ابن السكيت: أَنت مُفْجِرٌ من ذلك الوقت إِلى أَن تطلع الشمس. وحكى
الفارسي: طريقٌ فَجْرٌ واضح:
والفِجار: الطُّرُقُ مثل الفِجاج. ومُنْفَجَرُ الرمل: طريق يكون فيه.
والفَجْر: تَفْجيرُكَ الماء، والمَفْجَرُ: الموضع يَنْفَجِرُ منه.
وانْفَجَر الماءُ والدمُ ونحوهما من السيّال وتَفَجَّرَ: انبعث سائلاً.
وفَجَرَه هو يَفْجُره، بالضم، فَجْراً فانْفَجَرَ أَي بَجَسه فانْبَجَس.
وفَجَّره: شُدّد للكثرة؛ وفي حديث ابن الزبير: فَجَّرْت بنفسك أَي
نسبتها إِلى الفُجورِ كما يقال فَسَّقْته وكَفَّرْته.
والمَفْجَرةُ والفُجْرةُ، بالضم: مُنْفَجَر الماء من الحوض وغيره، وفي
الصحاح: موضع تَفَتُّح الماء. وفَجْرَة الوادي: مُتَّسعه الذي ينفجر إِليه
الماء كثُجْرتَه. والمَفْجَرة: أَرض تطمئنّ فتنفجر فيها أَوْدِية.
وأَفْجَرَ يَنْبُوعاً من ماء أَي أَخرجه. ومَفاجر الوادي: مَرَافضه حبث يرفضُّ
إِليه السيل. وانْفَجَرَتْ عليهم الدواهي: أَتتهم من كل وجه كثيرة
بَغْتة؛ وانْفَجَر عليهم القومُ، وكله على التشبيه. والمُتَفَجِّر: فرس الحرث
بن وَعْلَةَ كأَنه يَتَفَجَّرُ بالعرق.
والفَجَر: العطاء ولكرم والجود والمعروف؛ قال أَبو ذؤيب:
مَطاعيمُ للضَّيْفِ حين الشِّتا
ءِ، شُمُّ الأُنوفِ، كثِيرُو الفَجَرْ
وقد تَفَجَّرَ بالكَرم وانْفَجَرَ. أَبو عبيدة: الفَجَر الجود الواسع
والكرم، من التَّفَجُّرِ في الخير؛ قال عمرو بن امرئ القيس الأَنصاري
يخاطب مالك بن العجلان:
يا مالِ، والسَّيِّدُ المُعَمَّمُ قد
يُبْطِرُه، بَعْدَ رأْيهِ، السَّرَفُ
نَحْنُ بما عندنا، وأَنت بما
عِندك راضٍ، والرأْي مختلفُ
يا مالِ، والحَقُّ إِن قَنِعْتَ به،
فالحقُّ فيه لأَمرِنا نَصَفُ
خالفتَ في الرأْي كلَّ ذي فَجَرٍ،
والحقُّ، يا مالِ، غيرُ ما تَصِفُ
إِنَّ بُجَيْراً مولىً لِقَوْمِكُمُ،
والحَقُّ يُوفى به ويُعْتَرَفُ
قال ابن بري: وبيت الاستشهاد أَورده الجوهري:
خالفتَ في الرأْي كلَّ ذي فَجَرٍ،
والبَغْيُ، يا مالِ، غيرُ ما تَصفُ
قال: وصواب إِنشاده:
والحق، يا مال، غير ما تصف
قال: وسبب هذا الشعر أَنه كان لمالك بن العَجْلان مَوْلى يقال له
بُجَيْر، جلس مع نَفَرٍ من الأَوْس من بني عمرو بن عوف فتفاخروا، فذكر بُجَيْر
مالك بن العجلان وفضله على قومه، وكان سيد الحيَّيْنِ في زمانه، فغضب
جماعة من كلام بُجير وعدا عليه رجل من الأَوس يقال له سُمَيْر بن زيد ابن
مالك أَحد بني عمرو بن عوف فقتله، فبعث مالك إِلى عمرو بن عوف أَن ابعثوا
إِليَّ بسُمَيْر حتى أَقتله بَمَوْلايَ، وإِلا جَرَّ ذلك الحرب بيننا،
فبعثوا إِليه: إِنا نعطيك الرضا فخذ منا عَقْله، فقال: لا آخذ إِلا دِيَةَ
الصَّريحِ، وكانت دية الصَّريح ضعف دية المَوْلى، وهي عشر من الإِبل،
ودِيةُ المولى خمس، فقالوا له: إِن هذا منك استذلال لنا وبَغْيٌ علينا، فأَبى
مالك إِلا أَخْذَ دِيَةِ الصريح، فوقعت بينهم الحرب إِلى أَن اتفقوا على
الرضا بما يحكم به عمرو بن امرئ القيس، فحكم بأَن يُعْطى دية المولى،
فأَبى مالك، ونَشِبَت الحرب بينهم مدة على ذلك. ابن الأَعرابي: أَفْجَر
الرجلُ إِذا جاء بالفَجَرِ، وهو المال الكثير، وأَفْجَرَ إِذا كذب،
وأَفْجَرَ إِذا عصى، وأَفْجَرَ إِذا كفر. والفَجَرُ: كثرة المال؛ قال أَبو
مِحْجن الثقفي:
فقد أَجُودُ، وما مَالي بذي فَجَرٍ،
وأَكْتُم السرَّ فيه ضَرْبَةُ العُنُقِ
ويروى: بذي قَنَعٍ، وهو الكثرة، وسيأْتي ذكره. والفَجَر: المال؛ عن
كراع. والفَاجرُ: الكثير المالِ، وهو على النسب.
وفَجَرَ الإِنسانُ يَفْجُرُ فَجْراً وفُجوراً: انْبَعَثَ في المعاصي.
وفي الحديث: إِن التُّجَّار يُبْعثون يوم القيامة فُجَّاراً إِلا من اتقى
الله؛ الفُجَّار: جمع فاجِرٍ وهو المْنْبَعِث في المعاصي والمحارم. وفي حديث
ابن عباس، رضي عنهما، في العُمْرة: كانوا يَرَوْنَ العمرة في أَشهر
الحج من أَفْجَرِ الفُجورِ أَي من أَعظم الذنوب؛ وقول أَبي ذؤيب:
ولا تَخْنُوا عَلَيَّ ولا تَشِطُّوا
بقَوْل الفَجْرِ، إِنَّ الفَجْر حُوبُ
يروى: الفَجْر والفَخْر، فمن قال الفَجْر فمعناه الكذب، ومن قال الفَخر
فمعناه التَّزَيُّد في الكلام. وفَجَرَ فُجُوراً أَي فسق. وفَجَر إِذا
كذب، وأَصله الميل. والفاجرُ: المائل؛ وقال الشاعر:
قَتَلْتُم فتًى لا يَفْجُر اللهَ عامداً،
ولا يَحْتَويه جارُه حين يُمْحِلُ
أَي لا يَفْجُر أَمرَ الله أَي لا يميل عنه ولا يتركه. الهوزاني:
الافْتِجارُ في الكلام اخْتِراقُه من غير أَن تَسْمعه من أَحد فَتَتَعَلَّمَهُ؛
وأَنشد:
نازِعِ القومَ، إِذا نازَعْتَهُمْ،
بأَرِيبٍ أَو بِحَلاَّفٍ أَيَلْ
يَفْجُرُ القولَ ولم يَسْمَعْ به،
وهو إِنْ قيلَ: اتَّقِ اللهَ، احْتَفَلْ
وفَجَرَ الرجلُ بالمرأَة يَفْجُر فُجوراً: زنا. وفَجَرَت المرأَة: زنت.
ورجل فاجِرٌ من قوم فُجَّارٍ وفَجَرَةٍ، وفَجورٌ من قوم فُجُرٍ، وكذلك
الأُنثى بغير هاء؛ وقوله عز وجل: بل يريد الإِنسان ليَفْجُرَ أَمامَهُ؛ أَي
يقول سوف أَتوب؛ ويقال: يُكْثرُ الذنوبَ ويؤخّر التوبة، وقيل: معناه
أَنه يسوِّف بالتوبة ويقدم الأَعمال السيئة؛ قال: ويجوز، والله أَعلم،
ليَكْفُر بما قدّامه من البعث. وقال المؤرج: فَجَرَ إِذا ركب رأْسه فمضى غير
مُكْتَرِثٍ. قال: وقوله ليَفْجُرَ، ليمضي أَمامه راكباً رأْسه. قال: وفَجَرَ
أَخطأَ في الجواب، وفَجَرَ من مرضه إِذا برأَ، وفَجَرَ إِذا كلَّ بصرُه.
ابن شميل: الفُجورُ الركوب إِلى ما لا يَحِلُّ. وحلف فلان على فَجْرَةَ
واشتمل على فَجْرَةَ إِذا ركب أَمراً قبيحاً من يمين كاذبة أَو زِناً أَو
كذب. قال الأَزهري: فالفَجْرُ أَصله الشق، ومنه أُخِذَ فَجْرُ
السِّكْرِ، وهو بَثْقُه، ويسمى الفَجْرُ فَجْراً لانْفِجارِه، وهو انصداع الظلمة
عن نور الصبح. والفُجورُ: أَصله الميل عن الحق؛ قال لبيد يخاطب عمه أَبا
مالك:
فقلتُ: ازْدَجِرْ أَحْناءَ طَيْرِكَ، واعْلَمَنْ
بأَنك، إِنْ قَدَّمْتَ رِجْلَكَ، عاثِرُ
فأَصْبَحْتَ أَنَّى تأْتِها تَبْتَئِسْ بها،
كِلا مَرْكَبَيها، تحتَ رِجْلِكَ، شاجِرُ
فإِن تَتَقَدَّمْ تَغْشَ منها مُقَدِّماً
غليظاً، وإِن أَخَّرْتَ فالكِفْلُ فاجِرُ
يقول: مَقْعد الرديف مائل. والشاجر: المختلف. وأَحْناءَ طَيرِك أَي
جوانب طَيْشِكَ. والكاذب فاجرٌ والمكذب فاجرٌ والكافر فاجرٌ لميلهم عن الصدق
والقصد؛ وقول الأَعرابي لعمر:
فاغفر له، اللهمَّ، إِن كان فَجَرْ
أَي مال عن الحق، وقيل في قوله: ليَفْجُرَ أَمامه: أَي ليُكَذِّبَ بما
أَمامه من البعث والحساب والجزاء. وقول الناس في الدعاء: ونَخْلَع ونترك
مَنْ يَفْجُرُك؛ فسره ثعلب فقال: مَنْ يَفْجُرُك من يعصيك ومن يخالفك،
وقيل: من يضع الشيء في غير موضعه. وفي حديث عمر، رضي الله عنه: أَن رجلاً
استأْذنه في الجهاد فمنعه لضعف بدنه، فقال له: إِن أَطلقتني وإِلا
فَجَرْتُكَ؛ قوله: وإِلا فَجَرْتُكَ أَي عصيتك وخالفتك ومضيت إِلى الغَزْوِ، يقال:
مال من حق إِلى باطل. ابن الأَعرابي: الفَجُور والفاجِرُ المائل والساقط
عن الطريق. ويقال للمرأَة: يا فَجارِ معدول عن الفاجِرةِ، يريد: يا
فاجِرةُ. وفي حديث عائشة
(* قوله« وفي حديث عائشة» كذا بالأصل. والذي في
النهاية: عاتكة،) رضي اللَّه عنها: يا لَفُجَر هو معدول عن فاجِرٍ للمبالغة
ولا يستعمل إِلا في النداء غالباً. وفَجارِ: اسم للفَجْرَة والفُجورِ مثل
قَطامِ، وهو معرفة؛ قال النابغة:
إِنا اقْتَسَمْنا خُطَّتَيْنا بيننا:
فَحَمَلْتُ بَرَّةَ، واحتملتَ فَجارِ
قال ابن سيده: قال ابن جني: فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ، وفَجْرَةُ علم
غير مصروف، كما أَن بَرَّةَ كذلك؛ قال: ووقول سيبويه إِنها معدولة عن
الفَجْرَةِ تفسير على طريق المعنى لا على طريق اللفظ، وذلك أَن سيبويه أَراد
أَن يعرِّف أَنه معدول عن فَجْرَةَ علماً فيريك ذلك فعدل عن لفظ العلمية
المراد إِلى لفظ التعريف فيها المعتاد، وكذلك لو عدلتَ عن بَرَّةَ قلت
بَرَارِ كما قلت فَجارِ، وشاهد ذلك أَنهم عدلوا حَذام وقَطام عن حاذمة
وقاطمة، وهما علمان، فكذلك يجب أَن تكون فَجارِ معدولة عن فَجْرَةَ علماً
أَيضاً.
وأَفْجَرَ الرجلَ: وجده فاجِراً. وفَجَرَ أَمرُ القوم: فسد. والفُجور:
الرِّيبة، والكذب من الفُجُورِ. وقد ركب فلان فَجْرَةَ وفَجارِ، لا
يُجْرَيان، إِذا كذب وفَجَرَ. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: إِياكم والكذب
فإِنه مع الفُجُورِ، وهما في النار؛ يريد الميل عن الصدق وأَعمال الخير.
وأَيامُ الفِجارِ: أَيامٌ كانت بين قَيْسٍ وقريش. وفي الحديث: كنت أَيام
الفِجارِ أَنْبُلُ على عمومتي، وقيل: أَيام الفِجارِ أَيام وقائع كانت
بين العرب تفاجروا فيها بعُكاظَ فاسْتَحَلُّوا الحُرُمات. الجوهري:
الفِجارُ يوم من أَيام العرب، وهي أَربعة أَفْجِرَةٍ كانت بين قريش ومَن معها
من كِنانَةَ وبين قَيْس عَيْلان في الجاهلية، وكانت الدَّبْرة على قيس،
وإِنما سَمَّتْ قريش هذه الحرب فِجاراً لأَنها كانت في الأَشهر الحرم، فلما
قاتلوا فيها قالوا: قد فَجَرْنا فسميت فِجاراً. وفِجاراتُ العرب:
مفاخراتها، واحدها فِجارٌ. والفِجاراتُ أَربعة: فِجار الرجل، وفِجار المرأَة،
وفِجار القِرْد، وفِجار البَرَّاضِ، ولكل فِجار خبر. وفَجَرَ الراكبُ
فُجوراً: مال عن سرجه. وفَجَرَ؛ وفي حديث عمر، رضي الله عنه: اسْتَحْمَلَه
أَعرابي وقال: إِن ناقتي قد نَقِبتْ، فقال له: كذبتَ، ولم يحمله، فقال:
أَقْسَمَ بال أَبو حَفْصٍ عُمَرْ:
ما مَسَّها من نَقَبٍ ولا دَبَرْ،
فاغفر له، اللهمَّ، إِن كان فَجَرْ
أَي كذب ومال عن الصدق. وفي حديث أَبي بكر، رضي الله عنه: لأَن يُقَدَّمَ
أَحدُكم فتُضْرَب عُنُقُه خير له من أَن يَخُوض غَمَراتِ الدنيا، يا هادي
الطريق جُرْتَ، إِنما الفَجْر أَو البحر؛ يقول: ان انتظرت حتى يضيء لك
الفجرُ أَبْصَرْتَ قصدك، وإِن خَبَطت الظلماء وركبت العَشْواء هجما بك على
المكروه؛ يضرب الفَجْر والبحر مثلاً لغمرات الدنيا، وقد تقدم البحرُ في
موضعه.
عصف: العَصْفُ والعَصْفة والعَصِيفة والعُصافة؛ عن اللحياني: ما كان على
ساق الزرع من الورق الذي يَيْبَسُ فَيَــتَفَتَّتُ، وقيل: هو ورقه من غير
أَن يُعَيَّن بيُبْس ولا غيره، وقيل: ورقه وما لا يؤكل. وفي التنزيل:
والحبُّ ذو العَصْف والرَّيْحانُ؛ يعني بالعصف ورق الزرع وما لا يؤكل منه،
وأَمّا الريحان فالرزق وما أُكل منه، وقيل: العَصف والعَصِيفةُ والعُصافة
التّبْن، وقيل: هو ما على حبّ الحِنطة ونحوها من قُشور التبن. وقال
النضر: العَصْف القَصِيل، وقيل: العصف بقل الزرع لأَن العرب تقول خرجنا
نَعْصِفُ الزرع إذا قطعوا منه شيئاً قبل إدْراكه فذلك العَصْفُ. والعَصْفُ
والعَصِيفةُ: ورق السُّنْبُل. وقال بعضهم: ذو العَصف، يريد المأْكول من
الحبّ، والريحان الصحيح الذي يؤكل، والعصْفُ والعَصِيف: ما قُطِع منه، وقيل:
هما ورق الزرع الذي يميل في أَسفله فتَجُزّه ليكون أَخفّ له، وقيل:
العصْفُ ما جُزَّ من ورق الزرع وهو رَطْب فأُكل. والعَصِيفةُ: الورق
المُجْتَمِع الذي يكون فيه السنبل. والعَصف: السُّنْبل، وجمعه عُصوف. وأَعْصَفَ
الزرعُ: طال عَصْفُه. والعَصِيفةُ: رؤوس سنبل الحِنْطة. والعصف والعَصِيفة:
الورق الذي يَنْفَتح عن الثمرة والعُصافة: ما سقط من السنبل كالتبن
ونحوه. أَبو العباس: العَصْفانِ التِّبْنانِ، والعُصوفُ الأَتْبانُ. قال أَبو
عبيدة: العصف الذي يُعصف من الزرع فيؤكل، وهو العصيفة؛ وأَنشد لعَلْقَمة
بن عَبْدَة:
تَسقِي مذانِبَ قد مالَتْ عَصِيفَتُها
ويروى: زالت عصيفتها أَي جُزَّ ثم يسقى ليعود ورقه. ويقال: أَعْصَف
الزرع حان أَن يجزَّ. وعَصَفْنا الزرع نَعْصِفُه أَي جززنا ورقه الذي يميل في
أَسفله ليكون أخف للزرع، وقيل: جَزَزْنا ورقه قبل أَن يُدْرِك، وإن لم
يُفعل مالَ بالزرع، وذكر اللّه تعالى في أَول هذه السورة ما دلَّ على
وحدانيته من خَلْقِه الإنسان وتَعْلِيمه البيانَ، ومن خلق الشمس والقمر
والسماء والأَرض وما أَنبت فيها من رزقِ من خلق فيها من إنسيّ وبهيمة، تبارك
اللّه أَحسن الخالقين. واسْتعْصفَ الزرعُ: قَصَّب. وعَصَفَه يَعْصِفُه
عَصْفاً: صرمَه من أَقْصابه. وقوله تعالى كعَصْف مأَْكول، له معنيان:
أَحدهما أَنه جعل أَصحاب الفيل كورق أُخذ ما فيه من الحبّ وبقي هو لا حب فيه،
والآخر أَنه أَراد أَنه جعلهم كعصف قد أَكله البهائم. وروي عن سعيد بن
جبير أَنه قال في قوله تعالى كعصف مأَكول، قال: هو الهَبُّور وهو الشعير
النابت، بالنبطية. وقال أَبو العباس في قوله كعصف قال: يقال فلان يَعْتَصِفُ
إذا طلب الرزق، وروي عن الحسن أَنه الزرع الذي أُكل حبه وبقي تِبْنه؛
وأَنشد أَبو العباس محمد بن يزيد:
فصُيِّروا مِثْلَ كعَصْفٍ مأَْكولْ
أَراد مثل عصف مأْكول، فزاد الكاف لتأْكيد الشبه كما أَكده بزيادة الكاف
في قوله تعالى: ليس كمثله شيء، إلا أنه في الآية أَدخل الحرف على الاسم
وهو سائغ، وفي البيت أَدخل الاسم وهو مثل على الحرف وهو الكاف، فإن قال
قائل بماذا جُرَّ عَصْف أَبالكاف التي تُجاوِرُه أَم بإضافة مثل إليه على
أَنه فصل بين المضاف والمضاف إليه؟ فالجواب أَن العصف في البيت لا يجوز
أَن يكون مجروراً بغير الكاف وإن كانت زائدة، يدُلّك على ذلك أَن الكاف في
كل موضع تقع فيه زائدة لا تكون إلا جارَّة كما أَنَّ من وجميع حروف
الجرّ في أَي موضع وقَعْن زوائد فلا بد من أَن يجررن ما بعدهن، كقولك ما
جاءني من أَحد ولست بقائم، فكذلك الكاف في كعصف مأْكول هي الجارَّة للعصف وإن
كانت زائدة على ما تقدَّم، فإن قال قائل: فمن أَيْنَ جاز للاسم أَن يدخل
على الحرف في قوله مثل كعصف مأْكول؟ فالجواب أَنه إنما جاز ذلك لما بين
الكاف ومثل من المُضارَعة في المعنى، فكما جاز لهم أَن يُدخلوا الكاف على
الكاف في قوله:
وصالِياتٍ كَكما يُؤَثْفَينْ
لمشابهته لمثل حتى كأَنه قال كمثل ما يؤثفين كذلك أَدخلوا أَيضاً مثلاً
على الكاف في قوله مثل كعصف، وجعلوا ذلك تنبيهاً على قوَّة الشبه بين
الكاف ومثل. ومَكان مُعْصِفٌ: كثير الزرع، وقيل: كثير التبن؛ عن اللحياني؛
وأَنشد:
إذا جُمادَى مَنَعَت قَطْرها،
زانَ جَنابي عَطَنٌ مُعْصِفُ
(* قوله «جنابي» بالجيم مفتوحة وبالباء هو الفناء وعطن بالنون، وتقدم
البيت في مادة جمد بلفظ زان جناني جمع الجنة، ولعلّ الصواب ما هنا.)
هكذا رواه، وروايتنا مُغْضِف، بالضاد المعجمة، ونسب الجوهري هذا البيت
لأَبي قيس بن الأَسلت الأَنصاري؛ قال ابن بري: هو لأُحَيْحةَ بن الجُلاح
لا لأَبي قيس.
وعَصَفَتِ الرِّيحُ تَعْصِف عَصْفاً وعُصوفاً، وهي ريح عاصِف وعاصِفةٌ
ومُعْصِفَة وعَصوف، وأَعْصفت، في لغة أَسد، وهي مُعصِف من رياح مَعاصِفَ
ومَعاصِيفَ إذا اشتدَّت، والعُصوف للرِّياح. وفي التنزيل: والعاصفاتِ
عَصْفاً، يعني الرياح، والرّيحُ تَعْصِفُ ما مَرَّت عليه من جَوَلان التراب
تمضي به، وقد قيل: إن العَصْف الذي هو التِّبْن مشتق منه لأَن الريح تعصف
به؛ قال ابن سيده: وهذا ليس بقوي. وفي الحديث: كان إذا عَصَفَتِ الريحُ
أَي إذا اشتدَّ هُبوبُها. وريح عاصف: شديدة الهُبوب. والعُصافةُ: ما
عَصَفَت به الريح على لفظ عُصافة السُّنْبُل. وقال الفراء في قوله تعالى:
أَعمالُهم كَرماد اشتدَّت به الريح في يوم عاصف، قال: فجعل العُصوف تابعاً
لليوم في إعرابه، وإنما العُصوف للرياح، قال: وذلك جائز على جهتين: إحداهما
أَن العُصوف وإن كان للريح فإن اليوم قد يوصف به لأَن الريح تكون فيه،
فجاز أَن يقال يوم عاصف كما يقال يوم بارد ويوم حارّ والبرد والحرّ فيهما،
والوجه الآخر أَن يريد في يوم عاصِف الريحِ فتحذف الريح لأَنها قد ذكرت
في أَوَّل كلمة كما قال:
إذا جاء يومٌ مُظْلِمُ الشمسِ كاسِفُ
يريد كاسِف الشمس فحذفه لأَنه قدم ذكره. وقال الجوهري: يوم عاصف أَي
تَعْصِف فيه الريح، وهو فاعل بمعنى مفعول فيه، مثل قولهم لَيْلٌ نائمٌ
وهَمٌّ ناصبٌ، وجمع العاصِف عَواصِفُ. والمُعْصِفاتُ: الرِّياحُ التي تُثير
السَّحاب والوَرَق وعَصْفَ الزَّرعِ. والعَصْفُ والتعصُّف: السُّرعة، على
التشبيه بذلك. وأَعْصَفَتِ الناقةُ في السير: أَسْرَعتْ، فهي مُعْصفة؛
وأَنشد:
ومن كلِّ مِسْحاجٍ، إذا ابْتَلَّ لِيتُها،
تَخَلَّبَ منها ثائبٌ مُتَعَصِّفُ
يعني العَرَق. وأَعْصَفَ الفَرِسُ إذا مرَّ مرّاً سَريعاً، لغة في
أَحْصَف. وحكى أَبو عبيدة: أَعْصَف الرجل أَي هَلَك. والعَصيفةُ: الوَرقُ
المجتمع الذي يكون فيه السُّنْبُل. والعَصُوف: السريعة من الإبل. قال شمر:
ناقة عاصف وعَصُوفٌ سريعة؛ قال الشمَّاخ:
فأَضْحَت بصَحْراء البَسِيطةِ عاصفاً،
تُوالي الحَصى سُمْرَ العُجاياتِ مُجْمِرَا
وتُجْمَعُ الناقةُ العَصوفُ عُصُفاً؛ قال رؤبة:
بعُصُفِ المَرِّ خِماصِ الأَقْصابْ
يعني الأَمعاء. وقال النضر: إعْصافُ الإبل اسْتِدارتها حول البِئر
حِرْصاً على الماء وهي تطحنُ التراب حوله وتُثِيره. ونَعامة عَصُوفٌ: سريعة،
وكذلك الناقة، وهي التي تَعْصِفُ براكبها فتَمضي به.
والإعصاف: الإهْلاك. وأَعْصَف الرجلُ: هلَك. والحَرب تَعْصِف بالقوم:
تَذهَب بهم وتُهْلِكُهم؛ قال الأَعشى:
في فَيْلَقٍ جَأْواء مَلْمُومةٍ
تَعْصِف بالدَّارِعِ والحاسِر
أَي تُهْلِكهما. وأَعصَف الرجلُ: جار عن الطريق. قال المُفَضَّل: إذا
رمى الرجل غَرَضاً فصاف نبلُه قيل إن سهمك لعاصِفٌ، قال: وكلُّ مائل
عاصِفٌ؛ وقال كثِّير:
فَمَرّت بلَيْلٍ، وهي شَدْفاء عاصِفٌ
بمُنْخَرَقِ الدَّوداة، مَرَّ الخَفَيدَدِ
(* قوله «الدوداة» كذا بالأصل مضبوطاً ومثله شرح القاموس، وهي الجلبة
والأرجوحة كما في القاموس وغيره. وفي معجم ياقوت: الدوداء، بالمدّ، موضع
قرب المدينة ا هـ. وشكلت الدوداء فيه بالضم.)
قال اللحياني: هو يَعْصِفُ ويَعْتَصِفُ ويَصْرِفُ ويَصْطَرِف أَي يكسب.
وعَصَفَ يَعْصِفُ عَصْفاً واعتصَف: كسَب وطلَب واحْتالَ، وقيل: هو
كَسْبُه لأَهله. والعَصْفُ: الكسب؛ ومنه قول العجاج:
قد يَكْسِبُ المالَ الهِدانُ الجافي،
بغَير ما عَصْفٍ ولا اصْطِرافِ
والعُصُوفُ: الكَدُّ
(* قوله «والعصوف الكد» عبارة القاموس وشرحه: قال
ابن الاعرابي: العصوف الكدرة، هكذا في سائر النسخ، وفي العباب: الكدر، وفي
اللسان: الكد.). والعُصوفُ: الخُمور.
رفت: رَفَتَ الشيءَ يَرْفُتُه ويَرْفِتُه رَفْتاً، ورِفْتةً قبيحةً، عن
اللحياني: وهو رُفاتٌ: كَسَرَه ودَقَّه؛ ويقال: رَفَتُّ الشيءَ
وحَطَمْتُه وكَسَرتُه. والرُّفاتُ: الحُطام من كل شيء تكَسَّر.
ورُفِتَ الشيءُ، فهو مَرْفوتٌ.
ورَفَتَ عُنُقَه يَرْفُتُها ويَرْفِتُها رَفْتاً، عن اللحياني. ورَفَتَ
العَظْمُ يَرْفِتُ رَفْتاً: صار رُفاتاً.
وفي التنزيل العزيز: أَئِذا كنَّا عِظاماً ورُفاتاً؛ أَي دُقاقاً. وفي
حديث ابن الزبير، لما أَراد هَدْمَ الكعبة، وبناءَها بالوَرْسِ، قيل له:
إِن الوَرْسَ يَــتَفَتَّتُ ويَصير رُفاتاً. والرُّفاتُ: كل ما دُقَّ
فكُسِرَ.
ويقال: رَفَتَ عِظامَ الجَزور رَفْتاً إِذا كِسَرها ليَطْبُخَها،
ويَسْتَخْرِجَ إِهالَتَها. ابن الأَعرابي: الرُّفَتُ التِّينُ. ويقال في
مَثَلٍ: أَنا أَغْنى عَنْكَ من التُّفَهِ عن الرُّفَتِ؛ والتُّفَهُ: عَناقُ
الأَرض، وهو ذُو ناب لا يَرْزَأَ التِّبْنَ والكَلأَ؛ والتُّفَه يُكتب
بالهاء، والرُّفتُ بالتاء.
فرك: الفَرْك: دَلْكُ الشيء حتى ينقلع قِشْرُه عن لبِّه كالجَوْز،
فَرَكه يَفْرُكه فَرْكاً فانْفَرَك. والفَرِكُ: المُتَفَرِّك قشره.
واسْتَفْرَك الحبُّ في السُّنْبُلة: سَمِنَ واشتدّ. وبُرٌّ فرِيكٌ: وهو الذي فُرِكَ
ونُقِّي. وأَفْرَك الحبُّ: حان له أَن يُفْرك. والفَرِيك: طعام يُفْرك
ثم يُلَتّ بسمن أَو غيره، وفَرَكْتُ الثوب والسنبل بيدي فَرْكاً.
وأَفْرَكَ السنبلُ أَي صار فَرِيكاً، وهو حين يَصْلُح أَن يُفْرَك فيؤكل، ويقال
للنبت أَوَّلَ ما يَطْلُع: نجَمَ ثم فَرَّخَ وقَصَّبَ ثم أَعْصَفَ ثم
أَسْبَلَ ثم سَنْبَل ثم أَحَبَّ وأَلَبَّ ثم أسْفى ثم أَفْرَكَ ثم أَحْصَدَ.
وفي الحديث: نهى عن بيع الحَب حتى يُفْرِكَ أَي يَشْتَدَّ وينتهي. يقال:
أَفْرَكَ الزرعُ إذا بلغ أَن يُفْرَك باليد، وفَرَكْته وهو مفروك
وفَرِيك، ومن رواه بفتح الراء فمعناه حتى يخرج من قشره. وثوب مَفْرُوك بالزعفران
وغيره: صبغ به صبغاً شديداً. والفَرَكُ، بالتحريك: استرخاء أَصل الأُذن.
يقال: أُذن فَرْكاء وفَرِكَةٌ، وقيل: الفَرْكاء التي فيها رَخاوة وهي
أَشدّ أَصلاً من الخَذْواء، وقد فَرِكَتْ فيهما فَرَكاً. والإنْفِراكُ:
استرخاء المَنْكِب. وانْفَرَك المَنْكِبُ: زالت وابِلَتُه من العَضدُ عن
صَدَفة الكتف، فإن كان ذلك في وابلة الفخذ والورك قيل حُرق. الليث: إذا زالت
الوابلة من العضد عن صدفة الكتف فاسترخى المنكب قيل: قد انْفرك منكبه
وانْفَركت وابلتُه، وإن كان ذلك في وابلة الفخذ والورك لا يقال انْفرك،
ولكن يقال حُرِقَ فهو مَحْرُوق. النضر: بعير مَفْرُوك وهو الأَفَكُّ الذي
ينخرم منكبه، وتَنْفَكُّ العصبةُ التي في جوف الأخْرَم. وتَفَرَّك المخنثُ
في كلامه ومِشْيَته: تَكَسَّرَ. والفِرْكُ، بالكسر: البغْضَةُ عامّة،
وقيل: الفِرْك بغْضَةُ الرجل لامرأَته أَو بغْضة امرأة له، وهو أَشهر؛ وقد
فَرِكَتْه تَفْرَكُه فِرْكاً وفَرْكاً وفُروكاً: أَبغضته. وحكى اللحياني:
فَرَكَتْه تَفْرُكه فُروكاً وليس بمعروف، ويقال للرجل أَيضاً: فَرِكَها
فَرْكاً وفِرْكاً أَي أَبغضها؛ قال رؤبة:
فَعفَّ عن اسْرارِها بعد الغَسَقْ،
ولم يُضِعْها بين فِرْكٍ وعَشَقْ
وامرأة فاركٌ وفَرُوكٌ؛ قال القطامِيّ:
لها رَوْضَةٌ في القَلْبِ لم يَرْعَ مِثْلَها
فَرُوكٌ، ولا المُسْتَعْبِرات الصَّلائِفُ
وجمعها فَوارِكُ. ورجل مُفَرَّك: لا يَحْظى عند النساء، وفي التهذيب:
تُبْغِضهُ النساء، وكان امرؤ القيس مُفَرَّكاً. وامرأَة مُفَرَّكة: لا تحظى
عند الرجال؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
مُفَرَّكَة أَزْرى بها عند زَوْجِها،
ولو لَوَّطَتْه هَيَّبانٌ مُخالِفُ
أَي مخالف عن الجَوْدة، يقول: لو لَطَّخته بالطيب ما كانت إلا مُفَرَّكة
لسُوءِ مَخْبُرَتِها، كأَنه يقول: أَزرى بها عند زوجها مَنْظَرٌ
هَيَّبانٌ يَهابُ ويَفْزَع من دنا منه أَي أَن مَنْظَر هذه المرأة شيءٌ يُتحامى
فهو يُفْزِع، ويروى عند أَهلها، وقيل: إنما الهَيَّبانُ المخالفُ هنا
ابنُه منها إذا نظر إلى ولده منها أَبغضها ولو لطخته بالطيب. وفي حديث ابن
مسعود: أَن رجلاً أَتاه فقاله له: إني تزوَّجت امرأة شابة أَخاف أَن
تَفْرُكَني فقال عبد الله: إن الحُب من الله والفَرْك من الشيطان، فإذا دخلت
عليك فصلّ ركعتين ثم ادْعُ بكذا وكذا؛ قال أَبو عبيد: الفَرْك والفِرْك
أَن تُبْغضَ المرأَة زوجها، قال: وهذا حرف مخصوص به المرأَة والزوجُ، قال:
ولم أَسمع هذا الحرف في غير الزوجين. وفي الحديث: لا يَفْرُك مؤمنٌ
مؤمنةً أَي لا يُبْغِضها كأَنه حث على حسن العشرة والصحبة؛ وقال ذو الرمة يصف
إبلاً:
إذا الليلُ عن نَشْزٍ تَجَلَّى، رَمَيْنَهُ
بأَمْثالِ أَبْصارِ النِّساء الفَوارِكِ
يصف إبلاً شبهها بالنساء الفوارك، لأَنهن يَطْمَحْن إلى الرجال ولسن
بقاصرات الطرف على الأزواج، يقول: فهذه الإبل تُصْبِح وقد سَرَتْ ليلها كله
فكلما أَشرف لهن نَشَزٌ رمينه بأَبصارهن من النَّشاط والقوَّة على السير.
ابن الأَعرابي: أَولادُ الفِرْك فيهم نجابة لأنهم أَشبه بآبائهم، وذلك
إذا واقع امرأَته وهي فاركٌ لم يشبهها ولده منها، وإذا أَبغض الزوج
المرأَة قيل: أَصْلَفَها، وصَلِفَتْ عنده. قال أَبو عبيدة: خرج أَعرابي وكانت
امرأَته تَفْرُكُه وكان يُصْلِفُها، فأَتْبَعَتْه نواةً وقالت: شَطَّتْ
نواك، ثم أَتبعته رَوْثَةً وقالت: رَثَيْتُك وراثَ خَبَرُك، ثم أَتبعتَه
حَصاةً وقالت: حاصَ رِزْقُك وحُصَّ أَثَرُك؛ وأَنشد:
وقد أُخْبِرْتُ أَنكِ تَفْرُكيني،
وأُصْلِفُكِ الغَداةَ فلا أُبالي
وفارَك الرجلُ صاحِبَهُ مفاركة وتارَكة مُتاركَةً بمعنى واحد. الفراء:
المُفَرَّكُ المتروك المُبْغَضُ. يقال: فارَك فلانٌ فلاناً تاركه. وفَرَك
بلدَه ووطَنَه؛ قال أَبو الرُّبَيْسِ التغلبي:
مُراجِع نَجْدٍ بعد فِرْكٍوبِغْضَةٍ
مُطَلِّق بُصْرى أَصْمَع القَلْبِ جافِله
والفِرِكَّانُ: البِغْضَةُ؛ عن السيرافي. وفُرُكَّان: أَرض، زعموا. ابن
بري: وفِرِكَّان اسم أَرض، وكذلك فِرِكٌ؛ قال:
هل تَعْرِفُ الدارَ بأَدْنى ذي فِرِكْ
جرش: الجَرْش: حَكّ الشيء الخَشِنِ بمثله ودلْكُه كما تجرُِش الأَفعى
أَنيابها إِذا احْتَكَّت أَطْواؤها تَسْمَع لذلك صَوتاً وجَرْشاً. وقيل: هو
قَشْرُه؛ جَرَشَه يَجْرُشُه ويجرِشه جرشاً، فهو مَجْروش وجَرِيش.
والجُراشَة: ما سقَط من الشيءِ تجرُِشه. التهذيب: جُراشة الشيء ما سقط منه
جَرِيشاً إِذا أُخذ ما دق منه. والأَفعى تجرِشُ وتجرُش أَنيابها: تحُكّها.
وجَرْشُ الأَفعى: صوْتٌ تخرجه من جلْدها إِذا حَكّت بعضَها ببعض.
والمِلْح الجَرِيشُ: المَجروش كأَنه قد حَكّ بعضُه بَعْضاً فــتفتت.
والجَريش: دَقيقٌ فيه غِلَظٌ يَصْلح لِلْخَبِيص المُرَمَّل.
والجُراشة مِثْل المُشاطَة والنُّحاتَة. وجَرَشَ رأْسه بالمُشْط
وجَرَّشَه إِذا حَكَّه حتى تَسْتَبِينَ هِبْرِيَتُه. وجُراشة الرأْس: ما سقط منه
إِذا جُرِش بمشط. وفي حديث أَبي هريرة: لو رأَيتُ الوُعُول تَجْرُش ما
بَينَ لابَتَيْها ما هِجْتُها، يعني المدينة؛ الجَرْش: صوتٌ يحصِل من أَكل
الشيء الخَشِن، أَراد لو رأَيتُها تَرْعى ما تعرَّضْتُ لها لأَن النبي،
صلى اللَّه عليه وسلم، حَرَّم صيدَها، وقيل هو بالسين المهملة بمعناه،
ويروى بالخاء المعجمة والشين المعجمة، وسيأْتي ذكره.
والتجْرِيشُ: الجُوع والهُزال؛ عن كراع. ورجل جَرِيش: نافِذ.
والجِرِشَّى، على مثال فِعِلَّى كالزِّمِكّى: النفْس؛ قال:
بَكى جَزَعاً من أَن يَمُوتَ، وأَجْهَشَت
إِليه الجِرِشَّى، وارْمَعَنَّ حَنِينُها
الحنين: البكاء. ومضى جَرْشٌ
(* قوله «ومضى جرش» هو بالتثليث وبالتحريك
وكصرد.) من الليل، وحكي عن ثعلب: جَرَش، قال ابن سيده: ولست منه على ثقة.
وجَوْشٌ وجُؤْشُوشٌ: وهو ما بين أَوله إِلى ثُلْثه، وقيل: هو ساعة منه؛
والجمع أَجْراش وجُروش، والسينُ المهملة في جرش لغة؛ حكاه يعقوب في
البدل. وأَتاه بِجَرْشٍ من الليل أَي بآخِرٍ منه. ومضى جَرْش من الليل أَي
هَوِيٌّ من الليل. والجَرْش: الإِصابة، وما جَرَش منه شيئاً وما اجْتَرَش
أَي ما أَصابَ.
وجُرَش: موضع باليمن، ومنه أَدِيم جُرَشِيٌّ. وفي الحديث ذكر جُرَش، بضم
الجيم وفتح الراء، مِخْلافٌ من مخاليف اليمن، وهو يفتحهما بلد بالشأْم،
ولهما ذكر في الحديث. وجُرَشيَّة: بئر معروفة؛ قال بشر بن أَبي خازم:
تَحَدُّرَ ماءِ البئرِ عن جُرَشِيَّة،
على جِرْبَةٍ، تَعْلو الدِّبارَ غُرُوبُها
وقيل: هي هنا دلو منسوبة إِلى جُرَش. الجوهري: يقول دُمُوعِي تَحدّرُ
كتَحَدُّرِ ماء البئر عن دلو تَسْتَقي بها ناقة جُرَشِية لأَن أَهل جُرَش
يَسْتَقُون على الإِبل.
وجَرَشْت الشيءَ إِذا لم تُنعِّم دقه، فهو جريش. وملح جَرِيش: لم
يَتَطَيَّب. وناقة جُرَشِيَّة: حمراء. والجُرَشِيُّ: ضرْب من العنب أَبيض إِلى
الخضرة رقيق صغير الحبة وهو أَسرعُ العنب إِدراكاً، وزعم أَبو حنيفة أَن
عناقيده طِوال وحبّه مُتَفرق، قال: وزعموا أَن العنقود منه يكون ذراعاً،
وفي العُنُوق حمراءُ جُرَشِية، ومن الأَعناب عِنَبٌ جُرَشِيٌّ بالغٌ جيد
ينسب إِلى جُرَش.
والجَرْش: الأَكل. قال الأَزهري: الصواب بالسين. والجُرَشِيَّة: ضرب من
الشعير أَو البرّ. ورجُل مُجْرَئشُّ الجنبِ: منتفخه؛ قال:
إِنك يا جَهْضَم ماهي القَلْب،
جافٍ عَريضٌ مُجْرَئِشُّ الجَنْب
والمُجْرَئِشُّ أَيضاً: المُجْتَمِع الجنب، وقيل: المُجْرَئِشّ الغليظُ
الجنب الجافي، وقال الليث: هو المنتفخ الوسط من ظاهر وباطن. قال ابن
السكيت: فرس مُجْفَر الجَنبين ومُجْرَئشُّ الجنبين وحَوْشَب، كل ذلك انتفاخ
الجنبين.
أَبو الهذيل: اجْرَأَشّ إِذا ثابَ جِسْمُه بعد هُزال، وقال أَبو
الدُّقَيش: هو الذي هُزِل وظهرت عظامه؛ وقول لبيد:
بَكَرَتْ به جُرَشِيَّة مقْطُورة
قال ابن بري في ترجمة حجر: أَراد بقوله جُرَشِيَّة ناقة منسوبة إِلى
جُرَش. وجُرَش: إِن جعلته اسم بُقْعة لم تصرفه للتأْنيث والتعريف، وإِن
جعلته اسم موضع فيحتمل أَن يكون معدولاً فيمتنع أَيضاً من الصرف للعدل
والتعريف، ويحتمل أَن لا يكون معدولاً فينصرف لامتناع وجود العلتين. قال: وعلى
كلّ حال تركُ الصرف أَسلمُ من الصرف، وهو موضع باليمن. ومقْطُورة:
مطْلِيّة بالقَطِران. وفي البيت عُلكُوم، وعُلْكُومٌ ضخمة، والهاء في به تعود
على غَرْب تقدم ذكرها.
خرع: الخَرَعُ، بالتحريك، والخَراعةُ: الرخاوةُ في الشيء، خَرِعَ
خَرَعاً وخَراعةً، فهو خَرِعٌ وخَرِيعٌ؛ ومنه قيل لهذه الشجرة الخِرْوَع
لرَخاوته، وهي شجرة تَحْمل حَبًّا كأَنه بيضُ العصافِير يسمى السِّمْسم الهندي،
مشتق من التَّخرُّعِ، وقيل: الخِرْوَعُ كل نبات قَصيفٍ رَيّانَ من شجر
أَو عُشْب، وكلّ ضعيفٍ رِخْو خَرِعٌ وخَرِيعٌ؛ قال رؤبة:
لا خَرِعَ العظْمِ ولا مُوَصَّما
وقال أَبو عمرو: الخَرِيعُ الضعيف. قال الأَصمعي: وكلّ نَبْتٍ ضعيفٍ
يتثنى خِرْوَعٌ أَيَّ نَبت كان؛ قال الشاعر:
تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ، كأَنّه
تعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِي خِرْوَعٍ قَفْر
ولم يجئ على وزن خِرْوَعٍ إِلاَّ عِتْوَدٌ، وهو اسم وادٍ، ولهذا قيل
للمرأَة الليِّنةِ الحسْناء: خَرِيعٌ، وكذلك يقال للمرأَة الشابّة الناعمة
اللينة.
وتَخَرَّع وانخرَع: استرْخَى وضَعُفَ ولان، وضَعُف الخوّار. والخَرَعُ:
لينُ المَفاصِل. وشَفة خَرِيعٌ: ليّنةٌ. ويقال لِمِشْفَرِ البعير إِذا
تدلَّى: خَرِيعٌ؛ قال الطرمّاح:
خَرِيعَ النَّعْوِ مُضْطَرِبَ النَّواحِي،
كأَخْلاقِ الغَرِيفةِ ذي غُضونِ
(* قوله «ذي غضون» كذا في الأصل والصحاح أَيضا في عدة مواضع، وقال شارح
القاموس في مادة غرف: قال الصاغاني كذا وقع في النسخ ذي غضون، والرواية
ذا غضون منصوب بما قبله.)
وانخَرَعَت كَتِفُه: لغة في انْخَلَعَت. وانْخَرَعَت أَعضاء البعير
وتخرَّعت: زالت عن موضعها؛ قال العجاج:
ومَن هَمَزْنا عِزَّه تخرَّعا
وفي حديث يحيى بن كثير أَنه قال: لا يُجزئ في الصدقة الخَرِعُ، وهو
الفَصِيل الضعيف، وقيل: هو الصغير الذي يَرْضَع. وكلُّ ضعيف خرِعٌ. وانخرع
الرجل: ضعف وانكسر، وانخرَعْتُ له: لِنْتُ. وفي حديث أَبي سعيد الخدري: لو
سمع أَحدكم ضَغْطةَ القبر لخَرِعَ أَو لَجَزِعَ. قال ابن الأَثير: أَي
دَهِشَ وضعُف وانكسر. والخَرَعُ: الدَّهَشُ، وقد خَرِعَ خَرَعاً أَي
دَهِشَ. وفي حديث أَبي طالب: لولا أَنَّ قريشاً تقول أَدركه الخَرَعُ لقلتها،
ويروى بالجيم والزاي، وهو الخَوْف. قال ثعلب: إِنما هو الخَرَعُ، بالخاء
والراء. والخَرِيعُ: الغُصْن في بعض اللغات لنَعمَتِه وتَثَنِّيه.
وغُصْنٌ خَرِعٌ: لَيِّنٌ ناعِمٌ؛ قال الراعي يذكر ماء:
مُعانِقاً ساقَ رَيّا ساقُها خَرِع
والخَرِيعُ من النساء: الناعمةُ، والجمع خُورعٌ وخَرائعُ؛ حكاهما ابن
الأَعرابي. وقيل: الخَرِيعُ والخَرِيعةُ المتكسرة التي لا تَرُدّ يدَ لامِس
كأَنها تَتخَرَّع له؛ قال يصف راحلته:
تَمْشِي أَمامَ العِيسِ، وهي فيها،
مَشْيَ الخَرِيعِ تركَتْ بَنِيها
وكلُّ سرِيع الانكِسارِ خَرِيعٌ. وقيل: الخَرِيعُ الناعمةُ مع فُجور،
وقيل: الفاجِرةُ من النساء، وقد ذهب بعضهم بالمرأَة الخَرِيع إِلى الفُجور؛
قال الراجز:
إِذا الخَرِيعُ العَنْقَفِيرُ الحُذَمهْ،
يَؤُرُّها فَحْلٌ شَدِيدُ الصُّمَمهْ
وقال كثير:
وفيهنَّ أَشْباهُ المَها رَعَتِ المَلا،
نَواعمُ بِيضٌ في الهَوَى غَيْرُ خُرَّعِ
وإِنما نفى عنها المَقابِحَ لا المَحاسِن أَراد غير فواجِرَ وأَنكر
الأَصمعي أَن تكون الفاجِرةَ، وقال: هي التي تَـَثنَّى من اللِّين؛ وأَنشد
لعُتَيْبةَ بن مِرْداس في صفة مِشْفر بعير:
تَكُفُّ شبا الأَنيابِ عنها بِمشْفَرٍ
خَرِيعٍ، كسِبْتِ الأَحْوريّ المُخَصَّرِ
وقيل: هي الماجِنةُ المَرِحةُ. والخَراوِيعُ من النساء: الحِسان.
وامرأَة خِرْوعةٌ: حسَنةٌ رَخْصةٌ لَيِّنةٌ؛ وقال أَبو النجم:
فهي تَمَطَّى في شَبابٍ خِرْوَعِ
والخَرِيعُ: المُرِيبُ لأَن المُريب خائف فكأَنه خَوَّارٌ؛ قال:
خَريع متى يَمْشِ الخَبيثُ بأَرضِه،
فإِنَّ الحَلالَ لا مَحالةَ ذائِقُهْ
والخَراعةُ: لغة في الخَلاعة، وهي الدَّعارةُ؛ قال ابن بري: شاهده قول
ثعلبة بن أَوْس الكلابي:
إِنْ تُشْبِهيني تُشْبِهي مُخَرَّعا
خَراعةً مِنِّي ودِيناً أَخْضَعا،
لا تَصْلُح الخَوْدُ عليهنَّ مَعا
ورجل مُخَرّع: ذاهب في الباطل.
واخْتَرع فلان الباطل إِذا اخترقه. والخَرْعُ: الشقُّ. وخَرَعَ الجلدَ
والثوبَ يَخْرَعه خَرْعاً فانْخرع: شقّه فانشقَّ. وانْخَرَعتِ القَناةُ
إِذا انشقَّتْ، وخَرَعَ أُذنَ الشاةِ خَرْعاً كذلك، وقيل: هو شقُّها في
الوسط. واخْتَرَع الشيء: اقتَطَعه واخْتَزَلَه، وهو من ذلك لأَن الشقَّ قطع.
والاختِراعُ والاخْتِزاعُ: الخِيانةُ والأَخذُ من المالِ. والاختِراعُ:
الاستِهلاكُ. وفي الحديث: يُنْفَقُ على المُغيبةِ من مال زوجها ما لم
تَخترِعْ مالَه أَي ما لم تَقْتَطِعْه وتأْخذه؛ وقال أَبو سعيد: الاختراعُ
ههنا الخيانة وليس بخارج من معنى القَطْع، وحكى ذلك الهروي في الغريبين.
ويقال: اخْترعَ فلان عوداً من الشجرة إِذا كسرها. واخْترعَ الشيء:
ارْتَجَلَه، وقيل: اخْترعه اشتقَّه، ويقال: أَنشأَه وابْتَدَعه، والاسم
الخِرْعةُ.
ابن الأَعرابي: خَرِعَ الرجل إِذا استرخَى رأْيُه بعد قُوَّة وضَعُف
جسمه بعد صَلابة.
والخُراعُ: داء يُصيب البعير فيَسْقُط ميتاً، ولم يَخُصّ ابن الأَعرابي
به بعيراً ولا غيره، إِنما قال: الخُراعُ أَن يكون صحيحاً فيقع ميِّتاً.
والخُراعُ: الجُنون، وقد خُرِعَ فيهما، وربما خُصَّ به الناقةُ فقيل:
الخُراعُ جُنون الناقة. يقال: ناقة مَخْروعة. الكسائي: من أَدواء الإِبل
الخُراعُ وهو جُنونُها، وناقة مَخْروعةٌ، وقال غيره: خَرِيعٌ ومَخْروعةٌ وهي
التي أَصابها خُراع وهو انقطاع في ظهرها فَتُصبِح باركةً لا تقوم، قال:
وهو مَرض يُفاجئُها فإِذا هي مَخروعةٌ. وقال شمر: الجُنونُ والطَّوَفانُ
والثَّوَلُ والخُراعُ واحد. قال ابن بري: وحكى ابن الأَعرابي أَن
الخُراعَ يُصِيبُ الإِبل إِذا رَعَتِ النَّدِيّ في الدَّمَن والحُشوش؛ وأَنشد
لرجل هجا رجلاً بالجَهْل وقلة المعرفة:
أَبُوك الذي أُخْبرْتُ يَحْبِسُ خَيْلَه،
حِذارَ النَّدَى، حتى يَجِفَّ لها البَقْلُ
وصفَه بالجهل لأَنَّ الخيل لا يَضُرُّها الندى إِنما يَضرّ الإِبل
والغنم.
والخَرِيعُ والخِرِّيعُ: العُصْفُر، وقيل: شجرةٌ. وثوب مُخَرَّع:
مَصْبوغ بالخَرِيع وهو العُصْفر.
وابن الخَرِيع: أَحَدُ فُرْسان العرب وشُعرائها.
وخَرِعَت النخلة أَي ذهَب كَرَبُها.
نغل: النَّغَل، بالتحريك: فساد الأَدِيم في دِباغه إِذا تَرَفَّت
وتَفَتَّت.
ويقال: لا خير في دَبْغة على نَغْلة. نَغِل الأَديمُ، بالكسر، نَغَلاً،
فهو نَغِل: فسد في الدباغ، وأَنْغَله هو؛ قال قيس بن خويلد:
بني كاهِلٍ لا تُنْغِلُنَّ أَدِيمَها،
ودَعْ عَنْك أَفْصَى، ليس منها أُدِيمُها
والاسم: النَّعْلة. ونَغِل الجُرْحُ نَغَلاً: فسد، وبَرئ الجُرْحُ وفيه
شيء من نَغَلٍ أَي فسادٍ. وفي الحديث: ربما نَظَر الرجلُ نَظْرةً
فَنَغِل قلبُه كما يَنْغَل الأَديمُ في الدِّباغ فَيَتَثقَّب. ونَغِل الأَديمُ
إِذا عفِن وتَهَرَّى في الدباغ فيفسد ويَهْلِك. وجَوْزةٌ نَغِلةٌ:
متَغيِّرة. ورجل نَغِل ونَغْل: فاسد النسَب، وقيل: إِن العامة تقول نَغْل.
التهذيب: يقال نَغُلَ المولودُ يَنْغُل نُغُولةً، فهو نَغْل. والنَّغْل: ولد
الزِّنْيَة، والأُنثى نَغْلة، والمصدرُ أَو اسمُ المصدر منه النِّغْلة.
والنَّغَلُ: الإِفسادُ بين القوم والنَّميمةُ؛ قال الأَعشى يذكر نبات
الأَرض:
يَوماً تراها كَشِبْهِ أَرْدِيَةِ الـ
ـعَصْبِ، ويوماً أَدِيمُها نَغِلا
واستشهد الأَزهري بهذا البيت على قوله نَغِل وجهُ الأَرض إِذا تهشَّم من
الجُدوبة. وفيه نَغَلةٌ أَي نميمةٌ. وأَنْغَلَهم حديثاً سمَعه: نَمَّ
إِليهم به. ونَغِل قلبُه أَي ضَغِن. يقال: نَغِلتْ نِيَّاتُهم أَي
فسدتْ.
كمد: الكَمْدُ والكُمْدَةُ: تغيرُ اللونِ وذَهابُ صفائه وبقاءُ أَثَرِه.
وكَمَدَ لونُه إِذا تغيَّر، ورأَيتُه كامِدَ اللون. وفي حديث عائشة، رضي
الله عنها: كانت إِحدانا تأْخُذُ الماءَ بيدها فَتَصُبُّ على رأْسها
بإِحْدى يديها فَتُكْمِدُ شِقَّها الأَيمنَ؛ الكَمْدَةُ: تغيرُ اللونِ.
يقال: أَكمَدَ الغَسَّالُ والقَصَّارُ الثوبَ إِذا لم يُنَقِّه. ورجل كامدٌ
وكَمِدٌ: عابِسٌ.
والكَمعدُ: هَمٌّ وحُزن لا يستطاع إِمضاؤه.
الجوهري: الكَمَدُ الحزن المكتوم. وكمَدَ القصَّارُ الثوبَ إِذا دَقَّه،
وهو كمَّادُ الثوبِ. ابن سيده: والكَمَد أَشدُّ الحزن. كمِدَ كَمَداً
وأَكْمَده الحزن. وكَمِدَ الرجلُ، فهو كَمِدٌ وكَمِيدٌ. وتَكْمِيدُ
العُضْوِ: تسخينه بِخرَق ونحوها، وذلك الكِمادِ، بالكسر.
والكِمادَةُ: خرْقة دَسِمَةٌ وسخَةٌ تسخن وتوضع على موضع الوجع فيستشفى
بها، وقد أَكْمَدَه، فهو مَكْمود، نادر. ويقال: كَمَدْتُ فلاناً إِذا
وَجِعَ بعضُ أَعضائه فسَخَّنْتَ له ثوباً أَو غيره وتابعت على موضع الوجع
فيجد له راحة، وهو التكنيدُ. وفي حديث جبير بن مطعم: رأَيت رسول الله، صلى
الله عليه وسلم، عاد سعِيدَ بنَ العاصِ فَكَمَّده بخرقة. وفي الحديث:
الكِمادُ أَحبّ إِليَّ من الكَيّ. وروي عن عائشة، رضي الله عنها، أَنها
قالت: الكِمادُ مكان الكيّ، والسَّعُوطُ مكانُ النفخ، واللَّدُودُ مكان
الغمْزِ أَي أَنه يُبْدَلُ منه ويَسُدُّ مَسَدَّه، وهو أَسهل وأَهون. وقال
شمر: الكِمادُ أَن تؤخَذَ خِرْقة فتُحْمَى بالنار وتوضع على موضع الوَرَم،
وهو كيّ من غير إِحراق؛ وقولُها: السَّعُوطُ مكان النفخ، هو أَن يُشْتَكَى
الحَلْقُ فيُنْفَخَ فيه، فقالت: السَّعوط خير منه؛ وقيل: النفخ دواء
ينفخ بالقَصَب في الأَنف، وقولها: اللَّدُودُ مكان الغمز، هو أَن تَسْقُطَ
اللَّهاةُ فتُغمَزَ باليد، فقالت: اللَّدُودُ خير منه ولا تَغْمِزْ
باليد.
سوس: السُّوسُ والسَّاسُ: لغتان، وهما العُثَّة التي تقع في الصوف
والثياب والطعام. الكسائي: ساس الطعامُ يَساسُ وأَساسَ يُسِيسُ وسَوَّسَ
يُسَوِّسُ إِذا وقع فيه السُّوسُ؛ وأَنشد لزُرارة بن صَعْب بن دَهْرٍ،
ودَهْرٌ: بطنٌ من كلاب، وكان زُرارةُ خرج مع العامرية في سفر يَمْتارون من
اليَمامة، فلما امتاروا وصَدَروا جعل زُرارةُ بن صَعْب يأْخذه بطنُه فكان
يتخلف خلف القوم فقالت العامرية:
لقد رأَيتُ رجلاً دُهْرِيًّا،
يَمْشِي وَراء القوم سَيْتَهِيَّا،
كأَنه مُضْطَغِنٌ صَبِيًّا
تريد أَنه قد امتلأَ بطنه وصار كأَنه مُضْطَغِنٌ صبيّاً من ضِخَّمِه،
وقيل: هو الجاعل الشيء على بطنه يَضُمُّ عليه يَدَه اليسرى؛ فأَجابها
زُرارة:
قد أَطْعَمَتْني دَقَلاً حَوْلِيَّا،
مُسَوِّساً مُدَوِّداً حَجْرِيَّا
الدقَلُ: ضَرْبٌ رَديءٌ من التمر. وحَجْرِيَّا: يريد أَنه منسوب إِلى
حَجْر اليمامة، وهو قصبتها. ابن سيده: السُّوس العُثُّ، وهو الدود الذي
يأْكل الحبَّ، واحدته سُوسة، حكاه سيبويه. وكل آكلِ شيء، فهو سُوسُه، دوداً
كان أَو غيره والسَّوْس، بالفتح: مصدر ساسَ الطعامُ يَساسُ ويَسُوسُ؛ عن
كراع، سَوْساً إِذا وقع فيه السُّوسُ، وسِيسَ وأَساسَ وسَوَّسَ واسْتاسَ
وتَسَوَّسَ؛ وقول العجاج:
يَجْلُو، بِعُودِ الإِسْحِل المُفَصَّمِ،
غُروبَ لا ساسٍ ولا مُثَلَّمِ
والمُفَصَّم: المُكَسَّر. والساسُ: الذي قد ائتكَل، وأَصله سائسٌ، وهو
مثل هائر وهارٍ وصائفٍ وصافٍ؛ قال العجاج:
صافي النُّحاسِ لم يُوَشَّغْ بالكَدَرْ،
ولم يُخالِطْ عُودَه ساسُ النَّخَرْ
ساسُ النخر أَي أَكل النخر. يقال: نَخِرَ يَنْخَر نَخَراً. وطعامٌ
وأَرْْضٌ ساسَةٌ ومَسُوسَة. وساسَت الشاة تَساسُ سَوساً وإِساسَةً، وهي
مُسِيسٌ: كَثُرَ قملُها. وأَساسَتْ مثله؛ وقال أَبو حنيفة: ساسَت الشجرةُ
تَساسُ سِياساً وأَساسَتْ أَيضاً، فهيَ مُسِيسٌ.
أَبو زيد: الساسُ، غير مهموز ولا ثقيل، القادحُ في السنّ.
والسَّوَسُ: مصدر الأَسْوَس، وهو داءٌ يكون في عَجْزِ الدابة بين الورك
والفخذُ يورِثُه ضَعْفَ الرِّجْل. ابن شميل: السُّواسُ داء يأْخذ الخيل
في أَعناقها فيُيَبِّسُها حتى تموت. ابن سيده: والسَّوَسُ داء في عَجُز
الدابة، وقيل: هو داء يأْخذ الدابة في قوائمها. والسَّوْسُ: الرِّياسَةُ،
يقال ساسوهم سَوْساً، وإِذا رَأَّسُوه قيل: سَوَّسُوه وأَساسوه. وسَاس
الأَمرَ سِياسةً: قام به، ورجل ساسٌ من قوم ساسة وسُوَّاس؛ أَنشد ثعلب:
سادَة قادة لكل جَمِيعٍ،
ساسَة للرجال يومَ القِتالِ
وسَوَّسَه القومُ: جَعَلوه يَسُوسُهم. ويقال: سُوِّسَ فلانٌ أَمرَ بني
فلان أَي كُلِّف سِياستهم. الجوهري: سُسْتُ الرعية سِياسَة. وسُوِّسَ
الرجلُ أُمور الناس، على ما لم يُسَمَّ فاعله، إِذا مُلِّكَ أَمرَهم؛ ويروى
قول الحطيئة:
لقد سُوِّسْت أَمرَ بَنِيك، حتى
تركتهُم أَدقَّ من الطَّحِين
وقال الفراء: سُوِّسْت خطأٌ. وفلان مُجَرَّبٌ قد ساسَ وسِيسَ عليه أَي
أَمَرَ وأُمِرَ عليه. وفي الحديث: كان بنو إِسرائيل يَسُوسُهم أَنبياهم
أَي تتولى أُمورَهم كما يفعل الأُمَراء والوُلاة بالرَّعِيَّة.
والسِّياسةُ: القيامُ على الشيء بما يُصْلِحه. والسياسةُ: فعل السائس.
يقال: هو يَسُوسُ الدوابَّ إِذا قام عليها وراضَها، والوالي يَسُوسُ
رَعِيَّتَه. أَبو زيد: سَوَّسَ فلانٌ لفلان أَمراً فركبه كما يقول سَوَّلَ له
وزَيَّنَ له. وقال غيره: سَوَّسَ له أَمراً أَي رَوَّضَه وذلَّلَه.
والسُّوسُ: الأَصل. والسُّوسُ: الطبْع والخُلُق والسَجِيَّة. يقال:
الفصاحة من سُوسِه. قال اللحياني: الكرم من سُوسِه أَي من طبعه. وفلان من
سُوسِ صِدْقٍ وتُوسِ صِدْقٍ أَي من أَصل صدْق.
وسَوْ يكون وسَوْ يفعل: يريدون سوف؛ حكاه ثعلب، وقد يجوز أَن تكون الفاء
مزيدة فيها ثم تحذف لكثرة الاستعمال، وقد زعموا أَن قولهم سأَفعل مما
يريدون به سوف نفعل فحذفوا لكثرة استعمالهم إِياه، فهذا أَشذ من قولهم سَوْ
نفعل.
والسُّوسُ: حَشيشة تشبه القَتَّ؛ ابن سيده: السُّوسُ شجر ينبت ورقاً في
غير أَفنان؛ ويقال أَبو حنيفة؛ هو شجر يغمى به البيوت ويدخل عصيره في
(*
كذا بياض بالأصل، ولعل محله في الأدوية، كما يؤخذ من ابن البيطار) ...،
وفي عروقه حلاوة شديدة، في فروعه مرارة، وهو ببلاد العرب كثير.
والسَّوَاسُ: شجر، واحدته سَواسَة؛ قال أَبو حنيفة: السَّواسُ من العضاه
وهو شبيه بالمَرْخ له سَنِفَةٌ مثل سَنِفَة المَرْخ وليس له شوك ولا
ورق، يطول في السماء ويُستظل تحته. وقال بعض العرب: هي السَّواسِي، قال أَبو
حنيفة: فسأَلته عنها، فقال: السَّواسِي والمَرْخُ هؤلاء الثلاثة
متشابهة، وهي أَفضل ما اتخذ منه زَنْدٌ يقتدح به ولا يَصْلِدُ؛ وقال
الطِّرِمَّاح:
وأَخْرَجَ أُمُّه لسَواسِ سَلْمَى،
لِمَعْفُورِ الضَّبا ضَرِمِ الجَنِينِ
والواحدة: سَواسَة. وقال غيره: أَراد بالأَخْرَج الرَّمادَ، وأَراد
بأُمه الزنْدَةَ أَنه قطع من سَواسِ سَلْمَى، وهي شجرة تنبت في جبل سلمى.
وقوله لمعفور الضبا أَراد أَن الزندة شجرة إِذا قِيلَ الزَّنْدُ فيها أُخرجت
شيئاً أَسود فينعفر في التراب ولا يَرِي، لأَنه لا نار فيه، فهو الولد
المعفور النار فذلك الجنين الضَّرِمُ، وذكر معفور الضبا لأَنه نسبه إِلى
أَبيه، وهو الزند الأَعلى. وسَوَاسُ: موضع؛ أَنشد ثعلب:
وإِنَّ امْرأً أَمسى، ودُونَ حَبيبهِ
سَواسٌ، فَوادي الرَّسِّ والهَمَيانِ،
لَمُعْتَرفٌ بالنأْي بعد اقْتِرابِه،
ومَعْذُورَةٌ عيناه بالهَمَلانِ
فتا: الفتاء: الشَّباب. والفَتى والفَتِيَّةُ: السابُّ والشابَّةُ ،
والفعل فَتُوَ يَفْتُو فَتاء. ويقال: افْعَلْ ذلك في فَتائِه. وقد فَتِيَ،
بالكسر، يَفْتى فَتًى فهو فَتِيٌّ السنِّ بَيِّن الفَتاء، وقد وُلد له في
فَتاء سنه أَولاد؛ قال أَبو عبيد: الفَتاء، ممدود، مصدر الفَتِيِّ؛
وأَنشد للربيع بن ضبع الفزاري قال:
إذا عاشَ الفَتى مائتَينِ عاماً،
فقد ذهَبَ اللَّذاذةُ والفَتاء
فقصر الفتى في أَول البيت ومدَّ في آخره، واستعاره في الناس وهو من مصادر
الفَتيِّ من الحيوان، ويجمع الفَتى فِتْياناً وفُتُوًّا، قال: ويجمع
الفَتِيُّ في السن أَفْتاء. الجوهري: والأَفْتاء من الدوابّ خلاف المَسانِّ،
واحدها فَتِيٌّ مثل يتِيم وأَيتام؛ وقوله أَنشده ثعلب:
وَيْلٌ بزَيْدٍ فَتىً شَيْخٍ أَلُوذُ به،
فلا أُعَشَّى لَدَى زَيْدٍ ولا أَرِدُ
فسر فتى شيخ فقال أَي هو في حَزْم المشايخ، والجمع فتْيان وفِتْية
وفِتْوة؛ الواو عن اللحياني ، وفُتُوٌّ وفُتِيٌّ. قال سيبويه: ولم يقولوا
أَفْتاء استغنوا عنه بفِتْيَة. قال الأزهري: وقد يجمع على الأَفْتاء. قال
القتيبي: ليس الفَتى بمعنى الشابّ والحَدَث إنما هو بمعنى الكامل الجَزْل من
الرجال، يَدُلُّك على ذلك قول الشاعر:
إنَّ الفَتى حَمّالُ كلِّ مُلِمَّةٍ ،
ليسَ الفَتى بمُنَعَّمِ الشُّبَان
قال ابن هرمة:
قَد يُدْرِكُ الشَّرَفَ الفَتى، ورِداؤُه
خَلَقٌ، وجَيْبُ قَمِيصِه مَرْقُوعُ
وقال الأَسود بن يعفر:
ما بَعدَ زَيْد في فَتاةٍ فُرِّقُوا * قَتَلاً وسَبْياً، بَعدَ طُولِ تَآدي
في آلِ عَرْف لَوْ بَغَيْتَ الأسى، * لَوَجَدْتَ فيهم أُسوةَ العُوّادِ
فتَخَيَّرُوا الأَرضَ الفَضاءَ لِعِزِّهِمْ، * ويَزيدُ رافِدُهُمْ على الرُّفَّادِ
قال ابن الكلبي: هؤلاء قوم من بني حنظلة خطب إليهم بعض الملوك جارية
يقال لها أُم كَهْف فلم يُزوّجوه، فغَزاهم وأَجْلاهم من بلادهم وقَتَلهم؛
وقال أَبوها:
أَبَيْتُ أَبَيْتُ نِكاحَ المُلُوك،
كأَني امْرُؤٌ منْ تَمِيم بن مُرّْ
أَبَيْتُ اللِّئامَ وأَقْلِيهمُ،
وهل يُنْكِحُ العَبْدَ حُرٌُّ بن حرّْ ؟
وقد سماه الجوهري فقال: خطب بعض الملوك إلى زيد بن مالك الأصغر ابن حنظلة
بن مالك الأَكبر أَو إلى بعض ولده ابنته يقال لها أُم كهف، قال: وزيد
ههنا قبيلة، والأُنثى فَتاة، والجمع فَتَياتٌ. ويقال للجارية الحدثة فَتاة
وللغلام فَتًى، وتصغير الفَتاة فُتَيَّةٌ، والفتى فُتَيٌّ، وزعم يعقوب
أَن الفِتْوان لغة في الفِتْيان، فالفُتُوَّة على هذا من الواو لا من
الياء، وواوه أَصل لا منقلبة ، وأما في قول من قال الفِتْيان فواوه منقلبة،
والفَتِيُّ كالفَتى، والأُنثى فَتِيَّة، وقد يقال ذلك للجمل والناقة، يقال
للبَكْرة من الإبل فتِيّة ، وبكر فَتِيٌ، كما يقال للجارية فتاة وللغلام
فَتًى، وقيل: هو الشابُّ من كل شيء، والجمع فِتاء؛ قال عدي بن
الرِّقاع:يَحْسَبُ الناظِرُونَ ، ما لم يُفَرُّوا،
أَنها جِلَّةٌ وهُنَّ فِتاء
والاسم من جميع ذلك الفُتُوّة، انقلبت الياء فيه واواً على حد انقلابها
في مُوقِن وكقَضُوَ؛ قال السيرافي: إنما قلبت الياء فيه واواً لأَن أَكثر
هذا الضرب من المصادر على فُعولة، إنما هو من الواو كالأُخُوّة، فحملوا
ما كان من الياء عليه فلزمت القلب، وأما الفُتُوُّ فشاذ من وجهين:
أَحدهما أَنه من الياء ، والآخر أَنه جمع، وهذا الضرب من الجمع تقلب فيه الواو
ياء كعِصِيّ ولكنه حمل على مصدره؛ قال:
وفُتُوٌّ هَجَّرُوا ثم أَسْرَوا
لَيْلَهمْ ، حتى إذا انْجابَ حَلُّوا
وقال جذيمة الأَبرش:
في فُتُوٍّ ، أَنا رابِئهُمْ،
مِنْ كَلالِ غَزْوةٍ ماتُوا
ولفلانة بنت قد تَفَتَّتْ أَي تشبهت بالفَتَيات وهي أَصغرهنَّ. وفُتّيَت
الجارية تَفْتِيةً: مُنِعت من اللعب مع الصِّبيان والعَدْو معهم
وخُدِّرت وسُتِرت في البيت . التهذيب: يقال تَفَتَّتِ الجارية إذاراهَقت فخُدِّرت
ومُنعت من اللعب مع الصبيان.
وقولهم في حديث البخاري: الحَرْب أَوْل ما تكون فُتَيَّةٌ، قال ابن
الأثير: هكذا جاء على التصغير أَي شابّة، ورواه بعضهم فَتِيَّةٌ، بالفتح.
والفَتى والفَتاةُ: العبد والأَمة. وفي حديث النبي، صلى الله عليه وسلم ،
أَنه قال: لا يَقولَنَّ أَحدُكم عبدي وأَمتي ولكن ليَقل فَتايَ وفَتاتي أَي
غلامي وجاريتي، كأَنه كره ذكر العُبودية لغير الله، وسمى الله تعالى
صاحبَ موسى، عليه السلام، الذي صحبه في البحر فَتاه فقال تعالى: وإذ قالَ موسى
لِفَتاه، قال: لأنه كان يخدمه في سفره، ودليله قوله: آتِنا غَداءنا.
ويقال في حديث عمران بن حُصين: جَذَعَةٌ أَحبُّ إ َّ مَن هَرِمةٍ، الله
أَحقُّ بالفَتاء والكَرَم؛ الفَتاء، بالفتح والمد: المصدر من الفَتى
السِّنّ.
(* قوله «الفتى السن» كذا في الأصل وغير نسخة يوثق بها من النهاية.)
يقال: فَتِيٌّ بيِّن الفَتاء أَي طَرِيّ السن، والكَرمُ الحُسن. وقوله عز
وجل: ومَن لم يستطع منكم طَوْلاً أَن يَنكح المُحصنات المؤمناتِ فمِمَّا
ملَكت أَيمانكم من فَتياتكم المؤمنات؛ المُحصناتُ: الحرائر، والفَتَياتُ:
الإِماء.وقوله عز وجل: ودخل معه السِّجْنَ فَتَيانِ؛ جائز أَن يكونا
حَدَثين أَو شيخين لأَنهم كانوا يسمون المملوك فَتًى. الجوهري: الفَتى السخيّ
الكريم: . يقال: هو فَتًى بَيِّن الفُتُوَّة، وقد تفَتَّى وتَفاتَى،
والجمع فِتْيانٌ وفِتْية وفُتُوّ، على فُعُولٍ، وفَتِيٌّ مثل عُصِيّ؛ قال
سيبويه: أَبدلوا الواو في الجمع والمصدر بدلاً شاذّاً. قال ابن بري: البدل في
الجمع قياس مثل عُصِيّ وقُفِيٍّ، وأَما المصدر فليس قلب الواوين فيه
ياءين قياساً مطرداً نحو عَتَا يَعْتُو عُتُوًّا وعُتِيّاً، وأَما إبدال
الياءين واوين في مثل الفُتُوّ، وقياسه الفُتِيّ، فهو شاذ. قال: وهو الذي عناه
الجوهري. قال ابن بري: الفَتَى الكريم، هو في الأصل مصدر فَتِيَ فَتًى
وُصف به، فقبل رجل فَتًى؛ قال: ويدلك على صحة ذلك قول ليلى الأَخيلية:
فإنْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً فإِنَّكُمْ
فَتًى ما قَتَلْتُم، آلَ عَوْفِ بنِ عامر
والفَتَيانِ: الليل والنهار. يقال: لا أَفْعلُه ما اختلفَ الفَتَيانِ،
يعني الليل والنهار، كما يقال ما اختلفَ الأَجَدَّانِ والجَدِيدانِ؛ ومنه
قول الشاعر:
ما لبَثَ الفَتَيانِ أَن عَصفَا بِهِمْ،
ولكُلِّ قُفْلٍ يَسَّرا مِفْتاحا
وأَفْتاه في الأَمر: أَبانَه له. وأَفْتَى الرجلُ في المسأَلة واسْتفتيته
فيها فأَفتاني إفتاء.
وفُتًى
(* قوله« وفتى» كذا بالأصل ولعله محرف عن فتيا أو فتوى مضموم
الاول.) وفَتْوى: اسمان يوضعان موضع الإِفْتاء. ويقال: أَفْتَيْت فلاناً
رؤيا رآها إِذا عبرتها له، وأَفْتَيته في مسأَلته إِذا أَجبته عنها. وفي
الحديث: أَن قوماً تَفاتَوا إِليه؛ معناه تحاكموا إِليه وارتفعوا إِليه في
الفُتْيا. يقال: أَفْتاه في المسأَلة يُفْتِيه إِذا أَجابه، والاسم الفَتْوى؛
قال الطرماح:
أَنِخْ بِفِناءِ أَشْدَقَ من عَدِيٍّ
ومن جَرْمٍ، وهُمْ أَهلُ التَّفاتي
(* قوله« وهم أهل» في نسخة: ومن أهل.) أَي التَّحاكُم وأَهل الإِفتاء.
قال: والفُتيا تبيين المشكل من الأَحكام، أَصله من الفَتَى وهو الشاب
الحدث الذي شَبَّ وقَوِي، فكأَنه يُقَوّي ما أَشكل ببيانه فيَشِبُّ ويصير
فَتِيّاً قوّياً، وأَصله من الفتى وهو الحديث السنّ. وأَفْتَى المفتي إِذا
أَحدث حكماً. وفي الحديث: الإِثْمُ ما حَكَّ في صدرك وإِن أَفْتاك الناسُ
عنه وأَفْتَوكَ أَي وإِن جعلوا لك فيه رُخْصة وجَوازاً. وقال أَبو إِسحق في
قوله تعالى: فاسْتَفْتِهِم أَهم أَشدُّ خَلقاً؛ أَي فاسْأَلهم سؤال تقرير
أَهم أَشد خلقاً أَمْ مَن خلقنا من الأُمم السالفة. وقوله عز وجل:
يَسْتَفْتُونك قل اللهُ يُفْتِيكم أَي يسأَلونك سؤالَ تَعَلُّم. الهروي:
والتَّفاتي التخاصم، وأَنشد بيت الطرماح: وهم أَهل التفاتي.
والفُتْيا والفُتْوَى والفَتْوَى: ما أَفتى به الفقيه، الفتح في الفَتوى
لأَهل المدينة. والمُفْتِي: مِكيال هشام بن هبيرة؛ حكاه الهروي في
الغريبين. قال ابن سيده: وإِنما قضينا على أَلف أَفتى بالياء لكثرة ف ت ي وقلة ف
ت و، ومع هذا إِنه لازم، قال: وقد قدمنا أَن انقلاب الأَلف عن الياء
لاماً أَكثر. والفُتَيُّ: قَدَحُ الشُّطَّارِ. وقد أَفْتَى إِذا شرب به.
والعُمَرِيّ: مِكيال اللبن، قال: والمد الهشامي، وهو الذي كان يتوضأُ به
سعيد بن المسيب. وروى حضر بن يزيد الرَّقاشِي عن امرأَة من قومه أَنها حجَّت
فمرَّت على أُمّ سلمة فسأَلتها أَن تُرِيَها الإِناء الذي كان يتوضَّأُ
منه سيدنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأَخْرجته فقالت: هذا مَكُّوك
المُفتِي، قالت: أَرِيني الإِناء الذي كان يغتسل منه، فأَخرجته فقالت:
هذا قفيز المُفْتِي؛ قال الأَصمعي: المُفْتِي مِكيال هشام بن هبيرة، أَرادت
تشبيه الإِناء بمكوك هشام، أَو أَرادت مكوك صاحب المفتي فحذفت المضاف
أَو مكوك الشارب وهو ما يكال به الخمر. والفِتْيانُ: قَبيلة من بَجِيلة
إِليهم ينسب رِفاعةُ الفتياني المحدّث، والله أَعلم.
سكت: السَّكْتُ والسُّكُوتُ: خلافُ النُّطْقِ؛ وقد سَكَتَ يَسْكُتُ
سَكْتاً وسُكاتاً وسُكوتاً، وأَسْكَتَ.
الليث: يقال سَكَتَ الصائتُ يَسْكُتُ سُكوتاً إِذا صَمَت؛ والاسم من
سَكَت: السَّكْتةُ والسُّكْتةُ؛ عن اللحياني. ويقال: تَكَلَّم الرجلُ ثم
سَكَت، بغير أَلف، فإِذا انقطع كلامُه فلم يَتَكَلَّمْ، قيل: أَسْكَتَ؛
وأَنشد:
قد رابَني أَنَّ الكَرِيَّ أَسْكَتا،
لو كان مَعْنِيًّا بنَا لَهَيَّتا
وقيل: سَكَتَ تَعَمَّدَ السُّكُوتَ، وأَسْكَتَ: أَطْرَقَ من فِكْرة، أَو
داء، أَو فَرَق. وفي حديث أَبي أُمامة: وأَسْكَتَ واسْتَغْضَبَ ومَكَثَ
طويلاً أَي أَعْرَضَ ولم يتكلم. ويقال: ضَرَبْتُه حتى أَسْكَتَ، وقد
أَسْكَتَتْ حَرَكَتُه، فإِن طالَ سُكوتُه من شَرْبة أَو داءٍ، قيل: به
سُكات.وساكَتَني فَسَكتُّ، والسَّكْتَةُ، بالفتح: داء. وأَخَذَهُ سَكْتٌ،
وسَكْتةٌ، وسُكاتٌ، وساكوتة. ورجل ساكِتٌ، وسَكُوتٌ، وساكُوتٌ، وسِكِّيتٌ،
وسِكْتِيتٌ؛ كثير السُّكُوت.
ورجل سَكْتٌ، بَيِّنُ السَّاكُوتةِ والسُّكُوتِ، إِذا كان كثير
السُّكُوت.
ورجل سَكِتٌ: قليلُ الكلام، فإِذا تكلم أَحسنَ. ورجل سَكِتٌ، وسِكِّيتٌ،
وساكوتُ، وساكوتة إِذا كان قليل الكلام من غير عِيٍّ، فإِذا تَكَلَّم
أَحْسَنَ.
قال أَبو زيد: سمعت رجلاً من قَيس يقول: هذا رجل سِكْتِيتٌ، بمعنى
سِكِّيتٍ. ورماه اللهُ بسُكاتةٍ وسُكاتٍ، ولم يُفَسّروه؛ قال ابن سيده وعندي
أَن معناه: بهَمٍّ يُسْكِتُه، أَو بأَمْر يَسْكُت منه. وأَصابَ فلاناً
سُكاتٌ إِذا أَصابه داء منعه من الكلام. أَبو زيد: صَمَتَ الرجلُ،
وأَصْمَتَ، وسَكَتَ، وأَسْكتَ، وأَسْكَتَه اللهُ، وسَكَّته، بمعنًى. ورَمَيْتُه
بسُكاته أَي بما أَسْكَتَه.
ابن سيده: رماه بصُماته وسُكاته أَي بما صَمَتَ منه وسَكَتَ؛ قال ابن
سيده: وإِنما ذكرتُ الصُّماتَ، ههنا، لأَنه قلما يُتَكَلَّم بسُكاته، إِلاّ
مع صُماته، وسيأْتي ذكره في موضعه، إِن شاء الله.
وفي حديث ماعزٍ: فرمَيْناه بِجَلامِيدِ الحَرَّة حتى سَكَت أَي مات.
والسُّكْتة، بالضم: ما أُسْكِتَ به صبي أَو غيره. وقال اللحياني: ما له
سِكْتة لِعيالِه وسُكْتة أَي ما يُطْعِمُهم فيُسْكتُهم به.
والسَّكُوتُ من الإِبل: التي لا تَرْغُو عند الرَّحْلَة؛ قال ابن سيده:
أَعني بالرَّحْلَةِ، ههنا، وَضْعَ الرَّحْلِ عليها؛ وقد سَكَتَتْ
سُكُوتاً، وهُنَّ سُكُوتٌ؛ أَنشد ابن الأَعرابي:
يَلْهَمْنَ بَرْدَ مائِهِ سُكُوتَا،
سَفَّ العَجُوزِ الأَقِطَ المَلْتُوتَا
قال: وروايةُ أَبي العَلاء:
يَلْهَمْنَ بَرْدَ مائِه سُفُوتَا
من قولك: سَفِتَ الماءَ إِذا شَرِبَ منه كثيراً، فلم يَرْوَ؛ وأَراد
باردَ مائِه، فوضع المصدر موضع الصفة؛ كما قال:
إِذا شَكَوْنا سَنَةً حَسُوسَا،
تَأْكُلُ بعدَ الخُضْرَةِ اليَبيسا
وحَيَّةٌ سَكُوتٌ وسُكاتٌ إِذا لم يَشعُرْ به الملسوع حتى يَلْسَعَه؛
وأَنشد يذكر رجلاً داهية:
فما تَزْدَرِي من حَيَّةٍ جَبَلِيَّةٍ،
سُكاتٍ، إِذا ما عَضَّ ليس بأَدْرَدا
وذهب بالهاء إِلى تأْنيث لفظ الحية.
والسَّكْتَة في الصلاة: أَن يَسْكُتَ بعد الافْتِتاح، وهي تُسْتَحبُّ،
وكذلك السَّكْتَة بعد الفَراغ من الفاتحة. التهذيب: السَّكْتَتان في
الصلاةِ تُسْتَحَبَّانِ: أَن تَسْكُتَ بعد الافتتاح سَكْتةً، ثم تَفتَتِــح
القراءة، فإِذا فَرَغْتَ من القراءة، سَكَتَّ أَيضاً سَكْتَةً، ثم تَفْتَتــح
ما تيسر من القرآن. وفي الحديث: ما تقول في إِسْكاتَتِك؟ قال ابن الأَثير:
هي إِفْعالة من السُّكوت، معناها سُكوتٌ يقتضي بعده كلاماً، أَو قراءَةً
مع قِصَرِ المدَّة؛ وقيل: أَراد بهذا السُّكوتِ تَرْكَ رَفْعِ الصَّوْت
بالكلام، أَلا تراه قال: ما تقول في إِسْكاتَتِك؟ أَي سُكوتِكَ عن
الجَهْر، دون السُّكوت عن القراءَة والقول.
والسَّكْتُ: من أَصوات الأَلحان، شِبْهُ تَنَفُّسٍ بين نَغْمَتين، وهو
من السُّكوت. التهذيب: والسَّكْتُ من أُصول الأَلحان، شِبْهُ تَنَفُّسٍ
بين نَغْمَتين مِن غير تَنَفُّسٍ، يُراد بذلك فصل ما بينهما. وسَكَتَ
الغَضَبُ: مثل سَكَنَ فَتَر. وفي التنزيل العزيز: ولمَّا سَكَتَ عن موسى
الغَضَبُ؛ قال الزجاج: معناه ولما سَكَنَ؛ وقيل: معناه ولما سَكَتَ موسَى عن
الغَضَبِ، على القَلب، كما قالوا: أَدْخَلْتُ القَلَنْسُوة في رأْسي؛
والمعنى أَدْخَلْتُ رأْسي في القَلَنْسُوة. قال: والقول الأَوّل الذي معناه
سَكَنَ، هو قول أَهل العربية.
قال: ويقال سَكَتَ الرجلُ يَسْكُتُ سَكْتاً إِذا سَكَنَ؛ وسَكَتَ
يَسْكُتُ سُكوتاً وسَكْتاً إِذا قَطَع الكلام؛ وسَكَتَ الحَرُّ: ورَكَدَت
الريح.وأَسْكَتَتْ حَرَكَتُه: سَكَنَتْ. وأَسْكَتَ عن الشيء: أَعرَضَ.
والسُّكَيْتُ والسُّكَّيْتُ، بالتشديد والتخفيف: الذي يجيء في آخر
الحَلْبة، آخر الخيل. الليث: السُّكَيْتُ مثل الكُمَيْتِ، خفيفٌ: العاشرُ الذي
يجيءُ في آخر الخيل، إِذا أُجْرِيَتْ، بَقِيَ مُسْكِتاً. وفي الصحاح:
آخر ما يجيءُ من الخيل في الحَلْبة، من العَشْر المعدودات؛ وقد يشدّد،
فيقال السُّكَّيْتُ، وهو القاسُور والفِسْكِلُ أَيضاً، وما جاء بعده لا
يُعْتَدُّ به. قال سيبويه: سُكَيْتٌ ترخيم سُكَّيتٍ، يعني أَن تصغير سُكَّيْتٍ
إِنما هو سُكَيْكيتٌ، فإِذا رُخِّمَ، حُذفت زائدتاه. وسَكَتَ الفرسُ:
جاءَ سُكَيْتاً.
ورأَيتُ أَسْكاتاً من الناس أَي فِرَقاً متفرّقة؛ عن ابن الأَعرابي، ولم
يذكر لها واحداً؛ وقال اللحياني: هم الأَوْباش، وتقول: كنت على سُكَاتِ
هذه الحاجة أَي على شَرَفٍ من إِدراكها.
دوس: داسَ السيفَ: صَقَلَه.
والمِدْوَسَةُ: خَشَبة عليها سِنٌّ يُداسُ بها السيف. والمِدْوَسُ:
المِصقَلَةُ؛ قال الشاعر:
وأَبْيَضَ، كالغَدِيرِ، ثَوَى عليه
قُيُونٌ بالمَدَارِسِ نِصْفُ شَهْرِ
والمِدْوَسُ: خشبة يُشَدُّ عليها مِسَنٌّ يَدُوسُ بها الصَّيْقَلُ
السيفَ حتى يَجْلُوه، وجمعه مَداوِسُ؛ ومنه قوله:
وكأَنما هو مِدْوَسٌ مُتَقَلِّبٌ
في الكفِّ، إِلا أَنه هو أَضْلَعُ
وداسَ الرجلُ جاريته إِذا علاها وبالغ في جماعها.
وداسَ الشيء برجله يَدُوسُه دَوْساً ودِياساً: وَطِئَه. والدَّوْسُ:
الدِّياسُ، والبقر التي تَدُوسُ الكُدْسَ هي الدَّوائِس. وداسَ الطعامَ
يَدُوسُه دِياساً فانْداسَ هو، والموضع مَداسَةٌ. وداسَ الناسُ الحَبَّ
وأَداسُوه: دَرَسُوه؛ عن أَبي حنيفة. وفي حديث أُمِّ زَرْعْ: ودائس ومنَقٍّ:
الدائس الذي يَدُوسُ الطعامَ ويَدُقُّه ليُخْرجَ الحَبَّ منه، وهو
الدِّياسُ، وقلبت الواو ياء لكسرة الدال. والدَّوائِس: البقر العوامل في
الدَوْس؛ يقال: قد أَلْقَوا الدَّوائِسَ في بَيْدَرهم. والدَّوْسُ: شدة وَطْءِ
الشيء بالأَقدام. وقولهم الدّوابّ حتى يَــتَفَتَّت كما يــتفتت قَصَبُ
السَّنابل فيصير تبناً، ومن هذا يقال: طريق مَدُوسٌ. وقولهم: أَتتهم الخيلُ
دَوائِسَ أَي يَتْبَعُ بعضهم بعضاً. والمِدْوَسُ: الذي يُداسُ به الكُدْسُ
يُجرُّ عليه جَرًّا، والخيل تَدُوسُ القَتْلَى بحوافرها إِذا وطئتهم؛
وأَنشد:
فداسُوهُمُ دَوْسَ الحَصِيدِ فأَهْمَدُوا
أَبو زيد: يقال: فلانٌ دِيسٌ من الدِّيَسَةِ أَي شجاع شديد يَدُوسُ كلَّ
من نازله، وأَصله دِوْسٌ على فِعْلٍ، فقلبت الواو ياء لكسرة ما قبلها
كما قالوا رِيحٌ، وأَصله رِوْحٌ. ويقال: نزل العدوُّ ببني فلان في الخيل
فجاسَهُم وحاسَهُم وداسَهم إِذا قتلهم وتخلل ديارهم وعاث فيهم. ودياسُ
الكُدْسِ ودِراسُه واحد. وقال أَبو بكر في قولهم: قد أَخذنا في الدّوْسِ؛ قال
الأَصمعي: الدّوْسُ تسوية الحديقة وترتيبها، مأْخوذ من دِيَاسِ السيف
وهو صَقْلُه وجِلاؤُه؛ قال الشاعر:
صافي الحَدِيدَةِ قد أَضرَّ بصَقْلِه
طُولُ الدِّياسِ، وبَطْنُ طَيْرِ جائِعِ
ويقال للحَجَر الذي يُجْلَى به السيفُ: مِدْوَسٌ. ابن الأَعرابي:
الدَّوْسُ الذُّلُّ. والدُّوْسُ: الصَّقْلة. ودَوْسٌ: قبيلة من الأَزْدِ، منها
أَبو هريرة الدَّوْسِي، رحمة اللَّه عليه.